You are on page 1of 13

‫أ‪ .

‬جمال بمبكاي‬ ‫أهمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‬

‫أهمية علن اإلحصاء يف العلوم االجتماعية‬


‫أ‪ .‬جمال بمبكاي‬
‫جامعة سعد دحمب البميدة‬

‫الملخص‪:‬‬
‫اإلحصاء قديم قدم المجتمع البشري‪ ،‬جرى استخدامه عند الفراعنة المصريين بصيغة العد‪ ،‬حيث كانوا يحصون‬
‫األفراد واألراضي والمنتجات من أجل بسط وتمكين النظام السياسي لمدولة الفرعونية من التحكم والسيطرة عمى الموارد‬
‫البشرية والمادية‪ ،‬وتوجيهها لخدمة الحضارة المصرية وتطويرها وتوسيعها والحفاظ عمى مقوماتها‪.‬‬
‫واإلحصاء عمم يهتم بالمعمومات والبيانات– ويهدف إلى تجميعها وتبوبيها وتنظميها وتحميمها واستخالص النتائج‬
‫منها بل وتعميم نتائجها – واستخدامها في اتخاذ الق اررات ‪ ،‬وأدى التقدم المذهل في تكنولوجيا المعمومات إلى مساعدة‬
‫الدارسين والباحثين ومتخذي الق اررات في الوصول إلى درجات عالية ومستويات متقدمة من التحميل ووصف الواقع‬
‫ومتابعته ثم إلى التنبؤ بالمستقبل ‪.‬‬
‫‪Abstract‬‬

‫‪Statistics is as ancient as the human society. It was used as a count format by the‬‬
‫‪Egyptian Pharaohs in counting the individuals, lands and products. Thus, enabling‬‬
‫‪the pharaonic political system to control the human materialistic resources and‬‬
‫‪directing them towards serving, developing, expanding and maintaining the‬‬
‫‪Egyptian civilization’s fundamentals.‬‬
‫‪Statistics is a science which deals with collecting, classifying, organizing, analyzing‬‬
‫‪information and data, drawing conclusions from them and even generalizing their‬‬
‫‪results as well as using them in making decisions. Moreover, the amazing developed‬‬
‫‪technology helped students and researchers reach higher degrees and advanced‬‬
‫‪levels of analysis; allow them to describe and follow reality and enable them to‬‬
‫‪foretell the future.‬‬

‫‪104‬‬ ‫العدد األول‪ -‬سبتمبر ‪3102‬‬ ‫مجمة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الوادي‬
‫أ‪ .‬جمال بمبكاي‬ ‫أهمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‬

‫مـقـدمة‪:‬‬
‫استمر اإلنسان في االعتماد عمى تأمالتو لفترة طويمة في سبيل البحث عن الحقائق المحيطة بو ‪ ،‬وكانت ىذه التأمالت‬
‫األساس الذي ميد الطريق إلى البحث العممي ‪ ،‬حيث انتقل اإلنسان من بحثو عن طريق التأمل باالستناد عمى منياج‬
‫المالحظة ‪ ،‬ثم بدأ باالعتماد عمى التجربة في العمل كمنياج لبحثو عن الحقيقة إلى أن استطاع أن يتوصل إلى منياج‬
‫آخر يستعين بو في الكشف عن الحقائق ذات العالقة باإلنسان سواء كانت متعمقة بالنواحي االجتماعية أو االقتصادية‬
‫‪ ،‬والذي تمثل في انتياج األسموب العممي اإلحصائي ‪ ،‬حيث تطور عمم اإلحصاء وتطبيقاتو عبر سنوات طويمة بجيود‬
‫ومشاركة كثير من العمماء من كافة أنحاء العالم العاممين في حقول وميادين مختمفة‪.‬‬
‫وذلك انطالقا من كونو العمم الذي ييتم بوصف طرق متعددة لجمع البيانات والمشاىدات ومن ثم يتم تنظيميا وعرضيا‬
‫باستخدام األساليب العممية لتحميميا واستخالص النتائج منيا‪.‬‬
‫كما أنو يبحث في تصميم أساليب جمع البيانات والتقنيات المختمفة لتنظيم وتصنيف وعرض ىذه البيانات‪ ،‬وتمخيصيا‬
‫في صورة مؤشرات رقمية لوصف وقياس خصائصيا األساسية‪ ،‬وتحميميا بغرض اتخاذ الق اررات المناسبة‪.‬‬
‫إن المتتبع لمحركة العممية يجد أنو ال يوجد ميدان من ميادين البحث العممي إال و طرقو عمم اإلحصاء‪ ،‬فاألسموب‬
‫اإلحصائي في أي دراسة ىو الوسيمة المأمونة التي يمكن أن تضمن تحقيق األىداف المرجوة من وراء تنفيذىا‪،‬‬
‫ومن ثم فالدراسة الحالية تسمط الضوء عمى أىمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‪.‬‬

‫● نبذة عن عمم اإلحصاء ‪:‬‬


‫نشأ عمم اإلحصاء في العصور الوسطى الىتمام الدول بتعداد أفراد المجتمع حتى تتمكن كل دولة من تكوين جيش قوي‬
‫يستطيع الدفاع عنيا في حال وقوع اعتداء من جانب إحدى الدول‪،‬وذلك طمعا في التوسع والثروة‪ ،‬وكذلك اىتمت الدول‬
‫بحصر ثروات األفراد حتى تتمكن من فرض الضرائب وتجميع األموال الالزمة لتمويل الجيش وادارة شؤون البالد‪.‬‬
‫ثم توسعت عممية التعداد والحصرلتشمل بيانات عن المواليد والوفيات واإلنتاج واالستيالك ‪ ،‬ومن ثمة نشأت الحاجة‬
‫إلى تنظيم وتمخيص ىذه البيانات ووضعيا في صورة جداول أو رسم بياني حتى يسيل الرجوع إلييا واالستفادة منيا بأسرع‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫وقت ممكن ‪ ،‬وقد أطمق عمى ىذه الطرق " عمم الدولة أو عمم المموك ثم عمم اإلحصاء"‬

‫‪105‬‬ ‫العدد األول‪ -‬سبتمبر ‪3102‬‬ ‫مجمة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الوادي‬
‫أ‪ .‬جمال بمبكاي‬ ‫أهمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‬

‫واألصل في كممة إحصاء أنيا مشتقة من المفظ الالتيني " ستاتوس" أو " ستاتو" ‪ ،‬والذي يستعمل بمعنى الدولة‪ ،‬كما‬
‫يشير أيضا لممعمومات المتصمة بنظام الدولة ومؤسساتيا وأجيزتيا المختمفة وأحواليا ‪ ،‬ولذلك أطمق عمى اإلحصاء اسم‬
‫" ستاتيستيك" ‪ Statistic‬ليدل عمى مجموعة المعمومات الخاصة بالدولة في وقت من األوقات (‪.)5‬‬
‫وقد كان اليدف الرئيسى من عمم اإلحصاء قديما ىو عد أو حصر األشياء المراد توفير بيانات إحصائية عنيا ‪ ،‬وكانت‬
‫الجية التي تقوم بإعداد اإلحصاءات عمى مستوى الدولة تعرف بمصمحة التعداد ‪ ،‬ولذلك كان التعريف القديم لعمم اإلحصاء‬
‫أنو عمم العد ‪ ،‬أي العمم الذي يشتمل عمى أساليب جمع البيانات الكمية عن المتغيرات والظواىر موضوع الدراسة (‪. )6‬‬
‫وقد ظل االعتقاد في تمك الفترة بأن عمم اإلحصاء ىو العمم الذي يختص بالطرق العممية لجمع وتنظيم وعرض البيانات‬
‫‪،‬إما في صورة بيانات أو جداول‪ ،‬حتى أن بعض األشخاص قميمي اإلطالع يعتقدون أن اإلحصاء ما ىو إال ىذه الطرق‪.‬‬
‫فالمفاىيم الشائعة بين الناس عن اإلحصاء‪ ،‬ما ىي إال أرقام وبيانات رقمية فقط‪ ،‬كأعداد السكان‪ ،‬أعداد المواليد و‬
‫الوفيات‪ ،‬أعداد المزارعين و المزارع وما إلى ذلك‪ ،‬ومن ثم ارتبط مفيوم الناس عن اإلحصاء بأنو عد أو حصر األشياء‬
‫والتعبير عنيا بأرقام‪ ،‬وىذا ىو المفيوم المحدود لعمم اإلحصاء‪ ،‬ولكن اإلحصاء كعمم‪ ،‬ىو الذي ييتم بطرق جمع البيانات‪،‬‬
‫وتبويبيا‪ ،‬وتمخيصيا بشكل يمكن االستفادة منيا في وصف البيانات وتحميميا لموصول إلى قرارات سميمة ‪.‬‬
‫إذ أصبحت الحاجة ممحة لتحميل البيانات التي ُجمعت‪،‬كالتنبؤ بعدد السكان بعد فترة زمنية بناء عمى التعدادات الموجودة‬
‫أو التنبؤ باالنتاج واالستيالك‪،‬أو طرق أخذ العينات وتصميم التجارب‪ ،‬وقد ساعد عمى ذلك تطور عمم االحتماالت الذي‬
‫كان لو دور كبير في تحميل البيانات واتخاذ الق اررات المناسبة بناء عمى ىذا التحميل(‪.)7‬‬
‫و مع تطور المجتمعات أيضا وتشابو جوانب الحياة االقتصادية واالجتماعية الحديثة بيا ‪ ،‬لم يعد توفير البيانات الكمية‬
‫عن المتغيرات والظواىر موضوع الدراسة يفي بحاجات متخذي الق اررات وصانعي السياسة العامة لتكوين صورة متكاممة‬
‫الجوانب عن مجتمعيم والمجتمعات المحيطة بو ‪ ،‬فقام العمماء بتحديث نظريات عمم اإلحصاء وأساليبو وأدواتو‪ ،‬لكي يعين‬
‫الباحثين وغيرىم عمى استخالص استنتاجات معينة من البيانات الكمية التى أمكن ليم جمعيا عن طريق العد (‪.)8‬‬
‫ثم انتيى األمر بعمم اإلحصاء ليدل حتى اآلن عمى عدة معاني منيا ‪:‬‬
‫‪ ۰‬جمع المعمومات التي تبين األحوال والظروف في البالد مثل ‪:‬‬
‫‪ -‬عدد المواليد والوفيات‪.‬‬
‫‪ -‬عدد األذكياء ‪ ،‬وعدد األغبياء كما تكشف عنيم اختبارات الذكاء ‪.‬‬
‫‪ -‬عدد المتفوقين ‪ ،‬وعدد المتأخرين دراسيا‪.‬‬
‫‪106‬‬ ‫العدد األول‪ -‬سبتمبر ‪3102‬‬ ‫مجمة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الوادي‬
‫أ‪ .‬جمال بمبكاي‬ ‫أهمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‬

‫‪ -‬المحاصيل الزراعية والفواكو ‪.‬‬


‫‪ -‬التجارة الداخمية والخارجية‪.‬‬
‫‪ -‬عدد المتعممين ‪ ،‬وغير المتعممين ( األميين)‪.‬‬
‫‪ ۰‬فرع من فروع العمم لو أسايبو ومواضيعو(‪.)01‬‬

‫● تعريف عمم اإلحصاء‪:‬‬


‫كممة إحصاء ‪ Statistics‬ليا ثالث معاني ‪:‬‬
‫‪ -‬اإلحصاءات أو البيانات ‪ :‬مثال ذلك إحصاءات السكان ‪،‬المواليد والوفيات ‪،‬اإلنتاج و االستيالك ‪ ،‬الصادرات‬
‫والواردات‪.‬‬
‫‪ -‬المؤشرات المحسوبة من عينة ‪(:‬العينة ىي مجموعة جزئية من الوحدات محل الدراسة )‪.‬‬
‫‪ -‬عمم اإلحصاء ‪ :‬وىو فرع من فروع الرياضيات يشمل النظريات والطرق الموجية نحو جميع البيانات ووصف البيانات‬
‫واالستقراء وصنع الق اررات (‪.)00‬‬
‫فاإلحصاء ‪ :‬ىو العمم الذي يبحث في جميع البيانات الخاصة لمختمف الظواىر‪ ،‬وتصنيفيا في جداول منظمة وتمثيميا‬
‫بيانيا عمى شكل رسومات أو صور توضيحية ‪ ،‬وكذلك تحميل البيانات واستخالص النتائج منيا واستخداميا في اتخاذ القرار‬
‫المناسب ‪ ،‬ومقارنة الظواىر ببعضيا ومحاولة استنتاج عالقات بينيا‪.‬‬
‫وعمم اإلحصاء أيضا نفسو ىو فرع من فروع الرياضيات متعمق بمعالجة مختمف البيانات اإلحصائية عن العالم ‪ ،‬وىو‬
‫(‪)01‬‬
‫‪.‬‬ ‫عبارة عن مجموعة من األساليب والعمميات اإلحصائية الخاصة بمعالجة البيانات الكمية أو الرقمية‬
‫وينقسم عمم اإلحصاء إلى قسمين أساسيين ىما‪:‬‬
‫‪ ۰‬اإلحصاء الوصفي ‪ :‬ىو عبارة عن الطرق الخاصة بتنظيم وتمخيص المعمومات‪ ،‬والغرض من التنظيم ىو المساعدة‬
‫عمى فيم المعمومات‪ ،‬وتحتوي الطرق الوصفية عمى توزيعات تك اررية (الجداول التك اررية ) ‪ ،‬ورسوم بيانية ‪ ،‬وطرق حساب‬
‫مقاييس النزعة المركزية ومقاييس التشتت ومختمف القياسات األخرى‪.‬‬
‫‪ ۰‬اإلحصاء االستداللي ‪ :‬ىو عبارة عن الطرق العممية التي تعمل لالستدالل عن معالم المجتمع بناء عمى المعمومات‬
‫التي تم الحصول عمييا من العينة المأخوذة منو ‪ ،‬وذلك وفق الطرق اإلحصائية المعمومة(‪.)02‬‬

‫● وظائف عمم اإلحصاء‪:‬‬

‫‪107‬‬ ‫العدد األول‪ -‬سبتمبر ‪3102‬‬ ‫مجمة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الوادي‬
‫أ‪ .‬جمال بمبكاي‬ ‫أهمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‬

‫َّ‬
‫تتمخص وظائف عمم اإلحصاء في اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬وظيفة الوصف والتحميل البياني ‪ :‬وىي الوظيفة األولية لعمم اإلحصاء‪ ،‬وتستخدم في تممس حقائق الظواىر المختمفة‪،‬‬
‫حيث يمكن تحديد خصائص الظاىرة قيد الدراسة عن طريق األشكال البيانية التي تمثل البيانات بطريقة عممية واضحة‪.‬‬
‫ويعتمد الوصف في اإلحصاء عمى استخدام المقاييس والمؤشرات اإلحصائية‪.‬‬
‫‪ -2‬وظيفة االستدالل (االستقراء) ‪ :‬و ىي ذات أىمية في مجال البحث العممي ‪ ،‬فمثال إذا كانت الظاىرة موضع الدراسة‬
‫والتحميل ممثمة لممجتمع الذي تنتمي إليو فإنو يمكنك الحصول عمى نتائج معنوية عن المجتمع بتحميل بيانات ىذه الظاىرة‬
‫وىو ما ُيعرف باالستدالل‪ ،‬ويعتمد ىذا األسموب في البحث عمى الشروط التي يجب توفرىا حتى يكون ىذا االستدالل سميما‪.‬‬
‫ففي مجال البحوث االجتماعية ‪ ،‬عادة ما تستخـدم العينة لتمثل المجتمع الذى سحبت منو ‪ ،‬ويرجع استخدام العينات‬
‫في البحوث االجتماعية إلى عدة أسباب لعل أىميا توفير الوقت و الجيد ‪ ،‬واإلمكانيات التي تجعل من المتعذر أحيانا وربما‬
‫من المستحيل أحيانا أخرى دراسة المجتمع ككل ‪ .‬والعينة ببساطة ىي جزء أو قطاع من المجتمع تم اختيارىا عمى أساس‬
‫إحصائي لكي تمثل المجتمع الذي ىي جزء منة وىنا يكون دور اإلحصاء ىو الوصول إلى تقديرات واستدالالت عن‬
‫المجتمع ككل من خالل المعمومات المتوفرة عن العينة التى تم سحبيا من ىذا المجتمع‪.‬‬
‫‪ -3‬وظيفة اختبارات الفروض اإلحصائية ‪ :‬حيث يتم وضع فروض إحصائية بسيطة أو معقدة تمييدا الختبارىا ولمتأكد‬
‫من صحتيا ‪ ،‬حتى يمكن استخالص النتائج واتخاذ الق اررات‪ ،‬ويتم ذلك من خالل المشاىدات المتكررة لممتغير في الظاىرة‬
‫صحيحا‬
‫ً‬ ‫تم افتراضو فإن الفرض يكون‬
‫موضع الدراسة ‪ ،‬فإذا ما توصمنا إلى عدم وجود فرق جوىري بين المشاىدات وما َّ‬
‫إحصائيا في حدود خطأ مسموح بو عند مستوى معين ‪ ،‬وفي حالة توصمنا إلى وجود فرق جوىري وحقيقي بين ما تم تسجيمو‬
‫من واقع المشاىدات وما تم افتراضو فإن الفرض يكون غير صحيح ألن المشاىدات الواقعية ال تؤيد ما كان يتوقع في تغير‬
‫الظاىرة موضع التحميل‪ ،‬وتعتبر االختبارات اإلحصائية لمفروض األسموب العممي في استخالص النتائج بطريقة نوعية‬
‫دقيقة بمقارنتيا بالطرق العممية التي تكثر معيا األخطاء عند استخالص النتائج‪.‬‬
‫‪ -4‬وظيفة التنبؤ أو التوقع ‪ :‬ويقصد بيا في عمم اإلحصاء تمك التغيرات التي حدثت لظاىرة في الماضي وليس في‬
‫المستقبل ‪ ،‬وذلك لتأكيد وجود الظاىرة من خالل المشاىدة والقياس واختبار الفروض وتفسير التغيرات واستخالص النتائج‪.‬‬
‫تعتمد دقَّة التنبؤ عمى الحتمية في الظاىرة موضع التنبؤ ‪ ،‬والتي تؤدي إلى استخالص نتائج مشابية تحت ظروف مشابية‪.‬‬

‫‪108‬‬ ‫العدد األول‪ -‬سبتمبر ‪3102‬‬ ‫مجمة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الوادي‬
‫أ‪ .‬جمال بمبكاي‬ ‫أهمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‬

‫● مراحل العمل اإلحصائي ‪:‬‬


‫عند دراسة أي ظاىرة من ظواىر المجتمع يمكن تقسيم العمل اإلحصائي إلى المراحل التالية ‪:‬‬

‫أ‪ -‬جمع البيانات اإلحصائية ‪:‬‬


‫تعتبر ىذه المرحمة من أىم مراحل تنفيذ العمل اإلحصائي‪ ،‬فبقدر ما تكون البيانات اإلحصائية المتحصل عمييا دقيقة‬
‫وكاممة وممثمة لممجتمع اإلحصائي المدروس بقدر ما تكون النتائج المراد الحصول عمييا صحيحة‪ ،‬وسميمة‪ ،‬وذات داللة‬
‫عممية‪ .‬إال أنو يتوجب قبل البدء بجمع البيانات اإلحصائية عن الظاىرة المراد دراستيا تحديد المشكمة التي تعاني منيا‬
‫الظاىرة وىدف الدراسة تحديدا واضحا ‪ ،‬كما يتوجب تحديد المجتمع اإلحصائي المراد دراستو والوحدة اإلحصائية التي تدور‬
‫الدراسة حوليا ‪ ،‬حتى ال تنحرف الدراسة والتحميل عن اليدف المنشود‪.‬‬
‫يتم عادة جمع البيانات اإلحصائية بالطرق التالية‪ :‬السجالت والتقارير الرسمية‪ ،‬المقابمة الشخصية‪ ،‬االستبيان‪،‬‬
‫المالحظة‪ ،‬العينات‪ ،‬التقدير‪ .‬ىذا وان لكل طريقة من ىذه الطرائق خصائص ومميزات تجعل استخداميا يختمف من عمل‬
‫إحصائي إلى آخر بحسب ىدف الدراسة‪ ،‬واإلمكانات المادية المتاحة‪ ،‬وطريقة التحميل المتبعة أثناء الدراسة‪.‬‬

‫ب‪ -‬عرض البيانات اإلحصائية ‪:‬‬


‫تحمل ىذه المرحمة في طياتيا أىمية بالغة فيي توضح حجم الظاىرة محل الدراسة‪ ،‬وتظير العالقات بين متغيراتيا‪،‬‬
‫كما تسمح بدراسة تطور الظاىرة زمانا ومكانا‪ ،‬واجراء مقارنات مع غيرىا من الظواىر المشابية لمعرفة موقعيا بين ىذه‬
‫األخيرة‪ ،‬مما يسيل لمباحث إمكانية استخالص النتائج واتخاذ الق اررات‪.‬‬
‫ويتم عادة عرض البيانات اإلحصائية بطريقتين‪:‬‬
‫‪ ٠‬العرض الجدولي‪ :‬وىو عبارة عن ترتيب منتظم لمبيانات اإلحصائية في صورة جداول ذات صفوف وأعمدة‪ ،‬تبين أىمية‬
‫ىذه البيانات وتسيل عممية المقارنة فيما بينيا‪.‬‬
‫و يتحدد أسموب ترتيب البيانات داخل الجدول بحسب طبيعتيا جغرافية كانت‪ ،‬أم زمنية‪ ،‬أم كمية الخ‪ ، ...‬وبحسب اليدف‬
‫الذي ستستعمل من أجمو‪ .‬إال أن أىم أساليب الترتيب المستخدمة ىي‪ :‬الترتيب األبجدي‪ ،‬الترتيب التاريخي‪ ،‬الترتيب‬
‫الجغرافي‪ ،‬الترتيب الكمي‪ .‬أما النقاط التي ال بد أخذىا بعين االعتبار عند بناء أي جدول فيي‪ :‬إعطاء رقم وعنوان لكل‬
‫جدول‪ ،‬إعطاء عنوان لكل حقل من حقول الجدول‪ ،‬التنويو إلى مصدر البيانات و الوحدات القياسية ليا‪ ،‬كتابة تعميقات‬
‫لتوضيح بعض معمومات الجدول‪ ،‬ضرورة أن يكون الجدول بسيطاً وواضحاً‪.‬‬

‫‪109‬‬ ‫العدد األول‪ -‬سبتمبر ‪3102‬‬ ‫مجمة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الوادي‬
‫أ‪ .‬جمال بمبكاي‬ ‫أهمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‬

‫‪ ٠‬العرض البياني‪ :‬وىو عبارة عن تمثيل البيانات اإلحصائية في صورة رسوم وأشكال بيانية‪ ،‬تساعد القارئ عمى فيم ىذه‬
‫البيانات وابراز خصائصيا وسيولة مقارنتيا أكثر مما لو تم عرضيا باستخدام الجداول‪ .‬إال أنو ال يمكن أن تكون الرسوم‬
‫البيانية بديال لمجداول اإلحصائية‪ ،‬فالجداول اإلحصائية تعرض البيانات اإلحصائية بكل تفاصيميا‪ ،‬في حين أن الرسم‬
‫البياني يحرص عمى إبراز التفاوت األكثر أىمية بين ىذه البيانات‪.‬‬
‫ويمكن تصنيف الرسوم البيانية بحسب أشكاليا في أربعة أنواع رئيسية وىي‪ :‬المصورات الجغرافية‪ ،‬األعمدة البيانية‪،‬‬
‫الدوائر والمربعات‪ ،‬المنحنيات البيانية‪ .‬ىذا وان لكل نوع من ىذه الرسوم البيانية خصائصو‪ ،‬ومميزاتو واستعماالتو الخاصة‪.‬‬

‫ج‪ -‬تحميل البيانات اإلحصائية وتفسيرها‪:‬‬


‫يقصد بيذه المرحمة معالجة البيانات اإلحصائية باستخدام الطرائق اإلحصائية المختمفة‪ :‬كاستخدام مقاييس النزعة‬
‫المركزية‪ ،‬االرتباط‪ ،‬األرقام القياسية‪ ،‬السالسل الزمنية الخ‪ ،...‬حيث تختمف طريقة المعالجة لبيانات كل ظاىرة عن بيانات‬
‫الظاىرة األخرى باختالف نوع البيانات‪ ،‬وتعدد المتغيرات المؤثرة في الظاىرة المدروسة بغية الوصول إلى نتائج موضوعية‬
‫ومنطقية تخدم الغرض المطموب‪ .‬وبما أنو يبنى عمى ىذه النتائج ق اررات وتوصيات فإنو يفترض اختيار أكثر الطرق مالئمة‬
‫لمعالجة بيانات الظاىرة(‪.)03‬‬

‫● عالقة عمم اإلحصاء بالعموم االجتماعية ‪:‬‬


‫تأثرت العموم االجتماعية وخاصة عمم النفس وعمم االجتماع وعمم السياسة بالتطورات التي حققيا عمم اإلحصاء ‪،‬‬
‫واستعان العمماء االجتماعيون بمنيج جديد في دراساتيم وىو المنهج اإلحصائي الذي ينطوي عمى نفس خطوات المنيج‬
‫العممي في البحث ‪ ،‬حيث يقدم عمى عمميتين منطقيتين ىما القياس و االستنتاج ‪ ،‬إذ يقوم العالم بمالحظة الحقائق في‬
‫البداية ثم يجري تجاربو ويرصد عددا من النتائج التي يستخمصيا من تمك التجارب بنمط أو إطار عام لمظاىرة‪ .‬وبعد أن‬
‫يقوم بصياغة نظريتو عمى ذلك النحو‪ ،‬ينتقل إلى عممية االستنتاج التي تعينو عمى التنبؤ بسمسمة من النتائج األخرى‪.‬‬
‫ويستخدم عمماء النفس األدوات واألساليب اإلحصائية أكثر من غيرىم في القياس النفسي‪ ،‬إذ يعد عمم النفس التجريبي‬
‫وعمم النفس العيادي وعمم نفس الفروق الفردية من المجاالت التي تعتمد اعتمادا جوىريا عمى المنيج اإلحصائي في تناوليا‬
‫لموضوعات الدراسة ‪.‬‬
‫يقر مرجعا في القياس النفسي يجد أن عمماء النفس يذىبون إلى أن كل شيء في مجال عمميم قابل لمقياس تقريبا‪،‬‬
‫ومن أ‬
‫فنجد لدييم مقاييس لمذكاء ولمشخصية ولمعواطف والميول ولالضطرابات النفسية واألمراض العقمية‪ ،‬وكل مقياس من ىذه‬

‫‪110‬‬ ‫العدد األول‪ -‬سبتمبر ‪3102‬‬ ‫مجمة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الوادي‬
‫أ‪ .‬جمال بمبكاي‬ ‫أهمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‬

‫المقاييس يخضع في واقع األمر ألساليب إحصائية صارمة تحدد مدى صدقو و ثباتو في قياس ما وضع لقياسو ‪ ،‬ويستخدم‬
‫في المقارنة بين النتائج التي يتم التوصل إلييا من دراسة عينة محددة من األفراد وتمك التي يتم التوصل إلييا من دراسة‬
‫عينة أخرى(‪.)04‬‬
‫ومن أشير الدراسات السوسيولوجية التي اعتمدت عمى المصادر اإلحصائية دراسة دور كايم عن االنتحار‪ ،‬وفييا‬
‫يذىب إلى أنو (إذا كان المرء يريد أن يعرف كل ما يتفرع عن االنتحار كظاهرة جمعية ‪ ،‬فإنه ينبغي أن ينظر إليها في‬
‫شكمها الجمعي من خالل البيانات اإلحصائية ) ‪ ،‬وقد اعتبر دور كايم أن المؤشرات اإلحصائية عن األسباب التي دفعت‬
‫األفراد إلى االنتحار بمثابة مصدر لمعرفة الدوافع المفترضة وراء اإلقدام عميو ‪ .‬وىكذا نجد أنو قد وضع فروضو عمى أساس‬
‫من األرقام واإلحصاءات التي رأى أنيا تعين أقرب نقطة لبدء البحث السوسيولوجي‪.‬‬
‫وقد استفاد عمماء االجتماع من المنيج اإلحصائي في تطوير أدوات بحثيم ‪ ،‬وخاصة االستبيان مما أمكنيم من دراسة‬
‫آالف المبحوثين في فترة زمنية وجيزة ‪ ،‬وتوافرت لدى الباحثين إمكانية اختبار العالقة بين ما يرصدونو من ظواىر عمى‬
‫أرض الواقع وما يفترضونو من افتراضات يحاولون بيا تفسير ذلك الواقع ‪.‬‬
‫وقد ساعد عمم اإلحصاء عمماء السياسة عمى اقتحام مجاالت عديدة من البحث السياسي مثل دراسة أنماط المشاركة‬
‫السياسية وتكوين الرأي العام والحركات والتنظيمات السياسية‪ .‬فمو أن عالم السياسة افترض أن ىناك ثمة ارتباط بين‬
‫مستوى تعميم األفراد وتعميم من أدلوا بأصواتيم في االنتخابات ‪ ،‬فإن البيانات التي يتسنى لو الحصول عمييا من الواقع عن‬
‫مشاركة األفراد في التصويت االنتخابي وعن مستوياتيم التعميمية ال تنعقد المقارنة بينيا إال باستخدام المقاييس اإلحصائية‬
‫التي تكشف عن قوة االرتباط بين الميل لمتصويت في االنتخابات والمستوى التعميمي لألفراد ‪ .‬و بدون ىذه المقاييس‬
‫اإلحصائية تظل البيانات و المعمومات الميدانية المتوافرة لدى الباحث بال قيمة حقيقية‪.‬‬
‫وقد ظير اىتمام كبير بتطبيق النظريات والطرق اإلحصائية في العموم االجتماعية ‪ ،‬فقد أوضح كيتيميه‬
‫(‪ )6791-6971‬عالم الفمك االجتماعي البمجيكي إمكان استخدام االحتماالت واإلحصاء لوصف وتفسير الظواىر‬
‫االجتماعية واالقتصادية ‪ ،‬وقدم مساىمات ىامة في الطرق اإلحصائية في تنظيم وادارة اإلحصاءات الرسمية ‪،‬وقدم كذلك‬
‫طريقة عامة لمقياس في األ نثروبولوجيا ‪ ،‬وقد ساىم عالم النفس اإلنجميزي جالتون ‪ )6766-6711( Galton‬في تطبيق‬
‫الطرق اإلحصائية في عمم النفس‪ ،‬ووضع أساس عمم القياس النفسي ‪ ،‬وبدأ دراسة موضوع االرتباط واالنحدار الذي اىتم‬
‫بو وطوره بعد ذلك عالم اإلحصاء االنجميزي كارل بيرسون ‪ ،)6791-6789( Pearson‬باإلضافة إلي مساىمات أخرى‬
‫ىامة ‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫العدد األول‪ -‬سبتمبر ‪3102‬‬ ‫مجمة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الوادي‬
‫أ‪ .‬جمال بمبكاي‬ ‫أهمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‬

‫كما قدم سبيرمان ‪ )6718-6719( Spearman‬عالم النفس اإلنجميزي مساىمات فعالة في دراسة االرتباط ‪،‬ويعد‬
‫من الرواد في دراسة وتطوير التحميل العاممي ‪.‬‬
‫وقدم عالم اإلحصاء االنجميزي جولست ‪ )6398-6781( Gosset‬مساىمات ىامة في مجال التحميل اإلحصائي‬
‫وخاصة في تفسير البيانات المتعمقة بالعينات ‪ ،‬كما يعد من الرواد الميتمين بتحميل نتائج العينات الصغيرة ‪ ،‬إذ كان االىتمام‬
‫خالل الفترة السابقة كمو مرك از عمى المفيوم الكالسيكي لالحتمال ‪.‬‬
‫وعمى الرغم من أن رواد عمماء اإلحصاء كان اىتماميم بوظيفة االستقراء فإن الجانب األعظم من النظرية اإلحصائية‬
‫تم اكتشافو بعد عام ‪ 6711‬تقريبا ‪ ،‬فمنذ مطمع القرن العشرين كان االىتمام منصباً عمى تطبيق اإلحصاء عمى مشاكل‬
‫عموم الحياة وعمى التجارب الزراعية والصناعية ‪.‬‬
‫كما أن العمل في ىذه المرحمة كان مكثفا ومرك از عمى التحميل اإلحصائي وأساسو المنطقي ‪ ،‬وتمخض عن ذلك‬
‫مساىمات قدميا عالم اإلحصاء االنجميزي فيشر ‪ ، )6711-6771( Fisher‬ومن أعمالو البارزة نظرية التقديرات ‪،‬‬
‫وتوزيعات المعاينة لمعينات الصغيرة ‪ ،‬وتحميل التباين وتصميم وتحميل التجارب ‪.‬‬
‫وقد شيدت ىذه الفترة أيضا عمال مكثفا كان فييا االىتمام منصبا عمى صنع الق اررات ‪ ،‬مما أدى إلى نشوء وظيفة حديثة‬
‫لإلحصاء تحت اسم نظرية الق اررات اإلحصائية ‪ ،‬ويرجع ذلك إلى أعمال والد ‪ ) 6797( Wald‬ونيومان ‪Neuman,j‬‬
‫و مورجنسترن ‪. Morgenstern‬‬
‫وقد صاحب ىذا التطور الكبير في النظريات اإلحصائية بداية ظيور مجموعة من التخصصات المختمفة تيتم بمجاالت‬
‫وأىداف خاصة‪ ،‬وقد بمغ ىذا التطور قد ار ىائال يكاد يظيرىا وكأنيا عموما مستقمة‪ .‬ومن ىذه التخصصات بحوث العمميات‬
‫واإلحصاء السكاني ومراقبة الجودة واالقتصاد القياسي ‪ ،‬ونظ ار العتماد العموم المختمفة عمى الرياضيات في فيم ظواىرىا‬
‫وقياسيا وتفسيرىا ‪ ،‬فقد أفردت ليا فروعاً خاصة تيتم بدراسة ظواىرىا باستخدام األساليب اإلحصائية والرياضية ‪ ،‬ومنيا‬
‫عمى سبيل المثال اإلحصاء الحيوي ‪،‬عمم االجتماع الرياضي ‪،‬القياس االجتماعي ‪،‬عمم النفس الرياضي ‪ ،‬القياس النفسي‬
‫‪ ،‬القياس التربوي ‪،‬االقتصاد الرياضي والتاريخ االقتصادي الجديد أو القياس التاريخي‪.‬‬
‫إن األساليب الرياضية واإلحصائية المستخدمة في مناىج البحث بصفة عامة تستخدم اآلن في مجال العموم االجتماعية‬
‫بنجاح ‪ ،‬وقد أمكن عن طريقيا التوصل إلى بعض الحقائق العممية والنظريات ‪ ،‬ولكنيا لم ترق في ىذا المضمار إلى ما‬
‫وصمت إليو العموم الطبيعية من نظريات عممية و قوانين ‪.‬‬

‫‪112‬‬ ‫العدد األول‪ -‬سبتمبر ‪3102‬‬ ‫مجمة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الوادي‬
‫أ‪ .‬جمال بمبكاي‬ ‫أهمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‬

‫إال أن المنيج اإلحصائي في السنوات األخيرة تقدم تقدما ىائال‪ ،‬وذلك في ميادين العموم االجتماعية المختمفة‪ ،‬وقد انعكس‬
‫ىذا التقدم بدوره عمى التطورات واألدوات اإلحصائية ذاتيا(‪.)05‬‬

‫●أهمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‪:‬‬


‫لقد أصبح لعمم اإلحصاء أىمية بالغة في حياتنا الحديثة ‪ ،‬فصارت اإلحصاءات مألوفة لدينا وتمثل جانبا ميما من‬
‫المعمومات التي نطالعيا كل يوم ‪ ،‬مثل جداول النقاط التي تحرزىا فرق كرة القدم وتنشر في الصحف والمجالت ‪ ،‬والتقديرات‬
‫الخاصة بالتنبؤات الجوية ومؤشرات البورصة وانجازات الحكومة في مجال اإلسكان والتعمير ‪ ،‬والتغيرات التي تط أر عمى‬
‫أسعار العمالت وأثمان السمع ‪.‬‬
‫وربما يتساءل المرء عن أىمية اإلحصاء في مجال العموم االجتماعية معتقدا أن اإلحصاء موضوع يدخل في صميم‬
‫تخصص التجاريين واالقتصاديين‪ ،‬والواقع أن الباحث االجتماعي والمتخصص في العموم االجتماعية بوجو عام يحتاج في‬
‫كثير من األحيان إلى استخدام األرقام لكي يمخص ويعرض بيا مجموعة من المشاىدات التي تتعمق بظاىرة ييتم بدراستيا‬
‫ير عن مدى التطور الذي حققو برنامج معين لمحو األمية مثال ‪ ،‬وقد يكمف بدراسة األسباب‬
‫‪ ،‬فقد يطمب منو أن يقدم تقر ا‬
‫التي تجعل الذكور أكثر تقدما وحرصا عمى التعميم من اإلناث في المدرسة التي يشتغل فييا ‪.‬‬
‫ففي كل مناسبة من ىذه المناسبات سيحتاج الباحث أو المتعمم إلى أداة من األدوات اإلحصائية ‪ ،‬لكي يستخدميا في‬
‫تمخيص أفكاره والتعبير عنيا بصورة محددة ومؤثرة ‪ ،‬فالعبارة التي مؤداىا " لقد نجحنا في محو أمية ‪ %71‬من العاممين‬
‫األميين بالمصنع " أقوى وأشد من العبارة التي مفادىا ‪ " :‬لقد نجحنا في محو أمية عدد كبير من العاممين األميين بالمصنع‬
‫(‪)06‬‬
‫‪.‬‬ ‫"‬
‫يحتل اإلحصاء ( أو األساليب اإلحصائية) أىمية خاصة في األبحاث العممية الحديثة‪ ،‬إذ ال تخمو أي دراسة أو بحث‬
‫برز اتجاىاتيا‬
‫من دراسة تحميمية إحصائية تتعرض ألصل الظاىرة المدروسة فتصور واقعيا في قالب رقمي‪ ،‬وتنتيي إلى إ ا‬
‫وعالقاتيا بالظواىر األخرى(‪.)07‬‬
‫كما أن المعرفة باإلحصاء قد تفيد اإلنسان عمى المستوى الشخصي فتكسبو ميارة التخطيط لحياتو االقتصادية الخاصة‪.‬‬
‫ومما يعكس أىمية عمم اإلحصاء أنو يستخدم في توجيو عممية جمع البيانات‪ ،‬وفي تفسير العالقات التي تعكسيا‬
‫تمك البيانات‪ .‬ومن أبرز المجاالت التي تستخدم فييا المعالجات اإلحصائية إجراء المقارنة بين العديد من األشياء في كثير‬
‫من المناسبات‪ .‬ويمكننا القول أن الحياة اإلنسانية سمسمة من المواقف التي يتخذ فييا الفرد ق ارره بناء عمى ما تسفر عنو‬

‫‪113‬‬ ‫العدد األول‪ -‬سبتمبر ‪3102‬‬ ‫مجمة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الوادي‬
‫أ‪ .‬جمال بمبكاي‬ ‫أهمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‬

‫المقارنة التي يجرييا بين عديد من االحتماالت ‪ ،‬وىذه المقارنة في جوىرىا عممية إحصائية تقترن بالقياس والتقييم والتقدير‬
‫‪ .‬فنجاح اإلنسان في حياتو يتحدد وفق مقياس معين في ذىنو يقدر بو ىذا النجاح‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى فإن حياتنا تذخر بعمميات من القياس والتقدير اإلحصائي‪ ،‬فنحن عمى سبيل المثال عندما نذىب إلى السوق‬
‫لشراء سمعة معينة نيتم وبطريقة ال شعورية بحساب ثمن ىذه السمعة بالنسبة إلى إجمالي النقود التي في حوزتنا ‪ ،‬ونقدر‬
‫ما إذا كان الباقي من ىذه النقود سوف يكفينا حتى نياية الشير أم ال ‪ ،‬في كل ىذه العمميات الفكرية نحن نستعين بعمميات‬
‫إحصائية ومقارنات مستمرة بين المواقف المختمفة ‪ ،‬فضال عن ذلك فما نطمق عميو ظاىرة اجتماعية أو طبيعية ما ىو في‬
‫الواقع إال سمسمة متكررة من الواقع التي يمكن رصد حدوثيا المستمر عبر فترة من الزمن وبنفس الوتيرة بطريقة إحصائية‬
‫(‪.)08‬‬

‫و يمكن تمخيص المزايا التي يجنييا الباحث من الطرق اإلحصائية فيما يمي‪:‬‬

‫‪ ‬تساعد الباحث عمى إعطاء أوصاف عمى جانب كبير من الدقة العممية‪.‬‬

‫‪ ‬فيدف العمم الوصول إلى أوصاف الظواىر و مميزاتيا الطبيعية ‪ ،‬وكمما توصل العمم إلى زيادة في دقة الوصف كمما‬
‫كان ىذا دليال عمى التقدم العممي ونجاح األساليب العممية ‪ ،‬ودقة الوصف تحتاج دائما إلى اختبار مدى ثبات النتائج التي‬
‫حصل عمييا الباحث‪ ،‬فمجرد الوصول إلى نتائج دون التحقق من ثباتيا ال يكفي عادة كأساس يعتمد عميو في تفسير‬
‫الحقائق‪.‬‬

‫‪ ‬يساعد اإلحصاء عمى تمخيص النتائج في شكل مالئم مفيوم ‪ ،‬فمجرد ذكر الدرجات ال يكفي لممقارنة بين الجنسين بل‬
‫إن حساب متوسطي الدرجات قد سيل ميمة المقارنة كثي ار ‪ ،‬فالبيانات التي يجمعيا الباحث ال تعطى صورة واضحة إال‬
‫إذا تم تمخيصيا في معامل أو رقم أو شكل توضيحي كالرسوم البيانية‪.‬‬

‫‪ ‬تساعد الباحث عمى استخالص النتائج العامة من النتائج الجزئية‪ ،‬فمثل ىذه النتائج ال يمكن استخالصيا إال تبعا لقواعد‬
‫إحصائية‪ ،‬كما يستطيع الباحث أن يحدد درجة احتمال صحة التعميم الذي يصل إليو‪.‬‬

‫‪ ‬تمكن الباحث من التنبؤ بالنتائج التي يحتمل أن يحصل عمييا في ظروف خاصة ‪ ،‬إذ يمكن لمباحث أن يتنبأ بنتائج ما‬
‫يجريو من اختبارات في وقت ما لقدرة أو قدرات خاصة لما ينتظر لألفراد الذين يختبرىم من نجاح في مينة معينة أو نوع‬
‫معين من التعميم‪.‬‬

‫‪114‬‬ ‫العدد األول‪ -‬سبتمبر ‪3102‬‬ ‫مجمة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الوادي‬
‫أ‪ .‬جمال بمبكاي‬ ‫أهمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‬

‫‪ ‬في كثير من البحوث ييدف الباحث إلى تحديد أثر عامل خاص دون غيره من العوامل مما ال يتسنى تحقيقو عمميا ‪،‬‬
‫وىنا يستطيع أن يمجأ إلى األساليب اإلحصائية ‪ ،‬فتساعده عمى فصل عامل خاص من العوامل المحتممة وتحديد أثره عمى‬
‫حدى ‪،‬كما تعينو عمى التخمص من أثر العوامل األخرى التي ال يستطيع تفادييا في بحوثو والتي تؤثر دائما في نتائج كل‬
‫بحث ‪ ،‬كعامل الصدفة واختيار العينات ‪.‬‬

‫‪ ‬وقبل ىذا كمو يحتاج الباحث لمطرق اإلحصائية عند تنظيم خطوات بحثو ‪ ،‬أي في تصميم البحث وتخطيطو ‪ ،‬حتى‬
‫يمكنو في النياية أن يخرج من بحثو بالنتائج التي يسعى إلى تحقيقيا ‪ ،‬فيي تيديو إلى أضبط الوسائل التي تؤدي إلى التفكير‬
‫الصحيح من حيث اإلعداد أو االستدالل والقياس أثناء خطوات البحث(‪.)11‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬
‫مما سبق يتضح لنا أن لإلحصاء أىمية بالغة في مجال العموم االجتماعية ‪ ،‬فيو يمد الباحث االجتماعي بمجموعة من‬
‫األساليب واألدوات الفنية التي يستخدميا في كل خطوة من خطوات بحثو ‪ ،‬ابتداء من المرحمة التمييدية لمبحث وما يتضمنو‬
‫من عممية اختيار لعينة الدراسة وأسموب جمع البيانات من الميدان ما اًر بمرحمة تصنيف ‪ ،‬وتمخيص ‪ ،‬وعرض وتحميل تمك‬
‫البيانات حتى مرحمة استخالص نتائج الدراسة ‪ .‬وىكذا يتبين لنا أن دراسة عمم اإلحصاء وان ثقـمت عمى نفس بعض األفراد‬
‫‪ ،‬تعد ذات أىمية بالغة ألنيا تزود المتعممين وكذا الباحثين بالميارات البحثية التي لم يعد أي فرد في غنى عنيا ‪ ،‬ونحن‬
‫نعيش عصر الثورة التكنولوجية وتييمن عمى حياتنا لغة األرقام‪.‬‬

‫الهوامش ‪:‬‬
‫(‪ :)6‬قرآن كريم ‪ ،‬اآلية ‪ 17‬من سورة الجن‪.‬‬
‫(‪ :)1‬قرآن كريم ‪ ،‬اآلية ‪ 11‬من سورة المجادلة‪.‬‬
‫(‪ :)9‬قرآن كريم ‪ ،‬اآلية ‪ 17‬من سورة الكهف‪.‬‬
‫(‪ :)1‬قرآن كريم ‪ ،‬اآلية ‪ 91‬من سورة إبراهيم‪.‬‬
‫(‪:)8‬أماني موسى محمد‪،‬التحميل اإلحصائي لمبيانات ‪،‬مركز تطوير الدراسات العميا والبحوث في العموم‬
‫اليندسية‪،‬القاىرة‪،‬مصر‪،‬ط‪ ،1119،6‬ص‪.8‬‬
‫(‪ :)1‬محمود السيد أبو النيل‪ ،‬اإلحصاء النفسي واالجتماعي والتربوي‪ ،‬سمسمة عمم النفس‪ ،‬دار النيضة لمطباعة والنشر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،6779 ،‬ص ‪.69‬‬

‫‪115‬‬ ‫العدد األول‪ -‬سبتمبر ‪3102‬‬ ‫مجمة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الوادي‬
‫أ‪ .‬جمال بمبكاي‬ ‫أهمية عمم اإلحصاء في العموم االجتماعية‬

‫(‪ :)9‬ميدي محمد القصاص‪ ،‬مبادئ اإلحصاء والقياس االجتماعي‪ ،‬كمية اآلداب – جامعة المنصورة‪ ،‬مصر‪،1119 ،‬‬
‫ص‪.69‬‬
‫(‪ :)7‬أماني موسى محمد‪ ،1119 ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 1-8‬‬
‫(‪ :)7‬ميدي محمد القصاص‪،1119 ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.61-69‬‬
‫(‪ :)61‬محمود السيد أبو النيل‪ ،‬اإلحصاء النفسي واالجتماعي والتربوي‪ ،‬سمسمة عمم النفس‪ ،‬دار النيضة لمطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،6779 ،‬ص ‪.69‬‬
‫(‪ :)66‬محمد بيجت كشك ‪ ،‬مبادئ اإلحصاء االجتماعي ‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪. 6771 ،‬‬
‫(‪( :)61‬كارزان ميدي غفور‪.)www.univsul.net:،1161،‬‬
‫(‪ :)69‬أماني موسى محمد‪ ،1119 ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫(‪ :)61‬قاسم النعيمي ‪ ،‬أساسيات اإلحصاء‪ ،‬منشورات مركز األمين‪ ،‬صنعاء ‪ ،1116‬ص ‪.68-69‬‬
‫(‪ :)68‬حسن محمد حسن ‪ ،‬مبادئ اإلحصاء االجتماعي ‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪، 1111،‬ص‪.61-68‬‬
‫(‪ :)61‬مصطفى زايد‪ ،‬اإلحصاء ووصف البيانات‪ ،6771 ،‬دار العموم‪ ،‬ط‪ ،6‬الرياض ‪،‬المممكة العربية السعودية ‪ ،‬ص‬
‫‪.19‬‬
‫(‪ :)69‬حسن محمد حسن ‪ ، 1111،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫(‪ :)67‬فتحي عبد العزيز أبو راضي‪ ،‬مبادئ اإلحصاء االجتماعي‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪،1119‬ص ‪.1‬‬
‫(‪ :)67‬حسن محمد حسن ‪ ، 1111،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.67-69‬‬
‫(‪ :)11‬ميدي محمد القصاص‪،1119 ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91-91‬‬

‫‪116‬‬ ‫العدد األول‪ -‬سبتمبر ‪3102‬‬ ‫مجمة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الوادي‬

You might also like