Professional Documents
Culture Documents
الأدوات الكمية للسياسة النقدية
الأدوات الكمية للسياسة النقدية
تعتبر األدوات الكمية مجموعة من اإلجراءات التي تهدف بشكل غير مباشر في التأثير على
مستوى االئتمان في إطار اقتصاد ما .بهدف التأثير على تكلفة الحصول على األموال
والتأثير على مستوى السيولة ،من أجل إحداث تغيير في كمية النقود المتداولة ويتعلق األمر
في هذه الحالة بكل من :معدل إعادة الخصم وعمليات السوق المفتوحة ،وتغيير نسبة
.االحتياطي اإللزامي
:عمليات السوق المفتوحة
تمارس عمليات السوق المفتوحة تأثيرا معينا على حجم االئتمان ،فإذا كان االقتصاد يعاني
من تضخم يقوم البنك المركزي ببيع السندات في السوق ،والقصد من ذلك هو تخفيض حجم
األرصدة النقدية الموجودة لدى البنوك التجارية واألفراد ،ويزيد في نفس الوقت من حجم
أرصدته النقدية باعتبار أن المشترين للسندات سيدفعون ثمنها نقدا أو بصكوك إلى البنك
المركزي ،فإذا تمت عملية الشراء نقدا جاهزا أي من طرف البنوك التجارية فإن هذا
سيؤدي إلى تقليل احتياطاتها الفائضة التي تعتمدها في منح القروض ،ومن ثم تقليل االئتمان
الممنوح من طرف هذه البنوك التجارية .أما إذا تمت عملية الشراء بواسطة الصكوك أي
لصالح األفراد والمؤسسات فسيقوم البنك المركزي في هذه الحالة بخصم المبلغ من حساب
البنك التجاري لديه ،وبالتالي فالنتيجة واحدة وهي أن احتياطيات البنك التجاري تقل ومنه
تقل قدرته على منح االئتمان وبالتالي تخفيض العرض النقدي في االقتصاد الوطني ،أما إذا
كان االقتصاد يعاني من كساد ويحتاج إلى ضخ السيولة فإن البنك المركزي يدخل بصفته
مشتريا للسندات وأذونات الخزينة العامة ،وبالتالي فإنه بذلك يزيد من حجم األرصدة النقدية
.لدى البنوك التجارية واألفراد
فإذا كان البائع هي البنوك التجارية فإن البنك المركزي يدفع ثمن هذه السندات نقدا وبالتالي
تزداد االحتياطيات الفائضة التي تكون األساس في منح االئتمان وبالتالي تتوسع في منحه،
أما إذا كان البائعون هم األفراد والمؤسسات فإن ثمن هذه السندات سيضاف إلى حساباتهم
في البنوك التجارية وبالتالي فرصة لها في أن تزيد من االئتمان الممنوح .وبهذا اإلجراء
1.يكون البنك المركزي أدى إلى ضخ السيولة الالزمة في االقتصاد الوطني
:فعالية عمليات السوق المفتوحة
2:تتوقف فعالية سياسة السوق المفتوحة على عدة أسباب أهمها
ـ االحتياطيات النقدية الفائضة المعدة لإلقراض لدى البنوك التجارية ،يجب أن تتغير وفقا1
التجاهات السوق المفتوحة .فإذا اتجهت السوق المفتوحة نحو عرض كميات كبيرة من
النقود ،عن طريق شراء السندات الحكومية وأذونات الخزينة العامة ،يجب أن تزيد
1
ـ يوسف حسن يوسف ،البنوك المركزية ودورها في اقتصاديات الدول ،دار التعليم الجامعي ،اإلسكندرية ،2014 ،ص95ـ.96
2
ـ الطيب لحيلح ،األدوات الكمية للسياسة النقدية ،محاضرات ..
احتياطيات البنوك التجارية بنفس الكمية التي يزيد بها العرض النقدي .وإذا اتجهت نحو
عرض كميات أقل من النقود عن طريق البيع ،فيجب أن تقل احتياطيات البنوك التجارية
بنفس الكمية التي نقص بها العرض النقدي .وهذا االفتراض غير صحيح دائما ألنه هناك
عوامل تؤدي إلى زيادة االحتياطي رغم شراء البنك المركزي لكمية من السندات
واألذونات ،فعندما يقوم البنك المركزي ببيع السندات واألذونات ،يقوم األفراد والمؤسسات
بشرائها وعند بيعها يتوقع منهم ثالثة تصرفات :أن يقوموا بوضع هذه النقود في حساباتهم
الجارية لدى البنوك التجارية ،أو يحتفظون بها في خزائنهم الخاصة ،أو يقسمونها بين
الجهتين .وهذا السلوك ما يطلق عليه تفضيل السيولة .كما يوجد عامل آخر يحد من فعالية
السوق المفتوحة وهو انتقال رؤوس األموال إلى الخارج عند انخفاض سعر الفائدة ،أو
.انخفاض الضرائب على اإلنتاج
ـ الطلب على االئتمان من طرف المستثمرين يجب أن يتجه في نفس اتجاه رغبة البنوك2
فيما يتعلق بمنح االئتمان ،بحيث إذا توجهت البنوك نحو منح المزيد من االئتمان بسبب
زيادة احتياطياتها الفائضة يجب أن يلقى هذا االتجاه استجابة من قبل المستثمرين بزيادة
الطلب على االئتمان ،وهذا االقتراض في الواقع قد ال يتحقق ،ففي فترات االنكماش ،تتوجه
البنوك نحو زيادة االئتمان ولكن قد تكون نظرة رجال األعمال متشائمة من مستقبل
االستثمار وبالتالي فإن الطلب على االئتمان لن يزيد كما ترغب البنوك .والعكس في حالة
الرواج وتوجه البنوك نحو التقليل من االئتمان فقد تكون نظرة رجال األعمال متفائلة
بمستقبل االستثمار وبالتالي زيادة الطلب على االئتمان .ومنه الطلب على االئتمان ال يتوقف
فقط على سعر الفائدة ،وإنما هناك عامل آخر أال وهو توقعات رجال األعمال لمستقبل
.االستثمار وخاصة المؤسسات الكبيرة
وتتميز سياسة السوق المفتوحة عن سياسة إعادة الخصم بطبيعة العالقة بين البنك المركزي
والبنوك التجارية ،فإذا كانت سياسية إعادة الخصم تتميز بوجود عالقة مباشرة بين البنك
المركزي والبنوك التجارية وفعاليتها تتوقف على مدى لجوء هذه األخيرة إلى البنك
المركزي .فإن سياسة السوق المفتوحة تتمثل في عالقة البنك المركزي بالسوق ككل مما
.يجعلها بيده يلجأ إليها متى يشاء وكلما رأى أن الظروف مناسبة
:ظروف السوق
تضم هذه المجموعة االحتياطيات الحرة والتي تمثل االحتياطيات الفائضة للبنوك لدى البنك
المركزي ،معدل الفائدة على السندات الحكومية ومعدل الفائدة على األرصدة المركزية وهو
سعر الفائدة على األرصدة المقترضة لمدة فصيرة بين البنوك .وبصفة عامة ،تتمثل ظروف
سوق النقد في قدرة المقترضين ومدى انخفاض أو ارتفاع أسعار الفائدة وبشروط االقتراض
3.األخرى
3
ـ صالح مفتاح ،النقود والسياسات النقدية ،دار الفجر للنشر والتوزيع ،بسكرة ،الجزائر ،ص124ـ 125
:السوق المفتوحة
إن المقصود بسياسة السوق المفتوحة هو تدخل البنك المركزي بائعا أو مشتريا لألوراق
المالية في األسواق المالية والنقدية بصورة مباشرة كمتعامل فيها ،بغية التأثير على حجم
االئتمان في االقتصاد وحاجته ،ويمكن تبيان أهم النتائج المتوقعة من تطبيق مثل هذه
:السياسة فيما يلي
ـ في حالة تخفيض حجم االئتمان :عندما يكون هدف البنك المركزي هو تخفيض حجم
االئتمان في االقتصاد ،فإنه يقوم ببيع األوراق المالية في األسواق المالية والنقدية سوء
لألفراد أو للمؤسسات(المالية ،االقتصادية) ومن ثم ينخفض حجم التداول النقدي في
االقتصاد نتيجة تسديد قيم هذه األوراق المالية المشتراة من قبل األفراد أو المؤسسات إذا
كان التسديد نقدا .أما إذا كان التسديد عن طريق نقود الودائع فهذا يؤدي إلى انخفاض
حسابات األفراد لدى البنوك أي انخفاض حجم النقود المودعة لدى البنوك التجارية ،وكذلك
.الحال إذا قام البنك التجاري بالشراء ،معنى ذلك انخفاض احتياطه النقدية...إلخ
وعليه ،كلما تنخفض أرصدة البنوك التجارية لدى البنك المركزي تنخفض إمكانية هذه
.البنوك على تقديم القروض
ـ كما يمكن أن تؤثر عمليات السوق المفتوحة على السوق النقدي من خالل التأثير على
أسعار الفائدة؛ فبقيام البنك المركزي بشراء األوراق المالية سواء كانت أسهما أو سندات،
يترتب عنه ارتفاع أسعار تلك األوراق وفي الوقت ذاته انخفاض اإليرادات الناتجة عنها،
وبما أنه عادة ما تكون األوراق المطروحة في السوق النقدي حكومية ،فإن انخفاض
عوائدها سيشمل تلك المملوكة للقطاع الخاص ،مما يترتب عنه احتياطيات البنوك التجارية
مما يدفعها إلى التقليل من تكلفة عملية اإلقراض منها ،لتشجيع المستثمرين بوجه خاص
على االقتراض بهدف تجنب الوقوع في حالة تجميد األموال .وقد يحصل نفس التأثير في
حالة تدخل البنك المركزي بائعا لألوراق المالية في السوق المالي ولكن بشكل معاكس لما
.سبق بيانه
حيث يتوقع انخفاض حجم الودائع لدى البنوك التجارية وكذا انخفاض النقدية لدى البنك
المركزي ،وما يترتب عن كل ذلك من رفع أسعار الفائدة على القروض الممنوحة من قبل
البنوك التجارية وكذا احتياطياتها انخفاض أسعار األوراق المالية المعروضة في السوق،
وبالتالي ارتفاع عوائدها مما يقلل من اللجوء إلى البنوك بهدف الحصول على التمويل
.الالزم
أما في حالة زيادة حجم االئتمان فاإلجراء المطبق هو شراء األوراق المالية من قبل البنك
.المركزي وسوف يترتب عنه نتائج معاكسة لما سبق