‫مدينتنا‬

‫كانت هناك عصفورتان صغيرتان رقيقتان تعيشان في بقعة من أرض واد سوف شديدة الحّر‬
‫قليلة الماء‪ ،‬وفي أحد األّيام بينما كانتا تتجاذبان أطراف الحديث وتشكيان لبعضهما صعوبة‬
‫ظروف الحياة‪ ،‬هّبت عليهما نسمة ريح عليلة آتية من أرضي الشمال‪ ،‬فسعدت العصفورتان بهذه‬
‫النسمة وأخذتا تزقزقان نشوة بالنسيم العليل‪.‬‬
‫وعندما رأت نسمة الريح العصفورتين الجميلتين تقفان على غصن بسيط من شجرة وحيدة في‬
‫المنطقة‪ ،‬استغربت من أمرهما‪.‬‬
‫وقالت‪" :‬أيتها العصفورتان الجميلتان‪ ،‬عجبًا ألمركما‪ ،‬فكيف َت قبالن وأنتما بهذا الحسن وهذه‬
‫الرّق ة أن تعيشا في أرض مقفرة كهذه؟ لو شئتما لحملتكما معي وأخذتكما إلى الشمال من حيث‬
‫أتيت‪ ،‬فهناك المياه عذبة باردة‪ ،‬طعمها ألّذ من العسل‪ ،‬والحبوب تكاد لحالوة طعمها أن تكون‬
‫سّك رًا‪ ،‬وإن أخذتما بنصيحتي‪ ،‬وعدتكما أن نكون هناك خالل وقت قصير جّد ًا‪ ،‬فما قولكما؟" ‪.‬‬
‫قامت العصفورة األذكى بين االثنتين وأجابت بفطنة وبداهة‪" :‬يا نسمة الريح‪ ،‬أنت ترتحلين كل‬
‫يوم من مكان إلى مكان‪ ،‬وتنتقلين من أرض إلى أرض‪ ،‬وذلك يجعلك ال تدركين معنى أن يكون‬
‫للواحد مّن ا مدينًة يحّبها‪ ،‬فارحلي أّيتها النسمة مشكورًة ‪ ،‬فنحن لن نبّد ل أرضًا ولو كانت جّن ة على‬
‫األرض بمدينتنا ولو كانت األجواء فيه قاسية والطعام فيه شحيح"‪.‬‬