You are on page 1of 20

‫‪1‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫هذه العربة‪..‬‬
‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫من قلب شمال املغـــرب‬


‫ب���ال���ري���ـ���ف ال��ش��ام��ـ��ـ��خ‬
‫أقـدمـــت نســـاء قرويــات‬
‫م����ن ب��ن��ـ��ـ��ي ع��م��ـ��ـ��ارت‬
‫بالحسيمــة على تقــديـــم‬
‫خمسيــن خـبــزة «ب ْلديـــة»‬ ‫يوميــة جهــويــة وطنـيـــة ت�صـدر م�ؤقتـ ًا كــل �أ�سبــوع‬
‫إليصالهـا ملنكوبــي الزلزال‬ ‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬
‫بإقليم الحـوز‪ ،‬وقد صرحن‪:‬‬ ‫‪www.achamal.ma‬‬ ‫‪info@achamal.ma‬‬
‫«هــذا مـــا استطعنـا فعلــه‬
‫بقريتـنـا»‪ .‬العـــبـــرة فــــي‬ ‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬
‫تفعيل تضـامـــن ‪ /‬مواطـــن‬ ‫العــدد ‪ 1222‬ـ الثمــن ‪ 4‬دراهـم ـ ال�سـبـــت ‪ 14‬ربيع الأول ‪� 30 / 1445‬شـتـنبــر ‪2023‬‬
‫يساهم فيه الجميع‪.‬‬

‫املغرب دولة ذات �سيادة كاملة‪..‬‬

‫كلمة الشمال‬
‫قبل املغرب �إعانات دول و�أجل النظر يف �إعانات دول �أخرى‪ ،‬وهو حر ذو �سيادة‬ ‫بعد واقعة الزلزال ارتفع من�سوب �إيـذاء املغرب من طـرف الرئي�س الفرن�سي‬
‫ماكرون و�أوليغار�شية الع�سكر باجلزائر‪..‬‬
‫التخاذ ما يراه منا�سبا ملقت�ضى حاله بقيادة جاللة امللك محمد ال�ساد�س حفظه اهلل‪.‬‬
‫ولعل �أقبح ما �أقدم عليه ماكرون توجيهه خلطاب �إلى ال�شعب املغربي !؟‬
‫فرن�سا املاكرونية ما زالت حتلم باالمتيازات الكولونيالية التي �أتت على خريات‬ ‫‪� ‬أثارت هـذه الفعلة ال�شنيعـة ا�ستياء وا�سعــا لـدى املواطنـن املغاربـة؛ ِل َك ْو ِنهـا ‪:‬‬
‫�إفريقيا فف ّقرتها‪ ،‬وعاقت حتررها ‪ ،‬و�أبقتها فقرية رغم غناها !‬ ‫• خرقـا �سافر ًا لأعراف ومواثيق وبروتوكوالت معمول بها دوليا‪..‬‬
‫• نزقـا �أو «بوليميكـــا» ال يليــق مب�س�ؤوليــة رئي�س دولـــة «الأنــوار وحقــوق‬
‫فرن�سا املاكرونية مثال حي النتهازية الدولة الكولونيالية؛ فهي ‪ :‬مع املغرب �ضد‬ ‫الإن�سان»! متنا�سيا �أن اململكة املغربية لي�ست مقاطعة فرن�سية ‪..‬‬
‫اجلزائر‪ ..‬مع اجلزائر �ضد املغرب‪ ..‬مع تون�س �ضد املغرب وبالعك�س‪..‬‬ ‫تعب�أ الإعالم الفرن�سي ملواجهــة املغرب ‪ ،‬دومنا �أخذ بنظر االعتبار حزن املغاربة‬
‫ملكا و�شعبا وحجم محنتهم‪ ..‬ودومنا التزام بحد �أدنى من �أخـالق املهنة‪..‬‬
‫ما يجب �أن يعلمه ماكرون ‪� -‬أن املغاربة رف�ضوا ويرف�ضون‪ ،‬و�أدانوا ويدينون‬
‫جتر�أ ماكرون بوقاحة ظاهرة وباطنة على مخاطبة �شعب م�ستقل‪ ،‬هو �شعــب‬
‫هذا اخلطاب املاكروين ال�شقي‪ ،‬ويقولون له ببالغة �شعبية ‪ « :‬دِّيهـا ْف ْ‬
‫را�ســك»‪.‬‬ ‫املغرب‪ ،‬فهل ب�إمكانه �أن يفعل هذا مع الأملان �أو الرو�س �أو غريهم ؟‬
‫‪2‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫قطرات‪..‬‬ ‫الديوان امللكي يعلن تخ�صي�ص ‪ 120‬مليار درهم‬


‫• محمد إمغران‬ ‫لإعمار وتنمية «مناطق الزلزال»‬
‫وخالل جلسة العمل هــذه‪،‬‬ ‫“ت��رأس صاحــب الجاللــة‬
‫امللك املحبوب الذي يفعل‬ ‫دعا صاحب الجاللة‪ ،‬نصره اهلل‪،‬‬ ‫الملك محمد السادس‪ ،‬نصـــره‬
‫اهلل‪ ،‬يوم األربعاء بالقصر الملكي‬
‫الحكومة إلى تنزيل الرؤية التي‬
‫كل �شيء‪..‬‬ ‫تم تقديمهـا على مستــوى كل‬
‫بالرباط جلســة عمـل خصصت‬
‫لبرنامج إعادة البنــاء والتأهيل‬
‫من األقاليم والعمالة المتضررة‪.‬‬ ‫العام للمناطق المتضررة من‬
‫عندما يتعرض المغــرب للكـــوارث الطبيعيــة‬
‫وشـدد جـاللــة الملك‪ ،‬مجددا‪،‬‬ ‫زلزال الحوز‪.‬‬
‫الفادحة‪ ،‬من أوبئة وفيضانات وجفــاف وزلزال على‬ ‫وتأتي جلسة العمل الجديدة‬
‫على أهمـيــة اإلنصات الدائــم‬
‫ندرته‪ ،‬فإن أول ما يالحظ هو تسجيل مجموعــة من‬ ‫هاته امتدادا للتوجيهات التي‬
‫المؤاخذات‪ ،‬سواء على مستــوى رداءة بعض الطرق‬ ‫للساكنة المحلية‪ ،‬قصد تقديــم‬
‫أعطاها جاللـــة الملـك خــالل‬
‫وباألحرى عدم تعبيدهــا بالمــرة أوعلى مستــوى‬ ‫الحلـول المالئمـــة لهــا‪ ،‬مــــع‬ ‫اجتماعي ‪ 9‬و‪ 14‬شتنبــر‪ ،‬والتي‬
‫انعدام مرافق عمومية متنوعة شاملة وغياب معدات‬ ‫إيــالء األهمـــيــة الضروريـــة‬ ‫وضعت لبنات برنامج‪ ،‬مدروس‪،‬‬
‫ومستلزمات ضرورية بالمناطق المتضررة‪ ..‬أي غالبا‬ ‫للبعد البيئي والحــرص على‬ ‫مندمــج‪ ،‬وطمــوح يهـدف إلى‬
‫ما تميط األحداث الكبرى اللثام عن عظامة ما كان‬ ‫احتــرام التـراث المتفرد وتقاليد‬ ‫تقديـم ج��واب ق��وي‪ ،‬منسجم‪،‬‬
‫خافيا أومستورا‪ ،‬تحت جنــح ظـالم الظالمين‪ ،‬من‬ ‫وأنمـاط عيــش كــل منطقـــــة‪.‬‬ ‫سريع‪ ،‬وإرادي‪.‬‬
‫بميزانية توقعيـــة إجمالية‬
‫منتخبين وبرلمانيين ومسؤولـــي أكــبــر مجالس‬ ‫كما شــــدد صاحــب الجاللــة‪،‬‬ ‫تقدر بـ ‪ 120‬مليار درهم‪ ،‬على‬
‫ومؤسسات المسؤولية‪ ،‬المفتـرى عليهــا‪ .‬وبالتالي‪،‬‬ ‫حفظه اهلل‪ ،‬على ضرورة اعتمــاد‬ ‫م��دى خمـس س��ن��وات‪ ،‬تغطي‬
‫تبدو البالد شبــه يتيمة‪ ،‬الحكومة لهــا وال أحزاب‬ ‫حكامـــة نموذجيـــة مقوماتهـا‬ ‫الصيـغــة األولى من البرنامـــج‬
‫والمسؤولين في مواقع المسؤولية الحقة‪ ،‬ينتشلونها‬ ‫الســرعــة والفعاليـــة والدقــــة‬ ‫المندمــج ومتعــدد القطاعــات‬
‫من وعكتها وسقطتها‪ ،‬من خــالل تدخلهم العاجـــل‬ ‫والنتائج المقنعــة‪ ،‬حتى يصبـح‬ ‫ال���ذي ق��دم بين ي��دي جاللة‬
‫والجريئ‪ ،‬بوضع برنامج دقيق واستراتيبجي مدروس‬ ‫برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة نموذجا للتنمية‬ ‫الملك الستة أقاليم والعمالة المتأثرة بالزلزال (مراكش‪ ،‬الحوز‪ ،‬تارودانت‪،‬‬
‫وفعال وجدي‪ ،‬تشتم منه رائحـة الوطنية ونكران‬ ‫شيشاوة‪ ،‬أزيالل‪ ،‬وورزازات)‪ ،‬مستهدفة ساكنة تبلغ ‪ 4,2‬مليون نسمة‪.‬‬
‫الترابية المندمجة والمتوازنة‪ .‬وسيتم تأمين التمويل لهذا البرنامج الكبير‬
‫الذات‪ ،‬ألن المسألة هنا تتعلق بآالم ودموع الوطن‬ ‫ويضم هذا البرنامج‪ ،‬الذي تم إعداده حسب مقاربة التقائية‪ ،‬وعلى‬
‫انطالقا من االعتمادات المرصودة من الميزانية العامة للدولة‪ ،‬ومساهمات‬ ‫أساس تشخيص محدد للحاجيات وتحليل للمؤهالت الترابية والفاعلين‬
‫وقصص األرامل وحكايـــات األطفال والمفقودين‪،‬‬
‫تحـت أنقــاض الزمن المغربــي‪ ،‬المكتســح للزمن‬ ‫الجماعات الترابية والحساب الخاص للتضامن المخصص لتدبير اآلثار‬ ‫المحليين‪ ،‬مشاريع تهدف من جهة‪ ،‬إلى إعادة بناء المساكن وتأهيل‬
‫الدولي والعالمي الذي تابع مشاهد وصور هــذه‬ ‫المترتبة على الزلزال‪ ،‬وكذا من خالل الدعم والتعاون الدولي‪.‬‬ ‫البنيات التحتية المتضررة‪ ،‬طبقا للتدابير االستعجالية المقررة خالل اجتماع‬
‫المأساة الطبيعية التي هزت وحركت قلوب المغاربة‪،‬‬ ‫في هذا الصدد‪ ،‬وفي إطار مهام صندوق الحسن الثاني في مجال دعم‬ ‫‪ 14‬شتنبر‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬تعزيز التنمية االجتماعية واالقتصادية في‬
‫قبل غيرهم‪..‬‬ ‫انجاز البرامج والمشاريع ذات النتائج المهيكلة من أجل التنمية االقتصادية‬ ‫المناطق المستهدفة‪.‬‬
‫هذه الحقيقة‪ ،‬كثيرا ما تطفو على السطح‪ ،‬عندما‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬أصدر جاللة الملك تعليماته السامية قصد مساهمة هذا‬ ‫ويتمحور حول أربعة مكونات أساسية ‪:‬‬
‫تحل بالبالد مصيبة ما‪ ،‬إذ تصبح حديث الشارع العام‪،‬‬ ‫الصندوق بمبلغ ‪ 2‬مليار درهم لتمويل هذا البرنامج‪.‬‬ ‫‪ – 1‬إعادة إيواء السكان المتضررين‪ ،‬إعادة بناء المساكن وإعادة‬
‫حديث المقاهي والطرقات‪ ،‬حديث المجالس العامة‬ ‫حضر جلسة العمل رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش‪ ،‬ومستشار‬ ‫تأهيل البنيات التحتية؛‬
‫والبيوت األسرية‪..‬‬ ‫صاحب الجاللة السيد فؤاد عالي الهمة‪ ،‬ووزير الداخلية السيد عبد الوافي‬ ‫‪ - 2‬فك العزلة وتأهيل المجاالت الترابية‪،‬‬
‫وبلسان واحد‪ ،‬يقول المغاربـــة ‪ :‬أين الحكومة؟‬ ‫لفتيت‪ ،‬ووزير األوقاف والشؤون اإلسالمية السيد أحمد التوفيق‪ ،‬ووزيرة‬ ‫‪ - 3‬تسريع امتصاص العجز االجتماعي‪ ،‬خاصـة في المناطـق الجبلية‬
‫وم��ن رئيسها ؟ وأي��ن األح���زاب وتسابقها على‬ ‫االقتصاد والمالية السيدة نادية فتاح‪ ،‬ووزي��رة إع��داد التراب الوطني‬ ‫المتأثرة بالزلزال؛‬
‫األص��وات‪ ،‬كـل خمــس سنوات ؟ أين ‪.‬؟ وأي��ن ‪.‬؟‬ ‫والتعمير واإلسكان وسياسة المدينة السيدة فاطمة الزهراء المنصوري‪،‬‬ ‫‪ - 4‬تشجيع األنشطة االقتصادية والشغـل‪ ،‬وكذا تثمين المبادرات‬
‫ثم يضيف المغاربة قولهم ‪« :‬الحبيب سيدنـــا هو‬ ‫المحلية‪.‬‬
‫والوزير المنتدب لدى وزيرة االقتصاد والمالية المكلف بالميزانية السيد‬ ‫كما يتضمن البرنامج‪ ،‬وكما أمر بذلك جاللة الملك‪ ،‬إحداث منصة كبرى‬
‫اللي عندنا» وهم يروا جاللته يطير إلى المنطقة‬
‫فوزي لقجع‪ ،‬والفريق أول محمد بريظ المفتش العام للقوات المسلحة‬ ‫للمخزون واالحتياطات األولية (خيام‪ ،‬أغطية‪ ،‬أسرة‪ ،‬أدوية‪ ،‬مواد غذائية‪،)..‬‬
‫المنكوبة‪ ،‬متفقدا المصابين والجرحى‪ ،‬موصيا بهم‬
‫الملكية وقائد المنطقة الجنوبية”‪.‬‬ ‫بكل جهة‪ ،‬وذلك قصد التصدي بشكل فوري للكوارث الطبيعية‪.‬‬
‫خيرا‪ ،‬متبرعا بدمه وماله في سياق عنايته الملكية‬
‫السامية التي يوليها لرعاياه عامة‪ ،‬حيث قرر جاللته‬
‫ُ‬ ‫ث َو َي ْع َل ُم ما ف ْ أَ‬ ‫اع ِة َو ُي َن ِّز ُل ا ْلغ َْي َ‬ ‫للهَّ َ‬ ‫}‬
‫التبرع بمبلغ ملياردرهم لفائدة المتضررين‪ ،‬فضال‬
‫َك�سِ ب َغ ًدا ۖ‬ ‫�س َم َ‬
‫اذا ت ْ‬ ‫ام ۖ َو َما ت َْد ِري نَفْ ٌ‬
‫ال ْر َح ِ‬ ‫َ يِ‬ ‫ِ�إ َّن ا عِ ْن َد ُه عِ ْل ُم َّ‬
‫ال�س َ‬
‫عن مساندة المغاربة لبعضهم البعض‪ ،‬رغم احتياج‬
‫غالبيتهم التي الشـــأن لها بالسياسة وال بتجارها‬
‫والبعصاباتها‪ ..‬كذلك تم إنشـــاء حســـاب خـــاص‬
‫�صدق اهلل العظيم‬ ‫وت ِ �إ َّن اللهَّ َ َعل ٌِيم َخب ٌِري {‬
‫�ض مَ ُت ُ‬ ‫َوما ت َْد ِري نَفْ �س ِب َ�أ ِّ َ‬
‫ي �أ ْر ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫بموجب تعليمات ملكية سامية بتاريخ ‪ 11‬شتنبــــر‬
‫‪ 2023‬بهدف جمع مبادرات التضامن في مواجهة‬
‫هذه الكارثة الطبيعية‪ ،‬غير المسبوقة‪.‬‬
‫املرحومة عائ�شة اخلطابي‬
‫يف ذمة اهلل‬
‫وترأس جاللة الملك بتاريخ ‪ 14‬شتنبـــر ‪2023‬‬
‫بالقصرالملكي بالرباط‪ ،‬اجتماع عمل خصص لتفعيل‬
‫البرنامــج االستعجالــي‪ ،‬إلعادة إيواء المتضرريــن‬
‫والتكفل بالفئات األكثر تضررا من زلزال الحوز والذي‬ ‫انتقلـــت إلى عفــو ربهــا المرحومـــة عائشــة الخطابــي‬
‫كان موضوع تعليمات ملكية خالل جلسة العمل التي‬
‫ترأسها جاللة الملك يوم ‪ 9‬شتنبر ‪ .2023‬ويأتي هذا‬ ‫المرحومة مع والدها محمد بن عبد الكريم الخطابي‬ ‫نجلــة األميـــر محمد بن عبد الكريم الخطابي يوم األربعاء ‪20‬‬
‫االجتماع‪ ،‬امتدادا للتدابير التي أمربها جاللته‬ ‫سبتمبر ‪ 2023‬بمدينة الدار البيضاء‪ ،‬وبهذه المناسبة األليمة‬
‫والهادفة إلى تعبئـــة كافـــة الوسائل بالسرعة‬
‫يتقدم مدير جريدتي طنجة والشمال نيابة عن هيئة تحريرهما‬
‫والنجاعــــة الالزمتيــن من أجــل تقديــم المساعدة‬
‫لألسروالمواطنين المتضررين‪ ،‬خصوصا من أجـــل‬ ‫بأحر عبارات العزاء إلى أبنائها عبد الكريم وخدوج ومنيـر وكافة‬
‫تنفيذ التدابير‪ ،‬المتعلقة بإعادة التأهيل والبناء في‬ ‫أفــراد آل الخطابي‪ ،‬سائلين اهلل أن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته‬
‫المناطق المتضررة من هـذه الكارثة الطبيعية ذات‬
‫اآلثارغير المسبوقة‪ ،‬في أقرب اآلجال‪..‬‬
‫ويسكنهــا فسيح جنانه‪ ،‬ويلهم كافة ذويها صبرا وسلوانا ‪.‬‬
‫خالصــة القــول‪ ،‬من حق المغاربـــة األقحـــاح‬ ‫المرحومة مع الدكتور محمد النشناش‬
‫االقتخاربملكهم‪ ،‬حفظه اهلل‪.‬‬

‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬ ‫التصفيف واإلخراج ‪:‬‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫محمد طارق بخات‬ ‫«جريـدة ال�شمـال»‬ ‫محمــد �إمغـران‬ ‫عبد احلــق بخــات‬
‫‪05.39.94.30.08‬‬
‫التوزيع‪:‬‬ ‫الهاتـف ‪:‬‬ ‫‪FFF‬‬ ‫�أ�ســامــة الزكــاري‬ ‫‪F‬‬
‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬
‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الفاكــ�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت‬ ‫ر�ضــــوان احــدادو‬
‫عبد اللطيف �شهبـون‬
‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ً‬
‫ؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫والتسويق واإلشهار ‪:‬‬ ‫عبد احلـي مفـتـــاح‬
‫‪F‬‬
‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬ ‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪ 7‬مكـرر‪ ،‬زنقة عمـر بـن عبد العزيز‬ ‫ر�شيــد احلديـفـــي‬ ‫‪www.achamal.com‬‬
‫سكرتير التحرير ‪:‬‬
‫‪achamal2000@gmail.com‬‬
‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬ ‫‪achamaljournal@gmail.com‬‬ ‫ـ طنجــة ـ‬ ‫زبيــــدة الورياغلـــي‬ ‫محمد وطـا�ش‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬
‫‪3‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫تداعيـات‬ ‫دردشة‬
‫زلـزاليـة‪..‬‬ ‫مرتيل ي�ستعيد توازنه‬
‫‪ l‬عبد اللطيف �شهبون‬
‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬ ‫أخيرا استعاد مصطاف مرتيل عافيته‪ .‬والفضل يعــود لحلـــول الموسم‬
‫الدراسي‪ ،‬وظهور تباشير الخريف‪.‬‬
‫يف ‪ 24‬فرباير ‪ 2004‬وقع زلزال عنيف ب�إقليم‬
‫والفئة المحظوظة‪ ،‬هي التي ال يربطها بالدراسة رابط‪ .‬فهذه يحلو لها‬
‫احل�سيمة خملفا عددا كبريا من ال�ضحايا ودمارا‬ ‫أن تمدد إقامتها بهذا المنتجع‪ ،‬واالستمتاع بالهدوء‪ ،‬والخلود إلى الراحة‪،‬‬
‫م�صطفى حجاج‬
‫يف دور وبنيات حتتية ‪.‬‬ ‫على عادة اآلباء واألجداد‪ ،‬فقد كانوا ال يشدون الرحال إلى مرتيل أو المضيق‪،‬‬
‫إال مع هبات نسائم الخريف‪ ،‬أي بعد أن «يضمنوا عولة العام»‪ ،‬ويمألوا مخازن‬
‫خرباء الزالزل يعلمون �أن �إقليم احل�سيمة‬
‫دورهم بما أفاء اهلل عليهم من نعم موسم الحصاد‪.‬‬
‫املمتـد على م�ساحة ‪ 3350‬كلم‪ 2‬ذو طابع جبلي‬

‫دردشة‬
‫و�ساحل متو�سطي مُ َّ‬
‫قد ال تطول إقامتهم‪ ،‬ولكنهم يفضلون هذا التوقيت‪ ،‬ليأخذوا قسطا من‬
‫�شكل من نتوءات وارتفاعات‬
‫الراحة‪ ،‬وليشكروا اهلل على ما آتاهم من فضله‪.‬‬
‫تنبثق من عمقها �أودية بعيدة الغور‪ ..‬ال ت�سمح‬
‫وللتذكير‪ ،‬فإن دور تطوان كانت تشهد حركة ونشاطا في الصيف‪ ،‬شبيهة‬
‫بات�صاالت طبيعية ف�ضال عن اجنرافات الرتبة‬ ‫إلى حد ما بحركة النمل‪ .‬فمن استقبال أكياس القمح‪ ،‬وتنقيته وطحنه‪ ،‬وصنع‬
‫�سيليَّ ة‪..‬‬
‫نتيجة �أمطار ْ‬ ‫ما يصنع منه من كسكس وسميد و «محمصة»‪ ،‬إلى إعداد «الخليع»‪ ،‬إلى‬
‫تذويب الزبدة لتصير سمنا‪ ،‬إلى صنع الخل‪ ،‬إلى «ترقيد» الزيتون‪ ،‬وطحن‬
‫�إقليم احل�سيمة مبعطياته املذكورة ي�شهد‬
‫الفلفل األحمر‪ ،‬إلى‪ ...‬أغلب الدور تكون في أشهر الصيف‪ ،‬عبارة عن خاليا‬
‫كثافة �سكانية يف الو�سط القروي وت�شكل ن�سبة‬ ‫نحل‪ ،‬تتحرك‪ ،‬وتشتغل‪ ،‬وتعمل‪ ،‬دون كلل وال ملل‪ ،‬لتحضير مواد غذائية‬
‫ً‬
‫عاليا‪ ..‬لكن هذا الإقليـم‬ ‫ال�شباب فيه ق��دراً‬ ‫معينة‪ ،‬وادخارها‪ ،‬الستهالكها في فصول السنة‪ .‬ورغم أن الثالجات لم تكن‬
‫ظــل لعقـود طويلـة يعانـــي من خ�صا�ص كبري‬ ‫معروفة آنذاك‪ ،‬فإن االستعانة بقدور طينية‪ ،‬كانت تقي المخزون من التلف‪.‬‬
‫يف بنياتـه االجتماعية واالقت�صادية ؛ نق�صد‬ ‫وما من نشاط من هذه األنشطة‪ ،‬إال وتجتمع له العائلة برمتها‪ .‬فالخليع‬
‫مرافق حيوية مثل ال�سكــن وال�صحة والتعليم‪..‬‬ ‫مثال تُذبح له ذبيحة‪ ،‬وتُقطع قطعا على شكل معين‪ ،‬ليسهل غمسها في‬
‫أوان نحاسية كبيرة‪ ،‬بها قدر من التوابل والثوم‪ ،‬ثم إذا امتصت هذا الخليط‪،‬‬
‫ثم حل الزلزال فانك�شـف الغطـاء عن تدبيــر‬
‫عُرّضت للشمس‪ ،‬لتصير قديدا‪ .‬وفي نهاية المطاف‪ ،‬يخصص يوم بأكمله‬
‫هو � ُ‬
‫أهزل من هزال وقع زلزال احل�سيمة وخلف‬ ‫لطهي هذا القديد‪ ،‬بحضور األقارب األقربين‪.‬‬
‫تداعيات كانت �أ�سا�س ت�صاعد االحتجـاج حول‬
‫وال زالت لذة الخبز الذي يعجن بطريقة خاصة‪ ،‬ويغمــس في «طنجية»‬
‫تدبري ملف �إع��ادة الإعمار؛ �أح��داث متا�سينت‬ ‫الخليع بطريقة خاصة‪ ،‬في فمي إلى اآلن‪.‬‬
‫بالدرجة الأولى‪..‬‬ ‫هذا تراث ذهب بذهاب اآلباء واألمهات‪ ،‬واألجداد والجدات‪ ،‬كما ذهبت‬
‫ولوال الرعاية امللكية التي تفاعلت وقتئذ‬ ‫أعراف وانقرضت عادات‪ ،‬كنا نعتــز بهــا‪ ،‬ونحرص الحــرص الشديد على‬
‫استمرارها‪.‬‬
‫ب�شكل �سـام على �أكــثـر من �صعيد لإعادة �إعمار‬
‫ومنذ ظهرت «الكوكوت مينـــوت» اختفــت «الشهيوات»‪ ،‬واختفى معها‬
‫ي�سد حاجيات �ساكنة منطقة ريفية منكوبـــة‬
‫الطرَف والحلويات‪ ،‬واستغنى الناس عن إعداد الخبز‪ ،‬وصنع الرغيف‪،‬‬‫قاموس ُّ‬
‫ملا حتقــق املطلوب ‪ ،‬وهي التي و�ضعـــت حـداً‬
‫وأفسحوا المجال لألكل الجاهز‪ ،‬ولألكالت الخفيفة‪ ،‬وفوضوا أمورهم للمخابز‬
‫النفالتات �شتى‪..‬‬ ‫والمطاعم التي انتشرت في كل مكان‪ .‬هـذه أمـة‪ ،‬وتلك أمة‪ .‬وهذا عصر‪،‬‬
‫وذلك عصر‪ .‬فليرحم اهلل من سبقونا‪ ،‬وليبارك في الباقي‪.‬‬
‫ثم وق��ع زل��زال يف �إقليم احل��وز ويف مناطق‬
‫�أخرى ‪ ،‬لكن زلزال احل�سيمة ظل �إطارا مرجعيا‬
‫�ساعد مكونات التدخل على رفع الأداء املواطن‬
‫بقيادة ملكية �سامية ‪ ،‬وهي راهنــا م�ضرب مثـل‬
‫يف بذل وعطاء وتخطيط ومتابعة وتقومي‪..‬‬
‫إصدار جديد‬

‫�شهد بلدنا ات�ساع وكثافة التعبئة املواطنة‪،‬‬


‫وتن�سيقا دقيقا بني املتدخلني من عنا�صر القوات‬
‫امل�سلحة امللكية والدرك امللكي والأمن الوطني‬
‫والقوات امل�ساعدة والوقاية املدنية و�أطر وزارة‬
‫الداخلية وال�صحة واملجتمع امل��دين‪ ..‬وغاب‬
‫‪ -‬مع الأ�سـف ‪ -‬كثري من الفاعلني ال�سيا�سيني‬
‫والنقابيني واحلقوقيني لأمور تخ�صهم‪..‬‬

‫واقعة زل��زال �إقليم احل��وز ومناطق �أخرى‬


‫ك�شفت جمددا عن حقائق كربى �صادمة‪..‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫رفق ًا بنا �أيتها الأر�ض‬


‫يفلتوا من هول الدمار وصدماته‪ ،‬للبحث عن األقارب‪ ،‬عن الجيران‪ ،‬عن األحياء والجرحى‬ ‫من أين أبدأ؟‪.‬سأبدأ طبعا من البداية‪ ،‬ولو أن هذا ليس هو البديهي كما يبدو دائما‪ .‬في‬
‫الغارقين فيما كان‪ ،‬قبل قليل‪ ،‬يحميهم من قر الشتاء وحر الصيف ويبعث فيهم الطمأنينة‬ ‫تلك الهنهية كان ربما كل شيء انتهى مما سميناه بعد ذلك زلزال إيغيل أو الحوز أو مراكش‬
‫وسط دفء األسرة‪ .‬إنها صور بطوالت حكاها نساء ورجال عن ما أبلته «الجماعة» وما أباله‬ ‫أو المغرب أو ما شئتم من األسماء التي أطلقتها القنوات الرسمية وغير الرسمية واختارها‬
‫أبناء الدواوير‪ ،‬وبحس يشبه الفطرة‪ ،‬من بالء حسن عند اللحظات األولى الحاسمة التي‬ ‫اإلعالميون العاملون بشتى الوسائل المرئية والمسموعة والمكتوبة‪ ،‬وتناقله الناس من‬
‫المغرب إلى المشرق‪.‬‬
‫أعقبت الزلزال الذي ضرب بعنف مخيف مناطق عزيزة‪ ،‬نائية ومعزولة من األطلس الكبير‪،‬‬
‫بالحوز‪ ،‬وتارودانت وشيشاوة‪...‬كما حكوا قصصا‬ ‫«األرض تهتز في تمارة‪ ،‬في الرباط‪ ،»...‬هذا ما‬
‫أثار انتباهي‪ ،‬وأنا قاعد أمام التلفاز أتابع برنامجا أو‬
‫يشيب لها الولدان عن شدة النكبة وفداحة الفقد‬
‫أخبارا بقنوات أجنبية‪ ،‬ال أدري ما هي اآلن‪ ،‬و ألتفت‬
‫التي داهمت األفراد والجماعات‪ ،‬األسر والعائالت‪،‬‬
‫كعادتي‪-‬السيئة‪ -‬من حين آلخر إلى هاتفي وجديده‪،‬‬
‫مثلما حكوا أعاجيب عن من نجوا هنا وهناك وكان‬ ‫فتواتر التعبير عن اإلح��س��اس بالهزة مصحوبا‬
‫القدر بهم ألطف‪ ،‬ورحمة اهلل وسعت كل شيء‪.‬‬ ‫بالدعوات كالشظايا التي يخلفها كل حدث آني؛‬
‫كل خبراء الكوارث وعلماء الطبيعة يصنفون‬ ‫إنها هزة عنيفة امتدت رجاتها إلى مدن ومناطق‬
‫الزالزل ضمن أعقـــد الظواهر وأخطــرها‪ ،‬فرغم‬ ‫متباعدة‪ .‬قلت لشريكة الحياة‪ :‬هل رأيت‪...‬؟‪ .‬أجابتني‬
‫التقدم المعرفي والعلمــي والتكنولوجــي يبقى‬ ‫للتأكيد‪ :‬مر على القناة الوطنية األولى فقد يبث فيها‬
‫توقيت الزلزال ومكانه بالتحديد‪ ،‬وإلى حد كبير‬ ‫الخبر العاجل اليقين‪ ،‬قلت‪ :‬الشيء؛ ما زالت السهرة‬
‫مستمرة‪ .‬لطفك يارب‪ ،‬سبع درجات على سلم ريشتر أو‬
‫قوته قبل وقوعه في علم الغيب‪ ،‬مما يجعل التوقع‬
‫ريختر وما الفرق بين التاء والواو في ذلك‪ ،‬لم أصدق‪،‬‬
‫شبه مستحيل أو مستحيل‪ ،‬ولذلك فزلزال الحوز‬ ‫علقت على أحدهم‪ :‬هل هذا صحيح؟‪ ،‬وأردف��ت‪ :‬هذا‬
‫فاجأ الجميع‪ ،‬وكأنه آتى من حيث الننتظره وسره‬ ‫غير ممكن‪ ،‬هذه القوة مدمرة حسب علمي البسيط‬
‫دفين‪ ،‬لكن في المقابل اللحمة التي ينصهر فيها‬ ‫مما علق بذهني من صور زالزل سابقة ! كنت أمتص‬
‫الشعب المغربي بتنوع عاداته وتقاليده وتعدد‬ ‫قلقي تشكيكا‪ ،‬فتأكد الخبر الصاعقــة من النشرة‬
‫لهجاته وثقافاته‪ ،...‬شماال وجنوبا‪ ،‬شرقا وغربا‪،‬‬ ‫الباردة للمعهـد الوطني للجيوفيزيـــاء بعد منتصف‬
‫ليست بغريبة ولم تفاجئنا‪ ،‬وإن أبهرتنا بتجددها‪،‬‬ ‫الليل بقليل‪ ،‬عدت إلى القناة األولى لقطع دابر الشك‬
‫بعنفوانهــا كما أبهـــرت كل العالمين‪ ،‬مبشرة‬ ‫والتزود بمعلومات جديدة إضافية‪ ،‬فأعلنوا الخبر مع‬
‫بالمعدن النفيس لجذرنا الطيب وبأن األمة حية‬ ‫الوعد بالمزيد الحقا‪ .‬بدأت الصور األولى تتقاطر‬
‫من مراكش الحمراء‪ ،‬كنت قد انتقلت من مكان إلى‬
‫وروحها متوثبة وأن من ينفخون في بعض الرماد‬
‫آخر ألقوم بالمراجعة األخيرة لمادتي األسبوعية قبل‬
‫واهمون‪ ،‬وأن قــوة وحدتنا في تنوعنا وتعددنا‬ ‫إرسالها للجريدة ليلة السبت‪ ،‬وسيتبين‪ ،‬شيئا فشيئا‪،‬‬
‫وفي حلمنا بمشروع وطن يتسع للجميع ويحتضن‬ ‫أن ماحل بجامع الفنا وبمراكش‪ ،‬المدينة التي التنام‪،‬‬
‫الجميع ويعمل بالجميع ليحمي ويسعى لرفعة‬ ‫الدافئة العزيزة على قلوب المغاربة واألجانب‪ ،‬من‬
‫وكرامة الجميع‪.‬‬ ‫هول وهلع وانهيارات‪ ...‬حقيقي‪ ،‬وأنه صورة مصغرة‬
‫الجرح لن يندمل إال بعــد حين ألن الخطب‬ ‫للفاجعة المؤلمة التي ألمت بالحوز في األطلس‬
‫جلل في مناطق عزيزة من وطننا تحتاج إلى نفس‬ ‫الكبير وماجاوره من مناطق‪ ...‬وفي نفس الليلة‪ ،‬التي‬
‫لم يأتني فيها النوم إال مع خيوط النور‪ ،‬اشتد قلقي‬
‫تضامني تنموي جدي متجــدد إثــر الخراب الذي‬
‫وزاد يقيني أن الخطب جلل مع نشر األعداد األولى‬
‫تعرضت له الديار‪ ،‬وإلى عدالة مجالية كباقي‬
‫للضحايا‪ ،‬كنت أدعو بالرحمة والصبر والعون لكل من‬
‫المناطق التي أتعبتها العزلة وهدها التهميش‪،‬‬ ‫حلت به هذه المصيبة وأخذته على حين غرة‪.‬‬
‫وهي مناطق كنا نعرف بعضها دون اآلخر بل إن‬
‫في ظهيرة الغد ظهر بجالء حزين حجم الكارثة‪،‬‬
‫جزءا من هذا البعض يشكل قبلة أثيرة لدى عدد‬ ‫رحماك يارب بعبادك الضعفاء‪ ،‬ليس من سمع كمن‬
‫كثيـــر منا‪ ،‬وهو يزهـــو بمعماره األصيل وبتربته‬ ‫أح��س ورأى األرض تتحرك أو تنكسر والحيطان‬
‫األخضـر ومائــه العذب الرقراق وطعامه المتميز‬ ‫الحمراء وأديمه‬ ‫واألسقف ترتج أو تتهاوى والبيوت ترتعد أو تتساقط‬
‫التليد‪ ،‬وناسه الكرماء الطيبين‪ .‬اآلن عرفنا‪ ،‬وهلل الحمد‪ ،‬ما شرف وعال من تلك المناطق‪،‬‬ ‫كقصور من رمال‪ ،...‬ال أحد يمكنه أن يتصور مهما كان خياله نافذا‪ ،‬إن لم يكن في قلب‬
‫وليتنا عرفناه من قبل‪ ،‬عرفنا األخالق وقيم التعاون والـتآزر والقناعة والشكر والعزة والكرامة‬ ‫ماحدث وفي عين الحدث في تلك الثواني العصيبة من ليلة الجمعة‪ ،‬ذعر ورعب الزلزال الذي‬
‫واالرتباط باألرض وبرموز األرض‪ ،‬والتشبث باألمل في حياة متجددة على هذه األرض؛ و إن‬ ‫حكى عنه من عانوه وخبروه بالدموع والرهبة واللوعة‪ ...‬هدير وارتطام أو ما يشبه االنفجار‬
‫غدا لناظره لقريب‪ ،‬فهذه البالد الطيبة تستحق منا كل الحب‪ ،‬واللي معرفك خسرك‪ .‬فرفقا‬ ‫أو «اآلبوكاليبس» أعقبه ظالم وصمت رهيب‪...‬ثم أنين واستغاثات وجري في كل االتجاهات‬
‫بنا أيتها األرض ؟ !‬ ‫وسباق ضد الساعة إلنقاذ ما يمكن إنقاذه‪ ،‬حيث اهتدى األشخاص‪ ،‬الذين كتب لهم أن‬
‫‪5‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫من جمال�س ال�سرية النبوية ب�شمال املغرب ‪:‬‬


‫(جمل�س ال�س ّيد عبد ال�سالم ابن ري�سون ت‪1299 :‬هـ)‬
‫• د‪ .‬يونس السباح‬

‫العلماء الحاضرين ‪ -‬وأظنه الفقيه السالوي ‪ ،-‬أخذ في االعتراض على مؤ ّلفه جالل الدين‬ ‫تقديم ‪:‬‬
‫والغض من قيمته بطريقة أغضبت السيد‪ ،‬وحصلت له غيرة على سمعة السلف الصالح‬
‫جرت عادة العلماء والخطاء أن يتحدثوا عن سيرة المصطفى صلى اهلل عليه وسلم‬
‫من خيار العلماء‪ ،‬فغادر المجلس‪ ،‬واحتجب عن أصحابه خمسة عشر يوماً‪ ،‬ولم يعودوا‬
‫بمناسبة المولد النّبوي الشريف‪ ،‬الذي يوافق ربيع األول من كل سنة هجرية‪.‬‬
‫لقراءة الكتاب المذكور‪ ،‬ثم أمر السيد أصحابه أن يعودوا لموضوعهم الحبوب الذي هو‬
‫لنتذكر بعض نفحات تلك المجالس‪ ،‬المفعمة بالذكر‬
‫السيرة النبوية التي يرتضيها ويخضع لها جميع الحاضرين)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ونهتبل المناسبة أيضاً‬
‫والتذكير‪ ،‬والصالة على الحبيب صلى اهلل عليه وس ّلم‪ ،‬ومدارسة سيرته وأيامه‬
‫الوقت المخصص للتدارس ‪:‬‬ ‫وأحواله‪...‬‬
‫ثمّ يتحدث عن الوقت المخصص النعقاد هذه المجالس‪ ،‬فيقول‪( :‬أما الوقت‬ ‫ونتحدث في هذه الحلقة بحول اهلل ‪ -‬والمناسبة شرط ‪ -‬عن مجلس المربي الكبير‪،‬‬
‫الصوفي الشهير سيدي عبد السالم‬
‫بن ريسون بتطوان‪ ،‬الذي كان يحضره‬
‫كبار العلماء‪ ،‬وتحصل فيه مذاكرات‬
‫ونقاشات‪...‬‬
‫يعدّ السيد عبد السالم بن علي بن‬
‫ريسون أحد الشخصيات البارزة في مجال‬
‫التّصوف بمدينة تطوان وغيرها‪ ،‬ونظراً‬
‫لمكانته بين الناس‪ ،‬وما كان يحتله من‬
‫رتبة بين العلماء والسالطين‪ ،‬عالوة‬
‫على تفتحه على علوم كاد ينفرد بها في‬
‫وقته‪ ،‬كالطب والموسيقى؛ فإنه إلى هذا‬
‫ك ّله كانت له مجالس متعدّدة‪ ،‬يختصّ‬
‫كل مجلس بطائفـة‪ ،‬فكان ألهل الطرب‬ ‫ّ‬
‫أشخاص ووقت معين‪ ،‬وللعامة وقتهم‬
‫كذلك‪ ،‬ولخاصة الخاصة مثلهم‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫مجلس السيرة النبوية ‪:‬‬
‫من أبرز مجالسه التي كان يعقدها‪،‬‬
‫مجلس العلم ال��ذي كان يحضره كبار‬
‫علماء البلد وفضالئهم ووجهائهم‪،‬‬
‫وكانوا يتناولون فيه علوماً‪ ،‬ويناقشون‬
‫فنوناً‪ ،‬فكان مما اشتهر به هذا المجلس‪،‬‬
‫المذاكرة في كتاب‪ :‬السيرة الحلبية‪،‬‬
‫المسمى بـ (إنسان العيون‪ ،‬في سيرة‬
‫وزير العدلية وقاضي قضاة المنطقة الخليفية‬ ‫األمين المأمون) لنور الدين الحلبي‬
‫الحاج أحمد داود (والد المؤرخ األستاذ محمد داود)‬ ‫(ت‪1044:‬هـ)‪.‬‬
‫العالمة المؤرخ الفقيه أحمد الرهوني‪.‬‬
‫قيمة هذا المجلس ‪:‬‬
‫الذي كان مخصصاً لمجلسه العلمي‪ ،‬فهو ما بعد صالة العصر وقراءة الهمزية من‬ ‫وقد كانت هذه المجالس ّ‬
‫محط أنظار كثير من أهل العلم‪ ،‬يتدارسون فيها‪ ،‬وربما‬
‫كل يوم جمعـة ويتخلـل ذلك شــرب األتاي «الشاي‬‫ّ‬ ‫دوّنت هذه المالحظات على هامش نسخهم‪ ،‬ولم‬
‫األخضر» مع ما يناســب من الحلـــوى‪ ،‬ويستمر ذلك‬ ‫تكن تقتصر هذه المجالس على السيرة النّبوية‬
‫المجلس إلى أذان المغـرب فيصلي الحاضرون جماعة‬ ‫فحسب‪ ،‬بل كانت تتجاوزها إلى غيرها من الفنون‪،‬‬
‫ثم ينصرفون)‪.‬‬ ‫المة المؤرّخ محمد داود عن هذه‬ ‫ويحدثنا الع ّ‬
‫أبرز الحاضرين من العلماء ‪:‬‬ ‫المجالس في تاريخه فيقول‪...( :‬وكانت للسيد –‬
‫يعني‪ :‬عبد السالم ابن ريسون ‪ -‬رحمه اهلل مجالس‬
‫وأما أسمــاء العلمــاء الحاضريــن بهذا المجلس‪،‬‬ ‫خاصة يحضرها عدد من كبار علماء تطوان‪ ،‬وكانوا‬
‫ال‪« :‬مجلس السيرة كان مخصصاً‬ ‫فيحدّثنا عنهم قائـ ً‬
‫من حين آلخر‪ ،‬يقرؤون مختلف كتب التفسير والحديث‬
‫لسرد كتب السيرة النبوية وقراءة الهمزية يوم الجمعة‪،‬‬ ‫والسير‪ ،‬وخصوصاً السيرة النبوية التي يتدارسونها‬
‫فمن العلماء الذين كانوا يحضرون هذه المجالس»‪:‬‬ ‫دراسة بحث وتدقيق واستنباط وتحقيق‪ ،‬ويسردون‬
‫• سيدي المفضل أفيالل‪.‬‬ ‫بالخصوص كتاب‪« :‬إنسان العيون‪ ،‬في سيرة األمين‬
‫• الفقيه الحاج أحمد السالوي‪.‬‬ ‫المأمون»‪ ،‬لنور الدين علي بن ابراهيم الحلبي‪ ،‬وما‬
‫تزال عندي في «الخزانة الداودية»‪ ،‬النسخة الخاصة‬
‫• الفقيه القاضي محمد بن علي عزّيمان‪.‬‬ ‫من هذا الكتاب‪ ،‬وهي النسخة التي كــان والــدي‬
‫• الفقيه الشريف المكي ابن عبد الوهاب‪.‬‬ ‫المرحوم الفقيه العدل الحاج أحمد بن محمد داود‬
‫• السيد محمد النجار‪.‬‬ ‫يحضر بها تلك المجالس)‪.‬‬
‫• السيد محمد بن أحمد البقالي‪.‬‬ ‫ثمرة نقاش العلماء بهذا المجلس ‪:‬‬
‫• الفقيه عبد الكريم المصمودي‪.‬‬ ‫ثمّ يصف ما كان يحدث بهذه المجالس‪ ،‬وإلى‬
‫أي حد كانت تصل إليه تلك المذاكرات أحياناً فيقول‪:‬‬
‫• الفقيه بوعزيز الجزائري)‪.‬‬ ‫(وذكر لي شيخنا أبو العباس الرّهوني رحمه اهلل‪ ،‬أن‬
‫هذا هو مجلس السيد عبد السالم بن ريسون الذي‬ ‫السيد رحمه اهلل‪ ،‬ظهر له في فترة ما أن يدرُس مع‬
‫كان يضم نخبة النخبة من علماء المدينة ووجهائهم‪،‬‬ ‫السه من العلماء كتاب «اإلتقان في علوم القرآن»‬‫جُ ّ‬
‫وهو في نظري يحتاج لبحث مستفيض لجمع ما تمت‬ ‫لجالل الدين السيوطي‪ ،‬وقد شرعوا في دراسته بالفعل‬
‫دراسته من كتب‪ ،‬وما عليها من ُطرر‪ ،‬وما خ ّلفه من‬ ‫دراسة تحقيق وإتقان‪ ،‬ولكن عرض عارض دعا السيّد‬
‫إشعاع علمي وثقافي في تلك اآلونة‪...‬‬ ‫رحمه اهلل للعدول عن قراءة ذلك الكتاب‪ ،‬ذاك أن أحد‬
‫‪6‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫فكريةأحاديث فكرية‬ ‫أحاديث‬


‫أحاديث فكرية‬ ‫أحاديث فكرية ‪-‬‬
‫د‪ .‬محـمد شابــو‬
‫ّ‬
‫حمققـــا‬ ‫يقول ل�سان العلم �أيـــــــن نظيــــره حلملي ومن يُ لفـى لفهمـــي‬ ‫‪ .1‬ختامُ حديثنا عن الشيخ اإلمام شيخ الجماعة واإلسالم عبد القادر بن علي الفاسي سيكون‬
‫ُ‬
‫أب�صـــرت مثلـــك �أحمقـــا‬ ‫رب قـدرَه وربّ ــي مـــا �‬ ‫فقل للذي مل ي َْق ُ‬
‫ــد ِر احل َ‬ ‫عن وفاته وما صاحب ذلك من مشاهد إيمانية وأحوال صوفية د ّلت على قدم صدق عند ربّه‪،‬‬
‫ونورد بالمناسبة بعض ما رثي به من أشعار وما كتب في ح ّقه من تعزيات بعث بها إلى أهله‬
‫يقول القادري في «نشر المثاني» معلقا‪“ :‬وهو كذلك‪ ،‬فقد تفرقت لموته جموع‪ ،‬وضاعت فيه‬
‫وذويه كبار أعالم وقته‪.‬‬
‫من العلوم أصول وفروع”‪.‬‬
‫أربعٌ وثمانون سنة ( ‪1007-1091‬ه��ـ) هي الفترة التي عاشها الشيخ عبد القادر الفاسي‬
‫‪ .2‬وقد كان أبرز من رثاه وبعث إلى ولديه في تعزيته اإلمام الحسن اليوسي‪ ،‬ومما جاء فيها‪:‬‬ ‫فتىً صالحاً‪ ،‬وعالماً ربانياً‪ ،‬وصوفياً زاهداً ‪ ،‬وقد أصيب في آخر حياته بوبا ٍء كان السبب في وفاته‬
‫“ إلى البدرين النيرين‪ ،‬والبحرين الزاخرين‪ ،‬والدّرتين الفاخرتين‪،‬‬ ‫ووفاة الكثير من أهل تلك الفترة من مجايليه ومعاصريه‪ْ ،‬إذ‬
‫والهضبتين الشامختين‪ ،‬اإلمامين المحترمين الفاضلين‪ ،‬أبي زيد عبد‬ ‫لم يمهله مرضه غير ثالثة أشهر‪-‬وهي جمادى الثانية ورجب‬
‫الرحمن وأبي عبد اهلل سيدي محمّد ابني اإلمام الهمام‪ ،‬تحفة الليالي‬ ‫وشعبان‪ -‬ليسلم الروح إلى بارئها وصاحب أمرها‪ ،‬وذلك بعد‬
‫واأليام‪ ،‬شيخنا أبي محمد سيدي عبد القادر بن علي الفاسي‪ ،‬سقى اهلل‬ ‫ظهر يوم األربعاء ‪ 8‬رمضان من سنة‪1091 :‬هـ‪ .‬يقول ابنه‬
‫كل من احتوت‬ ‫ثراه‪ ،‬سالمٌ على ساداتنا ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬وعلى ّ‬ ‫عبد الرحمن‪ “ :‬ومرض الشيخ ‪-‬رضي اهلل عنه وأرضاه‪ -‬في‬
‫عليه األندية العاطرة الرائقة‪ ،‬من فروع شجرتكم المباركة الفائقة‪،‬‬ ‫نصف شعبان فغاب بين المغرب والعشاء غيب ًة طويل ًة‪ ،‬حتى‬
‫وسائر من احتوت عليه تلك الزاوية الكريمة من اإلخوان المالزمين‬ ‫قيل إنّه مات‪ ،‬ولم يزل يعالج حتى فاق‪ ،‬فقلنا له‪ :‬ما عندك؟‬
‫والمحبّين الزائرين‪ ،‬قدّس اهلل الجميع‪ ،‬وحشرنا كلنا في زمرة الرفيق‬ ‫قال‪ :‬الذي يكون عند الناس‪ ،‬قيل‪ :‬وما هو؟ قال‪ :‬المحــبّة‪.‬‬
‫ثمّ طال مرض الشيخ ‪-‬رضي اهلل عنه‪-‬أياماً فكان يزفر وينفخ‬
‫الرفيع بمنّه وفضله‪ ،‬أمّا بعد‪ :‬فنسأل اهلل تعالى أن يوجرنا ويوجركم‬
‫فيُسئل‪ :‬هل به وجع؟ فيقول‪ :‬ال‪ .‬وكان الشيخ قرب الموت‬
‫وسائر المسلمين في المصاب بوالدكم شيخ الجماعة‪ ،‬وسراج الم ّلة‪،‬‬
‫يُسمع منه‪ :‬سالمٌ عليكم”‪ .‬ويقول أبو العباس الواللي في‬
‫وقدوة الوقت وبركة الوجود‪ ،‬فإنّه مصابٌ عمّ فجعه‪ ،‬وعظم وقعه‪.‬‬
‫«مباحث األنوار» وهو يصف لنا مشهد آخر يوم قبل وفاته‪“ :‬‬
‫م�صاب لو � ّأن الأر�ض َ‬ ‫ٍ‬
‫ْ‬
‫أنبتــــت زهرا‬ ‫َعـت نهــراً وال �‬
‫ميها ملا �أ ْنب ْ‬‫نال �أد َ‬ ‫ٌ‬ ‫ولما مرض مرضه الذي توفي فيه دخلت عليه أنا وواحد من‬
‫أنزلت ْ‬
‫مطرا‬ ‫ً‬
‫�شم�سا وال � ْ‬ ‫ْ‬
‫أطلعت‬ ‫ولو � ّأن �آفاق ال�سماء �أ�صابهــــــــا ملا �‬ ‫أهل البيت لنعوده فوجدناه في علية له‪ ،‬فس ّلمنا عليه وقلنا‬
‫بخير والحمدُ هلل‪ ،‬أنا ال أجد في نفسي‬‫له‪ :‬كيف تجدك؟ فقال‪ٍ :‬‬
‫تحطم‪ ،‬وبنيان قوم تهدّم‪ ،‬وسراج أطفئ‬ ‫وكيف ال وهو عماد أمّة ّ‬
‫وجعاً‪ ،‬ومرضي هذا الهرم وهو ال يبرأ‪ ،‬ومع كوني ال أجد‬
‫عند إطباق الرجاء‪ ،‬وحسام غمد عند قيام الهيجان‪ ،‬نسأله سبحانه‬
‫وجعاً طال بي أمر الصالة باإليماء‪ .‬ومسستُ يده فوجدتُ‬
‫أن يحشرنا في الرعيل األول من زمرة المقربين‪ ،‬ويلحقنا به وإياكم‪،‬‬
‫عليه حمّى قويّة‪ ،‬ومع ذلك يقول لم أجد وجعاً‪ .‬ثم قال‪:‬‬
‫آمين‪ .‬ونسأله سبحانه أن يجبر بوجودكم ثلمه‪ ،‬ويخلف بعلومكم‬ ‫لكنّي أقول‪ :‬اللهم أحييني ما كانت الحياة خيراً لي‪ ،‬وتوفني‬
‫علمه‪ ،‬ويفتح أبواب الهداية لمستقيم منهاجكم‪ ،‬وينوّر أرجاء الدّيانة‬ ‫ما كانت الوفاة خيراً لي‪ ،‬مَــث ُلنا‪-‬كما قال الثعالبي وغيره‪:-‬‬
‫بمضيء سراجكم‪ ،‬فما ّ‬
‫ضل بعون اهلل ما كان له مثل ذلك الشيخ سلفا‪،‬‬ ‫كمثل عبيدٍ أمرهم سيدهم بشغل على أنّهم إن بعث إليهم‬
‫وال هلك بحمد اهلل من كان مثلكم خلفا‪ ،‬فقد زاحمتم بحمد اهلل أنجماً‬ ‫وقد فرغوا منه فلهم من التكريم ما ال يُحصى‪ ،‬ومن فرّط‬
‫بعود‪ ،‬واستنزلتم الخيرات لمطر جود‪ ،‬نسأل اهلل لنا ولكم التوفيق‪،‬‬ ‫في شغله حتى بعث إليه فله من االنتقام ما ال طاقة له به‪،‬‬
‫وتوسط الطريق‪ ،‬وقد كنت وافاني هذا المصاب عند أوبتي من‬ ‫فمنهم من خاف أن يبادره السيد باإلرسال قبل الفراغ فبادر‬
‫غيبتي‪ ،‬فأحببتُ إذ ّ‬
‫تعذر ما هو األحقّ من إعمال األقدام‪ ،‬أن أكتب ما‬ ‫إلى شغله‪ ،‬وبعد فراغه أعدّ لسيده هدايا زائدة على شغله‪،‬‬
‫عسى أن يقوم بشي ٍء نزر ال ينبغي لذلك المقام‪ ،‬فوقع ما ال يُستغرب‬ ‫والشغل الفرائض والهدايا النوافل‪ ،‬فلمّا جاء الرسول وجده‬
‫في هذه الدار من عوارض أكدار‪ ،‬شغلت غيالن عن مي في هذا اآلوان‪،‬‬ ‫بأن خبره عند السّيد‪ ،‬وقد أعدّ له‬ ‫كما يحبّ السيد فبشره ّ‬
‫وحالت بين العير والنزوان‪ ،‬فاكتفينا بهذه األحرف عن شغل استعمال‪ ،‬إقامة لرسم في الحال‪،‬‬ ‫ً‬
‫ما وعده‪ ،‬فذهب إلى الكرامة مع الرسول مسرورا‪ ،‬ومنهم من سوّف العمل حتى جاءه الرسول‬
‫والمطلوب من سيادتكم أن تتحفوا هذا العبيد الظلوم لنفسه بدعوة في ذلك المجمع صالحة‬ ‫أن السيد عالمٌ بتفريطه‬ ‫فوجده على غير ما يحبّ السيّد من التفريط فأغلظ له الرسول‪ ،‬وأعلمه ّ‬
‫من قلوب حاضرة”‪.‬‬ ‫فأخذه بعنفٍ واستشفع له بالسيد في التأخير فلم يمهله‪ ،‬وذهب به إلى االنتقام‪ ،‬هكذا نحن‪،‬‬
‫واهلل تعالى ينظر إلينا برحمته‪ ،‬فقلت له‪ :‬يا سيدي؛ أريد منك أن تقبل لي الصحبة هلل‪ ،‬وأخذ بيدي‪،‬‬ ‫ُ‬
‫‪ .3‬ومن جملة ما رثي به قول تلميذه الفقيه أبو عبد اهلل محمّد بن قـرّيش قاضي تطوان‪:‬‬ ‫وقال‪ :‬تقبل اهلل منا جميعاً‪ ،‬ثمّ التفت إلى الذي معي من أهل البيت‪ ،‬فقال له‪ :‬هذا موالي فالن؟‬
‫إال م�صيبة عبد القـادر بـــن علي‬ ‫جلــــد � ّ‬
‫ٌ‬ ‫كل امل�صائب قد يرجى لها‬ ‫ّ‬ ‫قلنا‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬ما كنّا نرجو إ ّال محبّة أهل البيت‪ ،‬فقال‪ :‬تشهدون لنا بأننا ما ادعينا دعوى وإنّما‬
‫�شرفا حتى كـــ� ّأن كمال الفخـــر مل يحل‬ ‫ً‬ ‫مــــــــــن للمعايل �إذ نالت به‬ ‫كنا نتعاطى العلم مع أصحابنا‪ ،‬فخرجنا عنه مودّعين‪ ،‬وفي الغد توفي‪-‬رحمه اهلل‪ ،”-‬ودفن ضحى‬
‫ولــي‬ ‫ّ‬ ‫بمحل تدريسه من زاويته بعد أن غسله أهله بإذنه‪ ،‬وكانت جنازته جناز ًة مشهود ًة‬ ‫ّ‬ ‫يوم الخميس‬
‫�سر كل ّ‬ ‫زاخرات ب�إحيــــــا ّ‬
‫ٍ‬ ‫قلوب قد تــــداركهــــــا من‬‫ٍ‬ ‫لقوت‬
‫ِ‬ ‫ومن‬
‫حضرها العام والخاص‪ ،‬وتزاحم الناس على جنازته‪ ،‬حتى إنّهم باتوا يكنسون األزقة‪ ،‬فمنهم‬
‫‪ .4‬ومنهم الشاعر األديب‪ :‬أبو عبد اهلل محمّد الطيب المريني في رائيته التي يقول فيها‪:‬‬
‫الت‬ ‫من بات بها‪ ،‬وامتأل ما حولها امتالء ضاق عن الصالة‪ ،‬وصار الناس يصعدون السطوح ومح ّ‬
‫ّ‬
‫احلـــق �إذ هـــو قـــــــــــادر‬ ‫ر�ضـــــــينا مبا جتري علينا املقـادر به من مراد‬
‫ّ‬ ‫األسوق‪ ،‬ومما قاله فيه ابنه عبد الرحمن عند دفنه‪:‬‬
‫و�سلمت ت�سليـــــــم املوفــــق للقــ�ضا ومن هــــو للمكــــــــروه �إن حل �صابــر‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫حمـــــــــــــــــال‬ ‫ُ‬
‫وبطن الأر�ض �صار لـه‬ ‫عزيـــــــز القـوم بيـــن يديـــــك ّ‬
‫ذال‬ ‫ُ‬
‫النفو�س بنعي مل تطقـه ال�ضمـــائــــر‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أكبــــاد رزء وروّ ع‬ ‫قطــــــع ال‬‫لقـــــــد ّ‬
‫جتاو ْز عنه يا ذا الف�ضــــل وا�سمــــح فكـــم �ساحمـــت من �آتيــــك ف�ضـــــال‬
‫ّ‬
‫واحلـــق ظـاهــــــــــر‬ ‫ً‬
‫عمــــدة عليه مدار العلم‬ ‫إمام كـــــان للنـــا�س‬‫بفقد � ٍ‬ ‫ّ‬
‫أر�ض وال مولى �سواك ف�أنت مـــــــــــــــولــى‬ ‫حــــل الغريـــــب ببطــــــن � ٍ‬ ‫�إذا‬
‫ً‬
‫لقد كان جنمــا للربيـــة يهتــــــدى به يف طريق اهلل من هو �ســـــــــــــــائر‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬
‫و�أرحمُ ما تـــــــــــــكون مبن تـــــوارى بحــــفـــرتـــــه وكــــل عنـــــه ولــــــى‬
‫ً‬
‫جليــال ب�أنـــــواع املعـــــــارف ماهــــــــر‬ ‫ً‬
‫وقـــــدوة‬ ‫ً‬
‫�شيخــا‬ ‫وقد كان للإ�سالم‬
‫وممن رثاه ابنه اإلمام أبو عبد اهلل مَحمد بن عبد القادر بقوله‪:‬‬
‫‪ .5‬ومنهم الفقيه األديب‪ :‬أحمد بن عبد الحي الحلبي في قصيدة يقول فيها‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫قــــــول ملــن كـــان �أخرقــا‬ ‫يقولون مات احلرب وهو كواحـــــــد لعمرك ذا‬
‫ً‬ ‫تــــفــــرقــا‬
‫ّ‬ ‫لقـــوم‬
‫ٍ‬ ‫َ‬
‫وهــــــــــيهات ما حربٌ ميوت كواحد ولكــــــن ّــه جمـــعٌ‬
‫منيـــــرة رومـــي كـــــــما رام البـــدور ت�ستـــــرا‬ ‫�شم�س مالك قد طلعت‬
‫ُ‬ ‫يا‬
‫وح�صنا لدين اهلل مل يـــك يُ رتقــــى‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ملجئــــا لذوي النهـــــي‬ ‫وما كان � ّ‬
‫إال‬
‫�شم�س املعارف حتــت �أطبـــاق الثـــرا‬ ‫لـما غــــــدا‬ ‫ّ‬
‫حــــق �أال تطلعــــي ّ‬ ‫قد‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مطيعا لأمر اهلل يُ خــــــــ�شى ويُ ّتــقى‬ ‫طيعا لأمـر اهلل كــــان ومن يكــــن‬ ‫مُ‬
‫تقـــــــــــــررا‬ ‫ّ‬
‫ولـــــى ويف دار ال�ســــــالم‬ ‫عبـــــد القــــــادر الفا�ســـــــي قــــد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ّ‬ ‫احللم والعــــلم ّ‬
‫والتــقــى‬ ‫�إمامــــا ُهمامـــا زاهـــداً متوا�ضعـ ــا جواداً ّ‬
‫جلي ِ‬
‫وابكوا على �شيــــخ امل�شايــــخ �أبحـــــرا‬ ‫يا مع�شر الف�ضالء نوحـــوا ّ‬
‫كلكـــــم‬ ‫غربــــــا وم�شـرقاً‬
‫ً‬ ‫دموعا تعمّ الأر�ض‬ ‫ً‬ ‫ت�ســـحّ لفقــــده‬ ‫ُّ‬
‫يحـــــق لعينــي �أن ُ‬
‫�أو للر�سائل وامل�سائل يف القـــــــــــــــرى‬ ‫من للحقــائـــق ّ‬
‫والدقـائـــق بعــــده‬ ‫الدين للكـــرب مُ طرقـا‬ ‫ُ‬
‫طرف ّ‬ ‫ومل ال وقد عـــمّ البـــال مب�صابــــه و�أ�صبح‬
‫ً‬
‫م�سل�ســـــال وجموهـــــــرا‬ ‫�أبدا الكــالم‬ ‫مــــــن للعبــــــــارة والإ�شارة فيهمـــا‬ ‫�أطلقـــا‬ ‫والدمــعَ‬ ‫َ‬
‫وقد �شمل الإ�ســــالم يوم فراقـــــه �أ�سى قيَّ د الأ�شجـان‬
‫‪7‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫�شمال الثقايف‬
‫عودة مفقود اختفى منذ عقود ‪:‬‬ ‫ال‬

‫«دليل الحج والسياحة»‬


‫لمؤلفه أحمد بن محمد الهواري (ت‪1953‬م)‬
‫• محمد وطاش‬
‫حلها وترحالها بين الحواضر‪ ،‬ولمــا هجــرت األهل واألحباب لطلب العلم بمدينة‬ ‫هذا الكتاب النادرالذي طبعت منه ثالثمائة نسخة في حلة ورقية راقية بالمطبعة‬
‫فاس‪ ،‬حملته معي في وطابي‪ ،‬وزودت به خزانتي‪ ،‬لكن دوام الحال من المحال‪،‬‬ ‫الرسمية بالرباط سنة‪ ..1935‬كان والدي ـ رحمه اهلل ـ يحتفظ بنسخة منه في‬
‫فأنيسي في غربتي اختفى في غامض الظروف واألحوال‪ .‬وبعـد عقود جاءتني‬ ‫صندوق ذخيرة من مخلفات «حرب الرمال» جلبـه تذكارا من «حاسي بيضا» إلى‬
‫بشارة من صديقي الحميم‪ ،‬األستاذ الجليل الدكتورعبد اللطيف شهبون الذي‬ ‫مقر سكنانا بقشلة «جانكير»بالدارالبيضاء‪ ،‬وكان يحيطه بعناية خاصة ويتفقده‬
‫أخبرني ذات عشية من العشر األواخر من رمضان‪ ،‬أنه قـد عثـر على هذا الكتاب‬ ‫بين الفينة واألخرى‪ ..‬وكنت ـ أنا الطفل الفضولي الصغيرـ أتحين الفرص لالطالع‬
‫المقيد باسم والدي في سوق الغرسة الكبيرة بتطوان‪.‬‬ ‫على مكنون ذلك الكتاب الكبير‪ ،‬وكلما استفردت به‪ ،‬تصفحته وتهجيت حروفه‬
‫واحتفاء بهذا العائد المفقود منذ عقود‪ ،‬يطيب لي أن أفرش له بساطا من الورود‬ ‫وأمعنت النظر في مجمل صوره‪..‬‬
‫عبر سلسلة حلقات في رحاب هذا العمود‪.‬‬ ‫ظل هذا الكتاب بين أحضان أسرتي في الحفظ والصون‪ ،‬وظل رفيقا لها في‬

‫باقة �صور فتوغرافية توثيقية‬


‫للرحلة احلجية (الهوارية)‬
‫ومما أضفى‪ -‬على هذا الكتـــاب لمسة جماليـــة‬
‫كونه تضمن باقة من الصور التوثيقية للرحلة الحجية‬
‫التي قام بها المؤلف انطالقا من مرسى طنجة على‬
‫متن باخرة فاخرة في اتجــاه مرسيليا ومنها إلى‬
‫بورسعيد‪،‬حيث استقل باخرة إلى الينبع ومنها انتقل‬
‫على متن سيارة أجرة إلى المدينة المنورة‪،‬وبعد أداء‬
‫واجب الزيارة سافر إلى مكة ألداء مناسك الحج‪..‬وبعدها‬
‫انتقل إلى جدة ومنها اتجه ‪-‬بحرا‪-‬صوب بيروت ومنها‬
‫شق طريقه ‪ -‬برا ‪ -‬نحو القدس مرورا ب‪ :‬زيب وعكا‬
‫ونابلس وغيرها من المدن والقرى‪ ..‬وزار بيت لحم‬
‫والخليل وقلعة سليمان‪ ..‬ثم عاد رأسا إلى القدس‬
‫ومنها اتجه إلى دمشق مرورا بمدينة حلب‪..‬‬
‫وواصل الهواري رحلــة عودتــه متنقال ‪ -‬برا بحرا‬
‫‪ -‬من بيروت إلى حلب ومن حلب إلى تركيا مروراب‪:‬‬
‫أفيوم واسكشهير ووصوال إلى حيدر باشا‪.‬‬
‫ومن هذه األخيرة عبر إلى الضفــة األوربية التي‬
‫اختارمنها محطات للوقوق بكــل من مدينـــة صوفــيا‬
‫البلغارية وبلغراد اليوغزالفية ثــم البندقية وميالنو‬
‫وجنوة اإليطالية ومنهـــا إلى مونطيكارلو الدولية‪،‬‬
‫ووصل إلى مدينة نيس ثم مارسيليا وباريز‪،‬حيث زار‬
‫هناك المسجد اإلسالمي الكبير ‪ .‬ومن مارسيليا انتقل‬
‫عبر القطار في اتجاه برشلونة ومنهــا إلى طريفـــة‬
‫وانتقل ‪ -‬عبر الحافلة‪ -‬إلى الجزيرة الخضراء ليعود إلى‬
‫مدينة طنجة مسقط رأسه ونقطة انطالق رحلته بتاريخ‬
‫‪ 30‬يناير‪.1934‬‬
‫وعن الصور الملحقة بالكتاب يقول المؤلف أحمد‬
‫بن محمد الهواري‪:‬‬
‫«‪..‬وشفعت ذلك بأخذ كثير من الصور الفوتوغرافية‬
‫الجميلة ‪،‬زي��ادة في الوصف وتقريبا للتشخيص في‬
‫األذهان‪ ،‬رغم ما هنالك‪ ،‬كما اليخفى‪ ،‬من الصعوبات‬
‫والنفقات الباهظة‪،‬ال أبغي من ذلك سوى خدمة الدين‬
‫الحنيف واكتساب األجر والثواب»‪.‬‬
‫وفي ما يلي نورد ‪-‬عبر سلسلة حلقات‪ -‬باقة من‬
‫هذه الصور التي توثق بأبعادها المتنوعة لعدد من‬
‫األماكن والمنشآت التي زارها والشخصيات البارزة التي‬
‫التقى بها في مناسبات معينة أو ممن رافقه من أعيان‬
‫ووجهاء في رحلته الحجية‪.‬‬
‫(يتبع)‬
‫‪8‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫ُق� ُشو ٌر‬ ‫من الذاكرة‬


‫ت َز َح ُم املَ� ْشه َد‬
‫• أحمد بنميمون‬ ‫كـلـمــــات‬
‫‪ 98‬ـ فرح لأطيار ال�شجر اجلديد‬
‫لأُ َع رِّب على نحو جديد‪ ،‬وب�أ�سلوب غري م�سبوق �أحتاج الى ن�سيان �سبل �سبق يل ال�سري عليها‪ ،‬ولو‬
‫�أنني وجدت فيها من جمال �شعريات فوق ما يده�ش ‪،‬ومن مفردات ومعاجم لغات ال�شعر ما يفنت‬
‫وييهر‪ .‬لكنني �س�أختار و�أنا �أنظر الى جبال �أحاطتني منذ ميالدي بهدوء ظاهري‪� ،‬أن �أطلب منها �أن‬
‫تكلمني عن براكينها التي �أوجدتها‪ ،‬لكنها مل ترد ان تك�شف يل عنها من جديد‪ ،‬حتى �أ�صبح ال يربط بينها‬
‫وبني �صورة االنفجار العظيم الذي �صنعها يف بداية �أمرها �أي رابط يذكر‪.‬‬
‫فيا براكيني الأولى ‪ ،‬حتركي �إن كان ال يزال منك ما تقوين به على ثوران جديد‪.‬‬
‫و يا زالزل انفجار عظيم كان من وراء ن�شوء �أ�شكال تراكمت منها احجار بلدي وتكونت ربوات‬
‫�أر�ضي‪:‬‬
‫اك�شفي يل من حركات تاريخي عما �أريد ‪،‬فحياتي ت�ضيق عن عمر �أي انتظار قد يطول وال يق�رص‪.‬‬
‫وا�ستمتاعي بالإقامة فيك مطوق ب�ضجيج و�صايا ال �أريد ان �أعريها �أي وقت من �سمعي ومن فكري‪.‬‬
‫ولعاب �أنياب ثعالب‪،‬‬
‫ِ‬ ‫و مبواعظ كل ما �أجده يف كل حلظات َح رْـبتي وبحثي فيها فهو من ب�صمات ذئاب‬
‫فامنحيني يا براكيني من توجيهاتك ودالئلك ما �أن�سى به كل �ألآمي‪.‬‬
‫وافتحي للنريان ان ت�ضيء ليايل دنيانا على �أ�شجار معارف ال تتوقف عن االنت�شار والنمو يف كل‬
‫• عبد الكريم الطبال‬
‫مكان‪ ،‬وعلى زهور ابداعات هي �أجمل مما كان يزين م�شاهد اجلنة يف متخيل ا�سالفنا‬
‫�أعطيني �أ�شجارا و زهورا ب�أ�شكال و�ألوان جديدة‪.‬‬ ‫ال‪ُّ  ‬‬
‫تبتل‬ ‫‪1‬‬
‫ودعي لل�شجر اجلديد �أن ي�سمعنا من مو�سيقى فرح �أطيارنا وقلوبها كل �سيمفونيات بهجة وحبور‬
‫ان�سان �آتينا ال�سعيد‪..‬‬ ‫البحر‬
‫ْ‬ ‫يف قاع‬ ‫يف البد ْء‬
‫*********‬
‫و�أقول‪:‬‬ ‫هل �سنبني بحجارات �أخرى‬
‫‪ 99‬ـ تدفق يف الإ�صدارات ال�شعرية‬
‫آخر‬
‫برتاب � ْ‬
‫ات�سع اخلرق على الراتق‪ ،‬و�أ�صبح كل من يجهر باحلقيقة مثلك يف هذا البيان ال�شجاع كال�صوت‬ ‫زهرة اليا�سمني‬
‫ال�صارخ يف الربية‪ ،‬و�إنني لآ�سف ل�شعراء ال يزالون يجهرون ب�أنهم يكتبون بـ”لغة ال تقول �إال ذاتها”‬ ‫بهند�سة �أُخرى‬
‫بل وال ينظرون �إلى دعوات مثل هذه ‪ ،‬يف عالقتها مع ال�رصاع االجتماعي‪ ،‬وقد جنح �أ�صحاب دعوة‬ ‫ال‪  ‬تكره ْ‬
‫الليل‬
‫ف�صل ال�شعر عن احلياة ‪ ،‬حينما انتهى الأمر اليوم �إلى �أن ي�صبح الديوان ال�شعري املن�شور �سلعة كا�سدة‬ ‫ببنَّائني جد ْد؟‬
‫‪ ،‬ت�أتي يف �آخر الئحة املبيعات ‪ ،‬بحيث ال يقدم يف هذه الأيام على ن�رش ال�شعر �إال “�شعراء” هم من يدفع‬
‫ْ‬
‫اخلريف‬ ‫ولو يف‬
‫تكاليف الطبع‪ ،‬فما العمل يا �صديقي ال�شاعر الناقد عبد اللطيف الوراري؟ فهل نذهب بق�صائدنا �إلى‬
‫الذي �سيجيب عن الأ�سئلة‬
‫البحر لنَبُ َّلها ؟ �أم نبلها ونحن يف بيوتنا بدموعنا ثم ن�سكنها �أدراج مكاتبنا؟‬
‫يف انتظار �أن يكف هذا اجلي�ش العرمرم من “املتطفلني” عما اعتادوه من “م�ضايقة “ ال�شعر احلقيقي‬ ‫‪3‬‬ ‫رمبا هو من �سوف نلقى‬
‫وهم يتكلفوه‪ ،‬وما علمهم اهلل ال�شعر وما خلقوا له؟ �إننا لننظر بكل احرتم �إلى قراء ال�شعر يف �أزمنة‬
‫�سابقة‪ ،‬قبل �أن ننظر بكل تقدير �إلى �شعرائنا ال�سابقني‪ .‬لكن كيف ن�ستطيع �أن منيز يف ال�شعر بني ما‬
‫ال�صوت‬
‫ْ‬ ‫قائد‬ ‫امل�ستقيم‬
‫ْ‬ ‫يف الطريق‬
‫كان حقيقياً منه وما كان زائفاً؟ هل تنفعنا ثقافتا النقدية يف الو�صول �إلى التمييز بني الرديء واجليد من‬
‫ال�شعر؟‬ ‫ال�صمت‬
‫ْ‬ ‫يعلمنا‬
‫�إن الرهان املطروح على النقد اليوم هو كيف ي�ستطيع الو�صول بالقارئ �إلى �إدراك جودة ال�شعر ‪،‬‬
‫هو من �سيجيب عن الأ�سئل ْة‬
‫وتبني مظاهر الرداءة بنا ًء على ا�س�س نقدية ومعرفية �صحيحة‪.‬‬
‫فال نلوي ال�شفتني‬
‫فنومن‬
‫ُ‬
‫�إننا نكتب اليوم يف و�سط يحتقر اللغة ‪ ،‬ويحط من �ش�أنها‪ ،‬بل وي�سد الطريق �أمام كل و�سائل‬
‫على الهم�سْ‬
‫‪4‬‬
‫�إ�صالحها‪ ،‬وتعليمها على الوجه ال�صحيح‪ ،‬ومن مظاهر ذلك �أن ت�صدر املذكرات والتوجيهات �إلى‬
‫�أ�ساتذة الأدب ب�إقرار العامية لغة للتدري�س‪ ,‬ومثل هذا الأمر كان مما يخجل منه النا�س قبل زمن قليل‪.‬‬ ‫ن�سع ْد‬
‫اللغة يف محنة لذلك‪ ،‬كان الطبيعي �أن يكون الأدب يف محنة �أي�ضاً ‪ ،‬و�أن ي�صاب ال�شعر من جراء‬ ‫اللهم‬ ‫‪2‬‬
‫ذلك يف ال�صميم‪ ،‬فغاب الذوق الأدبي‪ ،‬وانعدم الإبداع الفني ال�سليم‪.‬‬
‫لقد ارتفعت بيننا �أ�صوات تدعو �إلى اخللط‪ ،‬وجعل كل �شيء �شعراً‪ ،‬حتى النرث نف�سه‪ ،‬فكيف نطلب‬ ‫الطف‪  ‬‬
‫مع هذا �أن ت�ستقيم الر�ؤى ‪ ،‬وتت�ضح املفاهيم وتتميز الأ�شياء‪ ،‬مع ما ي�سود من تغييب لعنا�رص “ال�ضد”‬
‫مبغربنا‪  ‬وبليبيا‬ ‫ْ‬
‫قيل‪:‬‬
‫الذي �أ�صبحنا �أمام من يدافع عن وحدة الأنواع وتداخلها واختالطها ‪ ،‬فماذا ي�ستطيع النقد ‪ ،‬يف قيادة‬
‫الركب الأدبي يف هذا ال�ضباب املعريف ال�شديد؟‬ ‫ف�أنت اللطيف الرحيم‬ ‫زهرة اللوت�س‬
‫‪9‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫مالت في المنفى‬
‫تأ‬
‫(‪)4‬‬ ‫يف �أمريكا ينتهي احللم‬
‫د‪ .‬خالد سليكي‬

‫أنا الخاسر الذي انتصر على هزائمه‪ .‬أنا المنتصر‬ ‫منهمكا في تتبع سيرة جين بولز‪ .‬هل ما أعيشه اآلن‪،‬‬ ‫مررت بالمحطة في الساعة الواحدة والنصف‪ ،‬وأنا‬
‫الذي انهزم أمام كل معادالت الحياة‪.‬‬ ‫ومعي زوجتي التي أرى فيها وجه امرأة مناضلة صلبة‬ ‫في طريقي إلى الجامعة‪ .‬تحدثت قليال مع ديف‪ .‬األخبار‬
‫الساعة تشير إلى الرابعة بعد الزوال‪ .‬ما يزال عقلي‬ ‫وقوية في مواجهة الحياة‪ ،‬فصال من فصول رواية لن‬ ‫تتسارع‪ .‬لم تعد األخبار تأتي باألسابيع أو األيام وإنما‬
‫تنتهي في هذه المحطة‪ ،‬أم نهاية الرواية التي ابتدأتها‬ ‫بالساعات‪ .‬اتصل بي أحدهم يخبرني أن المحطة بيعت‬
‫يشتغل على نفس اإليقاع الذي استيقظت به في الصباح‪،‬‬
‫في أكتوبر قبل تسع سنوات حين جئت باحثا عن عمل‬ ‫ألخوين لبنانيين‪ ،‬مطمئنا إياي أنهما لطيفان ويسهل‬
‫سريعا مضطربا اليرسو على قرار‪ .‬أنتظره إلى أن يتعب‬ ‫التفاهم معهما‪.‬‬
‫مؤقت بعد أن أفلس المحل الذي كنت أعمل فيه سابقا‪.‬‬
‫كي أستطيع محاورته‪ .‬أعرف أنه يشتغل مثل آلة ضخمة‪.‬‬ ‫مرحلة جديدة في حياتي طالما حلمت بها‪ ،‬وكنت أبحث‬ ‫ال يهمني ذلك‪ .‬أحاول أن أبحث عن الطمأنينة في‬
‫يخزن المعطيات ويعالجها كحاسوب عمالق‪ ،‬ليخلص بعد‬ ‫عن السبب‪.‬‬ ‫داخلي من جديد‪ ،‬فأفشل‪.‬‬
‫أيام‪ ،‬أو أسابيع‪ ،‬إلى نتيجة لم أكن أنتظرها‪ .‬هكذا يشتغل‬ ‫مازلت أحلم بالتدريس في الجامعة‪ .‬يتبدد الحلم‬ ‫في لحظات الغموض والالوضوح يلجأ المرء إلى‬
‫العقل دائما‪ ،‬في صمت‪ .‬حين تحس بنفسك تائها‪ ،‬شاردا‪،‬‬ ‫كقطعة سكر في كأس قهوة صباحية‪ .‬أصبح الحلم بال‬ ‫الماضي‪ ،‬باحثا عن بؤر ضوء مشع في ذاكرته‪ ،‬ولو‬
‫وأنت غير قادر على التحكم في تفكيرك وتكون أفكارك‬ ‫معنى‪ ،‬لكن إرادتي الداخلية تمنع السكر من الذوبان‪.‬‬ ‫اقتضى األمر أن يكون ذلك مجرد وهم‪ .‬البد لنا من‬
‫متداخلة‪ ،‬تأكد أن اآللة تشتغل وانتظر منتوجها‪.‬‬ ‫ثمة كيمياء داخلي يخلخل منطق العالم‪ .‬هذا ما أومن‬ ‫مالجئ تحمي مشاعرنا في حاالت التوتر‪.‬‬
‫اقترب شهر يناير من نهايته‪ ،‬وكل ما كنا نخطط له‬ ‫به‪ .‬كل شيء ممكن‪ .‬هذا الدرس الوحيد الذي تعلمته‬ ‫األمطار غزيــرة هذا اليــوم‪ .‬غدا سيكــون يوما‬
‫من قراءاتي للعالم واألدب‪ ،‬أنني أسحق لكنني ال أهزم‪.‬‬ ‫مشمسا‪ .‬علي أن أنتظر حتى يوم غد‪ ،‬فقــد يكـون شعاع‬
‫سار على غير المسار الذي وضعناه‪ .‬دائما كانت الحياة‬
‫على المرء أن يكون مقاوما شرسا ألوهامه حتى يستطيع‬ ‫الضوء حامال ألخبار مطمئنة‪.‬‬
‫معاكسة‪ ،‬وأن��ا مشاغب طائش‪ .‬أحسني متعبا ذهنيا‬ ‫ابتداع واقع يتماشى مع ما يحياه‪.‬‬ ‫لماذا وجدت على هذه الحال‪ .‬لماذا لم أتمكن من‬
‫ولم أعد أحس بالتعب الجسدي‪ .‬وأدرك‪ ،‬اآلن أكثر‪ ،‬أن‬ ‫ال سالم في هذه الحياة‪ .‬حروب النهاية لها‪ .‬معارك‬ ‫ترويض قلبي على احتمال كل الظروف واإلبقاء على‬
‫التعب الذي نعاني منه أنا وزوجتي‪ ،‬هو ألم نفسي دفين‬ ‫هامشية ونحن الخاسر األكبر‪ ،‬رغم كل االنتصارات‬ ‫حال متزنة وهادئة‪ .‬إن العقل يؤمر ويمكنك أن توجهه‬
‫يأتي من طبيعة الضغط والمجهود الذهني والروحي‬ ‫والنياشين التي نعلقها على أكتافنا‪ .‬على من ننتصر في‬ ‫أوتقنعه‪ ،‬لكن يتعذر علينا فعل الشيء ذاته مع القلب‪.‬‬
‫واالقتصادي الذي نبذله كل يوم‪.‬‬ ‫حروب الحياة ونحن نسير نحو نهاياتنا‪.‬‬ ‫هذا ما قرأته لترومان كابوط‪ ،‬قبل أي��ام حين كنت‬
‫‪10‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫ثانوية القاضي عياض بتطوان‬


‫معهد نموذجي للتعليم العمومي‬
‫• د‪ .‬عبد الجبار التهامي العلمي‬ ‫�سرية روائية (‪)3‬‬
‫بي “ لمهيار الديلمي ـ “ فخر” للشريف الرضي ـ “ تعب كلها الحياة “ للمعري ـ “ عيد بأية‬ ‫بعد إتمام الدراسة اإلعدادية بثانوية جابر بن حيان ‪ ،‬تم توجيه الفتى إلى الشعبة‬
‫حال عدت ياعيد “ للمتنبي ـ “ وصف الجبل “ البن خفاجة ‪ ..‬وكان األستاذ اإلدريسي يضع‬ ‫األدبية بثانوية القاضي عياض إحدى قالع التعليم العمومي بشمال المغرب‪ .‬كان يدرِّس‬
‫يدنا على مناطق الجمال الشعري ‪ ،‬وليس فقط على الجانب المضموني‪ .‬وأذكر أنه كان‬ ‫بها ثل ٌة من خيرة األساتذة ‪ ،‬ويقوم باإلشراف اإلداري والتربوي عليها رجال فضالء ‪ ،‬يعرفون‬
‫يحثنا على حفظها‪ .‬وبفضل ذلك ظلت تلك النصوص من محفوظاتنا إلى اآلن‪ .‬وهكذا‬ ‫بالغيرة الوطنية ‪ ،‬ويعملون ـ بكل تفان وروح المسؤولية ـ على حث التالميذ على الجد‬
‫حفظ الفتى عن ظهر قلب كما يقولون قصيدة‪:‬‬ ‫في التحصيل ‪ ،‬واالنضباط في السلوك‪ .‬وقد كانوا قدوة لنا في سلوكنا وحياتنا العمَلية ‪،‬‬
‫عْجبَتْ بي “ لمهيار الديلمي التي شدا بها المطربُ محمد عبدالوهاب في أغنية‬ ‫“أُ ِ‬ ‫يذكرالفتى منهم بكل محبة وتقدير األساتذة‪ :‬أحمد السوسي ـ محمد السوسي البهاوي‬
‫عذبة مازال ينصت إليها عشاق الطرب إلى يوم الناس هذا‪ .‬وهو يدون أبياتها أثناء‬ ‫ـ عبدالهادي الحْسيسن ـ محمد غطيس ـ مصطفى الريسوني‪ ..‬كانت هذه الثانوية‪ ،‬كما‬
‫كتابة هذه السطور من ذاكرته‪ ،‬كأنه حفظها باألمس‪ .‬أليس الحفظ في الصغر كالنقش‬ ‫ذكر الصديق عبدالمون مشبال أحد طلبتها‪ ،‬في مستوی الكلية‪ ،‬سواء علی مستوی جودة‬
‫على الحجر ؟ ‪:‬‬ ‫التعليم أو علی مستوی اإلشعاع الثقافي ‪ .‬وكان من تالميذ هذه الثانوية العتيدة أصدقاء‬
‫�أم �سعـد فم�ضــت ت�سـ�أل بـــي‬ ‫�أعجبت بي بني نـــادي قومــهـا‬ ‫أعزاء يذكر صاحبنا منهم هنا بكل محبة واعتزاز‪ :‬البشير المسري ـ محمد الشيخي ـ نجيب‬
‫�سرها ما علمـــــت من خلقـــــي ف�أرادت علمهــــا ما ح�سبــــــي‬ ‫العوفي ـ عبدالواحد الناصر ـ محمد الناصر ـ محمد البقالي ـ محمد القماص ـ عبدالسالم‬
‫اعليلو ـ إدريس اعفارة وغيرهم ممن لم تسعف الذاكرة الخؤون على تذكرهم‪...‬‬
‫الن�ســب‬
‫ِ‬ ‫ال تخايل ن�سب ًا يخف�ضـــنـــــــي �أنــا من ير�ضيك عند‬
‫أنشطة ثقافية من مستوى رفيع‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وقد عرفت هذه المؤسسة أثناء دراسة الفتى فيها‬
‫ــــب‬ ‫َ‬
‫أبيــــــاتهُ ــم بال�شهُ ِ‬ ‫قومي ا�ستولوا على الدهر فتى وبنـــوا �‬
‫منها على الخصوص إقامة أمسيتين شعريتين باذختين ‪ :‬األولى خصصت للشاعر الكبير‬
‫ُ‬
‫إيــوانــه �أين يف النـــا�س � ٌأب مثـــل ابـــي‬ ‫ِ‬ ‫�ســــرى على �‬
‫َ‬ ‫و�أَبـــــــى ِك‬ ‫نزار قباني ‪ ،‬ويذكر أن الذي تولى تقديم الشاعر إلى الجمهور الغفير من األساتذة‬
‫خري نبـــي‬ ‫الديـن من ِ‬ ‫َ‬ ‫خري � ٍأب وقب ُ‬
‫َ�ست‬ ‫َ‬
‫املجــد مــــن ِ‬ ‫قد َق ُ‬
‫ب�ست‬ ‫والتالميذ والتلميذات الذي امتأل به مسرح الثانوية عن آخره ‪ ،‬هو الصحافي الالمع‬
‫وديـن العــــرب‬‫َ‬ ‫الفـر�س‬
‫ِ‬ ‫ــه �سوددَ‬ ‫أطراف ِ‬‫ِ‬ ‫الفخــــر مـــن �‬
‫َ‬ ‫و�ض ُ‬
‫ممت‬ ‫َ‬ ‫المرحوم مصطفى الصباغ‪ .‬وقد أنشد الشاعر أثناءها مجموعة من قصائده الجميلة‪ ،‬كان‬
‫ويذكر الفتى حين التحق بميدان التربية والتعليم‪ ،‬أن بعض المراقبين التربويين‬ ‫من أحدثها وأروعها قصيدته “ غرناطة “‪ .‬أما األمسية الثانية‪ ،‬فقد كانت للشاعر اإلسالمي‬
‫( المفتشين) كان ينتقد واضعي البرامج ألنها َقررت هذه القصيدة بدعوى أنها قصيدة‬ ‫المعروف بهاء الدين األميري ‪ ،‬وقد أتحف الجمهور بقصيدة إنسانية مؤثرة بعنوان “‬
‫شعوبية‪ ،‬لكن بعـــض متذوقي الشعر من األساتذة‪،‬‬ ‫أب “ ‪ ،‬والمعروف أن هذه القصيدة كانت مثار إعجاب‬
‫كانوا يناقشونه رأيــه‪ ،‬ويبينوا له ما في النص من‬ ‫الكاتب الكبير عباس محمود العقاد‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫جمالية وشعريــة‪ ،‬وهذا ما يركز عليه دارس الشعر‬ ‫هذه التظاهرات الكبيرة التي كان مسرحها ثانويتنا‪،‬‬
‫وملقنيه لتالمذته‪ ،‬فض ً‬ ‫كانت ثمة نشاطات أخرى يقيمها التالميذ خالل السنة‬
‫ال عن أن الشاعر الديلمي يصرح‬
‫تحت إشراف أساتذتهم ‪ ،‬منها إصدار مجالت حائطية‬
‫في قصيدته بفخره بانتمائه إلى الحضارة الفارسية‬ ‫يتنافس في إنجازها تالميذ بعض األقسام ‪ ،‬ويذكر‬
‫وإلى الديــن اإلسالمي‪ ،‬وهذا ما نجده بالملموس‬ ‫صاحبنا أن مجلة قسمه كانت بعنوان شاعري هو “‬
‫في البيتين األخيرين أعـاله‪ .‬كما حفـــظ صاحبنــــا‬ ‫همسات األفنان “ التي أعدها رفقة صديق الطفولة‬
‫األبيات المقررة لقصيدة “ لغيـــر العــال مني القــال‬ ‫البشير المسري والتلميذ الخطاط الماهر عبدالسالم‬
‫والتجنب “ للشريف الرضي ‪ ،‬ومن أبياتها التي مازالت‬ ‫الوليشكي ـ رحمه اهلل ـ وحرر بعض موادها بعض‬
‫عالقة بذهن ذلك الصبي البيتين التاليين ‪:‬‬ ‫زمالئنا المتأدبين‪ .‬وقد سهرنا جميعاً على إخراجها‬
‫القلى وَال َت َج ُّن ُب‬ ‫ري العُ لى ِم ّني ِ‬‫لغ ِ‬‫َ‬ ‫في أجمل حلة‪ .‬كما يذكر من هذه األنشطة الطالبية‬
‫احل ِّب �أَ َ‬ ‫تنظيم سهرات رمضانية تعرض فيها مسرحيات‬
‫رغ ُب‬ ‫و ََلوال العُ لى ما ُك ُ‬
‫نت يف ُ‬
‫اجتماعية كوميدية‪ ،‬كانت إحداها من تأليف الصديق‬
‫ر�ص ًة ما ِا�سترَ َ َّقها‬ ‫مَ َل ُ‬
‫كت ِب ِحلمي ُف َ‬ ‫البشير المسري ‪.‬‬
‫في هذا الجو الثقافي عاش الفتى عامين بهذه‬
‫ني �أَ ْغ َل ُب‬
‫الذراعَ ِ‬ ‫ُ‬
‫فتـــول ِ‬ ‫هر مَ‬ ‫ِم َن َ‬
‫الد ِ‬ ‫الثانوية ـ الشجرة المعطاء التي أعطت أكلها بإذن اهلل‬
‫أما قصيدة أبي العالء المعري الذائعة الصيت في‬ ‫‪ ،‬قبل أن يحصل الفتى فيها على شهادة الباكلوريا في‬
‫رثاء صديقه الفقيه الحنفي أبا حمزة‪.‬‬ ‫السنة الدراسية ‪ 1965‬ـ ‪. 1966‬‬
‫أما األساتذة الذين كان لهم تأثير على مسار حياة‬
‫ومازال الفتى إلى اليوم يحفظ أبياتها المؤثرة‬ ‫الفتى الدراسية في المرحلتين اإلعدادية والثانوية‪،‬‬
‫الداعية إلى تأمل الحياة والموت والمصير اإلنساني‬ ‫فهم األساتذة الفضالء ‪ :‬أحمد اإلدريسي ـ محمد‬
‫في هذا الوجود‪ ،‬ومن هذه األبيات‪:‬‬ ‫السوسي ـ عبدالهادي الحسيسن‪ .‬وسيكتفي الفتى‬
‫ـادي‬ ‫َغيرْ ُ مجُ ْ ٍد فيِ ِم َّل ِتي و ْ‬
‫َاع ِت َق ِ‬ ‫هنا بذكر أثر األستاذ أحمد اإلدريسي ـ رحمه اهلل ـ‬
‫ــــــم َ�ش ِ‬
‫ــــاد‬ ‫َــــــاك َولاَ َت َر ُّن ُ‬
‫ٍ‬ ‫َن ْو ُح ب‬ ‫في حياته الدراسية بتوجيهه وتشجيعه على تنمية‬
‫موهبته األدبية التي ربما لمسها فيه‪.‬‬
‫�ص ْو ُت ال ّ َن ِع ِّي �إِ َذا ِق َ‬
‫يــ�س‬ ‫و ََ�ش ِب ٌ‬
‫يه َ‬ ‫فوجئنا ـ نحن تالميذ السنة الثانية ثانوي ( السلك‬
‫ـــاد‬ ‫يــــر ِفـي ُك ِّ‬
‫ــل َن ِ‬ ‫�ص ْو ِت ا ْلب َِ�ش ِ‬
‫ِب َ‬ ‫األول ) ـ بدخول أستاذ جديد للغة العربية ‪،‬أنيق‬
‫المظهر‪ ،‬وسيم الوجه ‪ ،‬يتميز بعينين خضراوين‪.‬‬
‫***‬
‫قدم من التعليم االبتدائي في إطار عملية االنتداب بعد رحيل األساتذة المصريين فجأة‬
‫ور ِم ْن عَ هْ ِد عَ ِاد؟‬ ‫ــب َف�أَيْ َن ا ْل ُقبُ ُ‬‫الر ْح َ‬‫لُ ُّ‬ ‫ور َنا تمَ ْ َ أ‬‫�ص ِاح َه ِذي ُقبُ ُ‬ ‫َ‬ ‫لظروف سياسية‪ .‬إنه األستاذ العصامي أحمد اإلدريسي اللغوي الحافظ لمتن األلفية‬
‫ـــــاد‬
‫ال ْج َ�س ِ‬ ‫َ‬ ‫�ض ِ�إ اَّل ِم ْن َه ِذ ِه ْ أ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ط َء مَ ـــا �أظ ُّن �أ ِدميَ ْ أ‬
‫ال ْر ِ‬ ‫َخ ِّف ِف ا ْلوَ ْ‬ ‫كـ”الماء” ‪ .‬األديب المتذوق لمختلف فنون القول الذي كان يتميز بذكاء خارق ‪ ،‬وحافظة‬
‫***‬ ‫قوية ( عرف صاحبنا فيما بعد أنه كان يحفظ أشعار صديقه الشاعر أحمد المجاطي عن‬
‫َاغ ٍب فيِ ا ْز ِدي ِ‬
‫َــــاد‬ ‫ــج ُب ِ�إلاَّ ِم ْن ر ِ‬ ‫َــاة َف َمـــا �أَ ْع َ‬ ‫َتعَ ٌب ُك ُّلهَا الحْ َ ي ُ‬ ‫ظهر قلب ) ‪ ،‬كانت دروس النحو التي يلقيها مستشهداً دائما بأبيات من “األلفية” البن‬
‫ور فيِ َ�ساعَ ِة المْ ِ يلاَ ِد‬ ‫ُ‬
‫ـــــــاف ُ�س ُر ٍ‬ ‫ِ�إ َّن ُح ْز ًنا فيِ َ�ساعَ ِة المْ َ ْو ِت �أَ ْ�ضعَ‬ ‫نزهة لغوية مازالت تحتفظ ذاكرة الفتي بأبيات من العديد من القواعد النحوية‬ ‫ً‬ ‫مالك‬
‫أما درس اإلنشاء ‪ ،‬فكان مجا ًال إلبراز المواهب األدبية‪ .‬وفي حصة التصحيح كان‬ ‫مثل المبني للمجهول وأخوات كان وإن والتمييز الذي يقول فيه ابن مالك في منظومته‬
‫يفاجئ أحد التالميذ‪ ،‬فيأمره بقراءة موضوعه‪ .‬وكان ال يبخل عليه بالثناء والتشجيع ‪،‬‬ ‫المفيدة ‪:‬‬
‫تحفيزاً لآلخرين على الكتابة‪ .‬وكان الصبي أحد هؤالء التالميذ الذين يتعرضون لهذه‬ ‫ره‬
‫ف�س ْ‬
‫قد َّ‬ ‫ً‬
‫ن�ص ُب متيزا مبا ْ‬ ‫نكره يُ َ‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫ا�سم مبعنى ِم ْن مبني‬
‫ٌ‬
‫المفاجأة التي كانت تنزل على المرء كالصاعقة‪ ،‬فيقرأ الصبي الخجول‪ ،‬وهو يسمع ضربات‬ ‫ْ‬ ‫تمَ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫وقفيـــز بُ ــــرا وَمَ نـــوَ ِ‬
‫ين عَ َ�ســـــال و ـــــرا‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫أر�ضا‬ ‫َك ِ‬
‫�شرب � ٍ‬
‫قلبه من شدة االنفعال‪ .‬وعندما ينتهي من القراءة‪ ،‬يكون قد تصبَّبُ عرقاً من الخجل‪،‬‬ ‫وكان شرحه لنصوص شعرية جميلة كانت ضمن مقرر المحفوظات متعة فنية ‪،‬‬
‫والسيما حين يأخذ أستاذه في الثناء على موضوعه‪ .‬وكان أستاذنا ال ينسى في كل درس‬ ‫نذوق في حصتها لذة النص األدبي ‪ ،‬كأن أفواهنا الصغيرة تتلذذ بطعم حلوى أو قطعة‬
‫إنشاء ـ رحمه اهلل ـ أن يحضنا على مطالعة الكتب ‪ ،‬ويوجهنا إلى بعضها‪.‬‬ ‫شيكوالطة لذيذة المساغ‪ .‬أذكر من تلك النصوص الشعرية على سبيل المثال ‪ “ :‬أعجبت‬
‫‪11‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫قراءة ال�سرد العربي القدمي‬


‫بني وهم املماثلـــة ومبـــد�إ املغـايــرة‬
‫د‪ .‬عبد الواحد التهامي العلمي‬
‫درا�سة يف بع�ض النماذج (‪)3‬‬
‫توطئة‬
‫يصدر ه��ذا البحث عن مبدإ نظري يقر ب��أن األدب‬
‫مفهوم مرتبط بالتاريخ والمجتمع والثقافة؛ أي أنه يشكل‬
‫معاييره وأعرافه في ارتباطه بحاجيات اإلنسان الجمالية‬
‫واالجتماعية‪ .‬وأن أي إخالل بهذا الشرط‪ ،‬قد ينجم عنه‬
‫إخالل بقواعد قراءة اإلنتاج األدبي واإلنساني في التاريخ‪،‬‬
‫على نحو ما حصل في الثقافة األدبية الحديثة التي أفرزت‬
‫ق��راءات لم تراع مبدأ التمايز الذي يسم اإلب��داع األدبي‬
‫اإلنساني‪ ،‬مما عرض أنواعا أدبية في تراثنا إلى التهوين‪،‬‬
‫لكن التحوالت التي حدثت في تصورات الدارسين العرب‬
‫المحدثين لمفهوم ارتباط األدب وأنواعه وأشكاله بالوعي‬
‫الجمالي السائد في الحقب التاريخية‪ ،‬أعاد لتلك األنواع‬
‫األدبية التراثية قيمتها الجمالية‪.‬‬
‫معيار التعبير عن الذات و تصوير النفس اإلنسانية‬
‫وقد تدان المقامة على أساس معيار جمالي معاصر‬
‫يتمثل في أن األدب الحقيقي الجدير بالتقدير هو األدب‬
‫الذي يتغلغل في تصوير النفس اإلنسانية ويفسح المجال‬
‫للتعبير عن ال��ذات اإلنسانية بوصف وتحليل عواطفها‬
‫ودقائق حركاتها النفسية‪ .‬يقول شوقي ضيف‪”:‬وكأنما‬
‫ألجموا عقولهم وأطلقوا ألسنتهم‪ ،‬فلم يتجهوا بالمقامة‬
‫إلى وصف حوادث النفس وحركاتها‪ ،‬وال إلى اإلفساح للعقل‬
‫كي يعبر عن العواطف ويحللها‪ ،‬وإنما اتجهوا بها إلى ناحية‬
‫لفظية صرفة؛ إذ كان اللفظ فتنة القوم‪ ،‬وكان السجع كل‬
‫ما لفتهم من جمال في اللغة وأساليبها‪ ،‬وكانت ألوان‬
‫البديع كل ما راعهم منها ومن أسرارها‪”.‬‬
‫معيار السرد القصصي الحديث‬
‫لم يكتف أحمد حسن الزيات باستخراج مكونات المقامة‬
‫عند تعريفه لها بقوله إنها “حكاية قصيرة أنيقة األسلوب‬
‫تشتمل عل عظة أو ملحة‪ ”.‬بل آثر أن ينظر إليها في سياق‬
‫أساليب القصة الحديثة؛ يقول‪“ :‬لم تراع[المقامة] قواعد‬
‫الفن القصصي فيما كتب من هذا النوع‪ ،‬فلم يعن كاتبو‬
‫المقامات بتصوير الحكايات وتحليل الشخصيات‪ ،‬وإنما‬
‫صرفوا همهم إلى تحسين اللفظ وتزيينه‪”.‬‬
‫وانتهى محمد يوسف نجم في سياق مقارنته المقامة‬
‫بالقصة الحديثة إلى أن “العنصر القصصي فيها ضعيف‪،‬‬
‫إذ إنها تخلو من أهم مقومات األقصوصة‪ ،‬وهي الحادثة‬
‫الواحدة‪ ،‬الحسية أو الروحية التي ت��دور حولها أعمال‬
‫األشخاص‪ ،‬كما أنها تخلو من الشخصيات القصصية الحية‬
‫التي يعرض لها الكاتب ويحللها ويدرس أجزاء نفسها‪ ،‬كما‬
‫أن أسلوبها المقيد المتكلف يذهب ببقية الحياة الباقية‬
‫فيها‪ ،‬وبوحدة تأثيرها في نفس القارئ”‪.‬‬
‫هذه نتيجة طبيعية لمقارنة جائرة وغير متكافئة؛ وهي‬
‫ال تجوز إال في سياق الرد على من تورط في وهم المطابقة‬
‫بين المقامة والقصة الحديثة‪ ،‬أما توصيف المقامة على‬
‫أساس المقارنة أو المفاضلة‪ ،‬فإنه غير جائز‪ ،‬ويتناقض مع‬
‫التصور الحضاري لألنواع األدبية ومع التصور التاريخي لها؛‬
‫فجميع األنواع واألشكال األدبية هي نتاج سياق جمالي‬
‫مرتبط بفترة تاريخية معينة‪ ،‬كما أنها تتكامل في التعبير‬
‫عن القيم اإلنسانية‪ ،‬وال ينوب بعضها عن بعض‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫النم�سا بعيون كوردية‬ ‫�س�ؤال القدر ‪..‬‬


‫(كو�سينغ) فردو�س �ساحر يف �إقليم‬
‫وفاء التهامي الوزاني‬
‫(بوركني الند) النم�ساوي‬
‫مادام ال بد من القمر‪ ،‬فليكن الكالم سؤاال للقدر‬
‫بدل رفو ـ النمسا‬
‫وليكن ابتداره شاهدا على هول شاءه القدرٌ‪،‬‬
‫كم من الموت يكفي لنحيا‬
‫لربما كان على األرض ان تأكل أنصاف الموتى !‬
‫لتمنح بنيها حياة قزحية‪  ‬‬
‫كيف لألرض أن تكون جالدا‬
‫أبدا ال تهلك األرضُ ذويها !‬
‫وكأن صرختها تبحث عن سؤال يسأل السؤال !!!‬
‫يحدث أن تنتهي بدايات الرجفة بسكينة الرضى !‬
‫ويبقى السؤال كما األلم عالقا‬
‫أيها القدر حنانيك !!‬
‫خذ ما تبقى مني‪ ..‬وانشره سقفا متينا !!‬
‫ال نحب أنصاف الحياة !‬
‫هكذا همهمت طفلة‬
‫تمسكت بظفيرة تبحث في حطام ب َّل َله الدمع ‪ ،‬عن وجه امها الشاحب !‬
‫ّ‬
‫تل ِّوكُ حشيشة كان يعبث بها صدى العويل !‪  ‬‬
‫‪ 1524‬ولكنها تتبع ممتلكات وقف اإلقليم منذ عام ‪.1870‬‬ ‫(كوسينغ)‪..‬مدينة ساحرة تسمى بجوهرة جنوب إقليم‬
‫تعد قلعة (كوسينغ) أحد الرموز التاريخية ونقطة دالة‬ ‫(بوكين الند)‪،‬تقع على تالل ناعمة وم��روج خضراء تحت‬ ‫وحده الصدى ‪ ،‬بوجع كان يلتقط همسها‬
‫للمدينة ومنذ سنوات عديــدة غدت القلعــة من األماكن‬ ‫اقدام وظالل القلعة التاريخية الرائعة ثقافة وتاريخاً وفناً‬
‫(كوسينغ)‪ .‬المناخ المالئم الطيب والمكان الساحر للمدينة‬
‫ُ‬
‫يسائل السماء !‬
‫المحببة والمحبذة لعشاق السفر واالستكشافات وعشاق‬
‫الفن الفوتوغرافي‪ ،‬ومن فوق القلعة بوسع المرء مشاهدة‬ ‫تجعلها من األماكن المحببة والقريبة من النفس ويمكن‬ ‫هل أخبروك يا اهلل !‬
‫دولة المجر عبر بانوراما ساحرة‪.‬‬ ‫العيش فيها وقضاء إجازات وعطل وسفرات سياحية فيها‪.‬‬
‫متحف القلعة جوهرة التاريخ‪..‬‬ ‫تكثر فيها ثقافة مميزة ال سيما بأن هنــاك العديـــد من‬ ‫كيف أقيم العزاء وقد اكتمل العراء !‬
‫متحف القلعة يوثق عدداً كبيراً من المعارض ومجاميع‬ ‫المرافق واألماكن الترفيهية والخدمات السياحية والراحة‬
‫واالستجمام مع الطبيعة والثقافة والفنون‪ ،‬تحتضن العديد‬ ‫ماذا أفعل بكل هذا الموت بقلب صغير‬
‫األسلحة والتحف التي كانت تخص عائلة (باتياني) باالضافة‬
‫إلى الوجبات الشعبية في مطبخ القلعــة واألجواء الجميلة‬ ‫من المعالم الثقافية السياحية مــثل أقــدم قلعة في إقليم‬ ‫وحده الشتات يجرني إلى غد يمأل غبارُه دمي المذهول‬
‫والمناخ المعتدل فيها‪.‬‬ ‫(بوركين الند)‪ ،‬كنيسة مع ضريح القديس (الديس الوس)‪،‬‬
‫متحف القلعة‪ ..‬مجاميع من كنوز الفرسان وتشمل الفن‬ ‫دير الفرانسيسكان مع مقبرة العائلة ومكتبة ثمينة قيمة‪..‬‬ ‫ُ‬
‫المجهول وجهَ غدٍ‬ ‫ويرسم‬
‫والموسيقى والكتب والطبخ والصيد ومجاميع تحف حديدية‬ ‫هذه األشياء جميعاً هي دالئل ووثائق حيــة على االهمية‬
‫الثقافية والتاريخية واإلنسانية لهذه المدينة الساحرة‪.‬‬ ‫يمدُ تجاعيد على وجهي الفتي‬
‫ّ‬
‫وتاريخ القلعة والمحاربين ومجاميع لشخصيات على أشكال‬
‫ألعاب من المعدن‪ .‬يعد متحف القلعة بدوره خزينة فنية‬ ‫تنبض مدينة (كوسينغ) بالثقافة والحياة والفن ومن‬ ‫ها أنا طيف يبحث عن طيفه في التيهان !!‬
‫‪،‬معرض لعائلة(باتياني)‪ ،‬أطباق الخزف‪،‬طاولة بليارد باروكية‪،‬‬ ‫االحتفاليـــات الثقافيـة الرائعــة ‪ :‬صيف (كوسينغ) الثقافي‪،‬‬
‫تحف من الشرق وأشياء أخرى من عصر الباروك والنهضة‪.‬‬ ‫المركز الثقافي‪ ،‬ألعاب القلعة‪ ،‬االحتفالية الموسيقية‪ ،‬هذه‬ ‫يا ترى ‪ ،‬أ تراني يا اهلل وقد تس ّللت لواعج األسى من أنفاسي تسارع‬
‫الطابق الثاني في المتحف صورة واضحة للحياة اليومية في‬ ‫امثلة على االبعاد واالحتفاالت الثقافية والفنية في المدينة‪.‬‬
‫القلعة‪،‬مجاميع تحف الحديد‪ ،‬فلقد تم جمع هذه التحف من‬ ‫يبلغ عدد ساكنة مدينة (كوسينغ) ‪ 3660‬نسمة حسب‬ ‫الد ِويّ صوب قلمك !!أجرُّ قدمي إلى عتبة صبح جريح !!‬
‫النمسا وأكثر الدول األوربية ويمتد تاريخها من القرن الثامن‬ ‫إحصائية عام ‪ 2016‬والمدينة مقر اقامة حاكم مقاطعة‬
‫أبحث في الخراب عنها شجرتي الوحيدة التي كانت تغالب اليباب !‬
‫عشر ولغاية العشرين وهذا القسم نظرة على تنوع مختلف‬ ‫(كوسينغ) التي تضم منذ عام ‪ 2015‬عدة بلدات وقرى‪،‬تاريخ‬
‫مظاهر صهر الحديد وفنه وعمل التحف والقالدات والحلي‪.‬‬ ‫االستيطان والحياة في هذه المدينة مرتبط ارتباطاً وثيقاً‬ ‫عن أعشاش حدثني عصافيرها عما وراء سقفي القشيب‬
‫واما صالة اللوحات الجميلة وهي الصالة الوحيدة للفرسان‬ ‫بوجود القلعة التاريخية الخالدة في قلب المدينة‪.‬ولد في‬
‫وفيها األعمال الفنية ألكثر من ‪ 400‬عام وسياحة عبر ‪4‬‬ ‫هذه المدينة العدد الكبير من الشخصيات التاريخية والفنية‬ ‫عن فراش علمني أسماء األلوان !‬
‫قرون في هذه الصالة وكذلك تحتضن الصالة االحتفاالت‬ ‫والرياضية الذين سجلوا تاريخ النمسا باإلضافة إلى العلماء‬
‫في المناسبات وأما في القبو هناك شخصيات مصنوعة من‬ ‫والمؤرخين‪ .‬تستحق هذه المدينة الزيارة والسياحة فيها‬ ‫أبحث عن ظلها قاسمته باألمس خرافة لم يُكمل حكيَها ‪ ،‬فمً‬
‫المعدن وهي الصور الخاصة للحياة المدنية والعسكرية في‬ ‫في كل الفصول وباألخص فصل الخريــف لعشاق المطبخ‬ ‫جدتي المغدور !‬
‫القرن السابع والثامن عشر‪ .‬بعد الترميمات األخيرة للقلعة‬ ‫(البوركين الندي) حيث نبيذها المشهور وحاناتهم الرائعة‬
‫وكأنها قلعة قبل قرون من دون إحداث تغييرات في شكلها‪.‬‬ ‫في كل ارجاء النمسا وفيها يوجد ‪ 150‬سرداباً لعمل النبيذ‬ ‫حين تفجرت فورة الموت منتشلة جدات وحكايات !‬
‫من عام ‪ 2000‬ولغاية ‪ 2003‬عرضت القلعة معرضاً للكنوز‬ ‫ومنها ‪ 55‬سرداباً مازالت مغطاة وهذه السراديب تعد تاريخ‬
‫الفنية الخاصة من مجاميع قلعة (شالينينغ) وإعارات خاصة‬ ‫المدينة من ناحية تاريخ ثقافة النبيذ والسراديب من عصور‬ ‫ليتها أكملت تفاصيلها‬
‫في ‪ 20‬صالة و‪ 5000‬تحفة من عبق الماضي‪.‬‬ ‫مختلفة ولكل سرداب حكاية وال زالت على شكلها األصلي‬ ‫أعيد ترتيبها حلما‬
‫ه��ن��اك ال��ق��ل��ة م��ن ال�����زوار ي��ص��ع��دون بالمصعد‬ ‫االولي‪ .‬االجواء الخاصة والمعارض والحفالت الموسيقية‬
‫االنحداري(التلفريك) الى القلعة ولكن األغلبية تعشق التمتع‬ ‫ودورات الحرف اليدوية والمهرجانات انعكاسات رائعة لعشق‬ ‫أغافل به هلعي ‪،‬‬
‫بالدرب الرومانسي إلى القلعة‪ ..‬حالها حال القالع فيخطط‬ ‫المدينة والمنطقة لجميع أوجـــه الفنـــون والثقافة والحياة‬
‫الكثيرون اقامة حفالت الزواج واألعراس في القلعة وبطرق‬ ‫واألنشطة ولربط التاريخ القديم بالحديث عبر الفعاليـــات‬ ‫أتوسد الركام‬
‫خاصة واالنسجــام مـع الموقـــع االستثاني للمكان الساحر‪.‬‬ ‫وحتى عبر سراديب النبيذ واألزياء الشعبية‪.‬‬
‫يدثرني العراء علها هجعة تعصمني من سيل الجراح !‬
‫المطعم يهيئ للزوار وجبات الفرسان وتعد وجبات استثنائية‬ ‫صيف(كوسينغ) الثقافي‪..‬تقام فعالياته تحــت إشراف‬
‫أيضا وشهية‪ .‬واما صيف (كوسينغ) الثقافي في القلعة‪ ،‬حيث‬ ‫(فرانك هوفمان) كل عام على المسرح الصيفي في القلعة‬ ‫يا ترى هل أخبروك يا اهلل ؟‬
‫العديد من الفعاليات واالنشطة‪ .‬في مدينة (كوسينغ) يقع‬ ‫وتعرض الكونسيرتات المختلفة في مواقع مختلفة أيضا‪.‬‬
‫مكتب السياحة لتقديم المعلومات واإلرشاد إلى األماكن‬ ‫قلعة (كوسينغ) التي تمنح المنطقة قوة ساحرة وجاذبية منذ‬ ‫كم هو الهب هذا الليل‬
‫الجذابة للزوار واالقامة للسواح ولكن في هذه المدينة‬ ‫فترة طويلة ‪،‬حيث تكونت على مخروط بركاني ومنذ عام‬
‫الفردوس الساحر ستظل قلعة المدينة رمزاً من رموز الجمال‬ ‫‪ 1157‬شيدت قلعة وتعد بأنها أقدم قلعة في اقليم (بوركين‬ ‫كم من الحزن يكفي‬
‫والسحر والفنون ليس في اقليم (بوركين الند) فقط بل في‬ ‫الند) المشهــور بالقالع واألبراج وبعد تغييرات وترميمــات‬ ‫ليطفئ ماؤه كل هذا الجحيم‬
‫كل أنحاء النمسا باعجاب‪!!..‬‬ ‫في القلعة أصحبت ضمن ممتلكات عائلة (باتياني) منذ عام‬
‫كم من ليل يكفي ألروض المنام‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫احلماية الإ�سبانية على �شمال املغرب وجنوبه ‪:‬‬


‫قراءة تاريخيـة وبيبليوغرافيـة �إ�سبانيـة مغربيـة‬
‫‪ -‬الحلقة العاشرة ‪-‬‬
‫المغرب في مرحلة تاريخية كانت وما تزال في حاجة للتنقيب‬ ‫أص��درت مؤسسة عبد الخالق الطريس للتربية والثقافة‬
‫والبحث المعمق لفهم أغوارها وما ترتب عنها من آثار ماضية‬ ‫والعلوم خالل سنة ‪ 2020‬مؤلفا جماعيا تحت عنوان «المقاومة‬
‫وحاضرة وحتى في ما هو قادم إن شاء اهلل‪ .‬من ضمن تلك‬ ‫والحركة الوطنية بشمال المغرب ‪ »1956-1909‬تحت إشراف‬
‫المقاالت تتشرف جريدة الشمال بنشر مقال الدكتور الباحث ياسر‬ ‫لجنة علمية مشكلة من األساتذة عمر المغيبشي ومحمد طارق‬
‫الطريبق الموسوم بعنوان «الحماية اإلسبانية على شمال المغرب‬ ‫حيون والمرحوم بوبكر بنونة وهو اإلصدار الذي ساهم فيه‬
‫وجنوبه‪ -‬قراءة تاريخية وبيبليوغرافية إسبانية مغربية» في‬ ‫مجموعة من الكتاب واألساتذة بمقاالت علمية ركزت على‬
‫شكل حلقات متفرقة معززة بالصور والمراجع‪ ،‬فقراءة ممتعة‪.‬‬ ‫قراءة التراث الثقافي والسياسي واالجتماعي لمنطقة شمال‬
‫• د‪ .‬ياسر الطريبق‬

‫صورة دخول الخليفة موالي إسماعيل بن المهدي للمسجد بتطوان‬ ‫السلطان موالي عبد الحفيظ الذي أبرم معاهدة الحماية مع فرنسا‬

‫القاطنين بالمدينة للقتل‪ ،‬وقتل أكثر منهم من المغاربة في ردة‬ ‫كانت األغالل تلتف حول عنق السلطة المغربية برئاسة موالي‬ ‫في نهاية األمر‪ ،‬سوف تمنح فرنسا للمغرب استقالله سنة‬
‫فعل انتقامية قوية من الجيش الفرنسي‪ .‬هكذا‪ ،‬أصبح للحماية‬ ‫عبد الحفيظ الذي وجد نفسه في موقف الرضوخ لكل الشروط‬ ‫‪1956‬م‪ ،‬بعد مفاوضات «إيكس ليبان» بين السلطة الفرنسية‬
‫الفرنسية على المغرب سند قانوني تعاقدي يلزم األطراف الموقعة‬ ‫الفرنسية أثناء «التفاوض» مع السفير الفرنسي ماسيجلي ريني‬ ‫ولجنة مختارة من طرفها‪ ،‬مشكلة من بعض الوطنيين من‬
‫عليه بتنفيذه وااللتزام بمقتضياته دون أن يكون للشعب المغربي‬ ‫(‪.)Massigli René‬‬ ‫المنطقة السلطانية وآخرين كانت تعتبرهم معتدلين أو موالين‬
‫وقبائله وعلمائه أي إمكانية إللغائه أو حتى مراجعته‪ ،‬فيما اختار‬ ‫لها‪ ،‬فكان األم��ر مفاجئا بالنسبة لإلسبان الذين لم يكونوا‬
‫موالي عبد الحفيظ الذي وضع ختمه عليها باسم المغرب مغادرة‬ ‫حضر ريني إلى فاس وهو يحمل بين يديه نص المعاهدة‪ ،‬وقد‬ ‫مستعدين لمغادرة المغرب‪ ،‬فحاولوا استمالة الوطنيين الشماليين‬
‫البالد والتنحي عن مبايعته سلطانا للمغرب لصالح السلطان‬ ‫أعده مسبقا فلم يكن ينتظر من السلطان المغربي سوى التوقيع‬ ‫لتأجيل خروجهم من المنطقة الخليفية دون أن ينجح األمر‪.‬‬
‫الجديد موالي يوسف بن الحسن (‪1912-‬‬
‫‪1927‬م) مباشرة بعد إبرامها‪ .‬وقد نصت‬ ‫ولعل ما أفشل خطتهم على وجه الخصوص‬
‫تلك المعاهدة التي صدرت بتاريخ ‪ 01‬نونبر‬ ‫هو إق��دام الزعيم عبد الخالق الطريس على دمج‬
‫حزب اإلصالح الوطني بحزب االستقالل دون انتظار‬
‫‪1912‬م في الجريدة الرسمية الفرنسية على‬
‫موافقة أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب اإلص�لاح‬
‫منح صالحيات واسعة للحكومة الفرنسية‬
‫الوطني باألغلبية خوفا من انفصال الشمال عن وسط‬
‫في تدبير المجاالت اإلداري��ة والقضائية‬
‫المغرب‪ ،‬فسمي من حينها بزعيم الوحدة‪ .‬ولئن فقدت‬
‫وال��م��درس��ي��ة واالق��ت��ص��ادي��ة والمالية‬
‫المنطقة الخليفية الكثير من تراثها التاريخي المرتبط‬
‫والعسكرية مع الحفاظ على الوضعية‬ ‫بفترة الحماية منذ االستقالل بسبب انصهارها داخل‬
‫الدينية للسلطان المغربي وحرمته‪...‬‬ ‫الموروث الثقافي للمنطقة السلطانية‪ ،‬فإنه مازال‬
‫بعد توقيع معاهدة الحماية الفرنسية‬ ‫هناك الكثير مما يقال ويكتب حول فترة الحماية‬
‫على المغرب بثمانية أشهر‪ ،‬أي بتاريخ ‪27‬‬ ‫اإلسبانية على شمال المغرب وجنوبه ولما ال االستثمار‬
‫نونبر ‪ ،1912‬أبرمت الحكومة اإلسبانية مع‬ ‫في موروثها الباقي والخاص بها‪.‬‬
‫الجمهورية الفرنسية اتفاقية مدريد التي‬ ‫النظام القانوني والهيكلة اإلدارية للحماية‬
‫ستمنح إلسبانيا نفس السلطات الممنوحة‬ ‫اإلسبانية‪ -‬النظام القانوني للحماية‬
‫لفرنسا بموجب معاهدة فاس في منطقة‬
‫نفوذ خاصة بها تتضمن منطقة الريف‬ ‫حين تم إب��رام الحماية الفرنسية على المغرب‬
‫وجبالة في شمال المغرب ومنطقة طرفاية‬ ‫بموجب معاهدة فاس في بداية القرن العشرين‪ ،‬لم‬
‫في صحرائه الجنوبية‪.‬‬ ‫يكن هناك في العالم ميثاق دولي لحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫كما لم يكن هناك وجود لمنظمة األمم المتحدة‬
‫كما نصت االتفاقية على إحداث منصب‬ ‫التي لم تتأسس إال بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية‬
‫خليفة السلطـان الذي سيمنـــح باتفاق‬ ‫سنة ‪1945‬م‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن العالقات بين الدول كانت‬
‫الطرفين لموالي المهــدي بن إسماعيل‬ ‫تحددها الحروب واالتفاقات والمعاهدات الثنائية‪ ،‬أو‬
‫(‪1923-1913‬م) المعيـــن من طـــرف‬ ‫المتعددة األطراف المبنية على تبادل المصالح (في‬
‫السلطان موالي يوســف بظهير سلطاني‬ ‫صورة لصدر الجريدة الرسمية التي تضمنت معاهدة الحماية الفرنسية على المغرب سنة ‪.1912‬‬ ‫حالة تكافؤ القوة بين هذا الطرف أو ذاك)‪ ،‬أو على‬
‫بتاريخ ‪ 14‬ماي ‪1913‬م‪.‬‬ ‫ممارسة الوصاية (في حالة عدم تكافؤها)‪ .‬وهو ما‬
‫وقع في حالة إخضاع المغرب للحمايتين الفرنسية واإلسبانية‪ ،‬عليها بال شروط‪ ،‬اللهم إلحاحه على مطالبة الفرنسيين بكتمان‬
‫وبعد وفاته سنة ‪1923‬م ظل المنصب شاغـرا إلى غاية‬ ‫بعدما فقدت الدولة سيطرتها على الوضع االقتصادي واستبيحت سر المعاهدة حتى يغادر مدينة فاس التي كانت تعرف غليانا‬
‫أراضيها إثر الهزيمتين التاريخيتين في إيسلي ضد فرنسا وفي شعبيا كبيرا؛ وهو ما تم فعال في الثالثين من مارس ‪1912‬م‪ ،‬يونيو ‪1925‬م التي ستعـرف تنصيب نجلــه موالي الحسن بن‬
‫تطوان ضد إسبانيا‪ ،‬وما تالهما من اتفاقات ومعاهدات أثينا على حيث تمت المصادقة على تلك المعاهدة وتذييلها بختمي كل من المهدي (‪1956-1925‬م) بظهير سلطاني مؤرخ في ‪ 26‬يونيو‬
‫سنة ‪1925‬م‪ ،‬وكانت اتفاقية مدريد التي لم تصدر في الجريدة‬ ‫ريني سفير فرنسا وعبد الحفيظ سلطان المغرب‪.‬‬ ‫ذكر بعضها في فقرة «أصول الحماية»‪.‬‬
‫اإلسبانية إال سنة ‪1918‬م قد قضت في فصلها األول على أن‬
‫غير أن سر التوقيع على معاهدة الحماية سوف ينكشف خليفة السلطان له سلطة التسيير السياسي والمالي والعسكري‬ ‫لقد أصبحت الظروف السياسية ناضجة إلب��رام معاهدة‬
‫الحماية على المغرب عندما اتفقت األطراف األوروبية القوية فيما بضعة أيام بعد ذلك‪ ،‬مما تسبب في وقوع اضطرابات كبيرة والقضائي واإلداري تحت إشراف المقيم العام اإلسباني وبأنه‬
‫بينها‪ ،‬بعد مسلسل طويل من المساومات بين فرنسا وإسبانيا في مدينة فاس إثر خروج األهالي واحتجاجهم بكل عفوية على يتمتع بتفويض عام وشامل من السلطان شريطة أن ال يتعارض‬
‫من جهة‪ ،‬ثم بين فرنسا وألمانيا وإنجلترا من جهة أخرى‪ ،‬بينما احتالل «النصارى» لبالد المغرب‪ .‬كما تعرض عدد من الفرنسيين ذلك مع مصلحة إسبانيا‪.‬‬
‫‪14‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫المجالس البلدية بتطوان على عهد االستقالل‬

‫ـ الحلقــة التاسعــة ـ‬
‫جمال�س تطوان يف �إطار نظام املجموعة احل�ضرية‬
‫عقب انتخابات ‪� 16‬أكتوبر ‪1992‬‬
‫تعتبر المجالس الجماعية من أكثر المؤسسات قرباً من المواطنين والتصاقاً بهمومهم وحاجياتهم اليومية‪ ،‬وهي آلية أساسية لترسيخ الديمقراطية المحلية؛ وكباقي مدن‬
‫المغرب‪ ،‬شهدت مدينة تطوان خالل عهد االستقالل أحد عشر استحقاقاً انتخابياً جماعياً‪ ،‬كان أوله سنة ‪ 1960‬وآخره سنة ‪ .2021‬وأسفرت هذه االستحقاقات عن انتخاب‬
‫‪ 523‬عضواً جماعياً‪ ،‬وتولى رئاسة المجالس المنتخبة ‪ 17‬رئيساً‪ ،‬من بينهم ثالثة رؤساء تولوا رئاسة المجموعة الحضرية لتطوان (‪.)1‬‬
‫وضمن هذه السلسلة‪ ،‬التي تتطرق لكل هذه المجالس المنتخبة‪ ،‬نتعرض في هذه الحلقة لمجالس تطوان الثالثة عقب إجراء انتخابات ‪ 16‬أكتوبر ‪ ،1992‬مباشرة بعد‬
‫د‪ .‬الطيب أجزول‬ ‫المصادقة على دستور سنة ‪ .1992‬وقد أجريت هذه االنتخابات في إطار نظام المجموعة الحضرية الذي قسم المدينة وأحدث مجلس بلدية تطوان األزهر‪ ،‬ومجلس بلدية‬
‫تطوان سيدي المنظري‪ ،‬ومجلس المجموعة الحضرية لتطوان‪.‬‬

‫مدينة تطوان مقسمة إلى جماعتين‪ ،‬سبعة رؤساء الجماعات‪ ،‬وثالثة رؤساء‬ ‫• إجراء االنتخابات الجماعية مباشرة بعد المصادقة‬
‫للمجموعة الحضرية‪ ،‬موزعين على واليتين انتخابيتين‪.‬‬
‫على دستور ‪1992‬‬
‫• مجلس جماعة تطوان األزهر برئاسة عبد السالم‬ ‫مباشرة بعد المصادقة على الدستور الجديد في ‪ 09‬أكتوبر ‪ ،1992‬جرت‬
‫بركة‬ ‫يوم ‪ 16‬أكتوبر ‪ 1992‬االنتخابات الجماعية الحضرية والقروية‪ .‬وقد وصل‬
‫بالنسبة للوالية األولى‪ ،‬التي جرت انتخاباتها الجماعية بتاريخ ‪ 16‬أكتوبر‬ ‫مجموع الجماعات التي أجريت فيها االنتخابات إلى ‪ 1544‬جماعة‪ ،‬بعدما كان‬
‫‪ ،1992‬تداول على تسيير مدينة تطوان‪ ،‬ثالثة رؤساء للجماعات الحضرية‪،‬‬ ‫عددها ‪ 857‬جماعة فقط سنة ‪.1983‬‬
‫ورئيس واحد للمجموعة الحضرية‪.‬‬ ‫ومن بين أسباب ارتفاع عدد الجماعات الحضرية‪ ،‬العمل بنظام المجموعة‬
‫الحضرية الذي كان قد قسم أربعة عشر مدينة مغربية إلى أكثر من جماعة‬
‫فقد تولى رئاسة جماعة تطوان األزهر عبد السالم بركة من حزب االتحاد‬ ‫حضرية‪ .‬وقد وصل مجموع عدد الجماعات الحضرية في المغرب سنة ‪1992‬‬
‫الدستوري‪ ،‬وفي نفس الوقت رئاسة المجموعة الحضرية لتطوان‪ .‬وهو حاصل‬ ‫إلى ‪ 246‬جماعة حضرية‪ ،‬بعد ما كان هذا العدد ال يتجاوز ‪ 66‬جماعة حضرية‬
‫على اإلجازة في الحقوق‪ ،‬وزاول مهنة المحاماة بتطوان‪ .‬وقد انتخب عضواً‬ ‫توزيع المقاعد حسب االنتماء السياسي على صعيد الجماعات الحضرية‪.‬‬
‫خالل أول استحقاق جماعي سنة ‪.1960‬‬
‫برلمانياً‪ ،‬ورئيساً للجنة العدل والشؤون العامة بالبرلمان سنة ‪ .1986‬وابتداء‬
‫من سنة ‪ 1987‬عُين مرتين وزيراً مكلفاً بالعالقة مع البرلمان‪ ،‬كما شغل‬
‫منصب وزير مكلف بشؤون المغرب العربي‪.‬‬

‫توزيع المقاعد حسب االنتماء السياسي على صعيد الجماعات الحضرية والقروية معاً‪.‬‬ ‫تطور عدد الجماعات الحضرية والقروية (‪.)2( )1997-1959‬‬
‫ويتبين من النتائج‪ ،‬أن التوزيع السياسي يختلف حسب الوسط الذي‬ ‫وجاء في جريدة االتحاد االشتراكي‪ ،‬بتاريخ ‪ 28‬شتنبر ‪ ،1992‬أن حزب‬
‫أجريت فيه االنتخابات؛ فعلى سبيل المثال‪ ،‬في الوسط الحضري يأتي االتحاد‬ ‫االستقالل وحزب االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية قد أعلنا من جديد‬
‫عبد السالم بركة‪ ،‬رئيساً ببلدية تطوان األزهر وبالمجموعة الحضرية‪.‬‬
‫االشتراكي للقوت الشعبية في الرتبة الثانية بــ ‪ 953‬منتخباً‪ .‬بينما على صعيد‬ ‫االستمرار بالتشبث باستراتيجية العمل الوحدوي‪ ،‬الهادف إلى تحقيق اإلصالح‬
‫وقد ضم المجلس البلدي لتطوان األزهر ‪ 35‬عضواً‪ ،‬موزعين حسب‬ ‫الجماعات الحضرية والقروية معاً يحل هذا الحزب متأخراً‪ ،‬ويأتي في الرتبة‬ ‫السياسي‪ ،‬ودمقرطة كل مرافق الحياة العامة‪ ،‬باتباع عدة توجيهات‪ ،‬أهمها‪،‬‬
‫التشكيلة المبينة في الجدول المرفق‪.‬‬ ‫الثامنة‪ .‬ولعل جانب مهم من أسباب ذلك‪ ،‬راجع لعواقب التقسيم الترابي‬ ‫الدخول في معركة االنتخابات الجماعية المقررة يوم ‪ 16‬أكتوبر ‪ ،1992‬على‬
‫شكلت نحو ‪ 84‬في المائة‬ ‫للجماعات؛ فالجماعات القروية في هذا التقسيم ّ‬ ‫أساس أن الهدف الرئيسي من خوضها هو العمل قبل كل شيء على تطوير‬
‫من مجموع الجماعات (انظر جدول األول المتعلق بتطور عدد الجماعات‬ ‫وترسيخ الديمقراطية في كل مرافق الحياة‪ ،‬وقطع الطريق على كل القوى‬
‫الحضرية والقروية)‪ ،‬بالرغم من أن عدد السكان في الوسط الحضري يفوق‬ ‫التي تسعى إلى إجهاض مسلسل التحول الديمقراطي السليم‪ ،‬وتمكين‬
‫عدد السكان في الوسط القروي‪.‬‬ ‫المجتمع المغربي من شروط المناعة واالستقرار الضروريين لمعالجة قضية‬
‫التنمية والتطور‪.‬‬
‫• تقسيم المدينة وإح��داث بلدية تطوان األزهر‬
‫وبلدية تطوان سيدي المنظري‬ ‫وقد صرح عبد الرحمان اليوسفي‪ ،‬في أول حوار صحفي منذ توليه‬
‫مسؤولية الكاتب األول لالتحاد االشتراكي‪ ،‬نشرته جريدة االتحاد االشتراكي‬
‫خالل االستحقاقات االنتخابية الخمسة األول��ى كانت مدينة تطوان‬ ‫بتاريخ ‪ 1‬أكتوبر ‪ ،1992‬أن مشاركة االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية في‬
‫موحدة وبها جماعة واحدة ومجلس بلدي واحد‪ .‬وبنا ًء على المرسوم رقم‬ ‫االنتخابات الجماعية ليست اختياراً ظرفياً‪ ،‬بل هو اختيار يرتبط باالستراتيجية‬
‫‪ 2.92.468‬الصادر في ‪ 30‬يونيو ‪ ،1992‬الذي يحدد قائمة الدوائر والقيادات‬ ‫األساسية للحزب التي تبناها المؤتمر االستثنائي في سنة ‪ 1975‬والتي تقرر‬
‫والجماعات الحضرية والقروية بالمملكة وعدد األعضاء الواجب انتخابهم‬ ‫بموجبها خوض المعركة من أجل دمقرطة بالدنا‪.‬‬
‫في مجلس كل جماعة (‪ ،)3‬تم تقسيم المدينة إلى جماعتين اثنتين بهما‬
‫بلديتان‪ :‬بلدية تطوان األزهر‪ ،‬وبلدية تطوان سيدي المنظري‪ ،‬كما تم العمل‬ ‫وقد أثار القانون االنتخابي خالفاً بين األغلبية الحكومية‪ ،‬والمعارضة‬
‫بنظام المجموعة الحضرية‪.‬‬ ‫السياسية‪ ،‬بسبب نمط االقتراع‪ ،‬فالمعارضة كانت تطالب بتطبيق نمط‬
‫االقتراع العام بالالئحة‪ ،‬عوض االقتراع الفردي‪ .‬كما طالبـــت المعارضــة‬
‫وهكذا‪ ،‬وخالل االنتخابات الجماعية ليوم ‪ 09‬أكتوبر ‪ ،1992‬وجب تشكيل‬ ‫بتخفيض سن التصويت إلى ‪ 18‬سنة‪ ،‬وسن الترشيح إلى ‪ 21‬سنة‪ ،‬وكذا‬
‫المجلس البلدي لجماعة األزهر الذي يضم ‪ 35‬عضواً‪ ،‬والمجلس البلدي‬ ‫ضرورة استعمال وسائل اإلعالم الوطنية في الحملة االنتخابية؛ من إذاعة‪،‬‬
‫تشكيلة المجلس البلدي لتطوان األزهر‪ ،‬برئاسة عبد السالم بركة (‪.)4‬‬ ‫لجماعة سيدي المنظري الذي يضم أيضاً ‪ 35‬عضواً‪ ،‬باإلضافة إلى تشكيل‬ ‫وتلفزة‪ ،‬على قدم المساواة‪.‬‬
‫وقد كان عبد السالم بركة يجمع بين رئاسة مجلس جماعة تطوان األزهر‬ ‫مجلس المجموعة الحضرية لمدينة تطوان‪ .‬وقد استمر هذا التقسيم في‬
‫المدينة حتى في االنتخابات الجماعية التي أجريت سنة ‪ ،1997‬ولم تسترجع‬ ‫وجاء في جريدة الصحراء‪ ،‬بناريخ ‪ 18‬أكتوبر ‪ ،1992‬أن وزارة الداخلية‬
‫ورئاسة مكتب المجموعة الحضرية‪ ،‬باإلضافة لمهامه الوطنية‪ ،‬البرلمانية‬ ‫أعلنت أن نسبة المشاركة في هذه االنتخابات وصلت إلى ‪ 74.71‬في المائة‪.‬‬
‫والوزارية؛ وكان نوابه هم من يتو ّلون‪ ،‬في أغلب األحيان‪ ،‬مهامه‬ ‫المدينة وحدتها إال أثناء االنتخابات الجماعية لسنة ‪.2003‬‬
‫ونشرت الجريدة نفسها‪ ،‬ليوم ‪ 23‬أكتوبر ‪ ،1992‬النتائج المرفقة لهذه‬
‫المحلية بتطوان‪.‬‬ ‫وقد تداول على تسيير مدينة تطوان‪ ،‬خالل الفترة التي كانت فيها‬ ‫االنتخابات‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫على الصعيد المحلي والوطني (‪ .)9‬كما ورد‪ ،‬في نفس المحضر‪ ،‬قرار بفتح‬
‫اعتماد بمبلغ ‪ 170.000‬درهم بالميزانية االنتقالية ‪ ،96/97‬وتخصيصه‬
‫للمساهمة في ملتقى المذكور‪ .‬وقد تمت اإلشارة كذلك في هذا المحضر إلى‬
‫أن المجموعة الحضرية كانت قد ساهمت في ملتقى تطوان السينمائي لسنة‬
‫‪ 1995‬بملغ ‪ 572.739‬درهم (‪.)9‬‬
‫وكانت قد بدأت أنشطة جمعية أصدقاء السينما بتطوان سنة ‪.1985‬‬
‫وآخر ملتقى نظمته الجمعية‪ ،‬هو «مهرجان تطوان لسينما البحر األبيض‬
‫المتوسط» في دورته ‪ ،28‬ما بين ‪ 03‬و‪ 10‬مارس ‪.)10( 2023‬‬
‫عبد السالم أخماش‪ ،‬رئيس بلدية تطوان سيدي المنظري بد ًال عن أحمد اإلدريسي‪.‬‬ ‫محمد العلوي الذي كان في أغلب األحيان ينوب عن الرئيس في مهامه ببلدية األزهر‪.‬‬

‫وقد تم هذا التغير في رئاسة جماعة سيدي المنظري بناء على الفصل‬ ‫وفيما بعد‪ ،‬انتبه المشرع لمثل هذه اإلشكالية‪ ،‬فأدخل التغييرات على‬
‫‪ 7‬من القانون التنظيمي لسنة ‪ ،1976‬المتعلق بإقالة الرئيس‪ .‬وللتذكير‪،‬‬ ‫بعض النصوص القانونية‪ ،‬ووضع بعض حاالت التنافي‪ ،‬قصد الحد من هذا‬
‫فإن هذا الفصل ينص على أنه يمكن إقالة الرئيس من مهامه بقرار يصادق‬ ‫التعدد في المهام‪ ،‬نظراً لصعوبة التوفيق بين االنتداب النيابي‪ ،‬واإلكراهات‬
‫المرتبطة بمسؤولية رئاسة الجماعات الكبری التي تقتضي من الرئيس‬
‫عليه ثلثا األعضاء المزاولين مهامهم في حظيرة المجلس‪ .‬وتترتب عن هذه‬ ‫التفرغ الكامل لتدبير شؤون الجماعة في أحسن الظروف‪.‬‬
‫اإلقالة‪ ،‬التي يعمل بها بمجرد إعالن السلطة المحلية عن استالم المقرر‪ ،‬إقالة‬
‫مساعديه‪ .‬وال يمكن إقالة رئيس المجلس إال بعد انصرام أجل سنتين يبتدئ‬ ‫• مجلس جماعة تطوان سيدي المنظري برئاسة‬
‫من تاريخ انتخابه النهائي‪.‬‬ ‫أحمد اإلدريسي‬
‫وكما سنرى في الحلقات القادمة‪ ،‬فإن هذا الفصل ‪ 7‬سيتم حذفه فيما‬ ‫تولى رئاسة جماعة سيدي المنظري أحمد االدريسي‪ ،‬وهو ال منتم‪ ،‬حاصل‬
‫بعد من القانون التنظيمي‪ ،‬وذلك بسبب كثرة تطبيقه بطريقة متكررة‬ ‫على دكتوراه الدولة في األدب العربي من كلية اآلداب بجامعة القاهرة‪ ،‬وقد‬
‫وعشوائية‪ ،‬ألحقت عدم االستقرار بعدد من المجالس البلدية‪ ،‬وتم التخلص‬ ‫تدرج في جميع أسالك التعليم‪ .‬وباإلضافة لرئاسة بلدية سيدي المنظري‪،‬‬
‫فقد تقلد كذلك رئاسة المجلس اإلقليمي‪.‬‬
‫من عدد كبير من رؤساء المجالس في عدد من الجماعات‪ ،‬من بينها جماعات‬
‫تطوان‪ .‬فبعد اإلقالة السالفة الذكر التي شهدتها جماعة تطوان سيدي‬
‫الملتقى السينمائي‪ ،‬وقد أصبح يحمل اسم «مهرجان تطوان‬ ‫المنظري خالل هذه الوالية االنتخابية‪ ،‬فإن نفس الجماعة ستشهد إقالتين‬
‫لسينما البحر األبيض المتوسط»‪.‬‬
‫متتاليتين خالل الوالية االنتخاب ‪ ،2003-1997‬كما أن مجلس المجموعة‬
‫الحضرية لتطوان لنفس الوالية سيشهد بدوره إقالة رئيسه‪.‬‬
‫• الهوامش والمراجع‬
‫• صعوبة االطالع على أهم المشاريع المنجزة في‬
‫(‪ )1‬لمزيد من المعلومات‪ ،‬انظر كتابنا‪« :‬تاريخ المجالس البلدية‬
‫والقروية بشمال المغرب‪ :‬مجالس مدينة تطوان نموذجا (‪،»)2023-1860‬‬
‫عهد هذه المجالس‬
‫منشورات باب الحكمة ‪.2023‬‬ ‫لم يتسن لنا‪ ،‬خالل هذه الوالية االنتخابية‪ ،‬االطالع على أهم المشاريع‬
‫الكبرى التي شهدتها مدينة تطوان خالل هذه الفترة (‪ ،)7‬نظراً لخلو أرشيف‬
‫(‪« )2‬الجماعات المحلية بالمغرب»‪ ،‬المناظرة الوطنية السابعة‬ ‫جماعة تطوان من محاضر اجتماعات مجلس المجموعة الحضرية لهذه‬
‫للجماعات المحلية‪ ،‬الدار البيضاء ‪ 21-20-19‬أكتوبر ‪ ،1998‬ص ‪.14‬‬ ‫الوالية االنتخابية‪ ،‬ما عدا بعض المحاضر برسم سنة ‪ ،1997‬من بينها‪،‬‬ ‫أحمد االدريسي‪ ،‬رئيس بلدية تطوان سيدي المنظري‪.‬‬
‫(‪« )3‬التقسيم اإلداري للمملكة»‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4157‬بتاريخ‬ ‫محضر دورة ماي االستثنائية التي خُصصت لطلب قرض للمساهمة في‬ ‫وقد ضم المجلس البلدي لتطوان سيدي المنظري ‪ 35‬عضواً‪ ،‬موزعين‬
‫فاتح يوليوز ‪ ،1992‬ص ‪.764‬‬ ‫تسديد متأخرات الديون المتعلقة بمشروع التنمية الحضرية درسة سمسة‪.‬‬ ‫حسب التشكيلة المرفقة‪.‬‬
‫وبخصوص هذا الموضوع‪ ،‬ذكر رئيس المجموعة الحضرية أن هذا المشروع‬
‫(‪ )4‬محضر اجتماع المجلس البلدي لتطوان األزه��ر‪ ،‬خالل الدورة‬
‫قد انطلق على صعيد بلدية تطوان األم منذ سنة ‪ ،1987‬وبعد التقسيم‬
‫االستثنائية ليوم ‪ 21‬دجنبر ‪.1992‬‬
‫الجماعي لسنة ‪ ،1992‬ظلت بلدية تطوان األزهر هي المتحملة لتبعات هذا‬
‫(‪ )5‬محضر اجتماع المجلس البلدي لتطوان سيدي المنظري خالل‬ ‫المشروع من مستحقات صندوق التجهيز الجماعي‪ ،‬في حين المالحظ أن‬
‫الدورة االستثنائية ليوم ‪ 24‬دجنبر ‪.1992‬‬ ‫هذا المشروع تستفيد منه المدينة ككل‪ .‬وأضاف أن األمر هنا يتعلق بدعم‬
‫(‪ )6‬محضر اجتماع مجلس المجموعة الحضرية لتطوان‪ ،‬خالل الدورة‬ ‫المجموعة الحضرية لمشروع يعتبر مشروعا نموذجيا بالنسبة للقارة اإلفريقية‬
‫االستثنائية ليوم ‪ 10‬يناير ‪.1997‬‬ ‫بصفة عامة (‪ .)8‬ويتبين من المعطيات الواردة في المذكرة التقديمية أن هذا‬
‫المشروع كان في مرحلته األخيرة‪ ،‬كما يبين ذلك الجدول المرفق‪.‬‬
‫(‪ )7‬كانت المصادقة على المقررات المتعلقة بأهم المشاريع الكبرى‬
‫بالمدينة تتم من قبل مجلس المجموعة الحضرية‪ ،‬وذلك طول الفترة التي‬
‫كانت فيها المدينة مقسمة إلى بلديتين‪ :‬بلدية األزه��ر‪ ،‬وبلدية سيدي‬
‫المنظري‪.‬‬
‫(‪ )8‬محضر اجتماع مجلس المجموعة الحضرية لتطوان‪ ،‬خالل الدورة‬
‫االستثنائية ليوم ‪ 19‬ماي ‪.1997‬‬
‫(‪ )9‬محضر اجتماع مجلس المجموعة الحضرية لتطوان‪ ،‬خالل دورة‬
‫فبراير ‪.1997‬‬ ‫تشكيلة المجلس البلدي لتطوان سيدي المنظري‪ ،‬برئاسة أحمد اإلدريسي (‪.)5‬‬

‫(‪ )10‬انظر‪.https://festivaltetouan.org :‬‬ ‫• مجلس المجموعة الحضريــة لتطــوان برئاسـة‬


‫عبد السالم بركــة‬
‫تولى رئاسة مجلس المجموعة الحضرية لتطوان عبد السالم بركة‪.‬‬
‫وضم مجلس المجموعة الحضرية لتطوان ‪ 14‬شخصاً‪ ،‬موزعين حسب‬
‫التشكيلة المبينة في الجدول المرفق‪.‬‬

‫نسبة اإلنجاز األشغال في مشروع درسة سمسة سنة ‪.)8( 1997‬‬

‫وقد صادق مجلس المجموعة الحضرية لتطوان باإلجماع على طلب‬


‫قرض من صندوق تجهيز الجماعات المحلية بمبلغ ستين مليون درهم‬
‫وتخصيصه للمساهمة في تنشيط وإتمام األشغال بالمشروع وتسديد جميع‬
‫المتأخرات المتعلقة بالديون إزاء صندوق تجهيز الجماعات المحلية التي لم‬
‫يتم تسديدها بعد (‪.)8‬‬
‫ومعلوم أنه ابتداء من سنة ‪ 1995‬كان قد تم إيقاف استخالص المبالغ‬ ‫تشكيلة مجلس المجموعة الحضرية لتطوان‪ ،‬برئاسة عبد السالم بركة (‪.)6‬‬
‫المالية الخاصة بمساهمة السكان في أشغال التجهيز‪ ،‬الشيء الذي أدى‬
‫إلى اختالل مالي‪ ،‬وعدم استكمال أشغال التجهيز‪ ،‬وإلى عدم أداء مستحقات‬ ‫• تغيير في رئاسة بلدية سيدي المنظري‬
‫المقاولين‪ ،‬وتوقف أداء مستحقات صندوق التجهيز الجماعي الذي منح‬ ‫عرفت هذه الوالية االنتخابية صراعاً أدى إلى تغيير رئيس جماعة سيدي‬
‫للجماعة قرضاً إلنجاز هذا المشروع‪ .‬وقد استمر هذا الخلل المالي إلى غاية‬ ‫المنظري‪ ،‬أحمد اإلدريسي؛ حيث تولى عبد السالم أخماش رئاسة هذه‬
‫سنة ‪ ،2005‬حينما قررت وزارة الداخلية إلغاء الديون المالية الخاصة بهذا‬ ‫الجماعة‪.‬‬
‫المشروع‪.‬‬ ‫وكان أخماش‪ ،‬في هذه الوالية االنتخابية‪ ،‬يشغل منصب المساعد الثاني‬
‫ومن بين المحاضر التي استطعنا كذلك العثور عليها‪ ،‬محضر دورة فبراير‬ ‫لرئيس بلدية تطوان سيدي المنظري‪ ،‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬كان هو المقرر‬
‫لنفس سنة ‪ ،1997‬الذي ورد فيه مصادقة مجلس المجموعة الحضرية على‬ ‫العام للميزانية بمجلس المجموعة الحضرية لتطوان‪ .‬وفي واليات انتخابية‬
‫مشروع التعاقد الثقافي المتعلق بملتقى تطوان السينمائي المبرم بين‬ ‫الحقة أعيد انتخابه عضواً ببلدية سيدي المنظري سنة ‪ ،1997‬كما شغل‬
‫المجموعة الحضرية لتطوان وجمعية أصدقاء السينما بتطوان‪ ،‬بشأن ملتقى‬ ‫منصب النائب الثاني لرئيس المجلس البلدي لتطوان سنة ‪ .2003‬وأخيراً‪،‬‬
‫سنة ‪ ،1997‬والذي كان يهدف إلى تحقيق تنمية ثقافية وصحافية وسياحية‬ ‫شغل منصب النائب الرابع لرئيس المجلس البلدي لتطوان سنة ‪ .2009‬وفي‬
‫المدينة العتيقة لتطوان كانت تابعة لبلدية تطوان سيدي المنظري‪.‬‬ ‫المجال البرلماني انتخب نائباً برلمانياً لفترة ‪.2007 – 2002‬‬
‫‪16‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫وقفة مع فصل الشتاء‬


‫• دة‪ .‬زينب البلغيثي‬

‫والنشاط في كياني‪ ،‬هي األلم والسرور‪ ،‬عندما تخضر من جديد الورقة‪ ،‬عندما تنبت‬ ‫ذاك صيف صرف عنا بما فيه‪ ،‬وهذا شتاء يحل علينا بما لديه‪ ،‬ونحن مع زماننا كطرف‬
‫الثمرة‪ ،‬تُمحى من الذاكرة سفعة البرد وجلجلة الشتاء‪.‬‬ ‫عش‪ .‬تتقاذفنا الفصول كما تشاء‪ ،‬ولنا في كل مرة فيها هوى من األهواء‪.‬‬
‫وتحت عنوان إال وسيلة للتدفئة سوى أن أحبك قال الشاعر نزار قباني ‪:‬‬ ‫عصر شتاء‪ ،‬وعصر قيظ وعيد فطر‪ ،‬وعيد نحر ويوم نعمى‪ ،‬ويوم بؤس ونحنُ في‬
‫خُدعة وسحر كأننا والزمان يمضي ركب سفين بلج بحر قال أمل دنقل‪ :‬يا عصافير الشتاء‬
‫«وأنا أيضاً أريد أن أكون في عشقي شتائياً‪ ،‬وانقالبياً‪ ،‬وعاصفاً فمع امرأة استثنائية‬
‫ال تلوميني‪ ،‬إذا الطوفان جاء‪ .‬تختلف أمزجة الناس خاصة الكتاب واألدباء حسب درجات‬
‫مثلك‪ ،‬ال يمكنني إال أن أكون استثنائياً ومع عاشقة مجنونة مثلك‪ ،‬ال يمكنني أن أبقى‬
‫الحرارة‪ ،‬فهناك من يفضل الربيع بأزهاره ونسيمه العليل‪ ،‬وهناك من يفضل الصيف‬
‫مُحارباً على أرض منزوعة السالح ال يقلقني الثلج‪ ،‬وال يُزعجني حصارُ الصقيع‪ ،‬فأنا‬ ‫براحته وأسفاره‪ ،‬وهناك من يفضل الخريف باعتدال جوه‪ ،‬أما فصل الشتاء فقد ثبت وجود‬
‫أقاومه؛ حيناً بالشعر‪ ،‬وحيناً بالحب‪ ،‬فليس عندي وسيلة أخرى للتدفئة‪ ،‬سوى أن أحبك أو‬ ‫اختالف بين المبدعين واألدباء حوله إذ يعبر بعضهم عن كرههم له ويعتبرونه فصل‬
‫أكتب لك قصيدة حب»‪.‬‬ ‫الموت والكآبة‪ ،‬ويرى البعض اآلخر أنه فصل الدفء والحب والتعايش والسالم الداخلي‬
‫هكذا عبر اآلخرون عن آرائهم في وصف فصل الشتاء‪ ،‬فكيف أعبر عن شتائي؟‬ ‫في وقفة تأملية لقطراته المنسابة بين ثنايا الزجاج‪ ،‬يقول الكاتب الصحفي فكري أباظة‪:‬‬
‫الحب مفقود بيني وبين الشتاء‪ ،‬إنه مغرم باألذى‪ ،‬ليس فيه سوى ثقل الثياب ودسم‬
‫إن الوقت ليل والشتاء بال قمر‪ ،‬نشتاق في سأم الشتاء شعاع دفء حولنا‪ ،‬نشتاق‬
‫الطعام وغلق األبواب والشبابيك والقرفصة على السراير ويوافقه الرأي األديب الشاعر‬
‫قنديال يُسامر ليلنا‪ ،‬نشتاق من يحكي لنا من ال يمل حديثنا‪ ،‬نحتاج أغنية تنساب فتمحو‬
‫صالح عبد الصبور إذ عبر عن كرهه لفصل الشتاء ألنه يشعره بالوحدة ويخاف منه‬
‫ما تراكم من هوان زماننا‪ ،‬نشتاق مدفأة تلملم ما تناثر من فتات عظامنا‪ ،‬نود رفقة‬ ‫فيقول‪ :‬يُنبئني شتاء هذا العام أنني أموت وحدي‪ ...‬ينبئني أن داخلي مرتجف بردا وأن‬
‫مُهجةٍ تحنو علينا إن تكاسل في شحوب العمر يوما نبضنا‪ ،‬نشتاق صدراً يحتوينا كلما‬ ‫قلبي ميت مثل الخريف‪ ،‬ذبل داخلي حين تساقطت أول أوراق الشجر‪ ،‬ثم هوى حين هوت‬
‫عصفت بنا أيدي الشتاء وشردت أحالمنا‪ .‬يحمل الشعر في جعبته إكسير المجاز‪ ،‬كذلك‬ ‫أول قطرة مطر‪ ،‬وأن كل ليلة باردة تزيده بعدا في باطن الحجر‪ .‬أما نجيب محفوظ فله‬
‫يحمل الشتاء في لياليه ألوانا مختلفة‪ ،‬ففي زحام شتاءات الشعراء واألدباء والكتاب كيف‬ ‫رأي آخر يخالف ما كتبه اآلخرون فقال‪ :‬أحب الشتاء وأشعر بنشاط فيه‪ ،‬وأفضل المشي‬
‫ستغبر عن شتائك الخاص؟‪.‬‬ ‫الكثير فيه بعيدا عن حرارة الشمس الحارقة‪ ،‬فبمجرد خروجي من منزلي تدب الحركة‬

‫جديدة‬
‫إصداراتجديدة‬
‫إصدارات‬
‫‪17‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫�أفق جديد للدرا�سات والأبحاث‬


‫جمال المحافظ‬
‫حول العمل الربملاين‬

‫تنتظم فيها عالقة البرلمان بحقوق اإلنسان‪ ،‬كما حرص أال يحصر موضوع بحثه في الجوانب المرجعية‬ ‫يبدو أن الجائزة الوطنية للدراسات واألبحاث حول العمل البرلماني‪ ،‬وإن كانت قد بلغت دورتها‬
‫والنظرية والمجردة‪ ،‬على أهميتها‪ ،‬ولكن حرص أيضا أن يقدم منجز البرلمان المغربي بمجلسيه في هذا‬ ‫الثالثة هذه السنة‪ ،‬وفتحت بذلك أفقا جديدا‪ ،‬فإنها تستلزم العمل على إحاطة الفعل البرلماني بالمعرفة‬
‫المجال‪ ،‬وذلك بالتركيز على حصيلة الوالية التشريعية المنصرمة‪.‬‬ ‫العلمية واألكاديمية الرصينة‪ ،‬من أجل تجويد أساليب وإجراءات الممارسة البرلمانية بالشكل الذي تصبح‬
‫معه المعرفة مواكبة لهذا للعمل البرلماني‪ ،‬كما جاء في كلمة ألقاها رئيس مجلس النواب‪ ،‬رشيد الطالبي‬
‫أهمية الحياة البرلمانية‬ ‫العلمي‪ ،‬أمس الجمعة خالل حفل تسليم الجائزة التي نظمها المجلس ‪.‬‬
‫عالوة على تعميم الفائدة‪ ،‬أبرز أن الهدف األساسي من بحثه‪ ،‬يتمثل في المساهمة في الترافع عن‬ ‫وإذا كان تحقيق نجاعة العمل البرلماني كأحد القواعد الدستورية (الفصل ‪ 69‬من الدستور)‪ ،‬فإن مبادرة‬
‫مجلس النواب احداث «المركز البرلماني لألبحاث والدراسات»‪ ،‬كبنية إدارية مهمتها مواكبة المجلس‬
‫أهمية وجدوى وضرورة الحياة البرلمانية‪ ،‬على الرغم من كل المالحظات النقدية البناءة والهدامة والصحيحة‬
‫ودعم جميع مكوناته‪ ،‬من شأنها أن تساهم في انفتاح المؤسسة البرلمانية على محيط البحث العلمي‬
‫والباطلة التي تثار بين الفينة واألخرى هنا وهناك‪ ،‬وبروز بعض األطروحات التي تنعي الديمقراطية التمثيلية‬ ‫خاصة الجامعة من أجل عقلنة الممارسة التشريعية‪ ،‬وتطوير األداء البرلماني‪ ،‬تكريسا النفتاح المجلس على‬
‫وتصرح بأنها في حالة احتضار أو موت اكلينيكي «سريري»‪.‬‬ ‫المحيط العلمي واألكاديمي‪.‬‬
‫وبعدما عبر عن اقتناعه بأن الديمقراطية البرلمانية هي النظام الذي يمكن من تصحيح األعطاب بما‬
‫في ذلك أعطىابه ونواقصه الذاتية‪ ،‬ألنه نظام قابل للتجديد والتطوير والمراجعة بشكل دائم ومستمر‪،‬‬
‫التكامل بين السياسي واألكاديمي‬
‫اعتبر الحنوشي‪ ،‬بأن إمكانيات تحسين وتطوير وتجويد األداء البرلماني عموما‪ ،‬وفي مجال حقوق اإلنسان‬ ‫وفي هذا الصدد لفت الطالبي العلمي االنتباه الى عدد من المبادرات التي اتخذها مجلس النواب‬
‫منها تشجيع األبحاث والدراسات التي تعنى بالعمل البرلماني‪ ،‬والتشجيع أيضا على خلق مسالك للتكوين‬
‫تحديدا ال زالت مفتوحة ومتنوعة‪.‬‬ ‫ومختبرات للبحث في هذا الحقل العلمي الذي أصبح يعرف تطورا كبيرا فضال عن حرص المجلس على إشراك‬
‫أساتذة باحثين وخبراء في العديد من األنشطة العلمية التي ينظمها المجلس‪ ،‬لتحقيق التكامل بين الفاعل‬
‫إعمال االجتهاد‬
‫والمسؤول السياسي من جهة‪ ،‬والباحث العلمي واألكاديمي المتخصص من جهة ثانية‪ ،‬لجعل التشريعات‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬قال أنه سعي في كتابه أال يقف عند الوصف والتحليل والنقد‪ ،‬بل سعي أيضا إلى تقديم‬ ‫والسياسات أكثر استجابة للحاجيات المعبر عنها من قبل المواطنين‪.‬‬
‫بعض المقترحات التي قد تساهم في هذا الجهد المطلوب للتطوير‪ ،‬ولعل أهمها مأسسة تكفل البرلمان‬
‫بحقوق اإلنسان وضمان النجاعة والديمومة واإلعمال المستمر لالجتهاد في هذا المجال‪ ،‬وهذا األمر في‬ ‫تشجيع البحث في العمل البرلماني‬
‫نظري أمر مقدور عليه بحكم التراكمات والممارسات الفضلى التي تسجل لمجلسي البرلمان المغربي‪.‬‬ ‫تهدف الجائزة الوطنية للدراسات واألبحاث حول العمل البرلماني‪ ،‬التي تمنح طبقا لمقتضيات المادة‬
‫‪ 350‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪ ،‬إلى تشجيع األبحاث العلمية المتميزة المتعلقة بالعمل البرلماني‪،‬‬
‫وأكد أن هذه الجائزة ليست مجرد مكافئة لشخصي المتواضع‪ ،‬بقدر ما هي باألساس‪ ،‬تتويج وتحفيز‬ ‫سواء كانت عبارة عن أطروحة لنيل الدكتوراه تمت مناقشتها‪ ،‬أو عبارة عن كتاب منشور‪.‬‬
‫لجهود كل الكفاءات المجتهدة والمثابرة التي تزخر بها المؤسسة البرلمانية‪ ،‬معربا األمل في أن يتواصل‬
‫و فاز الفاعل الحقوقي والجمعوي عبد الرزاق الحنوشي االطار بمجلس النواب‪ ،‬بالجائزة التقديرية الخاصة‬
‫ويتعزز البحث المواكب للعمل البرلماني للمساهمة في الرقي المستمر بأدائنا وتحصين وتوطيد مكتسباتنا‪.‬‬ ‫بالمؤلفات المنشورة‪ ،‬عن كتابه « البرلمان وحقوق اإلنسان‪ ..‬مرجعيات وممارسات»‪.‬‬
‫ورغبة في توسيع دائرة القراء المفترضين‪ ،‬عمل المؤلف على ترجمة كتابه إلى اللغات اإلنجليزية واإلسبانية‬
‫والفرنسية‪.‬‬ ‫البرلمان وحقوق اإلنسان‬
‫وأعلن رئيس مجلس النواب‪ ،‬أنه سيتم ابتداء من هذه الدورة‪ ،‬ترجمة األعمال الفائزة بالجائزة الوطنية‬ ‫والحظ الحنوشي في كلمة بالمناسبة‪ ،‬إن ارتفاع منسوب االهتمام بموضوع هذا الكتاب يبين الحاجة‬
‫الماسة إلى تكثيف الجهود وتوجيه البحث إلى العديد من الجوانب الهامة وغير المعروفة بالقدر الكافي‬
‫للدراسات واألبحاث حول العمل البرلماني‪ ،‬باللغات األجنبية‪ ،‬وذلك تعميما للفائدة داخل وخارج المغرب‪.‬‬
‫في عمل المؤسسة البرلمانية‪ ،‬من خالل السعي من جانبه المساهمة في التعريف بأدوار ومسؤوليات‬
‫أما الجائزة التقديرية للجائزة الوطنية للدراسات واألبحاث‪ ،‬الخاصة بأطروحات الدكتوراه‪ ،‬فمنحت‬ ‫البرلمان في مجال حقوق اإلنسان‪ .‬وأشار في هذا السياق بأن إصداره الجديد جرى تقديمه ومناقشته في ‪36‬‬
‫لفاطمة الزهراء أعرج‪ ،‬عن بحثها بعنوان « جودة النصوص القانونية‪ ..‬التشخيص والتحديات»‪ .‬أما الجائزة‬ ‫لقاء بمختلف المدن المغربية‪ ،‬وكذلك باألرجنتين وفرنسا وبلجيكا‪ ،‬كما حظي أيضا ب ‪ 163‬مقالة تحليلية‬
‫التشجيعية الخاصة بأطروحات الدكتوراه فمنحت للطفي عالي عن دراسته «مالءمة التشريعات الوطنية مع‬ ‫وقصاصة خبرية وتغطية صحفية خالل الفترة الممتدة من مارس ‪ 2022‬إلى منتصف يوليوز ‪.2023‬‬
‫المعايير الدولية لحقوق اإلنسان‪ ..‬المداخل القانونية لتدبير النزاع بين الكونية والخصوصية»‪.‬‬ ‫وأوضح أنه حاول أن يكون بيداغوجيا‪ ،‬وأن ييسر فهم واستيعاب أهم األطر المرجعية والمعيارية التي‬
‫‪18‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫ال�صحافة الريا�ضية واحلاجة ال�سرتاتيجية متعددة الأبعاد‬


‫• جمال المحافظ‬

‫تطرح النتائج التي يحققها الرياضيون املغاربة يف عدد من التظاهرات وامللتقيات العاملية‪ ،‬عدة أسئلة على واقع الصحافة املتخصصة يف الرياضة‪ ،‬ومدى مجاراتها للتحوالت‬
‫التي يعرفها هذا املجال على املستوى العاملي والوطني والذي أضحى يستأثر باهتمامات كافة مكونات الرأي العام والشرائح االجتماعية‪.‬‬
‫ويأتي يف مقدمة هذه النتائج وصول املنتخب الوطني املغربي لكرة القدم (أسود األطلس ) إىل نصف نهاية مونديال قطر ‪،2022‬كأول بلد عربي وإفريقي‪ ،‬و فوز ( أشبال األطلس‬
‫) بكأس افريقيا لكرة القدم ألقل من ‪ 23‬سنة‪ ،‬فضال عن وصول املنتخب النسوى ألول مرة لنهائيات بطولة العالم النسوية‪ ،‬باسرتاليا ونيوزلندا‪ ،‬وتأهله اىل ثمن نهاية هذه املسابقة‪،‬‬
‫وقبلها احتالله دور الوصافة يف بطولة افريقيا عالوة على فوز فريق الجيش امللكي بكأس افريقيا لألندية يف نسختها األخرية‪ ،‬وسيطرة العداء سفيان البقالي على مسافة ‪3000‬‬
‫مرت حواجز بتتوجيه بطال للعالم مرتني متتاليتني يف هذه املسابقة‪.‬‬

‫سلبية ونمطية‬ ‫يستأثر باهتمام واسع من لدن مكونات الرأي العام الوطني‬ ‫أسئلة مؤجلة‬
‫والعالمي‪.‬‬
‫وتبعا لذلك باتت الصحافة الرياضية واحدة من أكثر‬ ‫ليس الغرض هنا التوقف عند هذه النتائج اإليجابية‪ ،‬بقدر‬
‫التخصصات الصحافية متابعة‪ ،‬وتحولت األخبار والمعلومات‬ ‫لذا أصبح من المفروض على الصحافة المغربية‪ ،‬البحث‬ ‫ما يتعلق األمر بإثارة “ أسئلة تظل مؤجلة “ حول الرهانات‬
‫حول الرياضيين داخل وخارج الملعب‪ ،‬األكثر متابعة واستئثارا‬ ‫عن السبل الكفيلة‪ ،‬التي تجعلها في مستوى اللحظات التي‬ ‫والتحديات‪ ،‬التي تواجه الصحافة الرياضية المهنية في ظل‬
‫باهتمام الرأي العام‪ ،‬فاقت‪ ،‬األخبار السياسية‪ ،‬خاصة لعبة‬ ‫يصنعها الرياضيون المغاربة في التظاهرات الدولية‪ ،‬ويعيش‬ ‫هذه اإلنجازات التي بدون وسائل اإلعالم واالتصال‪ ،‬لن‬
‫كرة القدم التي مازالت تعد اللعبة الشعبية األولى في العالم‪،‬‬ ‫أفراحها كافة المغربيات والمغاربة في مختلف جهات البالد‪.‬‬ ‫تتمكن الرياضات بمختلف أنواعها من اقتحام كل الفضاءات‬
‫التي تحظى بنسب متابعة واسعة‪ ،‬في مختلف المجتمعات‪.‬‬ ‫إال أن هذا األمر ال يعني التقليل من الجهود التي يبذلها‬ ‫وقبلها القلوب لدور الوسائط الحاسم في خلق أجواء الفرح‬
‫صحافيون وصحفيات‪ ،‬ومبادرات إعالمية عمومية في مجال‬ ‫والتالحم بين كافة الفئات االجتماعية‪ .‬كما أن هذه النتائج‬
‫إال أنه على المستــوى الوطنــي‪ ،‬يظل أداء الصحافـــة‬
‫الرياضة‪.‬‬ ‫الرياضية اإليجابية‪ ،‬من شأنها أن تمكن من فتح آفاق واسعة‬
‫الرياضية ‪ -‬حسب غالبيـة المختصين والمتتبعين للشأن‬
‫الرياضي‪ -‬دون المستوى المأمـــول في المرحلة الراهنة‪،‬‬ ‫مصالحة الجمهور‬ ‫في مجال االستثمار االقتصادي والتجاري والتعريف بموقع‬
‫لربما يعود ذلك إلى النظرة السلبية والنمطية التي التصقت‬ ‫وتاريخ وحضارة البلدان وثقافتها‪.‬‬
‫وهكذا يالحظ أن وسائل اإلعالم وخاصة منها العمومية‪،‬‬
‫دوما بالصحافة بصفة عامة والرياضية بالخصوص‪ ،‬وذلك‬ ‫ساهمت بشكل إيجابي في مواكبة مونديال كرة القدم‬ ‫وإذا كانت الصحافة المهنية المتخصصة في الرياضة‪،‬‬
‫نتيجة الضعف الذي يعاني منه منتوجها اإلعالمي الرياضي‪،‬‬ ‫الذي احتضنته قطر ما بين ‪ 20‬نوفمبر و‪ 18‬ديسمبر ‪،2022‬‬ ‫تعرف تطورا متناميا على المستوى العالمي‪ ،‬مما مكنها من‬
‫و”الدخالء عن المهنة” فضال عن تراجع منسوب المهنية‪،‬‬ ‫من خالل طواقمها الصحفية والتقنية‪ ،‬في تقريب جمهور‬ ‫االستحواذ على اهتمامات الجمهور‪ ،‬وتتجاوز التخصصات‬
‫وأخالقيات الصحافة‪ ،‬والنقص في التأطير والتكوين‪.‬‬ ‫المشاهدين والمستمعين من حياة المنتخب المغربي‪ .‬كما‬ ‫الصحافية األخرى منها السياسية واالقتصادية والثقافية‪ ،‬فإن‬
‫سياسة عمومية‬ ‫نقلت بحرفية االحتفاالت الجماهيرية‪ ،‬سواء داخل المغرب‬ ‫الصحافة الرياضية المغربية ‪ -‬وكما هو شأن الصحافة بصفة‬
‫أو خارجه‪ ،‬بوصول (أسود األطلس) إلى نصف نهاية هذه‬ ‫عامة‪ -‬ظلت في وضعية دون مستوى التطلعات‪ ،‬وعاجزة عن‬
‫أما على مستوى المضامين‪ ،‬فإن الصحافة الرياضية ما‬ ‫التظاهرة العالمية‪ ،‬في سابقة تعد األول��ى التي يحققها‬ ‫مجاراة ما بلغته بعض الرياضات خاصة منها كرة القدم التي‬
‫يزال عملها يقتصــر على األخبار والتغطيات وتقديم نتائج‬ ‫منتخب افريقي وعربي وهو ما كان له انعكاس إيجابي‪،‬‬ ‫أصبح عدد من العبيها يجاورن أعتى األندية العالمية بكل‬
‫المباريات والمنافسات‪ ،‬وهي المهمة التي أصبح الجمهور‬ ‫على صورة البالد من جهة وعمل على مصالحة المغاربة مع‬ ‫من اسبانيا وانجلترا وفرنسا وألمانيا وهولندا‪.‬‬
‫يتوصل بها مباشرة‪ ،‬بفضل ما تتيحه التقنيات الحديثة‪ ،‬وهو‬ ‫صحافتهم من جهة أخرى‪.‬‬
‫ما يتطلب إدراج األجناس الصحفية األخرى في مقدمتها‬ ‫مشاكل مركبة‬
‫و اعتبارا للحضور األكبر‪ ،‬الذي بات للصحافة الرياضية‪،‬‬
‫االستقصاء والتحقيق‪ ،‬والتحليل والبحث عن ما وراء الخبر‬ ‫وفي ظل غياب أبحاث ودراسات علمية حول أداء الصحافة‬
‫خالل العقود الماضية‪ ،‬والذي ساهمت فيه التكنولوجيات‬
‫الرياضي‪.‬‬ ‫الرياضية‪ ،‬فعلى ما يبدو‪ ،‬فإن هذا التخصص الصحافي‪،‬‬
‫الحديثة‪ ،‬فإن المتابعة الواسعة واإلقبال الكبير على “ مواد‬
‫إذا كانت هناك العديد من الرهانات والتحديات التي‬ ‫يعاني من اختالالت ومشاكل مركبة‪ .‬كما ظل حبيس نظرة‬
‫االستهالك الرياضي “ في كافة بقاع العالم‪ ،‬جعل وسائل‬
‫تواجه الصحافة الرياضية المغربية‪ ،‬فإن اإلشكال ال يرتبط‬ ‫دونية‪ ،‬لصيقة بممارسي الصحافة الرياضية ‪ .‬بيد أن جانبا‬
‫االعالم العالمية الكبرى‪ ،‬تتنافس فيما بينها تنافسا محموما‪،‬‬
‫في حقيقة األمر بهذا التخصص الصحافي فقط‪ ،‬بل بموقع‬ ‫من هذا الوضع يرتبط باألساس بضعف التكوين وعدم‬
‫وترصد وتسخر لذلك إمكانيات مالية مهمة وتجهيزات‬
‫الصحافة والصحفيين ووضعيتهما حاليا‪ ،‬بارتباط مع سياسات‬ ‫االلتزام بقواعد أخالقيات المهنة‪.‬‬
‫تكنولوجية جد متطورة من أجل الفوز بالحقوق الحصرية‬
‫عمومية بعيدة المدى‪ ،‬واستراتيجية إعالمية واضحة المعالم‬ ‫في التصرف ونقل منافسات الملتقيات الرياضية الدولية‪.‬‬ ‫فهذه العوامل من بين أخرى تجعل الصحافة الرياضية‪،‬‬
‫متعددة األبعاد‪ ،‬تقطع بشكل نهائي مع التعامل الظرفي‬ ‫فاالستثمار في التظاهرات الرياضية‪ ،‬أصبح يسيل لعاب‬ ‫قاصرة عن المواكبة اإلعالمية االحترافية‪ ،‬وتقديم الصورة‬
‫والمناسباتي‪ ،‬وتضع بعين االعتبار بأن اإلعالم في ظل الثورة‬ ‫الشركات التي تخصص له استثمارات ضخمة‪ ،‬لكونه يدر‬ ‫المتكاملة‪ ،‬لما يحققه الرياضيون المغاربة من نتائج ايجابية‪،‬‬
‫الرقمية تحول في البلدان الديمقراطية‪ ،‬من سلطة رابعة إلى‬ ‫على هذه المؤسسات التي تخصص في التسويق الرياضي‬ ‫في اآلونة األخيرة في بعض األنواع الرياضية‪ ،‬في الوقت‬
‫سلطة أولى وبوظائف جديدة‪.‬‬ ‫بكافة أنواعه‪ ،‬عائدات مالية ضخمة‪.‬‬ ‫ال��ذي تنجح الصحافة الدولية في بسط منتوج إعالمي‪،‬‬
‫‪19‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫الغرميان اجلاران الإحتاد واملجد يخو�ضان املو�سم اجلديد بانتدابات مهمة‬


‫اشتعل سوق انتقاالت أندية كرة السلة خالل شهر غشت الماضي وبداية شتنبر ‪ ،‬وشهد ميركاطو الكرة‬
‫البرتقالية المغربية حركة واسعة خالل الصيف ‪ ،‬حيث نشطت األندية وفق استراتيجياتها الخاصة معتمدة على‬
‫إمكانياتها المادية ‪،‬ومدفوعة برغبة برفع سقف طموحها في بطولة القسم الممتاز لكرة السلة رجال في موسمه‬
‫الجديد ‪،2024-2023‬والذي ينطلق نهاية هذا األسبوع بمشاركة أربعة أندية من الشمال هي‪ :‬اتحاد طنجة ‪ ،‬مجد‬
‫طنجة ‪ ،‬لوكسوس العرائش والوافد الجديد على قسم النخبة أمل الحسيمة ‪ ،‬وبسبب مشاركته في النسخة ال‪35‬‬
‫للبطولة العربية لكرة السلة بقطر ‪ ،‬تم تأجيل مباراة مجد طنجة الرجاء في الجولة اإلفتتاحية التي يحل فيها اتحاد‬
‫طنجة ضيفا على الوداد البيضاوي ‪.‬‬
‫وال شك أن المنافسة في الموسم المقبل ستكون مختلفة تماماً عن المواسم السابقة‪ ،‬ذلك أنها لن تكون‬
‫محصورة على الفرق التقليدية ‪ ،‬خاصة بعد اإلنتدابات التي شهدتها قوائم أغلب الفرق وعلى رأسها ‪ ،‬وكما هو معلوم‬
‫شهدت سوق االنتقاالت منافسة واسعة بين األندية ‪ ،‬وضمنها قطبا السلة الطنجية الغريمان مجد طنجة واتحاد‬
‫طنجة اللذين سيخوضان الموسم بانتدابات مهمة ‪ ،‬بعدما وقعوا ألبرز الالعبين المحليين مع والدوليين من أصحاب‬
‫الخبرة الكافية ‪ ،‬وذلك بحسب ما تفرضه متطلبات الموسم الجديد‪،‬‬
‫وكان اتحاد طنجة الذي تعاقد مع المدرب الفرنسي نيكوال نيستلمان «‪ »Nicolas Meistelman‬لتولي‬
‫مهام المدير الفني للنادي الذي دخل سوق اإلنتقاالت مبكرا‪ ،‬وذلك قصد تدعيم صفوفه بعدد من الصفقات التي‬
‫يطلق عليها صفقات العيار الثقيل ‪،‬حيث تعاقد اتحاد طنجة مع األسماء التالية مع عيسى بوتنان‪،‬نبيل العمراني‪ ،‬رضا‬
‫العمراني‪،‬كيفان فرانشيسكي‪ ،‬عثمان الكانا ‪،‬سفيان كيرس ‪ ،‬وزكرياء أيت فتاح ‪ ،‬ورغم أهمية هذه اإلنتدابات التي‬
‫سيخوض بها اتحاد طنجة الموسم ‪ ،‬على المدرب الفرنسي الذي يبدو أنه تأقلم سريعا مع اإلدارة والالعبين أن‬
‫يدرك أن مهمته ليست بالسهلة‪ ،‬وأن الفرق المرشحة للمنافسة أكثر أيضاعلى اللقب إلى جانب اتحاد طنجة‪،‬مجد‬
‫وأن مشوارالبطولة لن يخلو من المفاجآت من‬ ‫طنجة‪،‬الفتح الرباطي وجمعية سال استعدّت للمهمة بشكل جيد‪ّ ،‬‬
‫طرف أندية أخرى السيما الوداد والمغرب الفاسي ‪.‬‬
‫من جانبه لم يخرج فريق مجد طنجة عن اإلستثناء ‪،‬واستعد للموسم ‪ 2024-2023‬الذي يخوضه بأمل تكرار‬
‫سيناريو الموسم الماضي بإبرام عدة تعاقدات قوية ‪ ،‬حرص من خاللها على اعتماد ضوابط فنية وحسابات مالية‬
‫تضمن تحقيق األهداف المنشودة من اإلنتدابات ‪ ،‬وشملت قائمة األسماء التي سيقودها اإلطار الوكني أحمد قجاج‬
‫في الموسم المقبل كل من مالك سيدبي ‪ ،‬عثمان بوسالمة ‪ ،‬حاتم الفياللي ‪ ،‬رضوان البقالي ‪ ،‬رضا غليمي ‪ ،‬محمد‬
‫الشاوي ‪ ،‬السنغالي دبي أباباكرو األمريكي بورك بوتنام‪.‬‬

‫اح�ساين من‬ ‫جمعية بوطينة‬


‫م�ساعد مدرب‬ ‫ت�ستعر�ض �أن�شطتها‬
‫�إلى مدرب �أول‬ ‫بح�ضور رئي�سها ال�شريف‬
‫يحمل �آمال‬ ‫الر�سام العاملي «�أحمد‬
‫�أجاك�س طنجة‬ ‫بني�سف»‬
‫منذ تعيينه قبل سنوات مدربا‬ ‫االجتماعي والرياضي‪ ،‬مؤكداً في هذا السياق على أهمية تضافر الجهود‬ ‫عقدت جمعية بينيا بوطينة إيشبيليا بطنجة يوم الجمعة ‪ 22‬أكتوبر‬
‫لالرتقاء بالعمل الجمعوي االجتماعي والرياضي وتكريس قيمة اإلعتراف في‬ ‫‪ 2023‬جمعها العام العادي السنوي بقاعة مركز اإلستقبال حسنونة ‪ ،‬وطبعت‬
‫بالفئات العمرية التحـــاد طنجــة‪،‬‬ ‫أشغال هذا الجمع أجواء بديعة في احترام تام ألدبيات الجموع العامة ‪ ،‬حيث‬
‫األوساط الرياضية وباقي القيم ‪ ،‬بما يساهم في علو هذه القيم واختصار‬
‫برهن الالعب السابق التحاد طنجة‬ ‫افتتح بقراءة الفاتحة ترحما على أهالينا ضحايا زلزال الذي ضرب منطقة‬
‫الطريق للوصول لألهداف المسطرة والمنشودة‪.‬‬
‫والمــدرب الحــالـــي ألجـــاكـــس‬ ‫وقد تضمن الحفل أيضاً عرضاً لصور وشرائط فيديو يتضمن أهم‬
‫الحوز ‪ ،‬انتقل بعدها الحاضرون إلى التدوال في النقاط المدرجة في جدول‬
‫عــن إمكانيات وقدرات جد محترمة‬ ‫األعمال ‪ ،‬حيث تمت قراءة التقريرين األدبي والمالي والمصادقة عليهما‬
‫أنشطة وفعاليات الجمعية بعد عام على تأسيسها ‪ ،‬كان من أبرزها مبادرة‬ ‫باإلجماع ‪ ،‬وفتح نقاش حول الرؤية المستقبلية للجمعية‪ ،‬قبل أن يعلن‬
‫في مجال التدريب‪ ،‬واستطـــاع في‬ ‫قافلة تشجيع التمـدرس بالعالـــم القروي مبادرة «الحقيبة المدرسية» ‪،‬‬ ‫انتهاء األشغال بعد تالوة رئيس الجمعية السيد شكري الذهبي برقية الوالء‬
‫ظرف وجيـز بعـــد حصولـه على‬ ‫وكذلك مبادرة «دراجتي تنقلني لمدرستي» توزيع الدراجات الهوائية على‬ ‫المرفوعة إلى صاحب الملك محمد السادس نصره اهلل ‪.‬‬
‫دبلومــات (‪D‬و‪C‬و‪ )B‬تطوير ذاتـه‬ ‫تالميذ بمنطقة نائية بأيت باها ‪ ،‬ووذلك بهدف محاربة الهدر المدرسي‬ ‫وعلى هامش عقد جمعها العام السنوي وبحضور الرئيس الشرفي‬
‫إلى األفضل بفضل طموحه الكبير‪،‬‬ ‫بالمنطقة ومساعدة الصغار على التنقل إلى مؤسساتهم ‪ ،‬ومبادرة حملة‬ ‫للجمعية الرســــام العالمـــي أحمـد بنيسف‪ ،‬وحضورا فعاليات رياضية‬
‫وخالل شغله مهام مدرب مساعــد‬ ‫مساعدة مرضى السكري وتزويدهم باألنسولين ‪.‬‬ ‫وشخصيات عامة ‪ ،‬أقامت الجمعية حفــال استعرضــت فيه بالمناسبة‬
‫طريقة اشتغالها واستراتيجيتها الثالثية األبعاد االجتماعية – الرياضية –‬
‫ل�لإط��ار ح��س��ن أج���ن���وي‪ ،‬حيــث‬ ‫كما تضمن فيديو فديوهات وصورا لمبادرات تكريم مجموعة من‬
‫نشر ثقافة اإلعتراف ‪.‬‬
‫شكـل معــا ثنائيا فنيا منسجمـــا‬ ‫األسماء والالعبين واألطر المحلية الجهوية والوطنية ‪ ،‬فضال عن أنشطة‬ ‫بعد قراءة الفاتحة ترحما على شهداء زلزال منطقة الحوز ‪ ،‬ألقى رئيس‬
‫بأجــاكــس طنجــة في موسمين‬ ‫مدرسة بوطينا لكرة القدم التي تشرف على تدبيرها الجمعية ‪ ،‬والدوريات‬ ‫الجمعية ‪ ،‬كلمة رحب فيها بالحضور ال��وازن وأش��اد خاللها باألنشطة‬
‫بالقسم الثاني هــواة وموسما بالقسم األول هواة ‪ ،‬مرحلة عبر عنها المدرب‬ ‫والتظاهرات التي شاركت فيها والتي نظمتها احتفاء باألعياد الوطنية دوري‬ ‫والفعاليات التي نظمتها الجمعية ‪ ،‬الفتاً أن الجمعية ومنذ إنشائها في‬
‫الحالي ألجاكس عن اعتزازه بالعمل إلى جانب اإلطار حسن أجنوي الذي‬ ‫المسيرة الخضراء وعيدي اإلستقالل وعيد العرش المجيد ‪.‬‬ ‫عام قبل عام قامت بعدة مبادرات وقدمت كبيرا وب��ارزا في المجالين‬
‫استفاد كثيرا من خبرته وتجربته والمساعدة التي كان يقدمها له ‪.‬‬
‫وبسبب رغبة المدرب حسن أجني في أخذ قسط من الراحة ‪ ،‬انتقل‬
‫المدرب رشيد احساين من مدرب مساعد ألجاكس طنجة إلى مدرب أول‬
‫الق�سم الثاين هواة ‪:‬‬
‫حامال معه آمال ممثل طنجة بالقسم األول هواة ‪ ،‬متسلحا بطموحه ورغبته‬
‫القوية في النجاح في مهمته ‪،‬وكسب الرهان الصعب الذي ينتظره في‬ ‫نه�ضة مرتيل يفتتح مو�سمه بفوز على االحتاد ال�شف�شاوين‬
‫بطولة القسم األول هواة مجموعة الشمال التي تتسم مبارياتها بالصعوبة ‪.‬‬
‫افتتح نهضة مرتيل الممارس بالقسم الثاني هواة شطر الشمال الشرقي‬
‫ومنذ تعيينه مدربا أوال بأجاكس طنجة‪،‬أشرف المدرب احساين ‪،‬على‬ ‫موسمه ‪ 2023-2024‬بفوز شاق على جاره اإلتحاد الرياضي الشفشاوني بهدفين‬
‫استعدادات أجاكس طنجة وتفوق بشكل كبير في خلق انساجمه بين وبين‬ ‫لهدف ‪ ،‬في دربي جهوي برسم الجولة اإلفتتاحية على الملعب البلدي بالمضيق ‪.‬‬
‫الالعبين‪ ،‬كماعززحضوره ضمن اإلدارة الفنية للفريق التي تعززت مؤخرا‬ ‫وكان نهضة مرتيل بقيادة مدربه الجديد عادل المرابط سباقا بالتسجيل عبر‬
‫بتعين إسماعيل حسني مديرا تقنيا لمدرسة النادي والفئات العمرية ‪.‬‬ ‫العبه الجديد محمد رضا ‪ ،‬نجح بعدها أبناء شفشاون في تعديل الكفة بهدف لمثله‬
‫قبل نهاية الشوط األول ‪.‬‬
‫وفي أول مباراة له مدربا رسميا لفريقه ‪ ،‬نجح المدرب احساين في‬ ‫الشوط الثاني دخل أبناء مرتيل عازمين على حسم نقاط المواجهة لصالحهم‬
‫بفوز‬
‫قيادة مجموعته إلى افتتاح موسمها في بطولة الموسم ‪ٍ 2023-2024‬‬ ‫‪،‬وقد تأتي لهم ذلك بفضل الالعب إبراهيم الشلهاب الذي نجح في تسجيل هدف‬
‫صعب على هالل الناظور بهدفٍ دون رد‪.‬‬ ‫الفوز لفريقه من قدفة قوية ‪ ،‬مانحا بذلك فريقه ثالث نقاط وفوز مهما في بداية‬
‫الموسم ‪.‬‬
‫وشهدت هذه المُباراة التي أقيمت على الملعب البلدي ألصيلة‬ ‫وبهذا الفوز يكون فريق نهضة مرتيل الفريق الوحيد الذي حقق نتيجة الفوز‬
‫تسجيل هدف وحيد عبر ضربة جزاء الدقائق األولى‪،‬ترجمها المهاجم أنس‬ ‫من بين باقي فرق جهةطنجة تطوان الحسيمة ‪ ،‬والتي جاءت نتائجها عى الشكل‬
‫الشركي العائد إلى الفريق بعد تجربة احترافية بليبيا إلى هدف الفوز في‬ ‫التالي ‪:‬‬
‫اللقاء االفتتاحي للموسم‪.‬‬ ‫شباب العرائش ‪ 0‬طلبة تطوان ‪.0‬‬
‫الوداد صفرو ‪ 2‬علــم طنجــة ‪.2‬‬
‫وسيكون المدرب احساين ومجموعته في مهمة صعبة حين يحلون‬ ‫شباب الحسيمة ‪ 0‬رجاء بسـودة ‪.1‬‬
‫ضيوفا على فريق الوفاء الرياضي الفاسي في الجولة الثانية ‪.‬‬ ‫اتحاد أكلموس ‪ 1‬أولمبيك وزان ‪.0‬‬
‫‪20‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ /1222 :‬ال�سبت ‪� 30‬شـتنرب ‪2023‬‬

‫كتابات يف تاريخ منطقة ال�شمال ‪:‬‬


‫(‪)1114‬‬

‫�أ�سامـة الزكـاري‬
‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫«�أحاديث يف الفكر املغربي»‬


‫والقضايا‪ ،‬في تكامل وشمولية تامة‪ ،‬مع الموضوعية في النقاش‪ ،‬والمنهجية في تدبير‬ ‫يتجدد الحديث باستمرار عن «النبوغ المغربي» في مجال الفكر واإلبداع والثقافة عند‬
‫الخالف‪ ،‬وااللتزام بأخالقيات الحوار‪ ،‬واالحترام لآلخر‪ .‬ومن هنا يحق لنا أن نقول‪ ،‬إن الفكر‬ ‫كل المحطات التاريخية التي تفرضها سياقات المواجهة الحضارية المفتوحة‪ ،‬سواء تجاه‬
‫المغربي فكر جامع‪ ،‬يبني وال يهدم‪ ،‬ويجمع وال يفرق‪ ،‬ويصلح وال يفسد‪ ،‬محققا بذلك‬ ‫اآلخر المشرقي بتياراته وبمذاهبه وبفرقه وبنحله‪ ،‬أم تجاه اآلخر األوربي الغازي بقواته‬
‫مقصدا أساسيا من مقاصد دين اإلسالم‪ ،‬دين الحنيفية السمحة‪( »...‬ص‪.)5.‬‬ ‫وبنظرياته وبفتوحاته العلمية والفلسفية والتكنولوجية المسترسلة‪ .‬وداخل هذا المسار‬
‫وعبر مختلف ثنايا البحــث والتنقيــب‪ ،‬حرص محمد شابــو على إبراز حيوية الفكر‬ ‫العام للتدافع الهوياتي المستدام‪ ،‬ظل المغاربة يبدعون على امتداد القرون اإلثنى عشر‬
‫المغربي وقدرته على احتواء تيارات الغزو ومذاهب التدجين‪ ،‬في مسار حضاري استطاع‬ ‫الماضية نظيمة نسقهم الفكري الخاص‪ ،‬بمنزعه المعتدل‪ ،‬وبأفقه المنفتح‪ ،‬وبتوجهه‬
‫استيعاب رياح اآلخر العاتية‪ ،‬ثم تكييفها مع المرجعيات الفكرية والمذهبية المؤطرة‬ ‫المتسامح‪ ،‬وبخطابه المتجدد‪ .‬استطاع الفكر المغربي استيعاب غبار التيارات المشرقية‪،‬‬
‫لعطاء الشخصية المغربية‪ .‬يقول محمد شابو بهذا الخصوص‪« :‬شهد الفكر المغربي عبر‬ ‫واحتواء ضجيج المذاهب الغربية‪ ،‬فأبدع فكرا مغربيا أصيال وجد تعبيرات عميقة عنه في‬
‫تاريخه العريق توافد العديد من التيارات الفكرية المتنوعة‪ ،‬والمذاهب المختلفة‪ ،‬والنحل‬ ‫مجمل مجاالت العطاء الثقافي وحقول البحث العلمي‪ ،‬سـواء منها الشرعية أم اللغوية أم‬
‫المتعددة‪ ،‬محاولة بذلك اقتحام ثوابته الدينية‪ ،‬وخلخلة خصوصياته المذهبية والفكرية‪،‬‬ ‫األدبية أم العلمية الدقيقة‪ .‬لقد كان العالمة عبد اهلل كنون على حق وهو يعود لتكريس‬
‫إال أن هذه المحاوالت كانت كثيرا ما تصطدم بما يسميه األستاذ عالل الفاسي «النموذج‬ ‫الكثير من الجهد ومن العطاء ومن التنقيب ومن التدقيق للتأصيل لقيم فرادة الفكر‬
‫النفسي للمغاربة وطبيعة األرض والحاجة للتطور»‪ .‬نتيجة لهذا النموذج النفسي‪ ،‬فإن‬ ‫المغربي‪ ،‬واستطاع أن ينجز معلمة «النبوغ المغربي» التي تعتبر تجميعا هائال لحصيلة‬
‫معظم أفكار آراء بعض المذاهب المخالفة لالتجاه السني بالمغرب‪ ،‬والتي كانت تفد عليه‬ ‫العطاء الفكري المغربـي األصيل‪ ،‬والممتد في الزمــن‪ ،‬والمخترق للمذاهب وللتيارات‬
‫لم تكن لتعمر طويال‪ ،‬فهي إما أن تُقاوم فتتالشى مع‬ ‫ولألفكار ولإليديولوجيات العابرة للقارات التي حملتها‬
‫مرور الزمن وتذوب‪ ،‬وإما أن تتشكل فكرا آخر ينسجم‬ ‫تيارات الغزو التي تعرض لها الشمال اإلفريقي منــذ‬
‫والهوية الفكرية المغربية المبنية على االختيار‬ ‫فجـر التاريخ وإلى يومنا هذا‪.‬اختار المغاربة ألنفسهم‬
‫نهج االعتدال في مواجهة كل أشكال الغلو‪ ،‬وجعلوا من‬
‫السني في أبعاده المختلفة عقيدة وفقها وتصوفا‪»...‬‬
‫جامعة القرويين مركز تحصين الهوية التعبدية في‬
‫(ص‪.)17.‬‬
‫إطار ما اصطلحت المدرسة الكولونيالية الفرنسية على‬
‫وإلب��راز معالم هذا األفق المرجعــي في العطاء‬ ‫وصفه ب «اإلسالم المغربي»‪ .‬واستطاعت هذه الهوية‬
‫الفكري والثقافي والديني‪ ،‬نحـــا المؤلـف نحو تقديم‬ ‫التعبدية أن تضـع مقوماتها المرجعية في السلـوك‬
‫سلسلة دراسات علمية أصيلــة حول قضايا مفصلية‬ ‫وفي الموقف وفي التعبــد‪ ،‬وذلك على أساس المذهب‬
‫في الفكر المغربي وفي تعبيراتــه المعرفيـة الثريــة‬ ‫المالكي والعقيدة األشعرية وتصـوف الجنيــد‪ .‬فكانت‬
‫والمتداخلـــة‪ .‬في هذا اإلطــار‪ ،‬اهتــم بالبحـــث في‬ ‫النتيجة‪ ،‬انبثاق خيط ناظم لتوحيد الرؤى تجاه مجمل‬
‫جذور الصالت الثقافية بين عواصم العلم بالمغرب‬ ‫االجتهادات واالختـالفــات التي مزقــت المشرق العربي‬
‫ومجاالته الصحراوية‪ .‬وتوقــف عنــد معلمــة جامعــة‬ ‫ووزعته إلى «ملل ونحـل» سرعاــن ما انتقل تأثيرها‬
‫القرويين باعتبارها جامعــة الفكـر المغربي‪ .‬واهتــم‬ ‫إلى بنية الدولة والمجتمع وخاصة على المستويات‬
‫برصد النموذج النفسـي للشخصية المغربية المنتجة‬ ‫السياسية والثقافية واالجتماعية المتداخلة‪.‬‬
‫للفكر المغربي‪ .‬وتتبع محددات انفتاح هذا الفكر على‬
‫استطاعت عناصـر التفرد بالمغـرب خلــق شخصية‬
‫اآلخر‪ ،‬وتعبيرات هذا االنفتاح العلمية في مغرب القرن‬
‫مغربية في مجـال الفكـر والعطــاء الثقافـي‪ ،‬احتفظت‬
‫‪ .20‬وعاد إلبراز األدوار الفكرية الرياديـة للمطبعة‬
‫لنفسها بكـل عناصـر التميـز تجـاه المحيط اإلقليمـي‬
‫الحجرية‪ ،‬وتناول ظاهرة المجالس الحديثية في عهـد‬
‫والدولي الواسع‪ .‬وقـد نتـج عـن ذلك‪ ،‬توجه مسترسل‬
‫السلطان الحسن األول‪ ،‬وتتبـع أدوار الزوايا والمسيد‬
‫نحو العودة لتفكيك قـوة «الخطاب المغربـي»‪ ،‬ونحـو‬
‫في رسم معالـم التاريخ الثقافي والتربــوي بالمغرب‪،‬‬ ‫فهم ميكانزماته التاريخية التي أفرزت بناه المركبة‬
‫واهتم بموضوع الرحالت الحجازية والسفارية وأدوارها‬ ‫بخصائصها الفريدة والمميزة‪ .‬في سيـاق هذا التوجه‬
‫في عملية التالقح الحضاري‪ .‬كما توقف طويال للتعريف‬ ‫العام‪ ،‬يندرج صدور كتاب «أحاديث في الفكر المغربي»‬
‫بمعالم النبوغ المعرفي لشخصيات رائدة مثل القاضي‬ ‫لألستـــاذ محمـد شابـــو‪ ،‬سنـة ‪ ،2022‬وذلك في ما‬
‫أبي بكر بن العربي‪ ،‬والقاضي عيــاض‪ ،‬ومحمــد بن‬ ‫مجموعه ‪ 169‬من الصفحات ذات الحجــم المتوسط‪.‬‬
‫الحسن الحجوي‪ ،‬ومحمــد بن أحمد البوزيدي‪ ،‬ومحمد‬ ‫يُقدم الكتاب تأمـالت عميقة في ملفات فكرية صنعت‬
‫داود الصنهاجي ابن آجروم‪ ،‬وأبو سالم العياشي‪ ،‬وأحمد بن أبي محلي‪ ،‬والعالم المشرقي‬ ‫وجه البهاء الثقافي المغربي‪ ،‬وأضفت عليه صفات «المغربة» و «التأصيل» و«العمق»‬
‫حمد الجاسر‪.‬‬ ‫و«االعتدال»‪ ،‬وفق المرجعيات الكبرى التي حددنا معالمها أعاله‪ .‬يقول المؤلف‪ ،‬ملخصا‬
‫وفي كل هذه الملفات‪ ،‬حرص محمد شابو على تقديم متن علمي أصيل‪ ،‬بلغة عربية‬ ‫أفق البحث الذي أطـر عمله‪« :‬إن الفكر المغربي فكر غني بقضاياه وموضوعاته‪ ،‬وثر‬
‫سلسة‪ ،‬وبإحاالت بيبليوغرافية غنية‪ ،‬وبقدرة واسعة على طرح األسئلة المهيكلة للقضايا‬ ‫بحموالته ودالالته‪ ،‬ومتين بمناهجه ومؤسساته‪ ،‬وشامخ بأعالمه ورجاالته‪ ،‬وإن من أبرز‬
‫الكبرى التي شغلت علماء المغرب ووجهت أفقهم الفكري والمعرفي‪ .‬يحمل الكتاب‬ ‫خصوصيات هذا الفكر‪ ،‬أنه كان عامل وحدة وبناء للشخصية المغربية‪ ،‬ومسهما في ثباتها‬
‫قوة معرفية وتوثيقية تؤهله ليحظى بمكانة اعتبارية رفيعة في مجال تخصصه إلى‬ ‫واستمراريتها‪ ،‬ومحافظا على ثوابتها‪ .‬فلقد كان الفكر المغربي والذي جسدته جامعة‬
‫جانب أعمال الرواد المؤسسين‪ ،‬وعلى رأسهم العالمة عبد اهلل كنون في كتابه «النبوغ‬ ‫القرويين بمثابة صرح أمان فكري‪ ،‬حمى األمة المغربية عبر تاريخها العريق من أي ضياع‬
‫المغربي» والمؤرخ محمد المنوني في كتابه «مظاهر يقظة المغرب الحديث»‪ .‬وفي ذلك‬ ‫في الفكر‪ ،‬أو تشتت في المذهب‪ ،‬أو نزاع يقوم على الطائفية والعصبية‪ .‬كما كانت‬
‫قيمة معرفية تؤسس لرؤى منهجية تأصيلية لتنظيم االشتغال األكاديمي على الهوية‬ ‫الشمولية في الطرح‪ ،‬والتنوع في القضايا‪ ،‬واالتزان في النظر‪ ،‬من أهم ما ميز هذا الفكر‬
‫الفكرية المغربية‪ ،‬وعلى تمثالتها المتداخلـة‪ ،‬ثم على تعبيراتها الماديــة والسلوكية‬ ‫أيضا‪ .‬فمن قضايا العقيدة إلى قضايا التصوف إلى قضايا الفقه إلى قضايا التربية إلى‬
‫والرمزية القائمة‪.‬‬ ‫قضايا االجتماع والسياسة‪ ،‬إلى قضايا االقتصاد والتدبير‪ ،‬إلى غير ذلك من الموضوعات‬

You might also like