You are on page 1of 24

‫• قبر العالمة المفسر عبد الوهاب لوقش بطنجة ‪2 .........

1‬‬
‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬
‫• شفشاون بعيون أبنائها‪4 .............................................................................‬‬
‫• عودة مفقود اختفى منذ عقود‪7 ..................................................................‬‬
‫• دفاعا عن اإلرث الثقافي العربي في أمريكا‪13 ...................‬‬
‫• إيضاح المسالك والبرهان‪14 .....................................................................‬‬ ‫يوميــة جهــويــة وطنـيـــة ت�صـدر م�ؤقتـ ًا كــل �أ�سبــوع‬

‫• إتحاف الناظر بنفاضة الضمائر وعصارة الخواطر‪16 ..........‬‬


‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬
‫‪www.achamal.ma‬‬ ‫‪info@achamal.ma‬‬

‫• بطل السلم والحرب محمد عبد الكريم الخطابي ‪18 ....‬‬ ‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬
‫العـدد ‪ 1196‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهـم ـ ال�سـبـت ‪ 10‬رم�ضــان ‪� 01 / 1444‬أبريــل ‪2023‬‬
‫• «القصر الكبير‪ :‬اكتشاف خبايا مطفية الجامع األعظم»‪24 ..‬‬

‫املندوب ال�سامي للتخطيط ينبه‪!!..‬‬

‫كلمة الشمال‬
‫لماذا تم تجفيف مواردنا المائية ؟‬ ‫وأما الراهن االجتماعي واالقتصادي فالحوار الذي‬ ‫تعيش بالدنا أوضاعا غير سوية نتيجة سوء تخطيط‬
‫لماذا حول منتوجنا الفالحي لفائدة األجانب ؟‬ ‫أجرته صحيفة «ميديا ‪ »24‬مع السيد أحمد الحليمي‬ ‫وتدبير الحكومة الحالية بتالوينها‪..‬‬
‫لماذا تراجع منتوجنا الموجه للداخل ؟‬ ‫المندوب السامي للتخطيط كان تنبيها غير مسبوق‬ ‫نحن حريصون على عدم االصطفاف مع المزايدين‪،‬‬
‫خالصة الخالصات هي أن التدبير الراهن لحكومة‬ ‫على أزمة الفئات االجتماعية ‪ ،‬باستثناء الميسورة‬ ‫لكن إحساسنا المواطن وغيرتنا على أمن وسالمة بلدنا‬
‫أخنوش ‪:‬‬ ‫طبعا‪.‬‬ ‫يدعواننا إلى تأكيد فشل التدبير الحكومي في قطاع‬
‫‪ .‬يناقض المصالح العليا للبالد‪.‬‬ ‫دلل تصريح السيد الحليمي على كون األزمة التي‬ ‫التعليم (عنوانه األكبر ما يعرفه التعليم العالي من‬
‫‪ .‬يدمر ويهدد السلم االجتماعي‪.‬‬ ‫تجتازها بالدنا ليست ظرفية والعابرة‪ ،‬بل هي نتيجة‬ ‫تعطيل مشاريع وارتجال مخططات وضرب قيم العدالة‬
‫‪ .‬المخطط األخضر أصبح مخططا أسود‪.‬‬ ‫حتمية لسوء تخطيط وتدبير ‪.‬‬ ‫المجالية وهي مطلب حضاري ‪ ،‬وما ينجم عن ذلك من‬
‫يقول أحد متابعي الوقت ‪ :‬مثل هذه السياسات‬ ‫واألسئلة التي تطرح في هذا المجال ‪:‬‬ ‫تعطيل تفعيل الحق في التنمية‪ ،)..‬وكذا قطاع الصحة‬
‫رجس من عمل الشيطان‪ ..‬ولكن ال حياء لمن تنادي !‬ ‫ما سر اختيار المخطط األخضر ؟‬ ‫والفالحة وغيرها‪..‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫قطرات‪..‬‬ ‫قرب العالمة املف�سر عبد الوهاب لوق�ش بطنجة‬


‫د‪ .‬يونس السباح‬
‫مرت مائة سنة بالتاريخ الميالدي على‬
‫• محمد إمغران‬ ‫وفاة العالمة المفسر عبد الوهاب لوقش‬
‫األندلسي التطواني‪ ،‬المهاجر إلى طنجة‬

‫ما يحلويف �شهررم�ضان‪..‬‬ ‫والمتوفى بها عام ‪.1923 1341-‬‬


‫***‬
‫يحلو الحديث في شهر رمضان عن كل ما يتعلق‬ ‫وال يختلف اثنان في إقبار هذا الع َلم‬
‫بهذا الشهرالفضيل‪ ،‬من أموروفوائد شاملة‪ ،‬صحية‬ ‫بمدينة طنجة‪ ،‬وتحديدا بمقبرة مرشان‪،‬‬
‫ودينية‪ ..‬وكما يعرف جل الناس‪ ،‬خاصة منهم الواعون‬ ‫نص على ذلك أحبابه وعارفوه‪ ،‬ومؤرخو‬
‫والمتنورون‪ ،‬أن للصيام دورا كبيرا في الصحة العامة‬ ‫شمال المغرب‪ ،‬كالفقيه الوزير المؤرخ أحمد‬
‫للصائمات والصائمين‪ ،‬يتجلى في تطهيرالجسم من‬
‫مختلف السموم الضارة‪.‬ويعتبرشهررمضان مناسبة ال‬ ‫الرهوني والمؤرخ العالم محمد سكيرج‬
‫تعوض للشروع في وضع برنامج جديد‪ ،‬يتميزباتباع‬ ‫واألستاذ المؤرخ داود‪...‬وظ���ل القبر غير‬
‫أسلوب حياة صحي‪..‬‬ ‫معروف بالتحديد إلى أن عثرنا عليه بإشارات‬
‫ويمكن خالل هذا الشهرالمبارك الحصول على‬ ‫مساعدة من ط��رف السيد الفاضل عبد‬
‫مجموعة من الفوائد الخاصة بالصحة الجسدية‪،‬‬
‫حيث يعتاد الجسم على تناول كميات أق��ل من‬
‫السالم بيت المال‪ ،‬الذي قضى في خدمة‬
‫الطعام‪ ،‬األمرالذي يساعدالمعدة والجهازالهضمي‬ ‫أسرة لوقش مدة مديدة‪ ،‬والذي كان يتعهد‬
‫في التقلص‪ ،‬شيئا فشيئا وهذا يؤثرمباشرة في الجوع‬ ‫القبر مدة من الزمن‪...‬إلى أن مات آخر أبناء‬
‫حيث تقل الشهية‪ ،‬مما يؤدي في معظم األحيان‬ ‫قبر ه��ذا العالم‪ ،‬ق��ام أحفاده بالمتعين‪،‬‬ ‫المفسر‪ ،‬وبقي القبر غير معروف‪...‬‬
‫إلى فقدان الوزن وبالتالي تحقيق استفادة‪ ،‬بالنسبة‬ ‫فرمموه واعتنوا به اعتاء يليق بمقام الجد‪،‬‬
‫لألشخاص البدناء و«ذوي الكروش»‪..‬‬ ‫***‬
‫وعمال مبرورا يليق بمقام الحفدة‪ ،‬اعترافا‬
‫وأكدت العديد من الدراسات‪ ،‬وفق ما هومتعارف‬ ‫منهم بفضل جدهم‪ ،‬واحتراما لمكانته‪،‬‬ ‫وف��ي ي��وم‪ 11‬من شهر فبراير عامه‪،‬‬
‫عليه‪ ،‬أن االمتناع عن الطعام والشراب لفترة معينة‬ ‫حاولت البحث مجددا معتمدا على األمارات‬
‫من الوقت يخفض من نسبة الكوليسترول‪ ،‬مما‬ ‫وإبقاء على وصية اآلب��اء ب��األج��داد‪ ،‬حيث‬
‫تفضل صديقنا العزيز األستاذ هشام لوقش‬ ‫التي تفضل بها السيد بيت المال‪ ،‬وكنتُ‬
‫يسهم في تحسين صحة القلب واألوعية الدموية‬
‫ويقلل من ح��دوث أم��راض القلب‪ ،‬مثل السكتات‬ ‫بأريحيته المعتادة‪ ،‬ومعه صنوه الفاضل‬ ‫رفقة األخ الدكتور رشيد العفاقي‪ ،‬فعثرنا‬
‫الدماغية أوالنوبات القلبية‪.‬ومعلوم أن الحفاظ على‬ ‫النبيل السيد طارق‪ ،‬فتم ترميم القبر على‬ ‫عليه في حالة يرثى لها‪ ،‬وأجمل ما بقي‬
‫نظام غذائي صحي ي��ؤدي إلى انخفاض مستوى‬ ‫وفق المراد‪ ،‬واالعتناء بذلك الشاهد القديم‬ ‫ب��ه‪ ،‬تلك الرخامة «الشاهد» على قبره‪،‬‬
‫الكوليسترول في الدم‪.‬ويقاس هذا بمدة صيام‬ ‫والمكتوبة بخط مغربي جميل‪..‬‬
‫شهركامل‪ ،‬لكي يتخيل العبد الصائم كم هي نسبة‬ ‫على نحو يبقي أصالتها وماضيها‪ ،‬جعل اهلل‬
‫السموم المتراكمة التي تم تطهيرها‪ ،‬بفضل الصيام‬ ‫ذلك في ميزان حسناتهم‪ ،‬ورحم اهلل عالمنا‬ ‫***‬
‫والنظام الغذائي‪..‬‬ ‫الجليل‪ ،‬ورفع مقامه في عليين‪ ،‬والحمد هلل‬ ‫ومن برور األحفاد باألجداد‪ ،‬ومسارعتهم‬
‫ووف��ق خ��ب��راء وأخصائيين‪ ،‬فإنه إل��ى جانب‬ ‫رب العالمين‪.‬‬ ‫إلى الخيرات‪ ،‬وعلى رأس ذلك حفظ وترميم‬
‫التطهيرالروحي ي��زي��ل ال��ص��ي��ام ال��س��م��وم من‬
‫الجهازالهضمي‪ ،‬بسبب االمتناع عن الشرب واألكل‪،‬‬
‫يوما كامال‪ .‬وحينما يشرع الجسم في تناول مخزون‬
‫الدهون‪ ،‬لتوليد الطاقة‪ ،‬فإنه سيحرق أيضا أي سموم‬
‫ضارة‪ ،‬قد تكون موجودة في رواسب الدهون‪.‬‬
‫من جهة أخ��رى‪ ،‬ف��إن الصيام‪ ،‬طيلة اليوم‪،‬‬
‫يجعل عملية األي��ض لدى الصائمين أكثركفاءة‪.‬‬
‫وبفضل الجمع بين الصيام وتناول الطعام في‬
‫وقت متأخر من الليل وال��ذي ينتج عنه زي��ادة في‬
‫هرمون يسمى «أديبونيكتين» (سيتوكين دهني)‪،‬‬
‫�سعاد بن �إدري�س‬ ‫الأ�ستاذ �أبـو بكـر بنونة‬
‫مما يسمح لعضالت الجسم بامتصاص المزيد من‬
‫العناصرالغذائية وستستفيد‪ ،‬بعد ذل��ك‪ ،‬مناطق‬
‫يف ذمة اهلل‬ ‫يف ذمة اهلل‬
‫مختلفة من الجسم بأخذها للعناصرالغذائية الالزمة‪،‬‬
‫للعمل بشكل فعال‪..‬‬ ‫لبت نداء ربها المشمولة بعفوه وكرمه‬ ‫انتقل إل��ى عفو اهلل ورحمته‬
‫ع�لاوة على ه��ذا‪ ،‬ف��إن الصوم يجعل الدماغ‬ ‫المرحومة سعاد بن ادري��س زوج��ة أخينا‬ ‫زوال يوم السبت ‪ 3‬رمضان عام‬
‫أكثر مرونة وقدرة على التكيف كما يحسن المزاج‬ ‫‪1444‬هـ األستاذ أبو بكر بن الحاج‬
‫والذاكرة‪.‬ووفقا لدراسة أجراها علماء أمريكيون‪« ،‬فإن‬ ‫النقيب األستاذ عبد اإلل��ه كنون‪ ،‬وشيع‬
‫التركيزالذهني الذي يتحقق خالل شهررمضان يزيد‬ ‫جثمانها الطاهر في موكب جنائزي مهيب‬ ‫عبد السالم بنونة‪ ،‬ودفن ظهر يوم‬
‫من مستوى عامل التغذية العصبية المشتق من‬ ‫حضره األهل واألحباب واألقارب‪.‬‬ ‫اإلثنين ‪ 5‬رمضان بمقبرة سيدي‬
‫الدماغ والذي يجعل الجسم ينتج المزيد من خاليا‬ ‫المنظري بتطوان‪.‬‬
‫وبهذا المصاب الجلل‪ ،‬تتقدم هيئة‬
‫الدماغ وبالتالي تحسين وظائف المخ ويعززصفاء‬ ‫وقد كان المرحوم مثاال للوطنية‬
‫الذهن ويقلل من التوتر‪ ،‬خاصة عندما يؤدي الصيام‬ ‫تحرير جريدة الشمال بأحر التعازي إلى‬ ‫الحقة ورجل أعمال خيرية‪ ،‬فضال‬
‫إلى انخفاض واضح في كمية هرمون «الكورتيزول»‬ ‫أس��رت��ي ك��ن��ون وب��ن ادري����س‪ ،‬سائلين‬ ‫عن خبرته في المجال التاريخي‬
‫الذي تنتجه الغدة الكظرية»‪..‬‬ ‫العلي القدير أن يتغمد الفقيدة بواسع‬ ‫والدبلوماسي‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬اليحلو في شهررمضان‪ ،‬إال تناول ما‬ ‫رحمته ويسكنها فسيح جناته مع النبيين‬
‫يمتازبه هذا الشهرالعظيم‪ ،‬من فوائد جمة‪ ،‬تهم‬ ‫وبهذا المصاب الجلل‪ ،‬تتقدم أسرة تحرير جريدة الشمال بأصدق‬
‫كل ما هو ديني ونفسي وبدني‪ ..‬وبإمكان كل صائم‬ ‫والصديقين والشهداء والصالحين وحسن‬ ‫عبارات العزاء إلى جميع أفراد أسرته وعائلته‪ ،‬سائلة المولى سبحانه أن‬
‫أوقارئ أن ينقب عن كنوزالمعرفة المتنوعة‪ ،‬الخاصة‬ ‫أولئك رفيقا‪.‬‬ ‫يلهمهم الصبر والسلوان‪ ،‬وأن يتغمد الفقيد بواسع الرحمة والغفران‪.‬‬
‫بشهرالفرقان‪ ،‬من خالل كتب ومجالت‪ ،‬ذات جودة في‬
‫المضامين ودقة في األشكال واألساليب‪..‬‬
‫ـ لنا عودة إلى كنوز‪ ،‬معرفية رمضانية أخرى‪..‬‬

‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬ ‫التصفيف واإلخراج ‪:‬‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬
‫محمد طارق بخات‬
‫‪� 6‬آالف ن�سخــة‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬
‫جريدة ال�شمال‬ ‫محمد �إمغران‬
‫�أ�سامـة الزكــاري‬
‫عبد احلــق بخــات‬
‫التوزيع‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ً‬
‫رئيس التحرير ‪:‬‬ ‫ؤقتا كل �أ�سبوع‬
‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت‬
‫ر�ضوان احدادو‬
‫الفاكــ�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬
‫والتسويق واإلشهار ‪:‬‬
‫فدوى �أحماد‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬
‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫‪ 7‬مكـرر‪ ،‬زنقة عمـر بـن عبد العزيز‬
‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬
‫‪info@achamal.com‬‬ ‫�سهيلة �أ�ضريف‬ ‫سكرتير التحرير ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬
‫‪achamal2000@gmail.com‬‬
‫‪ -‬طنجــة ‪-‬‬
‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬ ‫‪achamaljournal@gmail.com‬‬
‫يا�سر بن هالل‬ ‫محمد وطـــا�ش‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬
‫‪3‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫يف لقاء �صحبة‬ ‫دردشة‬


‫وا�شتياق‪..‬‬ ‫التحق بربه ويف نف�سه �أ�شياء ِمن ّ‬
‫حتى‬
‫يوم أمس‪ ،‬اإلثنين خامس رمضان ‪ 1444‬هـ‪ ،‬الموافق لـ ‪ 27‬مارس‬

‫درد‬
‫ال ال كالرجال‪ ،‬وع َلماً ال كاألعالم‪.‬‬
‫‪2023‬م‪ ،‬كان يوما مشهوداً‪ ،‬ودعْنا فيه رج ً‬
‫‪ l‬عبد اللطيف �شهبون‬
‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬ ‫إنه المرحوم برحمة اهلل األستاذ السفير أبو بكر بنونة‪ ،‬هذا الرجل الذي‬
‫ارتبط اسمه بالجمعية الخيرية اإلسالمية بتطوان‪ ،‬يوم أصبحت جمعيات‬
‫كلما حللت ب��م��داغ رأي���ت وسمعت‬ ‫في جمعية‪.‬‬
‫جديدا ‪ .‬لم تكن ظروفي الصحية لتسمح‬ ‫وللتاريخ‪ ،‬فالدار التي فتحتُ فيها عيني على الدنيا بحي المطامر‪،‬‬
‫لي بالسفر‪ ،‬لكن شوقي كان مهتاجا للقاء‬ ‫كان سطحها مالصقاً لسطح الجمعية الخيرية أيام كان مقرها الرئيسي‬
‫شيخي وقدوتي سيدي جمال نضّر اهلل‬ ‫بالوسعة‪.‬‬
‫أيامه‪.‬‬ ‫وبجدار السطحين‪ ،‬كنت أشاهد والدتي وزوجة عمي ‪-‬رحمهما اهلل‪-‬‬
‫فجر يوم سبت توجهت من طنجة إلى‬ ‫تربطان حبل الود واالتصال بنزيالت الجمعية‪ ،‬وتتبادالن معهن الحديث‪.‬‬
‫تطوان صحبة سيدي عبد العزيز ليرافقنا‬
‫الخيرية‪ ،‬وعرفت أن القائم‬
‫هنا عرفت أن هناك جمعية اسمها الجمعية ‪...‬‬
‫سيدي عمر منها إلى مداغ‪.‬‬
‫على شؤونها شخص اسمه «الصّفار»‪.‬‬
‫بعد ظهر ذلك اليوم كنا بالزاوية األم‪ .‬في‬
‫كانت الجمعية آنذاك‪ ،‬تشرف على المقبرة اإلسالمية‪ ،‬وتتصرف فيها‬
‫وقت الزيارة رحب بنا سيدي جمال مرفوقا‬ ‫م�صطفى حجاج‬
‫بطريقة تحفظ لها قدسيتها ومكانتها الدينية‪ ،‬وتوفر لنزالئها ونزيالتها‬
‫بنجليه الكريمين سيدي منير وسيدي معاذ‪.‬‬
‫األمن والطمأنينة‪.‬‬

‫ش��ة‬
‫كنا في حضرة جمالية فتال على مسامع‬
‫وفي عهد راحلنا‪ ،‬انتقلت الجمعية بقضها وقضيضها‪ ،‬إلى دار العجزة‬
‫قلوبنا سيدي جمال هذا النص الوارد في‬
‫ببوسافو‪ ،‬مقابل تسليم مقرها القديم إلدارة األمن الوطني‪ ،‬لتتخذه‬
‫إحياء الغزالي رضي اهلل عنه ‪:‬‬
‫مفوضية للشرطة‪.‬‬
‫«‪..‬وروي عن بعض السلف أن اهلل تعالى‬
‫ومنذ اقترحني الفقيد ‪-‬رحمة اهلل عليه‪ -‬صحبة أخي األستاذ عبد القادر‬
‫أوحى إلى بعض الصديقين ‪ :‬إن لي عبادا‬ ‫‪..‬‬
‫الزكاري‪ ،‬لالنضمام للمجلس اإلداري للجمعية الخيرية اإلسالمية‪ ،‬وأنا‬
‫من عبادي يحبوني وأحبهم‪ ،‬ويشتاقون‬
‫إلي وأشتاق إليهم‪ ،‬ويذكروني وأذكرهم‪،‬‬ ‫أحضر جلسات هذا المجلس‪ ،‬فأرى في أستاذنا حرصه الشديد على إدارة‬
‫وينظرون إلي وانظر إليهم‪ ،‬فإن َ‬
‫حَذوْتَ‬ ‫شؤون هذه المؤسسة العتيدة‪ ،‬بصدق وأمانة‪ ،‬وإخالص ونزاهة‪.‬‬
‫طريقهم أحببتك‪ ،‬وإن عدلت عنهم مقتُّك‪.‬‬ ‫وإذا وصفتُ هذه المؤسسة بصفة «العتيدة» فألنها تضم اآلن‪ :‬حضانة‬
‫قال ‪ :‬يارب‪ ،‬وما عالمتهم ؟‬ ‫لألطفال‪ ،‬ومدرسة ابتدائية‪ ،‬ومدرسة إعدادية‪ ،‬وداراً للعجزة ببوسافو‪ ،‬ودار‬
‫َ‬
‫والسكن القديم الذي اعتصم به النزالء القدامى‪.‬‬ ‫الطالب‪ ،‬ودار الطالبة‪.‬‬
‫ق��ال ‪ :‬ي��راع��ون الظالل بالنهار‪ ،‬كما‬
‫يراعي الراعي الشفيق غنمه ‪ ،‬ويحنون إلى‬ ‫والمشكل الذي كان يُطرح في مجلسنا اإلداري باستمرار‪ ،‬هو مشكل‬
‫غروب الشمس كما يحن الطائر إلى وكره‬ ‫التمويل‪ .‬وكان مشك ً‬
‫ال يؤرق أستاذنا ويبعثر أوراقه وأوراقنا‪.‬‬
‫عند الغروب ‪ ،‬فإذا جنَّهُم الليل ‪ ،‬واختلط‬ ‫ولوال وقوف السيد عامل صاحب الجاللة على تطوان‪ ،‬إلى جانب راحلنا‬
‫الظالم‪ ،‬و ُفرشت ال ُفرش‪ ،‬ونُصبت األسِرّة‪،‬‬ ‫العزيز‪ ،‬لتوقفت هذا المؤسسات‪ ،‬وأقفلت أبوابها بالضبة والمفتاح‪.‬‬
‫وخال كل حبيب بحبيبه‪ ،‬نصبوا إلى أقدامهم‪،‬‬ ‫وحدها المدرسة‪ ،‬التي كان لها استقاللها المالي‪ ،‬ولكنَّ ‪.‬‬
‫كوفيد‪ 19‬نال‬
‫وافترشوا إلى وجوههم‪ ،‬وناجوني بكالمي‪،‬‬ ‫منها كما نال من عدة مصالح وإدارات‪ ،‬ومعامل ومؤسسات‪.‬‬
‫وتملقوا إلي بانعامي‪ ،‬فبين صارخ وباك‪،‬‬ ‫لقد رحل عنا األستاذ أبو بكر بنونة‪ ،‬وفي نفسه أشياء من حتَّى‪ ،‬ارتحل‬
‫وبين متأوه وش��اكٍ‪ ،‬وبين قائم وقاعد‪،‬‬ ‫أمر طالما طرحَه علينا‪ ،‬وتهربْنا ‪-‬أو تهيّبنا‪ -‬من إيجاد ٍّ‬
‫حل له‪،‬‬ ‫ليضعنا أمام ٍ‬
‫وبين راكع وساجد‪.‬‬ ‫هو إعفاؤه من منصبه‪ ،‬واختيار بديل له‪ ،‬يحمل المشعل‪ ،‬ويواصل السير‪.‬‬
‫بعيني ما يتحملون من أجلي‪ ،‬وبسمعي‬ ‫والعُقدة كانت دائماً وأبداً في البديل‪ .‬أين الرجل الذي فيه مواصفات‬
‫ما يشتكون من حبي‪.‬‬ ‫بنونة؟ أين؟‬
‫أول ما أعطيهم ثالث ‪ :‬أقذف من نوري‬
‫لعلك ‪ -‬أيها الراحل العزيز – تفكر معنا وأنت في مرقدك األخير‪ ،‬عمن‬
‫في قلوبهم‪ ،‬فيخبرون عني كما أخبر عنهم‪.‬‬ ‫يمأل هذا الفراغ الذي ْ‬
‫تركته في أفئدتنا وفي نفوسنا وفي دنيانا‪ ،‬وفي رحاب‬
‫والثانية لو كانت السماوات واألرض وما‬ ‫وأروقة جمعيتنا‪.‬‬
‫فيها في موازينهم السْت ْقللنَها لهم‪.‬‬
‫نم قرير العين‪ ،‬مرتاح الضمير‪ ،‬فقد أديت الرسالة‪ ،‬وبلغت األمانة‪ ،‬ولن‬
‫والثالثة أُقبل بوجهي عليهم‪ ،‬فترى من‬ ‫َّ‬
‫وتتطلعُ إليه‪.‬‬ ‫يخيب اهلل رجاءك‪ ،‬ولن يريك في خلفائك إال ما تحبه وترضاه‪،‬‬
‫أقبلت عليه يعلم أحد ما أريد أن أعطيه»‪.‬‬
‫فسالمٌ عليك يوم وُلدت‪ ،‬ويوم مت‪ ،‬ويوم تبعث حيَّاً‪.‬‬
‫كان هذا النص ترجمان أحوال شوقنا‬
‫والحمد هلل على ذلك‪.‬‬ ‫سالم عليك من ربٍّ كريم‪ ،‬غفور رحيم‪ ،‬عليٍّ عظيم‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫بعيون أبنائها»‬
‫ذة‪« :‬شفشاون‬
‫‪5/4‬‬ ‫ناف‬

‫عبد الحي مفتاح‬


‫�شف�شاون بعيون الأ�ستاذ محمد �أوالد اح�ساين‬
‫قيثارتها‪ ،...‬كما استهواه التشكيل فمارس الرسم‬ ‫األستاذ محمد أوالد احساين من الجيل الذي رأى‬
‫والنحت‪ ،‬وأبدع في الكاريكاتور بحيث نشرت رسوماته‬ ‫النور في بداية الخمسينيات أي من الجيل الذي عاش‬
‫في هذا الفن الذكي‪ ،‬الحابل بالنقد والسخرية منذ سنة‬ ‫طفولته األولى في الفترة التي سبقت رحيل االستعمار‬
‫‪ 1974‬بعدد من الصحف الوطنية والعربية التي كان‬ ‫اإلسباني من شمال المغرب بقليل‪ ،‬وهو جيل له فرادته‬
‫لها حضور قوي في الساحة اإلعالمية كجريدة «المحرر»‬ ‫من حيث إن وعيه تشكل في زخم حماس االستقالل‬
‫و«أن��وال» و»االتحاد االشتراكي» و«القدس العريي»‬ ‫والقيم الوطنية وآمال بناء وطن حر وعادل ومتقدم‪.‬‬
‫بلندن وصحيفة «الوطن العربي»‪.‬‬ ‫محمد أوالد احساين غصن من أغصان هذه الشجرة‬
‫ومن خصال األستاذ والفنان محمد أوالد احساين أن‬ ‫الطيبة‪ ،‬تربى تحت ظالل قيمها وشرب من نسغ وهجها‬
‫الكسل ال يعرف إليه طريقا‪ ،‬فرغم إحالته على التقاعد‬ ‫المثمر‪.‬‬
‫استمر شغفه بالعمل والعطاء كباحث مهتم بقضايا‬ ‫حاز محمد أوالد احساين في أواسط السبعينيات على‬
‫التراث والتاريخ المحلي‪ ،‬وقد نشر عددا من أعماله‬ ‫اإلجازة في تخصص علم االجتماع ‪/‬شعبة «الفلسفة‪-‬علم‬
‫البحثية القيمة والرصينة في هذا المجال على صفحته‬ ‫النفس‪-‬علم اجتماع» من كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬
‫بالفايسبوك‪...‬‬ ‫بالرباط‪ ،‬واشتغل‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬في حقل التربية والتعليم‬
‫وفيما يلي يقترح علينا األستاذ والفنان والباحث‬ ‫إلى حدود سنة ‪ 2012‬بشفشاون وحواضر أخرى‪.‬‬
‫محمد أوالد احساين نصا جادت به يراعته الصريحة‬ ‫ه��ذا اإلن��س��ان ال��ه��ادئ وال��رزي��ن تعددت مواهبه‬
‫والدافئة حول شفشاون «الميثولوجيا» والطفولة والماء‬ ‫واهتماماته‪ ،‬وكأنما بعزلته الجميلة واختياره البعد عن‬
‫والتاريخ والذاكرة‪ ،...‬فلننصت إلى نبضاته‪.‬‬ ‫األضواء ينطق بحكمة الزمن‪ ،‬فقد سلك لذلك طريق‬
‫الفن والجمال‪ ،‬فأغرم بالموسيقى وعزف على نغمات‬

‫حديث بني مياه و�أغ�صان عن حا�ضرة �شف�شاون‪ :‬الإن�سان ونب�ضات ذاكرة املكان‬
‫الوفود االسبانية والبرتغالية حلت بالمدينة في شؤون تفاوضية‬ ‫لكن‪ ،‬مع كامل األسف‪ ،‬ومع تقدمي في العمر‪ ،‬صارت عيوب‬
‫حول افتكاك األسرى من الطرفين كما آوت المدينة العديد من‬ ‫«شهرزاد» بارزة وال يمكن أن تخفى حتى عن العيون الكليلة‪.‬‬
‫المسيحيين العلوج فضال عن أعداد األسرى البرتغاليين‪ .‬إنما‬ ‫المساحات الخضراء تآكلت واختفى أثرها أمام زحف معماري بشع‪.‬‬
‫كانت العقلية العسكرية اإلسبانية وآلة تفريخ «الحكايات»‬ ‫أناقة الحدائق المرتبة والمعتنى بها انمحت وصارت خبرا بعد‬
‫يجتهدان من أجل تشويه سمعة «المورو» وفي نفس الوقت‬ ‫عين وانتصرت النفايات على جهود المنظفات وعمال النظافة‪.‬‬
‫تبرير الخسائر الجسيمة في األرواح والمعدات أمام الشعب‬ ‫إنه إهمال وتقصير من المسؤولين وكذا من «الرعية»‪ ،‬لكن‬
‫اإلسباني الذي لم يكن مقتنعا بهذه المغامرة الكولونيالية‬ ‫للقضية جذور وعمق زمني‪ -‬تاريخي يجب تلمسه وفحصه‪.‬‬
‫الباهظة التكاليف خاصة والتجربة الكوبية كانت الزال حية في‬ ‫ما كان لهذا الواقع أن يحصل لوال تدخل عناصر الثقافة‬
‫ذاكرته‪.‬‬ ‫الغربية المباشر في المغرب في عصر الحماية‪ .‬تدخل حمل‬
‫ينسى اإلسبان كذلك حقيقة أن األندلس هي التي تحولت‬ ‫بين ثناياه بذور إرباك المنظومة الحضارية المحلية والوطنية‪.‬‬
‫إل��ى «القديسة» و«الغامضة» التي أرغمت ساكنتها على‬ ‫عاشت شفشاون ومحيطها القبلي في ظل توازن‪ ،‬رغم هشاشته‬
‫الخروج منها ولم تطأ قدم أي مسلم أرضها بعد فرض العقيدة‬ ‫وكثير من نقط ضعفه‪ ،‬مكن من إيجاد فضاء مريح وغير قاتل‬
‫المسيحية فيها باإلكراه‪ .‬إنها عملية قلب الحقائق رأسا على‬ ‫لإلنسان‪ .‬صحيح‪ ،‬لقد عرفت عالقة المدينة بقبائل الجوار فترات‬
‫عقب‪ ،‬االختصاص والهدف الرئيسي للفعل اإليديولوجي‪.‬‬ ‫من التوتر العصيب تفسره حكمة «حنا مسعودة» بغلبة الجانب‬
‫تم تصوير المغربي وكأنه شخص غليظ الطباع بيده‬ ‫السيء في اإلنسان المتمثل في حب المال والطمع واألنانية‪،‬‬
‫هراوة ويمنع بوحشية «المسيحي» الوديع من دخول «القديسة‬ ‫وح��ذرت من سوء عاقبته‪ .‬لم يكن ساكن القبيلة ليفكر في‬
‫والغامضة»‪ ،‬بينما الصورة الحقيقية هي أن المغربي كان يحاول‬ ‫محاصرة المدينة وهدم أسوارها وهويعتبرها مصدر رزق وحياة‬
‫الحفاظ على كينونته ووج��وده ما أمكنه ذلك‪ ،‬محاصرا في‬ ‫لوال أن هناك أسباب جدية تدفعه لذلك‪ .‬األسباب عديدة‪ ،‬لكن‬
‫موطنه منذ بداية احتالل ثغوره سنه ‪1415‬م ‪ ،‬حوصر وحورب‬ ‫أهمها اإلحساس بالحيف واالستغباء وبالقسمة غير العادلة ‪.‬‬
‫في البحار‪،‬وعندما لم يعد بإمكانه االتجار عبرها‪ ،‬اتهم بخوفه‬ ‫كانت أمور االقتصاد والتبادل التجاري بين المدينة والبادية‬
‫من األمواج وزهده في أرزاق البحر وخيراته‪ .‬ثم هوجم في عقر‬ ‫تقوم على معادلة ضمنية‪ ،‬عرفية‪ ،‬يقبل بها الجميع ‪ :‬الجدي‬
‫داره تحت تهمة كرهه لألجنبي وبالتعصب‪ ..‬وقاحة ما بعدها‬ ‫مقابل «رقعة» الجلباب الصوفي‪ .‬حينما يحس فالح و«كساب»‬
‫من وقاحة‪.‬‬ ‫البادية أن الجدي ال��ذي عرضه للبيع في سوق المدينة لم‬
‫تم تجاوز اإلهانات على الثغور بالنسبة ألهل األندلس‬ ‫وكليشيهات عن شفشاون «الغامضة» و«القديسة» وتباكت‬ ‫يمكنه من الرجوع من « السويقة» بقطعة الجلباب الصوفي‬
‫الملتحقين بأرض أجدادهم ووطنهم األصلي كما تم إيجاد‬ ‫المجالت والجرائد اليومية على «المدينة التي لم يطأ أرض‬ ‫لكساء نفسه وأبنائه أوبما يماثلها من سلع استهالكية أخرى‬
‫حلول لمصاعب الحياة تحت خطر الغارات‪ ،‬البرتغالية على‬ ‫أزقتها أي مسيحي قبل احتاللها»‪ ،‬ونسجت أساطير كتبة جدد‪،‬‬ ‫ال توفرها له البادية‪ ،‬يحس بأنه تعرض للنصب والسرقة فتثور‬
‫الخصوص‪ ،‬المفاجئة في كل لحظة‪ ،‬وعمل أهل شفشاون على‬ ‫لكن من نفس فصيلة كتبة شهرزاد‪ ،‬خيوط عنكبوت كثيفة‬ ‫ثائرته‪ .‬كذلك‪ ،‬حينما يدخل السوق بالمدينة‪ ،‬ولولقضاء أمور‬
‫تضميد الجراح النفسية والمادية السترجاع األنفاس وترميم‬ ‫كدخان القنابل المصنوعة خصيصا للتعتيم واإلخفاء وتشتيت‬ ‫أخرى كتحرير وثيقة عدلية مثال‪ ،‬ويلقي عليه أع��وان القائد‬
‫النسيج االجتماعي وذاكرة المكان مع إمارة الرواشد وبعدها مع‬ ‫الرؤية واالنتباه‪ ،‬تماما كما يفعل اإلخطبوط في األوق��ات‬ ‫القبض إليداعه السجن لوشاية أو الشتباه‪ ،‬يفقد القبلي ثقته في‬
‫السعديين ثم الملوك العلويين‪ .‬ظهرت بشفشاون نواة صناعة‬ ‫الحرجة‪ .‬هي كتابات وخطابات إيديولوجية صرفة‪ ،‬بكل ما‬ ‫المدينة ويحس بكونها تحولت لفخ ومصدر خطر على وجوده‪.‬‬
‫مزدهرة رغم تواضع حجم المدينة‪ ،‬لعب في تحفيز ازدهارها‬ ‫يحمله مصطلح إيديولوجيا من معاني سلبية‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬لم يكن ساكن القبيلة ليقبل بالتعامل مع المدينة‬
‫موقعها االستراتيجي ودينامية ساكنتها ومهاراتهم اليدوية‬ ‫تسلح المستعمر بهذا الخطاب ليبرر‪ ،‬في الداخل والخارج‪،‬‬ ‫وسوقها وقد تحوال إلى مصيدة لحريته ولماله‪ .‬ويكون بعدها رد‬
‫وقد أسلفت اإلش��ارة إلى سطوع نجم المدينة في ميادين‬ ‫تقتيل البشر من أجل دخول مدينة تمثل «وكرا للتطرف ووحوشا‬ ‫الفعل االنتقامي من المدينة الذي ال يطال في الحقيقة إال طبقة‬
‫الحياكة والدباغة والنجارة وإنتاج الزيت والصياغة (شهرة‬ ‫آدمية تعلق الرؤوس على األسوار بعد حزها وتحرق الجثث بعد‬ ‫التجار ورجال السلطة وأعوانها ‪ :‬قطع طرق قوافل التجارة المارة‬
‫الدملج الشفشاوني اخترقت اآلف��اق حينها) وتلوين الخشب‬ ‫التمثيل بها‪ ،‬ال تطيق رؤية أجنبي بجانبها ولهذا لم تطأ قدم‬ ‫على أراضي البادية وحصار المدينة مع التركيز على مهاجمة‬
‫والثياب (الحزام الصوفي النسوي كمثال) وغيرها‪ ...‬وتمكنت‬ ‫أي مسيحي أرضها»‪.‬‬ ‫دور أصحاب السلطة والسجن‪ .‬نعود مرة أخرى لعمق حكمة‬
‫ساكنة المدينة ومحيطها من إثبات أصالتها وأناقتها وتميزها‪.‬‬ ‫والحقيقة هي أن مدينة شفشاون‪ ،‬وإن كانت قد أسست‬ ‫حكاية صاحبة كهف رأس الماء وأهمية العامل االقتصادي في‬
‫أؤكد على محيط المدينة وأعني به القبائل المجاورة لكونه‬ ‫أصال من أجل الدفاع عن النفس من هذا العدو نفسه‪ ،‬ال‬ ‫تجييش النفوس سلبا وإيجابا وضرورة نهج «القناعة» والميل‬
‫كان يعرف تجمعات سكانية أخرى ال يستهان بها وربما تجاوز‬ ‫يمكن اعتبارها جزيرة منعزلة ثقافيا عن محيطها بالمغرب‪ ،‬هي‬ ‫للتواضع مع ضرورة الضبط الزاجر لكل مخالف ظالم دون رحمة‬
‫عدد سكانها في وقتها آنذاك عدد سكان شفشاون‪ ،‬وصلت‬ ‫جزء من الثقافة التي رضع منها كل المغاربة ‪ ،‬ثقافة التالقي‬ ‫وشفقة (لنتذكر أن براءة الطفل لم تشفع لألم الطامعة التي‬
‫هي األخرى درجة مرموقة من التمدن وتخطت مستوى القرية‬ ‫واالنفتاح على اآلخر لم تمجد أبدا‪ ،‬في تاريخها الطويل‪ ،‬ثقافة‬ ‫ألقت به في مهاوي الكهف وظلماته‪ )...‬يمكن أن نلمس هنا‬
‫في شكلها المحلي األصيل ‪ :‬مساكن من طابقين مع بساتين‬ ‫كراهية األجنبي‪ .‬ما يمقته المغاربة أشد المقت ليس األجنبي‪،‬‬ ‫دعوة صريحة لتأسيس دولة الحق والقانون وتطبيق العدالة‬
‫وحدائق ملحقة بها (كما بقي عليه الحال جزئيا وعلى شكل بقايا‬ ‫بل المتسلل المتلصص ولوكان من بني جلدتهم‪ .‬ال يتسامح‬ ‫ومحاسبة الثعالب المتلصصة وكل أصحاب النفوس الطامعة‪،‬‬
‫شاهدة على هذا الماضي بشفشاون إلى حدود نهاية ستينيات‬ ‫المغاربة مع عقلية التسلل الغادر وذلك لظروف أمنية حتمتها‬ ‫الدنيئة واألنانية‪.‬‬
‫القرن الماضي) نذكر منها على سبيل المثال ‪ :‬الخزانة‪ ،‬بني‬ ‫ظروف الحياة ‪ .‬يرحب المغربي بعفوية وكرم مشهور بكل من‬ ‫لعبت قوى االستعمار على وتر نفور أهل البادية من علية‬
‫يزيد‪ ،‬الشرافات‪ ،‬تنغاية‪ ،‬الحرايق‪ ،‬ماجو‪ ...‬والكالم هنا يتعلق‬ ‫يطرق بابه ويقدم عذره ونفسه‪ ،‬ويا ويل لمن أراد الدخول خفية‬ ‫قوم المدينة وعملت على تعميق الشرخ والهوة بين مكونات‬
‫بالقرون ‪17‬م‪18 ،‬م‪19 ،‬م وبدايات القرن ‪ 20‬م‪ ،‬ألن األحوال‬ ‫من النافذة‪.‬‬ ‫المجتمع المغربي‪ .‬انتصرت لفئة على أخرى ونشرت حمايتها‬
‫بعدها تغيرت كثيرا في هذه التجمعات السكانية المحيطة بفعل‬ ‫نسي اإلسبان أن شفشاون‪ ،‬وفي عز الهجمة األيبيرية على‬ ‫على قطيع من انحاز إلى جانبها‪ .‬نفخت في نار نزعة التعصب‬
‫األوبئة واالحتالل اإلسباني والهجرة التي صاحبته وتلته ‪.‬‬ ‫البالد‪ ،‬قد استضافت بين أسوارها األمير «بدروالبسطاردو»‬ ‫والتطرف وضخمت من صورتهما في إعالمها الذي ردد طويال‬
‫(يتبع)‬ ‫وفي بيت أسرة الرواشد المجاهدة نفسه‪ ،‬وأن العديد من‬ ‫األسطوانة‪ .‬امتألت الصحف والكتب االستعمارية بقصص‬
‫‪5‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫مرا�سالت ومطارحات لأعالم �شمال املغرب‬


‫‪- 56 -‬‬ ‫تقديم‬
‫أدب الرّسائل‪ ،‬يتضمّن جوانب مهمّة تقتضيها الكتابة الحرّة‪ ،‬والموضوع المسترسل‪ ،‬ويتضمّن هذا‬
‫األدب إشارات علمية‪ ،‬وإفادات فنّية‪ ،‬وإنشادات معرفية‪ ...‬وفي هذه السلسلة ندرج بعضاً ممّا تو ّفر لنا‬
‫من أدب الرّسائل التي التحمت فيها أرواح علماء شمال المغرب‪ .‬وندرج في هذه الحلقات مراسالت (صادرة‬
‫وواردة) من الفقيه األديب‪ ،‬الشريف سيدي البشير أفيالل‪ ،‬إلى صديقه وشيخه‪ ،‬مؤرّخ طنجة العالمة محمد‬
‫د‪ .‬يونس السباح‬ ‫سكيرج رحمهما اهلل‪ ،‬والتي أمدّنا بها الدّيبلوماسي األديب التّهامي أفيالل‪.‬‬

‫[‪]72‬‬
‫[من الفقيه األديب‪ ،‬الشريف سيدي البشير‬
‫أفيالل‪ ،‬إلى صديقه وشيخه‪ ،‬مؤرّخ طنجة العالمة‬
‫ّ‬
‫ويتفقد أحواله‪،‬‬ ‫محمد سكيرج يتشوّق لزيارته‪،‬‬
‫ويتابع بعض أموره‪]...‬‬
‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيّدنا محمد وآله‬
‫سيّدي وسندي وشيخي‪ ،‬األستاذ اإلمام‪ ،‬المحبوب الفؤاد‪،‬‬
‫أبا عبد اهلل محمد سكيرج‪ ،‬الحاج العارف‪ ،‬رعاكم اهلل وسالمه‬
‫عليكم ورحمة اهلل‪.‬‬
‫ّ‬
‫وبعد‪ ،‬إنّي أحمد إليكم اهلل الذي ال إله إال هو‪ ،‬وأصلي‬
‫على رسوله الكريم‪ ،‬وأترضّى عن صحابه الكرام‪ ،‬وعن شيخنا‬
‫أبي العباس‪ ،‬فإنّي قد عشقت االتّصال بكم تيلفونياً البارحة‪،‬‬
‫وقبل البارحة في ساعة عربية‪ ،‬فقابلني موالي رشيد النجل‬
‫الكريم‪ ،‬وأطفأ نار لوعتي‪ ،‬واضطراب فؤادي‪ ،‬بما أفادنيه من‬
‫قدومكم بالو َلد البارّ سيدي محمد من قصبة ابن رشيد في‬
‫حالة متحسنة تبعث على السّرور‪ ،‬وأنّه أخذ يتك ّلم مع من‬
‫المرحوم البشير أفيالل‬ ‫يخاطبه‪ ،‬فالحمد هلل حمداً كثيراً‪.‬‬
‫مؤرخ طنجة المرحوم محمد سكيرج‬
‫وإن السيّد الركيّك الذي له مزيد االتصال بأخيكم‬ ‫هذا‪ّ ،‬‬
‫الحمد هلل وحده‬ ‫االطالع على ما قد تكون بلغت إليه قضيّته‪ ،‬مع‬ ‫قد رغب في ّ‬
‫الكريم‪ ،‬ولكن من البعيد جدّاً أن يستمرّ لديكم هذه المدّة‪،‬‬
‫شيخنا األستاذ الجليل العالمة سيدي محمد سكيرج‪ ،‬رعاك‬ ‫ُ‬ ‫المفارقة بعدما أسندها إلى أخوّتكم لتشرفوا عليها‪ ،‬فأرجوكم‬
‫«واتل»‪« ،‬ولي فيها مآرب‬ ‫ومن الغريب أن ال تصحبون معكم‬ ‫إفادتي عنها‪ ،‬وإنّي كما تعلمون قد توحّشتكم غاية‪ ،‬فال‬
‫اهلل وسالمه عليك ورحمته‪.‬‬ ‫أخرى»‪ ،‬ولندع هذا الكالم الفارغ‪ ،‬ولنتقدّم إليكم من جديد‬ ‫بدّ من زيارة ولو خفيفة ذات يوم أو يومين‪ ،‬وإذا أمكن أن‬
‫وبعد‪ ،‬فقد وص��ل السيّد الوقور الحاج المرّراكشي‬ ‫بالتّأكيد عليكم في الزّيارة‪ ،‬فقد توحّشكم جارنا وفارقنا‪،‬‬ ‫تصاحبوا معكم الو َلد سيدي محمد فهو غاية المراد‪ ،‬وهو‬
‫الثمينة التي‬‫الطرق ّ‬
‫وصحبته وبداخله ما أودعتموه به من ّ‬ ‫وعلى المحبّة والسالم‪.‬‬ ‫األصلح له‪ ،‬وأَعد سالمي على موالتنا ربّة المنزل العامر‪ ،‬وعلى‬
‫طالما شاهدناها‪ ،‬وذلكم الشاشية وإقامتا الفرجيتين‪ ،‬والتمر‬ ‫وكتبه عن قلق وانزعاج‪ ،‬راجي عطفة ربّه‪ ،‬الوجل من سوء‬ ‫كا ّفة األنجال واألصهار‪ ،‬وعلى مودّتكم والسالم‪.‬‬
‫المزوّر بضريح الممنون لمسلمي هذا القطر المغربي الجدّ‬ ‫كسبه‪ ،‬البشير أفيالل‪ ،‬يوم األربعاء ‪ 3‬شعبان عام ‪1365‬هـ‪.‬‬ ‫في ‪ 22‬ربيع عام ‪1369‬هـ‪.‬‬
‫موالنا إدري��س رضي اهلل عنه‪ .‬وقد نشطنا بذلك‬
‫أخوكم‪ :‬البشير أفيالل‬
‫نشاطاً ال مزيد عليه‪ ،‬وإنّي أحمد اهلل على سالمة‬
‫نجل األخ من سفره‪ ،‬وحلوله بطرفكم‪ّ ،‬‬
‫وإن لنا لمزيد‬ ‫[‪]73‬‬
‫الغبطة بقدومه‪ ،‬والتّعرّف به‪ ،‬حتّى ننظمه بحول اهلل‬ ‫[من الفقيه األدي��ب‪ ،‬الشريف سيدي‬
‫ّ‬
‫المنظم‪.‬‬ ‫لعقد معاريفنا‬ ‫البشير أفيالل‪ ،‬إلى صديقه وشيخه‪ ،‬مؤرّخ‬
‫وإن ما أشرتم إليه من غفلتكم عن نسخة‬ ‫هذا‪ّ ،‬‬ ‫طنجة العالمة محمد سكيرج يشكو من‬
‫شهادة المراكشي بداخل «المليطة» فقد بحثتها ولم‬ ‫تو ّقف يراع الكتابة عن التواصل اإلجابي‪،‬‬
‫أجد لها أترابها‪ ،‬وسألتُ عنها التّهامي فأجاب بأنّك‬ ‫ويخشى أن يستمر األم��ر على هذا بعد‬
‫أدخلت ما كان من وثائق لجيبك قطعاً‪ ،‬وأنا كذلك‬ ‫أن قطعا شوطا كبيراً من التّواصل‬
‫كل حال‪ ،‬حيث ّ‬
‫إن األمر‬ ‫متي ّقن من ذلك أيضاً‪ ،‬وعلى ّ‬ ‫والمراسالت الهامة التي حملت علماً وادباً‬
‫ال زال متّسعاً والنّسخة غير مضروبة األجل‪ ،‬والدعوى‬
‫غير مشروع‪ ،‬فالوجه أن تأخذوا نسخة أخرى من ورثة‬
‫ولطفاً وظرفاً]‬
‫البقالي‪ ،‬وتصحبوها معكم عشيّة يوم ليلة القدر‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيّدنا محمد‬
‫وآله‬
‫بحول اهلل‪ ،‬وأنا سأشرع بحول اهلل وقوّته في مباشرة‬
‫ّ‬
‫المعظم‪ ،‬وإنّي‬ ‫بحث القضيّة بعد خروج شهر رمضان‬ ‫سيّدنا األخ الجليل‪ ،‬الشيّخ الفاضل‪ ،‬العالمة‬
‫شيخنا محمد سكيرج أمّنك اهلل تعالى‪ ،‬وسالم عليك‬
‫لفرح مسرور بما عزمتم عليه من زيارتنا في ليلة القدر‬
‫ورحمة اهلل‪.‬‬
‫المباركة‪ ،‬وأرجو أن يكون معكم نجل األخ رعاه اهلل‬
‫ليتمّ به السّرور‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬ففي النّفس شيء من هذه المساكتة التي‬
‫اعترت أقالمنا‪ ،‬ونخشى منها أن تضع أعالمنا‪ ،‬وكم‬
‫هذا‪ ،‬ونرجوكم أن تحوزا من مَحمد لوقش ما‬ ‫يتحمّل هذا القلب من نار البقاء‪ ،‬ويتجمّل من حرّ‬
‫وجب في حوائج فاس‪ ،‬وجزى اهلل عنا نجل األخ في‬ ‫الصّبر هذا الفؤاد‪ ،‬فلكما يا قلب ويا فؤاد اهلل وحده‪،‬‬
‫تعبه وتكلفه ما هو أهل له‪ ،‬وبفضلكم أبلغوا عنّي وال‬ ‫إليه تشكوان‪ ،‬وعليه تعتمدان في جلب المسرّة‬
‫بدّ باشا مراكش ‪-‬وال تتأخّر سيّدي عن زيارته‪ّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫والسّلوان‪ ،‬كتبنا وكتبنا نستنهض تلكم الهمم‪،‬‬
‫لك اآلن معه مصاهرة ال تخفاك‪ -‬تحيّاتي‪ ،‬وأشعروه‬ ‫ّ‬
‫ونحث ذلكم الجناب‪ ،‬فأعذرناكم أو ًال بحركة المعالجة‬
‫أنّني ال أقوى على زيارته لضعف بنيتي وكثرة الحرارة‪،‬‬ ‫التي نرجو لها النّجاح‪ ،‬وبماذا يا تراكم تواجهون اآلن‬
‫وال بأس أن تدفعوا له هذه الرّسالة التي تصلكم‬ ‫[‪]74‬‬ ‫ندائي‪ ،‬وتأذنون لصوت أحشائي؟‬
‫طيّه‪ ،‬وس ّلم منّي على كا ّفة األنجال واألصهار‪ ،‬ونجل األخ‬ ‫إنّني كما قرّرت لكم من العاجزين‪ ،‬فلئن كنتم أنتم‬
‫سيدي العربي التمسماني‪ ،‬ونطلب أن تكون حالة النّجل في‬ ‫[من الفقيه األديب‪ ،‬الشريف سيدي البشير‬
‫أف��ي�لال‪ ،‬إل��ى صديقه وشيخه‪ ،‬م��ؤرّخ طنجة‬ ‫كذلك فنسجل على هذه الحياة بالموت المعنوي‪ ،‬وننتظر‬
‫طريق التّحسّن‪ ،‬وما ذلك على اهلل بعزيز‪ ،‬واهلل يجازيكم بما‬ ‫دار الخلد حيث نجتمع االجتماع الحقيقي‪ ،‬ونجني ثمار هذا‬
‫أنتم له أهل‪ ،‬على كمال هذا االعتناء الذي أجدني عاجزاً حاسر‬ ‫العالمة محمد سكيرج يخبره بوصول السيد الحاج‬ ‫ظل العرش الذي وعدنا به‬ ‫التّعاون الخالص‪ ،‬ونتبحبح تحت ّ‬
‫ال ّلسان عن تأدية بعض الواجب عليه‪ ،‬وعلى تمام مودّتكم‬ ‫المراكشي‪ ،‬وتوصّله بما أرسل معه من أغراض‪،‬‬ ‫على لسان من ال ينطق عن الهوى‪.‬‬
‫ّ‬
‫المعظم عام ‪1365‬هـ‪.‬‬ ‫والسالم‪ .‬في ‪ 19‬رمضان‬ ‫وفرحه بذلك فرحاً ال مزيد عليه‪ ،‬ثمّ تحدّث عن‬ ‫سيّدي‪ ،‬قد كان أبلغني من أثق به أنّكم عازمون على‬
‫أخوكم‪ :‬البشير أفيالل‬ ‫الوثيقة الضائقة من سكيرج‪]...‬‬ ‫الحركة‪ ،‬وما ثبّطكم عنها إ ّال بالغ نجل األخ سيدي عبد‬
‫‪6‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫املغرب‬
‫ِ‬ ‫مال‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ب�ش‬ ‫�صول‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬
‫أ‬ ‫ا‬ ‫ماء‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫م‬ ‫راج‬‫ت‬‫َ‬
‫ِم ْن ِ ِ‬
‫• أ ‪ .‬د ‪ .‬قطب الريسوني‬ ‫‪9/7‬‬
‫بإنضاء‬
‫ِ‬ ‫وبعضُها مغمورٌ ال يُتهدّى إليه َّ‬
‫إال‬ ‫العلم تُراثاً وأعالماً‪.‬‬
‫ووسائلِها لخدمةِ هذا ِ‬ ‫لعلم األصو ِل سوقٌ َ‬
‫نافِق ٌة بشما ِل المغرب‬ ‫كان ِ‬
‫ِّ‬
‫التَّأريخ للحركةِ العلميَّةِ بالمنطقةِ الرويَّةِ واستْكدادِ الذه ٍن؛ وال سيَّما إذا كان‬
‫ِ‬ ‫سياق‬
‫وفي ِ‬ ‫علماء الحواض ِر‬
‫ُ‬ ‫ِاألقصى؛ إذ قامَ على إقرائِهِ‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫الشماليَّةِ‪ ،‬أسوقُ هذه اإلضمامة من التَّراجم‪ ،‬المترجَمُ به منزويا في فِجاج المداشِ ِر والبوادي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وكتبت فيه التَّصانيفُ والرسائل المفردة‪،‬‬ ‫والبوادي‪ُ ،‬‬
‫النَّاس‪.‬‬
‫واالنقباض عن ِ‬
‫ِ‬ ‫مُسْتَصْفياً نُخبتَها من المصاد ِر وأفواهِ الرِّجا ِل‪ ،‬مُؤثراً للعزلةِ‬ ‫وجرَّدتِ المنابرُ الجامعيَّ ُة صدراً صالحاً من ِ‬
‫برامجها‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد بن حمادي الورياغليُّ ( ‪1347‬ـ‪1421‬هـ)‬
‫أبو عبد اهلل محمَّد بن حمادي الحنكوريُّ الورياغليُّ أص ً‬
‫ال‪،‬‬
‫التطاونيُّ نُز ًال ومَدفناً‪ ،‬المعروفُ ب (امحند) على طريق أهل‬
‫مطلعٌ‪ ،‬عَقالنيُّ‬ ‫الرِّيفِ في تخفيفِ اسم محمَّدٍ‪ :‬أصوليٌّ َّ‬
‫المنزع‪ ،‬جيّدُ المشاركةِ‪ ،‬مليحُ النَّادرةِ‪ ،‬صادعٌ برأيه ال يُداهن‬ ‫ِ‬
‫فيه وال يُحابي‪ .‬كان من صدو ِر المدرِّسين في المعهد الدينِّي‬
‫علم األصول‪ ،‬يتهافتون على‬ ‫طالب ِ‬ ‫بتطوان‪ ،‬أثيراً عند َّ‬ ‫َ‬ ‫الثانويِّ‬
‫الفراش على النَّا ِر‪ .‬وكان يقول بجوا ِز الفوائدِ‬ ‫ِ‬ ‫حِلقه تهافتَ‬
‫المصالح ! إلى ُفسولةٍ‬‫ِ‬ ‫ويناضل عن ذلك تحت غطا ِء‬ ‫ُ‬ ‫الربويَّةِ‪،‬‬
‫في إنشائهِ وعبارتهِ‪.‬‬
‫تطوان‪ :‬التهامي الوزانيِّ‪ ،‬ومحمد بن تاويت‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أخذ عن شيوخ‬
‫ومَحمد عزيمان‪ ،‬وعن شيوخ فاس‪ :‬موالي العربي العلويِّ‪،‬‬
‫علم‬
‫والعربي الشاميِّ‪ ،‬وعبد اهلل الداوديِّ‪ ،‬وهو عمدتُهُ في ِ‬
‫األصول‪.‬‬
‫َ‬
‫بتطوان‪ ،‬في‬ ‫األعظم‬
‫ِ‬ ‫بالجامع‬
‫ِ‬ ‫(الموافقاتِ)‬ ‫كتابَ‬ ‫أقرأ‬
‫األعيان والنّجبا ُء‪ ،‬وساردُهُ آنذاك محمَّد‬ ‫ُ‬ ‫حلقةٍ حافلةٍ غشيها‬
‫الخمس‪ ،‬وأقرأ‬
‫ِ‬ ‫تدريسهِ إلى الكليّات‬ ‫ِ‬ ‫الزيانيُّ(‪ ،)2‬وانتهى في‬
‫تدريسهِ على‬
‫ِ‬ ‫محققاً في‬ ‫بالجامع نفسه (إرشادَ الفحول)‪ ،‬وكان ِّ‬ ‫ِ‬
‫الشيخ محمد الزمزمي بن الصديق‬ ‫الشيخ محمد السعيدي الجردي‬ ‫سَنن الكبا ِر(‪ .)3‬وأقرأ علمَ أصول الفقه بكليَّة أصول الدِّين‪،‬‬
‫القياس ولواحقِهِ‪ ،‬ومن أعيان‬ ‫ِ‬ ‫وكانت دروسُ��هُ محرَّر ًة عن‬
‫وأحمد الدامون‪ ،‬ويونس أبو عبد الرحمن‪ ،‬وإلياس شقور‪،‬‬ ‫(مدلول العامِّ)‪ ،‬بعد شرح مائة وعشرين قاعدة‪ ،‬وكان قد شرع‬ ‫ِ‬ ‫طالبه في هذا ال��درس‪ :‬جالل راغ��ون‪ ،‬وجمال عالل البختيُّ‪،‬‬
‫ومحمد الرواس‪..‬‬ ‫في اختصا ِرهِ في جزأين صغيرين‪ ،‬ولم يسع ُفهُ الوقتُ إلتمامِهِ‪.‬‬ ‫ومحمد الوكيليُّ‪.‬‬
‫طنجة ومدارسِها العتيقةِ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أقرأَ علمَ األصول بمساجدِ‬ ‫مسائل‪ ،‬منها‪ ( :‬األولى‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫الكتاب‬ ‫وقد وردت في مقدمة‬ ‫تلميذهُ جالل راغون في وصفِ درسِ��هِ وكفايتِهِ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫فختم (مفتاحَ الوصول) و(نشرَ البنود على مراقي السعود)‬ ‫كتابي هذا مقتبَسٌ من «جمع الجوامع» لتاج الدين السبكيِّ‪،‬‬ ‫علم‬
‫ِ‬ ‫مباحث‬ ‫ــ‬ ‫اهلل‬ ‫رحمه‬ ‫ــ‬ ‫ُّ‬‫ي‬ ‫الورياغل‬ ‫امحند‬ ‫الشيخ‬ ‫(درَّسنا‬
‫مرّاتٍ‪ ،‬وختم (جمعَ الجوامع) بشرح المحليِّ خمسَ مرّاتٍ‪،‬‬ ‫فكل ما في «جمع الجوامع» وشرحِه للمحليِّ فهو فيه‪ ،‬إال أقوال‬ ‫ُّ‬ ‫بتطوان سنة ‪1986‬م‪،‬‬ ‫َ‬ ‫القياس ولواحقه بكليّة أصول الدين‬
‫المخالفين التي ال فائد َة فيها؛ فإني لم أذكرها؛ بل اقتصرتُ‬ ‫مذكرةٍ خاصَّةٍ حرَّرها بقلمه‪ ،‬لكنه إذا شرع‬ ‫وكان يعتمد على ِّ‬
‫وتذليل عباراتِهِ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وكان مشاراً إليه ِ‬
‫بفتح مغالقِهِ‪،‬‬
‫َ‬
‫تلميذهُ محمَّد ال��روَّاسُ‪ ( :‬درسنا على الشيخ كتباً‬ ‫ُ‬ ‫قال‬ ‫القول الرَّاجح‪ ،‬واكتفيتُ به عنها‪ .‬الثانية‪ :‬قد َّألف الخضريُّ‬ ‫ِ‬ ‫على‬ ‫استرسل وأفاضَ وتعمَّق في المسائل‪ ،‬بصورةٍ‬ ‫في الشَّرح‬
‫فصول من‬ ‫و»‬ ‫الوصول»‪..‬‬ ‫«مفتاح‬ ‫مثل‪..‬‬ ‫هلل‪،‬‬ ‫والحمد‬ ‫كثير ًة‪،‬‬ ‫�ول الفقهِ‬ ‫�ول الفقه حاول فيه أن يوضِّحَ أص� َ‬ ‫�‬ ‫أص‬ ‫في‬ ‫ً‬
‫ا‬ ‫كتاب‬ ‫المجال لمفاوضتِهِ‬ ‫َ‬ ‫تمكنهِ العلميِّ‪ ،‬وكان يُفسح‬ ‫دالةٍ على ُّ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫و«جمع الجوامع» البن السبكيِّ‪ ،)14()..‬وقال واصفاً‬ ‫«الموافقات»‪..‬‬ ‫ويبسط مسائله‪ ،‬ولكنَّه لم يفعل شيئاً مما أراد؛ ألنه عمدَ إلى‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ومذاكرتِهِ‪ ،‬ويشجِّع طالبه على ذلك مستأ ِنسا بجوِّ المناقشاتِ‪،‬‬
‫ِ‬
‫الكتاب بنفسه‪،‬‬‫ِ‬ ‫درسَهَ األصوليَّ‪ ( :‬يبدأ الشَّيخُ الدَّرسَ بسردِ‬ ‫كتب األصول الواسعة ‪ ،‬فنقل منها نقو ًال بنصِّها وفصِّها من‬ ‫إلى مواظبتِهِ وحرصِهِ على مواعيد المحاضراتِ‪ ،‬وأذكرُ‬
‫َ‬
‫األمثلة‪،‬‬ ‫ويقف مع كلماتهِ وجُملهِ‪ ،‬ويفصِّلها تفصي ً‬
‫ال‪ ،‬ويضربُ‬ ‫المتعلمين‬‫ِّ‬ ‫تعليق‪ ،‬فأشكل أمرُها‪ ،‬وصعُب على‬ ‫شرح وال‬ ‫الطالبَ لم يحضروا درسه في نهايةِ السَّنةِ الدِّراسيَّة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫أن‬
‫َّ‬
‫ٍ‬ ‫غير ٍ‬ ‫ِّ‬
‫ليق اللسانِ‪ ،‬على‬ ‫الط ِ‬ ‫بالفصيح َّ‬ ‫يكن‬ ‫ولم‬ ‫وحدي‪.‬‬ ‫َّسني‬ ‫ر‬ ‫فد‬
‫فيشرح الغامضَ‪ ،‬ويقفُ عند مواردِ الخالفِ التي خالف فيها‬ ‫فهمُها‪ ،‬وكنت أقرأ كتابه مع الطلبة‪ ،‬فكنت أالقي من المشقة‬ ‫ِ‬
‫المصنِّفُ ــ أي ابن السبكي ــ الجمهورَ أو بعضَ المذاهب‪،‬‬ ‫المشقة التي كنت أالقيها في قراءةِ «جمع‬ ‫َّ‬ ‫في قراءته أعظم من‬ ‫األصول)(‪.)4‬‬
‫ِ‬ ‫تمكنهِ من ناصيةِ‬ ‫ّ‬
‫أسباب ذلك‪ ،‬ثم يذكرُ أقربَ األقوال‬ ‫ِ‬ ‫فيطول نَ َفسُه في بيان‬ ‫ِّ‬
‫الجوامع»‪ ،‬لعدم وجود مرجع أرجع إليه في حل النُّصوص‬ ‫له في األصول‪:‬‬
‫اطمأن إليها‪ ..‬وفي أثناء الشَّرح يأتي ببعض اإلضافاتِ‬ ‫َّ‬ ‫التي‬ ‫المنقولةِ‪ ،‬والتَّعبير عنها بعباراتٍ واضحةٍ مبيِّنةٍ للمراد منها‪.‬‬ ‫َّشريع اإلسالميِّ ) (‪.)5‬‬ ‫ِ‬ ‫‪( . 1‬اإلجماعُ وأثرهُ في الت‬
‫كتب أخرى‪ ،‬ويصحِّح األخطا َء التي تشين بعضَ النُّسخ‪،‬‬ ‫هذا؛ مع أنه فاتتهُ جمل ٌة من‬ ‫‪( . 2‬القياسُ ولواح ُقهُ من وجوهِ االجتهادِ)‪ ،‬وهو مجموعُ‬
‫من ٍ‬ ‫المسائل المهمَّةِ المفيدةِ التي‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫بتطوان‪ ،‬ألقاها‬ ‫محاضراتِهِ األصوليَّةِ بكليَّةِ أصول الدين‬
‫ويتعقب ــ رحمه اهلل ــ المصنِّفَ في بعض أقوالِه‪ ،‬وقد يلتمس‬ ‫ًّ‬ ‫ال غنى في علم األصول عنها‪ .‬ثم جاء بعده أناس نهجوا نهجَه‪،‬‬
‫َّ‬
‫الطالبَ من‬ ‫له عذراً إذا جانب الصَّوابَ في رأيه‪ ..‬وكان ّ‬
‫يمكنُ‬ ‫واجتناب‬ ‫بوضوح العبارةِ‪،‬‬ ‫ونسجوا على منواله‪ ،‬إال أنهم فاقوه‬ ‫ال ِب السَّنةِ الرَّابعة(‪.)6‬‬ ‫على ط ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّمرين والتَّدريب‪ ،‬فيصحِّح‬
‫للتمرّس والت ِ‬
‫ِ‬ ‫سردِ الكتاب بالتَّناوب‬ ‫مسائل‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫فاتهم‬ ‫َّهم‬‫ن‬ ‫ولك‬ ‫نقل النصوص المقتضي للتَّطويل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أصول التَّشريع لدى فقها ِء‬ ‫ِ‬ ‫في‬ ‫المصالح‬
‫ِ‬ ‫رعاية‬ ‫(مدى‬ ‫‪.3‬‬
‫أخطا َءنا في ضبطِ الكلماتِ‪ ،‬وربما وقف في موضع شارحاً‬ ‫األصول المهمَّةِ أكثر مما فاته‪ ،‬وتركوا جمل ًة مما ذكره‪ .‬الثالثة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫المغرب)(‪.)7‬‬
‫ِ‬
‫ٍ‬ ‫قواعدُ علم األصول معلوم ٌة من الكتاب والسنَّة‪ُّ ،‬‬ ‫توفي يوم الخميس ‪ 21‬ذي القعدة عام ‪1421‬هـ ودُفن‬
‫للمرَّةِ الثانيةِ)(‪.)15‬‬ ‫فكل مجتهدٍ‬
‫صبيحة يوم السبت‪ 11‬جمادى األولى‪1442‬هـ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫توفيَّ‬ ‫َ‬
‫الصحابة والتَّابعين كثيراً‬ ‫يعمل بها‪ ،‬ويبني اجتهادَه عليها‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫َ‬
‫تطوان‪.‬‬ ‫بمقابر‬
‫‪----‬‬ ‫بوجوب الشيء أو بتحريمِه اعتماداً على أمر الشارع‬ ‫ِ‬ ‫ما يحكمون‬ ‫(‪)8‬‬
‫محمد الزمزمي ابن الصدِّيق ( ‪ 1330‬ـ ‪1408‬هـ)‬
‫(‪ )1‬ترجمته في‪ :‬من أعالم شمال المغرب للترغي‪ 271 / 1 ،‬ــ ‪ ،273‬ومشاهير‬ ‫وألف فيه تأليفاً خاصاً به‬ ‫به أو نهيه عنه ‪ ،‬لكن أوَّل من دوَّنه‪َّ ،‬‬ ‫أبو صهيب محمد الزمزميُّ بن محمد بن الصديق الحسنيُّ‬
‫علماء المعاهد الدينية بمدن شمال المغرب‪ 85 ،‬ــ‪ ،86‬وترجمة قصيرة للعالمة‬ ‫َ‬
‫الفقيه الدكتور امحند الورياغلي لتوفيق الغلبزروي‪ ،‬موقع « بريس تطوان‬ ‫اإلمام الشافعيُّ ــ رحمه اهلل ــ‪.)11( )...‬‬ ‫طنجة‬ ‫نسباً‪ ،‬الغُماريُّ ِنجاراً‪ ،‬الطنجيُّ داراً ومَدفناً‪ :‬من علما ِء‬
‫اإللكتروني»‪2013 / 12 / 14 ،‬م‪.‬‬ ‫ً‬
‫وقد انتخبَ األستاذ عبد الباري الفتوح عشرين قاعدة من‬ ‫وص��دو ِر مدرِّسيها‪ ،‬كان مشاركاً في العلوم‪ ،‬مُحارباً للبدع‪،‬‬
‫(‪ )2‬أفادني عن هذه الحلقة األصولية األستاذ أحمد بنياية حفظه اهلل‪ ،‬وكان‬ ‫َّعليق عليها في رسالةٍ جامعيَّةٍ‬
‫من روادها والمواظبين عليها‪.‬‬ ‫بإخراجها والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكتاب‪ ،‬واضطلع‬ ‫المشرب‪ .‬درس بمصر على محمد حسنين مخلوف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫سَلفيَّ‬
‫(‪ )3‬أفادني ذلك تلميذه أحمد أهالل حفظه اهلل تعالى ‪.‬‬ ‫«توضيح أصول الفقه» للعالمة‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫قواعدُ‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬ ‫بعنوان‬ ‫موسومةٍ‬ ‫ومحمد إمام السقا‪ ،‬وبخيت المطيعي‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫(‪ )4‬من مراسلة خاصة وردت علي من تلميذه األستاذ جالل راغون ــ حفظه‬ ‫الشيخ سيدي محمد الزمزميِّ) (‪.)12‬‬ ‫َ‬
‫(حصول المأمول)‬ ‫أقرأ (جمعَ الجوامع )‪ ،‬و (إرشادَ الفحول) و‬
‫اهلل ــ‬ ‫ٌ‬
‫مخطوط‪.‬‬ ‫‪( . 3‬مقاصدُ القرآنِ ‪ ،‬وهو‬ ‫للقنوجيِّ بداره في القصبة‪ ،‬وأقرأ (جمعَ الجوامع) أيضاً بالجامع‬
‫(‪ )5‬رسالة ماجستير نوقشت بدار الحديث الحسنية بتاريخ‪ 1976 / 4 / 19‬تحت‬
‫إشراف محمد المكي الناصري‪.‬‬ ‫‪( . 4‬موقفُ المستفتي العاميِّ إذا اختلفت فتاوى المفتين)‪،‬‬ ‫بتطوان‪ ،‬وأقرأ (الورقات) و ( المستصفى) في زاوية محمد‬ ‫َ‬ ‫األعظم‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬ترجمة قصيرة للعالمة الفقيه الدكتور امحند الورياغلي للغلبزروي‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫مخطوط‪.‬‬ ‫وهو‬ ‫بطنجة‪ ،‬و(لبَّ األصول) لزكريا األنصاريِّ في‬ ‫َ‬ ‫بن الطيب البقاليِّ‬
‫موقع بريس اإللكتروني‪.2013 / 12 / 14 ،‬‬ ‫توفي بطنجة يوم الجمعة ‪ 28‬ذي الحجة عام ‪ 1408‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )7‬رسالة دكتوراه نوقشت بدار الحديث الحسنية بالرباط‪.‬‬ ‫طالب حلقته األصوليَّة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الزَّاوية الصِّديقيَّةِ(‪ ،)9‬ومن أعيانِ‬
‫(‪ )8‬ترجمته في‪ :‬إسعاف اإلخوان الراغبين للسلمي‪ ،‬ص ‪ 82‬ــ ‪ ، 84‬وعبق من‬ ‫(‪)13‬‬
‫محمد بن عبد السالم الجرديُّ (‪1361‬ـ ‪1442‬هـ)‬ ‫محمد الترغيُّ‪ ،‬وعبد اهلل التليديُّ‪ ،‬والحسن ابن الصديق‪،‬‬
‫شذى العدوتين للعمراني‪ 210 ،‬ــ ‪ ،233‬وذكريات من حياتي لعبد اهلل التليدي‪،‬‬
‫أبو عبد الرحمن محمد بن عبد السالم السعيديُّ األنجريُّ‬ ‫وإبراهيم ابن الصديق‪ ،‬ومحمد بن عبدالسالم ابن عجيبة‬
‫(‪ )9‬ذكريات من حياتي للتليدي‪ ،‬ص ‪ ،52‬وعلماء في ضيافة المجلس العلمي‬
‫ص ‪.162‬‬
‫مولداً ونجاراً‪ ،‬الطنجيُّ دار وإقباراً‪ ،‬المعروف بـ (الفقيه الجرديِّ)‬ ‫الحوزي‪ ،‬ونجله أُبيّ بن محمد الزمزمي ابن الصديق‪.‬‬
‫بطنجة‪ ،‬ص ‪.10‬‬ ‫معظم للسنَّةِ‪ ،‬محاربٌ‬‫نسب ًة إلى مدش ِر الجردة‪ :‬عالم سلفيٌّ‪ِّ ،‬‬ ‫وله في األصول‪:‬‬
‫(‪ )10‬طبع بتطوان‪ ،‬سنة ‪ 1346‬هـ ‪.‬‬
‫للبدع‪ ،‬قائمٌ على تدرس المتونِ الشرعيَّةِ‪ ،‬مقصودٌ في‬ ‫المقلدة ليسوا من‬ ‫ِّ‬ ‫‪( . 1‬إع�لامُ الفضالء ب� َّ‬
‫�أن الفقها َء‬
‫(‪ )11‬مصوَّرة عن األصل الذي بيد نجله األستاذ المفضال أبي الزمزمي حفظه‬
‫اهلل تعالى‪ ،‬وقد مكنَّني منها األستاذ الباحث عبد اللطيف السماللي مشكوراً‪.‬‬ ‫َ‬
‫مبذول البَشاشةِ وال ِبشْ ِر‪ .‬أخذ‬ ‫الفتوى‪ ،‬مُحَنَّك في الخطابةِ‪،‬‬ ‫العلماء(‪.)10‬‬
‫(‪ )12‬أحرز بها شهادة اإلجازة من كلية أصول الدين بتطوان تحت إشراف‪:‬‬ ‫علمَ أصول الفقه عن عبد اهلل بن عبد الصادق التمسمانيِّ‪،‬‬ ‫(جمع الجوامع)‬
‫أصول الفقهِ)‪ ،‬وهو تلخيصٌ لـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ( . 2‬توضيحُ‬
‫محمد علي ابن الصديق‪ ،‬السنة الجامعية‪ 1999 ( :‬ــ ‪ 2000‬م )‪.‬‬
‫ومحمد بن عبد السالم ابن عجيبة‪ ،‬وعبد الحيِّ ابن الصدّيق‪،‬‬ ‫المؤلفُ إلى ذلك في المقدمة‪ ،‬وقد سَمّى فيها‬ ‫ِّ‬ ‫كما أومأ‬
‫(‪ )13‬ترجمته في ‪ :‬موسوعة ويكيبيديا‪ ،‬والقول الوردي في ترجمة العالمة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫محمد الجردي لعمر بن أحمد البيضاوي ‪ ،‬موقع ( هوية بريس )‪2014 / 12 / 3 ،‬‬ ‫والحسن ابن الصدّيق‪ ،‬ومحمد الزمزمي ابن الصدّيق‪ ،‬ومن‬ ‫المسائل األصولية قواعدَ‪ ،‬فكان يوردُ القاعدة ثم يضطلعُ‬
‫م‪ ،‬ومن ذكرياتي مع العالمة الجردي لحماد القباج‪ ( ،‬الموقع الرسمي بتاريخ ‪/ 27‬‬ ‫مقروءاته عليهم‪( :‬الورقاتُ)‪ ،‬و( مفتاحُ الوصول) و(والمستصفى)‬ ‫ُ‬
‫بشرحِها وإيضاحِها بالـمُثل الفقهيَّةِ‪.‬‬
‫‪.) 2020 / 12‬‬ ‫والكتابُ محرَّرٌ بتاريخ جمادى الثانية ‪1388‬هـ‪1968 /‬م‪،‬‬
‫(‪ )14‬من مقال منشور له بجريد ( الكرونيك ) اإللكترونية‪.‬‬ ‫و (جمعُ الجوامع )‪ ،‬وعنه خلقٌ كثيرٌ‪ ،‬ومنهم‪ :‬عبد العزيز‬
‫(‪ )15‬من مراسلة خاصة وردت عليه من تلميذه مشكوراً‪.‬‬ ‫المرابط‪ ،‬وهشام اغبالو‪ ،‬وحمَّاد القباج‪ ،‬وسفيان القاسميُّ‪،‬‬ ‫مؤل ُفهُ إلى مبحثِ‬‫في كراريسَ تبلغ (‪ )140‬ورقة‪ ،‬وانتهى فيه ِّ‬
‫‪7‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫عودة مفقود‬ ‫الشمال الثقافي‬


‫اختفى منذ عقود ‪:‬‬

‫«دليل الحج والسياحة»‬


‫• محمد وطاش‬
‫لمؤلفه أحمد بن محمد الهواري (ت‪1953‬م)‬
‫حلها وترحالها بين الحواضر‪ ،‬ولما هجرت األهل واألحباب لطلب العلم بمدينة‬ ‫هذا الكتاب النادرالذي طبعت منه ثالثمائة نسخة في حلة ورقية راقية بالمطبعة‬
‫فاس‪ ،‬حملته معي في وطابي‪ ،‬وزودت به خزانتي‪ ،‬لكن دوام الحال من المحال‪،‬‬ ‫الرسمية بالرباط سنة‪ ..1935‬كان والدي ـ رحمه اهلل ـ يحتفظ بنسخة منه في‬
‫فأنيسي في غربتي اختفى في غامض الظروف واألحوال‪ .‬وبعد عقود جاءتني‬ ‫صندوق ذخيرة من مخلفات «حرب الرمال» جلبه تذكارا من «حاسي بيضا» إلى‬
‫بشارة من صديقي الحميم‪ ،‬األستاذ الجليل الدكتورعبد اللطيف شهبون الذي‬ ‫مقر سكنانا بقشلة «جانكير»بالدارالبيضاء‪ ،‬وكان يحيطه بعناية خاصة ويتفقده‬
‫أخبرني ذات عشية من العشر األواخر من رمضان‪ ،‬أنه قد عثر على هذا الكتاب‬ ‫بين الفينة واألخرى‪ ..‬وكنت ـ أنا الطفل الفضولي الصغيرـ أتحين الفرص لالطالع‬
‫المقيد باسم والدي في سوق الغرسة الكبيرة بتطوان‪.‬‬ ‫على مكنون ذلك الكتاب الكبير‪ ،‬وكلما استفردت به‪ ،‬تصفحته وتهجيت حروفه‬
‫واحتفاء بهذا العائد المفقود منذ عقود‪ ،‬يطيب لي أن أفرش له بساطا من الورود‬ ‫وأمعنت النظر في مجمل صوره‪..‬‬
‫عبر سلسلة حلقات في رحاب هذا العمود‪.‬‬ ‫ظل هذا الكتاب بين أحضان أسرتي في الحفظ والصون‪ ،‬وظل رفيقا لها في‬

‫�آخر باب يف الكتاب ‪ :‬باب الإعالنات‬


‫أطوار رحلته‪ ،‬ولها يرجع الفضل في تجميع مادة‬ ‫بأسلوب بسيط تيسيرا الستيعاب مضامينها من لدن‬ ‫هكذا نكون قد أتينا على نشر آخر فقرة من فصول‬
‫هذا الكتاب الذي حظي بطبع ثالثمائة نسخة منه‬ ‫المغاربة البسطاء وأصحاب السعادة‪.‬‬ ‫هذا الكتاب المفيد المعزز بصور من اختيار الكاتب‬
‫في المطبعة الرسمية بإذن من المغفور له محمد‬ ‫وتتعلق هذه اإلعالنات بوسائل النقل ‪-‬الطرقية‬ ‫وأخرى من اختيارنا‪ ،‬انتقيناها من مصادر مختلفة‪،‬‬
‫الخامس‪.‬‬ ‫والسككية وال��ب��ح��ري��ة‪ --‬وال��ف��ن��ادق والسيارات‬ ‫تزكية لعدد من المقاالت المنشورة ضمن هذا الركن‪،‬‬
‫والصيدليات ومخازن البضائع ومكاتب بيع وشراء‬ ‫وهي لشخصيات بارزة التقى بها المؤلف في مناسبات‬
‫وللقارئ الكريم واس��ع النظر في تأمل بالغة‬ ‫العقارات وغيرها من اإلعالنات الموشحة جلها بصور‬ ‫معينة غب أماكن زارها ببلدان عربية وغربية إبان رحلته‬
‫هذه اإلعالنات التي صدرت منذ ما يناهز ‪ 86‬سنة‪،‬‬ ‫واضحة عالية الجودة‪.‬‬ ‫الحجية‪ ..‬وحفاظا على األمانة سننشر على التوالي‬
‫ويقارنها مع األنماط السائدة حاليا !‬ ‫ولعل عددا من هذه اإلعالنات قد سبق نشره في‬ ‫باب اإلعالنات الملحق بكتاب «دليل الحج والسياحة»‬
‫(يتبع)‬ ‫جريدة السعادة التي كان يراسلها المؤلف خالل‬ ‫الذي شمل قصاصات إشهارية متنوعة حررها المؤلف‬
‫‪8‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫ُق� ُشو ٌر‬ ‫همسات‬ ‫من‬


‫الذاكرة ‪:‬‬
‫تَز َح ُم املَ� ْشه َد‬ ‫‪1‬‬
‫أحمد بنميمون‬
‫ت�س�أل‬
‫ٌ‬
‫ـــــــــــــــول‬ ‫�أُ ُف‬ ‫‪- 62‬‬ ‫وردة حمراء‬
‫حين كان ضوء سيدة البهاء يصل إلى قلوبنا‪ ،‬كانت تفضل أن تظل على‬
‫الواجهات التي لم نكن نخفي إعجابنا بها‪ ،‬حتى ونحن نحتل ما نحتل من مقاعد في‬
‫أعماق قاعات الدرس‪ ،‬أو أرائك متواضعة في مالهينا البسيطة‪ ،‬وكانت تكتفي بـأن‬
‫�أمها‬

‫من الـــــــــــذاكـــــــة‬
‫تنشر بهاء أطيافها المتراقصة على وجوهنا‪ ،‬وعلى ورود كنا ال نشبع من النظر إليها‪،‬‬
‫في بساتين ال يكف كل ما فيها عن مبادلة سيدتنا الفاتنة ابتساماً بابتسام‪ ،‬فيشرق‬
‫كل ما حولنا‪ ،‬وإن كانت جلستنا خلف زجاج نوافذ من منازلنا حيث يصلنا نصيبنا من‬
‫مِل الرياح‬
‫جمال الصباحات‪ ،‬ونحن ندرس ونعمل‪ .‬أو ونحن داخل هذه المقهى محدودة الرواد‬
‫في هذا الوقت المبكر من نهارات أوائل الصيف‪ ،‬في ذلك الزمان البعيد‪.‬‬
‫أنا كنت ال أكف عن الحلم بإدراك األجمل‪ ،‬وعناق أقمار كانت ال تأفل إال لتبزغ‪،‬‬
‫ترمي دمها‬
‫علينا وحدنا؟‬
‫وشموس ال تغيب إال لتطل معلنة إشراق أروع الصباحات على روابي و وهاد أهدإ‬
‫جنات هذه البالد‪ .‬كانت جلساتي هنا صلوات بأنغام من نور‪ ،‬تنبعث بها صلواتي‬
‫التي يشرق منها محراب هو ذاتي التي يشعلها عشقي لكل أشياء هذا الوجود‪.‬‬
‫هنا كان من أحببتهم من رفاقي‪ ،‬ومن هنا كنا ننطلق لنسير إلى كل العالم على‬
‫أجنحة الكلمات حينا‪ ،‬وعلى صهوة ما كان تشدو به العصافير في جلساتنا‪ ،‬أو ُّ‬
‫تبثه‬ ‫‪2‬‬
‫سِحْر ماهرة من بيننا على أوتار جيتاراتها‪ ،‬أو على قماش بألوان قوس قزح‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫أنامل‬

‫ال تعتذ ْر‬


‫فاتنة الطيف‪ ،‬ذي جاذبية فائقة‪.‬‬
‫نُسقى أحيانا من كأس فاغمة النشوات‪ ،‬وأحيانا نكرع من ينابيع لم تكن‬ ‫كنا ِ‬
‫تنضب متعاتها‪ ،‬ورؤوسنا كانت تدور بما يرفع من شأنها‪ ،‬و أرواحنا كانت تنعم من‬
‫صفاء سماواتنا التي كانت تزدان برائع الرؤى و األطياف‪.‬‬
‫أطلب حين أزورها اليوم صوري فيها‪ ،‬وصور من كانوا معي بها من أحباب‬ ‫ن�سيت �أنك هنا‬
‫َ‬ ‫�إذا‬
‫قلبي وعقلي وذاتي‪ .‬فينظر إليَّ روادها في زمنها الراهن باستغراب‪ ،‬وقد غابت‬
‫ماض أو آتٍ‪.‬‬
‫عنهم األقمار وأفلت الشموس‪ ،‬ولم يعد من بينهم را ٍء‪ ،‬وال متطلع إلى ٍ‬
‫أغرقتها اليوم سحائبُ من دخان كثيف خانق‪ ،‬وعم نفوس المقيمين بدواخلها ٌ‬
‫ليل‬ ‫تهرب منك‬ ‫• عبد الكريم الطبال‬
‫سرمَدٌ‪ ،‬ممتدُّ مما حولهم إليهم‪ ،‬فلم يعودوا قادرين على عناق أي قمر‪ ،‬أو معرفة‬
‫األكوان‪ ،‬ومتى ألهبت سياط صيف تلك‬ ‫َ‬ ‫أية شمس مهما مألت أنوار ذلك األول‬
‫الثانية األبدان‪.‬‬ ‫يف اخلفا ْء‬
‫‪.....‬‬
‫أنطفئ من حزني على أيامي المدفونة فيها‪ .‬و محراب أشواقي بها متهدم‬
‫كضريح مهجور‪ .‬وضحكات شبابي بها ملقاة بين األرجل من عابريها اآلن كبتالت‬ ‫فال�شم�س تك�شف‬
‫أزهار كانت شجيراتها وارفة الظل ألالءة الفتنة يوم كنت الوديع الهاديء الحضور‬
‫بين جنباتها‪ .‬وحضوري بها كان أحيانا ذا صدى مدوٍّ حين كانت كلماتي تصافح‬
‫أسماع من كنت أودّ ويودونني‪ ،‬وحتى من كنت أعارضهم ويعارضونني‪ ،‬فتتبسم‬ ‫اخلفا ْء‬
‫وُجُوهٌ‪ ،‬وتتكدَّر ضمائر وتعبس‪ ،‬عما تبيِّتُ وتتواطأ إذ تخون‪..‬‬
‫إيه يا ملعب يفاعتي‪ ،‬وملهى شبابي‪ ،‬وياساحة نضالي ومواقفي الحاسمة‪ ،‬كم‬
‫افتقد مَنْ غاب من رفاق عنفواني فيك‪ ،‬اسماً اسماً‪ ،‬فأبكي ألن الموت كان يغافلني‬ ‫‪3‬‬
‫فيسبقني إلى لقائهم فال أعود أعثر منهم إال على ما يؤلم‪ ،‬و يعلمني بحجم خساراتي‬
‫الهائلة بفقدان من ضيّعتُ منهم‪.‬‬
‫كنت يافعاً هنا ‪ ،‬مزهوا وأنا أمتلئ إعجاباً بفراغ مقاعد الغائبين مؤقتُا ممن أحب‪،‬‬ ‫ني‬
‫جن ٌ‬
‫حُرموا منه‪ ،‬وكانوا من قبل هنا من بين أبهى الحاضرين‪ .‬المقعد الفارغ‬ ‫ُ‬
‫فأعظم ما ٍ‬
‫كان عندي في كل األحوال أكثر مهابة من أي حاضر‪ .‬حتى امتألتُ بمشاعر الكارثة‬
‫بعد رحيل أجمل الغائبين‪.‬‬
‫الرتاب‬
‫ْ‬ ‫يف ترائب‬
‫‪.....‬‬
‫إيهٍ يا مقهى شبابي‪ ،‬إن ما يمألني أسى اليوم هو روعة معناك التي ليس في‬
‫مبناك الفخم اليوم منه أي شيء عزيز‪ ،‬فمبناك اليوم أفخم حقاً مما كان‪ ،‬لكنه قطعاً‬
‫ي�س�ألني‬
‫كان األجمل مما كان في كل العصور‪ .‬فإن األغنى جماال وتأثيراً وروعة قد أفل وغاب‬

‫لم أكن فيك ممتلئاً طمأنينة أو رضا يوماً عما كان يمأل زماني العام من رصاص‬
‫منذ عقود‪.‬‬ ‫ده�ست ر�أ�س منل ِِة‬
‫ُ‬ ‫�إذا‬
‫وجمر‪ ،‬وإنما كان حلمي باآلتي يلوِّن تطلعاتي إلى ما تبشرني به مبادئ قادتني إلى‬
‫رفض فساد العالم‪ ،‬فاستمسكتُ بما آمنت بهم عن يقين‪.‬‬
‫‪....‬‬
‫كيف احليا ُة‬
‫تطل ِع اليافع فيَّ‪ ،‬ومسرح مواقف عنفواني ســــالما‬ ‫َ‬
‫يا ملعبي البارحة‪ ،‬وساحة ُّ‬
‫‪.‬كن مطلع أنواري و موضع انطالقتي اليوم إلى كل ما أريد‪ ،‬ومكان لقائي بكل من‬
‫أُحِبُّ‪.‬‬
‫أر�ض؟‬
‫فوق ال ْ‬
‫‪9‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫فكريةأحاديث فكرية‬ ‫أحاديث‬


‫أحاديث فكرية‬ ‫أحاديث فكرية ‪-‬‬
‫د‪ .‬محـمد شابــو‬
‫يكل وهو‬‫المتنا محمّد داود يهدأ أو ّ‬ ‫‪ .1‬لم يكن بال ع ّ‬
‫يخوض غمار تحقيق طموحاته النهضوية‪ ،‬فما إن يفرغ‬
‫من تنفيذ فكرة إصالحية حتى يلحقها بأخرى دون سآمة‬
‫أو ملل‪ ،‬وهكذا انصبّ تفكيره وهو في ريعان شبابه على‬
‫تأسيس مجلة ثقافية يعبر من خاللها عن آرائه الوطنية‪،‬‬
‫ويستكتب فيها أقالم نخب الفكر الوطني واإلصالحي‬
‫من العلماء والمثقفين المغاربة؛ مواجها بذلك االستالب‬
‫الفكري والمدّ الثقافي االستعماري الذي كان يعمل على‬
‫طمس الهوية المغربية وتغريب معالمها وتقاليدها‬
‫وعاداتها‪.‬‬
‫‪ .2‬برز اهتمام المرحوم محمّد داود بموضوع الصحافة‬
‫منذ شبابه‪ ،‬فقد كان ‪-‬كما تقول نجلته الكريمة ‪« -‬يستقبل‬
‫الجرائد والمجالت العربية المشرقية قبل سفره للدراسة‬
‫بفاس‪ ،‬كما كان مراسال لجريدة األهرام المصرية إبان‬
‫الحرب التحريرية للزعيم محمّد بن عبد الكريم الخطابي‬
‫ضدّ قوات االحتالل‪ ،‬وكان حلم إنشاء الصحافة العربية‬
‫الوطنية الحرة في تطوان ي��راود ذ‪ .‬داود دائما‪ ،‬إ ّال ّ‬
‫أن‬
‫السيّد عالل الخطيب قال له في مجلس كان يجمعهما‪:‬‬
‫قبل أن تؤسس الجريدة هيّء لها القرّاء‪ ،‬فكانت تلك‬
‫النصيحة في مح ّلها‪ ،‬وكان ذلك ممّا زاد في تشجيعه على‬
‫تأسيس المدرسة األهلية‪ ،‬قبل أن يقدم على التفكير في‬
‫إنشاء أية صحيفة»‪.‬‬
‫‪ .3‬كان اسم «السالم» هو العنوان الذي اختاره ع ّ‬
‫المتنا‬
‫لمجلته الفتية التي عمل جاهدا وبذل ما في وسعه لترى‬
‫النور‪ ،‬وبالفعل تمّ الترخيص لمج ّلة السّالم لصاحبها‬
‫المتنا داود يستكتب‬ ‫‪ .8‬وحتى يعرفنا العالم فقد كان ع ّ‬ ‫الذين عركوا الدهر وحنكتهم التجارب ودرس��وا أحوال‬ ‫ورئيس تحريرها محمّد داود‪ ،‬وذل��ك سنة‪1352 :‬ه��ـ‪-‬‬
‫لمجلته نخبة من األعالم من أمثال عبد اهلل كنون وعالل‬ ‫األمم‪ ،‬وتتبعوا نهضات الشعوب»‪.‬‬ ‫‪1933‬م‪ ،‬حيث ظهر أول عدد منها بتاريخ‪ 4 :‬أكتوبر ‪،1933‬‬
‫الفاسي‪ ،‬ومحمّد المكي الناصري‪ ،‬وعبد الخالق الطريس‪،‬‬ ‫استهل محمّد داود العدد األول من مجلته السالم‬ ‫ّ‬ ‫‪.5‬‬ ‫وكان شعارها الوطني‪ :‬اإلسالم‪-‬المغرب‪-‬العروبة‪ ،‬وقد القت‬
‫ومحمّد بن الحسن الوزاني‪ ،‬وسعيد حجي وشكيب أرسالن‬ ‫ببيان الغاية من تأسيسها‪ ،‬والهدف المنشود من وراء‬ ‫استحسانا وقبوال وإشادة من مختلف زعماء الفكر والوطنية‬
‫وغيرهم الكثير‪ .‬أمّا عناوين الموضوعات في أعدادها‬ ‫نشرها‪ ،‬مع عرض تصوراته اإلصالحية في مختلف المجاالت‬ ‫المة طنجة الكبير المرحوم عبد‬ ‫بشمال المغرب‪ ،‬فهذا ع ّ‬
‫العشر فنقرأ منها مثال‪ « :‬ظاهرة اجتماعية مغربية لمحمّد‬ ‫والقضايا‪ ،‬فنقرأ في أول مقال له بها عنوانا‪« :‬مبدأنا‬ ‫اهلل كنون يقول عنها وعن أدوارها الطالئعية‪« :‬واألستاذ‬
‫المكي الناصري»‪« ،‬القطر المغربي‪ :‬من تاريخ مدينة سبتة‬ ‫وغايتنا»‪ ،‬ومما دبّجه فيه قوله‪ « :‬وأمتنا المغربية‪ ،‬قد‬ ‫داود هو من مؤسسي الصحافة الوطنية بقسميه األدبي‬
‫لمحمّد داود»‪« ،‬مظاهر المدينة الغربية من باريس إلى‬ ‫أصبحت اليوم مقبلة على نهضة عامة وال زالت في فجرها‪،‬‬ ‫واإلخباري‪ ،‬فقد أصدر أوّل مج ّلة أدبية ثقافية هي مج ّلة‬
‫تطوان لمحمد الفاسي»‪« ،‬أيها األخ المغربي لمحمد داود»‪،‬‬ ‫وعصر جديد تريد أن تسترجع فيه من مجدها‪ ،‬وتحيي فيه‬ ‫السّالم‪ ،‬في ح ّلة قشيبة من جمال الطبعة وحسن اإلخراج‪،‬‬
‫«القطر المغربي‪ :‬مدينة طنجة‪ ،‬لمحمد أقلعي»‪« ،‬معاهدة‬ ‫من عزمها وعظمتها‪ ،‬ما أخنئ عليه الدهر‪ ،‬ولعبت به يد‬ ‫اعتبرت في ذلك الوقت من أحسن المجالت التي تصدر‬
‫الحماية كما يرويها األجانب لمحمد المكي الناصري»‪،‬‬ ‫الحدثان‪ .‬لذلك كان من الالزم أن تكون لها صحف مختلفة‬ ‫في المغرب العربي‪ ،‬وقد كان الكتاب واألدب��اء المغاربة‬
‫«ثالثة قرون على عرش الدولة المغربية لمحمّد المكي‬ ‫الموضوعات‪ ،‬ومتنوعة األساليب‪ ،‬تساير النهضة العالمية‪،‬‬ ‫بحاجة إلى مجلة تنشر إنتاجهم ويتنفسون من خاللها‬
‫الناصري»‪« ،‬حنين إلى فاس لمحمّد المهدي الحجوي»‪.‬‬ ‫وتعبّد السبيل لمن فيهم االستعداد للعمل النافع‬ ‫فكريا بعد الفراغ الذي خيّم على الساحة األدبية طويال‪،‬‬
‫‪ .9‬وم��ن األع�لام الذين استكتبهم وح��رص على‬ ‫للمجموع‪ ،‬وتقود جمهور األمة إلى الغايات السامية لتجتني‬ ‫فانبرت األقالم إلى مدّها بالمقاالت واألبحاث المتنوعة‬
‫مشاركته بإعداد مقاالت علمية لفائدة المجلة العالمة‬ ‫من نهضتها أحسن الثمار‪ ،‬دون أن تحيد عن الصراط‬ ‫التي أظهرت مقدرات الكثير من شبابنا المتنور على‬
‫الفقيه األديب الكبير سيدي عبد اهلل كنون‪ ،‬حيث نجد‬ ‫السوي في أقوالها وأفعالها»‪.‬‬ ‫معالجة األوضاع الفكرية واالجتماعية‪ ،‬وكانت مجلة السالم‬
‫في مراسلة له يقول‪« :‬حضرة األخ العزيز األستاذ سيدي‬ ‫‪ .6‬وقد حدّد في هذه االنطالقة جملة من المبادئ‬ ‫فإن التعارف‬‫مع ذلك رابطة بين مثقفي الشمال والجنوب‪ّ ،‬‬
‫عبد اهلل كنون‪ :‬السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬وبعد‪:‬‬ ‫والقضايا التي شغلت فكره وهي كالتالي‪:‬‬ ‫بينهم كان منعدما تقريبا نظرا لألوضاع السياسية التي‬
‫‪ -‬التربية والتعليم‪.‬‬ ‫كانت البالد تخضع لها‪ ،‬فقامت في هذا المجال بالدور الذي‬
‫فقد كنت قدمت إلى المقيم العام هنا بتاريخ‪ 26 :‬يوليو‬
‫‪ -‬األخالق والتهذيب‪.‬‬ ‫كانت كتلة العمل الوطني تقوم به في مجالها الخاص‪،‬‬
‫الماضي عريضة إصدار مجلة شهرية مصورة جامعة باسم‬
‫‪ -‬األدب‪.‬‬ ‫واستحكمت الصلة بين الطرفين»‪.‬‬
‫«السالم»‪ ،‬وأمس تاريخه قبضت الجواب الرسمي عن ذلك‬ ‫‪ -‬تعميم الثقافة وتوحيدها‪.‬‬
‫وفيه السماح بإصدار المجلة المذكورة‪ .‬وعليه فلم يبق‬ ‫‪ .4‬وهذه شهادة فخر وتنويه وإشادة في حقّ مجلته‬
‫‪ -‬االقتصاد واالجتماع‪.‬‬ ‫من قبل صديقه سيدي عبد اهلل كنون‪ ،‬ففضال عن ّ‬
‫أن‬
‫أيها األخ إال العمل الجديّ حتّى نبرهن على رجولتنا أو‬ ‫‪ -‬الرياضة والصحة‪.‬‬
‫على إخالصنا ألمتنا ووطننا ولغتنا وتاريخنا‪...‬‬ ‫المجلة كانت من وسائل الثقافة واإلصالح وتنوير الرأي‪،‬‬
‫ّ‬
‫‪ .7‬ال شكّ أن الوقوف عند كل بند من هذه البنود‬ ‫شكلت في نفس الوقت جامعة ورابطة بين مثقفي‬ ‫فقد ّ‬
‫‪ .10‬لقد كنت بينت لك برنامج المجلة وربما زرتكم‬ ‫بتأن يحتاج إلى صفحات أكثر‪ ،‬ووقت أكبر‪ ،‬وهذا إن ّ‬
‫دل‬ ‫الشمال والجنوب‪ ،‬ووسيلة من وسائل التواصل‪ ،‬ومرتعا‬
‫بحول اهلل قريبا‪ ،‬وزدت��ك بيانا‪ .‬أمّ��ا اآلن فمطلوب من‬ ‫يدل على أنّنا أمام رجل له من الرؤى‬ ‫على شيء فإنّما ّ‬ ‫خصبا للنقاش وتبادل اآلراء واألفكار اإلصالحية فيما بينهم‪.‬‬
‫أخوتك أن تهيأ ما يمكنك تهيئيه من الموضوعات التي‬ ‫واألفكار النهضوية وبعد نظر ما يستحق به االحترام‬ ‫يقربنا محمّد داود من مجلته بقوله‪« :‬السالم صحيفة‬
‫أترك لك الحرية التامة في انتخابها‪ .‬إ ّال أن لي مالحظة‬ ‫والتقدير‪ .‬أمّا الغاية التي رام من خاللها تأسيس مجلته‬ ‫الشباب الحيّ الناهض‪ ،‬الشباب المفتخر بإسالميته‪،‬‬
‫أرجو سماعها ولكم النظر النهائي في قبولها أو رفضها؛‬ ‫السالم فقد لخصها بقوله‪ « :‬إنّنا نريد أن تقوم المجلة‬ ‫المعتز بعروبته ووطنيته‪ ،‬المتشبع بعلمه وثقافته‪ ،‬العامل‬
‫وهي أنّه مادامت لدينا موضوعات نعتقد ّ‬
‫أن أحدنا باعه‬ ‫من ناحية بخدمة أمتنا في نهضتها العامة‪ ،‬وخصوصا‬ ‫لتوحيد صفوف أمّته‪ ،‬المتح ّفز لقيادة شعبه في نهضته‪،‬‬
‫فإن األولى واألفضل أن يتقدم ذلك‬ ‫فيها أطول من غيره؛ ّ‬ ‫من ناحية العلم والثقافة‪ ،‬ومن ناحية أخرى نريد أن تكون‬ ‫المخلص هلل ثمّ لوطنه ودولته‪ ،‬السالم صحيفة الشبان‬
‫أن لك‬‫الشخص لطرق ذلك الموضوع‪ .‬وقد الحظت منك ّ‬ ‫مرآة يشاهد فيها العالم حقيقة تفكيرنا‪ ،‬ويجد فيها من‬ ‫الذين يجمعون بين نشاط الشباب وقوّة الكهول وحكمة‬
‫ذوقا جيدا وامتيازا خاصا عن كثير من اإلخوان بفهمك‬ ‫المقاالت العلمية واألدبية والتاريخية‪ ،‬ومن الشعر القومي‬ ‫الشيوخ‪ ،‬الشباب المعتنقين لمبادئ العدل والحرية‬
‫ألدبنا المغربي واعتنائك بدراسته‪ .‬والحالة هذه؛ أرى أن‬ ‫ما يصحّ جعله مستندا قويا لمعرفة درجة األمة من الرقي‬ ‫والمساواة‪ ،‬السالم صحيفة الكهول ذوي النشاط والحمية‬
‫تخصص للمجلة فصال شهريا في هذا الموضوع حتى‬ ‫والتقدم‪ ،‬وأخيرا نريد أن نظهر للعالم اإلسالمي على‬ ‫والشعور بالقومية والغيرة على المصالح العمومية‪،‬‬
‫أن في المغرب أدباء قديما‬‫يعرف الناس في الداخل والخارج ّ‬ ‫العموم والعربي على وجه الخصوص أننا جزء منه ال يتجزأ‪،‬‬ ‫المهتمين بمستقبل أبنائهم وبالدهم الباذلين في سبيل‬
‫وحديثا‪ ،‬وأنّه نبغ في وطننا أشخاص يفتخر بهم العلم‬ ‫نفرح لفرحه‪ ،‬ونتألم أللمه‪ ،‬وإذا وقعت حادثة ولو بأقصى‬ ‫حياة األمة وإنهاض الوطن‪ ،‬السالم صحيفة الشيوخ األبرار‬
‫واألدب والفنّ‪ .‬وهذا موضوع أعتقد أنك إذا طرقته رفعت‬ ‫فإن قلوبنا تهتز لها‪ ،‬ونحن بأقصى المغرب‪ ،‬هذه‬ ‫المشرق ّ‬ ‫وذوي المهابة والوقار‪ ،‬والعلماء المهتدين‪ ،‬المخلصين‬
‫به اسم المغرب»‪.‬‬ ‫حقيقتنا‪ ،‬وهكذا نريد أن يعرفنا العالم»‪.‬‬ ‫في حياة الدين‪ ،‬الناشرين لسنة سيد المرسلين‪ ،‬الشيوخ‬
‫‪10‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫الدكتور املختار ح�سني محقق ًا ومبدع ًا‬


‫د‪ .‬عبدالجبار التهامي العلمي‬

‫التي اعتمدها في التحقيق‪ ،‬والمالحظ أن أغلبها مطبوع إال‬ ‫عرفتُ الدكتور المختار حسني منذ عقود‪ ،‬جمعنا فيها‬
‫واحداً‪ ،‬فهو مصورة مخطوط‪.‬‬ ‫العمل في مؤسسة ثانوية واحدة‪ ،‬وعشق الكتاب‪ .‬وكنت‬ ‫ُ‬
‫وقد أوردها الدكتور المختار حَسْني كما يلي ‪:‬‬ ‫خالل لقاءاتنا اليومية وجوالتنا التي تتجاوز المرتين أحيانا‬
‫‪ 1‬ـ مصورة مخطوطة ليدن وهو الوحيد الذي اعتمده‬ ‫في مكتبات األحباس الزاهرة‪ ،‬ألمس فيه محبة البحث‬
‫المستشرق «اليل» في نسخته‪ ،‬وبه كامل شعر عامر بن‬ ‫العلمي‪ ،‬وعشقه لكتب التراث العربي الزاخر‪ ،‬وكنت دوماً‬
‫الطفيل برواية وشرح أبي بكر األنباري‪ .‬ويصف المحقق‬ ‫أقول له على سبيل المزاح والجد‪ ،‬واهلل فيك باحث ومحقق‬
‫صورة المخطوطة‪ ،‬ثم يذكر أنه عمل على ترقيم المخطوط‬ ‫دقيق‪ ،‬ال تقل عن محققينا مغرباً ومشرقاً أمثال محمود‬
‫لكونه مغف ً‬
‫ال منه في التصوير‪.‬‬ ‫محمد شاكر وأستاذيك الدكتورين فخر الدين قباوة وعزة‬
‫‪ 2‬ـ طبعة دار صادر‪ ،‬بيروت‪1399،‬هـ ‪1979 /‬م‪ .‬ويالحظ‬ ‫حسن‪ ..‬فكان يرد بابتسامة مشرقة غير‪ ،‬مقتنع بما أقول‪،‬‬
‫المحقق أنها إعادة لطبعة اليل‪ ،‬وليس فيها من جديد سوى‬ ‫وكأنني أسمعه يرد ‪ :‬هيهات العقيق‪ .‬ما أبعدني عن درجة‬
‫ترتيب القصائد بحسب القوافي‪.‬‬ ‫أولئك األساتذة المحققين الكبار‪ .‬سجل األستاذ المختار‬
‫حسني أطروحته لنيل الدكتوراه في جامعة الحسن الثاني‬
‫‪ 3‬ـ طبعة مؤسسة الرسالة (‪1997‬م) بتحقيق الدكتورة‬
‫ـ كلية اآلداب بنمسيك سيدي عثمان بعنوان «مفهوم‬
‫هدى جنهويتشي‪ ،‬وقد زادت على الطبعتين السابقتين ‪17‬‬
‫التناص وخصوصية توظيفه في الشعر اإلسالمي المعاصر‬
‫بيتاً‪ .‬والحظ الدكتور حَسْني أن المحققة لم تكن تعود‬
‫بالمغرب ‪ :‬شعر األمراني والربَّاوي وبنعمارة نموذجاً»‪ ،‬وذلك‬
‫إلى المخطوط إال نادراً‪ ،‬ربما ألخذ ترقيم الصفحات فقط‪،‬‬
‫تحتَ إشراف أستاذنا الدكتور محمد خليل‪ .‬وكانت رسالة‬
‫بل اعتمدتْ غالباً على قراءة «اليل» حتى في المواضع التي‬
‫ضخمة في ثالثة مجلدات‪ .‬وحظيتْ هذه األطروحة الجديدة‬
‫أخطأ فيها مما نوه إليه المحقق في هوامش تحقيقه‪.‬‬
‫في موضوعها‪ ،‬بالطبع ثالث مرات‪ .‬المرة األولى بمطبعة دار‬
‫‪ 4‬ـ ديوان عامر بن الطفيل‪ ،‬تحقيق ودراسة الدكتور‬ ‫النجاح الجديدة بالدار البيضاء على نفقة الباحث‪ ،‬والثانية‬
‫أنور أبو سويلم‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت ‪1416‬ه��ـ ‪1996 /‬م‪.‬‬ ‫بدار الفكر بالجزائر‪ ،‬وقد أخبرني المؤلف بأن طباعتها‬
‫ويشير المحقق إلى أن الدكتور أنور‪ ،‬بذل فيه جهداً كبيراً‬
‫شابتها العديد من األخطاء المتنوعة‪ .‬أما الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫يشكر عليه‪ ،‬ويتمثل ذلك على وجه الخصوص في الدراسة‬ ‫فقد ص��درت عن دار غيداء ب��األردن سنة ‪ ،2022‬وذلك‬
‫المستفيضة والتخريجات والزيادات والشروح والتوضيحات‬ ‫بعنوان «نظرية التناص ‪ /‬المفهوم وخصوصية التوظيف‬
‫الكثيرة والفهارس الفنية المتنوعة‪ ..‬إال أن ما يعيبه عليه هو‬ ‫في الشعر العربي المعاصر»‪ ،‬والكتاب من ستمائة وإحدى‬
‫أنه اقتفى في الغالب طبعة نشرة «اليل» األمر الذي يفند‬ ‫والالفت لنظر المتصفح لهذا الديوان المتميز أن‬
‫صاحبه يستخدم جميع األشكال الشعرية انطالقا من قناعته‬ ‫وثالثين صفحة (‪ )631‬من القطع الكبير‪ .‬ويعتبر الكتاب من‬
‫قوله إنه اعتمد على المخطوط‪ .‬وكانت تلك الطبعة نشرتْ‬ ‫بين أهم الدراسات التي أنجزت حول التناص سواء على‬
‫مع ديوان عبيد بن األبرص في سلسلة نشريات «جب»‬ ‫أن الشعر شعر في جميع هذه األشكال ما دام يتوفر على‬
‫الشعرية‪ .‬وهكذا نالحظ أن القسم األول استخدم فيه‬ ‫مستوى التنظير أو الممارسة والتطبيق‪ ،‬وربما أول دراسة‬
‫التذكارية رقم ‪ ،21‬ليدن ـ لندن‪1913 ،‬م‪( .‬ينظر بروكلمان‪،‬‬ ‫أكاديمية اختصت بالتناص وتطبيقه تطبيقاً اتسم بالدقة‬
‫ج‪ ،1 .‬ص ‪.)117 :‬‬ ‫الشكل العمودي‪ ،‬وال نقول التقليدي ‪ -‬كما نبهني ذات زمن‬
‫أستاذي الدكتور محمد خليل أطال اهلل في عمره ‪ -‬فكم من‬ ‫واالستفادة من نظرية التناص سواء لدى الغربييين أمثال ‪:‬‬
‫وبعد أن ذكر المحقق ال��دواوي��ن التي اعتمدها في‬ ‫جيرار جونيت في كتابه أطراس و جوليا كريستيفا في كتابها‬
‫تحقيقه‪ ،‬أشار إلى ما فاته االطالع عليه من شعر عامر بن‬ ‫القصائد العمودية أكثر حداثة في رؤيتها إلى العالم وفي‬
‫مكونات خطابها الشعري من كثير من قصائد التفعيلة أو‬ ‫المعروف «ثورة اللغة الشعرية» ويوري لوتمان في كتابه‬
‫الطفيل‪ ،‬ويتعلق األمر بمصدرين‪:‬‬ ‫«بنية النص الفني»؛ أو لدى الكتاب العرب ومنهم «ابن‬
‫ـ أحدهما طبعة أخرى للديوان بتحقيق د‪ .‬محمود الجادر؛‬ ‫قصيدة النثر‪ .‬أما القسم الثاني فأغلب قصائده وردت على‬
‫الشكل التفعيلي‪ .‬ويضم القسم األول (للشوق نزيفه) اثنتين‬ ‫رشيق في كتابه «قراضة الذهب»‪ ،‬والدكتور محمد مفتاح‬
‫ود‪ .‬عبدالرزاق خليفة محمود الديلمي‪ ،‬طباعة ونشر دار‬ ‫في كتابه الذائع الصيت «دينامية النص ‪ /‬تنظير وإنجاز»‪.‬‬
‫الشؤون الثقافية العامة‪ ،‬العراق‪ ،‬سنة ‪ 2001‬م‪ .‬في ‪ 308‬من‬ ‫وثالثين قصيدة‪ ،‬بينما يشتمل القسم الثاني (واألس��ى‬
‫ويصرح المؤلف أنه أفاد أيما إفادة من تطبيقات مفتاح التي‬
‫الصفحات (ينظر الذخائر اللبنانية‪ ،‬عدد ‪ ،10 :‬ص ‪.)290 :‬‬ ‫للوطن) على خمس وثالثين قصيدة‪ .‬ولنا عودة إلى الديوان‬
‫رأى أن ابن رشيق يسير على نفس منهج الدكتور مفتاح‬
‫ثانيهما ‪ :‬مخطوط شرح القصيدة الدامغة للهمذاني‪،‬‬ ‫بعد قراءته القراءة المتمعنة‪ .‬وال يسعنا هنا إال أن نزجي‬
‫رغم بعد المسافة الزمنية بينهما‪ ،‬وأن الفارق يبدو فقط‬
‫وبه أبيات تنسبُ لعامر بن الطفيل‪ .‬والمخطوط مصور كان‬ ‫الشكر العميق للشاعر محمد اللغافي الذي سهر على إخراج‬
‫في التسميات والمصطلحات‪ ..‬والكتاب وحده يحتاج إلى‬
‫في حوزة األستاذ حمد الجاسر رحمه اهلل‪ .‬وكان المشرف على‬ ‫هذا الديوان وغيره من الكتب المتنوعة األخرى‪ ،‬مهنئين‬
‫عرض مفصل ال يسمح المجال هنا للنهوض به‪ .‬وقد كان‬
‫مكتبته قد وعد المحقق بإرسال صورة عنه فور العثور عليه‪،‬‬ ‫الصديق العزيز المختار حسني على هذا اإلصدار الشعري‬
‫الهدف األساس تقديم لمحات عن المنجز البحثي والعلمي‬
‫لكنْ ربما ثمة ظروف لم تسمح بذلك‪.‬‬ ‫الذي يعتبر أول إصدار له في هذا الجنس األدبي الرفيع‪،‬‬
‫واإلبداعي للدكتور المختار حَسني الذي يجمع بين البحث‬
‫ومازال في ثنايا ملفاته وداخل أدراجه العديد من الدواوين‬
‫وفي ختام هذه المقدمة الغنية بالمعلومات عن متون‬ ‫األكاديمي والدراسات التطبيقية حول الشعر خاصة وبين‬
‫تنتظر الطبع والنشر‪ .‬وفقه اهلل إلى إخراجها مع كتبه البحثية‬ ‫اإلبداع الشعري الرصين‪ ،‬مركزاً على بعض شعراء المغرب‬
‫الديوان التي اعتمدها الدكتور حسني في التحقيق‪ ،‬يذكر‬
‫األخرى إلى النور لتغني ديوان الشعر المغربي والمكتبة‬ ‫الشرقي‪ ،‬ونذكر هنا على سبيل التمثيل‪ ،‬دراسته القيمة‬
‫لنا بقية عمله في الديوان ويتمثل فيما يلي ‪ :‬توثيق أغلب‬
‫األبيات التي استشهد بها الشارح ـ تصحيح الكثير من األخطاء‬ ‫العربية والمغربية‪.‬‬ ‫لقصيدتي الشاعر محمد علي الرباوي «سبو سيد العشاق»‪،‬‬
‫الواردة في الديوان المطبوع ـ ضبط األبيات والشرح التام‬ ‫‪ 2‬ـ ديوان شعر عامر بن الطفيل العامري ‪ /‬تحقيق‬ ‫و«العيد» اللتين ضمهما كتاب «التناص في شعر الرباوي»‪.‬‬
‫ـ إضافة عشرات األبيات إلى الديوان التي وجدها المحقق‬ ‫وشرح ‪ :‬الدكتور المختار حَسْني ‪:‬‬ ‫وكانت دراسته إياهما دراسة تطبيقية دقيقة‪ .‬وفي هذه‬
‫في المصادر التراثية المختلفة سواء منها الصحيحة للشاعر‬ ‫صدر مؤخراً في طبعة أنيقة قشيبة للباحث المحقق‬ ‫العجالة سنكتفي برصد عملين‪ ،‬األول إبداعي‪ ،‬والثاني‬
‫في الغالب‪ ،‬أو المنسوبة إليه في أحيان قليلة لم ترد في‬ ‫الدكتور المختار حَسْني المختار حَسْني‪ ،‬وذلك ضمن‬ ‫تحقيق كتاب‪.‬‬
‫الطبعات السابقة ـ نَسْبُ أغلب األبيات الواردة في الشرح‬ ‫إص��دارات دار الكتب العِلمية الزاهرة في بيروت ـ لبنان‬ ‫‪1‬ـ ديوان «للشوق نزيفه واألسى للوطن» ‪:‬‬
‫ال عن الشروح والتوضيحات المختلفة‪.‬‬ ‫إلى قائليها‪ ،‬هذا فض ً‬ ‫لسنة ‪2020‬م‪ .‬والحقيقة أن المحققَ فرغ من تحقيقه سنة‬ ‫صدر حديثا دي��وان شعري بعنوان «للشوق نزيفه»‬
‫ومن يتصفح الديوان‪ ،‬سيدرك مدى الجهد المبذول في‬ ‫‪2002‬م‪ .‬لكن ظروف النشر والتوزيع التي يعرف صعوبتَها‬ ‫للصديق الشاعر الباحث المحقق الدكتور المختار حسني‪،‬‬
‫تحقيق هذا الديوان‪ ،‬من خالل الهوامش التي تمأل صفحات‬ ‫الكتاب والمبدعون في بلداننا العربية‪ ،‬وغياب دعم الكتاب‬ ‫وذلك عن جمعية «جامعة المبدعين المغاربة» التي تقوم‬
‫الكتاب‪ ،‬وهي هوامش غنية مفيدة ماتحة من عيون المصادر‬ ‫من لدن المؤسسات الرسمية المنوط بها الشأن الثقافي‪،‬‬ ‫بجهود ثقافية تقصر عن القيام بها بعض الجهات الرسمية‬
‫العربية‪ ،‬معاجم وكتب تراجم ومختارات شعرية وكتب الثقافة‬ ‫أخَّرَ طبعَ الديوان وخروجه من عتمة األدراج إلى عالم‬ ‫وغيرها من مؤسسات النشر والتوزيع‪ .‬والديوان مطبوع في‬
‫األدبية العامة وغيرها مما تزخر به المكتبة العربية التراثية‪.‬‬ ‫النور‪ .‬يقع الديوان في ‪ 277‬صفحة من القطع الكبير‪ ،‬ويضم‬ ‫بشكل جميع قصائدِه مما ال‬
‫ِ‬ ‫حلة أنيقة‪ ،‬وقد عني الشاعر‬
‫وال ينبغي أن ننسى تحقيقه الجديد لكتابين صدرا‬ ‫اثنتين وثمانين قصيدة‪ ،‬وقد عني المحقق بوضع فهرس‬ ‫تتم في الغالب العناية به في العديد من الدواوين المنشورة‬
‫مؤخراً عن دار الكتب العلمية بلبنان ـ بيروت هما كتاب «‬ ‫للشعر قسمه إلى قسمين ‪ :‬األول خصصه لقصائد الشاعر‬ ‫محليا وعربيا‪ .‬وقد قسم الشاعر ديوانه إلى قسمين ‪ :‬األول‬
‫حسنُ التَّوسل إلى صناعة الترسل « لشهاب الدين محمد‬ ‫عامر بن الطفيل؛ والثاني رصده للشعر الوارد في الشرح‪،‬‬ ‫وسمه بالعنوان المثبت في الغالف (للشوق نزيفه)؛ والثاني‬
‫بن سلمان بن فهد الحلبي (سنة ‪ ،)2022‬وديوان « شعر‬ ‫مرتَّباً ترتيباً ألفبائياً‪ ،‬مع ذكر بحره وقائله ورقم الصفحة‬ ‫اختار له عنواناً متمما للعنوان الرئيس ومعطوفاً عليه وهو‪:‬‬
‫مروان بن أبي حفصة» ( شرح وتوثيق )‪.‬‬ ‫التي ورد بها الشاهد الشعري في المتن‪ .‬وختم عمله بثبت‬ ‫«واألس��ى للوطن» وال يخفى أن الموضوعي فيه يمتزج‬
‫وختاماً أود أن أهمس في أذن أخي وصديقي الدكتور‬ ‫زاخر بالمصادر والمراجع التي استعان بها في التحقيق‪.‬‬ ‫بالذاتي‪ .‬ومن خالل العنوانين يبدو أن الشاعر غنى في‬
‫ال ‪ « :‬أال تصدُق أحيانا فِراسة األصدقاء‬‫المختار حَسني سائ ً‬ ‫أما في المقدمة المركزة التي عرض فيها عمله في‬ ‫شعره للذات الشاعرة وأشجانها‪ ،‬كما شدا للوطن وهمومه‬
‫المحبين ؟»‪.‬‬ ‫الديوان‪ ،‬فيذكر لنا متون الديوان المخطوطة والمطبوعة‬ ‫واألقطار العربية واإلسالمية ومعضالتها‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫حول كتاب‬
‫ح�ســن التو�ســل �إلى �صناعــة الرت�ســل‬
‫د‪ .‬المختار حسني‬
‫والخبر واإلن��ش��اء والفصل والوصل والتقديم والتأخير‬ ‫القسم الثاني وهو موضوع الكتاب األساس‪ ،‬يعرّف فيه‬ ‫صدر مؤخرا كتاب حسن التوسل إلى صناعة الترسل‬
‫وخصوصية بعض الحروف الخاصة بالتوكيد والحصر‪،‬‬ ‫بهذه البالغة والفصاحة وما تتطلبه من علم سليم بأدواتها‪،‬‬ ‫عن دار الكتب العلمية بتحقيقي‪ ،‬وهذه بعض فقرات من‬
‫والحذف واإلضمار‪ ،‬والمبتدإ والخبر‪...‬ويلمس القارئ في‬ ‫وكيفية اكتساب المهارة في طرائق استعمالها‪ ،‬وهذه‬ ‫تعريفي بالكاب‪:‬‬
‫هذه المباحث كسابقاتها مدى استيعاب المؤلف للموضوع‬ ‫األدوات أجمع عليها البلغاء والنقاد منذ القديم‪ ،‬واتبعهم في‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫وإحاطته بخباياه مستفيدا من خبرته وممن سبقه من علماء‬ ‫ذلك الشهاب محمود َ‬
‫مطعِّما إياها بما أوتي من علم ورهافة‬
‫البالغة خاصة عبد القاهر الجرجاني وابن أبي اإلصبع وابن‬ ‫ذوق وسداد رأي وحذق في النقد والتحليل الدقيق الذي يميز‬ ‫تصدير‪:‬‬
‫سنان الخفاجي‪.‬‬ ‫تعقيباته على الشواهد المبثوثة في تضاعيف الكتاب‪ ،‬فهو‬ ‫الحمد هلل الذي خلق اإلنسان وعلمه البيان‪ ،‬وشرَّف‬
‫الثالث يتعلق بعلم البديع‪ ،‬وهو باب طويل زاخر بعشرات‬ ‫ينقل عن القدماء تعريفاتهم وآراءهم ويسميهم بأسمائهم‬ ‫َ‬
‫وَجَعَل مِنْ بيانها‬ ‫َّة مِن بين اللغات بالفرقان‪،‬‬ ‫العربي َ‬
‫المصطلحات البديعية المختلفة‪ ،‬منها ما يستقل بمصطلح‬ ‫في الغالب األعم‪ ،‬اعترافا بفضلهم وسبقهم‪ ،‬لكنه ينفرد‬ ‫َ‬
‫مناط إعجازه‪ ،‬وَشَحذ ا ْل ِهمَمَ وَالقرائحَ سَعياً لتدبُّره‬
‫واح��د‪ ،‬وأكثرها يحمل عدة مصطلحات حسب اجتهادات‬ ‫بلمسته الخاصة أيضا حين يناقش أو يحلل أو يضيف‪ ،‬أو‬ ‫وإبرازه‪ ،‬فاجتُ ِرحت ألجل ذلك علوم؛ منها المعاني والبيان‬
‫البالغيين‪ ،‬وقد اختار المصنف ما ارتآه صوابا دون أن ّ‬ ‫يعتمد شواهد لم تتح لهم؛ سواء كانت من إنتاجه أو إنتاج‬ ‫وراكمَ فيها القواعدَ والمعارفَ بلغا ُء من الطراز‬‫والبديع‪َ ،‬‬
‫يخطئ‬
‫أن ال مشاحة في‬ ‫غيره؛ عامال‪ ،‬كما قال نقال عن قدامة‪ْ ،‬‬ ‫غيره‪ .‬وممن تأثر بهم وردد أسماءهم من البلغاء القدماء‬ ‫الصادق‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الرفيع‪ ،‬وفتَحوا فيه‪ ،‬بما تيسَّر لهم‪ ،‬بالسّعي‬
‫المصطلحات‪ .‬فالتجنيس وحده تندرج تحته عدة‬ ‫نجد ابن المعتز‪ ،‬وقدامة بن جعفر‪ ،‬وعبد القاهر الجرجاني‪،‬‬ ‫مَغالق‪ ،‬وشرعوا السبيل بذلك العلم إلى كمْ معنى شريفٍ‬
‫حفظ وتهذيبَ‬ ‫ولفظ رائق‪ ،‬وحمّلوا مَن بعدهم َ‬
‫أنواع وف��روع؛ فمِن تام وناقص ومرفو ومركب‪،‬‬
‫ومن مصحف ومضارع ومشوش وتجنيس اشتقاق‬ ‫هذا الميراثِ العظيم‪ ،‬وال��دأبَ على إعالء بنائه؛‬
‫وتجنيس معنى وغيرها‪ .‬وإذا أضفنا إلى هذا أنواع‬ ‫ليحفظ اهلل هذه اللغة بما حفِظ به الذكرَ الحكيم‪.‬‬
‫وك��ان الشهابُ محمود بما أوت��ي من التجارب‬
‫الطباق والمقابلة وااللتفات واالستطراد وتأكيد‬
‫والمدارك‪ ،‬من المؤهلين القالئل لذلك‪ ،‬فلم يبخل‬
‫الذم بما يشبه المدح ‪ ...‬وغيرها كثير؛ أدركنا ما‬
‫أن يأخذ‪ ،‬في لطائف هذا العلم‪ ،‬بيد كل سالك‪،‬‬
‫تتيحه اللغة العربية من غنى فائق في التعبير‪ ،‬لكن‬
‫فدبَّج في هذا الكتاب من القواعد والشواهد ما‬
‫بشرط أن تجد بها إلماما وموهبة ويدا صَناعاً تقوم‬
‫يسبك الرسائل ويجمُل في القصائد‪ ،‬ويبلغ بها كل‬
‫بتطويع المعاني لسحر بيانها‪.‬‬ ‫دانٍ ونا ٍء من األغراض والمقاصد‪ ،‬فعُدَّ بذلك فريد‬
‫القسم الثالث‪ :‬وكأنه‪ ،‬بعدَ االستشهادات‬ ‫قل من يضاهيه في حسن وترتيب تصنيفه‪،‬‬ ‫عصره‪َّ ،‬‬
‫المجتزأة من هنا وهناك‪ ،‬التطبيقُ النصي لكل‬ ‫بله شعره ونثره‪ ،‬فكان قبلة للكتاب واألدباء‪ ،‬حيث‬
‫ماسبق‪ ،‬تحت عناوين ثالثة كبيرة هي االقتباس‬ ‫ضمنوا كتبهم تعريفاته وتقعيداته وتحليالته‬
‫واالستشهاد والحل‪ .‬وبما أن األمر متعلق بكتابة‬ ‫واستشهاداته‪ ،‬ونقلوا‪ ،‬مشيدين بأدبه‪ ،‬عشرات‬
‫اإلنشاء فقد خص هذا الباب األخير للنثر‪ ،‬وتعمد‬ ‫الصفحات من نثره ونظمه‪ ،‬وإنشاداته‪.‬‬
‫التنويع ف��ي سياقة األمثلة م��ن إب��داع��ه بين‬ ‫وإنه لمن منن اهلل تعالى أن هداني إلى إخراج‬
‫الرسائل السلطانية والتقليدات والقول في الفتوح‬ ‫حقه‪،‬‬‫أغمِط صاحبُه َّ‬‫َ‬ ‫هذا السفر النفيس ال��ذي‬
‫واالنتصارات والهزائم وشحذ الهمم‪ ،‬والرسائل‬ ‫فنشر نشرات سقيمة؛ منها قديمة؛ ألصحابها‪ ،‬رغم‬
‫البعيدة ع��ن رس���وم السلطة م��ن إخ��وان��ي��ات‪،‬‬ ‫ذلك‪ ،‬العذرُ بفضل السبق؛ وأخرى حديثة تدعي‬
‫وموضوعات غريبة مستحدثة؛ كرسالته إلى من‬ ‫تجاوزها بالتحقيق العلمي وهي غير مُحِ ّقة‪ ،‬بها‬
‫يهيب به بأن يزوج أمه‪ ،‬ورسالته على لسان مولود‪،‬‬ ‫العثرات بالعشرات‪ ،‬تحرم القارئ والباحث االستفاد َة‬
‫وموضوعات صيد وطرد وصفة سالح‪ ،‬وخيل‪...‬الخ‪.‬‬ ‫المتوخاة‪ ،‬وتفقده الثقة في كثير من لفظه ومعناه؛‬
‫وهو قبل أن‪ ،‬يبدأ أي رسالة يوضح شروط الكتابة‬ ‫فال أحسنَ منها التوسُّل‪ ،‬وال صنع بأدواتها‬
‫فيها محددا أقسامها وطول كل قسم‪ ،‬ومضامينه‪،‬‬ ‫الترسُّل‪.‬‬
‫والمعاني التي ينبغي تناولها وطرائق ذلك دون‬ ‫وما أبرئ نفسي‪ ،‬إال أن لألخطاء قدْرا مقبوال‬
‫إس��راف أو تكلف للمحسنات اإلبداعية‪ ،‬وينبغي‪،‬‬ ‫معقوال‪ ،‬وإن فوق كل ذي علم عليم‪ .‬واهلل الموفق‬
‫عمال بالقول‪ :‬لكل مقام مقال‪ ،‬أن يُراعى المخاطبُ‬ ‫إلى ما فيه الصواب‪ ،‬وصلى اهلل على سيدنا محمد‬
‫ويُنزَّل كل واحد في مكانته دون إفراط وال تفريط‬ ‫وآله وصحبه إلى يوم الدين‪.‬‬
‫في المدح وغيره‪.‬‬ ‫أقسام الكتاب‪:‬‬
‫وهذه الرسائل يغلب عليها الطول‪ ،‬ويتوسل‬ ‫ون��ورده��ا هنا بإيجاز يبرز الخطوط العامة‬
‫فيها التصوير واالقتباس واألس��ج��اع واالزدواج‬ ‫للتصميم الذي اتبعه المصنف والتزمه بإحكام‪.‬‬
‫واالستشهاد والتلميح وحل منظوم غيره وتوسل‬ ‫قسم الشهاب محمود كتابه إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫وابن سنان الخفاجي‪ ،‬وابن أبي اإلصبع‪ ،‬وابن األثير‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫الشعر من نظمه؛ في استواء جمالي ال تعتريه فترة وال كالل؛‬ ‫القسم األول هو أشبه بما نسميه اليوم بالمدخل الذي‬
‫بفضل طول نفس صاحبها وتحكمه في ناصية اللغة‪ ،‬وتمكنه‬ ‫وعلى عادة البالغيين جاء هذا القسم على ثالثة أبواب‪،‬‬
‫كل باب تتفرع منه أنواع تمت إليه بصلة‪.‬‬ ‫يشتمل على دوافع اختيار الموضوع والغاية منه‪ ،‬وبسط‬
‫من التصرف بكل توفيق في خلفيته الثقافية المترعة بشتى‬ ‫الجانب النظري وما يتطلبه من آليات اشتغال؛ فالدوافع‬
‫أنواع المعارف قديمها وحديثها‪ ،‬وتوظيفها أحسن توظيف‬ ‫فاألول علم البيان؛ بدأه بتعريف الحقيقة والمجاز(اللغوي)‪،‬‬
‫والفروق بينهما‪ ،‬وتناول بالتعريف التشبيه واركانه‪ ،‬وأنواعه‪،‬‬ ‫ذاتية وموضوعية تتمثل في رغبته في تسجيل تجربته‬
‫حسب ما يقتضيه كل موضوع على حدة‪ ،‬ضمن بناء محكم‬ ‫الطويلة في كتابة اإلنشاء وما اكتسبه خاللها من معرفة‬
‫متدرج يراعي فيه األحوال النفسية للمخاطب‪.‬‬ ‫وتطبيقاته المختلفة في القرآن الكريم واألحاديث واآلثار أو ًال‪،‬‬
‫كدأبه في سائر الكتاب‪ ،‬ثم في أشعار القدماء والمحدثين‬ ‫وتبيُّن أسس الكتابة وما ينبغي أن تكون عليه مضمونا‬
‫وجاءت مهمة الشهاب هذه في فترة عصيبة من تاريخ‬ ‫وبنا ًء وأسلوباً حسب كل مقام‪ .‬ولما كانت هذه الخبرة‬
‫األمة اإلسالمية على عهد المماليك‪ ،‬اجتماعيا وسياسيا‪ ،‬فقد‬ ‫والمعاصرين‪ .‬ليعقد نوع الصلة بينه وبين االستعارة بإبراز‬
‫المشترك (عالقة المشابهة) والفروق الجوهرية بينهما‪،‬‬ ‫الطويلة بضاعة ثمينة‪ ،‬فإنه عز عليه أن تبقى حبيسة فكره‬
‫كان الفساد مستشريا واألوبئة متفشية بين الحين واآلخر‪،‬‬ ‫ووجدانه وهو يرى أن أول من هُم في حاجة إلى االنتفاع بها‬
‫وما تتطلبه هي من شروط جودتها مع بيان فاسدها عبر‬
‫وقد أرهقتها الحروب الصليبية‪ ،‬وما زاد الطين بلة غزو‬ ‫كل من رام التعاطي لهذه‬ ‫أبناؤه وأحفاده يرثونها ويتوارثها ُّ‬
‫االستشهاد والتحليل والبرهان‪.‬‬
‫المغول واتِّباعهم األرض المحروقة في كل بلدة دخلوها‬ ‫المهنة ورغب في الوفاء بشروطها‪.‬‬
‫إلى أن نكبوا العراق نكبة مدوية ُقتل فيها الخليفة العباسي‪،‬‬ ‫وم��ن عالقة المشابهة ينتقل إل��ى عالقة المجاورة‬
‫وأول ما ينبغي التسلح به في سبيل ذلك‪ ،‬حفظ القرآن‬
‫وسالت فيها الدماء أنهارا وأحرقت فيها الخزائن‪ ،‬وأسقطوا‬ ‫المتمثلة في الكناية وأنواع المجاز غير اللغوي وقيمتهما‬
‫الكريم‪ ،‬واالستكثار من حفظ األحاديث واآلثار‪ ،‬والتوسع في‬
‫بالد الشام وفلسطين ولم تبق سوى مصر‪ ،‬فأثاروا الرعب‬ ‫البالغية‪.‬‬
‫اللغة بكل موادها‪ ،‬وحفظ أشعار العرب ومعرفة أخبارهم‬
‫والهلع في النفوس لوال أن هيأ لهم اهلل حتفهم على يد‬ ‫كل ذلك دون أن تكون في تناوله حدود صارمة بين‬ ‫وأيامهم وأمثالهم‪ ،‬واإللمام بخطبهم ورسائلهم‪ ،‬واالطالع‬
‫قادة أمثال سيف الدين قطز(وكان المصنف آنذاك في سن‬ ‫هذه األنواع‪ ،‬فقد يقارن الكناية مثال بالمجاز أو االستعارة أو‬ ‫على األحداث التاريخية‪ ،‬ومعرفة األحكام السلطانية‪ ،‬وغير‬
‫المراهقة)‪ ،‬والظاهر بيبرس وقد شهد الشاعر‪ ،‬وهو إذ ذاك‬ ‫التمثيل أو غير ذلك من األوجه‪.‬‬ ‫ذلك‪ ،‬لكن األهم يبقى في معرفة استثمار ذلك وإبرازه بلغة‬
‫كاتب ديوانه‪ ،‬هذا النصر وخلده برسائله وشعره‪.‬‬ ‫والثاني علم المعاني بما فيه من المعاني النحوية‬ ‫تستحق بأن توصف بالبالغة والفصاحة‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫فيليــب بروطــون‬
‫(‪)21‬‬ ‫الحجاج في التواصل‬
‫ترجمة ‪ :‬د‪ .‬محمد مشبال ‪ /‬د‪ .‬عبدالواحد التهامي العلمي‬
‫‪Philippe Breton, L›argumentation dans la communication, Quatrième édition,‬‬
‫د‪ .‬عبد الواحد التهامي العلمي‬ ‫‪La Découverte, Paris, 2006.‬‬
‫فهو إجراء بنائي خالص‪.‬‬ ‫الوصل‬
‫وكما رأينا في فصل سابق‪ ،‬فإن»المزج» ليس نادرا‪.‬‬ ‫إن خلق «واق��ع جديد»‪ ،‬ال��ذي هو في الواقع تأليف‬
‫فالصعوبة تكمن في عدم وجود قطيعة واضحة بين الوصل‬ ‫جديد للعناصر الموجودة سابقا‪ ،‬يتم الحصول عليه كذلك‬
‫الحجاجي وبين «المزج»‪ .‬إن المرور من أحدهما إلى اآلخر‬ ‫بواسطة استحداث تجميع وتقارب بين العناصر‪ .‬وكما‬
‫يتم في فضاء متواصل حيث يصعب وضع الحدود‪ .‬وإضافة‬ ‫يقول واطزالويك‪« ،‬يشكل جمع «األشياء» (بالمعنى األكثر‬
‫إلى ذلك‪ ،‬فما يعد ببساطة وصال غير شرعي ومن دون‬ ‫عمومية) العنصر األكثر عمقا‪ ،‬واألكثر ض��رورة إلدراكنا‪،‬‬
‫أساس عند طائفة من المتلقين‪ ،‬يمكنه أن يكون ذا تأثير‬ ‫ولمفهومنا للواقع»(‪.)1‬‬
‫تطويعي كبير على طائفة أخرى‪.‬‬ ‫يلح بيير أليرون على أهمية «إقامة العالقة» بين الوقائع‬
‫هكذا ‪ ،‬فإن الحديث‪ ،‬كما فعل كلود النزمان ‪Claude‬‬ ‫والمواقف‪« :‬إن جزءا من النشاط العقلي يرتكز على إدراك‬
‫‪ ،Lanzmann‬عن «المصور العربي الذي يعمل في قناة‬ ‫أو إقامة تشابهات أو اتصاالت بين األشياء التي يتعاطاها‪.‬‬
‫فرنسية» في معرض الحديث عن طالل أبو رحمد‪ ،‬الموظف‬ ‫فهذه األشياء ال تستطيع مع ذلك‪ ،‬في نظره‪« ،‬أن تعرَّف‬
‫المحلي في مكتب فرنسا بإسرائيل‪ ،‬والذي كان قد صور‬ ‫بطريقة موضوعية تامة» و«الحجاج يقوم على هذا الال‬
‫مباشرة مقتل الطفل محمود في نيطزاريم ‪Netzarim‬‬ ‫تحديد النسبي»(‪ .)2‬وسيحاول عالم اإلجرام‪ ،‬ميشيل دوبيك‬
‫سنة ‪ )6(.2000‬هل يتعلق األمر بوصل مقنع لتحيز التحقيق‬ ‫‪ ،Michel Dubec‬خالل محاكمة موريس بابون ‪Maurice‬‬
‫الصحافي‪ ،‬أم هو مزج؟‬ ‫‪ ،Papon‬أن يقيم وصال (بهدف الحصول من دون شك على‬
‫وبالمقابل‪ ،‬فإن الوصل حول نموذج مألوف لليمين‬ ‫نعت قضائي مستحدث)‪« :‬يوجد نوع من المجرمين نتعرفهم‬
‫المتطرف‪ ،‬الذي قام به جاك بيرا ‪ Jacques Peyrat‬عمدة‬ ‫من خالل الخصائص اآلتية‪ :‬إنهم أذكياء‪ ،‬ومهذبون‪ ،‬وذوو‬
‫مدينة نيس ‪ ،Nice‬بخصوص المتظاهرين ضد مؤتمر قمة‬ ‫مظهر الئق؛ إنهم يمارسون إغراء قويا‪ ،‬وخاصة‪ ،‬أنهم ال‬
‫نيس في خريف ‪ ،2000‬هو مزج بكل وضوح‪« :‬هؤالء الناس‬ ‫يملكون أي حقد تجاه ضحاياهم‪ .‬إنهم يمارسون القتل‬
‫الذين يسمموننا على طول الزمن‪ ،‬والذين ال يعملون‪،‬‬ ‫بالتسلسل‪ .‬وما يثير االستغراب في مقاربتهم هي برودة‬
‫هؤالء المتقاعسون‪ ،‬والكسالى‪ ،‬والمشاغبون‪ ،‬هؤالء الثوار‪...‬‬ ‫اللقاء‪ .‬فلم يمهدوا أبدا لهذا الحقد‪ ،‬ولم يعرفوا اإلحساس‬
‫إنها الطرائق نفسها‪ ،‬واألشخاص أنفسهم الذين قلبوا‬ ‫بالذنب‪ .‬طبعا‪ ...‬وسيكون من العبث اللجوء إلى اختزال‬
‫نظام ألمانيا النازية في سنة ‪ .)7(»1936‬إن عديدا من نماذج‬ ‫المشاركة في اإلبادة الجماعية إلى أصناف علم اإلجرام‪.‬‬
‫«المزج» تستعمل الوصل مع النازية لالنتقاص من رأي أو‬ ‫ولكنه ليس من المستحيل أن نفكر أن السبب اإلجرامي عند‬
‫شخص‪ ،‬مثال ب��ن‪-‬أري ييزيكييل‪Ben-Ari Yézékiel ،‬‬ ‫كائن مثل قاتل المجموعة ثاو في كل منا‪ ،‬وأنه ال يمكنه أن‬
‫في إطار الجدل حول النزاع في كوسوفو‪ ،‬سنة ‪ ،1999‬حين‬ ‫من الجنود ال يتكلمون إال اللغة العامية‪ ،‬فإن القيادة وجدت‬ ‫يظهر إال حسب صيغة إجرائية تنطوي على بعض القرابة مع‬
‫قال إن «ريجي دوبري ال يحتاج أن ينتظر أربعين سنة لينكر‬ ‫صعوبات وخيمة لتكون محل طاعة»(‪ .)4‬لقد جازف باالستناد‬ ‫الظروف الخاصة باإلبادة الجماعية‪ .‬ليس للقاتل بالتسلسل‬
‫اإلبادة الجماعية»(‪.)8‬‬ ‫إلى مرجعية ستظهر وكأنها قديمة جدا بالنسبة إلى قطاع‬ ‫عالقة شخصية بالضحية‪ .‬إنه يميزها بواسطة عالمة واحدة‬
‫‪-----‬‬
‫(‪ ،1975 )1‬ص‪.22.‬‬ ‫كبير من المتلقين‪.‬‬ ‫يمكنها أن تكون شعرا أشقر أو أي شيء آخر‪ .‬فهو ال يكرهها‬
‫(‪ ،1993 )2‬ص‪.97-98 .‬‬ ‫إن «التشابه بين وق��ائ��ع‪ ،‬وإج����راءات‪ ،‬ومؤسسات‪،‬‬ ‫ألنه ينزهها مسبقا عن أي صفة شخصية»(‪.)3‬‬
‫‪(3) 1- Le Monde, 18 Novembre 1997.‬‬ ‫ومساطر» يسمح كذلك‪ ،‬حسب أوليرون‪ ،‬بإظهار «القيم‬ ‫يجب أن ينطلق الوصل لدى المتلقي من اتفاق مسبق‬
‫(‪ )4‬ن��دوة في المجمع الوطني بخصوص اللغة القبرصية ‪28‬‬ ‫المشتركة الطبيعية»(‪ .)5‬يسوق المؤلف مثال القتل الرحيم‪،‬‬ ‫واض��ح‪ .‬وعندما ال يجد الطرف «الموصول» الذي يصلح‬
‫مارس‪ Le Monde30 ،2001‬مارس ‪.2001‬‬ ‫الذي يمكن اعتباره «جريمة» أو عدم اعتباره كذلك (مما‬ ‫للدعم سوى صدى قليل‪ ،‬فالحمولة الحجاجية للوصل‬
‫(‪ ،-1993 )5‬ص‪.101 .‬‬
‫‪(6) Le Monde, 2001. -3‬‬ ‫يقربنا من النعت الذي وقفنا عليه آنفا)‪ .‬بالنسبة إليه‪ ،‬يعد‬ ‫تنقص‪ .‬عندما يذكر روبير باندرو ‪Robert Pandraud‬‬
‫‪(7) Libération, 15 Décembre 2000.-2‬‬ ‫التقريب من دون قرينة «لغرض جوهري يتمثل في إحداث‬ ‫في الجدل القائم حول تعليم اللغة القبرصية‪ ،‬أنه «في‬
‫‪(8) 3- Le Monde , 22 Mai 1999.‬‬ ‫تأثير في المتلقي» «مزجا» ال صلة له باالستدالل الحجاجي‪،‬‬ ‫أنظمة المدفعية لسنوات ‪ ،1914-1918‬عندما كان كثير‬

‫إصدارات‬
‫‪13‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫تأمالت في المنفى‬

‫دفاعا عن الإرث الثقايف العربي يف �أمريكا‬


‫• د‪ .‬خالـد سليكـي‬
‫«منذ بداية عصر النهضة‪ ،‬غلبت المعرفة الدفاعية‬
‫والفكر “الدفاعي” على المعرفة النقدية والفكر‬
‫النقدي‪ .‬فأخذ مثقفونا يرسمون لنا صور تاريخنا وحضارتنا‬
‫ومجتمعنا في شكل تبريري‪ ،‬في وجه سيطرة الغرب‬
‫ونفوذه‪ ،‬وأصبح هدف المعرفة درء الخطر عن الذات‪ ،‬بدال‬
‫من معرفة الذات وتفهمها‪ .‬وبذلك عجز الفكر النقدي‬
‫منذ البداية‪ ،‬وبدال من أن يأخذ خط التفهم والتحليل‬
‫أخذ خط التفسير والتبرير‪ .‬من هنا تميز الفكر العربي‬
‫المعاصر بخروجه عن خط المعرفة العلمية (معرفة الذات‬
‫والنقد الذاتي) واندفاعه في متاهات تجريدية‪ ،‬وتهربه‬
‫من مجابهة الواقع وكشفه»‪.‬‬
‫* هشام شرابي ‪ -‬مقدمات لدراسة المجتمع العربي‪.‬‬
‫تحدثت كتب التاريخ عن حديث أرسطو عن جزيرة‬
‫شاسعة وراء بحر الظلمات‪ ،‬واتصال المصريين القدامى‬
‫ببعض شعوب أمريكا الجنوبية‪ ،‬وفي منطقة كران كانيون‬
‫في والية أريزونا‪ ،‬الزال هناك مكان يمنع االقتراب منه‬
‫‪-‬بتعليمات صارمة من الحكومة الفدرالية‪ ،‬ويشاع أن‬
‫فيه آثار فرعونية تعود لزمن الفراعنة‪ .‬هذا من جهة‪ ،‬أما‬
‫عن دور العرب‪ ،‬خاصة العرب‪/‬المسلمون الذين فروا من‬
‫ويالت محاكم التفتيش‪ ،‬واستقروا في ما يعرف بالمسكيك‪،‬‬
‫واألرجنتين‪ ،‬حاليا‪ ،‬فكبير‪ ،‬وواضح في الكثير من مناحي‬
‫الحياة‪ ،‬والعمران‪.‬‬
‫وتحدث الشريف اإلدريسي (مات عام ‪ 559‬هـ ‪1166‬م)‬
‫عن الفتية المغررين الذين أبحرو من آسفي في اتجاه‬
‫ما وراء المحيط‪ ،‬وبعضهم أبحر من األندلس‪ ،‬وبعد مدة‬
‫طويلة من الزمن عادوا واستقبلوا استقبال األبطال وتوج‬
‫قائدهم‪ .‬وتضيف بعض الدراسات إنه وجد من ضمن‬
‫الهوية الدينية‪ ،‬لتختزل الحضارة العربية‪ -‬اإلسالمية في‬ ‫نقارن الوضع السابق بما آل إليه الوعي المهجري في أمريكا‪.‬‬ ‫أغ��راض كولومبوس كتاب الشريف اإلدريسي‪ ،‬وإن من‬
‫”الدين اإلسالمي“‪ .‬األمر الذي أحدث انتكاسة كبرى‪ ،‬وتم‬ ‫ومن هنا يمكننا أن نستنتج ما يلى‪:‬‬ ‫بين من رافقه في رحلته نحو الغرب مترجم كان يتحدث‬
‫اختزال الصورة الحضارية للعرب‪ ،‬من حيث هي اختالفات‬ ‫‪ -‬المالحظ أن المحاوالت األولى‪ ،‬مع عفيفة والرابطة‪،‬‬ ‫العربية وهو متشبع بالثقافة اإلسالمية اسمه لويس‬
‫وتعدد وإرث‪ ،‬فيه من التنوع ما يكاد يكون استنثاء‪ ،‬إلى‬ ‫وقبلهما تجربة إصدار ”كوكب أمريكا“ (أسبوعيا‪ ،‬ثم يوميا‬ ‫طوريس‪ ،‬ينتمي إلى من عرفوا ب“المورو“‪ .‬هذا باإلضافة‬
‫مجرد هوية دينية‪ ،‬بل نمط من ”الفهم“ الديني لنمط‬ ‫فيما بعد)‪ ،‬تكشف عن وعي عميق لدى هؤالء الذين كانوا‬ ‫إلى مصطفى األزموري المغربي (الذي عرف باسطيبانيكو)‬
‫من اإلسالم‪ ،‬وهو نمط محكوم بالصراعات واإليديولوجيا‪،‬‬ ‫يحملون هما حضاريا وثقافيا ومعرفيا يتغذى من ”أسلئة‬ ‫الذي اكتشف فلوريدا‪ ،‬وأتقن لغة إحدى قبائل الهنود الحمر‪،‬‬
‫والخلفيات السياسوية‪ .‬هكذا يتم تنشئة المستفيدين‬ ‫النهضة“‪ ،‬وك��ان لهم وعي بالهوية الثقافية واللغوية‬ ‫حتى أنهم ألهوه وقدسوه وقطعوا رجليه كي ال يغادرهم أو‬
‫من األطفال‪ ،‬من هذه الدروس في اللغة‪ ،‬على أن العربية‬ ‫بصورة جعلتهم ”يمجدون“ العربية ال كلغة دين‪ ،‬وإنما‬ ‫يتمكن من الفرار!‬
‫هي مفتاح الدين‪ ،‬وأنهم يتعلمون العربية لكي يتمكنوا‬ ‫كلغة حضارة! فإذا كانت عفيفة كرم ونجيب عربيلي وجبران‬ ‫ثم نأتي إلى التاريخ الحديث فتكتشف أن الهجرة‬
‫من استكمال هويتهم الدينية‪ ،‬ولكي يحفظوا النصوص‬ ‫لهم انتماء ديني غير اإلسالم‪ ،‬فإنهم كانوا يتنفسون في‬ ‫العربية إلى أمريكا بدأت في وقت مبكر‪ ،‬إذ تعود إلى أواخر‬
‫المقدسة‪ .‬والحال أن هذا يخلق أزمة حقيقية لدى األطفال‬ ‫فضاء ثقافي مشبع بالحضارة اإلسالمية (ثمة فرق كبير بين‬ ‫القرن السابع عشر‪ ،‬حيث استقرت عائلة الوهاب في جزيرة‬
‫الذين تحاصرهم أسئلة وجودية وحضارية ولغوية ال يعيها‬ ‫الحضارة العربية اإلسالمية وبين الدين اإلسالمي!!)‪ ،‬ولم‬ ‫أوكراكوكي في كاروالينا الشمالية‪ ،‬وانتهت بوفاة آخر‬
‫الكثير من مسيري المؤسسات التي تعطي هذه الدروس في‬ ‫تكن أمريكا إال فضاء ”مختلفا“ شكل مرآة إلعادة قراءة الذات‪،‬‬ ‫األحفاد في العام ‪( 2008‬كما يشير إلى ذلك جيمس زغبي)‪،‬‬
‫اللغة العربية!؟‬ ‫ومختبرا حقيقيا لفهم العديد من مظاهر فهمنا للواقع‪ ،‬وهو‬ ‫و لم يعد لهم من أثر في تلك الجزيرة التي عمروها لقرون‬
‫لقد تم تهريب ”اللغة والفكر واإلب���داع والتعدد‬ ‫ما تجليه بعمق عبارة عفيفة كرم‪ ،‬حيث تقول‪« :‬شتان بين‬ ‫سوى مقبرة تحمل اسم الوهاب!‬
‫واالختالف“ العربية‪ ،‬من المجال الواسع‪ ،‬المتسم بالحرية‬ ‫من يجرب السباحة مقاوما التيار الذي يجرفه‪ ،‬ومن يسير‬
‫والتطور واالبداع‪ ،‬إلى سجن ”المؤسسات الدينية“‪ ،‬وتم وأد‬ ‫معه‪ ،‬تاركا له السير به للجهة التي يسير هو فيها‪.».‬‬ ‫لقد شغلني البحث عن الفعل الثقافي واإلبداعي والنشر‬
‫العناصر اإليجابية والحيوية التي تقدمها المعرفة العربية‬ ‫العربي في أمريكا‪ ،‬فاكتشفت إرثا عربيا غنيا للغاية‪ ،‬توزع‬
‫‪ -‬لقد وعى هؤالء ضرورة فهم الواقع الذي يعيشون فيه‪،‬‬
‫‪-‬بالمعنى الفلسفي‪ -‬لتحيا التكلس والخمول‪ ،‬وتتنصل من‬ ‫بين اللقاءات الثقافية‪ ،‬وإصدار الصحف والمجالت‪ ،‬واإلنتاج‬
‫كما وعوا ضرورة فهم واقعهم الذي جاؤوا منه‪ ،‬وكانوا في‬
‫كل آليات صناعة السؤال!‬ ‫األدبي‪ ،‬ولم تكن الرابطة القلمية إال ثمرة بدايات متفرقة‬
‫ذلك يسعون لتأسيس ”فهم“ قادر على االستيعاب والتجاوز؛‬
‫أو لم يحقق “النمط الديني”‪ ،‬المهيمن اليوم‪ ،‬ما كان‬ ‫أي استيعاب ”الحاضر‪/‬األمريكي“ وت��ج��اوزه‪ ،‬متشبعين‬ ‫متأصلة في آن‪.‬‬
‫يحلم به المشروع اإلمبريالي‪ ،‬بأن صار العربي معزوال‬ ‫بمكونات ثقافية عربية‪ ،‬تمتاح من هويتهم وثقافتهم‬ ‫أصدر نجيب وإبراهيم العربيلي أول صحيفة عربية في‬
‫وهامشيا وغير فاعل‪ .‬فالعرب في أحسن األحوال مهندسون‬ ‫وإرثهم‪ ،‬وذلك سعيا نحو تحقيق االختالف والتعدد‪ ،‬ال أن‬ ‫أمريكا‪ ،‬تحمل اسم ”كوكب أمريكا“ وذلك في ‪ 15‬أبريل‬
‫وأطباء وقضاة ورج��ال أعمال‪ ،‬وكل هذا غير مؤثر فكريا‬ ‫يبقوا معزولين عن النسيج العام‪ .‬هكذا نجحوا‪ ،‬إلى حد‬ ‫‪ ،1883‬كما أصدرت‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬عفيفة كرم أول مجلة تعنى‬
‫وحضاريا في المشهد األمريكي وفي مستقبل األجيال‬ ‫كبير‪ ،‬في تحقيق االندماج‪ ،‬فأثروا في النسيج األمريكي‬ ‫بقضايا المرأة واسمها ”العالم الجديد النسائية“ وذلك في‬
‫القادمة؟‬ ‫الفكري واإلبداعي ‪ -‬وال أدل على ذلك من أن كتاب “النبي”‬ ‫العام ‪ ،1912‬بل إن عفيفة كانت من رواد كتابة الرواية‬
‫ثالثة ماليين عربي‪ ،‬وعشرات المؤسسات الدينية (إن‬ ‫يعتبر من األعمال الكالسيكية لألدب األمريكي! وهو جزء‬ ‫في عالمنا العربي (”فؤاد وبديعة“ صدرت في نيويورك عام‬
‫لم نقل المئات) ‪ ،‬وعشرات المعاهد التابعة لها‪ ،‬لكنها تكاد‬ ‫من الخطاب اإلبداعي األمريكي‪ -‬كما أثروا في مسار اإلبداع‬ ‫‪ ،1906‬وأعيد طبعها في المغرب (منشورات الزمن‪)2008‬‬
‫تكون عديمة الفعالية داخل النسيج العام‪ .‬ترى ما هي‬ ‫العربي‪ ،‬وساهموا في تطوير العربية والصور الشعرية ‪-‬كما‬ ‫ومصر (‪ .))2013‬هذا باإلضافة إلى ما قدمته الرابطة‬
‫القيمة الحضارية المضافة داخل النسيج الثقافي األمريكي؟‬ ‫يعرف الجميع‪.-‬‬ ‫القلمية‪ ،‬إن على مستوى اإلبداع أو التنظير‪ ،‬أو على مستوى‬
‫هل سيحمل لنا التاريخ القادم نموذجا لمشاريع الرعيل‬ ‫غير أن هذا لم يدم طويال‪ ،‬إذ سرعان ما تراجع هذا‬ ‫االنشغال بقضايا وجودية شكلت‪ ،‬حينها‪ ،‬تجديدا بل وثورة‬
‫األول من المؤسسين‪ ،‬بدءا باألزموري وانتهاء ب��إدوارد‬ ‫الوعي‪ ،‬وتم تهريب ”اللغة العربية“ إلى فضاءات ”المساجد“‬ ‫في الخطاب اإلبداعي واللغوي العربيين‪.‬‬
‫سعيد؟ أم أن الوضع متحكم فيه‪ ،‬واآللة الليبرالية فهمت‬ ‫‪-‬كما تمت أشرنا إلي ذلك في عدة مناسبات‪ -‬حيث تدرس‬ ‫إن هذا الزخم‪ ،‬الذي يحتاج‪ ،‬اليوم‪ ،‬إلى إعادة استحضاره‬
‫جيدا كيف تدجن وتضبط وتتحكم كي تهمش وتقصي؟‬ ‫اللغة باعتبارها ”مقدسا“‪ ،‬يساعد على المحافظة على‬ ‫وقراءته‪ ،‬انطالقا من زوايا لم تكن مطروقة من قبل‪ ،‬يجعلنا‬
‫‪14‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫أطاريح جامعية‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫�إي�ضاح امل�سالك والربهان يف التو�صل لفهم دقائق علم البيان‬


‫عبد الغني بن املدين بني�س درا�سة وحتقيق‬
‫دروسهم المنهجية إلى أهمية تحقيق النصوص التراثية والعناية‬ ‫لمنظومته إضافة نافعة لطلبة علم البيان وعكس ثقافة المؤلف‬ ‫نوقشت بآداب تطوان أطروحة الطالبة الباحثة نورة‬
‫بها‪ ،‬باعتبار ذلك مدرسة لتكوين الباحث لما تتيحه له من اتصال‬ ‫وعمق نظرته النقدية وعظيم اطالعه ودربته في هذا الفن والتي‬ ‫بن كسوبة بإشراف الدكتور محمد الحافظ الروسي‪ ،‬في‬
‫دائم بالمكتبة التراثية في شتى المجاالت وما يكسبه إياه من‬ ‫تعكس ثقافة الشارح وتخصصه العلمي ولتكون استقراء لنسق‬ ‫موضوع ‪« :‬إيضاح المسالك والبرهان في التوصل لفهم‬
‫حرص على التثبت والصبر‪.‬‬ ‫التفكير البالغي في عصره‪.‬‬
‫دقائق علم البيان لعبد الغني بن المدني بنيس‪ :‬دراسة‬
‫من هنا‪ ،‬ولكل هذه األسباب حاولت أن يكون تحقيقي لهذا‬ ‫دوافع تحقيق المخطوط‪:‬‬
‫المخطوط في مستوى تطلع مؤلف‪ ،‬وأرجو أن أكون قد اقتربت‬ ‫وتحقيق»‪ .‬وكانت اللجنة العلمية مكونة من الدكاترة ‪:‬‬
‫من ذلك وأخرجت هذا النص المغربي القيم في الصورة التي‬ ‫ال يجادل أحد في أنه لن تكون هناك منطلقات نهضة أدبية‬ ‫محمد الحافظ الروسي مشرفا‪ ،‬عزالدين الشنتوف رئيسا‪،‬‬
‫أراده عليها صاحبه بفضل جهد وصبر دام معي سنوات وإشراف‬ ‫صحيحة وسليمة إال أذا أخرجت النصوص الفكرية واألدبية‬ ‫عبد الرحمن بودرع خبيرا‪ ،‬عدنان أجانا عضوا‪ ،‬بدر العمراني‬
‫علمي أفتخر وأعتز به ألستاذي الفاضل محمد الحافظ الروسي‬ ‫والعلمية للوجود‪ ،‬ولهذا كان لزاما علينا ومن واجب كل مثقف‬ ‫عضوا‪ ..‬وبعد المناقشة والمداولة العلميتين مُنحت للطالبة‬
‫مسؤول أن يتوجه إلى هذا التراث بحثا واستخراجا‪ ،‬تحقيقا‬
‫الذي أكرمني بإشرافه على عملي ‪.‬‬
‫ودراسة ونشرا‪ ،‬باعتباره قاعدة علمية صحيحة تخول لنا انبعاثا‬ ‫الباحثة نورة بن كسوبة شهادة الدكتوراه بميزة مشرف‬
‫أهمية المتن ‪:‬‬ ‫معرفيا وحضاريا في آن واحد‪ .‬ووعيا منا بهذه المسؤولية عقدنا‬ ‫جدا‪ ،‬وهذا ملخص تقرير الطالبة الباحثة‪:‬‬
‫مثل كتاب «إيضاح المسالك والبرهان في التوصل لفهم‬ ‫العزم على تحقيق هذا المخطوط اهتماما منا بالتراث المغربي‬ ‫‪---‬‬
‫دقائق علم البيان» نموذجا من النثر والنظم العلمي «الذي‬ ‫ورغبة في التعريف به وب «النبوغ المغربي» كما كتب عبد اهلل‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله‬
‫يندرج ضمن صنف النظم التعليمي والشرح األدبي الذي تتأصل‬ ‫كنون‪ ،‬وإلبراز «الخصائص الحقيقية للذات المغربية» كما يقول‬ ‫وصحبه وسلم تسليما‬
‫فيه المعالجة األدبية ويتحقق فيه موقف صاحبه ليصبح هذا‬ ‫عباس الجيراري( )‪ .‬وقد حاولت من خالل تحقيق هذا النص أن‬ ‫بداية نشكر اهلل تعالى حق شكره‪ ،‬على ما وفق وأنعم‪ ،‬وسدد‬
‫الموقف شرطا يجري عليه العمل‪ ،‬ومجاال تتمثل فيه ثقافة الشارح‬ ‫أسهم مع من سبقوني في ميدان إحياء التراث بجهد مقل وعمل‬ ‫وألهم‪ ،‬كما نحمده جل جالله حق حمده‪ ،‬فله الحمد أوال وآخرا‪،‬‬
‫وتخصصه العلمي‪ ،‬فتمتد ظالل النص في عمق اللغة واإلعراب‬ ‫متواضع من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل الذي يتمثل في‬ ‫ظاهرا وباطنا‪ .‬ثم الشكر الجزيل والثناء الجميل ألستاذي الفاضل‬
‫وقضايا البالغة‪ .‬وينصرف مجهود الشرح إلى تحصيل المعنى‬ ‫إحياء التراث المغربي والتعرف على الخيط الموصول لتطورنا‬ ‫الذي أكرمني بإشرافه على بحثي‪ ،‬فكان إشرافه علي وساما‬
‫الشعري للنص‪ ،‬ومدى ارتباطه بغيره من النصوص»( )‪ .‬وهذا ما‬ ‫الحضاري‪ ،‬واستكمال صورة الحركة األدبية في المغرب خالل‬ ‫أعتز به ومهما قلت فسأكون مقصرة بواجب الشكر واالمتنان‬
‫قام به عبد الغني بنيس في هذا التأليف بأسلوب واضح الداللة‬ ‫العصر العلوي‪ ،‬حيث عرفت هذه الحقبة التاريخية نشاطا فكريا‬ ‫في حقه‪ ،‬فقد كان لي في عملي النبراس الذي استنرت به‪،‬‬
‫خالي من التكلف في شرحه‪ ،‬يتوسع في ذكر القاعدة البيانية‬ ‫وأدبيا أغرى الباحثين والمحققين بتخريجها وتحقيقها والتنقيب‬ ‫واهتديت بنصحه‪ ،‬وتابع عملي بكل حرص وحماس‪ .‬ثم الشكر‬
‫وفي التحدث عن مواقف البالغيين واختالفاتهم مع دعم ذلك‬ ‫عنها‪ ،‬خاصة عندما يتعلق األمر بتأليف يندرج ضمن مجال شديد‬ ‫الجزيل للدكاترة األفاضل األجالء أعضاء لجنة المناقشة‪ ،‬الذين‬
‫بالشواهد واألمثلة‪ ،‬مما جعل الشرح مفيدا في التعرف على قواعد‬ ‫الحساسية واألهمية أال وهو مجال علم البالغة‪ ،‬هذا العلم األصيل‬ ‫أتشرف بوقوفي أمامهم في هذا اليوم المبارك وليلة الشهر‬
‫المجاز ومسائله بيسر وسهولة‪ .‬وبهذا كان الكتاب نموذجا‬ ‫العالي قدره وال��ذي قال عنه أبو هالل العسكري في مقدمة‬ ‫المبارك‪ ،‬وأنا جد ممتنة لهم لما تحملوه من عناء قراءة بحثي‬
‫لتآليف القرن الثالث عشر‪ ،‬وصورة للحياة األدبية والثقافية آنذاك‬ ‫كتابه الصناعتين‪« :‬اعلم علمك اهلل الخير ودلك عليه وقيضه‬ ‫ومراجعته وتدقيقه‪ ،‬جازاهم اهلل عني كل خير وجعلها اللهم في‬
‫والتي عرفت نشاطا في مزاولة الشرح األدبي والعمل على صنعته‬ ‫لك وجعلك من أهله‪ ،‬أن أحق العلوم بالتعلم وأوالها بالتحفظ‬ ‫ميزان حسناتهم ومتعهم اهلل بموفور الصحة والعافية وأنعم اهلل‬
‫التأليفية‪ .‬ذلك أن المعارف الذهنية أصبحت من الركائز التي‬ ‫بعد المعرفة باهلل جل ثناؤه‪ ،‬علم البالغة ومعرفة الفصاحة الذي‬ ‫عليهم بمزيد من العطاء والتوفيق في مسيرتهم العلمية ونفع‬
‫اعتمد عليها الشاعر‪ ،‬حيث تحول اإلبداع الشعري من إبداع يقوم‬ ‫به يعرف إعجاز كتاب اهلل تعالى الناطق الحق الهادي إلى سبيل‬ ‫اهلل بكم طلبة العلم‪ .‬ثم الشكر الوفير‪ ،‬لبناة األجيال‪ ،‬ومعادن‬
‫على الخيال إلى كونه عمل ذهني يقوم على جملة من التقابالت‬ ‫الرشد المدلول به على صدق الرسالة وصحة النبوة التي رفعت‬ ‫العلم والمعرفة‪ ،‬ألساتذتنا األجالء الحاضرين معنا كل باسمه‬
‫العقلية والحدود المنطقية‪ ،‬لتصبح المنظومة ثمرة كد للدهن‬ ‫أعالم الحق وأقامت منار الدين ‪ ...‬فينبغي من هذه الجهة أن‬ ‫ومكانته‪ ،‬أشكركم شكرا ممزوجا باالحترام والتقدير‪ ،‬ومعطرا‬
‫وإعمال للفكر‪ ،‬تكشف عن عقلية هندسية ورياضية‪ ،‬مجال الخيال‬ ‫يقدم اقتباس هذا العلم على سائر العلوم بعد توحيد اهلل تعالى‬ ‫بأريج المحبة والتوقير‪ ،‬فقد كنتم مصابيح األنوار التي أضاءت‬
‫فيها محدد في اصطياد التقابالت العقلية‪ .‬كما هو الشأن في هذا‬ ‫ومعرفة عدله والتصديق بوعده ووعيده‪.) (» ،‬‬ ‫لنا دروب العلم والمعرفة‪ ،‬وأزحتم عن طريقنا الدياجير‪ ،‬وكشفتم‬
‫المتن الذي جاء وافيا حقا بمقصوده‪ ،‬كامال شامال‪ ،‬اعتمد فيه عبد‬ ‫بدأت عملي في هذا المخطوط في سلك الماستر‪ ،‬حيث قمت‬ ‫عن بصائرنا غشاوة الجهل‪.‬ثم شكر خاص لكل الحضور وألسرتي‬
‫الغني بنيس الطريقة التي أفصح عنها في المقدمة والتي ذكر‬ ‫بتخريجه‪ ،‬لكنني رأيت أن عملية التخريج ما هي إال خطوة أولى‬ ‫الكريمة والداي وإخوتي‪ ،‬ولكل من حضر معي هذا اليوم المبارك‪،‬‬
‫فيها الظروف التي أحاطت بتأليف الكتاب وموضوعه‪ ،‬ومصادره‬ ‫في عملية البحث‪ ،‬فوجدت نفسي منساقة إلى تحقيقه كضرورة‬ ‫وأنا أجني ثمار سنوات من الكد والجهد والعمل في هذا اليوم‬
‫وغايته‪ ،‬فكان الكتاب يعارض نظيره السابق الذكر وهو منظومة‬ ‫حتمية لكل بداية علمية‪ ،‬وأصابني قلق مياوم يحرضني على‬ ‫المبارك‪ ،‬في موضوع «إيضاح المسالك والبرهان في التوصل‬
‫الطيب بن كيران‪ .‬وهذا ما فسر لنا األطروحة التي اعتمدها المؤلف‬ ‫مجالسة هذا المخطوط ق��راءة وفهما‪ ،‬دراس��ة ونبشا‪ ،‬توثيقا‬ ‫لفهم دقائق علم البيان» لمؤلفه عبد الغني بن المدني بنيس‪،‬‬
‫والتي لمسناها منذ العنوان الذي لم يختره اعتباطا‪ ،‬وهي توضيح‬ ‫وتحقيقا‪ ،‬مدفوعة إلى ذلك بعدة أسباب حفزتني ألن أجعل من‬ ‫دراسة وتحقيق‪.‬‬
‫وتبسيط المسائل البيانية‪ ،‬فالطيب بن كيران كان يسعى في‬ ‫عملية التحقيق هاته وما واكبها من بحث واستقصاء‪ ،‬مساهمة‬ ‫يعود تاريخ تأليف هذا المخطوط للنصف الثاني من القرن‬
‫منظومته لالختصار والتلخيص بينما بنيس كان يسعى لتقديم‬ ‫جادة في دعم الحركة التأريخية لإلنتاج األدبي المغربي وإحياء‬ ‫الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر سنة ‪1325‬هـ‪ ،‬و يوجد‬
‫منظومة شاملة جامعة موضحة ومبسطة لكل المسائل البيانية‬ ‫التراث الدفين وتقديمه لجمهور المثقفين‪ ،‬مع إبراز مالمح‬ ‫في نسخة واحدة وهي النسخة األصل بخط يد المؤلف بالخزانة‬
‫في باب الحقيقة والمجاز‪ ،‬وإن الحظنا تشابه بين المنظومتين‬ ‫وسمات هذا االنتاج األدبي‪ ،‬وأيضا من أجل المساهمة في تحديد‬ ‫العامة بالرباط تحت الرقم الترتيبي ‪ ،1780‬وتقع في ‪159‬صفحة‪.‬‬
‫في المقومات واألسلوب التعبيري وبواعث اإلنتاج فإنهما تتفارقا‬ ‫خصوصية المدرسة المغربية واستكمال صورة الحركة األدبية في‬ ‫يتكون هذا المخطوط من منظومة مائة وسبع وأربعين‬
‫افتراق التكامل‪ ،‬إذ لكل من المنظومتين معطياتها وذاتيتها‪،‬‬ ‫المغرب خالل العصر العلوي وبعث هذه اإلنتاجات األدبية اعترافا‬ ‫‪147‬بيتا وشرحها‪ ،‬تناول فيها المؤلف شرح وتفصيل المسائل‬
‫فكل منهما ألفتا لغرض واحد وهو عرض تعليمي‪ .‬وقد حرص‬ ‫منا بما أسدى العلماء المغاربة لصالح الحركة الفكرية واألدبية‬ ‫البيانية خاصة باب الحقيقة والمجاز‪ ،‬حيث تتبع كل ما يتعلق‬
‫عبد الغني بنيس في تأليفه على تقديم الجديد‪ ،‬وقد تتبعنا النقط‬ ‫في المغرب آنذاك‪ .‬وإلى جانب كل هذه الدوافع فقد زادني حرصا‬ ‫بباب الحقيقة و المجاز بكل أبوابها وفصولها وأقسامها وعالج‬
‫التي أغفلها الطيب بن كيران في منظومته والتي استدركها عبد‬ ‫على تحقيق هذا المخطوط ما كنت أسمعه من الدكاترة األجالء‬ ‫كل القواعد والمسائل المرتبطة بهذا الباب حيث شكل شرحه‬
‫الغني بنيس‪ ،‬فإذا هي ثمانية عشر مسألة‪ ،‬فيها ما جاء على شكل‬ ‫الذين سهروا على تكويننا والذين كانوا ال يفتؤون ينبهوننا في‬
‫‪15‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫بعد ذلك ذكرنا دوافع تحقيق هذ المخطوط والتي نجملها‬ ‫لهذه المنظومة والمنثورة نتيجة إلدراكه أن علوم العربية يسهل‬ ‫شرح وتوضيح‪ ،‬وفيها ما هو إضافة لنقط وقضايا أغفل ذكرها‬
‫في رغبتنا وإصرارنا على استكمال صورة الحركة الفكرية واألدبية‬ ‫حفظها على المتعلم عن طريق النظم خاصة‪ ،‬وأن المنظومات‬ ‫الطيب بن كيران في منظومته‪ ،‬ذلك أن هذا األخير كان هدفه‬
‫في المغرب خالل العصر العلوي‪ ،‬وبعث هذا اإلنتاج األدبي اعترافا‬ ‫التعليمية كانت تالقي قبوال واسعا في وقته نظرا لما تحققه‬ ‫االختصار‪ ،‬وبنيس كان هدفه الشرح والتوضيح‪ .‬وفي هذا السياق‬
‫منا بما أسدى العلماء المغاربة لصالح الحركة الفكرية واألدبية‬ ‫من يسر في تحصيل المادة وتسهيل حفظها وجعلها مبسطة‬ ‫جاء هذا التأليف عبارة عن منظومة ومنثورة تعليمية في قواعد‬
‫ورغبتنا في المساهمة مع من سبقونا في إحياء التراث المغربي‪.‬‬ ‫وتخليص الطالب من التعقيد الممل‪ ،‬وهذا ما دفعه إلى تبسيط‬ ‫الحقيقة والمجاز‪ ،‬محررة بأسلوب يتميز بالوضوح والبساطة‪،‬‬
‫قسم الدراسة‪ :‬وتناولنا فيه المنظومة وشرحها ومؤلفها‪،‬‬ ‫قواعد المجاز مع المحافظة على شمول مادته‪.‬‬ ‫وسالسة التعبير‪ ،‬واإلسهاب في آن واحد‪ .‬إذ كان المؤلف يجنح‬
‫وجاء في أربع فصول‪:‬‬ ‫أحيانا في عملية الشرح إلى استطرادات تدفع الملل عن القارئ‪،‬‬
‫طريقته في االستشهاد‪:‬‬ ‫فكان يستقصي بحثه غير تارك أي جانب من جوانب الغموض‬
‫الفصل األول‪ :‬عرفنا فيه بعد التمهيد باسم المؤلف ونسبه‬ ‫تنوعت استشهادات عبد الغني بنيس في كتابه بصفة عامة‪،‬‬
‫ووالده‪ ،‬وتحدثنا فيه عن عالقة المؤلف بالسلطة‪.‬‬ ‫أو االلتباس‪ ،‬مستعمال جميع وسائل اإليضاح من نظم وشرح‬
‫فمن قرآن كريم إلى حديث نبوي شريف إلى شعر إلى أمثال إلى‬ ‫وشواهد‪ ،‬ومستعينا بقواعد النحو والبالغة والبيان‪ ،‬مستندا على‬
‫الفصل الثاني‪ :‬كان حديثا عن عصر المؤلف والحياة السياسية‬ ‫جانب استشهاده بأقوال البالغيين واللغويين والمفسرين‪.‬‬
‫في عصره والسالطين الذين تعاقبوا على الحكم تلك الفترة حيث‬ ‫مبادئ علم البيان كما جاءت في أمهات كتب البالغة قديمها‬
‫طريقته في الشرح‪:‬‬ ‫وحديثها‪ .‬وكل ذلك بعبارات واضحة المعاني‪ ،‬مستعرضا في ذلك‬
‫عاصر المؤلف أربع سالطين‪( :‬السلطان الحسن األول‪ ،‬السلطان‬
‫عبد العزيز‪ ،‬السلطان عبد الحفيظ‪ ،‬السلطان يوسف)‪.‬‬ ‫انطالقا من عملية الشرح التي قام بها عبد الغني بنيس‪،‬‬ ‫ثقافته الموسوعية التي تعطي صورة المثقف في عصره‪ ،‬وتؤرخ‬
‫حيث تداخل النظم والشرح في هذا التأليف فسارت العمليتان‬ ‫لحركة التأليف في تلك الفترة‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬وخصصناه للحديث عن ثقافة المؤلف‬
‫متواكبتين من أجل الوصول إلى الهدف الذي سطره المؤلف منذ‬ ‫وكما صرح عبد الغني بنيس في مقدمة تأليفه فقد تناول‬
‫وتكوينه‪ ،‬وواقع الحياة الفكرية والثقافية في عصره‪ ،‬وثقافته‬ ‫البداية وبهذا تحقق له الوصول لغايته وهدفه من خالل رؤية‬
‫وآثاره‪ ،‬والبيئة الثقافية التي ساهمت في تكوينه‪.‬‬ ‫باب الحقيقة والمجاز بكل أبوابها وفصولها وأقسامها‪ ،‬وتتبع كل‬
‫واعية تراعي واقع األدب المغربي وتحتضنه وتنطلق منه‪.‬‬ ‫ما يتعلق بهذا الباب من قواعد ومسائل‪ ،‬بأسلوب منطقي صحيح‬
‫الفصل ال��راب��ع‪ :‬وك��ان دراس��ة للمخطوط‪ ،‬ب��دءاً بوصف‬ ‫إذ المنظومة كلها بنا َء ولغة وإيقاعا هي تشكيل لغوي تكونه‬ ‫فتطرق إلى عرض وتحليل أقسام الحقيقة والمجاز‪ ،‬قسما قسما‪،‬‬
‫المخطوط والنسخة‪ ،‬والحديث عن عنوان المخطوط وعتبة‬ ‫معطيات متعددة من حيث هي رؤية داخلية نشأت في ذهن‬ ‫ممهدا لكل قسم ببيت أو مجموعة أبيات من المنظومة‪ ،‬والتي‬
‫المتن‪ .‬ثم انتقلنا إلى استراتيجية المؤلف في تأليفه‪ ،‬وعرضنا‬ ‫المؤلف واختزلت ثقافته وثقافة عصره‪ ،‬ومن حيث هي تركيبة‬ ‫تعرض للقاعدة‪ ،‬ويتعرض بعد ذلك لتفسير األلفاظ والعبارات‬
‫لمضمون المخطوط وللقضايا والمسائل التي استدركها عبد‬ ‫متميزة تخضع لمنطق محدد وعقالنية خاصة تشكل وحدة ضمن‬ ‫بكيفية دقيقة‪ ،‬مستعينا باللغة والنحو والبالغة والمعاني‪ ،‬مما‬
‫الغني بنيس في تأليفه على منظومة الطيب بن كيران‪ ،‬والتي‬ ‫النسق التأليفي الذي كان متداوال في حلقات الدرس آنذاك‪ ،‬حيث‬ ‫يجعل البيت في متناول الجميع‪ ،‬ولم يفته أن يعزز كل قاعدة‬
‫كانت سبع عشرة مسألة‪ .‬ثم انتقلنا للحديث عن وظيفة المتن‬ ‫اعتمد عبد الغني بنيس في شرحه على الثوابت األساسية التي‬ ‫بالشرح مع عرضه لشواهد من القرآن الكريم والحديث النبوي‪،‬‬
‫ومقصديته‪ ،‬وأسلوب المؤلف‪ ،‬ومنهجه‪ ،‬وطريقته في االستشهاد‬ ‫كانت معتمدة في الشروح األدبية في عصره ‪.‬‬ ‫واألبيات الشعرية‪ ،‬وأقوال علماء اللغة والبالغة ومقارنتها بغيرها‪،‬‬
‫والشرح‪ ،‬وختمنا قسم الدراسة بأهمية المتن وقيمته‪.‬‬ ‫والشك ما في عرضه لكل هذه الخالفات واالجتهادات من نفع‬
‫وهكذا كانت عملية الشرح في «إيضاح المسالك والبرهان‬
‫قسم التحقيق‪ :‬وقد قمنا فيه بـتحقيق نص المخطوط وفق‬ ‫في التوصل لفهم دقائق علم البيان» تقوم على تتبع المكونات‬ ‫وإفادة وهو ما يطلق عليه بالمنهج السكاكي الذي دار الدرس‬
‫الخطوات المعمول بها في تحقيق المخطوطات‪ ،‬وكانت اول‬ ‫الثابتة في النص وكل ما يتعلق باللغة والمعنى واإلعراب والبالغة‬ ‫البالغي في فلكه أزمانا طويلة وال زال يدور في فلكه حتى اآلن‪،‬‬
‫خطوة قمنا بها هي تخريج النص بعد قراءته قراءات متعددة من‬ ‫حيث صدر كل فقرة من فقرات الشرح بأبيات من المنظومة‬ ‫والذي يتميز بوضوح روح الجدل فيه‪ ،‬وغلبة النزعة المنطقية‬
‫اجل فهمه فهما سليما يجنبنا الوقوع في الخطأ‪ ،‬فقمنا بتقويم‬ ‫والتي تعرض للقاعدة حيث مثلت فقرة الشرح البالغي حضورا‬ ‫والفلسفية عليه‪ ،‬وإغراقه باالعتراضات والمجادالت حول تحديد‬
‫النص تقويما سليما عن طريق ضبط المتن بالشكل التام‪ ،‬مع‬ ‫متميزا في شرحه‪ ،‬وتحول عرض المفاهيم البالغية المتعلقة‬ ‫المصطلحات وما بينها من اتفاق واختالف( )‪ ،‬وقد تميز بنيس‬
‫احترام القواعد النحوية والصرفية واإلمالئية‪ ،‬كما التزمنا بقواعد‬ ‫بباب الحقيقة والمجاز من عرضها كمفاهيم مجردة إلى مظاهر‬ ‫بحكمه في كل مسألة بحكم يشمل أصح ما قيل‪ ،‬وكان يعدل‬
‫الرسم المعمول بها حاليا‪ ،‬وقد التزمنا بتصحيح األخطاء مع عدم‬ ‫تطبيقية في النص يرد بها سياق التركيب وتجري بها صياغة‬ ‫ما صرح به بأبسط عبارة وأوض��ح إش��ارة‪ ،‬وبهذا حمل شرحه‬
‫اإلشارة إلى ذلك في الهامش‪ ،‬أما األخطاء التي وردت في النقول‬ ‫الشرح الذي ينتظم ضمن نسق مميز يحمل سمات تعبيرية‬ ‫لمنظومته إضافة نافعة‪ ،‬حيث برزت من خالل شرحه ثقافته‬
‫فقد قمنا بتصحيحها مع اإلشارة لذلك في الهامش‪.‬‬ ‫مدعمة بالشواهد واألمثلة والتعليقات‪.‬‬ ‫وعمق نظرته النقدية‪ ،‬وعظيم اطالعه‪ ،‬ودربته بهذا الفن‪ ،‬وكثرة‬
‫أنجزت تنظيم مادة النص بوضع عالمات الترقيم المتعارف‬ ‫وقد كانت أهم ميزة في هذا الشرح هو الجانب االستطرادي‬ ‫معاناته في جمعه لمادة الكتاب‪ ،‬إذ لم يقتصر على تعريف واحد بل‬
‫عليها من نقط وفواصل‪ ،‬وأقواس ومزدوجتين‪.‬‬ ‫الذي يتم فيه تتبع قواعد الحقيقة والمجاز‪ ،‬ويتحقق االستطراد‬ ‫تنوعت التعريفات والتعليقات‪ ،‬فشملت المفسرين‪ ،‬والمحدثين‪،‬‬
‫وقد قمنا بجمع أبيات المنظومة حيث كانت أبياتها متفرقة‬ ‫بالدرجة األولى في تتبع معاني األبيات وإيراد األمثلة والشواهد‬ ‫والفقهاء‪ ،‬واللغويين‪ ،‬والبالغيين‪ ،‬والنحاة‪ ،‬وأهل البيان‬
‫في المتن ومتداخلة مع شرحها‪ ،‬فقمنل بترتيبها وترقيمها‬ ‫التي تمثل للقاعدة وتنضوي تحت وحدات المعاني مما أضفى‬
‫وصدرنا بها قسم التحقيق‪ ،‬كما قمنا بتوزيع النص إلى فقرات‪،‬‬ ‫أسلوب المؤلف‪:‬‬
‫على الكتاب طابع الموسوعية واإلحاطة بالتراث السابق‪.‬‬ ‫لفد كان أسلوب المؤلف نتيجة إلعداد خاص أسهمت في‬
‫مع كتابة أهم المواضيع بخط مضغوط‪ ،‬كما اعتمدنا إضافة‬ ‫وقد أبرز الجانب االستطرادي في هذا الشرح الروح النقدية‬
‫عناوين لكل القضايا التي عالجها المؤلف‪ ،‬وتعمدنا كتابتها في‬ ‫تكوينه الدراسة وقراءة كتب األدب والعلوم‪ ،‬وكان أهم ما ميز‬
‫لعبد الغني بنيس‪ ،‬حيث كشف عن مؤهالته في مقاربة موارد‬ ‫أسلوب عبد الغني بنيس في هذا التأليف‪:‬‬
‫رأس الصفحة وعدم إدراجها في النص ألنها من قبيل اإلضافة‪،‬‬ ‫النص من خالل تتبعه لقواعد وأقسام وأحكام الحقيقة والمجاز‪،‬‬
‫ومن األمانة العلمية تقديم النص دون زيادة أو نقصان‪.‬‬ ‫‪ .1‬تحديد الهدف من التأليف وتعيينه وهو إيضاح دقائق علم‬
‫فنجده ال يسلم القواعد واألحكام واآلراء دون مناقشتها وتحليلها‬ ‫البيان خاصة في باب الحقيقة والمجاز‪ ،‬وكشف الغوامض ورفع‬
‫وثقت الشواهد على اختالفها‪ ،‬وتخريجها من مصادرها‬ ‫بل يعقب ويحلل ويقارن بعيدا عن التعصب لوجهة نظر معينة‪.‬‬
‫األصلية على النحو التالي‪:‬‬ ‫اللبس على طالب هذا العلم لتسهيل تحصيله‪.‬‬
‫وأهم ميزة نسجلها أنه يحكم بأصح ما قيل‪ ،‬حيث يلتزم بطريقة‬ ‫‪ .2‬امتازت هذه المنظومة مع شرحها بالوضوح والدقة ولو‬
‫‪ -‬الشواهد القرآنية‪ :‬اعتمدنا في توثيقها على القرآن الكريم‬ ‫منهجية لتحقيق الهدف الذي سطره وهو «فهم أسرار المجاز»( )‪،‬‬
‫برواية ورش عن نافع المدني‪ ،‬وحددنا رقم اآلية والسورة الواردة‬ ‫بشكل نسبي‪ ،‬إضافة إلى الترتيب المنطقي للقواعد والذي‬
‫وهي كما صرح بها في خاتمة شرحه‪« :‬بسط العبارة فيها غاية‬ ‫اعتمده أهم علماء هذا الفن‪،‬‬
‫فيها‪.‬‬ ‫البسط تقريبا لألفهام‪ ،‬وتكميل ما بقي على الشيخ رحمه اهلل‬
‫‪ -‬األح��ادي��ث النبوية‪ :‬قمنا بضبطها ووض��ع��ه��ا بين‬ ‫تعالى‪ ،‬والتحقيق فسر بتفسيرين تارة بإثبات المسألة بدالئلها‪،‬‬ ‫‪ .3‬امتاز شرحه أيضا باستعراض آراء البالغيين ومواقفهم‬
‫مزدوجتين‪ ،‬واعتمدنا في تخريجها على كتب الحديث المعتمدة‬ ‫وتارة بإثبات الشيء على وجه الحق‪ ،‬وهذا الثابت هو المراد هنا»(‬ ‫في القضايا التي حصل فيها خالف مع عرض األدلة والبراهين‬
‫المشهورةمثل‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬وصحيح مسلم‪ ،‬وسنن النسائي‬ ‫)‪ .‬وقد قام بتحقيق عدة قضايا في باب الحقيقة والمجاز من خالل‬ ‫المدعمة بالشواهد القرآنية والحديثية والشعرية‪ ،‬والتي تشرح‬
‫الكبرى‪ ،‬وسنن أبي داوود‪ ،‬وسنن ابن ماجة‪ ،‬والترمذي وغيرها‪،‬‬ ‫عرضه لمجموعة من القضايا التي عرفت خالفات بين العلماء‬ ‫وتوضح كل قاعدة على حدة‪.‬‬
‫واعتمدنا في توثيق األحاديث على ذكر المصدر ومؤلفه‪ ،‬والكتاب‬ ‫مع عرضه للشواهد ومحاولة التفسير والتدقيق‪ .‬والشك ما في‬ ‫‪ .4‬امتازت المنظومة أيضا بأسلوبها البسيط الذي يبتعد عن‬
‫والباب‪ ،‬ورقم الحديث‪ ،‬ثم الجزء والصفحة‪.‬‬ ‫عرضه لكل هذه الخالفات واالجتهادات من نفع وإفادة‪.‬‬ ‫الخيال والصور البالغية والمحسنات البديعية‪.‬‬
‫‪ -‬األبيات الشعرية‪ :‬اعتمدنا في توثيقها على الدواوين‬ ‫ولهذا كان هذا الشرح ذا أهمية كبرى من الناحية األدبية‬ ‫منهج المؤلف‪:‬‬
‫الشعرية وكتب الشعر واألدب‪ ،‬مع ضبط البيت بالشكل ضبطا‬ ‫لما يعكسه من آفاق واسعة للمؤلف في مجال الحفظ والعرض‬ ‫لقد قام منهج عبد الغني بنيس في هذا التأليف على مجموعة‬
‫صحيحا يحترم قواعد النحو والعروض‪ ،‬وقمنا بتحديد البحر‬ ‫األدبيين‪ ،‬وتمكنه من الصياغة الشعرية والنثرية التي مثل‬ ‫من المرتكزات تتكامل في المنظومة والشرح لتحقيق الهدف‬
‫والقافية‪.‬‬ ‫حضورها امتدادا للمعاني في فقرات الشرح من خالل الشرح‬ ‫الرئيسي للنظم والشرح وهو الهدف التعليمي‪ ،‬ويمكن تحديد‬
‫‪ -‬التعريف باألعالم‪ :‬قمنا بالترجمة لكل األعالم التي وردت‬ ‫والتحليل وذكر األشباه والنظائر وإيراد األمثلة وجلب النصوص‬ ‫هذه المرتكزات في ثالث نقط هي‪:‬‬
‫في المتن‪ ،‬وذكر ما اشتهروا به‪ ،‬وإيراد المصادر التي ترجمت‬ ‫واقتفاء الشواهد والمواقف وعرض التنبيهات والفوائد‪ ،‬حيث‬ ‫• الزيادة على معلومات المؤلفات السابقة؛‬
‫لهم‪.‬‬ ‫كان شرحه غنيا بالتنبيهات وعدد من الفوائد‪ .‬وقد أحصيناها‬ ‫• الشرح والتعليق؛‬
‫‪ -‬توثيق النقول‪ :‬حاولنا رد النقول إلى مصادرها التي صرح‬ ‫ووجدناها ثالثة وثالثين تنبيها‪ ،‬وثالث فوائد وتذييل وتتيم‪،‬‬
‫وتضمنت هذه التنبيهات مجموعة من المعلومات التي زادها‬ ‫• الشمول واإلحاطة بالتراث السابق‪.‬‬
‫بها المؤلف‪ ،‬كعبارات السكاكي‪ ،‬والسعد‪ ،‬والسيد العصام‪،‬‬ ‫وال يخفى على المطلع على هذا المتن ما يختزله من جوانب‬
‫والدسوقي‪ ،‬والبناني‪ ،‬ناهيك عن المصادر الخفية التي نقل عنها‬ ‫على منظومة الطيب بن كيران وعدة فوائد وتحقيقات لعدد من‬
‫المسائل في باب الحقيقة والمجاز‪ ،‬مما يتسع معه مجال األدب‬ ‫عديدة تشكل صورة لمثقف العصر‪ .‬فقد انتقل عبد الغني بنيس‬
‫وسكت عن ذكر اسم الكتاب أو صاحبه‪ ،‬وقمنا بذكر المصدر‬ ‫في تأليفه من النظم إلى النثر‪ ،‬ومن الجزء إلى الكل‪ ،‬ومن الفهم‬
‫والجزء والصفحة ووضع النقول بين قوسين‪.‬‬ ‫وتتعزز فيه عملية الشرح‪.‬‬
‫إلى التفسير‪ ،‬ومن داخل المتن إلى خارجه‪ ،‬وفي نفس الخط‬
‫‪ -‬توثيق الكتب الواردة في المتن‪ :‬مع كتابتها بخط مضغوط‬ ‫منهجي في التحقيق‪:‬‬ ‫المنهجي سار شرحه وعملية دراسته لكل القضايا المتعلقة‬
‫وذكر مؤلفها ومحققها‪ ،‬والطبعة ودار النشر‪.‬‬ ‫إن تحقيق المخطوطات من نسخة وحيدة أمره عظيم وخطره‬ ‫بالمجاز وأبوابه وأقسامه نظما ونثرا؛ إذ لم تكن طريقة بنيس‬
‫‪ -‬شرح األلفاظ‪ :‬قمنا أيضا بشرح األلفاظ الغامضة في المتن‪.‬‬ ‫جسيم‪ ،‬ففي تعدد النسخ خير معين على سد الخلل وتدارك‬ ‫هاته مجرد وسيلة لعرض قواعد علم البيان في باب الحقيقة‬
‫‪ -‬وضع الفهارس‪ :‬وضعنا جملة من الفهارس لتمكين القارئ‬ ‫النقص‪ ،‬ولهذا فقد فرضت علينا عملية تحقيق ودراسة مخطوط‬ ‫والمجاز فقط‪ ،‬وإنما عكست لنا رؤية شعرية وأدبية ونقدية‬
‫من الوقوف على محتويات الكتاب وتيسير االستفادة منه‪ ،‬وقد‬ ‫«إيضاح المسالك والبرهان في التوصل لفهم دقائق علم البيان»‬ ‫تتسم بالتكامل والتجاوز والكشف مما يستدعي الفهم والتفسير‬
‫جاءت مرتبة ترتيبا ألفبائيا‪.‬‬ ‫مسؤولية ضخمة‪ ،‬حيث كنا مطالبين ببذل كل الجهد لنخرج هذا‬ ‫والتأويل‪ .‬وقد لجأ عبد الغني بنيس في تأليفه هذا إلى منهج‬
‫وفي األخير ذيلت العمل بالئحة المصادر والمراجع التي‬ ‫المخطوط على الوجه الذي أراده عليه مؤلفه‪ ،‬ومن أجل تحقيق‬ ‫ينبثق من القصد الذي يقصد إليه في تأليفه والذي أعلن عنه‬
‫اعتمدنا عليها في ال��دراس��ة والتحقيق‪ ،‬ثم ختمنا بفهرس‬ ‫ذلك اقتضت طبيعة البحث أن نقسم عملنا بعد التقديم إلى‬ ‫بداية في عنوان المخطوط وهو «إيضاح دقائق علم البيان»‬
‫لمحتويات األطروحة‪ ،‬وما ضمته أجزاؤها من أبواب ليسهل‬ ‫قسمين‪ :‬قسم الدراسة وقسم التحقيق‪ ،‬وفيما يلي خطة العمل‬ ‫وهذا ما دفعه إلى اختيار طريقة النظم أوال والشرح ثانيا‪ ،‬محاولة‬
‫الرجوع إلى الموضوع والباب بيسر وسهولة‪ .‬وأملي كبير في‬ ‫التي نهجنها في تحقيقهذا المخطوط‪:‬‬ ‫منه اإلسهام في حركة النهضة األدبية التي عرفتها تلك الفترة‬
‫أن أكون قد توفقت وأخرجت هذا المخطوط في الصورة التي‬ ‫التقديم‪ :‬تضمن الحديث عن أهمية إحياء التراث المغربي‬ ‫وفي الصحوة التصحيحية التي قادها األدباء الذين جسدوا‪ ،‬من‬
‫أراده عليها مؤلفه تغمده اهلل برحمته وستره الجميل‪ ،‬وأن يلقى‬ ‫وتتبع اآلثار األدبية والعلمية واإلخبار عن أدباء المغرب وعلمائه‬ ‫خالل مؤلفاتهم‪ ،‬تكوينهم المرتبط بدعامتين أساسيتين هما‬
‫قبوال واستحسانا من لدن أستاذنا المشرف والسادة أعضاء لجنة‬ ‫على اعتبار أن المخطوطات تشكل ذاكرة ثقافية وتراثية تؤرخ‬ ‫الكتاب والسنة؛‬
‫المناقشة‪ ،‬راجين من اهلل العلي القدير التوفيق والمعونة‪.‬‬ ‫لمظاهر الحضارة المغربية‪.‬‬ ‫وقد كان المنهج التعليمي الذي اعتمده بنيس في تأليفه‬
‫‪16‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫بني الذات واملو�ضوع‬


‫�إلى ثالث الفر�سان‪..‬‬
‫يف �إحتاف الناظر بنفا�ضة ال�ضمائر‬
‫�إدري�س اخلوري‬ ‫وع�صارة اخلواطر‬
‫• ذة‪ .‬نادية الزقان‬ ‫للدكتور عبد الرحمن بودرع‬
‫أديبنا المفخرة «با ادريس»‪:‬‬ ‫اختيار كتاب «إتحاف الناظر بنفاضة الضمائر‬
‫وعصارة الخواطر» ألستاذنا د‪ .‬عبد الرحمن بودرع‬
‫لتقديمه أنموذجا لكتاباته القيمة‪ ،‬جاء نتيجة‬
‫بلغة خاصة تُسقِط األقنعة عن الشخصيات‬ ‫ولو أني أفضل مناداتك بأستاذي‪ ،‬انسجاما‬ ‫لحظات تركت بصمة خاصة في نفسي بعد قراءتي‬
‫المتحركة في النص وتكشف دواخلها‪ ،‬بتوظيف‬ ‫مع ما أحب أن أطلقه على كل من قرأت له أو عنه‬ ‫له‪ ،‬وإنصاتي لذبذبات معانيه‪ ،‬وعميق أفكاره‪،‬‬
‫س��ردي ساخر‪...‬جعل من كتاباتك تفعيال لقول‬ ‫وتعلمت منه‪ ...‬قد أكون من الالئي دخلن عالم‬ ‫ومساءلةِ نبضاته المتناغمة مع وهج الذات‪ .‬حيث‬
‫سقراط «الدعابة ضرورية في السجاالت»‬ ‫الكتابة األدبية والنقدية في الوقت الذي رحلت‬ ‫• دة‪ .‬سعاد الناصر‬ ‫أدرك��تُ أن القارئ يجدُ جوانب من ذات��ه فيه‪،،‬‬
‫سجاالت الحياة التي دفعتك لقطع مسالك‬ ‫أنت عنه جسدا‪ ،‬كجيلك الذي غرس شتلة وتدبر‬ ‫ويفتح حوارا ممتعا معه‪ ،‬ويستقي من لغته اآلسرة‬
‫التجديد‪ ،‬والثورة على التقليد ال��ذي كان ينظر‬ ‫أمر رعايتها‪ ،‬وحين جاء وقت القطاف‪ ،‬تركها صدقة‬ ‫قسمين‪ ،‬قسم السيرة الذاتية‪ ،‬ينتقي فيها الكاتب‬ ‫فيوضات جميلة‪ ،‬ومن صوره المشرقة‪ ،‬المغرقة في‬
‫لإلبداع األدبي من األعلى‪َ ،‬فعَمِيَ وتعامى عن‬ ‫جارية لكل مُشته شغوف‪...‬‬ ‫بعض اللحظات والوقائع من حياته الماضية‪،‬‬ ‫الخير والصالح‪ ،‬ما يعينه على اإلجابة عن بعض ما‬
‫معاناة الشعوب‪ ،‬بل وغشاها أكثر مما كشف عنها‬ ‫يا مبدع القصة المغربية القصيرة‪ ،‬يا أيها‬ ‫ويعيدُ بناءها من جديد من خالل ذاكرته‪ ،‬بكيفية‬ ‫استوطن من قلق وحزن في ذاكرة الكاتب‪ ،‬المتقدة‬
‫وَأَجلى‪.‬‬ ‫المتفرد بنعي نفسه قبل الرحيل‪ ،‬كيف لحديثي‬ ‫ال تخلو من بصمة المخيال‪ ،‬التي تساعده على‬ ‫بروح الهوية واالنتماء‪ ،‬وفي مشاعره المرهفة‪،‬‬
‫«ها قد بلغت من الكبر عتيا‪ ،‬فكم بقي لك من‬ ‫معك من سبيل؟‬ ‫إع��ادة ْكرونولوجيا حياته‪ ،‬بعد غياب جزئياتها‬ ‫الموجوعة بمكابدة الحياة‪ .‬وهذه األوصاف التي‬
‫ال أخفي عليك أني وجدت مهابة في توجيه‬ ‫عن ناظره‪ ،‬وتَخ ّفيها في سياق الزمن المنقضي‪،‬‬ ‫أطلقتها على الكتاب ليست أحكام قيمة وإنما‬
‫الوقت لتختفي عن األنظار؟»‬ ‫أحكام علمية موضوعية‪ ،‬يمكن التدليل عليها‬
‫هذه الرسالة إليك‪ ،‬ليس ألنك رقما – مغربيا ‪-‬‬ ‫وأستاذنا د‪.‬عبد الرحمن كان واعيا بهذا األمر‪،‬‬ ‫ُ‬
‫مقولة نعيت بها نفسك وأنت ال تدري أنك‬ ‫بشواهد من الكتاب‪.‬‬
‫لن تختفي عن األنظار ما دمت قد سطرت بقلمك‬ ‫إبداعيا عصي المنال‪ ،‬لِما وصلت إليه ‪ -‬بعصامية‬ ‫سواء مسألة االنتقاء أم مسألة تخفي وغياب بعض‬
‫التفاصيل التي تسقط من الذاكرة‪ ،‬فيجنح الكاتب‬ ‫فمنذ القراءة األولى للكتاب نجد أنه مسكون‬
‫ِّث فن القص‬ ‫ما يكشف آالم المسحوقين‪ ،‬وَيُوَر ُ‬ ‫ومسير تجديدي ‪ -‬من م��آل‪ ...‬بل ألنك السهل‬ ‫بقضايا المجتمع واألمة‪ ،‬وأنه نتيجة تفاعل ذاني‬
‫الممتنع عبر ما عُرف عنك وكتاباتك‪ ،‬وما توغلت‬ ‫نحو عملية التفكر‪ ،‬لتعيد الذ‪a‬ات حياتها داخل فعل‬
‫لِمَن انخرط بشغف في سبيل المُ ْلهَمين‪...‬فها‬ ‫الكتابة‪ ،‬التي ال تكتفي بذاكرتها‪ ،‬وإنما بمخيلتها‬ ‫عميق مع سياقات تاريخية ومعرفية وموضوعية‪،‬‬
‫هي «مدينة التراب» تحتفي بك وأنت الذي وضعت‬ ‫فيه بعمق واقعي يشهد لك‪.‬‬ ‫تعكس الهوية المرجعية ألستاذنا‪ ،‬المستندة إلى‬
‫المساعدة‪ ،‬بفضل راهنية زمن الكتابة‪ ،‬على التأويل‬
‫«ثقافة الياجور» تواجه مصيرها مع المؤرخين‪...‬‬ ‫يا من نظر وتَبصَّر‪ ،‬ونقل ما تعذر عن هامش‬ ‫ثقافة واسعة تجمع بين األصالة والحداثة‪ ،‬وإلى‬
‫والتفسير‪ ،‬وهذا ما نجده جليا في أولى حلقة من‬
‫�ذوْتَ تُحرِّك بكالمك عبر التحرير‬ ‫صحفي َغ� َ‬ ‫القوم وضيق المكان‪...‬يا من ج�دَّد لغة األدب‬ ‫حلقات قالدة الحياة التي ارتضى حكيَها‪ ،‬حيث نجد‬ ‫ثراء معرفي جاد‪ ،‬يخاطب خوالج النفس وعوالم‬
‫بالعلم والمحرر ثم االتحاد االشتراكي ما هو‬ ‫وأبدع بدمج «التمغربيت» داخل النص القصصي‬ ‫الكاتب يسترجع بنوع من المساءلة والكشف والبوح‬ ‫العقل والمنطق‪ ،‬ولذلك يمكن أن أؤكد أن كل‬
‫مشترك‪ ،‬يتقاسمه كل من يملك الوعي اليساري‪،‬‬ ‫في حبكة مشهدية دقيقة التفاصيل‪ ،‬جارحة في‬ ‫أحداثا من طفولته وعالقته بأسرته وشيوخه‬ ‫كلمة في هذه المداخلة نسجتها بعناية وقصد‪،‬‬
‫كِتاباتٌ متشظية ومفتوحة على كل التأويالت‬ ‫عُريها وتعريتها للواقع االجتماعي المهزوم ثقافيا‬ ‫وأساتذته وبداياته األول��ى مع الكتابة‪ ،‬إضافة‬ ‫تعبر عن قليل من كثير‪.‬‬
‫المُبْعِدَة لكل تَ َقيُّد بالمناهج األكاديمية‪ ،‬ألن‬ ‫بنبرة الساخر العليل‪...‬‬ ‫إلى توثيقه لعدد من القضايا الفكرية والظواهر‬ ‫ويندرج الكتاب في إطار مشروع د‪.‬بودرع العام‬
‫كل من يقرأ مقاالتك‪ ،‬يرصد التقاطك للظواهر‬ ‫الثقافية المتداولة التي يتأمل إنتاجيتَها التفاعلية‪،‬‬ ‫الذي يسعى في مجمله إلى خدمة اللغة العربية‪،‬‬
‫مادتها الدفاعية كتابيا‪ ،‬مُسْتَقا ٌة من شغب‬ ‫وإخراجها من أزمتها‪ ،‬التي يُعدُّها جزءا ال يتجزأ من‬
‫وفوضى عَمَدْتَ من خاللها رفع المظلومية‪ ،‬في‬ ‫بعين ثاقبة تنم عن شخصية باسمة المحيا‪،‬‬ ‫وينتقد بنوع من الوعي المست ِند إلى المعرفة‬
‫لكنها تخفي آالما وسقيا‪ ،‬وجروحا وجدانية عميقة‬ ‫والقيم أحوا َلها وصيرورتَها بشكل يبرز الهوية‬ ‫أزمة األمة وتخلفِها‪ .‬كما يبين الكتاب وجها من‬
‫دعوة منك لالنتصار للقيم الجميلة‪ ،‬نكاية بكل قبح‬ ‫وجوه تنوُّع اهتمامات أستاذنا اللغوية والفكرية‬
‫وتورية‪...‬‬ ‫في ق��رارة النفس‪ ،‬كحال كل أدي��ب انتزع وصله‬ ‫الذاتية للكاتب وقناعاته الفكرية‪.‬‬
‫بالحياة عبر قلم الذع الفحص‪َّ ،‬‬ ‫وهذا يحيلنا إلى القسم الثاني من الكتاب الذي‬ ‫واألدبية‪ ،‬التي تصبّ في إطار مقولة سابقة له‬
‫ألطرح سؤالي متأخرة عليك أستاذي‪:‬‬ ‫دِقة تَلمَّستُها‬
‫ُ‬ ‫تلخّص زب��دة الكتاب‪ ،‬وهي «اإلب��داع في العلم‬
‫من تفكيركم العروبي الالفت‪ ،‬عند نقل اسمكم‬ ‫أستاذنا في‬ ‫تتداخل فيه الذات بالموضوع‪ ،‬فيتجه‬
‫هل من الضروري ‪ -‬في هذا الزمن الذي وصلنا‬ ‫َّ‬ ‫يقوم على أساس التفاعل الموصول مع القيَم‬
‫من إدريس الكس‪ ،‬إلى لقب أدبي (الخوري) الذي‬ ‫مؤلفه الفريد نحو استقطار مجموعة من األفكار‬ ‫والعقيدة»‪.‬‬
‫إليه ‪ -‬من نهج طريق الفوضى في التعبير لتبيان‬ ‫واآلراء والعبر التي تفرقت في مؤلفاته المتمحورة‬
‫عبثية الواقع‪ ،‬أم أن المطالعة والقراءة والدراسة‬ ‫يصل المشرق بالمغرب‪ ،‬مع ما يطويه اللقب من‬ ‫فالكتاب يقوم على اإلبداع والعلم المتفاعلين‬
‫عراقة الساللة اإلبداعية في مختلف الفنون‪ :‬كتابة‬ ‫حول قضايا وظواهر مختلفة كقضايا اللغة وغيرها‪،‬‬ ‫مع القيم والعقيدة‪ .‬وينتمي في ظاهره إلى أدب‬
‫األكاديمية‪ ،‬ضرورية لصقل الوعي وترصيص‬ ‫والكشف عن مواقفه مما يعترضه من تلك القضايا‬
‫– موسيقى – سينما ‪...-‬‬ ‫السيرة الذاتية‪ ،‬التي تمتد جدورها في نسغ التراث‬
‫الطريق اإلبداعي؟‬ ‫والظواهر المستلة من واقع الفكر والثقافة والحياة‬
‫فهل كان ذلك مُحدّدا ضروريا لفتح منافذ‬ ‫العربي لتورق في أدبنا المعاصر غضة فتية‪ .‬واألصل‬
‫ألست القائل «ما جدوى الكتابة في مغرب ال‬ ‫بصفة عامة‪ .‬فتتوالى على القارئ لوحاتٌ تستعرض‬
‫الخوض‪ ،‬ومسلكا يبيح التنويع الثقافي لجدية‬ ‫في السيرة هو البحث عن مالمح الحقيقة والقدوة‬
‫يقرأ من جهة ومغرب ال يعطي أي أهمية للكاتب‬ ‫إف��ادات ومشاهدات فيها ما ينفع ويمكث في‬ ‫في حياة اإلنسان‪ ،‬وما تحفل به من معاني إنسانيته‪،‬‬
‫الدحض؟ أم هو تفكير مِفصلي لالنتقال من‬
‫وال االعتبار الذي يستحقه؟»‬ ‫األرض‪ ،‬وفيها من التأمل والنقد ما يصدر عن ذات‬ ‫ومن أسرار تجاربه وخبرته في الحياة‪ ،‬يغوص من‬
‫شخص عادي يعيش في «درب غلف» إلى كاتب‬
‫بمنطق السخرية الذي امتازت به كتاباتك‪،‬‬ ‫لها مخزون استعابي واسع من الخبرات والتجارب‬ ‫خاللها في كوامن ذاته‪ ،‬يستنبط ذكريات ومواقف‬
‫يحدد خصوصية هويته األدبية كفرد؟‬ ‫الحياتية ما يصحح األوضاع‪ ،‬ويسعى إلى تغييرها‬
‫وبقراءتي لها بمبدأ القدح الذاتي ‪Chleuasme‬‬ ‫في تأصيل القصة القصيرة‪ ،‬جعلت «للنميمة»‬ ‫وأحداث‪ ،‬ينتقيها كاتبُها بقصدية وعناية تعكس‬
‫أجدك تحثنا ‪ -‬بتلك العبارة ‪ -‬على المطالعة‪ ،‬مع‬ ‫نحو األرقى واألفضل‪ .‬والحقيقة أن الرواء المنساب‬ ‫أهداف كتابة السيرة الذاتية من جهة‪ ،‬كما تعكس‬
‫الجميلة مركزية حبكية متفردة‪ ،‬لها مَوضَعتها‬ ‫من الصور يأخذ بمجامع القلوب‪ ،‬ويأسر النفوس‬
‫الدعوة الصريحة لالنتباه للترذيل الثقافي ومحاربة‬ ‫المشهدية ببصيرتك المتقدة‪ ،‬تنتشي بتعرية‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬الحقَّ في خصوصية الذات الفردية‪،‬‬
‫تبئيس المثقف‪...‬‬ ‫المتطلعة نحو الجمال‪ ،‬السيما فيوضاته حول عالقة‬ ‫التي تبوح بما تريد‪ ،‬وبما تراه إفادة وتذكرة للقارئ‪،‬‬
‫الشخوص‪ ،‬في مجتمع اعتاد رواده التخفي بمظاهر‬ ‫الكاتب بأمه وأطفاله وكتابه ولعبه وأحالمه وقيمه‪،‬‬
‫قد تطول رسالتي هاته وأنا التي ال تريد أن‬ ‫األمر الذي يعكس ما يثيره هذا الجنس األدبي من‬
‫وطقوس‪..‬‬ ‫فإنها تشف عن شعور مرهف رقيق‪.‬‬ ‫إشكالية الواقعي والمتخيل في المتن الحكائي‬
‫تفسد عليك رقدتك الهادئة بعدما تَعِبْتَ من‬ ‫سمعت النقاد يحكون محاسنك‪ ،‬وذكروا قدرتك‬ ‫وال يعني تقسيم الكتاب إلى قسمين أنهما‬ ‫لنص السيرة‪.‬‬
‫مصارعة الحياة‪ ،‬لكني أشعر بك تقول لي‪ :‬عودي‬ ‫الشديدة على قول الصراحة‪ ،‬قرأت لك‪ ،‬فكنت في‬ ‫مستقالن ع��ن بعضهما البعض‪ ،‬وإن��م��ا هما‬
‫لورقي المخطوط‪ ،‬فما لم تجديه منشورا في إصدار‪،‬‬ ‫و»إتحاف الناظر بنفاضة الضمائر وعصارة‬
‫وعيك تنزاح للفصاحة الممزوجة بالصرامة‪ ،‬أ كان‬ ‫متداخالن‪ ،‬فال ندري متى تبدأ الذات بالبوح ومتى‬ ‫الخواطر» وإن كان يدخل في هذا اإلطار‪ ،‬إال أنه‬
‫سيكون عند مداد الوداد من األصدقاء محفوظ‪،‬‬ ‫ذلك من تأثير قسوة الوسط الثقافي الذي ما فتئ‬ ‫تنتقل إلى موقف أصيل أو فكرة جميلة أو رأي صالح‪،‬‬ ‫عصيٌّ عن التصنيف والتجنيس في جنس السيرة‬
‫الك ُثر‪،‬‬
‫اسألي من عاصرت من جيلي وَمُريدِيَّ ُ‬ ‫يهمش كل من بتفرده وضع عالمة؟ أم كان ذلك‬ ‫ينظر بعين فاحصة متأملة أح��وال اللغة والفكر‬ ‫الذاتية فقط‪ ،‬بمفهومها المعاصر‪ ،‬التي سنّ‬
‫وانبشي ِبرَ ِويَّةٍ وتدبر‪ ،‬اعتمدي بالغة الحجاج التي‬ ‫وفاء لرسالة معينة‪ ،‬تقضي بنقل صوت اإلنسان‬ ‫كل هذا متداخل‪ ،‬ينمّ عما يتميز‬ ‫والمجتمع‪ ،‬ألن َّ‬ ‫حدودَها فيليب لوجون‪ ،‬بوصفها «حكي استرجاعي‬
‫دَرَسْتِ لتفكيك المقوالت التي َكتَبْتُ‪ ،‬وابدئي‬ ‫المهمش‪ ،‬في وَعْد َق َلميّ امتطاه فرسان ثالثة‪،‬‬ ‫بهذا هذا المؤ ّلف الثمين‪ ،‬حيث يجد القارئ في كال‬ ‫نثري يقوم به شخص واقعي عن وجوده الخاص‪،‬‬
‫بملفوظ «با ادري��س» وما يحمله من حميمية‬ ‫جددوا في الكتابة السردية بما يالئم الحداثة؟‬ ‫القسمين أنهما يمتدان بقوة وكثافة عبر الجسر‬ ‫وتاريخ شخصيته»‪،‬‬
‫ِ‬ ‫بتركيزه على حياته الفردية‬
‫تواصلية‪ ،‬تنطلقين منها في تشكيل السياق‬ ‫محمد شكري وقد مضى في درب الرواية‪،‬‬ ‫المتين بين رهافة المبدع وبالغته وحصافة الناقد‬ ‫فالكتاب يستجيب لهذه الحدود‪ ،‬ويرتبط باسترجاع‬
‫التداولي بعمق إنساني‪...‬‬ ‫محمد زف��زاف وقد نبغ في جنس السيرة‪ ،‬لكنك‬ ‫وسطوع بيانه‪ ،‬فيتحقق التماهي بينهما‪ ،‬ويتج ّلى‬ ‫أحداث ماضية‪ ،‬حقيقية وواقعية‪ ،‬يسردها الكاتب‬
‫كالمك منطقي‪ ،‬أَجَبتُه‪ ،‬ويؤثث للواقِعِيِّ في‬ ‫أنت آثرت التشبث بالقصة القصيرة‪ ،‬كما ارتباطك‬ ‫اإلبداع موسوما بجوهر النقد‪ ،‬وفي المقابل ينكشف‬ ‫ببعد مستقبلي‪ ،‬يفصل بين زمن التدوين وزمن‬
‫بوعي ثاقب حداثي‪ ،‬جعلك تترجل‬ ‫الفنِّ ال َقصصِيِّ‬ ‫بالرؤية البصرية التي تقتات من أدق التفاصيل في‬ ‫النقد موسوما ب��روح المبدع ومخياله الحالم‪.‬‬ ‫األحداث‪ ،‬ويخضع لرقابة ذاتية‪ ،‬مشروطة بميثاق‬
‫ِ‬ ‫الكاتب الرصين‪ ،‬واألديب ِ األريب‪،‬‬ ‫وتتج ّلى صور ُة‬ ‫السيرة الذاتية‪ ،‬الذي يفرض التطابق الكلي بين‬
‫عن دنيانا جريحا كما أول إص��دار لك «جرح في‬ ‫َّ‬
‫ومُرَكزة‪ ،‬رأيت أن لها األولوية في‬ ‫مشاهد ِّ‬
‫مُرَكزة‬ ‫ِ‬
‫القلب والرأس»‪ ،‬فهل َقدَرُ المبدع اليوم أن ينطلق‬ ‫المتسلح بفنون البالغة وطيب البيان‪ ،‬والناقدِ‬ ‫ِ‬ ‫اسم المؤلف وبين اسم السارد‪ ،‬على الرغم من‬
‫النبش كتابيا‪ ،‬لكشفها وتعريتها توعويا بعيدا عن‬ ‫الحصيف الواعي بمسؤوليته الحضارية تجاه األمة‪،‬‬ ‫ضمير الغائب الذي ُكتب به النص‪ .‬فهو بوح عما‬
‫من األلم في كتاباته ويقتات منه كمادة يُعايشُها‬ ‫النصوص التي تتداخل أجناسيا فتنفلت‪ ،‬فرواية‬ ‫وهي صورة تجد انعكاسَها في ذلك الحسّ الم ْقنع‪،‬‬ ‫يعتري النفس من خوالج وخواطر‪ ،‬وما يُفصح عنه‬
‫ويعيش عليها‪ ،‬ثم يحملها معه عند الرحيل‪ ،‬مع‬ ‫شكري يجنسها بعض النقاد سيرة وسيرة الزفزاف‬ ‫تاريخ ذاتٍ مرتبطةٍ بذوات مختلفة‪ ،‬ضمن‬ ‫من‬
‫الذي ال يفرض على القارئ رأيا بقدر ما يستدرجه‬ ‫ِ‬
‫احتفاظنا له برسائل التقدير والشهادة‪ ،‬إلى ما بعد‬ ‫تكاد تكون رواية‪...‬‬ ‫إليه بصدق واطمئنان وذوق جمالي سليم وآسر‪،‬‬ ‫سياقات ومجاالت متنوعة‪ ،‬تسجل ما يعترضها من‬
‫الوفاة كأمر صار يوحي برتابة العادة‪...‬‬ ‫هذه المرئية القلمية النقدية منك‪ ،‬جعلت‬ ‫يستمدّه مما ينبع من يقين منطقي ومرجعي‪،‬‬ ‫أح��داث ووقائع‪ ،‬وما تتميز به من مالمح خاصة‪،‬‬
‫وبجرأته المعتادة سمعته يتمتم‪ :‬أيها السيدات‬ ‫منهجك اإلب��داع��ي ق��ادرا على بعثرة المركزية‬ ‫منفتح على الواقع والقيم اإلنسانية الرفيعة‪.‬‬ ‫هي صورة من نفس الكاتب في مرآة الحياة‪ .‬لكن‬
‫وال��س��ادة‪ ،‬احتفاؤكم وشهادتكم وتكريمكم‬ ‫اللغوية واألجناسية التي حظيت بها الكتابات‬ ‫وف��ي كل األح���وال‪ ،‬يجد المرتحل في ثنايا‬ ‫الكتاب أيضا يرتبط بشكل واضح وجليّ‪ ،‬برؤية‬
‫ورقي كلماتكم‪...‬بعدما أن سكنت التراب َ‬
‫تَظُّلمٌ‬ ‫األدبية المحكومة بالتبعية الغربية‪ ،‬لدرجة أصبحت‬ ‫الكتاب نفسَه مغمورا بحالة الرضا والطمأنينة التي‬ ‫وسياق ومجال التأمل والنقد‪ ،‬ألنه يتأمل واقعَ األمة‬
‫وغضاضة‪« ،‬سير اهلل يقطعها لكم عادة»‪...‬‬ ‫الصورة المشاهدة والمشهودة عنها‪ ،‬كمن ينظر‬ ‫يترجمها اإلنصات إلى نسغ الخواطر وصفاء النفس‬ ‫الحضاري‪ ،‬و ينتقد ما يعتريها من سقوط ثقافي‬
‫صَدَ ْقتَ – واهلل ‪ -‬أستاذي‪ ،‬فما نثر الضغث‬ ‫لمرآة منكسرة أُصيبَت بلعنة الجوار‪...‬‬ ‫وصدق الوجدان‪ ،‬وكلها سمات أصيلة ليست في‬ ‫وانحراف فكري واجتماعي برؤية إصالحية تستشرف‬
‫على إبالة إذا نحن أخلصنا للرسالة‪...‬‬ ‫تعَمُّدُكَ في مكاشفة العالم السفلي‪ ،‬التطرق‬ ‫كتابات الدكتور عبد الرحمن بودرع فقط وإنما في‬ ‫التغيير والتجديد‪.‬‬
‫انتهى‬ ‫لمدينة الليل‪ ،‬الطبقة الكادحة‪ ،‬فئة المهزومين‪...‬‬ ‫شخصيته أيضا‪.‬‬ ‫من هذا المنطلق‪ ،‬يمكن أن نقسم الكتاب إلى‬
‫‪17‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫نفحات رم�ضانية‬ ‫خ�صو�صيات حا�رضة ال�شمال‬


‫‪3/2‬‬
‫العادات في الصيام‬
‫‪3/2‬‬

‫• منتصر الخطيب‬
‫• د‪ .‬محمد محمد المعلمي‬
‫بعدما تعرَّفنا في الحلقة السابقة عمَّا قصد إليه المؤلف‬
‫في هذا الكتاب من تعريفه للعادات الدينية‪ ،‬بقوله‪:‬‬
‫(والمراد بها العادات التي يغلب عليها الطابع الديني‪،‬‬
‫إضاءة‪:‬‬ ‫وترتبط بالمناسبات الدينية‪ ،)..‬وبعدما و َقفنا على عادة‬
‫أهل حاضرة تطوان في المواسم المتعلقة بالصيام‪،‬‬
‫في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس‬ ‫ومنها‪ :‬العادة في صيام المحرم وعاشوراء‪ ،‬والعادة في‬
‫وبينات من الهدى والفرقان‪ ،‬تحلو تالوة آياته بخشوع‬ ‫صيام الخميس األول من رجب‪ ،‬والعادة في صيام يوم‬
‫المعراج‪ ،‬ثم العادة في صيام شهر شعبان وليلة نصفه‪،‬‬
‫وتدبر؛ وهذه النفحات المبثوثة عبر صحيفة الشمال‬ ‫وصل المؤلف إلى الحديث عن عاداتهم في الصيام في‬
‫الغراء‪ ،‬قبس من هذا التدبر‪.‬‬ ‫رمضان‪.‬‬
‫وأول ما يظهر من هذه العادات الخاصة بشهر رمضان‬
‫المبارك‪ ،‬أن أهل هذه الحاضرة انتشر بينهم االستعداد‬
‫لهذا الشهر الفضيل بشقيه؛ االستعداد المادي المتعلق‬
‫النفحة الثانية‬ ‫بتوظيب المنازل وأفرشتها وتوفير المؤونة الخاصة به‬
‫من جهة‪ ،‬وفي ذلك يقول المؤلف‪( :‬وذلك‪ :‬بإصالح المنزل‬
‫وتبييضه وغسله ونظافة أثاثه وفرش المساكن)‪ ،‬وكذا‬
‫باالستعداد الروحي المتمثل في خروج الناس الستطالع‬
‫هالل شهر رمضان وخاصة من طرف النساء واألطفال‬
‫صاح؛‬ ‫الصغار استبشارا بحلول هذا الشهر الفضيل‪ ،‬من جهة‬
‫اعلم علم اليقين أن ملك السموات واألرض هلل الواحد األحد‪ ،‬وأنه‬ ‫ثانية‪ ،‬ومما ذكره في ذلك قوله‪( :‬فإذا طلع الهالل من‬
‫سبحانه ملك يوم الدين ومالك الملك‪ ،‬ال يعزب عنه مثقال ذرة في‬ ‫ليلته األولى استقبله الناس بالفرح واالبتهاج وتردَّدت‬
‫السموات واألرض‪.‬‬ ‫زغاريد النساء اللواتي ُكنَّ ير ُقبنَه على السطوح‪ ،‬وعمَّت‬
‫فعد إلى الكتاب العزيز وقو إيمانك بتدبر آياته البينات‪:‬‬ ‫البشائر‪ ،‬وهنَّأ الناس بعضهم بعضا بمَقدمه‪ ،‬وأوقدت‬
‫هَّ ُ‬ ‫ات َو ْ َ أ‬ ‫هَّ‬
‫ال ْر� � ِ��ض َوالل بمِ َ��ا َت� ْ�ع� َم� ُ�ل� َ‬
‫�ون َخ ِبريٌ{ آل‬ ‫�ر ُ‬
‫اث ال���سَّ � َم��ا َو ِ‬ ‫} َوللِ ِ ِم�ي َ‬ ‫سرج الصوامع وتألألت أنوار المصابيح بالمساجد)‪.‬‬
‫عمران‪180:‬‬ ‫ثم ينتقل المؤلف إلى وصف حالة أهل البلد في ليالي‬
‫}وهلل ما يف ال�سماوات وم��ا يف الأر���ض وك��ان اهلل بكل �شيء‬ ‫رمضان في حرصهم على أداء صالة العشاء والقيام‬
‫حميطا{ النساء‪126:‬‬ ‫فيقول‪( :‬ولدى دخول وقت العشاء يتَّجه الناس زرافات‬
‫}وهلل غيب ال�سموات والأر���ض و�إليه يرجع الأمر كله فاعبده‬ ‫إلى المساجد ألداء الصالة المفروضة‪ ،‬ثم يقفون صفوفا‬
‫وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون{ هود‪121 :‬‬ ‫وراء اإلمام ألداء التراويح؛ وهي خمس تسليمات من كل‬
‫}وهلل جند ال�سموات والأر�ض وكان اهلل عليما حكيما{ الفتح‪4:‬‬ ‫حزب‪ .‬والغالب أن يكون إمام التراويح غير اإلمام الراتب؛‬
‫}وهلل خزائن ال�سموات والأر���ض ولكن املنافقني ال يفقهون{‬ ‫خليفة طريقة األهالي مع أبنائهم بقوله‪( :‬وكانت العادة أن‬ ‫ألنه يختار لها من يكون حسن الصوت بالقرآن‪ ،‬جميل‬
‫المنافقون‪7:‬‬ ‫يُعوِّد الناس أطفالهم على الصيام قبل البلوغ‪ ،‬فيمتنعون‬ ‫التطريب والتنغيم‪.)..‬‬
‫****‬
‫عن تقديم الطعام لهم نحو نصف يوم‪ ،‬ويُسمون ذلك‬ ‫وم��ن بين ع��ادات الناس في ليالي رمضان كذلك‪،‬‬
‫صاح؛‬ ‫صياما‪ ..‬وإذا أَ ِنسوا من الصبي أو الطفلة القدرة على‬ ‫استعمالهم للمزامير التي يعلنون بها انتهاء صالة القيام‬
‫الصوم وجَّهوهما لذلك على نحو يترك آثارا طيبة على‬ ‫ودخول وقت السحور‪ ،‬يقول في ذلك‪( :‬وبعد الفراغ من‬
‫فتح لك عالم الغيوب مغاليق الغيب فعلمك ما لم تكن تعلم‪ ،‬ونور‬
‫نفسيهما‪ .)..‬وقد روي في هذا الباب الكثير من العادات‬ ‫الصالة يصعد الغيَّاطون والطبَّالون على أعلى الصوامع‪،‬‬
‫بصيرتك بنور الفهم‪ ،‬فاطلب العلم حثيثا‪ ،‬وقل ‪-‬دوما‪ -‬مهما نلت منه‪:‬‬
‫باستئناس‬ ‫المتعلقة‬ ‫فيسمعون الناس ألحان‬
‫اهلل أعلم!‬ ‫البنين وال��ب��ن��ات ب��أول‬ ‫آالتهم‪ ..‬وعندما يقترب‬
‫****‬
‫ي���وم ل��ص��ي��ام��ه��م؛ من‬ ‫وق��ت ال��س��ح��ور؛ وذل��ك‬
‫صاح؛‬ ‫م��ث��ل ت��زي��ي��ن الفتيات‬ ‫قبل طلوع الفجر بنحو‬
‫منحك المانح يدا فاجعلها إلى الخير ممدودة‪ ،‬وسخرها في األفعال‬ ‫بلباس الشدة‪ ،‬وإلباس‬ ‫ساعتين‪ ،‬يسمع سكان‬
‫المحمودة‪ ،‬وإي��اك إياك أن تجعلها مغلولة فتكون من الذين غلت‬ ‫الذكور جالبيب أو أنواعا‬ ‫األح��ي��اء أص���وات طبل‬
‫أيديهم‪.‬‬ ‫من اللباس التقليدي‪،‬‬ ‫يقرع؛ وهو طبل الدقاق‪،‬‬
‫****‬ ‫والقيام بزيارة أقاربهم‪،‬‬ ‫إشعاراً بقرب الفجر دعوة‬
‫صاح؛‬ ‫وعند حلول وقت اإلفطار‬ ‫إلع���داد ال��س��ح��ور‪ ،‬وإث��ر‬
‫جعل اهلل لك رجال‪ ،‬فاسع بها في سبيل الرشد‪ ،‬واضرب في مناكب‬ ‫يُصعدونهم على درجات‬ ‫ذلك يصعد المؤذنون‬
‫األرض تبتغي فضال من اهلل و رضوانا‪ ،‬وإياك أن تمشي مرحا‪ ،‬فإنك لن‬ ‫ال��س��ل��م ب��ف��ن��اء ال����دار‪،‬‬ ‫على الصوامع للتذكير‬
‫تخرق األرض ولن تبلغ الجبال طوال‪.‬‬ ‫ويقدِّمون لهم التمر‬ ‫بقرب الفجر‪ ،‬ويليهم‬
‫****‬ ‫وال��ح��ل��ي��ب‪ ،‬ويُ��وزع��ون‬ ‫الطبالون والغياطون‬
‫صاح؛‬ ‫عليهم هدايا مناسبة‪،‬‬ ‫فينفخون في أبواقهم‬
‫متعك الباري بنعمة السمع‪ ،‬فأرهف سمعك لألصوات التي تحييك‪ ،‬واحذر‬ ‫م��م��ا حفلت ب��ه باقي‬ ‫وي��ق��رع��ون طبولهم‬
‫أن تتخذ هذه النعمة نافذة تجسس فتنفذ منها أصوات تؤذيك!‬ ‫المؤلفات حول تاريخ تطوان كما عند المؤرخين‪ :‬محمد‬ ‫ليقطع الناس األكل والشراب‪ ..‬ويسرعون للمساجد لصالة‬
‫****‬ ‫داود وأحمد الرهوني‪.‬‬ ‫التراويح؛ وهي نحو ست تسليمات إلى ثمان تسليمات‪،‬‬
‫صاح؛‬ ‫ه��ذه إذن بعض مظاهر االحتفال بأيام ه��ذا الشهر‬ ‫آخرها الشفع والوتر‪ ..‬وبعد طلقة المدفع يجلس الناس‬
‫جاد عليك الجواد بجوده‪ ،‬فجد بقدر منه على مستحقيه من الذين‬ ‫الفضيل ولياليه‪ ،‬وهي كما رأينا تجمع بين العادات‬ ‫بالمساجد لسماع كتب الوعظ أو االستماع لفقيه مدرس‬
‫يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف‪ ،‬وكن من المنفقين في السراء‬ ‫المادية والروحية‪ ،‬يتفنن مؤرخو هذه الحاضرة في إيصال‬ ‫يعلمهم أمور دينهم‪.)..‬‬
‫والضراء‪ ،‬واعلم أن الوجود ينفعل بالجود‪ ،‬واعلم علم اليقين أنك لن‬ ‫أوصافها‪ ،‬بما يحفظ لكل منطقة خصوصياتها وعاداتها‪،‬‬ ‫ومن العادات التي درج أهل حاضرتنا القيام بها‪ ،‬ما يتعلق‬
‫تنال البر حتى تنفق مما تحب‪ ،‬وأن ما أنفقت من شيء فإن اهلل سيخلفه‪.‬‬ ‫حتى إذا نسيتها األجيال الالحقة‪ ،‬بقيت محفوظة في‬ ‫بتعويد األطفال الصغار على الصيام وذلك استئناسا لهم‬
‫الكتب وبين السطور‪ ،‬وإلى لقاء آخر بحول اهلل‪.‬‬ ‫قبل بلوغهم سن التكليف‪ ،‬وقد وصف األستاذ إدريس‬
‫‪18‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫بطل ال�سلم واحلرب محمد عبد الكرمي اخلطابي‬


‫• المرتضى إعمراشاً ‪ -‬الحسيمة‬ ‫�شهادة جندي �سوي�سري‬
‫هذا جزء من مقالة نشرها الكاتب‪ :‬محمد رشيد‬
‫رضا‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬رئيس تحرير مجلة المنار المصرية‪،‬‬
‫التي إنطلقت سنة ‪ 1898‬للميالد ‪ ،‬وهدفت لنشر‬
‫الوعي الثقافي بين المسلمين‪ ،‬وقام رئيسها بمجهود‬
‫كبير لبيان أن اإلس�لام ال يتعارض مع العقل والعلم‬
‫والمشتركات اإلنسانية‪.‬‬
‫قد يؤخذ على هذه المجلة نزعتها القومية العربية‪،‬‬
‫التي كانت في أوجها في تلكم الحقبة‪ ،‬ضد اإلمبراطورية‬
‫العثمانية‪ ،‬لكنها تظل كاسمها مناراً أض��اء العالم‬
‫اإلسالمي طيلة عقود‪ ،‬ويظل موقف المجلة‪ ،‬شاهداً‪،‬‬
‫على حقبة عصيبة من تاريخ المسلمين عموماً‪ ،‬وتاريخ‬
‫المغرب بالخصوص‪ ،‬إذ واكبت التحوالت التاريخية‬
‫ببالدنا‪ ،‬منذ عهد الحماية‪ ،‬وانتصارات حركات المقاومة‬
‫بشمال أفريقيا‪ ،‬خاصة‪ ،‬حركة األمير محمد عبد الكريم‬
‫الخطابي‪ ،‬ويظهر جلياً إعجاب رئيسها رشيد رضا‪ ،‬رحمه‬
‫اهلل‪ ،‬باألمير الخطابي‪ ،‬ملقباً إياه في كثير من أعداد‬
‫المجلة‪ ،‬ببطل العرب واإلسالم العظيم‪ ،‬وإن تغيّر موقفه‬
‫منه بعد استسالمه‪.‬‬
‫يقول رشيد رضا‪ ،‬بعد أن عد سلسلة هزائم إلسبانيا‬
‫بالريف ‪:‬‬
‫‪...‬هذه حالة إسبانية اليوم‪ ،‬وهذا هو الفري الذي فراه‬
‫مكرهين ال أبطا ًال‪ ،‬فبعد أن شهدنا عدة وقائع الحت لنا‬ ‫في حرب واقعة مع إسبانية فر منهم بضعة نفر فأدركهم‬ ‫محمد بن عبد الكريم عوْدًا على بَدْ ٍء‪ ،‬فأثبت أنه بطلها‬
‫ال بالوصول إلى ساحل البحر‪ ،‬ومنه‬ ‫فرصة للفرار ففررنا أم ً‬ ‫اإلسبانيول‪ ،‬وحاكموهم محاكمة البلط (الفارين من‬ ‫اليوم‪ ،‬كما كان بطلها باألمس‪ ،‬وسنرى أنه بطل السلم‪،‬‬
‫نجد ُف ْل ًكا يأخذنا إلى أوروبا‪ ،‬فكانت وقعتنا بالقرب من‬ ‫العسكر) وحكموا عليهم بالقتل‪ ،‬ونفذ فيهم الحكم‬ ‫كما هو بطل الحرب‪ ،‬وأنه أصدر أوامر باالتفاق مع أعضاء‬
‫«قرية عربية» فقبضوا علينا‪ ،‬وساقونا إلى األمير عبد‬ ‫رميًا بالرصاص‪ ،‬مع أنهم لم يكونوا متطوعين في جند‬ ‫الحكومة الريفية التي هو رأسها‪ ،‬بإنزال أشد العقاب إلى‬
‫الكريم‪ ،‬فأيقنا في أنفسنا بالهلكة‪ ،‬وقلنا‪ :‬يصيبنا هنا ما‬ ‫إسبانية وإنما سيقوا إلى الحرب جبرًا‪ ،‬وقهرًا‪ ،‬بعد أن‬ ‫حد القتل‪ ،‬بمن يعتدي على إسبانيولي‪ ،‬أو أي أوروبي‪ ،‬أو‬
‫أصاب رفاقنا عند اإلسبانيول‪ ،‬فلما وصلنا إلى األمير‪ ،‬كان‬ ‫خدعوا بقول الحكومة اإلسبانية لهم أنهم يكونون في‬ ‫يخالف القوانين الحربية المرعية بين الدول المُتمَدينَة‪.‬‬
‫منه أن قال لنا‪ :‬نعم‪ ،‬يحق لكم أن تفروا؛ ألنه طال عليكم‬ ‫«مليال» عَمَ َل ًة كما كانوا في برشلونة‪.‬‬ ‫وقد نشر رجل سويسري‪ ،‬من زوريخ‪ ،‬منذ أيام‪ ،‬رسالة‬
‫الغياب عن أوطانكم‪ ،‬ولكن أخطأتم بأنكم لم تخبرونا‬ ‫قال هذا الرجل السويسري الزوريخي‪:‬‬ ‫تناقلتها كثير جرائد سويسرة‪ ،‬كنا نود تعريبها‪ ،‬ونشرها‪،‬‬
‫بعزيمتكم‪ ،‬حتى نؤدي إليكم نفقة الطريق‪ ،‬ثم نقد لنا‬ ‫فالتزمنا أن نشهد وقائع من أشد وأهول ما يتصور‬ ‫ال عن جريدة (فوي دافي) الصادرة بلوزان‪ ،‬لكن‬ ‫كلها‪ ،‬نق ً‬
‫مبلغًا يكفي نفقتنا وأرسلنا إلى جهة ركبنا منها البحر‪،‬‬ ‫العقل‪ ،‬كانت غالبًا خسائر اإلسبانيول فيها أفدح من‬ ‫طولها حال دون تعريبها‪ ،‬برمتها‪ ،‬ومآلها‪:‬‬
‫إلخ‪.‬‬ ‫خسائر المغاربة‪ ،‬وذكر واقعة قال‪ :‬إن اإلسبانيول خسروا‬ ‫أن بعض الشبان من سويسرة‪ ،‬قصدوا إسبانية‬
‫وي��ذك��ر ه��ذا السويسري بعد ذل��ك ال��ف��رق بين‬ ‫فيها وحدها أربعة آالف مقاتل‪ .‬وهو يحزر مجموع خسائر‬ ‫للعمل‪ ،‬وبينما هم يعملون ببرشلونة‪ ،‬إذ أخذتهم حكومة‬
‫اإلسبانيول والمغاربة مما هو ظاهر للعيان من سياق‬ ‫اإلسبانيول بستين ألف مقاتل‪.‬‬ ‫إسبانية إلى الريف‪ ،‬بحجة أنها تريد أن تستخدمهم في‬
‫هذه القصة‪.‬‬ ‫ثم قال‪ :‬إننا مللنا القتال‪ ،‬ونحن ال ناقة لنا في األمر وال‬ ‫ال بأجرة فذهبوا‬ ‫ال بأجرة‪ ،‬وهناك عم ً‬
‫النقليات‪ .‬وأن هنا عم ً‬
‫‪---‬‬ ‫جمل‪ ،‬ففررنا إلى جهة العرب‪ ،‬فأخذونا إلى عبد الكريم‪،‬‬ ‫مسيرين غير مخيرين‪ ،‬ولما صاروا إلى «مليال» نظموهم‬
‫نقال عن (مجلة المنار ‪ /‬عدد المحرم ‪1342 -‬ه��ـ‬ ‫فأمر بانتظامنا في الجيش‪ ،‬فبعد أن كنا نقاتل في صف‬ ‫في التابور وأرسلوهم إلى ميدان الحرب؛ خال ًفا لما كانوا‬
‫سبتمبر ‪1923 -‬م ) ‪ /‬المكتبة الشاملة ‪.‬‬ ‫اإلسبانيول صرنا نقاتل اإلسبانيول‪ ،‬وكنا في كال الحالين‬ ‫وعدوهم به‪ ،‬ولما كانوا من رعية سويسرة ال شأن لهم‬

‫إصدارات‬ ‫إصدارات‬ ‫إصدارات‬


19 Journal Achamal 2000 www. Achamal.ma 2023 ‫ �أبريــل‬01 ‫ ال�سبت‬/ 1196 :‫العدد‬

Homenaje interreligioso a la Poesía Mística

E
l 21 de marzo, poco antes a las tres religiones monoteístas diferentes maneras, esta es una de coplas del alma que pena por ver
del inicio del Ramadán, en para expresar con poesía mística esas que nos permite descubrir el a Dios.
la ciudad de Tánger, el espa- la belleza de Dios. recorrido espiritual de creyentes. Ha sido bello este encuentro que
cio Artístico y Cultural Riad Sul- Esto ha dado lugar a un encuen- Mons. Emilio Rocha Grande, Zoubier Ben Boutcha, ha tenido la
tan ha organizado en el día de la tro entre judíos, musulmanes y arzobispo de Tánger ha decla- gran inspiración de organizar in-
poesía un homenaje al poeta sufí cristianos a través de diferentes mado dos poesías de San Juan de vitándonos a vivir poesía mística
Ahmed Tribak Ahmed, invitando místicos. Hoy se habla de Dios de la Cruz: El cántico espiritual y que nos habla del único Dios.
‫‪20‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫نبذ من حياة املرحوم الأ�ستاذ �أبو بكر بنونة‬


‫‪ 11‬أكتوبر ‪ : 2005‬زيارة جاللة الملك محمد السادس نصره اهلل لمقر دار الطالبة‬
‫بهدف انطالق مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‬

‫وعند نهاية مهامه باألرخبيل وُشح بوسام ‪:‬‬ ‫العام لألمم المتحدة للمغرب حيث أشرف على تدشين‬ ‫ولد بمدينة تطوان يوم ‪ 8‬ديسمبر ‪ ،1928‬درس بها‬
‫‪Encomienda de la Orden de Merito Civil‬‬ ‫معرض الطوابع البريدية‪ ،‬واستمر عمله ب��وزارة البريد‬ ‫دراسته االبتدائية في المدرسة الخيرية أوال ثم بالمدرسة‬
‫بتاريخ ‪ 20‬دجنبر ‪ 1984‬عين سفيرا لجاللة الملك‬ ‫لغاية ‪ 20‬نونبر ‪.1964‬‬ ‫األهلية‪ ،‬ومنها انتقل للمعهد الحر‪ ،‬ثم انتقل للمعهد‬
‫بالجمهورية العربية اليمنية (أنظر ظهير تعيينه وأوراق‬ ‫في ‪ 15‬يوليو ‪ 1965‬عُين نائبا للمدير باإلذاعة‪.‬‬ ‫الثانوي اإلسباني ‪ ،Academia la General‬وأتم دراسته‬
‫اعتماده‪ ،‬ورد فخامة الرئيس علي عبد اهلل صالح على كلمة‬ ‫يوم ‪ 31‬أكتوبر ‪ 1966‬عُين نائبا للمدير بالتلفزة‪.‬‬ ‫الثانوية بمدريد ضمن البعثة األمريكية بمعهد ‪Ramiro‬‬
‫السفير المغربي‪.‬‬ ‫ومنذ ‪ 6‬يونيو ‪ 1967‬وهو التاريخ الذي بقي فيه منصب‬ ‫‪ ،de Maeztu‬وبمدريد تابع دراسته الجامعية بكلية‬
‫بمناسبة احتفال الجمهورية العربية اليمنية بالعيد‬ ‫المدير العام لإلذاعة والتلفزة شاغرا ُكلف باإلشراف على‬ ‫العلوم الكيماوية ثم انتقل لمدينة إشبيلية لمتابعة نفس‬
‫الخامس والعشرين لثورة السادس والعشرين من شتنبر‬ ‫هذه المهام‪ ،‬مديرا مساعدا لإلذاعة والتلفزة‪ ،‬واستمر‬ ‫الدراسة‪.‬‬
‫منحه فخامة الرئيس علي عبداهلل صالح النوط التي صدرت‬ ‫الوضع على هذا الحال لغاية ‪ 24‬أكتوبر ‪ .1971‬كما شارك‬ ‫وفي السنوات األولى من االستقالل‪ ،‬أشرف باألقاليم‬
‫بالمناسبة‪.‬‬ ‫في مؤتمر وزراء اإلعالم العرب ببنزرت ‪ -‬تونس‪.‬‬ ‫الشمالية من المملكة‪ ،‬على تأسيس االتحاد الوطني‬
‫عند انتهاء مهامه الرسمية‪ ،‬اهتم بالنشاط الجمعوي‪،‬‬ ‫للطلبة‪ ،‬وفي مؤتمره التأسيسي انتُخب لتمثيل طلبة‬
‫في فاتح غشت ‪ 1974‬عُين مكلفا بمهمة في الديوان‬
‫حيث حاول مع مجموعة من الشخصيات تأسيس حزب‬ ‫المغرب في المؤتمر الدولي للطلبة الذي انعقد سنة ‪1956‬‬
‫الملكي (أنظر ظهير هذا التعيين) وعند التحاق السيد أحمد‬
‫سياسي تحت اسم (حزب اإلصالح والوحدة) إال أن وزارة‬ ‫بكولومبو عاصمة سيالن‪ .‬أشرف بعد ذلك على تأسيس‬
‫بن سودة بالعيون كأول عامل على األقاليم الصحراوية‪،‬‬
‫الداخلية وضعت في وجههم جميع العراقيل‪ ،‬وامتنعت عن‬ ‫االتحاد المغربي للتجارة بشمال المملكة‪ ،‬وانتُدب ضمن‬
‫تسليمهم وصل اإليداع القانوني‪.‬‬ ‫التحق معه السيد أب��و بكر بنونة‪ ،‬حيث كلف بإعداد‬ ‫الوفد الذي مثل هذا االتحاد في اجتماع جامعة الغرف‬
‫أشرف على تأسيس جمعية جبل العلم لوالية تطوان‪،‬‬ ‫االجتماع االستثنائي للجمامعة الصحراوية‪ ،‬ولهذه الغاية‬ ‫التجارية العربية الذي انعقد بالقاهرة سنة ‪.1958‬‬
‫التي ضمت مجموعة مهمة من أطر الوالية‪.‬‬ ‫عينه الحاكم العام العسكري اإلسباني لألقاليم الصحراوية‪،‬‬ ‫ويوم ‪ 18‬شتنبر ‪ 1958‬عُين رئيسا لديوان السيد عامل‬
‫انتُخب رئيسا للمجلس اإلداري للجمعية الخيرية‬ ‫كاتبا عاما للجماعة الصحراوية‪.‬‬ ‫إقليم تطوان واستمر في هذه المهمة لغاية ‪ 15‬شتنبر‬
‫اإلسالمية‪ ،‬التي تشرف على مؤسسة موالي رشيد ‪ -‬دار‬ ‫بعد انتهاء مهمته باألقاليم الصحراوية‪ ،‬عينه صاحب‬ ‫‪ .1961‬وفي هذا التاريخ عُين مديرا لديوان السيد وزير‬
‫العجزة بالوسعة ‪ -‬دار الطالبة ‪ -‬مع بناء مقر جديد للمسنين‬ ‫الجاللة الحسن الثاني بتاريخ ‪ 1976-7-1‬قنصال عاما‬ ‫البريد والبرق والهاتف‪ ،‬وخالل زيارة وزير البريد الفرنسي‬
‫ببوسافو‪.‬‬ ‫للمملكة المغربيةبالجزر الخالدات (أنظر ظهير التعيين‬ ‫للمغرب أثناء شهر مارس ‪ 1963‬وُشح بوسام االستحقاق‬
‫اهتم بتنظيم الوثائق الوطنية التي تزخر بها خزانته‪،‬‬ ‫ومرسوم وزير الخارجية اإلسبانية باسم جاللة الملك‬ ‫البريدي بدرجة ضابط‪.‬‬
‫ويقوم حاليا بإخراجها وطبعها في مجلدات صدر منها لحد‬ ‫خوان كارلوس لجميع السلطات اإلسبانية بتسهيل مهمة‬ ‫شارك في مؤتمر وزراء اإلعالم العرب بالقاهرة خالل‬
‫اآلن الجزءان األول والثاني‪.‬‬ ‫القنصل العام المغربي ليقوم بعمله على الوجه المطلوب)‪.‬‬ ‫شهر مارس ‪ .1964‬وفي نفس السنة‪ ،‬كانت زيارة األمين‬
‫‪21‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫سلسلة مقاالت حول القيم والنموذج التنموي المغربي‬

‫القيم يف التقرير العام للنموذج التنموي املغربي‪:‬‬ ‫‪- 12‬‬

‫أستاذ باحث‬ ‫ذ‪ .‬حسن الطويل ‪-‬‬


‫ونتائج‬ ‫خال�صات‬
‫سواء على مستوى تفسير القرآن الكريم أو على مستوى‬ ‫ذلك أن المهمة الجوهرية للمدرسة‪ ...‬هي أن تكرس‬ ‫تحظى وثيقة التقرير العام للنموذج التنموي المغربي‬
‫الشمائل النبوية‪ .‬سيعزز المرجعية القيمية للنموذج‬ ‫دوره��ا فيما يتعلق بترسيخ القيم التي تندرج ضمن‬ ‫بأرضية صلبة على مستوى المنطلقات المرجعية‬
‫التنموي المغربي‪.‬‬ ‫المرجعية التاريخية والدينية لبالدنا‪ ،‬حيث يجب على‬ ‫والتأسيسية لالستراتيجية التنموية تتمثل في الجذور‬
‫‪ .3‬إن التربية على القيم التهم مجاالت التعليم‬ ‫المنظومة التعليمية أن تساهم في تطوير القدرة على‬ ‫العميقة والمقومات التاريخية القوية والثابتة للمملكة‬
‫والتكوين والبحث والصحة فقط‪ ،‬بل تمتد إلى عمق التنمية‬ ‫العيش المشترك‪ ،‬دون إقصاء أو تمييز‪ ،‬وتدعم احترام‬ ‫المغربية والمتمثلة في‪ :‬اإلسالم كمرجعية دينية والتعددية‬
‫البشرية‪ ،‬وتتفاعل في ذلك كافة المؤسسات المعنية‬ ‫االختالف‪ ،‬وزرع روح الحوار الجاد والهادئ‪ ،‬وللمدرسة دور‬ ‫كميزة للروافد المغربية والملكية كنظام أساسي للحكم‪.‬‬
‫بالتنشئة االجتماعية خاصة‪ :‬مؤسسة األس��رة‪ ،‬مؤسسة‬ ‫هام أيضا في إشعاع قيم المواطنة‪ ،‬عبر ترسيخ ثقافة‬ ‫وهذا ما يجعل آمال وطموحات الوثيقة كبيرة وطموحة‪.‬‬
‫اإلعالم‪ ،‬المؤسسات الجامعية‪ ،‬مؤسسات الحقل الديني‪،‬‬ ‫المنفعة المشتركة وإيالء األولوية للصالح العام وتحفيز‬ ‫إن األمن الروحي واالستقرار االجتماعي بفضل إمارة‬
‫المؤسسات الثقافية والفنية والرياضية‪ ،‬فما موقع هذه‬ ‫المشاركة الوطنية من أجل توطيد روح االنتماء والتشبث‬ ‫المؤمنين‪ ،‬التي لم تزد األيام عروتها إال التحاما‪ ،‬حيث‬
‫المؤسسات من النموذج التنموي المغربي؟ لذلك ندعو‬ ‫بثوابت األم��ة‪ .‬وإذا كان دور المدرسة محوريا في هذا‬ ‫كان لها الفضل في استمرار الثوابت والخصوصيات‬
‫لبلورة رؤية استراتيجية تدمج كافة مؤسسات التنشئة‬ ‫المحال‪ ،‬فإن تعبئة باقي الفاعلين (األسر‪ ،‬مؤسسات التأطير‬ ‫الدينية بالمغرب‪ ،‬وستبقى كذلك بمشيئة اهلل وعنايته‪،‬‬
‫في مشروع قيمي وطني موحد‪ ،‬والعمل على تأهيلها‬ ‫السوسيو‪-‬ثقافي‪ ،‬وسائل اإلع�لام) يكتسي أيضا أهمية‬ ‫وبالتوجيهات الملكية السديدة‪ ،‬وبتالحم العرش والشعب‪،‬‬
‫ومواكبتها إلى جانب مؤسسة المدرسة‪.‬‬ ‫بالغة لتكريس قيم المواطنة وتعزيز شعور الفخر باالنتماء‬ ‫هذه الثوابت المتمثلة في التمسك بالمذهب المالكي‬
‫‪ .4‬الدعوة إلى تحديد دقيق لمفاهيم القيم وفق اإلطار‬ ‫إلى الوطن(‪.)3‬‬ ‫والعقيدة األشعرية‪ ،‬والسلوك األخالقي الجنيدي‪،‬عندما‬
‫المرجعي للملكة المغربية‪ ،‬وإحداث مرصد وطني للقيم‬ ‫وإذا كانت وثيقة التقرير العام للنموذج التنموي‬ ‫تتظافر مع الخصائص الطبيعية والجيوستراتيجية‬
‫بتنسيقيات جهوية وإقليمية يضطلع بمهام التتبع واألجرأة‬ ‫المغربي قد جعلت من الرأسمال البشري محورا استراتيجيا‬ ‫والديموغرافية للمملكة‪ ،‬ال يمكنها إال أن تفرز لنا واقعا‬
‫لمنظومة القيم‪ .‬كما نؤكد على ما تم تسجيله خالل تحليلنا‬ ‫ودعامة صلبة إلنجاح النموذج التنموي‪ ،‬باعتباره محور‬ ‫مميزا يفرز لنا منظومة قيمية قوية تعزز الرأسمال‬
‫للمعطيات ال��واردة في التقرير على ضرورة إيجاد رؤية‬ ‫التنمية صانعا ومستفيدا‪ ،‬فالبد أن يحظى بالعناية القيمية‬ ‫البشري‪،‬وتؤهله لخوض معركة التنمية بتمثله لمعالم‬
‫شمولية واضحة وإرادة كافية إزاء صياغة مشروع قيمي‪،‬‬ ‫الالزمة من طرف كل المؤسسات المعنية بالتنشئة أولها‬ ‫نموذج تنموي يضع المواطن في صلب أولوياته‪.‬‬
‫تضطلع به المؤسسة التعليمية وباقي مؤسسات التنشئة‬ ‫المدرسة‪ ،‬ومن تم وجب وضع استراتيجيات شاملة تأخذ‬ ‫وفي هذا اإلطار كان ألمير المؤمنين ‪ -‬جاللة الملك‬
‫االجتماعية‪.‬‬ ‫بعين االعتبار تكامل أدوار المؤسسات المجتمعية المعنية‬ ‫محمد السادس نصره اهلل وأيده ‪ -‬جهود كبرى من أجل‬
‫‪ .5‬ورود مادة التربية اإلسالمية في تقرير النموذج‬ ‫بالقيم‪.‬‬ ‫صيانة الخصوصيات الدينية للمغرب‪ ،‬في ظل التغيرات‬
‫التنموي الجديد وضمن اإلطار رقم ‪ ،17‬هو تثمين ألدوارها‬ ‫لقد كانت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي‪ ،‬حريصة‬ ‫العالمية المعاصرة‪ ،‬والتفاعل الحضاري بين األمم‬
‫الطالئعية في إرساء منظومة القيم المركزية القادرة على‬ ‫في صياغتها للتقرير العام‪ ،‬على استحضار الحزمة القيمية‬ ‫والشعوب‪ ،‬يقول أمير المؤمنين ‪-‬حفظه اهلل ‪ -‬بهذا الصدد‪:‬‬
‫نقلة نوعية في نسيج المجتمع المغربي‪ .‬من أجل ذلك‬ ‫في مشروع تأهيل الرأسمال البشري عبر اقتراحها إغناء‬ ‫( لقد كان المغرب خالل تاريخه الحافل المجيد حصنا منيعا‪،‬‬
‫نقترح في هذا الشأن ما يلي‪:‬‬ ‫مادة التربية اإلسالمية ونشرها للقيم المدنية القائمة على‬ ‫وقلعة عالية لإلسالم‪ ،‬وإننا لحريصون على أن يبقى كما‬
‫• تعزيز مكانة المادة في منظومة التربية والتكوين‪.‬‬ ‫إرثنا الروحي والمنفتح والمتسامح‪ ،‬باإلضافة إلى التربية‬ ‫كان‪ ،‬البلد الذي يتمثل فيه الدين راسخا قويا‪ ،‬باعتباره‬
‫• إعادة النظر في المنهاج الدراسي للمادة بتطويره‬ ‫على المواطنة التي تعزز قواعد العيش المشترك وتزرع‬ ‫أساس مكون هويتنا‪ ،‬ومقومات شخصيتنا‪ ،‬في تشبتنا‬
‫وإغنائه‪.‬‬ ‫التعلق بالوطن‪.‬‬ ‫بالمذهب المالكي‪ ،‬والعقيدة األشعرية‪ ،‬وطريقة السلوك‬
‫• إعادة النظر في الحصص الزمنية المخصصة لتدريس‬ ‫حيث خصصت ضمن تقريرها‪ ،‬إطارا خاصا بتعزيز هذا‬ ‫السني‪ ،‬الهادف إلى تقويم النفوس‪ ،‬وتنقية الضمائر‪ ،‬مما‬
‫المادة ومعاملها‪.‬‬ ‫المطلب‪ ،‬اإلطار رقم ‪ :17‬التربية على المواطنة والحس‬ ‫كفل لبالدنا وحدتها وطمأنينتها)(‪.)1‬‬
‫• التأكيد على تجديد الوسائل والطرائق وتوظيف‬ ‫المدني في قلب المشروع التربوي المغربي‪ .‬حيث تم‬ ‫وقد أولى التقرير العام للنموذج التنموي المغربي‬
‫الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة في تناول المحتويات‬ ‫تصدير هذا اإلطار باإلشارة إلى مهمة المدرسة المغربية‬ ‫اهتماما خاصا بـ «القيم» من خالل محتوياته التي رسمت‬
‫القيمية‪.‬‬ ‫المتمثلة في‪« :‬تتمثل مهمة المدرسة في تكوين مواطنين‬ ‫معالم التوجه نحو المستقبل بتفكير شمولي مندمج مقارب‬
‫‪ .6‬من المالحظات التي نسجلها حول التقرير‪ ،‬غياب‬ ‫مسؤولين قادرين على اتخاذ ق��رارات واعية‪ ،‬مقتنعين‬ ‫للتنمية‪ ،‬منسجم مع المبادئ والقيم التي كرسها دستور‬
‫استراتيجية واضحة عن كيفية التصدي لموجات القيم‬ ‫وفخورين بانتمائهم إلى المجتمع المغربي‪ ،‬مكرسين‬ ‫المملكة‪ ،‬يضع المواطن وحاجياته في صلب أولوياته‪ .‬هذا‬
‫السلبية عن طريق األنترنيت‪ ،‬خاصة مع تزايد حاالت‬ ‫لقيمهم في حياتهم اليومية‪ ،‬ومدركين لحقوقهم‬ ‫النموذج الذي يشتمل على محاور استراتيجية كبرى للتحول‪،‬‬
‫االستعمال المنافي للقيم واألخالقيات داخل الشبكات‬ ‫وواجباتهم‪ .‬إن مشروع النهضة التعليمية المغربيـة هـو‬ ‫أبرزها‪ :‬محور اإلنسان والرأسمال البشري‪ ،‬ذلك أن العنصر‬
‫اإللكترونية ومواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬والذي يعرض‬ ‫قـبـل كل شيء مشروع مجتمعي يهدف إلى غرس القيم‬ ‫المادي ال يمكن وحده أن يحقق التقدم دون االعتماد على‬
‫األطفال والشباب لمخاطر االستغالل والتغرير واالبتزاز‬ ‫المتجذرة في هويتنا الوطنية والروحية‪ ،‬المكرسة دستوريا‪،‬‬ ‫العنصر البشري‪ ،‬فهو األداة الرئيسية لالقتصاد والمنتج‬
‫والشحن باألفكار المتعصبة‪ ،‬وغيرها‪ ،‬من أجل ذلك نجدد‬ ‫كتلك التـي تـحـث عـلـى المنفعة المشتركة والمصلحة‬ ‫للثروة ووسيلة أساسية لتحقيق التنمية‪.‬‬
‫الدعوة إلى بلورة برامج واستراتيجيات واعدة تتصدى‬ ‫العامة وروح التضامن واالحترام والتسامح»(‪.)4‬‬ ‫وقد اعتبر النموذج التنموي المغربي هذا العنصر‬
‫لهذه الموجات السلبية‪.‬‬ ‫وفي ختام سلسلة مقاالتنا حول القيم في التقرير‬ ‫محددا حاسما إلنجاح االختيارات االستراتيجية الكبرى‬
‫‪ .7‬الدعوة إلى تكوين الفاعلين تكوينا أساسا ومستمرا‬ ‫العام للنموذج التنموي المغربي التي عرفت نشر ‪ 11‬مقال‬ ‫للتحول؛ وذل��ك بالنظر إلى كونه يعتبر رافعة لتكافؤ‬
‫في مجال القيم والتربية عليها‪.‬‬ ‫بجريدة الشمال الرائدة‪ ،‬نخلص للنتائج والتوصيات اآلتية‪:‬‬ ‫الفرص‪ ،‬ووسيلة لبناء مجتمع يسوده القانون‪ ،‬ويكون فيه‬
‫‪ .8‬مواكبة الصعوبات التي تواجه المؤسسات التعليمية‬ ‫‪ .1‬تثمين المجهود الكبير الذي قامت به اللجنة الخاصة‬ ‫المواطنون مستقلين وقادرين على األخذ بزمام أمورهم‪،‬‬
‫والرفع من قدراتها في تنمية أدوار الحياة المدرسية وتنمية‬ ‫في إعداد النموذج التنموي وبمنهجية عملها القائمة على‬ ‫ورافعة رئيسية للتنافسية في المستقبل(‪.)2‬‬
‫الشراكات بخصوص التربية على القيم‪.‬‬ ‫اإلنصات والمشاورة الوطنية الموسعة‪ ،‬مسجلين في هذا‬ ‫لكن هذه الوسيلة تحتاج إلى التربية والمعرفة والمهارة‬
‫‪ .9‬ضرورة وجود مرجعية نظرية وعملية مؤطرة لبناء‬ ‫اإلطار عدم اإلعالن عن مضامين لقاءات ورشات العمل مع‬ ‫والقدرة والخبرة والتجربة‪ .‬والمدرسة تحظى بالمهمة‬
‫المواطنة والحس المدني‪.‬‬ ‫الخبراء التي وصلت إلى ‪ 113‬ورشة بمشاركة ‪ 360‬خبيراً‬ ‫الجوهرية فيما يخص التكوين وتنمية الكفاءات‪ ،‬إذ تعد‬
‫‪ .10‬استثمار البرامج التعليمية ووسائل اإلعالم في‬ ‫وطنياً و‪ 75‬خبير دولي وعن نتائج هذه الورشات وهوية‬ ‫الحجر األساس في تحصيل المعرفة واكتساب المعلومات‬
‫التعريف بالتجارب الدولية الناجحة في مجال بناء الرأسمال‬ ‫الخبراء‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬ننوه أيضا بتوجيه دعوة وطنية‬ ‫وبناء المواطن الصالح للمجتمع القوي لوطنه والقادر على‬
‫البشري بمدخل التربية على القيم‪.‬‬ ‫لمساهمات الطلبة الجامعيين حول مواضيع التنمية‪،‬‬ ‫قيادة زمام حياته لتكون ذات رفاهية وازدهار‪ .‬أضف إليها‬
‫‪------‬‬ ‫ونأسف عدم إشراك مجالس الجامعات ووحداتها التكوينية‬ ‫باقي مؤسسات التنشئة االجتماعية على رأسها‪ :‬األسرة‬
‫الهوامش‪:‬‬ ‫وشعبها الدراسية ضمن فعاليات االستشارة الموسعة‪.‬‬ ‫ووسائل اإلعالم والمؤسسات الثقافية والفنية والرياضية‬
‫‪ .1‬انبعاث أمة الجزء ‪ .45‬القسم الثاني‪ .‬ص‪186 :‬‬
‫‪ .2‬سعيد جفري‪ .‬المغرب والنموذج التنموي الجديد ـ مكتبة الرشاد‬ ‫‪ .2‬تزخر مصادر التشريع اإلسالمي خاصة مصدري‬ ‫والدينية‪...‬‬
‫سطات ـ الطبعة ‪ 1‬ـ ‪ 2021‬م‪ .‬ص‪93 :‬‬ ‫القرآن الكريم والسيرة النبوية بمنظومة حبلى بالقيم‬ ‫وتشكل التربية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬والتربية‬
‫‪ .3‬النموذج التنموي الجديد ـ التقرير العام أبريل ‪ .2021‬رأسمال‬
‫بشري معزز وأكثر استعدادا للمستقبل ص‪97 :‬‬ ‫الكونية‪ ،‬من شأن البحث والدراسة فيهما إنتاج خطاب‬ ‫على القيم‪ ،‬المدخل األساس لبناء المواطن الصالح القادر‬
‫‪ .4‬المصدر نفسه‪.‬‬ ‫كوني معاصر عن اإلسالم من خالل تصنيف بحثي قيمي‬ ‫على صناعة التنمية‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫من تأمالت الواجهات ‪.‬‬ ‫ٌ‬


‫محمد‪m‬‬ ‫ذوالعر�ش محمو ٌد‪ ..‬وهذا‬
‫ْ‬

‫ذ‪ .‬عبد السالم شفيرة‬ ‫عبد المجيد اإلدريسي‬


‫أن تُنزل‬ ‫أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا واآلخرة من ْ‬ ‫‪ ...‬االستمراء في الغيّ الزدراء الدين اإلسالمي واإلس��اءة إلى‬

‫العزم جدوى‬ ‫أويحل علي سخطك‪ ،‬لك العتبى حتى ترضى‪ ،‬وال حول‬
‫أن يُطبق عليهم‬
‫أن‬
‫أن نزل جبريل يستشيره‪ْ ،‬‬
‫َّ‬ ‫بي غضبك‪،‬‬
‫وال قوة إال بك ‪ ..‬وبعد ْ‬
‫األخشبين ‪ .‬ليجيب رسول الرحمة المهداة ‪ : m‬عسى ربُّك ْ‬
‫رسوله‪ ،m‬وهوالقائل ‪« :‬ما أوذي أحدٌ مثلي»‪ .‬منهجية منطوية‬
‫على الطابع الدعائي بما يتالءم مع الفكر الكنسي ‪ .‬إذ على لسان‬
‫البابا بنيدكت السادس عشر عند إلقائه محاضرة بالحرم الجامعي‬
‫يُخرجَ من أصالبهم من يعبد اهلل (يخرج من أصالبهم علماء)‪..‬‬ ‫األلماني في موضوع «اإليمان والعقل والجامعة»‪ ،‬تؤرّخُ وتزعمُ‪،‬‬
‫إن�س‬
‫�أيا � ْ‬ ‫أن لكل قوم نبيّ لزمانهم إال إمام‬ ‫– البابا الجاحد يعلم جيّداً َّ‬ ‫مناصرة من نسج اإلمبراطور «العالم» مانويل الثاني سنة‬
‫األنبياء ورسول الهدى‪ ،‬وهوالرسول الخاتم بُعث للناس كافة ّ‬
‫ولكل‬ ‫‪1391‬للميالد‪ ،‬في حوار ثنائي بينه وبين مخاطب فارسي «مجهول‬
‫والعزم جدوى‬ ‫ُ‬ ‫عزمت‬‫َ‬ ‫األزمنة واألمكنة‪ .‬لذلك كانت اإلذاية «مزمنة»‪ ،‬بدْءاً من الطائف‬ ‫أن رأي البابا ال يتأتى له‬ ‫الهوية»‪ ،‬خلص من معنى جدالهما‪َّ ،‬‬
‫ن�شدان‬
‫ْ‬ ‫ملن ف�ؤاده‬ ‫وما قبل ذلك‪ ..‬ويشهد شهود من أهلها‪ ،‬وهم من سادة القوم‬ ‫الحوار إال مع من يمتلك تصوُراً إلله العقل والمحبة في المسيحية‪،‬‬
‫وفالسفة الغرب‪ ،‬ومن عليّهم الذين يملؤون األعين وقاراً‪ ،‬ومن‬ ‫أن الحضارة اإلسالمية عنفاً‬ ‫استناداً إلى العقل والكلمة ‪ .‬بيد َّ‬
‫ن�ضري‬
‫ْ‬ ‫عرب �سبيل‬ ‫بينهم «تولستوي»‪ ،‬واصفاً محمداً ‪ m‬بالخلق الحسن واإليثار‬ ‫وأن إاله اإلسالم «مُتعسف»‬ ‫وجهاداً مقدساً وصراعاً للحضارات ‪َّ .‬‬
‫والزهد‪ .‬شاءت إرادة اهلل َّ‬
‫ُ‬
‫اجلميل‬ ‫�أعده القدر‬ ‫جل في عُاله‪ ،‬وهواألول‪ ،‬ليس قبله شيء‪،‬‬
‫أن تكون المحبّة بينه وبين عباده ْ‬
‫(إلن‬ ‫واآلخر ليس بعده شيء‪ْ ،‬‬
‫و«مُستعل»‪ ،‬بحيث يتبنى قداسته نظرية اإلمبراطور للفارسي‪،‬‬
‫ال ‪ :‬أريني شيئاً جديداً أتى به محمد‪ .m‬فلن تعثر إال على ما‬ ‫قائ ً‬
‫يف م�سار نبيلٍ‬ ‫تكون في خدمة الخلق شاهد على محبَّتك هلل ) ‪ .‬لقول اهلل عزَّ‬ ‫هو«شرير» و«ال إنساني»‪،‬مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر‬
‫إن ربّي رحيم ودود ‪..‬صدق اهلل العظيم‪(..‬سورة هود‪ ،‬اآلية‬ ‫وجل ‪َّ :‬‬ ‫به «بحدّ السيف»‪ ،‬وهومنافي للعقل ويتعارض مع طبيعة العقل‬
‫يف غربة نادرةّ‬ ‫إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم‬ ‫‪ . )90‬وقال أيضاً ‪َّ :‬‬ ‫والروح‪.»..‬‬
‫الرحمن وُدّاً ‪..‬صدق اهلل العظيم ‪(..‬سورة مريم‪ ،‬اآلية ‪ . )97‬فكيف‬
‫بهي‬
‫حلمها ٌّ‬ ‫يجرؤ «قداسة البابا» (ومن وااله ) أن يصف مالك الملك والملكوت‬
‫‪ -‬اإلفك واالفتراء من الكنيسة التي تعمل بكل حرص منذ زمان‬
‫بعيد‪ ،‬كلما استشعرت و«استخبرت» بصحوة إسالمية على مستوى‬
‫***‬ ‫جل‬‫إال أنتَ سبحانك ‪ .‬يقول َّ‬ ‫ب»متعسّف» و«مُستعل» ! ال إله َّ‬ ‫علماء الغرب إال وتقدّمت حكومات البابوية على فترات بهدايا‬
‫وعال ‪ :‬ليس كمثله شيء وهو السميع البصير‪ ..‬وهوأقرب إليكم‬ ‫اإلس��اءة لعقيدة محمد‪ ،m‬إلى اللوبي والمافيا والصهيونية‬
‫و�رست قا�صدا االنتعا�ش من‬ ‫َ‬ ‫(بعلمه) من حبل الوريد ‪.‬وهومعكم (بعلمه) أينما كنتم‪ .‬ولم يكن‬ ‫العالمية المعادية لإلسالم على أطباق من «الفضة» ‪ .‬ثمَّ إيقاظ‬
‫ٍ‬
‫رحاب‬ ‫منع�ش يف‬ ‫ٍ‬ ‫عبري‬ ‫له كفواً أحد ‪..‬صدق اهلل العظيم‪(..‬سورة اإلخالص)‪ .‬وأما محمد‪m‬‬ ‫مُخيّلة ذاكرتها الصليبية لتصبَّ «البنزين» على النار‪ ،‬إلشعال‬
‫أنعم عليه ذوالجالل واالكرام ‪ :‬وإنّك لعلى خلق عظيم ‪..‬صدق اهلل‬ ‫الفتنة من أجل تبرير المسلسالت واألفالم المسيئة لخير الورى‬
‫ٍ‬
‫�شاهقات‬ ‫بني‬ ‫العظيم‪(،‬س‪ .‬القلم اآلية‪.. )4‬واهلل يعصمك من الناس ‪..‬صدق اهلل‬ ‫ونبيّ الرحمة *صلعم* ‪ .‬واإليماء لبعض « االنفعاالت» المترتبة‬
‫العظيم (س‪ .‬المائدة‪ ،‬اآلية ‪. )67‬‬ ‫عن االستفزازات التي تتغنى بها ‪ .‬ما مدى دور الكنيسة ومواقفها‬
‫تناجي مياها‬ ‫– العالم الفرنسي «كارديف»‪ ،‬يعترف لمحمد ‪ m‬بمبدإ نبذ‬ ‫من الجرائم‪ ،‬وإبادة الهنود الحمر‪ ،‬السكان األصليين ألمريكا‪،‬‬
‫ألب‬
‫منبعها جبال ال ْ‬ ‫ُ‬ ‫العنصرية والمساواة بين الناس‪ ،‬واإلخاء‪ ،‬والحرية وهي شعارات‬
‫الدولة الفرنسية‪ ،‬التي بعض مواطنيها وصحافييها‪ ،‬يزعمون‬
‫وعلى غرارها‪« ،‬بورهاربور» و«نكازاكي»‪« ،‬هيروشيما» (قنبلة‬
‫الهيدروجين)‪ .‬حديثا إبادة شعبيْ أفغانستان‪ ،‬والعراق ثم الشام‬
‫حكيم‬
‫ْ‬ ‫من بديع‬ ‫ممارسة «حرية ال��رأي» ب��ازدراء اإلس�لام ورس��ول اإلس�لام وأمة‬ ‫واليمن وليبيا‪ ،‬متخذة النظرية الصهيونية لمصطلح «اإلرهاب»‬
‫اإلسالم التي يفوق عدد مواطنيها‪ ،‬المليار ونصف المليار نسمة‪.‬‬
‫خللقه‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫نعمة‬ ‫�سخرها‬ ‫ليأتي رئيس دولة للدفاع باسم «حرية الرأي» مخالفا المعايير‬
‫العربي اإلسالمي‪ .‬بين ظهريْ ذلك «تتموَّهُ» الكنيسة بمبدإ‬
‫«الصمت حكمة» ! بينما الغرب الكنسي يبارك كل أنواع االنحرافات‬
‫جليل‬‫ٌ‬ ‫فيها ارتياح‬ ‫الكونية للحرية‪ ،‬وباستخدام لغة اصطناعية‪ ،‬وقد أتقنها بشكل‬ ‫ضدّ الفطرة البشرية‪ ،‬من المثلية إلى الزواج الذكوري واألنثوي‬
‫ضعيف‪ ،‬إذ لم تخرج صداها حتى عن القاعة التي أجرى فيها‬ ‫والشذوذ الجنسي‪ .‬أما قتل األجنة (اإلجهاض) فحدث وال حرج‪ .‬حتى‬
‫***‬ ‫الندوة الصحافية ‪ .‬تلك هي حقوق اإلنسان وحرية الرأي في بالد‬ ‫أصبح دين الكنيسة «الميكيافيلية»‪.‬‬
‫«الكولوا» (الكاف فوقه ثالثة نقط) ‪.‬‬
‫إن�س‬‫�أيا � ْ‬ ‫– في كتاب «طوماس كراديل» عن العظماء السبعة‪ ،‬يفند فيه عن‬
‫– االبتالء إحدى سنن اهلل في خلقه في كل شيء وبكل شيء‪.‬‬
‫ابتليتْ عائشة رضي اهلل عنها في قصة اإلفك‪ ،‬ثمَّ جاء الوحي‬
‫ْ‬
‫ا�ست�ضافتك‬ ‫عجبا يف‬ ‫رسول اهلل *صلعم*‪ ،‬صفتي الفخر والسلطة ويدحض عنه افتراءات‬
‫الخصوم ‪ .‬بينما «المارتين»‪ ،‬األديب الفرنسي يكشف عن القيمة‬
‫بعد أربعين يوماً لتبرئتها مما «نسب» إليها زوراً وبهتاناً ‪ .‬فأما‬
‫رسول اهلل‪ ،m‬بعد موت عمه (سنده) ووفاة زوجته أمُّ المؤمنين‬
‫وديعة تزهو‬ ‫ٌ‬ ‫ر�ؤى‬ ‫الفكرية والعقلية لمحمد ‪ ،m‬بتنويره للعقل البشري عند تحطيم‬ ‫خديجة رضي اهلل عنها وكانت بمثابة حصنه‪ ،‬ذهب إلى الطائف‬
‫األصنام واإلقالع عن عبادتها‪ ،‬بكسب الحرية المطلقة عند عبادة‬
‫فال نظر ٌة يف مللٍ‬ ‫الواحد األحد (إياك نعبد وإياك نستعين) ‪..‬وألمير الشعراء شوقي‬
‫(ثقيف) هادياً‪ ،‬فلما جلس إلى نخبة القوم سخروا منه ‪ m‬وأغروا‬
‫سفهاءهم به‪ ،‬وقد أمطروه ضرباً حتى دُميتْ قدماه الشريفتان‪،‬‬
‫فتور‬
‫ْ‬ ‫�سري يف‬ ‫ٌ‬ ‫وال‬ ‫أبيات بنيتْ على التوحيد‪ ،‬في حق الرحمة المهداة *صلعم* ‪- :‬‬ ‫فكان له هذا الخطاب ‪ :‬اللهمّ إليك أشكوضعف قوتي‪ ،‬وقلة حيلتي‪،‬‬
‫وُلد الهدى‪ ،‬فالكائنات ضيا ُء ~ وفمُ الزمان تبسَّمَ وثنا ُء بك يا‬
‫***‬ ‫ابن عبد اهلل قامتْ سمحة ~ بالحق من ملل الهوى غرَّا ُء‬
‫وهواني على الناس‪ ،‬يا أرحم الراحمين‪ ،‬أنت ربُّ المستضعفين‬
‫أن قال ‪ :‬أعوذ بنور وجهك الذي‬ ‫وأنت ربّي‪ ،‬إلى من تكلني ‪...‬إلى ْ‬
‫(يتبع)‪..‬‬
‫فانعم مبا يرى‬
‫�ضياء‬
‫ْ‬ ‫تر الكون‬
‫�سخاء‬
‫ْ‬ ‫ير�سل نوره‬ ‫ب�سم اهلل الرحمن الرحيم «كل نف�س ذائقة املوت ثمَّ �إلينا ترجعون»‬
‫يعطر اجلوى مبا‬
‫يريحه ربيعا‬ ‫انتقل إلى عفو اهلل تعالى األستاذ المرحوم أبو بكر بنونة عن سن يناهز ‪95‬‬
‫بمدينة الرباط يوم السبت ‪ 3‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ 25 /‬مارس ‪2023‬م‪ .‬وقد شيع‬
‫ولهان‬‫ْ‬ ‫ورد‬
‫ك�أنه ُ‬ ‫جثمانه الطاهر إلى مثواه األخير بمسقط رأسه تطوان يوم اإلثنين بعد صالة‬
‫�سائرا يرتمنْ‬ ‫الظهر‪.‬‬
‫وبهذا المصاب الجلل يتقدم السيد عبد المجيد اإلدريسي أصالة عن نفسه‬
‫ليون يف ‪2023/ 3 / 10 :‬م‬ ‫ونيابة عن جميع أعضاء جمعية قدماء تالميذ المدرسة الفرنسية اإلسالمية بأحر‬
‫‪----‬‬ ‫التعازي إلى أسرة المرحوم‪ ،‬سائلين اهلل تعالى أن يلهمهم صبرا جميال ويتغمد‬
‫المرحوم بواسع رحمته‪.‬‬
‫يرتمن ‪ :‬يتغنى‬
‫‪23‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫‪a‬‬

‫الأ�سـود تـز�أر يف ح�ضـرة ال�سيلي�سـاو‬


‫إعداد ‪ :‬محمد السعيدي‬

‫• ملعب طنجة الكبري ا�ستعاد ملحمة املونديال يف ليلة الفوز التاريخي لأ�سود الأطل�س على ال�سامبا‬
‫• �أنهوا الودية الثانية بتعادل �أمام البريو مبلعب واندا ميرتوبوليتانو مبدريد‬
‫• ‪ 5700‬عن�صر �أمني لت�أمني املباراة الودية‪.‬‬
‫المدير العام لألمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني‪ ،‬عبد اللطيف حموشي‪ ،‬قام مساء يوم‬ ‫خصصت والية أمن طنجة ما مجموعه ‪ 5700‬عنصر من مختلف التشكيالت األمنية ووحدات‬
‫المباراة بزيارة ميدانية للملعب الكبير بطنجة‪ ،‬واطلع خاللها‪ ،‬على بروتوكول األمن والسالمة‬ ‫حفظ النظام والقوات العمومية‪ ،‬لضمان التدبير الرشيد والمحكم إلجراء المباراة الودية‬
‫الذي اعتمدته والية أمن طنجة‪ ،‬لتأمين هذا الحدث الرياضي العالمي‪ ،‬وتوفير األجواء اآلمنة‬ ‫بالملعب الكبير بطنجة‪ ،‬بين المنتخب الوطني المغربي ونظيره البرازيلي‪ .‬كما سخرت والية‬
‫إلجراء هذه المباراة في أحسن الظروف‪ ،‬بتأمين انسيابية السير وضمان األمن الطرقي وتمكين‬ ‫األمن لنفس الغرض حوالي ‪ 200‬مركبة أمنية‪ ،‬من بينها سيارات رباعية الدفع‪ ،‬ومركبات‬
‫الجماهير من التوافد على الملعب ومخطط تأمين المدرجات ومختلف مرافق الملعب‪.‬‬ ‫نفعية‪ ،‬ودرجات نارية وأخرى هوائية‪ ،‬فضال عن مركبات مجهزة بكاميرات محمولة‪ .‬وكان‬

‫أشار المحللون بعد المباراة إلى التفوق الفني لالعبين المغاربة مثل عز‬ ‫الدقيقة الثامنة من كرة ثابتة تصدى لها الحارس ويفيرتون‪ .‬ورد فريق‬ ‫مواصلة التألق بعد اإلبهار بقطر‪:‬‬
‫الدين أوناحي ‪ ،‬معتبرين أن البرازيل واجهت فري ًقا أقوى وآلة تتحرك‬ ‫السامبا بكرة خطيرة عن طريق روجير دا سيلفا مرت فوق المرمى (د‬ ‫لم يتوقف أسود األطلس عن اإلبهار‪ .‬بعد ملحمة المونديال‪ ،‬حقق‬
‫بكل أريحية على رقعة الملعب‪ .‬وأشاروا إلى أن السيليساو «أخلف موعد‬ ‫‪ .)13‬وواصل الفريق الوطني سيطرته على مجريات اللعب واختراق‬ ‫أشبال وليد الركراكي فوزا تاريخيا على البرازيل‪ ،‬في المباراة الودية التي‬
‫بداية الدورة الجديدة» التي أعلن عنها أثناء إضفاء الطابع الرسمي‬ ‫دفاع الخصم عن طريق تبادل الكرات القصيرة والتوغل داخل مربع‬ ‫جمعتهما‪ ،‬السبت الماضي‪ ،‬بالملعب الكبير لطنجة‪ .‬وفي جو احتفالي‬
‫على هذه المباراة الودية ويبدو أنه يحتاج إلى مزيد من الوقت إلعادة‬ ‫العمليات‪ ،‬وأتيحت له فرصة التسجيل عن طريق المزراوي الذي سدد‬ ‫وأمام جمهور متحمس للقاء طال انتظاره‪ ،‬احتفلت العناصر المغربية‬
‫بناء صفوفه‪ .‬من جهتها عبرت ‪ TNT Sports Brasil‬عن إعجابها‬ ‫كرة مرت بجانب المرمى (د ‪ .)22‬وسجل المنتخب البرازيلي هدفا في‬ ‫بإنجازها الرائع في قطر كما ينبغي‪ ،‬بتحقيق أول انتصار تاريخي على‬
‫بتطور كرة القدم المغربية في السنوات األخيرة‪ ،‬ال سيما فيما يتعلق‬ ‫الدقيقة ‪ 26‬عن طريق فينيسيوس‪ ،‬لكن الحكم ألغاه بداعي التسلل بعد‬ ‫السيليساو‪ ،‬بطل العالم خمس مرات‪ .‬بعدما كان المنتخب البرازيلي‪،‬‬
‫بالبنية التحتية‪ ،‬كما يتضح ذلك من جودة تنظيم كأس العالم لألندية‬ ‫الرجوع إلى تقنية الفار‪ .‬ورد المنتخب الوطني سريعا بهجوم منسق أثمر‬ ‫الذي يقوم بأول زيارة له إلى المغرب‪ ،‬قد فاز على المنتخب المغربي‬
‫مؤخرا‪ .‬ووفقا لذات القناة‪ ،‬فقد انتصر المغرب في جميع جوانب اللعبة‪،‬‬ ‫تسجيل الهدف األول عن طريق سفيان بوفال (د ‪ ،)29‬بعد تلقيه كرة‬ ‫في المواجهتين السابقتين‪ .‬األولى في عام ‪ ،1997‬في مباراة ودية‬
‫تكتيكيا وفرديا‪ ،‬مما سمح لهم بالتحكم في المباراة وتمديد نجاح‬ ‫على طبق من ذهب من بالل الخنوس‪ .‬وتواصلت السيطرة المغربية‬ ‫بميدانه (‪ .)2-0‬بعد ذلك بعام‪ ،‬في مونديال فرنسا ‪ ،1998‬جدد زمالء‬
‫أسود األطلس الذي بصموا عليه في قطر‪ ،‬مسجلة أن المغرب أثبت أن‬ ‫على مجريات المباراة‪ ،‬وأتيحت فرصة سانحة لتسجيل الهدف الثاني‬ ‫رونالدو فوزهم على المنتخب المغربي في الدور األول من كأس العالم‬
‫خريطة كرة القدم العالمية آخذة في التغير مما يخلق تحديات جديدة‬ ‫بعدما سدد زياش كرة قوية مرت فوق مرمى حارس «السيليساو»‪،‬‬ ‫(‪ .)3-0‬ومع هذا الفوز غير المسبوق لمنتخب عربي ضد السيليساو أثبت‬
‫لقوى كرة القدم التقليدية‪».‬األمر لم يعد يتعلق بالمدارس اإليطالية‬ ‫تبعتها تسديدة أوناحي التي مرت جانبا من المرمى‪ ،‬لينتهي الشوط‬ ‫المنتخب المغربي‪ ،‬مرة أخرى أنه واحد من أعظم منتخبات كرة القدم‪،‬‬
‫أو اإلسبانية أو البريطانية‪ .‬كرة القدم الحديثة أصبحت معولمة»‪ .‬من‬ ‫األول بهدف لالشيء‪ .‬وأتيحت للنخبة الوطنية مع بداية الشوط الثاني‬ ‫والينبغي االستهانة به ويضرب له ألف حساب خالل المواعيد المقبلة‪.‬‬
‫جانبه يعتبر موقع ‪ UOL‬اإلخباري أنه «من غير العدل إلقاء اللوم على‬ ‫فرصة إلدراك الهدف الثاني بواسطة زياش الذي سدد كرة قوية مرت‬ ‫وبعد نهائيات كأس العالم المذهلة‪ ،‬حيث أبانوا على علو كعبهم من‬
‫المدرب المؤقت في الهزيمة غير المسبوقة ضد المغرب‪ .‬فقبل كل‬ ‫بجانب القائم األيسر‪ ،‬ورد المنتخب البرازيلي بهجمة لم تعط أكلها أمام‬ ‫البداية إلى النهاية‪ ،‬لم يفقد أشبال وليد الركراكي بريقهم‪ ،‬وقدموا‬
‫شيء‪ ،‬الخصم من العيار الثقيل على اعتبار أنه احتل المركز الرابع في‬ ‫ياسين بونو‪ .‬وعمد الناخب الوطني إلى إجراء تغيير اضطراري‪ ،‬بإقحام‬ ‫طبقا كرويا رائعا‪ .‬أمام البرازيل‪ ،‬لعب أسود األطلس دون عائق طوال‬
‫المونديال األخير‪ ،‬بينما انتهى فريق (المدرب السابق) تيتي في المرتبة‬ ‫يحيى عطية اهلل مكان أشرف حكيمي المصاب‪ .‬وأتيحت فرصة سانحة‬ ‫المباراة‪ ،‬بثقة كبيرة في قوتهم التي مكنتهم من التغلب على األسماء‬
‫السابعة‪ .‬وتابع الموقع البرازيلي‪ ،‬أن «المباراة جرت على أرض الخصم‪،‬‬ ‫لعزالدين أوناحي للتسجيل في الدقيقة (‪ )54‬وسدد كرة قوية تصدى‬ ‫الكبيرة في كرة القدم العالمية‪ ،‬مثل بلجيكا وإسبانيا والبرتغال‪ ،‬في‬
‫أمام حشد مأل الملعب لالحتفال باإلنجاز غير المسبوق لمنتخب عربي‬ ‫لها الحارس البرازيلي بصعوبة‪ .‬وأقدم المدرب الوطني على إحداث‬ ‫قطر‪ ،‬للوصول إلى دور األربعة في كأس العالم للمرة األولى‪ .‬وواصل‬
‫وإفريقي في قطر»‪ .‬أما صحيفة ‪ sportif Ge‬فعبرت عن األسف ألن‬ ‫تغييرات وأشرك عمران لوزا مكان بالل الخنوس وعبد الحميد الصابيري‬ ‫الالعبون المغاربة إظهار الروح القتالية وحالة ذهنية جيدة‪ ،‬مع تقديم‬
‫المنتخب البرازيلي لم يبدأ بعد «الدورة الجديدة الموعودة» مضيفة أن‬ ‫بدال من عز الدين أوناحي‪ ،‬ووليد شديرة مكان يوسف النصيري وعبد‬ ‫أقصى ما في جعبتهم‪ .‬وبما أنه ال تتغير تشكيلة فريق يفوز دائما‪ ،‬فقد‬
‫«هذه المباراة ال يمكن أن تشكل حتى انتقاال‪ :‬بين اإلحباط من اإلقصاء‬ ‫الصمد الزلزولي بدال من سفيان بوفال‪ .‬وتحركت اآللة الهجومية‬ ‫وثق وليد الركراكي في التشكيلة التي خاض بها المونديال‪ ،‬باستثناء‬
‫في ربع نهائي مونديال قطر والتوقعات حول وصول مدرب جديد‪ ،‬فإن‬ ‫للفريق البرازيلي حيث قاد الالعبون هجوما خاطفا أثمر تسجيل هدف‬
‫عناصر االنتقال لم تتوافر بعد»‪ .‬واختار المدرب رامون مينيزيس خطة‬ ‫بالل الخنوس الذي لعب أساسيا‪ ،‬بسبب غياب سليم أمالح المصاب‪.‬‬
‫التعادل عن طريق العميد كاسيميرو (د ‪ )67‬الذي سدد كرة لم تترك‬ ‫وخلق أسود األطلس مرة أخرى الحدث هذه المرة أمام البرازيل‪،‬‬
‫‪ 4-4-2‬بدون كرة‪ ،‬وأغلق باكيتا الجناح األيسر لحماية أليكس تيليس‬
‫أي حظ للحارس بونو‪ .‬وعاد الفريق الوطني في المباراة بقوة من خالل‬ ‫المنتخب األول في تصنيف الفيفا‪ ،‬بعدما تألقوا بقدراتهم ولعبهم‬
‫من هجمات حكيمي وزياش‪ ،‬ووفقا لليومية فإن االستراتيجية فشلت‬
‫تعزيز خطه الهجومي الذي أسفر عن مضاعفة النخبة الوطنية للغلة‬ ‫الجماعي المثير لإلعجاب‪ .‬األكيد أن المنتخب المغربي سيواصل التقدم‬
‫في نهاية المطاف‪ .‬وأوضح المصدر ذاته أن «المغرب‪ ،‬في المقابل‪ ،‬بدا‬
‫بواسطة عبد الحميد الصابيري الذي سدد كرة قوية هزت شباك حارس‬ ‫والتنافس مع الكبار‪ ،‬ليثبت أن ملحمة المونديال لم تكن مجرد ضربة‬
‫أكثر دينامية مدعوما بأكثر من ‪ 60‬ألف مشجع‪ ،‬وأظهر صاحب المركز‬
‫الرابع في النسخة المونديالية األخيرة شهية هجومية كبيرة في معظم‬ ‫منتخب البرازيل (د ‪ )79‬مدركا هدف الفوز التاريخي‪ .‬وبدأ المنتخب‬ ‫حظ‪ ،‬بل فصل جديد من تاريخ كرة القدم الوطنية‪.‬‬
‫األوقات»‪ .‬من جهتها‪ ،‬كتب ‪ O Globo‬أن «كل التوقعات برؤية الفريق‬ ‫فرض سيطرته الكاملة على اللعب‪ ،‬وخلق العديد من الفرص لكن دون‬ ‫كرونولوجيا المباراة ‪:‬‬
‫وهو يعود بعد مونديال قطر ‪ 2022‬ويبدأ مشواره نحو ‪ 2026‬على‬ ‫الوصول إلى شباك منتخب السامبا‪ ،‬وانتهت المباراة بتفوق المنتخب‬
‫حقق المنتخب الوطني المغربي فوزا تاريخيا على نظيره البرازيلي‬
‫نحو جيد قد تحطمت بعد الخسارة ‪ 2-1‬أمام المغرب في طنجة»‪« .‬لم‬ ‫الوطني على نظيره البرازيلي بهدفين لواحد‪.‬‬
‫بهدفين لواحد‪ ،‬في المباراة الودية التي جمعتهما‪ ،‬مساء السبت‬
‫يكن هناك بد من تلقي هذا اإلحباط‪ ،‬خاصة وأن هذه هي الهزيمة‬ ‫فوز األسود في الصحافة البرازيلية‪:‬‬ ‫الماضي على أرضية الملعب الكبير لمدينة طنجة‪ ،‬وقادها الحكم‬
‫األولى للبرازيل أمام المغرب‪ .‬لكن النتيجة مفهومة‪ ،‬بالنظر إلى الفجوة‬ ‫اعتبرت الصحافة البرازيلية أن فوز المغرب غير المسبوق على‬ ‫التونسي صادق السالمي‪ .‬وسجل هدفي المنتخب الوطني سفيان‬
‫في مستويات المنتخبين‪ ،‬منتخب متجانس واآلخر أخطأ بسبب غياب‬ ‫البرازيل (‪ ، )2-1‬في مباراة السبت في طنجة‪ ،‬عكس التفوق على أرض‬ ‫بوفال (د ‪ ،)29‬وعبد الحميد الصابيري (د ‪ ،)79‬فيما وقع هدف المنتخب‬
‫االنسجام»‪ ،‬حسب تقدير اليومية‪.‬‬ ‫الميدان ألسود األطلس وعمق خيبة أمل الجماهير البرازيلية بعد األداء‬ ‫البرازيلي كاسيميرو (د ‪ .)67‬ودخل المنتخب الوطني الشوط األول من‬
‫يذكر أن المنتخب الوطني خاض مباراة ودية ثانية يوم الثالثاء‬ ‫المتواضع في كأس العالم الماضية‪ .‬وكتبت العديد من وسائل اإلعالم‬ ‫المباراة وكله حرص على الخروج من هذا النزال الودي بأقل االضرار‬
‫الماضي على أرضية ملعب واندا ميتروبوليتانو بالعاصمة اإلسبانية‬ ‫أن الهيمنة المغربية كانت لدرجة أن «البرازيل كان عليها أن تعاني‬ ‫أمام منتخب قوي‪ ،‬ومارس ضغطا عاليا على حامل الكرة‪ ،‬وسد كل‬
‫مدريد‪ ،‬أمام منتخب البيرو وانتهت بالتعادل بدون أهداف‪ .‬وتدخل‬ ‫من ضغط الجمهور الذي رافق تيكي تاكا ألسود األطلس ضد المنتخب‬ ‫المنافذ‪ ،‬وفرض انتشارا جيدا في وسط الميدان وصنع هجمات منسقة‬
‫المباراتين في إطار استعدادات المنتخب الوطني لالستحقاقات المقبلة‪.‬‬ ‫المصنف أوال في ترتيب الفيفا»‪ .‬في استوديوهات ‪،ESPN Brasil‬‬ ‫بقيادة الدولي حكيم زياش وعزالدين أوناحي‪ .‬وسدد حكيم زياش في‬
‫‪24‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬ ‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫العدد‪ / 1196 :‬ال�سبت ‪� 01‬أبريــل ‪2023‬‬

‫كتابات في تاريخ‬
‫منطقة الشمال ‪:‬‬
‫(‪)1090‬‬
‫‪zougariousama@gmail.com‬‬ ‫�أ�سامـة الزكاري‬

‫القصر الكبير‪ :‬اكت�شاف خبايا مطفية اجلامع الأعظم‬


‫نهاية ثمانينيات القرن الماضي‪ ،‬ومقدما للمعطيات‬ ‫يندرج ص��دور هذا الكتاب سنة ‪ 2002‬في صلب‬
‫العامة المتعلقة بحقيقة المطفية‪ ،‬وهي المعطيات‬ ‫توجه جمعية البحث التاريخي واالجتماعي بالقصر الكبير‬
‫التي أثبت الباحث ‪-‬من خاللها‪ -‬أن األمر ال يتعلق ببناء‬ ‫للتوثيق ألعمال الحفريات التي أشرف عليها وأطرها‬
‫روماني‪ ،‬وإنما ببناء إسالمي أصيل‪ ،‬الشيء الذي أثبتته‬ ‫األستاذ محمد أخريف خالل السنوات الماضية‪ ،‬وقام‬
‫البعثة المغربية الفرنسية التي زارت هذا الموقع األثري‬ ‫بتعميم نتائجها على عدة منابر إعالمية ومتخصصة‪،‬‬
‫تحت إشراف األستاذين روني ريبوفا وعمر أكراز‪ .‬وقد‬ ‫قبل أن يعود إلى تجميع محتوياتها في العمل موضوع‬
‫قدم األستاذ أخريف وصفا دقيقا لمكونات المطفية‬ ‫هذا التقديم‪ .‬وكما هو واضح من العنوان‪ ،‬فإن األمر‬
‫المذكورة‪ ،‬مركزا على تبيان مختلف المعطيات المرتبطة‬ ‫يتعلق باالكتشاف الهام الذي حققه األستاذ أخريف‬
‫باالرتفاع وبوضعية األقواس وبنوعية مواد البناء والطالء‬ ‫بخصوص خبايا مطفية الجامع األعظم بالقصر الكبير‪،‬‬
‫المستعمل‪ .‬وانطالقا من هذا الوصف‪ ،‬انتهى إلى جملة‬ ‫وهي المطفية التي ظلت لغزا حير الباحثين والساكنة‬
‫من االستنتاجات أعادت األمور إلى نصابها بعد أن أثبتت‬ ‫عبر العصور الماضية بعد أن تباينت حولها الروايات‬
‫أن «المطفية ‪-‬يقول المؤلف‪ -‬بناء أُنشئ من أجل خزن‬ ‫والحكايات‪ ،‬مضفية عليها هالة أسطورية تداخل فيها‬
‫المياه‪ ،‬رغم أن بعض األقوال تذهب إلى أنه كان خزانا‬ ‫الخيال مع الواقع‪ ،‬والزالت الذاكرة الشعبية تربطها ‪-‬إلى‬
‫للحبوب في عهد الرومان‪ ،‬وأخرى تذهب إلى كونه كان‬ ‫اليوم‪ -‬بفضاءات العوالم الالمرئية‪ .‬وقد استمرت هذه‬
‫معبدا لهم‪ ،‬غير أن الراجح في رأيي هو االحتمال األول»‬ ‫الحكايات في التناسل إلى أن اكتشفت حقيقة المطفية‬
‫(ص‪ .)20.‬وقد استدل على ذلك بمجموعة من الشواهد‬ ‫المذكورة أثناء اإلصالحات التي قام بها المجلس البلدي‬
‫والدالئل المادية األثرية الملموسة التي لم تترك أي‬ ‫في الجامع األعظم خالل الفترة المتراوحة بين سنتي‬
‫مجال للشك حول حقيقة أصل مطفية الجامع األعظم‬ ‫‪ 1986‬و‪.1992‬‬
‫بالقصر الكبير وحول التاريخ الصحيح لبنائها‪ .‬وبذلك‪،‬‬ ‫ولتنظيم عملية االستغالل األركيولوجي لهذا‬
‫انجلت التخوفات والتفسيرات األسطورية التي كانت‬ ‫االكتشاف‪ ،‬لم يكتف الباحث أخريف بتجميع المادة‬
‫لدى ساكنة المدينة بعد أن تأكد الجميع بأن البناء غير‬ ‫المصدرية المطبوعة والروايات األسطورية المتداولة‪،‬‬
‫متصل ال بنهر لوكوس وال بالصومعة‪ ،‬وبأنها ال تحتوي‬ ‫ولكنه نزل مباشرة إلى الميدان قصد إضفاء مواصفات‬
‫على أي شيء غريب وأن مساحتها تقدر بحوالي ‪66.96‬‬ ‫إجرائية على تساؤالته وإشكاالته بخصوص هذا‬
‫مترا‪.‬‬ ‫الموضوع‪ ،‬وجمع نتائج ذل��ك في الملحق الثقافي‬
‫األستاذ محمد أخريف‬
‫وبهذه االجتهادات‪ ،‬قدم محمد أخريف عمال فريدا‬ ‫والتاريخي واالجتماعي بكتاب «القصر الكبير يخلد‬
‫من نوعه‪ ،‬ليس فقط على مستوى استنتاجاته العامة‪،‬‬ ‫فقد حاول األستاذ محمد أخريف تقديم ‪-‬من خاللها‪-‬‬ ‫ذكرى عيد العرش المجيد»‪ ،‬الصادر بمناسبة الذكرى‬
‫ولكن ‪-‬كذلك‪ -‬على مستوى أشكال توظيفه للفعاليات‬ ‫رؤية متكاملة لمحاور الدراسة‪ ،‬قصد تكييفها مع ضرورات‬ ‫التاسعة والعشرين لتربع الملك الراحل الحسن الثاني‬
‫الجمعوية‪ ،‬ولإلمكانات الرسمية المحلية‪ ،‬وللطاقات‬ ‫االنفتاح على جميع األدوات المنهجية الممكنة لدراسة‬ ‫على العرش‪ .‬وإذا كان محمد أخريف قد قرر إعادة طبع‬
‫العلمية المتخصصة‪ ،‬لتقديم عمل نبيل في أهدافه‪،‬‬ ‫الموضوع المطروح‪ ،‬سواء على المستوى النظري أم على‬ ‫نتائج بحثه األركيولوجي هذا‪ ،‬فذلك راجع لعدة اعتبارات‬
‫دقيق في آليات تنقيبه‪ ،‬واضح في رؤاه وفي أهدافه‪ ،‬ثم‬ ‫المستوى التطبيقي‪ ،‬بشكل يسمح بتصحيح الروايات‬ ‫منهجية أرجعها المؤلف إلى أهمية االكتشاف األثري‬
‫فاتح إلمكانات تطوير االهتمامات التاريخية لدى المؤلف‬ ‫المتداولة وبإعادة تركيب الوقائع والمعطيات التاريخية‪.‬‬ ‫المذكور الذي يرجع إلى الفترة اإلسالمية والذي يحسم‬
‫ولدى أطر جمعية البحث التاريخي واالجتماعي بالقصر‬ ‫ولذلك‪ ،‬فقد توقف المؤلف ‪-‬ف��ي البداية‪ -‬للتذكير‬ ‫‪-‬نهائيا‪ -‬في عدم صحة أسطورة الكنيسة التي ظل‬
‫الكبير‪ .‬ولعل من أهم ما أضاف قيمة استثنائية على‬ ‫باألساطير التي نسجت حول مطفية الجامع األعظم‪،‬‬ ‫العديد من الباحثين يعتقدون بوجودها تحت الجامع‪،‬‬
‫نتائج هذا العمل أن المؤلف ‪-‬وعلى الرغم من قطعية‬ ‫والتي تعددت حولها اآلراء والتفسيرات‪« .‬فهناك ‪-‬يقول‬ ‫وإلى فقدان الطبعة األولى لإلصدار المشار إليه أعاله‪،‬‬
‫العديد من نتائج البحث األركيولوجي الميداني‪ -‬فقد‬ ‫محمد أخريف‪ -‬من يرجعها إلى العصور الرومانية‪ ،‬رابطا‬ ‫وإلى أهمية إب��راز مساهمة بعض األط��راف في إنجاز‬
‫حرص في مواقع شتى على استخدام ألفاظ وأوصاف‬ ‫إياها بدير لعبادة الشمس‪ .‬وهناك من يربطها بالديانة‬ ‫هذا العمل والتي تم وقع إغفالها في اإلصدار المذكور‪،‬‬
‫وصيغ تعبيرية نسبية في حمولتها المعرفية من قبيل‬ ‫المسيحية‪ ،‬جاعال منها كنيسة تحت الجامع‪ ،‬وهناك من‬ ‫وإلى ضرورة إضافة بعض المعلومات التي أُغفلت سابقا‬
‫مثال‪« :‬أُعتقد»‪« ،‬أُرجح»‪« ،‬قد أكون على غير حق فيما‬ ‫يجعل منها مسجدا قديما أسفل الجامع الحالي‪ ،‬إضافة‬ ‫أو إلى التنبيه إلى ض��رورات ضبط وتدقيق وتصحيح‬
‫أذهب إليه»‪ ...،‬الشيء الذي يترك المجال واسعا أمام كل‬ ‫إلى أقوال أخرى حول مساحتها وأبعادها‪ ،‬تجزم أنها‬ ‫البعض اآلخر منها‪ ،‬ثم إلى تضمين العمل مجموعة من‬
‫إمكانيات تطوير الدراسة وربطها بنتائج أبحاث ميدانية‬ ‫توجد أسفل الجامع األعظم بأجمعه‪ ،‬وأنها متصلة بنهر‬ ‫الصور التوثيقية الملونة بشكل يساهم في تعزيز المتن‬
‫أخرى يمكن أن تشمل مواقع أثرية قديمة بمدينة القصر‬ ‫لوكوس «الواد الجديد» على امتداد حوالي كلم واحد‪،‬‬ ‫الوصفي والتحليلي وفي تقريب المعطيات والتخريجات‬
‫الكبير‪ ،‬سواء منها تلك المنتمية لموقع أوبيدوم نوفوم‬ ‫مفسرين ذلك بكثرة المياه فيها خصوصا وأن مكانا في‬ ‫من ذهن المتلقي‪.‬‬
‫الروماني أو لموقع قصر كتامة اإلسالمي‪ ،‬وهي المواقع‬ ‫النهر على يسار القنطرة أثناء توجهنا إلى الرباط يطلق‬ ‫تتوزع مضامين الكتاب بين أربعة أقسام متطابقة‪،‬‬
‫التي تشكل وجهان لموقع واحد تعتبر المدينة الحالية‬ ‫عليه «المحراب»‪ ،‬كان سببا في غرق عدد ليس بالقليل‬ ‫غطت ما مجموعه ‪ 100‬من الصفحات ذات الحجم الكبير‪،‬‬
‫مجاله العام‪ .‬وال شك أن عمال بمثل هذه المواصفات لن‬ ‫من الشباب‪ .‬وفي مخيلة الساكنة القصرية‪ ،‬أن هذا‬ ‫وقد احتوى القسم األول على النص العربي لنتائج‬
‫يعمل إال على إثارة انتباه الفاعلين الثقافيين والجمعويين‬ ‫المكان متصل بمطفية الجامع‪ ،‬التي تحتوي على ضفادع‬ ‫الدراسة المذكورة‪ ،‬واحتوى القسم الثاني على ترجمة‬
‫والباحثين المتخصصين قصد تنظيم واستثمار الجهود‬ ‫مخيفة وأسماك غريبة‪ ،‬رابطين إياها باألرواح الشريرة‬ ‫فرنسية لهذا النص‪ ،‬في حين احتوى القسم الثالث على‬
‫المشتتة هنا وهناك‪ ،‬وتوجيهها بشكل يسد الثغرات‬ ‫والعوالم األخرى‪( .»...‬ص‪ .)8.‬وبعد إثارته لهذه الجوانب‬ ‫الترجمة اإلسبانية لنفس العمل‪ .‬أما القسم الرابع‪ ،‬فقد‬
‫الكبرى التي الزالت تكتنف حقل الدراسات القطاعية‬ ‫األسطورية في المطفية المدروسة‪ ،‬انتقل المؤلف‬ ‫احتوى على جملة من الوثائق ومن الصور المرفقة بالمتن‬
‫والمونوغرافية المرتبطة بعمليات البحث والتنقيب حول‬ ‫إلى توضيح دوافع اكتشافه العلمي‪ ،‬مركزا على ترتيب‬ ‫األصلي‪ ،‬والتي ساهمت في إضاءة الموضوع من مختلف‬
‫مختلف مجاالت الماضي العريق لمدينة القصر الكبير‪.‬‬ ‫مختلف المراحل التي مرت منها عمليات االكتشاف خالل‬ ‫جوانبه‪ .‬وبخصوص المضامين المعرفية لهذا المتن‪،‬‬

You might also like