You are on page 1of 25

‫مجلة دراسات تارٌخٍة– العذد‪( 535‬كانىن الثانً‪-‬حسٌران) و‪(536‬تمىز‪-‬كانىن األول) لعام ‪5439‬هـ‪7152/‬م‬

‫السياسة الداخلية للمغرب األقصى‬


‫يف عهد السلطان أمحد املنصور السعدي (‪)8061-8751‬‬

‫أ‪.‬د‪ .‬عقيل منري‬

‫‪597‬‬
‫عقٍل نمٍر‬ ‫السٍاسة الذاخلٍة للمغرب األقصى فً عهذ السلطان أحمذ المنصىر السعذي‪...‬‬

‫السياسة الداخلية للمغرب األقصى‬


‫يف عهد السلطان أمحد املنصور السعدي (‪)8061-8751‬‬

‫أ‪.‬د‪ .‬عقيل منري‬

‫مخطط البحث‪:‬‬
‫أولا‪ :‬مقدمة حول البحث والمغرب األقصى‪:‬‬
‫أ‪ -‬اليدف عن البحث واشكاليتو ومنيجو والمصادر والمراجع‪.‬‬
‫ب‪ -‬مقدمة عامة عن المغرب األقصى قبيل تسمم السمطان أحمد المنصور السمطة‪.‬‬
‫ثاني ا‪ :‬السمطان المنصور السعدي وسياسته الداخمية عمى الصعد كمّها‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعريف بالسمطان أحمد المنصور السعدي‪.‬‬
‫ب‪ -‬سياسة أحمد المنصور السعدي الداخمية وتتضمن ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬التنظيمات اإلدارية لمدولة السعدية في عيد أحمد المنصور السعدي‪.‬‬
‫أً‪ -‬اإلدارة المركزية‪.‬‬
‫ب‪ -‬اإلدارة اإلقميمية‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -2‬الحياة االجتماعية لممغرب األقصى في عيد السمطان أحمد المنصور‪.‬‬
‫‪ -3‬الحياة االقتصادية لممغرب األقصى في عيد السمطان أحمد المنصور‪.‬‬
‫‪ -4‬الحياة الفكرية لممغرب األقصى في عيد السمطان أحمد المنصور‪.‬‬
‫‪ -5‬الحياة العمرانية لممغرب األقصى في عيد السمطان أحمد المنصور‪.‬‬
‫‪ -6‬الحياة العسكرية لممغرب األقصى في عيد السمطان أحمد المنصور‪.‬‬
‫‪ -7‬األوضاع المالية لممغرب األقصى في عيد السمطان أحمد المنصور‪.‬‬
‫‪ -8‬الثورات التي قامت ضد السمطان أحمد المنصور‪.‬‬
‫‪ -9‬نياية حكم السمطان أحمد المنصور ووفاتو‪.‬‬
‫ثالث ا‪ :‬الخاتمة‪ :‬أهم النقاط التي توصل إليها البحث‪.‬‬

‫‪598‬‬
‫مجلة دراسات تارٌخٍة– العذد‪( 535‬كانىن الثانً‪-‬حسٌران) و‪(536‬تمىز‪-‬كانىن األول) لعام ‪5439‬هـ‪7152/‬م‬

‫أولا‪ :‬مقدمة حول البحث والمغرب األقصى‪:‬‬

‫أ‪ -‬الهدف من البحث واشكاليته ومنهجه والمصادر والمراجع‪:‬‬

‫الهدف من البحث‪:‬‬

‫ىدف البحث إلى تسميط الضوء عمى شخصية تاريخية وطدت أركان الدولة السعدية‬
‫في المغرب األقصى بين عامي ‪1578‬و‪ 1663‬من خالل قمع التمردات الداخمية التي‬
‫قامت ضد السمطة سواء بين القبائل‪ ،‬أو من قبل بعض أفراد األسرة السعدية الحاكمة ىذا‬
‫من الجانب الداخمي‪ .‬أما خارجياً فقد استطاع السمطان أحمد المنصور أن يفيد من‬
‫حنكتو السياسية في تجنيب المغرب خسارة مناطق أخرى منو لصالح إسبانيا أو الدولة‬
‫العثمانية ممثمة في حكومتيا الموجودة في الجزائر‪.‬‬

‫أفاد المنصور من تشديد قبضتو عمى مفاصل الدولة السعدية في االىتمام بباقي‬
‫جوانب الحياة اإلنسانية عمى الصعد كميا‪ :‬السياسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬واالقتصادية‪،‬‬
‫والفكرية‪ ،‬والعمرانية والعسكرية؛ مما جعل من المغرب بحق دولة مرىوبة الجانب‪.‬‬

‫إن الدراسات العممية التي تناولت ىذه الشخصية وسياستيا الداخمية قميمة‪ ،‬وىي غير‬
‫موجودة عمى مستوى مراكز البحث والجامعات السوريا‪ ،‬لذلك وجدت في دراسة السياسة‬
‫الداخمية ليذه الشخصية فرصة مناسبة لسد النقص الذي تحتاج إليو مراكز البحث‬
‫والباحثون والطالب في جامعاتنا السورية‪.‬‬

‫إشكالية البحث‪:‬‬

‫تتمحور اإلشكالية في البحث حول اإلجابة عن مجموعة من التساؤالت التي نمخصيا بما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬كيف استطاع السمطان أحمد المنصور أن يوظف خبرتو اإلدارية والسياسية‪ -‬التي اكتسبيا‬
‫خالل إقامتو في استانبول‪ -‬في إدارة المغرب األقصى في جميع المجاالت ونجاحو في ذلك‪.‬‬

‫‪593‬‬
‫عقٍل نمٍر‬ ‫السٍاسة الذاخلٍة للمغرب األقصى فً عهذ السلطان أحمذ المنصىر السعذي‪...‬‬

‫‪ -‬كيف استطاع السمطان أحمد المنصور أن يجنب المغرب األطماع العثمانية ممثمة بحكومتيا‬
‫في الجزائر المجاورة‪ ،‬مع أنو أسس جيشاً جديداً أغمب قياداتو وعناصره كانوا من األتراك‬
‫العثمانيين حيث كان التأثير العثماني واضحاً في المباس والتسميح‪ ،‬ولكنو استطاع مع ذلك أن‬
‫يجنب المغرب األقصى ىذه األطماع‪.‬‬

‫‪ -‬قرب السمطان أحمد المنصور العمماء واألدباء المغاربة واتصل مع عمماء من المشرق العربي‪،‬‬
‫وخاصة من سوريا ومصر‪ ،‬وىذا يدل عمى الطابع العروبي في توجياتو‪ ،‬إذ أفاد من ىؤالء في‬
‫تطوير الحياة الفكرية التي وضع أسسيا وشجعيا بحيث أصبح المغرب األقصى مرك اًز أدبياً‬
‫يقصده األدباء والعمماء من شتى أنحاء العالم‪ ،‬ثم كيف نجح المنصور في قيام ىؤالء العمماء‬
‫خاصة من مصر والشام في الدعاية لو ألن يكون خميفة المسممين بدالً من السمطان‬
‫العثماني‪ ،‬وبالتالي بأحقيتو في إعالن ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬لماذا بنى المنصور قصر البديع الذي يعد‪ -‬كما وصفو معاصروه‪ -‬تحفة فنية تضاىي أثار‬
‫المسممين في الشام واألندلس والدولة العثمانية‪ ،‬أليس من أجل تخميد اسمو وأسرتو في التاريخ؟‬
‫مع أنو كان يعرف أن ىذا القصر سيكمفو مبالغ كبيرة لن تكفييا خزينة المغرب؛ األمر الذي‬
‫دفعو إلى احتالل السودان عام ‪.1591‬‬

‫ىذه التساؤالت جميعيا التي تؤلف إشكالية البحث أجيب عنيا من خالل عرضنا لجوانب‬
‫الحياة المغربية كميا في عيد السمطان أحمد المنصور‪ :‬إدارياً‪ ،‬وسياسياً‪ ،‬واجتماعياً‪ ،‬واقتصادياً‪،‬‬
‫وفكرياً وعسكرياً‪.‬‬

‫المنهج المتبع في البحث‪:‬‬

‫اعتمد البحث عمى المنيج الوصفي والتحميمي لألحداث ومقارنتيا ببعضيا‪ ،‬واستنتاج‬
‫المعمومات التي تخدمو‪ ،‬إذ قام البحث بربط األحداث بمسبباتيا‪.‬‬

‫‪593‬‬
‫مجلة دراسات تارٌخٍة– العذد‪( 535‬كانىن الثانً‪-‬حسٌران) و‪(536‬تمىز‪-‬كانىن األول) لعام ‪5439‬هـ‪7152/‬م‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫اعتمد البحث عمى مصادر أصمية معاصرة لمسمطان أحمد المنصور والسيما ‪ :‬الناصري‪،‬‬
‫والفشتالي واليفرني‪ ،‬وعمى مراجع حققت ليذه المصادر خاصة مثل‪ :‬السيد عبد الكريم كريم الذي حقق‬
‫بعض ما كتبو الفشتالي‪ .‬وكذلك ىناك المؤرخ الفرنسي ىنري تيراس الذي اعتمد عمى مصادر مقربة‬
‫من السمطان أحمد‪ ،‬فضالً عن بعض المراجع الحديثة التي نقمت عن ىذه المصادر‪.‬‬
‫ب‪ -‬مقدمة عامة عن المغرب األقصى قبيل تسمم السمطان أحمد المنصور لمسمطة‪:‬‬
‫ما أن بدأ المغرب األقصى يستعيد عافيتو وقوتو في عيد مؤسس األس ةر السعدية محمد الشيخ‬
‫السعدي حتى عاد لمفوضى‪ ،‬وذلك بعد أن أقدم ابنو وخميفتو موالي عبد اهلل الغالب باهلل (‪-1557‬‬
‫‪ ،)1574‬الذي اتصف بقساوة القمب إزاء أسرتو إذ أقدم عمى قتل بعضيم‪ ،‬وىرب ثالثة من إخوتو‬
‫وىم‪ :‬عبد الممك وأحمد المنصور وعبد المؤمن إلى استانبول عاصمة الدولة العثمانية‪.)1‬‬
‫وقد اكتسب أحمد المنصور من إقامتو في استانبول خبرة في المسائل السياسية‬
‫والدولية‪ ،‬واحتك مع سفراء وقناصل الدول األوروبية فييا‪ ،‬واطمع عمى أحوال الدول‬
‫األوروبية وما يجري بينيا من منافسات من أجل السيطرة عمى الحوض الغربي لممتوسط‬
‫وتيديد الدولة العثمانية وطردىا من شمال إفريقيا‪.)2‬‬
‫ش ا ااارك أحم ا ااد المنص ا ااور ف ا ااي معرك ا ااة وادي المخ ا ااازن الت ا ااي وقع ا اات ع ا ااام‪،)3 1578‬‬
‫أو م ا ااا أطم ا ااق عميي ا ااا معرك ا ااة المم ا ااوك الثالث ا ااة (عب ا ااد المم ا ااك‪ ،‬والمتوك ا اال‪ ،‬وسيباس ا ااتيان)‪،‬‬

‫فارس‪ ،‬محمد خير‪ ،‬عامر‪ ،‬محمود‪ :‬تاريخ المغرب العربي الحديث‪ ،‬المغرب األقصى‪ ،‬ليبيا‪ ،‬منشورات‬
‫‪-)1‬‬

‫جامعة دمشق ‪ ،2664-2663‬ص‪.47‬‬


‫‪2(-‬‬
‫‪Terrasse, Henri : Histoire du Maroc des origines à l'établissement du‬‬
‫‪protectorat Français, éditions atlantique, Casablanca 1947, p.190.‬‬
‫جرت ىذه المعركة عمى األراضي المغربية في منطقة وادي المخازن عام ‪ 1578‬وذلك بين ممك‬
‫‪-)3‬‬

‫البرتغال سيباستيان وحميفو المتوكل ابن أخ عبد الممك وبين عبد الممك وأحمد المنصور من الجانب‬
‫المغربي‪ ،‬وانتصر فييا المغرب وتوفي القادة الثالث عبد الممك سمطان المغرب والمتوكل وسيباستيان‬
‫ممك البرتغال‪ ،‬وأطمق عمييا بعض المؤرخين األوروبيين معركة المموك الثالث‪ ،‬وعمى إثر ىذا‬
‫االنتصار بويع أحمد المنصور سمطاناً عمى أرض المعركة‪.‬‬

‫‪599‬‬
‫عقٍل نمٍر‬ ‫السٍاسة الذاخلٍة للمغرب األقصى فً عهذ السلطان أحمذ المنصىر السعذي‪...‬‬

‫وبحنكتا ااو السياسا ااية اس ا ااتطاع إخفا اااء خب ا اار وف ا اااة أخي ا ااو عب ا ااد المم ا ااك ف ا ااي المعرك ا ااة خشا ااية قم ا ااب‬
‫االنتص ا ااار المغرب ا ااي إل ا ااى ىزيم ا ااة‪ ،‬وبوي ا ااع أحم ا ااد المنص ا ااور س ا اامطاناً عم ا ااى المغ ا اارب األقص ا ااى‬
‫عشية انتياء المعركة‪ ،‬إذ كان وصولو إلى الحكم أحد أىم نتائج ىذه المعركة‪.‬‬

‫دخ ا اال الس ا اامطان أحم ا ااد المنص ا ااور إل ا ااى مدين ا ااة ف ا اااس عاص ا اامة الدول ا ااة الس ا ااعدية ف ا ااي‬
‫‪ 15‬آب عا ااام ‪ 1578‬حيا ااث جا ااددت فا اااس وشا ااعبيا البيعا ااة لا ااو‪ ،‬واعتا اارف لا ااو بالقيا ااادة‬
‫ف ا ااي أنح ا اااء المغ ا اارب كمي ا ااا‪ ،)1‬ف ا اااذا ك ا ااان وال ا ااده محم ا ااد الش ا اايخ ى ا ااو المؤس ا ااس الحقيق ا ااي‬
‫لمدولا ااة السا ااعدية و ارسا اام سياسا ااتيا الداخميا ااة والخارجيا ااة‪ ،‬ف ا اان ابن ا او أحما ااد المنصا ااور ىا ااو‬
‫ال ا ااذي وطا ا ا ةد ى ا ااذه السياسا ا ااة ف ا ااي الاا ااداخل والخاا ااارج‪ ،‬وظيا ا اار ذلاا ااك جميا ا ااً إذ كاا ااان رجا ا اال‬
‫السا ا اااعة وقا ا ااد اسا ا ااتطاع بخبرتا ا ااو وحنكتا ا ااو السياسا ا ااية أن يا ا ااداري وي ارعا ا ااي جميا ا ااع الا ا اادول‬
‫األوروبيا ااة الطامع ا ااة فا ااي المغ ا اارب األقص ا ااى دون أن يفا اارط بش ا اابر م ا اان أ ارض ا اايو‪ ،‬وأبق ا ااى‬
‫األم ا ااور كم ا ااا كان ا اات ف ا ااي عي ا ااد وال ا ااده‪ ،‬حاصا ا ا اًر إس ا اابانيا ف ا ااي بع ا ااض المواق ا ااع الس ا اااحمية‪،‬‬
‫وق ا ااد أف ا اااد م ا اان الصا ا اراع ال ا اادولي وخاص ا ااة ب ا ااين إس ا اابانيا وبريطاني ا ااا‪ ،‬وك ا ااان ي ا اادخل ت ا ااارة‬
‫بتح ا ااالف م ا ااع بريطاني ا ااا ض ا ااد إس ا اابانيا‪ ،‬وت ا ااارة أخ ا اارى بتح ا ااالف م ا ااع إس ا اابانيا ليبع ا ااد ش ا اابح‬
‫أطماع األتراك العثمانيين المحتمين لمجزائر عن حدود المغرب األقصى الشرقية‪.‬‬

‫تسا ا ااتحق ىا ا ااذه الشخصا ا ااية التاريخيا ا ااة العظيما ا ااة أن نسا ا اامط الضا ا ااوء عمييا ا ااا ونعا ا اارف‬
‫الظا ا ااروف الداخميا ا ااة والخارجيا ا ااة التا ا ااي سا ا اااعدتيا عما ا ااى رسا ا اام سياسا ا ااة داخميا ا ااة وخارجيا ا ااة‬
‫لممغا اارب األقصا ااى لتجعا اال منا ااو دولا ااة قويا ااة مرىوبا ااة الجانا ااب؛ خطا ااب األوروبي ا اون ودىا ااا‬
‫خ ا ا ااالل م ا ا اادة حك ا ا اام الس ا ا اامطان أحم ا ا ااد المنص ا ا ااور الت ا ا ااي امت ا ا اادت ب ا ا ااين ع ا ا ااامي ‪-1578‬‬
‫‪ .1663‬وبداي ا ا اةً البا ا ااد ما ا اان التعريا ا ااف بيا ا ااذه الشخصا ا ااية التا ا ااي طبعا ا اات تا ا اااريخ المغا ا اارب‬
‫األقصى بطابعيا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪)-Terrasse : Op, cit., p. 191-192.‬‬

‫‪644‬‬
‫مجلة دراسات تارٌخٍة– العذد‪( 535‬كانىن الثانً‪-‬حسٌران) و‪(536‬تمىز‪-‬كانىن األول) لعام ‪5439‬هـ‪7152/‬م‬

‫ثاني ا‪ :‬السمطان المنصور السعدي وسياسته الداخمية عمى الصعد كمّها‪:‬‬

‫أ‪ -‬تعريف بالسمطان أحمد المنصور السعدي‪:‬‬

‫ىو أبو العباس أحمد المنصور السعدي‪ ،‬لقب بالذىبي بعد غزو سوتغاي في السودان‬
‫(القارة السوداء) لكثرة الذىب الذي جمبو منيا‪ .)1‬ولد أحمد المنصور بمدينة فاس عاصمة‬
‫المغرب في عام ‪1549‬م‪ ،‬والده محمد الشيخ بن محمد القائم بأمر اهلل الزيدني الحسني‬
‫السعدي مؤسس األسرة السعدية‪ ،‬والدتو مسعودة بنت الشيخ أبي العباس أحمد بن عبد‬
‫اهلل‪ ،‬بويع حاكماً عمى المغرب‪ -‬كما ذكر سابقًا‪ -‬في ساحة معركة وادي المخازن‪ .)2‬اكتسب‬
‫السمطان أحمد المنصور– كما أسمفنا‪ -‬في أثناء إقامتو في عاصمة الدولة العثمانية خبرة‬
‫بالمسائل السياسية والدولية وقضايا البحر األبيض المتوسط والسيما حوضو الغربي‪ ،‬وتجمت ىذه‬
‫الخبرة في سياستو الداخمية التي شممت نواحي الحياة جميعيا‪.‬‬

‫ب‪ -‬سياسته الداخمية‪:‬‬

‫عرضت في ىذه النقطة ما قام بو السمطان أحمد المنصور من خطوات مكنت‬


‫المغرب داخمياً وخارجياً‪ ،‬وكانت دولتو منظمة وخاصة إدارياً‪ ،‬ويقودىا رجل ليس حازماً‬
‫فحسب بل لديو خبرة في اإلدارة‪ ،‬وىذا الرجل كان رجل الساعة آنذاك‪.‬‬

‫من أىم ما عرف عن أحمد المنصور تنظيماتو اإلدارية‪ ،‬وقد أكد عمى ذلك المؤرخ‬
‫الفشتالي بقولو‪ ....." :‬كان المنصور متطمعاً ألخبار النواحي باحثاً عنيا غير متراخ في‬
‫قراءة ما يرد عميو من رسائل من عمالو‪ ،‬وال يبطئ في الجواب ويقول‪ :‬كل شيء يقبل‬
‫التأخير إال مجاوبة العمال عمى رسائميم‪ ،‬وكان لو عيون في جميع أنحاء المغرب‪ ،‬فمو‬

‫الحموي‪ ،‬يوسف‪ " :‬مقالة عن أعالم مغاربة من التاريخ‪، "،‬جريدة المساء‪ ،‬المغرب ‪.2612/7/27‬‬
‫‪- )1‬‬

‫ويكيب ااديا‪ ،‬الموس ااوعة الحا ارة‪ :‬المنت اادى العرب ااي لم اادفاع والتس ااميح‪ ،‬الموض ااوع ع اان ش اامال إفريقي ااا‪ ،‬ت اااريخ‬
‫‪- )2‬‬

‫‪.2616/12/11‬‬

‫‪644‬‬
‫عقٍل نمٍر‬ ‫السٍاسة الذاخلٍة للمغرب األقصى فً عهذ السلطان أحمذ المنصىر السعذي‪...‬‬

‫من رجالو المصطفين عمى كل مرقبة رصداء‪ ،‬وعمى كل ثنية نقباء‪ ،‬وفي كل خموة وخموة عيون‬
‫حفظة‪ ،‬موكمين بنقل ما يحدث من قصة أو خبر‪ ،‬أو يدور عمى األلسنة من كالم أو ىذر‪.)1"....‬‬
‫كان المنصور شديد الحذر في اإلدارة‪ ،‬وفي سبيل ذلك اخترع أشكاالً من الخط‬
‫العربي عمى عدد حروف المعجم يكتب بيا ما يريد االطالع من أس ارره وميمات أموره‬
‫وأخباره‪ ،‬وال يفيمو غيره حتى لو وقع ذلك في يد عدوه‪ .‬كما وفق المنصور في التنظيم‬
‫اإلداري لمدولة بين التأثيرات العثمانية والتقاليد المغربية‪.)2‬‬
‫‪ -1‬التنظيمات اإلدارية لممغرب األقصى في عهد السمطان أحمد المنصور‪:‬‬
‫يمكننا أن نميز بين نوعين من ىذه التنظيمات ىما‪ :‬اإلدارة المركزية واإلدارة اإلقميمية‪:‬‬
‫أا‪ -‬اإلدارة المركزية‪:‬‬
‫كانت اإلدارة المركزية لمدولة السعدية مكونة من عدد من العناصر‪ ،‬وذلك عمى النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬السمطان‪ :‬يحتل السمطان أحمد المنصور مركز الصدارة في جياز الحكم‪ ،‬إذ كان يعد‬
‫أعمى سمطة في ىذا الجياز‪ ،‬وقد حمل المنصور لقب الخميفة كغيره من الحكام‬
‫السعديين‪ ،‬وذلك إلثبات أحقيتيم بخالفة المسممين بدالً من األتراك العثمانيين‪ ،‬بحكم‬
‫أصميم المنحدر من ساللة الرسول الكريم (ص)‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجب‪ :‬كان الحاجب يكمف بتنظيم العالقات بين السمطان أحمد وباقي الموظفين‬
‫الكبار في الدولة السعدية‪.‬‬
‫‪ -‬الوزير‪ :‬وىو بمثابة الوزير األول (رئيس الوزراء حالياً)‪ ،‬وكانت ميمتو تنظيم السياسة العامة‬
‫لمبالد وتنفيذىا‪.‬‬

‫الفشتالي‪ ،‬عبد العزيز‪ :‬مناىل الصفا في مآثر موالينا الشرفا‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد الكريم كريم‪ ،‬مطبوعات‬
‫‪-)1‬‬

‫و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية الثقافية‪ ،‬المغرب ‪ ،1972‬ص‪.267‬‬


‫فارس‪ ،‬محمد خير‪ :‬تاريخ المغرب الحديث والمعاصر‪ ،‬منشورات جامعة دمشق ‪ ،2663-262‬ص‪.68-67‬‬
‫‪- )2‬‬

‫‪644‬‬
‫مجلة دراسات تارٌخٍة– العذد‪( 535‬كانىن الثانً‪-‬حسٌران) و‪(536‬تمىز‪-‬كانىن األول) لعام ‪5439‬هـ‪7152/‬م‬

‫‪ -‬كاتب السر‪ :‬وىو الكاتب الخاص لمسمطان أحمد المنصور‪ ،‬والمسؤول عن ضبط مراسالت‬
‫السمطان الداخمية والخارجية‪ ،‬وكان يساعده عدد من الكتاب‪.‬‬
‫‪ -‬صاااحب خ ازائن الاادار‪ :‬وىااو بمن لزاة وزياار الماليااة اليااوم‪ ،‬ويكمااف بالسااير عمااى ضاابط مااداخيل الدولااة‬
‫السعدية ومصروفاتيا‪.‬‬
‫‪ -‬أصحاب المشورة‪ :‬وىم الييئة االستشارية التي يمجأ إلييا السامطان عنادما يناوي اتخااذ بعاض القا اررات‪،‬‬
‫وكانت مكونة من عدة شخصيات متنفذة عدة مثل‪ :‬قادة الجيش‪ ،‬الفقياء وزعماء بعض القبائل‪.‬‬
‫‪ -‬صاحب المظالم‪ :‬وكان يوكل إليو تمقي الشكاوى من المواطنين ورفعيا إلى السمطان أحمد‬
‫المنصور لمبت فييا‪.)1‬‬
‫ب‪ -‬اإلدارة اإلقميمية‪:‬‬
‫ً‬
‫قام السمطان أحمد المنصور بتقسيم المغرب األقصى إلى اثنتي عشرة والية أو إقميماً أسند‬
‫إدارتيا لرجال يثق بيم‪ ،‬إذ كان عمى رأس كل منيا عامل بمنزلة نائب عنو في اإلقميم‪ ،‬وكان يتمتع‬
‫بصالحيات واسعة‪ ،‬وقد أناب المنصور أبناءه في أقاليم خاصة كفاس ومكناس والسوس ومراكش‪.‬‬
‫وقسم السمطان أحمد المنصور األقاليم نفسيا إلى قيادات يرأسيا قائد أو باشا يدير شؤونيا العامة‪،‬‬
‫ويبت في القضايا المدنية والمنازعات‪ ،‬ويساعده صاحب الشرطة المكمف بالحفاظ عمى األمن‪،‬‬
‫وكذلك القاضي الذي كان يكمف بالنظر في القضايا الشرعية‪ ،‬فضالً عن شيوخ القبائل الذين عيد‬
‫إلييم بميمة تأمين سالمة الطرق‪.)2‬‬
‫‪ -2‬الحياة الجتماعية لممغرب األقصى في عهد السمطان أحمد المنصور‪:‬‬
‫استقرت أوضاع المغرب األقصى في عيد السمطان أحمد المنصور‪ ،‬فعمرت بعض‬
‫المدن الساحمية بعد انسحاب قوات االحتالل البرتغالي منيا‪ ،‬وشيدت مدن أخرى جديدة‪،‬‬

‫‪-)1‬‬
‫أبو العباس‪ ،‬أحمد بن خالد الناصري‪ :‬االستقصاء ألخبار دول المغرب األقصى‪ ،‬الجزء الثالث ‪،‬‬
‫منشورات و ازرة الثقافة واالتصال‪ ،‬المغرب ‪ ،2661‬ص‪.115‬‬
‫‪ -)2‬حركات‪ ،‬إبراىيم‪ :‬المغرب عبر التاريخ‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار الرشاد الحديثة‪،‬الدار البيضاء ‪ ،2663‬ص‪.25‬‬

‫‪645‬‬
‫عقٍل نمٍر‬ ‫السٍاسة الذاخلٍة للمغرب األقصى فً عهذ السلطان أحمذ المنصىر السعذي‪...‬‬

‫مثل‪ :‬تطوان وشفشاون وتارودانت‪ ،‬كما عرفت مدن أخرى توسعاً عمرانياً‪ ،‬ذلك كمو ساعد‬
‫عمى زيادة عدد السكان في المغرب األقصى بسبب استقرار حدود البالد واتساعيا‬
‫بالسيطرة عمى الصحراء واحتالل السودان‪ ،‬ومع ذلك فقد اتسم المجتمع المغربي بطغيان‬
‫حياة البدو وقمة التجمعات السكانية الحضرية‪.)1‬‬
‫عرف المغرب انفتاحاً ميماً عمى الخارج خالل القرن السادس عشر الميالدي بشكل‬
‫عام‪ ،‬وعيد حكم السمطان أحمد المنصور بشكل خاص‪ ،‬إذ توافدت عناصر بشرية‬
‫مختمفة مثل‪ :‬األندلسيين‪ ،‬وأعداد من األتراك العثمانيين في إطار المساعدة العسكرية‪،‬‬
‫وأعداد كبيرة من السودانيين بعد احتالل السودان عام ‪ 1591‬قدموا لمخدمة في المغرب‪،‬‬
‫وأعداد من األوروبيين قدمت لمتجارة باإلضافة إلى أعداد من األسرى األوروبيين‪ ،‬وقد‬
‫انصيرت ىذه العناصر البشرية مجتمعة تدريجياً داخل المجتمع المغربي‪ ،‬وتركت فيو‬
‫مؤثرات حضارية امتزجت بحضارتو العربية اإلسالمية‪ ،‬وتركت ىذه التأثيرات آثارىا في حياة‬
‫سكان المغرب األقصى األصميين بعدة نقاط منيا‪ :‬المباس والعادات والمغة والموسيقا ‪.)2‬‬
‫أما فيما يتعمق بعدد سكان المغرب في عيد أحمد المنصور فان المصادر لم تورد ما يفيد أية‬
‫عممية إحصائية‪ ،‬حتى لدى أقرب المصادر التي عاصرت المنصور وكتبت عن عيده‪.‬‬
‫‪ -3‬الحياة القتصادية لممغرب األقصى في عهد السمطان أحمد المنصور‪:‬‬
‫وتشمل عناصر االقتصاد األساسية المعروفة وىي الزراعة والصناعة والتجارة‪ ،‬فقد شكمت‬
‫الزراعة النشاط الرئيس لسكان المغرب األقصى إال أنيا تميزت بمحدودية االنتشار وتقنيات عيود‬
‫سابقة‪ ،‬كما أن القطاع الزراعي اعتمد اعتماداً أساسياً عمى زراعة قصب السكر‪ ،‬حيث خصصت‬
‫لو مزارع واسعة في مناطق واسعة من البالد‪.‬‬

‫‪ -‬ال يوجد أي تقديرات حقيقية لمكتاب والمؤرخين المغاربة يمكن أن نذكرىا ىنا ( الباحث)‪.‬‬
‫‪)1‬‬

‫‪-)2‬‬
‫الدولة السعدية وعيد االستقرار واالزدىار‪ ،‬فترة أحمد المنصور الذىبي‪ ،‬المغرب‪.2613/12/ 22 ،‬‬

‫‪646‬‬
‫مجلة دراسات تارٌخٍة– العذد‪( 535‬كانىن الثانً‪-‬حسٌران) و‪(536‬تمىز‪-‬كانىن األول) لعام ‪5439‬هـ‪7152/‬م‬

‫كما عرف المغرب األقصى زراعات أخرى مثل الحبوب بأنواعيا المختمفة‪ :‬كالقمح والشعير‬
‫والذرة والعدس والفول‪ ،‬وقام بالتوسع في زراعة األشجار المثمرة‪ ،‬والسيما أشجار التوت لتربية النحل‪،‬‬
‫وانتاج العسل‪.)1‬‬
‫وعرف النشاط الحرفي والصناعي في المغرب األقصى نشاطاً كبي اًر حيث كان يقوم عمى تحويل‬
‫المواد األولية الزراعية والمعادن المحمية إلى مصنوعات تفي بالغرض لسد حاجات األسواق المحمية‪.‬‬
‫واشتيرت بعض المناطق المغربية بصناعات ميزتيا مثل‪ :‬الصناعات النحاسية التي اشتيرت فييا‬
‫مناطق السوس‪ ،‬وبصناعة الصوف باألشكال واألنواع جميعيا في منطقة دكالة‪.‬‬
‫عمل السعديون عمى تطوير بعض الصناعات مستفدين من خبرات األندلسيين واألوروبيين‪،‬‬
‫وأىميا صناعة السكر‪ ،‬وقد أنشأ السمطان أحمد المنصور معاصر قصب السكر في منطقتي حاحة‬
‫وشوشاة‪.)2‬‬
‫أما فيما يتعمق بالتجا ةر الداخمية فمم تكن حركة المبادالت التجارية الداخمية ذات حجم كبير فمعظم‬
‫سكان المغرب األقصى كانوا يستقرون في البوادي‪ ،‬واعتمدوا في معيشتيم عمى إنتاج حاجات‬
‫أساسية تخص التبادل اإلسبوعي لممنتجات في األسواق التي كانت تعقد في مدن رئيسة‪.‬‬
‫ونشطت حركة التجارة الخارجية‪ ،‬وانتعش االقتصاد الوطني المغربي‪ ،‬وذلك بزيادة حركة التبادل‬
‫التجاري مع الخارج‪ ،‬والسيما مع الدول األوروبية وبشكل خاص بريطانيا التي استوردت نترات‬
‫البوتاسيوم المغربي المشيور مقابل أصناف من األخشاب جمبيا المنصور لبناء أسطولو‪ ،‬وكانت‬
‫تحتكرىا الممكة أليزابيت شخصياً‪ ،‬وقد أفاد المغرب من حركة العوائد الجمركية‪ ،‬وقدوم أعداد من‬
‫التجار األوروبيين‪-‬بسبب التسييالت التي قدميا السمطان أحمد‪ -‬في نمو تجارتو الخارجية وتحقيق‬
‫أرباح عادت بالفائدة عمى البالد بشكل عام‪.)3‬‬

‫‪-)1‬‬
‫كريم‪ ،‬عبد الكريم‪ :‬المغرب في عيد الدولة السعدية‪ ،‬شركة المطيع لمنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬طبعة ثانية‪،‬‬
‫‪.225 ،1977‬‬
‫‪-)2‬‬
‫الفشتالي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.216‬‬
‫حركات ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.265‬‬
‫‪-)3‬‬

‫‪647‬‬
‫عقٍل نمٍر‬ ‫السٍاسة الذاخلٍة للمغرب األقصى فً عهذ السلطان أحمذ المنصىر السعذي‪...‬‬

‫‪ -4‬الحياة الفكرية لمدولة لممغرب األقصى في عهد السمطان أحمد المنصور‪:‬‬

‫كان السمطان أحمد المنصور واسع الثقافة‪ ،‬وقد جمع بين الثقافتين المغربية التقميدية والخبرة‬
‫بالمسائل العصرية والدبموماسية واإلدارية‪.‬‬

‫قرب السمطان المنصور العمماء والفقياء المغاربة‪ ،)1‬وكانت لو اتصاالت دائمة مع عمماء‬
‫الدين في المشرق العربي والسيما الشام ومصر والحجاز‪ ،‬فكتب إلى شريف مكة حسن‬
‫بن أبي نمر يوصي بأحد فقياء المغرب البارزين الذي كان يرأس قافمة الحج المغربي‪،‬‬
‫وكان ىدف المنصور من ذلك تأكيد رابطة الرحم التي تصل األسرة السعدية بآل البيت‬
‫أشراف مكة‪ .‬كان ييدف من وراء ذلك سياسياً‪ ،‬تأكيد أحقيتو باإلمامة أيض ااً دون‬
‫الس امط اان العثم ااني‪ ،‬وق اد س ااعدت سياس ا اة الدول اة العثماني اة ض اد المصال اح العا اربي اة‬
‫واإلس االميا اة‪ ،‬وممارستيا المتناقضة مع مبادئ اإلسالم وقواعده‪ ،‬في الترحيب العربي‬
‫عموماً وخاصة في المشرق العربي بدعوة السمطان المغربي أحمد المنصور لتسمم‬
‫الخالفة الياشمية‪.)2‬‬

‫كما كاتب المنصور عمماء مصر طالباً اإلجازة عمى يدييم‪ ،‬ومنيم أبو عبد اهلل محمد‬
‫بن أبي الحسن البكري الصديقي‪ ،‬وبدر الدين القرافي المالكي‪ ،‬كما كان لو اتصاالت مع‬
‫عمماء الشام‪.‬‬

‫وسياسة المنصور ىذه بالتقرب من عمماء المشرق العربي جعمت العرب في ىذه‬
‫األقطار يفخرون بو كقائد وخميفة عظيم‪ ،‬وأخذوا ينتظرون ساعة الخالص من الحكم‬
‫العثماني‪ ،‬ولم يعد ىؤالء يقرون بشرعية الخالفة العثمانية وأخذوا يدعون إلى إمارة‬
‫المنصور العربية العموية‪ ،‬وقد صرح البكري أحد عمماء مصر بمعاداة األتراك واإلعراب‬

‫فارس‪ :‬تاريخ المغرب الحديث والمعاصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72‬‬


‫‪-)1‬‬

‫محمد‪ ،‬نجاح‪ ،‬أبو جبل‪ ،‬كاميميا‪ :‬تاريخ الوطن العربي الحديث (بالد الشام والعراق)‪ ،‬منشورات جامعة‬
‫‪-)2‬‬

‫دمشق ‪ ،2669-2668‬ص‪.173‬‬

‫‪648‬‬
‫مجلة دراسات تارٌخٍة– العذد‪( 535‬كانىن الثانً‪-‬حسٌران) و‪(536‬تمىز‪-‬كانىن األول) لعام ‪5439‬هـ‪7152/‬م‬

‫عن رغبتو أن يكون الخالص عمى يد المنصور‪ ،‬ورد ةد الشعراء المغاربة الحمم بعودة وحدة‬
‫البالد العربية عمى يديو‪.)1‬‬

‫عرفت الحياة الفكرية انتعاشاً كبي اًر في المغرب األقصى في القرن السادس عشر‬
‫الميالدي‪ ،‬وبمغت ذروتيا في عيد السمطان أحمد المنصور‪ ،‬إذ تعددت المراكز العممية‪،‬‬
‫وتزايد عدد المؤلفات في مختمف المجاالت العممية‪ ،‬ويرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل‬
‫نجمميا في النقاط اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬االستقرار السياسي التدريجي ألوضاع المغرب األقصى‪.‬‬

‫‪ -‬انفتاح المغرب عمى الخارج‪.‬‬

‫‪ -‬توافد أعداد كبيرة من المفكرين القادمين من األندلس والسودان والمغربين األوسط‬


‫واألدنى؛ مما أغنى الحركة الفكرية المغربية بما حمموه معيم من فنون ومعارف‪.)2‬‬

‫شمل النشاط الفكري عدة عموم منيا الشرعية والنقمية والعموم العقمية‪ ،‬فضالً عن‬
‫ترجمة عدد من أميات الكتب من عدة لغات‪ .‬كان السمطان أحمد المنصور نفسو يرعى‬
‫العمم والمتعممين‪ ،‬ويعقد مجالس عممية عامة وخاصة في أوقات محددة من العام يدعو‬
‫إلييا األدباء والشعراء والمفكرين من شتى أنحاء المغرب‪ ،‬وكان السمطان إلى جانب‬
‫مشاركتو في العموم المغوية والشرعية أديباً وشاع اًر ورياضياً موىوباً‪.‬‬

‫ىذه الدعوات كميا من عمماء المشرق لمسمطان أحمد المنصور لم تغير شيئاً‪ ،‬ويبدو لنا أنو كان متفق‬
‫‪-)1‬‬

‫عمييا معيم من أجل تعريف الناس بو في مشرق البالد العربية ومغربيا وبأنو من األشراف‪ ،‬ويحق لو‬
‫أن يكون خميفة لممسممين (الباحث)‪.‬‬
‫كريم ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.188-187‬‬
‫‪-)2‬‬

‫‪643‬‬
‫عقٍل نمٍر‬ ‫السٍاسة الذاخلٍة للمغرب األقصى فً عهذ السلطان أحمذ المنصىر السعذي‪...‬‬

‫وقد عرف عن السمطان أحمد المنصور مواظبتو عمى قراءة أميات كتب الحساب والجبر‬
‫واليندسة القميدس‪ ،‬وكانت حاشيتو تكاد تكون كميا من العمماء واألدباء حتى قادة الجيش ووالة‬
‫األقاليم‪ .‬وأىم ما يمكن ذكره تأليفو لكتابين ميمين ىما‪:‬‬
‫" كتاب المعارف في كل ما تحتاج إليو الخالئف" وىو كتاب في عمم السياسة‪.‬‬
‫وكتاب "العود أحمد" وجمع فيو األدعية المأثو ةر عن الرسول (ص) والمأخوذة من كتب الحديث‬
‫والصحاح‪ .)1‬تركز عمى الرصيد الميم الذي خمفو مفكرو العصر السعدي في عيد المنصور عمى‬
‫ثالثة أنواع رئيسة ىي‪ :‬المختصرات‪ ،‬والشروح والحواشي‪ ،‬والمؤلفات األصمية‪ ،‬فضالً عن استنساخ‬
‫واسع لمكتب وقراءتيا وانتقائيا في ظل انتشار المكاتب العامة والخاصة‪.)2‬‬
‫‪ -5‬الحياة العمرانية لممغرب األقصى في عهد السمطان أحمد المنصور‪:‬‬
‫نشطت حركة العمران في شتى أنحاء المغرب األقصى بشكل عام وفي الجنوب والعاصمة‬
‫بشكل خاص‪ ،‬إذ شيد عيد السمطان أحمد المنصور إعادة بناء عدد من المباني الدينية والعسكرية‬
‫وتوسيعيا وتجديدىا‪ ،‬أىميا بناء ضريح السعديين وقصر البديع‪ ،)3‬الذي يمثل أبرز ما بناه المنصور‪،‬‬
‫إذ أقدم المنصور عمى بناء ىذا القصر بسبب حبو لمعظمة والمظاىر الفخمة ليخمد بو نفسو وأسرتو‬
‫من بعده‪ ،‬ويذكر الفشتالي السبب الذي دفع المنصور لبناء ىذا القصر بقولو‪" :‬ما بعثني عمى ذلك إال‬
‫إذا نظرت إلى آثار سمفنا الكريم أجد أثار الموحدين وما زالت تنازعيا فضل تنجيز وضخامة واحتفال‪،‬‬
‫أربي عمييا وآثار بني مرين تجاذبيا رداء التأنق وربما شقت في تنميق الحمة وبديع الطراز فأبيت‬
‫ألىل النبوة أن يكون الفضل والشفوف آلثار من دونيم من الدول عمى آثارىم فمم أرض إال بما‬
‫يضفي عمى آثار الدولتين"‪ .)4‬نستنتج من ىذا القول أن المنصور أراد أن يخمد أسرتو بعمل‬

‫الناصري ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬


‫‪-)1‬‬

‫ويكيبيديا‪ ،‬الموسوعة الحرة‪ ،‬المنتدى العربي لمدفاع والتسميح‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪-)2‬‬

‫الناصري‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.266‬‬


‫‪-)3‬‬

‫‪-)4‬‬
‫كريم ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.233‬‬

‫‪643‬‬
‫مجلة دراسات تارٌخٍة– العذد‪( 535‬كانىن الثانً‪-‬حسٌران) و‪(536‬تمىز‪-‬كانىن األول) لعام ‪5439‬هـ‪7152/‬م‬

‫جميل يضفي عمى ما بنتو األسر التي حكمت المغرب قبمو‪ ،‬ويكون قبمة لألدباء والشعراء‬
‫والعمماء من أصقاع األرض كميا‪.‬‬

‫حاول المنصور أن يجعل من ىذا القصر تحفة فنية ال مثيل ليا تجمع بين تقاليد المشرق‬
‫العربي ومغربو‪ ،‬وحشد لبنائو الصناع من أنحاء المغرب األقصى كمو‪ ،‬وكان يجتمع في كل يوم‬
‫مع أرباب الصنائع وخبراء البناء وأصحاب المعرفة والكفاية في التنميق والتشييد‪ ،‬حتى شارك في‬
‫بنائو األسرى األوروبيون‪ ،‬وأنشأ المنصور لمصناع سوقاً عظيمة يقصدىا التجار ببضاعتيم‪،‬‬
‫وجمب المنصور الرخام لقصره من إيطاليا‪ ،‬وقد الحظ الكاتب الفرنسي المعاصر مونتين في‬
‫أثناء زيارتو إليطاليا أن مقالع من المرمر كانت تعمل لحساب ممك المغرب قرب بيزة‪ ،‬وكان‬
‫المنصور يدفع ثمنو سك اًر وزنة بوزنة‪.)1‬‬

‫استمر العمل إلنجاز قصر البديع بين عامي ‪1594-1578‬أي ست عشرة سنة‪،‬‬
‫وكانت أبعاد القصر متوسطة‪ ،‬ولكن زخرفاتو كانت آية في الجمال‪ ،‬وقد حوت الساحة‬
‫الكبيرة داخل القصر عمى المسابح واألراضي المزروعة بالورود‪.)2‬‬

‫وكانت تيجان األعمدة المرمرية عمى شكل قطع يحمل بعضيا الطابع الكالسيكي‬
‫بناء عمى طمب‬
‫اإلغريقي‪ ،‬وبعضيا اآلخر عمى الطراز المغربي األندلسي‪ ،‬وقد صنعت ً‬
‫خاص من السمطان أحمد المنصور‪ ،‬وقد طمب الغرانيت من ممكة إنكمت ار أليزابيت التي‬
‫أوفدت مبعوثاً خاصاً إلى إيرلنده لتأمينو لمسمطان أحمد‪.)3‬‬

‫بالغ الكتاب والشعراء في مدح قصر البديع والتغني بو‪ ،‬وزعموا أنو فاق ما عداه من‬
‫أوابد سالفة كاىرام القاىرة وغمدان اليمن وزىراء األندلس وقباب الشام‪.)4‬‬

‫‪ -‬الفشتالي ‪ :‬مصدر سابق‪.253 ،‬‬


‫‪)1‬‬

‫‪2)-‬‬
‫‪Coissac de Chaverbière: Histoire du Maroc, payot, Paris 1931, p. 319.‬‬
‫‪3)-‬‬
‫‪Terrasse : Op, cit., p. 195.‬‬
‫فارس‪ :‬تاريخ المغرب الحديث والمعاصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪-)4‬‬

‫‪649‬‬
‫عقٍل نمٍر‬ ‫السٍاسة الذاخلٍة للمغرب األقصى فً عهذ السلطان أحمذ المنصىر السعذي‪...‬‬

‫ومع جمالية ىذا القصر والمبالغ المالية التي كمفيا إلنجازه فقد قام موالي اسماعيل‬
‫(الذي وطد حكم األسرة العموية التي تعاقبت عمى حكم المغرب بعد انييار األسرة‬
‫السعدية) بيدمو‪ ،‬وال نعرف األسباب التي دفعت السمطان اسماعيل إلى القيام بذلك‪ ،‬ربما‬
‫جاء ذلك من أن كل أسرة تتولى الحكم تريد أن تمحو ما قامت بيا األسرة التي سبقتيا‬
‫كي تمحو من ذاكرة السكان أمجادىا وبالتالي يساعد األسرة الحالية في السيطرة عمى‬
‫البالد بسيولة‪.‬‬

‫كما عمل المنصور عمى إعادة بناء قصبة الموحدين وتجديدىا‪ ،‬والسيما إعادة تأىيل‬
‫الحدائق في القصبة‪ ،‬وتجديد المنارة الموجودة فييا‪.)1‬‬

‫نضيف إلى ذلك قيام السمطان السعدي بتشييد عدد من األعمال العمرانية ذات‬
‫الطابع العسكري وترميميا‪ ،‬كالقالع والثغور في شمال المغرب األقصى‪.‬‬

‫استمر الفن المعماري المغربي واألندلسي عبر الفن المعماري السعدي بحيث حافظوا عمى‬
‫مواد البناء‪ ،‬وأدخموا تحسينات عمييا مع الحفاظ عمى أسموب التجميل نفسو داخل ىذه األوابد‪.‬‬

‫‪ -6‬الحياة العسكرية لممغرب األقصى في عصر السمطان أحمد المنصور‪:‬‬

‫قبمت الدولة السعدية في عصر السمطان أحمد المنصور ببعض التأثيرات العثمانية‪،‬‬
‫مثل المباس العسكري العثماني مع إدخال بعض التعديالت عميو‪ ،‬وحمل قادة الجيش‬
‫السعدي األلقاب العثمانية مثل الباي والباشا‪ ،‬وبقيت ىذه األلقاب تستخدم في الجيش‬
‫طيمة مدة حكم السمطان أحمد المنصور‪.)2‬‬

‫كان القائد العام لمجيش المغربي في عصر المنصور مصطفى باي‪ ،‬وقائد حرس القصر‬
‫والخزينة الباشا محمد‪ ،‬وأوكمت قيادة العموج (المسيحيين الذين أجبروا عمى اعتناق اإلسالم) إلى‬

‫الناصري ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.135‬‬


‫‪-)1‬‬

‫‪2)-‬‬
‫‪Terrasse : Op, cit,. p. 196.‬‬

‫‪644‬‬
‫مجلة دراسات تارٌخٍة– العذد‪( 535‬كانىن الثانً‪-‬حسٌران) و‪(536‬تمىز‪-‬كانىن األول) لعام ‪5439‬هـ‪7152/‬م‬

‫شخص من بينيم‪ ،‬واىتم السمطان أحمد المنصور بالجيشين بنوعيو البري والبحري‪ .‬وقسم السمطان‬
‫أحمد الجيش البري إلى قسمين ىما‪:‬‬

‫األول‪ :‬الجيش النظامي‪:‬‬

‫كانت العناصر األساسية ليذا الجيش من األتراك العثمانيين والعموج واألندلسيين‪ ،‬واعتمد ىذا‬
‫الجيش في تسميحو عمى األسامحة النارية الحديثاة التي كانت تساتورد من أوروباا وأطماق عميو عساكر‬
‫النار‪ .‬كما تأثار ىاذا الجيش باألسموب العثماني من حيث لباسو وألقابو وتقسيماتو‪ ،‬وبرز من قادتو‪:‬‬
‫منصور باي‪ ،‬أبو الثناء محمود باشا صاحب خزائن الدار‪ ،‬وقائد جيش الوالي المعموجي المعروف‬
‫بجيش االنكشارية كذلك جؤذر باشا قائد جيش األندلس الذي بدأ عممية فتح السودان‪ ،‬والفتى عمر‬
‫قائد جيش السوس‪ ،)1‬وقسم المنصور األعاجم في جيشو النظامي إلى أقسام تتولى شؤونو الخاصة‬
‫في الحضر والسفر‪.)2‬‬
‫أما فيما يتعمق بتعداد جيش المنصور النظامي باالعتماد عمى ىنري روبير‪ ،‬فقد وصل عدد‬
‫عناصر ىذا الجيش في عام ‪(1663‬العام الذي توفي فيو السمطان) إلى ‪ 46666‬ألف عسكري‬
‫كانت موزعة كما يأتي‪:‬‬
‫‪ 4666 -‬آالف من العموج‪.‬‬
‫‪ 4666 -‬آالف من األندلسيين القادمين من إسبانيا‪.‬‬
‫‪ 1566 -‬من قبائل زواوة القادمين من الجزائر‪.‬‬
‫‪ 36566 -‬ألف من األتراك العثمانيين‪.)3‬‬
‫نرى أن الغالبية العظمى من الجيش النظامي في عصر السمطان أحمد من األتراك العثمانيين‪،‬‬
‫وىنا يتبادر إلى الذىن السؤال اآلتي‪ :‬لماذا لم تتج أر الدولة العثمانية ممثمة بحكومتيا في الجزائر بضم‬

‫فارس‪ :‬تاريخ المغرب الحديث والمعاصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬


‫‪-)1‬‬

‫‪2)-‬‬
‫‪Terrasse : Op, cit,. p. 195.‬‬
‫الفشتالي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.261‬‬
‫‪-)3‬‬

‫‪644‬‬
‫عقٍل نمٍر‬ ‫السٍاسة الذاخلٍة للمغرب األقصى فً عهذ السلطان أحمذ المنصىر السعذي‪...‬‬

‫المغرب األقصى؟ والسيما أن القول الفصل كان وما زال لمقوة العسكرية‪ ،‬وأن غالبية جيش المنصور‬
‫من األتراك العثمانيين‪ .‬سؤال ال يمكن اإلجابة عنو بدقة‪ ،‬ويبقى برسم الباحثين والمؤرخين والميتمين‬
‫بالتاريخ العثماني بشكل خاص‪.‬‬
‫قسم المنصور جيشو النظامي إلى ست فرق‪ ،‬ثالث فرق منيا تضم محاربين مجيزين بثياب‬
‫زاىية عمى الطريقة العثمانية‪ ،‬وفرقة من أجل المطبخ والتموين‪ ،‬وفرقة من أجل الخدمة وحماية أسوار‬
‫مدينة مراكش وأبوابيا‪ ،‬وفرقة أوكل لعناصرىا نقل البريد والقيام باالتصال بين وحدات الجيش‪.)1‬‬
‫بالمقابل‪ ،‬حرص المنصور عمى عدم زج ىذا الجيش في حروب خارجية والسيما مع األعداء‬
‫العثمانيين في الجزائر واإلسبان المحتمين لبعض الموانئ والمدن المغربية‪ ،‬واكتفى ببناء قالع حصينة‬
‫في المدن المغربية الرئيسة حيث يوجد الخطر وخاصة في مدن‪ :‬تازا‪ ،‬فاس‪ ،‬مراكش والعرائش‬
‫لمجابية أي عدوان خارجي سواء من قبل األتراك العثمانيين في الجزائر أم من اإلسبان‪ .)2‬كما تجنب‬
‫المنصور زج جيشو في حروب مع القبائل المغربية المتحصنة في الجبال‪.‬‬
‫بمعنى آخر كان ىذا الجيش مكمفاً بحماية السمطان أحمد‪ ،‬والقيام بالعروض العسكرية‬
‫واالستعراضات فقط‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الجيش التقميدي‪:‬‬
‫اعتمد المنصور في تشكيل ىذا الجيش عمى أسموب التجنيد التقميدي المعروف في المغرب قبل‬
‫عصره‪ ،‬وعمى األسمحة التقميدية غير النارية كالسيف والرمح وغيرىا‪ ،‬وأطمق عميو عسكر األسنة‪،‬‬
‫وكان أغمب عناصر ىذا الجيش من العرب الشراقة‪ .)3‬ومن إقميم السوس جنوب المغرب األقصى‪.‬‬

‫‪4)-‬‬
‫‪Terrasse : Op, cit., p. 193.‬‬
‫‪2)-‬‬
‫‪Terrasse : Op, cit,. p. 1‬‬
‫أطمق اسم العرب الشراقة في المغرب األقصى عمى القبائل العربية التي قدمت من المشرق العربي والسيما من الجزي ةر‬
‫‪-)3‬‬

‫العربية‪ ،‬في مرحمة وصول أجداد السعديين والعمويين إلى المغرب األقصى‪ ،‬واستقرارىم في جنوب المغرب وشرقو‬
‫(الباحث)‪.‬‬

‫‪644‬‬
‫مجلة دراسات تارٌخٍة– العذد‪( 535‬كانىن الثانً‪-‬حسٌران) و‪(536‬تمىز‪-‬كانىن األول) لعام ‪5439‬هـ‪7152/‬م‬

‫قام المنصور بتجميع الجيش التقميدي في معسكرات خاصة في مدينتي فاس ومراكش‬
‫وضواحييما‪ ،‬وكانوا يأتمرون بأوامره مباشرة‪.‬‬

‫اىتم المنصور أيضاً بأمر البحر واألسطول‪ ،‬إذ أوكل قيادة األسطول المغربي لمريس‬
‫إبراىيم الشط الذي كان يمثل بالنسبة إلى السمطان أبرز رجال البحرية المغربية‪ ،‬وجعل‬
‫قيادة األسطول المغربي في ثغر العرائش‪)1‬؛ وذلك عمى ما يبدو ليقطع الطريق عمى‬
‫إسبانيا التي ألحت عمى المنصور بالحصول عميو بعد أن ضمت البرتغال عام ‪،1586‬‬
‫فاعتقدت أن من حقيا ضم موانئيا المحتمة في المغرب‪ ،‬ومنيا وأىميا بالنسبة إلييا ميناء‬
‫العرائش‪ ،‬ولكن سياسة أحمد المنصور الحكيمة وحنكتو مكنتو من منع إسبانيا من‬
‫تحقيق ىدفيا‪.‬‬

‫‪ -7‬األوضاع المالية لممغرب األقصى في عصر السمطان أحمد المنصور‪:‬‬

‫كان اىتمام السمطان أحمد المنصور بالمظاىر الفخمة كاالحتفال باألعياد‬


‫واستقبال السفراء والوفود المحمية واألجنبية‪ ،‬وبناء قصر البديع وتأسيس جيش نظامي‬
‫يتطمب مبالغ مالية طائمة عجزت موارد الدولة الضخمة والمتعددة عن تأمينيا‪ ،‬إذ كانت‬
‫موارد الدولة تأتي من‪:‬‬

‫‪ -‬غنائم انتصار معركة وادي المخازن عمى البرتغاليين عام ‪.1578‬‬

‫‪ -‬افتكاك األسرى األوروبيين في سجون المغرب‪.‬‬

‫‪ -‬ذىب السودان بعد احتاللو عام ‪.1591‬‬

‫‪ -‬غنائم النشاط البحري المغربي ضد السفن والسواحل األوروبية‪.‬‬

‫‪ -‬احتكار الدولة ممثمة بالسمطان لبعض الصناعات مثل السكر والممح وعائداتيم‪.‬‬

‫فارس‪ :‬تاريخ المغرب الحديث والمعاصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬


‫‪-)1‬‬

‫‪645‬‬
‫عقٍل نمٍر‬ ‫السٍاسة الذاخلٍة للمغرب األقصى فً عهذ السلطان أحمذ المنصىر السعذي‪...‬‬

‫‪ -‬تنشيط التجارة مع األجانب‪.‬‬

‫‪ -‬الضرائب التقميدية المعروفة في المغرب كالخراج والزكاة‪.‬‬

‫عجزت ىذه الموارد كميا‪ ،‬مع ضخامتيا‪ ،‬عن سد متطمبات السمطان أحمد المتزايدة‪.)1‬‬
‫األمر الذي دفعو لفرض ضريبة جديدة عمى السكان أطمق عميو اسم "النايبة"‪ ،‬إذ اتخذ‬
‫المنصور من الحبوب والسمن والغنم أساساً ليذه الضريبة الجديدة وضاعفيا‪ ،‬وطمب أن‬
‫يتم دفعيا نقداً ال عيناً‪.)2‬‬

‫استخدم المنصور في جبايتو لمضرائب أسموب الشدة والقسوة؛ مما زاد في نقمة‬
‫السكان والمرابطين‪ ،‬وكذلك نقمة عدد من أبناء أسرتو الين حمموا لواء الثورة ضده األمر‬
‫الذي أدخل المغرب في معارك دامية دفع ثمنيا بالنتيجة أبناء المغرب‪ ،‬وانيار اقتصاده‬
‫وأصبح ممزقاً إلى عدة إمارات بعد أن كان دولة واحدة موحدة تحت حكم المنصور‪.‬‬

‫‪ -8‬الثورات التي قامت ضد السمطان أحمد المنصور‪:‬‬

‫شيد عصر السمطان أحمد المنصور عدداً من الثورات القبمية شممت أنحاء المغرب‬
‫كمو‪ ،‬وكان السمطان قاسياً في التصدي ليا وقمعيا مستخدماً أقسى األساليب من مصادرة‬
‫خيل القبائل الثائرة وسالحيا وىدم ديارىا واتالف مزروعاتيا‪.)3‬‬

‫كما ثار عمى السمطان عدد من أفراد أسرتو‪ ،‬إذ ثار عميو ابن أختو أبو سميمان داوود‬
‫في عام ‪ ،1579‬ولكن السمطان تمكن من االنتصار عميو‪ ،‬وطرده من جبال األطمس‬
‫الكبرى‪ ،‬ولجأ إلى الصحراء إلى عرب الودايا حيث توفي عندىم عام ‪ 1596‬وتخمص‬

‫‪1‬‬
‫‪)-Terrasse: Op, cit., p. 197.‬‬
‫) فارس‪ :‬تاريخ المغرب الحديث والمعاصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪- 2‬‬

‫فارس‪ :‬تاريخ المغرب الحديث والمعاصر‪ ،‬ص ‪.73‬‬


‫‪-)3‬‬

‫‪646‬‬
‫مجلة دراسات تارٌخٍة– العذد‪( 535‬كانىن الثانً‪-‬حسٌران) و‪(536‬تمىز‪-‬كانىن األول) لعام ‪5439‬هـ‪7152/‬م‬

‫السمطان من خطره‪ ،‬كما ثار عميو الناصر ابن أخيو الغالب بأمر اهلل وذلك عام ‪1595‬‬
‫بتحريض من إسبانيا‪.‬‬

‫كان الناصر في عيد والده حاكماً عمى إقميم تادال‪ ،‬وحين تولى أخوه محمد المتوكل‬
‫الحكم في المغرب سجنو‪ ،‬وبقي في السجن حتى أطمق السمطان عبد الممك سراحو‪ ،‬ولكن‬
‫بعد وفاة عبد الممك في معركة وادي المخازن عام ‪ 1578‬رحل إلى إسبانيا‪ ،‬وأمضى فييا‬
‫مدة من الزمن ثم عاد إلى مميمة في المغرب‪ ،‬وقد تحالف مع اإلسبان لمضغط عمى عمو‬
‫المنصور إلجباره عمى تسميم ميناء العرائس لإلسبان‪ ،)1‬وبالفعل استخدمو اإلسبان كورقة‬
‫رابحة أخيرة ودعموه وحرضوه عمى الثورة ضد عمو المنصور‪ ،‬ولكنو أخفق واستطاع‬
‫المنصور االنتصار عميو‪ ،‬وع ةد انتصاره نص اًر عمى إسبانيا التي حرضتو‪.‬‬

‫‪ -9‬نهاية حكم السمطان أحمد المنصور ووفاته‪:‬‬

‫كانت السنوات األخيرة من حكم السمطان أحمد المنصور حزينة‪ ،‬فقد انتشر مرض‬
‫الطاعون في شتى أنحاء المغرب‪ ،‬واستمر يعصف بالبالد سبع سنوات متتالية أىمك‬
‫كبير من السكان‪ ،‬وأقفرت المدن واألرياف وتعطمت الزراعة‪ ،‬وىاجر كثير‬
‫اً‬ ‫خالليا عدداً‬
‫من السكان المغاربة من المدن والقرى إلى الجبال‪ ،‬ورافق الطاعون قحط ومجاعة استمرتا‬
‫ثالث سنوات‪ ،‬ولكن أكثر ما ترك أث اًر سيئاً لدى المنصور خروج ابنو وولي عيده المأمون‬
‫عميو‪ .)2‬تمكن المنصور من تأديبو وسجنو ولكن بعد وفاتو عاد النزاع بين أبناء المنصور‬
‫وتمزق المغرب القوي‪ ،‬وأصبح حكام المغرب ألعوبة بيد المرابطين وأصحاب الطرائق‬
‫الصوفية‪.‬‬

‫كان المنصور نفسو ضحية مرض الطاعون إذ توفي عام ‪ 1663‬تاركاً البالد لمصير‬
‫مظمم‪ ،‬بعد أن عاش المغرب في عصره دولة مرىوبة الجانب داخمياً وخارجياً‪ ،‬مثمت فترة‬

‫‪1‬‬
‫‪) -Terrasse : Op, cit., p. 199.‬‬
‫فارس‪ :‬تاريخ المغرب الحديث والمعاصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.71-76‬‬
‫‪-)2‬‬

‫‪647‬‬
‫عقٍل نمٍر‬ ‫السٍاسة الذاخلٍة للمغرب األقصى فً عهذ السلطان أحمذ المنصىر السعذي‪...‬‬

‫حكمو العصر الذىبي الذي شمل مجاالت الحياة جميعيا‪ ،‬ليسدل الستار في النياية عمى‬
‫ىذه الشخصية التاريخية التي أدت دو اًر ميماً في لمحافظة عمى وحدة المغرب األقصى‬
‫ضد أعداء الداخل والخارج‪.)1‬‬

‫ثالثا‪ :‬الخاتمة ‪ :‬أهم النتائج التي توصل إليها البحث‪:‬‬

‫يمكننا أن نذكر أىم النقاط الرئيسة التي توصمنا إلييا من ىذا البحث كما يأتي‪:‬‬

‫‪ -1‬اكتسب المنصور حنكة سياسية وخبرة إدارية ومالية وذلك في إثناء إقامتو في مدينة‬
‫استانبول عاصمة الدولة العثمانية‪ ،‬واحتكاكو برجال السياسة والقانون والمثقفين‬
‫واألدباء من شتى أنحاء العالم آنذاك‪ .‬أفاد المنصور من ىذه الخبرة نظرياً وفعمياً‬
‫عمى أرض الواقع‪ ،‬بعد مبايعتو حاكماً عمى المغرب األقصى عشية انتياء معركة‬
‫وادي المخازن ‪ ،1578‬حيث طور مجاالت الحياة جميعيا‪ ،‬األمر الذي عاد بالفائدة‬
‫عمى البالد داخمياً‪ ،‬وأصبحت مرىوبة الجانب في عيون أعدائيا في الخارج‪.‬‬

‫‪ -2‬تعكس لنا سياسة المنصور اإلدارية واختياره لمساعديو من المفكرين واألدباء ورجال‬
‫العمم نيتو في بناء دولة قوية األركان‪ ،‬وىذا ما حدث في الواقع‪.‬‬

‫‪ -3‬إن قيام المنصور باالىتمام بالحياة االقتصادية‪ ،‬وتشجيع زراعة قصب السكر‬
‫واحتكار صناعتو لنفسو‪ ،‬تعكس لنا تفكير الرجل في التحكم بالسوق العالمية ليذه‬
‫المادة التي درت عمى المغرب أرباحاً كبيرة بسبب بيعو في األسواق األوروبية ولو‬
‫مدة من الزمن قبل أن يجمب سكر الب ارزيل من قبل الفرنسيين‪ ،‬ىذا كمو يؤكد لنا قوة‬
‫إرادة المنصور في صنع القرار ليس داخمياً فحسب بل خارجياً‪.‬‬

‫‪ -4‬يعكس تشكيل جيش عمى الطراز األوروبي الحديث (ولو كان أغمب عناصره من‬
‫األتراك العثمانيين) العالقة التي كانت تربط المنصور ببعض الدول األوروبية والسيما‬

‫فارس‪ ،‬عامر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.71-76‬‬


‫‪- )1‬‬

‫‪648‬‬
‫مجلة دراسات تارٌخٍة– العذد‪( 535‬كانىن الثانً‪-‬حسٌران) و‪(536‬تمىز‪-‬كانىن األول) لعام ‪5439‬هـ‪7152/‬م‬

‫بريطانيا عدوة إسبانيا‪ ،‬حيث تمكن المنصور أن يوظف ىذه العالقة ويستغميا في‬
‫محاربة ىذه األخيرة‪ ،‬وكبح جماحيا في توسيع رقعة احتالليا لألراضي المغربية‪.‬‬

‫‪ -5‬لم يبن المنصور قاعدة عسكرية في المغرب فحسب‪ ،‬بل بنى قواعد اقتصادية‬
‫واجتماعية وفكرية‪ ،‬ألنو كان يدرك تماماً أن توحيد الجبية الداخمية يعطي الدولة‬
‫عنصر قوة في مواجية االستعمار الخارجي؛ لذلك قضى المنصور عمى الثورات التي‬
‫قامت بيا القبائل المغربية‪ ،‬وكذلك ثورات أسرتو‪ ،‬ونجح بذلك‪ ،‬فضالً عن أنو لم يفرط‬
‫في أثناء مدة حكمو بأي شبر من أراضي المغرب األقصى ألية دولة خارجية‪.‬‬

‫‪ -6‬إن اىتمام المنصور بالمظاىر الفخمة الكثيرة – وىذه تبدو لنا نقطة سمبية في‬
‫سياستو‪ -‬أثقل كاىل خزينة الدولة‪ ،‬فمع الموارد التي كانت تدخل الخزينة المغربية‪،‬‬
‫توجو إلى فرض ضرائب جديدة عمى السكان؛ األمر الذي دفع الشعب المغربي لمتمرد‬
‫ضده‪ ،‬وكانت سياسة فرض ضرائب جديدة أول أسفين دق في نعش الدولة المغربية‪.‬‬

‫‪ -7‬تمكن المنصور في مدة حكمو من فرض المركزية في إدارة البالد من خالل ربطو‬
‫األمور الميمة كميا‪ ،‬سياسياً وادارياً وحتى اقتصادياً‪ ،‬بيده‪ ،‬إذ كان يعرف أنحاء‬
‫المغرب كميا من خالل أعوانو الذين كانوا عمى اتصال مباشر معو‪ ،‬وكذلك عن‬
‫طريق احتكاره زراعة السكر والممح وصناعتيما والمتاجرة بيما مع الدول األوروبية‪.‬‬

‫‪ -8‬أخي اًر ومع ذكاء المنصور وحنكتو إال أنو ارتكب خطأ فادحاً في توزيع مدن المغرب‬
‫عمى أبنائو‪ ،‬وجعميم نواباً لو‪ ،‬إذ دفع ثمن ذلك‪ ،‬فقد ثار عميو ابنو وولي عيده‬
‫المأمون‪ ،‬وانقسم المغرب إلى دولتين بعد وفاتو‪ :‬األولى يقودىا المأمون ومركزىا‬
‫مدينة فاس‪ ،‬والثانية يقودىا زيدان ومقرىا مدينة مراكش‪ .‬وعاش المغرب بعد وفاة‬
‫المنصور حالة من الفوضى والتمزق بعد أن كان دولة قوية مرىوبة الجانب في‬
‫عصره‪ ،‬وظيرت اإلمارات المحمية‪ ،‬وأصبح حكام األسرة السعدية ألعوبة بيد الزعماء‬
‫المرابطين وأصحاب الطرائق الصوفية‪ ،‬وبقي ىذا األمر عمى ىذا الحال حتى تمكنت‬

‫‪643‬‬
‫عقٍل نمٍر‬ ‫السٍاسة الذاخلٍة للمغرب األقصى فً عهذ السلطان أحمذ المنصىر السعذي‪...‬‬

‫األسرة العموية من دخول العاصمة مراكش والقضاء عمى األسرة السعدية عام ‪1659‬‬
‫والحمول محميا في حكم المغرب‪.‬‬

‫المصادر والمراجع المستخدمة في البحث‪:‬‬

‫أولا‪ -‬المصادر والمراجع العربية‪:‬‬

‫‪ -1‬الفشتالي‪ ،‬عبد العزيز‪ :‬مناىل الصفا في مآثر موالينا الشرفا‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد الكريم‬
‫كريم‪ ،‬مطبوعات و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية والثقافية‪ ،‬المغرب ‪.1972‬‬

‫‪ -2‬الناصري‪ ،‬أبو العبا بن خالد‪ :‬االستقصا ألخبار دول المغرب األقصى‪ ،‬خمسة‬
‫أجزاء‪ ،‬منشورات و ازرة الثقافة والتصال‪ ،‬المغرب ‪.2661‬‬

‫‪ -3‬محمد‪ ،‬نجاح‪ ،‬أبو جبل‪ ،‬كاميميا‪ :‬تاريخ الوطن العربي الحديث (بالد الشام والعراق)‪،‬‬
‫منشورات جامعة دمشق‪.2669-2668 ،‬‬

‫‪ -4‬حركات‪ ،‬إبراىيم‪ :‬المغرب عبر التاريخ‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار الرشاد الحديثة‪ ،‬الدار البيضاء‬
‫‪.2663‬‬

‫‪ -5‬فارس‪ ،‬محمد خير‪ :‬تاريخ المغرب الحديث والمعاصر‪ ،‬منشورات جامعة دمشق‪،‬‬
‫‪.2663-2662‬‬

‫‪ -6‬فارس‪ ،‬محمد خير‪ ،‬عامر‪ ،‬محمود‪ :‬تاريخ المغرب الحديث‪ ،‬المغرب األقصى‪-‬‬
‫ليبية‪ ،‬منشورات جامعة دمشق‪.2664-2663 ،‬‬

‫‪ -7‬كريم‪ ،‬عبد الكريم‪ :‬المغرب في عيد الدولة السعدية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬شركة المطيع‬
‫لمنشر‪ ،‬الدار البيضاء ‪.2663‬‬

‫الموسوعات‪:‬‬

‫‪643‬‬
‫مجلة دراسات تارٌخٍة– العذد‪( 535‬كانىن الثانً‪-‬حسٌران) و‪(536‬تمىز‪-‬كانىن األول) لعام ‪5439‬هـ‪7152/‬م‬

‫‪ -‬ويكيبيديا‪ ،‬الموسوعة الحرة‪ ،‬المنتدى العربي لمدفاع والتسمي‪ ،‬تاريخ ‪.2664 /12/11‬‬

‫األبحاث‪:‬‬

‫‪ -1‬الحموي‪ ،‬يوسف‪" :‬أعالم مغاربة من التاريخ‪ ،‬جريدة المساء‪ ،‬المغرب ‪.2616/7 /27‬‬

‫‪ -2‬الدولة السعدية وعيد االستقالل واالزدىار(فترة حمد المنصور الذىبي)‪ ،‬ممتقى طمبة‬
‫التاريخ والحضارة‪ ،‬المغرب ‪ 22‬كانون األول ‪.2613‬‬

‫األجنبية‪:‬‬ ‫ثاني ا‪ -‬المراجع‬

‫‪1- Coissac, de Chavrebière : Histoire du Maroc , payot, Paris 1931.‬‬


‫‪2- Terrasse, Henri: Histoire du Maroc des origines à l'établissement du‬‬
‫‪protectorat français, Edition atlantique , Casablanca 1947.‬‬

‫*******************‬

‫‪649‬‬

You might also like