You are on page 1of 16

Travail-justice-Solidarité ‫عدالة‬-‫تضامن‬-‫عمل‬

Ministère de l’enseignement Supérieur et‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

De la Recherche Scientifique‫جامعة جنرال النسانا كونتي بسونفونيا –كوناكري‬

Université Général Lansana Conté de‫كلية االداب واللسانيات‬

Sonfonia-Conakry‫قسم اللغة والحضارة العربية‬

Faculté de lettres et Sciences d Langages

Département Langue et Civilisation Arabe

"‫" مدينة تمبكتو‬


)i (‫مجموعة‬
‫تحت إشراف األستاذ\الحسن كوندي‬

2023 -2022:‫العام الجامعي‬


‫المحتويات‬
‫‪ .I‬المقدمة‬
‫‪ ‬التعريف بمدينة تمبكتو‬
‫‪ ‬تاريخ مدينة تمبكتو‬
‫‪ ‬المساجد التاريخية‬
‫‪ ‬أشهر علماء تمبكتو‬
‫‪ ‬السكان والمناخ‬
‫‪ ‬السياحة في تمبكتو‬
‫‪ .II‬الحركة التعليمية في تمبكتو‬
‫‪ ‬من مظاهر االزدهار‬
‫‪ ‬حركة التعليم‬
‫‪ ‬تنقالت األساتذة والطالب‬
‫‪ ‬دور األوقاف والصدقات‬
‫‪ ‬الخاتمة‬
‫‪ ‬المصادر والمراجع‬
‫ُت ْم ُب ْك ُتو‪ :‬مدينة في شمال مالي‪ ،‬وهي من أهم العواصم اإلسالمية في غرب‬
‫سميت قديما ً تنبكت‪ ]2[،‬وتلقب بجوهرة الصحراء المتربعة على الرمال‪،‬‬ ‫أفريقيا‪ُ .‬‬
‫وهي بوابة بين شمال أفريقيا وغرب أفريقيا‪ ،‬وملتقى القوافل البرية للقادمين‬
‫من النيجر وليبيا و تجار الملح القادمين من تودني‪ ،‬أنجبت العديد من الفقهاء‬
‫والعلماء‪ ،‬وازدهرت فيها الحركة الثقافية‪ ،‬وتعاقب عليها الغزاة وآخرهم‬
‫الفرنسيون الذين قاومتهم قبائل المنطقة بقيادة محمد علي األنصاري‪ .‬اُع ُتبرت‬
‫واحة تمبكتو حاضنة اإلسالم في الصحراء الكبرى ومنارة للعلم فيها ومجمع‬
‫العلماء وهي من أشهر المدن في غرب أفريقيا خاصة منذ القرن الثالث عشر‪،‬‬
‫وجميع سكانها مسلمون وأشهر القبائل التي تقطن المنطقة هم قبيلة األنصار‬
‫(كل أنصر) التي ظهر فيها محمد علي والذي اغتيل في عام ‪ ،1897‬وقبيلة‬
‫السنغاي ذات األغلبية السكانية وكذلك القبائل المتفرعة من األشراف األدارسة‬
‫الذين أشتروا منطقة شمال النهر من أحد ملوك مالي السابقين وبعض القبائل‬
‫ذات األصول العربية والطوارق والبرابيش مدينة تمبكتو العاصمة الثقافية‬
‫والتراثية لجمهورية مالي وملتقى الحضارات والثقافات منذ مئات السنين وتعد‬
‫جوهرة الصحراء الكبرى وقد توالى على حكمها ع ّدة امبراطوريات منها‬
‫امبراطوريات السودان السونغاي إمبراطورية الفالني ثم االمبراطورية‬
‫اإلسالمية المغربية التي يحظى ملوكها السعديون بالوالء والتبعية من سكانها‬
‫التاسع الهجري وحتى دخول المستعمر الفرنسي واسم تمبكتو مأخوذ من وصف‬
‫مهنة امرأة طارقية من طوارق إمقشرن يطلق عليها في حينه بلغة التماشق‪ :‬تن‬
‫بكتاوان أي حافظة األمانات والودائع في فصل الصيف إلى فصل الشتاءللسكان‬
‫حيث كانوا يودعون عند هذه المرأة أمتعتهم التي يخزنونها في فصل الصيف‬
‫إلى فصل الشتاء‪.‬‬
‫أصل التسمية‪:‬‬
‫يجمع المؤرخون على أنَ معنى كلمة تمبكتو هو حافظة األمانات وهو مأخوذ من‬
‫اسم امرأة من الطوارق اسمها (تن بكتاون) أي حافظة األمانات‪ ،‬كانت تقطن في‬
‫الموقع الذي تأسست عليه المدينة فيما بعد‪ .‬امتازت هذه المرأة بحفضها‬
‫لألمانات والودائع واألمتعة للسكان الرحل فاشتهر بها المكان وغلبت التسمية‬
‫على المدينة بعد ذلك‪ .‬وإذا كان الطوارق قد سموا تمبكتو بهذا االســـم الرتباطها‬
‫عندهم بالعجوز بكتو حافظة األمانات‪ ،‬فإن القواميس اإلنكليزية تفسر هذه‬
‫التسمية بأنها المكان القصي الذي لم تطأه قدم البشر ولم يدركه بصر‪.‬‬

‫تاريخ مدينة تمبكتو‬


‫تأسست مدينة تمبكتو بداية القرن الحادي عشر الميالدي‪ ،‬إال أنها لم تكتسب‬
‫شهرة واسعة بوصفها حاضرة للثقافة اإلسالمية إال في منتصف القرن الخامس‬
‫عشر‪ ،‬وتعاقبت عليها ممالك كبيرة مثل مملكة مالي ومملكة السونغاي‪ ،‬ولم يرد‬
‫ذكر المدينة في المصادر العربية قبل زيارة ابن بطوطة لها سنة ‪ ،1353‬إثر‬
‫زيارة سلطان مالي منسا موسى للمدينة عند عودته من الحج ‪ 1325‬واتخاذه‬
‫سكنا ً فيها‪ ،‬حيث بنى ما يعرف اليوم بالجامع الكبير‪.‬‬

‫العصر الذهبي وأنتهاءه‬


‫وشهدت المدينة عصرها الذهبي من الناحية السياسية والعلمية في القرن‬
‫كان يهتم‬‫السادس عشر‪ ،‬وتحديداً في عهد السلطان الحاج أسكيا محمد الذي َ‬
‫بالعلماء‪ ،‬وخرجت عدداً كبيراً من العلماء الموسوعيين الذين ذاع صيتهم في‬
‫اآلفاق مثل أحمد بابا التنبكتي الذي توفي عام ‪1036‬هـ‪ .‬ساد الغزو المغربي‬
‫لتمبكتو عام ‪ - 1591‬أيام السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي ‪ -‬بداية النهاية‬
‫لعصر ازدهارها‪،‬ـ إذ بدأت أهمية تمبكتو العلمية والتجارية تنحدر تدريجيا ً إثر َذلك‬
‫حتى كادت تضمحل‪ .‬تخلّص حكام المدينة العسكريون المغاربة من تبعيتهم لدولة‬
‫السعديين في المغرب‪ ،‬ووقعت تمبكتو تحت سيطرة قبيلة الفولب في النصف‬
‫األول من القرن التاسع عشر إلى أن احتلها الفرنسيون ‪ ،1893‬واستمروا في‬
‫حكمها حتى إعالنـ استقالل مالي ‪.1960‬‬

‫المساجد التاريخية‬
‫تضم المدينة أيضا مجموعة من المساجد األثرية منها‬
‫مسجد جينغربر الذي يقع في أقصى غربها‪ ،‬وهو مسجد بناه المعماري أبو‬
‫إسحاق الساحلي الذي استقدمه سلطان مالي منسا موسى معه من الحجاز عند‬
‫فكان ذلكَ بداية الفن المعماري األندلسي في المنطقة‪ ،‬ويقع هذا‬
‫َ‬ ‫عودت ِه من الحج‪،‬‬
‫المسجد في اقصى غرب المدينة‪.‬‬
‫مسجد سن َكري‪ :‬وهو أحد أقدم معالم المدينة‪ ،‬وكان أيضا ً من أبرز مؤسسات‬
‫التعليم في المدينة‪.‬‬

‫مسجد سيدي يحيى‪ :‬وهو مسجد اثري يقع في قلب المدينة‪ ،‬اسس في عام‬
‫‪1400‬م على يد الشيخ المختار‪.‬‬

‫أشهر علماء تمبكتو ‪:‬‬


‫مجدد القرن العاشر محمد بن محمود بن أبى بكر الونكرى السوداني‪،‬‬
‫الملقب ببغيع التنبكتى (‪ 1002 – 930‬ه = ‪ 1594 – 1524‬م)؛ أحد أعالم‬
‫تنبكتو‪ .‬وهو فقيه مالكي له (فتاوى) كثيرة‪ ،‬و (تعاليق وحواش) على مختصر‬
‫خليل‪ ،‬تتبع فيها ما وقع في الشرح الكبير للتتائي من السهو‪ ،‬وجمعها أحمد بابا‬
‫في تأليف مستقل‪.‬‬
‫– ومنهم أحمد بن أحمد بن أحمد بن عمر بن محمد أقيت السوداني‬
‫يعرف ببابا ولد سنة ‪ ،1032 – 963‬العالمة المتبحر النظار المسند المحدث‬
‫ً‬
‫مركزا علم ًيا مه ًما تفاخر بمكتباتها وعلمائها‬ ‫المؤرخ‪ .‬أصبحت تمبكتو‬
‫ومساجدها تلك الموجودة في مراكش وفاس والقيروان وطرابلس والقاهرة‪.‬‬
‫ومن علمائها عبد الرحمن بن عبد هللا بن عمران السعدي‪ ،‬المؤرخ (‬
‫‪ 1066 – 1004‬هـ = ‪ 1656 – 1595‬م)‪ .‬سافر إلى جني (على نهر النيجر)‬
‫وتولى االمامة بجامعها الكبير سانكوري‪ .‬من أهم مؤلفاته كتاب (تاريخ‬
‫السودان)‪.‬‬
‫– التنبكتي‪ ،‬محمود كعت (‪1075‬هـ‪1664،‬م)‪ .‬القاضي محمود بن الحاج‬
‫المتوكل كعت ‪ .‬ينتمي إلى أسرة كعت التنبكتية‪ .‬كان من العلماء المرموقين في‬
‫(تمبكتو)‪ ،‬مقر ًب ا لدى السلطان‪ .‬وتولى قضاء تنبكت‪ – .‬واشتهر القاضي محمود‬
‫مصدرا أساس ًيا في تاريخ دولة‬
‫ً‬ ‫بمؤلفه تاريخ الف َّتاش‪ ،‬وترجع أهميته إلى كونه‬
‫صنغي‪ ،‬وطر ًفا من تاريخ الدول اإلسالمية األخرى مثل مالي‪.‬‬

‫السكان والمناخ‬
‫‪:‬السكان‬
‫إنّ أغلب سكان تمبكتو من األنصار والطوارق ومن يحالفهم‪ ،‬وهناك مجموعات‬
‫سكانيّة يعود أصلها إلى األدارسة وبعض الشعوب ذات األصول األفريقية‪ ،‬العرب‬
‫وهم عدة قبائل وبطون اتت من هجرات متعددة أهم وجهاتها ومصادرها كانت‬
‫من أقصى الشمال األفريقي (الجزائر‪ ،‬موريتانيا والمغرب) تحديدا ومن القبائل‬
‫العربية المهجرة من األندلس‪ ،‬ويعودون لثالث اتحاديات‪ -1 :‬اتحادية كنتة ‪-2‬‬
‫اتحادية األنصار ‪ -3‬اتحادية البراببيش‪ ،‬ويتبع كل واحدة من تلك القبائل الثالث‬
‫أمم من األتباع والحلفاء والموالي‪ ،‬باإلضافة إلى وجود العديد من القبائل‬
‫المستقلة من مثل قبائل األدارسة من الغزافيين‪ ،‬وكل أن تهون‪ ،‬وإفوغاس‪ ،‬وكل‬
‫السوق الخ‪ ،‬والتي قد ينضوي تحت حلفها بعض القبائل أو قد تكون هي في‬
‫أحالف وائتالفات مع باقي القبائل العربية والطارقية حسب ما تمليه الظروف‬
‫الزمانية أو المكانية على كافة األطراف المتحالفة‪( ]3[]2[.‬الطوارق) وهم أيضا‬
‫عدة قبائل أهمها‪ :‬إولمدن والهغار و«إفوغاس ذوي األصول األدريسية‬
‫والطارقية» وإدنان وإمغاد وغيرهم كثير وكلهم من أصول عربية معروفة ويوجد‬
‫منهم من يعود لألصول األمازيغية البربرية مثل األهغار وإموهاغ أو إموشاغ‪...‬‬
‫(السونغاي)‪.‬‬
‫وحكم كل من تلك القبائل مناطق جنوب وشرق وشمال مالي وعاصمتها تمبكتو‬
‫قبل االستعمار الفرنسي من خالل سالطين كل من‪:‬‬
‫سلطنة السونغاي أو السودان والفالني‬
‫سلطنة إولمدن سلطنة البرابيش سلطنة كنتة‬
‫سلطنة األنصار‬
‫وكانت السلطنتان‪ :‬كنتة واألنصار تابعتين للحكام (السعديين «الهاشميين» من‬
‫نسـل محمـد النفس الزكية) في المغرب حتى دخول المستعمر الفرنسي للبالد اما‬
‫سلطنة البرابيش التي اتخذت اروان عاصمة لها وامتدت جنوبا نحو تمبكتو‬
‫وكابرا‪ ،‬وشماال نحو تودني وتغازة‪ ،‬حيث وصل أحد قادة البرابيش إلى منصب‬
‫باشا تمبكتو‪ .‬وقد توالت على منطقة تمبكتو عدة أزمات من الجفاف ما بين‬
‫السنوات ‪ 1997 - 1970‬م‪ ،‬بسبب «التصحر» الذي كان من أهم أسبابه «الرعي‬
‫الجائر» حيث يعتمد سكان المنطقة على رعي المواشي وبأعداد كبيرة قد تزيد‬
‫عن الحاجة لألسرة الواحدة ألنها هي مصدر الرزق الرئسي هناك فتسخدم‬
‫بالمقايضة بباقي السلع المحدودة‪ ،‬وكذلك بسبب أهمال أو عدم وعي بأهمية باقي‬
‫المجاالت المعيشية كالزراعية منها والفالحية وغيرها‪ ،‬أضافة إلى المؤثرات‬
‫األخرى المتثلة في األحتباس الحراري وحقبة حرق الوقود األحفوري والتي‬
‫كأنت وما تزال لها أثار مدمرة على بيئة المنطقة‪ ،‬التي كانت قبل تلك الحقبة وقبل‬
‫أقل من ثمانية عقود فقط غنية بشتى أشكال الحياة البرية المزدهرة النباتية منها‬
‫والحيوانية‪.‬‬

‫‪:‬المناخ‬

‫إنّ درجات الحرارة في تمبكتو مرتفعة جداً‪ ،‬م ّما يعيق حركة المسافرين‬
‫والسائحين‪ ،‬لذا تعتبر فترة ما بين نهاية يوليو ونهاية نوفمبر هي الفترة األمثل‬
‫‪.‬لزيارة المدينة‬

‫‪.‬السياحة في تمبكتو‬
‫مدينة تمبكتو مشهورة تاريخيا ً بالجامعة اإلسالمية التي كانت تضم أكثر من ‪25‬‬
‫ألف طالب‪ ،‬وتحوي وثائق وكتابات إسالمية قديمة أصولها من القاهرة وبغداد‬
‫وبالد فارس‪ ،‬وتحوي أيضا ً العديد من الوثائق المكتوبة باللغة العربية والتي‬
‫تشمل علوما ً ها ّمة من ّوعة مثل‪ :‬الهندسة والطب والقانون‪ ،‬وهذه الوثائق جميعها‬
‫هي إحدى كنوز التراث اإلسالمي في إفريقيا‪.‬‬
‫أ ّم ا مساجد دجينغاريبير وسانكور وسيدي يحيى فهي من األماكن الجميلة‬
‫التاريخية في المدينة‪ ،‬والتي تم بناؤها في القرنين الرابع عشر والخامس عشر‪،‬‬
‫الرحالين‬
‫ّ‬ ‫ورغم هذا فإنّ عدد سياحها قليل‪ ،‬حيث ال يزورها إال عدد قليل من‬
‫المتواضعين‪ ،‬كما أنّ الكثير من آثار المدينة ضاع في أيدي اللصوص وتجار‬
‫السوق السوداء‪.‬‬
‫إنّ ما يميز تمبكتو بيوتها الطّينيّة التي ُ‬
‫شيّدت من ال ّرمال المجبولة من المحيط‬
‫صنّفت مساجد الطّين في تمبكتو كإحدى معالم‬ ‫الصحراوي الذي تتواجد فيه‪ ،‬وقد ُ‬
‫التراث اإلنساني التي يجب الحفاظ عليها‪.‬‬
‫تقع المدينة على نهر النيجر مما ميزها بأشجار السافانا التي اختفت جراء‬
‫التصحر اليوم‪ ،‬فهي ال تنبت فيها األعشاب نظراً النعدام األمطار‪ ،‬كما تميزت‬
‫المدينة برحالت الركوب على الجمل والتي كانت تعتبر من الرحالت الشاعرية‬
‫الرائعة التي تتميز بها تمكبتو‪.‬‬
‫أدرجت المدينة في عام ‪1990‬م على الئحة التراث العالمي المهدّد بالخطر‪ ،‬وقد‬
‫ت ّمت إجراءات ترميم عديدة م ّكنتها من استعادة بعض رونق معالمها وجمالها‪.‬‬

‫التعليم في تمبكتو في بالد التكرو‪:‬‬


‫كان القرن السادس عشر هو الفترة التي بلغت خاللها الحضارة اإلسالمية أوجها‬
‫بالسودان الغربي‪ .‬أما الحقبة الممتدة بين القرن الثامن والقرن الخامس عشر‪.‬‬
‫فقد كانت فترة تطورات متالحقة لبلوغ مرحلة األوج هذه‪ .‬ومنذ استقرار اإلسالم‬
‫بالمنطقة مع نهاية القرن التاسع الميالدي‪ .‬بدأت تتكون بها عدة تنظيمات‬
‫حكومية‪ .‬ظلت تتخطى الشكل القبلي القديم بالتدرج‪ .‬وقد وصلت المرحلة‬
‫‪.‬الوطنية مع نهاية القرن الخامس عشر‬
‫الحركة التعليمية في تمبكتو‬ ‫‪.1‬‬
‫من مظاهر االزدهار‬ ‫‪.2‬‬
‫حركة التعليم‬ ‫‪.3‬‬
‫تنقالت األساتذة والطالب‬ ‫‪.4‬‬
‫التعليم المهني‬ ‫‪.5‬‬
‫دور األوقاف والصدقات‬ ‫‪.6‬‬

‫‪-1‬الحركة التعليمية في تمبكتو‪:‬‬

‫وقد اعتمد استقرار اإلسالم منذ البداية على عنصرين أساسين هما التجارة‬
‫والتعليم‪ .‬وظلت المظاهر الحضارية في كل السودان الغربي إنما تزداد ازدهارا‬
‫في كل حقبة بالمدن التي تتالءم مواقعها مع توارد قوافل الشمال عليها بالدرجة‬
‫األولى‪ .‬وكان القرن السادس قد قبض خالله لمدينة تمبكتو أن تصبح محطة‬
‫القوافل األولى في كل بالد السودان‪ .‬فسكنها كثير من التجار وقصدها جم غفير‬
‫من العلماء والطالب‪ .‬مما بوأها أثناءه مكانة المدينة األولى للعلم والثقافة في‬
‫السودان العربي كله‪ .‬وفي تلك الحقبة وصفت بأم مدائن السودانيين سواء في‬
‫العلم والحضارة أو في العمران والتجارة‪.‬‬
‫من مظاهر االزدهار‪:‬‬
‫خالل القرن السادس عشر أصبح سكان تمبكتو يزيدون على خمسة وثالثين ألف‬
‫ساكن‪ .‬وربما لم تعد تفوقها آنذاك في كثرة السكان مدينة سودانية أخرى في‬
‫غرب إفريقيا‪ ،‬غير غاو العاصمة السياسية لإلمبراطورية السنغالية التي كانت‬
‫تمبكتو آنذاك إحدى مدنها العامة‪ .‬وفي تلك األثناء أصبحت تمبكتو العاصمة‬
‫الثانية لإلمبراطورية في ميداني االقتصاد والثقافة معا‪ .‬وقد انتظمت شوارعها‪.‬‬
‫وأحيطت المدينة بسور أما المنازل فقد ازدانت نسبة كبيرة من بينها بواجهات‬
‫في شكل زرائب أو حدائق صغيرة تربطها إلى حيطان البيوت سياجات‪ .‬وقد‬
‫احتوت تمبكتو في تلك األثناء على ثالث مساجد كبيرة جوامع مما لم يتهيأ‬
‫لغيرها من كبريات مدن السودان الغربي آنذاك وأخذت أسواقها طابعها اإلسالمي‬
‫كما كانت ترى توارد العديد من القوافل الكبيرة عليها وسكنتها جماعة من‬
‫التجار األغنياء‪ .‬أما حركة التبادل‪ .‬فإنها كانت تمر بفترة من النشاط معتبرة‪.‬‬
‫مدينة السودان األولى وإذا كان القرن السادس عشر قد ظهر خله تمبكتو في‬
‫عالقاتها التجارية مع بلدان المغرب ومصر‪ .‬فإن ذلك القرن هو الذي أصبحت‬
‫خالله تلك المدينة أيضا مركزا هاما من مراكز اإلنتاج الثقافي ضمن ميدان‬
‫الحضارة اإلسالمية الفسيح‪ .‬وبذلك لم يقتصر دورها في هذا الجانب على مجرد‬
‫التبادل مع جزء من العالم اإلسالمي‪ .‬وإنما تجاوزه إلى استيعاب ما أنتجه العالم‬
‫اإلسالمي ككل‪ ،‬والمشاركة في تنميته ونشره بين أمم السودان الغربي وشعوبه‪.‬‬
‫حركة التعليم‪:‬‬
‫رأت تمبكتو في القرن السادس عشر نشاطا قيما يختص بحركة التدريس‪ .‬وقد‬
‫ضمت مدارسها العديد من الطالب واألساتذة‪ .‬كما رأت ألول مرة في تاريخ‬
‫السودان الغربي‪ .‬اتساع التعليم الجامعي‪ .‬وتوارد عليها في تلك األثناء عدد من‬
‫األساتذة من بلدان المغرب‪ .‬فساهموا في تنشيط التعليم وتعميقه وفي تلك الفترة‬
‫بدأ العلماء السودانيون في اإلنتاج فكتبوا شروحا لعدد من المؤلفات الهامة التي‬
‫ألفت خارج السودان‪ .‬وقد صاحب ذلك انتظام مراحل التعليم‪ .‬وأخذه طابعا عاما‬
‫كانت له مميزاته وخصائصه‪ .‬مراحل التعليم‪ :‬كان التعليم في تمبكتو خالل القرن‬
‫السادس عشر ينقسم إلى ابتدائي وثانوي وعال‪ .‬وكان التعليم االبتدائي تنسجم‬
‫فيه المرحلة األولى األساسية لكل الطالب‪ .‬هذا باإلضافة إلى أن مرحلته هي‬
‫الوحيدة التي يبدو أنه كان يراعي فيها إلى حد ما مستوى السن فكان التالميذ‬
‫في السلك االبتدائي ال يتجاوزون في أغلبيتهم مرحلة الصبا‪ .‬وبعد أن ينهي‬
‫الطالب مرحلة التعليم االبتدائي يدخل مرحلة التعليم الثانوي والعالي ولم يكن‬
‫لهاتين المرحلتين عرف معين في السن‪ .‬كما أن الفروق بينهما لم تكن واضحة‪.‬‬
‫ولعل مرد ذلك إلى أن هاتين المرحلتين كان التعليم فيهما حرا بالنسبة النخراط‬
‫الطلبة‪ .‬أما في المرحلة االبتدائية فال شك أن اآلباء هم الذين كانوا يقودون‬
‫أبناءهم إلى معلمهم الصبيان‪ .‬ويجبروهم على الدوام‪ .‬كما يراقبون مدى‬
‫استيعابهم وكانت مرحلة التعليم الثانوي تمتاز بان الكتب التي تدرس فيها هي‬
‫الكتب المبسطة وكان يتولى تدريسها غالبا من يسمون ب األشياخ‪ .‬ويبدو أن‬
‫األشياخ في العرف العام آنذاك كانوا متوسطي الثقافة بالنسبة لألساتذة‪ .‬ولكن‬
‫عددا من األساتذة تعاطوا أيضا تدريس مثل هذه المؤلفات‪ .‬وهذا مما يجعل‬
‫االنفصال بين المرحلتين واضحا للباحث وألولئك األساتذة في نفس الوقت كانوا‬
‫يجمعون إلى ذلك تدريس أمهات الكتب المفصلة في نفس الموضوع‪.‬ويبدو أنهم‬
‫كانوا يقسمون أوقاتهم خالل النهار فيدرسون مثال في الصباح طالب في مستوى‬
‫الثانوي‪ ،‬ثم يجلسون بعد الظهر لطالب المرحلة العليا أو العكس‪ ،‬ومن هنا يبدو‬
‫االنتظام في المراحل التي يمر بها الطالب من حيث التدرج في مستويات التعليم‬
‫بين المراحل ووجود منهج قار لكل مرحلة مما تجدر اإلشارة إليه هنا أن أولئك‬
‫األساتذة واألشياخ كانوا يؤمنون بكثير من خوارق العادات‪ ،‬فهناك من بينهم من‬
‫يعتقدون بالغيبيات‪ .‬ويعملون لحصل الناس على تصديقهم‪.‬وكان المتخرجون‬
‫على أيديهم يتطبعون بتلك الروح في الغالب‪ .‬أمكنة التدريس‪ :‬كانت أمكنة‬
‫التدريس األساسية هي المساجد والجوامع وكان من أشهرها وأكثرها اكتظاظا‬
‫بجموع الطلبة والمدرسين خالل القرن السادس عشر جامع سنكورى‪ .‬وهو يقع‬
‫في القسم الشمالي من مدينة تمبكتو وقد بنته سيدة فاضلة ورد في الروايات‬
‫أنها كانت من الموسرات ثم جامع دنفريير وكان قد بناه في األصل أحد‬
‫األندلسيين لكانكان موسى صاحب مالي‪ ،‬ثم ادخلت عليه تحسينات ووسعت‬
‫مساحته مرتين خالل القرن السادس عشر وذلك لكي يسمع جموع قاصديه من‬
‫الطلبة والمصلين ويبدو أن تكاثر االزدحام عليه هو الذي كان يدعو باستمرار‬
‫إلى العمل على توسيعه ويأتي بعد هذين مسجد سيدي يحيى وقد بنى تخليدا ألحد‬
‫علماء المغرب الذين باشروا التعليم في تمبكتو خالل النصف األول من القرن‬
‫السادس عشر‪ .‬فاجتهدوا في تعليمهم وأفادوا الناس‪ .‬وإلى جانب هذه المساجد‬
‫الثالث كان يوجد جامع خالد وهو كما يدل إطالق اسم الجامع عليه كان كبيرا‬
‫نسبيا‪ .‬إال أن الدراسة فيه ربما كانت مقتصرة على المرحلة الثانوية فقط‪ .‬وقد‬
‫كانت بعض الجوامع تحتوي على مراحل التعليم الثالث‪ .‬فيجلس في جانب من‬
‫الجامع طلبة القرآن مع تالميذهم‪ .‬ويجلس في فنائه وقاعاته غالبا أشياخ التعليم‬
‫الثانوي وأساتذة التعليم العالي ولكن طلبة القرآن في الغالب كانوا يتخذون‬
‫دكاكين خاصة لعملهم أو يلتصقون بجنبات المساجد الصغيرة‪ .‬كما أن بعض‬
‫األساتذة وكذلك األشياخ‪ .‬كانوا أحيانا يتعاطون التدريس في منازلهم‪ .‬إال أن هذا‬
‫كان في حاالت قليلة‪ .‬أما غالب جلوسهم فقد كان في رحاب المساجد والجوامع‪.‬‬
‫طريقة التدريس ‪ :‬كانت المناقشة بين األستاذ وطالبه جاريا بها العمل‪ .‬أما‬
‫التواضع ولين الجانب للطلبة‪ .‬فقد كانا من شبه األساتذة الالمعين بتمبكتو في‬
‫تلك الفترة وكان صبر األستاذ على تفهيم طلبته يعتبره الثاني من صفات‬
‫األساتذة الناجحين في مهنتهم وكانت الطريقة الشائعة في الدرس هي أن يبدأ‬
‫األستاذ بإمالء رأيه في المسائل على طلبته وبعدها يقرأ الطالب درسهم من‬
‫الكتاب المقرر بحضور األستاذ ثم يطلب كل منهم توضيح ما يشكل عليه‪ .‬وأثناء‬
‫ذلك يقيد الطلبة التفاسير التي يعطيها األستاذ كجواب على استفساراتهم‪ .‬ويبدو‬
‫أنه أثناء الشرح كان األساتذة يختارون العبارات المبسطة لكي يتمكن طالبهم‬
‫من استيعاب ما يقولون‪.‬ـ ولعلنا إذ أردنا أن نوجز معالم الطريقة المثلى في‬
‫اعتبار الناس آنذاك‪ ...‬ويضاف إلى هذا أن المدرسين على اختالف مستوياتهم‬
‫لم يكونوا يلتزمون بالتوقف عند مادة بعينها‪ .‬بل أنهم كانوا يتصدون غالبا‬
‫لتدريس مواد عديدة‪ .‬ولكنهم ال يدرسون إال المواد التي يكونون قد اتقنوها‬
‫وأجيزوا فيها‪ .‬اإلجازات‪ :‬عرف المدرسون والطالب في تمبكتو خالل القرن‬
‫السادس عشر نظام الشهادات‪ .‬كما عرفته البالد اإلسالمية األخرى‪ .‬وبما أن‬
‫طلب العلم كان يتصف بالحرية التامة‪ .‬فيما يتصل بالطالب‪ .‬فإنه يبدو أن‬
‫األساتذة أيضا كانوا ال يجبرون الطالب إال بعد التأكد من تمكنهم في المواد التي‬
‫يدرسونها لهم‪ .‬أما طريقة اإلجارة فقد كانت بسيطة ولكنها كانت مما يتالءم‬
‫والطريقة الحصيفة التي تستند إلى تأكد األستاذ من أن الطالب قد أحرز على‬
‫التمكن الكافي في مادة يعينها‪ .‬ذلك أن األستاذ ال يراعي أية شكليات في منح‬
‫اإلجازة لطالب العلم على يديه‪ .‬ولكنه يراعي بدقة مدى الكفاءة التي يكون‬
‫الطالب قد حصل عليها‪ .‬وقد كانت الشهادات تعطى فردية‪ .‬بمعنى أن الطالب‬
‫يستطيع الحصول على شهادة من األستاذ ويتعاطى تدريسها‪ .‬ولكنه يبقى طالبا‬
‫في مواد أخرى وناء على هذا فإن الشهادات كانت في شكل انطباع يسجله‬
‫األستاذ على مذكرات الطالب في مادة أو أكثر‪ .‬بعد أن يكون هذا األخير قد اطلع‬
‫على كل المؤلفات الكبيرة والصغيرة في موضوعهاـ وإيجاد تحصيل المعلومات‬
‫الموجودة بها‪ .‬ومن ناحية أخرى فقد كان األساتذة يتحرون في العبارات التي‬
‫يكتبون بها الشهادات للطالب بحيث ينحصر محتواها في نطاق المعلومات التي‬
‫أتقنها األستاذ المدرس وال يتجاوزها لغيرها ومن هنا يتضح مدى الدقة في نظام‬
‫تلك اإلجازات رغم بساطتها‪..‬‬
‫تنقالت األساتذة والطالب‪:‬‬
‫كان توارد األساتذة من بلدان المغرب على تمبكتوـ قد أخذ شكال أوسع‬
‫خالل القرن السادس عشر‪ .‬وكانت نسبة كبيرة من المدرسين بتلك‬
‫المدينة من بلدان المغرب‪ .‬أما الطلبة فقد كانت لهم خالل القرن السادس‬
‫عشر حركة نشيطة وراء طلب العلم وأكثر الذين كانوا يردون على‬
‫تمبكتوـ كانوا من المناطق الغربية وكثير من الطلبة كانوا حينما ينهون‬
‫دراستهم في تمبكتو ينتقلونـ إلى المغرب األقصى أو إلى المشرق أما‬
‫إلى المغرب فإنهم كانوا يذهبون إلى مدينة مراكش بالدرجة األولى‬
‫وبعضهمـ كان يقصد فاس كما كان العديد من الحجيج يغتنمون الفرصة‬
‫أثناء ذهابهم إلى المشرق فيجالسون العلماء الالمعين بمصر والحجاز‬
‫وقد تطول إقامة بعضهمـ عدة سنين فال يعودون إلى تمبكتو إال بعد أن‬
‫يكونواـ قد حصلوا على عدد من اإلجازات وقد عرف عن سكان تمبكتو‬
‫حرصهم على تهيئة كل ما يمكن لهم تقديمه من أنواع المساعدات‬
‫للطلبة الذين كانوا يقصدون مدينتهم وقد كان ألولئك الطلبة مشاركة‬
‫اجتماعية واسعة في والئم األفراح والجنائز‪.‬‬

‫التعليم المهني‪:‬‬

‫ال يوجد في كتابات المؤرخين من تلك الفترة ما يشير إلى وجود تعليم مهني‬
‫منظم في تمبكتو إال في ميدان الخياطة‪ .‬هذا بالرغم من وجود دكاكين يبدو أنها‬
‫كانت عديدة ومتنوعة يشغلها أصحاب الحرف المختلفة في تلك المدينة‪ .‬أما في‬
‫ميدان الخياطة فإنه يبدو أن المدينة كان بها تعليم منظم إلى حد ما‪ .‬وكان طالبه‬
‫كثيرين فقد ذكر كعت أنه كان يوجد بها حوالي ستة وعشرون بيتا من بيوت‬
‫الخياطين وكلها من النوع المتخصص في تعليم مهنة الخياطة وكانت تسمى‬
‫باللهجة المحلية تند بكسر األول واألخير سكون الوسط وكان كل بين من بينها‬
‫يتراوح عدد الطلبة فيه بين خمسين إلى سبعين طالبا‪ .‬ويتولى التدريس في كل‬
‫بيت من بينها معلمون متخصصون في تعلم تلك المهنة يدعى كل واحد منهم‬
‫الشيخ الرئيس وال ندري كيف كان يقبل الطلبة في كل مدرسة من تلك المدارس‬
‫غير أننا إذا قارنا بما كان يوجد في الجزائر آنذاك ألن تمبكتو كانت كثيرا ما تقلد‬
‫المغاربة نجد أنهم ربما كانوا يدخلون تلك المدارس المهنية ليشتغلوا بدون أجرة‬
‫وذلك حتى يتقنوا الحرفة ويحذقونها أما قبل الوصول إلى مثل هذه الغاية فإن‬
‫أجرتهم إنما تقابل في العادة بما يتعلمونه مجانا‪ .‬وهكذا حظيت مدينة تمبكتو‬
‫خالل القرن السادس عشر بما لم تحظ به مدينة أخرى في غرب أفريقيا في ذلك‬
‫الوقت وكان من أبرز العوامل التي هيأت لها ذلك ازدهار الحركة التعليمية بها‬
‫في المقام األول‪ .‬ولذا أخذت نوعا من القداسة في نظر الناس مما جعل الحكومة‬
‫على إسناد جميع أمور الناس فيها للقاضي‪ .‬وقد بلغت شهرتها اآلفاق فقصدها‬
‫الطالب من جميع بالد السودان كما توارد عليها بعض الطلبة من مراكش أيضا‪.‬‬
‫أما األساتذة فقد كان عدد كبير من بينهم مغاربة وبهذه الصورة قامت تلك‬
‫المدينة بدور كبير فيما يتعلق بنشر الثقافة في سهوب السودان الغربي كلها كما‬
‫أصبحت من بين المراكز الهامة في العالم اإلسالمي جميعه وأسفر ذلك عن‬
‫تحضر السكان بها ولين عريكتهم وصالح حالهم ولكن الباحث رغم ذلك كله ال‬
‫يستطيع استيعاب كل المعلومات الكافية حول االزدهار األكيد الذي عرفته المدينة‬
‫في حقل التعليم وال يعود ذل فقط لشح المصادر الموجودة حول هذا الموضوع‬
‫وإنما يعود أيضا لندرتها ولنا األمل في أن يسفر النشاط الواسع الذي يقوم به‬
‫الباحثون حاليا في مختلف جامعات العالم ومؤسسات البحث المنتشرة في‬
‫أرجائه عن نتائج طيبة في موضوعات التاريخ اإلفريقي معها وكلها ال يزال‬
‫الغموض يكتنف العديد من جوانبها حتى اآلن‪.‬‬

‫دور األوقافـ والصدقات‪:‬‬


‫يبدو أن األوقاف والصدقات كانت العامل التمويلي الهام في ازدهار حركة التعليم‬
‫في تمبكتو خالل القرن السادس عشر‪ .‬فمعظم المصاحف والمخطوطات التي‬
‫بقيت من تلك الفترة تحمل في طياتها ذكرا بتوقيفها على الجوامع من طرف‬
‫أشخاص كانوا يبتغون من وراء ذلك وجه هللا‪ .‬كما كان تعيين األئمة والمدرسين‬
‫وترتيب الجرايات لهم يتواله القاضي وهو ينفق على ذلك من األوقاف‬
‫والصدقات التي كان يتلقاها بسخاء كبير من المحسنين ومعظم الجوامع التي‬
‫قامت في تمبكتو في تلك الفترة كان بناها أفراد موسرون في شكل أوقاف‬
‫للصالة والتعليم فمسجد ستكرى مثال بنته امرأة واحدة اغاللية ذات مال كثيرة‬
‫في أفعال البر على حد تعبير السعدي‪ .‬وكذلك الجامع الكبير فقد بناه من ماله‬
‫الخاص موسى صاحب مالي وصومعتها على خمسة صفوف‪ .‬ولقد كانت الكلمة‬
‫األولى في حكم مدينة تمبكتو تعود للقاضي وكان يتلقى الهدايا الكثيرة بسخاء‬
‫منصوص عليه في المصادر وذلك حينما يقوم بعمل ما لتحسين مسجد أو بناء‬
‫مدرسة أو توسيعها لتفي بحاجة الطلبة واألساتذة ولهذا كان قضاة تمبكتو‬
‫يبدون في أعين الناس وكأنهم من أكثرهم قدرة على اإلنفاق في مشاريع البر‬
‫من هذا النوع التي كانوا يقومون بها بشكل مستمر وملفت لالنتباه‪ .‬ومما يذكر‬
‫المؤرخون في هذا الموضوع أيضا أن أسقيا الحاج محمد أنفق على بناء رواق‬
‫من ماله الخاص في القاهرة كي يسكن فيه الطلبة والمدرسون من بالد التكرور‬
‫الوافدون على األزهر الشريف‪ .‬كما أنه حبس توابيت فيها ستون جزء من‬
‫المصحف بعد صالة الجمعة‪ .‬ويذكر المؤرخون السودانيون من تلك الفترة أن‬
‫الختمة بقيت يقرأ فيها إلى العشرين بعد األلف حيث وقع تعويض تلك المصاحف‬
‫بأخرى حبسها الحاج علي بن سالم بن عبيدة المسراتي‪.‬‬
‫وخالصة القول‪ :‬إن األوقاف والحبس كانت متنوعة‪ .‬وهناك إشارات قوية إلى‬
‫دورها الكبير في ازدهار حركة التعليم في تمبكتو‪ .‬وإذا كانت المصادر لم تعطنا‬
‫التفاصيل الكافية فهي في اإلشارات العامة تشير إلى هذا الدور بكل وضوح‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫أخيرا إن تمبكتو من المدن اإلفريقية اإلسالمية الذين اهتموا منذ النشأة بالمذهب‬
‫المالكي‪ ،‬وأصبح “المدونة” و”الرسالة” و”الساللجية”‪ ،‬و”خليل” من أمهات‬
‫مصادرها الفقهية‪ .‬ولها اهتمام كبير بالسلوك واألخالق والرقائق واحترام‬
‫العلماء واألولياء‪،‬ـ وتم بحمد هللا كتابة هذا البحث سائلين هللا التوفيق والسداد‪.‬‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫دافيدس بازل أفريقيا تحت أضواء جديدة دار الثقافة بيروت ‪ 1963‬ترجمة‬ ‫‪‬‬

‫محمد أحمد‪.‬‬
‫قداح نعيم أفريقيا الغربية في ظل اإلسالم مطبعة الوحدة دمشق دون تاريخ‬ ‫‪‬‬

‫عبد القادر زيادية مملكة سنغاي في عهد االسيقين الجزائر ‪1973‬‬ ‫‪‬‬

‫كعت محمود تاريخ القتاش ميزوناف باريس ‪ 1964‬تحقيق هوداس ص‬ ‫‪‬‬

‫‪.143‬‬
‫أحمد بابا نيل االبتهاج بتطريز الديباج فاس ‪ 1317‬هـ ص ‪.41‬‬ ‫‪‬‬

‫حسن إبراهيم حسن‪ ،‬تاريخ الدولة الفاطمية‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .‬القاهرة‪.1963 .‬‬ ‫‪‬‬

‫المصدر لمعلومات (حركة التعليم في تمبكتو في بالد التكرو خالل القرن ‪)16‬‬
‫موقع وزارة األوقاف والشؤون المغربية‪.‬‬
‫رقم التسجيل‬ ‫أسماء المشاركين‬

You might also like