You are on page 1of 46

‫دور السلطان محمد الفاتح فى خدمة العلم‬

‫والعلماء‬
‫(‪833-886‬هـ‪1481-1429 /‬م)‬

‫دكتورة‪ /‬نيفين مصطفى حسن سعد‬

‫‪1‬‬
‫المدرس بقسم التاريخ ‪ -‬كلية اآلداب‬
‫جامعة المنوفيةـ‬

‫‪2‬‬
and scientists, as one of the largest ‫الملخص باللغة العربية‬
Islamic personalities that have left a
deep impression is still in many ‫يهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدف البحث إلى دراسة دور‬
respects and influential to the
‫السـ ـ ـ ــلطان محمـ ـ ـ ــد الفـ ـ ـ ــاتح فى خدمـ ـ ـ ــة العلم‬
phenomenon of our time. These
personal diverted Islamic history and ‫ـ باعتبـ ـ ــاره من أكـ ـ ــبر الشخصـ ـ ــيات‬،‫والعلمـ ـ ــاء‬
open a European Istanbul ‫االسالمية التى تركت اثـراً عميقـاً ال تـزال فى‬
(Constantinople). We can shed light
on an important aspect of his life and ‫كث ـ ــير من جوانب ـ ــه ظ ـ ــاهرة وم ـ ــؤثرة إلى وقتن ـ ــا‬
personality that had a big role in the ‫ وهــذه الشخصــية حـولت مجــرى التــاريخ‬.‫هذا‬
care of the scientific life of science
and scientists and its association with ‫اإلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالمى واألوروبى بفتح اسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتانبول‬
scientists of his time and the ‫ ويمكنن ـ ــا إلق ـ ــاء الض ـ ــوء على‬.)‫(القس ـ ــطنطينية‬
importance that scientists in
supporting him. ‫جانب مهم من حياته وشخصيته التى كان لهــا‬
This is because my interest in this ‫دور كب ـ ــير فى الحي ـ ــاة العلمي ـ ــة برعايت ـ ــه للعلم‬
aspect of the life of Mohamed that he
has not been given adequate attention ‫والعلماء وارتباطه بعلماءـ عصــرهـ وأهميــة ذلــك‬
from historians, this compared to ‫ ويرجــع اهتمــامى بهـذا‬.‫فى مؤازرة العلماءـ لـه‬
what wrote about the military and
‫الجانب من حياة محمد الفاتح إلى انه لم ينــل‬
political aspects of his reign and
famous including its conquests. ‫ هــذا بالمقارنــة‬،‫العنايــة الكافيــة من المــؤرخين‬
Among the most prominent ‫ب عن الجــوانب العســكرية والسياســية‬ ِ
themes of this study are the َ ‫بمــا ُكت‬
following: .‫فى عهده وبما اشتهر به من فتوحات‬
First: Personal Fatih Sultan ‫ـرز مح ــاور ه ــذه الدراس ــة هى‬
ُ ‫ومن أب ـ‬
Mohamed and the history of his life.
Second: interest Fatih Sultan :‫اآلتى‬
Mehmet school: Conqueror schools. ‫ شخصية السلطان محمـد الفـاتح وتــاريخ‬:ً‫أوال‬
Third: the role of scientists in the
life of Sultan Mehmet the Conqueror. .‫حياته‬
‫ اهتمـ ـ ـ ــام السـ ـ ـ ــلطان محمـ ـ ـ ــد الفـ ـ ـ ــاتح‬:‫ثانيـ ـ ـ ــا‬
.‫ مدارس الفاتح‬:‫بالمدارس‬
‫ دور العلم ــاء فى حي ــاة الس ــلطان محم ــد‬:ً‫ثالث ـا‬
.‫الفاتح‬

Abstract
The research aims to examine the
role of Sultan Mohamed the
Conqueror in the service of science

3
‫تمهيد‪:‬‬
‫يهـ ــدف البحث إلى دراسة دور السـ ــلطان محمـ ــد الفـ ــاتح فى خدم ـ ـةـ العلم والعلمـ ــاء‪،‬‬
‫باعتباره من أكبر الشخصيات االسالمية التى تركت اثراً عميقـاً ال تــزال فى كثــير من جوانبــه‬
‫ظـاهرة ومـؤثرة إلى وقتنــا هـذا‪ .‬وهـذه الشخصـية حــولت مجــرى التـاريخ اإلسـالمىـ واألوروبى‬
‫بفتح اســتانبول (القســطنطينية)‪ .‬ويمكننــا إلقــاء الضــوء على جــانب مهم من حياتــه وشخصــيته‬
‫الــتى كــان لهــا دور كبــير فى الحيــاة العلميــة برعايتــه للعلم والعلمــاء وارتباطــه بعلمــاء عصــره‬
‫وأهميــة ذلــك فى مــؤازرة العلمــاء لــه‪ .‬ويرجــع اهتمــامى بهــذا الجــانب من حيــاة محمــد الفــاتح‬
‫ب عن الجــوانب العســكرية‬ ‫ِ‬
‫إلى انه لم ينل العناية الكافية من المؤرخين‪ ،‬هذا بالمقارنــة بمــا ُكت َ‬
‫والسياسية فى عهده وبما اشتهر به من فتوحات‪.‬‬
‫أبرز محاور هذه الدراسة هى اآلتى‪:‬‬
‫ومن ُ‬
‫أوالً‪ :‬شخصية السلطان محمد الفاتح وتاريخ حياته‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اهتمام السلطان محمد الفاتح بالمدارس‪ :‬مدارس الفاتح‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬دور العلماء فى حياة السلطان محمد الفاتح‪.‬‬
‫وس ــوف أب ــدأ بدراس ــة الج ــوانب التاريخي ــة لحي ــاة الس ــلطان محم ــد الف ــاتح ودوره فى‬
‫البنــاء الحضـارى للدولــة العثمانيــة‪ ،‬ثم تحليـل األحـداث التاريخيـة الخاصـةـ بحياتـه‪ ،‬ثم توضـيح‬
‫دور السلطان محمد الفاتح فى خدمة العلم والعلماء‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أوالً‪ :‬شخصية السلطان محمد الفاتح وتاريخ حياته‪:‬ـ‬
‫يٌعد السلطان محمد الفــاتح من أعظم ســالطين آل عثمــان‪ ،‬وشــملت عالقاتــه السياسـية‬
‫والحربيــة أوروبــا وآســيا وافريقيــا‪ ،‬ويعتــبر بحــق موطــد الســيادة العثمانيــة على أوروبــا ومبــدد‬
‫األحالف الصــليبية‪ ،‬وهــو أول ســلطان عثمــانى اشــتهر عنــد األوربــيين وكــثر حــديثهم عنــه‪ ،‬بــل‬
‫وأول حــاكم اســالمى أطلــق عليــه أهــل أوروبــا لقب الســيد العظيم‪ ،‬وكــان مجــرد ســماع اســمه‬
‫يث ــير الــرعب والهلــع فى قلــوب اعدائ ــه‪ ،‬وال ادل على ذل ــك من احتفــال أوروب ــا بموت ــه‪ ،‬فقــد‬
‫أقـ ــامت البابويـ ــة فى رومـ ــا الحفالتـ والمهرجانـ ــاتـ الصـ ــاخبة ابتهاج ـ ـاً بـ ــذلك‪ ،‬وظلت الرهبـ ــة‬
‫والرعب من هذا السلطان تخيم على اعدائه فى أوروبا حقبــة طويلــة من الــزمن ولعشــرات من‬
‫السنين بعد وفاته(‪.)1‬‬
‫ولد السـلطان محمـد الفـاتح بأدرنه(‪ )2‬فى ‪ 7‬رجب ‪833‬هــ‪ /‬ابريـل ‪1429‬م‪ ،‬وهـو ابن‬

‫‪ )*( 1‬بحث تم إلقائه وقبوله فى المؤتمر الدولى الثانى فى تاريخ العلوم عند العرب والمسلمين ـ ـ جامعة الشارقة ـ ـ‬
‫اإلمارات العربية المتحدة فى الفترة من ‪11-8‬ديسمبر ‪.2014‬‬
‫() عبد السالم عبد العزيز فهمى‪ ،‬السلطان محمد الفاتح فاتح ستانبول ( القسطنطينية ) وقاهر الروم (‪-833‬‬
‫‪886‬ه‪ 1481-1429/‬م ) سلسلة اعالم المسلمين‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة الخامسة‪1993 ،‬م‪ ،‬ص ‪.31-30‬‬
‫نهرو محمد الكسنزان‪ ،‬السلطان محمد الفاتح حياته وفتوحاته‪ ،‬دار ورد األردنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪2013‬م‪ ،‬ص‪.23 ‬‬
‫‪2‬‬
‫() أدرنة ‪ :‬عاصمة العثمانيين بعد بورصة‪ ،‬وتعزى اهميتها التاريخية إلى موقعها االستراتيجى على الطريق بين‬
‫االناضول والبلقان وتحكمها فى الممر الطبيعى بين جبال رودوب واسترانجا‪ ،‬تسميها المصادر العثمانية باسماء‬
‫تشريفية مثل " دار النصر " والميمنة " و " دار السلطنة‪ ،‬استولى عليها االتراك العثمانيون سنة ‪763‬هـ‪1362/‬م فى‬
‫عهد مراد األول وصارت القاعدة المتقدمة للفتوحات العثمانية فى أوروبا‪ ،‬مما حمل خلفاءه على نقل العاصمة إليها‬
‫وفيها وضعت خطط حصار ستانبول ( القسطنطينية ) من طرف السلطان محمد الثانى " الفاتح " الذى اتخذها‬
‫عاصمة حتى بعد فتح اسطانبول‪ ،‬ولذلك بنى فيها السالطين قصورا ومساجد كبيرة واشتهرت بحمالت الصيد‬
‫والحفالت السلطانية التى كانت تقام فيها (انظر ‪ :‬محمد بن عبد الوهاب المكناسى‪ ،‬رحلة المكناسى‪ ،‬احراز المعلى‬
‫والرقيب فى حج بيت اهلل الحرام وزيارة القدس الشريف والخليل والتبرك بقبر الحبيب (‪1785‬م) تحقيق محمد‬
‫بوكبوط‪ ،‬دار السويدى للنشر والتوزيع والمؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2003 ،‬ص‪,78‬ح‬
‫‪ . 86‬ولمزيد من التفاصيل انظر ‪ :‬سليمان بن خليل بن بطرس جاويش من دير القمراننى‪ ،‬التحفة السنية فى تاريخ‬
‫ستانبول (القسطنطينية)‪ ،‬طبعة مصورة عن طبعة نادرة‪ 3 ،‬اجزاء‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1887 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.44‬‬
‫ابراهيم زكى خورشيد‪ ،‬أحمد الشنتناوى‪ ،‬عبد الحميد يونس‪ ،‬دائرة المعارف االسالمية‪ ،‬كتاب الشعب‪ ،‬المجلد‬
‫الثانى‪ ،‬ج‪ ،15‬مادة‪ :‬ادرنة‪ ،‬ص ‪ . )481-476‬بورصة ‪ :‬عاصمة العثمانيين بين سنتى ‪1326‬م – ‪1402‬م خالل‬

‫‪5‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الســلطان مــراد الثــانى من أعظم ســالطين آل عثمــان وحفيــد الســلطان محمــد جلــبى األول‬
‫مجــدد بنيــان الدولــة العثمانيــة ومنشــئها الثــانى بعــد نكبــة تيمورلنــك (‪ )4‬الــتى مــنيت بهــا البالد‬
‫عقب هزيمـ ــة بايزيـ ــد األول فى معركـ ــة أنقـ ــرة‪ .‬ويعـ ــد محمـ ــد الثـ ــانى سـ ــابع سـ ــالطين الدولـ ــة‬
‫العثمانية(‪ ،)5‬لقب بالفاتح وأبى الخيرات حكم ما يقــرب من ثالثين عامـاً (‪1451‬ـ ـ ‪1481‬م)‬
‫كـانت خـيراً وعـزة للدولـة العثمانيـة والمسـلمين(‪ )6‬تـولى حكم الدولـة العثمانيـة وهـو شـاب لم‬
‫يتجاوز عمره ‪ 22‬سنة (‪.)7‬‬
‫نشـ ــأ محمـ ــد الفـ ــاتح فى بيئـ ــة طابعهـ ــا متانـ ــة الخلـ ــق ومن جيـ ــل سـ ــمته صـ ــفاء السـ ــريرة‬

‫زحفهم على الممتلكات البيزنطية‪ ،‬وتقع فى آقصى شمال غرب آسيا الصغرى‪ ،‬وكانت من المراكز التجارية‬
‫المزدهرة بحكم موقعها = فى سهل خصب وعلى طرق المواصالت الرابطة بين استنابول وسواحل بحر مرمرة‬
‫والداخل‪ ،‬فكانت القوافل الحاملة لبضائع الشرق تفرغ حموالتها ببروسة خالل قرون‪ ،‬كما أزدهر فيها إنتاج الحرير‬
‫خالل القرن ‪ 16‬م لتعرف مكانتها االقتصادية تراجعاً أمام منافسة أزمير خالل القرنين ‪ 17‬و‪ 18‬وكانت مركزاً‬
‫إلنتاج الحرير بتركيا إلى اليوم (انظر ‪ :‬محمد بن عبد الوهاب المكناسى‪ ،‬رحلة المكناسى‪ ،‬ص ‪ ،95-94‬ح‬
‫‪.), 124‬‬
‫‪3‬‬
‫‪()Tursun bey، Tarih-i Ebu’l – Feth، Hazirlayan Mertol Tulun، Baha matbaasi،‬‬
‫‪(Istanbul، 1977)، pp.34-36، Ismail Hami Danismend، fatih’in، hayati ve fetih takvimi،‬‬
‫‪Kanaat Matbaasi، (Ankara، 1953)، . 19.‬‬
‫‪4‬‬
‫()تيمورلنك ‪ :‬أو تيمور األعرج ولد سنة ‪736‬هـ‪1336/‬م تقريباً فى بلدة بالقرب من سمرقند وينتمى إلى إحدى‬
‫األسر النبيلة حيث يتصل نسبه بجنكيزخان المغولى من جهة النساء‪ ،‬وخلف عمه سيف الدين فى إمارة كيش سنة‬
‫‪762‬هـ‪1360 /‬م وأخذ فى فتح ما حوله من اإلمارات والقبائل‪ ،‬وفى سنة ‪771‬هـ‪1369 /‬م جلس على عرش‬
‫خراسان وقاعدته سمرقند واستطاع أن يتوسع بجيوشه الجرارة وأن يسيطر على جزء كبير من العالم االسالمى فقد‬
‫أنتشرت قواته العسكرية فى آسيا من دلهى إلى دمشق ومن بحر آرال إلى الخليج العربى واحتل فارس وأرمينيا‬
‫وأعالى الفرات ودجلة والمناطق الوآقعة بين بحر قزوين إلى البحر االسود وفى روسيا سيطر على المناطق الممتدة‬
‫بين أنهار الفولجا والدون والدنيبر‪ ،‬وقد أتصف تيمورلنك بالشجاعة والعبقرية الحربية والمهارة السياسية‪ ،‬وكان‬
‫يتروى فى أموره ويجمع المعلومات ويرسل العيون والجواسيس ثم يصدر أوامره بعد تر ِو ِ‬
‫وتان بعيدة عن التسرع‬
‫واألنفعال وقد توفى فى ‪ 17‬شعبان سنة ‪807‬هـ ‪ 18 /‬فبراير ‪1405‬م فى آقليم خوقند قبل أن يصل إلى الصين التى‬
‫كان متجها لمحاربتها ( انظر‪ :‬صبحى عبد المنعم‪ ،‬عبد الحميد سليمان‪ ،‬دراسات فى تاريخ الدولة العثمانية‪ ،‬مكتبة‬
‫الرشد ناشرون‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪1425 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪ ،43‬ح‪.)3‬‬
‫‪5‬‬
‫() فريد بك المحامى‪ ،‬تاريخ الدولة العلية العثمانية‪ ،‬تحقيق د‪ .‬إحسان حقى‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪1981‬م‪ ،‬ص ‪ . 160‬برنارد لويس‪ ،‬استنبول وحضارة الخالفة االسالمية‪ ،‬تعريب وتعليق سيد رضوان على‪ ،‬الدار‬
‫السعودية للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية‪1982 ،‬م‪ ،‬ص ‪ ،17‬ح‪.4‬‬

‫‪6‬‬
‫ونقاؤه ــا‪ ،‬وع ــنى وال ــده بتنش ــئته وبتربيت ــه جس ــمياً وعقلي ـاً وديني ـاً‪ ،‬فمرن ــه على رك ــوب الخي ــل‬
‫والرمى بالقوس والضرب بالسيف(‪ ،)8‬ومنذ صـغره كـان والـده السـلطان مـراد الثـانى يصـطحبه‬
‫معه بين حين وآخر إلى بعض المعارك‪ ،‬ليعتـاد مشـاهد الحـرب ومنـاظر الجنـود فى تحركـاتهم‬
‫واستعداداتهم‪ ،‬وليتعلم قيــادة الجيش وفنــون القتـال عمليـاً‪ ،‬حــتى إذا مـا ولى السـلطنة وخـاض‬
‫غمار المعارك خاضها عن دراية وخبرة(‪.)9‬‬
‫لقـ ــد امتـ ــاز السـ ــلطان محمـ ــد بشخصـ ــية فـ ــذة جمعت بين القـ ــوة والعـ ــدل‪ ،‬فمن طفـ ــل‬
‫مشـاكس كــان من الصــعب جــداً تهذيبـه‪ ،‬ثم إلى يــافع عنيــد‪ ،‬صـار فى نهايـة األمــر عـاهالً يتمــيز‬
‫بالنزوع إلى التسلط(‪ .)10‬كما أنه فاق أقرانه منذ حداثته في كثير من العلوم التي كــان يتلقاهــا‬
‫عن شيوخه‪ ،‬وكذلك من مدرسة األمراء‪ ،‬خاصة إنه كان على معرفتهـ بكثير من لغات عصره‪،‬‬
‫ف عنه ميله الشديد لدراسة كتب التاريخ‪ ،‬ممــا ســاعده فيمــا بعــد على إبــراز شخصــيته‬ ‫كما عُ ِر َ‬
‫في فن اإلدارة وميادين القتال‪ ،‬وكلل ذلك بفتح استانبول ( القسطنطينية ) (‪.)11‬‬
‫ورث الســلطان محمــد الفــاتح دولــة قويــة واســعة‪ ،‬ولكن لم تــرض نفســه الطمــوح بــأن‬
‫يكتفى بأمجــاد أســالفه‪ ،‬ويعيش فى رفاهيــة ونعيم بــل صــمم على أن يزيــد أمجــاداً جديــدة إلى‬
‫أمج ــادهم بفتوح ــه فى أوروب ــا وآس ــيا الص ــغرى ويت ــوج تل ــك األمج ــاد وأمج ــاد اإلس ــالم عام ــة‬

‫‪ )( 6‬عزتلو يوسف بك آصاف‪ ،‬تاريخ سالطين بنى عثمان‪ ،‬كلمات للترجمة والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪،2013 ،‬‬
‫ص ‪ . 52‬على حسون‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية وعآلقاتها الخارجية‪ ،‬المكتب االسالمى‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫‪1994‬م‪ ،‬ص ‪ . 31‬على محمد الصالبى‪ ،‬السلطان محمد الفاتح وعوامل النهوض فى عصره‪ ،‬دار االيمان للطبع‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،2002 ،‬ص‪.102‬‬
‫‪7‬‬
‫()نهرو محمد الكسنزان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .24‬عزتلو يوسف بك اصاف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،55-52‬سيد‬
‫رضوان على‪ ،‬محمد الفاتح بطل الفاتح االسالمى فى أوروبا الشرقية‪ ،‬الدار السعودية للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،1981‬ص‪.10‬‬
‫‪8‬‬
‫()عبد السالم عبد العزيز فهمى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪9‬‬
‫()عبد السالم عبد العزيز فهمى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪10‬‬
‫() روبير مانتران‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية‪ ،‬ترجمة بشير السباعى‪ ،‬دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع بالتعاون‬
‫مع البعثة الفرنسية لألبحاث والتعاون ـ قسم الترجمة‪ ،‬القاهرة ـ باريس‪1993 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.113‬‬
‫‪11‬‬
‫() يلماز أوزتونا‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية‪ ،‬ترجمة عدنان محمود سليمان ‪,‬محمود االنصارى‪ ،‬منشورات مؤسسة‬
‫فيصل للتمويل‪ ،‬تركيا ـ ـ ـ استانيول ‪ ،1988‬ج‪ ،1‬ص ‪ ،131‬على محمد الصالبى‪ ،‬السلطان محمد الفاتح‪ ،‬ص ‪.102‬‬

‫‪7‬‬
‫بتحقيق حلم رواد المسلمين وهو فتح القسطنطينية (استانبول) عاصمة الدولة البيزنطية (‪.)12‬‬
‫انتهج محمد الفاتح نفس المنهج الذى اتبعه والده وأجداده فى الفتوحات‪ ،‬ولقـد بـرز‬
‫بعــد توليــه الســلطة فى الدولــة العثمانيــة بقيامــه بإعــادة تنظيم إدارات الدولــة المختلفــة‪ ،‬واهتم‬
‫كث ــيراً ب ــاألمور المالي ــة فعم ــل على تحدي ــد م ــوارد الدول ــة وط ــرق الص ــرف منه ــا بش ــكل يمن ــع‬
‫اإلســراف والبــذخ والــترف‪ ،‬وركــز ذلــك على تطــوير كتــائب الجيش وأعــاد تنظيمهــا ووضــع‬
‫س ــجالت خاص ــة بالجن ــد‪ ،‬وزاد من مرتب ــاتهم وأم ــدهم بأح ــدث األس ــلحة المت ــوفرة فى ذل ــك‬
‫العصر (‪.)13‬‬
‫ك ــان الس ــلطان محم ــد الف ــاتح عالم ـاً بالرياض ــيات‪ ،‬وعالم ـاً فى العل ــوم الديني ــة‪ ،‬وملم ـاً‬
‫باللغ ــات العربي ــة والفارس ــية واليوناني ــة والس ــالفية واإليطالي ــة والعبرية(‪ )14‬وغيره ــا من اللغ ــات‬
‫العالميــة المهمــة حــتى بلــغ عــدد اللغــات الــتى كــان ملمـاً بهــا تسـع لغــات‪ ،‬ممــا جعلـهـ يتفــوق من‬
‫الناحيــة العســكرية والعلميــة على ســالطين الدولــة العثمانية(‪ .)15‬وكــان ممــا قصــد إليــه الســلطان‬
‫الفــاتح من تعلم اللغــاتـ االجنبيــة كالالتينيــة واالغريقيــة ـ ـ ـ ـ على ســبيل المثــال ـ ـ ـ أن يتمكن من‬
‫االتصـــال المباشـــر بشـــعوبه العديـــدة ذات األلس ــنة المختلف ــة‪،‬ـ يخاطبه ــا بلغته ــا‪ ،‬وليقـــف على‬
‫أحوالها بنفسه‪ ،‬ويتحرى عدالة عماله(‪.)16‬‬
‫اهتم الفــاتح بتنظيم إدارة دولتــه مــدنياَ وقانوني ـاً‪ ،‬ومن ثم عــرف بلقب محمــد القــانونى‬
‫أيضــا لوضــعه قــانون الدولــة األول‪ ،‬المتصـل بوظــائف رجــال الدولـة والقصـر والجيش‪ ،‬والـذى‬
‫ظل معموالًـ به إلى عهـد السـلطان سـليمان القـانونى فى القـرن السـادس عشـر‪ ،‬بعـد أن أجــرى‬
‫‪12‬‬
‫()سيد رضوان على‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪13‬‬
‫()على محمد الصالبى‪ ،‬السلطان محمد الفاتح‪ ،‬ص‪.103-102‬‬
‫‪14‬‬
‫() على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬العاهل العثمانى ابو الفتح السلطان محمد الثانى فاتح استانبول (القسطنطينية)‬
‫وحياته العدلية‪ ،‬تعريب محمد إحسان بن عبد العزيز‪ ،‬بمناسبة االحتفال بمرور خمسمائة عام على فتح استانبول‪،‬‬
‫القاهرة‪1953 ،‬م‪ ،‬ص ‪ . 15‬محمد نامق كمال‪ ،‬فاتحة الفتوحات العثمانية‪ ،‬المطبعة الوطنية‪ ،‬حيفا‪1909 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.31‬‬
‫‪15‬‬
‫() أحمد آق كوندز‪ ،‬سعيد أوزتورك‪ ،‬الدولة العثمانية المجهولة ‪ 303 ،‬سؤال وجواب توضح حقائق غائبة عن‬
‫الدولة العثمانية‪ ،‬وقف البحوث العثمانية‪ ،‬استانبول‪2008 ،‬م ص ‪ .122‬أحمد عبد الرحيم مصطفى‪ ،‬فى أصول‬
‫التاريخ العثمانى‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬القاهرة‪ ،1982 ،‬ص ‪ .65‬يلماز أوزتونا‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية ج‪،1‬‬
‫ص‪.145‬‬
‫‪16‬‬
‫()عبد السالم عبد العزيز فهمى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪8‬‬
‫عليـه بعض التعــديالت‪ .‬وهكـذا لم يكن محمـد الفـاتح مجــرد فــاتح عظيم‪ ،‬بــل منشــئ حضــارة‬
‫تركية عثمانية إسالمية (‪.)17‬‬
‫ٍ‬
‫لسلطان عظيم من سالطين الدولة العثمانية‪ ،‬فقد كانت أمــه أيضــا‬ ‫واذا كان الفاتح ابناً‬
‫السلطانة خديجة عليمة(‪ )18‬كريمة اسفنديار بك من اسرة اإلسفنديارية(‪ )19‬وكـانت تقص عليـه‬
‫فى طفولتـ ــه وصـ ــباه حكاياتهـ ــا وأسـ ــاطير شـ ــعبها بخيـ ــال أوروبى‪ ،‬فـ ــورث عنهـ ــا بعض المزايـ ــا‬
‫الكريمة‪ ،‬وأفاد منها الفلسفة االغريقية (‪.)20‬‬
‫صفاتـ الفاتح‪:‬‬
‫ك ـ ــان محم ـ ــد الف ـ ــاتح رجالً طوي ـ ــل القام ـ ــة‪ ،‬وردى الوج ـ ــه‪ ،‬ممتلئ الوجن ـ ــتين‪ ،‬مفت ـ ــولـ‬
‫العضالت شبه منقارى األنف‪ ،‬وكان قائداً بارزاً وإدارياً حقيقيـاً‪ ،‬كاتمـاً للســر‪ ،‬لم َيبُ ْح بأســرار‬
‫الدولــة حــتى وال ألصــدقائه المقــربين‪ ،‬باســتثناء مــا تقتضــيه الضــرورة‪ ،‬كمــا كــان صــبوراً على‬
‫المص ـ ــاعب جس ـ ــوراً أم ـ ــام األزم ـ ــات‪ ،‬منض ـ ــبط النفس ق ـ ــوى العزيم ـ ــة ال يلين أم ـ ــام العقب ـ ــات‬
‫والصعاب‪ ،‬أمضى معظم حياته فى الجهـاد والكفـاح الـدؤوب والحركـة الدائمـة‪ .‬دمـر بيزنطـة‬

‫‪17‬‬
‫()سيد رضوان على‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪18‬‬
‫() تضاربت األراء واآلقوال التاريخية فى اسم وديانة والدة السلطان محمد الفاتح‪ ،‬حيث ذكر بعض المؤرخين‬
‫انه ولد من جارية ولم يذكر اسمها وفى رواية اخرى ذكر اسمها " هما خاتون " وتوفيت عام ‪853‬هـ‪1449/‬م قبل‬
‫ان تشاهد السلطنة الحقيقية البنها‪ ،‬ويذكر بعض المؤرخين بأن السجالت الشرعية التى ال تزال موجودة فى مدينة "‬
‫بورصة " والوثائق الموجودة فى األرشيف تشير إلى أن اسم والد والدة السلطان محمد الفاتح شخص اسمه " عبد‬
‫اهلل " ويقول المؤرخ " بجوى " بان والدة الفاتح بنت لشخص فرنسى كان قد اهتدى واعتنق االسالم‪ ،‬أى كان من "‬
‫الدوشيرمة " والمهم هنا ان والدة الفاتح سيدة مسلمة اسمها " هما خاتون " وهى نفس الشخصية " خديجة حليمة‬
‫خاتون " بنت " ابراهيم أسفنديار اوغلو " (أحمد آق كوندز‪ ،‬سعيد أوزتورك‪ ،‬مرجع سابق ص‪)150-149 ،120‬‬
‫بينما ذكر اآلقسكى رواية اخرى وهى ان والدة الفاتح هى السلطانة المسلمة خديجة عليمة ( لمزيد من التفاصيل‬
‫انظر ‪ :‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،28‬ح‪ )2‬يلماز ازوتونا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.131‬‬
‫‪19‬‬
‫() اإلمارة اإلسفنديارية ‪ :‬هى إحدى اإلمارات التى قامت على أطالل الدولة السلجوقية‪ ،‬وكانت تحكم مقاطعة‬
‫قسطمونى ومدينة سينوب على ساحل البحر االسود‪ ،‬وكانوا يزعمون أنهم من ساللة خالد بن الوليد رضى اهلل عنه‪،‬‬
‫وقد الحقت بالدهم بالدولة العثمانية فى عهد المغفور له محمد الفاتح‪ ،‬وآخر امير منهم هو االمير " قزل أحمد‬
‫( انظر ‪ :‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،30‬ح‪.) 1‬‬
‫‪20‬‬
‫()عبد السالم عبد العزيز فهمى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .32‬نهرو محمد الكسنزان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬

‫‪9‬‬
‫وفتح القســطنطينية وحــول كنيســة " آيــا صــوفيا(‪".)21‬إلى مســجد (‪ .)22‬وكــان هدفــه وطموحــه‬
‫يدفعانــه إلى إنشــاء إمبراطوريــة عالميــة تضــم الشــرق والغــرب على غــرار إمبراطوريــة اســكندر‬
‫الكبير‪ ،‬وحالت دون تحقيقهاـ موته المبكر(‪.)23‬‬
‫ثانيا‪:‬ـ اهتمام السلطان محمد الفاتح بالمدارس‪:‬ـ مدارس الفاتح‪:‬‬
‫بعـ ـ ــد فتح اسـ ـ ــتانبول (القسـ ـ ــطنطينية)اتسـ ـ ــعت البالد من جميـ ـ ــع النـ ـ ــواحى فتأسسـ ـ ــت‬
‫امبراطوريــة عظيمــة‪ ،‬واقتضــى هــذا الوضــع الجديــد من الدولــة مضــاعفة العنايــة بشــئون التعليم‬
‫والقضاء‪ .‬ومثلت الحركة العلميةـ فى العاصـمةـ الثانيـة للدولـة العثمانيـة (القسـطنطينية) والـتى‬
‫تغير اسمها بعد ذلك إلى استانبول او اسالمبول أو اآلستانة أهمية كبيرة ميزت عصر الفـاتح‪،‬‬
‫وعــرف الســلطان محمــد الفــاتح بحبــه للعلم والعلمــاء؛ لــذلك شــرع فى إعمارهــا حــتى يضــفى‬
‫عليهــا شخصــية جديــدة‪ ،‬وشــجع اآلخــرين أيضــا ممن حولــه على االشــتراك فى تلــك الحملــة‪،‬‬
‫وكــان من نتيجــة تلــك الجهــود أن حولــوا مــا يزيــد عن مائــة بنــاء بـيزنطى إلى مســاجد ومــدارس‬
‫وخنقاوات(‪ ،)24‬ولكى يجعل الفاتح من عاصمته الجديدة داراً للعلم أمر بإقامـة كليـة (مجمـع)‬
‫عــرفت باســمه فيمــا بعــد فــوق أحــد مرتفعــات اســتانبول‪ ،‬وقــام بعمــل وقفيــة أعــدها من أجــل‬

‫‪ )(21‬آيا صوفيا‪ :‬أكبر مسجد فى استانبول( القسطنطينية ) وأعظم كنيسة فى الشرق قبل الفتح العثمانى‪ ،‬و تعزى‬
‫شهرتها واهميتها إلى كونها مثاال كامال لتشييد القباب فى تاريخ الفن المعمارى‪ ،‬وتدل احدث البحوث أن بانى آيا‬
‫صوفيا على صورتها األولى ليس قسطنطين االكبر وانما ابنه قسطنطيوس الثانى‪ ،‬وقد توالتـ االحداث على هذه‬
‫الكنيسة العظيمة‪ ،‬حيث دمرتها الزالزل والنيران عدة مرات‪ ،‬واعاد بناءها االمبراطور جستنيان الذى اوالها عناية‬
‫خاصة‪ ،‬وتدل مقاييس هذا البناء على عظمته‪ ،‬وقد زاد االتراك الماذن االربعة المحيطة بالبناء وسهروا على اصالح ما‬
‫افسده الدهر (انظر‪ :‬محمد بن عبد الوهاب المكناسى‪ ،‬رحلة المكناسى‪ ،‬ص ‪,81‬ح‪.)95‬‬
‫‪ )( 22‬محمد مصطفى صفوت‪ ،‬السلطان محمد الفاتح فاتح ستانبول ( القسطنطينية )‪ ،‬دار الفكر العربى و القاهرة‪،‬‬
‫‪1948‬م‪ ،‬ص ‪ ، 14‬على حسونة‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية وعآلقاتها الخارجية‪ ،‬المكتب االسالمى‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪1994 ،‬م‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪)(23‬سيد رضوان على‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .15‬نهرو محمد الكسنزان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ )(24‬خنقاوات ‪ :‬الخانقاه كلمة فارسية معناها بيت العبادة‪ ،‬وقد اندثر هذا االسم بمرور الزمن وأطلق عليه " التكية "‬
‫والتكايا اماكن آقامة الدروايش من األعاجم‪ ،‬وقد شيد تلك الخنقاوات األمراء والملوك واألثرياء ليقيم فيها أهل‬
‫التصوف ليالً ونهاراً لعبادة اهلل (انظر ‪ :‬على باشا مبارك‪ ،‬الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبالدها‬
‫القديمة والشهيرة‪ ،‬مطبعة دار الكتب والوثائق القومية‪ ،‬القاهرة‪ 2004 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ .90‬توفيق الطويل‪ ،‬التصوف‬
‫فى مصر إبان العصر العثمانى‪ ،‬مطبعة االعتماد‪ ،‬القاهرة‪ ،1946 ،‬ص‪.) 39-38‬‬

‫‪10‬‬
‫مدارس كلية الفاتح‪ .‬وأقيمت داخل تلك الكلية عدة مدارس كانت تعبيراً صادقاً عن الحيــاة‬
‫(‪)25‬‬
‫العلمية والتعليمية فى سياسة الفاتح المركزية‪.‬ـ‬
‫وأدرك محمد الفاتح أن ال سبيل إلى تحقيق هذا الغرض إال بكبار العلمـاء واألسـاتذة‪،‬‬
‫فاســتقدم من البالد اإلســالمية األخــرى نوابــغ العلمــاء مســتعمالً معهم جميــع أســاليب االغــراء‬
‫والتشــجيع‪ ،‬وبــاذالً لهم ضــروب العطــف والتكــريم حــتى أنشــأ فى عاصــمة ملكــه جامعـةـ علميــة‬
‫كبيرة نموذجية (‪.)26‬‬
‫وك ــان الس ــلطان محم ــد الف ــاتح يع ــنى ب ــالعلم والتعليم والمعلمين والطلب ــة عناي ــة بالغ ــة‬
‫ويهـ ــيئ لهم جميـ ــع وسـ ــائل التعليم ويـ ــوفر للطلبـ ــة أسـ ــباب المعيشـ ــة فى أثنـ ــاء الطلب لكي ال‬
‫تشــغلهم مطــالب الحيــاة عن التفــرغ للعلم‪ .‬وعهــد إلى وزيــره األول محمــود باشــا ( ‪879‬ه ــ‪/‬‬
‫‪1474‬م) (‪ )27‬إصالح نظـام التعليم وكـان محمـود باشـا عالمـاً أديبـاً شـاعراً وفى مركـز يسـمح‬
‫ل ــه ب ــالنهوض بهـــذه المهم ــة‪،‬ـ فأنش ــأ فى الم ــدن الكب ــيرة م ــدارس عالي ــة إلى ج ــانب المك ــاتب‬

‫‪25‬‬
‫() أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬الدولة العثمانية تاريخ وحضارة‪ ،‬منظمة المؤتمر االسالمى‪ ،‬مركز االبحاث‬
‫للتاريخ والفنون والثقافة االسالمية‪ 2 ،‬مجلد‪ ،‬استانبول‪,1999 ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.456‬‬
‫‪26‬‬
‫()على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪27‬‬
‫()محمود باشا‪ :‬من أصل كرواتى وقع أسيراً فى يد محمد آغا من رجال القصر فى إحدى الغزوات فأخذ إلى‬
‫القصر السلطانى لما بدا عليه من مخايل النبوغ والذكاء والحق بدائرة الخزينة السلطانية ثم بخدمة االمير محمد‬
‫( السلطان محمد الفاتح فيما بعد ) تربى فى القصر تربية عالية فحصل على قسط وافر من العلوم والفنون ولما‬
‫جلس الفاتح على عرش السلطنة نصبه رئيسا لفرقة االنكشارية ثم واليا على ايالة الروملى وفى سنة ‪857‬ه‪/‬‬
‫‪ 1453‬م واله الصدارة العظمى ( رياسة الوزراء ) خلفا لخليل باشا فقام بحسن ادارة شئون البالد مدة خمسة عشر‬
‫عاما وفى خالل هذه المدة قد اشترك فى كثير من المعارك تارة بمعية السلطان واخرى قائدا عاما‪ ،‬وتمكن من الحآق‬
‫بالد الهرسك بالبالد العثمانية وانتصر على المجر وانقذ " لوفجه " وغيرها من المدن من يد العدو واستولى على‬
‫جزيرة " مدللى " ( احدى جزر اليونان) ثم عزل بسعاية محمد باشا الروم سنة ‪872‬ه‪1467 /‬م ونصب على سنجق‬
‫" غاليبولى " وعهدتإليهفى سنة ‪873‬هـ ‪ 1468 /‬م مهمة االستيالء على " اكريبوز " فنجح فى مهمته‪ ،‬وأبلى بالء‬
‫حسنا فى الحملة التى جردت على حسن الطويل فكوفئ بأن عين صدرا اعظم مرة ثانية ثم عزل لتهم عزيتإليهونفى ـ ـ ـ‬
‫فى رواية ـ ـ ـ وهناك رواية اخرى بانه أعدم‪ .‬كان محمود باشا عآقال سياسيا محنكا شجاعا مقداما محبا للعلم والعلماء‬
‫وقد الف باسمه كثير من الكتب العلمية وله مسجد عظيم ومدرسة وحمام فى الحى المعروف باسمه باستانبول‪،‬‬
‫وكذلك له مسجد ومدرسة فى صوفيا ومنشات خيرية كثيرة من مساجد ومكاتب وقناطر فى بعض المدن التى فتحها‬
‫فى االناضول والروملى ولما استولى على اكريبوز منح رتبة القائد البحرى من الدرجة الثالثة ( انظر ‪ :‬على همت‬
‫بركى اآلقسكى‪,‬مرجع سابق ‪,‬ص ‪, 42-41‬ح ‪.) 2‬‬

‫‪11‬‬
‫الموجودة فى سائر المدن والقرى (‪.)28‬‬
‫وكــانت المــدارس هى المعين الــذى يغــذى التشــكيالت العدليــة بــالموظفين‪ ،‬فالشــريحة‬
‫العظمى من هيآت العدل وهم القضاة كـانوا يعينـون من بين صـنف " العلميـة " وكـانت العـادة‬
‫أن تبــنى المــدارس بجــوار المســاجد أو ضــمن بنائهــا‪ .‬أمــا طلبــة العلم ففيهــا يــبيتون‪ ،‬وفى دور‬
‫"العم ـــارة" ي ـــأكلون‪ ،‬وفى المسـ ــاجد يجلسـ ــون للـ ــدرس‪ .‬ثم أنشـ ــئت " مـ ــدارس " بلـ ــغ نظ ـــام‬
‫المدرسة العثمانية الكمال بكلية الفاتح(‪ ،)29‬واتخذ شـكله النهـائى فى عصـر السـلطان سـليمان‬
‫القانونى(‪.)30‬‬
‫االنكشارية ‪ :‬هى كلمة مكونة من مقطعين‪ ،‬يكى كلمة تركية بمعنى جديد‪ ،‬ﭽرى كلمة فارسية بمعنى جند‪ ،‬فكلمة‬
‫يكى ﭽرى تعنى الجند الجديد ( محمد شفيق غربال‪ ،‬المقالة األولى فى ترتيب الديار المصرية فى عهد الدولة‬
‫العثمانية‪ ،‬كما شرحه حسين افندى الروزنامجى‪ ،‬احد افندية الروزنامة فى عهد الحملة الفرنسية‪ ،‬بعنوان " مصر عند‬
‫مفترق الطرق " المجلد الرابع‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مايو ‪ ،1936‬ص ‪ ) 14‬وعرف هذا االوجآق فى الوثائق والمراجع‬
‫العربية باسم جماعة مستحفظان كما اشارتإليهأيضاً باسم وﭽآق الينكجرى (دار الوثائق القومية بالقاهرة‪ ،‬سجالت‬
‫محكمة اسكندرية الشرعية‪ ،‬سجل ‪ ،40‬مادة ‪ ،160,162,165‬ص ‪ ،63-60‬بتاريخ ‪ 12‬ربيع الثانى ‪1032‬هـ‪/‬‬
‫‪1622‬م‪.‬‬
‫‪Stanford. J. Shaw ,The Financial and Administrative Organization and Development‬‬
‫‪Of Ottoman Egypt 1517-1798، new-jersy,1962,p 198.‬‬

‫= كما تنطق أيضاً انكشارى او ينكشارى‪ ،‬وقد اختلفت المصادر فى كتابتها‪ ،‬فكتبها البعض ينكجرية‪ ،‬واحيانا‬
‫اليكجرية والبعض اآلخر الينشرية‪ ،‬وتفسير ذلك أن الكاف التركية تنطق (نونا) وكذلك الجيم المعطشة تنطق ( كافا)‬
‫ولما كانت اللغة العربية ال تعرف الكاف النونية اى التى تكتب كافا وتنطق نونا‪ ،‬فقد استعاضت عنها اللغة العربية‬
‫الكاف‪ ،‬ولذلك تحول النطق فى اللغة العربية إلى االنكشارية او ينكشارى او ينشرى ( ‪p.191 ,Stanford.‬‬
‫‪ ) J. Shaw ,The Financial‬مصطفى بن الحاج ابراهيم تابع المرحوم حسن اغا عزبان الدمرداشى‪ ،‬تاريخ‬
‫وقايع مصر القاهرة المحروسة‪ ،‬ص ‪ ،34-33‬ح‪ ) 2‬وتم تكوين هذا االوجآق فى عهد السلطان اورخان ثانى‬
‫سالطين الدولة العثمانية والغى فى عهد السلطان محمود الثانى عام ‪1240‬ه‪1824/‬م (عزتلو يوسف بك اصاف‪،‬‬
‫تاريخ سالطين بنى عثمان‪ ،‬ص‪ ،23‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،51‬ح‪.) 1‬‬
‫‪)( 28‬محمد مصطفى صفوت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،184‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42-41‬‬
‫‪)( 29‬أحمد آق كوندز‪ ،‬الدولة العثمانية المجهولة و ص ‪.627‬‬
‫‪)( 30‬سليمان القانونى ‪ :‬ولد عام ‪900‬هـ‪ 1494 /‬م تولى زمام السلطنة عام ‪926‬هـ‪1519 /‬م فقام بحق الخالفة‬
‫ورفع شان السلطنة إلى أوج العظمة واألبهة ووضع لها عدة قوانين تتعلق بإدارة ولذلك لقب بالقانونى‪ ،‬ثم افتتح عدة‬
‫فتوحات وباشر الحرب بذاته ‪ 13‬دفعة وشاد االبنية الشاهقة واالسوار الشامخة وتراف بحال الناس فاطلق سراح‬
‫‪= 600‬مسجون من ماسورى مصر وردع الظالمين عن المظالم‪ ،‬وحدثت فى عهده الكثير من الفتوحات فى‬

‫‪12‬‬
‫وق ــد أنش ــئت عقب فتح اس ــتانبول (القس ــطنطينية ) ـ ـ ـ ـ وقب ــل إنش ــاء م ــدارس الف ــاتح ـ ـ ـ‬
‫مدرســتا " آيــا صــوفيا" و" زيــرك" وأول من تــولى التــدريس بمدرســة " آيــا صــوفيا "هــو المــولى‬
‫"خسرو" (ت ‪885‬هـ‪1480/‬م)(‪ ،)31‬وكانت هذه المدرسة ينبوع علم فياض تفوق المــدارس‬
‫الموجـــودةـ فى ذاك العهـــد بفضـــل مدرســـها ذل ــك الع ــالم الكب ــير ومس ــاعديه األفاضـــل‪ ،‬وقـــد‬
‫احتفظت بمركزها العلمى الممتاز سنين عديدة إلى أن تمت تشكيالت مدارس الفاتح(‪.)32‬‬
‫مراحل التعليم ونظام االلتحاق بمدارس الفاتح‪:‬‬
‫الخارج‬ ‫المرحلة األولى وتسمى‬
‫الداخل‬ ‫المرحلة الثانية وتسمى‬
‫(‪)33‬‬
‫موصلة الصحن‬ ‫المرحلة الثالثة وتسمى‬

‫المشرق االسالمى وتوفى عام ‪974‬هـ‪1566 /‬م وله من األوالد ثالث (انظر ‪ :‬عزتلو يوسف بك اصاف‪ ،‬تاريخ‬
‫سالطين بنى عثمان‪ ،‬ص ‪).61-60‬‬
‫‪)( 31‬المولى خسرو‪ :‬اإلمام العالمة الشهير بمال‪ ‬خسرو‪  ،‬واسمه في األصل محمد‪ ،‬وإنما سمي بهذا االسم ألن‬
‫شخصا ٍم ن أمراء الجند كان يقال له خسرو تزوج باخت المولى المذكور‪ ،‬فلما مات والده وهو صغير كفله االمير‬
‫المذكور‪ ،‬واشتهر إذ ذاك بأخي زوجة خسرو‪ ،‬ثم غلب عليه االسم فقيل له‪ :‬خسرو‪ .‬كذا في " الشقائق "‪.‬واخبرني‬
‫المولى الفاضل مصطفى جلبي‪ ،‬سبط صاحب الترجمة‪ ،‬ان اسم خسرو انما كان يقال ألحد أخوته‪ ،‬وأنه كان يقال له‪:‬‬
‫اخو خسرو‪ ،‬ثم غلب عليه ذلك‪ .‬ولعله اعرف بذلك من غيره‪.‬وانما ذكرته هنا‪ ،‬ولم اذكره في المحمدين‪ ،‬النه صار‬
‫ال يعرف اال بهذا‪ ،‬واكثر الخواصـ فضال عن العوام ال " يعرفون " انه سمى بمحمد اصال‪ .‬كان المولى خسرو من‬
‫العلماء الكبار‪ ،‬وممن له في العلوم تصانيف واخبار‪ ،‬قرا على المولى بُرهان الدين حيدر الهروي‪ُ ،‬مفتي الديار‬
‫الرومية‪ .‬وصار مدرسا في مدينة ادرنة‪ ،‬بمدرسة يُقال لها‪ :‬مدرسة شاه ملك‪ ،‬ثم صار قاضيا باستانبول وغلطة‬
‫واسكدار ( على حسون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ) 406‬ثم فوضإليهبعد موت المولى خضر بيك قضاء قُسطنطينية‪ ،‬مضافا‬
‫إليها قضاء الغلطة واسكدار‪ ،‬وتدريس ايا صوفية‪ ،‬وكان إذا توجه إلى التدريس بالمدرسة المذكورة يمشي قُدامه وهو‬
‫راكب سائر طلبته‪ ،‬وكان السلطان محمد يفتخر به‪ ،‬ويقول عنه‪ :‬هذا ابو حنيفة الثاني‪.‬وكان مع كثرة غلمانه وحاشيته‬
‫للمطالعة والتاليف بنفسه‪ ،‬وله الكثير من المؤلفات و توفى في سنة ‪885‬هـ‪/‬‬
‫يتعاطى خدمة البيت الذي اعده ُ‬
‫ودفن بها‪ ( .‬انظر ‪ :‬تقى الدين بن عبد القادر التميمى الدارى‬
‫‪1480‬م بمدينة استانبول‪ ،‬وحمل إلى مدينة بروسة‪ُ ،‬‬
‫الغزى المصرى الحنفى (ت ‪1005‬هـ ‪ 1596 /‬م)‪ ،‬الطبقات السنية فى تراجم الحنفية‪ ،‬تحقيق عبد الفتاح محمد‬
‫الحلو‪ ،‬المجلس االعلى للشئون االسالمية‪ ،‬لجنة احياء التراث االسالمى‪ ،‬كتاب رقم ‪ 17‬القاهرة‪1970 ،‬م‪ ،‬ج‪،3‬‬
‫ص ‪ ،202-199‬ترجمة رقم ‪ ،820‬محمد مصطفى صفوت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.)187‬‬
‫‪)(32‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬

‫‪13‬‬
‫(‪)34‬‬
‫الصحن‬ ‫المرحلة الرابعة وتسمى‬
‫نظام االلتحاق‪:‬‬
‫كان على الطالب الذى يريد االنخراط فى السـلك العلمىـ أن يـواظب أوالً على حلقـة‬
‫تدريس عالم فى احدى المدارس المعروفة بمدارس الخــارج‪ ،‬ويــدرس عليــه مبــادئ العلــوم ثم‬
‫يلتحــق بتوجيــه أســتاذه باحــدى مــدارس الــداخل ويــدرس فيهــا على عــالم آخــر العلــوم العاليــة‬
‫المقررة فيها وحتى اذا أتم دراسته فيها خول له ذلك حق االلتحاق بمدارس الصحن (‪.)35‬‬
‫مدارس الخارج‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ وهى مــدارس المرحل ـةـ األولى ( الخــارج )كــانت تمثــل أدنى المســتويات وتــدرس‬
‫فيه ــا مب ــادئ اللغ ــة العربي ــة من نح ــو وص ــرف والعل ــوم الديني ــة والرياض ــية والطبيعي ــة‪ ،‬ومنط ــق‬
‫وعقيــدة وفلــك وهندســة وبالغــة‪ ،‬عالوة على حفــظ أجــزاء من القــرآن الكــريم‪ ،‬وتســمى فى‬
‫مجموعهاـ " دروس الخارج " وعرفت باسم آخــر " مــدارس التجريــد " أو " مــدارس العشــرين‬
‫" وذلك ألن راتب المدرس فيها كان عشرون آقجة فى اليوم (‪.)36‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ وكانت تأتى فوقها مدارس تعرف باسم " مدارس الثالثين " أو " مدارس المفتــاح‬
‫" وذلــك نســبة إلى كتــاب "المفتــاح للســكاكى"(‪ )37‬فى البالغــة‪ ،‬وكــانت هــذه المــدارس تركــز‬
‫على البالغة والعلوم األدبية‪ ،‬ومعظم هذه المدارس (مدارس العشرين والثالثين) كانت تنتشر‬

‫‪ )(33‬مدارس موصلة الصحن " تتمة " ألنها طريق إلى مدارس الصحن فإن الطالب ال يسمح له بااللتحآق بالصحن إال‬
‫إذا درس العلوم المقررة فى التتمة ونجح فى االمتحان ( انظر ‪ :‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪-85‬‬
‫‪ ،86‬ح‪.)2‬‬
‫‪34‬‬
‫() كلمة الصحن ‪ :‬لها عدة معان فى اللغة منها وسط الدار‪ ،‬والدار كما تطلق على المنزل والبيت تطلق أيضاً على‬
‫البلدة والمدينة‪ ،‬فسميت هذه المدارس صحنا النها انشئت فى وسط المدينة‪ .‬وهناك راى اخر يذهب إلى ان‬
‫المدارس المشار إليها سميت بهذا االسم ألنها فى ميدان محيط بالمسجد ولكن إذا نظرنا إلى االماكن التى توجد‬
‫فيها المدارس يترجح الراى األول‪ ( .‬انظر ‪ :‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،85‬ح‪.) 2‬‬
‫‪35‬‬
‫()على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.85-84‬‬
‫‪36‬‬
‫() خليل اينالجيك‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية من النشوء إلى االنحدار‪ ،‬ترجمة محمد‪ .‬م‪ .‬األرناؤوط ‪ ،‬دار المدار‬
‫اإلسالمى‪ ،‬بيروت ـ ـ ـ لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2002 ،‬ص ‪.257‬‬
‫‪)(37‬السكاكى (ت ‪ 1160‬هـ ‪ 1229 /‬م ) عالم ولد فيما وراء النهر‪ ،‬اشتهر بكتابه " مفتاح العلوم " ويعتبر أكمل‬
‫كتاب من نوعه فى موضوع البالغة ( انظر‪ :‬خليل اينالجيك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪) 258‬‬

‫‪14‬‬
‫فى الواليات العثمانية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ ـ وفــوق هــذه المــدارس كــانت تــأتى " مــدارس األربعين " و " مــدارس الخمســين "‬
‫ال ـ ــتى أسس ـ ــها األم ـ ــراء واألم ـ ــيرات أو ال ـ ــوزراء فى اس ـ ــتانبول وأدرن ـ ــة وبورص ـ ــة‪ .‬وفى ه ـ ــذه‬
‫الم ــدارس ك ــانت تعطى دروس أساس ــية فى ش ــرح " المفت ــاح " ودروس متوس ــطة فى العقي ــدة‬
‫على كتــاب " المواقــف " لعضــد الــدين األيجى(‪ )38‬ودروس متقدمـةـ فى أصــول الفقــه باالســتناد‬
‫(‪)39‬‬
‫إلى كتاب " الهداية " للمرغينانى"‬
‫(‪)40‬‬
‫مدارس الداخل‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ وهى مــدارس المرحلــة الثانيــة كــانت تعــرف باســم مــدارس " ابتــدائى داخــل " أو "‬
‫مدارس الخمسين " وتم تأسيسها من بنات السلطان واألمراء والــوزراء وفى المســتوى األول‬
‫ك ــان الطالب يتعلم ــونـ كت ــاب " الهداي ــة "‪ ،‬وفى المس ــتوى المتوس ــط يتعلم ــون أص ــول الفقــهـ‬
‫بدراسة كتاب "التلويح" للتفتازانى‪ ،‬بينما كانوا فى المستوى المتقدم يتعلمونـ تفســير القــرآن‬
‫بواسطة " الكشاف للزمخشرى"ـ(‪.)41‬‬
‫‪2‬ـ ـ ـ وفــوق هــذه كــانت تــأتى المــدارس الثمــانى اإلعداديــة الــتى أسســها محمــد الفــاتح‪،‬‬
‫التى كانت تعرف باسم " التتمة " أو " الموصلة للصحن "‪.‬‬
‫‪3‬ـ ـ وفوق كل هذه كانت " المدارس الثمانى " حيث كان الطالب يدرسون مجموعــة‬

‫‪38‬‬
‫()عضد الدين االيجى ‪( :‬ت ‪1280‬هـ ‪1355 /‬م ) ولد فى شيراز‪ ،‬واشتهر بكتابه " الموآقف فى علم الكالم‬
‫" الذى يعتبر مؤلفا شامال فى علم الكالم ( انظر ‪ :‬خليل اينالجيك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.) 258‬‬
‫‪39‬‬
‫()المرغينانى ‪( :‬ت ‪594‬هـ‪ 1197/‬م ) فقيه حنفى عمل فى فرغانة ( والية فى اوزبكستان ) ويعتبر كتابه‬
‫( الهداية ) الذى يوجز فيه خالصاته الفقهية و احد اشمل االعمال فى الفقه االسالمى ( انظر ‪ :‬خليل اينالجيك‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.) 258‬‬
‫‪)(40‬أحمد آق كوندز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.628‬‬
‫‪41‬‬
‫()الزمخشرى ‪1071 ( :‬هـ‪ 1144 /‬م) ابو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشري‪،‬‬
‫جار اهلل‪ ، ،‬من ائمة العلم بالدين والتفسير واللغة واالداب‪ .‬ولد في زمخشر (من قرى خوارزم) سنة (‪467‬هـ) وسافر‬
‫إلى مكة فجاور بها زمنً ا فلقب بجار اهلل‪ ،‬وتنقل في البلدان‪ ،‬ثم عاد إلى الجرجانية (من قرى خوارزم) فتوفي فيها‬
‫مجاهر ا‪ ،‬شديد االنكار على المتصوفة‪ ،‬اكثر من التشنيع عليهم في‬
‫ً‬ ‫سنة (‪548‬هـ ‪1153 /‬م) وكان معتزلي المذهب‪،‬‬
‫الكشاف وغيره‪ ( .‬انظر‪ :‬االمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى ( ت ‪748‬هـ ‪1374 /‬م)‪ ،‬سير اعالم‬
‫النبالء‪ ،‬مؤسسة الرسالة للنشر‪ ،‬بيروت‪ 24 ،‬جزء‪ ،2001 ،‬ج‪ ،20‬ص ‪)153-151‬‬

‫‪15‬‬
‫من ثالثــة مواضــيع‪ :‬الفق ـهـ والتفســير والعقيــدة والبالغــة والدراســات المتصــلة بهــا‪ ،‬كمــا كــانوا‬
‫يتلقونـ تدريبات خاصةـ(‪.)42‬‬
‫وفى مــدارس الفــاتح كــانت يــدرس فيهــا مقاصــد هــذه العلــوم وال ســيما الفقــه‪ ،‬ويضــاف‬
‫اليها مواد التاريخ االسالمى واللغة العربية‪ ،‬وهى فى مجموعها عموميــاتـ ومــدخل للتخصــص‬
‫إليها ويمكن لخريج المرحلة الثانية (الداخل) تولى الوظائف البسيطة‪ ،‬أما الطالب الذى كــان‬
‫يري ــد االنخ ــراط فى الس ــلك العلمى فعليـــه أن يلتح ــق بالمرحل ــة العلمي ــة الثالث ــة‪ ،‬وهى بمثاب ــة‬
‫إعدادى للمرحلةـ األخــيرة حيث يــدرس على يـد علمـاء متخصصـين فى العلــوم العاليـة المقــررة‬
‫فيها‪ ،‬حتى اذا أتم دراسته بنجاح اتاح له ذلك حق االلتحاق بمدارس الصحن (‪.)43‬‬
‫وكـــان على الطـــالب لكى يجتـــاز من مرحلـ ـةـ الخ ــارج إلى مرحل ــة ال ــداخل ومنهـــا إلى‬
‫موص ــلة الص ــحن ومنه ــا إلى الص ــحن‪ ،‬أن ي ــؤدى امتحان ـاً يثبت ب ــه لياقت ــه للمرحل ــة ال ــتى يري ــد‬
‫االلتحاق بها‪ ،‬وكان ال يســمح لــه باالنتقــال من مرحلــة إلى أخـرى مــا لم تثبت لياقتــه‪ ،‬وإذا أتم‬
‫الطـــالب دراســـته فى مرحلـــتى الـــداخل والخ ــارج والتح ــق بموص ــلةـ الص ــحن‪ ،‬ودرس العلـــوم‬
‫المقــررة فيهــا ونجح فى االمتحــان أعطى بــراءة ســلطانية موشــحةـ بــالطغراء(‪ )44‬وســجل اســمه‬
‫بالديوان السلطانى العالى وتسمى هذه البراء السلطانية " مالزمت رؤســى"(‪ .)45‬وإذا أراد بعــد‬
‫ذلــك أن يتخصــص فى مــادة‪ ،‬عليــه االلتحــاق بمــدارس الصــحن وتلقى فيهــا الــدروس فى تلــك‬
‫المــادة‪ ،‬واذا لم يــرغب فى االلتحــاق بالصــحن مكتفيـاً بدراســة المراحــل الســابقة‪ ،‬فكــان يعين‬
‫قاضــياً فى المــدن مــا عــدا المــدن الكبــيرة كاســتنابول وأدرنــة وبروسة(‪ .)46‬أمــا الطالب الــذين‬
‫أتموا مرحلتى الخارج والـداخل باســتانبول‪ ،‬أو مــا يعادلهمــا فى مـدارس المـدن األخـرى يصــح‬
‫أن يعين ــوا نوابــاً عن القض ــاة فى الم ــدن الص ــغيرة‪ ،‬وذل ــك بش ــرط أن ي ــؤدوا امتحانــاً فى م ــواد‬

‫‪42‬‬
‫()خليل اينالجيك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 258‬ـ ـ ـ ‪.259‬‬
‫‪43‬‬
‫()محمد مصطفى صفوت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،185‬عبد السالم عبد العزيز فهمى‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.157‬‬
‫أحمد آق كوندز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪627‬‬
‫‪44‬‬
‫() الطغراء ‪ :‬هو عالمة التوقيع السلطانى‪ ،‬وكانت توقيعات السالطين العثمانيين من اجمل التوقيعات‪ ،‬وكانت‬
‫ترسم فوق الرسائل والمراسيم ويختم بها هذا الموظف فى آخر هذه االورآق (انظر ‪ :‬برنارد لويس‪ ،‬استنبول‬
‫وحضارة الخالفة االسالمية‪ ،‬ص ‪.) 123-122‬‬
‫‪)44( 45‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.88-87‬‬
‫‪)( 46‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.89-88‬‬

‫‪16‬‬
‫الصك والمحاضر والسجالت(‪.)47‬‬
‫ومـــدارس الصـــحن هـــذه هى الـــتى أنش ــأها الس ــلطان محم ــد الف ــاتح بجـــانب مســـجده‬
‫( جامع الفتح ) الذي بناه بالعاصمةـ العثمانية " استانبول " ثمان مــدارس على كــل جــانب من‬
‫ج ــوانب المس ــجد أربع ــة م ــدارس يتوس ــطها ص ــحن فس ــيح س ــميت " بالص ــحون الثم ــان " أو "‬
‫المــدارس الثمانيــة " نســبة إلى صــحونها الواقعــة فى شــمال مســجد الفــاتح وجنوبه (‪ ،)48‬وفيهــا‬
‫يقضي الطالب المرحلةـ األخيرة من دراسته‪ .‬وكانت كل وحدة من وحــدات مــدارس الصــحن‬
‫تشتمل على ‪ 19‬حجرة وقاعة كبيرة إللقاء الدروس وحجرتان لألستاذ واألستاذ المساعد لــه‬
‫وحجرتــان للفــراش والبــواب‪ ،‬وألحقت بهــذه المــدارس مســاكن للطلبــة ينــامون فيهــا ويــأكلون‬
‫فيهــا طعــامهم ووضــعت لهم منحــة ماليــة شــهرية يصــرف لكــل طــالب ‪ 12‬آقجــة (‪ ،)49‬كمــرتب‬
‫شهرى لمصروفات الجيب (‪ ،)50‬وكان الموسم الدراسي على طول السنة في هذه المـدارس‪.‬‬
‫وكــانت منــاهج هــذه المــدارس يتضــمن نظــام التخصــص‪ ،‬فكــان للعلــوم النقليــة والنظريــة قســماً‬

‫‪)( 47‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬


‫‪)(48‬أحمد آق كوندز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .627‬برنارد لويس‪ ،‬استنبول وحضارة الخالفة االسالمية‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪ )( 49‬آقجة ‪ :‬كلمة آق التركية تعنى ابيض اللون‪ ،‬كلمة آقجة بمعنى السكة البيضاء‪ ،‬ضربت هذه السكة الول مرة‬
‫فى عهد السلطان اورخان فى بروسة عام ‪729‬هـ‪1338 /:‬م و وكان وزنها ربع مثقال أى ستة قراريط و ‪1,154‬‬
‫جراما وعيارها تسعون بالمائة‪ ،‬كانت اآلقجة تختلف تماماً عن كل أنواع السكة اإلسالمية المستخدمة فى ذلك‬
‫الوقت مثل الدرهم والدينار‪ ،‬وللتفريق بينهما وبين السكة االسالمية سميت السكة العثمانية ( آقجة عثمانى ) وال‬
‫يوجد تاريخ مكتوب على أول آقجة ضربت ولكن يوجد على وجه منها كلمة الشهادة وحولها اسماء الصحابة‬
‫ويوجد على الوجه الثانى كلمة ( أورخان خلد اهلل ملكه ) كان الدرهم الواحد يساوى خمس آقجات من العملة‬
‫المضروبة فى عهد كل من سليم األول وسليمان القانونى‪ ،‬أى ان كل آقجة تساوى ‪ 3,5‬قيراط وكان عيارها‬
‫‪ ‰ 85‬وقد انشئت دور لضرب العملة فى عهديهما فى كردستان وسوريا ومصر والحجاز وقفقاسيا وأذربيجان‬
‫والعراق واليمن وطرابلس وتونس‪ ،‬وبسبب تعدد هذه األماكن التى ضربت فيها اآلقجة‪ ،‬فانها لم تسك على نسق‬
‫واحد أو وزن واحد‪ ،‬وقد كثر غش اآلقجة ونقص وزنها فى اليمن وفى مصر‪ ،‬وكان الهدف من ذلك الكسب‪ .‬ومن‬
‫الجدير بالذكر أن الجبرتى يسمى هذه العملة فى كتبه األخشا او اآلقشا ( انظر ‪ :‬مصطفى بن الحاج ابراهيم تابع‬
‫المرحوم حسن آغا عزبان الدمرداشى‪ ،‬تاريخ وقايع مصر القاهرة المحروسة كنانة اهلل فى ارضه‪ ،‬تحقيق‪ ،‬صالح‬
‫أحمد هريدى على‪ ،‬مطبعة دار الكتب والوثائق القومية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2002 ،‬ص‪,62‬ح‪ ،5‬أحمد السعيد‬
‫سليمان‪ ،‬تأصيل ما ورد فى تاريخ الجبرتى من الدخيل‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،1979 ،‬ص ‪.)23‬‬
‫‪ )(50‬محمد بن عبد الوهاب المكناسى‪ ،‬رحلة المكناسى‪ ،‬ص ‪ ،95‬سيد رضوان على‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .76‬أكمل‬
‫الدين إحسان أوغلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.311‬‬

‫‪17‬‬
‫خاص ـاً وللعلــوم التطبيقيــة قســماً خاص ـاً أيضــا‪ ،‬وكــان الــوزراء والعلمــاء من أصــحاب الــثروات‬
‫(‪.)51‬‬
‫يتنافسون في انشاء المعاهد والمدارس والمساجد واألوقاف الخيرية‬
‫وقــد تم بنـاء هـذه المــدارس على مرحلــتين وخصصــت للدراســات التمهيديــة أى تكـون‬
‫مــدخالً لمــدارس الصــحن(‪ .)52‬ويبلــغ عــدد المــدارس المطلــة على البحــر األبيض ثمــان مــدارس‬
‫نصفها مدارس صحن واآلخر مدارس تتمة‪ ،‬ومثلها كذلك بجهــة البحــر األســود‪ ،‬وفى الوقفيــة‬
‫التى تركها السلطان الفاتح سميت مدارس الصحن الثمان بالمدارس العاليــة وســميت مــدارس‬
‫التتمة بالمدارس الصغرى (‪.)53‬‬
‫وكــانت المــدارس الـتي تعــد المــوظفين الــدينيين يوجــد بهــا ثالثــة فئــات من طلبــة العلم‪:‬‬
‫فــا(الصــوفتا) وهي أدناهــا تليهــا فئــة المعيــدين الــذي يحمــل الطــالب عنــد التخــرج منهــا لقب‬
‫(دانشـ ــمند) (‪ )54‬أو عـ ــالم‪ ،‬وكـ ــان يعـ ــاون المـ ــدرس فى إعـ ــادة الـ ــدروس على الطالب وحفـ ــظ‬
‫النظام‪ ،‬ويحصل على خمس آقجات فى اليوم‪ ،‬وكان يشترط على الطالب فى هذه المــدارس‬
‫التف ــرغ للدراسة(‪ .)55‬أم ــا الفئ ــة األعلى فهي منص ــب الم ــدرس‪ ،‬وبل ــغ ع ــدد الص ــوفتا في عه ــد‬
‫السلطان مراد الثاني ‪ 90‬ألفاً‪ .‬وكانوا كثيراً ما يكون لهم أثر في شؤون الدولة‪.‬‬
‫وأنشأ بجوار هذه المـدارس مكتبـة خاصـةـ وكـان يشـترط في الرجـل الـذي يتـولى امانـة‬
‫هــذه المكتبــة أن يكــون من أهــل العلم والتقــوى‪ ،‬متبحــراً في أســماء الكتب والمــؤلفين‪ ،‬وكــان‬
‫المش ــرف على المكتب ــة يع ــير الطلب ــة والمدرس ــين مايطلبون ــه من الكتب بطريق ــة منظم ــة دقيق ــة‬
‫ويســجل أســماء الكتب المســتعارة في دفــتر خــاص وهــذا األمين مســؤول عن الكتب الــتي في‬
‫عهدتــه ومســؤول عن ســالمة أوراقهــا‪ ،‬وتخضــع هــذه المكتبــة للتفــتيش كــل ثالثــة أشــهر على‬
‫االقل(‪ .)56‬وقد عين السلطان الفاتح المولى لطفى(‪ )57‬أميناً لهذه المكتبة(‪.)58‬‬
‫كما أنشأ أيضا مطعماً خيرياً ومستشفى كامل المعدات‪ ،‬وكان الطلبــة الــذين يدرســون‬
‫‪51‬‬
‫()أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.457‬‬
‫‪52‬‬
‫()أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.311‬‬
‫‪53‬‬
‫() عبد السالم عبد العزيز فهمى‪ ،‬السلطان محمد الفاتح‪ ،‬ص ‪.157‬‬
‫‪54‬‬
‫() الدانشمند ‪ :‬طالب العلم (أحمد آق كوندز‪ ،‬الدولة العثمانية المجهولة‪ ،‬ص ‪.) 627‬‬
‫‪55‬‬
‫()خليل اينالجيك‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية‪ ،‬ص ‪ .265‬أحمد آق كوندز‪ ،‬الدولة العثمانية المجهولة‪ ،‬ص ‪627‬‬
‫‪56‬‬
‫()أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ ،457‬على محمد الصالبى‪ ،‬الدولة العثمانية عوامل‬
‫النهوض‪ ،‬ص ‪.171-170‬‬

‫‪18‬‬
‫الطب يتمرنـ ــون فى هـ ــذا المستشـ ــفى‪ .‬وكـ ــانت تـ ــدرس فى مـ ــدارس الصـ ــحن جميـ ــع العلـ ــوم‬
‫المتعارفة من الدين واألداب والرياضيات والفلك والهندسة والطب (‪.)59‬‬
‫ي ــذكر بعض الم ــؤرخين ان الس ــلطان محم ــد الف ــاتح ك ــان يط ــوف بالم ــدارس فى وقت‬
‫متــأخر من الليــل ويتفقــد الطالب ليعلم المجتهــد منهم وغــير المجتهــد فيكــافئ المجتهــد‪ ،‬لم‬
‫يعهد أن حاكماً من الحكام بلغ به حب العلم هذا المبلغ‪ .‬كما روى أيضا أنه أراد أن يحصـل‬
‫على حجـ ــرة فى إحـ ــدى المـ ــدارس الثمـ ــان الـ ــتى أنشـ ــأها فقـ ــال لـ ــه نـ ــاظر المدرسـ ــة‪" :‬عليـ ــك‬
‫باالمتحــان لتحصــل عليهــا كمــا يقضــى بــه شــرط الواقــف‪ ،‬فــأداه بنجــاح وحصــل على الحجــرة‬
‫وي ــؤثر عن ــه ان ــه ق ــال حينئ ــذ‪ " :‬لتكن لى حج ــرة على األق ــل أس ــكنها إذا خلع ــونىـ يومــاً م ــا من‬
‫الحكم " وكان رحمه اهلل يستقبل زواره فى هذه الحجرة كلمــا زار المــدارس‪ ،‬وكــان لــه فيهــا‬
‫مقطة و "ﭽكمجه (‪ " )60‬مطعمةـ بالصـدف وقـد فقـد هـذا الـتراث الثمين فى المـدة األخـيرة من‬

‫‪57‬‬
‫()المولى لطفى ‪ :‬هو المولى لطف اهلل التوقانى من كبار علماء الرياضة وعرف بـ " دلى لطفى " ( لطفى‬
‫المجنون ) عالم عثمانى جاء إلى استانبول من مدينة " طوقات " قرأ على سنان باشا وتلقى الرياضة والهياة من على‬
‫القوشجى حين وصوله إلى استانبول ودخل فى خدمة السلطان محمد الفاتح بواسطة سنان باشا ( انظر ‪ :‬أحمد آق‬
‫كوندز‪ ،‬الدولة العثمانية المجهولة‪ ،‬ص ‪ ) 210‬واشتغل أمينا لمكتبة السلطان محمد الفاتح الخاصة بعد مدة‪ ،‬ولما‬
‫نفى سنان باشا إلى ﺴﭭر بحصار سافر معه‪ ،‬وكان رحمه اهلل ال يبإلى بتقاليد المجتمع يرسل نفسه على سجيتها‬
‫ويطلق لسانه على طبيعته‪ ،‬وغلب عليه روح المزاح والدعابة وكانت تصل دعابته إلى درجة التجريح واإليالم فى‬
‫بعض االحيان‪ .‬ولما توفى الفاتح لقى من ابنه السلطان بايزيد العطف والرعاية فعينه مدرسا فى بعض المدارس‬
‫ولكثرة فضائله حسده أقرانه وإلطالة لسانه اتهموه باإللحاد والزندقة فاعدم سنة ‪900‬ه‪1494 /‬م بفتوى ابن‬
‫الخطيب سبق ذكره‪ ،‬فوقعت جملة " لقد مت شهيدا " تاريخيا لوفاته بحساب الجمل‪ ،‬وله حاشية على شرح المطالع‬
‫والمفتاح للسيد وشرح جزءا من البخارى والف رسائل كثيرة فى موضوعات شتى‪ ،‬ومدفون بمقبرة ابى ايوب‬
‫االنصارى فى استانبول ( انظر ‪ :‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،41‬ح ‪.) 1‬‬
‫‪58‬‬
‫()على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪59‬‬
‫‪()Vakiflar umum mudurlugu، Fatih Mehmet II vakfiyeleri، Cilt: 2، cumhuriyet‬‬
‫‪matbaasi ,(Istanbul، 1938)، pp. 6-15.‬‬
‫‪Brnard Lewis، The Emergence of modern Turkey، first published، Oxford University‬‬
‫‪press، (Oxford، 1961)، P. 183.‬‬

‫سيد رضوان على‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.76‬‬


‫‪60‬‬
‫() هو صندوق صغير ذو ادراج من غير قوائم يستعمل كمكتب (على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪80‬‬

‫‪19‬‬
‫حكمه(‪.)61‬‬
‫وتــولى التــدريس فى مــدارس الصــحن األســاتذة والعلمــاء وتخــرج منهــا عــدد كبــير من‬
‫العلمــاء والفقهــاءـ والقضــاة‪ ،‬الــذين قــاموا بــدورهم الملحــوظـ فى تنشــيط الحركــة العلميــة فى‬
‫أرجاء الدولة (‪.)62‬‬
‫وباإلضــافة إلى هــذه الكليــة بأقســامها المختلفــة أنشــئت مــدارس عاليــة تعــرف بمــدارس‬
‫القصر‪ ،‬وهى قصر الفاتح القديم باستانبول وقصر طوب قبو وقصـره فى أدرنـة‪ .‬حيث تخـرج‬
‫عدد كبير من وزراء الدولة وقواد الجيش وكبار اإلداريين‪ ،‬إذا كانت العناية موجهةـ فى هذه‬
‫المدارس إلى تعليم اللغات واآلداب وفنون اإلدارة والحرب والتربية العسكرية(‪.)63‬‬
‫ومــع بدايــة ظهــور مــدارس الفــاتح ظهــر عهــد جديــد فى الحيــاة العلميــة عنــد العثمــانيين‪،‬‬
‫وجــرى تنظيم المــدارس من جديــد ضــمن تصــنيف تــدريجى معين تبع ـاً لمقــدار األجــر اليــومى‬
‫الـ ــذى يحصـ ــل عليـ ــه المـ ــدرس الـ ــذى يتـ ــولى التـ ــدريس فيهـ ــا وتبع ـ ـاً للكتـ ــاب األساسـ ــى الالزم‬
‫للتدريس فيها‪ .‬وتشترط الوقفيةـ التى أعدها الفاتح ألول مرة فيمن سيتولى التدريس فى تلــك‬
‫الم ــدارس أن يك ــون من المتبح ــرين فى العل ــوم الديني ــة والعل ــوم العقلي ـةـ (كالفلس ــفةـ والمنط ــق‬
‫والرياضــيات)‪ ،‬كمــا تشــير الوقفيــة إلى أن أســس تلــك المــدارس أقيمت على قواعــد الحكمــة‪،‬‬
‫وارتكــزت على القواعــد الهندســية وهنــا ظهــر الفــرق واضــحاً بين هــذه المــدارس ومــا ســبقها‪.‬‬
‫ويرجع الفضل فى النهوضـ بتلك المدارس إلى العــالم على قوشــجى (ت ‪879‬ه ‪-1474 /‬‬
‫‪1475‬م) (‪ )64‬عــالم الرياضــيات والفلــك‪ ،‬حيث أنــه أســهم فى رســم خطــوط الوقفي ـةـ الخاصــة‬
‫‪61‬‬
‫()على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪62‬‬
‫()سيد رضوان على‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪63‬‬
‫()المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.78-77‬‬
‫‪64‬‬
‫()على القوشجى ‪ ( :‬ت ‪879‬ه ‪1475-1474 /‬م) هو على بن محمد القوشجى عالء الدين‪ ،‬فلكى رياضى‪،‬‬
‫من فقاء الحنفية‪ ،‬أصله من سمرقند وأحد رواد مدرسة سمرقند‪ ،‬وعرف باسم قوشجى زاده عالء الدين على بن‬
‫محمد‪ ،‬ولد فى سمرقند ( إحدى مدن اوزبكستان فى آسيا الوسطى ) وعرف باسم قوشه زاده [ أى ابن مربى‬
‫الطيور الجارحة الصقور وهو أيضاً يعمل فى وظيفة البوستانجى المشرف على الغابات ] ونظراً ألن أباه كان يعمل‬
‫فى وظيفة ( قوشجى ) لدى أولوغ بك ( ت ‪853‬ه‪1450-1449/‬م ) ومن ثم نشا على فى بالط أولوغ بك‪،‬‬
‫وتعلم على أيدى =العلماء الذين كانوا فى البالط‪ ،‬وعلى رأسهم قاضى زاده البرسوى وجمشيد الكاشى‪ ،‬ورحل على‬
‫بعد ذلك إلى كرمان ثم عاد بعدها إلى سمرقند‪ ،‬ولما توفى قاضى زاده أحتل مكانه على رأس مرصد سمرقند‪.‬‬
‫وعقب وفاة أولوغ بك غادر على قوشجى سمرقند متوجها إلى تبريز ومنها أرسله حسن الطويل سفيراً إلى استانبول‪،‬‬

‫‪20‬‬
‫بتلــك المــدارس‪ ،‬ووضــع بهــا الشــرط الــذى يضــمن قيامهــا بتــدريس العلــوم العقليـةـ إلى جــانب‬
‫العلوم الدينية(‪.)65‬‬
‫وق ــد نص ق ــانون نام ــة الس ــلطان محم ــد الف ــاتح فى تع ــيين المدرس ــين على أن تخض ــع‬
‫درجــات المــدارس لمــا يتقاضــاه مدرســوها من أجــر يــومى يبــدأ من ‪ 20‬أقجــة ثم يزيــد خمس‬
‫أقجــات ليصــبح خمس ـاً وعشــرين أقجــة‪ ،‬ثم ثالثين‪ ،‬ثم خمس ـاً وثالثين‪ ،‬ثم أربعين‪ ،‬ثم خمس ـاً‬
‫وأربعين‪ ،‬حــتى يصــل إلى خمســين آقجــة‪ ،‬وكــانت تــذكر المــدارس الخمســينية بأســماء ثالثــة‬
‫مختلفة هى " الداخل " و"الخارج " و" الصحن " ويعتبر مدرســو مــدارس الصــحن‪ ،‬أى الــذين‬
‫يتولـ ــون التـ ــدريس فى المـ ــدارس الثمـ ــانى ذات المسـ ــتوى العـ ــالى فى كليـ ــة الفـ ــاتح من كبـ ــار‬
‫العلماء‪ ،‬وتأتى مرتبتهم فى التشريفاتـ الرسمية ( البروتوكولـ ) قبل أمراء السناجق (‪.)66‬‬

‫وهنا طلب منه السلطان الفاتح البقاء فى استانبول‪ ،‬فوعده على قوشجى أن يعود إليها بعد استكمال مهمة السفارة‬
‫التى يقوم بها‪ .‬ولما أقترب موعد وصوله أرسل السلطان محمد الفاتح هيئة من العلماء على رأسها خوجه زاده‬
‫قاضى المدينة إلستقباله هو ومن معه وزادت عآلقته بخوجه زاده بان زوج على قوشجى إحدى بناته البن خوجه‬
‫زاده‪ .‬وتم تعيين على قوشجى مدرساً على مدرسة " آيا صوفيا " وقضى فى استانبول عامين أو ثالثة فى اخر حياته‬
‫وتوفى فيها‪ .‬وله من المؤلفات الكثير فى علم الفلك والرياضيات وعلم المساحة والهندسة‪ ( .‬لمزيد من التفاصيل‬
‫انظر ‪ :‬طاشكيرى زاده‪ ،‬الشقائق التعمانية فى علماء الدولة العثمانية‪( ،‬ت ‪968‬هـ ) دار الكتاب العربى‪ ،‬بيروت ـ ـ‬
‫لبنان‪ ،1975 ،‬ص‪ ، 97‬خير الدين الزركلى‪ ،‬االعالم‪ ،‬قاموس تراجم الشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين‬
‫والمستشرقين‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ 1980 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،5‬ج‪ ،5‬ص ‪ ،9‬أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬الدولة‬
‫العثمانية تاريخ وحضارة‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.) 616-614‬‬
‫‪65‬‬
‫()أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪. 458-457‬‬
‫‪Hüseyin Atay، Osmanlılarda yüksek din eğitimi، Dergâh Yayınları، 1983، p. 120-128.‬‬
‫‪66‬‬
‫()أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ .458‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.186‬‬

‫‪21‬‬
‫مدرسة األندرون " اندرون مكتبى "‪:‬‬
‫وهى مدرســة تعليميــة أنشــئت بــداخل القصــر الســلطانى عقب اســتيالء الســلطان مــراد‬
‫األول على مدينــة أدرنــة‪ ،‬ثم عمــل مــراد الثــانى ومحمــد الفــاتح وبايزيــد الثــانى على تطويرهــا‪،‬‬
‫حـــتى تتحـ ــول إلى مـ ــا يشـــبه معهـ ــد علمى تـــدريبى داخـ ــل السـ ــراى العثمـ ــانى وظلت مـ ــدارس‬
‫األندرون تؤدى رسالتها سنين عديدة فتخرج فيها عـدد ال يحصـى من القـواد ورجـال الدولـة‬
‫واالدارة والصناعة(‪ )67‬الذين تقـرر لهم تـولى شـئون االدارة فى االمبراطورية‪ .‬وهـذا النظـام من‬
‫الم ــدارس تش ــكل فى اط ــار ض ــيق يختل ــف كث ــيراً عن المدرس ــة العادي ــة فى اله ــدف وأس ــلوب‬
‫التكـ ــوين ونوعيـ ــة البشـ ــر الـــذين يقـ ــوم على تنش ــئتهم‪ ،‬والوظيف ــة الـ ــتى يمارس ــونها فى الدولـ ــة‬
‫والمجتمـع رغم ارتكــاز النظــامين على أســاس فكــرى واحــد وال ســيما للســراى العثمــانى‪ ،‬ومن‬
‫ثم فقد تطورت تحت تأثير المؤسسة السياسية أكثر من غيرها(‪.)68‬‬
‫وكان النظام المتبع فى الدولة العثمانية هو أن يجــرى جمــع الصــبية من أبنــاء العــائالت‬
‫المســيحية ويوضــعوا تحت رعايــة العــائالت التركيــة المســلمة لــتربيتهم‪ ،‬ثم يؤخــذوا شــباناً إلى‬
‫الســـراى وثكناتـــه لتلقيهم التعليم المناســـب‪ ،‬وك ــانوا يدرس ــون فى األن ــدرون اللغـــة الفارســـية‬
‫والبالغ ــة والش ــعر والفلس ــفة والت ــاريخ والرياض ــيات والجغرافي ــا وغيره ــا‪ ،‬إلى ج ــانب العل ــوم‬
‫النقليـــة والعقلي ــةـ الـــتى تـــدرس فى المـــدارس األخ ــرى‪ ،‬ك ــالقرآنـ الك ــريم والحـــديث والكالم‬
‫والخ ـ ــط واللغـ ـ ـةـ العربي ـ ــة‪ ،‬ويمكن الق ـ ــول ب ـ ــأن التعليم فى مدرس ـ ــة األن ـ ــدرون نظ ـ ــام تط ـ ــبيقى‬
‫للمهارات والفنون والمعارف االدارية والسياسية المختلفة‪.‬‬
‫وعلى ه ــذا النح ــو ت ــولت مدرس ــة األن ــدرون تنشــئة القس ــم األعظم من ص ــفوة الرج ــال‬
‫الــذين شــغلواـ الوظــائف االداريــة فى الدولــة العثمانيــة حــتى نهايتهــا‪ ،‬وقــد ظلت تلــك المدرســة‬
‫على وظيفتها دون تغيير حتى أوائل القرن التاسـع عشـر‪ ،‬ثم لم تلبث بعـد ذلـك أن تخلت عن‬
‫تلك الوظيفة للمدارس الحديثة التى أقيمت على الطراز الغربى(‪.)69‬‬

‫‪ )(67‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .165‬كمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬الدولة العثمانية تاريخ‬
‫وحضارة‪ ،‬مجلد‪ ،2‬ص ‪.771‬‬
‫‪68‬‬
‫()أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ 2‬و ص ‪.449-448‬‬
‫‪)( 69‬أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.771 ،474-473‬‬

‫‪22‬‬
‫ثالثا‪:‬ـ دور العلماء فى حياة السلطان محمد الفاتح‪:‬‬
‫حظيت العلــوم عنــد العثمــانيين بتشــجيع كبــير من حكــامهم‪ ،‬وكــان التطــور الــذى طــرأ‬
‫على هذا النشاط المتزايد قد وقع فى عهـد السـلطان محمـد الفـاتح الـذى اهتم اهتمامـاً كبـيراً‬
‫عظيماً بالعلم والفلسفة‪ ،‬والثقافة‪ ،‬وشمل رجال العلم فى العالم اإلسالمى بحمايته‪ ،‬وكان هم‬
‫الفاتح قبل كل شئ أن تصـبح اســتانبول مركــزاً أول للعلم والثقافـة فى العـالم االسـالمى‪،‬ـ كمـا‬
‫أصبحت مركزاً للدولة العثمانية وعاصمتها‪ ،‬فشـرع فى تنفيـذ مـا عـزم عليــه داعيـاً إليهـا رجـال‬
‫العلم بشتى الوسائل(‪.)70‬‬
‫كــان الســلطان الفــاتح شــديد االحــترام للعلمــاء ورجــال الــدين والمتعلمين بصــفة عامــة‪،‬‬
‫وكــان يــدرك بفطنتــه أن القــوة الماديــة والحربيــة ال تكفــل وحــدها للشــعب الســعادة والمجــد‬
‫واالحتفـ ــاظ بالمكاسـ ــب العسـ ــكريةـ والسياسـ ــية‪ ،‬وأنـ ــه البـ ــد من دعمهـ ــا بقـ ــوة العلم وااليمـ ــان‬
‫والع ــدل‪ ،‬ول ــذلك ك ــان يعم ــل دائبـ ـاً وبجه ــد حقيقى ليجع ــل من دولت ــه موطنـ ـاً للعلم ومجمعـ ـاًـ‬
‫للعلماء والشعراء ومركزاً للعدالة (‪.)71‬‬
‫تلقى الفـــاتح فى حي ــاة والـــده العل ــوم االس ــالمية من كب ــار األس ــاتذة م ــع س ــائر العل ــوم‬
‫والمع ــارف ال ــتى تطلبه ــا ادارة الدول ــة‪ ،‬وع ــرف كي ــف يتحم ــل تبع ــات الحكم وينهض بأعب ــاء‬
‫المل ــك ودرس سياس ــة الدول ــة الداخلي ــة والخارجية(‪ .)72‬وع ــنى الس ــلطان م ــراد الث ــانى بتعليم ــه‬
‫عنايــة بالغــة تحت اشــراف أســاتذة على مســتوى رفيــع من العلم والخلق(‪ .)73‬ومن أهم معلمىـ‬
‫ومؤدبى الفاتح العـالم الربـاني المال (‪ " )74‬أحمـد بن اسـماعيل الكـورانى " (‪()75‬ت ‪984‬ه ـ ‪1/‬‬

‫‪70‬‬
‫()أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬الدولة العثمانية تاريخ وحضارة‪ ،‬مجلد‪ ،2‬ص‪ .613‬محمد نامق كمال‪ ،‬فاتحة‬
‫الفتوحات العثمانية‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪71‬‬
‫()عبد السالم عبد العزيز فهمى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.155‬‬
‫‪72‬‬
‫()على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪73‬‬
‫()على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .30‬عبد السالم عبد العزيز فهمى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪74‬‬
‫()المال ‪ :‬هى تحريف لكلمة " المولى " العربية بمعنى السيد ويطلق هذا اللقب على علماء الدين االسالمى فى‬
‫األقطار غير العربية مثل تركيا وايران وباكستان وافغانستان كما يطلق على قضاة استانبول االربعة ( انظر ‪ :‬برنارد‬
‫لويس‪ ،‬استنبول وحضارة الخالفة االسالمية‪ ،‬ص ‪ ،144‬ح ‪.) 136‬‬
‫‪75‬‬
‫() المال أحمد الكورانى ‪ :‬أحمد الكورانى‪ :‬هو االمام العالمة شهاب الدين الكورانى‪ ،‬الشافعى ثم الحنفى‪ ،‬ولد‬
‫سنة ‪813‬هـ ‪ 1410 /‬م و ( ت ‪894‬هـ ‪ 1576/‬م ) ودأب فى فنون العلم‪ ،‬حتى فاق فى المعقوالت‪ ،‬والمنقوالت‪،‬‬

‫‪23‬‬
‫‪576‬م) الــذي كــان مشــهودا لــه بالفضــيلة التامــة‪ .‬وكــان محمــد الفــاتح فى ذلــك الــوقت أمــيراً‬
‫على بلدة مغنيسـيا (‪ )76‬وقـد أرسـل إليـه والـده عـدداً من المعلمين ولم يمتثـل أمـرهم ولم يقـرأ‬
‫لهم شــيئاً‪ ،‬حــتى أنــه لم يختم القــرآن الكــريم‪ ،‬فطلب الســلطان المــذكور (مــراد الثــانى) والــد‬
‫محمـد الفــاتح رجالً مهابـة وحـدة‪ ،‬فــذكروا لــه المــولى " الكـورانى " فجعلـهـ معلمـاًـ لولـده (‪،)77‬‬
‫وذكــر عن المال الكــورانى انــه‪ :‬كــان عالمـاً فقيهـاً‪ ،‬شــهد لــه علمــاء عصــره بــالتفوق واالتقــان‪،‬‬
‫وفــاق أقرانــه فى العلــوم النقليــة والعقليــة‪ ،‬ومهــر فى النحــو والمعــانى والبيــان‪ ،‬وبــرع فى الفقـهـ‬
‫واشـ ــتهر بالفضـ ــيلة‪ .‬ثم اضـ ــاف أيضـ ــا‪ :‬كـ ــان الفـ ــاتح يسـ ــميه‪ " :‬أبـ ــا حنيفـ ــه زمانـ ــه " وتشـ ــير‬
‫الروايــات التاريخيــة إلى أن المال الكــورانى اســتطاع أن يحبب األمــير محمــداً فى العلم‪ ،‬وأن‬
‫يُقبِل بالفتى األمير على التعليم بفهم وجد ونشاط‪ ،‬فما مضى غــير قليــل من الــوقت حــتى ختم‬
‫القرآن(‪.)78‬‬

‫= واشتهر بالفضيلة‪ ،‬ودخل القاهرة ورحل إلى الروم‪ ،‬وصادف من ملكها السلطان مراد خان الحظوة‪ ،‬فاتفق أنه مات‬
‫وهو هناك الشيخ شمس الدين الفنرى‪ ،‬فساله السلطان ان يتحنف‪ ،‬ففعل الشيخ الكورانى وأصبح مشار إليه فى‬
‫المملكة الرومية‪ ،‬وألف للسطان محمد الثانى قصيدة فى علم العروض‪ ،‬ستمائة بيت " الشافية فى علم العروض‬
‫والقافية " وأصبح الشيخ الكورانى مؤدبا للسلطان محمد الفاتح ( انظر‪ :‬تقى الدين بن عبد القادر التميمى الدارى‬
‫الغزى المصرى الحنفى (ت ‪1005‬هـ ‪ 1596 /‬م)‪ ،‬الطبقات السنية فى تراجم الحنفية‪ ،‬تحقيق عبد الفتاح محمد‬
‫الحلو‪ ،‬المجلس االعلى للشئون االسالمية‪ ،‬لجنة احياء التراث االسالمى ‪ 3‬اجزاء‪ ،‬القاهرة‪ ،1970 ،‬ج ‪ ،1‬ص‬
‫‪ ) .326 -322‬وذكرت إحدى الروايات أن " قام السلطان مراد الثانى بإعطاء قضيبا للمولى الكورانى يضرب به‬
‫ابنه ( محمد الفاتح ) إذا خالف أمره‪ ،‬فذهب إليه‪ ،‬فدخل عليه والقضيب فى يده فقال ‪ :‬أرسلنى والدك من أجل‬
‫تعليمك وضربك إذا خالفت امرى‪ ،‬فضحك السلطان محمد من هذا الكالم‪ ،‬فضربه المولى " الكورانى " فى ذلك‬
‫المجلس ضربا شديدا حتى خاف منه السلطان محمد وختم القرآن فىى مدة يسيرة ففرح بذلك السلطان مراد‬
‫وارسل إلى المولى " الكورانى " أمواال عظيمة وأغدق عليه بالعطايا‪ ( .‬انظر‪ :‬طاشكيرى زاده‪ ،‬الشقائق التعمانية فى‬
‫علماء الدولة العثمانية‪ ،‬دار الكتاب العربى‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،1975 ،‬ص‪.)52‬‬
‫‪76‬‬
‫() بلدة مغنيسيا ‪ :‬معنيسيا مدينة تاريخية باالناضول‪ ،‬الحقت بالدولة العثمانية فى عهد السلطان بايزيد األول‬
‫الملقب بيلديرم (أى الصاعقة ) وأصبحت بعد ذلك مقرا إلقامة األمراء العثمانيين‪ ،‬فأقام بها السلطان مراد الثانى‬
‫ونجله محمد الفاتح والسلطان مراد الثالث وغيرهم‪ ،‬وقد اكتشف معدن " المغناطيس " بجوارها فسمى باسمها‬
‫(انظر ‪ :‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،30‬ح‪.) 3‬‬
‫‪77‬‬
‫() طاشكيرى زاده‪ ،‬الشقائق التعمانية فى علماء الدولة العثمانية‪ ،‬ص‪ .52‬على محمد الصالبى‪ ،‬محمد الفاتح‪،‬‬
‫ص‪.107 -106‬‬
‫‪78‬‬
‫()محمد مصطفى صفوت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،188‬عبد السالم عبد العزيز فهمى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪24‬‬
‫وكـ ــذلك تعلم على يـ ــد العـ ــالم الشـ ــيخ "آق شـ ــمس الـ ــدين" عـ ــالم الطب ومكتشـ ــف‬
‫ـدريس محمـد الفـاتح العلـوم األساسـية في ذلـك الـزمن‪ ،‬وهي القـرآن‬ ‫الميكروب الـذي اهتم بت ّ‬
‫الكـــريم والســـنة النبويـــة والفق ــهـ والعلـــوم اإلس ــالمية واللغ ــات العربي ــة‪ ،‬والفارســـية والتركيـــة‪،‬‬
‫وكــذلك في مجــال العلــوم العلميــة من الرياضــيات والفلــك والتــاريخ وفنــون الحــرب‪ ،‬وكــان‬
‫الش ــيخ آق ض ــمن العلم ــاء ال ــذين أش ــرفوا على الس ــلطان محم ــد عن ــدما ت ــولى إم ــارة "أماس ــيا"‬
‫ليتدرب على إدارة الوالية‪ ،‬وأصول الحكم‪ .‬واستطاع الشيخ آق شــمس الــدين أن يغــرس فى‬
‫نفس السلطان محمد األمـل الكبـير فى تحقيـق نبـوءة النـبى الكـريم محمـد ‪ ‬وبأنـه المقصـود‬
‫بالح ــديث النب ــوي الش ــريف‪" :‬لتفتحن القس ــطنطينية ولنعم األم ــير أميره ــا ولنعم الجيش ذل ــك‬
‫الجيش" (‪.)79‬‬
‫وكان السلطان محمد الفاتح يكن ألستاذه الشيخ " آق شمس الدين " مشاعر الحب‬
‫واإلجالل والتوقير‪ ،‬ويـزوره على الـدوام حيث يسـتمع ألحاديثـه ونصـائحه ويسـتفيد من علمـه‬
‫الغزيــر‪ ،‬وكــان أســتاذه هــذا مهيب ـاً ال يخشــى ســوى اهلل لــذا فإنــه عنــد قــدوم الســلطان محمــد‬
‫الفاتح لزيارته ال يقوم له من مجلسه‪ ،‬وال يقف له‪ .‬أمـا عنـد زيارتـه للسـلطان " محمـد الفــاتح‬
‫" فقد كان السلطان يقوم له من مجلسهـ توقيراً له‪ ،‬واحتراماً ويجلسه بجانبه(‪.)80‬‬
‫هك ــذا ك ــان ه ــذا الع ــالم الجلي ــل ال ــذي ح ــرص على تربي ــة محم ــد الف ــاتح على مع ــانيـ‬
‫اإليمان واالسالم واإلحسان‪ ،‬ولم يكن هذا الشيخ متبحراً في علوم الدين والتزكية فقط‪ ،‬بــل‬
‫كان عالمـاً في النبــات والطب والصـيدلة‪ ،‬وكـان مشــهوراً في عصــره بــالعلوم الدنيويــة وبحوثــه‬
‫في علم النبات ومدى مناسبتها للعالج من األمــراض‪ .‬وبلغت شــهرته في ذلــك أن أصــبح مثالً‬
‫بين الناس يقول‪( :‬إن النبات ليحدث آق شـمس الـدين (‪ .)81‬وقـال الشـوكاني عنـه‪...( :‬وصـار‬
‫مع كونـه طبيبـاً للقلـوب طبيبـاً لألبـدان فإنـه اشـتهر أن الشـجرة كـانت تناديـه وتقـول‪ :‬أنـا شـفاء‬
‫من المرض الفالني ثم اشتهرت بركته وظهر فضله‪.)82( )...‬‬

‫‪79‬‬
‫() مسند االمام أحمد بن حنبل‪ ،‬المكتب االسالمي‪ ،‬بيروت ‪1413,‬هـ (ج ‪ /4‬ص‪ .) 451‬نهرو محمد‬
‫الكسنزان و مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ )( 80‬ا‪.‬اورخان محمد على‪ ،‬روائع من التاريخ العثمانى‪ ،‬دار الكلمة للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر ـ المنصورة‪،2007 ،‬‬
‫ص‪ .48‬نهرو محمد الكسنزان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫‪ )(81‬محمد حرب‪ ،‬العثمانيون فى التاريخ والحضارة‪ ،‬المركز المصرى للدراسات العثمانية وبحوث العالم التركى‪،‬‬
‫سلسلة دراسات عثمانية (‪ ،)1‬القاهرة‪ ،1994 ،‬ص ‪.270-269‬‬

‫‪25‬‬
‫وكان الشيخ يهتم باألمراض البدنيـة قـدر عنايتـه بـاألمراضـ النفسـية‪ .‬واهتم الشـيخ آق‬
‫شـمس الـدين اهتمامـاً خاصـاً بـاالمراضـ المعديـة‪ ،‬فقـد كـانت هـذه االمـراض في عصـره تسـبب‬
‫في مــوت اآلالف‪ ،‬وألــف في ذلــك كتابـاً بالتركيــة بعنــوان "مــادة الحيــاة" قــال فيــه‪(:‬من الخطــأ‬
‫تصور أن األمراض تظهر على االشخاص تلقائياً‪ ،‬فاألمراض تنتقل من شخص الى آخر بطريق‬
‫العــدوى‪ .‬هــذه العــدوى صــغيرة ودقيقــة الى درجــة عــدم القــدرة على رؤيتهــا بــالعين المجــردة‪.‬‬
‫لكن هـ ــذا يحـ ــدث بواسـ ــطة بـ ــذور حيّـ ــة)‪ .‬وبـ ــذلك وضـ ــع الشـ ــيخ آق شـ ــمس الـ ــدين تعريـ ــف‬
‫الميك ـ ـ ــروب في الق ـ ـ ــرن الخ ـ ـ ــامس عش ـ ـ ــر الميالدي‪ .‬وه ـ ـ ــو أول من فع ـ ـ ــل ذل ـ ـ ــك‪ ،‬ولم يكن‬
‫الميكروســكوبـ قــد خــرج بع ــد‪ .‬وبع ــد أربعــة قــرون من حيــاة الش ــيخ آق شــمس الــدين ج ــاء‬
‫الكيميائي والبيولوجي الفرنسي لويس باستير ليقوم بأبحاثه وليصل الى نفس النتيجة(‪.)83‬‬
‫واهتم الشــيخ آق شــمس الــدين أيض ـاً بالســرطان وكتب عنــه وفي الطب ألــف الشــيخ‬
‫كتابين هما‪( :‬مادة الحياة)‪ ،‬و(كتاب الطب)‪ ،‬وهمــا باللغــة التركيــة والعثمانيــة‪ .‬وللشــيخ باللغــة‬
‫العربية سبع كتب‪ ،‬هي‪ :‬حــل المشــكالت‪ ،‬الرسـالة النوريـة‪ ،‬مقــاالت األوليــاء‪ ،‬رسـالة في ذكــر‬
‫اهلل‪ ،‬تلخيص المتــائن‪ ،‬دفــع المتــائن‪ ،‬رســالة في شــرح حــاجي بــايرام ولي (‪ .)84‬وبعــد ذلــك عــاد‬
‫الشيخ الى موطنه كونيــوك بعــد أن أحس بالحاجــة الى ذلــك‪ ،‬رغم إصــرار الســلطان على بقائــه‬
‫في استانبول ومات عام ‪863‬هـ‪1459 /‬م‪ ،‬فعليه من اهلل الرحمة والمغفرةـ والرضوان‪.‬‬
‫وقــد ذكــر الشــوكاني في البــدر الطــالع أن الشــيخ شــمس الــدين ظهــرت بركتــه وظهــر‬
‫فض ــله‪ ،‬وأن ــه ح ــدد للس ــلطان الف ــاتح الي ــوم ال ــذي تفتح في ــه القس ــطنطينية على يديه(‪ ،)85‬وق ــد‬
‫اهتــدى الشــيخ آق شــمس الــدين بعــد فتح القســطنطينية إلى قــبر الصــحابي الجليــل أبي أيــوب‬

‫‪82‬‬
‫() محمد بن على الشوكانى‪ ،‬البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع‪ ،‬دار الكتاب االسالمى‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت‪،‬‬
‫ج‪ ،, 2‬ص ‪ .167 -166‬محمد بن عبد الوهاب المكناسى‪ ،‬رحلة المكناسى‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ )82(83‬محمد حرب‪ ،‬العثمانيون فى التاريخ والحضارة‪ ،‬ص ‪ .270‬نهرو محمد الكسنزان‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪)( 84‬محمد حرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.270-269‬‬
‫‪85‬‬
‫() محمد بن على الشوكانى‪ ،‬البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع‪ ،‬ص ‪.167 -166‬‬

‫‪26‬‬
‫بموضع قريب من سور استانبول (القسطنطينية)(‪.)87‬‬ ‫(‪)86‬‬
‫األنصاري‬
‫وإلى ج ــانب ولع ــه بالفلس ــفة وم ــا وراء الطبيع ــة يهتم أيض ــا بعلم الفل ــك والرياض ــيات‪،‬‬
‫ولعــل ذلــك هــو الــذى جعلــه يقــوم بتعــيين الرياضــى والفلكى الشــهير " على قوشــجى " مدرسـاً‬
‫على مدرســة آيــا صــوفيا بــراتب يــومى قــدره مائتــا آقجــة‪ ،‬ويــأمر بتنظيم المنــاظرات العلميــة فى‬
‫مجلس ــه‪ ،‬ويش ــجع رج ــال العلم األت ــراك للس ــجال فى ذل ــك الموض ــوع(‪ .)88‬وممن تتلم ــذ ل ــه‬
‫محمــد الفــاتح أيضــا الشــيخ " ابن التمجيــد " وكــان إلى جــانب صــالحه وتقــواه شــاعراً حســن‬
‫النظم بالعربية والفارسية (‪ ،)89‬ومنهم أيضاً الشيخ خير الدين والشيخ سراج الدين الحلبى فى‬
‫الشعر(‪.)90‬‬
‫هذه التربية اإلسالميةـ الصادقة‪ ،‬وهؤالء المربون األفاضل‪ ،‬وخاصة هذا العالم المــولى‬
‫" أحمد الكورانى "الفاضل الذى كان يمزق األمر الســلطانى إذا وجــد بــه مخالفـةـ للشــرع وال‬
‫ينح ــنى للس ــلطان‪ ،‬ب ــل يخاطب ــه باس ــمه ويص ــافحه وال يقب ــل ي ــده‪ ،‬ب ــل ك ــان الس ــلطان يقب ــل ي ــد‬
‫المــولى " الكــورانى " وهــذا جعــل منــه ســلطاناً مســلماً مؤمن ـاً ملتزم ـاً بحــدود الشــريعة‪ ،‬مقيــداً‬
‫بــاألوامر والنــواهى معظمـاًـ لهــا ومــدافعاً عن إجــراءات تطبيقهــا على نفســه أوالً ثم على رعيتــه‪،‬‬
‫تقياً صالحاَ يطلب الدعاء من العلماء العاملين الصالحين(‪.)91‬‬

‫‪86‬‬
‫() أبى أيوب األنصارى ‪ :‬هو خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة ابو ايوب االنصارى النجارى‪ ،‬من بنى غنم بن مالك‬
‫بن النجار‪ ،‬غلبت عليه ُك نية امه هند بنت سعد بن عمر بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن‬
‫الحارث بن الخزرج االكبر‪ ،‬شهد العقبة وبدرا وسائر المشاهد‪ ،‬وعليه نزل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فى‬
‫خروجه من بنى عمرو بن عوف حين قدم المدينة مهاجرا من مكة و فلم يزل عنده حتى بنا مسجده فى تلك السنة‬
‫وبنا مساكنه و ثم انتقل صلى اهلل عليه وسلم إلى مسكنه‪ ،‬وآخى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بينه وبين مصعب بن‬
‫عمير‪= = .‬واستمر أبى أيوب بقربه من الرسول والصحابة وخاض معهم الحروب كلها و ثم مات باستانبول‬
‫( القسطنطينية ) من بالد الروم فى زمن معاوية بن ابى سفيان فى إحدى الغزوات وكان ذلك سنة ‪50‬هـ وقيل سنة‬
‫‪ 51‬هـ ( انظر ‪ :‬محمد بن عبد الوهاب المكناسى‪ ،‬رحلة المكناسى‪ ،‬ص ‪.) 83-82‬‬
‫‪87‬‬
‫()على محمد الصالبى‪ ،‬السلطان محمد الفاتح‪ ،‬ص‪.142‬‬
‫‪88‬‬
‫()أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬الدولة العثمانية‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.50‬‬
‫‪89‬‬
‫() طاشكيرى زاده‪ ،‬الشقائق التعمانية فى علماء الدولة العثمانية ‪ ،‬ص ‪ ،62‬عبد السالم عبد العزيز فهمى‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪ .33‬نهرو محمد الكسنزان و مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪)(90‬عبد السالم عبد العزيز فهمى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .33‬نهرو محمد الكسنزان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪91‬‬
‫()على حسون‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية‪ ،‬ص‪.43‬‬

‫‪27‬‬
‫كما نجد أيضاً أن السـلطان محمــد الفــاتح درج منــذ صــباه على إشـباع نهمـه من العلم‬
‫واالستزادة من مختلف الثقافات‪ ،‬وقد اختار من العلماء البارزين "خواجـه زاده (ت ‪893‬ه)‬
‫(‪ " )92‬و" ابن الخطيب (‪901‬ه)" (‪ ،)93‬مدرس ــين ل ــه وق ــرأ عليهم ــا م ــا ش ــاء من كتب الس ــلف‬
‫(‪.)94‬‬
‫وأطلــع أيض ـاً على مؤلفــاتـ العلمــاء المعاصــرين وبحث آراءهم بدقــة ونقــدها نقــداً علمي ـاً‬
‫وكلف خوجـه زاده وعالء الـدين الطوسـى(‪877‬ه ـ ‪1473 /‬م) (‪ )95‬بعمـل مقارنـةـ بين كتـابى "‬

‫‪)(92‬خواجه زاده‪ :‬هو مصطفى مصلح الدين بن يوسف بن صالح البرموى الشهير بخواجه زاده ( أى ابن المعلم )‬
‫من كبار العلماء الذين ظهروا فى الدولة العثمانية وموضع فخر الشعب التركى‪ ،‬فقد ولد فى بورصة‪ ،‬قرأ عند المولى‬
‫محمد أيا ثلوغ ( وهو من علماء عهد السلطان مراد الثانى وكان يعرف ﺑﭽلبى أيا ثلوغ ) األصلين والمعانى والبيان‬
‫ثم = = وصل إلى خضر بك وهو مدرس بالمدرسة السلطانية فىى بروسه فعين مساعدا له فاتم دراسته‪ ،‬وكان خضر‬
‫بك يجله ويقدره تقديرا عظيما ومتى حدثت مشكلة علمية كان يقول ‪ " :‬ارجعوا إلى العقل السليم " يعنى به صاحب‬
‫الترجمة وقد فاز رحمه اهلل بتقدير الفاتح وعطفه فى ظروف مختلفة ومناسبات شتى فأتخذه مدرسا لتفسه‬
‫وأسندإليهاعمالً هامة وعينه قاضى عسكر االناضول بعد المولى خسرو ثم قاضى استانبول وولى التدريس فى مدارس‬
‫مختلفة‪ ،‬وألف بامر السلطان كتابه القيم " تهافت الفالسفة " فقوبل بتقدير وإعجاب فى كل مكان وله مؤلفات قيمة‪،‬‬
‫توفى إلى رحمة اهلل تعإلى سنة ‪893‬ه ‪1487 /‬م ودفن فى ضريح بالقرب من مدرسة أمير سلطان فى بروسة‬
‫(انظر ‪:‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،40‬ح ‪ .1‬أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫ص ‪.) 623-622‬‬
‫‪93‬‬
‫()ابن الخطيب ‪ :‬هو محمد محيي الدين الشهير بابن الخطيب قرا على والده المولى تاج الدين ابراهيم‬
‫المدفون بمدينة ( أزنيق ) والطوسى وخضر بك‪ .‬كان عالما كبيراً طلق اللسان جرئ قوياً على المحاورة فصيحاً‬
‫عند المباحثة والمناقشة وكان عنده من الغرور وخشونة الطبع ما ال يتفق وما يجب أن يتصف به أهل العلم من‬
‫التواضع ولين الجانب حتى أنه بسبب غروره قد افتى بإهدار دم عالم جليل مثل المولى لطفى التوقاتى‪ ،‬وله مؤلفات‬
‫قيمة‪ ،‬وقد شرع فى التعليق على شرح الوقاية لصدر الشريعة ولم يتمه‪ ،‬توفى سنة ‪901‬ه ‪1495 /‬م ودفن بالقرب‬
‫من ضريح على القوشجى بمقبرة ابى أيوب األنصارى باستانبول (انظر ‪:‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪ ،40‬ح ‪ .) 2‬مدينة أزنيق ‪ :‬بلدة صغيرة جنوب بحر مرمرة جانب بحيرة ازنيق( على حسون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.) 14‬‬
‫‪94‬‬
‫()على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪95‬‬
‫() عالء الدين الطوسى ‪ :‬عالء الدين على بن محمد الطوسى البناركاتى‪ ،‬حكيم من فقهاء الحنفية‪ ،‬من أهل‬
‫سمرقند‪ ،‬أقام زمناً فى استانبول‪ ،‬أكرمه السلطان مراد الثانى ثم ابنه السلطان محمد الثانى‪ ،‬ورحل إلى تبريز ومنها‬
‫إلى ما وراء النهر‪ ،‬ومات فى سمرقند‪ ،‬من كتبه " الذخيرة فى المحاكمة بين كتابى تهافت الفالسفة للغزإلى‬
‫والحكماء البن رشد " و " حاشية على التلويح للتفتازانى فى االصول " و " حواشى على شرح الموآقف " وغيرها‬

‫‪28‬‬
‫التهــافت (‪ " )96‬للغــزالى(‪ )97‬وابن رشد(‪ ،)98‬وجعــل كال منهمــا يكتب فى ذلــك كتاب ـاً‪ ،‬وواظب‬
‫من ناحية أخرى على سماع المناظرة التى جرت فى مجلسه ســتة أيــام كاملــة بين خوجــه زاده‬
‫(‪.)100‬‬
‫ومحمد زيرك(‪ )99‬فى الفلسفة والكالم‬
‫وكـ ــان الفـ ــاتح يعـ ــنى بمطالعـ ــة كتب التـ ــاريخ ويـ ــدرس حيـ ــاة كبـ ــار الملـ ــوك واألبطـ ــال‬
‫وفتوح ــاتهم‪ ،‬ل ــذلك أص ــبح عالم ـاً كب ــيراً فى العل ــوم الش ــرعية‪ ،‬ومحب ـاً لس ــائر العل ــوم والفن ــون‬
‫كالموسيقى والرسم ويتذوق األدب والشعر‪ ،‬ولم يكن يخلــو من درس الفلســفة وعلم الفلــك‬

‫من الكتب العربية والفارسية ( انظر ‪ :‬طاشكيرى زاده‪ ،‬الشقائق التعمانية فى علماء الدولة العثمانية ‪ ،‬ص ‪ ،60‬خير‬
‫الدين الزركلى‪ ،‬االعالم‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪) 9‬‬
‫‪96‬‬
‫() التهافت ‪ :‬يعنى التناقض أى تناقض الفالسفة‪ ،‬يعنى تناقض أفكارهم وتعارضها وتساقطها أى تناقض يؤدى على‬
‫هوان الفكر الموصوف به وسخفه وحقارته‪ ،‬وقصد الغزالى من هذا الكتاب هو توضيح تناقض الفالسفة فى مسائل‬
‫العلم االلهى‪ ،‬وبعض مسائل العلم الطبيعى ( للمزيد من التفاصيل انظر ‪ :‬ابو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن‬
‫أحمد بن أحمد بن رشد‪ 595 (  ‬ه)‪ ،‬تهافت التهافت‪ ،‬تحقيق دكتور سليمان دنيا‪ ،‬سلسلة ذخائر العرب (‪ )37‬دار‬
‫المعارف‪ ،‬القسم األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1964 ،‬ص ‪.)17-15‬‬
‫‪97‬‬
‫الغز الي الطوسي النيسابوري الصوفي الشافعي االشعري‪ ،‬أحد أهم اعالم عصره‬
‫()الغزإلى‪ :‬هو أبو حامد محمد ّ‬
‫واحد أشهر علماء المسلمين في التاريخ‪ ،‬ومج ّدد علوم الدين االسالمي في القرن الخامس الهجري‪ 450(،‬هـ ‪-‬‬
‫الطريقة‪ ،‬شافعي ِ‬
‫الفقه إذ لم يكن‬ ‫ِ‬ ‫صوفي‬ ‫‪ 505‬هـ ‪1058 /‬م ‪1111 -‬م)‪ .‬كان فقيها وأصوليا وفيلسوفا‪ ،‬وكان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للشافعية في آخر عصره مثلَه‪ ، .‬وكان سنّ ّي المذهب على طريقة األشاعرة في العقيدة‪ ،‬وقد ُعرف كأحد مؤسسي‬
‫المدرسة االشعرية السّنيّة في علم الكالم‪ ،‬واحد أصولها الثالثة بعد أبي الحسن األشعري‪( ،‬وكانوا الباقالني‬
‫"حجة االسالم"‪ ،‬وله أيضاً القاب مثل‪ :‬زين‬
‫والغزالي)‪ .‬لُّقب الغزالي بالقاب كثيرة في حياته‪ ،‬اشهرها لقب ّ‬
‫والجويني ّ‬
‫كبير‬
‫أثر ٌ‬‫االمة‪ ،‬وبركة األنام‪ ،‬وإمام ائمة الدين‪ ،‬وشرف االئمة‪ .‬كان له ٌ‬
‫ومحجة الدين‪ ،‬والعالم األوحد‪ ،‬ومفتي ّ‬
‫ّ‬ ‫الدين‪،‬‬
‫وبصمةٌ واضحةٌ في ع ّد ة علوم مثل الفلسفة‪ ،‬والفقه الشافعي‪ ،‬وعلم الكالم‪ ،‬والتصوف‪ ،‬والمنطق‪ ،‬وترك عشرات‬
‫الكتب في تلك المجاالت‪ .‬ولد وعاش في طوس‪ ،‬ثم أنتقل إلى نيسابور ليالزم أبا المعالي الجويني (المل ّقب بامام‬
‫مدرسا في المدرسة النظامية في عهد‬
‫ولما بلغ عمره ‪ 34‬سنة‪ ،‬رحل إلى بغداد ّ‬
‫الحرمين)‪ ،‬فاخذ عنه معظم العلوم‪ّ ،‬‬
‫الدولة العباسية بطلب من الوزير السلجوقي نظام الملك‪ .‬في تلك الفترة اشتُهر شهر ًة واسعةً‪ ،‬وصار مقصدا لطالب‬
‫العلم الشرعي من جميع البلدان‪ ،‬حتى بلغ أنه كان يجلس في مجلسه اكثر من ‪ 400‬من أفاضل الناس وعلمائهم‬
‫يستمعون له ويكتبون عنه العلم‪ .‬تجول فى مدن كثيرة و عاد بعدها إلى بلده طوس متخذا بجوار بيته مدرسةً للفقهاء‪،‬‬
‫وخانقاه (مكان للتعبّد والعزلة) للصوفية‪ ( .‬انظر ‪ :‬االمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى‪ ،‬سير اعالم‬
‫النبالء‪ ،‬مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬سورية ـ ـ ـ دمشق‪ 24 ،‬جزء‪ ،2001 ،‬ج‪ ،19‬ص ‪.) 322‬‬
‫‪98‬‬
‫() ابن رشد ‪ :‬هو محمد بن احمد بن محمد بن احمد بن رشد الشهير ( بأبى الحفيد ) ولد سنة ‪520‬ه‪/‬‬
‫‪ 1126‬م‪ .‬عالم مسلم ولد بقرطبة باألندلس ‪,‬كان والده قاضي قرطبة وكان جده قاضي قضاة األندلس‪ .‬ودرس‬

‫‪29‬‬
‫بعناية خاصة من حين إلى حين (‪.)101‬‬
‫وكـ ــانت حياتـ ــه بسـ ــيطة جـ ــداً‪ ،‬وكـ ــانت هوايتـ ــه فى قـ ــراءة الكتب والتـ ــدريب على فن‬
‫القت ــال‪ ،‬وإذا وج ــد متس ــعاً من ال ــوقت خ ــرج للص ــيد والط ــراد‪ ،‬وك ــان عزوفـ ـاً عن الش ــهوات‬
‫والمل ـ ــذات ومجتنبـ ـ ـاً عن المنك ـ ــرات وك ـ ــانت مائدت ـ ــه تمت ـ ــاز بالبس ـ ــاطة والخل ـ ــو من الن ـ ــدماء‬
‫والمشروبات الروحية بأنواعها وكــان يكــره االختالط المبتــذل ويعيش فى عــالم نفســه إمــا فى‬
‫جو علمى أو فى ميدان الجهاد والقتال (‪.)102‬‬
‫كمــا قـ َّـرب إليــه العلمــاء ورفــع قــدرهم‪ ،‬وكــان يكــرمهم غايــة اإلكــرام ولــو كــانوا من‬
‫خصـومه؛ـ وكـان الســلطان محمـد الفـاتح ال يسـمع عن عــالم في مكانــه أصــابه عـوز وإمالق إال‬
‫بــادر إلى مســاعدته وأغــدق عليــه‪ .‬ولقــد اهتم الســلطان محمــد الفــاتح بــترتيب وظــائف العلمــاء‬
‫في الجوام ــع الك ــبرى ووض ــع له ــا تقالي ــد س ــابقة ونظمه ــا بمرس ــوم خ ــاص واهم الوظ ــائف في‬
‫المس ــاجد الك ــبرى‪ :‬الخطيب واإلم ــام ‪ ،‬والقيم والم ــؤذن ويق ــوم المرش ــحونـ له ــذه الوظ ــائف‬
‫القرآن والفقه والطب والفلسفة‪ُ .‬أسند إليه القضاء في اشبيلية‪ ،‬ثم صار قاضي قضاة قرطبة‪ .‬وبعد وفاة ابن عقيل‪،‬‬
‫الطبيب والفيلسوف المعروف‪ ،‬استوزره أبو يعقوب بن عبد المؤتمن‪ ،‬لكن الوشاة والحساد أوغروا صدر ابن أبي‬
‫زيد عليه‪ ،‬فأمر بمحاكمته وإحراق كتبه بتهمة الكفر‪ .‬وقد نفي ابن رشد حوالي سنة‪ ،‬ثم صدر العفو عنه‪ .‬لكنه عزف‬
‫عن الحياة السياسية واالجتماعية‪ .‬مات في مراكش سنة ‪595‬ه‪1198 /‬م ودفن فيها ثم نقل رفاته إلى قرطبة‪ ) .‬ابو‬
‫العباس ابن أبى أصيبعة (ت ‪ 688‬ه)‪ ،‬عيون االنباء فى طبقات االطباء‪ ،‬نحقيق دكتور نزار رضا‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪،‬‬
‫بيروت‪2010 ،‬م‪ ،‬ص ‪ (,478‬القاضى ابى الوليد محمد بن رشد ( ‪595‬ه)‪ ،‬تهافت التهافت‪ ،‬القسم األول‪ ،‬ص‬
‫‪.) 7‬‬
‫‪99‬‬
‫() محمد زيرك ‪ :‬هو العالم الفاضل المولى محمد الشهير بزيرك تعلم على يد الشيخ الجاح بيرام وهو من اطلق‬
‫عليه زيرك وعمل مدرسا بمدرسة السلطان مراد غازى بمدينة بروسه‪ ،‬ثم نقله السلطان محمد الفاتح إلى استنابول‬
‫وعينه باحدى المدارس عند فتح استانبول قبل بناء مدارس الثمانية وصرف له كل يوم خمسين درهما‪ ،‬وكان اشتغاله‬
‫بالعباده اكثر من اشتغاله بالعلم‪ ،‬وحدث خالف بينه وبين المولى خسرو وخواجه زاده انتقل بعدها إلى بروسة‬
‫واستوطن بها حتى توفى ( انظر‪ :‬طاشكيرى زاده‪ ،‬الشقائق التعمانية فى علماء الدولة العثمانية ‪ ،‬ص ‪).76-74‬‬
‫‪100‬‬
‫()أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.614-613‬‬
‫‪)(101‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .23‬نهرو محمد الكسنزان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪Halil Inalcik، The middle east and the Balcans under the Ottoman Empire، essays on‬‬
‫‪economy and Society، Indiana university Turkish Studies and Turkish Ministry of‬‬
‫‪culture Joint Series، Bloomington,1954,p.420.‬‬

‫‪ )(102‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪30‬‬
‫بطلب العلم في المــدارس الدينيــة الكبــيرة الــتي كثــيراً مــا كــان الســالطين والــوزراء يتنافســون‬
‫على تشــييدها تنافسـاً نــبيالً ويخضــع الموظفــون الــدينيون في العاصــمة لســلطة المفــتي مباشــرة‬
‫ولكان ينوب عنه في الواليات الكبرى قضاة العسكر؛ أما في الواليات الصغرى فكان اإلمام‬
‫يقوم بكافة المهام الدينية وخاصة في األرياف (‪.)103‬‬

‫‪ )(103‬نهرو محمد الكسنزان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬

‫‪31‬‬
‫وكــان من عادتــه في شــهر رمضــان أن يــأتي إلى قصــره بعــد صــالة الظهــر بجماعــة من‬
‫العلماء المتبحرين في تفسير القرآن‪،‬ـ فيقوم في كل مرة واح ٌد منهم بتفسير آيات من القـرآن‬
‫الك ـــريم‪ ،‬ويناقشـ ــه في ذل ـــك سـ ــائر العلمـ ــاء ويجادلونـ ــه‪ ،‬وكـ ــان السـ ــلطان يش ـــارك في هـ ــذه‬
‫المناقشــات ويشــجع هــؤالء بالعطايــا والهــدايا ومن الزعمــاء المعنــويين والمرشــدين والعلمــاء‬
‫الكبار فى عهده " المال خسرو(ت ‪863‬ه ـ ‪1458 /‬م)(‪" )104‬و" العـالم أحمـد الكـورانى "و"‬
‫المال محمد زيرك " و" آق شمس الدين(‪863‬ه‪1458/‬م)(‪." )105‬‬

‫‪104‬‬
‫()المال خسرو ‪ :‬هو محمد بن فراموز الشهير بالمولى خسرو ويقال كان والده رجال رومى االصل او فرنسيا‬
‫اعتنق االسالم‪ ،‬وتوفى والده وهو صغير فنشأ فى كنف زوج اخته المسمى " خسرو بك " أحد أمراء العثمانيين‬
‫فعرف بأخى زوجة األمير خسرو ثم اختصر االسم بكثرة االستعمال فقيل خسرو‪ .‬تلقى العلوم كلها من المولى‬
‫برهان الدين حيدر الهروى من تالميذ سعد الدين التفتازانى فعين مدرسا لمدرسة " شاه ملك " بادرنة ثم قاضيا‬
‫للعسكر‪ ،‬ولما توفى المولى خضر بك سنة ‪863‬هـ ‪1458 /‬م‪ ،‬واله السلطان محمد الفاتح قضاء استانبول مضافاً‬
‫إليه قضاء غلطه واسكدار من ضواحى استانبول مع التدريس بمدرسة آيا صوفيا‪ ،‬وكان يباشر قضاء استانبول بنفسه‬
‫وقضاء غلطة واسكدار بواسطة نواب عنه‪ .‬كما أسند إليه منصب االفتاء الرفيع‪ ،‬وكان بحرا زاخرا عالما بالمعقول‬
‫والمنقول جامعا للفروع واالصول من تصانيفه" الغرر وشروحه الدرر فى الفقهة " و "مرقاة االصول وشرحه‬
‫وحواشيه المطول " كتبها حين كان مدرسا بمدرسة شاه ملك و " حواشى تفسير البيضاوى إلى قوله تعالى سيقول‬
‫السفهاء " و " رسالة فى الوالء ابدع فيها الفوائد العجيبة "‪ .‬وكان السلطان محمد الفاتح يجله ويفخر به قائال " هو‬
‫ابو حنيفة عهدى " وكان رحمه اهلل متخلقا بخلق حسن متواضعا يقضى حوائجه بنفسه‪ ،‬توفى سنة ‪885‬هـ ‪1480/‬م‬
‫ونقل جثمانه الطاهر إلى مدينة بروسة ( بورصة ) ودفن بجوار مدرسته ( انظر ‪ :‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪ ،103-102‬ح ‪.) 1‬‬
‫‪)( 105‬آق شمس الدين ‪ :‬هو حمزة بن حمزة الدمشقى الرومى ارتحل مع والده إلى الروم‪ ،‬وطلب فنون العلوم‬
‫وتبحر فيها وأصبح علما من أعالم الحضارة االسالمية فى عهدها العثمانى‪ .‬هو معلم الفاتح ومربية يتصل نسبه‬
‫بالخليفة الراشد ابى بكر الصديق كان مولوده في دمشق عم ‪792‬هـ (‪1389‬م) حفظ القران الكريم وهو في السابعة‬
‫من عمره‪ ،‬ودرس في اماسيا ثم في حلب ثم في انقرة وتوفي عام ‪1459‬هـ (انظر ‪ :‬علي محمد الصالبي‪ ،‬الدولة‬
‫العثمانية عوامل النهوض واسباب السقوط‪ ،‬دار التوزيع والنشر االسالمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2001 ،‬ص‬
‫‪ )139‬كما لقب أيضاً أستاذ " مرشد الخاقان " أى السلطان محمد الفاتح وشارك هو واتباعه الدراويش بفاعلية فى‬
‫قتح ستانبول ( القسطنطينية )‪ ،‬وكان رجال الدين والطرق الصوفية يتجولون بين الصفوف يشجعون المقاتلين ويتلون‬
‫االدعية وينشدون االشعار والمنظومات الدينية ويرددون األيات القرانية واألحاديث النبوية التى تحث على الجهاد‬
‫والقتال فى سبيل اهلل وكانت اصداء تكبيرات الغزاة الدراويش فى صفوف الجيش التركى التى يتجول بينها استاذا‬
‫الخاقان ( السلطان محمد الفاتح ) أى شمس الدين ومال كورانى‪ ،‬والدعاء الذى رددوه عقب صالة الصبح‬
‫والخطاب القصير المؤثر الذى القاه البادشاه‪ ... .‬كان ذلك كله يؤتى ثمرته فيتجسد أمواجا متعاقبة على األسوار‬

‫‪32‬‬
‫و" خض ــر ب ــك ( ت ‪863‬هـ ـ ‪1458 /‬م) (‪ " )106‬و " خوج ـةـ زاده أفن ــدى " و " المال‬
‫شيخ وفاء "( ت ‪896‬ه‪1490 /‬م) (‪.)107‬‬
‫ومن العلمــاء الرياضــيين والفلكــيين الكبــار فى عهــد الســلطان الفــاتح العــالم " فتح اهلل‬
‫الش ــروانى "(‪( )108‬ت ‪891‬ه ــ ‪1486 /‬م ) دخ ــل مدرس ــة س ــمرقند وأخ ــذ العلم على ي ــدى "‬
‫قاضى زاده " وفى عهد السلطان مــراد الثــانى وفــد إلى األناضـول‪،‬ـ وفى قسـطمونى حظى فتح‬
‫اهلل بك ــرم " ﭽﺎنـ ـ ــدر أوغلى اس ــماعيل ب ــك "(ت ‪884‬ه ـ ـ ‪1480-1479 /‬م )‪ ،‬فاس ــتقر به ــا‬

‫البيزنطية ( انظر ‪ :‬محمد بن عبد الوهاب = المكناسى‪ ،‬رحلة المكناسى (‪ )1785‬تحقيق محمد بوكبوط‪ ،‬دار‬
‫السويدى للنشر والتوزيع والمؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2003 ،‬ص ‪ ،80‬ح ‪) 92‬‬
‫‪106‬‬
‫() خضر بك ‪ :‬بن القاضى جالل الدين بن صدر الدين بن حاجى ابراهيم خير الدين الرومى الحنفى أحد علماء‬
‫الروم ومدرسيهم واعيانهم ولد فى" ﺴﭬر يحصار " سنة ( ‪810‬هـ ‪1407 /‬م ) من بالد االناضول ( شمس الدين‬
‫محمد بن عبد الرحمن السخاوى ‪,‬الضوء الالمع الهل القرن التاسع‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪ 12 ،‬جزء‪،‬‬
‫‪ ،1999‬ج‪ ،3‬ترجمة رقم ‪ ،693‬ص ‪ ) 178‬وهو اول قاض تولى القضاء فى استانبول ( القسطنطينية ) بعد فتحها‪،‬‬
‫قرا مبادئ العلوم على والده وكان قاضيا بها ثم وصل إلى المولى محمد بن أدمغان الشهير بالمولى ﯿﮕان فتلقى عنه‬
‫العلوم العقلية والنقلية وبلغ رتبة الكمال وتزوج من ابنته‪ ،‬وكان شديد الذكاء ذا فهم صحيح وعلم غزير وباع ممتد‬
‫فى النظم والنثر وحصل العلوم الغربية والفنون العجيبىة ولذلك سمى بين العلماء " جراب العلم " وعمل مدرساً فى‬
‫مدرسة السلطان محمد جلبى فى بروسه وتتلمذ عليه كل من " مصلح الدين الشهير بخواجه زاده " و " شمس الدين‬
‫الشهير بخطيب زاده " و خير الدين معلم السلطان " وغيرهم‪ ،‬ولما فتح استانبول ( ستانبول ( القسطنطينية ) واله‬
‫قضاءها ومات هناك سنة ‪863‬هـ ‪ 1458 /‬م‪ .‬وله من المؤلفات الكثير منها " نظم العقائد يعرف بالقصيدة النونية "‬
‫ونظم اخر معروف بالتائبة ادرج فيها ما فى الكتب الضخام من علم الكالم و ويقال انه ترجم كتاب المطالع إلى‬
‫اللغة الفارسية‪ ،‬وهو الذى ابتكر التاريخ نظما بحساب الجمل‪ .‬وبرع فى النحو والمعانى والبيان (انظر ‪ :‬على همت‬
‫بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،102-101‬ح ‪.) 1‬‬
‫‪107‬‬
‫()المال الشيخ وفاء ‪ ( :‬ت ‪896‬ه ‪1490 /‬م ) هو الشيخ مصلح الدين مصطفى بن أحمد الصدرى القنوى‬
‫الشهير بابن الوفاء‪ ،‬أخذ التصوف عن الشيخ مصلح الدين الشهير بامام الدباغين‪ ،‬كانت له معرفة تامة بعلم‬
‫الموسيقى‪ ،‬وكانت له بالغة عظيمة فى الشعر واإللقاء وكان يخطب يوم الجمعة وكانت له خطبا بليغة‪ ،‬كان حنفى‬
‫المذهب‪ ،‬عمل فى خدمة السلطان محمد الفاتح وابنه بايزيد الثانى وحضر إلى استانبول وأقام فيها وله فيها زاوية‬
‫وجامع وقبر دفن فيه بالقرب من جامعه فى استنابول ( انظر ‪ :‬طاشكيرى زاده‪ ،‬الشقائق التعمانية فى علماء الدولة‬
‫العثمانية‪ ،‬ص ‪ .147-145‬أحمد آق كوندز‪ ،‬سعيد أوزتورك‪ ،‬الدولة العثمانية المجهولة ‪ ،‬ص ‪ .122‬يلماز أوزتونا‪،‬‬
‫تاريخ الدولة العثمانية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪).184‬‬
‫‪ )(108‬الشروانى ‪ :‬هو فتح اهلل بن ابى يزيد عبد اهلل بن عبد العزيز بن ابراهيم الشروانى‪ ،‬تلقى علومه فى سمرقند‬
‫( مدينة فى أوزبكستان من مدن آسيا الوسطى ) ( انظر ‪:‬أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.) 617‬‬

‫‪33‬‬
‫وصار يقوم بتدريس العلم فى مدرسـتها‪ .‬ولـه من المؤلفـات " حاشـية على شـرح الملخص فى‬
‫الهيئة " وترجع أهمية تلك الحاشية إلى أنها كانت تستخدم للتدريس فى المدارس العثمانيــة‪،‬‬
‫ولــه كتــاب هــام فى الموســيقى عنوانــه " مجل ـةـ فى الموســيقى" و" حاشــية وضــعها على شــرح‬
‫أشكال التأسيس" لقاضى زاده فى الهندسة(‪.)109‬‬
‫وفى مجــال الطب ظهــر فى عهــد الفــاتح عــدد كبــير من مشــاهير األطبــاء منهم آلتــونى‬
‫زاده(‪ )110‬و"حكيم ع ــرب " ال ــذى عم ــل طبيب ـاً للس ــراى فى نفس ال ــوقت أي ــام الف ــاتح وبايزي ــد‬
‫الثــانى‪ ،‬و"حكيم الرى " ويعقــوبـ باشــا (ت‪886‬ه ــ‪1482-1481 /‬م) وكــانوا أحــد طبيــبين‬
‫عالجا السلطان الفاتح وهو على فراش الموت (‪.)111‬‬
‫وهناك طبيب آخر ظهـر آنـذاك هــو " حكيم بشــير جلــبى " الــذى كـان شـاعراً ومؤرخـاً‬
‫فى الوقت نفسه‪ ،‬وكتابه كان يعرف باسم " مجموعةـ الفوائد " وقد وضعه على ثالثين فصالً‬
‫وأهم م ــا يم ــيزه أن ــه اقتص ــر على موض ــوع خ ــاص دون غ ــيره فتح ــدث عن األم ــراضـ الباطن ــة‬
‫وحدها‪ ،‬وضمن الفصل األخير منه قائمة أبجدية بأسماء العقاقيرـ (‪.)112‬‬
‫وظهر أيضاً المولى حكيم يعقوب باشـا أحـد األطبـاء السـبعة المشـهورين ممن سـجلت‬
‫أسماؤهم فى دفتر العلمـاء‪ ،‬وهـو طـبيب ايطـالى يهـودى األصـل‪ ،‬هـاجر إلى األراضـى العثمانيـة‬
‫هربـاً من البابــا نيقــوال الخــامس خوفـاً من الضــغط عليــه العتنــاق المســيحية‪ ،‬ودخــل فى الــدين‬
‫اإلس ــالمى وارتفعت درجات ــه ح ــتى أص ــبح كب ــير األطب ــاء (حكيمباش ــى) فى الس ــراى والط ــبيب‬
‫الخاص للسلطان الفاتح (‪.)113‬‬
‫ونتيجــة اهتمامــه بــالطب قــام الســلطان محمــد الفــاتح ببنــاء مستشــفى وكــان يعمــل فيهــا‬

‫‪109‬‬
‫()أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.619 _617‬‬
‫‪110‬‬
‫() آلتونى زاده ‪ :‬طبيب ذاعت شهرته فى عالج المسالك البولية‪ ،‬فقد عالج احتباس البول بالمجس معتمدا فى‬
‫ذلك على طريقة ابن سينا‪ ،‬كما ازال أيضاً زائدة لحمية فى مسلك البول‪ ،‬ووضع التونى زاده رسالة شرح فيها هذه‬
‫الطريقة ( انظر ‪ :‬أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.) 620‬‬
‫‪)( 111‬أكمل الدين إحسان أوغلى و مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪. 621‬‬
‫‪)(112‬نفس المرجع السابق‪.‬‬
‫‪)(113‬أكمل الدين إحسان أوغلى و مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ .621‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬ص ‪ 45‬‬
‫‪Kohen، Elli; History of the، Turkish Jews and Sephardim: Memories of the past golden‬‬
‫‪age، University Press of America، (2007) p.19‬‬

‫‪34‬‬
‫طبيبــان واختصاصــى للعيــون وجــراح وصــيدلى‪ ،‬باإلضــافة إلى المــدير ومســاعده‪ ،‬وكــان هنــاك‬
‫أيضـاً طباخــان يقومــان بإعــداد الوجبــات تحت المراقبــة الطبيــة‪ .‬وإلى جــانب هــؤالء كــان يعمــل‬
‫فى المستشــفى ممرضــان‪ .‬وهمــا مكلفــان حســب الوقفيــة بالمعاملــة اللطيفــة للمرضــى‪ .‬وكــانت‬
‫المستشــفى تســتقبل الفقــراء الــذين كــانوا ال يســتطيعون أن يــدفعوا أجــرة العالج فى بيــوتهم أو‬
‫ثمن الدواء‪ ،‬أمـا مصـاريف المستشــفى الـتى كــانت تبلـغ فى اليــوم خمس دوقيـات ذهبيــة‪ ،‬فقــد‬
‫كانت تغطى من الوقف الذى أوقفه السلطان الفاتح على المدارس والمنشأت (‪.)114‬‬
‫اهتمامه بالشعراء واألدباء‪:‬‬
‫كـــان الســـلطان محمـــد الفـــاتح راعي ــاً لنهض ــة أدبي ــة‪ ،‬حكم ثالثين عامـ ـاً كـــانت أعـــوام‬
‫خص ــب ورخ ــاء وبرك ــة ونم ــاء وع ــرف ب ــأبي الفتح ألن ــه غلب على إمبراطوري ــتين‪ ،‬وفتح س ــبع‬
‫ممالــك واســتولى على مــائتي مدينــة‪ ،‬وشــاد دور العلم ودور العبــادة ‪ ،‬فعــرف كــذلك ( بــأبي‬
‫الخيرات ) ونبـغ فى عهـده عـدد من الشـعراء واألدبـاء‪ ،‬بـل الشـاعرات أيضـا فى اللغـة التركيـة‬
‫الــتى حلت محــل الفارســية لغــة الثقافــة األدبيــة القديمــة ـ ـ ـ منــذ عهــد مــراد الثــانى والــد الفــاتح‬
‫(‪.)115‬‬
‫فقـــد كـــان لفتح مدينـــة القســـطنطينية (اس ــتانبول) أث ــره العظيم فى ت ــدعيم أدب البالط‬
‫العثمانى الذى أخذ فى التشكل قبل ذلك‪ ،‬إذ بدأ الفنانون والشــعراء والعلمــاء يتوافــدون على‬
‫استنابول مركز الثقافة وعاصمةـ الدولة‪ ،‬ويتسابقون للحظــوة بــدخول البالط‪ ،‬وكــان الســلطان‬
‫محمد الفاتح يعظم الفنانين ورجال العلم من الشرق والغرب‪.‬‬
‫كمــا كــان الســلطان محمــد الفــاتح شــاعراً مجيــداً مهتمـاً بــاألدب عامــة والشــعر خاصــة‪،‬‬
‫وكان مياالً إليه بموهبته الفطريةـ وطبيعته الفنية‪ ،‬وكان يقرضـ الشعر باللغــة التركيــة والفارســية‬
‫وله ديوان مطبوع‪ ،‬فقد كـان يصـاحب الشـعراء ويصـطفيهم‪ ،‬واعتـنى بـالكثير منهم‪ ،‬وكـان في‬
‫بالطه ثالثون شاعراً يتناول كل منهم راتباً شهرياً (‪.)116‬‬
‫ووجــد الفــاتح لــذة كبــيرة فى انشــاء الشــعر واالســتماع إليــه‪ ،‬ويجــزل العطايــا للشــعراء‬
‫بـدون تميــيز بين جنســياتهم وأوطــانهم‪ ،‬ولم تقــف جـوائزه عنــد حـدود الـوطن بـل جاوزتهـا إلى‬
‫الهنـد وإيـران فشـملت شـعراءهما فإنـه كـان يرسـل راتبـاً شـهرياً محترمـاً إلى خواجـهـ " جهـان "‬
‫‪)( 114‬خليل اينالجيك‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪)(115‬محمد حرب‪ ،‬العثمانيون فى التاريخ والحضارة‪ ،‬ص‪.181‬‬
‫‪116‬‬
‫()سيد رضوان على‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬

‫‪35‬‬
‫شــاعر الهنــد و " جــامى " شــاعر ايــران (‪ .)117‬وكــان محمــد الفــاتح ينكــر على الشــعراء التبــذل‬
‫والمجــون والــدعارة ويعــاقب الــذي يخــرج عن اآلداب بالســجن أو يطــرده من بالطــه‪ .‬ومن‬
‫أقدم الشعراء األتراك فى عهد الفاتح " يونس امره " المتوفى حوالى ‪721‬هـ‪1321/‬م وكــان‬
‫شاعراً شعبياً متصوفاً (‪.)118‬‬
‫(‪)120‬‬
‫كمــا اشــتهر فى عهــده أيضــا مجموع ـةـ من الشــعراء منهم شــيرنواى(‪ )119‬وحمــدى‬
‫(‪)121‬‬
‫وشـ ـ ــهدى وغـ ـ ــيرهم كثـ ـ ــيرون‪ ،‬وم ـ ـ ــن النسـ ـ ــاء الشـ ـ ــاعرات زينب القسـ ـ ــطمونية ومهـ ـ ــرى‬
‫اآلماسية"(‪.)122‬‬

‫‪117‬‬
‫()على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪118‬‬
‫()سيد رضوان على‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪119‬‬
‫() شيرنواى ‪ :‬هو العالم الفاضل الحكيم شكر اهلل الشيرنواى‪ ،‬ارتحل من وطنه إلى بالد الروم واتصل بخدمة‬
‫السلطان محمد الفاتح وتقرب عنده ألجل الطب وكان طبيباً حاذقاً صاحب مروءة‪ ،‬وكانت له معرفة بالتفسير‬
‫والحديث والعلوم العربية و ولما حج أقام بمصر مدة‪ ،‬وقرأ الحديث على علمائها منهم الشيخ السخاوى ونظراؤه‬
‫وسمع الحديث بالروم من المولى أحمد الكورانى وكلهم أجازوه إجازة ملفوظة مكتوبة وتوفى فى عهد السلطان‬
‫الفاتح (انظر‪ :‬طاشكيرى زاده‪ ،‬الشقائق التعمانية فى علماء الدولة العثمانية‪ ،‬ص ‪).134‬‬
‫‪120‬‬
‫() هو حمد اهلل بن العالم الكبير والصوفى الشهير الشيخ آق شمس الدين الذى شهد فتح ستانبول‬
‫( القسطنطينية ) وولد فى ﮔوينوﮐ وال نعرف عن حياته الشئ الكثير سوى انه كان عالما صالحا زاهدا متواضعا‬
‫منقطعا عن الناس وكانت له يد طولى فى النظم بالتركية ( انظر‪ :‬طاشكيرى زاده‪ ،‬الشقائق التعمانية فى علماء الدولة‬
‫العثمانية‪ ،‬ص ‪ . 145‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬العاهل العثمانى ابو الفتح السلطان محمد الثانى‪ ،‬ص ‪ ،39‬ح‪،1‬‬
‫أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬الدولة العثمانية تاريخ وحضارة‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.)53‬‬
‫‪)( 121‬مهرى ‪ :‬عرفت الشاعرة مهرى خاتون (ت ‪912‬ه‪1506/‬م) بانها كانت تشارك فى مجالس االمير أحمد ابن‬
‫السلطان بايزيد عندما كان واليا على اماسيا ونجحت فى اثبات وجودها على مسرح الحياة الدينية انذاك‪ ،‬وكانت‬
‫مهرى تستخدم اسمها مخلصا شعريا‪ ،‬وال تتورع عن ذكر ما يجيش فى داخلها حتى لفتت االنظار باسلوبها وطرزها‬
‫الخاص‪ ،‬وكانت امراة لم تمنعها انثوتها من القول ان‪ :‬امراة واحدة فاضلة هى االرجح عندى اذ تفوق الف رجل ال‬
‫يفقه من االمر شيئا‬
‫وقد تاثرت مهرى فى اشعارها بالشاعر نجاتى حتى غلب اسلوبه عليها‪ ،‬ولم يكن ذلك االمر يروق لألخير فكانا‬
‫يتبادالن السباب ويقدح أحدهما االخر‪ ،‬ويتصدر ديوان مهرى خاتون قسم من ( تضر عنامه ) اى مناجاة جاءت على‬
‫شكل مثنوى ( انظر ‪ :‬أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬الدولة العثمانية‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.) 51‬‬
‫‪122‬‬
‫() نسبة إلى اماسية مدينة باالناضول معروفة بجودة تفاحها(انظر ‪ :‬على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪) 39‬‬

‫‪36‬‬
‫وكــان الفــاتح نفســه شــاعراً واتخــذ لنفســه لقب ـاً شــعرياً‪ ،‬وهــو "عــونى " (‪ )123‬على عــادة‬
‫شــعراء الفــرس واألتــراك وشــعراء الهنــد وباكســتان‪ ،‬ولــه ديــوان شــعر مطبــوع باســم " ديــوان‬
‫(‪)124‬‬
‫وزيره وكـان شـاعراَ‬ ‫عونى " وتأثر فى أشعاره بالشاعر أحمد باشا ( ت ‪903/1497‬م)‬
‫غزلياَ ومن أبرز شعراء العصر آنذاك ولتشجيع ذلك انشأ فى كل من بروسه وقسطمونى من‬
‫م ـــدن األناضـ ــول م ـــدارس لتعليم الشـ ــعر الغنـ ــائى‪ ،‬وأجـ ــرى مرتب ـ ـاً لثالثين شـ ــاعراً فى بالط ـــه‪،‬‬
‫فأضحت المدن الكبرى مجامع األدباء والشعراء (‪.)125‬‬
‫ومن الشــعراء الــذين فــازوا بعطــف الفــاتح الشــاعر " حمــدى " نــاظم قصــتى " ســيدنا‬
‫يوس ــف وزليخ ــا " و " ليلى والمجن ــون " على غ ــرار م ــا نظم ــه ج ــامى‪.‬ـ والش ــاعر " ش ــهدى "‬
‫الــذى بــدأ ينظم التــاريخ العثمــانى كمــا نظم الفردوســى تــاريخ ايــران ولكن عاجلتــه المنيــة قبــل‬
‫اتمام ــه‪ .‬و" الكلش ــنى " وق ــد نظم نح ــو عش ــرين ال ــف بيت فى أس ــلوب " مثن ــوى " لموالن ــا‬
‫جالل الدين الرومى‪ ،‬و" إلهمى " منشئ زاد المشــتاقين ونتــائج األرواح‪ .‬والشــاعر" نجــاتى "‬
‫(‪.)126‬‬

‫‪123‬‬
‫() عونى ‪ :‬اسم شعرى لمحمد الفاتح وهو ما يعرف عند شعراء التلرك والفرس بالتخلص او المخلص‪ ،‬فكان‬
‫الشاعر يختار اسمه الشعرى من اسمه او من اسم حرفته وبلده وما إلى ذلك ( انظر ‪ :‬على همت بركى اآلقسكى‪،‬‬
‫مرجع سابق و ص ‪ ،38‬ح‪ .2‬محمد حرب‪ ،‬العثمانيون فى التاريخ والحضارة‪ ،‬ص‪ ،182‬نهرو محمد الكسنزان‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.) 27‬‬
‫‪Abdulhak Adnan Adivar، Osmanli Turklerinde Ilim، Ikinci Baski، Maarif matbaasi،‬‬
‫‪(Istanbul، 1943) ,p. 24.‬‬
‫‪124‬‬
‫() أحمد باشا‪ :‬من أبرز شعراء عصر السلطان محمد الفاتح وكان يعرف بانه الشاعر الوحيد الذى ملك زمام‬
‫القصيده فى عصره‪ ،‬وكان امير النظم بال منازع‪ ،‬وهو ما يكفى لبيان قدرة أحمد باشا فى الساحة االدبية‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فان هناك من اتهمه " بالترجمة " والنقل عن الشعراء الفرس ووقوعه تحت تاثيرهم‪ ،‬وقد عرف أحمد باشا فى اشعاره‬
‫باالغرآق فى استخدام المحسنات البديعية‪ ،‬ودفعه سوء حظه الن يتعرض لغضب السلطان محمد الفاتح‪ ،‬فلما كتب‬
‫قصيدته ذات الرديف " كرم " وحازت اعجاب السلطان عفا عنه ونجا الشاعر من براثين القتل‪ ،‬ولم يعد يقترب من‬
‫بالط السلطان بعد ذلك و بل انه لم يدخل استانبول حتى بعد وفاة السلطان و وتم تعيينه امير سنجق على بورصة‪،‬‬
‫وكان للشاعر أحمد باشا اثره الكبير على الشعراء الذين جاءوا بعده و وله ديوان شعر مرتب ( انظر ‪ :‬أكمل الدين‬
‫إحسان أوغلى‪ .‬الدولة العثمانية تاريخ وحضارة‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪. ) 50‬‬
‫‪125‬‬
‫()سيد رضوان على‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪126‬‬
‫()نجاتى ( ت‪915‬ه‪ 1509 /‬م ) من أبرز شعراء القرن الخامس عشر وتتساوى مكانته فى أدب الديوان مع‬
‫مكانة أحمد باشا‪ ،‬واستطاع بغزلياته ان يحظى بالشهرة التى حظى بها االخير فى قصائده‪ .‬وكان نجاتى يحذو حذو‬

‫‪37‬‬
‫ونســـج هـــؤالء الشـــعراء على منـــوال الش ــعر الفارس ــى الص ــوفى والغ ــزلى والملحمى‪،‬‬
‫والذى كان معروفاًـ فى آسيا الصغرى منذ عهد ســالجقةـ الــروم‪ ،‬والــذين ورثت تــراثهم الدولــة‬
‫العثمانية فى مجال األدب والفن واإلدارة والحكم (‪ .)127‬وليس شعراء عهد الفـاتح هم الـذين‬
‫ذكرنــاهم بــل كــان هنــاك مئــات من الشــعراء غــيرهم‪ ،‬وقــد ســجل لنــا كتب الــتراجم الخاصــة‬
‫بالشعراء سبعة شعراء تولوا الوزارة فى عهده (‪.)128‬‬
‫كمــا اهتم الســلطان محمــد الفــاتح بالنهضــة الــتى ظهــرت فى ايطاليــا‪ ،‬وعهــد إلى أحــد‬
‫فنانى البندقية " جنتيل بلينى ‪ " Gentile Bellini‬أن يرسم له صورة زيتية وال تزال هـذه‬
‫الصورة محفوظة له إلى اليوم فى مجموعةـ اليارد البندقية (‪.)129‬‬
‫اهتمامه بالترجمة‪:‬‬
‫كان الســلطان محمـد الفـاتح متقن للغـةـ الروميـة‪ ،‬ومن أجــل أن يبعث نهضــة فكريــة في‬
‫ش ــعبه أم ــر بنق ــل كث ــير من اآلث ــار المكتوب ــة باليوناني ــة والالتيني ــة والعربي ــة والفارس ــية إلى اللغ ــة‬
‫التركية من ذلك كتاب " مشاهير الرجال " لبلوتارك‪ ،‬ونقـل إلى التركيـة كتـاب التصـريف في‬
‫الطب ألبي القاسـ ــم الزهـ ــراوي الطـ ــبيب األندلسـ ــي مـ ــع زيـ ــادات في صـ ــور آالالت الجراحـ ــة‬
‫وأوضاع المرضى أثناء إجراء العمليات الجراحية‪.‬‬
‫وعنــدما وجــد كتــاب بطليمــوس في الجغرافيــا وخريطــة لــه قــام بمطالعتــه ودراســته مــع‬
‫العـالم الـرومي جــورج امـيروتزوس‪ ،‬ثم طلب إليـه الفـاتح وإلى ابنـه (ابن العـالم الـرومي) الــذي‬

‫الشعراء الفرس من امثال سامان ساوه جى ( ت‪778‬هـ‪1376 /‬م ) ونظامى ( ت‪611‬هـ‪1214 /‬م ) واصل اسمه‬
‫عيسى ومولده فى أدرنه إال انه عاش مدة طويلة فى قسطمونى وكتب فيها غزلين نال بهما شهرة واسعة‪ ،‬وكان‬
‫وفوده على استانبول ودخوله إلى البالط العثمانى بواسطة واحد من ندماء السلطان محمد الفاتح‪ ،‬ونالت اشعاره‬
‫اعجابا عظيما بفضل ما كان يستخدمه فيها من عناصر محلية وقدرته الفائقة على تطويع االلفاظ التركية الخالصة‬
‫لالوزان العروض واثنى عليه اصحاب تذاكر الشعراء ونعتوه ب ـ ـ ـ ـ " خسرو الروم " و " ملك الشعراء " وله عدا‬
‫الديوان عدة اعمال ومنظومات و ويعزى النجاح الذى حققه نجاتى إلى استخدامه للتعابير وااللفاظ التركية بطريقة‬
‫خاصة انفرد بها وإلى اسلوبه الشائق وقدرته الفنيه التى ظهرت فى غزلياته ( انظر ‪ :‬أكمل الدين إحسان أوغلى‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.) 52‬‬
‫‪127‬‬
‫()سيد رضوان على‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪128‬‬
‫()على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪129‬‬
‫‪() David Dereksen، The Cresent and the cross fall of Byzantium ,May 1953 ( new-‬‬
‫‪york.1964 ) pp.151-152.‬‬

‫‪38‬‬
‫كــان يجيــد اللغــتين الروميــة والعربيــة بترجمــة الكتــاب إلى العربيــة‪ ،‬وإعــادة رســم الخريطــة مــع‬
‫التحقيــق في أســماء البلــدان وكتابتهــا بــاللغتين العربيــة والروميــة‪ ،‬وكافأهمــا على هــذا العمــل‬
‫بعطايا واسعةـ جمة‪ ،‬وكان العالمةـ علي القوشجى ( ‪879‬هـ‪1474 /‬م ) وهــو من أكــبر علمــاء‬
‫عصــر الفــاتح في الرياضــيات والفلــك كلمــا ألــف كتابـاً بالفارســية نقلــه إلى العربيــة وأهــداه إلى‬
‫الفاتح(‪.)130‬‬
‫وك ــان الف ــاتح مهتمــاً باللغ ــة العربي ــة‪ ،‬ألنه ــا لغ ــة الق ــرآن الك ــريم كم ــا أنه ــا من اللغ ــات‬
‫العلميــة المنتشــرة في ذلــك العهــد‪ .‬وليس أدل على اهتمــام الفــاتح باللغــة العربيــة من انــه طلب‬
‫إلى" المدرس ــين بالم ــدارس الثم ــاني أن يجمع ــوا بين الكتب الس ــتة في علم اللغ ــة كالص ــحاح‬
‫والتكملــة والقــاموس وأمثالهــا "‪ .‬ودعم الفــاتح حركــة الترجم ـةـ والتــأليف لنشــر المعــارف بين‬
‫رعاي ــاه باالكث ــار من نش ــر المك ــاتب العام ــة وأنش ــأ ل ــه في قص ــره خزان ــة خاص ــة احت ــوت على‬
‫غ ــرائب الكتب والعل ــوم‪ ،‬وعين الش ــيخ لطفي أمين ـاً عليه ــا‪ ،‬وك ــان به ــا اثن ــا عش ــر أل ــف مجل ــد‬
‫عنــدما احــترقت عــام ‪870‬ه‪1465/‬م وقــد وصــف االســتاذ ديزمــان هــذه المكتبــة بأنهــا بمثابــة‬
‫نقطة تحول في العلم بين الشرق والغرب(‪.)131‬‬
‫وصية الفاتح البنه‪:‬‬
‫تــرك محمـد الفــاتح قبــل وفاتــه وصـيته البنــه وولى عهـده يقـول فيهــا‪ " :‬هــا أنـذا أمــوت‪،‬‬
‫ولك ــنى غ ــير آسـ ـفـ ألنى ت ــارك خلفـ ـاً مثل ــك‪ ،‬كن ع ــادالً ص ــالحاً رحيمـ ـاً وابس ــط على الرعي ــة‬
‫حمايتــك بــدون تميــيز‪ ،‬وأعمــل على نشــر الــدين اإلســالمى‪،‬ـ فــإن هــذا هــو واجب الملــوك على‬
‫األرض‪ ،‬قــدم االهتمــام بــأمر الــدين على كــل شــئ‪ ،‬وال تفــتر فى المواظبــة عليــه‪ ،‬وال تســتخدم‬
‫األشخاص الذين ال يهتمون بأمر الدين‪ ،‬وال يتجنبون الكبائر وينغمسون فى الفحش‪ ،‬وجانب‬
‫البــدع المفســدة وباعــد الــذين يحرضــونك عليهــا ووســع رقعــة البالد بالجهــاد‪ ،‬وأحــرس أمــوال‬
‫بيت الم ــال من أن تتب ــدد‪ ،‬وإي ــاك أن تم ــد ي ــدك إلى م ــال أح ــد من رعيت ــك إال بح ــق اإلس ــالم‪،‬‬
‫واضمن للمعوزين قوتهم‪ ،‬وابذل إكرامك للمستحقين‪.‬‬
‫وبمــا ان العلمــاء هم بمثابــة القــوة المبثوثــة فى جســم الدولــة‪ ،‬فعظم جــانبهم وشــجعهم‬
‫وإذا سمعت بأحد منهم فى بلد آخر فاسـتقدمهـ إليـك وأكرمـه بالمــال ـ حــذار حـذار ال يغرنـك‬
‫المال وال الجند‪ ،‬إياك أن تبعــد أهــل الشـريعةـ عن بابـك‪ ،‬وايـاك أن تميــل إلى أى عمـل يخــالف‬

‫‪130‬‬
‫()أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ .614‬سيد رضوان على‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪131‬‬
‫() على محمد الصالبى‪ ،‬السلطان محمد الفاتح‪ ،‬ص ‪.183‬‬

‫‪39‬‬
‫أحكام الشريعة‪ ،‬فإن الدين غايتنا والهداية منهجنا‪ ،‬وبذلك انتصرنا‪.‬‬
‫خــذ مــنى هــذه العــبرة‪ " :‬حضــرت هــذه البالد كنملــة صــغيرة فأعطــانى اهلل تعــالى هــذه‬
‫النعم الجليلة‪ ،‬فألزم مسلكى‪ ،‬واخذ حذوى‪ ،‬وأعمل على تعزيــز هــذا الــدين وتوقــير أهلــه‪ ،‬وال‬
‫تصــرف أمــوال الدولــة فى تــرف أو لهــو‪ ،‬وأكــثر من قــدر اللــزوم‪ ،‬فــإن ذلــك من أعظم أســباب‬
‫الهالك" (‪.)132‬‬

‫الخاتمة‬
‫وهكذا فقد وجدت الدولة العثمانيـة في محمـد الفـاتح مـا تنشـده كـل أمـة في حاكمهـا‬
‫لينهض به ــا وبحض ــارتها ويرس ــخ من أق ــدامها داخ ــل دولتهم وخارجه ــا‪ ،‬ويحاف ــظ علي دينهم‬

‫‪132‬‬
‫()صبحى عبد المنعم‪ ،‬عبد الحميد حامد سليمان‪ ،‬دراسات فى تاريخ الدولة العثمانية‪ ،‬مكتبة الرشد ناشرون‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪1425 ،‬هـ‪ ،‬ص‪80‬‬

‫‪40‬‬
‫وكرامتهم وكيانهم؛ لتكون بذلك هي الدولة الكبرى‪.‬‬
‫ويتضح لنا من خالل هذه الدراسة الحقائق التاريخية التالية‪:‬‬
‫يعد السلطان الفاتح من أعظم سالطين آل عثمان‪.‬‬
‫‪ .1‬إنه لم يكن لتلـك النهضـة أن تتم‪ ،‬وال للفتح أن يكتمـل إال بتضـافر كـل تلـك الجهـود‬
‫من جــانب الســلطان الفــاتح‪ ،‬وقيامــه على رعايــة العلم والعلمــاء في العديــد من منــاحي العلــوم‬
‫النقلية والعقليةـ واإلدارية والحربية حتي وصلت الدولة في عهده إلى ما وصلت إليــه من رقي‬
‫حضاري ومنعة وازدهار‪.‬‬
‫‪.2‬أثــر العلم ودور العلمــاء البــارزين والمخلصــين فى تربيــة الســلطان محمــد الفــاتح‪ ،‬فقــد‬
‫ظهر هذا واضحاً من خالل حرص والده على نشأة ابنه وتربيته على يد علماء عظام‪.‬‬
‫‪.3‬مــدى عمــق العالقــة بين الســلطان محمــد الفــاتح والعلمــاء وخاصــة الشــيخ آق شــمس‬
‫الدين والمال الكورانى وتحفيزهم له على محاولة القيام بفتح القسطنطينية‪.‬‬
‫‪.4‬جه ــود الف ــاتح فى النه ــوض باس ــتنابول بع ــد فتحه ــا بانش ــاء الم ــدارس والمستش ــفيات‬
‫ورعاية الطلبة وتخريج علماء أصبح لهم دور فى شتى مجاالتـ المعرفة‪.‬‬
‫‪.5‬تــرك محمــد الفــاتح وصــية عــبرت أصــدق التعبــير عن منهجــه فى فــترة حكمــه وقيمــه‬
‫ومبادئة التى آمن بها وصار على أساسها فى حكمهـ للدولة العثمانية‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫المصادر‪:‬‬
‫وثائق غير منشورة‪:‬‬
‫سجالت محكمة اسكندرية الشرعية‪ ،‬سجل ‪ ،40‬مادة ‪ ،165,162,160‬ص‬
‫‪ ،63-60‬بتاريخ ‪ 12‬ربيع الثانى ‪1032‬هـ‪1622/‬م‪.‬‬
‫مصادرـ عربية محققة‪:‬‬
‫‪.1‬مسند االمام أحمد بن حنبل‪ ،‬المكتب االسالمي‪ ،‬بيروت ‪1413,‬هـ (ج ‪ /4‬ص‬
‫‪.451‬‬
‫‪.2‬ابو العباس ابن أبى أصيبعة (ت ‪688‬ه)‪ ،‬عيون االنباء فى طبقات االطباء‪ ،‬تحقيق‬
‫دكتور نزار رضا‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‪2010 ،‬م‪.‬‬
‫‪.3‬ابو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد‪595 (  ‬ه)‪،‬‬
‫تهافت التهافت‪ ،‬تحقيق دكتور سليمان دنيا‪ ،‬سلسلة ذخائر العرب (‪ )37‬دار المعارف‪،‬‬
‫القسم األول‪ ،‬الطبعة األولى‪1964 ،‬م‪.‬‬
‫‪.4‬االمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى ( ت ‪748‬هـ ‪1374 /‬م)‪،‬‬
‫سير أعالم النبالء‪ ،‬مؤسسةـ الرسالة للنشر‪ ،‬بيروت‪ 24 ،‬جزء‪ ،2001 ،‬ج‪.20‬‬
‫‪.5‬تقى الدين بن عبد القادر التميمى الدارى الغزى المصرى الحنفى (ت ‪1005‬هـ ‪/‬‬
‫‪1596‬م)‪ ،‬الطبقات السنية فى تراجم الحنفية‪ ،‬تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو‪ ،‬المجلس‬
‫االعلى للشئون االسالمية‪ ،‬لجنة احياء التراث االسالمى‪،‬ـ كتاب رقم ‪ 17‬القاهرة‪1970 ،‬م‪،‬‬
‫ج‪,1‬ج‪.3‬‬
‫‪.6‬سليمان بن خليل بن بطرس جاويش من دير القمرانى‪ ،‬التحفة السنية فى تاريخ‬
‫استانبول‪ ،‬طبعة مصورة عن طبعة نادرة‪ 3 ،‬أجزاء‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1887 ،‬م‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫‪.7‬طاشكيرى زاده‪ ،‬الشقائق التعمانية فى علماء الدولة العثمانية‪( ،‬ت ‪968‬هـ ) دار‬
‫الكتاب العربى‪ ،‬بيروت ـ ـ لبنان‪.1975 ،‬‬
‫‪.8‬على باشا مبارك‪ ،‬الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبالدها القديمة‬
‫والشهيرة‪ ،‬مطبعة دار الكتب والوثائق القومية‪،‬ـ القاهرة‪ 2004 ،‬م‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫‪.9‬محمد بن عبد الوهاب المكناسى‪ ،‬رحلة المكناسى‪ ،‬احراز المعلى والرقيب فى حج‬
‫‪42‬‬
‫بيت اهلل الحرام وزيارة القدس الشريف والخليل والتبرك بقبر الحبيب (‪1785‬م) تحقيق‬
‫محمد بوكبوط‪ ،‬دار السويدى للنشر والتوزيع والمؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪.2003 ،‬‬
‫محمد بن على الشوكانى‪ ،‬البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع‪ ،‬دار‬ ‫‪.10‬‬
‫الكتاب االسالمى‪،‬ـ القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ج‪.2‬‬
‫مراجع عربية‪:‬‬
‫‪.1‬أحمد السعيد سليمان‪ ،‬تأصيل ما ورد فى تاريخ الجبرتى من الدخيل‪ ،‬دار المعارف‪،‬‬
‫القاهرة‪1979 ،‬م‪.‬‬

‫‪.2‬أ‪.‬أورخان محمد على‪ ،‬روائع من التاريخ العثمانى‪ ،‬دار الكلمة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫مصر ـ المنصورة‪2007 ،‬م‪.‬‬
‫‪.3‬أحمد آق كوندز‪ ،‬سعيد أوزتورك‪ ،‬الدولة العثمانية المجهولة ‪ 303 ،‬سؤال وجواب‬
‫توضح حقائق غائبة عن الدولة العثمانية‪ ،‬وقف البحوث العثمانية‪ ،‬استانبول‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫‪.4‬أحمد عبد الرحيم مصطفى‪ ،‬فى أصول التاريخ العثمانى‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬القاهرة‪1982 ،‬م‪.‬‬
‫‪.5‬أكمل الدين إحسان أوغلى‪ ،‬الدولة العثمانية تاريخ وحضارة‪ ،‬منظمة المؤتمر‬
‫االسالمى‪ ،‬مركز االبحاث للتاريخ والفنون والثقافة االسالمية‪،‬ـ ‪ 2‬مجلد‪ ،‬استانبول‪،‬‬
‫‪1999‬م‪,‬ج‪.2‬‬
‫‪.6‬برنارد لويس‪ ،‬استنبول وحضارة الخالفة االسالمية‪ ،‬تعريب وتعليق سيد رضوان‬
‫على‪ ،‬الدار السعودية للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية‪1982 ،‬م‪.‬‬
‫‪.7‬توفيق الطويل‪ ،‬التصوف فى مصر إبان العصر العثمانى‪ ،‬مطبعة االعتماد‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪1946‬م‪.‬‬
‫‪.8‬خليل اينالجيك‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية من النشوء إلى االنحدار‪ ،‬ترجمة محمد‪ .‬م‪.‬‬
‫األرناؤوط‪ ،‬دار المدار اإلسالمى‪،‬ـ بيروت ـ ـ ـ لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪2002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .9‬روبير مانتران‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية‪ ،‬ترجمة بشير السباعى‪ ،‬دار الفكر للدراسات‬
‫والنشر والتوزيع بالتعاون مع البعثة الفرنسية لألبحاث والتعاون ـ قسم الترجمة‪،‬ـ القاهرة ـ‬
‫باريس‪1993 ،‬م‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫سيد رضوان على‪ ،‬محمد الفاتح بطل الفاتح االسالمى فى أوروبا الشرقية‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫‪43‬‬
‫الدار السعوديةـ للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪1981 ،‬م‪.‬‬
‫صبحى عبد المنعم‪ ،‬عبد الحميد حامد سليمان‪ ،‬دراسات فى تاريخ الدولة‬ ‫‪.11‬‬
‫العثمانية‪ ،‬مكتبة الرشد ناشرون‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكةـ العربية السعودية‪،‬ـ ‪1425‬هـ‪.‬‬
‫عبد السالم عبد العزيز فهمى‪ ،‬السلطان محمد الفاتح فاتح ستانبول‬ ‫‪.12‬‬
‫( القسطنطينية ) وقاهر الروم (‪886-833‬ه‪1481-1429/‬م) سلسلة اعالم المسلمين‬
‫دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة الخامسة‪1993 ،‬م‪.‬‬
‫عزتلو يوسف بك آصاف‪ ،‬تاريخ سالطين بنى عثمان‪ ،‬كلمات للترجمة‬ ‫‪.13‬‬
‫والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪2013 ،‬م‪.‬‬
‫على حسون‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية وعالقاتها الخارجية‪ ،‬المكتب االسالمى‪،‬‬ ‫‪.14‬‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1994 ،‬م‪.‬‬
‫على محمد الصالبى‪ ،‬السلطان محمد الفاتح وعواملـ النهوضـ فى عصره‪ ،‬دار‬ ‫‪.15‬‬
‫االيمان للطبع والنشر والتوزيع‪2002 ،‬م‪.‬‬
‫علي محمد الصالبي‪ ،‬الدولة العثمانية عواملـ النهوض واسباب السقوط‪ ،‬دار‬ ‫‪.16‬‬
‫التوزيع والنشر االسالمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫على همت بركى اآلقسكى‪ ،‬العاهل العثمانى أابو الفتح السلطان محمد الثانى‬ ‫‪.17‬‬
‫فاتح ستانبول (القسطنطينية) وحياته العدلية‪ ،‬تعريب محمد إحسان بن عبد العزيز‪ ،‬بمناسبة‬
‫االحتفال بمرور خمسمائة عام على فتح استانبول‪ ،‬القاهرة‪1953 ،‬م‪.‬‬
‫ف‪ .‬ويستنفلد‪ ،‬جدول السنين الهجرية بلياليها وشهورها بما يوافقها من‬ ‫‪.18‬‬
‫السنين الميالدية بأيامها وشهورها‪ ،‬ترجمة عبد الوهاب ماجد‪ ،‬عبد المحسن رمضان‪ ،‬مكتبة‬
‫األنجلو المصرية‪ ،‬الطبعة األولى‪1980 ،‬م‪.‬‬
‫فريد بك المحامى‪ ،‬تاريخ الدولة العلية العثمانية‪ ،‬تحقيق د‪ .‬إحسان حقى‪ ،‬دار‬ ‫‪.19‬‬
‫النفائس‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪1981 ،‬م‪.‬‬
‫مصطفى بن الحاج ابراهيم تابع المرحوم حسن آغا عزبان الدمرداشى‪،‬ـ تاريخ‬ ‫‪.20‬‬
‫وقايع مصر القاهرة المحروسةـ كنانة اهلل فى ارضه‪ ،‬تحقيق صالح أحمد هريدى على‪ ،‬مطبعة‬
‫دار الكتب والوثائق القومية‪،‬ـ القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪2002 ،‬م‪.‬‬
‫محمد حرب‪ ،‬العثمانيون فى التاريخ والحضارة‪ ،‬المركز المصرى للدراسات‬ ‫‪.21‬‬
‫العثمانية وبحوث العالم التركى‪ ،‬سلسلة دراسات عثمانية (‪ ،)1‬القاهرة‪1994 ،‬م‪.‬‬
‫محمد مصطفىـ صفوت‪ ،‬السلطان محمد الفاتح فاتح استانبول‪ ،‬دار الفكر‬ ‫‪.22‬‬

‫‪44‬‬
‫العربى‪ ،‬القاهرة‪1948 ،‬م‪.‬‬
‫محمد نامق كمال‪ ،‬فاتحة الفتوحاتـ العثمانية‪ ،‬المطبعة الوطنية‪ ،‬حيفا‪،‬‬ ‫‪.23‬‬
‫‪1909‬م‪.‬‬
‫نهرو محمد الكسنزان‪ ،‬السلطان محمد الفاتح حياته وفتوحاته‪،‬ـ دار ورد‬ ‫‪.24‬‬
‫األردنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪2013 ،‬م‪.‬‬
‫يلماز أوزتونا‪ ،‬تاريخ الدولة العثمانية‪ ،‬ترجمة عدنان محمودـ سليمان‪ ،‬محمود‬ ‫‪.25‬‬
‫االنصارى‪ ،‬منشورات مؤسسةـ فيصل للتمويل‪ ،‬تركيا ـ ـ ـ استانيول ‪1988‬م‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫دوائر المعارف والقواميس‪:‬‬
‫ابراهيم زكى خورشيد‪ ،‬أحمد الشنتناوى‪ ،‬عبد الحميد يونس‪ ،‬دائرة المعارف‬ ‫‪.1‬‬
‫االسالمية‪ ،‬كتاب الشعب‪ ،‬المجلد الثانى‪ ،‬ج‪.15‬‬
‫خير الدين الزركلى‪ ،‬االعالم‪ ،‬قاموس تراجم الشهر الرجال والنساء من العرب‬ ‫‪.2‬‬
‫والمستعربين والمستشرقين‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪1980 ،‬م‪ ،‬ج‪.5‬‬
‫دوريات عربية‪:‬‬
‫محمد شفيق غربال‪ ،‬المقالة األولى فى ترتيب الديار المصرية فى عهد الدولة‬ ‫‪.1‬‬
‫العثمانية‪ ،‬كما شرحه حسين افندى الروزنامجى‪ ،‬أحد أفندية الروزنامة فى عهد الحملة‬
‫الفرنسية‪ ،‬بعنوان " مصر عند مفترقـ الطرق " المجلد الرابع‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مايو ‪1936‬م‪.‬‬
‫المراجع األجنبية‪:‬‬
‫‪1. Abdulhak Adnan Adivar, Osmanli Turklerinde Ilim, Ikinci Baski,‬‬
‫‪Maarif matbaasi, (Istanbul, 1943).‬‬

‫‪2.Brnard Lewis, The Emergence of modern Turkey, first published,‬‬


‫)‪Oxford University press, (Oxford, 1961‬‬

‫‪3.David Dereksen, The Cresent and the cross fall of Byzantium ,May‬‬
‫) ‪1953 ( new-york.1964‬‬

‫‪4. Halil Inalcik, The middle east and the Balcans under the Ottoman‬‬
‫‪Empire, essays on economy and Society, Indiana university Turkish‬‬
‫‪Studies and Turkish Ministry of culture Joint Series,‬‬
‫‪Bloomington,1954,‬‬

‫‪45‬‬
5.Hüseyin Atay, Osmanlilarda yüksek din eğitimi, Dergâh Yayınları,
1983

6. Ismail Hami Danismend, fatih’in, hayati ve fetih takvimi, Kanaat


Matbaasi, (Ankara, 1953)

7.  Kohen, Elli; History of the Turkish Jews and Sephardim:


Memories of the past golden age, University Press of America, (2007).

8.Stanford. J. Shaw ,The Financial and Administrative


Organization and Development Of Ottoman Egypt 1517-1798, new-
jersy,1962.

9. Tursun bey, Tarih-i Ebu’l – Feth, Hazirlayan Mertol Tulun, Baha


matbaasi, (Istanbul, 1977).

10. Vakiflar umum mudurlugu, Fatih Mehmet II vakfiyeleri, vol: 2,


cumhuriyet matbaasi, (Istanbul, 1938).

46

You might also like