You are on page 1of 47

‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫عماد أحمد حامد‬


‫مدرس تاريخ العصور الوسطى‬
‫بكمية اآلداب‪-‬جامعة الوادي الجديد‬
‫‪emadhamed80@art.nvu.edu.eg‬‬

‫الممخص العربي‪:‬‬
‫تُسمط ىذه الورقة البحثية الضوء عمى إحدى الظواىر االجتماعية واالقتصادية‬
‫التي كانت منتشرة في مممكة بولندا في العصور الوسطى‪ ،‬أال وىي ظاىرة ىروب‬
‫الفالحيف البولندييف مف قراىـ‪ ،‬والجيود التي قاـ بيا الممؾ البولندي كازيمير الثالث‬
‫لمتغمب عمييا‪ ،‬حيث تولي ىذا العاىؿ سدة الحكـ في مممكة بولندا مف عاـٖٖٖٔـ‬
‫ونظر لألعماؿ العظيمة التي قاـ بيا داخؿ المممكة وخارجيا‪،‬‬
‫ًا‬ ‫وحتى عاـ ٓ‪ٖٔٚ‬ـ‪،‬‬
‫فقد أطمؽ عميو المؤرخوف لقب "الكبير"‪ ،‬وىو الوحيد مف بيف مموؾ بولندا الذي حصؿ‬
‫عمى ىذا المقب‪ .‬وقد اتخذت الجيود التي بذليا ىذا العاىؿ البولندي لمجابية تمؾ‬
‫الظاىرة‪ ،‬شكميف متباينيف وىما‪ ،‬الشكؿ األوؿ‪ :‬وقد تمثؿ في استخدامو لمشدة والصرامة‬
‫في تقييد خروج الفالحيف البولندييف مف قراىـ‪ ،‬أما الشكؿ الثاني‪ :‬فقد تجمى في قيامو‬
‫بالوقوؼ بجانبيـ مف أجؿ إزالة‪ -‬أو عمى أقؿ تقدير التخفيؼ مف حدة‪ -‬األسباب التي‬
‫أدت إلى ىروبيـ مف قراىـ‪ .‬وقد انتيى البحث إلى نتيجة مفادىا‪ ،‬أف الحاكـ البولندي‬
‫كازيمير الثالث‪ ،‬قد تمكف في نياية المطاؼ مف التصدي لتمؾ الظاىرة بنجاح‪ .‬وقد‬
‫استخدـ الباحث ُك ًال مف المنيج الوصفي والمنيج التاريخي في إتماـ ىذا البحث‪ ،‬مف‬
‫حيث جمع المادة العممية مف بيف المصادر والمراجع المختمفة‪ ،‬ثـ تحميميا واستنباط‬
‫النتائج منيا‪.‬‬
‫الكممات الدالة‪ :‬الفالحوف البولنديوف‪-‬القرى‪-‬ىروب‪-‬مممكة بولندا‪-‬الممؾ كازيمير‬
‫الثالث‪ -‬السيد اإلقطاعي‪ -‬قوانيف‪.‬‬

‫‪087‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫م‬2023 ‫) يناير‬28(‫العدد‬

“Efforts of Polish King Casimir III in Countering


the Phenomenon of Peasant Flight from Their
Villages”
(1333-1370)
Abstract:
This research paper sheds light on one of the social and
economic phenomena that were widespread in the kingdom of
Poland in the middle ages, namely the phenomenon of the flight
of Polish peasants from their villages, and the efforts made by
Polish King Casimir III to overcome it, as this monarch reigned
in the kingdom of Poland from 1333 to 1370, and due to the
great works he did inside and outside the kingdom, historians
have called him the "great", the only one among the Kings of
Poland who received this title. The efforts made by this Polish
monarch to counter that phenomenon took two different forms:
the first was his use of severity and rigour to restrict the exit of
Polish peasants from their villages, and the second was his
standing by them to eliminate - or at least alleviate - the reasons
that led to their flight from their villages. The research concluded
that, after all, the Polish ruler Casimir III was able to
successfully cope with this phenomenon. The researcher used
both the descriptive method and the Historical method in
completing this research, in terms of collecting scientific
material from various sources and references, then analyzing it
and deriving results from it.
Keywords: Polish peasants; villages; escape; Kingdom of
Poland; King Casimir III; feudal lord; Laws.

‫ فيي الفترة الممتدة مف عاـٖٖٖٔـ وحتى‬،‫أما التحديد الزمني لفترة الدراسة‬


.‫ الممقب بالكبير‬Casimir III ‫ وىي مدة حكـ الممؾ كازيمير الثالث‬.‫ٖٔـ‬ٚٓ‫عاـ‬
:‫دراسات سابقة‬
‫ىناؾ بعض الدراسات السابقة التي تناولت وضع الفالحيف البولندييف في‬
‫ ومرت عميو بصورة عابرة‬،‫ لكف بشكؿ عاـ وموجز‬،‫القرف الرابع عشر الميالدي‬
Piotr " ‫ دراسة األستاذ" "بيوتر جوزوفسكي‬:‫ ومنيا‬،‫ ولـ تسد نيـ الباحثيف‬،‫وسريعة‬

087
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫‪ ،)ٔ(Guzowski‬الذي عرج فييا عمى تنظيـ الحياة االجتماعية في القرى البولندية في‬
‫الفترة مف القرنيف الحادي عشر‪ ،‬وحتى الخامس عشر الميالدياف‪ ،‬وتكمـ بشكؿ موجز‬
‫ومختصر عف قوانيف العاىؿ البولندي كازيمير الثالث مف أجؿ تقييد تحركات‬
‫الفالحيف خارج قراىـ‪ ،‬وأغفؿ الحديث عف جيود ىذا الحاكـ في عالج تمؾ الظاىرة‪.‬‬
‫وىناؾ الورقة البحثية لمباحث "مارسيف كونارسكي"‪ ،)ٕ( Marcin Konarski‬التي‬
‫عرض فييا لظاىرة ىروب الفالحيف البولندييف مف قراىـ بشكؿ عاـ‪ ،‬وخالؿ فترة‬
‫زمنية طويمة قدرىا خمسة قروف‪ ،‬ولعؿ ىذا ُيعمؿ سبب اختياره لمفترة الزمنية الخاصة‬
‫ببحثو (مف القرنيف الرابع عشر إلى التاسع عشر الميالدييف)‪.‬‬
‫وقد ركز فييا (كونارسكي) عمى نظاـ القنية (العبودية) ‪ ،)ٖ( Serfdom‬كأحد‬
‫أيضا‪،‬‬
‫أسباب ىروب الفالحيف البولندييف‪ ،‬وأغفؿ باقي األسباب‪ ،‬ومما يؤخذ عميو ً‬
‫تركيزه عمى المصادر والمراجع المكتوبة بالمغة البولندية فحسب‪ ،‬ولـ يتعرض لبقية‬
‫المصادر المكتوبة بالمغات األجنبية األخرى‪ ،‬مما يجعؿ دراستو تخمو مف التنوع في‬
‫اآلراء ووجيات النظر‪ ،‬وتقتصر في معالجة تمؾ القضية عمى وجيات النظر البولندية‬
‫فقط‪ ،‬كما أنو لـ ُي ِشر‪ -‬ولو إشارة طفيفة‪-‬إلى المؤرخ البولندي "جوف‬
‫ك ازرنكو"‪ٖٔٛٚ-ٖٕٔٓ( Joannis de Czarnkow‬ـ) المعاصر لعيد الممؾ‬
‫كازيمير الثالث ومصنفو "حوليات بولندية"‪ ،)ٗ( Chronicon Polonorum‬وال إلى‬

‫(‪(1‬‬
‫‪Guzowski ,P.,“From Vicinia to communitas. The evolution of village organisation‬‬
‫‪and government in the eleventh -to fifteenth-Century Poland”, In, The Routledge‬‬
‫‪Handbook of Medieval Rural Life, Edited By: Miriam Müller,(London 2021),pp.51-‬‬
‫‪65.‬‬
‫(‪(2‬‬
‫‪Konarski ,M.,” Legal Issues Related to the Flight of Peasants in Old Poland‬‬
‫‪(14th-19th Century) “, In , R E C L.,Vol.38, (2019),pp.7-32.‬‬
‫(ٖ) جاءت ىذه الكممة مف لفظ (القف)‪ ،‬ويقصد بيا الفالح الذي يعيش عمى قطعة أرض يمنحيا لو سيده مالؾ‬
‫طا بتمؾ األرض وال يستطيع مغادرتيا إال باليروب منيا‪ ،‬أو عف طريؽ‬
‫تمؾ األرض‪ ،‬ومف ثـ كاف القف مربو ً‬
‫شراء حريتو بالماؿ بعد موافقة سيده‪ .‬وال يقوـ األخير بطرده مف األرض إال في حالة رفض القف أداء واجباتو‪،‬‬
‫أو اقترافو جريمة ما‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪Gorecki ,P.,“Viator to Ascriptitius: Rural Economy, Lordship, and the Origins of‬‬
‫‪Serfdom in Medieval Poland ” ,In ,S R, Vol. 42 , Issue 1,(Spring 1983),p.14.‬‬
‫(‪(4‬‬
‫‪Czarnków,Joannis de.,Chronicon Polonorum,Jana z Czarnkowa Kronika Polska,‬‬
‫‪1333-1384,In,M P H, T.2,(Lwów 1872).‬‬

‫‪082‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫المؤرخ الشيير "حنا دوجوش" ‪ٔٗٛٓ-ٔٗٔ٘(Jan Długosz‬ـ) وكتابو "حولية حنا‬


‫دوجوش" ‪.)٘( The Annals of Jan Długosz‬‬
‫جدا‪ ،-‬ال توجد دراسة عممية مستفيضة بالمغة‬
‫وعمى حد معموماتي ‪-‬المتواضعة ً‬
‫العربية حوؿ ىذه النقطة البحثية‪ ،‬وىو ما شجعني لتناوؿ ىذا الموضوع‪ ،‬لعؿ البحث‬
‫ومبتغيا بو وجو اهلل تعالى‪.‬‬
‫ً‬ ‫يسد ثغرة مف ثغ ارت تاريخ أوروبا العصور الوسطى‪،‬‬
‫إشكالية الدراسة‪:‬‬
‫تحاوؿ ىذه الدراسة اإلجابة عف كثير مف التساؤالت مثؿ‪:‬‬
‫ما أسباب األسباب التي اضطرت الفالحيف البولندييف لميروب مف قراىـ؟ وىؿ كاف‬
‫جماعيا؟ وما ىي الجيود التي قاـ بيا الممؾ كازيمير الثالث لمواجية‬
‫ً‬ ‫فرديا أـ‬
‫ىروبيـ ً‬
‫تمؾ الظاىرة ؟ وىؿ سار ىذا الحاكـ عمى سياسة واحدة في حؿ تمؾ المشكمة؛ أـ‬
‫تباينت سياستو في حميا؟ واذا كانت سياستو متباينة‪ ،‬فما السر وراء ذلؾ؟ وىؿ الجيود‬
‫التي قاـ بيا كانت ناجحة في حؿ تمؾ الظاىرة؛ أـ باءت بالفشؿ؟ ولماذا أُطمِؽ عميو‬
‫لقب" ممؾ الفالحيف"؟ وىؿ ىذا المقب كاف مف باب التكريـ لو؛ أـ مف باب السخرية؟‬
‫بادئ ذي بدء‪ ،‬وقبؿ تناوؿ الجيود التي بذليا الممؾ كازيمير الثالث لمتصدي‬
‫لظاىرة ىروب الفالحيف البولندييف مف قراىـ بالتفصيؿ‪ ،‬ال بد أوًال مف الحديث عف‬
‫موقع مممكة بولندا ‪ ،Poland‬ثـ أوضاعيا عمى عيده‪.‬‬

‫عضوا في المجمس المحمي في مدينة ك ازرنكو ‪( Czarnków‬بولندا الكبرى)‪،‬‬


‫ً‬ ‫جوف ك ازرنكو"‪ :‬كاف والده‬
‫محاميا في كؿ مف‪ :‬مكمنبورج ‪ Mecklenburg‬حتى عاـ ‪ٖٔ٘ٙ‬ـ‪ .‬وبوزناف ‪،Poznań‬‬‫ً‬ ‫اشتغؿ جوف ك ازرنكو‬
‫اسيًا في مدينة‬ ‫وكقائد جوقة الترتيؿ(كانتور) ‪ Cantor‬في كنيسة فروتسواؼ‪ ،Wrodaw‬وعمؿ ِدْبمُوم ِ‬
‫َ‬
‫وكنائبا لخزانة‬
‫ً‬ ‫أفينيوف ‪ٖٔٙٙ-ٖٕٔٙ(Avignon‬ـ)‪ ،‬ورئيس شمامسة جنيزنو ‪ Gniezno‬مف عاـ ‪ٖٔٙٚ‬ـ‪،‬‬
‫ولي العيد خالؿ األعواـ)‪ٖٔٚٔ-ٖٔٙٙ‬ـ)‪ .‬في عاـ ٕ‪ٖٔٚ‬ـ تـ نفيو خارج مممكة بولندا‪ ،‬فقضى بعض الوقت‬
‫في سيميزيا‪ ،Silesia‬واألراضي التشيكية (براغ‪ ،)Prague‬وبراندنبورغ ‪( Brandenburg‬ليبوس)‪ ،‬وعاد إلى‬
‫بولندا بحموؿ نياية عاـ ٗ‪ٖٔٚ‬ـ‪ .‬وبعد عودتو مف المنفى‪ ،‬واصؿ عممو في الكتابة‪ .‬حيث إنو أبعد عف النشاط‬
‫السياسي‪ ،‬ثـ استقر مرة أخرى في جنيزنو‪ ،‬وعقد العزـ حينئذ عمى تجميع وقائع تاريخ بولندا مف األزمنة األولى‬
‫حتى القرف الرابع عشر الميالدي‪ .‬راجع‪:‬‬
‫‪Dunphy,G.& Bratu,C.,(Eds.).,The Encyclopedia of the Medieval Chronicle, Vol.2,‬‬
‫‪Boston, 2010,p.904.‬‬
‫)‪(5‬‬
‫‪Dlugosz,J.,The Annals of Jan Długosz=Annales seu cronicae incliti regni‬‬
‫‪Poloniae:an English abridgement, by Maurice Michael; with a commentary by Paul‬‬
‫‪Smith, UK, 1997.‬‬

‫‪087‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫أما ما يتعمؽ بالموقع‪ ،‬فإنيا تقع في شرؽ وسط أوروبا‪ ،‬بيف البحر البمطي‬
‫جنوبا‪ ،‬ومف أىـ أنيارىا‪ :‬األودر‪،Oder‬و الفيستوال ‪،Vistula‬و‬
‫شماال‪ ،‬وحزاـ الكربات ً‬
‫ً‬
‫كراكوؼ‪،Kraków‬و فارتا‪ ،Varta‬وأكبر مدنيا‪ :‬وارسو‪(Warsaw‬العاصمة)‪،‬و‬
‫بوزناف ‪ ،Poznan‬وبرسالو‪ ،Breslau‬ودانزج ‪ .Danzig‬وتتميز بولندا بأنيا بمد‬
‫أيضا موارد‬
‫زراعي تغطي الغابات سطحيا‪ ،‬ويوجد بيا مناجـ حديد وفحـ ميمة‪ ،‬وبيا ً‬
‫كبيرة مف الممح (‪.)ٙ‬‬
‫وقد بدأ تاريخ بولندا في أوائؿ القرف التاسع الميالدي‪ ،‬عندما نجح البوليانيوف‬
‫(سكاف الحقوؿ) في سحؽ القبائؿ السالفية األخرى التي احتمت منطقة بولندا قبميـ‪.‬‬
‫ففي القرف العاشر الميالدي نجح مموؾ أسرة بياست في توحيد بولندا‪ ،‬وذلؾ مف خالؿ‬
‫ومموؾ‬ ‫وأمراء‬ ‫األلماف‪،‬‬ ‫مف‪:‬األباطرة‬ ‫ُكؿ‬ ‫ضد‬ ‫خاضوىا‬ ‫التي‬ ‫الحروب‬
‫ىنغاريا ‪(Hungary‬المجر)‪ ،‬بوميرانيا ‪ ،Pomerania‬بوىيميا ‪ ،Bohemia‬والدنمارؾ‬
‫‪ .Denmark‬وفي عاـ ٕ٘ٓٔـ اتخذ "بوليسالوس األوؿ" ‪ Boleslav I‬لقب ممؾ‬
‫)‪ٕٔٓ٘-ٜٙٙ‬ـ))‪ ،)ٚ‬غير أف وحدة المممكة سرعاف ما انيارت في عاـ ‪ٖٔٔٛ‬ـ عقب‬
‫موت الممؾ "بوليسالوس الثالث"‪ٖٔٔٛ-ٔٓٛٙ( Boleslav III‬ـ)(‪ ،)ٛ‬ولـ تَ ُعد‬
‫الوحدة مرة أخرى لمبالد‪ ،‬إال في عاـ ٕٖٓٔـ‪ .‬وخالؿ تمؾ المدة تمكف الفرساف‬
‫التيوتوف (األلماف)‪ ،Teutonic Knights‬مف بسط نفوذىـ عمى شماؿ مممكة بولندا‪،‬‬

‫(‪)6‬‬
‫غربال‪ ،‬محمد شفيق وآخرون‪ ،‬الموسوعة العربية الميسرة‪ ،‬القاهرة (د‪.‬ت)‪ ،‬ص ‪.878‬‬
‫(‪)ٚ‬‬
‫بوليسالوس األوؿ(الممقب بالشجاع)‪ :‬حاكـ لبولندا‪ ،‬وابف الممؾ "ميشكو األوؿ"‪ٜٜٕ-ٜٖٙ(Mieszko I‬ـ)‪،‬‬
‫تـ تتويجو مم ًكا عمى بولندا منذ عاـ ٕ٘ٓٔـ‪ ،‬وىو محارب عظيـ‪ ،‬قاـ بعدة حمالت ناجحة ضد‪ :‬األلماف‪،‬و‬
‫الروس‪ ،‬والتشيؾ؛ ُبغية توسيع أراضي بولندا وتوحيدىا‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪Halecki, O.,”Boleslaw Chrobry(the Brave)966-1025”,In,Great Men and Women of‬‬
‫‪Poland,Mizwa S.(Ed.),(New York 1942),p.1.‬‬
‫(‪ )ٛ‬بوليسالوس الثالث‪ :‬االبف األصغر لفالديسالؼ ىيرماف‪ٕٔٔٓ-ٜٔٓٚ) Wladyslaw Herman‬ـ)‪،‬‬
‫اقتسـ العرش مع شقيقو "زبيغنيو" ‪ .Zbigniew‬وتمكف في النياية عاـ‪ٔٔٓٚ‬ـ‪ ،‬مف االنفراد بالحكـ بعد‬
‫التخمص مف أخيو‪ ،‬واستمر حكمو حتى عاـ‪ٖٔٔٛ‬ـ‪ .‬لممزيد راجع‪:‬‬
‫‪Sanford ,G., Historical Dictionary of Poland, European Historical Dictionaries ,‬‬
‫‪No.41, 2nd edition, Oxford ,2003,p.21 .‬‬

‫‪087‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫لكف الحكاـ البولندييف تمكنوا مف ىزيمتيـ عاـ ٓٔٗٔـ في موقعة"تاننبرج"‬


‫‪ ،Tannenberg‬وأخضعوىـ لسمطانيـ عاـ ‪ٔٗٙٙ‬ـ(‪.)ٜ‬‬
‫وأما عف أحواؿ مممكة بولندا في عيد الممؾ كازيمير الثالث‪ ،‬فيمكف القوؿ‪،‬‬
‫إنو ولد فيٖٓ أبريؿ عاـ ٖٓٔٔـ‪ .‬وتولي الحكـ خمفًا ألبيو الممؾ "فالديسالؼ‬
‫األوؿ" ‪ٖٖٖٔ-ٖٕٔٓ(Władysław I‬ـ) منذ عاـ ٖٖٖٔـ‪ ،‬وحتى وفاتو في‬
‫(ٓٔ)‬
‫ويعد الممؾ كازيمير الثالث آخر مموؾ أسرة‬
‫الخامس مف نوفمبر عاـ ٓ‪ٖٔٚ‬ـ ‪ُ .‬‬
‫بياست في مممكة بولندا‪ ،‬حيث انتيى حكـ تمؾ األسرة عاـٓ‪ٖٔٚ‬ـ؛ ألف الممؾ‬
‫ذكور كي يرثوا عرش المممكة مف بعده(ٔٔ)‪ ،‬ومف ثـ‬
‫ًا‬ ‫أبناء‬
‫ً‬ ‫كازيمير الثالث لـ ينجب‬

‫(‪)ٜ‬‬
‫غرباؿ‪ ،‬محمد شفيؽ وآخروف‪ ،‬الموسوعة‪ ،‬ص ‪.ٖٛٛ‬‬
‫ولممزيد مف التفاصيؿ عف الفترة المبكرة مف تاريخ مممكة بولندا راجع‪ :‬بدر‪ ،‬عبد القوى عبد الرسوؿ عبد القوى‪،‬‬
‫التاريخ السياسي وبعض مظاىر الحضارة لبولندا(ٕ‪ٜٔٓٚ-ٜٙ‬ـ)‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬كمية اآلداب‪-‬‬
‫جامعة طنطا‪ٕٓٔٓ( ،‬ـ)‪.‬‬
‫وعف خريطة مممكة بولندا عمى عيد الممؾ البولندي كازيمير الثالث (راجع المالحؽ)‪.‬‬
‫)‪(10‬‬
‫‪Czarnków,Joannis de.,Chronicon Polonorum,p.619.;Pistorius,J.,Polonicae‬‬
‫‪Historiae Corpvs:Hoc est,Polonicarvm rervm Latini recentiores & ueteres‬‬
‫‪scriptores,quotquot extant,uno volumine compraehensi omnes,& in aliquot distributi‬‬
‫‪Tomos, Basileae, 1582,p.283.;Zabarella ,G.,Polonica Siue Originum Polonicarum‬‬
‫‪Stemmata Centum. Hoc Est Io. Casimiri, Poloniæ Sueciæ (Que) Regis Nobilitas, a‬‬
‫‪Uniuersis(Que)Orbis Principbus Deriuatio,Patavii,1650,p.11.;Hofmann,J.J., Lexicon‬‬
‫‪Universale,Historiam Sacram Et Profanam Omnis aevi,omniumque Gentium,‬‬
‫;‪Chronologiam Ad Haec Usque Tempora; Geographiam Et Veteris Et Novi Orbis‬‬
‫‪Principum Per Omnes Terras Familiarum Ab omni memoria repetitam‬‬
‫‪Genealogiam... Editio Absolutissima, T.1, Hackius, 1698, p.747.‬‬
‫فالديسالؼ األوؿ (الممقب بالقصير)‪ :‬ممؾ بولندا الذي لـ شمؿ بالده بعد فترة التفكؾ اإلقطاعي‪ .‬وىو نجؿ‬
‫األمير كازيمير أمير كوفايا ‪ ، Kazimierz of Kujavia.‬ولد ما بيف ٖ مارس عاـ ٓ‪ ٕٔٙ‬ـ و‪ ٜٔ‬يناير عاـ‬
‫أمير لكراكوؼ منذ‬
‫ٔ‪ٕٔٙ‬ـ‪ ،‬وتوفى في مدينة كراكوؼ فيٕ مارس ٖٖٖٔـ‪ .‬كاف دوؽ حتى عاـ ٖٓٓٔـ‪ ،‬ثـ ًا‬
‫سنة ٖ٘ٓٔـ‪ ،‬إلى أف تـ تتويجو عمى عرش مممكة بولندا في ٕٓ يناير ٕٖٓٔـ‪.‬لممزيد راجع‪:‬‬
‫‪Lerski, G.J.,Historical Dictionary of Poland,966-1945,with special editing and‬‬
‫‪emendations by Piotr Wrobel and Richard J.Kozicki, London, 1996,p.660.‬‬
‫(‪(11‬‬
‫‪Kolb,G.,Compendium totius orbis partim Geographicum,partim Genealogicum,‬‬
‫‪partim Historicum, Rottwilae, 1726,p.371.;Coyer ,G.F., Histoire de Jean Sobieski,‬‬
‫‪Roi de Pologne,T.3, Varsovie, 1761,p.329.‬‬
‫ابف‬
‫يروي المؤرخ الفرنسي "فرانسوا جيري" ‪ ،François Giry‬أف الممؾ كازيمير الثالث ممؾ بولندا‪ ،‬كاف لو ُ‬
‫ذكورا‪،‬‬
‫الدا ً‬
‫صحيحا؛ ألف كازيمير الثالث ممؾ بولندا لـ ينجب أو ً‬
‫ً‬ ‫يسمي "القديس كازيمير المعترؼ"‪ ،‬وىذا ليس‬
‫وذلؾ بإجماع آراء المؤرخيف‪ .‬راجع‪:‬‬

‫‪087‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫م‬2023 ‫) يناير‬28(‫العدد‬

Louis the "‫ إلى ابف أختو "لويس الكبير‬،)‫ٖٔـ‬ٚٓ‫انتقؿ الحكـ بعد موتو (عاـ‬
‫وفاتو‬ ‫حتى‬ ‫يحكميا‬ ‫ظؿ‬ ‫الذي‬ ،)‫ٖٔـ‬ٕٛ-ٖٕٔٗ(‫ىنغاريا‬ ‫ممؾ‬ great
.)ٕٔ(‫ٖٔـ‬ٕٛ‫عاـ‬
‫ قُبيؿ اعتالء الممؾ كازيمير الثالث‬،‫كانت أوضاع مممكة بولندا الداخمية‬
‫ بولندا الصغرى‬:‫العرش في حالة يرثي ليا؛ حيث كانت مقسمة إلى قسميف كبيريف‬
،Mongols ‫ المغوؿ‬:‫ وأدت اليجمات الخارجية عمييا مف جانب‬،‫وبولندا الكبرى‬
‫ والفرساف‬،Lithuanians‫ والميتوانييف‬،Russians‫ والروس‬،Prussians ‫والبروسييف‬
‫ عالوة عمى ذلؾ استمر الصراع بيف األمراء البولندييف؛ مف‬،‫التيوتوف إلى تمزيقيا‬
،‫ واالمتيازات العديدة التي حصؿ عمييا األساقفة‬،‫أجؿ التنافس عمى التاج الممكي‬
.)ٖٔ( ‫ورجاؿ الديف أدت إلى غيرة النبالء‬
،‫ قاـ الممؾ كازيمير الثالث الكبير بعدة إصالحات داخمية‬،‫وميما يكف األمر‬
‫ مما أدى إلى انتعاش الصناعة‬،‫حيث عمؿ عمى نشر األمف واألماف داخؿ بالده‬
‫ إلى درجة أف قاؿ المؤرخيف‬،‫ وبني العديد مف المنشآت‬،‫ كما شجع التعميـ‬،‫والتجارة‬
‫ وىذه المنشآت‬،)ٔٗ( "‫" إنو أخذ بولندا مبنية من الخشب وتركيا مبنية باألحجار‬:‫عنو‬
‫ وقاـ بإنشاء‬،Wawel ‫ والقالع الجديدة مثؿ قمعة فافؿ‬،‫ والمستشفيات‬،‫ الكنائس‬:‫مثؿ‬
،‫ وفيما يخص التشريع‬.)ٔ٘( ‫ وىي أقدـ جامعة بولندية‬.‫ٖٔـ‬ٙٗ‫جامعة كراكوؼ في عاـ‬

Giry, F.,Vie des saints des familles Chrétiennes ... d'après le P. G. par A. Vaillant,
Paris, 1865,p.128.
(12(
Beyerlinck,L.,Magnum theatrum vitæ humanæ, hoc est, Rerum diuinarum
humanarumque syntagma Catholicum, philosophicum,Historicum et dogmaticum:
ad normam Polyantheæ vniuersalis dispositum: per locos communes iuxta alphabeti
seriem,Vo.8, Lugduni, 1678,p.101.; Pertz, G.H., Annales Poloniae ex recensione
Arndtii et Roepellii: in usum scholarum ex monumentis Germaniae Historicius
recudi,Hanover, 1866, p. 83.
(13(
Cellarius, A.,Regni Poloniae, magnique ducatus Lituaniae.Omniumque regionum
juri Polonico subjectorum: Novissima descriptio, urbium potissimarum icones
elegantissimas, Amsterodami,1659,pp.306-307.; Rappoport, A.S.,A short History of
Poland: From Ancient Times to the Insurrection of 1864;Together With a Brief
Account of Its Political Life, Language and Literature,London, 1915, p.25.
(14(
Gutberleth H.,Chronologia:Ante obitum Auctoris, Editio secunda, Amstelaedami
,1656,p.469.; Crossley, P.,Gothic Architecture in the Reign of Kasimir the Great,
Church Architecture in Lesser Poland 1320-1380.Panstwowe zbiory sztuki na
wawelu, biblioteka Wawelska, Krakow ,1985.
(15(
Marles M De., Histoire de Pologne,Tours ,1849,p.43.

086
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫م‬2023 ‫) يناير‬28(‫العدد‬

‫ وقد صدر‬،)‫فقد قاـ بوضع قانوف أساسي لممممكة ُعرؼ باسمو (قانوف كازيمير الكبير‬
‫ وقانوف بولندا‬،‫ قانوف بولندا الكبرى‬:‫ىذا التشريع في مجموعتيف منفصمتيف ىما‬
‫ فقد أطمؽ عميو المؤرخوف لقب‬،‫وبناء عمى جيوده في مجاؿ سف القوانيف‬
ً ،‫الصغرى‬
‫ونظر لألعماؿ الجميمة التي قاـ‬
‫ًا‬ .)ٔٙ(The Polish Justinian "‫"جستنياف البولندي‬
.)ٔٚ(‫ فقد أجمع معظـ المؤرخيف عمى منحو لقب العظيـ أو الكبير‬،‫بيا داخؿ مممكتو‬
‫ وزيجاتو‬،‫عمى الرغـ مف أف بعضيـ قد اتيمو بالسكر والفجور؛ بسبب معاقرتو لمخمر‬
.)ٔٛ( ‫ وكثرة محظياتو‬،‫المتكررة‬

:‫ٖٔـ راجع‬ٙٗ ‫عف دور الممؾ كازيمير الثالث الكبير في إنشاء جامعة كراكوؼ عاـ‬
Knoll, P.W.,” Casimir the Great and the University of Cracow”, In, J F G O, Vol.
16, no. 2, (1968), pp.232-249.
(16(
Michell,T., Russian Pictures Drawn with Pen and Pencil, New York,
1889,p.207.;Boswel,l A.B.,"Casimir the Great 1310-70”, In, Great Men and Women
of Poland,Mizwa, S.P.(Ed.),(New York,Macmillan 1942),pp.14-23.; Lerski, G.J.,
Historical Dictionary, pp.249-250.
‫ الذي أصدر مجموعة مف القوانيف‬،)‫٘ـ‬ٙ٘-ٕ٘ٚ(Justinan I ‫نسبةً إلي اإلمبراطور البيزنطي جستنياف األوؿ‬
:‫ انظر‬.Justinian Code " ‫ ُعرفت بػ "قانوف جستنياف‬،‫الميمة لإلمبراطورية البيزنطية‬
Middleton ,J.,World monarchies and dynasties,Vol. 1-3 A-Z,Routledge, 2015,p. 474.
(17(
Schoppe, C.,Gasp.Scioppii Consilium Regium:In quo,A duodecim Regibus &
Imperatoribus,Catholico Hispaniarum Regi demo[n]stratur, quibus modis omnia
bella feliciter, Ingolstadii, 1619,p.9.;Torsellini ,O., Horatij Tursellini... Historiarum
ab origine vsque ad annum 1598. Epitome libri 10. Accessit continuatio vsque ad
annum 1651, inclusiuè, quae lib. 11. continetur, Lvgdvni, 1653,p.244.; Hartknoch,
Ch.,Respublica Polonica duobus libris illustrata: quorum prior Historiæ Polonicæ ,
posterior vero jus publicum reipublicæ Polonicæ..hic adiecta est.. Originibus
pomeranicis, Johannis, 1678,p.388.; Moreri, L.,Le grand Dictionnaire Historique, ou
Le mélange curieux de l'histoire sacrée et profane,T.5, Paris, 1725,p.950.; Rudawski,
W.J.,Historiarvm Poloniae ab Excessv Vladislai IV ad Pacem Olivensem usqve
Libri IX sev Annales regnante Ioanne Casimiro, Poloniarvm Sveciaeqve Rege,ab
Anno MDCXLVIII usqve ad Annvm MDCLX, Varsaviae,1755,p.36.
،‫ في حوليتو بيف الممؾ كازيمير الثالث وكازيمير الثاني‬Lucas Wadding "‫يخمط المؤرخ "لوكاس وادينج‬
‫صحيحا؛ ألف الذي أُطمؽ عميو لقب العظيـ ىو‬
ً ‫ وىذا ليس‬،‫حيث يعد األخير ىو الذي أُطمؽ عميو لقب العظيـ‬
:‫ راجع‬.‫الممؾ كازيمير الثالث‬
Wadding, L.,Syllabus universus Annalium Minorum,T.17, Romae, 1741,p .31.
(18(
Nougaret ,P.J. B., Beautés de l'histoire de Pologne ou Précis des événemens les
plus remarquables et les plus intéressans, tirés des annales de cette nation, avec des
détails curieux sur ses moeurs ses usages; depuis le Vie.siècIe,jusques et compris le
règne de Stanislas-Auguste: Ouvrage destiné a l'instruction de la Jeunesse. Orné de
VIII figures gravées en taille-douce.-Deuxième édition.,Paris,1817,p.148.; Newman,
E.M., Historiæ Sentiæ;Or,the Contemporary Sovereigns of Europe Arranged in

080
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫عمى أية حاؿ‪ ،‬فقد َش َّكمَت ظاىرة ىروب الفالحيف البولندييف مف قراىـ كارثة‬
‫كبرى في مممكة بولندا بكؿ ما تعنية الكممة مف معنى؛ ألف الفالحيف كانوا يمثموف‬
‫حينئذ عصب االقتصاد الزراعي‪ ،‬الذي تقوـ عميو عجمة اإلنتاج في المممكة البولندية‪،‬‬
‫مع ما يترتب عميو ىجرتيـ لمقرى مف‪ :‬نقص لأليدي العاممة في األراضي الزراعية‪،‬‬
‫وقمة اإلنتاج‪ ،‬وارتفاع أسعار المنتجات الزراعية‪ ،‬وانضماـ الفالحيف الياربيف إلى‬
‫جماعات الصوص وقُطاع طرؽ‪ ،‬بعد تحوليـ مف ضحايا أبرياء نتيجة لعسؼ وظمـ‬
‫طارديف مطموبيف لمعدالة‪ ،‬والدليؿ عمى ذلؾ‪ ،‬عندما‬
‫النبالء والسادة اإلقطاعييف‪ ،‬إلى ُم َ‬
‫اندمجت جماعة مف الفالحيف الياربيف مف منطقة "بودىالي" ‪ ،)19(Podhale‬مع‬
‫بعض عصابات قُطاع الطرؽ‪ ،‬التي تألفت مف جنسيات مختمفة مف‪ :‬الينغاريوف‪،‬‬
‫التشيػ ػؾ‪ ،‬السػ ػموفاؾ‪ ،‬واأللم ػاف‪ ،‬واشتركوا معيػػتـ في اليجوـ عمػى قص ػور وق ػ ػالع‬
‫النبػالء(ٕٓ)‪.‬‬
‫ونظر ألنو لـ َيقُـ أي حاكـ مف مموؾ بولندا السابقيف لعيد الممؾ كازيمير‬
‫ًا‬
‫الثالث بمعالجة تمؾ الظاىرة‪ ،‬أو إيجاد حموؿ ليا؛ بسبب انشغاليـ بالحروب األىمية‪،‬‬
‫والصراعات الدائرة حوؿ العرش‪ ،‬والعمؿ عمى توحيد مممكة بولندا التي كانت منقسمة‬
‫إلى قسميف كبيريف‪-‬كما سبؽ القوؿ‪ ،-‬مما أدى إلى تفاقـ تمؾ الظاىرة‪ ،‬وجعميا تُشكؿ‬
‫أزمة كبرى تيدد المممكة(ٕٔ)‪ .‬كما أف ظاىرة ىروب الفالحيف البولندييف لمقرى‪ ،‬قد‬
‫تمت بصورة جماعية‪ ،‬ولـ تكف بشكؿ فردي‪ ،‬وأنيا كانت تمثؿ مشكمة كبرى لمممؾ‬
‫دليال عمى ىذا األمر‪ ،‬ما ذكره المؤرخ "جوزيؼ كارولي‬
‫كازيمير الثالث‪ ،‬وينيض ً‬

‫‪Chronological Review,from the Subversion of the Empire of Rome to the‬‬


‫‪Reformation ,London, 1857,p.173.‬‬
‫(‪ )ٜٔ‬بودىالي‪ :‬منطقة في جنوب بولندا تقع في واد بيف جباؿ تات ار ‪ Tatra‬في الجنوب‪ ،‬وجباؿ بيسكيد‬
‫‪ Beskids‬في الشماؿ‪ .‬راجع‪:‬‬
‫‪Lerski,G.J., Historical Dictionary, p.447.‬‬
‫(‪(20‬‬
‫‪Konarski ,M.,“Legal Issues”, in, R E C L, Vol. 3,No.38,p.10.‬‬
‫(‪(21‬‬
‫‪Cellarius, A., Regni Poloniae,p.307.‬‬

‫‪088‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫إيدير " ‪ Józef Károly Eder‬بقولو‪" :‬إنو (أي كازيمير الثالث) قد عانى من ىجرة‬
‫الفالحين الجماعية" (ٕٕ)‪.‬‬
‫ومف ىنا جاءت جيود العاىؿ البولندي مف أجؿ العمؿ عمى إيجاد حموؿ‬
‫جذرية لتمؾ الظاىرة‪ ،‬حيث أشار إلييا‪-‬ظاىرة ىروب الفالحيف‪ -‬في قوانينو بنصو‪:‬‬
‫ليال من أراضينا‪،‬أو أراضى أي سيد آخر من‬
‫"نعمن ونقر أنو إذا قام فالح باليروب ً‬
‫ِ‬
‫باألرض "وفقًا لمعرف الذى‬ ‫وبناء عمى ذلؾ‪َ ،‬ع َمؿ ىذا الحاكـ عمى ربطيـ‬
‫ً‬ ‫أتباعنا"‪.‬‬
‫تم االلتزام بو حتى اآلن"‪( .‬المادة‪.)ٕٖ( )ٕٛ :‬‬
‫في حقيقة األمر‪ ،‬كاف ىذا الحاكـ شديد الحرص عمى االىتماـ بالزراعة في‬
‫مممكتو؛ لما ليا مف أثر بالغ عمى االقتصاد البولندي‪ ،‬وليس أدؿ عمى ذلؾ‪ ،‬مف أنو‬
‫قد خصص ليا في تشريعاتو‪ ،‬تسع مواد ‪-‬مف أصؿ (ٕٗ مادة) في الجزء األوؿ مف‬
‫القانوف األساسي‪ -‬لتوفير الرعاية واالىتماـ بالطبقات الفقيرة في المممكة وال سيما‬
‫الفالحوف‪ ،‬وكانت تمؾ المواد تيدؼ في المقاـ األوؿ‪ ،‬إلي تحسيف أوضاعيـ‬
‫االجتماعية واالقتصادية المتردية‪ .‬حيث أشارت أربع مواد منيا بشكؿ حصري‪ ،‬إلى‬
‫"الكميتونيس"‪( kmetones‬أي الفالحيف األحرار مف أصحاب المزارع المتوسطة‬
‫والكبيرة))ٕٗ)‪ .‬ىذا وقد جاءت تمؾ القوانيف‪ ،‬نتيجةً لرغبتو في إصالح أحواليـ مف‬
‫ناحية‪ ،‬والعمؿ عمى إصالح عيوب النظاـ القديـ –السابؽ‪ -‬القائـ عمى العادات‬

‫)‪(22‬‬
‫‪Eder,J.K., Observationes criticæ et pragmaticæ ad Historiam Transsilvaniæ sub‬‬
‫‪regibus Arpadianæ et mixtæ propaginis.Additis X. excursibus ceu prolegomenis‬‬
‫‪Historiæ sub principibus Transsilvanis,Cibinii, 1803,p.44 .‬‬
‫(‪(23‬‬
‫‪Helcel, A.Z.,“Restriction des mouvements du paysan Polonais (statut du roi‬‬
‫‪Casimir le Grand) “,dans, A M D P,T.1,(Cracovie 1856),Trans from Latin to French‬‬
‫‪by: Manon, (2009),p.5.; Haines, S.,Poland: A Thousand Springtimes, University of‬‬
‫‪Kansas Libraries, 2014,p.62.‬‬
‫)‪(24‬‬
‫‪We lewski,J.,Statutum Vislicense sive jus civile Polonorum antiquum, Part‬‬
‫‪Prior:dissertatio inauguralis,Vratislaviae,1854,p.14.;Volumina Legum:Przedruk‬‬
‫‪Zbioru Praw Staraniem Xx.Pijarów W Warszawie Od Roku 1732 Do Roku‬‬
‫‪1793,Vol.1,Petersburg,1859,p.15.;Hube,R.,Prawo polskie w 14tym wieku‬‬
‫‪ustawodawstwo Kasimierza wielkiego, opracował,Warszawa,1881,p.179.; Fletcher,‬‬
‫‪J.,The History of Poland, From the Earliest Period to the Present Time, with a‬‬
‫‪Narrative of the Recent Events, Obtained from a Polish Patriot (Harper's Family‬‬
‫‪Library Series N. XXIV), London, 1831, p.35.‬‬

‫‪087‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫والتقاليد البربرية مف ناحية أخرى(ٕ٘)‪ ،‬ففيما مضي‪" :‬كانت المحاكم في مممكة بولندا‬
‫تحكم منذ القدم وفقًا لمعادات والتقاليد الفاسدة‪ ،‬وتسببت في الكثير من الظمم؛ لذا‬
‫استدعى ىذا الممك(أي كازيمير الثالث) البارونات والنبالء من أنحاء مممكتو‬
‫جميعا‪ ،‬وتخمص من كل القوانين المتضاربة‪ ،‬وقرر االحتكام إلى العقل والمنطق بغية‬
‫ً‬
‫(‪)ٕٙ‬‬
‫إقرار العدالة‪ ،‬وتحقيق المساواة بين جميع رعاياه" ‪.‬‬
‫ىذا وقد اتخذت جيود الممؾ البولندى كازيمير الثالث لمتصدى لتمؾ الظاىرة‬
‫شكميف وىما‪:‬‬
‫‪-‬الشكل األول من الجيود التي اتخذىا الممك كازيمير الثالث‬
‫لمتصدي لظاىرة ىروب الفالحين من قراىم‪:‬‬
‫كما سبؽ القوؿ‪ ،‬فقد اتخذ الممؾ البولندي كازيمير الثالث شكميف متباينيف فيما‬
‫يتعمؽ بالجيود التي بذليا مف أجؿ التغمب عمى ظاىرة ىروب الفالحيف البولندييف مف‬
‫قراىـ‪ ،‬وقد تمثؿ الشكؿ األوؿ في استخدامو الشدة والصرامة في التعامؿ مع تمؾ‬
‫الظاىرة‪ ،‬ولتحقيؽ ىذا األمر‪ ،‬فقد قاـ بعدة إجراءات منيا‪ :‬تقييد تحركات الفالحيف‬
‫فنظر ألف الفالحيف البولندييف كانوا يفروف مف قراىـ‪ ،‬وىو األمر الذي‬
‫ًا‬ ‫خارج قراىـ‪،‬‬
‫يترتب عميو أف تترؾ األراضي الزراعية بو اًر‪ ،‬وال تجد مف يقوـ بزراعتيا مما يؤثر‬
‫بناء عمى ذلؾ‪ ،‬أصدر العاىؿ البولندي‪-‬‬
‫عمى االقتصاد البولندي القائـ عمى الزراعة‪ً ،‬‬
‫خالؿ الفترة الممتدة مف عاـ ٕٖ٘ٔـ وحتى عاـ ٕ‪ٖٔٙ‬ـ‪ -‬عدة قوانيف تعمؿ عمى‬
‫تقييد تحركات الفالحيف خارج قراىـ‪ ،‬حيث حدد ثالث حاالت فقط‪ ،‬سمح فييا لمف‬
‫يرغب منيـ بمغادرة قريتو بشكؿ قانوني‪ ،‬ويؤكد لفظ "قانوني"‪-‬المذكور في المادة رقـ‬
‫ار في ىجرة القرى دون‬
‫ٕٔ‪ ،-‬عمى حقيقة مفادىا‪":‬إن الفالحين كانوا أحرًا‬
‫أن يكون لسيد القرية الحق في تقييد حريتيم‪،‬أو التحرش بيم بأى شكل من‬
‫األشكال" (المادتاف‪ ٕٓ:‬ؤٕ) (‪.)ٕٚ‬‬

‫)‪(25‬‬
‫‪Lardner ,D., The cabinet cyclopaedia / conducted by Dionysius Lardner: Vol. 20,‬‬
‫‪History: Poland,London ,1831, p.92.‬‬
‫(‪(26‬‬
‫‪Czarnków, Joannis de., Chronicon, In, M P H, T.2, p.624.‬‬
‫(‪(27‬‬
‫‪We lewski, J., Statutum Vislicense,p.20.‬‬

‫‪077‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫كنسيا بسبب جريمة ارتكبيا‪ ،‬ويحرم‬


‫ً‬ ‫كانت الحالة األولى‪" :‬عندما يحرم السيد‬
‫فالحوه ليذا السبب من الدفن فى المدافن المسيحية"(المواد‪ ،)ٔ٘-ٖٔ:‬والحالة‬
‫الثانية‪ " :‬عندما يمارس سيد القرية العنف في أي مكان عمى إحدى الفالحات‬
‫"(المادتيف‪ٔ٘:‬و‪ .)ٔٙ‬والمقصود بالعنؼ ىنا ىو قياـ السيد اإلقطاعي باغتصاب‬
‫جميعا بالخروج مف القرية‪،‬‬
‫ً‬ ‫إحدى الفالحات‪ .‬وقد أباح اَْل ُم َشرعُ في تمؾ الحالة لمفالحيف‬
‫وليس فقط لوالد أو زوج الفالحة التي تـ االعتداء عمييا‪ .‬أما الحالة الثالثة واألخيرة‪:‬‬
‫فقد كانت"عندما يستولى السيد عمى ممتمكاتيم(أي الفالحين) دونما وجو حق منو‬
‫أيضا‬
‫"(المادتيف‪ٕٕ :‬وٖٕ)‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬ف ػإف ىذه الحػ ػالة األخيػ ػرة‪ ،‬كانت مصحػ ػوبة ً‬
‫بإجراءات تقييديػ ػة لمفالحيػ ػف‪ ،‬حيػ ػث"يمكنهم مغادرة القرية في تلك الحالة لكن دون‬
‫أخذ أي ممتلكات "(الم ػ ػ ػادة‪.)ٕٛ( )ٕٗ:‬‬
‫وعمى الرغـ مف الحاالت السابقة‪ ،‬التي أجاز فييا التشريع البولندي لمفالحيف‬
‫ترؾ قراىـ بشكؿ قانوني‪ ،‬فإنو قد قاـ بتقنينيا أكثر فأكثر‪ ،‬حيث وضع ليا قواعد‬
‫وشروط أشد صرامة‪ ،‬وذكر أف حؽ المغادرة يقتصر فقط عمى فَ َّال َحْي ِف اثنيف أو ثالثة‬
‫في العاـ الواحد‪ ،‬مع ما سوؼ ينتج عنو انسحابيـ مف نقص العمالة الالزمة لمعناية‬
‫بالحقوؿ في القرى(‪ .)ٕٜ‬كما يمكف لمعائالت التي ترغب في تنتقؿ إلى ممكية سيد آخر‬
‫أف تقوـ بذلؾ لكف فحسب خالؿ فترة " يوم ميالد سيدنا "‪ -‬أي في عيد الميػ ػالد‪-‬‬
‫(المادة‪ ،)ٕٚ:‬شريطة أف" تترك منازليم نظيفة‪ ،‬وفى حالة جيدة" (المادتيف‪:‬‬
‫‪ٕٙ‬و‪ ،)ٕٚ‬وذلؾ بعدما يقوموف ببذر األرض بالبذور‪ ،‬وانجاز المياـ األخرى الموكمة‬
‫ليـ عمى أتـ وجو‪ ،‬واذا غادروا قراىـ‪ ،‬وأىمموا فعؿ ما سبؽ‪ ،‬فإنو يحؽ لمسيد ُمالحقتيـ‬
‫لمدة عاـ‪ ،‬ومع ذلؾ‪ ،‬كاف مف حؽ الفالحيف الياربيف التخمص مف مالحقة سيدىـ‬
‫ليـ‪ ،‬عندما يدفعوف لألخير نفقة المؤونة السنوية وثالث ماركات(ٖٓ)‪ .‬وكاف لمالؾ‬

‫(‪(28‬‬
‫‪Hube ,R., Prawo polskie,p.111.‬‬
‫(‪(29‬‬
‫‪Tymieniecki,K.,“Postanowienia statutów Kazimierza Wielkiego w sprawach‬‬
‫‪kmiecych. (Les règlements concernant la situation des paysans dans les statuts de‬‬
‫‪Casimir le Grand)”,dans, B I A P S L., N.4-6, I-II, Avril- juin, (Cracovie 1934),‬‬
‫‪p.124.‬‬
‫)‪(30‬‬
‫‪We lewski,J.,Statutum Vislicense,p.19.;Tymieniecki,K.,"Postanowienia statutów‬‬
‫‪",dans, B I A P S L., N.4-6, I-II, Avril- juin p.123.‬‬

‫‪077‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫األرض السابؽ‪ ،‬الحؽ في الحصوؿ عمى تعويض عف فقدانو المستأجريف‪ ،‬وعف‬


‫السنوات الماضية‪ ،‬عندما ترفض أسرة قروية مستوطنة حديثًا دفع اإليجارات‬
‫اإلقطاعية (ٖٔ)‪.‬‬
‫وفي نفس السياؽ ‪ -‬العمؿ عمى الحد مف ىروب الفالحيف مف قراىـ‪ ،-‬قاـ‬
‫الممؾ كازيمير الثالث بإجبار الفالحيف عمى الخدمة لدى الموردات‪ ،‬ومف الراجح أنو قد‬
‫تحايؿ– بذكاء‪ -‬لحؿ ظاىرة ىروب الفالحيف البولندييف في ىذا اإلجراء‪ ،‬وذلؾ عف‬
‫طريؽ قيامو؛ إما بإلزاـ الفالحيف البولندييف بالعمؿ لفترة طويمة تقارب العشر سنوات‬
‫لدي الموردات حيث‪ ":‬يتوجب عمى الفالح أن يخدم سيده لسنوات عديدة دون أن‬
‫يتركو "(المادتاف‪ٕٜ:‬وٖٓ)‪ ،‬وال شؾ في أف طوؿ تمؾ المدة سوؼ تجعؿ الفالحيف‬
‫ار لمدة عام‪،‬‬ ‫يعتادوف عمى العمؿ لدي ذلؾ السيد وال يتركونو مطمقًا؛ واما "بدفع إِ َ‬
‫يج ِ‬
‫ولن يكون الفالح قَ ِاد ًار عمى فعل ذلك (أى دفع المال لشراء حريتو) ‪ ،‬إال إذا ترك‬
‫مكافئا لو فى الثروة‪ ،‬وكانت حقولو مزروعة بالكامل‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ضِ‬
‫امن)‬ ‫آخر ( َ‬
‫مكانو فالح َ‬
‫وخالية من الحشائش الضارة‪ ،‬ومزروعة بحبوب الشتاء والربيع" (المواد‪-ٖٗ:‬‬
‫(ٕٖ)‬
‫حدثيف‪ ،‬فقد تـ تحديد حؽ مغادرتيـ لمقرية في‬
‫الم َ‬
‫‪ . )ٖٛ‬وفيما يتعمؽ بالفالحيف ُ‬
‫العقد الذي يبرـ مع السيد اإلقطاعي‪ ،‬وكاف يحؽ لألخير االحتفاظ بالفالح الذي لـ‬
‫يدفع الضرائب المفروضة عميو‪ ،‬وفي ماسوفيا فرض القانوف عمى السيد تسريح الفالح‬
‫وطمب آخر(ٖٖ)‪.‬‬
‫والرأي عند الباحث‪ ،‬أف كؿ تمؾ اإلجراءات السابقة كانت جميعيا إجراءات‬
‫تقييدية –واف جاز التعبير قؿ تعجيزية‪ ،-‬قد فرضيا الممؾ كازيمير الثالث لمحد مف‬

‫)‪(31‬‬
‫‪Hube ,R., Prawo polskie,p.111.; Matuszewski, J.; “Prawo niemieckie w Statutach‬‬
‫‪Kazimierza Wielkiego”,In,S D P P P ,Vol. 3, (1999), pp.68–69.‬‬
‫)‪(32‬‬
‫‪Helcel ,A.Z., “Restriction “, dans, A M D P, T.1,p.7.‬‬
‫كاف مف بيف طرؽ تخمص األقناف مف ربقة القنية‪ ،‬قياميـ بدفع مبمغ معيف مف الماؿ لمسيد اإلقطاعي شريطة‬
‫موافقة األخير عمى ذلؾ‪ ،‬بيد أنو ولما كاف القف وكؿ ما يمتمكو مم ًكا لذلؾ السيد‪ ،‬فمف ثـ كاف يقوـ بدفع األمواؿ‬
‫طرؼ ثالث‪ .‬راجع‪ :‬فرح‪ ،‬نعيـ‪ ،‬الحضارة األوروبية في العصور الوسطى‪ ،‬طٕ‪ ،‬دمشؽ ‪ٕٓٓٓ-ٜٜٜٔ‬ـ‪ ،‬ص‬
‫‪.ٚٙ‬‬
‫)‪(33‬‬
‫‪Brueggeney ,X O.,De Rusticorum Regni Poloniae,S.XIV,XV,XVI Conditione,‬‬
‫‪Hartung, 1858,p.13.‬‬

‫‪072‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫ظاىرة ىروب الفالحيف مف قراىـ‪ ،‬ولـ تكف مجرد إجراءات بيدؼ تنظيـ خروجيـ مف‬
‫القرى‪ ،‬فقد كاف مف الصعب‪ ،‬بؿ‪ -‬إف صح قؿ‪ -‬كاف مف المستحيؿ عمي الفالح‬
‫تحقيؽ كؿ الشروط السابقة التي فرضيا عميو العاىؿ البولندي لكي يخرج مف قريتو‬
‫مساويا لو في‬
‫ً‬ ‫نظير‬
‫ًا‬ ‫بشكؿ قانوني‪ ،‬ولعؿ أشدىا صرامة‪ ،‬كاف إيجاده (أي الفالح)‬
‫الثروة لكي يترؾ القرية‪ ،‬ويحؿ ىذا الفالح األخير مكانو في األرض ويعاني مف‬
‫جميعا كانت ظروفيـ المعيشية متقاربة‬
‫ً‬ ‫ويالت الظمـ والقير‪ ،‬ذلؾ إف الفالحيف‬
‫ومتردية‪ ،‬مما أضطرىـ إلى الفرار مف القرى‪ ،‬كحؿ ليس لو بديؿ آخر‪ ،‬مف أجؿ‬
‫التخمص مف حياتيـ المزرية‪.‬‬
‫عالوة عمى ذلؾ‪ ،‬فرض العاىؿ البولندي عقوبات عمى الفالحيف الياربيف؛ وذلؾ‬
‫مف أجؿ الحد مف ىروبيـ‪ ،‬ولكي يجبرىـ عمى المكوث في قراىـ‪ ،‬حيث أجاز القانوف‬
‫ليال‪ ،‬أف ي ِ‬
‫الحقو‪ ،‬ويستولي عمى‬ ‫البولندي لمسيد اإلقطاعي‪ ،‬في حالة ىروب الفالح ً‬
‫ُ‬
‫كؿ ممتمكاتو‪ ،‬بؿ " ويتم االحتفاظ باألشخاص الذين تركيم (أى الفالح) فى منزلو‬
‫أثناء ىروبو لمصمحة سيد القرية"(المواد‪ .)٘-ٖ:‬وىكذا لـ تكف عقوبة الفالح اليارب‬
‫فضال عف ذلؾ فإف " المورد‬
‫ً‬ ‫أيضا‪.‬‬
‫تقع عميو وحده فقط‪ ،‬بؿ كانت تطاؿ أفراد أسرتو ً‬
‫الذى يستقبل أحد الفالحين الياربين لديو‪ ،‬كان يتوجب عميو أن يسممو مع كل ما‬
‫استولى عميو وقت ىروبو‪ ،‬إذا أراد تجنب دفع الغرامة"(المادتيف‪ ٚ:‬و‪.)ٖٗ( )ٛ‬‬
‫ويتضح مف النص القانوني األخير أنو ُيجبر الموردات عمى عدـ الترحيب أو‬
‫إيواء أي مف الفالحيف الياربيف لديو‪ ،‬ىذا مف جية‪ ،‬ومف جية أخرى يجعؿ األخيريف‬
‫غما عنيـ؛ ألنيـ سيجدوف صعوبة في العثور عمى‬
‫مضطريف لمبقاء في أراضييـ ر ً‬
‫أرض سيد آخر يقبؿ باستضافتيـ في أرضو‪.‬‬
‫‪-‬الشكل الثاني من الجيود التي بذليا الممك كازيمير الثالث‬
‫لمتصدي لظاىرة ىروب الفالحين البولنديين من قراىم‪:‬‬
‫أما الشكؿ الثاني مف الجيود التي بذليا الممؾ كازيمير الثالث لمجابية ظاىرة‬
‫سببا‬
‫ىروب الفالحيف البولندييف مف قراىـ‪ ،‬فقد تمثؿ في تخفيؼ األعباء التي كانت ً‬

‫(‪(34‬‬
‫‪Helcel, A.Z.,” Restriction “, dans, A M D P,T.1,p.8.‬‬

‫‪077‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫في ىروبيـ‪ ،‬أو عمى أقؿ تقدير التخفيؼ منيا بقدر اإلمكاف‪ ،‬وإلنجاز ىذا األمر‪ ،‬فقد‬
‫عمؿ الحاكـ البولندي عمى‪:‬‬
‫‪ -‬تقميل الضرائب المتنوعة المفروضة عمى الفالحين‪:‬‬
‫كانت ىناؾ عدة ضرائب مفروض أداؤىا عمى الفالحيف جميعا‪ ،‬مما أثقؿ‬
‫كاىميـ‪ ،‬ولـ يستطيعوا أداءىا‪ ،‬فاضطروا لميروب مف القرى(ٖ٘)‪ .‬وقد غالي بعض‬
‫جميعا الممؾ "بوليسالوس األوؿ"‪،‬‬
‫ً‬ ‫الحكاـ البولندييف في فرض تمؾ الضرائب‪ ،‬وفاقيـ‬
‫الذي لـ يضع َح ًدا ً‬
‫معينا لضرائب الفالحيف(‪ .)ٖٙ‬ولعؿ مف أبرز تمؾ الضرائب‪:‬‬
‫المكمفيف‬
‫أ‪ -‬ضريبة الحماية ‪ :Stroza‬ويقصد بيا قياـ الفالحيف بإمداد الجنود ُ‬
‫بحراسة قصور الوالية بالطعاـ والمالبس(‪ ،)ٖٚ‬ذلؾ أف االنتصارات البولندية التي مألت‬
‫ربوع بولندا بالثروات والغنائـ الضخمة‪ ،‬قد نتج عنيا ظيور كثير مف األعداء الذيف‬
‫كانوا يتحينوف الفرصة المناسبة لالنقضاض عمى المممكة‪ ،‬ومف ىنا لجأ الحكاـ‬
‫البولنديوف إلى إنشاء القالع والحصوف العسكرية فى جميع أنحاء المممكة ‪ ،‬مع‬
‫تزويدىا بالمؤف والحاميات العسكرية‪ ،‬ومف ىنا جاءت أىمية فرض ضريبة تسمي "‬
‫جميعا وفقًا لمقدرتيا المالية‪ ،‬وقد‬
‫ً‬ ‫سترو از "‪ ،‬وكانت تفرض عمى القرى والمدف البولندية‬
‫(‪)ٖٛ‬‬
‫عيد ال مموؾ البولنديوف إلى مديري تمؾ القالع بميمة جباية ىذه الضرائب ‪.‬‬
‫وأوؿ مف فرض ضريبة الحماية مف حكاـ بولندا‪ ،‬ىو الممؾ "بوليسالوس‬
‫جميعا‬
‫ً‬ ‫األوؿ"‪ ،‬الذي أصدر أوامر تنص عمى‪ ":‬أن يؤدى عمال السخرة أو المؤجرين‬
‫امع‬‫‪ ،‬بال تأخير‪ ،‬و ْزنو كاممة من القمح النظيف‪ ،‬وينقمونيا إلى أقرب األىراء (صو ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اَْلغ َال ِل) الممكية "‪ .‬وعمى الرغـ مف أف تمؾ الضريبة قد اختفت تدر ً‬
‫يجيا‪ ،‬لكنيا ظمت‬
‫تفرض في منطقة ماسوفيا فقط‪ .‬وتمت جبايتيا في مناطؽ أخرى‪ ،‬عمى نقؿ الحبوب‬
‫أو الضرائب المفروضة عمى الفالحيف (‪.)ٖٜ‬‬

‫(‪(35‬‬
‫‪We lewski, J., Statutum Vislicense,p.14.‬‬
‫(‪(36‬‬
‫‪Brueggeney ,X O.,De Rusticorum,p.13.‬‬
‫(‪(37‬‬
‫‪Menjot ,D., and Others.,The Routledge Handbook of Public Taxation in‬‬
‫‪Medieval Europe, Routledge ,2022,p.357.‬‬
‫)‪(38‬‬
‫‪Betsinger ,T.K.,The biological consequences of urbanization in Medieval Poland,‬‬
‫‪Ohio University Doctoral Thesis, 2007, p.16.‬‬
‫(‪(39‬‬
‫‪Brueggeney, X O.,De Rusticorum, p.14.‬‬

‫‪077‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫وىكذا اختمفت تمؾ الضريبة مف منطقة إلى أخرى‪ ،‬ففي المناطؽ التي كانت‬
‫تفرض نظير قياـ الفالحيف بإمداد الجنود المكمفيف بحراسة قالع الممؾ والنبالء‬
‫وقصورىـ ‪ ،‬كانت تفرض في أماكف أخرى مقابؿ نقؿ الحبوب واألمواؿ المفروضة‬
‫عمييـ‪.‬‬
‫ب‪ -‬ضريبة المعونة‪ :‬وىي خاصة بنفقات القصر الممكي‪ ،‬وقد حاوؿ رجاؿ الديف‬
‫والنبالء تقميميا عف طريؽ إقناع الممكة "روشي از" ‪ Ruchiza‬وابنيا "كازيمير األوؿ"‬
‫بإيقافيا‪ ،‬بيد أف محاولتيـ باءت بالفشؿ‪ ،‬ومف الراجح أف طرد الممكة وابنيا سالؼ‬
‫الذكر خارج مممكة بولندا في عاـ ‪ٖٔٓٚ‬ـ؛ إنما يرجع إلى رفضيما إلغاء تمؾ‬
‫الضريبة (ٓٗ)‪.‬‬
‫ج‪-‬الضريبة الزراعية )‪ :(pobor‬وكانت معروفة بػ )‪، )poradlne‬أو(‪،)rastrale‬‬
‫أو )‪((krolestwo‬أي ممكية)‪ ،‬وقيمتيا ِ‬
‫تساو فيرتوف واحد ‪( Ferton‬أي ربع المارؾ‬
‫بولنديا‪ ،)-‬وكاف يتحتـ عمى كؿ فالح بولندي أف يدفع‬
‫ً‬ ‫دينار‬
‫‪-‬ما يعادؿ اثني عشر ًا‬
‫مبمغ تاليريوس‪(Tallerus‬دينار)عف كؿ فداف يقوـ بزراعتو واالنتفاع بو‪ ،‬مع إعفاء‬
‫فضال عف‬
‫ً‬ ‫المتبعة‪ ،‬ىذا‬
‫ُمالؾ األراضي المستصمحة لمدة عشر سنوات وفقًا لمعادة ُ‬
‫األمواؿ التي كاف يأخذىا الموردات مف الفالحيف‪ ،‬مف أجؿ شراء المزيد مف األراضي‪،‬‬
‫أو فؾ رىنيتيا إذا كانت مرىونة (ٔٗ)‪.‬‬
‫د‪ -‬ضريبة القمح‪ :‬حيث تنوعت الرسوـ المفروضة عمى القمح‪ ،‬ومنيا‪ :‬النوع‬
‫المعروؼ بػ(‪ ، )Branagarum‬ويشمؿ األعالؼ لتغذية خيوؿ الممؾ‪ ،‬والكالب؛ ومنيا‬
‫وتضـ القمح والشعير الحتياجات الممؾ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫رسوـ القمح المعروفة بػ (‪ ،(sep‬أو)‪،)osep‬‬
‫وكانت كمية الحبوب المخصصة وفقًا لمقانوف التيتوني)أو قانوف ماجدبورج‬
‫‪ ، )Magdeburg law‬أكبر منيا بموجب القانوف البولندي‪ ،‬حيث فُ ِر َ‬
‫(ٕٗ)‬
‫ض عمى‬

‫)‪(40‬‬
‫‪Dlugosz ,J.,The Annals,p.27.‬‬
‫(‪(41‬‬
‫‪Brueggeney, X O., Loc.Cit.‬‬
‫(ٕٗ)‬
‫قانوف ماجدبورج ‪ :‬ىو القانوف الحضري لمدينة ماجدبورج األلمانية‪ ،‬والذي كاف منذ نياية القرف الثاني‬
‫دور ُم ِي ًما في تشكيؿ "القانوف األلماني" في كؿ‬
‫نموذجا لمدف أخرى في ألمانيا الشرقية‪ ،‬ولعب ًا‬
‫ً‬ ‫عشر الميالدي‬
‫ص ىذا القانوف التجارب السابقة لممدف األلمانية‪ ،‬ونظـ أشكاؿ ومسؤولية‬ ‫لخ ّ‬
‫مف‪ :‬بولندا‪ ،‬ليتوانيا‪ ،‬وأوكرانيا‪ .‬وقد َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ىيكال تَْنظيميًا‪،‬‬
‫ً‬ ‫الحكـ الذاتي لممدينة ومجاالتو‪ ،‬وتناوؿ تخطيط شبكات الطرؽ‪ ،‬والمستوطنات الجديدة‪ ،‬وأوجد‬

‫‪077‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫الفالحيف‪ ،‬وفقًا لما جاء في رسالة الممؾ "فالديسالوس"عاـ ‪ٕٜٜٔ‬ـ‪ ":‬أن يقدم كل‬
‫سنة أربع وزنات من القمح‪ ،‬ومثميا من الحبوب المختمفة‪ ،‬واألعالف‪ ،‬وثالث‬
‫عمالت فضة كل سنة عن كل‪ :‬ثور‪ ،‬أو بقرة‪ ،‬أو شاة‪ ،‬أو خنزير" (ٖٗ)‪.‬‬
‫ه‪ -‬ضريبة العشور‪ :‬وقد فرضت في الغرب األوروبي منذ القرف الثامف الميالدي‪،‬‬
‫لكف تـ فرضيا في مممكة بولندا منذ عيد الممؾ "بوليسالوس األوؿ"‪ .‬وعندما دخمت‬
‫المسيحية إلى المممكة‪ ،‬كانت تمؾ الضريبة تفرض في البداية عمي العقارات‪ ،‬ثـ‬
‫جميعا بأنواعيا المختمفة‪ ،‬وكانت في بداية جمعيا‬
‫ً‬ ‫فرضت بعد ذلؾ عمي المنتجات‬
‫تخص الكنائس فقط‪ ،‬حيث يقوـ رجاؿ الديف بجبايتيا مف المنطقة المراد جمعيا‪ ،‬ثـ‬
‫اشترؾ النبالء والفرساف بعدئذ في جمعيا مع رجاؿ الديف‪ ،‬وقد ُخصص جزء منيا‬
‫كذلؾ لمقالع الحربية‪ ،‬وقد القى الممؾ "بوليسالوس األوؿ" معارضة شديدة في جبايتيا‬
‫مف بعض األقاليـ التي اعتادت عمى الحياة الوثنية غير أنو‪ ،‬قد نجح في نياية األمر‬
‫بإخضاع المعارضيف لو‪ ،‬وجعميـ ينصاعوف ألوامره (ٗٗ)‪.‬‬
‫قائما منذ نياية القرف العاشر الميالدي عمى‬
‫ولما كاف االقتصاد البولندي ً‬
‫تبادؿ السمع؛ لذلؾ كاف كؿ مف الفالح والمستأجر يقوماف بدفع التزاماتيما الضريبية‬
‫عينا‪ ،‬وىو ما أكد عميو المؤرخ "حنا دوجوش" في روايتو بقولو‪ ":‬إن األساقفة‬
‫والمالية ً‬
‫والنبالء كانوا يحصمون عمى ضريبة العشور من الفالحين بمقادير عينية من القمح‬
‫والشعير" (٘ٗ)‪.‬‬

‫نسبيا‪ .‬تـ استخدامو ألوؿ مرة في عاـٕٔٔٔـ‪ .‬في‬


‫وأعاد تشكيؿ حياة المدينة في البمدات البولندية حديثة العيد ً‬
‫جميعا في بولندا الكبرى تعمؿ‬
‫ً‬ ‫منتصؼ القرف الثالث عشر الميالدي‪ ،‬حيث كانت المدف الكبرى والصغرى‬
‫بموجب قانوف ماجدبورج ‪ .‬راجع‪:‬‬
‫‪See:Lerski ,G.J., Historical Dictionary, p. 331.‬‬
‫(‪(43‬‬
‫‪Brueggeney, X O., Ibid.,p.14.; Postan,M.M., and Others., Economic organization‬‬
‫‪and policies in the Middle Ages,Vol.3,,Cambridge, 1965,p.365.‬‬
‫(‪(44‬‬
‫‪Dlugosz ,J., The Annals, p.21.‬‬
‫أيضا‪ :‬بدر‪ ،‬عبد القوى عبد الرسوؿ عبد القوى‪ ،‬التاريخ السياسي‪ ،‬صٕٕٔ‪.‬‬
‫انظر ً‬
‫)‪(45‬‬
‫‪Dlugosz ,J., Ibid.,p.15.‬‬

‫‪076‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫ويؤكد ىذا الرأي األخيػ ػر‪ ،‬م ػا جاء ف ػي مرس ػوـ البابا أنوسػ ػنت الثاني‬
‫لعشر الحبوب‪ ،‬والعسؿ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫(‪)ٗٙ‬‬
‫‪ٖٔٔٗ-ٖٔٔٓ(Innocent II‬ـ) سنة‪ٖٔٔٙ‬ـ‪ ،‬مف ذكر ُ‬
‫الحزمة‪،‬‬
‫والحديد‪ .‬حيث وجدت ثالثة أنواع مف العشور تمثمت في‪:‬عشور ُ‬
‫(‪ ،)Snopowe‬ثـ عشور القمح (‪ ،)maldraty‬ثـ عشور الماؿ (‪.)kompozyta‬‬
‫وفي سنةٓ‪ٕٜٔ‬ـ أصدر الحاكـ البولندي "ىنريؾ الرابع بروبوس" ‪Henryk IV‬‬
‫ار نص فيو ما يمي‪":‬عمى جميع الموظفين‬ ‫‪ٕٜٔٓ-ٕٔٛٛ( Probus‬ـ)(‪ )ٗٚ‬قرًا‬
‫المكمفين بجمع العشور أن يأخذوىا كامم ًة عن الحقول إن كانت خاضعة لمتشريع‬
‫البولندى‪ ،‬أما الحقول الخاضعة لمتشريع التيوتونى فعمييا نصف العشر من القمح‬
‫فضال عن مبم من المال" (‪.)ٗٛ‬‬
‫ً‬
‫وفى سنة‪ٖٜٔٗ‬ـ‪ ،‬فرض كؿ مف"ياروزالوس"‪ Jarosław‬رئيس أساقفة‬
‫جنيزنو)ٕٖٗٔ‪ٖٔٚٗ-‬ـ)‪ ،‬و"بودزانتا" ‪ Bodzanta‬أسقؼ كراكوؼ‪ ،‬بعض العشور‬
‫الخاصة عمى منطقة بولندا الصغرى‪ ،‬وكانت كالتالي‪ :‬تفرض ضريبة العشور عمى‬
‫ويعفي منيا‬
‫جميعا‪ُ ،‬‬
‫ً‬ ‫الحقوؿ والبساتيف التي ُيستخدـ فييا المحراث لزراعة األرض‬
‫ُع ِفيت بعض‬
‫وبناء عمى ذلؾ فقد أ ْ‬
‫ً‬ ‫البستانيوف الذيف يزرعوف حقوليـ دوف ِم َحراث‪.‬‬
‫ُ‬
‫النباتات مثؿ‪ :‬الشقائؽ‪،‬و الفجؿ‪،‬و الخس‪،‬و الفوؿ‪ ،‬والكرنب مف أدائيا‪ .‬حيث فرض‬

‫(‪)ٗٙ‬‬
‫البابا أنوسنت الثاني‪" :‬جريجوري باباريسكي" ‪ ،Gregory Papareschi‬ولد فى مدينة روما‪ ،‬وينتمي إلى‬
‫إحدى العائالت األرستقراطية الرومانية‪ ،‬كاف شماس ‪-‬كارديناؿ لمقديس أنجيمو ‪ St. Angelo‬منذ عاـ‪ٔٔٔٙ‬ـ‬
‫وحتى عاـ ٕٕٔٔـ‪ .‬وصؿ إلى كرسي البابوية عاـ ٖٓٔٔـ‪ ،‬بعد وفاة البابا ىونوريوس الثاني ‪Honorius II‬‬
‫(ٓ‪ٖٔٔٓ-ٔٓٙ‬ـ)‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪Kelly J. N. D., The Oxford Dictionary of Popes, (Oxford 1985), p.168.‬‬
‫عضو في فرع سيميزيا ‪ Silesia‬في فروتسواؼ ‪ Wrocław‬مف ساللة بياست‬ ‫ىنريؾ الرابع بروبوس‪ :‬كاف‬
‫(‪)70‬‬
‫ً‬
‫الممكية البولندية‪ ،‬ودوؽ لسيميزيا منذ عاـ ‪ٕٔٙٙ‬ـ‪ ،‬ومف عاـ ‪ٕٔٛٛ‬ـ‪ ،‬ثـ صار دوؽ سامي لمقاطعة كراكوؼ‬
‫البولندية حتى وفاتو فى عاـ ٓ‪ٕٜٔ‬ـ‪ .‬راجع‪:‬‬
‫‪Gwagnin,A.,Sarmatiae‬‬ ‫‪Europeae‬‬ ‫‪descriptio:quae‬‬ ‫‪regnum‬‬ ‫‪Poloniae,‬‬
‫‪Lituaniam,Sarmatiae Europeae description,quae regnum Poloniae,Lituaniam,‬‬
‫‪Samogitiam ,Russiam,Masouiam,Prussiam,Pomeraniam,Liuoniam,& Moschouiae,‬‬
‫‪Tartariaeque partem complectitur. Alexandri Gwagnini Veronensis, equitis aurati,‬‬
‫‪peditumque praefecti, diligentia conscriptae,Cracoviae,1578,fol.29.;Gladysz,M., The‬‬
‫‪Forgotten Crusaders: Poland and the Crusader Movement in the Twelfth and‬‬
‫‪Thirteenth Centuries, Brill Academic Publishers, 2012,p.366.‬‬
‫)‪(48‬‬
‫‪Brueggeney, X O.,De Rusticorum,p.16.‬‬

‫‪070‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫عمى كؿ خمسيف حزمة مف‪ :‬القمح‪،‬و الشعير‪ ،‬والشوفاف خمسة دنانير‪ ،‬أما التبف‬
‫الن اتج مف محصوؿ فداف واحد‪ ،‬فكاف يفرض عميو أربع حزـ‪ ،‬وحزمتيف عمى نصؼ‬
‫الفداف‪ .‬والفالح الذي يزرع أربعة أفدنة دوف استخداـ المحراث‪ ،‬وجب عميو دفع أربعة‬
‫دنانير كبرى مف دنانير براغ ‪ Prague groschen‬لمفداف الواحد (‪ ،)ٜٗ‬أما مف يممؾ‬
‫أربعة أفدنة أو يستأجرىا فإنو يدفع عشر حزـ‪ .‬وتقدر ضريبة العشور المفروضة عمى‬
‫النظار الذيف يقوموف بزراعة‬
‫األراضي المستصمحة بدينار كبير مف دنانير براغ‪ ،‬و ُ‬
‫أربعة أفدنة‪ ،‬فعمييـ دفع ثالثة دنانير عف األراضي المستصمحة‪ ،‬وأما مف يممؾ أكثر‬
‫مف أربعة أفدنة فيجب عمييـ أف يدفعوا أكثر مف ذلؾ‪ .‬وقد أعفي األسقؼ" بودزانتا"‬
‫أصحاب الحقوؿ التي تـ غزوىا لمدة ثالثيف سنة مف دفع العشور‪ .‬وفيما مضي كاف‬
‫عشور‪ .‬ولذلؾ قرر الممؾ‬
‫ًا‬ ‫الفالحوف المكمفوف بنقؿ الحبوب إلى األىراء يؤدوف عمييا‬
‫كازيمير الثالث في عاـٕٖ٘ٔـ‪ ،‬أف تُحفظ أمواؿ ضرائب العشور لدي مف يقوموف‬
‫بنقميا لكي يفحصيا الموظؼ المسئوؿ عف العشور‪ .‬وأمر رئيس األساقفة "بودزانتا" أف‬
‫تترؾ المواد الخاضعة لمعشور فى الحقوؿ‪ ،‬وال تنقؿ قبؿ "عيد القديس يعقوب"(ٓ٘)‪.‬‬
‫أحد مف دفع ضريبة العشور‪ ،‬فقد كانت مفروضة عمى‬ ‫عؼ ٌ‬‫وفي منطقة ماسوفيا لـ ي ِ‬
‫ُ‬
‫النبالء والفالحيف سواء بسواء‪ .‬وفي بولندا كاف أداء العشور سنوًيا‪ .‬وقد حظر رئيس‬
‫األساقفة سالؼ الذكر عمى الكينة أف يأخذوا األمواؿ مف األىالي نظير أداء بعض‬
‫الخدمات الدينية‪َّ ،‬‬
‫وح رـ كذلؾ عمى رؤساء الشمامسة أف يستولوا عمى األمواؿ مقابؿ‬
‫اإلشراؼ عمى الفالحيف(ٔ٘)‪.‬‬

‫صغيرا‪ .‬انظر‪:‬‬
‫ً‬ ‫(‪ )ٜٗ‬دينار براغ‪ :‬عممة مصنوعة مف الفضة‪ ،‬وكانت مقسمة إلى ٕٔ ًا‬
‫دينار‬
‫‪Jamróz,A.,Monarchia‬‬ ‫‪Kazimierza‬‬ ‫‪Wielkiego(1333-1370).Rozdz.3,Polska‬‬
‫‪gospodarka w latach 1333-1370,Praca licencjacka.Uniwersytet Wrocławski.‬‬
‫‪Wydział Prawa,Administracji i Ekonomii. Instytut Historii Państwa i Prawa . Zakład‬‬
‫‪Historii Administracji, Wrocław ,2012,p.46.‬‬
‫(ٓ٘) كاف يتـ االحتفاؿ بو في مممكة بولندا كؿ عاـ في يوـ ٖٕ يوليو‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪Dlugosz, J., The Annals, p.xi.‬‬
‫(‪(51‬‬
‫‪Jamróz, A.,Monarchia Kazimierza , p .52.‬‬

‫‪078‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫و‪ -‬ضريبة الرأس‪ :‬وىي نتاج التحالؼ الذي ُعقد بيف البابا بندكت التاسع‬
‫‪ٔٓٗٛ-ٖٕٔٓ( Benedict IX‬ـ)(ٕ٘)‪ ،‬والممؾ البولندي كازيمير األوؿ‪ ،‬بعدما أقسـ‬
‫األخير يميف الوالء لمبابوية‪ ،‬ودفع ليا ضريبة سنوية‪ ،‬وكاف يتابع بنفسو جمع تمؾ‬
‫كبيرا؛‬
‫مبمغا ً‬
‫الضريبة في مممكتو تنفي ًذا التفاقو مع البابوية‪ .‬وعمى ما يبدو أنيا لـ تكف ً‬
‫ألنو ليس مف المعقوؿ دفع جزية ضخمة لمبابوية (ٖ٘)‪.‬‬
‫سببا في ىروب الفالحيف البولندييف‬
‫ونظر ألف تمؾ الضرائب سالفة الذكر كانت ً‬
‫ًا‬
‫مف قراىـ‪ ،‬فمف الجائز أف الممؾ كازيمير الثالث قد قاـ بتقميميا مف عمى كاىميـ‪.‬‬
‫تماما عف ذكر أنواع الضرائب التي‬
‫وعمى الرغـ مف أف المصادر والمراجع قد صمتت ً‬
‫قاـ العاىؿ البولندي بتقميميا‪ ،‬أو قيمة ذلؾ التقميؿ‪ ،‬لكف تشيد القرائف جميعيا‪ ،‬عمى أف‬
‫جميعا؛ بسبب وقوفو بجانبيـ‪ ،‬وقيامو بالتخفيؼ‬
‫ً‬ ‫محبوبا مف الفالحيف‬
‫ً‬ ‫ىذا الحاكـ كاف‬
‫مف آالميـ‪ ،‬ومساعدتيـ في أوقات المحف واألزمات التي كانوا يتعرضوف ليا ‪-‬كما‬
‫طِمؽ عميو لقب "ممؾ‬ ‫سوؼ يتـ ذكره فيما بعد خالؿ صفحات البحث‪ ،-‬ولذلؾ أُ ْ‬
‫الفالحيف"‪ . King of the peasants‬ومف القرائف األخرى التي تثبت حب الفالحيف‬
‫يؤموف‬
‫لو مف أنيـ‪ ،‬في القروف التي تمت وفاتو راحوا يئنوف تحت نير العبودية‪ ،‬كانوا ّ‬
‫قبره طالبيف أف ينصفيـ مف ظمـ النبالء والسادة اإلقطاعييف (ٗ٘)‪ .‬لذلؾ فمف البدييي‪،‬‬

‫البابا بندكت التاسع‪ :‬ىو "ثيوفيالكتوس أؼ توسكولوـ" ‪ ،Theophylactus of Tusculum‬ولد في مدينة‬


‫(‪)72‬‬

‫روما عاـ ٕٔٓٔـ‪ ،‬وكاف أسقفًا ليا خالؿ ثالث مرات مختمفة‪ ،‬بيف أكتوبر عاـ ٕٖٓٔ ـ‪ ،‬ويوليو ‪ٔٓٗٛ‬ـ‪.‬‬
‫عاما عندما تـ انتخابو بابا لممرة األولي‪ ،‬وىو بذلؾ ُيعد أحد أصغر الباباوات في‬
‫كاف يبمغ مف العمر عشريف ً‬
‫التاريخ‪ .‬راجع‪:‬‬
‫‪Coulombe, C.A.,Vicars of Christ:A History of the Popes, Citadel Press, 2003,p.198.‬‬
‫(‪(53‬‬
‫‪Dlugosz, J., Ibid.,p.23.‬‬
‫(‪(54‬‬
‫‪Neugebauer,S., Historiae rerum Polonicarum, libri quinque: quibus praeter‬‬
‫‪regionis situm, qualitatem et terminos, gentis item Polonicae originem, linguam,‬‬
‫‪mores, consuetudines, caeteraque quae eo pertinent, ea quae à primis regni‬‬
‫‪incunabulis, obseruato legitimo ducum, principum & regum ordine, huc vsque in‬‬
‫‪regno isto gesta sunt, dilucide & fuse describuntur, Francofvrti, 1611,p.205.; Eder ,‬‬
‫‪J.K.,Observationes criticæ et pragmaticæ ad Historiam,p.44 .; Halecki, O.,”Casimir‬‬
‫‪the Great,1333-70”, In,C H P.,Reddaway W.F and Others (Eds.),(Cambridge 1950),‬‬
‫‪p.177.;Previté-Orton,C.W.,The Shorter Cambridge Medieval History,Vol.2,‬‬
‫‪Cambridge ,1960,p.926.‬‬

‫‪077‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫نظ اًر لقيامو بكؿ تمؾ األمور السابقة‪ ،‬أف يقوـ بتقميؿ الضرائب مف عمى كاىؿ‬
‫الفالحيف‪.‬‬
‫جميعا‪:‬‬
‫ً‬ ‫‪ -‬نشر األمن والسالم في ربوع مممكة بولندا‬
‫إلى جانب ما سبؽ‪ ،‬فقد عمؿ الممؾ البولندي كازيمير الثالث عمى نشر األمف‬
‫والسالـ فى كؿ ربوع مممكة بولندا‪ ،‬حيث كان مف بيف األسباب التي دفعت الفالحيف‬
‫البولندييف لميروب مف قراىـ‪ ،‬تأثرىـ بويالت الحروب‪ ،‬ال سيما ىجوـ المغوؿ‪ ،‬الذيف‬
‫ىجموا عمى مممكة بولندا ثالث مرات في أوقات مختمفة‪ :‬كانت اليجمة األولى في‬
‫شيري مارس ومايو مف عاـ ٕٔٗٔـ(٘٘)‪ ،‬واليجمة الثانية خالؿ عامي‬
‫‪ٕٔٙٓ/ٕٜٔ٘‬ـ‪ .‬أما اليجمة الثالثة واألخيرة‪ ،‬فقد كانت في عامي ‪ٕٔٛٚ‬ـ‪ٕٔٛٛ /‬ـ‬
‫(‪ .)٘ٙ‬ولـ تكف تمؾ اليجمات ىي الوحيدة التي تتعرض ليا مممكة بولندا‪ ،‬فقد تعرضت‬
‫ليجوـ شرس آخر مف جية الشماؿ عمى يد‪ :‬الميتوانيوف الوثنيوف‪ ،‬والبروسيوف‪ ،‬وفقدت‬
‫المممكة عمى أثر تمؾ اليجمات الكثير مف أراضييا‪ ،‬ووقع معظـ سكانيا أسرى (‪.)٘ٚ‬‬
‫المسمـ بو أنو‪ ،‬فى ظؿ ذلؾ اليجوـ الخارجي الغاشـ عمى أراضي مممكة‬
‫ومف ُ‬
‫بولندا‪ ،‬كانت جحافؿ الجيوش الغازية تأتي عمى األخضر واليابس‪ ،‬فتُ ِغير عمى‬
‫األراضي الزراعية‪ ،‬وتستولي عمى ما بيا مف منتجات زراعية؛ فتارة يموت الفالحوف‬
‫بتمؾ المناطؽ المتضررة جوعي؛ وتارة أخرى يمجئوف لميروب إلى الغابات القريبة‪ ،‬أو‬
‫ربما يأووف إلى أقرب مدينة‪ ،‬ويستقروف بيا ىرًبا مف الغارات الخارجية‪.‬‬

‫(‪(55‬‬
‫‪Raynaldi, B.,Annales Ecclesiastici: Denuo Excusi Et Ad Nostra Usque Tempora‬‬
‫‪Perducti, Ab Augustino Theiner,T.21,(1229-1256) ,Parisii, 1870,p.232.‬‬
‫(‪(56‬‬
‫‪Liwoch, R.,“The Mongols in Poland in the 13th Century. Traces of the‬‬
‫‪Invasions”,In:P.Drnovský-P.Hejhal (Eds.),Archaeology of Conflicts.Červený‬‬
‫‪Kostelec: Pavel Mervart, Hradec Králové,(Univerzita Hradec Králové,2020),pp.57-‬‬
‫‪60.‬‬
‫(‪(57‬‬
‫‪Solignac,P.J.,Histoire générale de Pologne,Par M.le Chevalier de Solignac,‬‬
‫& ‪Secrétaire du Cabinet & des Commandemens du Roi de Pologne, Duc de Lorraine‬‬
‫‪de Bar,Vol.3,Paris,1750,pp.104-128.;Super ,P.,Events and personalities in Polish‬‬
‫‪History.Indo-Polish Library, Bombay ,1944,p.9.‬‬
‫أيض ا‪ :‬المسيري‪ ،‬عبد الوىاب محمد‪ ،‬موسوعة الييود والييودية والصييونية‪ ،‬جٗ‪ ،‬دار الشروؽ‪ ،‬طٔ‪،‬‬
‫راجع ً‬
‫القاىرة ‪ٜٜٜٔ،‬ـ‪ ،‬ص ٖٓٗ‪.‬‬

‫‪877‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫وفي ىذا الصدد (نشر األمف والسالـ داخؿ ربوع مممكتو)‪ ،‬فقد عمؿ الممؾ‬
‫أيضا عمى مالحقة المصوص‪ ،‬وقُطاع الطرؽ الذيف كانوا منتشريف‬ ‫كازيمير الثالث ً‬
‫جميعا (‪ ،)٘ٛ‬وباتت تَ ِعج بيـ الطرؽ العامة‪،‬‬
‫ً‬ ‫آنذاؾ في أنحاء القرى والمدف البولندية‬
‫المسرحيف مف الخدمة العسكرية‪ ،‬فيقوموف بنيب المسافريف‬ ‫ومعظميـ كانوا مف الجنود ُ‬
‫والفالحيف في قراىـ عمى َح ّد سواء‪ ،‬حتى أنيـ لـ يبالوا بالعقوبات المفروضة عمييـ؛‬
‫معا (‪.)ٜ٘‬‬
‫ألنيـ كانوا محمييف بالنبالء‪ ،‬الذيف تضافرت مصالح الشخصية ً‬
‫مف الجدير بالذكر ىنا‪ ،‬أف الممؾ كازيمير الثالث كاف نفسو السبب في لجوء‬
‫الجنود البولندييف لمتسريح مف الخدمة العسكرية؛ بسبب قيامو بصرؼ رواتب لمجنود‬
‫المرتزقة فقط‪ -‬الذيف يخدموف عمى الحدود‪ -‬وترؾ قرنائيـ بال رواتب (ٓ‪.)ٙ‬‬
‫المتمعف في األمر يرى أف الممؾ البولندي كازيمير الثالث‪ ،‬كاف بالفعؿ‬
‫و ُ‬
‫مخطئا أيما خطأ‪ ،‬عندما قرر صرؼ رواتب لمجنود المرتزقة‪ ،‬وترؾ باقي الجنود بال‬
‫ً‬
‫رواتب‪ ،‬يعيشوف عمى نفقاتيـ الشخصية أو عمي الصيد‪ ،‬مما اضطرىـ لمتسريح مف‬
‫الجندية‪ ،‬وتحولوا إلى لصوص وقطاع طرؽ‪ ،‬وىجموا عمى القرى والمدف‪ ،‬واستولوا‬
‫عمى ما بيا مف خيرات‪.‬‬
‫ولكي يتصدى الممؾ كازيمير الثالث ألزمة انتشار المصوص وقطاع الطرؽ‬
‫ميعا‬
‫في جميع أرجاء مممكة بولندا‪ ،‬فقد قاـ بإجراء القانوف مع األشخاص المتيميف ج ً‬
‫بارتكاب الجرائـ الكبرى الخاصة بقطع الطرؽ والسرقة‪ ،‬وأنزؿ بيـ العقوبات الرادعة‪،‬‬
‫فأحيانا كاف يقوـ بالعفو‬
‫ً‬ ‫أما األشخاص األقؿ تورطًا في أعماؿ السرقة والمصوصية‪،‬‬
‫عنيـ بعدما يشفع ليـ أحد األساقفة‪ ،‬أو البارونات(ٔ‪.)ٙ‬‬
‫وىكذا يتضح أف الممؾ كازيمير الثالث‪ ،‬قد تميز حكمو بالذكاء مع حبو لنشر‬
‫العدؿ بيف رعاياه‪ ،‬وىو ما أكدت عميو رواية المؤرخ المعاصر لألحداث"جوف ك ازرنكو"‬
‫بقولو‪ ":‬كان الممك المتوج بإكميل(أي كازيمير الثالث) يحكم بذكاء وفاعمية المممكة‬

‫(‪(58‬‬
‫‪Dlugosz, J., The Annals, p.285.‬‬
‫(‪(59‬‬
‫‪Pertz,G.H.,Annales Poloniae ex recensione Arndtii et Roepellii:in usum‬‬
‫‪scholarum ex Monumentis Germaniae Historicius recudi, Hanover,1866,p.83.‬‬
‫)‪(60‬‬
‫‪Lardner,D.,The cabinet cyclopaedia Vol. 20, p.17.‬‬
‫(‪(61‬‬
‫‪Dlugosz,J.,The Annals, p.285.‬‬

‫‪877‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫والشعب المذين أوكمو اهلل إليو؛ ألنو كان يحب نشر السالم‪ ،‬وتحقيق العدالة‪،‬‬
‫واحقاق الحق" (ٕ‪.)ٙ‬‬
‫‪ -‬الوقوف بجانب الفالحين في أوقات المحن واألزمات‪:‬‬
‫في تمؾ األثناء‪ ،‬تعرض الفالحوف البولنديوف لمعديد مف المحف واألزمات‪،‬‬
‫ومنيا تعرضيـ لألمراض واألوبئة التي كانت منتشرة حينذاؾ في أوروبا‪ ،‬وال سيما‬
‫المرض األسود (الطاعوف)‪ ،‬الذي وصؿ إلى مممكة بولندا في عاـ ‪ٖٜٔٗ‬ـ‪ ،‬ونتج‬
‫اعتقادا مف‬
‫مدنا وقرى بأكمميا مف سكانيا‪ ،‬و ً‬‫عنو قتؿ الكثير مف األىالي‪ ،‬حيث أفرغ ً‬
‫األىالي أف انتشار الطاعوف راجعُ إلى ارتكابيـ لمذنوب والخطايا‪ ،‬فمف ثـ قد مارسوا‬
‫بعض الطقوس الدينية العنيفة‪ ،‬فجمد بعضيـ البعض‪ ،‬وأذلوا أنفسيـ بأشكاؿ مختمفة‬
‫مف أجؿ التكفير عف الذنوب(ٖ‪.)ٙ‬‬
‫بالغا عمى‬
‫أثر ً‬‫اؼ عمى أحد مف أف انتشار مرض الطاعوف‪ ،‬قد يترؾ ًا‬‫وليس بِ َخ ِ‬
‫السكاف بصفة عامة‪ ،‬وعمى الفالحيف بصفة خاصة‪ ،‬حيث أدى إلى قمة عددىـ‪،‬‬
‫وارتفعت أسعار السمع الغذائية والحبوب‪ ،‬وزادت األجور؛ لقمة األيدي العاممة‪ .‬ىذا مف‬
‫ناحية‪ ،‬ومف ناحية أخرى‪ ،‬أدى االنخفاض في عدد السكاف إلى قمة الطمب عمى‬
‫المنتجات الزراعية‪ ،‬فنتج عنو انخفاض أسعار اإلنتاج؛ ألف ُمالؾ األراضي كاف‬
‫عمييـ دفع المزيد مف األمواؿ لساداتيـ الموردات الكبار‪ ،‬وفي الوقت نفسو تناقصت‬
‫دخوليـ‪ ،‬فقد بدءوا يعانوف مف محنة كبيرة‪ ،‬ومستويات معيشية متدنيػة (ٗ‪.)ٙ‬‬
‫بخالؼ ذلؾ‪ ،‬فقد تعرضت محاصيؿ الفالحيف البولندييف ىي األخري لمتمؼ؛‬
‫إما بسبب مياجمة قطعاف الجراد‪ ،‬وذلؾ مثمما حدث في عاـ عاـ‪ٖٖٔٙ‬ـ عندما‬

‫(‪(62‬‬
‫‪Czarnków, Joannis de., Chronicon, In, M P H, T.2,p.623.‬‬
‫(‪(63‬‬
‫‪Guzowski,P.,Did the Black Death reach the Kingdom of Poland in the Middle of‬‬
‫‪the 14th Century? Centre for the Study of Demographic and Economic Structures in‬‬
‫‪Preindustrial Central and Eastern Europe, 2021, p. 5.‬‬
‫ُيشير المؤرخ الفرنسي" نوجاريو "إلى أنو في عاـٕٖ٘ٔـ‪ ،‬وخالؿ انتشار موجة مرض الطاعوف في مممكة‬
‫بولندا‪ ،‬ظيرت جماعة "الجالديف" ‪ ،Flagellants‬وقد جاءوا مف مممكتي المجر وبوىيميا‪ ،‬وكانوا يمارسوف‬
‫أشكاال بشعة مف التعذيب واذالؿ النفس لمتكفير عف الذنوب‪ .‬راجع‪:‬‬
‫ً‬
‫‪Nougaret, P.J.B., Beautés de l'histoire, p.151.‬‬
‫(‪(64‬‬
‫‪Jackson,J.S.,Western Civilization,Vol.B:1300 to 1815,7th Edition, 2011,pp.308-‬‬
‫‪309.‬‬

‫‪872‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫ىجمت قطعاف كبيرة مف الجراد عمي المحاصيؿ ودمرتيا‪ ،‬مما تسبب في وقوع أضرار‬
‫قائال‪":‬عندما‬
‫بالغة بيـ‪ ،‬وقد وصؼ المؤرخ البولندي "حنا دوجوش" ذلؾ في حوليتو ً‬
‫تكون رؤوس الحبوب ممتمئة تظير أسراب الجراد بأعداد كبيرة لمغاية‪ ،‬وتَحجب‬
‫أشعة الشمس عند الطيران‪ ،‬ىذا الجــــــراد يدمر الحبوب وجميع النباتات األخرى‬
‫(٘‪)ٙ‬‬
‫المناخية السيئة عمى غرار‪":‬الرياح العاتية‪،‬‬ ‫؛ واما بسبب الظروؼ ُ‬ ‫تماما"‬
‫ً‬
‫واألمطار الغزيرة‪ ،‬والعواصف الرعدية‪ ،‬التي تؤدي إلى سقوط سيقان النباتات‬
‫ق أمام الفالحـــــين ِســ َوى القــــش‬‫تماما‪ .‬ولـم يتب ِ‬
‫ً‬ ‫الممتمئة بالحبوب وتدميرىا‬
‫لحصــــاده‪ ،‬مما ينتج عنو حدوث المجاعات" (‪.)ٙٙ‬‬
‫وفي ظؿ تمؾ الظروؼ‪ ،‬وقؼ الممؾ كازيمير الثالث إلى جوار الفالحيف‪،‬‬
‫خاصة عندما عاد مرض الطاعوف وتفش مرة أخرى إلى مممكة بولندا في عاـ‬
‫ٕ‪ٖٔٙ‬ـ‪ .‬ونتج عنو‪ :‬أف شحت المؤف واألقوات‪ ،‬وانتشرت المجاعة في جميع أرجاء‬
‫المممكة‪ ،‬فإنو قد سعى إلى أخذ القمح المخزف في صوامع األغنياء‪ ،‬وباعو لمفقراء‬
‫بسعر زىيد‪ ،‬كما ساعد األفراد الذيف ال يممكوف الماؿ الكافي لشراء الحبوب‪ ،‬بأف‬
‫أعطاه ليـ مقابؿ قياميـ بالعمؿ‪ "،‬كما أمر ببناء القالع‪ ،‬وردم البرك‪ ،‬وحفر الخنادق‬
‫والقنوات؛ بغية المساعدة فى تمبية احتياجات الفالحين" (‪.)ٙٚ‬‬
‫‪-‬تفقد أحوال الفالحين في قراىم‪:‬‬
‫أيضا عمؿ الممؾ كازيمير الثالث عمي تفقد أحواؿ الفالحيف في قراىـ‪ ،‬فقد كاف‬
‫ً‬
‫ىذا الممؾ‪ -‬عمى حد تعبير أحد المؤرخيف‪ُ -‬يعد أحد الحكاـ المباركيف الذي قد أرسؿ‬
‫كيدية مف السماء لتيدئة الحالة المؤلمة لمبشرية‪ ،‬ولتخميص رعاياه مف حالة البؤس‬
‫غالبا ما ينزؿ مف مرتبتو الرفيعة‪ ،‬ويترؾ قمعتو الجميمة‪ ،‬ليس‬
‫والشقاء والعبودية‪ ،‬فكاف ً‬
‫مف أجؿ ممارسة الرياضة أو الصيد والتسمية؛ ولكف لمدخوؿ إلى أكواخ فالحيو‬

‫(‪(65‬‬
‫‪Dlugosz, J.,The Annals of., ann.1336,p.286.‬‬
‫(‪(66‬‬
‫‪Ibid., ann.1362, p.311.‬‬
‫)‪(67‬‬
‫‪Loc.Cit.;Jasienica, P.,Piast Poland,American Institute of Polish Culture, 1985 ,‬‬
‫‪p.237.‬‬

‫‪877‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫المتواضعة‪ ،‬فيقوـ بتفقد أحواليـ‪ ،‬والتخفيؼ مف حالتيـ البائسة‪ ،‬والعمؿ عمى القضاء‬
‫عمى عبوديتيـ‪ ،‬وطغياف النبالء ليـ(‪.)ٙٛ‬‬
‫‪ -‬تعديل بعض القوانين الجائرة‪:‬‬
‫أضؼ إلى ذلؾ‪ ،‬قاـ الممؾ كازيمير الثالث بتعديؿ بعض القوانيف الجائرة‪،‬‬
‫التي كاف يعاني منيا الفالحوف البولنديوف‪ .‬فقبؿ عيده‪ ،‬كاف بإمكاف السيد اإلقطاعي‬
‫أف يقتؿ الفالح دوف دفع الدية مع اإلفالت مف العقاب)‪ .)ٜٙ‬عالوة عمى ذلؾ فقد تكبد‬
‫الفالحوف العناء‪ ،‬خاصة فيما يتعمؽ األمر بقضايا التعويض في الجرائـ والعقوبات‪،‬‬
‫حيث كانت تمؾ القوانيف تسمح لمسيد بمشاركة مبمغ التعويض الذي يحصؿ عميو‬
‫الفالح حاؿ تعرض األخير لإلصابة أو القتؿ مناصفةً‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ إذا دفع قاتؿ فالح‬
‫عشر ماركات ألسرة القتيؿ؛ فإف خمسة منيا يأخذىا السيد‪ ،‬والخمسة الباقية تكوف مف‬
‫أيضا لـ يكف ىناؾ تَ َس ٍاو في دية القتؿ‪ ،‬ففي الوقت الذي كاف‬
‫نصيب عائمة المتوفي‪ً .‬‬
‫غرـ باثني ع َش َر مارًكا‪ ،‬فإف قاتؿ الفالح كاف يتـ تغريمو بثالث‬
‫فيو قاتؿ أحد الفرساف ُي ّ‬
‫دينار ونصؼ الدينار))ٓ‪.)ٚ‬‬
‫ماركات فقط (أي ما يعادؿ ‪ً ٕٜ‬ا‬
‫مف ىذا األمر يتبيف لنا‪ ،‬أنو لـ تكف ىناؾ أية مساواة بيف طوائؼ الشعب‬
‫جميعا في المجتمع البولندي في العصور الوسطى‪ ،‬فقد كاف لكؿ شخص ِدَيتو‬ ‫ً‬
‫الخاصة بو‪ ،‬والتي تتحدد وفقًا لمستواه االجتماعي‪ ،‬وأف الفالحيف لـ تكف ليـ قيمة‬
‫تذكر مقارنةً بغيرىـ مف طوائؼ المجتمع‪.‬‬
‫ومما زاد الطيف بمة‪ ،‬أنو عادة ما كاف السيد اإلقطاعي يعقد‪":‬محكمتو‬
‫لمحاكمة فالحيو‪ ،‬مثل أي قاض فى العالم‪:‬خاصة فى قضايا اإلعدام‪،‬ويقع‬
‫الجانى(أي الفالح) ضمن اختصاص محاكم ذلك السيد اإلقطاعى"(ٔ‪ .)ٚ‬ولذلؾ يصبح‬
‫الفالح تحت رحمة السيد اإلقطاعي إف شاء عفا عنو‪ ،‬واف شاء عاقبو‪.‬‬

‫(‪(68‬‬
‫‪Szadurski , G. M., An Epitome of the History of Poland, Comprising the History‬‬
‫‪of religion in Poland, and a sketch of the Polish kings : Illustrated with a Map of‬‬
‫‪Europe, showing the boundaries of Ancient Poland; and a Chronological table of the‬‬
‫‪Polish kings, Vol.1, 1842,pp.126-127.‬‬
‫(‪(69‬‬
‫‪Dlugosz, J.,The Annals,ann.1370,p.322.‬‬
‫(‪(70‬‬
‫‪Brueggeney ,X O.,De Rusticorum,p.19.‬‬
‫) ‪(71‬‬
‫‪Lardner, D., The cabinet cyclopaedia ,Vol. 20, pp.93-94.‬‬

‫‪877‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫وفي ىذا المضمار‪ ،‬أصدر الحاكـ البولندي تعميماتو التي ألزـ فييا النبالء‬
‫والفرساف بعدـ التعرض لمفالحيف باألذي‪ .‬وفي عاـ ‪ٖٔٗٚ‬ـ تـ تحديد قيمة الغرامات‬
‫دينار وثمث‬
‫عمى جريمة قاتؿ الفالح‪ ،‬حيث قُدرت غرامة قتؿ األخير بثمانية وتسعيف ًا‬
‫دينار)‪،‬‬
‫ًا‬ ‫الدينار‪ ،‬كاف نصيب أسرة الفالح (القتيؿ) ستة ماركات (أي ما يعادؿ ‪ٜ٘‬‬
‫دينار وثمث الدينار)‪ ،‬واذا كاف‬
‫والقصر التابع لسيده أربعة ماركات (أي ما يساوي‪ً ٖٜ‬ا‬
‫تابعا لسيديف‪ ،‬فيقسماف ىذا المبمغ فيما بينيما(ٕ‪ .)ٚ‬ولكي يكوف ىناؾ إنصاؼ‬
‫الفالح ً‬
‫لمفالحيف في قضايا التعويض عف األذى الذي يمحؽ بيـ‪ ،‬فقد قرر الحاكـ البولندي‬
‫اآلتي‪ ":‬إذا تعرض الفالح إلى القتل ‪ ،‬أو الضرب المبرح ‪ ،‬يصرف لو ِقسمان من‬
‫المال – عمى سبيل التعويض – ‪ ،‬والقسم الثالث يحصل عميو القاضى الذى َح َك َم‬
‫في القضية "(ٖ‪.)ٚ‬‬
‫كما عمؿ الممؾ كازيمير الثالث عمى جعؿ الفالحيف البولندييف‪ ،‬بمقتضى‬
‫جنبا إلى جنب مع النبالء والسادة اإلقطاعييف‪ ،‬حيث‬
‫تشريعاتو‪ ،‬متساويف أماـ القانوف ً‬
‫خضع الجميع لمعقوبات نفسيا والمحاكـ (ٗ‪.)ٚ‬‬
‫ولعؿ مف أروع األمثمة التي تدؿ عمى حرص الممؾ كازيمير الثالث الكبير‬
‫متاحا ألى‬
‫جميعا‪ ،‬أف المجوء لقصره كاف ً‬
‫ً‬ ‫عمى تحقيؽ المساواة بيف جميع أفراد رعيتو‬
‫ِ )٘‪)ٚ‬‬
‫شخص ميما كاف وضعو االجتماعي‪ ،‬أو جنسو‪ ،‬أو سنو ‪ .‬مف ىنا عممت‬
‫تشريعاتو عمى إعادة التوازف االجتماعي مرة أخرى في مممكة بولندا‪ ،‬وصار الفالحوف‬
‫كغيرىـ مف النبالء والسادة اإلقطاعييف متساويف أماـ القانوف‪ ،‬وينعموف بالعدالة‪.‬‬
‫وقاـ العاىؿ البولندي كذلؾ‪ ،‬بتعديؿ بعض قوانيف الوراثة الخاصة بالفالحيف‪،‬‬
‫لمالؾ األراضي بالحصوؿ‬ ‫قديما في بولندا الصغرى‪ ،‬كاف ُيجيز ُ‬
‫قانونا ً‬
‫ً‬ ‫حيث ألغى‬
‫عمى أراضي فالح توفي دوف وريث‪ .‬وقد سمح القانوف الجديد ألقارب األقارب أف‬
‫كثير‪ ،‬ونيى أي سيد عف‬ ‫ي ػرثوا‪ ،‬وىو إج ػراء أدى‪ ،‬بطبيعة الحػ ػاؿ‪ ،‬إلى إسعاد الفالحيف ًا‬
‫القياـ بتقديـ أي مف فالحيو كرىينة‪ ،‬وأعفي الفالحػيف مف المسؤوليػة عػف األفػ ػعاؿ‬

‫(‪(72‬‬
‫‪Brueggeney, X O.,De Rusticorum,p.19.‬‬
‫)‪(73‬‬
‫‪Volumina Legum, vol. I,p.15.‬‬
‫(‪(74‬‬
‫‪Loc.Cit.‬‬
‫(‪(75‬‬
‫‪Brueggeney, X O.,Ibid.,p.21.‬‬

‫‪877‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫الت ػي يرتكبونيا بأم ػر م ػف أسػ ػيادى ػـ‪ ،‬وع ػمؿ عمى حمايت ػيـ‪ ،‬في الوقت ذاتو‪ ،‬م ػف‬
‫األحكاػـ التعسفي ػ ػة الص ػ ػادرة عف المسؤولي ػ ػف الممكيػ ػيف)‪.)ٚٙ‬‬
‫‪-‬العمل عمى تحسين أوضاع األقنان‪:‬‬
‫فقد كاف مف بيف أسباب ىروب الفالحيف البولندييف مف قراىـ‪ ،‬رغبتيـ في‬
‫التحرر مف نير القنية(العبودية)‪ ،‬فقبؿ ظيور النظاـ اإلقطاع في مممكة بولندا‪ -‬خالؿ‬
‫ار‪ ،‬ويتمتعوف‬
‫القرنيف الثاني عشر والثالث عشر الميالدييف‪ ،-‬ظؿ البولنديوف أحرًا‬
‫ببعض الحقوؽ مثؿ‪ :‬الحؽ فى‪ :‬اليجرة‪ ،‬وامتالؾ األراضي‪ ،‬والمجوء القضائي في‬
‫مقابؿ دفع التزامات مالية لمسيد اإلقطاعي(‪ ،)ٚٚ‬ثـ تحولوا بعدئذ إلى وضع شبيو‬
‫بالعبودية‪ ،‬حيث كانت ظروفيـ المعيشية قاسية‪ ،‬أدت إلى استغالؿ الموردات‬
‫اإلقطاعييف‪ ،‬مما أدى إلى تدىور األحواؿ حتى تحوؿ وضعيـ مف "الي ػومػاف"‬
‫‪( Yeoman‬الف ػالح الح ػر الذي ي ػمتمؾ األرض وي ػزرع ػيا) إلى العبودية التامة (‪.)ٚٛ‬‬
‫وخالؿ الربع الثاني مف القرف الثاني عشر لمميالد‪ ،‬حاوؿ الفالحوف البولنديوف‪،‬‬
‫النيوض والقياـ بالثورة ؛ ُبغية تغيير أوضاعيـ السيئة‪ ،‬لكف جيود المموؾ الدؤوبة‬
‫لمقضاء عمى تمرداتيـ‪ ،‬قد قضت عمى آماليـ (‪.)ٜٚ‬‬

‫(‪(76‬‬
‫‪Nougaret, P.J.B.,Beautés de l'histoire,pp.150-151.;Jasienica, P.,Piast Poland,p.‬‬
‫‪p.236.‬‬
‫(‪(77‬‬
‫‪Bardach ,J.,and Others, Historia państwa i prawa Polski:Bardach,J.Do połowy xv‬‬
‫‪wieku,(Państwowe Wydawn.Naukowe 1964), pp.34-36.‬‬
‫كانت توجد أربع حاالت يتحوؿ فييا الفالحوف األحرار إلى أقناف‪ :‬الحالة األولى وفييا يصير أبناء األقناف‬
‫أقنانا‪،‬‬
‫أقنانا بالوراثة‪ ،‬ومف ثـ يرتبطوف بأرض والدىـ‪ ،‬والحالة الثانية‪ :‬إف العبيد الذيف حررىـ أسيادىـ يصيروف ً‬
‫ً‬
‫أرضا يزرعونيا‪ ،‬والحالة الثالثة‪ :‬الفالحوف األحرار الذيف تدىورت أحواليـ االقتصادية ‪ ،‬فيمجئوف إلى‬
‫ً‬ ‫ويسمميـ‬
‫مبمغ مف الماؿ‪ ،‬أما الحالة الرابعة واألخيرة‪:‬‬
‫بيع أنفسيـ لمسيد اإلقطاعي مقابؿ حمايتيـ مف األعداء‪ ،‬أو مقابؿ ِ‬
‫فقد ينزؿ بعض األشخاص األحرار إلي مرتبة القنية ؛ بسبب ارتكابيـ بعض الجرائـ‪ ،‬أو عجزىـ عف توفير سبؿ‬
‫الحياة الكريمة‪.‬انظر‪:‬الزيدي‪ ،‬مفيد‪ ،‬موسوعة تاريخ أوروبا‪ ،‬جٔ‪ ،‬دار أسامة لمنشر والتوزيع‪( ،‬د‪ .‬ت)‪ ،‬صٖ٘ٔ‪.‬‬
‫(‪(78‬‬
‫‪Bardach, J.,and Others,Historia państwa,pp.39-42.;Baranowski, I.T., Krotki zarys‬‬
‫‪dziejow wsi polskiej, Warszawie ,1917,p.12.‬‬
‫(‪(79‬‬
‫‪Helcel ,A.Z.,“Restriction “,dans, A M D P,T.1,p.3.‬‬
‫في عيد الممؾ البولندي "كازيمير األوؿ" ‪ٔٓ٘ٛ-ٖٔٓٗ( Casimir I‬ـ)‪ ،‬نيض الفالحوف لمقياـ بالثورة‪،‬‬
‫واتحدوا عمى قمب رجؿ واحد؛ لتحسيف أوضاعيـ السيئة‪ ،‬بيد أف إخماد ثورتيـ‪ ،‬قد نتج عنو معاممتيـ بما ىو‬
‫أسوأ‪ .‬راجع‪:‬‬
‫‪Brueggeney ,X O.,De Rusticorum,p.8.‬‬

‫‪876‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫وبناء عمى ذلؾ‪ ،‬سمحت تشريعات الممؾ كازيمير الثالث لألقناف بالتمتع‬
‫ً‬
‫بحقوؽ الفالحيف األحرار نفسيا‪ ،‬وأعطاىـ الحؽ كذلؾ بعدـ دفع األمواؿ لمسادة‬
‫اإلقطاعييف عندما يتـ القبض عمييـ‪ ،‬أو مالحقاتيـ(ٓ‪ .)ٛ‬وأجاز لألقناف ‪-‬الذيف ال‬
‫يستطيعوف اليجرة كما يحمو ليـ‪ ،‬والذيف كانت عائالتيـ تخضع لمتبعية نفسيا‪،-‬‬
‫بالحصوؿ عمى نسبة مف األرباح الناتجة عف أعماليـ‪ ،‬وعميو صار بمقدورىـ مف‬
‫ت معاممتيـ‪ ،‬أو تعرضت زوجاتيـ وبناتيـ‬ ‫خالؿ ذلؾ الماؿ شراء حريتيـ‪ .‬واذا أ ِ‬
‫ُس َيئ ْ‬
‫ار‪-‬إلى ممكية سيد آخر‪،‬‬
‫لالغتصاب عمى يد أسيادىـ‪ ،‬فيمكنيـ االنتقاؿ‪-‬كفالحيف أحرًا‬
‫حرر طمح في الوصوؿ إلى رتبة النبالة‪ .‬كما يمكف لمماؿ‪ ،‬أو‬ ‫الم ّ‬
‫لدرجة أف الفالح ُ‬
‫الخدمة الطويمة في الحاشية العسكرية لمبارونات‪ ،‬أو تحقيؽ النصر في الحرب‪ ،‬أو‬
‫الخدمة الممكية الحصوؿ عمى ىذا االمتياز‪-‬التحرر مف العبودية‪.)ٛٔ(-‬‬
‫‪-‬الوقوف بجانب الفالحين ضد تعنت وعسف النبالء والسادة اإلقطاعيين‪:‬‬
‫وعمى صعيد آخر‪ ،‬فقد عمؿ العاىؿ البولندي كازيمير الثالث عمى الوقوؼ‬
‫بجانب الفالحيف ضد تعنت وعسؼ النبالء والسادة اإلقطاعييف‪ ،‬ورفع الغبف عنيـ‪،‬‬
‫خاصة فيما يتعمؽ بأعماؿ السخرة التي كانت مفروضة عمييـ‪ ،‬وكانت مف بيف‬
‫األسباب ليروبيـ القرى‪ ،‬وقد بمغ مف شدة حبو لمعدالة‪ ،‬وتحقيؽ المساواة بيف رعيتو‪،‬‬
‫ما جعمو يمنع التعدي عمى ُعماؿ السخرة‪ ،‬فعامميـ بالتساوي مع خاصتو‪ .‬وقد اشتممت‬
‫أعماؿ السخرة عمى‪ :‬قياـ الفالحيف بدفع بعض المبالغ المالية‪ ،‬وكذلؾ القياـ باألعماؿ‬
‫الخاصة سواء لمممؾ؛ أـ لمسادة اإلقطاعييف‪ .‬وفيما يتعمؽ بالمبالغ المفروضة عمييـ‪،‬‬
‫ؾ لمتاج (أي‬
‫فقد كانت أراضي مممكة بولندا موزعة عمى النحو التالي‪ :‬ثمثيا مممو ُ‬
‫لمممؾ)‪ ،‬والثمثاف اآلخراف يمتمكيا النبالء‪ ،‬وقد عمؿ الفالحوف بتمؾ األراضي‪ ،‬ومف ثـ‬
‫كانوا يدفعوف اإليجار مقابؿ االنتفاع بزراعة األرض(ٕ‪ .)ٛ‬وانقسمت تمؾ اإليجارات إلى‬

‫(‪(80‬‬
‫‪Lelewel, J.,Essai Historique sur la législation Polonaise, civile et criminelle,‬‬
‫;‪jusqu'au temps des Jagellons, depuis l'année 930 jusqu'en 1430, Paris, 1830,p.67.‬‬
‫‪Fletcher, J., The History of Poland,p.36.‬‬
‫(‪(81‬‬
‫‪Lardner,D.,The cabinet Cyclopaedia,Vol.20,p.93.;Slocombe ,G,A history of‬‬
‫‪Poland, New York, 1939,p.67.‬‬
‫)‪(82‬‬
‫‪Saxton,L.C.,Fall of Poland:Containing an Analytical and a Philosophical‬‬
‫‪Account of the Causes which Conspired in the Ruin of that Nation, with a History of‬‬
‫‪the Country from Its Origin, Vol.1, New York, 1851,p.240.‬‬

‫‪870‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫ثالثة أنواع‪ :‬اإليجار العيني‪ ،‬الذي تمثؿ في إرساليـ‪ :‬الماشية‪ ،‬أو الحبوب‪ ،‬أو‬
‫العسؿ‪ ،‬والبيض‪ ،‬والغزؿ‪ ،‬أو الطرائد لمممؾ‪ ،‬أو لمسيد اإلقطاعي‪ ،‬واإليجار مقابل‬
‫العمل‪ ،‬ويشمؿ عمميـ القسري في أراضي المورد‪ ،‬واإليجار النقدي‪ ،‬وفيو يتـ الجمع‬
‫بيف النوعيف السابقيف في خدمة مشتركة (ٖ‪ .)ٛ‬وكاف يتـ تحديد تمؾ اإليجارات‬
‫جميعيا؛ إما وفقًا لنوعية األراضي؛ واما لكمية العمؿ المفروض عمى الفالحيف؛ واما‬
‫لممدفوعات التي يتوجب عمييـ دفعيا(ٗ‪.)ٛ‬‬
‫وتضمنت أعماؿ السخرة التي يؤدييا الفالحوف لمممؾ‪ :‬اشتراكيـ في الخدمة‬
‫العسكرية‪ ،‬ودفع الضرائب النقدية‪ ،‬والضرائب العينية (كالحبوب‪ ،‬العسؿ‪ ،‬والجمود) ‪-‬‬
‫وكانت الرسوـ العينية تسبؽ الرسوـ المالية في أدائيا‪ ،-‬وكذلؾ اإلسياـ في إنشاء‬
‫المرافؽ العامة‪ ،‬وتمييد الطرؽ‪ ،‬وخدمة البريد‪ ،‬واعداد العربات‪ ،‬ومالحقة المجرميف‪.‬‬
‫عالوة عمى ذلؾ ُوجد مسئولوف محميوف يقيموف في جميع مناطؽ مممكة بولندا‬
‫كمحطات (ترانزيت) يستريح فييا الممؾ‪ ،‬وقد يتوجب عمى الفالحيف اإلشراؼ عمى‬
‫فضال عف ذلؾ بتوفير‪:‬‬
‫ً‬ ‫صيانة أماكف إقامة الممؾ‪ ،‬وتجييزىا أثناء زيارتو‪ ،‬وقياميـ‬
‫العربات‪،‬و الثيراف‪ ،‬والخيوؿ لنقؿ المواد مف أجؿ ىذا الغرض(٘‪ .)ٛ‬إلي جانب ذلؾ‪،‬‬
‫كاف عمييـ أف يؤووا حاشية الممؾ‪ ،‬ويقوموا بتغذية خيولو وأتباعو‪ ،‬مع تقديـ الطعاـ‬
‫ليـ كمما توقفت حاشية الممؾ فى قرية ما(‪.)ٛٙ‬‬
‫أما خدمات الفالحيف البولندييف لمسادة اإلقطاعييف فقد انقسمت بدورىا إلى‬
‫ثالثة أنواع‪ :‬السخرة األسبوعية‪ ،‬وكاف تفرض عمى الفالحيف مف أصحاب األراضي‬
‫فالحا منيـ لمعمؿ في‬
‫فدانا)‪ ،‬حيث كانوا يرسموف ً‬
‫فدانا أو خمسة عشر ً‬
‫الكثيرة (ثالثيف ً‬
‫مزرعة السيد اإلقطاعي عمى مدار ثالثة إلى أربعة أياـ خالؿ األسبوع(‪ .)ٛٚ‬والسخرة‬

‫(‪(83‬‬
‫‪Helcel,A.Z.,“Restriction “,dans, A M D P,T.1,p.3.;Saxton,L.C.,Fall of Poland‬‬
‫‪,Vol.1,p.240.‬‬
‫(‪(84‬‬
‫‪Saxton, L. C., Loc.Cit.‬‬
‫)‪(85‬‬
‫‪M.P.H., Vol. 1, Bielowski A. (Ed.), Lwow, 1864,p. 408.‬‬
‫)‪(86‬‬
‫‪Dareste ,R., Études d'histoire du droit,Paris,1889,p.188.; Gorecki, P.,” Viator to‬‬
‫‪Ascriptitius”, In,S R,Vol.42,Issue,1,p.17.‬‬
‫)‪ (ٛٚ‬كوبالند (ج‪ .‬و) ‪ ،‬فينوجرادوؼ (و‪.‬ب)‪ ،‬اإلقطاع والعصور الوسطى فى غرب أوروبا‪ ،‬ترجمة ‪ /‬محمد‬
‫مصطفي زيادة‪ ،‬ط ٖ‪ ،‬القاىرة‪ٜٔ٘ٛ ،‬ـ ‪ ،‬ص صٕٔٔ‪.ٖٔٔ-‬‬

‫‪878‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫الموسمية‪ :‬وكانت مرىقة لمفالحيف؛ ألنيا جاءت في وقت جمع المحاصيؿ الزراعية‬
‫وحصادىا (‪ .)ٛٛ‬والسخرة العامة مثؿ‪ :‬حفر الخنادؽ‪ ،‬وانشاء الجسور‪ ،‬وشؽ الطرؽ‪،‬‬
‫وكذلؾ قياـ الفالحيف بػ‪ :‬تغذية القنادس(‪ ،)ٜٛ‬وواجب الصيد‪ ،‬وصناعة ِ‬
‫الشباؾ‪ ،‬ثـ‬
‫العقباف‪ ،‬والبواشؽ‪ .‬وكانت أعماؿ السخرة تُفرض عمى‬
‫العناية بالخيوؿ‪ ،‬والكالب‪ ،‬و ُ‬
‫الفالحيف مباشرة مف قبؿ السيد‪ ،‬وتختمؼ مف منطقة إلى أخرى‪ ،‬حيث فرضت عمى‬
‫أشدىا في بولندا الكبرى وكراكوؼ‪ ،‬وكانت أقؿ وطأة في بولندا الصغرى‪ ،‬وبالغة‬
‫اليسر في ماسوفيا ‪ .)ٜٓ(Masovia‬كما كانت متباينة في شدتيا بيف المموؾ والنبالء‪،‬‬
‫ففي الوقت الذي فرضيا المموؾ عمي الفالحيف بسيولة ويسر‪ ،‬فقد فرضيا عمييـ‬
‫البارونات والنبالء حتى الموت‪ ،‬فقد كاف مف‪ ":‬التقاليد المعتادة في مممكة بولندا‪،‬أن‬
‫يفرض عمى الفالحين أن يقدموا لمنبالء والجنود العابرين‪،‬والمسافرين في نطاق‬
‫المممكة‪ ،‬العمف والتبن لخيوليم‪ ،‬وليس ىذا فحسب؛ بل يجب عمييم أن يقدموا‬
‫أيضا ‪،‬واذا رفضوا فإنيم يكونون عرض ًة لميجوم الشرس‪ ،‬ولتدمير منازليم‬
‫التغذية ً‬
‫ومخازنيم عمى أيدي ىؤالء الجنود والنبالء" (ٔ‪.)ٜ‬‬

‫وىكذا يتضح لنا أف أعماؿ السخرة المفروضة عمى الفالحيف البولندييف‪ ،‬كانت‬
‫أيضا بيف شخص وآخر‪،‬‬
‫تختمؼ في شدتيا مف منطقة إلى أخرى‪ ،‬كما كانت تختمؼ ً‬
‫اء أكانت مفروضة مف الممؾ أو النبالء‪.‬‬
‫مما كاف يفرضيا سو ُ‬
‫دليال عمى ىروب الفالحيف البولندييف مف قراىـ بسبب أعماؿ‬
‫وينيض ً‬
‫السخرة‪ ،‬ما ورد في الرسالة التي بعث بيا البابا جريجوري التاسع ‪Gregory IX‬‬

‫)‪ (ٛٛ‬نفسو‪ ،‬صٖٔٔ‪.‬‬


‫)‪(ٜٛ‬‬
‫القندس‪ :‬حيواف قارض مف الفصيمة القندسية‪ ،‬كث الفراء‪ ،‬لو ذيؿ طويؿ قوي مفمطح‪ ،‬وغشاء بيف أصابع‬
‫رجميو يساعده عمى العوـ فى الماء‪ .‬راجع‪ :‬المعجـ الوجيز‪ ،‬القاىرة‪ٕٓٓٔ ،‬ـ‪ ،‬ص ‪.٘ٔٚ‬‬
‫)‪(90‬ماسوفيا‪ :‬مقاطعة تاريخية تقع في الحوض المركزي لنير فيستوال ‪ ،Vistula‬وتتخطى بعض الشيء‬
‫حدود منطقة وارسو ‪.Warsaw‬انظر‪:‬‬
‫‪Sanford ,G.,Historical Dictionary,p.116.‬‬
‫(‪(91‬‬
‫‪Brueggeney ,X O.,De Rusticorum, p.14 ; p.15.‬‬

‫‪877‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫(ٕ‪)ٜ‬‬
‫في عاـ ٖٖٕٔـ‪ ،‬إلى كؿ مف‪ :‬رئيس أساقفة جنيزنو‬ ‫(‪ٕٔٗٔ-ٕٕٔٚ‬ـ)‬
‫‪ ،Gniezno‬وأسقؼ كراكوؼ‪ ،‬والتي أشار فييا إلى أعماؿ السخرة الجديدة المفروضة‬
‫سببا في ىروبيـ مف القرى‪ ،‬مثؿ قياميـ بحراسة أعشاش‬
‫عمى الفالحيف‪ ،‬وكانت ً‬
‫الطيور مف ىجمات الصقور‪ ،‬وجماعات الجرذاف (ٖ‪.)ٜ‬‬
‫واحقاقًا لمحؽ‪ ،‬فإف حاؿ الفالحيف لـ يستمر عمى ذلؾ الوضع المتردي‪ ،‬فقد‬
‫ذكر المؤرخ البولندي "جالوس أنونيموس" ‪ ،)ٜٗ(Gallus Anonymus‬أف الممؾ‬
‫بوليسالوس األوؿ" لم يعامل فالحيو كالسيد مع العبيد‪ ،‬ولم يجبرىم عمى العمل‬
‫بالسخرة‪ ،‬ولكنو أعتنى بيم كأب حنون رحيم القمب‪ ،‬وتركيم يعيشون فى سالم"(٘‪.)ٜ‬‬
‫ويبرىف ذلؾ عمى أف طبقتي الفالحيف والعبيد كانتا تمثالف غالبية طوائؼ الشعب‬
‫جميعا‪ ،‬لذلؾ نجد‬
‫ً‬ ‫البولندي‪ ،‬ويقع عمى عاتقيما العمؿ لدى الطبقات البولندية األخرى‬
‫نظر ألىمية دور تمؾ الطبقة‬
‫خاصا؛ وذلؾ ًا‬ ‫ً‬ ‫اىتماما‬
‫ً‬ ‫أف العاىؿ البولندي ييتـ بيـ‬
‫االجتماعية داخؿ مممكة بولندا(‪.)ٜٙ‬‬
‫ونظر لقياـ النبالء والفرساف بالتعدي عمى الفالحيف وممتمكاتيـ‪ ،‬وىو ما حدا‬
‫ًا‬
‫بالممؾ كازيمير الثالث إلى أف يحظر عمى النبالء والفرساف بالتعدي عمييـ‪ ،‬حيث‬

‫البابا جريج ػػوري التاس ػػع‪":‬أوجػمين ػػو دي كونتػػي" ‪ ،Ugolino dei Conti‬ابف أخ البابا أنوسنت الثالث‬
‫(‪)72‬‬

‫‪ٕٔٔٙ-ٜٔٔٛ(Innocent III‬ـ)‪ ،‬وابف كونت سيجني ‪ ،Segni‬ولد فى مدينة أناجني ‪ Anagni‬جنوب‬


‫إيطاليا فى عاـ٘٘ٔٔـ‪ ،‬وبرع فى القانوف الكنسي والالىوت فى باريس ‪ ،Paris‬وبولونيا ‪ ،Bologna‬وظؿ‬
‫يترقى فى سمؾ المناصب الدينية إلى أف وصؿ إلى كرسي البابوية في ‪ ٜٔ‬مارس عاـ‪ٕٕٔٚ‬ـ‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪Kelly ,J. N. D., The Oxford Dictionary, pp.189-190.‬‬
‫)‪(93‬‬
‫‪Pauk, M.R.,“Lords and Peasants: Polish Society and Economy in Transition”,In,‬‬
‫‪Writing History in Medieval Poland: Bishop Vincentius of Cracow and the Chronica‬‬
‫‪Polonorum, ed: by Darius von Güttner-Sporzyński, Cursor 28,Turnhout: Brepols‬‬
‫‪2017, p.284.‬‬
‫(ٗ‪ (ٜ‬جالوس أنونيموس‪ -ٔٔٔٙ(:‬؟)‪ :‬راىب بندكتي عمى األرجح مف دير القديس جيؿ ‪ Saint Gilles‬في‬
‫كتابا بعنواف‪" :‬تاريخ بولندا"‪،‬‬
‫بروفانس ‪ Provence‬مف فرنسا أو إيطاليا‪ ،‬وقد استقر في مممكة بولندا‪ ،‬وصنؼ ً‬
‫عرض فيو لمسنوات المبكرة مف تاريخ المممكة‪ ،‬حتى عاـ ٕٔٔٔ‪ٖٔٔٔ/‬ـ‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪Dunphy, G. & Bratu C., (Eds.).,The Encyclopedia, Vol.2 , pp 659-660.‬‬
‫(‪(95‬‬
‫‪Gallus, A., Gesta principum Polonorum: The Deeds of the Princes of the Poles ,‬‬
‫‪Translated and annotated by: Paul ,W. Knoll & Frank Schaer,Central European‬‬
‫‪Medieval Texts ,Vol.3, New York ,2003,p.58.‬‬
‫)‪ (ٜٙ‬بدر‪ ،‬عبد القوى عبد الرسوؿ عبد القوى‪ ،‬التاريخ السياسي‪ ،‬صٕٔٔ‪.‬‬

‫‪877‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫وقؼ بجانبيـ ضد طغياف النبالء والفرساف)‪ ،)ٜٚ‬ال سيما بعدما كاف األخيروف يقوموف‬
‫باالستيالء عمى أعالؼ وماشية الفالحيف بالقوة )‪ .)ٜٛ‬وكذلك بيعيـ لسيد آخر‪ ،‬فقد‬
‫جميعا دفعةً واحدة لسيد آخر‪ ،‬حيث بيع‬
‫ً‬ ‫ممكنا بيع الفالح‪ ،‬واألرض‪ ،‬والكوخ‬
‫ً‬ ‫كاف‬
‫الفالح الذكر بمائة وعشريف جريويناس ‪( grzywnas‬ما يعادؿ ٕ‪ ٜٔ‬زلوتي‬
‫‪ ،)zlotys‬أما المرأة (الفالحة)‪ ،‬فقد بيعت بستيف جريويناس)ما يعادؿ ‪ ٜٙ‬زلوتي)(‪.)ٜٜ‬‬
‫ومف ىنا يفقد الفالح حريتو‪ ،‬ويصير كالمتاع ُيباع ويشتري‪ ،‬وينتقؿ إلى ممكية سيد‬
‫آخر فى أي مكاف‪.‬‬
‫ومف األسباب األخرى ليروب الفالحيف البولندييف مف قراىـ‪ ،‬قياـ الموردات‬
‫بخطفيـ‪ ،‬حيث يقوـ السادة اإلقطاعيوف بخطؼ الفالحيف مع ممتمكاتيـ؛ بسبب زيادة‬
‫عدد األراضي المستصمحة نتيجة الستخداـ األدوات المحسنة في الزراعة كالمحراث‬
‫ذي العجالت‪ ،‬وما صاحب ذلؾ مف استصالح المزيد مف األراضي البور‪ ،‬وازالة‬
‫أشجار الغابات‪ ،‬وردـ المستنقعات‪ ،‬وقد ترتب عمى ذلؾ كمو زيادة الحاجة إلى عدد‬
‫كبير مف الفالحيف لمعمؿ بتمؾ األراضي(ٓٓٔ)‪.‬‬
‫إلى جانب ذلؾ‪ ،‬فقد تعرض الفالحوف البولنديوف لممعاممة السيئة عمي يد السادة‬
‫المبرح‪ ،‬الذي يترتب عميو فقدانيـ صحتيـ‪ ،‬أو حتى‬
‫اإلقطاعييف‪ ،‬بؿ وحتى الضرب ُ‬
‫قاطعا‬
‫ً‬ ‫دليال‬
‫الموت‪ ،‬ومف ثـ كانت مقاومة الفالحيف لمسادة باليروب مف القرى‪ ،‬تعد ً‬
‫عمى الكفاح الشعبي‪ ،‬الذي قاموا بو ضد استغالؿ السادة اإلقطاعييف ليـ‪ .‬وقد اتخذت‬
‫أشكاال عدة‪ ،‬منيا‪ :‬التيرب مف العمؿ في الحقوؿ‬
‫ً‬ ‫مقاومة الفالحيف ضد الموردات‬
‫الزراعية‪ ،‬والمماطمة في دفع اإليجار‪ ،‬ورفضيـ دفع الضرائب‪ ،‬وعدـ قياميـ بأعماليـ‬

‫(‪(97‬‬
‫‪Eder, J.K.,Observationes criticæ,p.44.‬‬
‫)‪(98‬‬
‫‪Ruel,J.L.,Concilia illustrate,per Ecclesiasticae Historiae,ex veterum Fastis,‬‬
‫‪approbatis codicibus,etc.etc.quotquot ab Apostolorum tempore ad nostrum usque‬‬
‫‪aetatem extount,Noribergae, 1675,p.351.‬‬
‫(‪(99‬‬
‫”‪Konarski, M., “Legal Issues”, in, R E C L,Vol. 3,No. 38,p.26.;Guzowski P.,‬‬
‫‪Demographic conditions of the functioning of peasant families at the turn of the‬‬
‫‪Middle Ages”,In, R D S G, Vol.73,(2013), p.9.‬‬
‫)‪(100‬‬
‫‪Dygo, M.,” Was There an Economic Crisis in Late Medieval Poland ? ”, In , V‬‬
‫‪S W G ., 77. Bd., H. 3, (1990), p.310.;Jezierski, A.,Historia gospodarcza Polski (in‬‬
‫‪Polish), Key Text Wydawnictwo , 2003,p. 43.‬‬

‫‪877‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫أيضا القياـ بأعماؿ الشغب والتمردات‪ .‬وفي نياية المطاؼ يقوموف‬


‫عمى الوجو التاـ‪ ،‬و ً‬
‫باليروب مف القرى‪ ،‬وينضموف إلى جماعات المصوص (ٔٓٔ)‪.‬‬
‫وعمى صعيد آخر‪ ،‬عادة ما كاف النبالء والفرساف يقوموف بالتعدي عمى‬
‫ممتمكات الفالحيف في القرى‪ ،‬ويأخذونيا دوف وجو حؽ‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ كاف الجنود وىـ‬
‫يمروف في طريقيـ عمى قرى الفالحيف‪ ،‬يقوموف بخطؼ خيوؿ الفالحيف لقضاء‬
‫حوائجيـ اليسيرة‪ ،‬حيث يستولوف عمييا في الحقوؿ والبراري‪ ،‬ويركبونيا ىـ وأتباعيـ‪،‬‬
‫ويسوقونيا بسرعة إلى أماكف بعيدة‪ ،‬مما يؤدي إلى إرىاؽ تمؾ الخيوؿ‪ ،‬أو ربما إلحاؽ‬
‫أضرار بالغة بيا‪ ،‬أو إلي ىالكيا فى أحياف كثيرة‪ ،‬وربما االستيالء عمييا إذا كانت‬
‫قوية وجيدة‪ ،‬مما يدفع بالفالحوف إلى تركيـ أعماليـ فى الحقوؿ؛ ُبغية مالحقة خيوليـ‬
‫المنيوبة‪ ،‬عالوة عمى ذلؾ كاف يحؽ ألي رسوؿ مف مبعوثي الممؾ أف يترؾ حصانو‬
‫بدال منو(ٕٓٔ)‪.‬‬
‫حصانا آخر ً‬
‫ً‬ ‫المتعب في أي قرية مف القرى‪ ،‬ويأخذ‬
‫ومنعا لتكرار تمؾ التعديات عمى الفالحيف‪ ،‬استدعي "الديسالوس" ‪Ladislaus‬‬
‫ً‬
‫رئيس أساقفة جنيزنو ‪ -‬بأمر مف الممؾ كازيمير الثالث‪ -‬إلى حضور مؤتمر عقده‬
‫األساقفة‪ ،‬والوجياء‪ ،‬والجنود قرروا فيو‪":‬أن أي شخص يقوم باالستيالء عمى ما لدي‬
‫الفالحون من التموين‪ ،‬أو غير ذلك من ممتمكات‪ ،‬أو أمر باالستيالء عميو ‪،‬‬
‫س ِخر‪ ،‬أو يأمر بتسخير أي نوع من الماشية فى سبيل خدمتو‬
‫يسجن‪ ،‬وكل من ي ّ‬
‫العامة‪ ،‬أو الخاصة‪ -‬ما عدا حالة ىجوم العدو عمى البالد ‪ -‬يتم سجنو"‪ .‬وعمى‬
‫الرغـ مف تمؾ الق اررات‪ ،‬فإف رئيس األساقفة سالؼ الذكر‪ ،‬لـ يستطع تفعيميا‪ ،‬وأخذ‬
‫الموافقة عمييا مف الجنود والبارونات؛ ألف األخيريف ظموا يمارسوف سمطة البطش‬
‫والقمع عمى الفالحيف‪ ،‬ومف ثـ عاد الممؾ كازيم ػ ػير الثالث ليقرر مرة أخػ ػرى‪" :‬أنو ال‬
‫يجوز ألحد فى أثناء رحمتو أن يستولى بالقوة عمى العمف لمخيول‪ ،‬وال أن يـــكره‬
‫الفالح عمى بيعو"(ٖٓٔ)‪ .‬كما أمر الحاكـ البولندي بأف يتـ تجميع الجنود في األماكف‬
‫المفتوحة‪ ،‬وال تستخدـ األخشاب في عمؿ المعسكرات‪ ،‬مع بيع المأكوالت والمواد‬
‫الغذائية حسب التسعيرة الجبرية التي وضعيا ىو بنفسو‪ ،‬كما حرـ كذلؾ عمى الجنود‬
‫)‪(101‬‬
‫‪Konarski, M., “Legal Issues”, in, R E C L, Vol. 3,No. 38,p.10.‬‬
‫)‪(102‬‬
‫‪Dareste, R., Études d’histoire, p.188.‬‬
‫(‪(103‬‬
‫‪Brueggeney, X O., De Rusticorum,p.15.‬‬

‫‪872‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫االستيالء عمى الخيوؿ‪ ،‬أو خطؼ األغناـ مف الفالحيف‪ ،‬ومف يخالؼ ذلؾ سوؼ‬
‫يتعرض ألشد أنواع العقوبات‪ ،‬ويقوـ بدفع تعويض عف الخسائر التي يتسبب في‬
‫إحداثيا (ٗٓٔ)‪.‬‬
‫وىكذا‪ ،‬فقد َك َف َؿ تشريع الممؾ كازيمير الثالث‪ ،‬إقامة النظاـ‪ ،‬وتحقيؽ العدالة‬
‫داخؿ المممكة‪ ،‬وىو ما أَ ّكد عميو المؤرخ " جوف ك ازرنكو "بقولو‪ " :‬ففي عيده (أي‬
‫الممك كازيمير الثالث) لم يجرؤ أى سيد قوى‪ ،‬أو نبيل عمى القيام بالعنف ضد‬
‫تماما في ِم َ‬
‫يز ِ‬
‫ان العدالة" (٘ٓٔ)‪.‬‬ ‫موجيا ً‬
‫ً‬ ‫الفالحين‪ ،‬وكل شيء كان‬
‫وىنا سؤاؿ ُممح يطرح نفسو عمى بساط البحث‪ ،‬وىو ما السبب وراء تبايف جيود‬
‫الممؾ البولندي كازيمير الثالث في التصدي لظاىرة ىروب الفالحيف مف القرى؛ ما‬
‫بيف الشدة والصرامة؛ وبيف معاممتيـ بالحسنى‪ ،‬والوقوؼ بجانبيـ ضد تعنت النبالء؟‬
‫ولإلجابة عمى ىذا السؤاؿ يمكف القوؿ‪ ،‬إف ىذا الحاكـ قد وقع في حقيقة األمر‪ ،‬بيف‬
‫خياريف أحالىما ُم ًار‪ ،‬وىما‪ :‬إما أف يقؼ بجانب الفالحيف ضد تسمط النبالء والسادة‬
‫وييمؿ مصالح األخيريف؛ واما أف يقؼ بجانب النبالء ضد الفالحيف‪،‬‬ ‫اإلقطاعييف ُ‬
‫محتاجا حينذاؾ ألصوات النبالء والموردات مف أجؿ انتخاب لويس‬
‫ً‬ ‫خاصة وأنو كاف‬
‫ابنا‬
‫األوؿ( ابف أختو) خميفة لو عمي عرش بولندا مف بعده‪ -‬لـ ينجب كازيمير الثالث ً‬
‫أيضا في مساعدتيـ العسكرية لو داخؿ‬
‫محتاجا ليـ ً‬
‫ً‬ ‫ذكر يرث العرش بعده‪ -‬كما كاف‬
‫ًا‬
‫وبناء عمى ذلؾ فقد وافؽ‪ -‬في بداية األمر‪ -‬بالخيار الثاني‪ ،‬وىو الوقوؼ‬
‫ً‬ ‫مممكتو‪،‬‬
‫بجانب النبالء‪ ،‬ومف ثـ قاـ بمنحيـ العديد مف االمتيازات‪ ،‬مما جعميـ يتسمطوف عمى‬
‫بقية سكاف المممكة بصفة عامة‪ ،‬وعمى الفالحيف بصفة خاصة(‪ ،)ٔٓٙ‬ومف ىنا‪ ،‬قاـ‬
‫العاىؿ البولندي كازيمير الثالث بإصدار القوانيف مف أجؿ إصالح أحواؿ الفالحيف‬
‫المتردية‪ ،‬ووقؼ إلي جانبيـ ضد النبالء‪ ،‬مما جعؿ األخيريف يسخطوف عميو‪،‬‬
‫ويصبوف عميو جارـ غضبيـ‪ ،‬بؿ ويمقبوه بػ " ممك الفالحين" مف باب السخرية بو‪،‬‬
‫(‪)ٔٓٚ‬‬
‫‪.‬‬ ‫والتقميؿ مف شأنو‬
‫(‪(104‬‬
‫‪Lardner, D., The cabinet Cyclopaedia,Vol.20, p.17.‬‬
‫(‪(105‬‬
‫‪Czarnków, Joannis de., Chronicon , In ,M P H, T.2,p.623.‬‬
‫(‪(106‬‬
‫‪Brueggeney, X O., De Rusticorum, p.8.‬‬
‫)‪(107‬‬
‫‪Eder ,J.K.,Observationes criticæ,p.44.;Halecki, O.,”Casimir the Great”, In,C H‬‬
‫‪P, p.177 .‬‬

‫‪877‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫لقبا حصؿ عميو الممؾ كازيمير الثالث‪ ،‬كاف ىو ىذا‬


‫مما ال شؾ فيو أف أنبؿ ً‬
‫المقب(‪ .)ٔٓٛ‬واف كاف يعارض ىذا الرأي المؤرخ "بيوتري جوزوفسكي "حيث أوضح‬
‫قائالً‪ ":‬إن الذى رسم الصورة الرومانسية حول الممك البولندى كازيمير الثالث ىو‬
‫المؤرخ حنا دوجوش‪ ،‬حيث روي أن الممك كازيمير كان يمقب عموما بـ" ممك‬
‫الفالحين "؛ بسبب رعايتو األسطورية لرفاىية ىذه الفئة الكبرى (أي الفالحين) في‬
‫المجتمع البولندي"(‪ .)ٜٔٓ‬ومف ىنا يذكر "جوزوفسكي"‪-‬عمى حد قوؿ المؤرخ حنا‬
‫دوجوش‪ -‬أف أمر رعاية الممؾ كازيمير الثالث لمفالحيف ما ىو إال شيء خيالي وليس‬
‫لو أي أساس مف الصحة‪.‬‬
‫ويميؿ الباحث إلى الرأي القائؿ‪ ،‬بأف ىذا المقب يعتبر بالفعؿ مف أشرؼ األلقاب‬
‫التي يمقب بيا ممؾ‪ ،‬فميس ىناؾ أدنى شؾ في أف الوقوؼ بجانب الضعفاء‪،‬‬
‫ومناصرتيـ ضد تجبر األقوياء وطغيانيـ لشيء عظيـ‪ ،‬وال يختمؼ عميو اثناف‪.‬‬
‫‪ -‬مدى جدوى الجيود التي بذليا الممك كازيمير الثالث لحل ظاىرة‬
‫ىروب الفالحين من قراىم‪:‬‬
‫مف الراجح أف الجيود التي قاـ بيا الممؾ البولندي كازيمير الثالث‪ ،‬مف أجؿ‬
‫دليال‬
‫إيجاد حموؿ لظاىرة ىروب الفالحيف لقراىـ‪ ،‬قد آتت أُكميا في عيده‪ ،‬وينيض ً‬
‫كثير مف‬
‫عمي ذلؾ‪ ،‬أف أوضاعيـ قد تحسنت إلي حد كبير‪ ،‬وصار حاليـ أفضؿ ًا‬
‫قرنائيـ في المدف المجاورة مثؿ أقناف روسيا وليتوانيا‪ ،‬حيث صار الفالحوف البولنديوف‬
‫منذ عيد ىذا الحاكـ‪ ،‬ىـ األشخاص الوحيدوف في المممكة‪ ،‬الذيف حظوا بالعديد مف‬
‫االمتيازات في ظؿ ىذا القانوف‪ ،‬حتى أنو وخالؿ القروف الثالثة األولى التي تمت وفاة‬
‫الممؾ كازيمير الثالث‪ ،‬راح الفالحوف البولنديوف يئنوف تحت نير العبودية‪ ،‬ويقصدوف‬
‫قبره طالبيف أف ينصفيـ! (ٓٔٔ)‪ .‬واذا دؿ ىذا عمى شيء‪ ،‬فإنما يدؿ عمي مدى النجاح‬

‫(‪(108‬‬
‫‪Nougaret, P.J.B.,Beautés de l’histoire, p.151.;Ross, M.,A History Of Poland,‬‬
‫‪From Its Foundation As A State To The Present Time ...: To Which Is Prefixed:A‬‬
‫‪Descriptive View Of The Country, Its Natural ... The Manners And Customs Of Its‬‬
‫‪Inhabitants,1835,p.122.;Bucke,Ch.,The Book of Human Character,Vol.1,London‬‬
‫‪1837,p.23.‬‬
‫)‪(109‬‬
‫‪Guzowski, P.,“From Vicinia to communitas, p.26.‬‬
‫(‪(110‬‬
‫‪Szadurski , G.M.B.Leon., An Epitome,Vol.1, p.127.‬‬

‫‪877‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫الباىر الذي حققو الحاكـ البولندي في الجيود التي بذليا مف أجؿ التصدي لظاىرة‬
‫ىروب الفالحيف مف قراىـ‪.‬‬

‫الخاتمة‬
‫وبعد عرض المادة العممية السابقة يمكف الخروج بعدة نتائج وىي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬لـ تكف ظاىرة ىروب الفالحيف البولندييف وليدة سنة مف السنوات‪ ،‬بؿ كانت نتيجة‬
‫تراكمات لعدد كبير مف سنوات الغبف والظمـ والطغياف الذي تعرض لو الفالحوف‬
‫البولنديوف عمى مدار فترات طويمة‪.‬‬
‫جماعيا‪ ،‬ولـ يكف بشكؿ فردي‪،‬‬
‫ً‬ ‫ىروبا‬
‫ً‬ ‫‪ -‬كاف ىروب الفالحيف البولندييف مف قراىـ‬
‫بدليؿ تمؾ التشريعات التي سنيا الممؾ كازيمير الثالث‪ ،‬وسمح فييا فقط لفالحيف اثنيف‬
‫أو ثالثة بمغادرة قراىـ بشكؿ قانوني‪ ،‬عمى أف يتـ ذلؾ في فترة عيد الميالد فحسب‪.‬‬
‫‪ -‬لـ تكف أوضاع الفالحيف البولندييف بائسة طواؿ الوقت‪ ،‬حيث كاف ىناؾ بعض‬
‫المموؾ البولندييف‪ ،‬يعاموف فالحييـ بالرفؽ والمعاممة الحسنة‪ ،‬وعمى رأسيـ الممؾ‬
‫كازيمير الثالث‪.‬‬
‫متباينا في التصدي لظاىرة ىروب الفالحيف مف‬
‫ً‬ ‫‪ -‬اتخذ الممؾ كازيمير الثالث موقفًا‬
‫قراىـ؛ ما بيف الشدة والصرامة؛ وما بيف معاممتيـ برفؽ وليف ووقوفو بجانبيـ ضد‬
‫طغياف السادة اإلقطاعييف‪.‬‬
‫‪ -‬لـ يقُـ أي ممؾ مف مموؾ بولندا ‪-‬قبؿ عيد الممؾ كازيمير الثالث‪ -‬بالتصدي‬
‫لظاىرة ىروب الفالحيف البولندييف مف قراىـ‪ ،‬وكاف لمممؾ كازيمير الثالث قصب‬
‫السبؽ في ذلؾ األمر‪ ،‬حيث أصدر تشريعاتو اإلصالحية لموقوؼ بجانب الفالحيف‪،‬‬
‫واصالح أحواليـ‪.‬‬
‫‪ -‬عمى الرغـ مف استخداـ العاىؿ البولندي كازيمير الثالث‪ ،‬لمشدة والقسوة في التغمب‬
‫عمى ظاىرة ىروب الفالحيف البولندييف مف قراىـ‪ ،‬إال أنو لـ يستخدـ القتؿ أو سفؾ‬
‫الدماء مف أجؿ مجابية تمؾ الظاىرة‪ ،‬بؿ إنو قد استعمؿ أسموب اإلقناع لكؿ مف‬
‫الفالحيف والمجتمع البولندي سواء بسواء دوف إراقة قطرة دـ واحدة‪.‬‬

‫‪877‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫العدد(‪ )28‬يناير ‪2023‬م‬

‫‪ -‬تُعد فترة حكـ الممؾ كازيمير الثالث‪ ،‬بمثابة العصر الذىبي لمفالحيف البولندييف؛‬
‫بسبب دفاعو عنيـ‪ ،‬ووقوفو إلى جانبيـ ضد طغياف النبالء‪ ،‬والسادة اإلقطاعييف‪.‬‬
‫‪ -‬لقت آتت الجيود التي بذليا الممؾ كازيمير الثالث‪ ،‬مف أجؿ حؿ مشكمة ىروب‬
‫الفالحيف مف قراىـ‪ ،‬ثمارىا‪ ،‬حيث عاد الفالحوف إلى القرى مرة أخرى‪ ،‬بعدما ضيؽ‬
‫العاىؿ البولندي عمييـ الخناؽ لميروب أو ترؾ قراىـ‪.‬‬
‫‪ -‬لعؿ مف أشد النتائج المترتبة عمى ىروب الفالحيف مف قراىـ خطورة‪ ،‬ىو تحوليـ‬
‫مف ضحايا أبرياء نتيجة لعنؼ النبالء وظمميـ‪ ،‬إلى لصوص‪ ،‬وقُطاع طرؽ‪ ،‬مطموبيف‬
‫لمعدالة نتيجة لممعاممة السيئة التي القوىا عمى يد النبالء‪.‬‬
‫‪ -‬كانت جيود الممؾ كازيمير الثالث في العمؿ عمى تقييد ىجرة الفالحيف البولندييف‬
‫خارج قراىـ ىادفة‪ ،‬وفي مصمحة كؿ مف الفالحيف والعاىؿ البولندي سواء بسواء‪،‬‬
‫فبالنسبة لألخير كاف الفالحوف ىـ مصدر ثروتو عف طريؽ قياميـ بزراعة األراضي‬
‫التي تنتج المحاصيؿ الزراعية‪ ،‬وكذلؾ في مصمحة الفالحيف؛ ألنيـ قد تخمصوا مف‬
‫الغبف الواقع عمييـ مف الموردات‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ -‬لـ يكف لقب "ممؾ الفالحيف" الذي أطمقو النبالء البولنديوف عمى الممؾ كازيمير‬
‫الثالث مف باب التعظيـ لو‪ ،‬بؿ كاف مف باب السخرية منو والتقميؿ مف شأنو؛ بسبب‬
‫لقبا يحصؿ‬
‫وقوفو بجانب الفالحيف ضدىـ وضد مصالحيـ‪ .‬واف ىذا المقب ىو أنبؿ ً‬
‫مم ًكا بسبب وقوفو بجانب الضعفاء في مواجية ظمـ الطغاة وتجبرىـ‪.‬‬

‫‪876‬‬
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫م‬2023 ‫) يناير‬28(‫العدد‬

)‫(قائمة االختصارات الواردة خالل حواشى البحث‬


AMDP Les Anciens Monuments du Droit Polonais
B I A P S L Bulletin international de l'Académie Polonaise des
Sciences et des Letters
CHP The Cambridge History of Poland
JFGO Jahrbücher Für Geschichte Osteuropas
MPH Monumenta Poloniae Historica
RDSG Roczniki Dziejów Społecznych i Gospodarczych
RECL Review of European and Comparative Law
SDPPP Studia z Dziejów Państwa i Prawa Polskiego
SR Slavic Review
T Tome
V SWG Vierteljahrschrift für Sozial- und Wirtschafts
Geschichte

870
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫م‬2023 ‫) يناير‬28(‫العدد‬

)‫(المالحق‬
)ٔٔٔ(
)‫ٔم‬13ٓ-ٔ111( ‫خريطة لمممكة بولندا عمى عيد الممك كازيمير الثالث‬

(111(
Dobrawski, P.M., Poland: the first thousand years. Illinois,Northern Illinois
University Press , 2016,p.35.

878
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫م‬2023 ‫) يناير‬28(‫العدد‬

)‫(قائمة المصادر والمراجع‬


:‫ المصادر والمراجع األجنبية‬-ً‫أوال‬
:‫أ) المصادر األجنبية‬
Beyerlinck,L.,Magnum theatrum vitæ humanæ,hoc est,Rerum
diuinarum humanarumque syntagma:atholicum, philosophicum,
historicum et dogmaticum:ad normam Polyantheæ vniuersalis
dispositum:per locos communes iuxta alphabeti seriem,Vo.8, Lugduni
1678.

Brueggeney, X O ., De Rusticorum Regni Poloniae, S.XIV, XV, XVI


Conditione ,Hartung 1858.

Cellarius‫‏‬,A.,Regni Poloniae,magnique ducatus Lituaniae.


Omniumque regionum juri Polonico subjectorum:Novissima
description,urbium potissimarum icones elegantissimas,Amsterodami
1659.

Coyer,‫‏‬G.F.,
‫‏‬ Histoire de Jean Sobieski, Roi de Pologne,T.3,Varsovie
1761.

Czarnków, Joannis de., Chronicon Polonorum = Jana z Czarnkowa


Kronika Polska,1333-1384,In ,M P H,T.2, Lwów:Nakładem Własnym
1872,pp.619–756.

Dlugosz ,J., The Annals of Jan Długosz =Annales seu cronicae incliti
regni Poloniae:an English abridgement, by Maurice Michael ; with a
commentary by Paul Smith , UK, 1997.

Eder,J.K.,Observationes criticæ et pragmaticæ ad historiam


Transsilvaniæ sub regibus Arpadianæ et mixtæ propaginis.Additis X.
excursibus ceu prolegomenis historiæ sub principibus Transsilvanis,
Cibinii, 1803.

Gallus, A., Gesta principum Polonorum: The Deeds of the Princes of


the Poles,Translated and annotated by: Paul W. Knoll & Frank Schaer,
Central European Medieval Texts,Vol.3,New York, 2003.

Giry, F.,Vie des saints des familles Chrétiennes ... d'après le P.G. par
A. Vaillant,Paris,1865.

877
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫م‬2023 ‫) يناير‬28(‫العدد‬

Gutberleth,H.,Chronologia:Ante obitum Auctoris,Editio secunda,


Amstelaedami, 1656.

Gwagnin, A.,Sarmatiae Europeae descriptio: quae regnum Poloniae,


Lituaniam,Sarmatiae Europeae description,quae regnum Poloniae,
Lituaniam,Samogitiam,Russiam,Masouiam,Prussiam,Pomeraniam,Liu
oniam,& Moschouiae,Tartariaeque partem complectitur.Alexandri
Gwagnini Veronensis,equitis aurati,peditumque praefecti,diligentia
conscriptae,Cracoviae, 1578.

Hartknoch, Ch.,Respublica Polonica duobus libris illustrata: quorum


prior Historiæ Polonicæ,posterior vero jus publicum reipublicæ
Polonicæ..hic adiecta est.. Originibus pomeranicis, Johannis,1678.

Helcel, A.Z.,“Restriction des mouvements du paysan Polonais (statut


du roi Casimir le Grand) “, dans, A M D P,T.1,(Cracovie 1856),Trans
from Latin to French by: Manon, P.,(2009(.

Hofmann,‫ ‏‬J.J.,Lexicon
‫‏‬ Universale, Historiam Sacram Et Profanam
Omnis aevi, omniumque Gentium,Chronologiam Ad Haec Usque
Tempora;Geographiam Et Veteris Et Novi Orbis;Principum Per
Omnes Terras Familiarum Ab omni memoria repetitam Genealogiam
... Editio Absolutissima,T.1, Hackius, 1698.

Kolb,G.,Compendium totius orbis partim Geographicum, partim


Genealogicum, partim Historicum, Rottwilae, 1726.

Hube, R.,Prawo polskie w 14tym wieku ustawodawstwo Kasimierza


wielkiego, opracował, Warszawa, 1881.

Moreri, L.,Le grand Dictionnaire Historique,ou Le mélange curieux


de l'histoire sacrée et profane.T.5, Paris ,1725.

-M.P.H., Vol. 1,Bielowski A(Ed.) , Lwow, 1864.

Neugebauer, S., Historiae rerum Polonicarum, libri quinque: quibus


praeter regionis situm, qualitatem et terminus,gentis item Polonicae
originem,linguam,mores,consuetudines,caeteraque quae eo
pertinent,ea quae à primis regni incunabulis,obseruato legitimo

827
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫م‬2023 ‫) يناير‬28(‫العدد‬

ducum, principum & regum ordine, huc vsque in regno isto gesta sunt,
dilucide & fuse describuntur, Francofvrti ,1611.

Newman, E.M.,Historiæ Sentiæ; Or, the Contemporary Sovereigns of


Europe Arranged in Chronological Review, from the Subversion of
the Empire of Rome to the Reformation, London, 1857.

Nougaret‫‏‬,P.J.B.,Beautés de l'histoire de Pologne ou Précis des


événemens les plus remarquables et les plus intéressans, tirés des
annales de cette nation, avec des détails curieux sur ses moeurs ses
usages; depuis le VIe. siècIe, jusques et compris le règne de Stanislas-
Auguste: Ouvrage destiné a l'instruction de la Jeunesse. Orné de VIII
figures gravées en taille-douce.- Deuxième édition., Paris, 1817.

Pertz ,G.H., Annales Poloniae ex recensione Arndtii et Roepellii : in


usum scholarum ex Monumentis Germaniae Historicius recudi,
Hanover 1866.

Pistorius, J., Polonicae Historiae Corpvs: Hoc est,Polonicarvm rervm


latini recentiores & ueteres scriptores, quotquot extant, uno volumine
compraehensi omnes,& in aliquot distributi Tomos, Basileae, 1582.

Raynaldi B., Annales Ecclesiastici: Denuo Excusi Et Ad Nostra


Usque Tempora Perducti, Ab Augustino Theiner, T.21 (1229-1256),
Parisii,1870.

Rudawski,W.J., Historiarvm Poloniae ab Excessv Vladislai IV ad


Pacem Olivensem usqve Libri IX sev Annales regnante Ioanne
Casimiro, Poloniarvm Sveciaeqve Rege, ab Anno MDCXLVIII usqve
ad Annvm MDCLX, Varsaviae, 1755.

Ruel ,J.L.,Concilia illustrata, per Ecclesiasticae Historiae, ex veterum


Fastis,approbatis codicibus,etc.quotquot ab Apostolorum tempore ad
nostrum usque aetatem extount, Noribergae, 1675.

Schoppe, C.,Gasp.Scioppii Consilium Regium: In quo,A duodecim


Regibus&Imperatoribus,Catholico Hispaniarum Regi demo[n] stratur,
quibus modis omnia bella feliciter , Ingolstadii, 1619.

827
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫م‬2023 ‫) يناير‬28(‫العدد‬

Solignac,‫ ‏‬P.J.,Histoire
‫‏‬ générale de Pologne,Par M.le Chevalier de
Solignac,Secrétaire du Cabinet & des Commandemens du Roi de
Pologne,Duc de Lorraine & de Bar,Vol.3, Paris, 1750
.
Torsellini ,O.,Horatij Tursellini ... Historiarum ab origine vsque ad
annum 1598.Epitome libri 10.Accessit continuatio vsque ad annum
1651,inclusiuè,quae lib.11.continetur,Lvgdvni,1653.

Volumina Legum.,Przedruk Zbioru Praw Staraniem Xx. Pijarów W


Warszawie Od Roku 1732 Do Roku 1793, Vol.1, Petersburg, 1859.

Wadding,‫ ‏‬L.,Syllabus
‫‏‬ universus Annalium Minorum, T.17, Romae
1741.

,J.,Statutum Vislicense sive jus civile Polonorum


antiquum, Part Prior:dissertatio inauguralis,Vratislaviae,1854.

Zabarella,G., Polonica Siue Originum Polonicarum Stemmata


Centum.Hoc Est Io.Casimiri, Poloniæ Sueciæ(Que) Regis Nobilitas, a
Uniuersis (Que) Orbis Principbus Deriuatio,Patavii, 1650.

:‫ب) المراجع األجنبية‬


Baranowski, I. T.,Krotki zarys dziejow wsi polskiej, Warszawie,
1917.

Bardach, J., and Others, Historia państwa i prawa Polski: Bardach, J.


Do połowy xv wieku, Państwowe Wydawn,Naukowe, 1964.

Betsinger,T.K.,The biological consequences of urbanization in


Medieval Poland, Ohio University Doctoral Thesis,2007.

Boswell, A.B.,”Casimir the Great 1310-70”,In, Great Men and


Women of Poland, Mizwa S.P.(Ed.),( New York, Macmillan, 1942(.

Bucke, Ch., The Book of Human Character,Vol.1,London, 1837.

Coulombe,C.A.,Vicars of Christ:A History of the Popes,Citadel


Press, 2003.

822
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫م‬2023 ‫) يناير‬28(‫العدد‬

Crossley, P., Gothic Architecture in the Reign of Kasimir the Great,


Church Architecture in Lesser Poland 1320-1380.Panstwowe zbiory
sztuki na wawelu, biblioteka Wawelska, Krakow, 1985.

Dareste, R ., Études d'histoire du droit,Paris, 1889.

Dunphy, G. & Bratu C.,(Eds.).,The Encyclopedia of the Medieval


Chronicle,Vol.2,Boston, 2010.

Dygo, M.,”Was There an Economic Crisis in Late Medieval Poland ?


” In , V S W G ., 77. Bd., H. 3, (1990).

Fletcher, J.,The History of Poland,From the Earliest Period to the


Present Time,with a Narrative of the Recent Events,Obtained from a
Polish Patriot (Harper's Family Library Series N.XXIV),London,
1831.

Gladysz,M.,The Forgotten Crusaders:Poland and the Crusader


Movement in the Twelfth and Thirteenth Centuries,Brill Academic
Publishers, 2012.

Gorecki ,P., “Viator to Ascriptitius : Rural Economy, Lordship, and


the Origins of Serfdom in Medieval Poland ”, In ,S R, Vol. 42, Issue 1,
(Spring 1983), pp. 14 - 35.

Guzowski, P.,” Demographic conditions of the functioning of peasant


families at the turn of the Middle Ages” ,In,R D S G, Vol.73, (2013),
pp.9-28.

___________., Did the Black Death reach the Kingdom of Poland in


the Middle of the 14th Century? Centre for the Study of Demographic
and Economic Structures in Preindustrial Central and Eastern Europe,
(2021).
____________.,”From Vicinia to communitas. The evolution of
village organisation and government in the eleventh- to fifteenth-
Century Poland”, In, The Routledge Handbook of Medieval Rural
Life, Edited By: Miriam Müller,( London 2021),pp.51-65.

Haines,S.,Poland:A Thousand Spring times,University of Kansas


Libraries, 2014.

827
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫م‬2023 ‫) يناير‬28(‫العدد‬

Halecki, O., “Boleslaw Chrobry (the Brave)966-1025”,In, Great Men


and Women of Poland, Mizwa S.(Ed.),(New York 1942 )
.
_________.,”Casimir the Great, 1333-70”, In, C H P., Reddaway W.F
and others, (Eds.),(Cambridge 1950).

Jackson, J.S.,Western Civilization,Vol.B:1300 to 1815,7th Edition‎,


2011.

Jamróz, A., Monarchia Kazimierza Wielkiego (1333-1370).Rozdz. 3,


Polska gospodarka w latach 1333-1370,Praca licencjacka. Uniwersytet
Wrocławski. Wydział Prawa, Administracji i Ekonomii. Instytut
Historii Państwa i Prawa. Zakład Historii Administracji,Wrocław
2012.

Jasienica, P., Piast Poland, American Institute of Polish Culture,


1985.

Jezierski,A.,Historia gospodarcza Polski (in Polish),Key Text


Wydawnictwo, 2003.

-Kelly J. N. D., The Oxford Dictionary of Popes , Oxford, 1985


.
Knoll , P.W.,” Casimir the Great and the University of Cracow”,In, J
F G O,Vol.16,no.2,(1968),pp. 232-249.

Konarski, M.,” Legal Issues Related to the Flight of Peasants in Old


Poland (14th-19th Century) “,In ,R E C L.,Vol.38,(2019),pp.7-32.

Lardner,D.,The cabinet cyclopaedia/conducted by Dionysius Lardner


:Volume 20, History: Poland, London, 1831.

Lelewel,J.,Essai Historique sur la législation Polonaise, civile et


criminelle, jusqu'au temps des Jagellons, depuis l'année 930 jusqu'en
1430, Paris, 1830.

Lerski,G.J.,Historical Dictionary of Poland,966-1945,with special


editing and emendations by Piotr Wrobel and Richard J.Kozicki,
London ,1996.

827
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫م‬2023 ‫) يناير‬28(‫العدد‬

Liwoch, R.,“The Mongols in Poland in the 13th Century.Traces of the


Invasions”,In:P.Drnovský-P.Hejhal(Eds.) ,Archaeology of Conflicts.
Červený Kostelec:Pavel Mervart,Hradec Králové:(Univerzita Hradec
Králové , 2020), pp.55-68.

Marles, M De ., Histoire de Pologne ,Tours, 1849.

Matuszewski,J., “Prawo niemieckie w Statutach Kazimierza


Wielkiego”, In, S D P P P ,Vol. 3, (1999.(

Menjot, D.,and Others.,The Routledge Handbook of Public Taxation


in Medieval Europe,Routledge, 2022.

Michell‫‏‏و‬T.,
‫ ‏‬Russian Pictures Drawn with Pen and Pencil,New York,
1889.
Middleton, J., World monarchies and dynasties ,Vol. 1-3 A-Z,
Routledge, 2015.

Pauk,M.R.,“Lords and Peasants: Polish Society and Economy in


Transition”,In, Writing History in Medieval Poland: Bishop
Vincentius of Cracow and the Chronica Polonorum, ed: by Darius von
Güttner-Sporzyński, Cursor 28,(Turnhout: Brepols 2017).

Postan,M. M., and Others., Economic organization and policies in the


middle ages,Vol.3, Cambridge, 1965.

Previté-Orton, C.W.,The Shorter Cambridge Medieval History,


Vol.2, Cambridge, 1960.

Rappoport,A.S.,A Short History of Poland: From Ancient Times to


the Insurrection of 1864;Together With a Brief Account of Its Political
Life, Language and Literature,London, 1915.

Ross, M.,A History Of Poland, From Its Foundation As A State To


The Present Time...:To Which Is Prefixed:A Descriptive View Of The
Country,Its Natural…The Manners And Customs Of Its Inhabitants
,1835.

Sanford,G.,Historical Dictionary of Poland, European Historical


Dictionaries,No.41, 2nd edition,Oxford, 2003.

827
‫د عماد أحمد حامد‬ ‫م‬2023 ‫) يناير‬28(‫العدد‬

Saxton,L.C.,Fall of Poland: Containing an Analytical and a


Philosophical Account of the Causes which Conspired in the Ruin of
that Nation, with a History of the Country from Its Origin, Vol.1,New
York 1851.

Slocombe, G.,A history of Poland ,New York ,1939.

Super, P.,Events and personalities in Polish History. Indo-Polish


Library,Bombay, 1944.

Szadurski,G.M.,An Epitome of the History of Poland, Comprising


the History of religion in Poland, and a sketch of the Polish kings :
Illustrated with a Map of Europe, showing the boundaries of Ancient
Poland; and a Chronological table of the Polish kings, Vol.1,1842.

Tymieniecki, K.,“Postanowienia statutów Kazimierza Wielkiego w


sprawach kmiecych.(Les règlements concernant la situation des
paysans dans les statuts de Casimir le Grand)”, dans, B I A P S L.,
N.4-6, I-II, Avril- juin,Cracovie, 1934.

:‫المراجع العربية‬-ً‫ثانيا‬
.)‫ت‬.‫ ( د‬،‫ دار أسامة لمنشر والتوزيع‬،ٔ‫ ج‬،‫ موسوعة تاريخ أوروبا‬،‫ مفيد‬،‫الزيدي‬
.‫ٕٔٓٓـ‬،‫ القاىرة‬،‫المعجم الوجيز‬
،‫ دار الشروؽ‬،ٗ‫ ج‬،‫ موسوعة الييود والييودية والصييونية‬،‫ عبد الوىاب محمد‬،‫المسيري‬
.‫ٔـ‬ٜٜٜ، ‫ القاىرة‬،ٔ‫ط‬
‫ التاريخ السياسي وبعض مظاىر الحضارة لبولندا‬،‫ عبد القوى عبد الرسول عبد القوى‬،‫بدر‬
.‫ ٕٓٔٓـ‬،‫ جامعة طنطا‬-‫ كمية اآلداب‬،‫ رسالة ماجستير غير منشورة‬،)‫ٓٔـ‬ٜٚ-ٜٕٙ(
.)‫ت‬.‫ القاىرة (د‬،‫ الموسوعة العربية الميسرة‬،‫ محمد شفيق وآخرون‬،‫غربال‬
.‫ٕٓٓٓـ‬-ٜٜٜٔ ،‫ دمشؽ‬،ٕ‫ ط‬،‫ الحضارة األوروبية في العصور الوسطى‬،‫ نعيم‬،‫فرح‬
‫ ترجمػ ػة‬،‫ اإلقطاع والعصور الوسطى ف ػي غرب أوروبا‬،)‫ب‬.‫ فينوجرادوف (و‬،)‫و‬.‫كوبالند (ج‬
.‫ٔـ‬ٜ٘ٛ ،‫القاىرة‬،ٖ ‫ ط‬،‫ محمد مصطفي زيادة‬/

826

You might also like