تستمد بيداغوجيا المشروع أسسها األخرى أيضا من المقاربة التربوية لجون ديوي و المتمثلة في جعل المدرسة بمثابة مقاولة للتربية والتعليم ،حيث تقدم وضعيات تعلم ذات معنى للتالميذ ،في صيغة مشروعات تدور حول مشكلة اجتماعية واضحة ،فتجعل المتعلمين أمام تحد حقيقي للبحث فيها وحلها حسب قدرات كل منهم، وبتوجيه وإشراف من المدرس ،و ضمن إطار تعاقدي ،وذلك اعتمادا على ممارسة أنشطة ذاتية متعددة و متنوعة . • وتنطلق هذه الطريقة من مبدأ تجاوز الحدود الفاصلة بين المواد الدراسية ،حيث تتداخل هذه المواد لكي تشكل مجموعة من األنشطة الهادفة ،وبهذا تصبح المعلومات والمعارف مجرد وسيلة ال غاية في ذاتها .ويصير المشروع وضعية حقيقية و واقعية و مناسبة لدمج كل القدرات و الكفايات و المهارات التي اكتسبها المتعلم في جميع المواد الدراسية ،وذلك من أجل استثمارها في تجاوز كل العقبات التي تعترض تنفيذ المشروع أو أحد مراحله ،مما يجعل المتعلم يكتسب المعارف من خالل البحث والتعلم الذاتي و العمل في مجموعات ، عالوة على أنه يصير قادرا على االندماج في المحيط االجتماعي واالقتصادي المحيط به. مزايا التدريس وفق بيداغوجيا المشروع – تجعل الحياة المدرسية جزءا من الحياة االجتماعية. – تساعد في جعل التعلم عملياً عبر مشاريع ملموسة. – تمكن من ربط المواد الدراسية بعضها ببعض . – تنمي روح التعاون واإلخاء بين المتعلمين. – تقوم على التشاور والتعاقد بين أفراد الفريق لبلوغ نتيجة يمكن تحقيقها في مدة زمنية محددة. – تبث روح التعاون و التكامل و العمل الجماعي لدى التالميذ في إنجاز المهام . – تحترم نسق التعلم عند أفراد المجموعة وفق مبدأ الفارقية و الذكاءات المتعددة . – تساعد المتعلمين على االبتكار و اإلبداع و حسن التصرف في حل المشكالت . – تغرس في الطالب روح المبادرة و القيادة و تحمل المسؤولية. نواع المشاريع البيداغوجية من حيث طريقة التنفيذ المشاريع الفردية : و فيها يتولى كل طالب إنجاز المهام لوحده ،وهي على نوعين: مشروع موحد في الفصل لكن كل طالب يقوم بالعمل منفردا، مثل إنجاز خريطة جغرافية مثال أو غرس نبتة معينة…أو مشاريع مختلفة يقوم كل طالب بتنفيذ واحد منها. المشاريع الجماعية : يقوم جميع الطالب بالتعاون فيما بينهم لتنفيذ مشروع واحد، حيث ينقسمون إلى مجموعات تتكامل فيما بينها ،كل واحدة منها تتولى جزءا معينا أو مرحلة ما من المشروع . من حيث الهدف * مشاريع بنائية :تشمل المشاريع التي ترمي إلى إنتاج شيء معين، كتصنيع أجزاء مختلفة و تجميعها للحصول على نموذج أو جهاز … * مشاريع تطويرية تحسينية :تتضمن إجراء دراسات و أبحاث من أجل تطوير شيء معين أو تحسين مردوده . * مشاريع استقصائية :وتهدف إلى تنمية مهارات البحث و جمع المعلومات ميدانيا أو عبر اإلنترنت ( الويب كويست أو الرحالت المعرفية )، واتخاذ القرارات ،وتنمية المهارات المعقدة باستخدام المنهجية العلمية في التفكير .وكل ذلك من أجل الوصول إلى استنتاج علمي مثال أو إثبات فرضية أو نفيها … * مشاريع مختبرية :تتضمن إجراء تجارب في المختبر أو في الميدان للتوصل إلى حقيقة معينة . * مشاريع تحليلية :وتتضمن تجميع و تحليل معلومات إحصائية مبنية على خرجات و استطالعات ميدانية الستنباط النتائج منها في األخير. خطوات المشروع البيداغوجي مرحلة التصور العام (طبيعة المشروع و أهدافه) مرحلة مهمة جدا ،تقتضي ممارسة العصف الذهني و الخروج بتمثالت واضحة حول المشروع المراد إنجازه من حيث : *الموضوع :تتم صياغة الموضوع بشكل واضح ودقيق. *الدوافع :طرح سؤال :ما هي األسباب الكامنة وراء اختيار المشروع (الحاجيات الفردية و الجماعية)؟ *األهداف و الفرضيات :وضع مجموعة من الفرضيات أو تنبؤ النتائج المنتظر الحصول عليها . مرحلة اإلعداد (الجانب العملي :اللوجستي والتنظيمي) يتم في هذه المرحلة تجهيز أدوات العمل و تبني األساليب التنظيمية الكفيلة ببلوغ األهداف المنشودة وذلك عبر تحديد : * الموارد و األدوات :تحديد الموارد المادية والبشرية والتقنية. * الرزنامة و الجدولة :وضع جدول زمني توضيحي و تفصيلي للمدة الزمنية التي سيستغرقها إنجاز المشروع أو كل مرحلة منه . * األدوار و المهام :تحديد وتوزيع المهام على الطالب أو المجموعات ترعى فيها المهارات والكفايات و الذكاءات . * االلتزامات و التعاقدات :انتزاع التعهدات من الطالب أو المجموعات. * المتدخلون أو الشركاء :يتم تحديد طبيعة الشركاء أو المتدخلين في المشروع من خارج المؤسسة و أدوارهم. مرحلة اإلنجاز (تنفيذ المشروع) • تتم مباشرة عملية تنفيذ المشروع باستخدام األدوات المناسبة ،مع احترام المدة الزمنية المحددة سلفا ،و في إطار المهام المنوطة بكل فرد أو جماعة ،مع مراعاة األهداف المسطرة ،و االستعانة بإرشادات المعلم في كل مرحلة من مراحل تنفيذ المشروع عند مواجهة عراقيل ،قد تكون متعلقة بعوامل خارجية ( إكراهات مادية ،لوجيستيكية…) أو داخلية (خالفات بين الطالب، مشاكل نفسية ،صعوبات التعلم…) مرحلة التقييم •قد تكون مرحلية للوقوف على ما تم إنجازه ،و تصحيح المسار و تجاوز بعض العراقيل المحتملة أثناء مرحلة التنفيذ ،أو نهائية للتأكد من مدى تحقق األهداف المرسومة .فبدون إجراء تقييم شامل للمشروع البيداغوجي ال يمكن قياس مدى نجاحه و الوقوف عند مكامن القوة و الضعف لالستفادة منها في المشاريع القادمة . مرحلة التقييم مناسبة كذلك لتشجيع المتعلمين على القيام بالنقد الذاتي بعد كل مهمة. دور المدرس في المشاريع البيداغوجية • – إدارة عملية العصف الذهني لتوجيه الطالب نحو خلق تصور عام حول طبيعة المشاريع التي سيتم إنجازها و الهدف منها. – توجيه الطالب عند اختيار المشاريع . – تشكيل مجموعات الطالب إذا اقتضى األمر ذلك بشكل متجانس يراعي الفروقات الفردية. – تزويد الطالب باألدوات و الوسائل المناسبة (كتب ،مواقع الكترونية، برامج الحاسوب و تطبيقات األجهزة الذكية…). – توفير بطائق تقنية و تقييمية للطالب. – تزويد الطالب بالتغذية الراجعة المستمرة و الفعالة . – إذكاء روح التعاون بين األفراد و فض النزاعات . – الدعم المعنوي للمتعلمين عند مواجهتهم لصعوبات في مرحلة التنفيذ. – مساعدة الطالب على اختيار طريقة ممنهجة لتنظيم العمل. – تشجيع المتعلمين على احترام القواعد العامة المتعلقة باالستطالعات الميدانية. خالصة إن بيداغوجيا المشروع من أهم الطرائق التربوية الحديثة وتهدف إلى تكوين شخصية المتعلم وتعويده االعتماد على النفس في عالج المشكالت ودراستها والتفكير في حلها ومن مزايا هذه المقاربة انها تجعل الحياة المدرسية جزءا من الحياة االجتماعية ،وتنمى روح التعاون واإلخاء بين التالميذ تتيح للتالميذ فرصة الحصول على المعلومات بجهدهم الذاتي وتفكيرهم المنظم ،كما تساعدهم على االبتكار ،وحسن التصرف في حل المشكالت ربط مواد الدراسة بعضها ببعض وجمعها حول موضوع واحد