Professional Documents
Culture Documents
تعتبر الطفولة من اول مراحل حياة االنس ان ومس تقبل االم ة واالس رة ومج دها الزاه ر،
لذلك
كان البد من إيالء هذه المرحلة بأقصى درجات العناية ،واحاطة الطفل خاللها باالهتمام
والرعاية وهكذا فان حماية حق الطفل وتمتيع ه بكاف ة الحق وق تع د من اهم القض ايا من ذ
القدم
فنجد ان اإلسالم قد أرسى قواعد شاملة لرعاية الطفل في جميع مراحل حياته من الحمل
إلى الحضانة وحفظ له حقوقه من النفقة والتربية المش بعة ب القيم الديني ة واألخالقي ة كم ا
أنه
قد خص الطفل المحروم برعاية خاصة فحث على كفالة اليتيم والتقاط الطفل المنبوذ،
وأصر على احتفاظ الطفل بنسبه وحرم التبني مصدقا لقوله تعالى ادعوهم ألباءهم هو
أقسط عند هللا فإن لم تعلموا اباءهم فإخوانكم في الدين ،كذلك قد اهتم المجتمع الدولي
بقضايا الطفولة مند بداية تطورات العالقات الدولية وهكذا ظهرت اللبنة األولى لحماية
حقوق الطفل مند صدور المواثيق الدولية وخاصة اخيرها الذي كان في سنة .1989
ان اهتمام المشرع المغربي بهذا الموضوع في اآلون ة االخ رة كب يرا ف المغرب باعتب اره
دولة
الحق والقانون قد اهتم ب هذه اإلشكالية التي تفرض نفس ها على الواق ع االجتم اعي ذل ك
ان
الظ اهرة منتش رة بش كل كب ير بمختل ف المجتمع ات ،فتس عى التش ريعات إلى معالجته ا
بأدوات
مختلفة ،في ضل تواجد الجهات الدينية المختلفة العاملة على التوعية بمخاطر الظاهرة،
سواء على الطفل بحد ذاته او على المجتمع ،حيث تصدى قانون االسرة لهذه الظاهرة،
وكذلك قانون العقوبات غير أن المشرع لم يستطع ضمان حق الطفل مجهول الوالدين
وتحديدا ابن الزنا في النسب وكأنه يحمله وزر ذنب لم يقترفه.
1
ومن هنا فحق النسب من حقوق هللا عز وج ل كم ا انه ا ليس ت محال لإلس قاط او التن ازل
ومن
بين اهم الحقوق المتبادلة بين الزوجين في مدونة االسرة وخو حق يكتسي طابعا امرا
متعلقا بالنظام العام ،وهو ما أكده المجلس األعلى للسلطة القضائية بقوله :النسب يتعلق
بالنظام العام يثار في جميع المراحل.
وهك ذا فق د نظم المش رع أحك ام البن وة والنس ب في القس م األول من الكت اب الث الث من
مدونة
االس رة من الم ادة 142إلى الم ادة 162وإلى ج انب اهتم ام المش رع المغ ربي به ذا
الموضوع،
ال ننسى دور االجتهاد القضائي بمختلف درجاته باعتباره مصدرا من مصادر القواعد
القانوني ة باعتب اره العنص ر األول والحقيقي لبل ورة القواع د من خالل الوق وف على
مختلف
اإلشكاليات الواقعية ،فقد اثبت هذااألخير جدارته في حماية حق الطفل في البنوة والنسب
وهذا ما نراه على مستوى االحكام الصادرة عن المحاكم والتي تضمن الرعاية والحماية
في البنوة والنسب.
وقبل الخوض في نقاش حول هذا الموضوع البد من تحديد ما يقصد ب البنوة وما يقص د
بالنسب.
البنوة:
-1البنوة لغة :كلم ة مش تقة من االبن واالبن الول د ،واص له ،ب ني ،او بن و
ويجمع على أبناء.
-2البنوةاصطالحا :ومن الناحية االصطالحية اعتبرت المادة 142من مدونة
االسرة ان بنوة تتحقق عادة بتناسل الولد من ابويه معا ،وهي قد تكون شرعية وقد تكون
غير شرعية حسب األحوال.
والن البنين من زينة الحياة الدنيا وحفظهم هو حفظ للنسل فان المشرع قد نظر الى البنوة
والنسب باعتبارهما اثرا للرابطة الزوجية التي أسس لها عقد الزواج.
2
النسـب:
النسب لغة :هو القرابة والتعلق وااللتحاق واالرتباط بين شيئين
النسب اصطالحا :ساللة الدم او رباط ساللة الدم الذي يربط االنسان بأصوله
وفروعه وحواشيه.
أهمية الموضوع:
يكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة في ابراز األسس الفقهية والقانونية التي تناولت حق
الطفل في البنوة والنسب وتقييم العالقة الرابطة بين االتفاقيات الدولية والقانون المغربي
مع رصد اإلشكاليات التي تواجه تطبيقها ودور القضاء في حماية حق الطفل في البنوة
والنسب.
إشكالية البحث:
يطرح هذا الموضوع إشكالية جوهرية مفادها:
أحكام البنوة والنسب؟
وما هي أحكام البنوة؟
وما هي وسائل ثبوت ونفي البنوة والنسب؟
وما هي األساس القانوني لحق الطفل في البنوة والنسب؟
وما دور القضاء في حماية هذا الحق وكيف تعامل مع القواعد المنظمة للنسب؟
ـ منهجية البحث:
لمعالجة هذا الموضوع يقتضي منا ضرورة االعتماد على منهجية معينة لتحليل وبناء
بحث متكامل يخضع لضوابط البحوث ولكون هذا الموضوع يندرج ضمن ما هو
اجتماعي فال بد من اعتماد على منهجين اساسين:
3
أوال :المنهج التحليلي :وه و المنهج الرئيس ي له ذا الموض وع لكون ه
يتطلب
منا تحليل النصوص القانونية واراء الفقهاء.
ـدي :ويتم الترك يز علي ه كمنهج داعم للمنهج
ـا :المنهج النقـ
ثانيـ
التحليلي.
ـ خطة البحث:
سنحاول من خالل هذا البحث دراسة موضوع حق الطفل في البنوة والنسب من خالل
الوقوف على اإلطار المرجعي وتحديد أحكام البنوة ووسائل اتباث النسب في القفه
اإلسالمي ،والقانون المغربي ،ووسائل النفي ،وكذلك رصد أبرز المستجدات التي جاءت
بها مدونة االسرة وإبراز دور القضاء في حماية حق الطفل في البنوة والنسب من خالل
االحك ام الص ادرة عن الجه ات القض ائية ،من هن ا فدراس ة الموض وع تتطلب تقس يمه
كاالتي:
الفصل األول :أحكام البنوة ووسائل اتباث النسب.
الفصل الثاني :وسائل نفي النسب ودور القضاء والمجتمع الدولي في حماية حق الطفل
في البنوة والنسب.
4
من جملة الحقوق التي كفلها التشريع اإلسالمي للطفل منذ اليوم األول لوالدته حّقه في
االنتساب إلى والديه ،وهذا الحق الطبيعي والبديهي يتفّر ع عليه جملة من الحقوق،
ويترّت ب عليه جملة من المسؤوليات المّت صلة بالتربية واإلنفاق والرعاية والحماية.
وغني عن البيان أّن انتساب اإلنسان لوالديه أمر قهري وليس فيه أّي خيار لهما ،فهما
والداه وهو ابنهما شاءا أم أبيا ،وقد حَّر م اإلسالم تبرؤ اإلنسان من نسبه ،كما حَّر م عليه
أن ُيلحق بنسبه َم ن ليس ابنًا حقيقيًا له ،ألّن قضية النسب هي من القضايا الحّساسة التي
ال يجوز التالعب فيها وال تغييرها.
5
المبحث األول :أحكام البنوة:
نصت المادة 54من مدونة االسرة على هذا الحق في الفقرة الثالثة:
النسب والحضانة والنفقة طبقا ألحكام الكتاب الثالث من هذه المدونة،
المادة 142 :تتحقق البنوة بتنسل الولد من ابويه وهي شرعية وغير شرعية.
المادة 143 :تعتبر البنوة بالنسبة لالب واالم شرعية إلى ان يثبت العكس.
المطلب االول :البنوة الشرعية والبنوة غير الشرعية:
الفقرة األولى :البنوة الشرعية:
البنGGوة الشGGرعية هي الGGتي يعGGترف بهGGا الشGGرع وبمختلGGف اثارهGGا خالفGGا للبنGGوة غGGير
الشرعية،
وقد بين المشرع حالة البنوة بالنسبة لالب في المGGادة 144الGGتي نصGGت على انGGه تكGGون
البنوة
شرعية بالنسبة لالب في حاالت قيام سبب من أسباب النسب وتنتج عنها جميع االثار
المترتبة على النسب شرعا.
ان المشرع المغربي قد بين حاالت البنوة الشرعية بالنسبة لالب من خالل احكام المادة
144من مدونة االسرة ،وقد جاء فيها ما يلي:
تكون البنوة شرعية بالنسبة لالب في حالة قيام سبب من أسباب النسب وتنتج عنها جميع
االث ار المترتب ة على النس ب ش رعا وهك ذا ،يك ون هن اك تالزم ج د واض ح بين البن وة
الشرعية واألسباب المثبتة للنسب الشرعي.
بالنسبة لالب وذلك أنه وحسب هذا النص التشريعي ،تكون البنوة شرعية في حالة
قيام سبب من أسباب ثبوت النسب الشرعي الصحيح الذي تبنى عليه وهذه األخيرة حسب
مدونة االسرةـ هي الفراش واالقرار والشبهة.
6
وبالنسبة لالم ،فقد نصت الفقرة األخيرة من المادة 147من مدونة االسرة على
أنه:
"تعتبر بنوة االمومة الشرعية في حالة الزوجية والشبهة واالغتصاب".
اذن فاألمومة الشرعية تلتقي في سببها مع االبوة الشرعية في حالة الزوجية والشبهة،
اال أنها تختلف معها في حالة االغتصاب غير المتصور مطلقا بالنسبة لالب .إال ان
المشرع هنا سكت عن اإلقرار الن له خصوصية .ومن البديهي أن إثبات العكس فيه
نفي للبنوة ،وهو إثبات من الصعوبة بمكان ،حيث يحتاج إلى التمتع بالصفة كشرط
إلقامة الدعوى.
وهي غير متوفرة مبدئيا لغير األب ،كما أن األمر يحتاج إلى صدور حكم قضائي بذلك
وهكذا ،فقد جاء في مطلع الفقرة الثانية من المادة 153من مدونة األسرة أنه" :يعتبر
الفراش بشروطه حجة قاطعة على ثبوت النسب ال يمكن الطعن فيه إال من الزوج."...
وتطبيقا لهذا المقتضى ،جاء في قرار للمجلس األعلى" :الفراش حجة قاطعة على ثبوت
النسب."...
أما فيما يخص أثر البنوة الشرعية ،فهي أثر النس ب الص حيح ،أض ار المش رع المغ ربي
إلى
أهم هذه اآلثار ،باختصار جد شديد ضمن مقتضيات المادة 157من مدون ة األس رة وق د
جاء فيها ما يلي:
"متى ثبت النسب ولو في زواج فاسد أو بشبهة أو باالستلحاق ،تترتب عليه جميع نتائج
القرابة ،فيمنع الزواج بالمصاهرة أو الرضاع ،وتستحق به نفقة القرابة واإلرث"
ولقد نظم المشرع تحريم الزواج بسبب القرابة ضمن مقتضيات المادة 36من مدونة
األسرة ،ونظم تحريم الزواج بسبب المصاهرة ضمن مقتضيات المادة 37من نفس
المدون ة ،ونظم تح ريم ال زواج بس بب الرض اع ض من مقتض يات الم ادة 38من نفس
المدونة
5أثر أحكام البنوة والنسب -األستاذ أسامة ولد النعيمية -مجلة الباحث -العدد - 40منشورات موقع الباحث
7
الفقرة الثانية :البنوة غير الشرعية.
عندما تنتج البنوة بالنسبة لألم عن عالقة غير شرعية ،يكون الولد غير شرعي ويلحق
نسبه بنسبها .وتثبت البنوة بالنسبة لألم إما عن طريق واقعة الوالدة ،أو إقرار األم أو
صدور حكم قضائي بها.
من هنا يتضح لنا جليا أن مدونة األسرة كانت في صف نسب الطفل وحمايته حتى ولو
نتج عن عالقة غير شرعية ،ومن هذا المنطلق ال يمكن لنا بتاتا أن نتصور سوء نية
الزوج فهنا ال يعتبر النسب قائما للطفل في حق أبيه .وأن جاز لنا أن نتصور هنا بنوة
غير شرعية لألب فعلية أو طبيعية أو عملية ،ومع ذلك ال يترتب عنها أي أثر من آثار
البنوة الشرعية طبقا للمادة 148من م أ س ،هنا يحق لنا أن نتساءل :ألم يكن حريا
بالمشرع المغربي أن يعترف بنسب الطفل لوالده في هذه الحالة؟ بل مع إنزال عقوبة
قاسية في حق من يتعمد سوء في النية في الزواج الباطل ،ألن اإلبن أو الطفل ال ذنب له
إن كان أبوه حسن النية أو سيء النية.
6مرجع سابق:أثر أحكام البنوة والنسب -األستاذ أسامة ولد النعيمية -مجلة الباحث -العدد - 40منشورات موقع الباحث
8
المطلب الثاني :حماية حق الطفل في النسب خارج مؤسسة الزواج في إطار البنوة
الشرعية والبنوة غير الشرعية
الفقرة األولى :حماية حق الطفل في النسب خارج
مؤسسة الزواج في إطار البنوة الشرعية
قد ينتج الولد عن عالقة غير شرعية ومع ذلك ،اعتبرت مدونة األسرة أن اإلبن الناتج
عن حالة الشبهة أو عن حالة االغتصاب ابنا شرعيا مرة يلحق بأبيه ومره يلحق بأمه.
:-1حالة الشبهة
هي الحالة التي يقع فيها الوطء بشبهة كمن اتصل بامرأة ،ظنها زوجته وظنته زوجها،
ففي مثل هذه الحالة يكون النسب شرعيا للمتصل ،إذا ظهر بالمرأة المتصل بها حمل
أثناء مدة االستبراء .فهنا وحتى خارج الزواج أثبتت مدونة األسرة في مادتها 155
النسب للطفل واعتبرته شرعيا ،كما أتت المدونة بجديد في المادة ،156عندما أقرت
النسب حتى للخاطب للشبهة عندما تحول ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج وكان
قد حصل اإليجاب والقبول بالشروط التالية:
"أ-إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما ووافق ولي الزوجة عليها عند االقتضاء.
ب-إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة.
ج-إذا أقر الخاطبان أن الحمل منهما ...إذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه ،أمكن
اللجGGوء إلى جميGGع الوسGGائل الشGGرعية في إثبGGات النسGGب" .وهGGذه المGGادة لن تسGGتقر إال
بالتطبيق
القضائي الذي سيكشف عن عيوبها ومزاياها.
:-2حالة االغتصاب.
عندما تتعرض المرأة لالغتصاب ،فالمدونة اعتبرت في هذه الحالة أن االبن يكون نسبه
شرعيا لألم ،فقد طبقا للفقرة األخيرة من المادة 147من م.أ.س ،التي جاء فيها "تعتبر
بنوة األمومة شرعية في حالة الزوجية والشبهة واالغتصاب ،وال ينسب لمرتكب فعل
9
االغتصاب .فحتى عندما تتعرض المرأة لالغتصاب راعى المشرع المغربي وضعها
ووضعيتها النفسية واعتبر االبن شرعيا .
*ب في
*ل في النس*
*ق الطف*
الفقرة الثانية :حماية ح*
الزواج الباطل والزواج الفاسد
1ـ يكGGون الGGزواج بGGاطال طبقا للمGGادة 57من مدونGGة االسGGرة ،إذا اختGGل فيGGه اإليجGGاب
والقبول،
أو إذا اعتبره أحد الموانع المؤبدة أو المؤقتة المنصوص عليها في المادة 39من نفس
المدونة .فالزواج الباطل هو الزواج المنعدم الذي يمكن للمحكمة أن تصرح ببطالنه إما
تلقائيا ألن البطالن في هذه الحالGة هGو من النظGام العGام أو إمGا بطلب ممن يعينGه األمGر
طبقا
للمادة 58من مدونة االسرة
ويترتب عن هذا الزواج الباطل عند حسن النية ثبوت النسب ،أما في حالة سوء النية فال
يمكن الحديث عن ثبوت النسب ،وذلك حتى ال يفتح المجال تمثل فإنه العالقات غير
الشرعية وترتكب عن عمد.
2ـقسمت المدونة الزواج الفاسد إلى قسمين الفاسد لصداقه ،والفاسد لعقده.
فالفاسد لصداقه يفسخ قبل البناء وال صداق فيه ويصح بعGGد البنGGاء بصGGداق المثGGل المGGادة
60من مدونة االسرة.
وأما الفاسد لعقده فيفسخ قبل البناء وبعده حسب نص المادة 61من مدومة االسرة في
الحاالت التالية:
"إذا كGGان الGGزواج في المGGرض المخGGوف ألحGGد الGGزوجين ،إال أن يشGGفى المGGريض بعGGد
الزواج.
-إذا قصد الزواج تحليل المبثوتة لمن طلقها ثالثا.
-إذا كان الزواج بدون ولي في حالة وجوبه".
7مرجع سابق :أثر أحكام البنوة والنسب -األستاذ أسامة ولد النعيمية -مجلة الباحث -العدد - 40منشورات موقع الباحث
10
وتترتب عن الزواج الفاسد سواء لصداقة أو لعقده ،إذا وقع فيه البناء جميع آثار الGGزواج
الصحيح بما في ذلك ثبوت نسب األطفال"
وهكذا يتضح لنا أن مدونة األسرة كانت صريحة أكثر من االتفاقيات الدولية ذات الصلة
بخصوص حمايGة نسGب األطفGال ،وذلGك بتشGريعها أحكامGا مفصGلة تGبين كيفيGة ثبGوت
النسب
األطفال ،وذلك بتشريعها أحكاما مفصلة تبين كيفية ثبوت النسGGب وكGGذا اآلثGGار المترتبGGة
عن ثبوته.
8مرجع سابق أثر أحكام البنوة والنسب -األستاذ أسامة ولد النعيمية -مجلة الباحث -العدد - 40منشورات موقع الباحث.
9الدكتور عبد الخالق احمدون :مدونة االسرة على ضوء المذاهب الفقهية والقوانين العربية
11
المبحث الثاني :وسائل إثبات النسب بين مدونة االسرة والشريعة اإلسالمية.
لقد حرص االسالم على صيانة أعراض الناس وحفظها من األلسنة .فجاء حكم الشرع
أن من يقذف امرأة بزنى ولم تكن له بينة تصدقه من أربعة شهود ،يحد جزاءا على
فعلته (قذفه) بثمانين جلدة لقوله تعالى في سورة النور":والذين يرمون المحصنات ثم لم
يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة وال تقبل لهم شهادة أبدا وأولئك هم
الفاسقون".
إن إشكالية إثبات النسب ونفيه ليست قضية عصر إنما قضية فرع متجدر عن أصل
عنيت بها الشرائع السماوية ونظمها اإلسالم .قال تعالى " :وما جعل هللا أدعيائكم أبنائكم
ذلكم قولكم بأفواهكم وهللا يقول الحق وهو يهدي السبيل ادعوهم ألباهم هو أقسط عند هللا
فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما اخطأتم به،
ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان هللا غفور رحيم".
في الحديث النبوي ":حرموا من الرضاعة ما يحرم من النسب" .وقوله أيضا :الولد
للفراش وللعاهر الحجر ".فإذا كان اإلسالم سباقا إلى وضع لبنة الحياة االجتماعية فان
القانون الوضعي وإن كان كالزمة فرضتها المتغيرات في ظل عصرنا هذا فإنه في
نظرنا ال يعد بديال عن أحكام ظلت إلى عهدنا هذا تفرض وجودها في جميع المجاالت.
12
المطلب األول :وسائل اإلثبات التقليدية
تناول المشرع المغربي في إطار المادة 152من مدونة االسرة وسائل االثبات:
أسباب لحوق النسب:
:1الفراش
:2اإلقرار
:3الشبهة
وتنص المادة 158من مدونة االسرة:
يثبت النسب بالفراشّ أو بإقرار االب او بشهادة عدلين او ببينة السماع او بكل الوسائل
األخرى ،المقررة شرعا
الفقرة األولى :إثبات النسب عن طريق اإلقرار
13
يثبت النسب بإقرار األب ببنوة المقربة ولو في مرض الموت ،وفق الشروط اآلتي– :
أن يكون األب المقر عاقال
– أال يكون الولد المقربه معلوم النسب
– أال يكذب المستلحق عقل أوعادة
– أن يوافق المستلحق إذا كان راشدا حيث االستلحاق وإدا استلحق قبل أن يبلغ سن
الرشد
إذا عين المستلحق األم ،أمكنها االعتراض بنفي النسب عنها ،أو اإلدالء بما يثبت عدم
صحة االستلحاق .لكل من له مصلحة أن يطعن في صحة توفر شروط االستلحاق
المذكورة ،مادام المستلحق حيا” إلى جانب هذه الشروط فإن إثبات اإلقرار بالنسب
حددته المدونة في المادة 162من مدونة األسرة حيث يتم إثباته عبر وسيلتين فإما أن يتم
باإلشهاد الرسمي أو بخط المقر الذي ال بشك فيه.
اإلشهاد الرسمي
هنا يجب االشهاد على اإلقرار بالنسب من طرف عدلين منتصبين لإلشهاد وتوثيقه ثم بعد
ذلك المصادقة عليه من جانب قاضي التوثيق إلى حين اكتسابه الصفة الرسمية.
*خط يد المقر الذي ال يشك فيه
يمكن أن تحول ظروف قاهر بالمقر تمنعه من االلتجاء إلى العدول كإصابته بمرض
أقعده في المنزل هنا يصح له ،استثناء أن يكتب اإلقرار بالنسب بخط يده.
هنا ال يصح اإلقرار إال من طرف المقر نفسه وبخط يده وتكون وثيقة عرفية .ومن خالل
كل ما سبق يمكن القول أن اإلقرار يعتبر من الوسائل التي يتم بها إثبات النسب.
إثبات النسب بالفراش
يقصد بالفراش في اللغة ،ما يبسط عادة للنوم أو اللجلوس عليه ويطلق عادة على المرأة
التي يستمتع بها زوجها وذلك من خالل قوله تعالى:
14
“وفرش مرفوعة إنا أنشأنا هن إنشاء
فجعلناهن أبكارا عربا أترابا ألصحاب اليمين.
اآلية من 34إلى 38من سورة الواقعة .واصطالحا يقصد بالفراش الزوجية القائمة بين
الرجل والمرأة أو كون المرأة معدة
للوالدة من رجل معين وال يكون ذلك عادة إال بالزواج أو ما لحقه به الشرع استثناء
كالزواج الفاسد واالتصال عن طريق الشبهة بخصوص النسب.
وانطالقا من هذا التعريف فمتى تم ازدياد الطفل خالل مرحلة الزواج ثبت نسبة من ذلك
الزواج دون اللجوء إلى بينة أو إقرار من الزوج وذلك استنادا إلى قوله صلى هللا عليه
وسلم “الولد للفراش …” وإلثبات النسب بالفراش فال بد من توفر شروط البد من
احترامها وهي إبرام عقد زواج صحيح كقاعدة
– انصرام مدة الحمل
– إمكانية والدة الزوجة من زوجها.
ومن خالل هذه الشروط فإن إبرام عقد زواج صحيح يثبت الطفل حقه في النسب حيث
أن الزواج الصحيح باستجماعه لكافة أركانه وشروطه يرتب جميع أثاره الشرعية في
الحال وأهمها إثبات نسب األوالد الذين يولدون على فراش الزوجية لصاحب هذا
الفراش دون غيره ،وهذه القاعدة بديهية في الشرع اإلسالمي وقد تم العمل بها في
مدونة األسرة من خالل نصوص قانونية وإذا كانت القاعدة هي أن الزوجية الصحيحة
بالفراش فاستثناء يثبت النكاح شبهة وفي النكاح الفاسد أحيانا .وبالنسبة لشرط المدة
فحسب جمهور الفقهاء ال يكفي أن يكون هناك
عقد صحيح يربط بين الزوج وبين زوجته وإنما البد من أن تتحقق مدة الحمل
المفروضة شرعا .ومدة الحمل من الناحية القانونية حدان أحدهما أدنى وثانيهما أقصى
فيما يخص المدة األدنى فقد أجمع فقهاء الشريعة اإلسالمية والفقهاء على أن أقل مدة
15
الحمل هي ستة أشهر وذلك انطالقا من قوله تعالى ”:وحمله وفصاله ثالثون شهرا
” وقد أيدت هذا الطرح المدونة من خالل
المادة .154أما بالنسبة للمدة األقصى فقد تضاربت مواقف الفقه اإلسالمي بشأن أقصى
م دة الحم ل م ا بين تس عة أش هر وس نتان وأرب ع س نوات أم ا بالنس بة للمدون ة فلم ي بين
المشرع
المغربي هل المقصود بأقصى أمد الحمل السنة القمرية أم السنة الشمسية
16
الفقرة الثانية :إثبات النسب بشهادة عدلين أو
بينه السماع
إلى جانب إثبات النسب بالفراش واإلقرار فإنه يتم إثباته بشهادة عدلين أو بينه السماع
وذلك طبقا لمقتضيات المادة 158من مدونة األسرة إال أن هناك فرق واضح بين شهادة
العدلين وبينه السماع وهذا ما نود التطرق له من خالل تناول كل واحد منهما على حدة.
*إثبات النسب بواسطة شهادة عدلين
المشرع قام بتنظيم الشهادة في قواعد قانون االلتزامات والعقود إلى جانب تنظيمه
اإلجراءات المسطرية الخاصة بها في قانون المسطرة المدنية.
وما يهمنا هنا إثبات النسب عن طريق الشهادة بالخصوص فيتمثل في فقه اإلمام مالك
وذلك انطالقا من المادة 400من مدونة األسرة ،التي تحيل على الفقه المالكي ،الذي
يعتبر شهادة الشهود كوسيلة إلثبات النسب حيث يتم اعتبارها أقوى من اإلقرار وهذا
أيضا ما تم تبنيه من طرف الفقه اإلسالمي بالرغم من نص المشرع المغربي على
الشهادة كوسيلة إلثبات النسب إال أنه لم ينظمها تاركا امر ذلك للفقه المالكي ،حيث أن
القاعدة العامة في الشهادة في الفقه المالكي هي شهادة رجلين أو شهادة رجل وامرأتين
ولكن متى تم تعليق الشهادة بالوالدة فيمكن إثباتها أحيانا بشهادة امرأتين فقط على أساس
أن الوالدة مما يطلع عليه إال النساء أحيانا دون الرجل
17
: 14محمد الكشبور :الوسيط في قانون األحوال الشخصية .الفرع الثالث احكام النسب.
18
المطلب الثاني :اتباث النسب بالطرق الحديثة
جاء في بيان ختام أعمال المجمع الفقهي اإلسالمي لرابطة العالم اإلسالمي في دورته
الخامسة عشرة ،الذي انعقد بمكة المكرمة في 31أكتوبر ,1998حول موضوع البصمة
الوراثية ومجال االستفادة منها على أنه لو تنازع رجالن على أبوة طفل فإنه يجوز
االستفادة من استخدام البصمة الوراثية .ولعل هذا ما حذا بالمشرع المغربي إلى أن
يتبنى هذه الوسيلة – البصمة الوراثية-إلثبات ونفي النسب محققا بذلك قفزة نوعية في
النظام القانوني المغربي الذي يكون بذلك قد ساير أهم المستجدات العلمية ،سابقا في ذلك
تشريعات أخرى وهو ما سنتعرض له في بيان مفهوم ومزايا البصمة الوراثية وما
موقعها من األدلة الشرعية في إثبات أو نفي النسب.
الفقرة األولى :البصمة الوراثية واثارها في اتباث النسب
. 15زريويل محمد
أستاذ بكلية الحقوق بمكناس
19
عرفت المنظمة اإلسالمية للعلوم الطبية نظام البصمة الوراثية على أنها " البينة الجينية
التفصيلية تدل على هوية كل فرد بعينه" ،وهي وسيلة ال تكاد تخطئ في التحقق من
الوالدية البيولوجية ،والتحققٕ ثباتها ،والسيما في مجال الطب الشرعي ،وهي ترقى إلى
مستوى القرائن القوية التي يأخذ من الشخصية .وإثباتها وال سيما مجال الطب
الشرعي ،وهي ترقى إلى مستوى القرائن القوية التي يأخذ بها أكثر الفقهاء في غير
قضايا الحدود الشرعية ،وتمثل تطورا عصريا في مجال القيافة التي يذهب إليها
جمهور الفقهاء في إثبات النسب المتنازع فيه.
البصمة الوراثية هي وسيلة علمية تمتاز بالدقة لتسهيل مهمة الطب الشرعي والتحقق من
الشخصية ،ومعرفة الصفات الوراثية المميزة للش خص ،ويمكن أخ ذها من أي ة خلي ة من
الدم
أو اللعاب أو المني أو البول وغيرها.
16تطبيقات البصمة الوراثية وأثرها في اإلثبات " اثبات ونفي النسب نموذجا
20
فالبصمة الوراثية هي الصفات الوراثية التي تنتقل من األصول إلى الفروع ،والتي من
شأنها تحديد كل فرد عن طري ق تحلي ل ج زء من حمض الن ووي ،ال ذي تحت وي علي ه
خاليا
جسده تع رف البص مة الوراثي ة على أنه ا "العالم ة أو األث ر ال ذي يتنق ل من اآلب اء إلى
األبناء
أو من األصول إلى الف روع" ،وق د انتهى في تحدي د مفهوم ه للبص مة الوراثي ة إلى إنه ا
"تعيين
هوية اإلنسان عن طريق تحليل جزء أو أجزاء من حمض النووي المتمركز في نواة أي
خلية من خاليا جسمه ،ويظهر هذا التحليل في صورة شريط من سلسلتين ،كل سلسلة
بها تدرج على شكل خطوط عرضية مسلسلة وفقا لتسلسل القواعد األمينية على الحمض
النووي ،وهي خاصية تميز كل إنسان عن غيره في الترتيب ،وفي المسافة ما بين
الخطوط العرضية ،وتمثل إحدى السلسلتين الصفات الوراثية من األب (صاحب الماء)،
وتمثل السلسلة األخرى الصفات الوراثية من األم صاحبة البويضة.
وقد عرفت بأنها "المادة الحاملة للعوامل الوراثية والجينات في الكائنات الحية"،
وعرفت بأنها "تلك الصفات الوراثية الخاصة بكل إنسان بعينه والتي تحملها الجينات أو
الجينوم البشري والتي تعرف بالشفرة الوراثية" .وقد أقر المجمع الفقهي اإلسالمي
لرابطة العالم اإلسالمي بمكة المكرمة على أن البصمة الوراثية هي "البنية الجينية نسبة
إلى الجينات أي المورثات التي تدل على هوية كل إنسان بعينه ويستخلص من التعاريف
السابقة بأن البصمة الوراثية هي عبارة عن صفات وراثية تنتقل من اآلباء إلى األبناء،
عن طريق دراسة التركيب الوراثي.
:اعمال الندوة العلمية للمنظمة اإلسالمية للعلوم الطبية حول الهندسة الوراثية والجينوم والعالج الجيني ،رؤية إسالمية ،المنعقدة في الفترة من 13إلى
15أكتوبر 1998،منشورات المنظمة االسالمية للعلوم الطبية ،الجزء 12 ،الكويت 2000،ص1049
: 18أعمال الندوة العلمية للمنظمة اإلسالمية للعلوم الطبية حول الهندسة الوراثية والجينوم والعالج الجيني ،رؤية إسالمية ،ص. 1050
21
تتصف البصمة الوراثية بمجموعة من الخصائص،
التي تميزها عن األدلة الجنائية األخرى وتتجسد هذه الخصائص في
أوال-عدم التوافق والتشابه بين كل فرد عند تحليل البصمة الوراثية ،وهذا يعني أن
البصمة الوراثية تختلف من شخص آلخر ،وال يوجد على وجه األرض شخصان
يتشابهان في هذه البصمة ،ما عدا حاالت التوائم المتطابقة (الحقيقية) ،أي التي أصلها
بويضة واحدة وحيوان منوي واحد ،رغم أنهما توأمان متطابقان إال أنهما يختلفان في
بصمات األصابع.
ثانيا -إنها وسيلة علمية دقيقة في تحديد هوية صاحبها ،وأن نتائجها شبه قطعية
ثالثا-تتميز البصمة الوراثية بتعدد وتنوع مصادرها أي يمكن الحصول عليها من أي
مخلفات آدمية سائلة (دم ،لعاب ،مني) ،وهذا عند عدم وجود آثار لبصمات األصابع
للمجرمين في مسرح الجريمة
رابعا-البصمة الوراثية موجودة في كل خاليا الجسم ،كما أنها متطابقة مع جميع خاليا
جسم اإلنسان ،وال تتغير أو تتبدل بمرور السن ،وج زئ الحمض الن ووي ث ابت في ه ذه
الخاليا.
خامسا-تتميز البصمة الوراثية بمقاومتها عوامل التحلل والتعفن والعوامل المناخية
األخرى من حرارة وبرودة وجفاف لفترات طويلة ،حتى أنه يمكن الحصول على
البصمة الوراثية من اآلثار القديمة والحديثة.
19:حسني محمود عبد الدايم ،البصمة الوراثيـة ومـدى حجيتهـا في االثبـات-دراسـة مقارنـة بين الفقـه االسـالمي والقـانون الوضـعي ،دار الكفـر الجـامعي،
اإلسكندرية 2007،ص 95
:20المجلة الجزائرية للعلوم القانونية ،السياسية واالقتصادية ---المجلد :57،العدد :02،السنة :2020،ال صفحة.325-345
تطبيقات البصمة الوراثية وأثرها في اإلثبات " اثبات ونفي النسب نموذج
22
سادسا-إن بصمة الحمض النووي تظهر على شكل خطوط عريضة يسهل قراءتها،
والتعرف عليها ،وحفظها ،وتخزينها في الحاسب اآللي لحين الحاجة إليها قيدت ضد
مجهول ،وقد برأت البصمة ّ.
سابعا-يتيح استخدام البصمة الوراثية اكتشاف آالف الجرائم التي الوراثية مئات
األشخاص من جرائم القتل واالغتصاب،
ثامنا-لتحديد البصمة الوراثية يكفي تحليل عينة ضئيلة من أعضاء الجسم أو سوائله
حتى بعد جفافها ،ويتعرف على صاحبها ح تى بع د وفات ه بع دة س نوات بواس طة تحلي ل
شيء من هيكله
تاسعا -البصمة الوراثية تتواجد في جميع خاليا اإلنسان منذ لحظة اإلخصاب األولى،
وتظل ثابتة من غير أن تتغير أو تتبدل طوال حياته وبعد مماته.
: 21المجلة الجزائرية للعلوم القانونية ،السياسية واالقتصادية ---المجلد :57،العدد :02،السنة :2020،ال صفحة.325-345
تطبيقات البصمة الوراثية وأثرها في اإلثبات " اثبات ونفي النسب نموذج مرجع سابق
23
تعتبر البصمة الوراثية من بين المستجدات العلمية التي كرستها مدونة االسرة بخصوص
إثبات النسب ،لكونها تضمنت مجموعة من الحقوؽ لفائدة الطفل معززة مكانته داخل
االسرة ،كذلك بتثبيت حقه في االنتساب إلى أبيه ،كقد اعتمدها المشرع المغربي كوسيلة
إلثبات النسب أو نفيه ،كقد أشارت مدونة االسرة في المادة 158إلى أن البصمة كوسيلة
ال يلتجأ إليها في حالة النزاع ،أو في حالة اختالل شروط الفراش ،او إذا تعذر معرفة
من ينسب إليه الولد كما أشارت المادة 153من نفس المدونة إلى ان الفراش حجة
قاطعة على ثبوت النسب ،ال يمكن الطعن فيه اال من طرف الزوج عن طريق اللعان.
أو خبرة تفيد القطع بشرطين؛ أكلهما إدالء الزوج بدالئل قوية على ادعائه ،ثم صدور
أمر قضائي بهذه الخبرة.
وقد جاء في حكم للمحكمة االبتدائية :ان الفراش بشروطه يعتبر حجة قاطعة على ثبوت
النسب ال يمكن الطعن فيه اال من طرف الزوج عن طريق اللعان او بواسطة خبيرة
طبية تفيد القطع بشرطين :ادالء الزوج بدالئل قوية على ادعائه وصدور امر قضائي
بهذه الخبرة.
وجاء في حكم اخر للمحكمة االبتدائية :ال يمكن للمحكمة ان تأمر بإجراء خبرة طبية اال
إذا عزز الزوج ادعائه بقرائن قوية ترجح صدقه فيه ،وهو ما كان مسافرا او غائبا عن
زوجته منذ تاريخ اقترانه بها ،فضال على انه في حالة ثبوت ذلك السفر داخل المغرب
ال يمنع اتصال الزوج بزوجته وال يفيد استحالة ذلك.
:22وسائل اتباث النسب ونفيه بين الشريعة والقانون بحث إجازة ص 67وما بعدها.
:23حكمين صادرين عن المحكمة االبتدائية برشيد بتاريخ 28/09/2006من ملف عدد 245/06/03منشور في المنتقى من عمل القضاء في تطبيق مدونة
االسرة .ص.255
24
كما جاء في قرار للمجلس األعلى :اعتبرت المحكمة ادالء الزوج بشواهد طبية تثبت
عقمه قرائن قوية تثبت ادعائه فأمرت بإجراء خبرة جينية ،وقضت بناء عليها بعدم
ثبوت نسب الطفلة اليه.
ففي ظل غياب هذه القرائن القوية التي تؤيد ادعاء الزوج ،يمتنع القضاء عن اللجوء إلى
الخبرة الطبية لنفي النسب .فاللجوء إلى الخبرة يقتضي توفر شرطين:
أــ أن يكون الولد الحق شرعا باألب؛ في هذه الحالة يقتضي اللجوء للخبرة أف يكون
الولد موضوع النفي الحقا شرعا بالزوج ،أما إذا ثبت اختالل شروط الفراش المنصوص
عليها ضمن مقتضيات المادة 154من مدونة االسرة ،فإن الولد في هذه الحالة يكون
غير الحق بالزوج بقوة الشرع ،ومن تم ال نحتاج إلى اللعان أو الخبرة من أجل نفي
النسب عنه ،ما لم يتعلق االمر بحاالت استثنائية ثبت فيها النسب خارج العالقة الزوجية،
كما هو األمر في حالة االتصال بشبهة ،كحالة الزواج الباطل والفاسد ،حيث جاء في
قرار للمجلس األعلى:
لما كانت مقتضيات 154من مدونة االسرة تنص على أن اقل مدة الحمل ستة أشهر
من تاريخ العقد وكان البين من أوراق الملف ان الطاعنة وضعت حملها بتاريخ
16/12/2000وألقل من ستة األشهر من تاريخ العقد المبرم ب 10/2000/ 20
فان المحكمة لما اعتبرت ان الولد غير الحق بنسب المطلوب في النقض تكون قد
طبقت الفصل المحتج به تطبيقا صحيحا ،ولو تكن في حاجة الى اجراء خبرة طبية في
هذا الشأن.
:24قرار صادر عن محكمة االبتدائية عن المجلس األعلى بتاريخ 16/07/2008في كتاب مدونة االسرة فب االجتهاد القضائي لمحمد الشافعي ص .129
25
ب ــ ال نفي للنســب بــدون دعــوى :يعت بر تقري ر الخ برة عنص ر من عناص ر اإلثب ات
ويخضع
لتقدير محكمة الموضوع التي لها االعتماد عليه إذا رأت فيه ما يقنعها ،ونظرا لما للنسب
من أهمية قصوى فإن نفيه اال يتم اال بحكم ص ادر من المحكم ة ،وه ذا م ا نص ت علي ه
مدونة
االسرة في المادتين 151و 153على أن النسب ال ينفى اال بحكم قضائي.
فإثبات النسب أو نفيه خالفا لباقي النزاعات التي تدور بين شخصين مدعي ومدعى عليه،
يقتضي إبراز شخص ثالث هو الطفل الذم يجب أن ينص منطوق الحكم الصادر من قسم
قضاء االسرة على هويته كاملة ،دفعا ألي لبس قد يؤدي إلى صعوبة التنفيذ ،والن
المشرع متشوف للحوق االنساب كان عليه أن يحدد مدة تقادم دعوى نفي النسب
بواسطة الخبرة الطبية.
قال تعالىَ :س ُنِريِهْم آَياِتَنا ِفي اآلَف اِق َو ِفي َأْنُفِس ِهْم َح َّتى َيَتَبَّيَن َلُهْم َأَّن ُه اْلَح ُّق َأَو َلْم َيْك ِف
ِبَرِّبَك
َأَّنُه َع َلى ُك ِّل َش ْي ٍء َش ِهيٌد .وهكذا فإن م ا توص ل إلي ه العلم الح ديث ه و بتوفي ق من هللا،
يندرج
اكتش اف البص مة الوراثي ة في ه ذا اإلط ار ،ك القرآن الك ريم حث على النظ ر والتفك ر
واعمال
العقل ،فه و ب ذلك يش جع البحث العلمي ،بمع نى أن ك ل اكتش اف علمي إيج ابي يحظى
بتأييد
اإلسالم شرط اال يتعارض مع نصوص الكتاب أو مقاصد الشريعة.
:25محمد الكشبور :احكام البنوة والنسب مرجع سابق بتصرف ص217-216
26
: 26محمد المختار سالمي :التحليل البيولوجي للجينات البشرية وحجيته في االثبات ،مؤتمر الهندسة الوراثية بين الشريعة والقانون جامعة االمارات
العربية المتحدة كلية الشريعة والقانون المجلد الثاني 7-5ماي 2002ص 457
27
الفقرة الثانية :موقف بعض التشريعات بخصوص
البصمة الوراثية
تباينت مواقف التشريعات بخصوص التقدم العلمي البيولوجي من خالل استعمال الخبرة الطبية
المعتمدة على البصمة الوراثية كوسيلة لنفي أو إثبات النسب.
لقد اتفقت بعض التشريعات حول اعتماد البصمة الوراثية كدليل للنفي واإلثبات فهي بذلك لم تبقى
بعيدة عن التقدم العلمي ،وإنما حاولت ان تستفيد من ه على المس توى الق انوني وخاص ة فيم ا يتعل ق
بإثبات
النسب ونفيه ،وفي ه ذا الص دد ن ورد كنم وذج المش رع الفرنس ي ،والمش رع اإلم اراتي .فبالنس بة
للمشرع
الفرنسي ،فبواسطة القانون رقم 633/94الصادر في 29يوليوز 1994،أضاف ثالث مواد إلى
القانون المدني الفرنسي وتتمثل هذه المواد في:
المادة :10-16والتي نصت على أن البحث الجيني المحدد لخصائص الش خص ال يمكن ممارس ته
اال
ألسباب طبية أو علمية ،ويجب الحصول على موافقة الشخص المعني قبل إجراء التحليالت الجينية
عليه.
المادة :11-16أقرت على أن تحديد هوية الشخص عن طريق بصمته الجينية ال يمكن أن يتم إال
في إطار إجراءات التحقيق التي دعوى قضائية أ خدمة أهداف طبية أو علمية.
المادة :12-16:وقد جاء فيها أن التحليالت الجينية ال يمكن أن تتم إال من جانب أشخاص مقبولين
لذلك ،ومسجلين بجدول الخبراء.
وقد أعاد المشرع الفرنسي التأكيد على نفس األحكام من خالل القانون رقم96-152ــ الصادر في
28ماي 1896المضمن حاليا بالفصل 15-145من التقنين المتعلق بالصحة العمومية.
كما يسمح المشرع االماراتي باعتماد الخبرة في مجال النسب إثباتا ونفيا ،حيث نظم القانون رقم
28لسنة 2005بشأن قانون األح وال الشخص ية المنف ذ حالي ا في دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة
أحكام
النسب في المواد من 89إلى.97
:27مرجع سابق محمد الكشبور :البنوة والنسب ص 196-194-193
28
اما بخصوص اتباث النسب نصت المادة 29على أنه يثبت النسب بالفراش او باإلقرار
او البينة او بطرق العلمية إذا تبث الفراش.
أما بخصوص نفي النسب نصت الفقرة األخيرة من المادة 97على ما يلي:
للمحكمة االستعانة بالطرق العلمية لنفي النسب بشرط اال يكون قد ثم ثبوته قبل ذلك.
وتجدر اإلشارة إلى أن هناك بعض التشريعات اعتمدت الخبرة الطبية المتعمدة على
البصمة الوراثية كوسيلة لنفي النسب دون إثباته ،كما هو الشأن بالنسبة للقانون الكويتي،
فقد أفتت إدارة الفتوى في وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية بالكويت بأن البصمة
الوراثية يجوز الحكم بها لنفي النسب دون إثباته من االب ،وقد جاء استبعاد البصمة
كدليل لإلثبات إلى أن تطابق الجينات الوراثية بين االبن وأبيه قد ينتج عن عالقة غير
مشروعة ،وولد الزنا ال يلحق شرعا.
كما أن هناك بعض القوانين لم تعر أي اهتمام للخبرة الطبية ،ونذكر على سبيل المثال
الق انون رقم 20ل س نة 1992الخ اص ب األحوال الشخص ية الس ائد حالي ا بجمهوري ة
اليمن،
كقد نظم أحكام النسب في المواد من 121إلى .131
القانون العماني رقم 34لسنة 1978بشأن األحوال الشخصية المطبق حاليا في سلطنة
عمان ،وقد نظم أحكام النسب في المواد من 70إلى .79
القانون رقم 22لسنة 2006بشأن قانون االسرة النافذ حاليا في دولة قطر فقد نظم أحكام
النسب في المواد من 68إلى .100
29
:31بحث االجازة مرجع سابق بعنوان وسائل اثبات النسب ونفيه بين الشريعة والقانون
30
الفصل الثاني :وسائل نفي النسب ودور القضاء والمجتمع الدولي في حماية حق الطفل
في البنوة والنسب.
قبل التطرق الى وسائل نفي النس ب ش رعا وقانون ا ،ب البحث والتمحيص ،الب د من اب داء
بعض
المالحظات لفهم مختلف المالبسات الفقهية والقضائية المتعلقة بهذا الموضوع ،والتي
تقررت من خالل أحكام تبدو شاذة للغاية في بعض األحيان ،بالنس بة للغ ير المتخص ص
في
علم الفقه.
ــ حدد المشرع وسائل اثبات النسب من خالل مقتضيات المادة 158من مدونة االسرة،
وهي الفراش وإقرار االب وشهادة عدلين وبينة السماع وبكل الوسائل األخرى المقررة
شرعا ،باإلضافة الى الخبرة الطبية القضائية.
ــ وبالرجوع إلى أحكام الفقه اإلس المي وبالخص وص منه ا أحك ام الفق ه الم الكي يتض ح
جيدا
أن نفي النس ب المرتب ط بف راش ص حيح يتم باللع ان وح ده وق د أض اف إلي ه المش رع
المغربي
الخبرة الطبية ِم ؤخرا متى تحققت شروط معينة وهو إجراء يشترك فيه االثبات والنفي
على حد سواء.
من هذا يتضح أن وسائل اثبات النسب وع ددها خمس ة (س بق ذكره ا في الفص ل األول)
أكثر
عددا من وسائل النفي التي عددها اثنان فقط ،باإلضافة الى ان الفق ه والقض اء ق د أح اط
هذه
األخ يرة بمجموع ة من الش روط وهي قي ود من ش أنها أن تض يق من نطاقه ا وان تش ل
إعمالها
وفي مقدمة هذه الشروط وجوب تدخل المحكمة بحكم قضائي في الموضوع.
ومن الب ديهي ان ه ذا التوس ع في اثب ات النس ب والتض يق فيم ا يتعل ق بنفي النس ب من
المبادئ
العامة في الفقه اإلسالمي والتي تجعل المجتمع متشوفا للحوق االنساب وبالتالي حفظ
أعراض النساء.
:32مرجع سابق :محمد الكشبور ص 141ــ142
31
ــ إذا كانت القاعدة العامة هي أن اثبات النسب ال يحتاج إلى تأكيده عادة إلى حكم يصدر
عن القضاء فاذا تنازع فيه أحد من ذوي المصلحة ،فإن نفي النسب ال يمكن أن يتقرر في
التشريع المغربي اال بصدور حكم قضائي نهائي تصدره المحكمة المختصة ،وقد أشار
المش رع الى ه ذه القاع دة بطريق ة مطلق ة من خالل مقتض يات الم ادة 159من مدون ة
االسرة
على أنه" :ال ينتفي الولد عن الرجل او حمل الزوجة منه إال بحكم قضائي"
ــ لعل ما يؤكد أن القضاء يتساهل في تعامله مع وسائل اثبات النسب ويتش دد في تعامل ه
مع وسائل نفي النسب وهو مبدا فقهي استقر عليه مفاده ان المثبت مقدم على النافي
ــ تأكيد للحماية التي يضفيها القضاء المغربي عادة على النسب وفي إطار دعوى تتعلق
بإنكار اخوة نسب أخت لهم من أبيهم فقد صدر قرار عن محكمة االستئناف بالقنيطرة:
حيث إن دعوى المدعين المستأنفين ت رمي إلى نفي نس ب المس تأنف عليه ا لنس بهم ألنه ا
ليست
أختا لهم ودون أي طلب حق أخر مترتب عليه.
وحيث إن دعوى نفي النسب او ثبوته المجردة عن أي طلب حق مترتب عنه ال يمكن
سماعها او قبولها اال من األصل المباشر المدعى االنتساب إليه طبقا لمقتضيات الفصل
93من ق.ح.ش واما الغير كاألخوة والعمومة وغيرهم ليس بهم حق اثارة دعوى نفي
النسب وثبوته إال ضمن دعوى حق آخر ال يثبت إال إذا أثبت النسب او العكس.
وحيث إن القضية تتصل بالنظام العام لذلك يكون للمحكمة حق إثارة العلة المشار إليها
أعاله تلقائيا وقد أخ د المش رع المغ ربي به ذه القاع دة من خالل الم ادة 153من مدون ة
االسرة
عندما قرر أن "النسب ال يمكن الطعن فيه اال من الزوج".
:33مرجع سابق :محمد الكشبور البنوة والنسب ص 143
32
ــ لعل من أبرز القواع د ال تي يأخ ذ به ا الفق ه الم الكي وال تي من ش انها ان تص عب تفي
النسب
من طرف األغيار ،ان هذا األخير يحاز ومن حازه ال يكلف باإلثبات.
المبحث االول :نفي النسب
إذا كان األصل في الشرع ثبوت النسب كقاعدة عامة فإن ذلك
يتوقف على ضرورة توفر عقد الزواج الصحيح كقرينة يثبت معها الحق الشرعي
والقانوني ،من أجل إثبات العالق ة الش رعية بين رج ل وام رأة .ف إذا ك انت قاع دة الول د
للفراش
بمثابة الشريعة العامة التي تبنى عليها الحقوق وترتب عليها االلتزامات المتبادلة بين
طرفي العالقة في الزوجية ،ف إن ع دم ت وافر رابط ة ال زواج) الف راش (أثن اء الحم ل أو
الوالدة،
فإنه يعطي لكل من له مصلحة مش روعة في نفي النس ب .ف إذا ك ان الش رع ج رم ال زنى
بنص
قطعي في القرآن الكريم ﴿:والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ﴾وقوله
أيضا ﴿:الزاني ال ينكح إلى زانية أو مشركة والزانية ال ينكحها إال زان أو مشرك وحرم
ذلك على المؤمنين ﴾.
: 34وسائل إثبات النسب ونفيه ما بين الشريعة والقانون المغربي دراسة للبصمة الوراثية كمستجد بيولوجي علمي ينازع اللعان مالزمــة شــرعية في مجــال
النسب -بحث إجازة
33
فإنما لحرصه على النسب وهو ما يتوافق مع المادة 16من مدونة
األسرة ،التي نصت على ما يلي« :تعتبر وثيقة الزواج الوسيلة الوحيدة إلثبات الزواج
" .غير أن المالحظ بخصوص هذه المادة وما نصت عليه فقرتها الثانية التي جاء فيها:
"إذا حاالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته ،تعتمد المحكمة في سماع دعوى
الزوجية سائر وسائل اإلثبات وكذا الخ برة " .تجع ل المتأم ل يق ف عن د إش كال ق انوني
يطرح
نفسه هنا ،بمعنى أنه إذا كانت المادة صريحة في فقرتها األولى بخصوص عقد الزواج
كعقد رضائي وشكلي فهل سيعتبر كافيا إلثبات عقد الزواج أم يتطلب شيئا آخر؟ ثم ما
نصت عليه الفقرة الثانية بخصوص وسائل االثبات هل يجع ل ع دم وج ود عق د ال زواج
عائقا
دون إثبات النسب إال بت وفر عق د ال زواج أم أن ه يجب ت وافر ش روط أخ رى؟ بص ياغة
أخرى
ما محل النس ب في حال ة ع دم وج ود وثيق ة ال زواج؟ فيم ا يتعل ق بالس ؤال األول ،فإن ه
يتطلب
توثيق عقد الزواج أمام عدلين وخطاب القاضي حتى يعتبر عقد الزواج صحيح .أما فيما
يخص الس ؤال الث اني ،فإن ه الب د من ت وافر عق د ال زواج إال اس تثناء بت وافر الظ روف
الخاصة.
هذا كله يجعلنا أمام االستيقافات التالية:
:35مرجع سابق وسائل إثبات النسب ونفيه ما بين الشـريعة والقـانون المغـربي دراسـة للبصـمة الوراثيـة كمسـتجد بيولـوجي علمي ينـازع اللعـان مالزمـة
شرعية في مجال النسب -بحث إجازة
34
35
وخالصة لهذا فإن الدفع بعدم وجود عالقة زواج لنفي النسب فإن القانون المغربي أصبح
يأخذ بالنظرية الفقهية القائلة بلحوق حمل الخطوبة بالخاطب وفق شروط المادة 156من
مدونة االسرة مما يعني أنه حتى في غياب عقد الزواج فإنه يمكن إثب ات النس ب لش بهته
في
حال الخطب ة ح تى م ع إنك ار الخ اطب له ذا الول د او الحم ل وذل ك ب اللجوء إلى الخ برة
الطبية.
اختالل المدة الشرعية للحمل:
اعت بر المش رع المغ ربي في ظ ل مدون ة األح وال الشخص ية الملغ اة ومدون ة االس رة
المعمول
بها حاليا ،ان اقل مدة للحمل هي ستة أشهر من تاريخ العقد ولم يعتد بتاريخ دخول إال
بالنسبة لزواج المجمع على فساده وفي حالة الوطء بشبهة.
والمش رع المغ ربي لم يح دد ت اريخ احتس اب اق ل م دة الحم ل بالنس بة للعالق ات الغ ير
الشرعية
حيث يرى بعض الفق ه ان ه في حال ة تخل ف االش هاد يح دد ت اريخ العق د او الحكم ال ذي
يصدر
بثبوت الزوجية طبقا من المادة 16من مدونة االسرة .لكن االشكال يثار عندما ال تثبت
الزوجية وبالتالي يكون السؤال المطروح حول مصير نسب األبناء في حالة الحكم بعدم
ثبوت الزوجي ة ،خصوص ا وان القض اء المغ ربي ال يرب ط بين ثب وت الزوجي ة وثب وت
النسب
وهذا ما جاء في أحد القرارات الصادرة عن المجلس األعلى للسلطة القضائية:
( ...حيث صح ما عابه الطاعن على القرار المطعون فيه فيما يتعلق بثبوت الزواج وذلك أن المطلوبة لم تثبت
زواجهـا من الطـاعن بالوسـائل المنصـوص عليهـا سـواء في مدونـة األحـوال الشخصـية الملغـاة او في مدونـة
االسرة
الحالية ،وإنما قدمت المحكمة شخصين لم تفد تصريحاتهما قيام زواج شرعي بينها وبين الطالب ولما اعتمدت
المحكمة على تصريحاتهما وقضت تبعا لذلك بسماع دعوى الزوجية بين الطرفين فقد جاء قرارها ناقص التعليل
وهو بمثابة انعدامه ومعرضا للنقض في هذا الجانب وأما ما يتعلق بثبوت نسب البنت فإنه سبق للطاعن أن اقر
بها والتزم بتسجيلها في الحالة المدنيــة وذلــك يلزمــه طبقــا للمــادة 158من م االســرة لــذلك فــإن اثــاره في هــذا
الجانب
غير مؤسس )...
مرجع سابق تطور قواعد النسب في القانون المغربي37:
36
ان تأتي الزوجة بولد أقل من 6أشهر من تاريخ إبرام العقد" أجمع الفقهاء ان ٌأقصى مدة
للحمل هي س تة أش هر وه وا األم ر ال ذي ص ارت علي ه الم ادة 154من مدون ة االس رة
:بقولها
يثبت نسب الولد بالفراش الزوجية :إذا ولد من ستة أشهر من تاريخ العقد وأمكن االتصال
سواء اكان عقدا صحيحا او فاسدا.
إذا ولد من سنة من تاريخ الفراق والمالحظ ان المشرع قد إلى ستة أشهر من تاريخ ابرام
العقد وليس من تاريخ الدخول تأكيدا الى تشوف المشرع الى لحوق النسب
أن تأتي الزوجة بولد بعد سنة من تاريخ انتهاء الزواج"
أقصى مدة للحمل حسب المادة 154سنة واحدة وعليه فمتى فارق الزوج زوجته لكونه
طلقها او مات ثم أتت بعد مرور أك ثر من س نة تحس ب من وقت الف راق ف إن النس ب ال
يثبت
في جانب الزوج ومع ذلك وحسب مقضيات المادة 134فإذا انقضت مدة الحمل وبقيت
الريبة في الحمل وحصلت منازعة تستعين المحكم ة ب الخيرة الطبي ة من أج ل التوص ل
إلى
الحكم الذي يفضي الى القضاء بانقضاء العدة او تمديدها إلى أجل أخر يراه األطباء
ضروريا بعد الوقوف على ما في البطن وهل هو علة او حمل وعليه فالمادة 134تفرغ
المادة 154من محتواها
عدم إمكانية حمل الزوجة من الزوج"
عقد الزواج قرينة قاطعة على أن الولد لصاحب الفراش وال يمكن اثبات عكسها حسب
المادة 153من مدونة االسرة غير انه يمكن للزوج هدمها إذا استطاع اثبات ان شروط
الول د لص احب الف راش لم تت وفر كله ا وعلي ه يمكن نفي النس ب من ط رف ال زوج إذا
استطاع
اثبات انه غير مؤهل لإلنجاب لمرض او عيب او إذا كان بعيدا عن زوجته كالمسافر او
المسجون.
37
الفقرة الثانية :نفي النسب بواسط اللعان
إضافة إلى ما سبق ذكره في الفقرة األولى ،يعتبر اللعان وسيلة شرعية أخرى لنفي
النس ب عن ال زوج بالخص وص ،وه و نظ ام إس المي خ الص ال نظ ير ل ه في ب اقي
التشريعات
الوضعية األخرى.
اللعان من حيث اللغة مصدر من اللعن ،بمعنى الطرد واالبعاد من رحمة هللا تعالى،
والعن الزوج زوجته إذا قذفها بالفجور ،أو اتهمها بالزنا.
أما من حيث االصطالح ،فيقصد به حلف الزوج على زنى زوجته ،أو نفيه حملها الالزم
له ،وحلفها على تكذيبه إن أوجب نكولها حدها بحكم قاض.
ومعنى هذا التعريف أن اللعان هو أن يحكم القاضي على كل من الزوج بأن يحلف أيمانا
معينة على ما يدعيه من زنا زوجته ،أو نفي حملها أو ولدها الذي ينتسب إليه لوال اللعان،
وعلى الزوجة بأن تحلف أيمانا معينة لتك ذيب زوجه ا فيم ا اتهمه ا ب ه ،لت درأ ب ذلك عن
نفسها
الحد الواجب عليها فيما إذا نكلت .واللع ان ه و ش هادات أرب ع مؤك دات باإليم ان يؤديه ا
الزوج
مقرونة بالدعاء على نفسه باللعنة فتقوم مقام حد القذف في حقه ،وتؤديها الزوجة بالدعاء
على نفسها بالغضب فتقوم مقام الزنا في حقها ،وهذا ما أكد هللا سبحانه وتعالى في قوله:
« .والذين يرمون ازواجهم ولم يكن لهم شهداء إال أنفسهم فشاهدة أحدهم أربع شهادات باهلل
إنه لمن الصادقين ،والخامسة أن لعنة هللا عليه إن كان من الكاذبين" .
وقد جعل المشرع المغربي من خالل مقتضيات المادة 158من مدونة االسرة اللعان من
بين األسباب التي يعتمد في نفي النسب ،لكن دون أن يبين مفهومه او يحدد مسطرته
وأحكامه.
:39محمد الكشبور الوسيط في قانون األحوال الشخصية مرجع سابق ص 444
38
ونظرا لما قد تخلفه هذه الوسيلة من ضرر ،وجب على الزوج عدم اللجوء إليها إال عند
تيقن ه من أن الحم ل ليس من ه ،ومن ناحي ة أخ رى ،فاهلل حتم على المس لم س تر معص ية
أخيه،
لذلك كان من االولى الزوج الذي يثبت له أن زوجته قد زنت ولم تحمل من ذلك الزنا أن
يسترها وعدم التشهير بها بمالعنتها ،إذ يمكنه أن يفارقها بالطالق ،أما إذا كان يريد من
اللعان نفي الحمل أو الولد ،فهو واجب عليه ،الن تركه في هذه الحالة يؤدي إلى انتساب
الولد إلى الزوج ،ويترتب على ذلك اختالط االنساب وحرمان الورثة مما كانوا سيرثونه
لوال هذا الولد.
السند الشرعي للعان
واقعة اللعان تحكمها اآليات 6و 7و 8و 9المتضمنة في سورة النور:
"َو اَّلِذ يَن َيْر ُم وَن َأْز َو اَج ُهْم َو َلْم َيُك ن َّلُهْم ُش َهَداُء ِإاَّل َأنُفُسُهْم َفَش َهاَد ُة َأَح ِدِهْم َأْر َبُع َش َهاَداٍت ِباِهَّللۙ ِإَّنُه َلِم َن
الَّص اِدِقيَن "
سورة النور اآلية(.)6
"َو اْلَخ اِمَس ُة َأَّن َلْع َنَت ِهَّللا َع َلْيِه ِإْن َك اَن ِم َن اْلَك اِذ ِبيَن " ()7
"َو َيْد َر ُأ َع ْنَها اْلَعَذ اَب َأْن َتْش َهَد َأْر َبَع َش َهاَداٍت ِباِهَّلل ۙ ِإَّنُه َلِم َن اْلَك اِذ ِبيَن " ()8
"َو اْلَخ اِمَس َة َأَّن َغ َضَب ِهَّللا َع َلْيَها ِإْن َك اَن ِم َن الَّص اِدِقيَن " ()9
39
: 42موطئ االمام مالك انس حققه وخرج احاديثه وعلق عليه الشيخ كامل محمد عويضة الطبعة األولى مكتبة التقوى 1421ــ 2001ص 404وما بعدها.
40
صور اللعان:
ــ ان يدعي الزوج أنه رأى زوجته تزني.
ــ أن ينفي حملها عنه " .قال ابن عاصم :وانما للزوجين ان يلتعنا /لنفي الحمل او لرؤية
الزنا.
مسطرة اللعان :يتم اللعان بواسطة دعوى قضائية ترفع امام قسم قضاء االسرة التابع
للمحكمة االبتدائية وتخضع هذه الدعوى لقواعد المسطرة المدنية وعلى المحكمة ان
تستدعي الزوجين وتطبق أحكام اية اللعان وصورتها أن يحلف الزوج أربع مرات بأنه
صادق والخامسة أن لعنة هللا عليه إن كان كاذبا وإذا أصرت الزوجة على تكذيبه تحلف
أربع مرات بانه كاذب والخامسة ان غضب هللا عليها ان كان من صادقا.
أثار اللعان :التفريق بين الرجل وزوجته تفريقا مؤبدا ،امتثاال للحديث الشريف المتالعنان
إذا تفرقا ال يجتمعان ابدا.
سقوط الحد ،قال ابن رشد "اللعان انما شرع لدرء الحد"
سقوط النسب ،من جهة االب مع عدم اعتبار الولد ابن زنا من جهة أخرى.
النكول عن اللعان" :قال ابن عاصم الغرناطي" ويسجن القاذف حتى يلتعن //وإن ابى
فالحد حكم يقترن.
فمتى رفض الزوج المتهم لزوجته بالزنا او للنسب تأدية االيمان الخمسة يحبس مدة فان
امتنع يطبق عليه حد القذف ثمانين جلدة وتبقى الزوجة في عصمته ويلحق به الولد اما إذا
نكلت الزوجة عن تأدية االيمان الخمسة يطبق عليها حد الزنا اما في حالة االغتصاب فال
لعان على الزوجة بل على الزوج وحده
:43مرجع سابق شرح مدونة االسرة ذ فوزي اكريم ص 87
41
42
ــ أن يكون الولد الحقا شرعا باألب
وهذا األمر أكدته هذه المادة إذ ال يمكن نفي النسب إال إذا كان الولد ملحوق النسب لألب
بسبب الفراش أما في حالة عدم ثبوت لحوق نسب الولد فهنا ال يمكن الحديث عن نفي
النسب ألنه أصال غير ثابت وفي حكم صادر عن قسم قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية
بمراكش طلبت فيه المدعية من المحكمة الحكم لها بإثبات نسب ابنها من شخص عينته
لك ون الحم ل أثن اء الخطوب ة ،وطلبت المحكم ة االس تعانة ب الخبرة الطبي ة وق د تأك دت
المحكمة
أن الطرفين قد أدينا بجريمة الفساد مع اعتراف المدعية بأن الحمل وقع في ذلك اإلطار
أي الفساد ،ومن ثم رفض دعواها لعدم تحقق الشروط المنصوص عليها في المادة
156من مدونة األسرة
ــ إدالء الزوج بدالئل قوية على ادعائه
بما أن الزوج هو من له الحق في طعن في الفراش فيجب عليه أن يقدم دالئل تبين وتبرر
ادعائه بكون الولد ال ينتسب له ،وهذه الدالئل تبقى خاضعة للسلطة التقديرية لقضاء
الموضوع مثل شهادة الشهود أو إثبات الزوج أنه مصاب بعقم أو مجبوب العينين أو
أسير ،وكل الحجج التي تفيد عدم اتصال الزوج بزوجته.
وتأكيدا لما سبق جاء في قرار صادر عن المجلس األعلى للسلطة القضائية بما أن الزوج
نفى نسب البنت إليه المطلوب تسجيلها بالحالة المدنية مدعيا أنها ازدادت بعد مرور
أكثر من سنة على مغادرة الزوجة بيت الزوجية ،وأدلى بلفيف عدلي إلثبات ادعائه
والتمس إجراء خبرة جينية إلثبات نسب البنت غير أن المحكمة ردت طلبه مما تكون
معه قد خرقت مقتضيات المادة 153من مدونة األسرة التي تتيح للزوج الطعن في
النسب بواسطة خبرة عند إدالئه بحجج قوية على ادعائه.
:45مقال قانوني الخبرة الطبية كوسيلة إلثبات النسب ونفيه طالب باحث ابراهيم الدنفي مرجع سابق
43
ــ صدور أمر قضائي بهذه الخبرة.
وهذا الشرط يدل على دور القضاء في تقييم والرقابة على إجراءات الخبرة ،فالقضاء هو من له
الفيصل في إجراء هذه الخبرة من عدمها وبالتالي ال يمكن لألطراف أن يلتجئوا لها من تلقاء أنفسهم
حتى يصدر حكم قضائي بإجرائها وهذا الشرط فهو من القواعد اآلمرة في هذه المادة مثله مثل باقي
الشروط ،وبالتالي ال يجوز االتفاق على مخالفتها ،وعند تحقق هذه الشروط يمكن اللجوء للخبرة
الطبية ،وال يقف القيام بها فقط في حالة تحقيق شرط واحد من هذه الشروط بل بتحققها كلها.
الفقرة الثانية :تنازع بين الخبرة الطبية وباقي
وسائل نفي األخرى
تنازع الخبرة الطبية واللعان :يطرح إالشكال هنا في حالة تنازع بين الخبرة الطبية واللعان
وهنا يبرز رأيان فقهيان في الموضوع:
ــ موقف يرى على أن الخبرة الطبية تحل محل اللعان ألن نتائجها يقينية ،واللعان مبني
على الشك ال اليقين.
ــ الموقف الثاني يرى على أن الخبرة الطبية ال تقدم على اللعان ألن ما من شأن ذلك
تعطيل نص قطعي ثابت الداللة في كتاب هللا.
:46مقال قانوني الخبرة الطبية كوسيلة إلثبات النسب ونفيه طالب باحث ابراهيم الدنفي مرجع سابق
44
أما بنسبة للقضاء المغربي نستعرض من خالل قرار محكمة النقض ومجلس األعلى
سابقا أن المجلس األعلى لم يعترض على جمع اللعان والخبرة الطبية ،بل أقر ذلك على
ما يتضح من القرار اآلتي :والثابت من أوراق الملف أن الطاعن نازع في نسب االبن
وادعى أنه لم يتصل بالمطلوبة ،وأدى يمين اللعان على ذلك في حين رفضت المطلوبة
أدائها رغم توصلها كما رفضت الحضور أثناء أدائه اليمين ،ورفضت كذلك الخبرة،
والتمس إجراء خبرة قضائية إلثبات عدم نسبة المولود إليه وتمسك بها ،والمحكمة لما
عللت قرارها بأن الخبرة ليست من وسائل نفي النسب شرعا ،في حين أن المادة
تنص على أن الخبرة الفضائية من وسائل الطعن في النسب إثباتا أو نفيا تكون قد أقامت
قضاء على غير أساس.
:47مقال قانوني الخبرة الطبية كوسيلة إلثبات النسب ونفيه طالب باحث ابراهيم الدنفي مرجع سابق
:48قرار المجلس األعلى عدد 39والصادر بتاريخ 2006/01/18
45