You are on page 1of 26

‫مقدمة‬

‫وضع القانون املدني أحكاما عامة عن الصلح من حيث إنه عقد يحسم به ألاطراف النزاع‬
‫القائم أو املحتمل وقوعه ضمن القسم الثامن من الكتاب الثاني تحت عنوان‪ :‬في مختلف‬
‫العقود املسماة وفي أشباه العقود التي ترتبط بها‪ ،‬وهذا ليس ألنه ينقل امللكية مثل البيع‪ ،‬بل‬
‫ألن الصلح عقد يكشف عن الحقوق وال ينقلها فهو يتضمن نزوال عنها ضمن ‪ 81‬فصال من‬
‫الفصل ‪ 8901‬إلى ‪ 8881‬من قانون الالتزامات والعقود‪ ،‬وعرض في ألاول أركان الصلح ثم أثار‬
‫الصلح وبطالنه‪.‬‬
‫وما نسير عليه في بحثنا هذا هو أن نبين ألاحكام العامة لعقد الصلح كعقد من عقود‬
‫التراض ي امللزم للجانبين‪ ،‬حسب ما جاء به ق‪.‬ل‪.‬ع وهي ألاحكام التي تحكم الصلح بصفة عامة‬
‫كعقد ينهي النزاع سواء املدني أو التجاري‪.‬‬

‫هذا الطرح يقودنا إلى طرح اشكالية مفادها إلى أي حد استطاع املشرع املغربي تفريد‬
‫عقد الصلح بقواعد خاصة تميزه عن سائر العقود املدنية من حيث تكوينه وأثاره وانقضاؤه؟‬

‫سنحاول الاجابة عن هذه الاشكالية من خالل مبحثين أساسيين‪:‬‬

‫املبحث ألاول‪ :‬تـك ــويـ ـ ــن عــقد الص ـ ــلح‬

‫املبحث الثاني‪ :‬أثار الصلح وانقضاءه‬

‫]‪[1‬‬
‫املبـ ـ ـحث ألاول‪ :‬تك ـ ـوي ـن عقد الصلح‬
‫تقتض ي دراسة تكوين العقد الصلح من العقود املدنية تقسيم هذا املبحث إلى مطلبين‪،‬‬
‫نتناول في (املطلب ألاول) ألاركان املوضوعية العامة لعقد الصلح في حين سنفرد (املطلب الثاني)‬
‫لألركان املوضوعية الخاصة‪.‬‬

‫املطلب ألاول‪ :‬ألاركان املوضوعية العامة لعقد الصلح‬


‫إن الصلح بنوعيه –العادي و القضائي‪ -‬هو قبل كل ش يء عقد‪ 1‬يلزم النعقاده توافر ألاركان‬
‫العامة لقيام سائر العقود و املنصوص عليها في الفصل الثاني من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ 2‬تحت طائلة بطالن عقد‬
‫الصلح كما ينبغي أن يكون متوفرا على شروط صحته تحت طائلة ابطال عقد الصلح‪.‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬التراض ي في عقد الصلح‬

‫يعتبر التراض ي في عقد الصلح من أهم أركانه فهو الذي يبرر قوته امللزمة في مواجهة أطرافه طبقا‬
‫ملا أكده املشرع عندنا في الفصل ‪ 80‬من ق‪.‬ل‪.‬ع و من تم ينبغي البحث في وجوده‪ ،‬غير أن التراض ي في‬
‫عقد الصلح كغيره من العقود ينبغي أن يكون صحيحا ال معيبا بأحد عيوب الرض ى و من تم فينبغي‬
‫البحث في صحته‪.‬‬

‫اوال‪ -‬وجود التراض ي في عقد الصلح‬


‫يعتبر عقد الصلح من العقود الرضائية فهو قائم و منعقد بمجرد تبادل الايجاب و القبول من‬
‫املتصالحين و تطابقهما‪ ،‬بحيث ال يشترط في تكوينه شكل خاص إال إذا شمل انشاء أو تعديل حقوق‬
‫واردة على العقارات أو غيرهما من الاشياء التي يجوز رهنها رهنا رسميا ففي هذه الحالة وجب ابرامه‬
‫كتابة طبقا للفصل ‪ 8891‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬

‫‪ 1‬زهور الحر‪ ،‬الصلح في القانون املغربي والقانون املقارن‪ ،‬مساهمة في الندوة الوطنية حول موضوع إلاشكاالت القانونية والعملية في املجال‬
‫الضريبي‪ ،‬دفاتر املجلس ألاعلى‪ ،‬العدد ‪ ،81‬مطبعة املعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،1988 ،‬ص‪.811 :‬‬
‫‪ 2‬الركان الالزمة لصحة الالتزامات الناشئة عن التعبير عن إلارادة هي‪:‬‬
‫‪ -8‬ألاهلية لاللتزام‪،‬‬
‫‪ -1‬تعبير صحيح عن إلارادة يقع على العناصر ألاساسية لاللتزام‪،‬‬
‫‪ -3‬ش يء محقق يصلح ألن يكون محال لاللتزام‪،‬‬
‫‪ -1‬سبب مشروع لاللتزام‪.‬‬

‫]‪[2‬‬
‫و الايجاب في الصلح وحدة ال تتجزأ فال يجوز قبوله جزئيا و القبول بالصلح يمكن أن يكون‬
‫ضمنيا‪ 3‬و يقصد بتطابق الايجاب بالقبول توافق الارادتين حول ماهية و نوع النزاع و تعيين الحقوق‬
‫محل التنازل املتبادل من املتصالحين و كافة بنود و حدود عقد الصلح‪.4‬‬

‫و يسري على التراض ي في عقد الصلح القواعد العامة املقررة للتراض ي في النظرية العامة للعقد‬
‫من حيث طرق التعبير عن الايجاب و القبول و مدى الاعتداد باإلرادة الظاهرة و الباطنة و الوقت‬
‫الذي ينتج فيه التعبير عن الارادة أثرة و غيرها من أحكام النظرية العامة للعقد‪.5‬‬

‫ثانيا‪ -‬صحة التراض ي في عقد الصلح‬


‫التراض ي في عقد الصلح ينبغي أن يكون صحيحا أي صادرا من شخص كامل الاهلية و خالي من‬
‫عيوب الرضاء طبقا ألحكام النظرية العامة للعقد‪ ،‬غير أنه في عقد الصلح ينبغي مراعاة بعض ألاحكام‬
‫الخاصة التي قررها املشرع في الفصول ‪ 8900‬و ‪ 8888‬و ‪ 8881‬و التي ينبغي دراستها على النحو التالي‪:‬‬

‫‪-1‬ألاهلية في عقد الصلح‬


‫ينص الفصل ‪ 8900‬من ق‪.‬ل‪.‬ع "يلزم الاجراء الصلح التمتع بأهلية التفويت بعوض‬
‫في ألاشياء التي يرد الصلح عليها "‪.‬‬
‫و يظهر من النص أعاله أن ألاهلية التي يشترطها ق‪.‬ل‪.‬ع في املتعاقد بالصلح هي أهلية التصرف‬
‫بعوض في الحقوق التي تم حولها التصالح و هذه ألاهلية املشترطة تجد تبريرها في تنازل املتبادل بين‬
‫املتصالحين عن جزء من الحقوق و الادعاءات و هذا التناول هو تصرف بعوض‪.6‬‬
‫و تجدر الاشارة أن أحكام ألاهلية في عقد الصلح تخضع للقواعد العامة املحددة لها في القسم‬
‫ألاول من الكتاب الرابع ملدونة الاسرة تحت عنوان ألاهلية و النيابة الشرعية‪.‬‬
‫كما أن صلح الولي و الوص ي عن الصغير يخضع ألحكام النيابة الشرعية املقررة في مدونة ألاسرة‬
‫في القسم الثاني من الكتاب الرابع لها‪.‬‬

‫‪ 3‬عبد اللطيف إزدي‪ ،‬الصلح القضائي في القانون املغربي بين التأصيل والتطبيق العملي‪ ،‬املطبعة والوراقة الوطنية الدوديات‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة‬
‫ألاولى‪ ،1998 ،‬ص‪.39 :‬‬
‫‪ 4‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح قانون املدني‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬دار إحياء الترات العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.811 :‬‬
‫‪ 5‬عبدالسالم فيغو‪ ،‬العقود املدنية الخاصة في القانون املغربي‪ ،‬الوديعة‪ -‬العارية‪ -‬القرض‪ -‬الوكالة‪ -‬عقود الغرر‪ -‬الصلح‪ -‬الكفالة‪ -‬الرهن‬
‫الحيازي‪ ،‬دار ألامان للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬مطبعة ألامنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ‪1991‬م‪8111 /‬هـ‪ ،‬ص‪.109 :‬‬
‫‪ 6‬عبد اللطيف إزدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31 :‬‬

‫]‪[3‬‬
‫أما بخصوص صلح الوكيل فإنه يخضع ألحكام الوكالة املقررة في ق‪.‬ل‪.‬ع سواء فيما يخص أثار‬
‫الوكالة و صالحيات الوكيل و التزاماته‪ .‬و لإلشارة فباعتبار أن الصلح من أعمال التصرف و أن‬
‫التصرف ال تكفي فيه الوكالة العامة اذ ال بد من وكالة خاصة لإلبرام عقد الصلح نيابة عن املوكل‬
‫بصفة عامة إال ما استثني بنص صريح‪.7‬‬
‫و بالتالي فال يجوز للمحامي أن يصالح على حقوق موكله ما لم يكن الصلح منصوصا علية في‬
‫عقد التوكيل‪.‬‬

‫‪ -2‬عيوب الارادة في عقد الصلح‬


‫يجب أن يكون الرضا خاليا من العيوب و هذا بأن ال يكون مشوبا بغلط أو تدليس أو بإكراه أو‬
‫باستغالل شأن الصلح في ذلك شأن سائر العقود غير أنه في عقد الصلح ينبغي مراعاة ما قرره املشرع‬
‫في الفصلين ‪ 8888‬و ‪ 8881‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬
‫فبعدما أجاز في الفصل ‪ 8888‬الطعن في الصلح بسبب الاكراه أو التدليس و أيضا بسبب غلط‬
‫مادي وقع في شخص املتعاقد الاخر أو في صفته أو في الش يء الذي كان محال للنزاع‪ 8‬منع املشرع في‬
‫الفصل ‪ 8881‬من نفس القانون الطعن في الصلح بسبب غلط في القانون أو بسبب الغبن إال في حالة‬
‫التدليس و قبل الغوص في تحيل هذا الاستثناء أود تسليط الضوء على إشكال تتضمنه الفقرة ألاخير‬
‫ة من الفصل ‪ ،8888‬حيت تأكد ما يلي‪:‬‬

‫ال يجوز في الحاالت السابقة التمسك بالبطالن إال للمتعاقد الذي كان حسن النية‪ ،‬حيث نجد‬
‫ضمن هذه الحاالت إلاكراه و التدليس و الغلط و هذه عيوب الارادة جزائها الابطال و ليس البطالن‬
‫ألنها ليست من شروط انعقاد عقد الصلح بل من شروط صحته عكس السبب الذي يعد ركنا من‬
‫أركان عقد الصلح الذي جزاء تخلفه الطعن بالبطالن‪.‬‬
‫و بالعودة لتحليل الاستثناء الوارد في الفصل ‪ 8881‬و الذي يعد استثناء صريح من القواعد‬
‫العامة و هي من الحاالت النادرة التي أفرد فيها املشرع الصلح بقواعد خاصة بعيوب الرضا‪.‬‬
‫‪-‬و الغلط في القانون هو ما كان في القواعد القانونية التي ليست مال للخالف أما الغلط في‬
‫املسائل املختلف حولها بين املحاكم فال يعتبر هذا غلطا في القانون‪.‬‬

‫‪ 7‬عبد القادر العرعار‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات في القانون املدني املغربي‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫‪ 8‬زهور الحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.813 :‬‬

‫]‪[4‬‬
‫و بالتالي فال يجوز ألحد من املتصالحين مثال الطعن في الصلح على أساس أنه وقع في غلط في‬
‫مدة التقادم أو أنه يجهل أن هناك قاعدة في القانون تخول اكتساب امللكية بالتقادم‪.9‬‬
‫لكن ما يجب الوقوف عنده بصدد الغلط في القانون بشأن عقد الصلح هو البحث عن ألاساس‬
‫أو التعليل الذي دعا املشرع الى وضع هذا الاستثناء الوارد في الفصل ‪.108881‬‬
‫و في هذا الاطار يمكن وضع التفسيرات و التحاليل لتبرير موقف املشرع املغربي على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬فيرى الفقهاء الفرنسيون أن نص املادة ‪ 1981‬من القانون املدني الفرنس ي التي تأكد أن‬ ‫أ‬
‫الصلح بين ألاطراف يكون حائزا لقوة الش يء املقض ي فيه‪ ،‬أي تشبيه الصلح بالحكم النهائي يعتبر‬
‫سببا في هذا الاستثناء‪.‬‬
‫ذلك أنه إذا وقع غلط في القانون في حكم نهائي فان هذا الاخير ال يقبل الطعن فيه باستثناء‬
‫طرق الطعن غير العادية فوجود هذ ا التماثل بين الصلح و الحكم النهائي يعتبره البعض تعليال و‬
‫تأسيسا لعدم جواز ابطال الصلح لغلك في القانون‪.11‬‬
‫و قد سار املجلس ألاعلى (محكمة النقض حاليا) عندنا في نفس هذا املسار حيث زكى بدوره هذا‬
‫الاستثناء في أحد قراراته حينما قض ى بنقض قرار صادر عن محكمة املوضوع لكونه قض ى ببطالن‬
‫صلح لغلط في القانون و جاء في تعليله "ان العقد الذي يجعل حدا للنزاع بتخلي كل طرف‬
‫عن بعض مزاعمه لفائدة الطرف الاخر ال يمكن اعتباره عقدا مصححا لعقد اخر و‬
‫بالتالي ال يمكن الحكم ببطالنه كبطالن العقد الاصلي من اجل الغلط إال اذا أزيلت‬
‫عنه صفة الصلح "‪.12‬‬

‫ب ‪ -‬و في سياق اخر يرى الفقيه "‪ " TROPLONG‬أن للصلح سببا عادال و هو قطع و إنهاء الخالف‬
‫بين املتخاصمين‪ ،‬و عليه فال يعتد بالغلط في القانون خاصة أنه ال يفترض و ال يثبت حتى بسهولة‪.‬‬

‫‪ 9‬عبد اللطيف إزدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪..31 :‬‬


‫‪ 10‬عبد اللطيف إزدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪..33 :‬‬
‫‪ 11‬عبد السالم فيغو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.109 :‬‬
‫‪ 12‬قرار عدد صادر عن محكمة النقض (املجلس ألاعلى سابقا) بتاريخ‬

‫]‪[5‬‬
‫و مما جاء في الاعمال التحضيرية للقانون املدني الفرنس ي لتفسير و تأسيس هذا الاستثناء أن‬
‫الغلط في القانون غلط ال يغتفر ‪.13‬‬
‫ج ‪ -‬و يرى الاستاذ "عبد الرزاق السنهوري" أن أقوى تحليل هو أن املتصالحين ما داما على بينة‬
‫من الوقائع ولم يقعا في غلط فيها انما يتصالحان على حكم القانون في النزاع الذي بينهما و سواء‬
‫علما حكم القانون في هدا النزاع أو لم يعلماه فهما قد قبال حسم النزاع بينهما على وجه الذي اتفقا‬
‫عليه‪.14‬‬

‫د ‪ -‬بينما يرى الفقيه فرومسكو"‪ " FROIMESCO‬في بحته عن تبرير لوجود هذا الاستثناء أن‬
‫أولوية الهدف من الصلح بإنهاء النزاعات و رفع الخصومات و ايجاد الاستقرار الاجتماعي و الثبات بين‬
‫املتعاملين هده ألاولوية تدعو الى عدم الالتفات للغلط في القانون و عدم اعتماده في الصلح زيادة على‬
‫صعوبة اثبات هدا النوع من الغلط في عقود الصلح‪.15‬‬

‫ه ‪ -‬أما التبرير و التأسيس الذي جاءت به املذكرة الايضاحية للمشروع التمهيدي للقانون املدني‬
‫املصري حيث جاء فيها‪:‬‬

‫"و السبب في أن الغلط في فهم القانون ال يؤثر في الصلح أن املتصالحين كانا و‬


‫هما في معرض املناقشة في حقوقهما يستطيعان التثبت من حكم القانون فيما قام‬
‫بينهما من نزاع على هذه الحقوق بل املفروض أنهما تثبتا من هذا ألامر فال يسمع‬
‫أحد منهما بعد ذلك أنه غلط في فهم القانون‪."16‬‬

‫‪-‬و مهما قيل في تفسير أو تبرير الاستثناء الذي انفرد به عقد الصلح عن سائر العقود هناك من‬
‫ذهب الى انتقاده حيث يؤكد الدكتور عبد الرزاق اللطيف إدزي في هذا الاطار بقوله " نشاطر ما ذهب‬
‫اليه أحد ألاساتذة و نرى أن ال مبرر له فعقد الصلح –سواء كان عاديا أو قضائيا‪ -‬هو أولى بالرعاية‬
‫من غيره من العقود ملا فيه من تضحية للمتعاقد في الصلح‪ .‬فهذا الاخير الذي فضل في مقابل انهاء‬

‫‪ 13‬عبد اللطيف إزدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪..33 :‬‬


‫‪ 14‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.810 :‬‬
‫‪ 15‬عبد اللطيف إزدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38 :‬‬
‫‪ 16‬انوار سلطان‪ ،‬أحكام الالتزام‪ ،‬النظرية العامة‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬بيروت‪ ،8013 ،‬ص‪.11 :‬‬

‫]‪[6‬‬
‫النزاع بدون استصدار حكم عن القضاء التنازل عن البعض من حقوقه دون تفويض من النصوص‬
‫القانونية املناسبة ملوضوع النزاع يجب أن ال يحرم مرة أخرى من الحماية القانونية له إذا ما وقع‬
‫ضحية لغلط في القانون أو على الاقل الاحاطة بأحكامه بالطريقة التي يمكنها أن تضمن له حقوقه‬
‫على الوجه السليم ‪."17‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬املحل و السبب في عقد الصلح‬

‫يعتبر املحل و السبب احدى أهم أركان عقد الصلح بعد التراض ي بحيث اذا تخلف أحد منهما أو‬
‫هما معا جاز للطرف املتضرر الطعن بالبطالن في عقد الصلح‪.‬‬

‫أوال‪ -‬املحل في عقد الصلح‬


‫محل الصلح يتمثل في النزاع القائم أو املحتمل قيامه‪ 18‬أي الحق املتنازع عليه و نزول كل من‬
‫الطرفين عن جزء من حقه و ادعاءاته فادا اختص أحد الطرفين بالحق كله في مقابل مال أو أداء‬
‫معين يقدمه للطرف الاخر فان هدا البدل يدخل هو الاخر في محل الصلح و أيا كان محل الصلح فانه‬
‫يجب أن تتوفر فيه الشروط التي يجب توافرها في املحل بوجه عام فينبغي أيكون موجودا‪ ،‬ممكنا‪،‬‬
‫معينا أو قابال للتعيين و يجب بوجه خاص أن يكون مشروعا فال يجوز أن يكون مخالفا للنظام‬
‫العام‪.19‬‬
‫و في هذا الاطار ينص الفصل ‪ 8899‬من ق‪.‬ل‪.‬ع " ال يجوز الصلح في املسائل املتعلقة بالحالة‬
‫الشخصية أو النظام العام أو بالحقوق الشخصية ألاخرى الخارجة عن دائرة التعامل و لكن يسوغ‬
‫الصلح عن املنافع املالية التي تترتب على مسألة تتعلق بالحالة الشخصية أو على املنافع التي تنشأ من‬
‫الجريمة" ‪.‬‬
‫و بالتالي يعتبر الفصل ‪ 8899‬من الفصول املعدودة التي خص بها املشرع لعقد الصلح بأحكام‬
‫خاصة مما يجعلنا نستخلص املالحظات التالية في محل عقد الصلح‪:‬‬

‫‪ 17‬عبد اللطيف إزدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38 :‬‬


‫‪ 18‬عبد السالم فيغو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.103 :‬‬
‫‪ 19‬محمد وحيد الدين‪ ،‬شرح القانون املدني‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬ص‪318 :‬‬

‫]‪[7‬‬
‫املالحظة الاولي‬

‫اذا كان املشرع املغربي لم يفرق في أحكام املحل في الصلح بين أن يكون منقوال أو عقارا فقد نص‬
‫على شكلية قانونية تتعلق بالصلح الواقع على عقار‪ ،‬حيث توجب على الطرفين املتصالحين كتابة‬
‫عقد الصلح و تسجيله ليكون له أثر في مواجهة الغير (الفصل ‪ 8891‬من ق‪.‬ل‪.‬ع) ‪.‬‬

‫املالحظة الثانية‬

‫يجوز أن يكون للصلح محل غير محدد القيمة بالنسبة للطرفين (الفصل ‪ 8898‬من ق‪.‬ل‪.‬ع )‪ ،‬و‬
‫هو ما أكدته القاعدة العامة املشترطة في املحل بوجه عام (الفصل ‪ 81‬من ق‪.‬ل‪.‬ع)‪ ،‬حيث ترك ألامر‬
‫لالجتهاد القضائي و العرف و لكل ما يستفاد من العقد و الاتفاق ليساعد على التعيين و قد هدف‬
‫املشرع الى تقليص دائرة الخالف بين املتعاقدين فاعتبر أن معرفتهما لقيمة ما يتصالحان بشأنه ليس‬
‫شرطا إلبرام الصلح فإذ ا ما تبين ألحد الطرفين املتصالحين بعد ابرام العقد أن قيمة املتصالح عليه‬
‫أعلى مما يتصور بكثير لم يجز له أن يتدرع بجهله ليطالب بإبطال الصلح‪.‬‬

‫املالحظة الثالثة‬

‫يجوز أيضا أن تكون ملحل الصلح منافع مالية تترتب على الحالة الشخصية و ليس باملسائل‬
‫املتعلقة بالحالة الشخصية مثال النفقة املستحقة عند ثبوت النسب حيث يجوز‬

‫الصلح على كيفية أدائها ملستحقها‪.20‬‬

‫و ما يمكن مالحظته هو أن املشرع املغربي شأنه شأن املشرع الجزائري في املادة ‪ 118‬من التقنين‬
‫املدني استعمل طريقة العموم و التخصيص في صياغة منع الصلح في مسائل النظام العام فقد ذكر‬
‫الحالة الشخصية كمظهر أو جانب من جوانب النظام العام تم ذكر النظام العام كلع بصفة عامة و‬
‫الذي تدخل ضمنه الاهلية و أحكامها و لهذا يفهم من سياق املادة ‪ 8899‬من ق‪.‬ل‪.‬ع جواز الصلح‬
‫حول املصالح املالية املترتبة عن ألاهلية كذلك‪.21‬‬

‫‪ 20‬عبد اللطيف إزدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10 :‬‬


‫‪ 21‬اشهب نسيمة‪ ،‬الصلح في املنازعات املدنية وإلادارية‪ ،‬مذكرة بحث نهاية التخرج من املعهد الوطني للقضاء‪ ،‬الدفعة ‪ ،88‬الجزائر‪ ،‬ص‪.12 :‬‬

‫]‪[8‬‬
‫املالحظة الرابعة‬

‫يجوز كذلك أن يكون الصلح على املنافع الناشئة عن الجريمة غير أنه يجب أن ال يتناول ما‬
‫يتعلق بالدعوى العمومية لكونها من النظام العام و تتعلق بها حقوق املجتمع بأكمله و هكذا يمكن‬
‫للمتضرر في الجريمة أن ينازل عن املطالبة بالتعويض املدني نظير مبلغ مالي يحصل عليه املجني عليه‬
‫(الفصل ‪ 8899‬من ق‪.‬ل‪.‬ع) كما يجوز للورثة أن يتصالحوا على حقوقهم في التركة بعد موت مورثهم‪.‬‬

‫و تجدر الاشارة إلى أنه إلى جانب هذه الحاالت التي قض ى املشرع على جواز كونها محال للصلح‬
‫أورد حاالت مقابلة لها أكد على عدم صالحيتها ألن تكون محال له في الفصول ‪ 8891 8898 8899‬من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع‪ .‬وحصيلة القول يلزم التأكيد بأن املحل في الصلح يجب أن ال يتعدى موضوع النزاع القائم أو‬
‫املحتمل فإذا كان املتصالحان يرغبان في وضع حد للنزاع فال ينبغي أن يذهبا في تفسير رغبتهما الى ما‬
‫يخرج بها عن القصد‪.22‬‬

‫ثانيا – السبب في عقد الصلح‬


‫السبب في عقد الصلح يفيد الغاية التي من أجلها التزم العاقد و يذهب الباحثين إلى أنه إذا كان‬
‫التعريف بمحل الالتزام يجري بالجواب عن السؤال بماذا التزم املدين؟ فإن معرفة السبب يحصل‬
‫باإلجابة عن السؤال ملاذا التزم املدين؟‬

‫و لدراسة السبب في عقد الصلح ال بد من التطرف له في النظرية التقليدية و الحديثة‪.‬‬

‫‪ -1‬السبب باملعنى التقليدي‬


‫السبب باملعنى التقليدي في عقد الصلح هو الغرض املباشر الذي من أجله التزم املدين و هناك‬
‫من الفقهاء يجعل السبب في عقد الصلح هو حسم نزاع قائم أو محتمل فإذا لم يكن هناك نزاع أو‬
‫كان النزاع قد حسمه حكم نهائي فالصلح يكون باطال النعدام السبب‪ .‬و على هذا الوجه يختلط‬
‫السبب باملحل اختالطا تاما‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫عبد اللطيف إزدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32 :‬‬

‫]‪[9‬‬
‫و يرى الاستاذ السنهوري بأن وجود نزاع قائم بين املتصالحين هو من مقومات الصلح و ليس‬
‫سببا له و من تم يكون النزاع محال لعقد الصلح ال سببا له‪.‬‬

‫‪ -2‬السبب باملعنى الحديث‬


‫هو الذي تقول به النظرية الحديثة و املتمثل في الباعث الدافع للمتصالحين على ابرام الصلح‬
‫فهناك من يدفعه الى الصلح خشية أن يخسر دعواه أو خوفه من العالنية و التشهير و قد يكون‬
‫الدافع هو الابقاء على صلة الرحم أو الصداقة القديمة‪.‬‬

‫فكل هذه البواعث مشروعة فالصلح الذي يكون سببه باعث من هذه البواعث يكون مشروعا‬
‫أما إذا كان الدافع إليه سببا غير مشروع فانه يكون باطال‪ ،‬مثال أن يصالح شخص أخر على نزاع‬
‫متعلق بإيجار منزل حتى يتمكن من إدارته للدعارة أو للمقامرة‪ .‬فهذه البواعث غير مشروعة و متى كان‬
‫الطرف الاخر على علم بها أو كان من السهل عيه أن يتبينه فإن الصلح يكون باطال لعدم مشروعية‬
‫السبب‪.23‬‬

‫‪ -3‬موقف املشرع املغربي من السبب في عقد الصلح‬


‫تجدر الاشارة الى أن السبب في عقد الصلح في ق‪.‬ل‪.‬ع يأخذ من النظريتين معا كما يشترط فيه ما‬
‫يشترط في سبب الالتزامات عموما من وجود و حقيقة و مشروعية مع ألاخذ بعين الاعتبار ما قرره‬
‫املشرع في الفصل ‪ 8888‬من ق‪.‬ل‪.‬ع في فقرته الثالثة اذ نص "يجوز الطعن في الصلح النتفاء‬
‫السبب إذا كان الصلح قد أجري‪:‬‬

‫‪ -1‬على سند مزور‪،‬‬

‫‪ -2‬على سبب غير موجود‪،‬‬

‫‪ -3‬على نازلة سبق فصلها بمقتض ى صلح أو حكم غير قابل لالستئناف أو‬
‫للمراجعة كان الطرفان أو أحدهما يجهل وجوده‪،‬‬

‫‪ 23‬عبد القادر العرعار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.898 :‬‬

‫]‪[10‬‬
‫وال يجوز في الحاالت السابقة التمسك بالبطالن إال للمتعاقد الذي كان حسن‬
‫النية"‪.‬‬

‫و بخصوص شروط السبب في عقد الصلح ‪ -‬في اطار النظرتين ‪ -‬فانه يخضع ملنطق الفصل ‪11‬‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي يؤكد أن‪:‬‬

‫‪-‬الشرط ألاول له أن يكون السبب موجود و ذلك من خالل القول أن الالتزام الذي ال سبب له‬
‫يعد كأن لم يكن‪ ،‬و شرط الوجود هو من شروط السبب التقليدي و ليس من شروط الباعث ألن‬
‫الباعث يكون دائما موجودا إال إذا صدر من غير ذي تمييز حيث يبطل التصرف النعدام الرض ى‪.24‬‬

‫‪-‬أما بخصوص الشرط الثاني بأن يكون السبب مشروعا حيث دعا نفس الفصل الى أن الالتزام‬
‫املبني على سبب غير مشروع يعتبر كأن لم يكن و يكون السبب غير مشروع إذا كان مخالفا لألخالق‬
‫الحميدة أو النظام العام أو القانون‪.25‬‬

‫‪-‬أما فيما يتعلق الشرط الثالث فينبغي أن يكون السبب في عقد الصلح حقيقيا و ذلك بأن ال‬
‫يكون الصلح صوريا حيث أكد الفصل ‪ 11‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪" :‬يفترض أن السبب املذكور‬
‫هو السبب الحقيقي حتى يثبت العكس" و من ثم فإذا ادعى املصالح أن السبب غير موجود‬
‫أو غير مشروع فله أن يقيم الدليل على صحة دعواه طبقا للفصل ‪ 18‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.26‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬ألاركان املوضوعية الخاصة‬


‫يتميز عقد الصلح عن ألانظمة املشابهة له كالوساطة والتحكيم والقضاء ببعض الشروط‬
‫الخاصة به‪ ،‬وهذه الشروط الخاصة هي بمنزلة أركان خاصة لعقد الصلح‪ ،‬بحيث ال يمكن الحديث‬
‫عن عقد الصلح إال بتوفرها‪ ،‬ومنها على وجه التحديد‪:‬‬

‫‪ 24‬عبد اللطيف إزدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18 :‬‬


‫‪ 25‬زهور الحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.813 :‬‬
‫‪ 26‬عبد اللطيف إزدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪..30 :‬‬

‫]‪[11‬‬
‫الفقرة ألاولى‪:‬نزاع قائم أو محتمل‬
‫هذا الشرط مأخوذ من مختلف التحديدات القانونية التي أوردتها التشريعات املعاصرة لعقد‬
‫الصلح املدني‪ ،‬ومنها التشريع املغربي في الفصل ‪ 8901‬من ق‪.‬ل‪.‬ع "الصلح عقد بمقتضاه‬
‫يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه" والفرق بين النزاع القائم واملحتمل‪ ،‬أن ألاول‬
‫يتضمن أمرين وهما‪ :‬تعارض املصالح واملطالبة القضائية‪ ،‬أما الثاني أي النزاع املحتمل فيتضمن‬
‫تعارض املصالح ومجرد إمكانية املطالبة القضائية‪ ،‬فإن لم يكن هناك نزاع قائم أم محتمل لم يكن‬
‫العقد صلحا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أن تنصرف نية املتعاقدين إلى حسم النزاع‬


‫قد يحسم الصلح بعض املسائل ويترك بعضها ألاخر للمحكمة لتبت فيها‪ ،‬وإن كان الفصل ‪8881‬‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع يوحي بعكس ذلك‪ ،‬جاء فيه " الصلح ال يقبل التجزئة" ولكن الفصل ‪ 8891‬من نفس‬
‫القانون يدل على إمكانية سريان الصلح على بعض أجزاء النزاع دون البعض ألاخر "يجب تفسير‬
‫الصلح في حدود ضيقة كيفما كانت عباراته‪ ،‬وهو ال يسري إال على املنازعات‬
‫والحقوق التي ورد عليها"‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تنازل مبادل‬


‫يقصد بهذا الشرط أن يتنازل كل من املتصالحين على وجه التقابل عن جزء من إدعائه‪ ،‬فإذا‬
‫لم ينزل أحدهما عن ش يء مما يدعيه ونزل ألاخر عن كل ما يدعيه لم نكون أمام صلح بل تسليما‬
‫بحق الخصم‪ .‬وبهذا التنازل املتبادل يختلف الصلح عن إلابراء وترك الخصومة التي تكون من طرف‬
‫واحد غالبا‪ ،‬وليس من الضروري أن يكون التنازل من الجانبين متعادال‪ ،‬ففي التسليم بحق الخصم‬
‫وفي ترك الدعوى إذا قبل الطرف ألاخر أن يتحمل في مقابل ذلك بمصروفات الدعوى كان هذا صلحا‬
‫مهما كانت تضحية الطرف ألاخر قليلة بالنسبة إلى تضحية الطرف ألاول‪ ،‬بل قد يعمد شخص إلى‬
‫الصلح مع خصمه حتى يتفادى التقاض ي وما يجر من إجراءات معقدة ومصروفات باهضة‪ ،‬وما‬

‫]‪[12‬‬
‫يستغرقه من وقت طويل أو حتى يتفادى عالنية الخصومة في أمر يفضل سريته فينزل عن جزء من‬
‫إدعائه لهذا الغرض حتى يسلم له الخصم بباقي حقه‪.27‬‬

‫وتجدر إلاشارة إلى أن هذه ألاركان الخاصة تنطبق على الصلح في املادة املدنية أكثر منها في‬
‫املجاالت ألاخرى‪ ،‬فالصلح الزجري مثال ال يمكن الحديث عنه إال في ظل وجود نزاع قائم فقط‬
‫ومعروض على أنظار النيابة العامة‪ ،‬كذلك الصلح بين الدائنين ورئيس املقاولة في صعوبات املقاولة‬
‫في امليدان التجاري‪...‬‬
‫وهكذا فإن ألاركان الخاصة لعقد الصلح هي التي تميز الصلح عن بعض ألانظمة املشابهة‬
‫كالتحكيم والقضاء مثال‪ ،‬ويمكن حصر أوجه الاختالف في التالي‪:‬‬
‫‪ -‬التحكيم يختلف عن الصلح في كون التحكيم يتفق فيه ألاطراف على هيئة تحكيمية تبت في‬
‫النزاع بشكل مستقل عن إرادة ألاطراف‪ ،‬أما في الصلح فاألطراف يحسمون النزاع بكيفية يتوافقون‬
‫عليها‪ ،‬فالحكم التحكيمي أشبه بحكم القاض ي يكون لصالح أحد الخصوم دون مراعاة الطرف ألاخر‪.‬‬
‫‪ -‬يختلف الصلح عن التسليم بالحق وترك الخصومة في كون الصلح يقتض ي التضحية من‬
‫الجانبين‪ ،‬أما في التسليم بالحق وترك الخصومة يكون التنازل من جانب واحد‪.‬‬
‫‪ -‬اختالف الصلح عن إلابراء في أن هذا ألاخير نزول كامل عن الحق من أحد الجانين‪ ،‬أما الصلح‬
‫فهو نزول جزئي من كل من الجانين‪.‬‬
‫‪ -‬اختالف الصلح عن اليمين الحاسمة في أن الصلح يتضمن التضحية من جانبين‪ ،‬أما توجيه‬
‫اليمين الحاسمة فال يتضمن إال تضحية من جانب واحد الذي وجه لليمين‪ ،‬إذ يكسب الجانب الذي‬
‫يحلف كل ما يدعيه‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬أثار الصلح وانقضاءه‬


‫إن انعقاد الصلح يفض ي إلى حسم النزاع الذي تناوله‪ ،‬وبالتالي انقضاء ما تنازال عنه كل من‬
‫الطرفين من الحقوق والادعاءات نزوال نهائيا وهذه النتيجة التي رتبها القانون على عقد الصلح هي في‬

‫‪ 27‬أنور طلبة‪ ،‬الوسيط في القانون املدني املصري‪ ،‬ص‪.119 :‬‬


‫ملزيد من التفاصيل أنظر بالقاسم شتوان‪ ،‬الصلح في الشريعة إلاسالمية والقانون دراسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر والقانون‪ ،‬مصر‪ ،‬طبعة ‪ ،1989‬ص‪:‬‬
‫‪ 828‬و ‪.821‬‬

‫]‪[13‬‬
‫الواقع من ألامور التي يهدف إليها املتعاقدين إذا أراد بالصلح حسم النزاع القائم بينهما وفق الشروط‬
‫التي ارتضياها‪.28‬‬
‫وهكذا سنحاول تقسيم هذا املطلب إلى فقريتين ألاولى سنخصصها ألثار الصلح‪ ،‬في حين سنفرد‬
‫الثانية للحديث عن انقضاء الصلح‪.‬‬

‫املطلب ألاول‪ :‬آثار الصلح‬


‫ال يخفى على أحد أن الهدف ألاسمى للصلح هو إنهاء النزاع بطريقة ودية‪ ،‬لكن قبل الخوض في‬
‫آلاثار الهام والجوهري لعقد الصلح املتمثل في حسم النزاع (ثانيا) البد أن نقف (أوال) عند السجل‬
‫الفقهي حول الطبيعة القانونية للصلح‪.‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬الطبيعة القانونية للصلح‬


‫اختلفت التشريعات املدنية حول تحديد الطبيعة القانونية ألثر الصلح‪ ،‬مما أدى إلى تضارب آراء‬
‫الفقهاء حول هذه املسألة‪ ،‬حيث ذهب البعض منهم إلى القول بأن للصلح أثر كاشف‪ ،‬في حين ذهب‬
‫فريق أخر إلى اعتبار الصلح ذا أثر ناقل‪.‬‬

‫أوال)‪ -‬الطبيعة الكاشفة‬


‫لم يحدد القانون املدني الفرنس ي الطبيعة القانونية للصلح بنص حاسم إال أن الرأي السائد في‬
‫الفقه الفرنس ي يتجه إلى القول بأن الصلح كاشف للحقوق ال ناقل لها‪ ،‬بالرغم من أن جانب من‬
‫الفقه في فرنسا ذهب غلى القول بأن للصلح أثر ناقل للحقوق املتنازع فيها‪.29‬‬
‫أما بالنسبة للمشرع املغربي لم يتعرض هو أيضا لهذه املسألة بنص صريح‪ ،‬لكن باستقراء‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 8898‬من ق‪.‬ل‪.‬ع يستشف أن املشرع أخذ الطبيعة الكاشفة ألثر الصلح ال منش ئ‬
‫له‪.‬‬
‫ويقصد بالطبيعة الكاشفة ألثر الصلح أنه ال يتضمن إنشاء أو نقال للحقوق املتنازع فيها بل‬
‫يقتصر دوره على الكشف عن وجود الحق مستندا إلى مصدره ألاول‪ ،‬ويترتب على هذه الطبيعة‬
‫الكاشفة لعقد الصلح العديد من النتائج منها‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كان الصلح على ملكية عقار أو أي حق عيني عقاري ال يشترط التسجيل ألن الصلح فقط‬
‫كاشف للحق ال منش ئ له‪.‬‬
‫‪ 28‬عبد اللطيف أزدي‪ ،‬مرجع سابق‪ :‬ص‪.118 :‬‬
‫‪29‬‬
‫‪Benabent (A), droit civil, les contrats spécieux, Paris, édition mont, 1999, P : 522.‬‬

‫]‪[14‬‬
‫‪ -‬إذا كان الحق املتصالح عنه عقارا فال يثبت معه حق الشفعة‪ ،‬ألن الصلح كاشف عن الحق‬
‫وليس منشأ له‪.‬‬
‫‪ -‬إن الالتزامات التي يرتبها عقد الصلح على عاتق املتصالحين تحتفظ بصفتها وتأميناتها ودفوعها‬
‫التي كانت مقررة لها قبل الصلح‪.30‬‬

‫ثانيا)‪ -‬الطبيعة الناقلة‬


‫إذا كان ألاثر الجوهري لعقد الصلح هو رفع النزاع وقطع الخصومة‪ ،‬بحيث ينشأ التزام في ذمة‬
‫كل طرف بعدن تجديد النزاع الذي حسمه بالصلح أي التزام بعدم التعرض الشخص ي‪ ،‬فإن الصلح‬
‫قد يتضمن حقوق غير متنازع فيها وهو في هذه الحالة ينقل الصلح حقوق أو ينش ئ التزامات على ذمة‬
‫عاقديه‪ ،‬وبالتالي يكون للصلح أثر منش ئ أو ناقل للحقوق ال أثر كاشف‪.31‬‬
‫وهناك اتجاهات في القانون املدني الفرنس ي في تحديد الطبيعة القانونية لعقد الصلح‪ ،‬فهناك‬
‫من‪ 32‬ذهب إلى اعتبار عقد الصلح ذا طبيعة كاشفة‪ ،‬وهناك من يذهب إلى اعتبار عقد الصلح ذا أثر‬
‫ناقل للحقوق‪ .‬ثم بعد ذلك ظ هرت نظرية شفاليه نسبة إلى الفقيه الفرنس ي شفاليه في الطبيعة‬
‫الناقلة‪ .‬إذ وضح في هذه النظرية التناقض بين طبيعة الصلح من حيث كونه عقدا وبين فكرة ألاثر‬
‫الكاشف‪ ،‬فالعقد هو اتفاق بمقتضاه يلتزم شخص أو أكثر من قبل شخص أخر أو أشخاص آخرين‬
‫بإعطاء ش يء أو بفعله أو باالمتناع عن فعله‪.‬‬
‫أما التصرف الكاشف فهو تصرف يستند إلى مركز سابق يقرره القانون دون أن يحدث تغيرا فيه‬
‫وأن الصلح كباقي العقود ينش ئ التزامات وواجبات متقابلة على عاتق الطرفين أهمها عدم إثارة النزاع‬
‫الذي حسمه الصلح من جديد ثم إن عقد الصلح يغير املراكز السابقة للطرفين إذ تصبح هذه املراكز‬
‫بعد الصلح تختلف عنها قبله‪.33‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حسم النزاع‬


‫يترتب على عقد الصلح انقضاء إلادعاء أي انقضاء حق الدعوى الذي تنازل عنه الطرفان‪،‬‬
‫فالصلح له أثر جوهري يميزه عن سائر العقود هو حسم النزاع القائم أو املحتمل الوقوع بين‬
‫الطرفين‪ ،34‬جاء في الفصل ‪ 8898‬من ق‪.‬ل‪.‬ع « يترتب على الصلح أن تنقض ي نهائيا الحقوق‬
‫‪ 30‬عبد السالم فيغو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.319 :‬‬
‫‪ 31‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.811 :‬‬
‫‪32‬‬
‫‪Malourie et Aynes, P : 283 et 771.‬‬
‫‪ 33‬عبد السالم فيغو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.113 :‬‬
‫‪ 34‬أحمد فتحي زغلول‪ ،‬شرح القانون املدني‪ ،‬دون ذكر دار النشر والطبعة‪ ،‬ص‪.128 :‬‬

‫]‪[15‬‬
‫والادعاءات التي كانت له محال‪ ،‬وأن يتأكد لكل من طرفيه ملكية ألاشياء التي‬
‫سلمت له والحقوق التي اعترف له بها من الطرف ألاخر‪ ،‬والصلح على الدين في‬
‫مقابل جزء من املبلغ املستحق يقع بمثابة إلابراء ملا بقي منه ويترتب عليه تحلل‬
‫املدين منه "‪.‬‬
‫ويتضح من ذلك أن املقصود بحسم النزاع هو أنه إذا كانت هناك خصومة قائمة بطلت ملجرد‬
‫إبرام عقد الصلح وامتنع تجديدها –أي الخصومة‪ ،-‬وأنه إذا كان عازما على الخصومة سقط الحق‬
‫في إقامتها‪ ،‬ألنه متى تم الصلح فال يجوز فيه الرجوع فيه إال باتفاق الطرفين‪ ،‬ألن في ذالك تجديد‬
‫للنزاع والصلح يشبه الحكم القضائي من حيث آلاثار بحيث يؤديان إلى حسم و إنهاء النزاع‪ ،‬هذا ما‬
‫نص عليه صراحة الفصل ‪ 8891‬من ق‪.‬ل‪.‬ع بقوله «ال يجوز الرجوع في الصلح ولو باتفاق‬
‫الطرفين ما لم يكن قد ابرم باعتباره عقد معوضة"‪.‬‬
‫وهكذا فإن الصلح تترتب عنه نتيجتان هما انقضاء الحقوق والالتزامات وتثبيت الحقوق بين‬
‫الطرفين املتصالحين‪.‬‬

‫أوال)‪ -‬انقضاء الحقوق والالتزامات‬


‫ففي حالة حسم النزاع بالصلح ال يجوز ألي من املتصالحين أن يجدد هذا النزاع ال بإقامة‬
‫الدعوى وال باملض ي في الدعاوى التي كانت مرفوعة في موضوع النزاع الذي حسمه الصلح‪ ،‬وألاكثر من‬
‫ذلك أن والية املحكمة تنقض ي بمجرد انعقاد الصلح وتمامه‪ ،‬كما يتولد عن انعقاده تزويد املتصالح‬
‫الذي حصل التنازل ملصلحته بدفع قطعي يقطع على خصمه كل محاولة لتجديد الدعوى عن طريق‬
‫ما يسمى الدفع بالصلح‪ .35‬وإذا انقضت الدعوى بالصلح لم يبقى أمام الخصم سوي الطعن في عقد‬
‫الصلح ببطالنه أمام املحكمة التي تنظر في صحة عقد الصلح الذي تم الطعن فيه فإذا قضت بصحة‬
‫عقد الصلح حكمت بعدم قبول الدعوى‪.‬‬
‫لكن قد يثار تساؤل في حالة استحقاق أو هالك الش يء الذي تم التصالح عليه هل يستطيع أحد‬
‫الطرفين تجديد النزاع في هذه الحالة بمعنى أخر هل له الحق في رفع دعوى املطالبة بالتعويض؟‬

‫املشرع املغربي عالج هذه املسألة في الفصل ‪ 8892‬من ق‪.‬ل‪.‬ع بقوله‪ « :‬يضمن كل من‬
‫الطرفين لألخر ألاشياء التي يعطيها على أساس الصلح‪.‬‬

‫‪ 35‬عبد السالم فيغو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.113 :‬‬

‫]‪[16‬‬
‫وإذا سلم الش يء املتنازع عليه ألحد الطرفين بمقتض ى الصلح ثم استحق منه أو‬
‫اكتشف فيه عيب موجب للضمان ترتب على ذلك غما فسخ العقد كليا أو جزئيا‬
‫وإما دعوى إنقاص الثمن حسبما هو مقرر للبيع‪.‬‬
‫وإذا قام الصلح على منح منفعة ش يء ألجل محدد‪ ،‬فإن الضمان الذي يتحمل‬
‫به أحد العاقدين لألخر هو الضمان املقرر لكراء ألاشياء"‪.‬‬
‫وهذا الضمان له ما يبرره بالنسبة للحقوق غير املتنازع فيها التي ينقلها طرف إلى ألاخر‪ ،‬ألن أثر‬
‫الصلح بالنسبة إليها يكون ناقال أو منشأ أما بالنسبة إلى الحقوق التي حسم الصلح النزاع حولها فإن‬
‫أثره كاشف عن كل حق منهما فتسند إلى مصدرها ألاصلي ومن ثم ال يكون هناك داعي إليجاد ضمان‬
‫بالنسبة لها ألن الضمان ال محل له إال إذا كانت حقوقا ناشئة عن الصلح أو منقولة نتيجة له‪.36‬‬
‫‪37‬‬
‫ثانيا)‪ -‬تثبيت الحقوق بين الطرفين املتصالحين‬
‫النتيجة الحتمية ألثر انقضاء النزاع بالصلح هي أن الحقوق التي تنازال عنها كل طرف تثبت‬
‫للطرف ألاخر كامل حقوقه‪ ،‬وان اثر ذلك هو اثر كاشف ال منش ئ ولذلك نص ق‪.‬ل‪.‬ع في فصله ‪8898‬‬
‫على انه « يترتب على الصلح أن تنقض ي نهائيا الحقوق وإلادعاءات التي كانت له‬
‫محال‪ ،‬وان يتأكد لكل من طرفيه ملكية ألاشياء التي سلمت له والحقوق التي‬
‫اعترف له بها من الطرف ألاخر‪ ،‬والصلح على الدين في مقابل جزء من املبلغ‬
‫املستحق يقع بمثابة إلابراء ملا بقي منه ويترتب عليه تحلل املدين منه "‪.‬‬
‫لكن هذه القاعدة ليست مطلقة فإذا استجد سبب جديد للمنازعة بين املتصالحين ولم يكن‬
‫داخال في شروط الصلح‪ ،‬فإنه يتعين فبدائه رفع دعوى جديدة وال يحول وجود الصلح دون قبول‬
‫الدعوى في هذه الحالة‪ ،‬ألن من استجد لصالحه هذا السبب ال يكون مرتبطا بهذا الصلح وهو ما‬
‫يجب إتباعه في حالة امتناع أحد املتصالحين عن تنفيذ الصلح‪.38‬‬
‫أما الغير الذي يدعي إضرار الصلح بمصالحه فهل يستطيع رفع دعوى أو التدخل فيها إذا كانت‬
‫الصلح قضائيا؟ بمفهوم املخالفة هل يمكن الدفع بالصلح في مواجهة الغير املتضرر؟‬

‫‪ 36‬عبد السالم فيغو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.312 :‬‬


‫‪ 37‬عبد السالم فيغو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.312 :‬‬
‫‪ 38‬محمد على عرف‪ ،‬في التأمين والعقود الصغري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬القاهرة‪ ،8008 ،‬ص‪ 383 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫]‪[17‬‬
‫أجابت محكمة النقض املصرية عن هذا التساؤل في أحد قراراتها بتاريخ ‪ 13‬فبراير ‪ 8001‬بقولها‬
‫للغير الذي أضر الصلح بحقوقه عن طريق الغش أن يرفع دعوى أصلية ببطالنه أو يبدي الدفع‬
‫بالبطالن بالتدخل في الدعوى التي حصل الصلح فيها‪.39‬‬
‫وهكذا فإن الغير يستطيع التدخل في الدعوى التي انتهت بالصلح أو رفع دعوى أصلية إذا تم‬
‫الصلح خارج أسوار املحكمة ترمي إلى بطالن الصلح‪ ،‬وفي هذه الحالة يتعين على املحكمة املعروض‬
‫عليها النزاع البت في تدخل الغير قبل صدور الحكم بالصلح‪.‬‬
‫ومن السباب التي يستند إليها الغير في التدخل في الدعوى‪:‬‬
‫أ‪ -‬أنه ليس طرفا في عقد الصلح وبالتالي ال يترتب في ذمته أي التزام‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن الدفع السالف ال يترتب إال على الصلح الصحيح واملنتج ألثره ‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬انقضاء الصلح‬


‫عقد الصلح من العقود امللزمة لجانبين وبموجب ذلك يترتب على كل طرف مجموعة من‬
‫الالتزامات التي عليه تنفيذها‪ ،‬فإذا أخل أحد املتعاقدين بتلك الالتزامات أمكن للطرف ألاخر التمسك‬
‫بفسخ العقد‪ ،‬كما يمكن تضمن عقد الصلح شرطا جزائيا يفرض على من أخل بالتزاماته‪ ،‬كما قرر‬
‫املشرع الطعن في عقد الصلح ببطالنه إذا نشأ معيبا‪.‬‬
‫وهكذا فإن عقد الصلح كسائر العقود ينقض ي دائما بالفسخ أو البطالن وفق القواعد العامة‪.‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬الشرط الجزائي‬


‫الشرط الجزائي هو اتفاق مسبق على تقدير التعويض الذي استحقه الدائن عند امتناع املدين‬
‫عن تنفيذ التزاماته أو التأخر في تنفيذها ويأخذ عادتا صورة شرط يضمن في العقد من هنا جاءت‬
‫التسمية‪.40‬‬
‫فإذا كان الشرط الجزائي مقررا للتأخر في تنفيذ عقد الصلح‪ ،‬وتأخر احد املتصالحين في تنفيذ‬
‫التزاماته جاز للمتصالح ألاخر املطالبة بالتنفيذ عن طريق الشرط الجزائي‪ .‬وهنا يجب على القاض ي‬
‫التأكد فيما إذا كان الطرف قد نفذ جزء من التزاماته أما إذا لم ينفذها في هذه الحالة يحكم‬
‫بالشرط الجزائي كامال أما في الحالة ألاولى فيجب مراعاة مقدار التنفيذ عند تحديد مقدار التعويض‬
‫الاتفاقي من قبل القاض ي‪.‬‬

‫‪ 39‬نقض مدني بتاريخ ‪ ،8001/1/13‬مجموعة محكمة النقض‪ ،‬ص‪.181 ،811 ،18 :‬‬
‫‪ 40‬أنوار سلطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11 :‬‬

‫]‪[18‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬فسخ العقد وانفساخه‬
‫سنتناول فسخ عقد الصلح باعتباره وسيلة من وسائل الالتزام بهذا العقد فالقاعدة العامة‬
‫تقض ي بأنه إن لم يقوم أحد املتعاقدين بتنفيذ التزاماته في العقد امللزم لجانبين جاز للطرف ألاخر‬
‫أيطلب فسخ العقد فيتحلل هو أيضا مما هو في ذمته من التزام مع حقه في املطالبة بالتعويض‪،41‬‬
‫حيث أجاز ق‪.‬ل‪ .‬ع فسخ العقود امللزمة لجانبين في حالة امتناع احد الطرفين عن تنفيذ التزاماته‪،‬‬
‫وهنا يثار تساؤل هو مدى انطباق هذه القاعدة على عقد الصلح؟‬

‫أوال)‪ -‬انحالل عق الصلح‬


‫املقصود بانحالل عقد الصلح انتهاءه بعد وجوده بطريق الفسخ أو الانفساخ ويعرفه ألاستاذ عبد‬
‫القادر العرعار بأنه جزاء مدني يهدف إلى وضع حد للعالقة العقدية عندما يحصل إلاخالل‬
‫بمقتضيات الاتفاق الرابط بين املتعاقدين‪.42‬‬
‫والفرق بين الفسخ والانفساخ هو أن ألاول عبارة عن نقض الصلح بفعل من املتعاقدين أو‬
‫أحدهما بينما الثاني انتهاء الصلح بسبب خارج عن أرادتهما وذلك كاألتي‪:‬‬

‫فسخ عقد الصلح‪ :‬ألاصل فيه انه يفسخ عند إخالل أحد املتعاقدين بالتزاماته بل يستمر قائما‬
‫ويجبر العاقد على التنفيذ جاء في الفصل ‪ 8889‬من ق‪.‬ل‪.‬ع « إذا لم ينفذ احد الطرفين‬
‫الالتزامات التي تعهد بها بمقتض ى الصلح حق للطرف ألاخر أن يطلب تنفيذ العقد‬
‫إذا كان ممكنا‪ ،‬وإال كان له الحق في طلب الفسخ مع عدم إلاخالل بحقه في‬
‫التعويض في كلتا الحالتين" ونص الفصل ‪ 8888‬من نفس القانون على أن « فسخ الصلح‬
‫يعيد املتعاقدين إلى نفس الحالة القانونية التي كان عليها عند إبرامه ويخول كال‬
‫منهما حق استرداد ما أعطاه تنفيذا للصلح‪ ،‬مع عدم إلاخالل بالحقوق املكتسبة‬
‫على وجه صحيح و على سبيل املعاوضة من طرف الغير حسن النية‪.‬‬
‫وإذا أصبحت مباشرة الحق الذي حصل التنازل عنه متعذرة‪ ،‬وقع الاسترداد‬
‫على قيمته"‪.‬‬

‫‪ 41‬حميدي عبد الرحمان‪ ،‬الوسيط في النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬ص‪.801 :‬‬
‫‪ 42‬عبد القادر العرعار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.181 :‬‬

‫]‪[19‬‬
‫انفساخ عقد الصلح‪ :‬أخضعت القوانين املدنية هذه املسالة للقواعد العامة وبموجب هذه‬
‫املواد فإن الالتزام ينقض ي باستحالة تنفيذه على شرط أن يصبح مستحيال وليس مرهقا فقط‪ ،‬وان‬
‫تكون الاستحالة الحقة على نشوء الالتزام‪ ،‬وأن تكون الاستحالة بسبب أجنبي ال يد للمدين فيه‪. 43‬‬

‫ثانيا)‪ -‬أثر فسخ عقد الصلح وانفساخه‬


‫إن اثر فسخ عقد الصلح وانفساخه‪ ،‬وكذلك بطالنه واحد في القوانين املدنية وتطبيقا لحكم‬
‫القاعدة العامة في اثر فسخ العقد أنه أذا فسخ عقد الصلح يعد كأن لم يكن وتزول جميع أثاره‬
‫إلاقرارية وإلانشائية على السواء وإرجاع املتعاقدين إلى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد‪ ،44‬تطبيقا‬
‫لقاعدة عدم جواز تجزئة فسخ العقد كما هو الحال بالنسبة للبطالن‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬بطالن عقد الصلح‬


‫قد ينقض ي الصلح بالبطالن كسائر العقود وتطبق بشأنه القواعد العامة للبطالن‪ ،‬لكن هل‬
‫يكتفي عقد الصلح بهذه القواعد العامة أم أنه ينفرد بقواعد خاصة تمييزه عن باقي العقود ألاخرى؟ ‪.‬‬

‫ينص الفصل ‪ 8881‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي « الصلح ال يقبل التجزئة فبطالن جزء منه‬
‫أو إبطاله يقتض ي بطالنه أو إبطاله كله‪.‬‬
‫وال يسري هذا الحكم‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إذا تبين من العبارات املستعملة أو من طبيعة الاشتراطات أن املتعاقدين‬
‫قد اعتبروا شروط الصلح أجزاء متميزة ومستقلة بعضها عن البعض ألاخر‪،‬‬
‫ثانيا‪ :‬إذا نتج البطالن عن عدم توفر ألاهلية لدى أحد املتعاقدين"‪.‬‬
‫وهكذا فإن الصلح وحدة ال تتجزأ وهذه الوحدة تكون في كل بنوده وشروطه وبالنسبة لجميع‬
‫أطرافه‪ ،‬أما إذا جمع الصلح عدة متصالحين وكان من بينهم ناقص ألاهلية فإن بطالن الصلح ال‬
‫يستفيد منه إال ناقص ألاهلية الذي تقرر ملصلحته ما لم يكن قد اشترط صراحة أن يترتب على فسخ‬
‫الصلح التحلل من حكمه بالنسبة غلى املتعاقدين جميعا‪.‬‬

‫‪ 43‬محمد وحيد الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 188 :‬وما بعدها‬


‫‪ 44‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.810 :‬‬

‫]‪[20‬‬
‫وفي ختام هذه النقطة يبقى أن نتساءل هل قاعدة بطالن أو إبطال جزء من عقد الصلح يقتض ي‬
‫بطالنه أو إبطاله كله من النظام العام؟ ‪.‬‬
‫نجيب بأن هذه القاعدة ليست من النظام العام وبالتالي يجوز لألطراف مخالفتها وذلك بتوجيه‬
‫إرادتهما صراحة أو ضمنيا إلى اعتبار أجزاء الصلح مستقلة عن بعضها البعض فإذا بطل جزء منها‬
‫بقيت ألاجزاء ألاخرى قائمة وترتب أثارها‪.‬‬

‫]‪[21‬‬
‫خاتم ـ ـ ـ ـة‬

‫يتضح من خالل ما سبق أن عقد الصلح كسائر العقود املدنية يخضع ملجموعة من القواعد‬
‫العامة الواردة في قانون الالتزامات والعقود‪ ،‬سواء من حيث تكوينه أو من حيث أثاره وانقضاءه‪ ،‬أال‬
‫أن املشرع عند تنطيمه للصلح في القسم الثامن من الكتاب الثاني تحت عنوان في مختلف العقود‬
‫املسماة وفي أشباه العقود التي ترتبط بها أفرده بقواعد خاصة تمييزه عن باقي العقود‪ ،‬من قبل ال‬
‫يجوز ألحد من املتصالحين مثال الطعن في الصلح على أساس أنه وقع في غلط في مدة التقادم أو أنه‬
‫يجهل أن هناك قاعدة في القانون تخول اكتساب امللكية بالتقادم‪ ،‬كذلك نزاع قائم أو محتمل و نية‬
‫حسم النزاع‪ ...‬وذلك لكون الصلح يهدف إلى إنهاء النزاع‪.‬‬

‫]‪[22‬‬
‫الئـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة املـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع‬

‫أوال‪ :‬املراجع باللغة العربية‬

‫‪ )I‬املؤلفات والكتب‬

‫‪ -8‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح قانون املدني‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬دار إحياء الترات‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -1‬عبد القادر العرعار‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات في القانون املدني املغربي‪ ،‬الجزء ألاول‪.‬‬
‫‪ -3‬انوار سلطان‪ ،‬أحكام الالتزام‪ ،‬النظرية العامة‪ ،‬دار النشر غير مذكورة‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪.8013‬‬
‫‪ -1‬محمد وحيد الدين‪ ،‬شرح القانون املدني‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬دار النشر والطبعة غير‬
‫مذكورين‪ ،‬الجزء ألاول‪.‬‬
‫‪ -8‬أحمد فتحي زغلول‪ ،‬شرح القانون املدني‪ ،‬دون ذكر دار النشر والطبعة‪.‬‬
‫‪ -1‬حميدي عبد الرحمان‪ ،‬الوسيط في النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة‬
‫ألاولى‪.‬‬
‫‪ -2‬بالقاسم شتوان‪ ،‬الصلح في الشريعة إلاسالمية والقانون دراسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر والقانون‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬طبعة ‪.1989‬‬
‫‪ -1‬محمد على عرف‪ ،‬في التأمين والعقود الصغري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬القاهرة‪.8008 ،‬‬
‫‪ -0‬عبدالسالم فيغو‪ ،‬العقود املدنية الخاصة في القانون املغربي‪ ،‬الوديعة‪ -‬العارية‪ -‬القرض‪-‬‬
‫الوكالة‪ -‬عقود الغرر‪ -‬الصلح‪ -‬الكفالة‪ -‬الرهن الحيازي‪ ،‬دار ألامان للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬مطبعة‬
‫ألامنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ‪1991‬م‪8111 /‬هـ‪.‬‬
‫‪ -89‬عبد اللطيف إزدي‪ ،‬الصلح القضائي في القانون املغربي بين التأصيل والتطبيق العملي‪،‬‬
‫املطبعة والوراقة الوطنية الدوديات‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة ألاولى‪.1998 ،‬‬

‫‪ )II‬ألاطروحات والرسائل‬

‫‪ -8‬اشهب نسيمة‪ ،‬الصلح في املنازعات املدنية وإلادارية‪ ،‬مذكرة بحث نهاية التخرج من املعهد‬
‫الوطني للقضاء‪ ،‬الدفعة ‪ ،88‬الجزائر‪.‬‬

‫]‪[23‬‬
‫‪ )III‬الندوات وأيام الدراسية‪:‬‬

‫‪ -8‬زهور الحر‪ ،‬الصلح في القانون املغربي والقانون املقارن‪ ،‬مساهمة في الندوة الوطنية حول‬
‫موضوع إلاشكاالت القانونية والعملية في املجال الضريبي‪ ،‬دفاتر املجلس ألاعلى‪ ،‬العدد ‪ ،81‬مطبعة‬
‫املعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى‪.1988 ،‬‬

‫‪ )V‬القرارات وألاحكام‬

‫‪ -8‬قرار عدد صادر عن محكمة النقض (املجلس ألاعلى سابقا) بتاريخ‬


‫‪ -1‬نقض مدني بتاريخ ‪ ،8001/1/13‬مجموعة محكمة النقض‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬املراجع باللغة الفرنسية‬


‫‪1- Benabent (A), droit civil, les contrats spécieux, Paris, édition mont, 1999.‬‬
‫‪2- Malourie et Aynes.‬‬

‫]‪[24‬‬
‫الفهرس‬

‫مقدمة ‪1 ........................................................................................‬‬
‫املب ـ ــحث ألاول‪ :‬تك ـ ــويــن عقد الصلح ‪2 ..........................................................‬‬
‫املطلب ألاول‪ :‬ألاركان املوضوعية العامة لعقد الصلح ‪2 .....................................‬‬
‫الفقرة ألاولى‪ :‬التراض ي في عقد الصلح ‪2 ...................................................‬‬
‫اوال‪ -‬وجود التراض ي في عقد الصلح ‪2 ...................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬صحة التراض ي في عقد الصلح ‪3 ..................................................‬‬
‫‪-1‬ألاهلية في عقد الصلح ‪3 ...........................................................‬‬
‫‪ -2‬عيوب الارادة في عقد الصلح ‪4 ...................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬املحل و السبب في عقد الصلح ‪7 ..........................................‬‬
‫أوال‪ -‬املحل في عقد الصلح ‪7 .............................................................‬‬
‫ثانيا – السبب في عقد الصلح ‪9 .........................................................‬‬
‫‪ -1‬السبب باملعنى التقليدي ‪9 .......................................................‬‬
‫‪ -2‬السبب باملعنى الحديث ‪11 ......................................................‬‬
‫‪ -3‬موقف املشرع املغربي من السبب في عقد الصلح ‪11 ...........................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬ألاركان املوضوعية الخاصة‪11 ...............................................‬‬
‫الفقرة ألاولى‪:‬نزاع قائم أو محتمل ‪12 .....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أن تنصرف نية املتعاقدين إلى حسم النزاع ‪12 ............................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬تنازل مبادل ‪12 ............................................................‬‬

‫]‪[25‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬أثار الصلح وانقضاءه ‪13 .......................................................‬‬
‫املطلب ألاول‪ :‬آثار الصلح ‪14 ................................................................‬‬
‫الفقرة ألاولى‪ :‬الطبيعة القانونية للصلح ‪14 ...............................................‬‬
‫أوال)‪ -‬الطبيعة الكاشفة ‪14 .............................................................‬‬
‫ثانيا)‪ -‬الطبيعة الناقلة ‪11 ..............................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حسم النزاع ‪11 ............................................................‬‬
‫أوال)‪ -‬انقضاء الحقوق والالتزامات ‪11 ..................................................‬‬
‫ثانيا)‪ -‬تثبيت الحقوق بين الطرفين املتصالحين ‪17 .....................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬انقضاء الصلح ‪11 ...........................................................‬‬
‫الفقرة ألاولى‪ :‬الشرط الجزائي ‪11 .........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬فسخ العقد وانفساخه ‪19 ................................................‬‬
‫أوال)‪ -‬انحالل عق الصلح ‪19 ............................................................‬‬
‫ثانيا)‪ -‬أثر فسخ عقد الصلح وانفساخه‪21 .............................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬بطالن عقد الصلح ‪21 .....................................................‬‬
‫خاتمـ ـ ـ ــة ‪22 .....................................................................................‬‬
‫الئحة املراجع ‪23 ............................................................................‬‬
‫الفهرس ‪21 ..................................................................................‬‬

‫]‪[26‬‬

You might also like