Professional Documents
Culture Documents
العرض الأحكام العامة للصلح كامل
العرض الأحكام العامة للصلح كامل
وضع القانون املدني أحكاما عامة عن الصلح من حيث إنه عقد يحسم به ألاطراف النزاع
القائم أو املحتمل وقوعه ضمن القسم الثامن من الكتاب الثاني تحت عنوان :في مختلف
العقود املسماة وفي أشباه العقود التي ترتبط بها ،وهذا ليس ألنه ينقل امللكية مثل البيع ،بل
ألن الصلح عقد يكشف عن الحقوق وال ينقلها فهو يتضمن نزوال عنها ضمن 81فصال من
الفصل 8901إلى 8881من قانون الالتزامات والعقود ،وعرض في ألاول أركان الصلح ثم أثار
الصلح وبطالنه.
وما نسير عليه في بحثنا هذا هو أن نبين ألاحكام العامة لعقد الصلح كعقد من عقود
التراض ي امللزم للجانبين ،حسب ما جاء به ق.ل.ع وهي ألاحكام التي تحكم الصلح بصفة عامة
كعقد ينهي النزاع سواء املدني أو التجاري.
هذا الطرح يقودنا إلى طرح اشكالية مفادها إلى أي حد استطاع املشرع املغربي تفريد
عقد الصلح بقواعد خاصة تميزه عن سائر العقود املدنية من حيث تكوينه وأثاره وانقضاؤه؟
][1
املبـ ـ ـحث ألاول :تك ـ ـوي ـن عقد الصلح
تقتض ي دراسة تكوين العقد الصلح من العقود املدنية تقسيم هذا املبحث إلى مطلبين،
نتناول في (املطلب ألاول) ألاركان املوضوعية العامة لعقد الصلح في حين سنفرد (املطلب الثاني)
لألركان املوضوعية الخاصة.
يعتبر التراض ي في عقد الصلح من أهم أركانه فهو الذي يبرر قوته امللزمة في مواجهة أطرافه طبقا
ملا أكده املشرع عندنا في الفصل 80من ق.ل.ع و من تم ينبغي البحث في وجوده ،غير أن التراض ي في
عقد الصلح كغيره من العقود ينبغي أن يكون صحيحا ال معيبا بأحد عيوب الرض ى و من تم فينبغي
البحث في صحته.
1زهور الحر ،الصلح في القانون املغربي والقانون املقارن ،مساهمة في الندوة الوطنية حول موضوع إلاشكاالت القانونية والعملية في املجال
الضريبي ،دفاتر املجلس ألاعلى ،العدد ،81مطبعة املعارف الجديدة ،الرباط ،الطبعة ألاولى ،1988 ،ص.811 :
2الركان الالزمة لصحة الالتزامات الناشئة عن التعبير عن إلارادة هي:
-8ألاهلية لاللتزام،
-1تعبير صحيح عن إلارادة يقع على العناصر ألاساسية لاللتزام،
-3ش يء محقق يصلح ألن يكون محال لاللتزام،
-1سبب مشروع لاللتزام.
][2
و الايجاب في الصلح وحدة ال تتجزأ فال يجوز قبوله جزئيا و القبول بالصلح يمكن أن يكون
ضمنيا 3و يقصد بتطابق الايجاب بالقبول توافق الارادتين حول ماهية و نوع النزاع و تعيين الحقوق
محل التنازل املتبادل من املتصالحين و كافة بنود و حدود عقد الصلح.4
و يسري على التراض ي في عقد الصلح القواعد العامة املقررة للتراض ي في النظرية العامة للعقد
من حيث طرق التعبير عن الايجاب و القبول و مدى الاعتداد باإلرادة الظاهرة و الباطنة و الوقت
الذي ينتج فيه التعبير عن الارادة أثرة و غيرها من أحكام النظرية العامة للعقد.5
3عبد اللطيف إزدي ،الصلح القضائي في القانون املغربي بين التأصيل والتطبيق العملي ،املطبعة والوراقة الوطنية الدوديات ،مراكش ،الطبعة
ألاولى ،1998 ،ص.39 :
4عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح قانون املدني ،الجزء الخامس ،دار إحياء الترات العربي ،بيروت ،لبنان ،ص.811 :
5عبدالسالم فيغو ،العقود املدنية الخاصة في القانون املغربي ،الوديعة -العارية -القرض -الوكالة -عقود الغرر -الصلح -الكفالة -الرهن
الحيازي ،دار ألامان للطباعة والنشر والتوزيع ،مطبعة ألامنية ،الرباط ،الطبعة 1991م8111 /هـ ،ص.109 :
6عبد اللطيف إزدي ،مرجع سابق ،ص.31 :
][3
أما بخصوص صلح الوكيل فإنه يخضع ألحكام الوكالة املقررة في ق.ل.ع سواء فيما يخص أثار
الوكالة و صالحيات الوكيل و التزاماته .و لإلشارة فباعتبار أن الصلح من أعمال التصرف و أن
التصرف ال تكفي فيه الوكالة العامة اذ ال بد من وكالة خاصة لإلبرام عقد الصلح نيابة عن املوكل
بصفة عامة إال ما استثني بنص صريح.7
و بالتالي فال يجوز للمحامي أن يصالح على حقوق موكله ما لم يكن الصلح منصوصا علية في
عقد التوكيل.
ال يجوز في الحاالت السابقة التمسك بالبطالن إال للمتعاقد الذي كان حسن النية ،حيث نجد
ضمن هذه الحاالت إلاكراه و التدليس و الغلط و هذه عيوب الارادة جزائها الابطال و ليس البطالن
ألنها ليست من شروط انعقاد عقد الصلح بل من شروط صحته عكس السبب الذي يعد ركنا من
أركان عقد الصلح الذي جزاء تخلفه الطعن بالبطالن.
و بالعودة لتحليل الاستثناء الوارد في الفصل 8881و الذي يعد استثناء صريح من القواعد
العامة و هي من الحاالت النادرة التي أفرد فيها املشرع الصلح بقواعد خاصة بعيوب الرضا.
-و الغلط في القانون هو ما كان في القواعد القانونية التي ليست مال للخالف أما الغلط في
املسائل املختلف حولها بين املحاكم فال يعتبر هذا غلطا في القانون.
7عبد القادر العرعار ،النظرية العامة لاللتزامات في القانون املدني املغربي ،الجزء ألاول ،ص.11 :
8زهور الحر ،مرجع سابق ،ص.813 :
][4
و بالتالي فال يجوز ألحد من املتصالحين مثال الطعن في الصلح على أساس أنه وقع في غلط في
مدة التقادم أو أنه يجهل أن هناك قاعدة في القانون تخول اكتساب امللكية بالتقادم.9
لكن ما يجب الوقوف عنده بصدد الغلط في القانون بشأن عقد الصلح هو البحث عن ألاساس
أو التعليل الذي دعا املشرع الى وضع هذا الاستثناء الوارد في الفصل .108881
و في هذا الاطار يمكن وضع التفسيرات و التحاليل لتبرير موقف املشرع املغربي على النحو التالي:
-فيرى الفقهاء الفرنسيون أن نص املادة 1981من القانون املدني الفرنس ي التي تأكد أن أ
الصلح بين ألاطراف يكون حائزا لقوة الش يء املقض ي فيه ،أي تشبيه الصلح بالحكم النهائي يعتبر
سببا في هذا الاستثناء.
ذلك أنه إذا وقع غلط في القانون في حكم نهائي فان هذا الاخير ال يقبل الطعن فيه باستثناء
طرق الطعن غير العادية فوجود هذ ا التماثل بين الصلح و الحكم النهائي يعتبره البعض تعليال و
تأسيسا لعدم جواز ابطال الصلح لغلك في القانون.11
و قد سار املجلس ألاعلى (محكمة النقض حاليا) عندنا في نفس هذا املسار حيث زكى بدوره هذا
الاستثناء في أحد قراراته حينما قض ى بنقض قرار صادر عن محكمة املوضوع لكونه قض ى ببطالن
صلح لغلط في القانون و جاء في تعليله "ان العقد الذي يجعل حدا للنزاع بتخلي كل طرف
عن بعض مزاعمه لفائدة الطرف الاخر ال يمكن اعتباره عقدا مصححا لعقد اخر و
بالتالي ال يمكن الحكم ببطالنه كبطالن العقد الاصلي من اجل الغلط إال اذا أزيلت
عنه صفة الصلح ".12
ب -و في سياق اخر يرى الفقيه " " TROPLONGأن للصلح سببا عادال و هو قطع و إنهاء الخالف
بين املتخاصمين ،و عليه فال يعتد بالغلط في القانون خاصة أنه ال يفترض و ال يثبت حتى بسهولة.
][5
و مما جاء في الاعمال التحضيرية للقانون املدني الفرنس ي لتفسير و تأسيس هذا الاستثناء أن
الغلط في القانون غلط ال يغتفر .13
ج -و يرى الاستاذ "عبد الرزاق السنهوري" أن أقوى تحليل هو أن املتصالحين ما داما على بينة
من الوقائع ولم يقعا في غلط فيها انما يتصالحان على حكم القانون في النزاع الذي بينهما و سواء
علما حكم القانون في هدا النزاع أو لم يعلماه فهما قد قبال حسم النزاع بينهما على وجه الذي اتفقا
عليه.14
د -بينما يرى الفقيه فرومسكو" " FROIMESCOفي بحته عن تبرير لوجود هذا الاستثناء أن
أولوية الهدف من الصلح بإنهاء النزاعات و رفع الخصومات و ايجاد الاستقرار الاجتماعي و الثبات بين
املتعاملين هده ألاولوية تدعو الى عدم الالتفات للغلط في القانون و عدم اعتماده في الصلح زيادة على
صعوبة اثبات هدا النوع من الغلط في عقود الصلح.15
ه -أما التبرير و التأسيس الذي جاءت به املذكرة الايضاحية للمشروع التمهيدي للقانون املدني
املصري حيث جاء فيها:
-و مهما قيل في تفسير أو تبرير الاستثناء الذي انفرد به عقد الصلح عن سائر العقود هناك من
ذهب الى انتقاده حيث يؤكد الدكتور عبد الرزاق اللطيف إدزي في هذا الاطار بقوله " نشاطر ما ذهب
اليه أحد ألاساتذة و نرى أن ال مبرر له فعقد الصلح –سواء كان عاديا أو قضائيا -هو أولى بالرعاية
من غيره من العقود ملا فيه من تضحية للمتعاقد في الصلح .فهذا الاخير الذي فضل في مقابل انهاء
][6
النزاع بدون استصدار حكم عن القضاء التنازل عن البعض من حقوقه دون تفويض من النصوص
القانونية املناسبة ملوضوع النزاع يجب أن ال يحرم مرة أخرى من الحماية القانونية له إذا ما وقع
ضحية لغلط في القانون أو على الاقل الاحاطة بأحكامه بالطريقة التي يمكنها أن تضمن له حقوقه
على الوجه السليم ."17
يعتبر املحل و السبب احدى أهم أركان عقد الصلح بعد التراض ي بحيث اذا تخلف أحد منهما أو
هما معا جاز للطرف املتضرر الطعن بالبطالن في عقد الصلح.
][7
املالحظة الاولي
اذا كان املشرع املغربي لم يفرق في أحكام املحل في الصلح بين أن يكون منقوال أو عقارا فقد نص
على شكلية قانونية تتعلق بالصلح الواقع على عقار ،حيث توجب على الطرفين املتصالحين كتابة
عقد الصلح و تسجيله ليكون له أثر في مواجهة الغير (الفصل 8891من ق.ل.ع) .
املالحظة الثانية
يجوز أن يكون للصلح محل غير محدد القيمة بالنسبة للطرفين (الفصل 8898من ق.ل.ع ) ،و
هو ما أكدته القاعدة العامة املشترطة في املحل بوجه عام (الفصل 81من ق.ل.ع) ،حيث ترك ألامر
لالجتهاد القضائي و العرف و لكل ما يستفاد من العقد و الاتفاق ليساعد على التعيين و قد هدف
املشرع الى تقليص دائرة الخالف بين املتعاقدين فاعتبر أن معرفتهما لقيمة ما يتصالحان بشأنه ليس
شرطا إلبرام الصلح فإذ ا ما تبين ألحد الطرفين املتصالحين بعد ابرام العقد أن قيمة املتصالح عليه
أعلى مما يتصور بكثير لم يجز له أن يتدرع بجهله ليطالب بإبطال الصلح.
املالحظة الثالثة
يجوز أيضا أن تكون ملحل الصلح منافع مالية تترتب على الحالة الشخصية و ليس باملسائل
املتعلقة بالحالة الشخصية مثال النفقة املستحقة عند ثبوت النسب حيث يجوز
و ما يمكن مالحظته هو أن املشرع املغربي شأنه شأن املشرع الجزائري في املادة 118من التقنين
املدني استعمل طريقة العموم و التخصيص في صياغة منع الصلح في مسائل النظام العام فقد ذكر
الحالة الشخصية كمظهر أو جانب من جوانب النظام العام تم ذكر النظام العام كلع بصفة عامة و
الذي تدخل ضمنه الاهلية و أحكامها و لهذا يفهم من سياق املادة 8899من ق.ل.ع جواز الصلح
حول املصالح املالية املترتبة عن ألاهلية كذلك.21
][8
املالحظة الرابعة
يجوز كذلك أن يكون الصلح على املنافع الناشئة عن الجريمة غير أنه يجب أن ال يتناول ما
يتعلق بالدعوى العمومية لكونها من النظام العام و تتعلق بها حقوق املجتمع بأكمله و هكذا يمكن
للمتضرر في الجريمة أن ينازل عن املطالبة بالتعويض املدني نظير مبلغ مالي يحصل عليه املجني عليه
(الفصل 8899من ق.ل.ع) كما يجوز للورثة أن يتصالحوا على حقوقهم في التركة بعد موت مورثهم.
و تجدر الاشارة إلى أنه إلى جانب هذه الحاالت التي قض ى املشرع على جواز كونها محال للصلح
أورد حاالت مقابلة لها أكد على عدم صالحيتها ألن تكون محال له في الفصول 8891 8898 8899من
ق.ل.ع .وحصيلة القول يلزم التأكيد بأن املحل في الصلح يجب أن ال يتعدى موضوع النزاع القائم أو
املحتمل فإذا كان املتصالحان يرغبان في وضع حد للنزاع فال ينبغي أن يذهبا في تفسير رغبتهما الى ما
يخرج بها عن القصد.22
22
عبد اللطيف إزدي ،مرجع سابق ،ص.32 :
][9
و يرى الاستاذ السنهوري بأن وجود نزاع قائم بين املتصالحين هو من مقومات الصلح و ليس
سببا له و من تم يكون النزاع محال لعقد الصلح ال سببا له.
فكل هذه البواعث مشروعة فالصلح الذي يكون سببه باعث من هذه البواعث يكون مشروعا
أما إذا كان الدافع إليه سببا غير مشروع فانه يكون باطال ،مثال أن يصالح شخص أخر على نزاع
متعلق بإيجار منزل حتى يتمكن من إدارته للدعارة أو للمقامرة .فهذه البواعث غير مشروعة و متى كان
الطرف الاخر على علم بها أو كان من السهل عيه أن يتبينه فإن الصلح يكون باطال لعدم مشروعية
السبب.23
-3على نازلة سبق فصلها بمقتض ى صلح أو حكم غير قابل لالستئناف أو
للمراجعة كان الطرفان أو أحدهما يجهل وجوده،
][10
وال يجوز في الحاالت السابقة التمسك بالبطالن إال للمتعاقد الذي كان حسن
النية".
و بخصوص شروط السبب في عقد الصلح -في اطار النظرتين -فانه يخضع ملنطق الفصل 11
من ق.ل.ع الذي يؤكد أن:
-الشرط ألاول له أن يكون السبب موجود و ذلك من خالل القول أن الالتزام الذي ال سبب له
يعد كأن لم يكن ،و شرط الوجود هو من شروط السبب التقليدي و ليس من شروط الباعث ألن
الباعث يكون دائما موجودا إال إذا صدر من غير ذي تمييز حيث يبطل التصرف النعدام الرض ى.24
-أما بخصوص الشرط الثاني بأن يكون السبب مشروعا حيث دعا نفس الفصل الى أن الالتزام
املبني على سبب غير مشروع يعتبر كأن لم يكن و يكون السبب غير مشروع إذا كان مخالفا لألخالق
الحميدة أو النظام العام أو القانون.25
-أما فيما يتعلق الشرط الثالث فينبغي أن يكون السبب في عقد الصلح حقيقيا و ذلك بأن ال
يكون الصلح صوريا حيث أكد الفصل 11من ق.ل.ع على ما يلي" :يفترض أن السبب املذكور
هو السبب الحقيقي حتى يثبت العكس" و من ثم فإذا ادعى املصالح أن السبب غير موجود
أو غير مشروع فله أن يقيم الدليل على صحة دعواه طبقا للفصل 18من ق.ل.ع.26
][11
الفقرة ألاولى:نزاع قائم أو محتمل
هذا الشرط مأخوذ من مختلف التحديدات القانونية التي أوردتها التشريعات املعاصرة لعقد
الصلح املدني ،ومنها التشريع املغربي في الفصل 8901من ق.ل.ع "الصلح عقد بمقتضاه
يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه" والفرق بين النزاع القائم واملحتمل ،أن ألاول
يتضمن أمرين وهما :تعارض املصالح واملطالبة القضائية ،أما الثاني أي النزاع املحتمل فيتضمن
تعارض املصالح ومجرد إمكانية املطالبة القضائية ،فإن لم يكن هناك نزاع قائم أم محتمل لم يكن
العقد صلحا.
][12
يستغرقه من وقت طويل أو حتى يتفادى عالنية الخصومة في أمر يفضل سريته فينزل عن جزء من
إدعائه لهذا الغرض حتى يسلم له الخصم بباقي حقه.27
وتجدر إلاشارة إلى أن هذه ألاركان الخاصة تنطبق على الصلح في املادة املدنية أكثر منها في
املجاالت ألاخرى ،فالصلح الزجري مثال ال يمكن الحديث عنه إال في ظل وجود نزاع قائم فقط
ومعروض على أنظار النيابة العامة ،كذلك الصلح بين الدائنين ورئيس املقاولة في صعوبات املقاولة
في امليدان التجاري...
وهكذا فإن ألاركان الخاصة لعقد الصلح هي التي تميز الصلح عن بعض ألانظمة املشابهة
كالتحكيم والقضاء مثال ،ويمكن حصر أوجه الاختالف في التالي:
-التحكيم يختلف عن الصلح في كون التحكيم يتفق فيه ألاطراف على هيئة تحكيمية تبت في
النزاع بشكل مستقل عن إرادة ألاطراف ،أما في الصلح فاألطراف يحسمون النزاع بكيفية يتوافقون
عليها ،فالحكم التحكيمي أشبه بحكم القاض ي يكون لصالح أحد الخصوم دون مراعاة الطرف ألاخر.
-يختلف الصلح عن التسليم بالحق وترك الخصومة في كون الصلح يقتض ي التضحية من
الجانبين ،أما في التسليم بالحق وترك الخصومة يكون التنازل من جانب واحد.
-اختالف الصلح عن إلابراء في أن هذا ألاخير نزول كامل عن الحق من أحد الجانين ،أما الصلح
فهو نزول جزئي من كل من الجانين.
-اختالف الصلح عن اليمين الحاسمة في أن الصلح يتضمن التضحية من جانبين ،أما توجيه
اليمين الحاسمة فال يتضمن إال تضحية من جانب واحد الذي وجه لليمين ،إذ يكسب الجانب الذي
يحلف كل ما يدعيه.
][13
الواقع من ألامور التي يهدف إليها املتعاقدين إذا أراد بالصلح حسم النزاع القائم بينهما وفق الشروط
التي ارتضياها.28
وهكذا سنحاول تقسيم هذا املطلب إلى فقريتين ألاولى سنخصصها ألثار الصلح ،في حين سنفرد
الثانية للحديث عن انقضاء الصلح.
][14
-إذا كان الحق املتصالح عنه عقارا فال يثبت معه حق الشفعة ،ألن الصلح كاشف عن الحق
وليس منشأ له.
-إن الالتزامات التي يرتبها عقد الصلح على عاتق املتصالحين تحتفظ بصفتها وتأميناتها ودفوعها
التي كانت مقررة لها قبل الصلح.30
][15
والادعاءات التي كانت له محال ،وأن يتأكد لكل من طرفيه ملكية ألاشياء التي
سلمت له والحقوق التي اعترف له بها من الطرف ألاخر ،والصلح على الدين في
مقابل جزء من املبلغ املستحق يقع بمثابة إلابراء ملا بقي منه ويترتب عليه تحلل
املدين منه ".
ويتضح من ذلك أن املقصود بحسم النزاع هو أنه إذا كانت هناك خصومة قائمة بطلت ملجرد
إبرام عقد الصلح وامتنع تجديدها –أي الخصومة ،-وأنه إذا كان عازما على الخصومة سقط الحق
في إقامتها ،ألنه متى تم الصلح فال يجوز فيه الرجوع فيه إال باتفاق الطرفين ،ألن في ذالك تجديد
للنزاع والصلح يشبه الحكم القضائي من حيث آلاثار بحيث يؤديان إلى حسم و إنهاء النزاع ،هذا ما
نص عليه صراحة الفصل 8891من ق.ل.ع بقوله «ال يجوز الرجوع في الصلح ولو باتفاق
الطرفين ما لم يكن قد ابرم باعتباره عقد معوضة".
وهكذا فإن الصلح تترتب عنه نتيجتان هما انقضاء الحقوق والالتزامات وتثبيت الحقوق بين
الطرفين املتصالحين.
املشرع املغربي عالج هذه املسألة في الفصل 8892من ق.ل.ع بقوله « :يضمن كل من
الطرفين لألخر ألاشياء التي يعطيها على أساس الصلح.
][16
وإذا سلم الش يء املتنازع عليه ألحد الطرفين بمقتض ى الصلح ثم استحق منه أو
اكتشف فيه عيب موجب للضمان ترتب على ذلك غما فسخ العقد كليا أو جزئيا
وإما دعوى إنقاص الثمن حسبما هو مقرر للبيع.
وإذا قام الصلح على منح منفعة ش يء ألجل محدد ،فإن الضمان الذي يتحمل
به أحد العاقدين لألخر هو الضمان املقرر لكراء ألاشياء".
وهذا الضمان له ما يبرره بالنسبة للحقوق غير املتنازع فيها التي ينقلها طرف إلى ألاخر ،ألن أثر
الصلح بالنسبة إليها يكون ناقال أو منشأ أما بالنسبة إلى الحقوق التي حسم الصلح النزاع حولها فإن
أثره كاشف عن كل حق منهما فتسند إلى مصدرها ألاصلي ومن ثم ال يكون هناك داعي إليجاد ضمان
بالنسبة لها ألن الضمان ال محل له إال إذا كانت حقوقا ناشئة عن الصلح أو منقولة نتيجة له.36
37
ثانيا) -تثبيت الحقوق بين الطرفين املتصالحين
النتيجة الحتمية ألثر انقضاء النزاع بالصلح هي أن الحقوق التي تنازال عنها كل طرف تثبت
للطرف ألاخر كامل حقوقه ،وان اثر ذلك هو اثر كاشف ال منش ئ ولذلك نص ق.ل.ع في فصله 8898
على انه « يترتب على الصلح أن تنقض ي نهائيا الحقوق وإلادعاءات التي كانت له
محال ،وان يتأكد لكل من طرفيه ملكية ألاشياء التي سلمت له والحقوق التي
اعترف له بها من الطرف ألاخر ،والصلح على الدين في مقابل جزء من املبلغ
املستحق يقع بمثابة إلابراء ملا بقي منه ويترتب عليه تحلل املدين منه ".
لكن هذه القاعدة ليست مطلقة فإذا استجد سبب جديد للمنازعة بين املتصالحين ولم يكن
داخال في شروط الصلح ،فإنه يتعين فبدائه رفع دعوى جديدة وال يحول وجود الصلح دون قبول
الدعوى في هذه الحالة ،ألن من استجد لصالحه هذا السبب ال يكون مرتبطا بهذا الصلح وهو ما
يجب إتباعه في حالة امتناع أحد املتصالحين عن تنفيذ الصلح.38
أما الغير الذي يدعي إضرار الصلح بمصالحه فهل يستطيع رفع دعوى أو التدخل فيها إذا كانت
الصلح قضائيا؟ بمفهوم املخالفة هل يمكن الدفع بالصلح في مواجهة الغير املتضرر؟
][17
أجابت محكمة النقض املصرية عن هذا التساؤل في أحد قراراتها بتاريخ 13فبراير 8001بقولها
للغير الذي أضر الصلح بحقوقه عن طريق الغش أن يرفع دعوى أصلية ببطالنه أو يبدي الدفع
بالبطالن بالتدخل في الدعوى التي حصل الصلح فيها.39
وهكذا فإن الغير يستطيع التدخل في الدعوى التي انتهت بالصلح أو رفع دعوى أصلية إذا تم
الصلح خارج أسوار املحكمة ترمي إلى بطالن الصلح ،وفي هذه الحالة يتعين على املحكمة املعروض
عليها النزاع البت في تدخل الغير قبل صدور الحكم بالصلح.
ومن السباب التي يستند إليها الغير في التدخل في الدعوى:
أ -أنه ليس طرفا في عقد الصلح وبالتالي ال يترتب في ذمته أي التزام.
ب -أن الدفع السالف ال يترتب إال على الصلح الصحيح واملنتج ألثره .
39نقض مدني بتاريخ ،8001/1/13مجموعة محكمة النقض ،ص.181 ،811 ،18 :
40أنوار سلطان ،مرجع سابق ،ص.11 :
][18
الفقرة الثانية :فسخ العقد وانفساخه
سنتناول فسخ عقد الصلح باعتباره وسيلة من وسائل الالتزام بهذا العقد فالقاعدة العامة
تقض ي بأنه إن لم يقوم أحد املتعاقدين بتنفيذ التزاماته في العقد امللزم لجانبين جاز للطرف ألاخر
أيطلب فسخ العقد فيتحلل هو أيضا مما هو في ذمته من التزام مع حقه في املطالبة بالتعويض،41
حيث أجاز ق.ل .ع فسخ العقود امللزمة لجانبين في حالة امتناع احد الطرفين عن تنفيذ التزاماته،
وهنا يثار تساؤل هو مدى انطباق هذه القاعدة على عقد الصلح؟
فسخ عقد الصلح :ألاصل فيه انه يفسخ عند إخالل أحد املتعاقدين بالتزاماته بل يستمر قائما
ويجبر العاقد على التنفيذ جاء في الفصل 8889من ق.ل.ع « إذا لم ينفذ احد الطرفين
الالتزامات التي تعهد بها بمقتض ى الصلح حق للطرف ألاخر أن يطلب تنفيذ العقد
إذا كان ممكنا ،وإال كان له الحق في طلب الفسخ مع عدم إلاخالل بحقه في
التعويض في كلتا الحالتين" ونص الفصل 8888من نفس القانون على أن « فسخ الصلح
يعيد املتعاقدين إلى نفس الحالة القانونية التي كان عليها عند إبرامه ويخول كال
منهما حق استرداد ما أعطاه تنفيذا للصلح ،مع عدم إلاخالل بالحقوق املكتسبة
على وجه صحيح و على سبيل املعاوضة من طرف الغير حسن النية.
وإذا أصبحت مباشرة الحق الذي حصل التنازل عنه متعذرة ،وقع الاسترداد
على قيمته".
41حميدي عبد الرحمان ،الوسيط في النظرية العامة لاللتزام ،دار النهضة العربية ،الطبعة ألاولى ،ص.801 :
42عبد القادر العرعار ،مرجع سابق ،ص.181 :
][19
انفساخ عقد الصلح :أخضعت القوانين املدنية هذه املسالة للقواعد العامة وبموجب هذه
املواد فإن الالتزام ينقض ي باستحالة تنفيذه على شرط أن يصبح مستحيال وليس مرهقا فقط ،وان
تكون الاستحالة الحقة على نشوء الالتزام ،وأن تكون الاستحالة بسبب أجنبي ال يد للمدين فيه. 43
ينص الفصل 8881من ق.ل.ع على ما يلي « الصلح ال يقبل التجزئة فبطالن جزء منه
أو إبطاله يقتض ي بطالنه أو إبطاله كله.
وال يسري هذا الحكم:
أوال :إذا تبين من العبارات املستعملة أو من طبيعة الاشتراطات أن املتعاقدين
قد اعتبروا شروط الصلح أجزاء متميزة ومستقلة بعضها عن البعض ألاخر،
ثانيا :إذا نتج البطالن عن عدم توفر ألاهلية لدى أحد املتعاقدين".
وهكذا فإن الصلح وحدة ال تتجزأ وهذه الوحدة تكون في كل بنوده وشروطه وبالنسبة لجميع
أطرافه ،أما إذا جمع الصلح عدة متصالحين وكان من بينهم ناقص ألاهلية فإن بطالن الصلح ال
يستفيد منه إال ناقص ألاهلية الذي تقرر ملصلحته ما لم يكن قد اشترط صراحة أن يترتب على فسخ
الصلح التحلل من حكمه بالنسبة غلى املتعاقدين جميعا.
][20
وفي ختام هذه النقطة يبقى أن نتساءل هل قاعدة بطالن أو إبطال جزء من عقد الصلح يقتض ي
بطالنه أو إبطاله كله من النظام العام؟ .
نجيب بأن هذه القاعدة ليست من النظام العام وبالتالي يجوز لألطراف مخالفتها وذلك بتوجيه
إرادتهما صراحة أو ضمنيا إلى اعتبار أجزاء الصلح مستقلة عن بعضها البعض فإذا بطل جزء منها
بقيت ألاجزاء ألاخرى قائمة وترتب أثارها.
][21
خاتم ـ ـ ـ ـة
يتضح من خالل ما سبق أن عقد الصلح كسائر العقود املدنية يخضع ملجموعة من القواعد
العامة الواردة في قانون الالتزامات والعقود ،سواء من حيث تكوينه أو من حيث أثاره وانقضاءه ،أال
أن املشرع عند تنطيمه للصلح في القسم الثامن من الكتاب الثاني تحت عنوان في مختلف العقود
املسماة وفي أشباه العقود التي ترتبط بها أفرده بقواعد خاصة تمييزه عن باقي العقود ،من قبل ال
يجوز ألحد من املتصالحين مثال الطعن في الصلح على أساس أنه وقع في غلط في مدة التقادم أو أنه
يجهل أن هناك قاعدة في القانون تخول اكتساب امللكية بالتقادم ،كذلك نزاع قائم أو محتمل و نية
حسم النزاع ...وذلك لكون الصلح يهدف إلى إنهاء النزاع.
][22
الئـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة املـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع
)Iاملؤلفات والكتب
-8عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح قانون املدني ،الجزء الخامس ،دار إحياء الترات
العربي ،بيروت ،لبنان.
-1عبد القادر العرعار ،النظرية العامة لاللتزامات في القانون املدني املغربي ،الجزء ألاول.
-3انوار سلطان ،أحكام الالتزام ،النظرية العامة ،دار النشر غير مذكورة ،الطبعة ألاولى ،بيروت،
.8013
-1محمد وحيد الدين ،شرح القانون املدني ،النظرية العامة لاللتزام ،دار النشر والطبعة غير
مذكورين ،الجزء ألاول.
-8أحمد فتحي زغلول ،شرح القانون املدني ،دون ذكر دار النشر والطبعة.
-1حميدي عبد الرحمان ،الوسيط في النظرية العامة لاللتزام ،دار النهضة العربية ،الطبعة
ألاولى.
-2بالقاسم شتوان ،الصلح في الشريعة إلاسالمية والقانون دراسة مقارنة ،دار الفكر والقانون،
مصر ،طبعة .1989
-1محمد على عرف ،في التأمين والعقود الصغري ،الطبعة الثانية ،القاهرة.8008 ،
-0عبدالسالم فيغو ،العقود املدنية الخاصة في القانون املغربي ،الوديعة -العارية -القرض-
الوكالة -عقود الغرر -الصلح -الكفالة -الرهن الحيازي ،دار ألامان للطباعة والنشر والتوزيع ،مطبعة
ألامنية ،الرباط ،الطبعة 1991م8111 /هـ.
-89عبد اللطيف إزدي ،الصلح القضائي في القانون املغربي بين التأصيل والتطبيق العملي،
املطبعة والوراقة الوطنية الدوديات ،مراكش ،الطبعة ألاولى.1998 ،
)IIألاطروحات والرسائل
-8اشهب نسيمة ،الصلح في املنازعات املدنية وإلادارية ،مذكرة بحث نهاية التخرج من املعهد
الوطني للقضاء ،الدفعة ،88الجزائر.
][23
)IIIالندوات وأيام الدراسية:
-8زهور الحر ،الصلح في القانون املغربي والقانون املقارن ،مساهمة في الندوة الوطنية حول
موضوع إلاشكاالت القانونية والعملية في املجال الضريبي ،دفاتر املجلس ألاعلى ،العدد ،81مطبعة
املعارف الجديدة ،الرباط ،الطبعة ألاولى.1988 ،
)Vالقرارات وألاحكام
][24
الفهرس
مقدمة 1 ........................................................................................
املب ـ ــحث ألاول :تك ـ ــويــن عقد الصلح 2 ..........................................................
املطلب ألاول :ألاركان املوضوعية العامة لعقد الصلح 2 .....................................
الفقرة ألاولى :التراض ي في عقد الصلح 2 ...................................................
اوال -وجود التراض ي في عقد الصلح 2 ...................................................
ثانيا -صحة التراض ي في عقد الصلح 3 ..................................................
-1ألاهلية في عقد الصلح 3 ...........................................................
-2عيوب الارادة في عقد الصلح 4 ...................................................
الفقرة الثانية :املحل و السبب في عقد الصلح 7 ..........................................
أوال -املحل في عقد الصلح 7 .............................................................
ثانيا – السبب في عقد الصلح 9 .........................................................
-1السبب باملعنى التقليدي 9 .......................................................
-2السبب باملعنى الحديث 11 ......................................................
-3موقف املشرع املغربي من السبب في عقد الصلح 11 ...........................
املطلب الثاني :ألاركان املوضوعية الخاصة11 ...............................................
الفقرة ألاولى:نزاع قائم أو محتمل 12 .....................................................
الفقرة الثانية :أن تنصرف نية املتعاقدين إلى حسم النزاع 12 ............................
الفقرة الثالثة :تنازل مبادل 12 ............................................................
][25
املبحث الثاني :أثار الصلح وانقضاءه 13 .......................................................
املطلب ألاول :آثار الصلح 14 ................................................................
الفقرة ألاولى :الطبيعة القانونية للصلح 14 ...............................................
أوال) -الطبيعة الكاشفة 14 .............................................................
ثانيا) -الطبيعة الناقلة 11 ..............................................................
الفقرة الثانية :حسم النزاع 11 ............................................................
أوال) -انقضاء الحقوق والالتزامات 11 ..................................................
ثانيا) -تثبيت الحقوق بين الطرفين املتصالحين 17 .....................................
املطلب الثاني :انقضاء الصلح 11 ...........................................................
الفقرة ألاولى :الشرط الجزائي 11 .........................................................
الفقرة الثانية :فسخ العقد وانفساخه 19 ................................................
أوال) -انحالل عق الصلح 19 ............................................................
ثانيا) -أثر فسخ عقد الصلح وانفساخه21 .............................................
الفقرة الثالثة :بطالن عقد الصلح 21 .....................................................
خاتمـ ـ ـ ــة 22 .....................................................................................
الئحة املراجع 23 ............................................................................
الفهرس 21 ..................................................................................
][26