You are on page 1of 8

‫الواقعية يف العالقات الدولية‬

)‫(دراســة نظريــة‬
Realism in International Relations
Theoretical Study
‫ خليفي رابح‬/‫أ‬
‫جامعة عمار ثليجي األغواط‬

:‫ملخص‬
‫ أين‬،‫متثل الواقعية أهم نظرايت العالقات الدولية خاصة وأن حتليالهتا ال تزال قائمة لغاية اليوم‬
‫ أي دراسة الوضع القائم بعيداً عن بناء‬،‫ألقت الضوء على الظاهرة الدولية انطالقا من مبدأ ما هو كائن‬
‫ لتعترب بذلك مرحلة انعطاف فكري جديد ملا‬،‫فكري قيمي أخالقي كتفسري نظري لتطور األحداث الدولية‬
‫ أين اختذت من الدولة وحدة‬،‫ فسامهت بواسطة دراسة وحتليل األسباب والعوامل الكامنة وراء ذلك‬،‫سبق‬
‫ مستندة يف ذلك على مفهومي املصلحة‬،‫ لفهم طبيعة التفاعالت احلاصلة داخل النظام الدويل‬،‫حتليل هلا‬
‫ مما قد يدفع‬،‫القومية والقوة كثنائية معيارية ملسار التفاعل احلاصل وكأهم متغريين إلدارة العالقات الدولية‬
.‫ابلدول للدخول يف حتالفات تعزيزاً لبقاء مصلحتها القومية وزايدة يف قوهتا لفرض إرادهتا‬

Abstract :
Realism is considered one of the most in the field of important theories
internatinal relation since its analyses are still evident and reliable nowdays.
Realism highlights the international phenomenon considering what (is in reality) :
studies the different situations, situating itself well far from ethical contruction to
give clarifications to the development of international that’s it is considered a
turning point in modern theory. It looks at the State as a unit in order to understand
the interactions within the international system, emphasizing the national interest
and power as a binary and also as two importent variables to manage the
international relations. In doing so, nations are constantly urged to take part in
alliances so as to maintain their interest and increase their power.

:‫خطــوات الدراسة‬
.‫ مدخل عام‬-
.‫ األسس الفكرية‬-

22
‫‪ -‬مسلمات التحليل الواقعي‪.‬‬
‫‪ -‬مبادئ الواقعية السياسية‪.‬‬
‫‪ -‬العوامل املوضوعية للواقعية السياسية‪.‬‬
‫مدخل ع ـ ــام‪:‬‬
‫محلت الواقعية كنظرية تلك القواعد واملبادئ الفلسفية اليت سامهت يف حتليل الظاهرة الدولية وبناء تصورات‬
‫ملسار النظام الدويل بعد احلرب العاملية الثانية‪ ،‬لتعترب بذلك انعطاف فكري جديد يف تفسري وحتديد العالقات الدولية‪،‬‬
‫كرد على الطرح املثايل لعدم جمارات نقا شاته لألحداث احلاصلة آنذاك‪ ،‬أين اعتمد على مقاربة قيمية قائمة على‬
‫اخلرية‪.‬‬
‫األخالق والقانون والتنظيم الدوليني والطبيعة البشرية ن‬
‫جاء هذا الفكر من قبل النخبة السياسية أوالً كتربير للتوجهات اجلديدة للوالايت املتحدة األمريكية للخروج‬
‫من سياسة العزلة القارية ال يت شهدهتا يف الفرتة السابقة إىل ما يعرف ابالنفتاح على العامل برائسة هاري‬
‫ترومان ‪ ، Harry S. Truman‬حيث بدأ سياسة خارجية عاملية ابلتعاون بني الوالايت املتحدة مع حلفائها‬
‫األوربيني وقام إبنشاء الناتو ‪ ،NATO‬القائمة على أساس املصلحة القومية و تعزيز مبدأ القوة يف إدارة العالقات‬
‫الدولية وبناء عامل يسوده األمن واالستقرار؛ وهنا أثبتت النظرية املثالية عدم مالءمتها مع الواقع الدويل اجلديد‪ ،‬أين أتكد‬
‫اخلرية أن حتول‬
‫فشل أطروحاهتا بقيام احلرب العاملية الثانية؛ ومل تفلح دعوهتا لألخالق والقيم وال اإلشادة ابلصفة البشرية ن‬
‫دون حدوث ذلك الدمار‪ ،‬كما مل يستطع القانون والتنظيم الدوليني أن حيفظا للعامل ذلك السلم واألمن‪ .‬واثنياً كتربير‬
‫سياسي وإيديولوجي لفكرة اهليمنة والسيطرة الذي صيغ أبهداف علمية وأكادميية‪.‬‬
‫كل هذا أدى إىل تالشي النظرة املثالية آنذاك وبروز طرح جديد يدرس ظاهرة العالقات الدولية على أساس‬
‫(ما هو كائن ال على ما جيب أن يكون)‪.‬‬

‫‪ .1‬األســس الفكري ـ ـ ــة‪The Bases of the Idea :‬‬


‫إن للفكر الواقعي أسس ومصطلحات وكذلك مفاهيم يعود الفضل فيها إىل أمثال هانس مورغانتو ‪Hans‬‬
‫‪ Morganthau‬وكتابه السياسة بني األمم سنة ‪ Politics among nations 3093‬الذي بلور فيه جممل‬
‫أفكاره‪ ،‬خاصة أتكيده أبن تفسري ما حيدث جملرايت العالقات الدولية هو‪ (:‬صراع من أجل السلطان والسالم‪.)1‬‬
‫وابلرغم من أن ظهور الطرح الواقعي ليس ببعيد إالن أن جذوره الفكرية والفلسفية قدمية متتد إىل فرتات زمنية سابقة‪:‬‬

‫‪ -1‬أ‪.‬د عمار بن سلطان‪ ،‬مداخل نظرية لتحليل العالقات الدولية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬طاكسيج‪ .‬كوم‪ ،0990 ،‬ص ‪.717‬‬
‫‪23‬‬
‫بدأت بقصة ثيوسيديد ‪ 999/973( Thucydide‬ق م) الذي يروي النقاش – احلاد ‪ -‬بني أثينيني أقوايء وممثلني‬
‫عن جزيرة ميلوس ‪ – Milos‬جزيرة يواننية صغرية – أثناء احلروب البيلوبونيسية‬
‫‪ ، The Pelopenian Wars‬حيث نبني هذا السرد أمهية القوة أين ميكن اعتباره أحد النصوص املؤسسة وامللهمة‬
‫‪1‬‬
‫وامللخصة للفكر الواقعي‬
‫وجتدر اإلشارة إىل الكاتب اهلندي كوتيليا ‪ 308/133( Kautilya‬ق م) الذي أعطى مفاهيم حول‬
‫السلوك الدويل؛ إذ محلت أفكاره عن كيفية البحث إلجياد الطرق والوسائل الكفيلة لتقوية الدولة داخليا وخارجيا سواء‬
‫ابلسعي حنو توسيع أراضيها أو العمل على تدمري خصومها ‪،‬أو أهنا تلجأ إلقامة حتالفات مع غريها اليت تنصب كلها يف‬
‫دعوة اليت رفعها من أجل تقوية الدولة بشكل جيعلها تتقوى على غريها وجعل املصلحة فوق كل شيء (ثنائية القوة‬
‫واملصلحة القومية)‪.‬‬
‫أما يف العصر يف احلديث جند أن نيقوال ماكيافيلي ‪Niccolò Di Bernardo Dei Machiavelli‬‬
‫(‪ )3837/3930‬الذي وضع أمن الدولة يف قلب اهتماماته‪ 2‬وعلى أساسه بلور جمموعة من األفكار يف كتابه األمري‬
‫‪ The Prince‬تتعلق ابلسياسة واحلكم والدولة‪ ،‬فأرجع أمور تسيريها إىل الطبيعة الشريرة لإلنسان‪ ،‬وعلى احلاكم أن‬
‫يتبىن يف إدارة شؤون إمارته مقاييس غري أخالقية‪.‬‬

‫توماس هوبز ‪ Hobbes Thomas‬يف كتابه الطاغوت الذي ن‬


‫طور فكرة (الدولة الطبيعية) وهي حرب الكل‬
‫ضد الكل‪ .3‬كما يرى أن القوة عامل حاسم يف السلوك اإلنساين‪4‬؛ فاإلنسان بذلك يسعى دون هوادة حنو امتالك املزيد‬
‫من القوة‪ ،‬وال يتوقف عن هذا السعي إال عند موته‪.‬‬
‫ونشري يف األخري وعلى اعتبار أن القوة دافع غريزي كامن يف الطبيعة اإلنسانية فكل هؤالء املفكرين جيمعون على أمهية‬
‫متغري القوة إلدارة العالقات الدولية‪ ،‬وان كانوا خيتلفون يف طريقة توظيفه‪.5‬‬
‫‪ .9‬مسلمات التحليل الواقعي‪Real analysis :‬‬
‫‪ -‬تعترب الدول أهم الفواعل يف السياسة الدولية‪ ،‬و عليه فإن الرتكيز عليها كوحدة التحليل يساعد على فهم‬
‫طبيعة التفاعالت احلاصلة داخل النظام الدويل‪ ،‬وليس على غريها من الفواعل اليت ظهرت فيما بعد‪.‬‬

‫‪0-‬‬
‫‪Amélie blom, frédéric charillon,théories et concepts des relations internationales, hachette superieur,‬‬
‫‪2001, p13.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Ibid, p 13.‬‬
‫‪4-‬‬
‫‪Ibid, p 13.‬‬
‫‪ -4‬أ‪.‬د عمار بن سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.717‬‬
‫‪ -5‬خلف هللا عمر‪ ،‬التهديدات البيئية وفعالية االستجابات السياسية في إفريقيا‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية‬
‫والعالقات الدولية تخصص ‪:‬دراسات افريقية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ 3‬كلية العلوم السياسية واإلعالم قسم العلوم السياسية و العالقات الدولية ص‬
‫‪.74‬‬
‫‪24‬‬
‫‪ -‬يشري ابروخ سبينوزا ‪ Baruch Spinoza‬إىل أن رجال الدولة هم من ساعدوا يف فهم وشرح السياسة‬
‫‪1‬‬
‫أكثر مما ساهم به رجال النظرية‪ ،‬نتيجة الهتمامهم ابألمور العملية وابملمارسة‪..‬‬
‫‪ -‬ال ميكن حتديد وربط السياسة ابألخالق‪ ،‬وابلتايل حترير العمل السياسي من املبادئ األخالقية اليت تعمل‬
‫على عرقلته‪.‬‬
‫‪ -‬يشكك الواقعيون على العموم أمهية األخالق للسياسة الدولية‪ .‬وهذا ميكن أن يقودهم إىل االدعاء أبنه ال‬
‫مكان هلا لألخالق يف العالقات الدولية‪ ،‬وأن هناك توترا بني مطالب األخالق ومتطلبات العمل السياسي الناجح‪ ،‬أو‬
‫أن الدول هلا أخالقها اخلاصة اليت ختتلف عن األخالق العرفية‪ ،‬وإن وجدت فعالً ال تستخدم إال من أجل تربير‬
‫سلوك الدول‪.2‬‬
‫‪ -‬السياسة هي نتاج حتليل وفهم التاريخ والواقع والتعرف على الظواهر اليت هلا خاصية االستمرار (كاحلرب‬
‫والسالم) مثل‪ :‬ال تقبل فكرة السالم الدائم كما ال تقبل فكرة التناسق يف املصاحل‪.‬‬
‫حيث يرى مورغانتو ‪ Hans Morganthau‬أن فكرة املصاحل ال تفرتض وجود عامل مسامل‪ ،‬كما ال تفرتض حتمية‬
‫‪3‬‬
‫احلرب‪ ،‬لكنها تقوم على افرتاض وجود صراع مستمر‪ ،‬وهتديد ابحلرب‪..‬‬
‫وابالعتماد على التاريخ كمخرب كما جاء يف الطرح الواقعي اعتبار أن هذه األمور غري موجودة يف التاريخ‬
‫البشري‪ ،‬وإلثبات صحة أو خطأ الفكرة يستوجب الرجوع إىل التاريخ الذي عن طريقه تعمم الظاهرة املراد دراستها‪.‬‬
‫‪ -‬أن الط بيعة البشرية مفطورة على الشر وليس على حب اخلري والفضيلة‪ ،‬وأن ميلهم المتالك القوة تستند للخطيئة‬
‫القائمة على العنف مستدلني خبطيئة آدم وعمموها على البشر‪.‬‬
‫ونشري إىل أحد أقطاب الفكر الواقعي وهو قسيس إذ يقول‪( :‬أن اإلنسان ملطخ ابخلطيئة األوىل‪ ،‬فلهذا هو مهيأ‬
‫‪4‬‬
‫للشر)‬
‫‪ -‬املصلحة هي جوهر العالقات الدولية نتيجة لغياب سلطة عليا تفرض احرتام القانون الدويل مما يؤدي إىل القول أبن‬
‫الفوضى تعم النظام الدويل‪.‬‬
‫فكما يقول فريدريك شومان ‪ ، Frederick Schumann‬أحد دعاة املنهاج الواقعي يف حتليل العالقات‬
‫الدولية‪ ،‬أن النظام الدويل يتكون يف صميمه من دول مستقلة ذات سيادة ال تعرتف بوجود سلطة أعلى منها‪ ،‬وهي‬

‫‪ -1‬د‪ .‬نصيف يوسف حتي‪ ،‬النظرية في العالقات الدولية‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،7015 ،‬ص‪04‬‬
‫‪2‬‬
‫‪W. Julian Korab-Karpowicz , Political Realism in International Relations, First published Mon Jul 26,‬‬
‫‪2010; substantive revision Tue Apr 2, 2013‬‬
‫‪https://plato.stanford.edu/entries/realism-intl-relations/#ThuImpPow, 1:59 0971/95/91‬‬
‫‪ -3‬أ‪.‬د إسماعيل صبري مقلد‪ ،‬نظريات السياسة الدولية‪" ،‬دراسة تحليلية مقارنة"‪ ،‬ط‪ ،97‬الكويت‪ ،‬دار ذات السالسل‪ ،7011 ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ -4‬أ‪.‬د عمار بن سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.719‬‬
‫‪25‬‬
‫تعمل على أتمني مصاحلها القومية بوسيليت القتال والتفاوض‪ ،‬وأييت هدف احلفاظ على الذات ‪self-‬‬
‫‪ Preservation‬كهدف هنائي وأعلى ال خيضع ألي حتفظ وال يقبل املساومة عليه‪.1‬‬
‫‪ -‬بقدر ما يتصور الواقعيون أن العا مل يعيش حالة من الفوضى بني الدول‪ ،‬فيعتربون نتيجة لذلك أن األمن هي مسألة‬
‫أساسية‪ .‬ولتحقيق ذلك حتاول الدول زايدة قوهتا واالخنراط يف موازنة السلطة هبدف ردع املعتدين احملتملني‪ .‬وشن‬
‫احلروب ملنع الدول املتنافسة من أن تصبح أقوى عسكراي‪.2‬‬
‫‪ .3‬مبادئ الواقعية السياسية‪Principles of political realism :‬‬
‫إن الركائز العقالنية والواقعية هي اليت دعمت تصور مورغانتو للخروج أبفكار ومبادئ أكدت استقالل علم السياسة‬
‫ومن بعده علم العالقات الدولية عن ابقي العلوم االجتماعية األخرى‪.‬‬
‫املبدأ األول‪ :‬املعايري النظرية واملنهجية للواقعية السياسية‪:‬‬
‫‪ .3‬السياسة حتكمها جمموعة من القوانني مثل أي جمتمع وابلتايل وجوب العمل على فهمها من أجل تطويرها‪.‬‬
‫‪ .3‬ضرورة التمييز بني احلقيقة والرأي‪ :‬فاحلقيقة هي كل ما هو صحيح موضوعيا وعقالنيا خبالف الرأي الذي‬
‫يستند إىل أفكار خيالية ورغبات إنسانية ال تعرف احلدود‪ ،‬ومن مث ال ميكن االسرتشاد هبا يف صناعة‬
‫القرارات السياسية أو احلكم عليها‪.‬‬
‫‪ .1‬يف عامل الواقع البد التأكد من جناح أي سياسة خارجية‪ ،‬وذلك مبراجعة ما مت اجنازه مقارنة بتلك األهداف‬
‫املرجوة ابستخالص النتائج املرئية ألعمال السياسة‪ ،‬مع السعي ملعرفة الواقع الذي جرت فيه العملية‬
‫السي اسة وإخضاع ذلك لكل تصور عقلي مفرتض‪ ،‬كون الساسة يفكرون ويتصرفون يف حدود املصلحة‬
‫القومية هلم‪.‬‬
‫املبدأ الثاين‪ :‬املصلحة جوهر علم السياسة والعالقات الدولية‪:‬‬
‫كون أن املصلحة هي املفهوم اجلوهري للتصور الواقعي‪ ،‬وعليه وجب فهمها ألهنا تشكل املوضوع الرئيسي‬
‫الذي تدار من خالله مجيع التفاعالت يف العالقات السياسية الدولية‪ ،3‬ابإلضافة إىل أهنا متكن الباحث من التمييز بني‬
‫ما هو سياسي وما هو غري ذلك‪.‬‬
‫بل يذهب أنصار املدرسة الواقعية إىل أن املبادئ املعنوية أو األخالقية‪ ،‬بل وحىت القواعد القانونية الدولية‪ ،‬مجيعا يصعب‬
‫حتقيقها أو تطبيقها على السلوك السياسي اخلارجي للدولة فهي تسعى إىل حتقيق مصاحلا‪.4‬‬

‫‪ -1‬أ‪.‬د إسماعيل صبري مقلد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- W. Julian Korab-Karpowicz , Op.cit.p‬‬

‫‪ -3‬أ‪.‬د عمار بن سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪710‬‬


‫‪ -4‬أ‪.‬د عبد القادر محمد فهمي‪ ،‬النظريات الجزئية والكلية في العالقات الدولية‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الشروق للنشر‪ ،0979 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪26‬‬
‫وهذا ما يفيدان الستخالص نظري الذي ميكننا من فهم السياسة الداخلية واخلارجية للدول‪ ،1‬وهلذا فاملصلحة هي اليت‬
‫جتعل السياسة اخلارجية تظهر كحلقة متصلة وعقالنية ومفهومة ومتسقة مع نفسها‪.‬‬
‫وعليه كان تعريف ستيفن والت ‪ Stephen Walt‬للواقعية تفسريا مبسطا ملا سبق ذكره إذ يقول أهنا ‪ -‬الواقعية ‪:-‬‬
‫تصور الشؤون الدولية ابعتبارها صراع من اجل النفوذ بني دوال ال تعنيها سوى مصاحلها‪ ،‬وهي متشائمة بشكل عام إزاء‬
‫‪2‬‬
‫إمكانية إزالة الصراعات واحلروب‪..‬‬
‫املبدأ الثالث‪ :‬املصلحة هي جوهر العملية السياسية‪ :‬إذ ترى الواقعية السياسية أن‪:‬‬
‫‪ .3‬املصلحة هي جوهر ولب مجيع العمليات السياسية مبفهومها الثابت وليست متغرية ‪(3‬الصراع من أجل البقاء) وهي‬
‫احور العالقات التعاونية والصراعية بني األفراد واجلماعات ومن مث الدول‪.‬‬
‫ويف جانب تفسريي آخر جتدر اإلشارة إىل أن النظرية املثالية ‪ -‬عكس التصور الواقعي ‪ -‬تتبىن تصورات قيمية حتد من‬
‫التطلعات السياسية للمركب الصناعي العسكري حنو اخلارج‪.‬‬
‫‪ .3‬سيطرة املصاحل املادية واملعنوية على تفكري وسلوك األفراد‪ ،‬واستمرارها مرهون بوحدهتا وعدم وجود تناقض وتضارب‬
‫ما بني تلك املصاحل‪.‬‬
‫‪ .1‬املصلحة عند مورغانتو مرتبطة ارتباطا وثيق مبفهوم القوة اليت تنطوي على أي شكل من أشكال السيطرة الشاملة‬
‫على كافة العالقات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ .9‬اجتمع مفكرو النظرية الواقعية وبدرجات متفاوتة على أن أفضل وصف للسياسة الدولية هي الغابة (‪ )jungle‬اليت‬
‫تسودها حالة احلرب‪ ،‬فهؤالء ‪ ..‬يعتقدون أن هناك دوما احتمالية لوقوع حرب بني الدول املكونة للنظام الدويل‪ .‬هذه‬
‫احلالة من عدم االستقرار يف النظام الدويل واخلوف من احلرب ترجع دائما من الطبيعة الشريرة‪ ،‬أو خصائص الدولة‪ ،‬أو‬
‫بنية النظام الدويل‪ ،‬أو إىل العوامل الثالث جمتمعة‪.4‬‬
‫بديهية أخرى من التفكري الواقعي هو سعي الدول لتحقيق مشاريعهم يف احاولة منها لزايدة قوهتا؛ رغم االستخدام‬
‫الكثري هلذا املصطلح يف أدبيات العالقات الدولية‪ .‬ومع ذلك فإنه ال يزال غري واضح املعامل‪ ،‬هل يشار فيه املعىن للدول‬
‫اليت لديها أتثري كبري على السياسة العاملية‪ ،‬مبعىن(القوى الكربى)‪ .5‬على العكس من املدرسة املثالية اليت جتاهلت عنصر‬
‫القوة وفعاليته يف رسم األحداث تكون الدول هي املتحكمة والقائدة هلذا النظام‪.‬‬

‫‪ -1‬أ‪.‬د عمار بن سلطان‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.710‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬عامر مصباح‪ ،‬معجم مفاهيم "العلوم السياسية والعلوم الدولية"‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار شاوش‪ ،0995 ،‬ص ‪.760‬‬
‫‪ -3‬أ‪.‬د عمار بن سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.714‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬علي بن الحسين القحطاني‪ ،‬النظرية الواقعية وتطورها في العالقات الدولية‪ ،‬جامعة االسكندرية‪ ،‬مجلة كلية التجارة للبحوث العلمية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،90‬المجلد ‪ ،41‬جويلية ‪ ،0977‬ص ‪.070‬‬
‫‪5‬‬
‫‪. Pierre de Senarclens , Yohan Ariffin, La Politique Internationale, Théories et Enjeux Contemporains,‬‬
‫‪6e édition, Armand colin éditeur, 2010, p 22.‬‬
‫‪27‬‬
‫‪ .8‬كما أن الواقعية السياسية متيز بني املصاحل العليا للدولة واملصاحل الثانوية هلا‪ ،‬فاألوىل اثبتة ودائمة وغري قابلة‬
‫للمساومة أو ا لتنازل وأتيت يف أعلى درجة أولوايت السياسة اخلارجية‪ ،‬وهلذا وجب محايتها؛ أما الثانية فهي غري اثبتة‬
‫متغرية وفق الظروف واحلاجة قابلة للمساومة أو التنازل عنها إذا ما اقتضت املصاحل العليا ذلك‪.1‬‬
‫‪ .8‬يشكل اهلدف األمسى للدول يف ظل طبيعة هذا النظام هو احلفاظ على بقائها ومحاية أمنها القومي‪ ،‬فتكون‬
‫العالقات بني هذه الدول مبين على ما متلكه من قوة‪.‬‬
‫فالقوة اليت تعنيها حتليالت النظرية الواقعية‪ ،‬ليست جمرد القوة العسكرية أو وسائل اإلكراه املادي مبعناها الضيق‪،‬‬
‫ولكنها القوة القومية ‪ Natinal Power‬مبفهومها الشامل مبختلف عناصرها ومكوانهتا املادية وغري املادية ومنها‬
‫على سبيل املثال ال احلصر‪ :‬السكان‪ ،‬املوارد الطبيعية‪ ،‬املوقع االسرتاتيجي‪ ،‬مستوى التطور التكنولوجي‪ ،‬اجلهاز‬
‫اإلنتاجي‪ ،‬نظام احلكم ومؤسساته‪ ،‬الزعامة السياسية واإليديولوجية‪ ،‬الدبلوماسية‪ ،‬الدعاية‪ ،‬الرأي العام‪ ،‬مستوى‬
‫‪2‬‬
‫التسلح‪..‬إخل‬
‫املبدأ الرابع‪ :‬الفصل ما بني املبادئ األخالقية ومتطلبات العمل السياسية‪:‬‬
‫وذلك الرتباط األخالق السياسية ملا حقق من نتائج وما أجنز فعال‪ ،‬وال جيب اخللط بني القيم الفردية وقيم الدولة‪ ،‬كي‬
‫ال تتقيد الدولة بتلك املبادئ األخالقية؛ هذا املبدأ الذي أنشاء مبدأ آخر وهو الفصل بني السياسة والدين كون هذا‬
‫التصور قائم على التمييز بني احلقيقة والعبادة إذ أن الربط بينهما من شأنه أن حيطم األمم واحلضارات‪.3‬‬
‫‪ .8‬العوامل املوضوعية للمدرسة الواقعية‪Objective Factors of the Realism :4‬‬
‫‪ -‬إمجاعهم على الدور الفعال للقوة يف العالقات الدولية وضرورة التسلح هبا‪.‬‬
‫‪ -‬جيعلون من القوة وسيلة وليست غاية لتحقيق املصلحة الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة الفصل التام بني األخالق والسياسة‪.‬‬
‫‪ -‬جلوء الدول إىل التكتالت والتحالفات‪( ،‬أين عربت عنها مبفهوم توازن القوى) عند فشلها للوصول‬
‫لتحقيق املصلحة الوطنية‪.‬‬

‫‪ -1‬أ‪.‬د عمار بن سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.715‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬صبري مقلد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -3‬أ‪.‬د عمار بن سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.716‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Stéphane Paquin, Dany Deschénes, introduction aux relations internationales, théoriers, pratiques et‬‬
‫‪enjeux, cheneliére édition inc, 2009. p06.‬‬
‫‪28‬‬
‫املراجـ ـ ـ ـ ـ ــع‬
‫أوالُ‪ :‬ابللغة العربية‬
‫الكتـ ـ ــب‪:‬‬
‫‪ -1‬د‪ .‬إمساعيل صربي مقلد‪ ،‬نظرايت السياسة الدولية‪" ،‬دراسة حتليلية مقارنة"‪ ،‬ط‪ ،93‬الكويت‪ ،‬دار ذات‬
‫السالسل‪.3037 ،‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬عامر مصباح‪ ،‬معجم مفاهيم "العلوم السياسية والعلوم الدولية"‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬دار شاوش‪.3998 ،‬‬
‫‪ -3‬أ‪.‬د عبد القادر احمد فهمي‪ ،‬النظرايت اجلزئية والكلية يف العالقات الدولية‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الشروق للنشر‪،‬‬
‫‪.3939‬‬
‫‪ - -4‬أ‪.‬د عمار بن سلطان‪ ،‬مداخل نظرية لتحليل العالقات الدولية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬طاكسيج‪ .‬كوم‪.3990 ،‬‬
‫‪ -5‬د‪ .‬نصيف يوسف حيت‪ ،‬النظرية يف العالقات الدولية‪ ،‬بريوت‪ ،‬دار الكتاب العريب‪.3038 ،‬‬
‫اجمل ـ ـ ـ ـ ــالت‪:‬‬
‫‪ .3‬د‪ .‬علي بن احلسني القحطاين‪ ،‬النظرية الواقعية وتطورها يف العالقات الدولية‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،‬جملة كلية‬
‫التجارة للبحوث العلمية‪ ،‬العدد ‪ ،93‬اجمللد ‪ ،93‬جويلية ‪.3933‬‬
‫الرسائ ـ ـ ــل‪:‬‬
‫‪ .3‬خلف هللا عمر‪ ،‬التهديدات البيئية وفعالية االستجاابت السياسية يف إفريقيا‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة‬
‫املاجستري يف العلوم السياسية والعالقات الدولية ختصص ‪:‬دراسات افريقية‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ 3‬كلية العلوم السياسية‬
‫واإلعالم قسم العلوم السياسية و العالقات الدولية‪.‬‬
‫اثنيُا‪ :‬ابللغة األجنبية‬
‫‪1. Amélie blom et frédéric charillon, théories et concepts des relations‬‬
‫‪internationales, hachette superieur, 2001.‬‬
‫‪2. Pierre de Senarclens et Yohan Ariffin, La Politique Internationale, Théories et‬‬
‫‪Enjeux Contemporains, 6e édition, Armand colin éditeur, 2010.‬‬
‫‪3. Stéphane Paquin et Dany Deschénes, introduction aux relations‬‬
‫‪internationales, théoriers, pratiques et enjeux, cheneliére édition inc, 2009.‬‬
‫المواقع اإللكترونية‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- W. Julian Korab-Karpowicz , Political Realism in International Relations, First‬‬
‫‪published Mon Jul 26, 2010; substantive revision Tue Apr 2, 2013.‬‬
‫‪https://plato.stanford.edu/entries/realism-intl-relations/#ThuImpPow,‬‬ ‫‪0971/95/91‬‬
‫‪1:59‬‬

‫‪29‬‬

You might also like