ثانيا :عالقة علم العالقات الدولية بالعلوم األخرى أّو ال :تعريف علم العالقات الدولية إن العالقات الدولية مادة تطرح بعض اإلشكاالت لتحديد مفهومها بشكل دقيق نظرا لطبيعتها المركبة ،والختالف الرؤى حول ماهية العالقات الدولية حسب منظور كل فريق من الباحثين والمتخصصين .ومن أبرز التعريفات التي قدمت لتعريف علم العالقات الدولية: عرفت الموسوعة البريطانية علم العالقات الدولية بأنه ":العلم الذي يدرس العالقات بين حكومات دول مستقلة ،ويستعمل كمرادف للسياسة الدولية ".في حين يعرفه محمد طه بدوي بأنه ":العلم الذي يعنى بواقع العالقات الدولية واستقرائها بالمالحظة والتجريب أو المقارنة من أجل التفسير والتوقع ".وفي نفس االتجاه يعرف جون بورتون John Burtonالعالقات الدولية بأنها": علم يهتم بالمالحظة والتحليل والتنظير من أجل التفسير والتنبؤ ".وفي سياق آخر يعطي ستانلي هوفمان تعريفا لعلم العالقات الدولية بالقول ":حقل المعرفة للعالقات الدولية يعني العوامل والنشاطات المؤثرة في السياسة الخارجية وفي قّو ة الوحدات األساسية المكونة لعالمنا ". أّم ا روبرتو ميسا فيعرف علم العالقات الدولية بأنه ":العلم الذي يدرس المجتمع الدولي الديناميكي والجامد " .أي دراسة المجتمع الدولي كوحدة مستقلة من جهة ودراسة التفاعالت الديناميكية التي تحدث في إطارها من جهة أخرى .أما هانز مورجانثو Hans Morgenthauفيعرف العالقات الدولية في كتابه (المقدمة في العالقات الدولية) بـأنها ":العلم الذي يهتم بدراسة طبيعة وإدارة التأثير على العالقات بين األفراد والجماعات العاملة في ميدان تنافسي خاص ضمن إطار من الفوضى ،ويهتم بطبيعة التفاعالت بينهم وكذلك العوامل المتغيرة المؤثرة في هذا التفاعل ".ومن جهة أخرى يرى بالمر وبركنس Perkins & Palmerبأن العالقات الدولية ليست هي العلم الذي نحل به مشاكل المجتمع الدولي ،ولكن في أحسن الظروف إنه خيار ومدخل منظم لفهم هذه المشاكل .أما جورج كينان George F. Kennanفيعرف من جانبه العالقات الدولية في كتابه (العالقات الدولية بين السلم والحرب) بأنها ":دراسة العالقات الدولية تضم العالقات السلمية والحربية بين الدول ،ودور المنظمات الدولية وتأثير القوى الوطنية ومجموع النشاطات والمبادالت التي تعبر الحدود الدولية". ثانيا :عالقة علم العالقات الدولية بالعلوم األخرى يتمّيز علم العالقات الدولية عن غيره من العلوم األخرى بذاتية متميزة قائمة على تميزه بموضوع ومناهج خاصة ،غير أن هذه الذاتية ال تنفي وجود صلة بينه وبين العلوم األخرى منها على سبيل المثال ال الحصر: -1القانون الدولي :إن تطور الروابط بين والعالقات بين الجماعات والدول تاريخيا كان مصاحبا لتطور أعراف وقواعد ومبادئ كان الغرض منها تنظيم تلك العالقات ،لذلك يعد المجتمع الدولي المجال األساسي لعمل القانون الدولي وأساسه وفي هذا السياق يعرف الفقيه اوينهايم القانون الدولي بأنه ":مجموعة القواعد العرفية واالتفاقية التي تلزم الدول في عالقاتها" . إن مهمة القانون الدولي هي تحديد القواعد القانونية التي تحكم عالقات الدول والفاعلين الدوليين كالمنظمات الدولية ،بينما مهمة العالقات الدولية هي دراسة تلك النشاطات وبالتالي فالعالقة بينهما هي عالقة تكامل. ثانيا :االقتصاد الدولي :إن لعلم العالقات الدولية عالقة وطيدة بعلم االقتصاد على اعتبار أن العامل االقتصادي يلعب دورا كبيرا في توضيح أسس تطور المجتمع الدولي والعالقات الدولية وقواعدها في حياتنا المعاصرة ،فالعالقات الدولية هي عالقات قّو ة من أجل القّو ة وهذه األخيرة مفهوم مركب فيه جوانب سياسية ،اقتصادية ،عسكرية ...إّال أنه في الوقت الحاضر وخاصة بعد انهيار المعسكر الشرقي نجد بأن العامل االقتصادي قد طغى على الساحة الدولية إلى حد ان أصبحت العالقات الدولية هي المرادف للعالقات االقتصادية الدولية، مّم ا جعل موضوع العالقات الدولية يتمثل في المواضيع االقتصادية كالتخلف والحوار بين الشمال والجنوب .فكل الدول تسعى لتحقيق النمو االقتصادي لتحقيق رفاهيتها وتقدمها .كما أن التأثير في العالقات الدولية يتناسب طردا مع القّو ة االقتصادية للدول ،فكلما كانت قّو تها االقتصادية كبيرة كلما كان تأثيرها في العالقات الدولية كبير والعكس مّم ا ساهم في وضع نظريات في العالقات الدولية على أساس اقتصادي بحت منها نظرية التبعية ،نظرية التبادل غير المتكافئ ونظرية االمبريالية. ثالثا :علم التاريخ :إن ضرورة فهم واقع العالقات الدولية تستدعي الرجوع إلى الماضي -حيث تبدأ العالقات الدولية من حيث ينتهي التاريخ -فالتاريخ يمثل مختبر لدراسة الظواهر الولية وتحليلها تحليال علميا بعيدا عن الذاتية ،فهناك ظواهر دولية لها جذور تاريخية مما يستوجب على الباحث في العالقات الدولية الرجوع الى هذه الجذور والتنقيب عليها في ثنايا التاريخ لكشفها واستبيان الى أي مدى مازال تأثيرها على الواقع الدولي وفي هذا السياق يؤكد شوانزبرغر بأن دراسة التاريخ موضوعه تسجيل وتقييم ما لحق بظاهرة معينة من تطور حتى وصلت الى وضعا الحالي، في حين أن دراسة العالقات الدولية فموضوعها هذا الواقع الدولي في حد ذاته. رابعا :علم االجتماع :يهتم علم االجتماع بكل أنماط السلوك االجتماعي كالعادات والتقاليد والثقافة والقيم ،وهو بالضرورة يهتم بالسلوك السياسي كونه سلوكا اجتماعيا .وقد نشأ علم العالقات الدولية كجزء من العلوم السياسية التي هي في األصل جزء من علم االجتماع ،وتبرز الصلة الوثيقة بين علم العالقات الدولية وعلم االجتماع في كون األخير يعبر عن األسلوب والنتائج االجتماعية لتوزيع القّو ة –التي هي موضوع علم العالقات الدولية -على نحو معين في نطاق المجتمعات ،فضال عن اهتمامه بالصراعات االجتماعية والسياسية التي تؤدي إلى تغيير في نوع القّو ة .فعلم االجتماع يقدم لعلم العالقات الدولية معلومات اجتماعية مهمة كتماسك القيادة وقيمها ،ومعرفة الرأي العام خاصة اتجاهات المجتمع ازاء قضية معينة أو عدة قضايا كما يقدم المعلومات المتعلقة بالعادات والتقاليد والتيارات السياسية -االجتماعية ومعرفة نشاطات جماعات المصالح وتنظيماتها.