You are on page 1of 22

‫جامعة الجزائر‪3‬‬

‫كلية العلوم السياسية والعالقات الدولية‬

‫محاضرات في مادة‬

‫الفواعل الجديدة في العالقات الدولية‬

‫السنة األولى ماستر‬

‫السداسي الثاني‬

‫أ‪.‬د‪.‬عبدالوهاب بن خليف‬
‫المقرر‬

‫‪-1‬مخل عام‬

‫‪ -2‬الفاعل الدولي في العالقات الدولية‬

‫‪-3‬العوامل المؤثرة في سلوك الفاعل الدولي‬

‫‪-4‬الدولة القومية‬

‫‪-5‬المنظمات الدولية الحكومية‬

‫‪-6‬المنظمات غير الحكومية‬

‫‪-7‬الشركات المتعددة الجنسيات‬

‫‪-8‬الرأي العام العالمي‬


‫‪-9‬األقليات واإلثنيات‬

‫‪-10‬الطبقات‪-‬جماعات المصالح‪-‬النخب‬

‫‪ -11‬المركبات الصناعية العسكرية‬

‫‪ -12‬الجماعات المسلحة اإلرهابية‬


‫المحاضرة الثامنة‪ :‬الرأي العام العالمي‬
‫يعرف الرأي العام العالمي بأنه‪":‬الرأي الذي يتجاوز الحدود القومية للدولة‪ ،‬ويشكل شبه إجماع بين أفراد الدول واألمم المختلفة‪ ،‬أي‬
‫‪-1‬مفهوم الرأي العام‪ّ :‬‬
‫موحد حول قضايا دولية مشتركة معينة تهم اإلنسانية‪.‬‬
‫خلق موقف ّ‬

‫تتبنى حكومة لدولة ما سلوكا ما في الساحة الدولية تتعارض مع القيم والمبادئ اإلنسانية والقوانين واألعراض‬
‫تبرز أهمية وقوة الرأي العام العالمي عندما ّ‬
‫الدولية‪ .‬هنا يبدأ الرأي العام العالمي في التش ّكل والتبلور للتعبير عن رفضهم لهذا السلوك أو السياسة من خالل اتخاذ موقف موحد ومشترك ضد تلك الدول‬
‫بهدف ممارسة الضغط عليها بوسائل مختلفة من أجل التراجع عن سياستها ومواقفها‪.‬‬

‫هنا‪ ،‬نتساءل‪ :‬إلى أي مدى يمكن للرأي العام العالمي كأحد الفواعل الدولية التأثير في مواقف وسياسات الدول؟‪.‬‬

‫هناك اختالف في تحديد أهمية وقدرة الرأي العام العالمي على التأثير في توجهات السياسة الداخلية الخارجية للدول‪.‬‬

‫نبد أ بالمدرسة المثالية‪ ،‬التي يرى أنصارها بأن الرأي العام العالمي هو أفضل وسيلة وأسلوب من أجل تحقيق السلم واألمن الدوليين‪ ،‬وهو الذي ساهم في‬
‫نشأة عصبة األمم ومنظمة األمم المتحدة‪ ،‬خاصة وأن ميثاق األمم المتحدة اعتبر الرأي العام العالمي "السند القوي الذي ترتكز عليه الجمعية العامة لألمم‬
‫المتحدة في تحديد سياساتها الدولية‪.‬‬

‫في هذا اإلطار‪ ،‬ساهم الرأي العام العالمي من خالل منبر الجمعية العامة لألمم المتحدة في تعبئة الشعوب واألمم ضد سياسات الهيمنة والسيطرة والتمييز‬
‫العنصري الممارسة على الشعوب الضعيفة‪ .‬كما يزال أنصار الرأي العام العالمي (المثاليون‪ ،‬الليبراليون‪ ،‬الليبراليون الجدد‪ ،)...‬يراهنون على أهمية الرأي‬
‫العام العالمي كفاعل مؤثر في العالقات الدولية وكأساس إلعادة االعتبار للمبادئ اإلنسانية والدمقرطة الدولية وحقوق اإلنسان من أجل الوصول إلى بناء‬
‫عالقات دولية سلمية قائمة على مبدأ التعاون والتقارب واالحترام المتبادل‪...‬‬
‫يحد من سياسة أي دولة أو يجعلها تتراجع عن مواقف معينة على سبيل المثال‪،‬‬
‫أما المدرسة الواقعية‪ ،‬فيرى الواقعيون أن الرأي العام العالمي ال يمكنه أن ّ‬
‫يتصرفون كأفراد في‬
‫ّ‬ ‫هانس مورجانثو أنه في ظل غياب إجماع عالمي حول بعض القضايا االجتماعية األساسية المشتركة بين اإلنسانية‪ ،‬فإن األف ارد ال‬
‫مجتمع عالمي واحد يطبق معايير األخالق العالمية بل كأعضاء في مجتمعاتهم القومية‪ ،‬ويستلهمون منها معاييرهم األخالقية‪ .‬وفي مثل هذا الوضع‪ ،‬تصبح‬
‫األمة وليس اإلنسانية‪ ،‬هي الحقيقة المطلقة التي تقرر السياسة الخارجية للدول‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يذهب الواقع يون إلى أنه مادام ال يوجد مجتمع عالمي موحد تسيطر عليه أخالق مشتركة‪ ،‬تحتكم إليها اإلنسانية في أي عمل سياسي دولي‪ ،‬فإنه ال‬
‫يمكن المراهنة على الرأي العام العالمي من خالل الضغط والتأثير في سياسات الحكومات وليس له القدرة على منع التهديد بنشوب الحروب أو تحديد‬
‫السياسات الخارجية للدول‪.‬‬

‫قدمته الثورة التكنولوجية في ميدان اإلعالم واالتصال والمواصالت المختلفة من خدمات لإلنسانية‬
‫أما المدرسة السلوكية‪ ،‬فلها رأي آخر‪ ،‬بحيث ترى بأن ما ّ‬
‫سواء في تغطية األحداث الجارية في العالم أو سرعة نقل وانتشار األخبار والمعلومات وانسياب األفكار والثقافات والقيم عبر الحدود بين الشعوب والدول‬
‫والمنظمات الحكومية وغير الحكومية‪ ،‬ساهمت كل هذه الوسائل االتصالية في تشكيل وتكوين رأي عام عالمي موحد يتفاعل وجدانيا وأخالقيا وانسانيا مع‬
‫القضايا والمسائل اإلنسانية التي تحدث في أي مكان في العالم‪.‬‬

‫يرى ال سلوكيون كذلك أن في السابق لم تكن أهمية للرأي العام العالمي بسبب صعوبة االتصال بين الشعوب لغياب المؤسسات الخاصة بذلك‪ ،‬لكن مع‬
‫تطور تكنولوجيات اإلعالم واالتصال وتأسيس المنظمات غير الحكومية وتشكيل مؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬قد أثّرت بطريقة مباشرة على قوة وتأثير الرأي‬
‫العام العالمي وجعله فاعال مؤث ار على سياسات الدول وحكوماتها وكذلك على السياسات الدولية بصفة عامة‪ ،‬ألنه اليوم بفضل االنتشار الواسع لوسائل‬
‫اإلعالم واالتصال‪ ،‬أصبحت الدول تخشى انعكاسات الرأي العام العالمي على سمعتها الدولية ومركزها في المجتمع الدولي والعالقات الدولية‪.‬‬
‫مشوه في بعض‬
‫لكن‪ ،‬تجدر اإلشارة هنا‪ ،‬إلى أن االحتكار اإلعالمي من قبل دول كبرى‪ ،‬قد أدى إلى صياغة و تكوين في الكثير من األحيان رأي عام ّ‬
‫صناع الرأي بهذه المراكز اإلعالمية في الدول الكبرى وفي خدمة أهدافها السياسية‪.‬‬
‫الدول عندما يرتبط ّ‬

‫‪-2‬عالقة الرأي العام باإلعالم ‪ :‬ال يمكن الحديث عن وجود رأي عام بدون إعالم‪ ،‬ألن هذا األخير هو الذي يساهم بشكل مؤثر في تشكيل وتوجيه الرأي‬
‫تتجسد هذه العالقة من خالل التأثير والتأثر‪.‬فكالهما يؤثر في اآلخر ويتأثّر به‪،‬‬
‫ّ‬ ‫العام‪ .‬إذا سلّمنا جدال بأن هناك عالقة متينة بين اإلعالم والرأي العام‪ ،‬فإنها‬
‫وذلك يعني أن مؤشرات السبق‪ -‬أي أيهما يسبق اآلخر – غير واضحة‪ ،‬ألن العوامل التي آلت إلى ازدياد قوة اإلعالم ونفوذه هي نفسها التي أدت إلى ازدياد‬
‫قوة الرأي العام ونفوذه‪.‬‬

‫كما أن الرأي العام الوطني أو الرأي العام العالمي‪ ،‬يزداد تأثيره على الدول‪ ،‬إال من خالل وسائل اإلعالم المختلفة‪.‬‬

‫تزداد أهمية العالقة القائمة بين الرأي العام والسلطة في المجتمعات الديمقراطية ‪ ،‬التي ال تكترث لرأي األغلبية‪ ،‬وبالتالي ال تتأثر بتوجهات الرأي العام‬
‫بصفة عامة‪.‬‬

‫عندما نثير دور اإلعالم في توجيه الرأي العام العا لمي‪ ،‬نتعرض إلى دور اإلعالم في العالقات الدولية أو ما أصبح يعرف بحرب اإلعالم في العالقات‬
‫الدولية‪ ،‬والتي تتحدد في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬الحرب من أجل اإلعالم‪ :‬يدخل في هذا المجال كل أنواع االستعالم والذكاء السياسي واالقتصادي وغيره‪...‬‬
‫‪-‬الحرب باإلعالم‪ :‬هذه الحرب بإمكانها استهداف المجال الصناعي وكذا استهداف الهياكل القاعدية للدول‪ .‬مثال‪ :‬الحرب االقتصادية هي حرب معرفة‪،‬‬
‫بمعنى أية إستراتيجية من أجل ربح الحرب االقتصادية‪ :‬العلم‪ ،‬المعرفة‪ ،‬االستثمار في الكائن البشري ( الواليات المتحدة األمريكية والصين تسعيان من أجل‬
‫قيادة العالم)‪.‬‬

‫أما بخصوص العولمة وتكنولوجيات اإلعالم الجديدة‪ ،‬فإنه يمكن استخالص مايلي‪:‬‬

‫‪-‬زوال أسطورة السيادة المطلقة للدولة‪.‬‬

‫‪ -‬العبر قومية التي تعني عجز الدولة في المراقبة والتحكم في التفاعالت عبر حدودها بين مختلف الفاعلين الدوليين‪.‬‬

‫‪ -‬االعتماد المتبادل بين الدول مهما كانت قوتها ومقدراتها‪ ،‬بمعنى استحالة قيام دولة بالتعاطي مع كل التحديات التي تواجهها بمفردها بما في ذلك القوى‬
‫العظمى‪ ،‬وخير مثال على ذلك وباء كورونا في ‪.2020‬‬

‫‪ -‬استحالة التمييز بين ما هو داخلي وما هو خارجي (السيادة‪ /‬الشؤون الداخلية)‪ .‬الحدود الذكية وتعني أن الحدود تمتد من الرقعة الجغرافية لدولهم‬
‫ولمواطنيهم وشركاتهم المتعددة الجنسية‪ ،‬إلى أي مكان آخر في العالم تتواجد فيه مصالحهم والمصالح الحيوية‪.‬‬
‫المحاضرة التاسعة‪ :‬األقليات واإلثنيات‬

‫‪-1‬مفهوم األقلية واإلثنية‪ :‬ال يوجد اتفاق بين الباحثين في تحديد مفهوم األقلية واإلثنية‪ .‬لكن يمكن أن نعرف األقلية والجماعة اإلثنية على أنها ‪":‬تلك‬
‫الجماعة الفرعية من سكان دولة ما‪ ،‬والتي يشترك أفرادها بواحدة أو أكثر من المقومات الطبيعية‪ ،‬كاللغة أو الدين أوالعرق أو القبيلة أو بانتمائهم إلى قومية‬
‫خاصة ‪ ،‬بما يميزهم عن األغلبية العددية في الدولة‪ ،‬مما ينشأ عنه اختالف في وضعهم االجتماعي سلبا أو إيجابا عن األغلبية العددية‪ ،‬مع وعي أو إدراك‬
‫كال الطرفين األقلية واألغلبية‪ ،‬بذلك االختالف واعتباره ظاهرة طبيعية‪ ،‬قد نجدها تقريبا في كل دول العالم‪.‬‬

‫تعرف على أنها ‪":‬جماعة بشرية تتميز بسماتها الطبيعية من لغة‪ ،‬دين‪ ،‬عرق‪ ،‬قومية‪ ،‬قبيلة‪ ،‬عن غيرها من الجماعات البشرية‬
‫أما الجماعة اإلثنية ‪ّ :‬‬
‫األخرى داخل الدولة الواحدة‪ ،‬بصرف النظر عن حجمها أو عددها‪ ،‬ألن الجماعة اإلثنية قد تكون أقلية أو أغلبية في عددها‪.‬‬

‫يمكن اعتبار األقلية بأنه ا‪":‬مجموعة من المواطنين الذين يقيمون على جزء من إقليم دولة لهم خصائص عرقية‪ ،‬لغوية أو دينية‪ ،‬يشتركون في منظومة من‬
‫العادات والتقاليد والقيم الثقافية التي تميزهم عن أغلبية المواطنين في نفس الدولة‪.‬‬

‫وقد تتعرض المجتمعات والدول غي المتجانسة قوميا‪ ،‬دينيا وطائفيا إلى صراعات داخلية فيما بينها قد تتسبب في حدوث أزمة على المستوى الدولي (أزمة‬
‫كشمير بين الهند وباكستان منذ عام ‪ 1947‬وكذا األكراد في شمال العراق منذ االحتالل األمريكي عام ‪ 2003‬وكذا أزمة السودان منذ عام ‪.)...1983‬‬

‫يمارس من قبل سلطات‬


‫تتحول األقليات على مستوى العالقات الدولية إلى فاعل دولي مؤثر في نمط التفاعالت وذلك عندما تكون ضحية التمييز الذي َ‬
‫ّ‬
‫الدولة الرسمية أو من قبل أغلبية السكان من خالل اإلقصاء السياسي والتهميش االجتماعي أي حرمان هذه األقلية من ممارسة ثقافتها ولغتها ودينها‬
‫وعاداتها‪ ،...‬أو عندما تكون دولة أو مجموعة من الدول األجنبية لها مصالح إستراتيجية في دولة معينة‪ ،‬فإن هذه الدول‪ ،‬تلجأ إلى انتهاج ما يعرف "بسياسة‬
‫فرق تسد" بين المجموعات السكانية‪.‬‬
‫ّ‬
‫تبني مشاريع التحديث والعصرنة‪ ،‬التي تتماشى والتطورات‬
‫‪-2‬فشل الدولة الوطنية في استيعاب األقليات واإلثنيات‪ :‬حاولت الكثير من الدول في العالم ّ‬
‫تسبب في حدوث‬
‫الحاصلة على مستوى العالقات الدولية‪ ،‬لكنها سرعان ما اصطدمت بمشاريع اجتماعية تقليدية‪ ،‬توجهها األقليات واإلثنيات‪ ،‬األمر الذي ّ‬
‫العديد من النزاعات والتوترات ب ين هذه األقليات واإلثنيات المختلفة‪ .‬وأدت في بعض الدول إلى الدعوة إلى االستقالل عن الدولة األم‪ ،‬مثل ما حدث في‬
‫مهددة خاصة الدول العربية بعد أحداث‬
‫السودان عام ‪ 2011‬بانقسام دولة السودان إلى دولتين على أساس ديني برعاية دولية‪ .‬وهناك الكثير من الدول ّ‬
‫‪ 2011‬على غرار ما يحدث في لبيا‪ ،‬سوريا‪ ،‬اليمن‪...‬‬

‫وبالنسبة‪ ،‬لتأثير البعد القبلي في العملية السياسية‪ ،‬فإن هناك العديد من الدول في العالم‪ ،‬مازالت حبيسة سياسات وتوجهات األقليات واإلثنيات‪ .‬ومن أهم‬
‫األمثلة على ذلك‪ ،‬نجدها في الدول اإلفريقية التي مازالت توظف األبعاد القرابية‪ ،‬القبلية‪ ،‬اإلثنية والعرقية في العملية السياسية واالنتخابات المختلفة وفي بناء‬
‫المؤسسات الدستورية‪ ،‬بالرغم من أن عملية تفكيك البناء االجتماعي التقليدي (النظام القبلي) قد طالت دوال إفريقية عديدة‪.‬‬

‫تحول النزاعات من نزاعات دولية بين دولة ودولة أخرى‬


‫‪-4‬المشروع الوطني في مواجهة المشروع القبلي‪ :‬هناك ظاهرة جديدة في العالقات الدولية وهي ّ‬
‫حول الحدود وغيرها ‪ ،‬إلى نزاعات داخلية‪ ،‬أي داخل الدولة الواحدة بين مكونات اجتماعية‪ ،‬أو بين أقلية معينة وأغلبية‪ ،..‬وبالتالي فإن النزاعات الداخلية‪،‬‬
‫أصبحت تأخذ أبعادا دولية وتدخل في إطار ما يعرف في العالقات الدولية‪ ،‬بسسيولوجية النزاعات الدولية‪.‬‬

‫حول إلى نزاع‬


‫لذلك‪ ،‬فإن اليوم أصبحت الدول الوطنية تعاني صراعا بين مشروعين وهما‪ :‬المشروع القبلي أو اإلثني‪ .‬يبدأ بنزاع اجتماعي داخل الدول ويت ّ‬
‫بأبعاد دولية‪ ،‬وأمثلة على ذلك أزمة كشمير بين الهند وباكستان منذ عام ‪ ،1947‬أزمة الكوريتين منذ عام ‪ ،1953‬أألزمة القبرصية بين تركيا واليونان منذ‬
‫بداية السبعينيات من القرن العشرين‪...‬‬
‫المحاضرة العاشرة‪ :‬الطبقات‪-‬جماعات المصالح‪-‬النخب‬

‫‪-1‬مفهوم الطبقة‪ :‬يوجد اتفاق فيما يتعلق بأن المجتمعات تتشكل من شرائح اجتماعية مختلفة اعتمادا على مراكزها وثقلها من حيث الثروة والنفوذ ‪ ,‬وقد‬

‫تكون هناك طبقات مسيطرة على الحياة العامة في المجتمع سواء من االقتصاد أو اإلعالم أو األحزاب‪...‬فهي التي تتحكم في السلطة أو في عملية صنع‬
‫السياسة العامة للدولة من خالل ممثليهم الذين يصنعون السياسات ويتخذون الق اررات التي تتماشى ومصالح الطبقة أو الطبقات المسيطرة في المجتمع‪ .‬ويتم‬
‫التركيز في التحليل السياسي في هذا المجال على الدور الذي تلعبه الطبقة المهيمنة في عملية رسم السياسة الوطنية للدولة‪ ،‬باعتبارها من الفواعل الرئيسية‬
‫في الدولة‪.‬‬

‫حسب التحليل الماركسي‪ ،‬فإن الطبقة هي المتغير الرئيس لجميع أنماط التفاعل في السياسة الوطنية والدولية‪ ،‬وبالتالي فإن الدولة بالنسبة للطرح الماركسي‪،‬‬
‫ما هي إال أداة تستخدمها الطبقة المسيطرة في المجتمع لخدمة مصالحها على المستويين الوطني والدولي‪.‬‬

‫أما الطرح الغ ربي الرأسمالي‪ ،‬فإن الطبقة الرأسمالية ممثلة في رجال األعمال‪ ،‬رجال السياسة‪ ،‬والعسكريين واإلعالميين وحتى رجال الدين‪ ،‬لهم إيديولوجية‬
‫مشتركة تجمع هذه القوى‪ ،‬وبالتالي تؤثر الطبقة الرأسمالية في تشكيل السياسة الداخلية والخارجية للدولة‪.‬‬

‫عموما‪ ،‬فإن الطبقات االجتماعية المهيمنة في إي دولة ومهما كانت عقيدتها وايديولوجيتها رأسمالية ماركسية وحتى إسالمية‪ ،...‬فإن هذه الطبقات لها من‬
‫القوة والنفوذ والعالقات مع مراكز القوى السياسية في النظام القائم‪ ،‬بطريقة تمكنها من التأثير في توجهات السياسة الداخلية والخارجية للدولة‪ ،‬بما يتماشى‬
‫والمصالح االقتصادية والسياسية في البيئة الخارجية‪ ،‬خاصة وأن السياسة الخارجية هي انعكاس للسياسة الداخلية‪.‬‬
‫‪-2‬جماعات المصالح‪ :‬يقول موريس دي فرجي ‪" :‬الجماعات الضاغطة تبقى خارج السلطة"‪ .‬وتعني الجماعة أو المجموعة الضاغطة‪":‬مجموعة من األفراد‬
‫وتبنت الوسائل لتحقيقها‪ ،‬فتش ّكلت في صورة مجموعة منظّمة تسعى لتحقيق مصالحها بواسطة الـتأثير والضغط على‬
‫وعت مصالحها وألدركت أهدافها ّ‬
‫السلطة"‪.‬‬

‫تصنف هذه الجماعات على النحو التالي‪:‬‬


‫أ‪-‬تصنيف الجماعات الضاغطة‪/‬جماعات المصالح‪ّ :‬‬

‫‪-‬التصنيف المهني‪ :‬نعني بها جماعات الضغط المهنية التي تس عى للحصول على مكاسب مهنية‪ ،‬ومن بينها جماعات الضغط العمالية‪ ،‬الفالحين‪ ،‬رجال‬
‫األعمال‪...‬‬

‫‪-‬جماعات الضغط الفكرية‪ :‬تضم المثقفين ورجال الفكر وغيرهم‪...‬‬

‫‪-‬جماعات الضغط المؤقتة‪ :‬تسعى لتحقيق مصالحها ولكنها بمجرد االنتهاء تختفي‪.‬‬

‫‪ -‬جماعات الضغط المحلية‪ :‬وهي جماعة تستمد قوتها من منطقة معينة بحم انتمائها الجغرافي المرتبط ببعدها القبلي أو اإلثني‪.‬‬

‫‪ -‬جماعات الضغط اإلقليمية‪ :‬هي جماعات لها بعد إقليمي أي ما فوق الوطني‪ ،‬بحيث يمتد تأثير هذه الجماعات إلى أكثر من دولة‪ ،‬مثل‪ :‬إتحاد النقابات‬
‫اإلقليمية التي تضم في عضويتها أكثر من دولة‪.‬‬

‫‪ -‬جماعات الضغط الدولية‪ :‬تتضمن جماعات الضغط التي لها بعد دولي مثل منظمات حقوق اإلنسان‪...‬‬

‫ب‪-‬أسس جماعات الضغط‪/‬المصالح ‪ :‬ترتكز على مجموعة من األسس‪:‬‬


‫‪-‬عدد المنخرطين‪.‬‬

‫‪-‬القوة المالية‪.‬‬

‫‪-‬القوة التنظيمية‪.‬‬

‫ج‪-‬وسائل جماعات الضغط‪/‬المصالح‪:‬‬

‫‪-‬وسيلة اإلقناع‪.‬‬

‫‪ -‬وسيلة الترغيب‪.‬‬

‫‪ -‬وسيلة الترهيب والتهديد‪.‬‬

‫‪ -‬وسيلة القوة‪.‬‬

‫‪ -‬وسيلة الدعاية والترويج‪.‬‬

‫في هذا اإلطار‪ ،‬يرى كارل دويتش ‪ ":‬أن التعامل في السياسة الدولية يجري عادة بين مجموعات المصالح والدول‪ ،‬ففي كل أنواع‬
‫السياسة يتصرف األف ارد عن طريق المجموعات‪ ،‬يمارسون عليها بعض التأثير من الخارج أو عن طريق التأثير على الحكومة‪ ،‬وهكذا يمكن‬
‫فهم سلوك الحكومات في إطار التفاعل بين مصالح وجهود بعض المجموعات التي تقف من ورائها‪.‬‬
‫‪-3‬الصفوة‪/‬النخبة‪:‬‬

‫أ‪-‬مفهوم الصفوة‪/‬النخبة‪ :‬ارتبط مفهوم الصفوة تاريخيا بالسلطة ومحيطها الطبيعي‪ .‬وعندما نتعرض إلى هذا المفهوم‪ ،‬فإننا نعني به وجود‬
‫طبقتين داخل المجتمع‪ .‬الطبقة األولى التي تمثل األقلية وهي الصفوة أو النخبة‪ ،‬والطبقة الثانية التي تعني بها عامة الناس‪.‬‬

‫عموما‪ ،‬فإن الطبقة األولى وهي الصفوة‪ ،‬فإنها حسب المفكر باريتو‪ " :‬تتكون من جميع األشخاص الذين يظهرون نوعا من االستعدادات‬
‫البارزة في ميدانهم أو أنشطة أخرى ذات عالقة‪ ،‬ويدخل في نطاق الصفوة كل من بواسطة عمله أو مواهبه الطبيعية‪ ،‬يحقق نجاحا بار از‬
‫بالنسبة لباقي أفراد المجتمع"‪.‬‬

‫ب البناء النظري للصفوة‪/‬النخبة ‪ :‬يوجد أربعة اتجاهات نظرية للصفوة‪:‬‬

‫‪-‬االتجاه التنظيمي‪ :‬ويمثله "موسكا" الذي يرى بأن الصفوة تمتلك مقاليد القوة لما لها من قدرات تنظيمية تتمتع بها داخل المجتمع‪.‬‬

‫‪-‬االتجاه السيكولوجي (النفسي)‪ :‬يمثل هذا االتجاه "باريتو" الذي ارتبط اسمه بدراسة موضوع الصفوة في المجتمع‪ ،‬وكان من أبرز‬
‫المفكرين الذين حلّلوا ظاهرة الصفوة في المجتمع‪ .‬ويرى أنها تعني المؤهالت واالستعدادات التي يكتسبها الفرد في ميدان معين عبر التاريخ‪،‬‬
‫أي خالل فترات مختلفة من حياته‪ .‬فهو بذلك يركز على الجوانب السيكولوجية التي يتحصل عليها الفرد من خالل التجارب والخبرات مع‬
‫مرور الوقت‪.‬‬
‫االتجاه االقتصادي‪ :‬يمثل ها االتجاه "جيمس برنهايم" الي أبرز أن النظام الرأسمالي في تقهقر وتراجع مستمرين‪ ،‬األمر الذي سيؤدي إلى‬
‫تحول المجتمع الرأسمالي إلى مجتمع تبرز فيه صفوة أو نخبة إدارية تكنوقراطية واقتصادية وسياسية تقوم بقيادة وتسيير الشؤون العامة‬
‫ّ‬
‫قسم المجتمع إلى طبقتين‪ :‬طبقة رأسمالية مسيطرة على وسائل اإلنتاج‪،‬‬
‫للمجتمع‪ .‬يتضح أن هذا المفكر قد تأثر بالطرح الماركسي‪ ،‬الذي ّ‬
‫وطبقة ثانية ممثلة في العمال وهي األكثر وعيا في المجتمع‪.‬‬

‫تعود‬
‫االتجاه النظامي‪ :‬يمثله "ميلز" الذي درس موضوع العالقة بين الصفوة والقوة‪ ،‬حيث يرى بأن القائد الذي بيده السلطة أو القوة‪ ،‬قد ّ‬
‫على ممارستها‪ ،‬وبالتالي فإنه ال يستطيع التنازل عنها ومن ثم فإن القائد أو الزعيم الذي يشغل مناصب عليا ذات نفوذ يصبح يمثّل الصفوة‬
‫الحاكمة‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن الصفوة حسب "ميلز" هي نتيجة للصفة النظامية التي تحكم المجتمع وتؤدي إلى ظهور منظمات كبيرة‪.‬‬

‫ج‪-‬أنواع الصفوة‪/‬النخبة‪ :‬هناك عدة أنواع‪:‬‬

‫تسير مقاليد الحكم‪.‬‬


‫‪-‬الصفوة السياسية‪ :‬وهي صفوة السلطة السياسية التي ّ‬

‫‪-‬الصفوة العسكرية‪ :‬ارتبطت بقيادة الجيش‪.‬‬

‫‪-‬الصفوة الكارزمية‪ :‬هي مجموعة من األفراد الذين يتمتعون بمؤهالت واستعدادات خارقة للعادة تساعدهم في قيادة مجال معين‪.‬‬

‫‪-‬الصفوة الرمزية‪ :‬هي مجموعة من األفراد ينظر لهم في المجتمع على أنهم يمثلون قيمة رمزية‪ ،‬على سبيل المثال‪ :‬أبطال الثورات‬
‫التحريرية‪ ،‬الفنانون‪ ،‬الكتاب‪ ،‬المفكرون‪...‬‬
‫النحاتين‪...‬‬
‫رسامين‪ ،‬الشعراء‪ّ ،‬‬
‫‪-‬الصفوة الثقافية‪ :‬هم المثقفون في المجتمع‪ :‬كال ّ‬

‫صناع القرار داخل‬


‫عموما‪ ،‬إن الطبقات أو جماعات المصالح أو النخب‪ ،‬في جميع المجاالت‪ ،‬أصبحت تلعب دو ار كبي ار في التأثير على ّ‬
‫الدولة من أجل تكييف ق ارراتها بما يتماشى وتوجهاتها‪ .‬كما تساهم هذه الطبقات وجماعات المصالح والنخب في توجيه صانع القرار في‬
‫السياسة الخارجية للدول‪.‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‪ :‬المركبات الصناعية العسكرية‬

‫‪-1‬مفهوم المركب الصناعي االعسكري‪ :‬نعني به العالقة المالية والسياسية القائمة بين رجال السياسة (السلطة) والقوات المسلحة والصناعات العسكرية التي‬
‫تدعمها‪ .‬هذه العالقة تضمن المساهمة السياسية والموافقة السياسية على اإلنفاق العسكري للدولة‪.‬‬

‫ظهر هذا المفهوم ألول مرة عندما استخدمه الرئيس األمريكي األسبق إيزنهاور خالل آخر خطاب له بإيطاليا في ‪ 17‬جانفي ‪.1961‬‬

‫تعد تجارة األسلحة وتصديرها من أهم الصناعات الثقيلة التي تجلب أرباحا كبيرة تعد بالماليير سنويا‪ ،‬وذلك من قبل النخب المالية والعسكرية من جهة‪ ،‬ومن‬
‫قبل الدول الصناعية الكبرى كالواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬روسيا‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬الصين‪...‬‬

‫‪ CIPRI‬وهناك دراسة قام بها معهد ستوكهولم ( ) حول حجم الدول المصدرة لألسلحة بين عامي‪ 2011‬و‪:2015‬‬

‫النسبة‬ ‫الدول‬ ‫النسبة‬ ‫الدول‬


‫‪%4.7‬‬ ‫ألمانيا‬ ‫الواليات المتحدة األمريكية ‪%33‬‬
‫‪%4.5‬‬ ‫بريطانيا‬ ‫‪%25‬‬ ‫روسيا‬
‫‪%3.5‬‬ ‫إسبانيا‬ ‫‪%5.9‬‬ ‫الصين‬
‫‪%2.8‬‬ ‫إيطاليا‬ ‫‪%5.6‬‬ ‫فرنسا‬
‫لقد أصبحت المركبات الصناعية في العالم من أهم الفواعل الدولية المؤثرة على السياسات الدولية‪ .‬هذه المركبات تعمل على استمرار‬
‫الحروب في مناطق مختلفة من العالم بهدف االستمرار في بيع األسلحة‪.‬‬

‫بالنسبة للدول األكثر شراءا لألسلحة‪ ،‬تأتي الهند في المرتبة األولى بنسبة ‪ 14‬بالمائة‪ ،‬ثم الملكة السعودية في المرتبة الثانية ‪ 7‬بالمائة ‪،‬‬
‫ثم الصين في المرتبة الثالثة ‪ 4.7‬بالمائة‪.‬‬

‫إن الشركات المتعددة الجنسيات المصنع لألسلحة هي من تقوم بتسليح أساطيل الدول في العالم على غرار الشركة األمريكية المختصة‬
‫في التسليح البحري (شركة لوكاهيتد مارتن) والشركة الفرنسية (‬

‫) ‪DSNC‬‬

‫إن المصالح السياسية الغربية تتجاوز في الكثير من األحيان القوانين واألعراف الدولية‪ ،‬حيث تقوم المركبات الصناعية العسكرية التي‬
‫تسيطر على السلطة في الواليات المتحدة األمريكية ودول صناعية أخرى بممارسة الضغط على حكامها من أجل عقد صفقات التسلح‬
‫الضخمة مع دول غنية وفقيرة‪.‬‬

‫‪ -2‬الترتيبات العسكرية األمريكية للسيطرة على العالم‪:‬‬

‫األساطيل‪ :‬هناك ‪ 13‬أسطوال تجوب جميع البحار المفتوحة والمغلقة في العالم‪.‬‬


‫‪-‬القواعد العسكرية والتواجد العسكري‪ :‬هناك ‪ 6000‬قاعدة عسكرية في الواليات المتحدة األمريكية‪ .‬وهناك أكثر من ‪ 700‬قاعدة عسكرية‬
‫على أراضي دول صديقة في أوروبا‪ ،‬أفريقيا‪ ،‬آسيا‪...‬‬

‫‪-‬التسهيالت العسكرية التي تقدمها الدول للواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫موجهة ألمريكا أو‬


‫‪-‬حرب النجوم‪ :‬هي نظام دفاعي يعتمد على المحطات الفضائية لتوجيه أسلحة الليزر إلسقاط أي أسلحة باليستية ّ‬
‫حلفائها‪.‬‬

‫موجه لتحييد الصواريخ العابرة للقارات‪.‬‬


‫‪-‬الدرع الصاروخي‪ :‬نظام دفاعي آخر يقام في شرق أوروبا وحول روسيا ّ‬

‫‪-‬األحالف العسكرية‪ :‬أهمها وأخطرها منظمة حلف شمال األطلسي الذي تأسس عام ‪.1949‬‬

‫‪-‬التحكم بشبكة االتصاالت‪ :‬شبكة االتصاالت العالمية بالواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬فالرسائل البريدية اإللكترونية كلها تذهب إلى الواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪ ،‬ثم توزع عل مختلف مناطق العالم‪.‬‬

‫‪-3‬الترتيبات غير العسكرية األمريكية للسيطرة على العالم‪:‬‬

‫‪-‬الهيمنة على منظمة األمم المتحدة ‪ :‬تمويل الواليات المتحدة األمريكية لهذه المنظمة أكثر من ‪ 50‬بالمائة‪.‬‬
‫‪ -‬التحكم في االقتصاد العالمي من خالل المؤسسات المالية الدولية وكذا التعامل بالدوالر‪ ،‬باإلضافة إلى دور الشركات المتعددة‬
‫الجنسيات الكبرى‪.‬‬

‫‪-‬قوة المعرفة واإلنتاج المعرفي‪.‬‬

‫الحساسة‬
‫ّ‬ ‫النتيجة‪ :‬إن التطبيق األمريكي لجيوبوليتيكية القوة العسكرية وغير العسكرية‪ ،‬أدى إلى منظور كوني مهيمن على أهم المفاصل‬
‫للعالم‪ ،‬سواء عن طريق القوة الناعمة أو القوة الصلبة‪.‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‪ :‬الجماعات المسلحة اإلرهابية‬

‫تتبنى‬
‫ارتبط مفهوم الجماعات المسلحة بالجماعات اإلرهابية التي تستعمل السالح خارج إطار القانون‪ ،‬ومن ثم فإن الجماعات التي ّ‬
‫استعمال العنف المسلح بالجماعات اإلرهابية‪.‬‬

‫ويتضح منا التداخل الكبير بين العنف المسلح (السياسي) والعمل اإلرهابي‪ .‬فكالهما يسعى إلى تحقيق غايات وأهداف سياسية وكل منهما‬
‫بمثابة استخدام أو تهديد باستخدام وسائل عنيفة وكالهما عمل غير مشروع قانونيا‪.‬‬

‫يختلف العنف السياسي عن العنف اإلرهابي في أن اإلرهاب أهدافه عادة ما تكون الدعاية لقضية ما يرغب اإلرهابيون في إثارتها وجذب‬
‫يسمى بإستراتيجية األثر االنتشاري للعمل اإلرهابي وكذلك أن اإلرهاب هو الصورة الوحيدة من صور العنف‬
‫االنتباه إليها من خالل ما ّ‬
‫السياسي التي يحرص الفاعلون من خالل قيامهم بالعمل العنيف على تجاوز نطاق وحدود الهدف المباشر للعمل العنيف‪.‬‬

‫يختلف العمل اإلرهابي عن العنف السياسي في كونه يعتمد على وسائل اإلعالم واالتصال في تحقيق أهدافه ويأخذ بعدا دوليا يتجاوز‬
‫اإلطارين المحلي واإلقليمي‪.‬‬

‫أما ما يفرق اإلرهاب عن الجريمة المنظمة بكافة أشكالها‪ :‬الهجرة غير الشرعية‪ ،‬تبييض األموال‪ ،‬تجارة المخدرات‪ ،‬االتجارة بالبشر‪،‬‬
‫االتجار باألسلحة الخفيفة والتهريب‪ ،‬في أن اإلرهاب يهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية‪ ،‬في حين تهدف الجريمة المنظمة إلى تحقيق‬
‫مكاسب مالية واقتصادية‪ .‬لكن هناك عالقات عضوية بين اإلرهاب والجريمة المنظمة‪ ،‬فال يمكن لإلرهاب أن يتغ ّذى ويستمر بدون الجريمة‬
‫المنظمة‪.‬‬

‫مر اإلرهاب بمراحل مختلفة‪:‬‬


‫ّ‬

‫‪-‬المرحلة األولى‪ :‬هي المرحلة التي ساد فيها اإلراب خالل القرنين التاسع عشر والعشرين في أوروبا‪ ،‬على غرار ما قامت به المافيا في‬
‫إيطاليا والمتطرفين في بعض الدول األوروبية‪.‬‬

‫‪-‬المرحلة الثانية‪ :‬هي المرحلة التي اختلط فيها مفهوم اإلرهاب بحركات المقاومة والتحرير الوطني ضد االحتالل األجنبي في أفريقيا‪ ،‬آسيا‬
‫وأمريكا الالتينية‪.‬‬

‫‪-‬المرحلة الثالثة‪ :‬هي المرحلة التي عرفت موجات اإلرهاب ذات األبعاد اإلثنية‪ ،‬خاصة الدينية‪ ،‬الطائفية‪ ،‬العرقية‪ ،‬وارتبط هذا العمل‬
‫اإلرهابي خاصة مع تفاقم الصراعات الداخلية في الدول‪ ،‬وامتد إلى خارج الحدود‪.‬‬

‫‪-‬المرحلة الرابعة‪ :‬هي ما يعرف بإرهاب الجيل الرابع والذي انتشر في التسعينيات من القرن الماضي‪ ،‬وعرف هذا النوع من اإلرهاب بأنه‬
‫يتسم بكونه أكثر تنظيما وتطو ار من حيث األساليب واألشكال‪ ،‬وتعد أحداث ‪ 11‬سبتمبر ‪ 2001‬خير مثال على ذلك‪.‬‬

‫المرحلة الخامسة‪ :‬هي مرحلة أكثر تطو ار تعتمد أساسا على اإلرهاب اإللكتروني (القرصنة اإللكترونية‪ ،‬االختراقات للمواقع اإللكترونية‬
‫لجهات رسمية وغيرها‪.)...‬‬
‫عموما‪ ،‬يمكن القول أن الجماعات المسلحة اإلرهابية أصبح ينظر للها على أنها من أهم الفواعل المحلية‪ ،‬اإلقليمية والدولية‪ ،‬ألنها‬
‫أضحت تؤثر في توجهات السياسة الوطنية‪ ،‬اإلقليمية والدولية‪ .‬ونستحضر هنا مثال‪ :‬تنظيم القاعدة اإلرهابي بقيادة أسامة بن الدن الذي‬
‫انطلق من أفغانستان وباكستان وانتشر غربا في منطقة الشرق األوسط والمغرب العربي‪ .‬ونفس الشيء بالنسبة لتنظيم بوكوحرام في شمال‬
‫نيجيريا لينتشر خارج الحدود ويمتد لدول أفريقيا أخرى‪ ،‬وأخي ار تنظيم داعش الذي بدأ في سوريا والعراق ثم امتد لعدة دول في العالم‪.‬‬

You might also like