Professional Documents
Culture Documents
مقدمة:
الواقعية هـي توجـه تنظـريي قـام بـرفض املبـادئ األخالقيـة والقانونيـة الـيت طرحهـا املثـاليون ،وركـز
على مبادئ براغماتية انشئة عن نظرة تشاؤمية لواقع وطبيعة الظواهر السياسية والدوليـة ،إذ ال
يوجــد تناســق وانســجام يف املصــاحل ) (Harmony of Interestبــني الوحــدات السياســية يف
اجملتمــع الــدويل ،بــل هنــاك تضــارب بينهــا يصــل إىل درجــة انــدالع احلــرب .فـا لعالقـات الدوليــة
هـي صـراع قـوة ومــن أجــل القـوة )(Struggle of Power and for powerواإلمكانيــات
املتــوفرة للدولــة تلعــب دورا هامــا يف حتديــد نتيجــة الص ـراع الــدويل وقــدرة الدول ـة علــى التــأثري يف
س ــلوك اآلخ ـ ـرين ،ش ـ ـريطة إدراك أن ق ــدرات الدول ــة ال تقتص ــر عل ــى اإلط ــالق عل ــى اجلان ــب
العســكري فقــط؛ بــل تشــمل متغ ـريات أخــرى كالعوامــل اجلغرافيــة وامل ـوارد الطبيعيــة والتج ــانس
()40
السكاين والتطور التقين وطبيعة اإليديولوجية والقيادة السياسية.
وميكن حتليل أهم أفكار املدرسة الواقعية من خالل التطرق إىل أهم نظرايهتا املتمثلة يف:
الواقعية الكالسيكية :Classical Realism .I
ترجع اجلذور التاريية للواقعية الكالسيكية إىل الفلسفة السياسية القدمية عند كل من
املفكر اهلندي "كوتيليا" 296-312Kautilyaق.م واملفكر اإليطايل
"نيكولوماكيافيلي"1527-1469Nicollo Machiavelliم والفيلسوف اإلجنليزي
"توماس هوبز" 1679-1588Thomas Hobbesوهي فلسفة قائمة على اعتبار
()41
الصراع من أجل القوة دافع غريزي كامن يف الطبيعة اإلنسانية.
ومن جهة أخرى يرى كل من "بول فيـويت ومـارك كـويب" Paul R Viotti and Mark V
Kauppiأن امل ـ ــؤرخ الي ـ ــوانين "توس ـ ــيديدس" Thusydidesه ـ ــو أول م ـ ــن كت ـ ــب يف الواقعي ـ ــة
التقليديــة إذ يعتــرب كتابــه احلــرب البيلوبونيزيــة Peloponnesian Warأشــهر عمــل عــرض فيــه
حســب – التسلســل الــزمين 21 -ح ـراب وملــدة 28س ــنة بــني أثينــا وســربات SPARTAيف
القــرن اخلــامس قبــل املــيالد ،وتوصــل إىل أن اخلــوف هــو اخلاصــية املســيطرة والعامــل الــدافع حنــو
()42
سباق التسلح واحلرب.
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية (العدد الثاني -جوان )2017 58
وقــد ظهــرت الواقعيــة الكالســيكية يف العالقــات الدوليــة يف الفــرتة الــيت تلــت احلــرب العاملي ـة
األوىل عــن طريــق كتــاابت كــل مــن "إدوارد هالــت كــار"Edward Hallet Carr؛ و"هــانس
جوشـيممورغانثو" ،Hans Joachim Morgenthauإذ تطـرق األول يف كتابـه أزمـة العشـرين
سـنة The Twenty Years Crisis 1919-1939لتفسـري األسـباب العميقـة لألزمـات
الدولي ــة احلديث ــة وتوص ــل إىل أن السياس ــة حت ــت أي مع ــىن م ــا ه ــي إال سياس ــة ق ــوة انبع ــة م ــن
الطبيعة البشرية )43(.أما "مورغانثو" صاحب كتاب السياسة بني األمم "كفاح مـن أجـل القـوة
والسـلم" Politics among Nations : The Struggle for Power and Peaceفقـد
()44
أورد يف كتابه ستة مبادئ أساسية ترتكز عليها هذه النظرية وهي:
.1تعتقــد الواقعيــة السياســية أن السياســة حتكمهــا قـوانني موضــوعية جتــد جـذورها يف الطبيعــة
اإلنسانية؛
.2الــركن األساســي الــذي يســاعد الواقعيــة يف حتديــدها لطبيعــة السياســة الدوليــة ه ـو مفهــوم
املصلحة املعرف مبعىن القوة؛
.3الواقعية ال تعترب مفهوم املصلحة املعرف ابلقوة كمفهوم اثبت يف كل احلاالت؛
.4الواقعية واعية ابلتوتر املوجود بني األمور األخالقية ومتطلبات الفعل السياسي الناجح؛
.5الواقعيـ ــة السياسـ ــية تـ ــرفض أن تطـ ــابق الطموحـ ــات األخالقيـ ــة لكـ ــل دولـ ــة مـ ــع الق ـ ـوانني
األخالقية املتحكمة يف الكون؛
.6الفرق بني الواقعية السياسية واملدارس األخرى حقيقي وعميق.
وإىل جانب املفكرين السابقني ساهم الكثري من الباحثني قدميا وحديثا يف تطور النظرية
الواقعية يف العالقات الدولية ،إذ كان لكتاابت عامل الالهوت الربوتستنيت
"رينهولدنيبور" 1971-1892األثر األكرب على الكتاابت الواقعية يف الوالايت املتحدة
األمريكية؛ إذ ينطلق من الفكرة الدينية حول اإلنسان امللطخ ابخلطيئة األوىل املنكر حملدوديته
وقيوده والذي يسعي لزايدة قوته الفردية واجلماعية ،كما يعتقد "نيكوالس سبيكمان"
( ) 1943-1893أن العالقات بني الدول متر عرب اجتاهات ثالثة؛ إذ تتسم ابلتعاون
59 مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية (العدد الثاني -جوان )2017
وتسوية اخلالفات ومعارضة بعضها البعض ،ولكي تضمن الدولة بقائها عليها أن جتعل
هدفها األول يف سياستها اخلارجية هو احلفاظ على قوهتا أو زايدة هذه القوة ،وألن القوة يف
معناها األخري تعين القدرة على خوض غمار احلرب فإن الدول تؤكد دائما على أمهية بناء
مؤسساهتا العسكرية ،كما أن الدول تبقي ألهنا إما قوية أو ألن دوال أخرى تضمن
()45
محايتها.
وميكن تلخيص أهم افرتاضات الواقعية الكالسيكية يف النقاط التالية:
.1الدولة هي الفاعل األساسي والوحيد يف العالقات الدولية.
.2الدولة وحدة موحدة ومندجمة.
.3عقالنية صانع القرار يف اختيار البدائل اليت تصب يف مصلحة الدولة.
.4اس ــتقاللية الظـ ــاهرة السياسـ ــية ،إذ توصـ ــف القضـ ــااي السياسـ ــية األمنيـ ــة ابلسياسـ ــة العليـ ــا
Hight Politicsبينمــا ينظــر للقضــااي االقتص ــادية واالجتماعيــة عل ــى أهن ـا أقــل أمهي ـة
()46
ويطلق عليها اسم السياسة الدنيا .Low Politics
.5يف نظام دويل تسوده الفوضى وتتصارع فيه الدول مثـل كـرات البليـاردو لتحقيـق املصـلحة
القومية يؤدي توازن القوة دورا مركزاي يف حتقيق االستقرار الدويل.
أما أهم املفاهيم املعتمدة يف أنطلوجيا الواقعية الكالسيكية فنجد:
-1املصلحة القومية :National Interestوحسب الواقعية مفهوم املصلحة الوطنية حمدد
يف مفهوم القوة ،فاملصلحة هي جوهر العملية السياسية ،واحملور الذي تدور عليه وتنطلق منه
كل مفاهيم العالقات الدولية ،ويرجع "مورغانثو" أمهية املصلحة يف التحليل السياسي إىل أهنا
متثل اإلطار الذي يوجه صانع القرار أثناء صياغة السياسة اخلارجية واملقياس الذي نستطيع
من خالله تقييم جناحها أو فشلها ،كما أن مفهوم املصلحة املرادف للقوة هو الذي يعزز
استقاللية علم السياسة ،فاملصلحة عند رجل االقتصاد هي الرفاهية االقتصادية أو دولة الرفاه
،Welfare Stateوعند رجل القانون تتمثل يف مدى تطابق السياسات املنتهجة مع القواعد
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية (العدد الثاني -جوان )2017 60
القانونية ،بينما املصلحة عند الواقعي السياسي تتميز بطابع سياسي عسكري وتتعلق بكيفية
()47
احلصول على القوة وتعزيزها.
-2القــوة :Powerمبــا أن مفهــوم القــوة مـرادف ملفهــوم املصــلحة ،تعتــرب الواقعيــة الكالســيكية
القوة كهدف أساسي؛ يسعى إىل حتقيقه كل صـانع قـرار علـى مسـتوى الوحـدة الدوليـة ،فـالقوة
ليســت جمــرد وســيلة تســتعملها الدولــة للتــأثري علــى الوحــدات الدوليــة األخــرى؛ بــل هــي كــذلك
غايــة وهــدف .كمــا أن التصــور ال ـواقعي مييــل إىل اســتخدام أو تبــين أســاليب القــوة الصــلبة
) (Hard Powerبـدل الرتكيـز علـى أسـاليب القـوة اللينـة ) ،(Soft Powerوحسـب "هـانس
مورغانثو" ،إن سعي الدول لتحقيق القوة يدور حول ثالثة حماور رئيسية:
أ -اإلبقاء أو احملافظة على القوة .Keeping Power
ب -إمناء أو زايدة القوة .Increasing Power
ج -استعراض القوة .Demonstrating Power
وتطبيق هذه احملاور على العالقات الدولية سيؤدي إىل انتهاج ثالث سياسات أساسية:
أ -سياسة احملافظة علـى الوضـع الـراهن :The Policy of Status Quoفـإذا كـان الوضـع
الدويل القائم يدم ويعزز مصاحل وقوة الدولة ،يستعمل صانع القرار القـوة للمحافظـة علـى هـذا
الوضع.
ب -اإلمربايليـة :Imperialismإذ تقـوم الدولـة إبحـداث تغيـري يف توزيـع القـوة علـى مســتوى
النســق الــدويل بغــرض زايدة وإمنــاء قوهتــا؛ عــن طريــق سياســات اســتعمارية توســعية أو سياســات
امربايلية استغاللية.
ج -سياســة اهليب ــة :The Policy of Prestigeوهــي سياســة تــدخل يف إط ــار ال ــردع
العســكري عــن طريــق إظهــار القــدرات القتاليــة والعســكرية للدولــة ،ابلقيــام مبنــاورات عســكرية
()48
واستعراض االخرتاعات والصناعات احلربية لتعزيز هيبتها ومكانتها الدولية.
-3مي ـ ـزان القـ ــوة :Balance of Powerمب ــا أن رج ــل االقتص ــاد اإلجنلي ــزي "تش ــارلز
دفنانـت" Charles Davenantكــان أول املفكـرين الـذين طرحـوا فكـرة مبـدأ تـوازن القـوة ســنة
61 مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية (العدد الثاني -جوان )2017
دويل يف معاه ــدة أوترخ ــت لع ــام (UTRECH) 1713 ،1701ف ــإن أمهيت ــه زادت كمب ــدأ
وحسب املؤرخ والفيلسوف الربيطاين "دافيد هيوم" David Humeفإن مبـدأ تـوازن القـوة نشـأ
من اعتقاد أو إحساس عام بضرورة إحداث توازن بني القوى الدوليـة مـن أجـل البقـاء واحلفـاظ
()49
على االستقالل.
وحســب "هــانس مورغــانثو" جلــأت الــدول منــذ معاهــدة وســتفاليا ســنة 1648لنظــام
تـ ـوازن الق ــوى لض ــمان الس ــلم واالس ــتقرار ال ــدويل ،إذ أن أي خل ــل يف توزي ــع الق ــوة يـ ـؤدى إىل
احلــرب وزعزعــة االســتقرار ولتحقيــق ميـزان القــوة تقــوم الــدول ابلتســلح ،والتحــالف ،والتوســع،
كما أن الدخول يف احلرب ميكن أن حيقق ميزان القوى لبعض الدول.
-4الفوضــى :Anarchyنشــأت فكــرة الفوضــى مــن فكــرة الواقعيــة اإلنســانية ،ومبــدأ الرتكيــز
علــى الــدول ذات الســيادة كفواعــل أساســية يف العالقــات الدوليــة ،إذ ال توجــد ســلطة قانونيــة
ف ــوق قومي ــة وال ــدول تعمـ ــل يف إط ــار م ــن املسـ ــاعدة الذاتي ــة ) (Self-Helpللمحافظ ــة علـ ــى
()50
النفس.
-5الصراع :Struggleالعالقات الدوليـة حسـب الواقعيـة الكالسـيكية هـي صـراع مـن أجـل
القـ ــوة ،إذ تصـ ــور الواقعيـ ــون السـ ــاحة الدولي ـ ــة كطاولـ ــة للبلي ـ ــاردو ،والـ ــدول كك ـ ـرات البلي ـ ــاردو
ابعتبارهــا وحــدات منغلقــة تتباعــد؛ تتجمــع وتتصــادم فيمــا بينهــا وتســعى كــل منهــا للبقــاء علــى
طاولــة اللعبــة .أي أتمــني البقــاء القــومي يف الســاحة الدوليــة ،وحســب "مورغــانثو" هنــاك نــوعني
من الصراع الدويل؛ صراع من أجل اإلبقاء على الوضع الراهن ،وصراع تنافسي لتحقيـق النفـوذ
()51
والتوسع.
الواقعية اجلديدة :Neorealism .II
Kenneth ظهرت الواقعية اجلديدة سنة 1979من خالل كتاب "كينيث والتز"
Waltzاملعنون بـ "نظرية السياسة الدولية" )52(.Theory of International Politicsإذ
قامت الواقعية اجلديدة مبراجعة الطرح الواقعي الكالسيكي وتقدميه بطريقة أكثر منهجية
وعلمية ،إذ اتفق والتز مع معظم األفكار واملبادئ اليت طرحت من طرف الواقعية
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية (العدد الثاني -جوان )2017 62
الكالسيكية ،فرغم تغري النظام الدويل من حيث الفواعل واملواضيع ،ال يزال يتميز مبركزية
الدولة،فوضوية النظام الدويل ،وأاننية الدول اليت تسعى دائما لتحقيق القوةو األمن
واملصلحة ،لكن نقطة االختالف اجلوهرية بني الطرح الواقعي الكالسيكي والطرح الواقعي
اجلديد هو تركيز والتز على النظام الدويل يف تفسريه ألاننية الدول وفوضوية النظام الدويل اليت
تتعلق أساسا ببنيته؛ ابعتباره احملدد لسلوك الدولة يف النسق الدويل هلذا مسيت الواقعية
اجلديدة ابلواقعية البنيوية ،Structural Realismوإىل جانب "كينث والتز" تضم الواقعية
اجلديدة خنبة من املفكرين الذين ركزوا على بنية النظام الدويل أثناء حتليل العالقات الدولية
ومن أبرز هؤالء "جون مريشامير" ،John Mearcheimerو"ستيفن وولت" Stephen
،Waltو"روبرت جرفيس" ،Robert Jervisوحسب أنصار الواقعية اجلديدة فإن وجود
الفوضى يف النظام الدويل يؤدي إىل تبين سياستني أو إسرتاتيجيتني مها:
أ -الواقعية اهلجومية :Offensive Realismوتركز على فكرة أن عدم وجود سلطة مركزية
فوق قومية يدفع الدول العظمى إىل تقوية وتعزيز القوة العسكرية وتبين سياسات توسعية
فالغموض حول األهداف املستقبلية ومفهوم "أسوأ حالة " ،Worst-Caseيؤدي ابلدول
()53
تبين اسرتاتيجيات هجومية غالبا ما تؤدي إىل احلرب.
ومن أهم أنصار هذا الطرح جند "جون مريشامير"" ،روبرت جلنب"Robert Gilpin
()54
و"فريد زكرايء" ,FaridZakariaو"وليام وولفورث".William Woholforth
ب -الواقعية الدفاعية :Defensive Realismمن أهم رواد هذا االجتاه "كينيث والتز"،
و"جاك سنايدر" ،Jack Snyderو"ستيفن فان إيفريا"،Stephen Van Everaو"جيفري
اتليفريو" )55(.Jeffry Taliaferroالذين يرون أن اعتناق الواقعية اهلجومية من طرف بعض
الدول يؤدي إىل تعزيز ظاهرة الفوضى الدولية ،وأمام هذا املأزق األمين يقوم صانع القرار
بتعزيز أمن وقوة الدولة يف مواجهة الدول اليت تعتنق الواقعية اهلجومية وهذا السلوك ما يسمى
ابلواقعية الدفاعية.
63 مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية (العدد الثاني -جوان )2017
واعتنــاق هــاتني السياســتني يــدخل األمــن الق ــومي يف لعب ــة صــفرية ،ألن إمنــاء وتعزيــز
األمن القومي لدولة معينة سيؤدي إىل هتديد األمن القومي لدولة أو دول أخرى.
أما ابلنسبة ملوضوع توازن القوة فقد حاول "ستفني والت" إدخال مصطلح جديد
هو توازن التهديد The Balence of Threatحيث تسعى الدول إىل تعزيز قوهتا ،ألن
القوة ال تكفي وحدها للمساس ابألمن وإمنا هناك معايري أساسية ميكن أن تساعد على
معرفة الدول اليت هتدد أمن الدولة ،كالقدرات والنوااي اهلجومية والقرب اجلغرايف )56(.ونتيجة
لوجود قوى مهيمنة على الساحة الدولية تلجأ الدول الضعيفة إىل إسرتاجتية املسايرة
Bandwagoningلتحقيق مصاحلها وتفادي األخطار احملدقة أبمنها القومي.
.IIIالواقعية الكالسيكية اجلديدة :Neoclassical Realism
هي طرح توفيقي بني الواقعية الكالسيكية والواقعية اجلديدة وأول من جاء هبذا املصطلح
هو "غيدين روز" Gideon Roseيف مقالة عنواهنا "الواقعية الكالسيكية اجلديدة ونظرايت
()57
السياسة اخلارجية".
ومن أبرز مفكري هذا الطرح جند "راندلشويلر" RandelShwellerالذي طرح مصطلح
توازن املصاحل Balance of Interestكبديل للتوازن على أساس القوة أو التهديد ،إذ ميكن
()58
للدولة أن تدخل يف التحالف مبجرد وجود منفعة وليس بسبب وجود قوة هتدد الدولة.
ورغم التطورات الفكرية اليت عرفتها املدرسة الواقعية يف العالقات الدولية(واقعية
كالسيكية ،واقعية جديدة ،واقعية كالسيكية جديدة) والتوجهات اليت اتبعتها (واقعية
دفاعية ،واقعية هجومية) فإن هناك توافق غلى أن الدولة هي الفاعل األساسي يف العالقات
الدولية ،وأن املصلحة هي احملرك األساسي لسلوك الدول وتؤدي القوة العسكرية دورا حموراي
يف حتقيقها ،ويف تقييمنا للمدرسة الواقعية نشري إىل تعرضها للعديد من االنتقادات خاصة يف
إشكالية التحديد الدقيق للمفاهيم املعتمدة كمفهوم املصلحة الوطنية ومفهوم القوة ،إذ أن
هذه املفاهيم تتغري من دولة ألخرى ومن فرتة زمنية ألخرى ،إضافة إىل اختزال ظاهرة
العالقات الدولية يف اإلطار الدواليت.
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية (العدد الثاني -جوان )2017 64
-40جنــديل عبــد الناصــر ،التنظــري يف العالقــات الدوليــة بــني االتاهــات التفس ـريية والنظــرايت التكوينيــة (اجلزائــر :دار
اخللدونية ،ط ،)2007 ،1.ص.133 .
-41جيمس دوريت وروبرت ابلستغراف ،النظرايت املتضاربة يف العالقـات الدوليـة ،تـر :وليـد عبـد احلـي (األردن ،عمـان:
كاظمة للنشر والتوزيع ، )1985 ،ص ص.60 ،59.
-42عــامر مص ــباح ،االتاه ــات النظري ــة يف لي ــل العالق ــات الدولي ــة (اجلزائــر :دي ـوان املطبوع ــات اجلامعي ــة،)2006 ،
ص.ص.124-121 .
Dario Battistella, Théories des Relation Internationales (Paris: Presses -43
de sciences politique, 2003), p. 114.
Alex Macleod Et Dan O'meara, Théories des Relations -44
-59وليـ ــد عبـ ــد احلـ ــي ،ـ ــول املسـ ــلمات يف نظـ ــرايت العالقـ ــات الدوليـ ــة (اجلزائـ ــر :مؤسسـ ــة الشـ ــروق لإلعـ ــالم والنشـ ــر،
ط ،)1،1994.ص ص.14-12 .