You are on page 1of 215

‫جامعة محمد خيضر ‪ -‬بسكرة ‪-‬‬

‫كلية الحقوق و العلوم السياسية‬


‫قسم العلوم السياسية و العالقات الدولية‬

‫العالقات الرتكية – ا إلرسائيلية يف ظل‬


‫حكومة حزب العداةل و التمنية‬
‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية‬
‫تخصص‪ :‬عالقات دولية واستراتيجية‬

‫إشراف‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬


‫أ د‪ .‬عبد الناصر جندلي‬ ‫سمية حوادسي‬

‫لجنة المناقشة‬
‫الصفة‬ ‫الجامعة األصلية‬ ‫الرتبة العلمية‬ ‫السم واللقب‬
‫رئيسا‬ ‫جامعة محمد خيضر‪-‬بسكرة‪-‬‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫عمر فرحاتي‬
‫مشرفا ومقر ار‬ ‫جامعة الحاج لخضر –باتنة‪-‬‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫عبد الناصر جندلي‬
‫مناقشا‬ ‫جامعة محمد خيضر‪-‬بسكرة‪-‬‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫محمد لمين لعجال أعجال‬
‫مناقشا‬ ‫جامعة الحاج لخضر –باتنة‪-‬‬ ‫أستاذ محاضر( أ)‬ ‫رابح مرابط‬

‫السنة الجامعية‬
‫‪3102-3102‬‬
‫"ولو أأهنا يف ا ألرض من جشرة أأقالم والبحر ميده من بعده س بعة أأحبر ما نفذت لكامت هللا ان هللا‬
‫عزيز حكمي" لقامن(‪)72‬‬

‫محد وشكر‬
‫رابه‪ ...‬اي الهي واي ملجيئ واي مالذي‪...‬‬
‫أأمحدك محدا كثريا عىل نعمتك اجلليةل‪...‬‬
‫أأشكرك‪ ...‬و أأنت القائل لو شكرمت ألزيدنمك‪...‬‬
‫أأدعوك‪ ...‬دعاء سائةل حتتاج اىل قرار‪...‬‬
‫فكام أأن الهنر يصب يف البحر‪ ...‬والطائر يقع عىل الغصن‪...‬‬
‫والشمس جتري ملسرتقها‪ ...‬والنفس تصعد اىل عاملها‪...‬‬
‫كذكل أأبواب السامء ‪ ...‬مفتوحة خلالص ادلعاء‬
‫ودعايئ هو‪:‬‬
‫اللهم اذا أأعطيتين جناحا فال تأأخذ تواضع ‪...‬‬
‫واذا أأعطيتين تواضعا فال تأأخذ اعزتازي وكراميت‪...‬‬
‫اللهم ال جتعلين أأصاب ابلغرور اذا جنحت‪ ...‬و ابليأأس اذا أأخفقت‪...‬‬
‫اللهم هبين علام انفعا‪ ..‬وعلمين ما ينفعين‪ ..‬وانفعين مبا علمتين‪ ..‬وزدين علام‪...‬‬
‫انك أأنت السميع العلمي‪...‬‬
‫إهدإء‬
‫إيل إلوإدلين إلكرميني‬
‫إىل س ندي يف إحلياة ومصدر خفري وإعزتإزي إذلي علمين أن‬
‫أرتقي سمل إحلياة حبمكة وصرب‪..‬‬
‫إىل إلوجود مبا فيه من حس وحركة‪..‬‬
‫إىل أيخ إلغايل‬
‫" انرص"‬
‫شكر وتقدير‬
‫أول شكري أتوجه به إىل رب إلعاملني‪ ...‬إذلي وضعين عىل إلرصإط‬
‫إملس تقمي وتوج هذإ إلعقل وسقاه مباء إلعمل‬
‫أتوجه ابلشكر إجلزيل مع أمسى أايت إلعرفان وإلتقدير إىل أس تاذي‬
‫عيل من خالل‬ ‫إلربوفيسور‪ -‬عبد إلنارص جنديل‪ -‬عىل قبوهل إلرشإف ّ‬
‫هذه إملذكرة ‪ -‬رمغ إنشغالته إلكثرية‪ -‬وإذلي أعانين بدمعه ونصاحئه إلقمية‬
‫وحرصه لمتام هذه إملذكرة‪ ،‬فلك معاين إلشكر والاحرتإم وإلتقدير كل‬
‫أس تاذي إلفاضل‪.‬‬
‫كام أتوجه باكمل إلشكر لساتذيت أعضاء جلنة إملناقشة لقبوهلم مناقشة‬
‫هذه إملذكرة‪.‬‬
‫وإىل أساتذيت إلكرإم يف قسمي إلعلوم إلس ياسة جبامعيت بسكرة و ابتنة‬
‫وإذلين أفتخر لكوين تكونت عىل أيدهيم‪.‬‬
‫العالقات التركية – اإلسرائيلية في ظل حكومة حزب العدالة و التنمية‬

‫الملخص‪:‬‬

‫تميزت العالقات التركية – اإلسرائيلية على مدى ستة عقود بوجود مصالح مشتركة على كافة المستويات‪ ،‬وذلك تحت رعاية‬
‫سلسة من الحكومات التركية المتعاقبة التي سيطرت على الحكم معظم هذه الفترة‪ .‬فتركيا أول دولة إسالمية تعترف بإسرائيل وتقيم‬
‫معها عالقات دبلوماسية‪ .‬ودخلت هذه العالقات مرحلة جديدة من التعاون بعد التوقيع على االتفاق االستراتيجي بين البدلين خالل عام‬
‫‪6991‬م‪ .‬غير أنها شهدت فتو ار مع تولي حزب العدالة والتنمية الحكم عام ‪2002‬م‪ ،‬على خلفية التغيرات والتطورات اإلقليمية‪ ،‬بداية‬
‫بالعدوان اإلسرائيلي على لبنان عام ‪2001‬م وما تبعها من حرب غزة أواخر عام ‪2002‬م وبداية عام ‪2009‬م‪ ،‬فضال عن حادثة‬
‫دافوس خالل عام ‪2009‬م إثر تعليقات الرئيس اإلس ارئيلي شيمون بيريز حول الحرب على غزة لتتوتر هذه العالقات بشكل غير‬
‫مسبوق إثر الهجوم اإلسرائيلي على أسطول الحرية عام ‪2060‬م‪.‬‬

‫الهدف المركزي لهذه الدراسة هو محاولة فهم مدى التأثير الذي أحدثه وصول حزب العدالة والتنمية في الحكم‪ ،‬على مسار‬
‫العالقات التركية – اإلس ارئيلية في ظل التغيرات اإلقليمية والدولية‪ .‬وقد فرضت علينا طبيعة الدراسة‪ ،‬طرح اإلشكالية التالية‪ :‬كيف‬
‫تتميز العالقات التركية – اإلسرائيلية في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية و ما آفاقها المستقبلية؟‬

‫ومن أجل معالجة اإلشكالية المطروحة واختبار مدى صحة فرضيات الدراسة‪ ،‬قمنا بانتهاج خطة من أربعة فصول‪ .‬حيث‬
‫استهلينا الفصل األول باإلطار التاريخي والنظري الذي يتعرض لتاريخ العالقات التركية – اإلسرائيلية منذ اعتراف تركيا بإسرائيل وفق‬
‫المنظورات الواقعية‪ ،‬الليبرالية والبنائية في حين تم تخصيص الفصل الثاني لدراسة المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية‬
‫وانعكاساتها على العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ .‬وتم التطرق في الفصل الثالث للفواعل الدولية واإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات‬
‫التركية – اإلسرائيلية‪ .‬أما الفصل الرابع؛ فكان استشرافيا لمستقبل العالقات بين البلدين‪ ،‬معتمدين في تحليلنا على مقاربة منهجية‬
‫متكونة من المنهج التاريخي‪ -‬المقارن والمنهج اإلحصائي‪ ،‬وعلى إطار نظري متكون من المنظور الواقعي والمنظور الليبرالي والمنظور‬
‫البنائي‪.‬‬

‫و تخلص الدراسة للنتائج التالية‬

‫‪ -‬توجهات السياسة الخارجية التركية الجديدة لم تتغير جذريا عما كانت عليه قبل صعود حزب العدالة والتنمية‪ ،‬انما تأتي في‬
‫إطار عملية إعادة التموضع و البناء التي تبناها حزب العدالة والتنمية في المجاالت االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬السياسية‬
‫واالستفادة من عمقها الجغرافي والتاريخي‪ .‬فتركيا لم تمس بالثوابت الجوهرية التي ورثتها عن مصطفى كمال أتاتورك وهي‬
‫علمانية الدولة‪ ،‬ولم تتخل عن عالقاتها التقليدية مع إسرائيل‪.‬‬
‫‪ -‬تغيير التوجه التركي صوب إسرائيل ال يعكس رؤية حزب العدالة والتنمية بمفرده ‪ ،‬بل يعكس رؤية دولة بأكملها بمختلف‬
‫مؤسساتها‪ ،‬ألن كل ما يصدر من حزب العدالة والتنمية‪ ،‬يعرض على مجلس األمن القومي التركي‪ ،‬الذي يجمع مختلف‬
‫المؤسسات الدستورية بتركيا‪ .‬لهذا فإن سعي الحكومة للعالقات والمواقف التركية التي رأيناها حديثا إنما يعكس موقف الدولة‬
‫التركية حكومة وشعبا ومؤسسات‪.‬‬
‫‪ -‬بالرغم مما وصلت إليه العالقات التركية – اإلسرائيلية في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية من توتر‪ ،‬إال انها عالقات تقليدية‬
‫عميقة ال يمكن لكل منهما االستغناء عنها‪.‬‬
The Turkish-Israel Relationships Under The Justice And Development Party
Government

Summary:

The Turkish- Israel Relationships have Known the existence of common interests in most
fields over the past six decades and that was under under the auspices of a serial of laic
Turkish governments which ruled at that time Turkey is the first Islamic Republic whose
established diplomatic relations with Israel and recognize dthis state as well consequently
both countries set a new era of cooperation in 1996. In 2002,the justice and Development
party Government Took power and the relations were negatively affected especially after the
invasion of Lebanon in 2006 and Gaza in 2008 . In addition to the declarations made by
Israeli president Shemon Peres during Davos Forum which urged Rajib Tayeb Ardogan to
leave the conference but the attack on Marmara Boot in 2010 was the main cause of the
Conflict.

The main Purpose of this study is to understand the extent in which the justice and
Development Party Government could affect both relationships . The study implies the
following question : How do The Turkish-Israeli Relationships Characterize during The
rolling government of the justice and Development Party ?

And,we try to examine as to whether this hypothesis is true or not.

In so doing are set up a plan of four chapters . The first chapter is historical a which has dealt
with the history of Turkish-Israeli Relationships since The Turkish recognition of Israel. The
second chapter concerns an The internal variables of The Turkish foregin policy and Their
impact upon The relations. The Third chapter devotes to both regional and international
variables. The Fourth chapter is a forecasting one.

In our analysis ,we rely on a methodological approach composed of both historical and
comparative methods , as well as statistical method and theoretical frame work composed of
realistic , liberalist and Constructivist perspectives.

The new Turkish foreign policy tendencies have not really been changed radically prior to the
access of the justice and Development Party Government is such fields as economical , social
and political ones .To fulfill its historical and Geographical heritages, Turkey did not affect
its basic constants which they are put inherited from Mustafa Kemal Ataturk which was a
laic state and did not put its relations with Israel.

Despite ,the conflictual relations which both countries heve Known, The Turkish – Israel
Relationships have temporary remained traditional since the turkish recognition of Israel .
‫خطة البحث‬
‫مقدمة‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار التاريخي والنظري للعالقات التركية – اإلسرائيلية‬

‫المبحث األول‪ :‬المسار التاريخي للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬

‫المطلب األول‪ :‬العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية إبان الحرب الباردة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية منذ نهاية الحرب الباردة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المقاربات النظرية لتفسير العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬

‫المطلب األول‪ :‬المنظور الواقعي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المنظور الليبرالي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المنظور البنائي‬

‫الفصل الثاني‪ :‬المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على‬
‫العالقات التركية – اإلسرائيلية‬

‫المبحث األول ‪ :‬طبيعة النظام السياسي التركي‬

‫المطلب األول‪ :‬مالمح وسمات النظام السياسي التركي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬بوادر التحول في السياسة التركية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المؤسسة العسكرية والعالقات التركية – اإلسرائيلية خالل فترة حكم حزب‬
‫العدالة و التنمية‬

‫المطلب األول‪ :‬دور المؤسسة العسكرية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التعاون العسكري التركي – اإلسرائيلي‬


‫المبحث الثالث‪ :‬الوضع االقتصادي التركي خالل فترة حكم حزب العدالة و التنمية‬

‫المطلب األول‪ :‬التطور االقتصادي في تركيا‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التعاون االقتصادي التركي – اإلسرائيلي‬

‫الفصل الثالث‪ :‬الفواعل الدولية واإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‬

‫المبحث األول‪ :‬مدى تأثير الفواعل الدولية على العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‬

‫المطلب األول‪ :‬الواليات المتحدة األمريكية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االتحاد األوروبي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬حلف شمال األطلسي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مدى تأثير الفواعل اإلقليمية على العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‬

‫المطلب األول‪ :‬العراق‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إيران‬

‫المطلب الثالث‪ :‬سوريا‬

‫المبحث الثالث‪ :‬موقف تركيا من التطورات والتغيرات اإلقليمية منذ العدوان اإلسرائيلي على‬
‫لبنان لعام ‪6002‬م وانعكاساته على العالقات التركية – اإلسرائيلية‬

‫المطلب األول‪ :‬الموقف التركي من االعتداء اإلسرائيلي على لبنان لعام ‪ 6002‬م‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الموقف التركي من القضية الفلسطينية‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الموقف التركي من انتفاضات بعض دول الربيع العربي‬

‫الفصل الرابع ‪ :‬آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬


‫المبحث األول‪ :‬سيناريو الوضع القائم‬

‫المبحث الثاني‪ :‬سيناريو تحسن العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‬

‫المبحث الثالث‪ :‬سيناريو القطيعة بين البلدين‬

‫خاتمة‬

‫المراجع والمصادر‬

‫فهرس المحتويات‬

‫فهرس األشكال والجداول‬


‫مقدمة‬
‫مـقـدمـة‬

‫تعد منطقة الشرق األوسط من أكثر المناطق حيوية وعرضة للتغيرات واألحداث‬
‫والتوترات في العالم‪ ،‬اعتبا ار ألهميتها الجغرافية واالستراتيجية‪ .‬وألنها مجال حيوي للمصالح‬
‫الغربية عموما واألمريكية خصوصا‪ ،‬فقد شهدت هذه المنطقة العديد من التفاعالت‪ ،‬التي دفعت‬
‫الواليات المتحدة األمريكية وأكبر حلفائها –إسرائيل‪ -‬إلى التوجه نحو سياسة التكتالت اإلقليمية‬
‫وبناء االستراتيجيات التي تهدف إلى التكامل والتعاون‪ .‬وذلك بغية تحقيق السيطرة على المدى‬
‫الطويل‪ ،‬مستغلة في ذلك الدول اإلقليمية المجاورة‪ ،‬وعلى رأسها تركيا‪ ،‬التي حسمت في‬
‫الماضي خيارها ا الستراتيجي لصالح االرتباط بالغرب والدول التي تدور في فلكه‪ ،‬ومنها‬
‫إسرائيل‪ ،‬وامتنعت عن ممارسة نشاط مكثف تجاه الدائرة العربية واإلسالمية‪.‬‬

‫أسهم هذا التوجه في توسيع الفجوة بين تركيا ومحيطها العربي واإلسالمي‪ ،‬فكانت دوما‬
‫رغبة الواليات المتحدة إبقاء تركيا بمعزل عن عمقها الحضاري واالستراتيجي في العالمين‬
‫العربي واإلسالمي‪ .‬غير أن المتغيرات اإلقليمية والدولية عقب نهاية الحرب الباردة وانهيار‬
‫االتحاد السوفياتي السابق‪ ،‬أظهرت مالمحا جديدة لقواعد اللعبة االستراتيجية‪ ،‬خاصة في ظل‬
‫ما يسمى بالنظام الدولي الجديد‪ ،‬وحرب الخليج الثانية‪ ،‬وصوال إلى االحتالل األمريكي للعراق‪،‬‬
‫والتي تزامنت مع تحول في المناخ السياسي الداخلي في تركيا‪ .‬ومنه‪ ،‬تحولت تركيا إلى قوة‬
‫تدعم عمليات االستقرار والسالم في مناطق جوارها الجغرافي‪ .‬كما أدت هذه التطورات إلى‬
‫تشجيع تركيا على مضاعفة اهتمامها بمحيطها العربي واإلسالمي واالنغماس في قضايا‬
‫وملفات‪ ،‬طالما كانت بمنأى عنها‪.‬‬

‫التعريف بالموضوع‪:‬‬

‫يعتبر موضوع العالقات التركية – اإلسرائيلية من المواضيع التي تحظى باهتمام دولي‬
‫واسع‪ ،‬نظ ار لقوة تلك العالقات وارتباطها الوثيق‪ ،‬والتي ترجع إلى عام ‪9191‬م‪ ،‬حينما اعترفت‬
‫الجمهورية التركية بدولة إسرائيل من طرف الرئيس "عصمت اينونيو"‪ .‬األمر الذي جعل هذه‬
‫العالقات تتطور لتغطي كافة الجوانب والمستويات بدءا بالسياسي‪ ،‬وصوال إلى الجانبين‬
‫االقتصادي والتجاري لتتوج الحقا باالتفاق األمني العسكري في ‪ 32‬فيفري ‪9111‬م‪ ،‬والذي تلته‬
‫العديد من االتفاقيات بهذا الشأن‪ .‬وهو ما شكل منعطفا خطي ار بالنسبة للعالقات التركية –‬
‫العربية‪ ،‬بعدما أصبحت العالقات التركية – اإلسرائيلية محور اهتمام الدول العربية‪ ،‬والتي ارتأت‬
‫بأن هذا التطور على مستوى عالقات أنقرة وتل أبيب يشكل خط ار عليها‪ ،‬وعلى المنطقة ككل‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫مـقـدمـة‬

‫غير أن تركيا لم تكترث لمخاوف وانتقادات الدول العربية‪ ،‬وباشرت في تعزيز وتعميق عالقاتها‬
‫مع إسرائيل‪ ،‬إلى أن بلغت ذروتها في أواخر التسعينيات من القرن العشرين‪ .‬لكن مع وصول‬
‫حزب العدالة والتنمية للسلطة في تركيا عام ‪3003‬م‪ ،‬بدأت مرحلة جديدة من العالقات التركية‬
‫– اإلسرائيلية‪ ،‬وبداية جديدة من العالقات التركية – العربية‪ ،‬والتحول في التوجهات الخارجية‬
‫نحو منطقة الشرق األوسط عن طريق تغيير السياسة الخارجية التركية وتوظيف "نظرية العمق‬
‫االستراتيجي" و "مبدأ تصفير المشاكل" لالتجاه نحو دول العالمين العربي واإلسالمي لكسبهم‬
‫من خالل االهتمام بقضاياهم‪.‬‬
‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫تنبثق أهمية الموضوع من عدة اعتبارات علمية وعملية‪:‬‬
‫األهمية العلمية؛ تظهر أهمية الموضوع العلمية في دقته وحساسيته‪ ،‬خاصة في ظل‬
‫خصوصية الحالة التركية‪ ،‬التي تحكمها العديد من المتغيرات بعد صعود حزب العدالة والتنمية‬
‫إلي سدة الحكم عام ‪3003‬م‪ .‬كما تكمن أهميته في كونه يناول فترة زمنية معاصرة لم تخضع‬
‫للدراسة إال في ضوء عدد محدد من الدراسات‪ ،‬والتي يمكن أن تساهم في اإلثراء المعرفي‬
‫واألكاديمي في مجال العالقات الدولية‪.‬‬
‫األهمية العملية؛ معرفة مدى التغيير الذي ط أر على السياسة الخارجية التركية تجاه‬
‫إسرائيل بعد وصول حزب العدالة والتنمية ذو التوجه اإلسالمي إلى السلطة‪ ،‬ومعرفة خلفيات‬
‫وطموحات الحكومة التركية الجديدة والنظام السياسي التركي عموما‪ ،‬ومعرفة ما إذا كان العامل‬
‫الهوياتي حاسما في مواقف تركيا وردود أفعالها على الصعيد الخارجي بما في ذلك القضايا‬
‫العربية واإلسالمية‪ ،‬أم أن حكومة حزب العدالة والتنمية تدخل عامل المصلحة كعامل محدد في‬
‫تعاملها مع إسرائيل‪.‬‬
‫أهداف الدراسة ‪:‬‬
‫تهدف هذه الدراسة أساسا إلى محاولة فهم طبيعة العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية خالل‬
‫فترة حكومة حزب العدالة و التنمية في تركيا‪ ،‬و ما أحدثته هذه الحكومة من تغيرات في سياسة‬
‫تركيا محليا‪ ،‬إقليميا و دوليا ‪ .‬كما تهدف الدراسة إلى مايلي ‪:‬‬
‫تتبع جذور العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‪ ،‬وطبيعة نشأتها‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪2‬‬
‫مـقـدمـة‬

‫استعراض أهم مجاالت التعاون الثنائي بين أنقرة و تل أبيب‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫تحليل مدى تأثير الفواعل اإلقليمية والدولية على مسار العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫محاولة استشراف مستقبل هذه العالقات‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫أسباب اختيار الموضوع ‪:‬‬

‫ثمة أسباب ذاتية وأخرى موضوعية دفعتنا الختيار هذا الموضوع‬


‫األسباب الذاتية؛‬
‫‪ - 9‬االهتمام بدراسة قضايا الشرق األوسط خاصة في ظل اختالل التوزان لصالح إسرائيل‬
‫المدعومة من طرف الواليات المتحدة األمريكية من جهة واستمرار الضعف والتفكك‬
‫العربي من جهة أخرى‪ .‬كما أن الموضوع يندرج ضمن تخصص الطالبة – عالقات‬
‫دولية واستراتيجية ‪.-‬‬
‫‪ - 3‬اختيار الموضوع نابع من إحساسي بضرورة الفهم الجيد للدوافع الحقيقية التي دفعت‬
‫بحكومة حزب العدالة والتنمية التخاذ المواقف الناقدة للسياسة اإلسرائيلية في منطقة‬
‫الشرق األوسط‪ ،‬والتي من شأنها أن أدت إلى حدوث التغيير الواضح على مسار‬
‫العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪.‬‬
‫‪ - 2‬ضرورة معرفة ما إذا كان االبتعاد التركي نسبيا عن إسرائيل ملبيا للمصالح التركية‬
‫العليا‪ ،‬أم أنه على خلفية قناعات حزب العدالة والتنمية‪ ،‬كما تحاول الدوائر اإلسرائيلية‬
‫تصويره‪.‬‬
‫األسباب الموضوعية ؛ وهي نابعة من أهمية الموضوع في حد ذاته‬
‫‪ - 9‬طرح موضوع العالقات التركية – اإلسرائيلية بشكل كبير في فترة حكومة حزب العدالة‬
‫والتنمية نتيجة للتغيير الذي أحدثته هذه الحكومة على السياسة الخارجية التركية‪.‬‬
‫‪ - 2‬ضرورة إبراز درجة التغيير في مالمح العالقات التركية – اإلسرائيلية بعد صعود حزب‬
‫العدالة والتنمية إلى السلطة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مـقـدمـة‬

‫‪ - 3‬نجاح حكومة حزب العدالة والتنمية في تغيير صورة تركيا تماما في العالم أجمع‪ ،‬واعادة‬
‫تعريف دور تركيا على الساحة الدولية بطريقة جلبت لها االهتمام من الجميع حتى من‬
‫أولئك الذين يختلفون معها في التوجهات والمواقف‪.‬‬
‫حدود الدراسة ‪:‬‬
‫المجال المكاني ؛ تناولت الدراسة موضوع العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ .‬وذلك من‬
‫خالل التركيز على كل من تركيا و إسرائيل كونهما تنتميان إلى إقليم جغرافي يتمتع بأقصى‬
‫الجيو_ استراتجية ‪ ،‬وفيه تتفاعل وتتناقص وتتصارع السياسات‪ ،‬وتتعدد‬ ‫درجات األهمية‬
‫الغايات‪ .‬فكلتا الدولتين معنيتان داخليا واقليميا ودوليا بالشؤون والمعطيات القائمة والمستقبلية‬
‫في منطقة الشرق األوسط‪.‬‬
‫المجال الزمني؛ كان التركيز على فترة حكم حزب العدالة والتنمية منذ عام ‪3003‬م‪ .‬وال‬
‫يمانع هذا التحديد الزمني من العودة إلى الخلفية التاريخية للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية قبل‬
‫هذه الفترة و التغيير الذي حدث فيها و تطوراتها مستقبال‪.‬‬
‫اإلشكالية‪:‬‬
‫كان االعتراف التركي بإسرائيل من موجبات التحالف التركي – األمريكي‪ ،‬الذي استهدف‬
‫أساسا مواجهة االتح اد السوفياتي السابق‪ ،‬والذي شكلت جغرافيته تهديدا تاريخيا لألناضول على‬
‫مدى عقود مضت‪ .‬مع انضواء تل أبيب تحت المظلة األمريكية أثناء الحرب الباردة‪ ،‬فقد‬
‫ترسخت العالقات التركية – اإلسرائيلية في مواجهة تحالف دولي و باالصطفاف في معسكر‬
‫تحالف آخر‪ .‬ولكن مع انهيار االتحاد السوفياتي‪ ،‬تغيرت الديناميكيات التي تربط تركيا بإسرائيل‬
‫لتصبح معادلة العالقات متمثلة في قوتين واقعيتين في شرق المتوسط تتشاركان في خاصيتين‬
‫محددتين‪ ،‬هما السقف الدولي الواحد ومجاورة كلتيهما لنفس الدول العربية المعادية (سوريا‬
‫والعراق)‪ .‬لذلك استمرت العالقات بين تركيا واسرائيل على وتيرة عالية‪ ،‬لكن ليس باعتبارهما‬
‫جزءا من تحالف دولي في مواجهة تحالف آخر ‪ .‬ومع تبدل الموازين أكثر في المنطقة بعد عام‬
‫‪3002‬م‪ ،‬واالنفتاح التركي على سوريا والعراق– قبل انتفاضات ما يسمى الربيع العربي‪ -‬لم تعد‬
‫تركيا محاطة بدول معادية مثلما كانت في السابق‪ ،‬وبالتالي انهار ركنا أساسيا في القواسم‬
‫المشتركة لكل من تل أبيب وأنقرة‪ .‬نتيجة لذلك‪ ،‬فقد أصبح االبتعاد التركي عن إسرائيل ملبيا‬

‫‪4‬‬
‫مـقـدمـة‬

‫للمصالح التركية بقيادة حكومة حزب العدالة والتنمية‪ .‬وعلى ضوء ما تقدم تكون‪ ،‬إشكالية‬
‫الدراسة كما يلي‪:‬‬

‫كيف تتميز العالقات التركية – اإلس ارئيلية في ظل حكومة حزب العدالة‬


‫والتنمية و ما آفاقها المستقبلية؟‬

‫وتندرج ضمن هذه اإلشكالية التساؤالت الفرعية التالية ‪:‬‬


‫‪ - 1‬ما مدى انعكاس صعود حزب العدالة والتنمية على العالقات التركية – اإلسرائيلية؟‬
‫‪ - 2‬ما مدى تأثير الفواعل اإلقليمية والدولية على العالقات التركية – اإلسرائيلية؟‬
‫‪- 3‬كيف ستتميز العالقات التركية‪-‬اإلسرائيلية مستقبال ؟‬
‫‪- 4‬فرضيات الدراسة‪:‬‬
‫لمعالجة تلك اإلشكالية و اإلجابة عن األسئلة المتفرعة عنها‪ ،‬نقوم بصياغة الفرضيات التالية‪:‬‬
‫‪ - 1‬أدى صعود حزب العدالة والتنمية للحكم إلى تبني تركيا لتوجهات جديدة في سياستها‬
‫الخارجية تجاه إسرائيل‪.‬‬
‫‪ - 2‬كلما سعت تركيا إلى بناء عالقة ايجابية مع دول العالمين العربي واإلسالمي‪ ،‬كلما‬
‫انعكس ذلك سلبا على استقرار عالقاتها مع إسرائيل ‪.‬‬
‫‪ - 3‬تسعى تركيا إلى لعب دو ار أساسيا في سياستها الخارجية من خالل حفاظها على عالقاتها‬
‫بإسرائيل من جهة وتقوية عالقاتها بدول الجوار من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ - 4‬كلما تطورت وتحسنت العالقات بين تركيا واسرائيل‪ ،‬كلما توافقت المدركات األمنية لكلتا‬
‫الدولتين‪.‬‬
‫تبرير الخطة‪:‬‬
‫من أجل معالجة اإلشكالية المطروحة واختبار مدى صحة الفرضيات‪ ،‬قمنا بانتهاج خطة‬
‫من أربعة فصول‪ .‬حيث استهلينا الفصل األول باإلطار التاريخي و النظري الذي يتعرض‬
‫في مبحثه األول لتاريخ العالقات التركية – اإلسرائيلية منذ اعتراف تركيا بإسرائيل ‪ ،‬وأهم‬
‫ما ميز هذه العالقات‪ ،‬وأهم المحطات التاريخية فيها‪ ،‬وذلك لنبين الخلفية التاريخية للدراسة‬
‫والتي تساعدنا على فهم واقعها‪ .‬أما في المبحث الثاني من هذا الفصل؛ فتناولنا فيه اإلطار‬
‫‪5‬‬
‫مـقـدمـة‬

‫النظري للدراسة والذي يمكننا من ضبط الموضوع وحدوده وتحديد المتغيرات المتحكمة فيه‬
‫من خالل التطرق إلى المنظورات الواقعية‪ ،‬الليبرالية والبنائية‪.‬‬
‫في حين تم تخصيص الفصل الثاني لدراسة المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية‬
‫التركية وانعكاساتها على العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪ ،‬سيما ما تعلق بطبيعة النظام‬
‫السياسي‪ ،‬المؤسسة العسكرية والوضع االقتصادي التركي‪.‬‬
‫وتم التطرق في الفصل الثالث‪ ،‬للفواعل الدولية واإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات‬
‫التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬حيث وقع اختيارنا على مستوى الفواعل الدولية على كل من الواليات‬
‫المتحدة األمريكية واالتحاد األوروبي‪ ،‬في حين وقع اختيارنا على مستوى الفواعل اإلقليمية‬
‫على كل من العراق وسوريا وايران‪ .‬أما فيما يخص المبحث الثالث من هذا الفصل؛ فقد‬
‫تناولنا فيه موقف تركيا من التطورات والتغي ارت اإلقليمية وكيف انعكس ذلك على مسار‬
‫العالقات التركية – اإلسرائيلية بداية من العدوان اإلسرائيلي على لبنان لعام ‪3001‬م‪ ،‬ثم‬
‫موقف تركيا من تطورات القضية الفلسطينية في فترة حكم حزب العدالة والتنمية‪ .‬وفيما‬
‫يخص الموقف التركي من انتفاضات الربيع العربي‪ ،‬تم اختيارنا على كل من مصر‬
‫وسوريا النعكاسات األحداث فيهما على عالقة تركيا بإسرائيل‪.‬‬
‫والفصل الرابع‪ ،‬كان استشرافيا لمستقبل العالقات بين الدولتين‪ .‬فبحكم تجربتنا المتواضعة‬
‫في دراسة هذا الموضوع‪ ،‬حاولنا القيام باستشراف مستقبل هذه العالقات عبر وضع ثالث‬
‫سيناريوهات‪ ،‬وهي سيناريو استمرار الوضع القائم‪ ،‬وسيناريو تحسن العالقات التركية –‬
‫اإلسرائيلية‪ .‬و سيناريو القطيعة بين البلدين‪ .‬و بهذا نكون قد ألممنا بمختلف أبعاده الزمنية‬
‫ماضيا‪ ،‬حاض ار ومستقبال‪.‬‬
‫المقاربة المنهجية ‪:‬‬
‫من أجل ضبط عناصر الخطة‪ ،‬اعتمدنا على مقاربة منهجية تتضمن كل من المنهج‬
‫التاريخي والمنهج المقارن أو ما يسمى في بعض أدبيات المنهجية بمنهج البحث التاريخي‬
‫المقارن‪ .‬حيث وظفنا هذا المنهج‪ ،‬عندما قمنا بإدراج وقائع زمكانية متسلسلة في دراستنا‬
‫لمختلف المراحل التاريخية التي مرت بها العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪ ،‬بحيث يساعدنا على‬
‫فهم ماضي هذه العالقات واستيعاب حاضرها ومن ثم استقراء مستقبلها‪ .‬فضال عن ذلك‪ ،‬وظفنا‬

‫‪6‬‬
‫مـقـدمـة‬

‫المنهج اإلحصائي؛ ويتجلى ذلك في تعرضنا لمؤشرات مجاالت التعاون االقتصادي والعسكري‬
‫بين البلدين ‪.‬‬
‫األدبيات السابقة للدراسة ‪:‬‬
‫إن استعراض الدراسات السابقة يشكل إطا ار مرجعيا للدراسة‪ ،‬حيث سيتم إلقاء الضوء‬
‫على بعض الدراسات التي تناولت الموضوع كالتالي ‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد داود أوغلو في كتابة‪ :‬العمق االستراتيجي ‪ :‬موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية‪،‬‬
‫الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪.3090 ،‬‬
‫يعد هذا الكتاب من أكثر الكتب أهمية‪ ،‬وتناوله بالدراسة األكاديميون والسياسيون على حد‬
‫سواء‪ ،‬إذ يعتبر أطروحة نظرية جديدة تضاف إلى علوم السياسة المعاصرة‪ .‬حيث أنه يصوغ‬
‫استراتيجية شاملة لسياسة تركيا الخارجية‪ .‬ويستعرض الكتاب في القسم األول؛ اإلطار‬
‫المفاهيمي والتاريخي للقوة التركية وجغرافيتها وتاريخها وثقافتها‪ .‬وفي القسم الثاني؛ يعرض‬
‫المؤلف للواقع الجيو‪ -‬سياسي لتركيا خالل الحرب الباردة ‪ ،‬بدءا من المناطق القريبة البرية‬
‫والبحرية‪ ،‬وصوال إلى المناطق القارية مثل آسيا وأوروبا وافريقيا‪ .‬وفي القسم الثالث؛ الذي يحتل‬
‫أكثر من نصف الكتاب‪ ،‬يستعرض أحمد داود أوغلو عالقات تركيا بكل العوالم المحيطة بها‪،‬‬
‫والمؤثر فيها‪ ،‬والمتأثرة بها‪ ،‬من الواليات المتحدة‪ ،‬وحلف شمال األطلسي‪ ،‬واالتحاد األوروبي‪،‬‬
‫إلى العالم اإلسالمي‪،‬الشرق األوسط‪ ،‬العرب‪،‬إسرائيل‪ ،‬إيران‪ ،‬امتدادا إلى القوقاز‪ ،‬وآسيا‬
‫الوسطى‪ .‬ويختتم الكتاب فصل إضافي " ما بعد العمق االستراتيجي‪ :‬تركيا دولة مركز" في‬
‫عرض للسياسات التطبيقية لنظرية العمق االستراتيجي‪.‬‬
‫وتشمل هذه الدراسة كل القضايا التي تتعلق بالسياستين الداخلية والخارجية لتركيا‪ .‬ويولي‬
‫أوغلو اهتماما كبي ار بمنطقة الشرق األوسط من خالل إبراز الدور الذي يمكن لتركيا أن تضطلع‬
‫به في هذه المنطقة نحو تعزيز مكانتها الدولية‪ .‬وقد خلص الكتاب إلى أن الواقع يفرض على‬
‫تركيا انفتاحا وتكيفا حضاريا جديدا‪ ،‬وأن أمام مسؤولية التوفيق بين عمقها التاريخي وعمقها‬
‫االستراتيجي‪ ،‬وتفعيلها بما يتماشى والتحوالت الدولية الجديدة‪.‬‬
‫وفضال عن ذلك‪ ،‬كتاب لرنا عبد العزيز الخماش‪ ،‬العالقات التركية اإلسرائيلية وتأثيرها‬
‫على المنطقة العربية ‪ ،‬األردن ‪ ،‬عمان ‪ ،‬مركز دراسات الشرق األوسط‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ .3090‬تناولت فيه الباحثة دراسة شاملة حول العالقات التركية – اإلسرائيلية من حيث أهدافها‬
‫‪7‬‬
‫مـقـدمـة‬

‫وأبعادها ودوافعها وتطورها التاريخي‪ ،‬وتأثير البيئة الخارجية على العالقات من خالل استعراض‬
‫دور الدول الكبرى والدول اإلقليمية‪ ،‬وتأثير العالقات التركية – اإلسرائيلية على المنطقة العربية‬
‫التي تتعلق باألمن القومي والقضية الفلسطينية‪ ،‬واستعرضت كذلك الدراسة التحديات التي تواجه‬
‫كل من الطرفين التركي واإلسرائيلي فيما يتعلق بالشأن الداخلي واستشرفت الدراسة سيناريوهات‬
‫المستقل‪ .‬وتكمن إشكالية الدراسة في طبيعة ومرتكزات وأبعاد العالقات التركية – اإلسرائيلية‬
‫واستمرارها على مدار أكثر من نصف قرن‪ ،‬ومدى أهميتها بالنسبة للطرفين وانعكاساتها على‬
‫المنطقة العربية وخاصة األمن القومي‪ ،‬وعملية التسوية السياسية في الشرق األوسط‪ .‬كما‬
‫توصلت الباحثة إلى نتائج بإثبات صحة الفرضية الرئيسية للدراسة‪ ،‬والتي مفادها أن هناك‬
‫عالقة بين مدى تطور وتحسن العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬وتهديد األمن واالستقرار في‬
‫المنطقة العربية؛ أي أن العالقة بينهما عكسية‪ .‬والفرضية الفرعية األولى؛ هناك عالقة بين مدى‬
‫تطور وتحسن العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‪ ،‬وتهديد واختراق األمن القومي العربي؛ أي أن‬
‫العالقة بينهما عكسية‪ .‬والفرضية الفرعية الثانية؛ هناك أثر للعالقات التركية – اإلسرائيلية على‬
‫القضية الفلسطينية‪ ،‬وعلى عملية التسوية السياسية في الشرق األوسط‪ ،‬وهذا األثر يكون ايجابي‬
‫تارة وسلبي تارة أخرى‪ ،‬ويختلف وفقا للظروف الدولية واإلقليمية وطبيعة العالقات بين البلدين‪.‬‬
‫إال أن ما يمكن قوله عن الدراسات السابقة أنها في – معظمها‪ -‬تناولت طبيعة العالقات‬
‫التركية – اإلسرائيلية بعيدا عن رؤية ودور حزب العدالة والتنمية تجاه تلك العالقات‪ ،‬وعوامل‬
‫تأثير صعوده على سياسة تركيا الخارجية اتجاه إسرائيل‪ .‬لذلك حاولت دراستنا التركيز على‬
‫تطور العالقات بين البلدين في ضوء صعود حزب العدالة و التنمية إلى سدة الحكم واعتماده‬
‫على سياستي" العمق االستراتيجي" واالنفتاح على العالمين العربي واإلسالمي‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‬
‫اإلطار التاريخي والنظري‬
‫للعالق ات‬
‫التركية – اإلسرائيلية‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لفهم طبيعة العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬كان لزاما علينا عرضها ضمن مسارها‬
‫التاريخي وعبر بناء نظري واقعي _ ليبرالي وبنائي‪ .‬وهذا ما سنتطرق إليه في مبحثي هذا‬
‫الفصل‪.‬‬
‫المبحث األول‬
‫المسار التاريخي للعالقات التركية – اإلسرائيلية‬
‫إن محاولة تحليل التطورات والتغيرات الحاصلة على صعيد العالقات التركية –‬
‫اإلسرائيلية بكل ما تمثله هذه التطورات وهذه التغيرات من أهمية سواء على الصعيد اإلقليمي أو‬
‫الدولي‪ ،‬يجرنا األمر للبحث في األصول التاريخية لتلك العالقات‪ .‬فالتطور الذي شهدته‬
‫مر عبر‬
‫العالقات التركية – اإلسرائيلية في العقود األخيرة من القرن الشعرين لم يكن صدفة بل ّ‬
‫محطات تاريخية عديدة‪ 1‬تعود إلى فترة القمع الديني التي عاشتها أوروبا في القرون الوسطى‬
‫وسقوط غرناطة عام ‪ 2941‬م‪ ،‬وذلك عندما نظمت إسبانيا حملة تهجير لليهود إلى اإلمبراطورية‬
‫العثمانية التي استقبلتهم دون قيود وشروط‪ ،‬وانطالقا من مبدأ التسامح الديني منحتهم الحماية‬
‫والحرية لكي يتمكنوا من االندماج بكل سهولة داخل المجتمع العثماني‪.2‬‬

‫‪ -1‬عوني عبد الرحمن السبعاوي‪ " ،‬تركيا و الكيان الصهيوني ‪ :‬ميادين الشراكة االستراتيجية "‪ ،‬مجلة الفكر السياسي‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،21‬السنة ‪ ،1001‬ص ‪.211‬‬

‫‪ -‬محمد عبد اهلل حمدان ‪ ،‬الجماعات اليهودية في تركيا و دورها في الحياة السياسية واالقتصادية و الثقافية التركية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫سوريا ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬دار الزمان للطباعة و النشر و التوزيع ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1022 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪10‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وتوطدت هذه العالقة أكثر بعد تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال‬
‫أتاتورك*عام ‪2411‬م‪ ،‬والذي عبر عن ثنائه للطائفة اليهودية الموجودة في تركيا‪.‬األمر الذي‬
‫استغله اليهود للتغلغل في المؤسسات الرسمية للدولة‪ ،‬فلم يعد نشاطهم مقتص ار على الحياة‬
‫العامة فحسب‪ ،‬بل الكثير منهم وصلوا إلى حد العضوية في كل من المجلس التأسيسي‬
‫والبرلمان‪ .1‬وبعد اعتراف تركيا بدولة إسرائيل عام ‪2494‬م‪ ،‬شهدت العالقات التركية –‬
‫اإلسرائيل ية تطو ار ملحوظا في مختلف المجاالت السياسية والدبلوماسية‪ ،‬العسكرية واألمنية‪،‬‬
‫االقتصادية والتجارية‪ ،‬دون أن ننسى حاالت التوتر والفتور التي قد تط أر أحيانا على عالقاتهما‬
‫وفقا لموقفيهما اتجاه بعض القضايا اإلقليمية و الدولية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬العالقات التركية – اإلسرائيلية إبان الحرب الباردة‬
‫الفرع األول‪ :‬العالقات السياسية والدبلوماسية‬
‫شهدت العالقات السياسية والدبلوماسية بين تركيا واسرائيل تطو ار بعد إعالن اليهود‬
‫تأسيس دولة إسرائيل في فلسطين عام ‪2491‬م‪ .‬حيث كانت تركيا أول دولة إسالمية تعترف‬
‫بدولة إسرائيل‪ ،‬وكان ذلك في ‪ 11‬مارس ‪2494‬م‪ ،2‬رغم أنها أيدت االستقالل الكامل لفلسطين‬

‫* ‪ -‬تمكن مصطفى كمال أتاتورك من إعالن الجمهورية عام ‪2411‬م‪ ،‬و هو مؤسس جزب الشعب الجمهوري‪ .‬وقد لقب‬
‫بأتاتورك وتعني أبو األتراك‪ ،‬والذي نادى بضرورة تحديث و تغريب تركيا‪ ،‬إليمانه بأن الحضارة األوروبية هي النموذج األمثل‬
‫شكال و مضمونا لبناء المجتمع التركي‪ .‬وتقوم األيديولوجية األتاتوركية على ست مبادئ اعتبرت دعائم الدستور التركي سنة‬
‫‪2411‬م‪ ،‬فأصبحت أساس نظام الدولة كما جاء في النص " إن تركيا جمهورية‪ ،‬ملية‪ ،‬شعبية‪ ،‬دولتية‪ ،‬علمانية‪ ،‬انقالبية" ‪-‬‬
‫الجمهورية‪ :‬استبدال النظام السلطاني العثماني بالنظام الجمهوري‪.‬‬

‫‪ -‬الملية‪ :‬استبدال الرابطة السياسية الدينية اإلسالمية بالرابطة السياسية الوطنية التركية القومية‪.‬‬

‫‪ -‬الشعبية‪ :‬والتي كان معناها ضرب نفوذ األرستقراطية السلطانية العثمانية والمالك اإلقطاعيين ورجال الدين‪.‬‬
‫‪ -‬الدولتية‪ :‬أن تكون الدولة هي أداة علمنة و تغريب و تحديث تركيا في المجاالت االجتماعية واالقتصادية والسياسية‪.‬‬
‫‪ -‬العلمانية‪ :‬والتي عينت في السياق التركي سيطرة الدولة على المجال الديني و ليس مجرد الفصل بين الدولة و الدين ‪.‬‬
‫‪ -‬االنقالبية‪ :‬أي الثورة من أعلى على األفكار و المؤسسات واألوضاع التي اعتبرت تقليدية ومتخلفة‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬رضا هالل‪ ،‬السيف و الهالل‪ :‬تركيا من أتاتورك إلى أربكان‪ :‬الصراع بين المؤسسة العسكرية و اإلسالم السياسي‪،‬‬
‫جمهورية مصر العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2444 ،‬ص ص ‪.11-18‬‬
‫‪ -‬مراد فول‪ ،‬العالقات التركية اإلسرائيلية و تأثيرها على دول الجوار في منطقة الشرق األوسط‪ ،‬أطروحة دكتوراه في العلوم‬ ‫‪1‬‬

‫السياسية والعالقات الدولية ‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪-1020 ،‬‬
‫‪ ،1022‬ص ص ‪.19-11‬‬
‫‪ -‬محمد نور الدين‪ ،‬تركيا الجمهورية الحائرة ‪ :‬مقاربات في الدين و السياسة و العالقات الخارجية ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬بيروت ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫مركز الدراسات االستراتيجية والبحوث و التوثيق ‪ ،‬الطبعة األولى ‪، 2441،‬ص ‪.241‬‬


‫‪11‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫في الجمعية العامة لألمم المتحدة بتصويتها ضد قرار التقسيم رقم‪ 212 :‬الصادر في ‪14‬‬
‫نوفمبر ‪2491‬م‪ .1‬وقد بررت تركيا بأن غايتها من هذا االعتراف هي كسب حليف شرق‬
‫أوسطي لمواجهة الخطر الشيوعي*‪ .2‬وفي هذ السياق‪ ،‬ينبغي التأكد على أن التهديد السوفيتي‬
‫**‬
‫كان سببا في لجوء تركيا إلي المعسكر الغربي‪ .3‬حيث أصبحت جزءا من مبدأ ترومان‬
‫***‬
‫‪ Plan Marshall‬في عامي ‪2491‬م‪2494 -‬م على‬ ‫‪ Doctrine Truman‬ومشروع مارشال‬
‫التوالي واللذان يقضيان بتقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية لكل من تركيا واليونان‪ .4‬كما‬
‫اشتركت في الحرب الكورية بجانب الواليات المتحدة األمريكية عام ‪2410‬م‪ .5‬ونتيجة لهذه‬
‫المشاركة الفعالة واإلصرار األمريكي الداعم‪ ،‬انضمت تركيا إلي حلف شمال األطلسي ‪North‬‬

‫‪-‬عماد الضميري‪ ،‬تركيا و الشرق األوسط ‪ ،‬مركز القدس للدراسات السياسية ‪ ،‬عمان ‪ ، 1001،‬ص ‪.44‬‬ ‫‪1‬‬

‫يعتبر الخطر الشيوعي العامل األساسي الذي كان يحدد سياسة تركيا الخارجية في محيطها اإلقليمي‪ ،‬بسبب سعي اإلتحاد‬ ‫*‬

‫السوفيتي لمد نفوذه إلى الشرق األوسط ‪ The Middle East‬ذلك ألن الموقع الجغرافي لالتحاد السوفيتي ال يسمح له بحرية‬
‫االتصال مع جهات العالم األخرى بسبب وقوعه على المحيط المتجمد الشمالي و المحيط الهادي و بحر البلطيق التي تتعرض‬
‫الحياة فيه إلى اإلنجم اد لمعظم أيام السنة‪ ،‬كان هذا عامال مهما في دفع اإلتحاد السوفيتي للتوجه جنوبا بهدف السيطرة على‬
‫المضايق والبحار التركية‪ .‬إضافة إلى بعض المناطق في أسيا الصغرى‪ ،‬والتي تشكل معا حلقة الوصل بين دول البلقان والشرق‬
‫األوسط للوصول بحرية إلى المياه الدافئة في البحر المتوسط والخليج العربي و كانت تركيا عقبة في هذا التمدد‪.‬‬

‫‪ -2‬هدى درويش ‪ ،‬العالقات التركية اليهودية و أثرها على البالد العربية ‪ :‬منذ قيام يهود الدونمة ‪8461‬إلى غاية القرن‬
‫العشرين‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬سوريا‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1001 ،‬ص ‪.210‬‬
‫‪ -3‬حنا عزو بهنان‪ ،‬العالقات التركية السوفيتية ‪ ، 8511-8596‬جامعة الموصل ‪ ،‬مركز الدراسات اإلقليمية ‪ ،‬ص ص‬
‫‪.18-11‬‬
‫**هاري ترومان ؛ الرئيس األمريكي الثالث والثالثون بالفترة الممتدة من ‪2491‬م إلى ‪2411‬م‪ ،‬وتولى الرئاسة خلفا للرئيس‬
‫فرانكلين روزفلت ‪،‬وكان نائب رئيس الواليات المتحدة الرابع والثالثون (‪ ، )2491‬و عضو في مجلس الشيوخ األمريكي عن‬
‫والية ميزوري (‪، )2491-2411‬وأشرف على إنشاء منطقة حلف شمال األطلنطي "حلف الناتو" في عام ‪2494‬م‪.‬‬

‫***جورج كاتليت مارشال؛ ولد في ‪ 12‬ديسمبر ‪2110‬م في مدينة يونينتاون بوالية بنسلفانيا وتوفى في ‪ 28‬أكتوبر ‪2414‬م‬
‫وهو رئيس أركان الجيش األمريكي ال‪ )2491-2414( 21‬في أثناء الحرب الفليبنية األمريكية‪ ،‬ووزير الخارجية ال‪10‬‬
‫(‪ ،)2494-2491‬ووزير الدفاع الثالث (‪,)2412-2410‬وحاصل على جائزة نوبل للسالم عام ‪2411‬م تقدي ار على مشروعه‬
‫"مشروع مارشال"‪.‬‬
‫‪ -4‬أحمد نوري ‪ ،‬العالقات التركية الروسية ‪ :‬دراسة في الصراع و التعاون ‪ ،‬األردن ‪ ،‬عمان ‪ ،‬دار زهران للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،1022،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -‬غازي حسين‪ "،‬تركيا و العرب و إسرائيل" ‪ ،‬مجلة الفكر السياسي‪ ،‬العددان‪ :‬الرابع و الخامس ‪ ،‬شتاء ‪،2444-2441‬‬ ‫‪5‬‬

‫ص ‪.211‬‬
‫‪12‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ Atlantic Treaty Organization‬عام ‪2411‬م‪ ،‬وأصبحت عضوية تركيا في الحلف العامل‬


‫األساسي في تحول سياستها الخارجية وتوجهها غربا‪.1‬‬
‫عرفت العالقات التركية – اإلسرائيلية قفزة نوعية خالل فترة أواخر األربعينيات من القرن‬
‫العشرين‪ 2،‬حيث اعترفت تركيا رسميا بدولة إسرائيل عام ‪2494‬م‪ ،‬وتم تبادل البعثات‬
‫الدبلوماسية بينهما كما استقبلت ملحقا عسكريا إسرائيليا في تركيا‪ 3.‬وقامت إسرائيل ‪ -‬بالمقابل‪-‬‬
‫بتعيين فيكتور أليعزر ‪ Victor Eliezer‬قنصال عاما و الياهو ساسون ‪ Eliyahu Sasson‬وزي ار‬
‫مفوضا لها في أنقرة‪ .‬في مقابل ذلك‪ ،‬عينت تركيا سفي ار لها فوق العادة في تل أبيب‪ .‬وفي‬
‫أعقاب هذا االعتراف‪ ،‬سمحت تركيا لليهود األتراك بالهجرة إلى فلسطين‪ 4.‬ولقد أشار الرئيس‬
‫التركي آنذاك عصمت إينونو ‪ Ismet Inonu‬إلى هذا االعتراف بقوله‪:‬‬
‫" لقد تم إنشاء عالقات سياسية مع دولة إسرائيل التي ولدت حديثا‪ ،‬و نأمل أن تصبح هذه الدولة عنصر‬
‫‪5‬‬
‫سالم و استقرار في الشرق األوسط "‬
‫العالقات المتنامية بين تركيا واسرائيل‪ ،‬كان لها أثرها المباشر على العالقات التركية –‬
‫العربية‪ .‬ففي عام ‪2412‬م‪ ،‬وقفت تركيا إلى جانب الغرب محتجة على قرار مصر في منع‬
‫مرور السفن اإلسرائيلية عبر قناة السويس‪ .‬وهو ما أكده الرئيس المصري آنذاك جمال عبد‬
‫الناصر ‪ Gamal Abdel Nasser‬في خطاب ألقاه بعد شهرين من ذلك أن‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫" تركيا بسبب سياستها اإلسرائيلية أصبحت ممقوتة في العالم العربي"‪.‬‬
‫وفي الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء التركي عدنان مندريس ‪ Adnan Menderes‬إلى‬
‫واشنطن عام ‪2419‬م‪ ،‬وجه لوما إلى العرب‪ ،‬نادى فيه بضرورة االعتراف بأحقية إسرائيل في‬

‫‪ -1‬موسى جيالن‪" ،‬تركيا و األطلسي الجديد"‪ ،‬مجلة شؤون األوسط‪ ،‬العدد ‪ ،201‬صيف ‪ ،1002‬ص ص ‪.101 -102‬‬
‫‪ -2‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ -3‬هدى درويش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.210‬‬
‫‪ -4‬رائد محمود أبو مطلق‪ ،‬العالقات التركية – اإلسرائيلية و أثرها على القضية الفلسطينية ‪ ،2181-2112‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬كلية االقتصاد و العلوم اإلدارية ‪،‬قسم العلوم السياسية ‪ ،1022،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -5‬رنا عبد العزيز خماش ‪ ،‬العالقات التركية اإلسرائيلية وتأثيرها على المنطقة العربية ‪ ،‬األردن ‪ ،‬عمان‪ ،‬مركز دراسات‬
‫الشرق األوسط ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1020 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -‬فليب روبنس‪ ،‬تركيا و الشرق األوسط‪ ،‬ترجمة ‪ :‬ميخائيل نجم خوري‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار قرطبة للنشر و التوثيق و‬ ‫‪6‬‬

‫األبحاث‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2441 ،‬ص ‪.41‬‬


‫‪13‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الوجود‪ .1‬وفي عام ‪2411‬م‪ ،‬وقعت تركيا إلى جانب بريطانيا‪ ،‬باكستان‪ ،‬العراق و إيران على‬
‫اتفاقية حلف بغداد إلعاقة تغلغل السوفييت في العالم العربي‪.2‬‬
‫في عام ‪ 2418‬م‪ ،‬قامت تركيا بتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل إلى درجة القائم‬
‫باألعمال ردا على العدوان الثالثي على مصر ( اإلنجليزي‪ ،‬الفرنسي‪ ،‬اإلسرائيلي) واستجابة‬
‫للرأي العام التركي‪ .‬وبعد أقل من سنة على هذا العدوان‪ ،‬حدث تقاربا اقتصاديا وعسكريا بين‬
‫االتحاد السوفيتي وسوريا‪ .‬األمر الذي اعتبرته الواليات المتحدة األميركية تهديدا الستقرار الشرق‬
‫األوسط ودعت إلى دعم كل الدول التي تتعرض للعدوان السوري‪ 3.‬في عام ‪2411‬م وبعد‬
‫الوحدة المصرية‪ -‬السورية‪ ،‬تطورت العالقات السياسية والدبلوماسية بين تركيا واسرائيل بشكل‬
‫واضح بعد الزيارة السرية التي قام بها رئيس الوزراء اإلسرائيلي دافيد بن غريون ‪David Ben‬‬
‫‪4‬‬
‫وقد جرى التحضير‬ ‫‪ gurion‬إلى تركيا‪ ،‬أين التقى برئيس الحكومة التركية عدنان مندريس‪.‬‬
‫لهذه الزيارة خالل اجتماعات سبقتها بين وزير الخارجية التركي فاتن رشدي زورلو ‪Fatin Rustu‬‬
‫‪ Zorlu‬مع نظيرته اإلسرائيلية غولدا مئير ‪ Golda Meir‬واجتماع رئيس األركان التركي إبراهيم‬
‫‪Eliyahu‬‬ ‫فايزي مانغونج ‪ Ibrahim Fayzi Menguc‬مع السفير اإلسرائيلي الياهو ساسون‬
‫‪ Sasson5‬من أجل إقامة حلف إقليمي يرمي إلى تقوية التحالف االستراتيجي‪ ،‬االستخباراتي‪،‬‬
‫االقتصادي بين كل من إسرائيل‪ ،‬إيران‪ ،‬إثيوبيا‪ ،‬وتركيا بتشجيع أمريكي‪.6‬‬
‫بعد عام ‪2480‬م‪ ،‬أخذت تركيا تراجع سياستها الخارجية محاولة العودة وبشكل تدريجي‬
‫نحو العالم العربي‪ ،‬مستندة إلى عدة عوامل دفعتها للقيام بذلك‪ 7‬أهمها‪ :‬تصويت جميع الدول‬
‫العربية إلى جانب حلفائها وفي مقدمتهم الواليات المتحدة األمريكية واسرائيل لصالح قرار‬

‫‪ -1‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ -2‬كريم مطر حمزة الزبيدي‪ ،‬سياسات الواليات المتحدة تجاه تركيا‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الرضوان للنشر و التوزيع‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،1021 ،‬ص ص ‪.291-212‬‬
‫‪ -3‬محمد نور الدين‪ ،‬تركيا‪ :‬الجمهورية الحائرة‪ :‬مقاربات في الدين و السياسة و العالقات الخارجية‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪،‬‬
‫ص ‪.248‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Jon B. Alterman and Haim Malka ," Shifting Eastern Mediterranean Geometry", Center for Strategic and‬‬
‫‪International Studies, The Washington Quarterly, Summer 2012,p 112.‬‬
‫‪ -5‬نزار عبد القادر‪" ،‬العالقات التركية – اإلسرائيلية بين التحالف االستراتيجي و القطيعة"‪ ،‬مارس ‪،1021‬‬
‫‪https://groups.google.com/forum/#!topic/fayad61/OA9jkpfbcNQ‬‬
‫‪ -6‬محسن صالح (محرر)‪ ،‬تركيا و القضية الفلسطينية‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدراسات و االستثمارات‪ ،1020 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -7‬جاسم محمد الشجيري‪" ،‬موقف تركيا من قضية القدس في ضوء الق اررات الدولية و المؤتم ارت اإلسالمية"‪ ،‬مجلة جامعة‬
‫األنبار للعلوم اإلنسانية ‪ ،‬العدد األول‪ ،1022 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪14‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الجمعية العامة لألمم المتحدة الذي يعيق تدخل تركيا في قبرص بعد حدوث األزمة التركية‬
‫القبرصية األولى بين عامي ‪2481‬م و‪2489‬م‪ ،1‬والتي كشفت بأن ارتباط تركيا بالغرب‪،‬‬
‫وبحلف الشمال األطلسي غير كاف ألمنها اإلقليمي ولمصالحها الحيوية القومية‪ 2.‬فما أقدمت‬
‫عليه إسرائيل إلى جانب اليونان‪ ،‬دفع بتركيا إلى اتخاذ مواقف جديدة تجاه قضية الصراع العربي‬
‫– اإلسرائيلي‪ ،‬انعكست على تطور العالقات العربية – التركية مع تسجيل فتور في عالقات‬
‫تركيا بإسرائيل‪ .‬ففي عام ‪2481‬م‪ ،‬أعلنت تركيا رفضها لضم إسرائيل لألراضي العربية المتمثلة‬
‫في شبه جزيرة سيناء في مصر‪ ،‬الجوالن في سوريا‪ ،‬الضفة الغربية و قطاع غزة‪ .‬لكن ما يمكن‬
‫مالحظته أن العالقات التركية – اإلسرائيلية في هذه الفترة لم تصل إلى حد القطيعة‬
‫الدبلوماسية‪ ،‬فقد رفضت تركيا أيضا قرار منظمة المؤتمر اإلسالمي بقطع العالقات الدبلوماسية‬
‫مع إسرائيل بعد حريق المسجد األقصى عام ‪2484‬م‪.3‬‬
‫بعد حرب أكتوبر ‪2411‬م‪ ،‬رأت تركيا أن مصلحتها تقتضي تدعيم عالقاتها بالدول‬
‫العربية‪ .‬ففي عام ‪ 2411‬م‪ ،‬اعترفت تركيا بمنظمة التحرير الفلسطينية‪ ،‬كما صوتت لصالح قرار‬
‫األمم المتحدة الذي يصف الصهيونية بالعنصرية‪ .‬وفي عام ‪2414‬م‪ ،‬سمحت تركيا لمنظمة‬
‫التحرير الفلسطينية بفتح مكتبا لها في أنقرة ‪ .Ankara‬كما احتجت بقوة ضد قرار إسرائيل بضم‬
‫القدس عام ‪2410‬م ‪ ،‬و صعدت األمر بسحبها للقائم باألعمال في إسرائيل‪ ،‬و اعترفت بالدولة‬
‫الفلسطينية بعد إعالنها في الجزائر عام ‪2411‬م‪.4‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬العالقات العسكرية واألمنية‬
‫يعود تاريخ التعاون األمني‪ -‬العسكري بين تركيا و إسرائيل إلى عام ‪2411‬م‪ .‬و تمثل‬
‫هذا التعاون بتحالف تحت اسم "االتفاق اإلطارى " بين المخابرات اإلسرائيلية والمخابرات‬
‫نص هذا االتفاق على إجراء تدريبات عسكرية مشتركة ‪ ،‬و تبادل المعلومات‬ ‫التركية‪ .‬و قد ّ‬
‫وصيانة بعض المطارات التركية من قبل إسرائيل‪ .‬وفي نفس العام‪ ،‬تم توقيع اتفاقية "الرمح‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ofra Bengio, The Historical Evolution of the Israeli-Turkish Relationship, Turkish-Israeli Relations in a‬‬
‫‪Trans-Atlantic Context Wider Europe and the Greater Middle East Conference Proceedings, The Moshe Dayan‬‬
‫‪Center for Middle Eastern and African Studies, Tel Aviv University, 2005,pp 54-55.‬‬

‫‪ -2‬محمود سالم السامرائي‪ "،‬المساومة في السياسة الخارجية التركية"‪ ،‬المجلة العربية للعلوم اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ ،21‬شتاء‬
‫‪ ،1001‬ص ‪.10‬‬
‫‪ -3‬جاسم محمد الشجيري‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.11 -18‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- David Kushner," Before and Beyond the “Freedom Flotilla”: Understanding Turkish–Israeli Relations", Israel‬‬
‫‪Journal of Foreign Affairs IV : 3, 2010,p22.‬‬
‫‪15‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الثالثي" ‪ The Peripheral Pact Treaty‬بين كل من إسرائيل وتركيا و إيران‪ ،‬نصت على تبادل‬
‫المعلومات االستخباراتية واألمنية‪ ،‬وتتبع حركات ونشاطات السوفييت في تركيا ودول الجوار‬
‫الجغرافي‪ ،‬باإلضافة إلى تدريب العمالء األتراك السريين على أساليب وفنون التجسس المضاد‬
‫وكيفية استخدام األجهزة اإللكترونية‪ ،‬مقابل قيام تركيا بتزويد إسرائيل بالمعلومات حول النوايا‬
‫العربية تجاه إسرائيل‪.1‬‬
‫خالل فترة السبعينيات من القرن العشرين‪ ،‬بدأت إسرائيل تزود تركيا باألسلحة‪ ،‬كما قامت‬
‫تركيا بتعيين مستشا ار عسكريا لها في إسرائيل‪ .‬إلى جانب ذلك‪ ،‬بدأ خبراء إسرائيليون وأتراك‬
‫بتبادل المعلوم ات حول عمليات التدريب التي كانت تجري في لبنان‪ ،‬والتي تربط بين منظمة‬
‫التحرير الفلسطينية واألرمن واألكراد والمنظمات المناهضة للسلطة المركزية التركية‪.2‬‬
‫وبعد الغزو اإلسرائيلي للبنان عام ‪2411‬م‪ ،‬حدث تعاونا أمنيا استخباراتيا بين البلدين‬
‫من أجل مراقبة األوضاع في لبنان‪ ،‬وقدمت إسرائيل وثائقا سرية لتركيا لوجود تعاون عسكري‬
‫بين الجهات السابقة الذكر‪ ،‬إضافة إلى تسليم تركيا ناشطين أتراك موجودين في مخيمات‬
‫فلسطينية داخل لبنان‪ .3‬و شهد عام ‪ 2418‬م تعاونا عسكريا حول تطوير الطائرات التركية‪ ،‬وتم‬
‫االتفاق على تطوير طائرات ‪ F4‬بكلفة ‪ 900‬مليون دوالر‪ ،‬و صفقة شراء قطع إلكترونية‬
‫‪4‬‬
‫وفي عام ‪2414‬م‪ ،‬تم توقيع اتفاقية عسكرية محدودة بين‬ ‫إسرائيلية لطائرات ‪ F16‬التركية‪.‬‬
‫سالحي الجو التركي واإلسرائيلي ‪ ،‬بهدف التعاون في مجال التدريب وتبادل المعلومات‬
‫االستخباراتية العسكرية ‪. 5‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬العالقات االقتصادية والتجارية‬
‫نشأت العالقات االقتصادية والتجارية بين تركيا واسرائيل منذ اعتراف تركيا بإسرائيل عام‬
‫‪ 2494‬م‪ ،‬فكال الدولتين سعتا إلى تمتين وتعزيز العالقات االقتصادية والتجارية بينهما‪ .‬فإسرائيل‬
‫رأت في تركيا سوقا لمنتجاتها‪ .‬أما تركيا اعتبرت عالقاتها بإسرائيل فرصة لتقوية وضعها‬

‫‪ -1‬جهاد عودة‪" ،‬التحاف العسكري التركي – اإلسرائيلي"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،201‬المجلد ‪ ،11‬يوليو ‪ ،1001‬ص‬
‫‪.111‬‬
‫‪ -2‬عوني عبد الرحمن السبعاوي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ -3‬محسن صالح‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -4‬عوني عبد الرحمن السبعاوي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ -‬هشام عبد العزيز‪" ،‬العالقات العسكرية اإلسرائيلية – التركية "‪ ،‬مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة و الدراسات‬ ‫‪5‬‬

‫اإلسالمية‪ ،‬المجلد ‪ ،21‬العدد‪ ،11‬يونيو ‪ ،1002‬ص ‪.11‬‬


‫‪16‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫االقتصادي‪ .1‬ففي فترة الخمسينيات من القرن العشرين‪ ،‬تجلى واضحا مدى اهتمام المسؤولين‬
‫في تركيا واسرائيل بتعزيز العالقات بينهما‪ ،‬خاصة في المجالين االقتصادي والتجاري‪ 2.‬حيث تم‬
‫توقيع اتفاقية تجارية بين البلدين عام ‪2410‬م من أجل تسهيل عالقاتهما التجارية وازالة القيود‬
‫أمام تدفق السلع وايجاد آلية لتسوية النزاعات التجارية بينهما‪ .‬فمن أهم الصادرات التركية اتجاه‬
‫إسرائيل‪ :‬القطن‪ ،‬القمح‪ ،‬الزيت‪ ،‬الحبوب الجافة‪ ،‬ومن بين الصادرات اإلسرائيلية إلى تركيا‪:‬‬
‫المنتوجات الصناعية و المواد االستهالكية‪ .‬وقد زاد حجم التبادل التجاري بين البلدين من ‪21‬‬
‫مليون ليرة تركية؛ أي ما يقارب ‪ 9.81‬مليون دوالر عام ‪2411‬م إلى ‪ 81‬مليون ليرة تركية؛ أي‬
‫صدرت تركيا إلى إسرائيل ‪10‬‬
‫ما يقارب ‪ 11.1‬مليون دوالر عام ‪2411‬م‪ .‬و في عام ‪2411‬م‪ّ ،‬‬
‫ألف طن من القمح‪ ،‬واستوردت صفقة سكر تبلغ قيمتها ‪ 112.180‬ألف ليرة تركية؛ أي ما‬
‫يقارب ‪ 122.1‬ألف دوالر‪.3‬‬
‫في عام ‪2480‬م‪ ،‬تحسنت التبادالت التجارية بين البلدين‪ .‬حيث بلغت الصادرات‬
‫اإلسرائيلية إلى تركيا ‪ 1.4‬مليون دوالر‪ ،‬وبلغت الواردات اإلسرائيلية من تركيا ‪ 1.1‬مليون‬
‫دوالر‪ .‬وفي عام ‪2410‬م‪ ،‬بلغت الصادرات اإلسرائيلية إلى تركيا ‪ 1.8‬مليون دوالر‪ ،‬و بلغت‬
‫الواردات اإلسرائيلية من تركيا ‪ 1.1‬مليون دوالر‪ ،‬وازدادت التجارة بين البلدين إلى ما يقارب ‪19‬‬
‫مليون دوالر‪ .4‬وفي الثمانينات من القرن العشرين‪ ،‬ارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا‬
‫واسرائيل للعامين ‪2411‬م – ‪2411‬م بنسبة ‪%91‬؛ أي أنها أزدادت من ‪ 82.181‬مليون دوالر‬
‫عام ‪2411‬م إلى ‪ 40.811‬مليون دوالر عام ‪2411‬م‪ .‬كما ازداد عدد الشركات اإلسرائيلية‬
‫الخاصة العاملة في تركيا من ‪ 9‬شركات عام ‪2419‬م إلى ‪ 4‬شركات عام ‪2411‬م‪.5‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬العالقات التركية – اإلسرائيلية منذ نهاية الحرب الباردة‬
‫الفرع األول‪ :‬العالقات السياسية والدبلوماسية‬
‫بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار االتحاد السوفياتي السابق‪ ،‬ومع االعتراف الضمني‬
‫بإسرائيل من قبل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات عام ‪2411‬م‪ ،‬واندالع حرب الخليج الثانية‬

‫‪ -1‬رائد محمود أبو مطلق‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫‪ -‬محسن صالح‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -3‬رنا عبد العزيز الخماش‪ ،‬ص ‪.18‬‬


‫‪ -4‬محسن صالح‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -5‬عوني عبد الرحمن السبعاوي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.218 -211‬‬
‫‪17‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫**‬
‫وبدء محادثات السالم العربية ‪ -‬اإلسرائيلية في مدريد* عام ‪2442‬م‪ ،‬وتوقيع اتفاق أوسلو‬
‫عام ‪2441‬م‪ ،‬اتبعت تركيا سياسة متوازنة بين العرب واسرائيل‪ .‬فبعد االعتراف بدولة فلسطين‬
‫عام ‪2411‬م‪ ،1‬جرى رفع التمثيل الدبلوماسي بين تركيا واسرائيل إلى مستوى السفراء عام‬
‫‪2442‬م‪ .‬وعبرت الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين اإلسرائيليين واألتراك عن مرحلة جديدة‬
‫في العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪ ،‬منها الزيارة التي قام بها الرئيس اإلسرائيلي عيز ار وايزمن‬
‫ألنقرة عام ‪2449‬م‪ ،‬وحضوره احتفاالت إحياء الذكرى ‪ 100‬سنة على قدوم اليهود إلى تركيا‪.‬‬
‫***‬
‫وخالل هذه الزيارة قال الرئيس عيزار وايزمن‪:‬‬ ‫‪Ezera Weizman‬‬
‫" إن إسرائيل لم تنس ما فعلته اإلمبراطورية العثمانية حينما احتضنت اليهود قبل خمسمائة عام بعدما طوردوا‬
‫‪2‬‬
‫من أوروبا و اضطهدوا"‬
‫تلتها زيارة وزير الخارجية اإلسرائيلي آنذاك شيمون بيريز‪ Shimon Peres‬في نفس العام‬
‫ومن الجانب التركي زيارة رئيسة الوزراء التركية تانسو تشيلر‪Tansu Ciller‬عام ‪2449‬م والزيارة‬
‫التي قام بها الرئيس التركي سليمان ديميريل ‪ Suleyma Demirel‬إلى إسرائيل عام ‪2448‬م‪.3‬‬
‫وقد أفضت هذه الزيارات إلبرام عدة اتفاقيات بين البلدين ومهدت لتوقيع إتفاقية التعاون‬
‫االستراتيجي في ‪ 11‬فيفري ‪2448‬م‪ .‬ومن ثم أصبحت الزيارات الرسمية العلنية بين البلدين‬
‫‪4‬‬
‫إعتيادية‪ ،‬وعلى جميع المستويات ‪ .‬لكن بعد إنتخاب نجم الدين أربكان ‪Necmettin Erbakan‬‬
‫رئيسا لوزراء تركيا عام ‪2448‬م‪ ،‬شهدت العالقات التركية – اإلسرائيلية بعضا من التوتر‪ ،‬وذلك‬

‫*‬
‫مؤتمر سالم عقد في مدريد في إسبانيا عام ‪2442‬م‪ ،‬وشمل مفاوضات سالم ثنائية بين إسرائيل وكل من سوريا‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫األردن ‪ ،‬وفلسطينيين ‪ .‬وكانت محادثات ثنائية تجري بين أطراف النزاع العربية (لبنان ‪ ،‬سوريا ‪،‬األردن ‪ ،‬فلسطين ) واسرائيل‬
‫وأخرى متعددة األطراف تبحث المواضيع التي يتطلب حلها تعاون كل األطراف‪.‬‬
‫**إتفاق سالم وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن األمريكية في ‪ 13‬سبتمبر‪ ، 1993‬بحضور الرئيس‬
‫األمريكي السابق بيل كلينتون ‪.‬وسمي االتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويج‪.‬‬
‫‪ -1‬محمد نور الدين‪ ،‬تركيا في الزمن المتحول‪ :‬قلق الهوية وصراع الخيارات‪ ،‬بيروت‪ ،‬رياض الرايس للكتب و النشر‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،2411 ،‬ص ‪.181‬‬
‫*** سياسي وعسكري إسرائيلي وهو الرئيس السابع إلسرائيل وقد قال هذه المقولة تعبي ار عن شكر اليهود لتركيا و الدولة العثمانية‬
‫التي فتحت أبوابها أمامهم و منحتهم كافة الحقوق و االمتيازات التي جعلتهم يعيشون في أمن و أمان و كان ذلك خالل زيارته‬
‫لتركيا عام ‪. 1994‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Ofra Bengio, The Turkish–Israeli Relationship Changing: Ties of Middle Eastern Outsiders, Palgrave‬‬
‫‪Macmillan,Edition January 2010,p 97.‬‬
‫‪ -3‬مصطفى طالس‪" ،‬التعاون التركي – اإلسرائيلي "‪ ،‬مجلة الفكر السياسي‪ ،‬العدد األولى‪ ،‬شتاء ‪ ،2441‬ص ص ‪.92 -90‬‬
‫‪ -4‬رنا عبد العزيز خماش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪18‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫بسبب الشعارات التي نادى بها أربكان خالل حملته االنتخابية كتحرير القدس والغاء كل‬
‫االتفاقيات مع إسرائيل باإلضافة إلى توجيه انتقادات الذعة للساسة األتراك الذين يؤيدون إقامة‬
‫عالقات قوية مع إسرائيل‪ ،‬وعلى رأسهم الرئيس التركي توغورت أوزال ‪ .Turgut Ozal‬كما قام‬
‫أربكان بزيارة العديد من العواصم العربية واإلسالمية كإيران‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬طرابلس من أجل تمتين‬
‫عالقة تركيا بالعالمين العربي واإلسالمي‪ ،‬و رفض لقاء وزير الخارجية اإلسرائيلي دفيد ليفي‬
‫‪ David Levy‬أثناء زيارته لتركيا عام ‪2441‬م‪ ،1‬لكن تمت اإلطاحة به بضغط من المؤسسة‬
‫العسكرية‪ ،‬و تم تعيين مسعود يلماز ‪ Mesut Yilmaz‬الذي ينتمي إلى حزب الوطن العلماني‪.2‬‬
‫ذلك ألن الحزب اإلسالمي في تركيا يشكل خط ار على العلمانية‪ .‬ولهذا تعد عالقة تركيا‬
‫بإسرائيل جزءا من مفردات العلمانية ‪ -‬الديمقراطية التي يتبناها الجيش التركي في مواجهة التيار‬
‫اإلسالمي‪.3‬‬
‫بعد اندالع انتفاضة األقصى عام ‪1000‬م‪ ،‬نتيجة الزيارة التي قام بها أرييل‬
‫شارون‪ Ariel Sharon‬إلى باحة مسجد األقصى‪ ،‬تراجعت العالقات التركية – اإلسرائيلية بسبب‬
‫الموقف التركي من ممارسات القوات اإلسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وتصويتها في ‪10‬‬
‫أكتوبر لصالح القرار األممي الذي يدين استعمال إسرائيل‪ .‬للقوة المفرطة ضد المدنيين‬
‫الفلسطينيين‪ .‬إال أنه ‪ -‬من الواضح ‪ -‬أن تركيا كانت تحاول تجنب تردي عالقاتها مع إسرائيل‪.‬‬
‫وهو ما يفسر سبب رفضها لمحاولة منظمة المؤتمر اإلسالمي في قمة الدوحة بقطر في نوفمبر‬
‫‪1000‬م تمرير قرار قطع العالقات الدبلوماسية مع إسرائيل‪ .‬كما صوتت لصالح إلغاء فقرة ناقدة‬
‫إلسرائيل من بيان المؤتمر العالمي لهيئة األمم المتحدة ضد العنصرية في سبتمبر ‪1002‬م‪.‬‬
‫وبعد أحداث ‪ 22‬سبتمبر‪1002‬م‪ ،‬تطورت العالقات السياسية والدبلوماسية بين تركيا واسرائيل‬
‫بشكل غير مسبوق‪ .‬فكلتاهما مهددتان من قبل اإلسالم الراديكالي وبعض القوى اإلقليمية‬
‫المؤيدة له‪ ،‬السيما سوريا وايران‪ .‬حيث أصبح اإلرهاب محور انشغاالت صناع القرار في تركيا‬
‫واسرائيل‪ ،‬وتم توحيد الجهود لدعم الواليات المتحدة األميركية في حربها على اإلرهاب‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Yücel Bozdaglioglu, Turkish Foreign Policy And Turkish Identity: A Constructivist Approach, Routledge,‬‬
‫‪New York & London, 2003, pp153-154.‬‬
‫‪ -‬هدى درويش ‪ ،‬العالقات التركية اليهودية و أثرها على البالد العربية ‪ :‬منذ قيام يهود الدونمة ‪ 8461‬الى غاية القرن‬ ‫‪2‬‬

‫العشرين‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.291‬‬


‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ -4‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.114 -118‬‬
‫‪19‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العالقات العسكرية واألمنية‬


‫في الفترة الممتدة بين عامي ‪2442‬م و‪2441‬م‪ ،‬سمحت تركيا إلسرائيل بإنشاء محطات‬
‫للتجسس األمني واالستخباراتي على الدول المجاورة‪ ،‬خاصة سوريا‪ ،‬إيران والعراق‪ .‬كما تم‬
‫التوقيع على مذكرة تفاهم إلنشاء لجان مشتركة لكبار المسؤولين للتعاون في مجال جمع‬
‫المعلومات االستخباراتية و تعزيز قدرتهم العسكرية‪.1‬‬
‫*‬
‫دخلت العالقات العسكرية بين تركيا واسرائيل مرحلة جديدة بعد عقد االتفاق العسكري‬
‫في ‪ 11‬فيفري ‪ 2448‬م والذي جاء ليعكس الرغبة المتزايدة لدى الدولتين في تعزيز عالقاتهما‬
‫على نحو يضمن لتركيا دو ار إقليميا بارزا‪ ،‬و يزيد من فرص إسرائيل للهيمنة على المنطقة بما‬
‫يتيح لها الضغط على الدول العربية في مفاوضات السالم ‪ .2‬و قد اشتمل هذا االتفاق على عدة‬
‫بنود أهمها‪:‬‬
‫إنشاء منتدى أمني للحوار االستراتيجي بين البلدين بهدف إقامة آلية مشتركة لمواجهة‬ ‫‪‬‬

‫األخطار المهددة ألمنهما‪.‬‬


‫بموجب هذا االتفاق‪ ،‬تزود إسرائيل تركيا بمعلومات وصور األقمار الصناعية اإلسرائيلية‬ ‫‪‬‬

‫وأجهزة التنصت والتجسس اإللكترونية لتكون بتصرف الجيش التركي في مواجهة متمردي‬
‫حزب العمال الكردستاني في جنوب األناضول و شمالي العراق‪.‬‬
‫تحديث واسع لسالح الطيران التركي من طراز (‪ F-4 (Phantom‬و يمكن للطائرات‬ ‫‪‬‬

‫اإلسرائيلية استخدام قاعدتين جويتين تركتين أنجريك و قونيا‪.3‬‬


‫أعلنت تركيا بأنها سوف تنفق ‪ 210‬مليار دوالر على مدى السنوات ‪ 11‬القادمة (منذ عقد‬ ‫‪‬‬

‫االتفاق) إصالح قواتها العسكرية وتحديثها بشكل فعال لمواجهة جميع التهديدات المحتملة‬
‫ألمنها‪ .‬وقد أبرمت اتفاقا مع إسرائيل إلنتاج صواريخ "أرض – جو" من طراز ‪ ،Popeye‬كما‬

‫‪ -‬محسن صالح‪ ،‬المرجع السابق الذكر ‪،‬ص ‪.21‬‬ ‫‪1‬‬

‫* هناك اختالف بين التعاون العسكري و التعاون الدفاعي االستراتيجي فاألخير يتضمن تنسيق في الخطط و التحركات‬
‫العسكرية لكن التعاون العسكري المكثف يتضمن في الوقت نفسه دالالت استراتيجية‪ ،‬و هو ما ينطبق على اتفاق التعاون‬
‫العسكري التركي‪ -‬اإلسرائيلي الموقع عام ‪2448‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬داليا إسماعيل محمد‪ ،‬المياه والعالقات الدولية‪ :‬دراسة في أثر أزمة المياه على طبيعة ونمط العالقات العربية التركية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1008 ،‬ص ‪.204‬‬
‫‪ -3‬هيثم الكيالني‪ ،‬تركيا و العرب‪ :‬دراسة في العالقات العربية – التركية ‪ ،‬دراسات استراتيجية‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬مركز اإلمارات‬
‫للدراسات و البحوث االستراتيجية ‪ ،‬العدد‪ ،8‬الطبعة األولى ‪ ،2448،‬ص ص ‪.91 -91‬‬
‫‪20‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫"جو‪ -‬جو"‪ ،‬و شاركت في انتاج صاروخ آرو‬ ‫قامت تركيا بشراء صواريخ ‪Thon-4‬‬
‫‪ Arrow‬اإلسرائيلي المضاد للصواريخ‪ ،‬باإلضافة إلى تصنيع مدافع إسرائيلية من طراز جليل‬
‫‪ ،Galil‬وقد أبدت الحكومتان أيضا رغبة في التعاون بينهما في مجال أبحاث الفضاء‪.1‬‬
‫بالتطور والتوســع في شتى‬ ‫استمرت وتيرة العالقات العسكرية اإلسرائيلية – التركية‬
‫المجاالت‪ ،‬فعلى صعيد الزيارات العسكرية بين البلدين‪ ،‬قام طرخان طيان ‪ Turhan Tayan‬وزير‬
‫الدفاع التركي بزيارة إسرائيل عام ‪2441‬م‪ ،‬وأعقبتها زيارة قام بها نائب رئيس هيئة األركان‬
‫التركي تشيفيك بير إلى إسرائيل رافقه وفد يضم ‪ 19‬عسكريا‪ .‬وبالمقابل‪ ،‬قام وزير الدفاع‬
‫اإلسرائيــلي اسح ــاق مردخاي بزيارة تركيا عام ‪2441‬م اجتمع خاللها مع رئيس الحكومة التركية‬
‫مسعود يلماز ‪ Mesut Yilmaz‬ومع قادة الجيش التركي‪ ،‬وترافق ذلك مع قيام المدير العام‬
‫لو ازرة الدفاع اإلسرائيلية ايالن بيران ‪ Elan Biran‬بالتباحث مع قادة الجيش التركي حول‬
‫موضوعات التعاون العسكري واألمني بينهما‪ .‬كما زار وزير الدفاع التركي تونشر كيللينش‬
‫‪ Tonchar kiLLinch‬إسرائيل في ‪2441‬م‪ .‬وقام المرش ــح لرئاسة هيئة األركان اإلسرائيلية‬
‫شاؤول موفاز ‪ ShaoL Movaz‬بزيارة تركيا في ‪2441‬م واجتمع مع كبار جنراالت الجيش‬
‫التركي‪ .‬ومن خالل زيارات الشخصيات السياسية والعسكرية رفيعة المستوى ذات األغراض‬
‫واألهداف والمستويات المختلفة يمكن مالحظة مدى عمق العالقات العسكرية التركية ‪-‬‬
‫اإلسرائيلية ‪ .‬يضاف إلى ذلك أن البلدين وقعا العديد من االتفاقيات العسكرية واألمنية التي من‬
‫شأنها أن تؤكد عمق تلك العالقة بينهما ‪ ،2‬كاتفاق "تقدير المخاطر" عام ‪2441‬م‪ ،‬الذي ينص‬
‫على أن يتم التقدير المشترك للمخاطر كل ثالثة أشهر على مستوى الفنيين‪ ،‬و كل ستة أشهر‬
‫على مستوى وزراء الدفاع و رؤساء األركان‪ ،‬إلى جانب االتفاقية التي تنص على السماح‬
‫والدعم التركي لعناصر الموساد اإلسرائيلي للقيام بعمليات تجسسية على كل من سوريا و العراق‬
‫و إيران‪ ،‬انطالقا من األراضي التركية‪ .‬وقد أسهم التعاون في هذا المجال في إلقاء القبض‬
‫على زعيم حزب العمال الكردستاني عبد اهلل أوجالن عام ‪2444‬م‪.3‬ومما ال شك فيه أن هناك‬
‫فكل طرف لديه دوافعه و أهدافه‬ ‫العديد من الدوافع و األهداف التي أدت إلى التحالف‬
‫الخاصة‪ ،‬والتي يمكن إدراجها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- Meltem Müftüler, "Turkey And Israel: And Evolving Partnership", Ariel Center For Policy Research, Paper No.‬‬
‫‪47 ,1998, p 6.‬‬
‫‪ -2‬هشام عبد العزيز‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -3‬عوني عبد الرحمن السبعاوي ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.211-219‬‬
‫‪21‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ومن بين الدوافع التركية للتحالف مع إسرائيل؛ تأمل تركيا من معاداتها للعرب في هذه‬
‫الفترة – أي فترة التسعينيات‪ -‬واقامة تحالف مع إسرائيل وتقديم الخدمات لها إلى كسب الدعم‬
‫اللوبي اليهودي الذي يسيطر على اإلعالم الغربي بصفة عامة واألمريكي بصفة خاصة حتى‬
‫يحسن صورة تركيا في مجال حقوق اإلنسان بهدف تمهيد الطريق لالنضمام إلى االتحاد‬
‫األوروبي ‪ ،‬كما يستطيع اللوبي اليهودي أن يضغط على الكونغرس األمريكي لتقديم مساعدات‬
‫‪1‬‬
‫اقتصادية وعسكرية وتعزيز موقفها أمام أوروبا في الصراع على جزيرة قبرص‪.‬‬
‫النزاع بين سوريا وتركيا حول مسألة المياه‪ ،‬والتي كان فيها الموقف العربي تجاه هذه‬
‫المسألة منحا از إلى جانب سوريا‪ ،‬وهذا ما دفع تركيا إلى إقامة نظام أمن إقليمي للوقوف ضد‬
‫مطالب سوريا الداعية للحصول على حقوقها من مياه الفرات والجوالن بموجب حقوق السيادة‬
‫واالستقالل و مبادئ القانون الدولي‪ 2.‬كذلك من أسباب إنشاء الحلف ظهور ظاهرة العنف‬
‫األصولي والتخوف من األصولية اإلسالمية‪ ،‬إذ تعاني تركيا مند بداية العقد الماضي من‬
‫تصاعد عمليات االغتياالت خاصة لعناصر بارزة من فئة النشطاء المثقفين والعلمانيين في‬
‫المجتمع التركي من قبل منظمات إسالمية متطرفة‪ .‬ويال حظ أن تركيا قد فسرت التفاقم المتزايد‬
‫لحالة العنف بإرجاعها بالدرجة األولى إلى العوامل اإلقليمية‪ ،‬وهذا ما يفسر اتجاهها إلى عقد‬
‫‪3‬‬
‫اتفاق تعاون أمني مع إسرائيل ‪.‬‬
‫ومن أهم الدوافع اإلسرائيلية؛ شراء المياه التركية وفتح أسواق جديدة لمنتجاتها الصناعية‬
‫والعسكرية‪ .‬باإلضافة إلى توسيع دائرة عمقها االستراتيجي عبر التفافها على سوريا مع وصولها‬
‫إلى الحدود العراقية واإليرانية‪ ،‬مما يعطيها فرصة التعرف على طبيعة هذه األراضي وكيفية‬
‫التعامل عسكريا في إقليمها الجوي بشن غا ارت داخل عمق هذه الدول‪.‬‬
‫كسر الطوق األمني المفروض على إسرائيل من قبل الدول العربية بدعم ومساندة خارجية‬
‫ميدانية واقامة مثل هذا التحالف مع دولة إسالمية كبيرة يخرج العامل اإلسالمي من الصراع‬

‫‪ -1‬غازي حسين‪ ،‬تركيا و العرب و إسرائيل ‪ ,‬الحلف التركي اإلسرائيلي‪ ،‬مجلة الفكر السياسي‪ ،‬العدد ‪ 12‬السنة الثالثة شتاء‬
‫‪ ،1001‬ص ‪.211‬‬

‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.291‬‬

‫‪ -3‬عبد الفتاح علي الراشدان‪" ،‬العالقات العربية التركية في عالم متغير" ‪ ،‬مجلة العلوم االجتماعية ‪ ،‬مجلد ‪ ، 18‬مجلس للنشر‬
‫و التوزيع العلمي ‪ ،‬الكويت ‪ ،‬العدد ‪ ، 2441 ، 10‬ص ‪. 11‬‬

‫‪22‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫العربي اإلسرائيلي‪ ،‬ويظهره على أنه صراع قومي على المياه وعلى الحدود وليس صراعا‬
‫‪1‬‬
‫إسالميا يهوديا‪.‬‬
‫وبعد أحداث ‪ 22‬سبتمبر ‪ ،1002‬استمر التعاون التركي – اإلسرائيلي‪ .‬بحيث عقدت‬
‫عدة مشاريع صناعية مشتركة بين البلدين منها القيام بعملية تحديث ‪ 210‬دبابة تركية ‪ ،‬وتزويد‬
‫تركيا بصواريخ "جو‪ -‬جو"‪ .‬كما تم إجراء العديد من التدريبات بمشاركة الواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬و تم التحضير للمناورات البحرية الثالثية المعروفة باسم "عروس البحر" بين القوات‬
‫البحرية التركية‪ ،‬اإلسرائيلية و األمريكية‪ .‬وفي نفس الوقت‪ ،‬بدأت مناورات عسكرية بين سالحي‬
‫الجو األمريكي‪ ،‬التركي واإلسرائيلي‪ ،‬و قد استخدمت في هذه المناورات أنظمة "أكمي" إسرائيلية‬
‫الصنع القادرة على بث الصورة الجوية مباشرة إلي غرفة القيادة‪ .‬باإلضافة إلى إنشاء مشروع‬
‫صاروخي دفاعي لمواجهة احتمال هجوم صاروخي عراقي‪ ،‬وهو المشروع الذي وافقت عليه‬
‫اإلدارة األمريكية‪.2‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬العالقات االقتصادية والتجارية‬
‫خالل فترة التسعينيات من القرن العشرين‪ ،‬قطعت تركيا واسرائيل شوطا كبي ار في اتجاه‬
‫تمتين عالقاتهما االقتصادية والتجارية وقيام مشاريع مشتركة بينمها في جميع مجاالت التعاون‬
‫االقتصادي وتأمل تركيا من خالل تطوير عالقاتها االقتصادية والتجارية مع إسرائيل إلى تفادي‬
‫تفاقم تكاليف العمليات العسكرية ضد عناصر حزب العمال الكردستاني كما تطمح إسرائيل‬
‫بالتغلغل اقتصاديا في جمهوريات آسيا الوسطى والقيام باستثمارات ضخمة هناك‪.3‬‬
‫التركية –‬ ‫ويعتبر قطاع السياحة المجال األكثر برو از في العالقات االقتصادية‬
‫اإلسرائيلية‪ ،‬حيث تم توقيع اتفاقية التعاون السياحية بين البلدين أثناء زيارة وزير السياحة‬
‫اإلسرائيلي إلى تركيا عام ‪2441‬م‪ ،4‬وعلى إثر هذا‪ ،‬خصص التلفزيون اإلسرائيلي ثالثة قنوات‬
‫للمحطات التلفزيونية التركية ‪ 5،‬وبذلك بدأ السياح اإلسرائيليين بالتوافد إلى تركيا‪ ،‬بحيث استقبلت‬

‫‪ -1‬السيد مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬النظرية العامة لألحالف العسكرية‪ ،‬ايتراك للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،1001 ،‬ص‪.218‬‬

‫‪ -2‬جهاد عودة ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.110‬‬


‫‪ -3‬عوني عبد الرحمن السبعاوي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.218-211‬‬
‫‪- TOLGA TURAN, Turkish Foreign Policy Tow Ards Israel: The Implications Of Turkey’s Relations With‬‬
‫‪4‬‬

‫‪The West, The Degree Of Master Of Science International Relations, The Graduate School Of Social Sciences‬‬
‫‪Of Middle East Technical University, May 2008,p83.‬‬
‫‪ -5‬محمد نور الدين‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.181‬‬
‫‪23‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫عام ‪2441‬م أكثر من ‪ 100‬ألف سائح وينفق السائح في المتوسط ‪ 2000‬دوالر‪ 1‬األمر الذي‬
‫يعتبر تطو ار إيجابيا بالنسبة للسياحة في تركيا و دخال إضافيا لها من السياحة اإلسرائيلية ويقدر‬
‫متوسط عدد السياح سنويا ‪ 280‬ألف إلى ‪ 100‬ألف في حين ال يقصد إسرائيل من السياح‬
‫‪2‬‬
‫األتراك سوى ‪ 8 – 1‬ألف زائر سنويا‪.‬‬
‫ومن أبرز مؤشرات التطور في هذا المجال االقتصادي والتجاري اتفاق التجارة الحرة بين‬
‫البلدين عام ‪ 2448‬م‪ ،‬وهو ناتج عن إرادة سياسية حقيقية‪ ،‬حيث صادق عليه البرلمان التركي‬
‫في أفريل عام ‪2441‬م‪ ،‬ودخل حيز التنفيذ في ماي ‪2441‬م‪ .3‬وهو االتفاق الذي أدى إلى‬
‫مضاعفة التبادل التجاري بين البلدين ليبلغ ‪ 100‬مليون دوالر عام ‪2448‬م‪ ،‬على أن يبلغ‬
‫ملياري دوالر عام ‪2444‬م‪ .‬حيث تعمل الدولتان في مشروعات مشتركة تشمل نقل البضائع‬
‫وتوليد الكهرباء و التصنيع المشترك لألسلحة‪ .‬كما مهد هذا االتفاق لرفع الحواجز الجمركية عن‬
‫معظم السلع‪ 4‬وأتاح لتركيا فرصة زيادة تجارتها مع الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬كندا وأمريكا‬
‫الوسطى عبر إسرائيل التي تربطها بها عالقات تجارة تفضيلية‪ .‬وفضال عن ذلك‪ ،‬وقع الطرفان‬
‫عام ‪ 2441‬م اتفاقا للنقل البري على أن يجري تنفيذه في حالة تطبيع العالقات العربية –‬
‫اإلسرائيلية ‪.5‬‬
‫وفي عام ‪1000‬م شهدت العالقات االقتصادية التركية ‪ -‬اإلسرائيلية تطو ار حيث تقرر‬
‫إقامة سوق حرة مشتركة بينهما‪ .‬و كانت تركيا قد عقدت اتفاقية ثنائية لبيع مياه نهر منخفجات‬
‫‪6‬‬
‫إلى إسرائيل عبر خليج أنطاكيا‬

‫‪ -1‬فوزي درويش‪" ،‬البعد العسكري في العالقات التركية – اإلسرائيلية"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،211‬السنة ‪،2444‬‬
‫ص ‪.111‬‬
‫‪ -2‬مصطفى طالس‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Elise Ganem , L’Axe Israël – Turquie : Vers Une Nouvelle Dynamique Proche – Orientale ?, France, Paris,‬‬
‫‪L harmattn,2005, p 82.‬‬
‫‪ -4‬هاكان يافوز ‪ ،‬العالقات التركية – اإلسرائيلية من منظور الجدل حول الهوية التركية ‪ ،‬دراسات عالمية ‪ ،‬دولة اإلمارات‬
‫العربية المتحدة أبو ضبي‪ ،‬مركز اإلمارات للدراسات و البحوث االستراتيجية العدد ‪ ،14‬الطبعة األولى‪ ،1000 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -‬جالل عبد اهلل معوض‪ ،‬صناعة القرار في تركيا و العالقات العربية – التركية‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬ ‫‪5‬‬

‫العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ، 2441،‬ص ‪.102‬‬


‫‪ -‬حسين دلي خورشيد‪ ،‬تركيا و قضايا السياسة الخارجية ‪ ،‬سوريا‪ ،‬دمشق‪ ،‬مكتبة األسد‪ ،2444 ،‬ص ‪.89‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪24‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬التنسيق التركي‪ -‬اإلسرائيلي في ميدان المياه‬


‫تبرز قضية التعاون المائي التركي – اإلسرائيلي كأحد األوجه األساسية في تطور‬
‫العالقات التركية – اإلسرائيلية بأبعادها المختلفة‪ ،‬األمر الذي يعطي قضية المياه في العالم‬
‫العربي و دول الجوار الجغرافي بعدا استراتيجيا لم تبلغه في أي وقت مضى‪ .1‬حيث تستخدم‬
‫تركيا المياه سالحا يعبر عن استثمار جديد لموقعها الجغرافي‪ 2‬وورقة رابحة لمواجهة العراق‬
‫وسوريا‪ ،‬باعتبار أن ‪ %11‬من مصادر نهر الفرات و ‪ %11‬من مياه نهر دجلة تقع داخل‬
‫األراضي التركية‪ .‬أما بالنسبة إلسرائيل‪ ،‬فلطالما عانت من مشكلة المياه‪ ،‬فوجدت في تركيا‬
‫الشريك االستراتيجي فيما يتعلق بالموارد المائية ونتيجة إلدراك البلدين بأن الموارد المائية تمثل‬
‫العنصر الحيوي للسياسات الدولية لذا سعت كل من تركيا واسرائيل إلى توسيع تعاونهما في‬
‫المجال المائي‪.‬‬
‫ولما لمشاريع المياه من أهمية في تطور العالقات التركية ‪-‬اإلسرائيلية سنحاول تسليط‬
‫الضوء على أهم مشاريع الشراكة المائية بين البلدين‪ ،‬بداية من مشروع أنابيب السالم ‪Peace‬‬
‫‪ pipeline Project‬الذي يعتبر قمة التعاون في السياسة المائية بين تركيا و إسرائيل‪ ،‬فهو يهدف‬
‫إلى نقل المياه الفائضة عن الحاجة التركية من نهري سيحان ‪ Seyhan‬وجيحان ‪ Ceyhan‬إلى‬
‫الدول في منطقة الشرق األوسط‪ ،‬وتحديدا سوريا واألردن واسرائيل‪ 3.‬وقد اقترحه الرئيس التركي‬
‫توغرت أزوال ‪ Turgut Ozal‬عام ‪2411‬م‪ ،‬و أطلق عليه "أنابيب السالم " ألنه قد يوطد‬
‫عالقات تركيا بجيرانها العرب‪ ،‬و هو يشتمل على مد خطين‪:‬‬
‫الخط الغربي الذي يمتد جنوبا عبر سوريا واألردن حتى يصل إلى السواحل الغربية للمملكة‬ ‫‪‬‬

‫العربية السعودية‪.‬‬
‫الخط الشرقي الذي يقطع سوريا و ينقل المياه إلى شرق السعودية و دول الخليج‪ :‬العراق‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫الكويت‪ ،‬البحرين‪ ،‬قطر‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪.4‬‬

‫‪ -1‬عوني عبد الرحمن السبعاوي‪ ،‬إسرائيل ومشاريع المياه التركية‪ :‬مستقبل الجوار المائي العربي‪ ،‬دراسات استراتيجية‪،‬‬
‫اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬مركز اإلمارات للدراسات و البحوث االستراتيجية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2441 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -2‬عوني عبد الرحمن السبعاوي‪" ،‬تركيا و الكيان الصهيوني ‪ :‬ميادين الشراكة االستراتيجية"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ -‬هشام فوزي عبد العزيز‪ "،‬مشروع أنابيب السالم و المواقف العربية منه"‪ ،‬مجلة المنارة‪ ،‬مجلد ‪ ،29‬العدد الثاني‪،1001 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص ‪.111‬‬
‫‪ -‬سعد حقي توفيق‪ ،‬عالقات العرب الدولية في مطلع القرن الحادي و العشرين‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬دار وائل للنشر و التوزيع‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫الطبعة األولى‪ ،1001 ،‬ص ‪.122‬‬


‫‪25‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وتسعى تركيا من خالل هذا المشروع للحصول على عائدات مالية كبيرة تقدر بحوالي ملياري‬
‫دوالر سنويا وبهذا تتمكن من تغطية حاجتها من النفط والغاز‪ ،‬بمعنى تحويل تركيا إلى دولة‬
‫مائية كمصطلح مواز بالمعنى والمدلول (دولة نفطية)‪ .‬كما تحاول تركيا من خالل هذا المشروع‬
‫التمهيد لهيمنة استراتيجية تركية على المناطق التي تزودها بالمياه وخلق إمبراطورية تركية‬
‫جديدة قوامها المياه‪.1‬‬
‫ويعتبر مشروع جنوب األناضول ‪ Gunegdogu Anadoly Progesi‬المعروف اختصا ار‬
‫بمشروع (‪ )GAP‬أكبر مشروع للتنمية االقتصادية واإلقليمية في تاريخ تركيا‪ .2‬وترجع بداية‬
‫التفكير فيه إلى فترة الثمانينيات من القرن العشرين‪ ،‬وهو ينقسم إلى ‪ 21‬مشروعا‪ ،‬منها سبعة‬
‫في حوض الفرات و ستة في حوض دجلة‪ .‬ويشتمل كل مشروع من هذه المشاريع على سد أو‬
‫أكثر‪ ،‬إلى جانب العديد من المنشآت وقنوات الري‪ .‬ويتضمن المشروع إقامة ‪ 11‬سدا و‪24‬‬
‫محطة لتوليد الطاقة الكهربائية على نهري دجلة و الفرات‪.3‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن إسرائيل دخلت على خط مشروع غاب عن طريق تقديم الخبرة‬
‫التكنولوجية في مجال الزراعة والري‪ .‬وعلى هذا النحو‪ ،‬بدأت الزيارات المتبادلة بين الدولتين في‬
‫سبيل ترقية قطاعاتيهما الزراعية حيث قام ياليم إيريز ‪ Yalim Eretz‬رئيس مجلس التعاون‬
‫التركي – اإلسرائيلي إلى إسرائيل عام ‪2441‬م‪ ،‬تلتها زيارة مدير المصادر المائية في و ازرة‬
‫الزراعة اإلسرائيلية لتركيا‪ .‬كما زار الرئيس اإلسرائيلي عز ار وايزمن سد أتاتورك في تركيا‪ .‬و في‬
‫هذا الصدد‪ ،‬صرح السفير اإلسرائيلي في تركيا عام ‪2444‬م ‪:‬‬
‫"إن االقتصاديين التركي واإلسرائيلي يكمل أحدهما األخر‪ ،‬فتركيا لديها ما يمكن أن تستهلكه إسرائيل في‬
‫مقابل حصول األولى على أشياء تملكها إسرائيل معتب ار تركيا تملك أرض و ماء و إسرائيل لديها تكنولوجيا‬
‫‪4‬‬
‫زراعية متطورة "‬

‫‪-1‬عمر كامل حسن‪ ،‬النظام الشرق أوسطي و تأثيره على األمن المائي العربي‪ :‬دراسة في الجغرافيا السياسية و‬
‫الجيوبولتيك‪ ،‬سوريا‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار رسالن‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1001 ،‬ص ص ‪.111 -111‬‬
‫‪ -2‬عبد العزيز شحادة المنصور‪ ،‬المسألة المائية في السياسة السورية تجاه تركيا‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬يناير ‪ ،1000‬ص ‪.281‬‬
‫‪ -‬داليا إسماعيل محمد‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.214‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬يوسف إبراهيم الجهماني‪ "،‬ثرثرة فوق المياه تركيا سوريا العراق و إسرائيل" ‪ ،‬مجلة الفكر السياسي‪ ،‬العدد الثامن‪ ،‬شتاء‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،1000‬ص ص ‪.111-111‬‬
‫‪26‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وتلعب الشركات اإلسرائيلية والمراكز الخاصة دو ار هاما في المشروع‪ .‬فهي إلى جانب‬
‫مساهمتها في التدريب والتأهيل وتقديم االستثمارات‪ ،‬تسعى لحضور متميز في النشاطات‬
‫والفعاليات المتعلقة بالمشروع‪ .‬و قد حرصت على عرض تقنيات خاصة و مميزة في المعرض‬
‫الزراعي الدولي "غرور غاب" عام ‪2444‬م‪ ،‬وبرزت في هذا المجال شركتا "‪ "Tahal‬و"‪،"Zinkel‬‬
‫والجدير بالذكر‪ ،‬أن هاتين الشركتين باإلضافة إلى المركزين الحكوميين اإلسرائيليين" ‪"Cindaco‬‬
‫و"‪ ، "Mashav‬لم يكونا من أوائل الشركات اإلسرائيلية المستثمرة في المشروع‪ ،‬لكن ما هو‬
‫معروف عن هذه الشركات و المؤسسات ارتباطها الوثيق بجهاز الموساد‪ .1‬وفي عام ‪1000‬م‬
‫شاركت حوالي ‪ 11‬شركة إسرائيلية في تكوين اتحادات تركية مكلفة بوضع مشروع الغاب‬
‫موضع التطبيق‪.2‬‬
‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬نجد مشروع نهر منخفجات ‪ Manvagat River‬الذي يرمي إلى تخزين‬
‫مياه نهر منخفجات و بيعها إلى إسرائيل‪ ،‬عبر صهاريج بالستيكية ضخمة تنتقل عبر البحر‬
‫المتوسط بكميات تقدر بحوالي ‪ 900 -110‬مليون متر مكعب سنويا‪ .‬و سيورد الماء حسب‬
‫التخطيط اإلسرائيلي عن طريق بالونات ضخمة سعة كل منها ‪ 2.1‬مليون متر مكعب‪ .‬وهي‬
‫مصنوعة من البالستيك حسب تصميم شركة "ميدو از" الكندية‪ ،‬ثم يتم جرها من البحر بواسطة‬
‫سفن إسرائيلية من تركيا إلى المنطقة الساحلية في إسرائيل‪ ،‬و يتطلب ذلك إنشاء أرصفة بين‬
‫تركيا و إسرائيل لتحميل و تفريغ المياه‪ ،‬من قبل شركة "تاهال" اإلسرائيلية‪ .‬وستبلغ تكلفة‬
‫استيراد إسرائيل للمياه من تركيا ‪ 11‬سنتا للمتر المكعب‪ .‬وبالتالي فإن التكلفة الكلية الستيراد‬
‫‪ 110‬مليون متر مكعب التي تحتاجها إسرائيل سنويا ستصل إلى ‪ 11.1‬مليون دوالر‪.3‬‬
‫و ما يمكن قوله هو أن جل هذه المشاريع توضح مدى عمق العالقة الثنائية‪ ،‬ومدى‬
‫التنازل السخي الذي تقدمه الحكومات التركية المتعاقبة لتزويد إسرائيل بالمياه‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد القادر ن ازر ‪" ،‬الشراكة الركية‪ -‬اإلسرائيلية في مشروع جنوب شرق األناضول‪ :‬االلية و التداعيات"‪ 22 ،‬ماي ‪.1021‬‬
‫‪http://www.lebarmy.gov.lb/ar/news/?2901‬‬
‫‪ -‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.242-240‬‬ ‫‪-3‬عبد الناصر سرور‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪،‬ص ص‬


‫‪27‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫المقاربة النظرية للعالقات التركية – اإلسرائيلية‬
‫يعتبر تعدد النظريات في العالقات الدولية نقطة قوة لها وليس نقطة ضعف عليها‪.‬‬
‫بحيث يمكن التمييز بين النظريات التي تتناول النواحي المختلفة من العالقات الدولية‪ ،‬الواحدة‬
‫عن األخرى‪ ،‬على أساس المتغير التابع الذي تحاول كل منها تفسيره‪ .‬ويمكن في الوقت نفسه‪،‬‬
‫التمييز بين مستويات التحليل على أساس الظاهرة أو المتغير المستقل‪ .1‬وبناء على ذلك‪،‬‬
‫ف أنصار المدرسة الواقعية يعتمدون في تفسيرهم للعالقات الدولية على أساس متغير القوة‪ ،‬ميزان‬
‫القوى‪ ،‬و فوضوية النظام الدولي‪ .‬في حين‪ ،‬اعتمدت المدرسة الليبرالية على متغيرات ومفاهيم‬
‫مختلفة‪ ،‬فترى في االقتصاد والمؤسسات الدولية أساسا لفهم العالقات الدولية‪ ،‬واهتمت النظرية‬
‫البنائية بمتغير الهوية والمعايير كأساس لفهمها للسلوك الدولي و العالقات الدولية‪ .‬و على هذا‬
‫األساس‪ ،‬سوف نركز في دراستنا على هذه المنظورات الثالث‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬المنظور الواقعي‬
‫قامت المدرسة الواقعية بشكل أساسي على دراسة العالقات الدولية من منظور القوة كأداة‬
‫لتحليلها وتفسيرها‪ 2.‬فهي تنظر إليها على أنها عالقات صراع قوة ومن أجل القوة‬
‫‪International relations is a struggle of power and for power.‬‬
‫رافضة بذلك كل ما يتصل بالجانب األخالقي لهذه العالقات‪ .‬فالواقعيون يرون أن الدافع‬
‫الغريزي الذي يحرك اإلنسان دوما هو الصراع على القوة من أجل البقاء ومواجهة التحدي‬
‫‪3‬‬
‫واثبات الذات‪ ،‬وال يتوقف هذا السعي إال عند الموت‬
‫‪.Perpetual and restless desire of power after Power that ceaseth only in death‬‬
‫جاءت الواقعية لتدرس وتحلل ما هو قائم في العالقات الدولية‪ ،‬و تحديدا سياسة القوة‪،‬‬
‫األحالف‪ ،‬الحرب والنزاعات‪ .‬وهي تهدف إلى دراسة وفهم سلوكيات الدول والعوامل المؤثرة في‬
‫عالقاتها مع بعضها البعض‪ ،‬ولم تهدف كما فعلت المثالية إلى تقديم نظريات وأفكار حول ما‬

‫‪ -‬أنور محمد فرج ‪ ،‬نظرية الواقعية في العالقات الدولية‪ :‬دراسة نقدية ومقارنة في ضوء النظريات المعاصرة ‪،‬السليمانية ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫مركز كرديستان للدراسات اإلستراتيجية ‪ ، 1001 ،‬ص ص ‪.209-201‬‬


‫‪ -‬ناصف يوسف حتى ‪ ،‬النظرية في العالقات الدولية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬دار الكتاب العربي ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 2411 ،‬ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪.228‬‬
‫‪ -‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬التنظير في العالقات الدولية بين االتجاهات التفسيرية و النظريات التكوينية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار‬ ‫‪3‬‬

‫الخلدونية للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولي‪ ، 1001 ،‬ص ‪.211‬‬


‫‪28‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يجب أن تكون عليه العالقات الدولية‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه مكيافيللي ‪ Michiavelli‬في كتابه "‬
‫األمير" ‪ the Prince‬بأن من يهمل ما هو حاصل من أجل االهتمام بما يجب أن يحصل ال بد‬
‫*‬
‫أن يؤدى بعمله هذا إلى تدمير ذاته بدل أن يحافظ عليها‪ 1.‬ويرفض الواقعيون مقوالت المثاليين‬
‫بوجود تناسق في المصالح بين مختلف األمم‪ ،‬ويرون أن الدول غالبا ما تتضارب في مصالحها‬
‫إلى درجة يقود بعضها للحرب‪ ،‬وتلعب اإلمكانيات المتوفرة للدولة دو ار هاما في تحديد نتيجة‬
‫الصراع الدولي و قدرة الدولة على التأثير في سلوك اآلخرين‪ ،‬شريطة إدراك أن قدرات الدولة ال‬
‫تقتصر على اإلطالق على الجانب العسكري‪ ،‬بحث تشمل كذلك على متغيرات أخرى كمستوى‬
‫التطور التقني‪ ،‬السكان‪ ،‬المصادر الطبيعية‪ ،‬العوامل الجغرافية‪ ،‬شكل الحكومة‪ ،‬القيادة السياسية‬
‫واأليديولوجية‪.2‬‬
‫تتمثل نقطة البدء عند الواقعيين في سعي الدول الكتساب القوة والسلطان‪ ،‬و مركزية‬
‫القوة في ذلك‪ ،‬واستم اررية الصراعات في العالم المكون من دول مستقلة‪ ،‬وعدم االدعاء بإعطاء‬
‫دور كبير لألخالق والقانون الدولي والدبلوماسية‪ .‬وتتوزع أهداف السياسة الدولية عند الواقعين‬
‫على ثالث أقسام‪:‬‬
‫الدولة التي تميل في عالقاتها الدولية إلى االحتفاظ بالقوة‪ ،‬تسير على سياسة الحفاظ على‬ ‫‪‬‬

‫الوضع الراهن‪.‬‬
‫الدولة التي تهدف في عالقاتها الدولية إلى اكتساب المزيد من القوة‪ ،‬عن طريق إحداث تبدل‬ ‫‪‬‬

‫في عالقات القوة القائمة‪ ،‬تسير على سياسة إمبريالية (التوسع االستعماري)‬
‫الدولة التي تنشد في عالقاتها الدولية عرض ما تملك من قوة‪ ،‬فتسير على سياسة إظهار‬ ‫‪‬‬
‫‪3‬‬
‫المهابة‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يمكن القول بأن الواقعيين يميلون إلى تبني سياسة القوة ‪ power politics‬التي ال‬
‫تعيير اهتماما لالعتبارات األخالقية لدى صياغة األجندة السياسية الخارجية‪ ،‬ألن األمر يتعلق‬
‫هنا بصراع من أجل البقاء‪ ،‬حيث يعتبر االعتماد على الذات السبيل الوحيد لضمان استم اررية‬

‫‪ -‬ناصف يوسف حتى ‪ ،‬المرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫*لمعلومات أكثر حول الفروق و االختالفات بين النظرية المثالية و الواقعة أنظر‪ :‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪،‬‬
‫ص ‪.219‬‬
‫‪ -‬جيمس دورتي و روبرت بالستغراف‪ ،‬النظريات المتضاربة في العالقات الدولية‪ ،‬ترجمة وليد عبد الحي‪ ،‬الكويت‪ ،‬كاظمة‬ ‫‪2‬‬

‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ، 2411 ،‬ص ص ‪.80 -14‬‬


‫‪ -‬أنور محمد فرج ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.191-124‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪29‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الدولة‪ .1‬والواقعية ليست نظرية واحدة‪ ،‬بل نظريات عدة‪ :‬الواقعية الكالسيكية (من ‪ 2414‬م‬
‫إلى‪ 2414‬م)‪ ،‬والواقعية الجديدة (من ‪ 2414‬م فصاعدا)‪ ،‬ورغم هذه التفرعات إال أن الواقعيين‬
‫جميعا يؤمنون بهذه العناصر الثالثة ‪ :‬الدوالتية ‪ ،Statism‬البقاء ‪ Survial‬والعون الذاتي ‪self-‬‬
‫‪ .2 help‬فضال عن ذلك‪ ،‬فهم يشتركون في االعتقاد بأن هناك مجموعة من العوامل الثابتة‪،‬‬
‫والتي تلعب دو ار رئيسيا في تشكيل السلوك الدولي‪ .‬يمكن إدراجها فيمايلي‪:‬‬
‫حسب كل من جيمس دورتي و روبرت بلستغراف في مؤلفهما‪" :‬النظريات المتضاربة في‬
‫العالقات الدولية " يوافق الواقعيون بشكل عام على أن الموقع الجغرافي للدولة يؤثر في‬
‫إمكانياتها و توجهاتها السياسية الخارجية ‪ ،‬إذ أن الجغرافيا تجعل بعض الدول أكثر عرضة‬
‫للغزو من غيرها‪ ،‬وبعض الدول تحتل مواقع استراتيجية أكثر أهمية من غيرها من الدول‬
‫وسهولة الوصول إلى الطرق المائية وطبيعة الحدود الصالحة للدفاع عن الدولة تؤثر كذلك في‬
‫السياسة الخارجية‪ ،‬والموقع بدوره يؤثر على قدرة الدولة على تعبئة قدراتها لمواجهة الدول‬
‫األخرى‪.3‬‬
‫يركز هذا المنظور على الطبيعة الفوضوية للنظام الدولي التي أفرزت اهتماما متزايدا للدول‬ ‫‪‬‬

‫بمقومات وأسس األمن الوطني وهو األمر الذي أدى إلى بروز منافسة شديدة بين الدول‬
‫حول موارد محدودة ولكنها تشكل االهتمام المركزي للدولة كاألمن والموارد االقتصادية التي‬
‫ال يمكن ألي طرف أن يحققها بشكل تام وشامل وال يمكن لجميع األطراف أن تتمتع بها‬
‫بشكل عادل‪ .4‬هذه الفوضى الدولية وعدم وجود سلطة تمنع استخدام العنف بين الدول‪،‬‬
‫تدفع الدول كل على حدا لتُ ّكون قوة تدافع بها عن نفسها من جهة وتتوسع في تحقيق‬
‫مصالحها القومية إن وجدت فرصة لذلك‪ .‬ألن األمم توسع مصالحها السياسية في الخارج‬
‫عندما تتزايد قوتها النسبية في الداخل‪.5‬‬
‫تمثل السياسة الدولية عند الواقعيون بشكل عام صراعا من أجل السلطة فيما بين الدول التي‬ ‫‪‬‬

‫تسعى كل منها إلى تعظيم مصالحها الوطنية إلى أقصى حد ممكن‪ .‬ومثل هذا النظام القائم في‬

‫‪ -‬عادل زقاغ ‪" ،‬الواقعية"‪ 21 ،‬ماي ‪http://www.geocities.com/adelzeggagh/realism.html ،1021‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬جون بيلس و ستيف سميث‪ ،‬عولمة السياسة العالمية‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬مركز الخليج لألبحاث‪ ،1009 ،‬ص ‪.114‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬جيمس دورتي و روبرت بالستغراف‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.80‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬حسين بوقارة‪ ،‬السياسة الخارجية‪ :‬دراسة في عناصر التشخيص و االتجاهات النظرية للتحليل‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار هومة‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫الطبعة األولى‪ ،1021 ،‬ص ‪.218‬‬


‫‪ -‬أنور محمد فرج ‪،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪30‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ميدان السياسة العالمية كان نتيجة عمل آلية تعرف باسم ميزان القوى ‪ ،‬حيت تتحرك بهدف منع‬
‫أي دولة واحدة من أن تكون في وضع مسيطر‪.1‬‬
‫يرى الواقعيون أن المبادئ المعنوية أو األخالقية يصعب تطبيقها على األعمال أو السلوك‬ ‫‪‬‬

‫السياسي‪ .‬فالمسألة هنا تتعلق بمدى قدرة القائد السياسي‪ .‬على تحقيق أهداف سياسته الخارجية‬
‫الرئيسية دون تعريض دولته للخطر‪ ،‬ذلك ألنه يعمل في نطاق بيئة دولية تختلف عن البيئة‬
‫المحلية في فقدانها للسلطة والمعايير المشتركة للسلوك السياسي‪ ،‬ذلك ألن المعايير التي تحكمه‬
‫في البيئة الدولية تختلف عن تلك التي تحكم السلوك السياسي داخل الدولة الواحدة‪ .‬فالسياسة‬
‫‪2‬‬
‫عند الواقعيين ليست وظيفة األخالق‪.‬‬
‫رغم االتفاق العام بين إ تجاهات الفكر الواقعي‪ ،‬فإن هناك بعض االختالفات الجزئية فيما‬
‫يخص أسباب سلوكيات الدول التنازعية والتنافسية‪ ،‬والتي سوف ندركها من خالل تناولنا لكل‬
‫من الواقعية الكالسيكية والواقعية الجديدة ‪.‬‬
‫الواقعية الكالسيكية ‪:Classical Realism‬‬
‫‪3‬‬
‫وهي‬ ‫تجعل الدولة كوحدة تحليل مركزية باعتبارها الفاعل الوحيد في اللعبة الدولية‪.‬‬
‫التي ترسم السياسة الدولية من خالل السياسة الخارجية‪ ،‬وما عداها من منظمات وشركات‬
‫ومؤسسات وأفراد ال تلعب إال دو ار هامشيا وأية عالقات أخرى ال تتدخل فيها الدولة كطرف ال‬
‫يمكن بحثها من ضمن العالقات الدولية‪ ،‬ذلك ألن الدولة هي التي تنشأ المنظمات الدولية‪ ،‬وهي‬
‫التي تبرم المعاهدات واالتفاقات الدولية وتوفر الحماية لمواطنيها ومؤسساتها داخل وخارج‬
‫الوطن والمسؤولة دوليا عن أية أخطاء ترتكب لصالحها كالذهاب إلى الحرب أو عدم اإليفاء‬
‫بالتزاماتها‪ ،‬وأن الدولة هي التي تدخل في تحالفات سياسية أو عسكرية أو إنشاء تكتالت‬
‫اقتصادية ‪.4‬‬
‫تعتبر الواقعية الكالسيكية أن الطبيعة البشرية تحكمها غريزة القوة ‪ ،Power‬وهي غريزة‬
‫حيوانية تتمثل في حب السيطرة والهيمنة‪ .‬وتزداد هذه العدوانية عندما تنتقل من مستوى الفردي‬

‫‪ -‬جون بيلس و ستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬جيمس دورتي و روبرت بالستغراف ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.82-80‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.290‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬مبروك غضبان ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪.119‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪31‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إلى مستوى الدولة نتيجة ازدياد اإلمكانيات الموجودة‪ ،1‬كما تعتبر مفهوم القوة المتغير األساسي‬
‫والرئيسي لتفسير واستيعاب السلوكية الدولية ويعد كل من نيكوالس سيبكمان‪ ،‬فريديك شومان‪،‬‬
‫جورج كينان‪ ،‬هانس مورغانتو ‪ ،‬هنري كيسنجر‪ ،‬ريمون أرون من أبرز المفكرين الذين تناولوا‬
‫موضوع القوة في العالقات الدولية بيد أن كتابات هانس مورغانتو أشمل وأوسع دراسة لموضوع‬
‫القوة ودوره ومكانته في العالقات الدولية ‪ .‬بحث يعتقد هانس مورغانتو ‪Hans Morgenthau‬‬
‫"أن السياسة الدولية ‪ ،‬ككل سياسة ‪ ،‬هي صراع من أجل القوة‪ .‬ومهما تكن األهداف النهائية للسياسة الدولية‪،‬‬
‫القوة هي دائما الهدف العاجل "‪.2‬‬
‫وبناءا على ذلك‪ ،‬يعتبر هانس مورغانتو أن عالقات الدول فيما بينها مبنية أساسا على‬
‫متغير القوة‪ .‬إذ أن سلوكيات الدول تدفعها حوافز الحصول على مزيد من القوة و التنافس من‬
‫أجل زيادة قوة كل دولة مهما كانت طبيعة الوسائل المتبعة في ذلك‪ ،‬و بالتالي تكون القوة هنا‬
‫وسيلة و غاية في نفس الوقت ‪ ،‬ألن العالقات الدولية محكومة دوما بعالقات القوة و الصراع‬
‫من أجل القوة ‪ .3‬و يقول فريدريك شومان أنه في نظام دولي الحكومة المشتركة من الضروري‬
‫لكل وحدة في هذا النظام أن تسعى لضمان أمنها‪ ،‬اعتمادا على قوتها الذاتية‪ ،‬و أن تنظر بحذر‬
‫إلى قوة الدول المجاورة لها‪ .‬وهي ما تعتمد عليه الحياة سواء باإلقناع أو اإلغراء و هذا حسب‬
‫ما ذهب إليه نيكوالس سيبكمان‪.‬‬
‫وفي تعريف آخر ألرلوند وولفرز ‪ Arnold Wolfers‬القوة هي القدرة على دفع اآلخرين‬
‫نحو عمل ما تريد و منعهم من عمل ما ال تريد‪ .‬فهو هنا يفرق بين القوة ‪ Power‬والنفوذ‬
‫‪ Influence‬أو التأثير‪ .‬فاألولى تعني تحريك اآلخرين بالتهديد أو معاقبتهم بالحرمان‪ ،‬أما النفوذ‬
‫والتأثير فيعني القدرة ‪ Capacity‬على تحريك اآلخرين بالوعد واإلغراء‪.4‬‬
‫يمكن القول إن القوة التي تعنيها التحليالت الواقعية ليست القوة العسكرية التقليدية‪ ،‬بل‬
‫"القوة الوطنية "‪ National Power‬بمفهومها الشامل من عناصرها ومكوناتها المادية وغير‬
‫المادية‪ .‬فهي حصيلة عدد كبير من المتغيرات‪ ،‬والتفاعل الذي يتم بين هذه المتغيرات هو الذي‬
‫يحدد في النهاية قوة الدولة‪ .‬وتتضح هذه القوة من خالل الحيوية االقتصادية‪ ،‬النفوذ السياسي‪،‬‬

‫‪ -‬ناصف يوسف حتي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -2‬عبد الناصر جندلي ‪ ،‬المرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪.298‬‬


‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.291‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬جيمس دورتي و روبرت بالستغراف ‪ ،‬المرجع السابق الذكر ص ‪.82‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪32‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أو القوة العسكرية‪ 1.‬وهناك مجموعة من األساليب التي يمكن للدول أن تمارس القوة من خاللها‬
‫منها‪ :‬أسلوب اإلقناع ‪ Persuasions‬واإلغراء ‪ Rewards‬و فرض العقوبات ‪Punishment‬‬
‫والتهديد باستخدام القوة المسلحة ‪.2 Armed Forces‬‬
‫وفي األخير‪ ،‬يمكن اإلشارة إلى أن طبيعة القوة غير قابلة للقياس الدقيق على الرغم من‬
‫وجود أسس وعناصر لقوة الدولة‪ ،‬وذلك ألن القوة ليست مطلقة‪ ،‬بل نسبية؛ ويجب مقارنتها بقوى‬
‫الدول األخرى‪ .‬وألنها أيضا ليست مستقرة على حال بل تتغير مع تغير عناصرها‪ ،‬فليس هناك‬
‫عامل واحد يمكن من خالله التحكم بالقوة‪ ،‬حتى لو كان ذلك العامل هو القوة العسكرية‪.3‬‬
‫فضال عن ذلك‪ ،‬يجعل الواقعيون من مفهوم المصلحة الوطنية ‪ National Interest‬معيا ار‬
‫أساسيا في فهم سلوك الدول الخارجي‪ .‬ذلك ألن الدول تامة السيادة في عالقاتها مع بعضها‬
‫البعض تستعمل سياستها الخارجية كوسيلة لتحقيق أهدافها المتعددة و المتنوعة التي تصب كلها‬
‫في قالب المصلحة الوطنية‪ .4‬وقد أستخدم هذا المفهوم ألول مرة كأداة تحليل سياسية لوصف‬
‫وتفسير وتقويم السياسات الخارجية للدول‪ ،‬و لتبرير أو رفض أو اقتراح سلوكا سياسيا معينا‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬يرى هانس مورغانتو أن المصلحة هي المقياس الدائم الذي يمكن على أساسه‬
‫تقويم و توجيه العمل السياسي‪ ،5‬بل هي جوهره تتحدد المصلحة بمؤشر القوة‪ .‬ففي عالم تسعى‬
‫فيه الدول ذات السيادة المتالك القوة ‪ ،‬فإن السياسة الخارجية لكل الدول يجب أن تكون قائمة‬
‫على اعتبار بقائها هو الحد األدنى من أهدافها‪ ،‬وما أن تضمن الدولة بقاءها حتى تسعى‬
‫لالهتمام بمصالح أخرى دون هذه المصلحة في األهمية‪ .‬و يفترض الواقعيون أن المصلحة التي‬
‫تتحدد بالقوة تعتبر مفهوما موضوعيا يتمتع بصالحية غير قابلة للجدل‪ ،‬ومع ذلك فإن مضامين‬
‫المصلحة ليست ثابتة بالنسبة لكل الدول‪ ،‬كما أنها ليست ثابتة على امتداد فترات زمنية تاريخية‬
‫متعاقبة‪.6‬‬

‫‪ -‬أنور محمد فرج ‪ ،‬المرجع الساق الذكر‪ ،‬ص ‪.114‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬عبد الناصر جندلي ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪،‬ص‪.211‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬أنور محمد فرج ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.110،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.291‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.211‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬جيمس دورتي و روبرت بالستغراف ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.10‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪33‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫والمصلحة الوطنية حسب جان باريا لها معنيين ‪:‬‬


‫معنى ذاتي ‪Subjective‬؛ المصلحة الوطنية هي كل ما استقرت عليه ق اررات السياسة الخارجية‪.‬‬
‫وهي مرتبطة باألهداف التي يصبوا إلى تجسيدها صناع القرار إلى واقع ملموس‪ ،‬من خالل‬
‫الوسائل واآلليات التي يعتمدونها في سياستهم الخارجية‪.‬‬
‫معنى موضوعي ‪Objective‬؛ تتمثل المصلحة الوطنية في البحث عن القوة‪ ،‬وهنا تكون‬
‫المصلحة الوطنية مرادفة للقوة‪.1‬‬
‫كما ينظر الواقعيون إلى ميزان القوى ‪ Balance of Power‬على أنه الوسيلة األساسية‬
‫لتحقيق السالم و استقرار الدول وفي هذا الصدد‪ ،‬يرى هانس مورغانتو بأن توازن القوى هو‬
‫أفضل وسيلة إلدارة استخدام القوة‪ ،‬و بأنه توزيع متساو – إلى حد ما‪ -‬للقوى أو أنه أي توزيع‬
‫للقوى ‪ .‬كما أنه ال يحقق السالم الدولي ‪ ، International Peace‬وانما اإلجماع الدولي‬
‫‪ ،International Consensus‬هذا األخير الذي يؤدي وظيفة توازن القوى‪ .2‬فقبل أن يفرض‬
‫توازن القوى قيودا على طموحات دولة معينة من خالل تجمع القوى المعارضة لهذه الدولة‪ ،‬فإن‬
‫على الدول المتنافسة أن تلزم نفسها بقبول نظام توازن القوى كإطار مشترك لمساعيها‪ ،‬ألن هذا‬
‫االتفاق يضبط الرغبة غير المحدودة للحصول على القوة التي قد تأخذ شكل العمل على بناء‬
‫امبريالي و يحول دون تحقيق ذلك‪.3‬‬
‫الواقعية الجديدة ‪:Neo-Realism‬‬
‫نشأت الواقعية الجديدة في السبعينيات من القرن العشرين في الواليات المتحدة األمريكية‪،‬‬
‫متزامنة بذلك مع فترة وصول الرئيس األمريكي الديمقراطي جيمي كارتر‪ Jemmy Carter‬إلى‬
‫سدة الحكم‪ ،‬و الذي اعتمدت إدارته على النظرة األخالقية‪ ،‬من خالل جعل حقوق اإلنسان أولى‬
‫أولويات أجندتها السياسية‪ .‬وهذا ما أكده روبرت كوكس ‪ Robert Cox‬في فكرة مفادها أن‬
‫الواقعية الجديدة هي ظاهرة أمريكية تعكس الخصوصيات المتميزة للحرب الباردة‪ ،‬تستعمل القوة‪،‬‬
‫العقالنية والفرضيات البنيوية لبناء نوع جديد من التفكير‪ - .4‬والواقعية الجديدة على الرغم من‬

‫‪ -‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.211‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.280‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬جيمس دورتي و روبرت بالستغراف ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.281‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪34‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أنها لم تحدث القطيعة التامة مع المسلمات النظرية للواقعية الكالسيكية‪ ،1-‬إال أنها جاءت‬
‫إلعادة تنظيمها وهيكلتها وتجديدها‪ ،‬آخذة بعين االعتبار مختلف االنتقادات الموجهة للواقعية‬
‫الكالسيكية من قبل العديد من المنظرين و المحللين في مختلف االتجاهات النظرية و التيا ارت‬
‫الفكرية للعالقات الدولية‪ .2‬ففي الوقت الذي ترى فيه الواقعية الكالسيكية‪ ،‬أن القوة هي غاية في‬
‫حد ذاتها‪ ،‬ترى الواقعية الجديدة أن القوة هي تجميع لقدرات الدولة العسكرية واالقتصادية‬
‫والتكنولوجية لتحدد سلوكها الخارجي‪ .‬بمعنى أن القوة وسيلة لتحقيق المصلحة الوطنية‪ .3‬كما‬
‫تذهب هذه النظرية إلى أن البحث عن القوة ليس بنتيجة غريزة حيوانية متأصلة في الطبيعة‬
‫البشرية‪ ،‬إنما ينتج أساسا عن توق شديد لألمن فانعدام األمن‪ .‬في نظام دولي يتسم بالفوضى‪،‬‬
‫يخلق ضغوطا على الدولة للحصول على أكبر قدر ممكن من القوة‪ .‬و إن اضطرار الدول‬
‫لزيادة ق وتها من أجل دعم أمنها‪ ،‬يؤدي إلى ازدياد انعدام األمن‪ ،‬و تدخل الدولة هنا في حلقة‬
‫مفرغة‪.4‬‬
‫وتركز الواقعية الجديدة على أهمية البنية في النظام الدولي ودورها في سلوك الدول‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬يعتقد كينيث والتز ‪ Kenneth Waltz‬أن التفاعل بين الدول يفرز بنية دولية‬
‫تم نع هذه الدول من اإلقدام على سلوكيات معينة‪ ،‬و تفرض عليها القيام بأفعال معينة‪ .‬فالتغير‬
‫في بنية وأجهزة النظام الدولي‪ ،‬تتطلب بالضرورة تغيرات مماثلة على مستوى السلوك الخارجي‬
‫لكل عضو في النظام الدولي‪ ،‬يمكن تفسيره والتكهن به‪ ،‬انطالقا من المكانة التي يحتلها هذا‬
‫العضو في هرم السلطة الذي تحدده بنية النظام الدولي‪ .5‬وتتسم الواقعية الجديدة بنوع من‬
‫الدوالتية ‪ .Statism‬فالدولة هي الفاعل األساسي التي تحدد بمصالحها وأنشطتها شكل و سمات‬
‫النظام الدولي‪.6‬‬
‫تتميز العالقات الدولية عند الواقعيين الجدد بالفوضى والصراع المتواصل‪ ،‬و التي تعني‬
‫غياب سلطة مركزية أو تنظيم هرمي للسلطة على مستوى النظام الدولي يكون كفيل بتنظيم‬
‫العالقات بين الدول‪ .‬وفي اعتقاد الواقعيين الجدد أن الدولة العقالنية هي التي تنظر إلى‬

‫‪ -‬حسين بوقارة‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.211‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.289‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬مبروك غضبان‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.119‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬ناصف يوسف حتي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬حسين بوقارة‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.211‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬ناصف يوسف حتي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.89 -81‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪35‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫العالقات الدولية على أنها عالقات قوة و صراع‪ .‬األمر الذي يجعل من االحتياطات الدفاعية‬
‫الضمان الحقيقي لمواجهة أي اعتداء داخلي أو خارجي‪ .1‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أن بين‬
‫النظامين الداخلي و الخارجي‪ ،‬يكمن في بنية كل منهما‪ .‬ففي إطار الشؤون الداخلية ال يتعين‬
‫على المواطنين أن يدافعوا عن أنفسهم‪ ،‬في حين الشؤون الدولية ال توجد في إطارها سلطة عليا‬
‫لمنع استخدام القوة و مواجهتها‪ .‬لهذا ال يمكن تحقيق األمن‪ ،‬إال بالعون الذاتي ‪، Self-Help‬‬
‫لكن أي دولة معنية ستذكي نار انعدام األمن تلقائيا لدى دول أخرى في سياق سعيها إلى تحقيق‬
‫األمن بنفسها‪ ،‬والمصطلح الذي يطلق على السلسة المتصاعدة من حاالت انعدام األمن هو‬
‫المعضلة األمنية ‪.2 Security Dilemma‬‬
‫وتضع الواقعية الجديدة أولوية األمن فوق غيرها من األهداف الممكنة أو المرجوة‪ .‬فكل‬
‫دولة تلعب دورها بما تمليه عليها االحتياجات األمنية ومكانتها في نظام توازن القوى بين الدول‪.‬‬
‫فهدف الواقعيين الجدد هو تحقيق أقصى ما يمكن من األمن القومي‪ ،‬و هم ال ينكرون أهمية‬
‫القوة العسكرية كمحدد أساسي للتأثير على الدول الكبرى و التحكم في عالقاتها و هذا ما أكده‬
‫كينيث وولتز في فكرته القائلة بأن الدولة العقالنية هي تلك التي تسعى إلى القوة عندما يكون‬
‫الهدف األمني قد تحقق‪ .‬هذا و لقد أدت فكرة األمن في الواقعية الجديدة إلى انقسام أنصارها‬
‫إلى فريقين‪ :‬المهاجمون و المدافعون‪ 3.‬الواقعية الهجومية ‪ Offensive Realism‬والتي يتزعمها‬
‫كل من‪" :‬كينيث وولتز" "روبرت جيرفس" ‪" ،Jervis Robert‬ستيفن والت" ‪،Stephe Walt‬‬
‫ر" ‪Stephen‬‬
‫"جورج كويستر" ‪" ، George Quester‬جاك سنايدر" ‪ "، Jack Snyder‬ستيفن فان إف ا‬
‫‪ .Van Evera‬هؤالء الباحثون يفترضون تزايد احتماالت الحرب بين الدول‪ ،‬كلما كانت لدى‬
‫بعضها القدرة على غزو دولة أخرى بسهولة‪ .‬لكن عندما تكون القدرات الدفاعية أكثر تيس ار من‬
‫القدرات الهجومية‪ ،‬فإنه يسود األمن وتزول حوافز النزعة التوسعية‪ .‬وعندما تسود النزعة‬
‫الدفاعية‪ ،‬ستتمكن الدول من التمييز بين األسلحة الدفاعية واألسلحة ذات الطابع الهجومي‪،‬‬
‫حينئذ يمكن للدول امتالك الوسائل الكفيلة بالدفاع عن نفسها دون تهديد اآلخرين‪ .‬وهي بذلك‬

‫‪ -‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.218‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬جون بيليس و ستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص ص ‪.111 -191‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.214‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪36‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تقلص من آثار الطابع الفوضوي للساحة الدولية‪ .1‬و القوة عند الواقعيين الهجوميين هي وسيلة‬
‫ذات أهمية قصوى لتعظيم المكاسب‪ ،‬معتبرين العالقات الدولية بأنها لعبة صفرية ‪Zero Sum‬‬
‫‪. Game2‬‬
‫أما بالنسبة للواقعية الدفاعية ‪ ،Defensive Realism‬يفترض أنصارها بأن الدول تسعى‬
‫للحفاظ على وجودها فقط‪ ،‬بينما تقدم القوى الكبرى ضمانات لصيانة أمنها عن طريق تشكيل‬
‫تحالفات توازنية بانتقاء آليات دفاعية عسكرية‪ ،‬مثل‪ :‬القدرات النووية االنتقامية‪ 3.‬ويري‬
‫الواقعيون المدافعون بتوافر األمن‪ ،‬رغم الفوضى التي تميز النظام الدولي‪ .‬والقوة _حسبهم_ هي‬
‫وسيلة لتحقيق األهداف الضرورية المرتبطة باألمن‪ ،‬معتبرين بأن العالقات الدولية هي عبارة‬
‫عن مأزق السجين ‪ .‬و ينظرون إليها كلعبة غير صفرية ‪.4 Non Zero Sum Game‬‬
‫يذهب العديد من رواد الواقعية الجديدة إلى أن إحدى المعوقات التي تقف في وجه التعاون هي‬
‫أن الدول تميل إلى االهتمام بالمكاسب النسبية أكثر من اهتمامها بالمكاسب المطلقة‪ .‬و يقول‬
‫هؤالء‪:‬‬
‫" أ نه بدال من اهتمام هذه الدول بالتعاون ألنه يحقق مصالح كل من أي دولتين متعاونتين‪ ،‬فإنه ينبغي أن‬
‫تكون الدول عموما على دراية بالمكاسب التي تحققها من هذا التعاون بالمقارنة مع المكاسب التي يحققها‬
‫الحد األقصى من المكاسب‬
‫الطرف المتعاون‪ ،‬و ألن الدول ستستمر في محاوالتها الدائمة للحصول على ّ‬
‫ضمن بيئة دولية تسودها الشكوك وانعدام الثقة‪ ،‬فإن التعاون يبقى دائما هدفا يصعب تحقيقه و الحفاظ‬
‫عليه"‪.5‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬يقول جوزيف جريكو ‪ " Grieco Joseph‬صديق اليوم يمكن أن يكون عدو‬
‫‪6‬‬
‫فاألمر‪ -‬حسبه‪ -‬ال يتعلق بمسألة‪ :‬هل تكسب كل الدول المشاركة في عملية التعاون‬ ‫الغد "‬
‫وانما يتعلق األمر بمسألة من ستكسب أكثر اذا وافقت الدول على التعاون؟‪ ،‬لذلك ينبغي على‬
‫الدول أن توجه انتباهها إلى المكاسب النسبية التي يحققها األخرون‪ ،‬وهو يقول‪ :‬مستطردا "أن‬

‫‪ -‬ستيفن وولت‪" ،‬العالقات الدولية ‪ :‬عالم واحد نظريات متعددة"‪ ،‬ترجمة ‪ :‬زقاغ عادل و زيدان زياني نقال‬ ‫‪1‬‬

‫‪Http//www.gcocils.com/adcel.2005.zeggagh/polreview.html‬‬
‫‪ -‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.211‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬ستيفن وولت‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.211‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬جون بيليس‪ "،‬األمن الدولي في حقبة الحرب ما بعد الباردة "‪ ،‬في ‪ :‬جون بليس و ستيف سميث ‪ ،‬عولمة السياسة العالمية‬ ‫‪5‬‬

‫‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.912‬‬


‫‪ -6‬أنور محمد فرج‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.929‬‬
‫‪37‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫القدرات وبصفة خاصة‪ ،‬مقدارها و نوعيتها مقارنة باألخرين‪ ،‬هي األساس المطلق ألمن و استقالل الدولة في‬
‫إطار المساعدة الذاتية للفوضى الدولية‪ .‬و نتيجة لذلك‪ ،‬يقر الواقعيون على أن الهدف األساسي للدول في أي‬
‫عالقة ليس الحصول على أعلى مكسب أو ربح فردي‪ .‬بل منع األخرين من تحقيق تقدم في قدراتهم النسبية‬
‫‪1‬‬
‫بدال من ذلك"‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المنظور الليبرالي‬
‫تعود الليبرالية بجذورها التاريخية إلى ما قبل ظهورها كنظرية في العالقات الدولية‪،‬‬
‫وتمثل ذلك في إسهامات العديد من المفكرين‪ ،‬مثل‪" :‬إيمانويل كانط" ‪ Emmanuel Kant‬في‬
‫عمله مشروع السالم الدائم ‪2141‬م‪ ،‬آدم سميث في العالقات الدولية و كذلك جيرمي بينتام‪.2‬‬
‫وتعتبر الحرية الفردية المبدأ األساسي الذي انطلقت منه األيديولوجية الليبيرالية‪ .3‬وقد‬
‫نشأ التفكير الليبرالي بشأن العالقات الدولية‪ ،‬مقترنا بالخطط المتعلقة بالسالم‪ ،‬والتي أفصح عنها‬
‫الفالسفة ورجال الدين منذ أوائل القرن السادس عشر‪ ،‬أين رفض الليبراليون األوائل الفكرة‬
‫القائلة‪:‬‬
‫"إن الصراع وضع طبيعي للعالقات بين الدول‪ ،‬و ال يمكن تلطيف حدته إال من خالل اإلدارة الحريصة للقوة‬
‫عبر سياسات ميزان القوى و إقامة التحالفات ضد الدولة التي تهدد النظام الدولي"‪.4‬‬
‫ففي عام ‪ 2121‬م‪ ،‬أفصح إراسموس ‪ Erasmus‬ألول مرة عن موضوع ليبرالي مألوف‪،‬‬
‫وهو أن الحرب ال طائل تحتها‪ .‬وللتغلب عليها‪ ،‬فإنه يتوجب على ملوك أوروبا أن يرغبوا في‬
‫السالم ‪.5‬‬
‫والليبرالية كنظرية في العالقات الدولية تمثل احدى النظريات الكبرى ‪،Grand theories‬‬
‫وهي عبارة عن مجموعة من األفكار وتعبير عن اتجاهات متعددة‪ .6‬حيث كان للفكر الليبرالي‬
‫تأثي ار كبي ار على النخب صانعة القرار و على الرأي العام في عدد من الدول الغربية‪ ،‬و كان‬
‫ذلك بعد الحرب العالمية األولى‪ .‬وهي الفترة التي كان يشار إليها في العالقات الدولية‬
‫بارز مع ظهور هيئة األمم المتحدة‪ ،‬وكان ذلك‬
‫ا‬ ‫األكاديمية بالمثالية‪ .‬و شهدت الليبرالية تطو ار‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Richard Bellamy, Liberalism and Pluralism Towards a politics of compromise, London and New York,‬‬
‫‪Routledge, First published, 1999, p 5.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- William A Galston , Liberal Pluralism: The Implications of Value Pluralism for Political Theory and‬‬
‫‪Practice , Cambridge university press, First published in printed format,2002, p 9.‬‬
‫‪ -‬جون بيليس و ستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.121‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.121‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬مبروك غضبان ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.114‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪38‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مع نهاية الحرب العالمية الثانية‪ .‬لكن سرعان ما عرفت تراجعا جراء عودة سياسة القوة المقترنة‬
‫بالحرب الباردة‪ .‬شهدت نهاية الحرب الباردة انبعاث الليبرالية‪ ،‬أين أعلن زعماء الدول الغربية‬
‫عن بروز نظام دولي جديد‪.1‬‬
‫يقوم المنظور الليبرالي على الفرضيات األساسية التالية ‪:‬‬
‫الدولة ليست فاعل موحد في السياسة العالمية‪ ،‬بل هناك مصالح متنافسة داخليا‪ ،‬وأحيانا‬ ‫‪‬‬

‫متعارضة في صنع السياسة الخارجية بين المراكز البيروقراطية وجماعات المصالح‬


‫والضغط والمؤسسات اإلعالمية‪ 2،‬وغيرها من الشركات متعددة الجنسيات‪ ،‬واألطراف الفاعلة‬
‫التي تتخطى الحدود الوطنية كالجماعات اإلرهابية والمنظمات الدولية‪ .3‬ومن جانب آخر‪،‬‬
‫أصبح تعريف الفاعلين كل أولئك الذين تؤثر ق ارراتهم على الموارد والقيم‪ ،‬والذين يؤثر أحدهم‬
‫على اآلخر فيما وراء الحدود‪ .‬والمسألة ال تتعلق بأهمية الدول‪ ،‬بل هي أن المزيد من هذه‬
‫القوى أصبح يمارس تأثي ار على المحصلة النهائية في السياسة العالمية‪ 4.‬وفي هذا السياق‪،‬‬
‫يعتقد الليبراليون أنه ال يوجد شيء يسمى بالمصلحة الوطنية ‪ ،‬ألنها ال تمثل سوى ما ينجم‬
‫عن سيطرة المنظمات البيروقراطية على عملية اتخاذ القرار داخل بلد معين ‪.5‬‬
‫يشدد الليبراليون على فرص ا لتعاون‪ ،‬وتصبح المسألة الكبرى هنا تهيئة األجواء التي يمكن‬ ‫‪‬‬

‫فيها تحقيق التعاون على أفضل وجه‪ .‬والسياسة العالمية عبارة عن منظومة معقدة‬
‫للمساومات و التفاوض بين أنواع مختلة من الفواعل ‪.6‬‬
‫يؤكد الليبراليون على أن مناخ العالقات الدولية هو أقرب إلى حالة االعتماد المشترك منه‬ ‫‪‬‬

‫إلى حالة الفوضى والحرب‪ .‬فهناك نوع من النظام الدولي أخذ في االتساع والتكامل‪ .‬وأن‬
‫اهتمامات الدول في عالقاتها الدولية أصبحت تنصب على قضايا التطور التقني‬
‫واالقتصادي‪ ،‬وذلك على ح ساب القضايا األمنية‪ ،‬مما أدى إلى بروز مناخ من التفاهم‬
‫والتعاون بين الدول ‪.7‬‬

‫‪ -‬جون بيليس وستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.129‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬أنور محمد فرج ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.119‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬جون بيليس و ستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 1‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬أنور محمد فرج ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.119‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -5‬جون بيليس و ستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.1‬‬


‫‪-‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪. 4‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ -‬أنور محمد فرج ‪ ،‬المرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 141‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪39‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫القوة العسكرية مهمة و لكن ليس هي كل شيء كما يعتقد الواقعيون و النظام ال يبرز من‬ ‫‪‬‬

‫توازن القوى ولكن من التفاعل بين العديد من األعمدة الحاكمة للترتيبات والقوانين المصاغة‬
‫و المعايير المتفق عليها و النظم الدولية و القواعد المؤسساتية‪.‬‬
‫ال يعتقد الليبراليون أن السيادة مهمة على صعيد الممارسة‪ ،‬كما يعتقد الواقعيون أنها كذلك‬ ‫‪‬‬

‫على الصعيد النظري‪ ،‬قد تكون هناك دول ذات سيادة من الناحية القانونية‪ .‬لكن واقعيا‬
‫عليها أن تتفاوض مع جميع أنواع العناصر الفاعلة األخرى لتجد ‪ -‬في النتيجة‪ -‬أن حريتها‬
‫في التصرف تقلصت إلى حد خطير‪ .‬وحسب الليبراليين فإن الترابط أو االعتماد المتبادل‬
‫‪ Interdependence‬بين الدول سمة مهمة جدا في ميدان السياسة العالمية‪.1‬‬
‫ثمة عدد كبير من النظريات داخل المنظور الليبرالي مثل ‪ :‬الليبرالية الدولية ‪Liberal‬‬
‫‪ Internationalism‬لعصر التنوير‪ ،‬بحيث يذهب أنصار هذا االتجاه إلى أن النظام الطبيعي‬
‫قد أفسده قادة الدول والسياسات التي عفا عليها الزمن مثل ميزان القوى‪ .‬وهم يعتقدون أن‬
‫االتصال بين شعوب العالم‪ ،‬عبر التجارة أو السفر‪ ،‬سوف يسهل إيجاد شكل أكثر مسالمة‬
‫للعالقات الدولية‪ .‬في حين يذهب أنصار الليبرالية المثالية ‪ Liberal Idealism‬لما بين الحربين‬
‫العالميتين إلى ضرورة إقامة منظمة دولية لتسهيل التغير السلمي‪ ،‬نزع السالح‪ ،‬التحكيم والتنفيذ‬
‫عند الضرورة ‪.2‬‬
‫عموما يمكن القول أن الليبرالية مرت بمرحلتين أساسيتين‪ ،‬هما‪ :‬الليبرالية الكالسيكية‬
‫والليبرالية الجديدة‪ .‬وفي هذه الدراسة سوف ينصب تركيزنا على المنظور الليبرالي الجديد‪،‬‬
‫منطلقين من فكرة أساسية مفادها أن االعتماد المتبادل في الجانب االقتصادي‪ ،‬سوف يثني‬
‫الدول عن استخدام القوة ضد بعضها البعض‪ ،‬ألن الحرب تهدد حالة الرفاه لكال الطرفين‪.‬‬
‫ويمكن اإلشارة هنا أنه تندرج في إطار الليبرالية الجديدة مجموعة من النظريات منها‪ :‬الليبرالية‬
‫التجارية ‪ Commercial Liberalism‬التي تركز على طبيعة االعتماد المتبادل‪ ،‬و تعزز فكرة‬
‫التجارة الحرة والتجارة عبر حدود الدولة‪ ،‬على افتراض أن الترابط بين الدول‪ ،‬سيقلل الحوافز‬
‫على استعمال القوة‪ ،‬كما أنه سيرفع كلفة استعمالها ‪ .3‬فضال عن ذلك‪ ،‬نجد نظرية السالم‬
‫الديمقراطي ‪ Democratic Peace Theory‬التي تركز على الحجة القائلة ‪:‬‬

‫‪ -‬مبروك غضبان ‪ ،‬المرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص ‪192‬‬ ‫‪1‬‬

‫جون بيلس‪ ،‬ستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -3‬مارتن غريفيتش و تيري أوكال هان ‪،‬المفاهيم األساسية في العالقات الدولية ‪،‬مركز الخليج لألبحاث ‪،‬ص ‪.191‬‬
‫‪40‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫"إن الدول الديمقراطية ال تميل إلى محاربة الدول الديمقراطية األخرى ‪ .‬لذا فهي تعتبر الديمقراطية مصد ار‬
‫رئيسا للسالم "‪.1‬‬
‫باإلضافة إلي ذلك‪ ،‬نجد الليبرالية المؤسساتية‪ ،‬إذ أنه أصبح ينظر للمؤسسات كعامل‬
‫مسهل للتعاون‪ ،‬طالما أن ذلك يتماشى مع مصلحة الدول‪ .‬لكن ما يمكن قوله هو أن جميع‬
‫النظريات الليبرالية يطغى عليها النزعة التعاونية وان كانت بتوليفات مختلفة‪.2‬‬
‫ففي الوقت الذي تركز فيه الواقعية الجديدة على مسائل األمن القومي والقوة العسكرية‬
‫والبقاء القومي للدولة باعتبارها تشكل القضايا التي ترتبط ببقاء الدولة و ال يمكن التفريط فيها أو‬
‫تقديم أية قضية عليها في األهمية و تسميتها بقضايا السياسة العليا‪ ،3‬تؤكد الليبرالية الجديدة‬
‫على مسائل التعاون واالهتمام باالقتصاد السياسي الدولي‪ .4‬فالقوة العسكرية لم تعد القوة الوحيدة‬
‫الرئيسة بل أصبحت القوة االقتصادية وغيرها من أشكال القوة تمثل عناصر هامة في القوة‬
‫السياسية‪ .‬فالدول المنتجة للنفط مثال تلعب دو ار كبي ار في العالقات الدولية‪ ،‬رغم أنها ال تتمتع‬
‫بقوة عسكرية‪ .‬ومن هنا ترى النظرية الليبرالية الجديدة أن االعتبارات االقتصادية هي عوامل‬
‫مهمة في اتخاذ ق اررات السياسة الخارجية للدول‪ .‬فعلى كل الدول الغنية و الفقيرة أن تزن بحذر‬
‫المضامين السياسية ألي تغير في السياسة‪.5‬‬
‫يذهب أنصار هذه النظرية على أن التفاعل الذي يحدث بين مجموعات سياسية‬
‫واقتصادية و اجتماعية في النظام الدولي يساهم في تبلور شبكة من المصالح المتكاملة‬
‫والمتداخلة مع مستويات رسمية وغير رسمية مختلفة‪ .‬ذلك ألن انتشار بعض الفواعل الداخلية‬
‫إلى خارج إقليم الدولة باإلضافة إلى نشاط الفواعل فوق القومية كالشركات متعددة الجنسية‪،‬‬
‫المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية‪ 6‬واالنتشار السريع لتكنولوجيا االتصاالت الكونية‪،‬‬
‫أدى إلى خلق شبكة من التفاعالت ساهمت في تقويض صالحيات الدول‪ ،‬وحولت االهتمام من‬
‫مسائل األمن العسكري إلى قضايا االقتصاد والرفاه االجتماعي‪ .‬وبالرغم من جدة هذه التحوالت‪،‬‬
‫إال أن المنطق الذي تقوم عليه بسيط جدا‪ .‬فطالما أن المجتمعات أصبحت مرتبطة ببعضها‬

‫‪ -1‬جون بيليس و ستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.911‬‬


‫‪ -‬ستيفن وولت ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬أنور محمد فرج ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.928‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -4‬مبروك غضبان‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.191‬‬


‫‪ -5‬جون بيليس و ستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.911‬‬
‫‪ -‬حسين بوقارة‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.211 -211‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪41‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫بشبكة من االرتباطات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فإن التكاليف المرتفعة لفك هذه االرتباطات‬
‫سوف تردع التحركات االنفرادية للدول‪ ،‬وخاصة االستعمال المنفرد للقوة‪ .1‬وفي هذا السياق‪،‬‬
‫يؤكد أنصار هذا االتجاه أن االعتماد المتبادل في المجال االقتصادي خاصة فيما يتعلق‬
‫بمنتجات حيوية واستراتيجية‪ ،‬يجعل الحروب بمثابة الخيار غير العقالني‪ .‬فكلما كانت‬
‫االتصاالت بين األمم قوية‪ ،‬كلما قلت احتماالت المواجهة العسكرية وتعاظمت فرص السالم ‪.2‬‬
‫ويرى أنصار الليبرالية الجديدة بأن درجة عالية من االعتماد تؤدي إلى تعاون أكبر بين الدول‪،‬‬
‫ويدعم االستقرار في النظام الدولي‪ .‬في حين يذهب أنصار الواقعية إلى أن الدول تسعى‬
‫للسيطرة‪ ،‬ولذلك فإن االعتماد الزائد‪ ،‬يؤدي إلى الصراع و عدم االستقرار‪.3‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يمكن اإلشارة إلى أن االعتماد المتبادل ظاهرة عبر‪ -‬قومية معقدة‪،‬‬
‫تتضمن أنماطا تفاعلية متعددة األبعاد ومتعددة القطاعات بين الدول اقتصاديا‪ ،‬سياسيا‪ ،‬عسكريا‬
‫واجتماعيا ‪ ،‬ينتج عنها درجة عالية من حساسية التفاعالت بين أعضاء النظام للتغيرات التي‬
‫تقع في إطار أحدهم‪ .‬كما ينتج عنها درجة عالية من قابلية هؤالء األعضاء للتأثر بالقوى‬
‫واألحداث الخارجية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتوقف عليها مدى قدرتهم على مواجهة أو عدم مواجهة أعباء‬
‫وتكلفة هذه التأثيرات الخارجية‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن االعتماد المتبادل يتوقف على المؤشرات التالية‪:‬‬
‫حجم المعامالت التي تتم بين الفاعلين الرئيسيين في النظام‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫درجة حساسية الفاعلين الدوليين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫قابلية الفاعلين للتأثر بالعوامل الخارجية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫توافر أطر مؤسسية للتفاعل بين الوحدات الدولية‪.4‬‬ ‫‪‬‬

‫وخالل عقد الثمانينات من القرن العشرين‪ ،‬ظهرت الليبرالية المؤسساتية الجديدة‪ .‬ويعتبر‬
‫كل جوزيف ناي و روبرت كيوهين أهم روادها‪ .‬و السؤال الجوهري للبحث بالنسبة لهذه النظرية‬
‫هو كيفية تعزيز و تشجيع التعاون في ظل نظام دولي يتسم بالفوضى والتنافس الحاد بين‬
‫الدول‪ .5‬وقد ركزت على المبادئ التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬ستيفن وولت ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬حسين بوقارة‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.214 -211‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -3‬أنور محمد فرج ‪ ،‬المرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.912‬‬


‫‪ -4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.141 -142‬‬
‫‪ -5‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.902‬‬
‫‪42‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الطرف الفاعل (‪)Actor‬؛ يعتبر أنصار هذه النظرية بأن الدولة هي الممثل الشرعي للمجتمع‬ ‫‪‬‬

‫على الرغم من أن كيوهين أكد على أهمية األطراف الفاعلة من غير الدول في عمله السابق‬
‫عن التعددية‪ ،‬فإن فهمه لهذه النظرية الجديدة‪ ،‬يقر أن األطراف الفاعلة من غير الدول تخضع‬
‫للدول‪.‬‬
‫البنية (‪)Structure‬؛ يسلم الليبراليون بشكل عام بالوضع البنيوي للفوضى في النظام الدولي‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫لكن الفوضوية هنا ال تعني بأن التعاون بين الدول غير ممكن كما يبين ذلك وجود وتوسيع‬
‫النظم الدولية باختصار النظم والمؤسسات الدولية‪ ،‬يمكن أن تلطف من الفوضوية عن طريق‬
‫تقليص تكاليف التحقق و تعزيز المعاملة بالمثل و دعم التبادل‪ .1‬وحسب كيوهين فإن الفوضى‬
‫تعني غياب حكومة عالمية‪ ،‬و لكن هذه الصورة الثابتة للسياسات العالمية تسمح بتنوع في‬
‫أنماط التفاعل بين الدول‪.2‬‬
‫العملية (‪)Process‬؛ إن التكامل على المستويين اإلقليمي و الدولي في تزايد‪ .‬وهنا يعتبر‬ ‫‪‬‬

‫التوجه المستقبلي لالتحاد األوروبي حالة اختبار حاسمة بالنسبة للمذهب الليبرالي المؤسسي‬
‫الجديد‪.‬‬
‫الحافز (‪)Motivation‬؛ تدخل الدول في عالقات تعاونية حتى ولو كانت دولة أخرى ستكسب‬ ‫‪‬‬

‫أكثر من التفاعل‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن المكاسب المطلقة تعد أكثر أهمية بالنسبة للمذهب‬
‫‪3‬‬
‫المؤسسي الليبرالي الجديد من المكاسب النسبية ‪.‬‬
‫ذلك ألن الليبراليين الجدد يعتقدون بأن القادة أكثر إهتماما بمستوى مكاسبهم المطلقة‬
‫ويفضلون المردود الذي يحقق لهم أكثر ما يمكن بصرف النظر عما يتلقاه منافسوهم‪ .‬و يمكن‬
‫التعبير عن هذه الفكرة بطريقة أخرى‪ ،‬حيث أن أصحاب النظرية الليبرالية الجديدة تقلقهم كيفية‬
‫زيادة حجم الكعكة‪ ،‬بحيث يتسنى للجميع كسب قطع أكبر منها‪ ،‬بينما الواقعيون الجدد قانعون‬
‫بأنه مهما كان حجم الكعكة كبير‪ ،‬فإن كل شريك سوف ينظر بإمعان إلى حجم القطعة التي‬
‫يجنيها من الكعكة‪ ،‬مقارنة مع ما يحصل جاره‪ .4‬من خالل ذلك‪ ،‬يعتقد منظرو المؤسسة الجديدة‬
‫أن وجهة نظر الواقعية تجاه ا لمكاسب النسبية تنطبق فقط على العالم ثنائي القطبية‪ .‬ومن ثم‬

‫‪ -‬جون بيليس و ستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -2‬أنور محمد فرج‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.920‬‬


‫‪ -‬جون بيليس و ستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.181 -182‬‬


‫‪43‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فإن مقولة الواقعية المتعلقة بأن المكاسب النسبية تعوق من إمكانيات التعاون الدولي ليست‬
‫عامة‪ .‬ووفقا لدونكان سنيدال ‪ Duncan Snidal‬يكون للمكاسب النسبية األثر الهام في حالة‬
‫صغر الدول وعدم التناسق بينهما‪ ،‬على سبيل المثال تكون الدولة األصغر أكثر اهتماما‬
‫بتداعيات المكاسب النسبية الناتجة عن دخولها في ترتيبات تعاونية مع دول أكبر منها‪ .‬ولكي‬
‫تتغلب الدولة األكبر على عدم رغبة الدولة األصغر في التعاون معها‪ ،‬فإنها تخصها بنصيب‬
‫أكثر من نتائج التعاون‪ .‬ومن ثم فإن التوزيع غير المتساوي للمكاسب المطلقة‪ ،‬قد يكون‬
‫ضروريا لتسهيل ابرام االتفاقيات التعاونية بين دول مختلفة الحجم والقوة ومهتمة بالمكاسب‬
‫النسبية‪ .‬ومن ثم فإن مقولة المكاسب تعيق من فرص التعاون ليست مطلقة‪.1‬‬
‫الليبرالية المؤسسية الجديدة ال تدعي بأنه من السهل إيجاد االتفاق الدولي أو المحافظة‬
‫عليه‪ ،‬و لكنها تفترض بأن مقدرة الدول على االتصال و التعاون تعتمد على مؤسسات من‬
‫صنع البشر التي تختلف تاريخا و عبر قضايا مختلفة في الطبيعة والقوة‪ .2‬وهذه المؤسسات –‬
‫حسبهم‪ -‬تجعل الشعوب تعتقد أنه لن تكون هناك صراعات‪ .‬وهي تحاول أن تمدد ظالل‬
‫المستقبل وتقلل حدة المعضلة األمنية‪ ،‬وتخفف آثار الفوضى الدولية‪ ،‬وتؤدي المؤسسات إلى‬
‫استقرار اآلمال من خالل أربعة سبل‪:‬‬
‫توفر اإلحساس باالستم اررية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫توفر المؤسسات الفرصة لتبادل االمتيازات بين الدول‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫تتيح المؤسسات فرصة لتبادل المعلومات‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫تتيح المؤسسات سبال لحل المنازعات‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬

‫وأن هذه المؤسسات التي تنجح في تسهيل التعاون لتبادل المنافع‪ ،‬سوف تصبح على قدر‬
‫من األهمية للدول لما توفره لها من فرص‪ .‬و لذلك سوف تكتسب قد ار من االستمرار‪ ،‬كما ستقيد‬
‫قواعدها الحكومات من حيث ممارستها للقوة‪ .‬و إن كان هذا ال يمنع من استمرار الدول في‬
‫محاولة الوصول إلى غاياتها بما في ذلك زيادة مكاسبها من خالل استخدام النفوذ السياسي‪ ،‬إال‬
‫أن ممارسة النفوذ لم تعد تعتمد على القدرات المادية فقط بل‪ ،‬على العالقة بين الغايات‬
‫والوسائل أيضا من ناحية‪ ،‬و قواعد و ممارسات المؤسسات الدولية من ناحية أخرى‪ .‬في حين‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.929‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.901‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫‪44‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تذهب الواقعية الجديدة إلى أن الدول األكثر قوة في النظام الدولي تخلق و تشكل المؤسسات‬
‫لكي تحافظ أو تزيد من نصيبها من القوة العالمية‪ .‬وعليه تتمثل نظرتها للمؤسسات في أنها‬
‫ساحات لممارسة عالقات القوة ‪ Arenas for acting out power relationships‬وتخدم الدول‬
‫ذات القوة على حساب الدول الضعيفة‪. 1‬‬
‫ترتبط الليبرالية المؤسسية الجديدة بنظام دولي يتوفر فيه شرطان أساسيان‪:‬‬
‫يجب أن يكون بين الفاعلين من الدول و غيرها مصالح متبادلة يرجى الحصول عليها نتيجة‬ ‫‪.1‬‬

‫لعملية التعاون‪.‬‬
‫أن يكون في درجة المأسسة يمارس تأثي ار قويا على سلوك الدول‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬يقر كيوهين بأنه يتناول إمكانية تنظيم التعاون في االقتصاد السياسي‬
‫الدولي عندما توجد هناك مصالح عامة مشتركة‪ ،‬و ال يبحث في كيفية ايجاد المصالح‬
‫المشتركة بين الدول‪ .‬وهي تحاول فحص الظروف التي من خاللها يمكن أن تؤدي هذه‬
‫المصالح إلى تعاون‪.2‬‬
‫تفترض الليبرالية المؤسسية الجديدة إمكانية التعاون الدولي على الرغم من الطبيعة‬
‫الفوضوية للنظام العالمي‪ .‬و قد أوضح مؤسسو هذه النظرية_ من خالل تحليل محنة السجين‬
‫المتكررة و نماذج انهيار السوق_ أنه بإمكان الدول القومية تقوية روابط التعاون فيما بينها‬
‫وتعزيزها‪ ،‬و ذلك عن طريق خلق أنظمة أو إجراءات خاصة بمراقبة الغش و تقليل تكاليف نقل‬
‫المعلومات و تسهيل عقد الصفقات في عالقاتها البينية المتبادلة‪ .3‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول‬
‫كيوهان‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫" إن التعاون ليس شيئا تلقائيا‪ ،‬بل يحتاج إلى التخطيط و المفاوضات "‬
‫وفضال عن ذلك‪ ،‬يشير أنصار الليبرالية المؤسسية الجديدة إلى أهمية المؤسسات‬
‫األوروبية االقتصادية و السياسية في التغلب على العداوة التقليدية بين الدول األوروبية والى‬
‫التطورات التي تجري ضمن االتحاد األوروبي وحلف الشمال األطلسي في فترة ما بعد الحرب‬
‫الباردة‪ ،‬ليبينوا أنه _ من الواضح _ أن الدول نفسها من خالل استثمار موارد كبيرة تؤمن‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.921‬‬


‫‪.901‬‬ ‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.909‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪45‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫بأهمية المؤسسات‪ .‬و انطالقا من هذا النوع من الحجج‪ ،‬فلو كانت الدول تتأثر فقط بالحسابات‬
‫الضيقة للقوة‪ ،‬لتالشى االتحاد األوروبي و الناتو مع نهاية الحرب الباردة‪ ،‬ولكن الذي حدث في‬
‫الواقع هو العكس‪ .‬فكالهما محتفظان بحيويتيهما لحد اآلن‪ .‬ولكن تجدر اإلشارة هنا إلى أن‬
‫المؤسسات ال تمنع حدوث الحروب‪ ،‬بل بوسعها تخفيف مخاوف الغش و تلطيف المخاوف التي‬
‫تنشأ _في بعض األحيان_ من المكاسب غير المتكافئة الناجمة عن التعاون‪ .‬فمن غير‬
‫المحتمل أن تستأصل المؤسسات الدولية ذاتها الحروب من النظام الدولي‪ ،‬لكنها تستطيع لعب‬
‫دور في تحقيق المزيد من التعاون بين الدول‪.1‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المنظور البنائي‬
‫تعود الجذور التاريخية للنظرية البنائية إلى القرن الثامن عشر في كتابات الفيلسوف‬
‫اإليطالي جيامباتيستا فيكو ‪ ، Giambattista Vico‬والذي ‪-‬حسبه ‪ -‬أن العالم الطبيعي هو من‬
‫خلق اهلل‪ ،‬لكن العالم التاريخي ‪ Historical World‬هو من صنع اإلنسان‪ .‬غير أن البنائية‬
‫برزت كنظرية قائمة بحد ذاتها في العالقات الدولية مع نهاية الحرب الباردة‪ ،‬و بالتحديد مع‬
‫أواخر عقد الثمانينيات من القرن العشرين‪ ،‬بسب إخفاق نظريات االتجاه التفسيري في التنبؤ‬
‫بنهاية الحرب الباردة ‪ ،2‬وفي استباق هذا الحدث‪ ،‬كما أنها وجدت صعوبة كبيرة في تفسيره‪،‬‬
‫بينما تمتلك البنائية تفسي ار له‪ ،‬خصوصا ما يتعلق بالثورة التي أحدثها ميخائيل غورباتشوف في‬
‫‪3‬‬
‫السياسة الخارجية السوفيتية باعتناقه أفكا ار جديدة كاألمن المشترك ‪.Common Security‬‬
‫يعد نيكوالس أوناف ‪ Onuf Nicolas‬أول من استخدم مصطلح البنائية في حقل العالقات‬
‫الدولية عام‪ 2414‬م‪ .4‬و ذلك في كتابه‪ ":‬عالم من صنعنا"‬
‫‪World of Our Making : Rules and Rule in Social Theory and International‬‬
‫‪Relations.‬‬
‫والمقال المرجع أللكسندر وندت الملقب بأب البنائية الصادر عام ‪2441‬م‪ 5،‬و المعنون ب‪:‬‬
‫"الفوضى هي ما تصنعه الدول‪ :‬البناء اإلجتماعي لسياسة القوة"‬
‫‪Anarchy is What States Make of it : the Social Construction of Power Politics.‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.911‬‬


‫‪ -2‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪ -3‬ستيفن وولت‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪- Alxender Wendt, Social Theory Of International Politics, Cambridge University Press, p 1.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ -5‬عمار حجار‪ ،‬السياسة المتوسطية الجديدة لالتحاد األوروبي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماجستير في العالقات الدولية‪ ،‬جامعة‬
‫باتنة‪ ،‬جوان ‪ ،1001‬ص‪90‬‬
‫‪46‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫والذي يعتبرها منهج للعالقات الدولية ‪ ،‬يفترض مايلي‪:‬‬


‫‪ ‬أن الدول هي الوحدات األساسية للتحليل‪.‬‬
‫‪ ‬تذاتانية ‪ Inter-Subjectivity‬البنى األساسية للنظام القائم على الدول‪.‬‬
‫‪ ‬تتشكل هويات ومصالح الدول في إطار نسق مترابط بفعل البنى االجتماعية ضمن النظام‪.1‬‬
‫وبذلك تعد البنائية مقاربة مميزة للعالقات الدولية‪ .‬فهي تشدد على البعد االجتماعي أو الذاتي‬
‫المشترك للسياسة العالمية‪ .‬ويعتبر البنائيون أن العالقات الدولية ال يمكن حصرها بأفعال‬
‫وتفاعالت عقلية ضمن قيود مادية كما يدعي بعض الواقعيين‪ ،‬أو ضمن قيود مؤسسية على‬
‫المستويين الدولي والمحلي كما يدعي بعض الليبراليين‪ .‬فبالنسبة للبنائيين ال يندرج التفاعل بين‬
‫الدول ضمن المصالح القومية المحددة‪ ،‬ولكن يجب أن يتم إدراكه بصفته نمطا من األعمال‬
‫يصوغ الهويات وتعمل هي على صوغه عبر الزمن‪ .‬وتقدم البنائية االجتماعية ‪ -‬خالفا‬
‫للمقاربات النظرية األخرى ‪ -‬نموذجا عن التفاعل الدولي الذي يدرس التأثير المعياري للهيكليات‬
‫المؤسسية األساسية وللصلة القائمة بين التغيرات المعيارية وهوية الدولة ومصالحها‪ .2‬ففي‬
‫الوقت الذي تميل فيه كل من الواقعية والليبرالية إلى التركيز على العوامل المادية‪ ،‬فإن المقاربة‬
‫البنائية تركز على تأثير األفكار‪ ،‬وبدال من النظر إلى الدولة كمعطى مسبق واالفتراض أنها‬
‫تعمل من أجل بقائها‪ ،‬يرى البنائيون أن المصلحة والهوية تتفاعالن عبر عمليات اجتماعية‬
‫(تاريخية) ‪ -‬كما يولون أهمية بالغة للخطاب السائد في المجتمع‪ ،‬ألن الخطاب يعكس ويشكل‬
‫‪ -‬في الوقت ذاته ‪ -‬المعتقدات والمصالح‪ ،‬ويؤسس أيضا لسلوكيات تحظى بالقبول‪ 3.‬فالبنائيون‬
‫–إذن‪ -‬ينظرون إلى الواقع نظرة تذاتانية‪ ،‬موجودة بفعل االتصال االجتماعي الذي يفسح المجال‬
‫واسعا أمام تقاسم المعتقدات والقيم‪ .‬إذ أن الفهم والوعي الجماعي و المعايير القيمة‪ ،‬كلها‬
‫عناصر تساهم في إضفاء طابع يساهم في تشكيل الواقع‪ .‬إلى جانب ذلك‪ ،‬ترفض البنائية ما‬
‫يسمى بصورة كرة البليار ‪ Billiard Ball Image‬للعالقات الدولية ‪ ،‬ألنها فشلت – في‬
‫نظرها – في إبراز أفكار ومعتقدات الفاعلين في اختيار ما يوجد بداخل كريات البليار للوصول‬
‫إلى إدراك تصور معمق بشأن تلك الصراعات‪ 4.‬ورغم أن التحليل البنائي ال يستبعد متغير‬

‫‪ -1‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.111‬‬


‫‪ -‬مارتن غريفيتش و تيري أوكال هان‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪،‬ص ‪.201‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬ستيفن وولت ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬عبد الناصر جندلي ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.111 -111‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪47‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫القوة‪ ،‬إال أن البنائية ترتكز – باألساس‪ -‬على كيفية نشوء األفكار والهويات‪ ،‬والكيفية التي‬
‫تتفاعل بها مع بعضها البعض‪ ،‬لتشكل الطريقة التي تنظر بها الدول إلى مختلف المواقف‪،‬‬
‫وتستجيب لها تبعا لذلك‪.‬‬
‫من خالل ما سبق‪ ،‬يتضح أن معرفة ما إذا كان األوروبيون ينظرون إلى أنفسهم بمنظور‬
‫وطني أم بمنظور قاري‪ ،‬ينطوي على أهمية تحليلية كبيرة‪ ،‬وينسحب األمر ذاته عما إذا كان‬
‫األلمان واليابانيون سيعملون على إعادة النظر في ماضيهم‪ ،‬بحيث يتبنون أدوا ار خارجية فاعلة‪،‬‬
‫وعما إذا كانت الواليات المتحدة األمريكية ستعتنق أو سترفض هوية تقضي بأن يلعب‬
‫األمريكيون دور دركي العالم‪.1‬‬
‫شكلت البنائية تطو ار واعدا جدا في نظرية العالقات الدولية‪ ،‬إذ أن ميزتها وجاذبيتها‬
‫الكبيرة في كونها تقع بالضبط على تقاطع مجموعتين من النظريات أي بين النظريات العقالنية‬
‫والنظريات التأملية‪ ،2‬مشكلة بذلك جسر الفجوة ‪ Bridging the Gap‬الذي يربط بين االتجاهات‬
‫النظرية الوضعية و النظريات ما بعد الوضعية في حقل العالقات الدولية‪ - .‬فهي من ناحية‪-‬‬
‫تشترك مع كل من الواقعية والليبرالية في السمات األساسية للسياسات العالمية‪ ،‬وهذا هو الجانب‬
‫الوضعي الذي يتبناه‪ .‬وتهتم ‪ -‬من ناحية أخرى ‪ -‬بهوية الفواعل والطريقة التي يتشكل بها‬
‫‪3‬‬
‫سلوكهم وأفعالهم‪ ،‬وهذا الجانب من الموضوعات األساسية في مداخل ما بعد الوضعية‪.‬‬
‫وجدت البنائية بيئتها المناسبة في عالم ما بعد الحرب الباردة‪ ،‬إذ شهد العقد األخير من‬
‫القرن العشرين إقباال واسعا لمفهوم الثقافة‪ .‬و هو التطور الذي عاينته البنائية في تركيزها على‬
‫أهمية األفكار والقيم والمعايير‪ .‬فقد استخدم بيتر كاتزنشتاين ‪ - Peter Harternstein‬أحد‬
‫أقطاب البنائية‪ -‬متغيرات ثقافية لتفسير واستيعاب األسباب التي أدت بألمانيا و اليابان إلى‬
‫عدم اعتمادهما على سياسة عسكرية‪ ،‬رغم أنهما تمتلكان تكنولوجيا عالية للقيام بذلك‪ .‬وهو‬
‫التفسير الذي يواكب الصراع الحضاري بمفهومه المعاصر و كذا الصراعات اإلثنية والعرقية‪.4‬‬
‫حاولت البنائية معالجة مشكل العالقة بين الفاعل و البنية أو ما يسمى بمشكل الفاعل‪/‬‬
‫البنية ‪ ،Actor/Structure Problem‬وعوض الفصل بينهما أو إعطاء األهمية لواحد على‬

‫‪ -1‬ستيفن وولت ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬


‫‪ -‬جون بيليس‪ ،‬ستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.141‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -3‬أنور محمد فرج‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.912‬‬


‫‪ -‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬المرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.118‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪48‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫حساب اآلخر‪ ،‬يعتقد البنائيون أن كليهما وجهان لعملة واحدة و ال يمكن الفصل بينهما ‪.1‬‬
‫وبذلك‪ ،‬يمكن القول بأن البنية و الفاعل هما عنصران متفاعالن‪ ،‬ذلك ألن البنى المعيارية‬
‫والمثالية تؤثر على صياغة هويات الدول‪ ،‬و بالتالي على صيغة و تشكيل مصالحهما‪ .‬و في‬
‫هذا الصدد‪ ،‬يؤكد وندت ‪:‬‬
‫"بأننا ولجنا في عالم منظم سلفا‪ ،‬و له بنية قائمة سلفا‪ .‬و هو يعد لنا و يطيعنا بطرق مختلفة‪ ،‬ولكننا وكالء‬
‫لهم؛ أي في قصده العالم و نعمل على تشكيل البنية التي تحتوينا أيضا"‪.2‬‬
‫النظام الدولي هو مثل النظام الشمسي‪ ،‬فهو لم يأت من تلقاء نفسه‪ ،‬بل هو موجود فقط‬
‫في وعي اإلنسان‪ .‬و بهذا المعنى‪ ،‬ترى البنائية للقول أن النظام يتشكل من خالل األفكار‬
‫واآلراء‪ ،‬وليس عن طريق القوى المادية‪ .‬وهو من اختراع الناس‪ ،‬فبمجرد حدوث تغيير في‬
‫األفكار التي تندرج في إطار العالقات الدولية‪ ،‬يتغير النظام ككل‪.3‬‬
‫يعتبر تصور الفوضى ‪ Anarchy‬في حقل العالقات الدولية أحد المسلمات التي تبنى‬
‫عليها المق اربات النظرية المختلفة طروحاتها بشأن ما يحرك سلوك الدول‪ ،‬وكذلك توقعاتها لميل‬
‫الدول نحو تبني النمط التعاوني أو التنازعي في عالقاتها مع بعضها البعض‪ .4‬بحيث يعبر‬
‫‪5‬‬
‫عنها البنائيون جيدا من خالل عبارة "ووندت"‪" :‬الفوضى هي ما صنعته الدول‪ ،‬وليست معطى مسبق"‬
‫بمعنى أن قراءة الدول وفهمها لطبيعة البيئة الدولية هو ما أعطى لهذه البيئة صبغة الفوضى‪.‬‬
‫وبذلك فإن إعطائهم مضمونا مغاي ار لها قد يقود إلى التحول عن الفوضى‪ .6‬إذ يرى ألكسندر‬
‫ووندت أن التصور الواقعي للفوضى ال يقدم لنا تفسي ار مناسبا ألسباب حدوث النزاعات الدولية‪،‬‬
‫‪7‬‬
‫فالقضية الجديرة بالنقاش هي كيف يتم فهم هذه الفوضى؟‬
‫يؤكد البنائيون على أن الفوضى هي ميزة النظام الدولي‪ ،‬لكنهم بالمقابل يرون أن‬
‫الفوضى ال تعني شيئا في ذاتها‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تختلف الفوضى الناجمة عن األصدقاء‬
‫ولكن االثنتين ممكنتان‪ .‬والمهم في األمر أن تنوع‬
‫اختالفا جذريا عن تلك الناجمة عن األعداء‪ّ ،‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.118‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-Colin Wight, Agents, Structures and International Relations: Politics as Ontology, New York, Cambridge‬‬
‫‪Studies in International Relations, Cambridge University Press, 2006, p p 62-63.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Jackson, Robert and Sorensen, Georg, Introduction to International Relations Theories and Approaches.‬‬
‫‪university press , 3rd Edition, Oxford, 2006, p 62.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬عادل زقاغ ‪ ،‬مصطلحات هامة في نظرية العالقات الدولية‪ 22 ،‬ماي ‪،2023‬‬
‫‪http://www.geocities.com/adelzeggagh/anarchy.html‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Cynthia Weber , International Relations Theor :A Critical Introduction , New York, Routledge, , Second‬‬
‫‪Edition, 2005, p 60.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪-Ibid.‬‬
‫‪ -‬ستيقن وولت ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪49‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫البنى االجتماعية ممكن في ظل الفوضى‪ .1‬و الفوضى العالمية عند البنائية هيكلية‪ ،‬ذلك ألنها‬
‫تنشأ نتيجة للتأثير المتبادل بين الفاعلين الذين يستخدمون قواعد معينة ويدخلون في معامالت‬
‫اجتماعية‪ .‬وهذا يعني أن الفوضى لها معان مختلفة‪ ،‬نتيجة لتعدد الفاعلين الذين ينطلقون من‬
‫الفهم الجماعي لمجتمعاتهم ومن معامالتهم االجتماعية ‪.‬‬
‫تهتم البنائية االجتماعية بالتفاعل أو العملية التفاعلية التي تجري بين الدول وتأثير‬
‫ثقافاتهم على مجرى التفاعل‪ ،‬ومن ثم تأثير التفاعل على الفوضى‪ .‬وعلى هذا فإن الفوضى‬
‫ليس لها منطق مستقل عن العمليات التي تتم داخل النظام‪ .‬ولذلك يمكن أن تولد الفوضى‬
‫‪2‬‬
‫مخرجات مختلفة استنادا إلى نوع الثقافات واألدوار التي تسيطر على النظام‪.‬‬
‫منهجيا‪ ،‬استخدمت البنائية المنهج العلمي السلوكي في معاجلة بعض المسائل مثل‪:‬‬
‫حركية وصيرورة األحداث الدولية‪ ،‬معتقدات و إدراكات الفاعلين و موقفهم و مسألة الهوية‬
‫‪...‬الخ‪ .‬ومع هذا المنهج استعملت البنائية تقنية تحليل المضمون في تحليل الخطاب‪ ،‬خاصة‬
‫فيما يتعلق بمسألة الهوية‪ ،‬سواء كان ذلك الخطاب الرسمي الصادر عن صناع القرار أو ذلك‬
‫الخطاب السائد داخل المجتمع‪ ،‬والذي يعبر عن مجموع القيم و المعتقدات المكونة لهوية‬
‫مجموعة معينة من األفراد‪.3‬‬
‫الهوية ‪ Identity‬المحدد األساسي لسلوك الدول‪:‬‬
‫تذهب البنائية إلى أن القضية المحورية في عالم ما بعد الحرب الباردة هي كيفية إدراك‬
‫المجموعات المختلفة لهوياتها ومصالحها‪ 4،‬و كيفية تعامل الهويات مع الطريقة التي تستوعبها‬
‫الوحدات السياسية (الدول) و تستجيب لمطالبها ولمؤسساتها‪ .‬وأصبح ذلك بشكل أكثر جليا مع‬
‫تفاقم قضايا األقليات بعدما تحول الصراع من صراع بين الدول أثناء الحرب الباردة‪ ،‬إلى صراع‬
‫داخل الدول في مرحلة ما بعد الحرب الباردة‪ .‬وكذلك الشأن بالنسبة لقضايا اإلرهاب والتنظيمات‬
‫اإلرهابية‪ ،‬السيما بعدها تحول الصراع من صراع أيديولوجي إلى صراع حضاري‪ .5‬ذلك ألن‬
‫هوية الدولة ‪ -‬كما تراها البنائية‪ -‬متغيرة وتعتمد على األطر التاريخية‪ ،‬الثقافية واالجتماعية‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬فإن فهم الهويات محوري لفهم السياسة العالمية‪ .‬فالهويات تؤثر بقوة في المصالح‬

‫‪ -‬مارتن غريفيتش و تيري أوكال هان‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 204‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬أنور محمد فرج ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.911‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬ستيقن وولت ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬عبد الناصر جندلي ‪،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.119‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪50‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫واألفضليات‪ ،‬حيث أن هوية الدولة تعكس أفضلياتها وأفعالها القادمة‪ .‬وتفهم الدولة اآلخرين‪،‬‬
‫بناء على الهويات التي تضفيها عليهم‪ ،‬بينما تقوم ‪ -‬في الوقت نفسه‪ -‬بإعادة تشكيل هويتها‬
‫من خالل التعامل االجتماعي‪ .‬ومش ّكل الهوية ال يتحكم فيما تعنيه هذه الهوية لآلخرين‪ ،‬وانما‬
‫يحدد ذلك هيكل التفاعل الجماعي‪. 1‬‬
‫وللهوية بعدين‪ :‬داخلي وخارجي‪ .‬أما البعد الداخلي؛ فيعبر عنه ب " الهوية الوطنية "‬
‫‪ ، National dentity‬والتي تعكس ثقافة وقيم وتصورات الشعب المشتركة‪ ،‬التي تحدد ما تمثله‬
‫الدولة ألعضائها وللعالم الخارجي‪ ،‬وبالتالي تحدد التوجهات واألدوار التي يجب أن تلعبها الدولة‬
‫في العالم‪ .‬أما عن البعد الخارجي للهوية؛ فهو ذلك الجزء المكتسب من المعايير المشتركة‬
‫ضمن المجتمع الدولي‪ ،‬والتي تجد فيها الدولة تعبي ار عن هويتها‪ ،‬مثل‪ :‬الديمقراطية‪ ،‬حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬احترام سيادة الدول‪...‬الخ‪ .‬فالهوية في بعديها الداخلي والخارجي هي التي تصنع‬
‫سلوك الدولة الخارجي‪ ،‬وذلك انطالقا من وجود معايير داخلية و خارجية‪ .2‬والطريقة التي تحقق‬
‫عبرها الدول أهدافها تعتمد على هوياتها االجتماعية؛ أي كيف تنظر الدول إلى نفسها مقارنة‬
‫بالدول األخرى في المجتمع الدولي‪ .‬إذ تقوم الدول ببناء مصالحها الوطنية على أساس هذه‬
‫الهويات‪ .‬وقد يكون للدولة هويات اجتماعية عدة‪ ،‬فقد تكون تعاونية أو تنازعيه‪ ،‬وتتنوع‬
‫مصالحها وفقا لها‪ .‬وتحدد الدول مصالحها في سياق تأويلها لألوضاع االجتماعية التي تمثل‬
‫جزءا منها‪ .‬وبالتالي بإمكاننا القول بأن عالقة الحرب الباردة التي نشأت بين الواليات المتحدة‬
‫واالتحاد السوفيتي السابق كانت بنية اجتماعية‪ ،‬حيث اختلق كل منهما الطرف اآلخر عدوا له‪،‬‬
‫وحدد مصالحه وفقا لمعايير عدائية‪ .‬لكن عندما توقفا عن النظر كل منهما إلى اآلخر وفقا لهذه‬
‫المعايير‪ ،‬انتهت الحرب الباردة‪.3‬‬
‫وحسب واندت الهويات و المصالح التي يعتبرها العقالنيون من المعطيات القائمة‪،‬‬
‫ويرون أنها تنتج السياسة الدولية التي نشهدها‪ ،‬ليست من المعطيات‪ ،‬لكنها أشياء قمنا نحن‬
‫بإيجادها‪ .‬وبعد أن نكون قد أوجدناها‪ ،‬فإنه باستطاعتنا إيجادها محددا‪ .‬بشكل مختلف‪ .‬وسيكون‬

‫‪ -‬أنور محمد فرج‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.990-914‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-Maja Zehfuss , Constructivism in International Relations :The Politcs Of Reality, Cambridge Studies in‬‬
‫‪International Relations, Cambridge University Press,2004,p p 40- 41.‬‬
‫‪ -‬مارتن غريفيتش و تيري أوكال هان‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.204‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪51‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ذلك من الصعوبة بمكان‪ ،‬ألننا عملنا جميعا على إضفاء صفة ذاتية على الطريقة التي يوجد‬
‫بها العالم ‪ ،‬ولكن يمكننا أن نجعله مغاي ار لذلك‪.1‬‬
‫الهويات ال يمكن اختزالها في المصالح‪ ،‬ذلك ألنها تشير إلى من هم الفاعلين‪ .‬فهي‬
‫تعين النوع االجتماعي والكيان القائم‪ .‬أما المصالح؛ فإنها تشير إلى رغبة الفاعلين وماذا‬
‫يريدون‪ .‬ويعتقد واندت أن الهويات سابقة للمصالح‪ ،‬ألنها تحدد ماهية الفاعلين‪ ،‬في حين تعكس‬
‫المصالح ما يود هؤالء الفاعلون الحصول عليه‪ .‬فالمصالح تقتضي وجود الهويات‪ ،‬الفاعل ال‬
‫يمكن أن يحدد مصلحته من دون أن يعرف من هو‪.2‬‬
‫المعايير في توجيه سلوك الدول‪:‬‬
‫ترجع ال بنائية سلوكيات الدول الخارجية إلى الضوابط المعيارية التي تتلقاها الفواعل من‬
‫بيئتها‪ .‬كما أن هذه الفواعل تتخذ ق ارراتها على أساس المعايير و القواعد‪ ،‬التي تعكس عوامل‬
‫تذاتانية وتجارب تاريخية ثقافية و مضامين مؤسساتية‪ .3‬و تتميز هذه المعايير بخصائص‬
‫أساسية منها‪:‬‬
‫للمعايير وضعيات إدراكية‪ ،‬وهي توجه مباشرة سلوك الفواعل‪ .‬ويمكن أن تتحول إلى أوامر‬ ‫‪‬‬

‫إلزامية للفواعل (افعل هذا‪ ،‬ال تفعل هذا)‪ .‬و تشمل هذه المعايير تشمل مسائل العدالة‬
‫وحقوق ذات ميزة أخالقية‪ ،‬وتستوجب امتثال من الفواعل‪ .‬وعلى العكس‪ ،‬األفكار أو‬
‫المعتقدات تستطيع‪ ،‬ولكنها ال تحتاج أن تشمل إدراكات ومكونات فئوية بعضها وصفي أو‬
‫سلبي في طبيعته‪.‬‬
‫المعايير تذاتانية مشتركة و ليست مقتصرة على المعتقدات الفردية‪ ،‬و هي تعيد تقديم‬ ‫‪‬‬

‫توقعات متبادلة للسلوك المشترك لمجوعة ما‪.‬‬


‫المعايير تمتلك الشرعية‪.4‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬جون بيليس و ستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.141‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-Andrew Bradley Phillips, International Relations Theory for the Twenty-First Century, New York ,‬‬
‫‪Routledge, 1st Edition,2007, p65.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Michel Barnett, "Social Constructivism", In: John Baylis and Steve Smith (Eds) , The Globalizatoin Of World‬‬
‫‪Politics, Oxford University Press, 3rd edition, , 2003, p 255 .‬‬
‫‪ - 4‬إيناس شيباني‪ ،‬السياسة الخارجية األمريكية تجاه الشرق األوسط خالل إدارتي جورج بوش األب و االبن‪ :‬دراسة تحليله‬
‫مقارنة‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪-1004 ،‬‬
‫‪ ،1020‬ص ص ‪.11‬‬
‫‪52‬‬
‫اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ينسب تأثير القيم االجتماعية على سلوكيات الدول الخارجية إلى عمليات التنشئة االجتماعية‬
‫التي يخضع لها صناع القرار في السياسة الخارجية‪ .‬فالبنائية تفترض أنه من خالل عمليات‬
‫التنشئة التي تحدث في المجتمع و تشمل وسائل للضغط العام‪ ،‬توجه المعايير الداخلية سلوك‬
‫صناع القرار في السياسة الخارجية للدول‪ .‬و توجد ثالث طرق تؤثر من خالل التوقعات‬
‫المجتمعية للسلوك المالئم على أفعال صناع القرار السياسي الخارجي‪:‬‬
‫كمواطنين داخل الدولة يكتسبون عدد من القيم الثقافية و االجتماعية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كسياسيين لديهم اتجاه عام نحو المناصب السياسية الوطنية يكتسبون توقعات مجتمعية‬ ‫‪‬‬

‫محددة بشأن السلوك السياسي المناسب‪.‬‬


‫في رغبتهم للحفاظ على شرعيتهم كممثلين عن دولهم في المحيط الدولي‪ ،‬يتصرفون بطرق‬ ‫‪‬‬

‫تتوافق و المعايير المجتمعية الواردة‪.‬‬


‫و تذهب البنائية إلى أن االختالفات في سلوكيات الدول تعود إلى االختالفات في الضوابط‬
‫الدولية و الداخلية الواردة‪ .‬و تمثل المعايير االجتماعية متغيرات مستقلة في تفسير سلوكيات‬
‫الدول الخارجية‪ .‬أما عن ماهية هذه المعايير أو الضوابط‪ ،‬فيمكن القول أن المعايير الدولية‬
‫تشتمل القانون الدولي‪ ،‬األعمال الشرعية للمنظمات الدولية واألعمال الختامية للمؤتمرات‬
‫الدولية‪ ...‬في حين تضم المعايير المجتمعية النظام الشرعي والدستوري للمجتمع‪ ،‬برامج‬
‫األحزاب واألرضية االنتخابية و المناقشات البرلمانية‪ .1‬و تظهر قوة المعايير عند البنائين من‬
‫خالل ربطها بمتغيرات القوة والمصلحة‪ .‬فالمعايير ال تخدم المصالح بل المصالح هي التي‬
‫تخدم المعايير‪ .‬ومن هنا فالمعايير تسبق المصالح‪ ،‬و هناك عالقة وطيدة بين هذه المعايير‬
‫والفاعل‪ .‬حيث يرى أليكسندر وندت أن البنية المعيارية الدولية ‪-‬كالديمقراطية ‪,‬التدخل‬
‫اإلنساني‪ -‬هي التي تشكل هوية ومصالح الدول‪ ،‬لكن الدول خالل سلوكها‪ ،‬تعطي معنى آخر‬
‫‪2‬‬
‫للمعايير‪ ،‬فكل فاعل يعطي معنى لهذه المعايير‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.18‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-Michel Barnett , op, cit,p 255.‬‬
‫‪53‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية‬
‫للسياسة الخارجية التركية‬
‫وانعكاساتها على العالق ات‬
‫التركية – اإلسرائيلية‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تشير البيئة الداخلية لصنع القرار إلى األوضاع الداخلية‪ ،‬من أبنية اجتماعية‪ ،‬وأنساق ثقافية‬
‫وقيمية‪ ،‬وتنظيمات سياسية كاألحزاب والجماعات الضاغطة‪ ،‬ووسائل اإلعالم واالتصال‬
‫المختلفة‪ ،‬والمكونات االقتصادية‪ ،‬وطبيعة النظام السياسي السائد‪ ،‬واأليديولوجية التي يتبناها‬
‫والعالقات السائدة بين النظام السياسي والمجتمع؛ أي العالقة بين الدولة والمجتمع‪ ،‬ومدى‬
‫شرعية النظام السياسي‪ ،‬وكذلك الرفاه االقتصادي أو التأزم‪ .‬كل هذه العوامل وغيرها تؤثر في‬
‫توثيق أو توتر العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬لما لها من دور مؤثر في صنع القرار التركي‬
‫الخارجي‪.‬‬
‫المبحث األول‬
‫طبيعة النظام السياسي التركي‬
‫إن تحليل النظام السياسي أصبح يشكل حجر الزاوية في فهم وتفسير سياسات الدول‬ ‫ّ‬
‫الداخلية والخارجية في أدق تفاصيلها‪ ،‬وذلك من خالل التطرق إلى البنية الدستورية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مالمح وسمات النظام السياسي التركي‬
‫يشير الدستور التركي إلى أن النظام السياسي في تركيا جمهوري ديمقراطي "برلماني"‬
‫علماني‪ .‬واذا نظرنا من الناحية النظرية إلى العناصر المجردة للنظام السياسي التركي القائم‬
‫على دستور عام ‪2891‬م‪ ،‬فإننا لن نجد ما يميزه على اعتبار أنه نظام ديمقراطي محدود‬
‫األطر‪ ،‬وقواعد اللعبة السياسية فيه مضبوطة على إيقاع العلمانية األتاتوركية التي يحميها‬
‫الجيش‪ .‬وكنتيجة لهذا اإلطار المحدود‪ ،‬لم تشهد الحياة السياسية التركية أية تغيرات جوهرية‬
‫تنعكس على الداخل أو على توجهات الدولة في الخارج‪ .‬وحتى في الوقت الذي كان من‬
‫الممكن للتفاعل السياسي أن ينتج تغي ار على هذا الصعيد‪ ،‬كان الجيش يتدخل لدحضه هو‬
‫إعادة األمور إلى نصابها من جديد‪ .1‬غير أن تجربة حزب العدالة والتنمية منذ عام ‪1001‬م‬
‫نجحت في جعل النظام السياسي في تركيا نموذجا يلفت االنتباه‪ ،‬ليس لما ينص عليه نظريا‬
‫وانما للتفاعالت التي نتجت عنه‪ .‬حيث أصبح الجميع يتحدث اآلن عن النموذج التركي‬
‫‪ The Turkish Model‬الذي يتمحور عادة حول ثالث قيم أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪- 1‬شريف تغيان‪ ،‬الشيخ الرئيس رجب طيب أردوغان‪ :‬مؤذن إسطنبول ومحطم الصنم األتاتوركي‪ ،‬مصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار‬
‫الكتاب العربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1022 ،‬ص ‪34‬‬
‫‪56‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الديمقراطية* والعلمانية* واإلسالم*‪.1‬‬


‫وعليه‪ ،‬فإن برنامج الحزب ال يتعارض مع النظام السياسي المتوارث منذ تأسيس الدولة‬
‫التركية بعد الحرب العالمية األولى القائم على مبدأ العلمانية‪ .‬وهذا ما يفسر قدرة الحزب على‬
‫تجاوز أي شكوك توجه إليه من أنصار العلمانية‪ .2‬واألهم أن سلطة حزب العدالة والتنمية لم‬
‫تكن مجرد تغيير في الجهة الحاكمة‪ .‬فقد حمل الحزب مشروعا أتاح لتركيا خالل سنوات عديدة‬
‫أن تكون طرفا مؤث ار على الصعيدين اإلقليمي والدولي‪.3‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المؤسسات الدستورية‬
‫ينص دستور عام ‪2891‬م على مبدأ الفصل بين السلطات المتمثلة في‪:‬‬
‫البند األول‪ :‬السلطة التشريعية؛ تتألف من الجمعية الوطنية " البرلمان" وتمارس صالحية‬
‫التشريع وفقا للمادة ‪ 7‬من الدستور‪ ،‬وهي صالحية ال تفوض‪ .‬وتتألف السلطة التشريعية من‬
‫‪ 550‬عضوا‪ ،‬ينتخبون كل أربع سنوات‪ .‬وذلك بعد التعديل الدستوري في عام ‪1007‬م‪ ،‬ويحق‬
‫للمجلس إصدار قرار بإجراء انتخابات مبكرة أو تأجيل االنتخابات لمدة عام بسبب الحرب‬
‫وتجديد االنتخابات قبل انقضاء األعوام األربعة‪ ،‬ويجوز الذهاب إلى انتخابات جديدة إذا قرر‬
‫رئيس ال جمهورية ذلك وفقا للشروط المبينة في الدستور‪ ،‬كما ال يجوز إجراء انتخابات تكميلية‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.33‬‬


‫*الديموقراطية؛ أخدت الواليات المتحدة األمريكية منذ أحداث ‪ 22‬سبتمبر ‪1002‬م‪ ،‬تبحث عن نموذج ديموقراطي إسالمي‬
‫معتدل يصلح ألن يكون نموذجا قابال للتعميم على دول منطقة الشرق األوسط‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬أشار بوش االبن إلى أن‬
‫تقدمه دولتكم عن الكيفية التي يمكن بها أن تكون إسالمية‬
‫أقدر وأثّمن عاليا النموذج الذي ّ‬
‫تركيا خير من يقوم بهذا الدور فقال " ّ‬
‫تؤمن بقيم الديموقراطية‪ ،‬حكم القانون و الحرية‪ ...‬بما يؤهلها ألن تكون نموذجا للعالم اإلسالمي"‪.‬‬
‫*العلمانية؛ يري األوربيون في النظام السياسي التركي عبر تجربة حزب العدالة و التنمية نموذجا في اإلصالح و االنفتاح‬
‫واالعتدال في ظل نظام علماني‪ .‬ومن شأن هذا النموذج أن يعزز موقع أوروبا في الشرق األوسط‪ .‬ولهذا هم يحرصون على أن‬
‫يتم جميع اإلصالحات المطلوبة منه قبل النظر في انضمامه‪.‬‬
‫* تأثر اإلسالميون خاصة في منطقة الشرق األوسط بتجربة حزب العدالة و التنمية في النظام السياسي التركي وقدرته على‬
‫استغالل مطالب االنضمام إلى االتحاد األوروبي من أجل إدخال إصالحات جذرية في النظام السياسي و االجتماعي‬
‫واالقتصادي وحتى العسكري‪ ،‬من شأنها أن تعزز دوره ودور الدولة إقليميا و عالميا‪ ،‬وبقدرته على العمل باعتدال واضح‬
‫وبراجماتية عالية جنبته مواجهة الجيش الذي يعتبر الحامي األول للعلمانية والذي أسقط جميع التجارب اإلسالمية السابقة‪ ،‬فحكم‬
‫حزب العدالة والتنمية بالنسبة إليهم هي تجربة ناجحة لحكم اإلسالميين‪.‬‬
‫‪ -2‬عارف محمد خلف‪" ،‬الدور التركي اإلقليمي"‪ 4 ،‬جوان ‪.1024‬‬
‫‪www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=20671‬‬
‫‪ -3‬لقمان عمر محمود النعيمي‪" ،‬التوجهات الجديدة في سياسة تركيا الخارجية في عهد حزب العدالة والتنمية"‪ ،‬مركز‬
‫الدراسات اإلقليمية‪ ،‬العدد ‪ ،15‬كانون الثاني ‪ ،1021‬ص ‪.9‬‬
‫‪57‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عند حدوث شغور في أعضاء المجلس‪ .‬وتجري االنتخابات التكميلية مرة واحدة فقط في كل فترة‬
‫انتخابية‪ ،‬وكقاعدة ال يجوز إجراء االنتخابات التكميلية‪ ،‬إذا لم يبق سوى عام واحد فقط على‬
‫موعد االنتخابات العامة‪.1‬‬
‫البند الثاني‪ :‬السلطة التنفيذية؛ تتكون من‪ :‬رئيس الجمهورية‪ ،‬وهو أعلى منصب في الدولة‬
‫ويمثل الجمهورية التركية ووحدة الشعب التركي‪ ،‬وينتخب من قبل النواب الذين أكملوا األربعين‬
‫عاما والحاصلين على الدراسة الجامعية أو من بين المواطنين األتراك الذين لديهم أهلية‬
‫االنتخاب لعضوية البرلمان‪ .2‬وحسب التعديل الدستوري لعام ‪1007‬م‪ ،‬أصبح ينتخب من قبل‬
‫الشعب عن طريق االقتراع العام باألغلبية المطلقة لألصوات الصحيحة وفترة واليته خمس‬
‫سنوات‪ ،‬ويمكن انتخابه لفترتين على األكثر‪ .‬علما أنه يجب أن يتخلى عن عضوية الحزب حال‬
‫اعتداله السلطة‪ .3‬ورئيس الجمهورية هو المسؤول عن تطبيق الدستور ومراقبة أعمال أجهزة‬
‫الدولة من حيث االنضباط‪ ،‬وله حق دعوة المجلس الوطني التركي الكبير لالنعقاد‪ ،‬ونشر‬
‫القوانين واعادتها إلى المجلس لمداولتها من جديد عند اللزوم‪ ،‬عرض التعديالت الدستورية إلى‬
‫االستفتاء ال شعبي‪ ،‬ومراجعة المحكمة الدستورية طالبا الغاء القوانين التي يراها غير مالئمة‬
‫للدستور‪ ،‬واتخاذ قرار تجديد االنتخابات البرلمانية لدى توفير الشروط الدستورية لذلك‪ .‬كما له‬
‫الحق في تكليف رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة والموافقة على مجلس الوزراء والتوقيع‪ ،‬على‬
‫ق اررات تعي ين وايفاد الممثلين إلى الدول األجنبية واستقبال رؤساء البعثات الدبلوماسية األجنبية‬
‫في تركيا وله حق التصديق ونشر االتفاقيات الدولية‪ .‬و بالنسبة لمهامه في مجال السلطة‬
‫القضائية‪ ،‬فهي محدودة بانتخاب أعضاء المحاكم من الدرجات العليا‪.4‬‬
‫مجلس الوزراء؛ وهو مركز السلطة التنفيذية على اعتبار أن النظام السياسي في تركيا هو نظام‬
‫برلماني‪ ،‬ويتم تعينه من قبل رئيس الجمهورية‪ ،‬وغالبا ما يكون من األغلبية البرلمانية‪ .‬ويقوم‬

‫‪ -1‬علي حسين باكير‪ ،‬تركيا الدولة و المجتمع المقومات الجيو‪ -‬سياسية و الجيو – استراتيجية النموذج اإلقليمي واالرتقاء‬
‫العالمي‪ ،‬في‪ :‬محمد عبد العاطي ( محرر) تركيا بين تحديات الداخل ورهانات الخارج‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬الدار العربية للعلوم‬
‫ناشرون‪ ،‬الطبعة األولي‪ ،1008 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -2‬عبد العزيز محمد عوض‪" ،‬مالمح النظام السياسي في جمهورية تركيا"‪ ،‬مجلة شؤون الشرق األوسط‪ ،‬جمهورية مصر‬
‫العربية‪ ،‬العددان ‪ 12‬و‪ 11‬يناير و أبريل‪ ،1007 ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ -3‬علي حسين باكير‪ ،‬تركيا الدولة و المجتمع المقومات الجيو‪ -‬سياسية و الجيو – استراتيجية النموذج اإلقليمي و‬
‫االرتقاء العالمي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -4‬عبد العزيز محمد عوض‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪58‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫رئيس الوزراء باختيار وزرائه من بين النواب أو من بين أشخاص مؤهلين لالنتخاب كنواب‪،‬‬
‫ويعرضهم على رئيس الجمهورية كي يتم تعينهم‪ .‬ويجوز لرئيس الجمهورية االستغناء عن‬
‫خدمات الوزراء بناء على اقتراح رئيس الوزراء‪ .1‬وتتمثل الوظيفة األساسية لمجلس الوزراء في‬
‫صنع السياسة الداخلية والخارجية وضمان تنفيذها باتخاذ ما يلزم لذلك من ق اررات‪ ،‬وتطبيق‬
‫القوانين‪ ،‬واقتراح مشروعات القوانين‪ .‬كما يقوم بإصدار ق اررات لها قوة القانون بموجب تفويض‬
‫من البرلمان دون أن يحدد هذا التفويض مجاالت معينة ال يمكن أن تشملها هذه الق اررات‪ .‬كما‬
‫يتولى مجلس الوزراء رئاسة الجمهورية عند إعالن حالة الطوارئ أو األحكام العرفية بسلطة‬
‫إصدار هذه الق اررات‪ ،‬كما له اختصاص في مجال األمن القومي‪ ،‬واعداد القوات المسلحة‬
‫للدفاع‪ .‬و يرأس رئيس الوزراء اجتماعات مجلس األمن القومي في حالة عدم اشتراك رئيس‬
‫‪2‬‬
‫الجمهورية فيها‬
‫البند الثالث‪ :‬السلطة القضائية؛ أقر الدستور النظام القضائي الثالثي‪ :‬القضاء العدلي والقضاء‬
‫اإلداري والقضاء الخاص‪ ،‬والمحاكم العسكرية تدخل ضمن نطاق القضاء العسكري‪.‬‬
‫المحكمة الدستورية؛ تعتبر أعلى هيئة قضائية في الدولة‪ .‬تتكون من ‪ 22‬عضوا أصليا و‪3‬‬ ‫‪‬‬

‫أعضاء احتياطين‪ .‬من مهامها األساسية حماية حقوق اإلنسان والحريات األساسية‬
‫وتطوريها‪ ،‬والتحقق شكال ومضمونا من مدى دستورية القوانين والق اررات ذات الصفة‬
‫القانونية والنظام الداخلي للبرلمان‪ .‬ويحق لها مقاضاة رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس‬
‫الوزراء‪ ،‬ورؤساء أعضاء المحاكم العليا للقضاة والمدعين العامين ووكيل النيابة العامة بتهم‬
‫تتعلق بممارسة صالحياتهم‪ .‬كما تبت المحكمة الدستورية في دعاوي حل األحزاب‬
‫السياسية‪.3‬‬
‫مجلس األمن القومي ؛ يتألف مجلس األمن القومي من رئيس الجمهورية رئيسا‪ ،‬رئيس‬ ‫‪‬‬

‫الوزراء‪ ،‬ورئيس األركان العامة‪ ،‬ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية‪ ،‬قيادة القوات البرية‬
‫والبحرية والجوية‪ ،‬والقائد العام لقوات الدرك حسب تعديل ‪ 4‬أكتوبر ‪1002‬م‪ .‬وازداد عدد‬

‫‪ -1‬علي حسين باكير‪ ،‬تركيا الدولة و المجتمع المقومات الجيو‪ -‬سياسية و الجيو – استراتيجية النموذج اإلقليمي و‬
‫االرتقاء العالمي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -2‬جالل عبد اهلل معوض‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -3‬علي حسين باكير‪ ،‬تركيا الدولة و المجتمع المقومات الجيو‪ -‬سياسية و الجيو – استراتيجية النموذج اإلقليمي و‬
‫االرتقاء العالمي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪59‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫األعضاء المدنيين فيه بإضافة ثالث نواب لرئيس الوزراء وزير العدل وفي إطار إصالحات‬
‫حزب العدالة والتنمية للحد من سلطة الجيش أصبح‪ ،‬يتم تعيين سكرتير المجلس من‬
‫المدنيين ومن قبل رئيس الوزراء وليس رئيس األركان؛ أي لن يكون السكرتير جنيراال يتبع‬
‫رئاسة األركان‪ .1‬ويختص المجلس ببحث الشؤون المتعلقة باألمن القومي للدولة‪.2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬النظام االنتخابي واألحزاب السياسية‬
‫تعد األحزاب السياسية في تركيا من أهم متغيرات البيئة الداخلية والقوى السياسية المؤثرة‬
‫في عملية صنع القرار‪ .3‬حيث شهدت الحياة الحزبية في تركيا العديد من التطورات منذ إعالن‬
‫الجمهورية عام ‪2814‬م‪.‬غير أن التفاعالت الحقيقية بدأت خالل عام ‪2850‬م مع التعددية‬
‫الحزبية‪ .‬وظلت الحكومات منذ تلك الفترة ائتالفية _ في أغلبها_ إلى أن جاءت االنتخابات‬
‫البرلمانية‪ ،‬التي جرت عام ‪1001‬م‪ .4‬ودخلت تركيا مرحلة جديدة من تاريخها الحديث في‬
‫أعقاب االنتصار الساحق لحزب العدالة والتنمية ذي االتجاهات اإلسالمية‪ .‬فإنه للمرة األولى‬
‫يستلم حزب إسالمي السلطة بمفرده بحصوله على أغلبية األصوات ‪.5‬‬
‫وعموما يمكن تصنيف األحزاب السياسية التركية في إطار مؤلف من ثالث خانات‪:‬‬
‫أحزاب اليسار‪ ،‬أحزاب اليمين واألحزاب اإلسالمية‪ .‬اليسار احتفظ بوجوده عبر حزب الشعب‬
‫الجمهوري لسنوات طويلة‪ ،‬وبعد حضره عقب االنقالب العسكري عام ‪2890‬م ترك موقعه‬
‫ألحزاب يسارية أخرى أهمها "حزب الشعب االشتراكي الديمقراطي" و"حزب اليسار الديموقراطي"‬
‫و "حزب الشعب الجمهوري" مجددا‪.‬‬
‫أما اليمين الذي مثله "الحزب الديموقراطي" بزعامة "عدنان مندريس" فترك موقعه لحزب‬
‫العدالة بزعامة سليمان ديميريل وتاله حزب الوطن األم بزعامة "توغورت" أوزال في الثمانينات‬
‫وحزب الطريق القويم في التسعينيات‪.‬‬
‫أما الحركة السياسية اإلسالمية التي بدأت مسيرتها بزعامة نجم الدين أربكان في مطلع‬
‫الستينات تحت علم "حزب النظام الملّي" وواصلت طريقها مع "حزب السالمة الوطني" ثم "حزب‬

‫‪ -1‬عبد العزيز محمد عوض‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.30‬‬


‫‪-2‬جالل عبد اهلل معوض‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪ -4‬شريف تغيان‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ -5‬محمد نور الدين‪ "،‬تركيا‪...‬إلى أين؟ حزب العدالة و التنمية اإلسالمي في السلطة"‪ ،‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪،197‬‬
‫عام ‪ ،1004‬ص ‪.21‬‬
‫‪60‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الرفاه اإلسالمي" ثم "حزب الفضيلة" الذي تمخض عنه "حزب العدالة و التنمية" و"حزب‬
‫السعادة"‪.‬‬
‫ورابع العب سياسي دخل خط الموازنات والمعادالت الحزبية في تركيا هو "الحركة‬
‫القومية" التي تم حظرها وحل بناها التنظيمية أكثر من مرة على يد قادة االنقالبات العسكرية‬
‫المتعددة لينتهي بها المطاف إلى حزبين هما حزب الحركة" القومية" و"حزب الوحدة الكبرى"‪.1‬‬
‫واستنادا إلى نتائج االنتخابات البرلمانية لعام ‪1022‬م‪ ،‬فإن خارطة األحزاب السياسية‬
‫الكبرى في تركيا جاءت على الشكل التالي‪.‬‬
‫حزب الشعب الجمهوري؛ أسسه مصطفى كمال أتاتورك عام ‪2814‬م‪ ،‬وهو أول األحزاب‬ ‫‪‬‬

‫السياسة التركية بعد إعالن الجمهورية‪ .‬يتبنى شعار األسهم الست كمبادئ أساسية وهي‬
‫المبادئ التي تحد شكل الدولة التركية‪ ،2‬والذي شهد عهد الثنائية القطبية وانضمام تركيا إلى‬
‫المعسكر الغربي واعتراف تركيا بـ إسرائيل كدولة عام ‪2838‬م‪ ،‬وتكوين عالقات دبلوماسية‬
‫معها‪.3‬‬
‫حزب الحركة القومية؛ حزب يميني قومي متشدد أسسه الضابط التركي "ألب أرسالن‬ ‫‪‬‬

‫توركش" الذي قاد عام ‪2890‬م الحركة االنقالبية ليكون امتدادا للحزب الملّي الذي أسس‬
‫عام ‪2839‬م‪ .‬عارض الحزب بعض اإلصالحات الدستورية مثل منح الحقوق الثقافية‬
‫لألكراد في البث واإلعالم والتعليم‪ ،‬كما عارض رفع عقوبة اإلعدام واالنصياع إلى االتحاد‬
‫األوروبي مهما كان األمر وطالب بإعدام عبد اهلل أوجالن‪.‬‬
‫حزب السالم والديمقراطية؛ حزب كردي‪ ،‬تأسس في عام ‪1008‬م‪ ،‬بديالً لـ "حزب المجتمع‬ ‫‪‬‬

‫الديمقراطي" الذي تم حله بقرار من المحكمة الدستورية العليا‪ .‬يؤمن بالديمقراطية االجتماعية‬
‫ودعم حقوق األكراد‪.‬‬

‫‪ - 1‬علي حسين باكير‪ ،‬تركيا الدولة و المجتمع المقومات الجيو‪ -‬سياسية و الجيو – استراتيجية النموذج اإلقليمي و‬
‫االرتقاء العالمي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ - 2‬سم ير صالحة‪ ،‬الخارطة الحزبية التركية وموقفها من األزمة السياسية الحالية وأهم وجوهها ‪ :‬بين اليمين واليسار يصعد‬
‫اإلسالميون والتيار القومي‪ ،‬جريدة الشرق األوسط‪ ،‬العدد ‪ 9( ،20499‬ماي ‪.)1007‬‬
‫‪ - 3‬سعد حقي توفيق‪ ،‬عالقات العرب الدولية في مطلع القرن الحادي والعشرين‪ ،‬بغداد‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،1004‬ص‪.194‬‬
‫‪61‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حكم حزب العدالة والتنمية؛ ينتمي حزب العدالة والتنمية إلى الحركات واألحزاب التركية‬ ‫‪‬‬

‫اإلسالمية*‪ ،‬والتي كانت بدايتها مع حزب النظام الوطني عام ‪2970‬م‪ ،‬ثم حزب السالمة‬
‫الوطني عام ‪2871‬م‪ ،‬فحزب الرفاه عام ‪2894‬م‪ ،‬وحزب الفضيلة عام ‪2889‬م‪،1‬الذي كان‬
‫يرأسه نجم الدين أربكان‪ ،‬والذي تم حله بقرار صدر من محكمة الدستور التركية في ‪11‬‬
‫جوان ‪1002‬م‪ ،2‬فانقسم قياديو الحزب إلى قسمين حزب السعادة بزعامة محمد رجائي‬
‫قوطان ‪ ،Kutan Mehmet Recai‬وتم تأسيسه في ‪ 15‬جوان ‪1002‬م‪ ،‬وحزب العدالة‬
‫والتنمية وتزعمه رجب طيب أردوغان‪ Recep Tayyip Erdoğan‬في ‪ 23‬أوت من نفس‬
‫العام‪.3‬‬
‫من الناحية األيديولوجية؛ ال يعرف حزب العدالة والتنمية عن نفسه بأنه حزب إسالمي‪ ،‬بل‬
‫يبتعد عن كل ما قد يفهم منه أن للحزب برنامجا إسالميا وال يظهر أية إشارة دينية‪ .4‬فهو يؤكد‬
‫التزامه بالنظام العلماني وعدم تبنيه ألي توجهات تهدف إلى تطبيق الشريعة اإلسالمية‪،5‬وأنه‬
‫حزب محافظ معتدل‪ ،‬غير معاد للغرب‪ ،‬يتبنى رأسمالية السوق‪ ،‬ويسعى لالنضمام إلى االتحاد‬
‫األوروبي‪.6‬‬

‫* للتعرف أكثر على الجذور اإلسالمية لحزب العدالة و التنمية أنظر‪ :‬ضياء رشوان‪ ،‬دليل الحركات اإلسالمية في العالم‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مركز الدراسات السياسية و االستراتيجية‪ ،‬العدد األول‪ ،1009 ،‬ص ص ‪.58 -59‬‬
‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -2‬محسن صالح ( محرر)‪ ،‬تركيا والقضية الفلسطينية‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ -3‬محمد نور الدين‪" ،‬تركيا‪...‬إلى أين؟ حزب العدالة و التنمية اإلسالمي في السلطة"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -4‬خالد الحروب‪ ،‬التيار اإلسالمي و العلمنة السياسية‪ :‬التجربة التركية وتجارب الحركات اإلسالمية العربية‪ ،‬فلسطين‪ ،‬معهد‬
‫أبو لغد للدارسات الدولية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬أكتوبر ‪ ،1009‬ص ‪.23‬‬
‫‪ -5‬جمال كمال اسماعيل كركوكلي‪" ،‬أزمة الرئاسة التركية"‪ ،‬مجلة الدراسات اإلقليمية‪ ،‬العدد ‪ ،1009 ،20‬ص ‪.25‬‬
‫‪ -6‬محسن صالح (محرر)‪ ،‬تركيا والقضية الفلسطينية‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪62‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أهم المبادئ التي يقوم عليها الحزب مايلي‪:‬‬


‫على المستوى الداخلي؛‬
‫تحقيق السيادة للشعب التركي والحفاظ على وحدة الدولة التركية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الحفاظ على القيم واألخالق التي تعد بمنزلة التراث للشعب التركي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تأمين الرفاه و األمن واالستقرار للشعب التركي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تحقيق العدالة بين األتراك والتوزيع العادل للدخل القومي‪.1‬‬ ‫‪‬‬

‫على المستوى الخارجي؛‬


‫تبني حزب العدالة والتنمية سياسة خارجية يسميها "واقعية" تنتسق مع تاريخ تركيا‬
‫وموقعها الجغرافي خالية من األفكار المسبقة أو التعسفية وتقوم على مبدأ المصالح المتبادلة‪.‬‬
‫ويلتزم الحزب بإعادة تعريف أولويات سياسة تركيا الخارجية في مواجهة الحقائق اإلقليمية‬
‫والدولية المتغيرة‪ .‬ويخلق توازن جديد بين هذه الحقائق والمصالح الوطنية‪ .‬وكان نجاح حزب‬
‫العدالة و التنمية في االنتخابات البرلمانية في ثالث دورات متتالية دليل على نجاعة برنامجه‬
‫السياسي‪.2‬‬
‫أما بالنسبة للنظام االنتخابي؛ تنص المادة ‪ 217‬من الدستور التركي الحالي على أن‬
‫األحزاب التي ال تحظى بنسبة ‪ %20‬من مجموع أصوات الناخبين ال يحق لها أن تدخل‬
‫البرلمان‪ ،‬وأن كتلة األصوات التي جمعتها توزع بالتساوي بين التيارات السياسية التي بلغت تلك‬
‫العتبة‪ .‬بحيث أفرز هذا الشرط واقعا سياسيا استمر في تركيا لعدة عقود‪ ،‬إذ يتشكل البرلمان‬
‫تقليديا من حزبين أو ثالثة أحزاب رئيسية‪ ،‬بينما يبقى عدد كبير من األحزاب الصغيرة محروما‬
‫من المشاركة البرلمانية‪.3‬‬
‫أجريت االنتخابات البرلمانية يوم ‪ 4‬نوفمبر ‪1001‬م‪ ،‬حصل فيها حزب العدالة والتنمية‬
‫على نسبة ‪ %4344‬من أصوات الناخبين و‪ 494‬مقعدا من أصل ‪ 550‬في البرلمان‪ 4،‬فيما‬
‫حصل حزب الشعب الجمهوري على نسبة ‪ .%2843‬لكن األهم أن كافة األحزاب األخرى لم‬

‫‪ -1‬ضياء رشوان (محرر) ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.99-95‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ - 3‬رستم محمدود‪ ،‬دستور جديد لتركيا‪ ...‬إمكانيات التغير‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،1022 ،‬ص ‪20‬‬
‫‪4-Ömer Çaha,"Turkish Election of November 2002 and the Rise of Moderate Political Islam",Turkish Journal of‬‬
‫‪International Relations, Vol.2, No:1, Fall 2003,p95.‬‬
‫‪63‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تجاوز نسبة ‪%20‬من األصوات‪ ،‬التي يشترطها قانون االنتخابات من أجل التمثيل بالبرلمان‪.1‬‬
‫فلم يحصل حزب اليسار الديموقراطي الذي يتزعمه "بلوند أجاويد" إال على ‪ %241‬من‬
‫األصوات رغم أنه كان المنتصر في انتخابات عام ‪2888‬م بنسبة ‪ .%1142‬كما حصل حزب‬
‫العمل القومي بزعامة دولت بهجلي على ‪ ،%944‬في الوقت الذي حصل فيه خالل عام‬
‫‪2888‬م على ‪ 2748‬من األصوات‪ .‬وفيما يخص حزب الوطن األم‪ ،‬فإنه حصل على ‪%542‬‬
‫وحزب الطريق الصحيح تحصل على ‪ %845‬وانخفضت نسبة حزب السعادة بزعامة رجائي‬
‫قوطان على ‪.2%145‬‬
‫لم تهتم إسرائيل الرسمية واإلعالمية واألكاديمية باالنتخابات التركية‪ ،‬بقدر ما اهتمت‬
‫بانعكاس نتائجها على العالقات بين البلدين وتتفاوت التقديرات حول تأثير االنتخابات على‬
‫مستقبل وآفاق العالقات التركية‪-‬اإلسرائيلية‪.3‬‬
‫بعد انتص ار حزب العدالة والتنمية في االنتخابات البرلمانية عام ‪1001‬م خيم القلق على‬
‫صناع القرار في تل أبيب‪ ،‬و بدى ذلك واضحا في وسائل اإلعالم من خالل التحليالت التي‬
‫رافقت العملية االنتخابية عن مدى تأثيرها على العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ .4‬غير أن أنقرة‬
‫أكدت أن العال قات االستراتيجية مع إسرائيل لن تتغير‪ ،‬وأن حكومة حزب العدالة والتنمية لن‬
‫تحدد سياستها الخارجية على أساس ديني أو أيديولوجي ‪.5‬‬
‫قدم رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان مقترحا بالدعوة النتخابات تشريعية مبكرة في‬
‫‪ 11‬جويلية ‪1007‬م‪ ،6‬والتي حصل فيها حزب العدالة والتنمية على نسبة ‪ %39.99‬من‬
‫أصوات الناخبين وعلى ‪ 432‬مقعدا من أصل‪ 550‬مقعد في البرلمان‪ ،‬بينما حصل حزب‬
‫الشعب الجمهوري على نسبة‪ %10490‬وعلى ‪ 89‬مقعدا‪ ،‬وحصل حزب الحركة القومية على‬
‫نسبة ‪ %23440‬من أصوات الناخبين وعلى ‪ 70‬مقعدا‪ ،‬وحصل حزب المجتمع الديمقراطي‬

‫‪ -1‬ياسر أحمد حسن‪ ،‬تركيا البحث عن المستقبل‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة األسرة‪ ،1009 ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪ -2‬أحمد نوري النعيمي‪ ،‬النظام السياسي في تركيا‪ ،‬المملكة األردنية الهاشمية‪ ،‬دار زهران للنشر و التوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،1022‬ص ص ‪.484 -481‬‬
‫‪ -3‬مهند مصطفى‪" ،‬مستقبل العالقات مع تركيا في المنظور اإلسرائيلي"‪19 ،‬ماي‬
‫‪http://elshaab.org/thread.php?ID=3417.1024‬‬
‫‪ -4‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.180‬‬
‫‪5- Soner Cagaptay,”THE NOVEMBER 2002 ELECTIONS AND TURKEY'S NEW POLITICAL ERA”, Middle‬‬
‫‪East Review of International Affairs, Vol. 6, No: 4,December 2002,p46.‬‬
‫‪ -6‬أحمد نوري النعيمي‪ ،‬النظام السياسي في تركيا‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.305-303‬‬
‫‪64‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫على ‪ %1422‬وعلى ‪ 10‬مقعدا‪ .1‬فقد نجح حزب العدالة و التنمية في االحتفاظ بقدرته على‬
‫تشكيل الحكومة منفردا‪ .‬وتم انتخاب عبد اهلل غول ‪ Abdullah Gül‬رئيسا جديدا لتركيا‪ ،‬وهي‬
‫المرة الثانية التي يحصل فيها مثل هذا األمر في الحياة السياسية والحزبية في تركيا‪.2‬‬
‫وبعد وصول مرشح حزب العدالة و التنمية عبد اهلل غول إلى الرئاسة‪ ،‬أشار القنصل‬
‫العام اإلسرائيلي بأنقرة في تعقيبه على نتائج االنتخابات‪ ،‬قائال‪:‬‬
‫" أنها لن تؤثر على العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ...‬مشي ار ‪ ...‬إلى معرفته بالطاقم الحكومي‬
‫منذ ‪ 5‬سنوات سابقة‪ ،‬وأن مسار هذه العالقات لن يعتريها أي مشكل مستقبال وستستمر‬
‫‪3‬‬
‫وتزدهر"‬
‫ابية النهج المتّبع من قبل حزب العدالة‬
‫جاءت انتخابات عام‪1022‬م‪ ،‬لتؤكد صو ّ‬
‫والتنمية‪ ،4‬والتي شارك فيها حوالي ‪ 25‬حزبا سياسيا‪ ،‬حصل فيها حزب العدالة والتنمية على‬
‫األغلبية بنسبة ‪%38482‬؛ أي بحدود ‪ 419‬نائبا في البرلمان‪ ،‬وحصل حزب الشعب الجمهوري‬
‫على نسبة ‪%19‬من األصوات و حوالي ‪ 245‬مقعدا‪ ،5‬وحزب الحركة القومية حصل على‬
‫نسبة ‪ %24‬وبلغ عدد مقاعده ‪ 54‬مقعدا‪ ،‬والمستقلون على ‪ %9499‬بعدد مقاعد قدرت بحوالي‬
‫‪ 49‬مقعدا‪.6‬لكن حكومة العدالة والتنمية لم تحظ بغالبية الثلثين (‪ 497‬مقعدا)‪ ،‬التي كانت تأمل‬
‫بها لتغيير الدستور الموروث من انقالب ‪2890‬م دون الحاجة إلى التشاور مع المعارضة‪.7‬‬

‫‪1-Banu Eligür,"The Changing Face of Turkish Politics:Turkey’s July 2007 Parliamentary Elections", Crown‬‬
‫‪Center for Middle East Studies,No: 22, November 2007 ,p2.‬‬

‫‪ -2‬علي حسين باكير‪ ،‬تركيا الدولة و المجتمع المقومات الجيو‪ -‬سياسية و الجيو – استراتيجية النموذج اإلقليمي و‬
‫االرتقاء العالمي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ -3‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.185‬‬
‫‪ -4‬علي حسين باكير‪ ،‬تركيا الدولة و المجتمع المقومات الجيو‪ -‬سياسية و الجيو – استراتيجية النموذج اإلقليمي و‬
‫االرتقاء العالمي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪5-Arabella Thorp,"Turkey’s 2011 elections and beyond",International Affairs and Defence Section,14 July‬‬
‫‪2011,p2.‬‬
‫‪6- Michael Meier, "The Turkish Election :RESULTS AND NEXT STEPS",Friedrich Ebert Stiftung, Washington,‬‬
‫‪USA, June 2011.‬‬
‫‪7- Gerald Robbins, "Understanding Turkey’s 2011 General Election Results", Foreign Policy Research Institute,‬‬
‫‪June 2011.‬‬
‫‪65‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كان الملفت لألنظار هو عدم التطرق في السياسة الخارجية المعدة من قبل حزب العدالة‬
‫إلى الخالفات االسرائيلية –الفلسطينية‪ ،‬والى العالقات المتوترة مع إسرائيل‪ 1‬و االكتفاء بتوجيه‬
‫إشارات إلى العرب "الربيع العربي"‪ .‬غير أن موضوع إسرائيل حضر بقوة في برنامج حزب‬
‫الشعب الجمهوري المعارض بزعامة "كمال كيليتشدار أوغلو" ‪ .Kemal Kılıçdaroğlu2‬حيث‬
‫تعهد قادة الحزب بإعادة العالقات مع إسرائيل إلى طبيعتها في حال فوزه في االنتخابات‪ ،‬ذلك‬
‫ألن تركيا فقدت دورها بالمنطقة على اثر توتر العالقات بين البلدين فلم تعد أنقرة تقوم بدور‬
‫فعال في دفع عملية السالم في المنطقة‪.3‬‬
‫وفي مقابل ذلك‪ ،‬عبرت إسرائيل عن هذا االنتصار االنتخابي لحزب العدالة والتنمية‬
‫خالل عام ‪ 1022‬م بأنه سيعزز سياسة تركيا الخارجية الحالية ونظرتها إلى ذاتها بوصفها‬
‫شريكا مركزيا والعبا رئيسيا في سياسة المنطقة‪ .‬وهو ما يمكن أن يؤدى إلى تفاقم التوترات بين‬
‫إسرائيل وتركيا في المستقبل‪.4‬‬
‫شهدت تركيا في مارس ‪1023‬م االنتخابات المحلية الثالثة التي يخوضها حزب العدالة‬
‫والتنمية منذ توليه الحكم‪ ،‬وهي االنتخابات األهم واألكثر داللة ليس للفوز الكبير الذي حققه‬
‫حزب العدالة والتنمية‪ ،‬بل أيضا ألن عددا كبي ار من األطراف التركية‪ ،‬اإلقليمية والدولية اعتبرها‬
‫استفتاء على بقاء الحزب في الحكم‪ ،‬فقد تحولت هذه االنتخابات المحلية التي كان يجب أن‬
‫تدور حول مسائل التنمية والتنظيم المحلية البحتة‪ ،‬إلى اقتراع حول مستقبل الدولة ونظام‬
‫الحكم‪ .5‬كما أن احتدام الصراع بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وأحزاب المعارضة جعلها‬
‫انتخابات مصيرية‪ ،‬والعامل الجديد المؤثر في هذه االنتخابات هو دخول جماعة "الخدمة" التي‬
‫يتزعمها رجل الدين المعروف "فتح اهلل غولن" بوصفها تجمعا انتخابيا غير رسمي في مواجهة‬

‫‪ -1‬عبد اإلله مصطفى تو تونجي‪ " ،‬فوز حزب العدالة و التنمية التركي في االنتخابات العامة للمرة الثالثة ‪ 21‬حزيران‬
‫‪ ،"1022‬مركز الشرق األوسط للدراسات‪ ،‬تقرير ‪ ،46‬أغسطس ‪ 1022،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ -2‬محمد نور الدين‪" ،‬تركيا‪ :‬االنتخابات والعالقات مع إسرائيل"‪ ،‬مجلة شؤون األوسط‪ ،‬العدد ‪ ،248‬صيف ‪ ،1022‬ص ص‬
‫‪.109 -105‬‬
‫‪ -3‬سعيد عبد المجيد‪" ،‬الشعب الجمهوري المعارض يتعهد بإعادة الدفء إلى العالقات التركية – اإلسرائيلية"‪ 19 ،‬ماي‬
‫‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=460135&eid=1091.1024‬‬
‫‪ -4‬بولنت آراس وأخرون‪ ،‬التحول التركي تجاه المنطقة العربية‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬مركز دراسات الشرق األوسط‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،1021‬ص ‪.201‬‬
‫‪" - 5‬االنتخابات المحلية التركية‪ :‬الخلفية و النتائج و الدالالت"‪ ،‬الدوحة‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪ 2 ،‬أفريل ‪ ،1023‬ص ‪1‬‬
‫‪66‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الحزب الحاكم‪ ،‬فلئن لم تكن هذه الجماعة على القوائم الحزبية المعلنة التي دخلت االنتخابات‬
‫فإنها تملك تأثي ار في مجرياتها بالنظر إلى دورها اجتماعيا‪ ،‬تربويا‪ ،‬واعالميا‪.‬‬
‫تعد جماعة الخدمة التي نشأت قبل نحو خمسين عاما‪ ،‬من أهم الجماعات ذات الطابع‬
‫الديني في تركيا فعلى الرغم من أنها انطلقت في بدايتها من أهداف اجتماعية فإنها شهدت‬
‫تحوال في طبيعة أهدافها و ممارستها؛ ما أدخلها‪ ،‬وان كان على نحو غير مباشر‪ ،‬في قلب‬
‫العمل السياسي‪ .‬ويتركز أكبر تأثير للجماعة في المراكز التعليمية التي تملكها؛ إذ أنها تدير‬
‫أكثر من ‪ 500‬مدرسة في نحو ‪ 81‬بلدا‪ ،‬وتملك منظومة إعالمية ضخمة تشمل محطات‬
‫تلفزيونية‪ ،‬صحفا‪ ،‬إذاعات‪ ،‬مواقع إلكترونية‪ ،‬مؤسسات إغاثية إضافة إلى معاهد التقوية‪،‬‬
‫كبير‪ 1.‬فعلى خالف تاريخها‪ ،‬دخلت‬
‫ا‬ ‫ومساكن الطلبة التي أكسبت الجماعة تعاطفا جماهيريا‬
‫جماعة فتح اهلل غولن في خالف متصاعد مع حزب العدالة والتنمية‪ ،2‬ولعبت الدور الرئيس في‬
‫محاولة اإلطاحة بالحكومة التركية‪ ،‬مستخدمة نفوذها الواسع في أسالك األمن‪ ،‬القضاء من‬
‫خالل توجيه اتهامات لرجال أعمال مقربين من الحزب الحاكم‪ ،‬أو حتى وزراء سابقين وأبنائهم‪،‬‬
‫بالتورط في قضايا الفساد‪ .‬ونجح فتح اهلل غولن في إرباك حكومة أردوغان بإسقاط عدد من‬
‫‪3‬‬
‫وزرائه المتهمين بقضية الفساد‪.‬‬
‫فاز حزب العدالة والتنمية في هذه االنتخابات المحلية بنسبة ‪ ،%39‬وحزب الشعب‬
‫الجمهوري بنسبة ‪ ،%19‬وحزب الحركة القومية بنسبة ‪ %25‬وحزب السالم والديموقراطية بنسبة‬
‫‪ %9‬من األصوات‪ ،‬وتشير النتائج إلى أن حزب العدالة والتنمية قفز بما يقرب عشر نقاط عن‬
‫نصيبه من األصوات في االنتخابات المحلية لعام ‪1008‬م‪ .‬ومن خالل هذا الفوز غير المتوقع‬
‫لحزب العدالة والتنمية بات من المؤكد أن رجب طيب أردوغان سيخوض معركة االنتخابات‬
‫الرئاسية المقبلة‪ .‬كما كانت المراهنات الداخلية على نتيجة هذه االنتخابات كبيرة‪ ،‬كذلك كانت‬
‫المراهنات االقليمية والدولية‪.4‬‬

‫‪ "- 1‬الخريطة السياسية التركية على أبواب االنتخابات المحلية"‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬مارس ‪،1023‬‬
‫ص ص ‪.1 - 2‬‬
‫‪- 2‬طالل جامل‪ "،‬تركيا‪ :‬جماعة غولن في مقابل حزب العدالة و التنمية‪ ..‬التجاذبات الداخلية والدولية"‪ ،‬مركز الزيتونة‬
‫للدراسات واالستشارات‪ 21 ،‬فيفري ‪http://www.alzaytouna.net/permalink/63157.htm.1023‬‬
‫‪ "- 3‬الخريطة السياسية التركية على أبواب االنتخابات المحلية" ‪،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪67‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ :10‬نتائج األحزاب الثالث الممثلة للبرلمان التركي في االنتخابات المحلية و البرلمانية‬
‫‪2106-2112‬‬

‫‪Source "L'analyse de 2014 sur les élections locales de la Turquie", 15 Mai 2014,‬‬
‫‪http://researchturkey.org/the-analysis-of-2014-local-elections-of-turkey/‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬بوادر التحول في السياسة التركية‬

‫على امتداد الحرب الباردة‪ ،‬كانت تركيا جزءا ال يتج أز من المنظومة الغربية وامتدادها‬
‫اإلسرائيلي في منطقة الشرق األوسط‪ .‬وقد ساهم في ذلك تبني مصطفى كمال أتاتورك النظام‬
‫العلماني والقطيعة التامة‪ ،‬بل والعداء أيضا مع دول الجوار العربي واإلسالمي‪.1‬‬
‫لكن وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة‪ ،‬أحدث تحوال عميقا ليس فقط في‬
‫التوجهات‪ ،‬بل حتى في أصول السياسة المتبعة‪ .‬حيث أنها المرة األولى التي يأتي فيها حزب‬
‫سياسي يحمل مسبقا رؤية مختلفة عن مكانة تركيا وموقعها في الساحتين اإلقليمية والدولية‪.2‬‬
‫ويتعين إدراك إعادة توجيه‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد بوبوش‪" ،‬التوجهات الجديدة للسياسة التركية الخارجية"‪ ،‬مجلة دراسات شرق أوسطية‪ ،‬السنة ‪ ،25‬العدد ‪ ،55‬ربيع‬
‫‪ ،1022‬ص ‪.47‬‬
‫‪ -2‬محمد نور الدين‪" ،‬السياسة الخارجية أسس ومرتكزات" ‪ ،‬في‪ :‬محمد عبد العاطي ( محرر) ‪ ،‬تركيا بين تحديات الداخل‬
‫ورهانات الخارج‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬الطبعة األولي‪ ،1008 ،‬ص ‪.219‬‬
‫‪68‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عالقات تركيا الخارجية في إطار التصور العثماني الجديد* استنادا إلى نظرية "العمق‬
‫االستراتيجي"** التي وضعها وزير خارجية تركيا حاليا أحمد داود أوغلو ‪.1 Ahmet Davutoğl‬‬
‫والذي جمع بين المعيارين "العمق الجغرافي" االستراتيجي و"العمق التاريخي" الثقافي لتركيا تحت‬
‫اسم واحد هو "العمق االستراتيجي" والفكرة الرئيسية من هذه النظرية أن قيمة أي دولة في‬
‫العالقات الدولية تنبع من موقعها الجيو‪ -‬استراتيجي وعمقها التاريخي‪ ،2‬ولهذا فإن تركيا تتميز‬
‫بالعمق الجغرافي حيث أنها دولة مركزية ‪ ،‬كما أنها تعتبر عمق تاريخي يتمثل باإلرث العثماني‪،‬‬
‫الذي انعكس على واقع الدولة التركية المعاصرة بوجود خليط من العناصر البشرية المختلفة‬
‫جميعا تلتقي تحت مظلة الدولة التركية‪ ،3‬كما أن هذه النظرية تقوم على مجموعة من‬

‫* العثمانية الجديدة؛ مبادرة أطلقها الرئيس التركي تورغوت أوزال و التي كان جنكيز تشاند ار ‪، cengiz candar‬المعلق‬
‫ولد في ظلها كيان‬
‫والمحلل السياسي ومستشار أوزال من أبرز المنظرين لها‪ .‬والعثمانية الجديدة هي نتاج لتبدل الظروف التي ّ‬
‫الجمهورية التركية‪ ،‬وهي بذلك تجاوز ألحد أهم طروحات الكمالية في السياسية الخارجية حول االنكفاء إلى حد االنعزال عن‬
‫التورط في ما يجري خارج الحدود وفقا "لشعار سالم في الوطن‪ ،‬سالم في العالم"‪ ،‬وقد كان التورط التركي الكامل في حرب‬
‫الخليج الثانية ذروة التعبير عن إسقاط ذلك الشعار‪ .‬وهي قيام تركيا بدور حيوي وفاعل في محيطها الممتد من األدرياتيك إلى‬
‫صور الصين مرو ار بالشرق األوسط‪ ،‬أي تلك المناطق التي كانت في وقت مضى جزءا من الدولة العثمانية‪ ،‬مضافا إليها‬
‫الجمهوريات اإلسالمية في القوقاز وآسيا الوسطى‪ .‬وهي المصطلح الذي أطلق على ما يحدث في تركيا الجديدة منذ عام‬
‫‪ 1001‬م‪ ،‬وصعود حزب العدالة و التنمية إلى السلطة واالستفادة من األحداث اإليجابية في التاريخ الطويل لهذه الدولة للدور‬
‫الذي لعبته على مدى سبعة قرون‪ .‬وهو ما قد يخدمها في تنامي دورها في منطقة الشرق األوسط‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‬
‫اعترض داود أوغلو وحزب العدالة و التنمية بشكل قوي على تسمية الغربين للسياسة التركية الجديدة بالعثمانية الجديدة لتجنبهم‬
‫أن ترتبط سياستهم الجديدة بالهيمنة واالستغالل‪ ،‬ولكنهم أرادوها قائمة على التعاون وتجاوز المشكالت‪.‬‬
‫** العمق االستراتيجي ؛ مصطلح عسكري يستخدم لوصف المناطق الفاصلة بين خطوط القتال وبين المدن الكبرى ومناطق‬
‫الثقل السكاني والصناعي للدولة‪ ،‬يكمن المعيار األساسي للمناطق التي تشكل عمقا استراتيجيا في مدى مقدرة الجيش على‬
‫االنسحاب تكتيكيا من تلك المناطق في حال تعرضه لهجوم معادي دون أن يخسر الحرب أو القدرة على مواصلة الحرب‪ .‬إال‬
‫أن وزير الخارجية التركية أحمد داود أوغلو يحاول أقلمته واستثماره في ميدان العلوم السياسية‪ ،‬وبالتحديد في عالقات بالده‬
‫الدولية‪ ،‬من خالل رصد مظاهر هذا العمق الذي تتمتع به تركيا‪ ،‬ساعيا إلى إخراجها من حالة الطرفية الهامشية‪ ،‬التي عاشتها‬
‫خالل الحرب الباردة ونقلها إلى مصاف بلد مركزي‪ ،‬فاعل ومبادر‪ ،‬ويقوم بأدوار محورية ومؤثر في مختلف القضايا اإلقليمية‬
‫والدولية‪.‬‬
‫‪ -1‬ميشال نوفل‪ ،‬عودة تركيا إلى الشرق‪ :‬االتجاهات الجديدة للسياسة التركية‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،1020 ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ -2‬توفيق المديني‪ " ،‬السياسة الخارجية التركية الجديدة كما يراها أوغلو الموقع االستراتيجي في الساحة الدولية"‪ ،‬جريدة‬
‫المستقبل‪ ،‬العدد ‪ 11( ،4909‬تشرين األول ‪.)1020‬‬
‫‪3- ZiyaÖniş and ŞuhnazYılmaz, Between Europeanization And Euro-Asianism:Foreign Policy Activism In‬‬
‫‪Turkey During The AKP Era,2009, p 5.‬‬
‫‪69‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫االستعدادات والتوجيهات األساسية يتقدمها االستعداد للتصالح مع إرث تركيا اإلسالمي‬


‫والعثماني‪ ،‬داخليا وخارجيا‪ .1‬داخليا؛ التصالح مع اإلرث العثماني يفسح المجال أمام تعريف‬
‫جديد للمواطنة أكثر تقبال لتعدد الثقافات واألعراق‪ ،‬فضال عن درجة أعلى من التسامح في‬
‫تعريف العلمانية‪ ،‬والتخفيف من حدة القطيعة مع هوية تركيا كدولة إسالمية‪ .‬خارجيا؛ توسيع‬
‫رؤى السياسة الخارجية التركية من خالل احتضان إرث القوة العظمى العثماني‪ ،‬واعادة تعريف‬
‫هوية تركيا االستراتيجية والقومية‪.2‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يتعين على تركيا أن تمارس دو ار أكثر حيوية في السياسة الخارجية‪،‬‬
‫وأن تعتمد القوة الناعمة سياسيا واقتصاديا في الواليات العثمانية السابقة وفي المناطق األخرى‪،‬‬
‫حيث لتركيا مصالح قومية واستراتيجية‪ 3.‬وذلك انطالقا من مجموعة مبادئ وأسس حدد ها أحمد‬
‫داود أوغلو عام ‪1002‬م في كتابه‪" :‬العمق االستراتيجي‪ :‬موقع تركيا ودورها في الساحة‬
‫الدولية"‪ ،‬متمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫مبادئ السياسة الخارجية التركية الجديدة‬
‫مبدأ التوازن السليم بين الحرية و األمن؛ هذا المبدأ يساعد الدول على التأثير في محيطها‬ ‫‪‬‬

‫ذلك‪ ،‬ألن مشروعية األنظمة السياسية تنطلق من مدى إمكانياتها على توفير األمن لشعوبها‬
‫دون تقليص حرياتهم‪ .‬وما نعنيه هنا هو أن األنظمة التي توفر األمن لشعوبها في ظل‬
‫غياب للحريات تتحول مع الوقت إلى أنظمة تسلطية‪ .‬وحسب داود أغلو‪ ،‬فإن تركيا قد‬
‫نجحت في هذه المعادلة‪ .‬فرغم التحديات التي تعرضت لها تركيا في عام ‪1002‬م المتمثلة‬
‫في الكفاح ضد اإلرهاب وتهديداته‪ ،‬إال أنها حرصت على حماية الحريات المدنية‪ ،‬وعلى‬
‫العمل على عدم تضييق مجالها‪ ،‬ففي خريف ‪1007‬م قام الجيش التركي بعملية عسكرية‬
‫ضد التشكيالت اإلرهابية في العراق لعدة أسابيع‪ ،‬ورغم هذا السلطات التركية لم تعلن حالة‬
‫الطوارئ‪ ،‬كما أن االنتخابات أيضا لم تتأثر‪ ،‬هذه التجربة بينت أن الميزان بين الديمقراطية‬

‫‪ -1‬ميشال نوفل‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.93‬‬


‫‪ -2‬علي جالل معوض‪" ،‬العثمانية الجديدة ؟ الدور اإلقليمي التركي في الشرق األوسط"‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المركز الدولي للدراسات‬
‫المستقبلية واالستراتيجية‪ .‬أكتوبر‪ ،1008 ،‬ص ص ‪.9-7‬‬
‫‪ -3‬ميشال نوفل‪ ،‬عودة تركيا إلى الشرق‪ :‬االتجاهات الجديدة للسياسة التركية ‪،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪70‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫واألمن مستقر في تركيا‪ ،‬وانها البلد الوحيد الذي نجح في التقدم على صعيد اإلصالح‬
‫السياسي دون التفريط بالمتطلبات األمنية وهو ما جعل تركيا نموذجا للبلدان األخرى‪.1‬‬
‫مبدأ تصفير المشكالت مع دول الجوار أي؛ صفر مشاكل؛ ويعني إخراج تركيا من صورة‬ ‫‪‬‬

‫البلد المحاط بالمشكالت‪ ،‬والدخول في صورة البلد ذي العالقات الجيدة مع الجميع‪ .‬وتحقيق‬
‫هذا المبدأ يمنح السياسة الخارجية التركية استثنائية على المناورة‪ .2‬وهو مبدأ تتضح نتائجه‬
‫اإليجابية بجالء لكل متابع‪ ،‬فعند مقارنة وضع تركيا اآلن بما كانت عليه قبل سنوات سنجد‬
‫أن عالقاتها مع كافة دول الجوار باتت عالقات وطيدة‪ ،‬وأبرز األمثلة على ذلك عالقاتها‬
‫مع سوريا‪ -‬قبل االنتفاضة‪ -‬والتي توجت بإبرام عدد من اتفاقيات التجارة الحرة بين البلدين‪،‬‬
‫وقد ارتقي مستوي عالقة تركيا بسوريا إلى حد أصبحت نموذج يحتذي به في المنطقة‪،‬‬
‫مقارنة بما كانت عليه قبل عشرة أعوام أو خمسة عشرة عاما وعلى النحو ذاته طورت تركيا‬
‫عالقاتها مع جورجيا‪ ،‬فأصبح من الممكن لتركيا استخدام مطار " بتوم ‪ " Batum -‬كما لو‬
‫كانت تستخدم أحد مطاراتها الداخلية ‪ ،‬وأيضا إنشاء مشروع سكة حديد ‪ -،‬باكو‪ -‬تبيليسي‪-‬‬
‫كارس ‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلك عززت تركيا عالقاتها مع أرمينيا بالتوقيع على اتفاقيات تطبيع‬
‫معها بعدها كانت العالقة بينهما تتسم بالعداء على خلفية اتهام أرمينيا تركيا بارتكاب جرائم‬
‫إبادة ضد األرمن أيام الدول العثمانية‪ ،‬وهذا يعتبر انجا از مهما لتركيا وكذلك الشأن بالنسبة‬
‫لعالقاتها مع روسيا حيث أصبحت عالقات تعاون وشراكة بعدما كانت عالقات تنافس على‬
‫مناطق النفوذ ويتضح ذلك في إشتراك روسيا في مشروع أنابيب نقل النقط ‪ -‬باكو تبيليسي‬
‫‪ -‬جيهان‪ ،‬وفي منطقة البلقان عززت تركيا عالقاتها مع بلغاريا بعد انضمام هذه األخيرة‬
‫إلى اال تحاد األوروبي‪ ،‬وهذا ما يبرز بشكل واضح مدى النجاح الذي تحققه تركيا في‬
‫تطبيقها مبدأ تصفير المشاكل مع دول الجوار‪ .‬وفي ظل حالة التوتر الدولي تجاه إيران‬
‫بسبب الملف النووي‪ ،‬حافظت تركيا على عالقاتها مع إيران‪ ،‬أما عالقات تركيا مع العراق ‪،‬‬
‫فقد تطورت إلى حد كبير وملموس‪ ،‬إذا تم تشكيل مجلس استراتيجي رفيع المستوي من كال‬

‫‪ -1‬أحمد داود أوغلو‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.921‬‬


‫‪ -2‬محمد نور الدين‪" ،‬تركيا‪ ...‬إلى أين؟ دور وتحديات"‪ 21 ،‬ديسمبر ‪،1024‬‬
‫‪http://www.estqlal.com/article.php?id=28497‬‬
‫‪71‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الدولتين‪ ،‬يستهدف عقد اجتماعات مشتركة يشارك فيها الوزراء المختصون بقيادة رئيسي‬
‫وزراء الدولتين ‪.1‬‬
‫مبدأ التأثير في األقاليم الداخلية والخارجية لدول الجوار؛ يقدم داود أوغلو في إطار مقارنة‬ ‫‪‬‬

‫عن تأثير السياسة الخارجية التركية في البلقان والشرق األسط خالل عقد التسعينيات من‬
‫القرن العشرين‪ .‬بحيث يذهب إلى أن التأثير التركي في البلقان خاصة في أزمتي البوسنة‬
‫والهرسك وكوسوفو‪ ،‬كان يرتكز على أسس راسخة‪ .‬في حين ظلت قدرة تركيا على التأثير‬
‫في الشرق األوسط محدودة بسبب األزمة السورية – التركية‪ ،‬و التي أدت بدورها إلى عدم‬
‫انفتاح تركيا على العرب‪ ،‬بحيث تجسدت النظرة السلبية في اعتقاد األتراك أن العرب قد‬
‫خانوا الدولة العثمانية‪ .‬أما العرب؛ فيعتقدون أن األتراك قد احتلوا األرض العربية لمدة أربعة‬
‫قرون‪ .‬لكن الوضع اختلف بعد صعود حزب العدالة والتنمية‪ .‬فالضروريات البراغماتية‬
‫المتبادلة بين الطرفين‪ ،‬فتحت المجال أمام مسار جديد في سياسة تركيا تجاه الشرق‬
‫األوسط‪.‬‬
‫مبدأ السياسة الخارجية متعددة األبعاد؛ يرتكز هذا المبدأ على أن العالقات مع الالعبين‬ ‫‪‬‬

‫الدوليين ليست بديلة عن بعضها البعض‪ ،‬بل هي متكاملة فيما بينها‪ ،2‬حيث تسعى تركيا‬
‫إلى تنمية وتعميق عالقاتها بدول المنطقة‪ ،‬بما فيها العراق إيران وسوريا ومن ناحية أخرى‬
‫تسعى إلى إحداث توازن دقيق في عالقاتها بكل من إسرائيل والواليات المتحدة‪.3‬‬
‫مبدأ الدبلوماسية المتناغمة؛ وصول حزب العدالة و التنمية إلى الحكم ساهم في زيادة أداء‬ ‫‪‬‬

‫تركيا الدبلوماسي‪ ،‬وذلك من خالل استضافتها للعديد من المؤتمرات والقمم الدولية مثل قمة‬
‫حلف الشمال األطلسي‪ ،‬وقمة منظمة المؤتمر اإلسالمي‪ .‬كما أصبحت تركيا عضوا مراقبا‬
‫في منظمة االتحاد اإلفريقي عام ‪.1007‬‬
‫مبدأ األسلوب الدبلوماسي الجديد؛ كانت تركيا في نظر العالم دولة جسرية‪ ،‬بين األطراف‬ ‫‪‬‬

‫الكبرى دون أن يكون لها دور فاعال‪ .‬حيث كانت نظرة الشرق إليها على أنها دولة غربية‪،‬‬
‫وفي نظرة الغرب دولة شرقية‪ .‬لذلك أصبح من الضروري رسم خريطة جديدة لتركيا تجعلها‬
‫مرشحة ألداء دور مركزي؛ أي أن تصبح دولة قادرة على إنتاج األفكار والحلول في محافل‬

‫‪ - 1‬أحمد داود أوغلو‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.924‬‬


‫‪ -2‬أحمد داود أوغلو‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.223‬‬
‫‪ -3‬علي جالل معوض‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪72‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الشرق ورافعة هويتها الشرقية‪ ،‬وفي نفس الوقت قادرة على مناقشة مستقبل أروبا داخل‬
‫المحافل األوربية من خالل نظرتها األوروبية‪.1‬‬
‫كما يشير أحمد داود أوغلو إلى أربعة مبادئ التي تشكل الرؤية التركية تجاه الشرق األوسط‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬
‫إحالل وتحقيق األمن المشترك لكل دول المنطقة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫االرتقاء بمستوى الحوار السياسي إلى أعلى درجة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تعزيز االعتماد المتبادل بين اقتصاديات المنطقة للوصول لمرحلة التكامل واالندماج بما‬ ‫‪‬‬

‫يحقق االستقرار في المنطقة‪.‬‬


‫التعايش الثقافي ويكون بالحفاظ على وحدة الكيانات القائمة في أطر التسامح الثقافي‬ ‫‪‬‬

‫والتعددية وتجنب إثارة قضايا التمايز الطائفية والعرقية‪.2‬‬


‫وفي نظرة تحليلية لهذه المبادئ واألسس‪ ،‬نستنتج بأن التغير الهيكلي في عالقات تركيا‬
‫في منطقة الشرق األوسط و العالم العربي واإلسالمي وفتورها مع إسرائيل‪ ،‬كان نتيجة أن‬
‫النخب السياسية في تركيا قامت بإعادة تعريف من " هم" وماذا "يريدون" وبالتالي تم إعادة‬
‫تعريف مصالح تركيا‪ ،‬فمنذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة جعل خياره االستراتيجي‬
‫إعادة دمج تركيا في النظام السياسي العربي واإلسالمي اإلقليمي‪3‬ففي الوقت الذي قامت فيه‬
‫العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية تم تجاهل المعايير المجتمعية ذات الصلة بالقيم والمبادئ الدينية‬
‫من قبل صناع القرار في الدولتين غير أن صعود حزب العدالة و التنمية إلى السلطة عجل‬
‫بعودة المعايير القيمية و الهوية الدينية في تركيا والتي كانت لها أثا ار واضحة على سياستها‬
‫الخارجية تجاه إسرائيل‪.4‬‬
‫واستنادا لمتغيرات المنظور البنائي‪ ،‬يمكننا رد مظاهر هذا التغير إلى "هوية" و"أفكار"‬
‫قيادات حزب العدالة والتنمية‪ ،‬والكيفية التي تتفاعل بها مع بعضها البعض‪ ،‬لتشكل الطريقة‬

‫‪ -1‬أحمد داود أوغلو‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.225 -223‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.910‬‬
‫‪3- Martina Warning and Tuncay Kardaş, "The Impact of Changing Islamic Identity on Turkey’s New Foreign‬‬
‫‪Policy", ALTERNATIVES TURKISH JOURNAL OF INTERNATIONAL RELATIONS, Vol. 10, No: 2-3,‬‬
‫‪Summer-Fall 2011,p129.‬‬
‫‪ -4‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.513‬‬
‫‪73‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫التي تنظر بها تركيا لمختلف المواقف وتستجيب لها تبعا لذلك‪ .1‬فالهوية في أحد وجوهها هي‬
‫مجموعة القيم السائدة لدى النظام السياسي‪ ،‬ونخبته الحاكمة ومن الطبيعي أن تختلف مدركات‬
‫هذه الهوية من حزب سياسي إلى آخر ومن تيار سياسي إلى آخر‪ .‬ومن هنا‪ ،‬ينبغي التنويه‬
‫بالدور الكبير الذي يلعبه حزب العدالة والتنمية على خلفية وضوح مسألة الهوية لديه‪ 2‬في إعادة‬
‫قراءة عدد من األبعاد الثقافية والتاريخية للهوية العثمانية‪ ،‬والى إعادة تقيم دورها في المنطقة‪،‬‬
‫وتأكيد أهمية موقعها كعنصر فعال وقوى في سياسات المنطقة‪ ،‬أدت هذه التحوالت إلى تغيرات‬
‫مهمة بالهوية الوطنية وتحول مسارها إلى جانب عوامل أخرى‪ ،‬مثل زيادة القيم الدينية‪ ،‬التي‬
‫مهدت بدورها الطريق لتأكيد عالقة أنقرة بالدول اإلسالمية المحيطة بها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬أصبح‬
‫األتراك غير راضين على عالقة أنقرة بتل أبيب‪ ،‬والتي كانت تعتبر أحد ثوابت المنظومة‬
‫الخارجية التركية‪ .3‬كما يمكن مالحظة اهتمام واضح "بالروابط التاريخية" في الرؤية التي‬
‫يطرحها أحمد داوود أوغلو للسياسة التركية‪ ،‬بحيث تستمد تركيا مكانتها كدولة مركز جزئيا من‬
‫عمقها التاريخي‪ ،‬باعتبارها كانت "في مركز األحداث التاريخية"‪ .‬وذلك كمصدر "لألفكار"‬
‫و"الهوية واالستم اررية االستراتيجية‪ ،‬مع سيادة نظرة إيجابية لهذه "الخبرة التاريخية" بوصفها‬
‫تعكس تقاليد تركيا في اإلصالح‪ ،‬والنجا ح في تحقيق النظام واالستقرار على المستوى‪ ،‬اإلقليمي‬
‫وتوفير صياغات للتعايش بين مختلف الهويات والجماعات‪ .‬وال يقتصر هذا االستدعاء" للتاريخ‬
‫"على المستوى التنظيري‪ ،‬وانما تكررت اإلشارة إليه في "خطابات" وتصريحات مسؤولي العدالة‬
‫والتنمية‪ ،‬التي تبرز أن الرغبة في استعادة " أمجاد الماضي" تمثل أحد عناصر رؤية الحكومة‬
‫انطالقا من مسؤولياتها التاريخية باعتبارها تملك "السجالت التاريخية للمنطقة" على حد تعبير‬
‫عبد اهلل جول‪ ،‬وباعتبار األتراك الحاليين هم "أحفاد العثمانيين" وفقا لتعبيرات رجب طيب‬
‫أردوغان‪ .‬ويفترض المنظور البنائي أن اهتماما خاصا يجب ايالئه لمسائل "حس العظمة"‬
‫و"الثقة بالنفس " في السياسة الخارجية‪ ،‬نتيجة "إدراك " تركيا لنفسها كقوة إقليمية عظمى ودولة‬
‫مركزية أو محورية قادرة على االضطالع بأدوار دبلوماسية‪ ،‬سياسية و اقتصادية فعالة في‬

‫‪-1‬علي جالل معوض‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.5‬‬


‫‪ -2‬مصطفى اللباد‪" ،‬الحوار العربي – التركي‪ ...‬رؤى أكاديمية"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،35‬العدد ‪ ،278‬يناير‬
‫‪ ،1020‬ص ‪.279‬‬
‫‪ -3‬ريم عوني‪ ،‬ريم عوني‪" ،‬رؤية أوروبية للدور التركي"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،33‬العدد ‪277‬ن يوليو ‪،1008‬‬
‫ص ‪.194‬‬
‫‪74‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫العديد من الدوائر الجغرافية‪ ،‬من بينها الشرق األوسط‪ ،‬باإلضافة إلى التحرر من االنعزال‬
‫والشك نتيجة االعتقاد بتعرض الداخل التركي للتهديد باالستمرار من قبل أطراف خارجية‪.1‬‬
‫تقيم النظرية البنائية سلوك تركيا تجاه إسرائيل في ضوء مجموعة من‬
‫إلى جانب ذلك‪ّ ،‬‬
‫"المعايير" التي تجسد "هوية" تركيا الدولية والتي من خاللها نفسر انتقاداتها إلسرائيل‬
‫كاالعتبارات اإلنسانية‪ ،‬بكونها بلد ديمقراطي وتحترم حقوق اإلنسان‪ .‬حيث نددت بضرورة احترام‬
‫إسرائيل للقانون الدولي ولق اررات مجلس األمن‪ ،‬إذ يتصف الهجوم على قافلة الحرية بأنه اعتداء‬
‫صارخ على أحكام القانون الدولي الوضعي‪ ،‬وهو اعتداء مركب وليس أحادي؛ بمعني أنه‬
‫ينطوي على جملة من الخروقات واالنتهاكات لعدد من قواعد القانون الدولي ومبادئه‪ ،‬وليس‬
‫‪2‬‬
‫لقاعدة واحدة‪.‬‬
‫وبالنسبة للرؤية اإلسرائيلية للتحول في السياسة التركية؛ فقد أكدت دراسات استراتيجية‬
‫إسرائيلية على أن كتابات وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو أساسا نظريا يفسر توجهات تركيا‬
‫الخارجية‪ .‬حيث أن الماضي العثماني والدين واللغة بوصفها قواسم مشتركية بين تركيا وأجزاء‬
‫كبيرة من جوارها الجغرافي‪ ،‬فضال عن موقع تركيا الجيواستراتيجي تتحدد مجتمعة مكونات‬
‫السياسة الخارجية التركية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تؤكد بعض الدراسات اإلسرائيلية على أن التحول في‬
‫السياسة الخارجية التركية هو تحول عميق يحمل في ثناياه بذور انشقاق مع إسرائيل و الواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪ .‬كما أكدت الباحثة اإلسرائيلية المختصة في الشأن التركي "غاليا لندنشراوس"‬
‫أن تدهور العالقات التركية – اإلسرائيلية يعود إلى تغي ارت عميقة في السياسة التركية تتعلق‬
‫برؤية تركيا لذاتها وللعالم من حولها‪.3‬‬
‫وبذلك‪ ،‬نالحظ أن هذا التحول والتغيير في السياسة الخارجية التركية‪ ،‬وظهور أسس‬
‫وأدوات جديدة‪ ،‬أوجدت توت ار في عالقاتها مع إسرائيل‪ ،‬وتوجهت نحو إقامة العديد من العالقات‬
‫وفي مجاالت مختلفة مع البلدان العربية واإلسالمية في الشرق األوسط وافريقيا والبلقان وغيرها‪.‬‬

‫‪ -1‬علي جالل معوض‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.7-9‬‬


‫‪ -2‬محمد موسى‪" ،‬األبعاد القانونية لهجوم إسرائيل على أسطول الحرية"‪ ،‬في‪ :‬أمر اهلل إيشلر ( محرر)‪ ،‬تركيا واسرائيل و‬
‫حصار غزة‪ ،‬شهرية الشرق األوسط‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬مركز دراسات الشرق األوسط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1020 ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ -3‬بولنت آراس وأخرون‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.87-89‬‬
‫‪75‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫المؤسسة العسكرية والعالقات التركية – اإلسرائيلية خالل فترة حكم حزب العدالة‬
‫والتنمية‬
‫منذ قيام الدولة التركية الحديثة على أنقاض اإلمبراطورية العثمانية‪ ،‬لعبت المؤسسة‬
‫العسكرية دو ار محوريا في علمنة الدولة والنظام وتوجيه تركيا نحو الغرب – إسرائيل والواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪ ،‬ونتج عن ذلك قيام العسكر بالتدخل بشكل مباشر وغير مباشر في النظام‬
‫السياسي التركي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دور المؤسسة العسكرية‬
‫لم يكن وصول حزب العدالة إلى السلطة وبمفرده حدثا عاديا إذ شهدت مرحلة حكمه‬
‫تغيرات جوهرية مست جميع القطاعات‪ ،‬فقد شهدت تحوالت دستورية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬اقتصادية‬
‫وخارجية حاسمة‪ ،‬أعادت ترتيب أولويات تركيا‪ ،‬مما شكل انقالبا على التوازنات الداخلية وفي‬
‫السياسة الخارجية‪ .1‬وقد تبني الحزب لبرنامج إصالحي يتضمن متطلبات تحقيق معايير‬
‫كوبنهاجن لالنضمام إلى االتحاد األوروبي كونه مطلب قومي أتاتوركي وتنادي به مختلف‬
‫‪1‬‬
‫النخب العلمانية وكذا الشعب التركي ألجل تحقيق الرفاه االقتصادي‪.‬‬
‫أخذ الحزب أولى خطواته نحو تحقيق الديمقراطية وترسيخ دولة القانون واحترام حقوق‬
‫اإلنسان وحماية األقلي ات من خالل إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتشريعاتها الدستورية والقانونية‬
‫لتنسجم مع معايير كوبنهاجن‪.2‬‬
‫وكان أول تعديل للدستور في عام ‪1003‬م‪ .‬حيث تم تعديل عدد من المواد في الدستور‬
‫من شأنها توسيع الحريات‪ ،‬وارساء الديمقراطية‪ ،‬وتعزيز الحريات‪ .‬وثاني تعديل كان خالل عام‬
‫‪1022‬م‪ .‬حيث تم تعديل ‪ 19‬مادة‪ .‬كانت في هذا التعديل مادتان متعلقتان بإعادة هيكلة‬
‫محكمة الدستور واعادة اللجنة العليا للقضاة والمدعين‪ .‬كان هناك نقاش كبير حول هاتين‬

‫‪ - 1‬محمد نور الدين‪" ،‬السياسة الخارجية أسس ومرتكزات" المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪.249‬‬

‫‪ - 2‬طارق عبد الجليل‪ ،‬الجيش و الحياة السياسية‪ ...‬تفكيك القبضة الحديدة‪ ،‬في‪ :‬محمد عبد العاطي ( محرر) ‪ ،‬تركيا بين‬
‫تحديات الداخل ورهانات الخارج‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬الطبعة األولي‪ ،1008 ،‬ص ص ‪79-77‬‬
‫‪76‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المادتين‪ ،‬وعارضت أحزاب المعارضة بشدة على هاتين المادتين‪ ،‬ولكن الشعب التركي أقر‬
‫التعديل نتيجة االستفتاء بنسبة ‪.1%59‬‬
‫وقد كان التحول األبرز واألقوى في العالقات المدنية ‪ -‬العسكرية داخل مجلس األمن‬
‫القومي واألمانة العامة من خالل الحزمة القانونية (‪ )07‬التي صادق عليها البرلمان في ‪40‬‬
‫جويلية ‪ 1004‬م‪ ،‬والتي تهدف إلى الحد من دور الجيش في الحياة السياسية‪ ،‬وذلك بتقليص‬
‫صالحياته دستوريا وقانونيا وقد تناولت هذه التعديالت تقليص وضعية ودور الجيش في‬
‫السياسة من خالل عاملين‪:‬‬
‫‪.2‬إلغاء هيمنة المؤسسة العسكرية على بنية مجلس األمن القومي‬
‫‪ .1‬تقليص سلطات المجلس التنفيذية‪.‬‬
‫وقد تم في التعديل الخاص بالمادة (‪ )25‬من قانون المجلس بإلغاء البند الخاص‪ ،‬بتعيين‬
‫األمين العام من بين أعضاء القوات المسلحة‪ ،‬لتنص بعد التعديل على إمكانية أن تتولى‬
‫شخصية مدنية هذا المنصب‪ ،‬وبعد انتهاء والية األمين العام عين "محمد البوجان" في ‪ 27‬أوت‬
‫‪1003‬م كأول شخصية مدنية تتولى هذا المنصب‪ .‬كما عدلت المادة (‪ )3‬والتي من خاللها‬
‫كان المجلس وأمانته يضطلعون بمهمة المتابعة والتقييم الدائم لعناصر القوى الوطنية واألوضاع‬
‫السياسية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬الثقافية والتقنية للدولة باعتباره حامي القيم الوطنية وموجهها‬
‫نحو المبادئ األتاتوركية‪ ،‬وبعد تعديلها نصت على أن مهمة المجلس تقتصر على رسم وتطبيق‬
‫سياسات األمن الوطني واخبار مجلس الوزراء بآرائه ويقوم بتنفيذ ومتابعة ما ينسبه إليه من‬
‫مهام‪ .2‬كما ضمن التعديل األمانة العامة للمجلس من خالل المادة (‪ )24‬التي أفقدتها دورها‬
‫الرقابي والمبادرة في وضع ق اررات المجلس ووضع الخطط والمشاريع للو ازرات والمؤسسات‬
‫ليقتصر دورها فيما بعد على تنفيذ ما يسندها من مهام من قبل مجلس األمن القومي‪،‬أما إلغاء‬
‫المواد (‪)8‬و(‪)23‬و(‪ )28‬فقد أفقدها حقها في الحصول على الوثائق والمعلومات السرية عند‬
‫طلبها من كافة المؤسسات والهيئات‪ .‬أما تعديل المادة (‪ )40‬فقد أخضع المؤسسة العسكرية‬
‫واطاراتها إلشراف ومراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات بعد أن كانوا معفيين من الرقابة المالية‬
‫بموجب هذه المادة‪ .‬كما أجرى تعديل دستوري في ‪ 07‬ماي ‪ 1003‬للمادة (‪ )242‬يهدف إللغاء‬

‫‪ - 1‬أمر اهلل إيشلر‪" ،‬مغزى التحوالت في تركيا ومستقبل العالقات التركية‪ -‬العربية"‪ 21 ،‬جانفي ‪،1023‬‬
‫‪http://www.mesc.com.jo/activities/lecture/lecture1.html‬‬
‫‪ -2‬طارق عبد الجليل‪ ،‬الجيش و الحياة السياسية‪ ...‬تفكيك القبضة الحديدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪78-79‬‬
‫‪77‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عضوية الجنرال العسكري من مجلس إدارة المجلس األعلى للتعليم‪ .‬كذلك تضمنت هذه‬
‫التعديالت السم اح برفع الدعاوي القضائية الستجواب ومقاضاة الجنراالت القدامى بشأن قضايا‬
‫الفساد والزام العسكريين بتقديم التصريحات اإلعالمية الخاصة بالشؤون العسكرية فقط‪ .‬كل هذه‬
‫التعديالت أدت إلى تقليص مهام المؤسسة العسكرية داخل الحياة السياسية حيث اضطلعت‬
‫بالقيام بأدوار تخص المجال العسكري واألمني فقط‪.1‬‬
‫بعد تقلص قدرة الجيش على التدخل في السياسة توجه العلمانيون المتطرفون للقيام‬
‫بانقالب قضائي ضد حزب العدالة والتنمية من خالل المحكمة الدستورية ورفعت دعوة من قبل‬
‫المدعي العام إلغالق الحزب وحرمان قياداته من مزاولة العمل السياسي وفي أثناء دراسة‬
‫المحكمة لهذه الدعوى تمكنت الحكومة من السيطرة على أكبر وأخطر قضية تعرفها تركيا في‬
‫العصر الحديث وهي قضية "أرجنكون" والتي تحوي من بين أعضائها المتهمون بتنفيذ أعمال‬
‫مسلحة وجرائم إعالميين‪ ،‬اقتصاديين أساتذة جامعات‪ ،‬نقابيين ومفكرين وكان على رأس‬
‫المتقاعدين الذين أثبتت محاوالتهم للقيام بانقالب عسكري‬ ‫المنظمة اثنين من الجنراالت‬
‫وارتكاب جرائم عديدة وذلك من خالل تسجيالت صوتية‪ ،‬سربت فيها مواقف للتدخل والضغط‬
‫على النواب لمنع انتخاب عبد اهلل غول رئيسا للجمهورية من طرف رئيس أركان سابق‪.‬‬
‫واعتبرت المرة األولى في تركيا التي يخضع فيها جنراالت عسكريون لمحاكمات مدنية بتهمة‬
‫تزعم منظمة إرهابية وتدبير محاوالت اغتيال لشخصيات سياسية والقيام بأعمال إرهابية وتخريبية‬
‫واعتبر هذا تطو ار هاما لما آلت إليه وضعية الجيش التركي ودوره في السياسة‪ .‬لذلك قامت‬
‫بوضع تعديل جديد لبعض المواد القانونية الخاصة بقانون العقوبات‪ ،‬والذي نص على السماح‬
‫بمحاكمة العسكريين أمام القضاء المدني في أمور تخص أمن الدولة في مقابل عدم محاكمة‬
‫المدنيين أمام المحاكم العسكرية وقد صادق على هذا التعديل رئيس الجمهورية في ‪09‬جويلية‬
‫‪2‬‬
‫‪1008‬م‪.‬‬
‫لقد عادت إلى السلطة التركية الص ارعات المعقدة بين التيارين العلماني واإلسالمي عام‬
‫‪1007‬م‪ ،‬وازدادت حدتها بعدما اقترح حزب العدالة والتنمية اسم عبد اهلل غول" كمرشح لرئاسة‬
‫الجمهورية‪ .‬طرحت هذه المسألة أمام البرلمان باعتباره الهيئة التي تنتخب رئيس الجمهورية‬
‫حسب ما ينص عليه الدستور التركي لكن "غول" لم يتحصل على ثلثي األصوات وهو ما أدى‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.92‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.08‬‬
‫‪78‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إلى قيام ردود فعل عنيفة في أوساط العلمانيين والمؤسسة العسكرية مما جعلها تصدر بيانا‬
‫تعارض فيه ترشيح "غول" وهددت بالتدخل‪ .‬بعد ذلك قدمت شكوى إلى المحكمة الدستورية من‬
‫طرف الحزب الجمهوري معتب ار أنه لم يتحقق النصاب القانوني من الحضور داخل المجلس‬
‫وطلب إبطال نتائج انتخابات المرحلة األولى وقامت المحكمة بعد ذلك باإلعالن بطالن‬
‫‪1‬‬
‫لكن الحزب دعا إلجراء انتخابات مبكرة في ‪ 11‬جويلية ‪1007‬م وهنا ارتفع عدد‬ ‫النتائج‪.‬‬
‫أصوات حزب العدالة والتنمية من ‪ %43.4‬إلى ‪ %39.9‬ومن خالل البرلمان الجديد أنتخب‬
‫"عبد اهلل غول" رئيسا للجمهورية التركية بدعم من حزب الحركة القومية‪ .‬بعد ذلك ظهرت‬
‫قضيتان رئيستان تتعلقان بالعلمانية والمحكمة الدستورية‪ .‬كانت القضية األولى تتعلق بالهيئة‬
‫على البرلمان للتصويت على إجراء تعديالت دستورية تخص حرية الحجاب في الجامعات‪.‬‬
‫والقضية الثانية كانت القرار الذي اتخذته المحكمة بشأن إغالق الحزب غير أن حزب العمل‬
‫القومي أقر تأييده لحزب العدالة والتنمية في حال تقديم أي اقتراح لتعديل الدستور وذلك لجعل‬
‫الحجاب من بين الحريات الشخصية حيث يملك حزب العمل القومي ‪ 72‬مقعدا في البرلمان‪.‬‬
‫وبالرغم من أن التعديل الدستوري تم قبوله بأغلبية كبيرة داخل البرلمان إال أنه تم نقضه بعد‬
‫إحالته إلى المحكمة الدستورية من طرف حزب الشعب الجمهوري‪ .‬وقام رئيس االدعاء العام‬
‫عام ‪1009‬م بطلب إغالق الحزب من طرق المحكمة الدستورية باعتباره "مركز تنسيق للجهود‬
‫الرامية إلى تغيير الطابع العلماني للجمهورية" وبعد ‪ 5‬أشهر من ذلك رفضت المحكمة‬
‫الدستورية إغالق الحزب لكنها وجهت له تحذي ار شديدا‪.2‬‬
‫وقد أسهمت العالقات التركية – اإلسرائيلية في إبراز التدخل العسكري بجالء من خالل‬
‫دوره في السياسة الخارجية التركية‪ .‬وهو ما عبر عنه نائب رئيس األركان السابق الجنيرال‬
‫"شقيف بير" ‪ -‬الذي يعتبر المحرك الرئيس من الجانب التركي للمحور مع إسرائيل‪ -‬بقوله‪:‬‬
‫"القوات المسلحة التركية جزء ال يتج أز من السياسة الخارجية لتركيا"‪.3‬‬

‫‪ - 1‬إدريس بووانو‪" ،‬معادالت خفية في الصراع بين التيار اإلسالمي والتيار العلماني في تركيا"‪ ،‬مجلة المستقبل العربي‪،‬‬
‫العدد ‪ ،188‬جانفي ‪ ،1003‬ص‪.95‬‬
‫‪ -2‬أديب عساف بكر أوغلو‪" ،‬المؤسسة العلمانية واإلسالم في تركيا "‪ ،‬في‪ :‬محمد عبد العاطي ( محرر) ‪ ،‬تركيا بين‬
‫تحديات الداخل ورهانات الخارج‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬الطبعة األولي‪ ،1008 ،‬ص ص ‪.240 -218‬‬
‫‪ -3‬هاكان يفوز‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪79‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ويعتبر العسكر األتراك من أشد المناصرين في تركيا لعالقات قوية مع إسرائيل‪ .‬فهذه‬
‫األخيرة ‪ -‬في نظر الجيش التركي العلماني‪ -‬تعد مهمة كرمز مضاد لإلسالم ومصد ار لنقل‬
‫التقنيات العسكرية العالية والقيمة‪ ،1‬ومصد ار لتقريب تركيا من العالم الغربي‪ ،‬الذي يتعاطف مع‬
‫إسرائيل‪ ،‬باعتبارها في نظره النظام الديموقراطي في المنطقة كما أنهم يذهبون إلى أن العالقات‬
‫التركية – اإلسرائيلي ة تلعب دو ار غير مباشر في دعم موقف المؤسسة العسكرية التركية في‬
‫وقوفها ضد النزاعات االنفصالية لألكراد‪ ،‬ونمو النفوذ اإلسالمي داخل تركيا بحكم تهديده‬
‫لعلمانية الدولة التركية‪ .‬فقد استغلت المؤسسة العسكرية الروابط الوثيقة مع إسرائيل لزيادة‬
‫الضغط على نجم الدين أربكان رئيس وزراء تركيا األسبق المعادي إلسرائيل‪ ،2‬واجباره على‬
‫توثيق العالقة معها‪ .‬والحقيقة أن العداء اإلسالمي للتقارب مع إسرائيل‪ ،‬تم انتهازه كأحد‬
‫األسباب الكثيرة التي استخدمها العسكريون لتبرير قرارهم خارج القانون بعزل أربكان من منصبه‬
‫عام ‪2887‬م‪ .3‬كما أن الصحافة اإلسالمية في تركيا تربط بين الجهود الرامية إلى إغالق‬
‫المدارس اإلسالمية لألئمة والخطباء وتحفيظ القرآن الكريم وبين العسكر الذين يؤيدون سياسة‬
‫التقارب مع اسرائيل‪.4‬‬
‫وفي مقابل ذلك‪ ،‬ترى إسرائيل في المؤسسة العسكرية التركية حليفا سعى على الدوام إلى‬
‫تعزيز التعاون معها‪ 5.‬غير أن حكومة حزب العدالة والتنمية تختلف عن حكومات االئتالف‬
‫السابقة التي كان العسكر يطيح بها‪ .‬فقد نجح رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في تثبيت‬
‫االقتصاد التركي‪ ،‬وحارب الفساد‪ ،‬وأقام عالقات قوية مع دول االتحاد األوروبي‪ ،‬وأقنع العسكر‬
‫أن حزبه ال يهدد العلمانية‪ ،‬وبدأ يحيد عن سياسيات تركيا الجامدة‪ :‬العالقة الوثيقة مع اسرائيل‬
‫والنفور من العالم العربي‪ ،‬خاصة مع ظهور طبقة جديدة من الضباط غير المتأثرين بهوس‬

‫‪ -1‬جراهم فولر‪ ،‬الجمهورية التركية الجديدة‪ :‬تركيا كدولة محورية في العالم اإلسالمي‪ ،‬دولة اإلما ارت العربية المتحدة‪ ،‬أبو‬
‫ظبي‪ ،‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1008 ،‬ص ‪.294‬‬
‫‪ -2‬فوزي درويش‪" ،‬المؤسسة العسكرية واالنضمام إلى االتحاد األوروبي"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،32‬العدد‬
‫‪،299‬أكتوبر ‪ ،1009‬ص ‪.94‬‬
‫‪ -3‬جراهم فولر‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.295‬‬
‫‪ -4‬فوزي درويش‪" ،‬المؤسسة العسكرية واالنضمام إلى االتحاد األوروبي"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫‪ -5‬بولنت آراس وأخرون‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.200‬‬
‫‪80‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الحرب الباردة والمصالح مع الواليات المتحدة األمريكية واسرائيل‪ .‬األمر الذي ساعد حكومة‬
‫العدالة والتنمية من التحكم بهدوء بمعارضة المؤسسة العسكرية للتحوالت الجديدة‪.1‬‬
‫كما يعتبر استبعاد إسرائيل من مناورات "نسر األناضول" ومنع تحليق الطائرات العسكرية‬
‫اإلسرائيلية في المجال الجوي التركي بعد حادثة أسطول الحرية‪ ،‬عالمة فارقة للتوافق بين‬
‫الحكومة والجيش‪ ،‬وأنه يمثل جوهر خسارة الجيش من المبادرة في العالقات مع إسرائيل‪ ،‬وكذلك‬
‫التحول في ميزان العالقات المدنية و العسكرية لصالح السياسة المدنية‪.2‬‬
‫تراجع نفوذ المؤسسة العسكرية في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية‪ .‬فلم يعد للجيش‬
‫التركي ‪ -‬الداعم األول للعالقات اإلستراتيجية مع إسرائيل‪ -‬ذلك الحضور القوي في الساحة‬
‫السياسية‪ ،‬بفضل مجموعة من التطورات استغلتها حكومة العدالة والتنمية إلعادة هندسة الساحة‬
‫السياسية التركية‪ ،‬وبالتالي لم يعد في وسع النخبة العسكرية ممارسة ضغوطها المعتادة على‬
‫القرار السياسي التركي من أجل العودة بالعالقات مع إسرائيل إلى طابعها التحالفي السابق‪،3‬‬
‫خاصة بعد االعتداء اإلسرائيلي المسلح على أسطول الحرية عام ‪1020‬م‪ ،‬والذي يعتبر بمثابة‬
‫اعتداء على الجيش التركي‪.4‬لذلك تراجع التعاون العسكري‪ ،‬خاصة في مجال التدريبات‬
‫المشتركة‪ .‬وهكذا حاول رجب طيب أردوغان تجميد العالقات مع إسرائيل من دون أن يثير ذلك‬
‫قلق المؤسسة العسكرية من توتر تلك العالقات‪ .5‬وهو ما عبر عنه وزير الدفاع اإلسرائيلي‬
‫"إيهود باراك" ‪ ،‬عندما أبرز حقيقة أن إسرائيل لم تكن مدركة بالفعل لدوافع التغيير في السياسة‬
‫الخارجية التركية حتى بعد وقوع مزيد من األزمات ووصولها إلى حد التهديد التركي بقطع‬
‫العالقات بين البلدين بعد حادثة السفينة "مرمرة"‪ ،‬إذ قال باراك في تصريحات صدرت عنه‬
‫خالل عام ‪1020‬م‪:‬‬

‫‪ -1‬أحمد دياب‪ "،‬تركيا‪ ..‬أزمة عابرة أم منافسة قادمة؟"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،48‬العدد‪ ،259‬أكتوبر ‪ ،1003‬ص‬
‫‪.212‬‬
‫‪2-ALİ BALCI and TUNCAY KARDAŞ,"The Changing Dynamics of Turkey’s Relations with Israel: An Analysis‬‬

‫‪of Securitization",Insight Turkey Vol14, No: 2, 2012,p114.‬‬

‫‪ -3‬فاتن نصار‪ "،‬تركيا واسرائيل‪ ..‬محددات المستقبل"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،35‬العدد‪ ،291‬اكتوبر ‪ ،1020‬ص‬
‫ص ‪.253-254‬‬
‫‪ -4‬محمد نور الدين‪" ،‬أسطول الحرية‪ :‬تركيا في مواجهة الحلف اإلسرائيلي‪ -‬الدولي الجديد"‪ ،‬مجلة شؤون األوسط‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،249‬صيف ‪ ،1020‬ص ‪.299‬‬
‫‪ -5‬جورج فريدمان‪ "،‬ثورة أردوغان ومستقبل الدولة التركية"‪ ،‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫العدد ‪،1008 ،492‬ص ‪.218‬‬
‫‪81‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫" إن هناك تغيي ار عميقا في السياسة التركية‪ ،‬وان الجهات التي سبق أن أيدت إقامة عالقات مع إسرائيل‬
‫‪1‬‬
‫والغرب أخذت تفقد قوتها"‪.‬‬
‫وكان باراك يقصد بوضوح المؤسسة العسكرية والنخبة العلمانية في تركيا‪ .‬وهو اعتراف‬
‫بأن الرهان على قدرة المؤسسة العسكرية التركية على الحفاظ على مكانتها‪ ،‬ومن ثم إحكامها‬
‫قبضتها على توجيه السياسة الخارجية لتركيا‪ ،‬كان رهانا إسرائيليا خاطئا‪.2‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التعاون العسكري التركي – اإلسرائيلي‬
‫في محاولة حكومة حزب العدالة والتنمية إلظهار الطابع غير المتشدد‪ ،‬وكسب التأييد‬
‫الغربي لها‪ ،‬خصوصا التأييدين األوروبي واألمريكي‪ ،‬عملت على توثيق عالقاتها مع إسرائيل‪،‬‬
‫والتي اعتبرتها‪ -‬الحكومات التركية السابقة وسارت على خطاها حكومة العدالة والتنمية‪ -‬بأنها‬
‫بوابة للوصول للدول الغربية‪ ،‬وعلى هذا األساس‪ ،‬يعتبر المجال العسكري واألمني من أهم‬
‫الجوانب التي عملت الحكومة التركية توثيق عالقاتها مع إسرائيل‪.3‬‬
‫وفي عام ‪ 1001‬م‪ ،‬وقعت تركيا مع إسرائيل عقدا عسكريا جديدا بقيمة ‪ 999‬مليون دوالر‪،‬‬
‫بهدف تطوير دبابات تركية ليصل عددها إلى ‪ 270‬دبابه من طراز أم ‪ .90‬واستمرت العالقات‬
‫بين الطرفين‪ ،‬حيث اشترت في عام ‪1005‬م نظم محطات أرضية من شركة الصناعات الجوية‬
‫االسرائيلية بتكلفة ‪ 294‬مليون دوالر‪ .‬وبموجب هذا االتفاق‪ ،‬حصلت تركيا على ‪ 20‬محطات‬
‫أرضية تضم كل واحدة منها ‪ 4‬أو‪ 3‬طائرات بدون طيار‪ .‬وفي‪ 02‬ماي ‪1005‬م‪ ،‬زار رئيس‬
‫ا لوزراء رجب طيب أردوغان إسرائيل وبحث مع المسؤولين االسرائيليين توقيع صفقة عسكرية‬
‫تصل قيمتها إلى نصف مليار دوالر‪ ،‬تنص على تحديث ‪ 4‬طائرات حربية من طراز أف ‪3‬‬
‫فانتوم‪ .4‬وفي مارس ‪1009‬م‪ ،‬أبرمت السلطات العسكرية التركية صفقتين دفاعيتين مع إسرائيل‪،‬‬
‫صفقة أولى لبرامج االستطالع االستراتيجية عالية التقنية‪ ،‬والثانية ألغراض التشويش على‬
‫الرادارات‪ ،‬وأكد المحللون أنه ال يوجد دافع سياسي وراء كل تحرك من هذا النوع‪ .5‬وخالل عام‬

‫‪ - 1‬سعيد عكاشة ومحمد عبد القادر‪" ،‬العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية من التحالف إلى الصدام"‪ ،‬كراسات استراتيجية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،1020 ،121‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ -3‬رائد محمود أبو مطلق‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ -4‬محمد صالح (محرر)‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ -5‬أحمد ممدوح‪ ،‬السياسة الخارجية التركية تجاه اسرائيل ‪ ،2119-0994‬مصر‪ ،‬المركز الديموقراطي العربي للدراسات‬
‫االستراتيجية و السياسية واالقتصادية‪ ،1008 ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪82‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪1009‬م‪ ،‬تواصل التعاون العسكري بين البلدين‪ .‬فقد تعددت زيارات المسؤولين العسكريين‬
‫المتبادلة سواء على مستوى وزير الدفاع‪ ،‬أم على مستوى القوات الجوية والبحرية‪ .‬كما جرت‬
‫مناورات عسكرية جوية وبحرية مشتركة مع إسرائيل والواليات المتحدة األمريكية واستمر التعاون‬
‫االستخباراتي بين تركيا واسرائيل بشأن األكراد وغير ذلك‪.1‬‬
‫هناك عدة عوامل دفعت باتجاه تعزيز العالقات العسكرية بين تركيا واسرائيل خالل هذه‬
‫الفترة‪ ،‬كان أبرزها انفجار الصراع بشكل عنيف بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني‪.‬‬
‫وهنا تشعر تركيا بالحاجة إلى إسرائيل كمصدر لبعض المعدات العسكرية الهامة لرصد المقاتلين‬
‫األكراد‪ ،‬ومن ذلك الحاجة لطائرات تجسس من دون طيار‪ ،‬التي تنتجها إسرائيل والمناظير‬
‫الليلية والمعلومات االستخباراتية‪.2‬‬
‫غير أن العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية توترت خالل عام ‪1008‬م‪ ،‬عقب العدوان‬
‫اإلسرائيلي على قطاع غزة‪ ،‬وبعد إجراء تركيا مناورات عسكرية مع سورية للمرة األولى في تاريخ‬
‫العالقات بينهما في نهاية أفريل ‪1008‬م‪ ،‬ووصل التوتر بين تركيا واسرائيل إلى ذروته مع‬
‫إعالن تركيا إلغاء مشاركة إسرائيل في مناورات نسر األناضول في ‪ 9‬أكتوبر ‪1008‬م‪ .‬كما‬
‫ألغت تركيا عددا من خطط التسلح التي كان من المفترض أن تتعاون فيها مع إسرائيل‪ ،‬ويمثل‬
‫ذلك خسارة إلسرائيل كما لتركيا‪ .‬فهذه األخيرة واحدة من الدول التي تمثل أحد المستوردين‬
‫الرئيسيين في العالم للسالح اإلسرائيلي‪ .3‬ولقد عبر قادة الجيش اإلسرائيلي عن غضبهم من قرار‬
‫الحكومة التركية إلغاء مشاركتهم في المناورات العسكرية الموسمية مع قوات حلف الشمال‬
‫األطلسي‪ ،‬وطالبوا باتخاذ اجراءات ضد تركيا‪ .‬غير أن الحكومة اإلسرائيلية لم تعمد إلى تصعيد‬
‫التوتر مع أنقرة واكتفت بالرد األمريكي على القرار التركي بوقف مشاركة كامل قوات الناتو في‬
‫المناورات‪ .4‬وجدير بالذكر‪ ،‬أن سالح الجو اإلسرائيلي هو األكثر تضر ار من توتر العالقات بين‬
‫الدولتين‪ ،‬والذي بدأ يبحث عن مناطق تدريب بديلة للمجال الجوي التركي‪ .5‬ولكن رغم التوتر‬

‫‪ -1‬محسن محمد صالح ( محرر) ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ، 2112‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدارسات و‬
‫االستشارات‪ ،‬ص‪.290‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.291‬‬
‫‪-3‬سعيد عكاشة ومحمد عبد القادر‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪ -4‬محمد صالح (محرر)‪،‬الجيش اإلسرائيلي ‪ ،2102-2111‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدارسات و االستشارات‪ ،1024 ،‬ص‬
‫ص ‪.17-19‬‬
‫‪ -5‬أحمد أبو هدية‪" ،‬إسرائيل وأسطول الحرية"‪ ،‬مجلة شؤون األوسط‪ ،‬العدد ‪ ،249‬صيف ‪ ،1020‬ص ‪.279‬‬
‫‪83‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫في العالقات بين أنقرة و تل أبيب فإن الصادرات الدفاعية بينهما لم تتوقف أبدا وهذا ما أكده‬
‫‪ Shmaya Avieli‬رئيس قسم المساعدات الخارجية في و ازرة الدفاع اإلسرائيلية (‪ )SIBAT‬وهو‬
‫المسؤول عن تعزيز الصادرات الدفاعية إلسرائيل حيث قال‪:‬‬
‫"لم تستمر العالقات السياسة التي كانت موجودة بين البلدين في السنوات الماضية‪ ،‬لكن إذا نظرتم إلى‬
‫"‪.1‬‬
‫األرقام‪ ،‬الصادرات الدفاعية اإلسرائيلية إلى تركيا ال تشير إلى الصفر‬

‫‪1 - "Les liens économiques se développent en dépit des fluctuations politiques entre Israël, la Turquie" 13, janvier‬‬
‫‪2014,‬‬ ‫‪http://www.todayszaman.com/news-321902-economic-ties-grow-despite-political-fluctuations-between-‬‬
‫‪israel-turkey.html‬‬
‫‪84‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫الوضع االقتصادي التركي خالل فترة حكم حزب العدالة و التنمية‬
‫للمتغير االقتصادي أهمية كبيرة في التأثير على السياسة الخارجية للدولة‪ ،‬وفي سلوك‬
‫صانع القرار فيها‪ ،‬ألنه يلعب دو ار أساسيا في تحديد قوتها‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التطور االقتصادي في تركيا‬

‫بدأت تركيا بسلسلة من اإلجراءات واإلصالحات في اتجاه اقتصاد السوق منذ عام ‪2888‬م‪،‬‬
‫برعاية من صندوق النقد الدولي‪ ،‬والتي ترافقت بشكل متوازي مع وجود مشاكل اقتصادية أدت‬
‫إلى إضعاف االقتصاد التركي‪ ،‬وقد انتهت هذه اإلصالحات خالل عام ‪1002‬م‪ ،‬بأزمة‬
‫اقتصادية عميقة‪ ،1‬أبرز مظاهرها انهيار سعر الليرة التركية بنسبة ‪ ،%50‬وانخفاض إجمالي‬
‫الناتج القومي بنسبة ‪ ،%8.3‬وتراجع حجم التجارة الخارجية بنسبة ‪ 8.5‬مليار دوالر تقريبا؛ أي‬
‫بنسبة ‪ .%22.08‬فضال عن انفجار قضية الديون الخارجية‪ .‬حيث بلغت في نهاية عام‬
‫‪1002‬م ‪ 290‬مليار دوالر‪ .‬و كان نصيب كل فرد من الديون في نهاية عام ‪1004‬م أكثر من‬
‫ثالثة أالف دوالر‪ ،‬إضافة إلى انخفاض معدل الدخل الفردي في تركيا في عام ‪1002‬م إلى‬
‫‪ 1292‬دوالر‪ ،‬و الذي كان يقدر قبل ذلك ب ‪ 1880‬دوالر‪ .‬ومن أهم مالمحها أيضا ارتفاع‬
‫معدل البطالة في تركيا‪ ،‬حيث أشارت اإلحصاءات الرسمية إلى أن عدد العاطلين عن العمل‬
‫في نهاية عام ‪1002‬م زاد عن ‪ 1.5‬مليون شخص أي بنسبة ‪ 2،% 21.9‬و من أخطر مظاهر‬
‫األزمة وصول التضخم إلى معدل قياسي تاريخي عام ‪1002‬م‪ ،‬وهو ‪ .3%75‬وعليه‪ ،‬فقد كان‬
‫الوضع االقتصادي المتردي في تركيا أولى التحديات التي واجهت حزب العدالة والتنمية عند‬
‫تسلمه السلطة‪ .‬حيث استطاع الحزب عبر السياسة التي انتهجها النهوض باالقتصاد بعد عقود‬

‫‪ - 1‬فدوى على حسين العبد‪ ،‬العوامل المؤثرة في معدالت التضخم في تركيا للمدة ‪ ،2111-0921‬مجلة دراسات إقليمية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،1021 ،19‬ص ‪.199‬‬
‫‪ -2‬عبد الحليم غزالي‪ ،‬اإلسالميون الجدد و العلمانية األصولية في تركيا‪ :‬ضالل الثورة الصامتة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة الشروق‬
‫الدولية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1007 ،‬ص ص ‪.90 -78‬‬
‫‪3 - Roby Nathanson and Gilad Brand," Economic Overview of Turkey",Israeli European Policy Network, April‬‬
‫‪2011, p3.‬‬
‫‪85‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫طويلة من فضائح الفساد والرشاوى‪ .1‬وكانت لهذه السياسة انعكاسات إيجابية على االقتصاد‬
‫التركي‪ ،‬وتمثلت في اآلتي‪:‬‬

‫تراجعت ديون القطاع العام باستمرار في عهد الحكومة الحالية وانخفضت نسبتها من‬ ‫‪‬‬

‫‪%92.3‬في عام ‪1001‬م إلى نسبة ‪ %18.2‬من إجمالي الناتج المحلي بين عامي ‪1021‬م‬
‫و‪1024‬م‪ ،‬قد كانت ديون تركيا لصندوق النقد الدولي تصل إلى ‪ 11.14‬مليار دوالر عام‬
‫‪1001‬م‪ ،‬وانخفض هذا الرقم إلى ‪ 9498‬مليار دوالر عام ‪1009‬م ليصل إلى ‪ 3.51‬مليار‬
‫دوالر في عام ‪1021‬م‪ ،‬وبداية عام ‪1024‬م‪.2‬‬
‫كان االقتصاد التركي خالل فترة التسعينيات يقبع في المرتبة ‪ 12‬على مستوى العالم‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وقد أصبح في فترة حكومة حزب العدالة والتنمية في المرتبة ‪ 27‬على مستوى العالم‪ ،‬وأصبحت‬
‫تركيا من بين مجموعة العشرين (‪ .)G-20‬كما أنه أصبح سادس أكبر‬
‫اقتصاد في أوروبا‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار أن تركيا حققت ذلك دون انضمامها إلى‬
‫االتحاد األوروبي‪( 3‬الجدول التالي يوضح ذلك)‬
‫الجدول رقم ‪ :10‬ترتيب االقتصاد التركي مقارنة بترتيب اقتصاديات مختلف دول العالم‬
‫‪1024 /1021‬‬ ‫‪1001‬‬ ‫‪2882‬‬
‫‪-2‬الواليات المتحدة األميركية‬ ‫‪ -1‬الواليات المتحدة‬ ‫‪ -1‬الواليات المتحد األمريكية‬
‫‪-1‬اليابان‬ ‫‪ -2‬اليابان‬ ‫‪ -2‬اليابان‬
‫‪-4‬الصين‬ ‫‪ -4‬ألمانيا‬ ‫‪ -4‬ألمانيا‬
‫‪-3‬ألمانيا‬ ‫‪ -3‬المملكة المتحدة‬ ‫‪ -3‬المملكة المتحدة‬
‫‪ -5‬المملكة المتحدة‬ ‫‪ -5‬الصين‬ ‫‪ -5‬فرنسا‬
‫‪..............‬‬ ‫‪..............‬‬ ‫‪..............‬‬
‫‪ -29‬روسيا‬ ‫‪ -11‬روسيا‬ ‫‪ -29‬الهند‬
‫‪ -01‬تركيا‬ ‫‪ -27‬تركيا‬ ‫‪ -27‬سويس ار‬
‫‪..............‬‬ ‫‪..............‬‬ ‫‪..............‬‬
‫‪..............‬‬ ‫‪..............‬‬ ‫‪ -20‬تركيا‬
‫‪Source: Ozan Cigizogolu ,"Demystifying The Turkish Economic Success Under AKP Governance" ,Agenda, 18‬‬
‫‪June 2013.‬‬

‫‪-1‬عارف محمد خلف‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬


‫‪2- Debt Statistics, International Bank for Reconstruction and Development, Washington DC 20433, 2013,p 283.‬‬
‫‪3- Ozan Cigizogolu ,"Demystifying The Turkish Economic Success Under AKP Governance" ,Agenda, 18 June‬‬
‫‪2013.‬‬
‫‪86‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫استمرت معدالت النمو بالصعود طيلة الفترة الواقعة بين ‪1001‬م‪1009-‬م‪ ،‬باستثناء سنة‬ ‫‪‬‬

‫األزمة المالية العالمية ‪1009‬م‪ ،‬فقد كان معدل النمو طيلة الفترة الواقعة بين ‪1001‬م‪-‬‬
‫‪1009‬م‪ ،‬يقدر ب ‪1،%9.9‬و التي انخفضت فيها نسبة النمو إلى ‪ %0.7‬لتشهد ارتفاعا‬
‫أخر في عام ‪1020‬م بنسبة ‪ .%8.1‬وقد انخفضت هذه النسبة خالل عام ‪1021‬م و بداية‬
‫‪2‬‬
‫‪1024‬م إلى ‪ .%1.1‬حسب بيانات البنك الدولي‪.‬‬
‫خالل نمو االقتصاد التركي‪ ،‬تحققت تطورات هامة فيما يخص التجارة الخارجية‪ .3‬فقد‬ ‫‪‬‬

‫ارتفعت الصادرات من ‪ 95545‬مليون دوالر سنة ‪1009‬م إلى ‪ 252998‬مليون دوالر عام‬
‫‪1024‬م‪ ،‬وارتفعت الواردات في نفس الفترة من ‪ 248579‬مليون دوالر إلى ‪152952‬‬
‫مليون دوالر‪(4.‬أنظر الشكل التالي)‬
‫الشكل رقم ‪ :12‬تطور التجارة الخارجية التركية (بالمليون دوالر)‬

‫المصدر‪ :‬معهد اإلحصاء التركي‪،‬‬


‫‪http://www.invest.gov.tr/ar-SA/investmentguide/investorsguide/Pages/InternationalTrade.aspx‬‬

‫قفز الناتج اإلجمالي المحلي من‪ 289.00‬مليار دوالر في عام ‪1002‬م ليبلغ ‪141454‬‬ ‫‪‬‬

‫مليار دوالر عام ‪1001‬م‪ ،‬وقد بلغ عام ‪1021‬م و بداية ‪1024‬م ‪ 798415‬مليار‬
‫دوالر‪،5‬و الشكل التالي يوضح ذلك‬

‫‪ -1‬إبراهيم أوزتورك‪" ،‬التحوالت االقتصادية بين عامي ‪ ،"2112 -2112‬في‪ :‬محمد عبد العاطي ( محرر)‪ ،‬تركيا بين‬
‫تحديات الداخل ورهانات الخارج‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬الطبعة األولي‪ ،1008 ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪2-The World Bank,16 /12/2013.http://data.albankaldawli.org/indicator/DT.DOD.DIMF.CD/countries‬‬
‫‪ -3‬إبراهيم أوزتورك‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫‪ -4‬معهد اإلحصاء التركي‪ 12،‬ديسمبر ‪.1024‬‬
‫‪5- The World Bank,16 /12/2013. http://data.albankaldawli.org/indicator/NY.GDP.MKTP.KD.ZG/countries‬‬
‫‪87‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ 10‬إجمالي الناتج المحلي التركي بين عامي‪2100-2110‬‬

‫‪Source:Fadi Hakura, After the Boom: Risks tothe Turkish Economy, Europe :Programme ,‬‬
‫‪August 2013,p 6.‬‬

‫‪ ‬استقرار األسعار‪ :‬يعتبر التضخم وما يحمله من عدم استقرار في األسعار من أهم العراقيل‬
‫التي تواجهها اقتصاديات الدول‪ .‬وبعد أن وصلت نسبة التضخم في تركيا سنة ‪1002‬م‪ ،‬إلى‬
‫‪ ،%75‬انخفضت في نهاية عام ‪1007‬م إلى ‪ ،%9.9‬ثم عادت وارتفعت قليال سنة‬
‫‪1009‬م بسبب زيادة األسعار العالمية لتصل إلى ‪ %20‬و بسب انخفاض الطلب وانخفاض‬
‫األسعار عام ‪1008‬م‪ ،‬انخفضت نسبة التضخم لألسعار االستهالكية إلي ‪ ،%7.9‬والسبب‬
‫في ذلك أن نسبة األوراق النقدية األجنبية من مجموع نسبة ادخارات البنوك في تركيا عام‬
‫‪1002‬م كانت ‪ ،%75‬والقسم الباقي والذي يشكل ‪%15‬كان يمثل النقود المحلية‪ ،1‬لتصل‬
‫نسبة التضخم في تركيا عام ‪1021‬م إلى ‪ %9.71‬و بداية ‪1024‬م إلى ‪.2%9.5‬‬
‫منذ وصول حزب العدالة و التمية إلى السلطة و الليرة التركية في صعود من ناحية القيمة‬
‫وقد تم إلغاء ‪ 9‬أصفار من القيمة الرقمية لليرة التركية‪ ،‬و التي جاءت متوازية مع عودة التوازن‬
‫االقتصادي الكلي‪ ،‬وأصبحت اآلن قريبة من الدوالر األمريكي‪ .‬و ساعد هذا التحسن في قيمة‬
‫الليرة التركية إلى خفض أسعار المستوردات و تخفيض الضغوط التي كانت تفرضها تكاليف‬
‫اإلنتاج‪.3‬‬

‫‪ -1‬ابراهيم أوزتورك‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.53‬‬


‫‪2- "Economic Forecasts from the World's Leading" ,Economists,12/01/2013‬‬
‫‪.http://www.statista.com/statistics/277044/inflation-rate-in-turkey‬‬
‫‪ - 3‬ابراهيم أوزتورك‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪88‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪: 16‬معدل التضخم في تركيا بين عامي ‪2100-2112‬‬

‫المصدر‪ :‬معهد اإلحصاء التركي‪http://ar.tradingeconomics.com/turkey/inflation-cpi،‬‬

‫االستثمار؛ ترجع زيادة معدالت النمو في تركيا بعد عام ‪1001‬م في جزء كبير منها إلى‬ ‫‪‬‬

‫االعتماد على استثمارات القطاع الخاص الذي اهتمت به الحكومة وعملت على حل‬
‫مشاكله‪ 1.‬كما يعتبر مستثمرو القطاع الخاص في تركيا القوة المحركة لإلنتاج‪ .‬فقد كانوا‬
‫يستثمرون في مناخ اقتصادي و سياسي مستقر‪ ،‬وبلغت مجموع قيمة االستثمارات من الناتج‬
‫المحلي اإلجمالي في تركيا حوالي ‪ %15‬محققة بذلك أعلى مرتبة على مستوى أوروبا‪ ،‬لكن‬
‫هذه النسبة كانت غير كافية لمكافحة البطالة فوضعت حكومة العدالة و التنمية نصب‬
‫أعينها هدفا يتمثل في أن تتجاوز معدالت االستثمار ‪ %40‬من الناتج اإلجمالي المحلي‪.2‬‬
‫االستثمارات األجنبية؛ استطاعت تركيا أن تخطوا خطوات ناجحة في جلب رؤوس األموال‬ ‫‪‬‬

‫األجنبية لتقترب في ذلك من مستويات الدول الصناعية‪ ،‬و مقاييس االتحاد األوروبي‪ .‬وقد‬
‫اكتسبت رؤوس األموال األجنبية دفعة كبيرة بعد عام ‪1003‬م‪ .‬فحسب منظمة التجارة‬
‫والتنمية التابعة لألمم المتحدة‪ ،‬فإن تركيا تحتل المرتبة ‪ 29‬عالميا من بين أكثر الدول‬
‫الجاذبة لالستثمار سنة ‪1007‬م بمقدار ‪ 11‬مليار دوالر‪ .‬وباالعتماد على هذه االستثمارات‪،‬‬
‫تمكنت تركيا من تمويل نسبة ‪ %50‬من العجز الجاري من خالل رؤوس األموال الثابتة‪،‬‬
‫واستطاعت أن تجعل من االستثمارات األجنبية محركا للنمو‪ .3‬و تحتل تركيا المركز رقم‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.37‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪89‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ 24‬بين الدول األكثر جذبا لالستثمارات األجنبية المباشرة على مستوى العالم في عام‬
‫‪1021‬م‪.1‬‬
‫اإلنتاجية؛ زادت إنتاجية العامل التركي في فترة حكومة حزب العدالة والتنمية‪ ،‬نتيجة تحسن‬ ‫‪‬‬

‫بيئة العمل‪ ،‬محققا إنتاجية تجاوز فيها نظيره في دول االتحاد األوروبي و الواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬و لم يسبقه في هذا المجال على المستوى العالمي سوى العامل التركي و العامل‬
‫الهندي‪ .‬و هذا التقدم يعتبر خطوة مهمة في مجال جسر الهوة بين مستوى التنمية التركية‬
‫ومستوى التنمية لدول االتحاد األوروبي‪.2‬‬
‫السياحة؛ اهتمت حكومة العدالة والتنمية بمجال السياحة‪ .‬حيث قامت بعدة إجراءات‬ ‫‪‬‬

‫للنهوض بالقطاع‪ ،‬أهمها‪ :‬تحسين البنية التحتية المؤسسية و القانونية لقطاع السياحة‪ .‬كما‬
‫سعت لتحقيق التعاون مع المنظمات المهنية في وضع خطة سياحية عامة تستهدف زيادة‬
‫تنوع المنتوجات السياحية‪ ،‬وتحديد أولويات القطاع‪ .‬كما تقوم بجرد وتقييم كافة المناطق‬
‫السياحية بالبالد‪ .3‬و قد كان عدد السياح الزائرين لتركيا عام ‪1001‬م يقدر ب ‪ 24‬مليون‬
‫سائح‪ ،‬وتجاوز العدد ‪ 42.9‬مليون سائح بحلول عام ‪1021‬م‪ ،‬فيما زادت مداخيل السياحة‬
‫من ‪ 20‬مليار دوالر في عام ‪1002‬م إلى ‪ 15.7‬مليار دوالر عام ‪1021‬م‪.4‬‬
‫الصناعة؛ شجعت حكومة العدالة والتنمية على تصنيع المنتوجات ذات القيمة المضافة‬ ‫‪‬‬

‫العالية والقابلة للتصدير والمنتوجات التي تتطلب تكنولوجيا وتقنية عالية‪ ،‬وكذلك تشجيع‬
‫اإلنتاج في مجال الكهرباء و اإللكترونيات واألنظمة الدفاعية وأنظمة الفضاء وصناعة‬
‫السيارات‪ .‬و كانت الميزانية المخصصة لبحوث الصناعات الدفاعية في عام ‪1001‬م‪ ،‬في‬
‫حدود ‪ 50‬مليون دوالر‪ ،‬فزادت عشرة أضعاف‪ ،‬ووصلت إلى ‪ 500‬مليون دوالر عام‬
‫‪1022‬م‪ .‬كما أصبحت تركيا ثالث دولة في العالم تنتج طائرات بدون طيار والخامسة في‬
‫العالم في إنشاء السفن و الثالثة في صناعة اليخوت عالميا‪ .‬كما أنها بدأت بصنع أول قمر‬

‫‪ - 1‬معهد اإلحصاء التركي‪ 20 ،‬جانفي ‪.1024‬‬


‫‪http://www.invest.gov.tr/ar-SA/investmentguide/investorsguide/Pages/FDIinTurkey.aspx‬‬
‫‪ - 2‬ابراهيم أوزتورك‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ - 3‬محمد زاهد جول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.252 -250‬‬
‫‪ -4‬معهد اإلحصاء التركي‪ 21 ،‬جانفي ‪.1024‬‬
‫‪http://www.invest.gov.tr/ar-SA/sectors/Pages/WellnessAndTourism.aspx‬‬
‫‪90‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اصطناعي إلكترو‪-‬عدسي استخباراتي‪ ،‬هذا إلى جانب التقدم التركي في العديد من‬
‫الصناعات‪.1‬‬
‫الزراعة؛ تعتبر تركيا أحد البلدان الرائدة في مجال الزراعة والصناعات المرتبطة بها على‬ ‫‪‬‬

‫مستوى العالم‪ ،‬نظ ار لما تتمتع به من مناخ وظروف جغرافية مواتية‪ .‬وأفضل شاهد على هذه‬
‫المكانة هو زيادة صادرات جميع أنواع المنتجات الزراعية تقريبا‪ ،‬مما يضع الدولة بين أكبر‬
‫المنتجين في العالم‪ .‬وصل إجمالي الصادرات من المنتجات الزراعية (بما في ذلك األغذية‬
‫المصنعة) إلى ‪ 21‬مليار دوالر أمريكي في عام ‪1020‬م‪ .‬ووصلت قيمة اإلنتاج الزراعي‬
‫في نفس العام إلى ‪ 91‬مليار دوالر أمريكي‪ ،‬ارتفاعا من ‪ 13‬مليار دوالر أمريكي في عام‬
‫‪1001‬م‪ .‬ويعمل بهذا القطاع حوالي ‪%15‬من إجمالي القوى العاملة في الدولة‪ ،‬و نسبة‬
‫‪ 30%‬من مساحة األراضي التركية أراض صالحة للزراعة‪ ،‬تعد تركيا إحدى الدول الكبرى‬
‫المصدرة للمنت جات الزراعية في منطقة شرق أوروبا والشرق األوسط وشمال أفريقيا‪ ،‬بينما‬
‫يتميز ميزانها التجاري بإيجابية ملحوظة‪.2‬‬
‫الطاقة؛ كون تركيا بلد غير نفطي وتشكل الفاتورة النفطية عبئا ثقيال على خزينتها‪ ،‬فهي‬ ‫‪‬‬

‫تعمل من أجل تأمين مواقع ومسارات مصادر الطاقة التي تعتمد عليها لتعزيز أمن طاقتها‬
‫ولعب دور في قضية الطاقة إلى المستوي العالمي‪ ،‬عبر طرق شتى أبرزها المساهمة في‬
‫تسوية الصراعات والنزاعات العالقة بين أنقرة والدول الغنية بمصادر الطاقة‪ ،‬أو تلك التي‬
‫تمر إمدادات الطاقة عليها في منطقتي الشرق األوسط والقوقاز‪ ،‬بمعنى بناء عالقات حسن‬
‫‪3‬‬
‫جوار مع من قد يمثل مصالح تركيا ‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد زاهد جول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ص ‪.243 -241-240‬‬


‫‪ - 2‬معهد اإلحصاء التركي‪ 21،‬جانفي ‪.1024‬‬
‫‪http://www.invest.gov.tr/ar-SA/sectors/Pages/Agriculture.aspx‬‬
‫‪ -3‬بشير عبد الفتاح‪" ،‬السياسة الخارجية التركية وقضية تأمين الطاقة"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،35‬العدد ‪،291‬‬
‫أكتوبر ‪ ،1020‬ص ‪.228‬‬
‫‪91‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التعاون االقتصادي التركي – اإلسرائيلي‬

‫للسياحة دور مهم في العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬إذ سافر ‪ 4.189.000‬سائح‬


‫إسرائيلي إلى تركيا بين سنتي ‪2880‬م و‪1003‬م‪ .‬وهو رقم مؤثر باعتبار أن عدد سكان إسرائيل‬
‫أقل من ‪ 7‬ماليين‪ ،‬وصرفوا ما يقارب ‪ 1.3‬مليار دوالر‪ .1‬وخالل عام ‪1009‬م‪ ،‬زار تركيا ما‬
‫يقارب ‪ 559294‬سائح إسرائيلي‪ ،‬قبل أن يشهد هذا الرقم انخفاضا كبي ار على إثر الهجوم‬
‫اإلسرائيلي على قطاع غزة ليصل عام ‪1008‬م إلى ‪ 422591‬سائح‪ ،‬وليتراجع بشكل حاد بعد‬
‫الهجوم اإلسرائيلي على أسطول الحرية عام ‪1020‬م إلى ‪ 78230‬خالل عام ‪1022‬م‪ .‬حيث‬
‫أصدرت و ازرة الخارجية اإلسرائيلية ومكتب مكافحة اإلرهاب تحذي ار للسياح‪ ،‬خوفا من أي‬
‫هجمات إرهابية تركية ضدهم‪ .2‬ومع ذلك‪ ،‬فإن السياحة اإلسرائيلية في تركيا عادت إلى‬
‫طبيعتها؛ و ارتفع عدد اإلسرائيليين الداخلين إلى تركيا‪ ،‬و كانت شركة الطيران التركية أكبر‬
‫شركة أجنبية تعمل في إسرائيل‪ ،‬وحملت خالل األشهر األولى من عام ‪1024‬م أكثر من ‪451‬‬
‫ألف مسافر على خط تل أبيب اسطنبول‪(.3‬أنظر الشكل التالي)‬

‫الشكل رقم ‪ :11‬تطورات السياحة اإلسرائيلية إلى تركيا بين عامي ‪ 2112‬إلى ‪2100‬‬

‫‪Source :Paul Rivlin," Israel’s Trade Relations with Turkey: An Update"The Moshe Dayan Center For Middle‬‬
‫‪EasternAnd African Studies, No:1, M ay 2O11,p 2‬‬

‫‪ -1‬محمد صالح (محرر)‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫‪2-Soner Cagaptay and Tyler Evans, op cit ,p3.‬‬
‫‪ - 3‬حلمي موسى‪ ،‬تأرجح العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ 21 ،‬جانفي ‪،1024‬‬
‫‪http://www.alalam.ir/news/1545144‬‬
‫‪92‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كما تعتبر إسرائيل الدولة األولى التي وقعت مع تركيا اتفاقا للتجارة الحرة‪ ،‬فيما تعد أنقرة‬
‫–بدورها‪ -‬الدولة اإلسالمية األولى التي توقع مثل هذا االتفاق‪ ،‬والذي أفضى إلى زيادة حجم‬
‫التبادل التجاري بين البلدين ‪ .1‬حيث بلغ في نهاية عام ‪1001‬م نسبة ‪ 2.1‬مليار دوالر بزيادة‬
‫تقدر ب ‪ %28.5‬عن عام ‪1002‬م‪.2‬‬
‫وع موما‪ ،‬تستورد إسرائيل السيارات المصنوعة في تركيا كذلك منتجات النسيج‪ ،‬الجلد‪،‬‬
‫المواد الخام للبناء‪ ،‬الفواكه المجففة وغيرها‪ ،‬وتصدر إسرائيل لتركيا ما تنتجه من كيماويات‬
‫أجهزة الري وخبرات‪ ،‬أجهزة في عالم االتصاالت‪ ،‬التكنولوجيا العالية‪ .‬ويعتبر المجال األكبر‬
‫للتعاون بين البلدين في المجال العسكري‪ ،‬فإسرائيل تصدر لتركيا أسلحة وتقدم خدمات تطوير‬
‫وتحديث للدبابات و الطائرات التركية‪.3‬‬
‫بوصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة تميزت العالقات االقتصادية التركية ‪-‬‬
‫اإلسرائيلية بتوسع حجمها وأبعادها‪ .‬حيث قام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أروغان بزيارة‬
‫ذات بعد اقتصادي إلى إسرائيل في ماي ‪ 1005‬م‪ .‬وقد صاحب معه أكثر من مئة من رجال‬
‫األعمال األتراك‪ .‬و تعد تركيا الشريك التجاري األول في العالم اإلسالمي مع إسرائيل‪ ،‬إذ بلغت‬
‫إيراداتها من إسرائيل ‪ 828‬مليون دوالر عام ‪1005‬م مقارنة ب ‪ 924.500‬مليون دوالر خالل‬
‫عام ‪1003‬م‪ ،‬وبلغت الصادرات التركية إلى إسرائيل ‪ 2112‬مليون دوالر عام ‪1005‬م مقارنة‬
‫ب ‪ 2299.800‬مليون دوالر في عام ‪ .41003‬خالل عام ‪1009‬م‪ ،‬استوردت تركيا من‬
‫إسرائيل ما قيمته ‪ 958.4‬مليون دوالر وصدرت ما قيمته مليا ار و ‪ 171‬مليونا و‪ 700‬ألف‬
‫دوالر‪ .5‬وفي عام ‪1007‬م‪ ،‬بلغت قيمة الصادرات اإلسرائيلية إلى تركيا خالل عام ‪1007‬م‪ .‬ما‬
‫مجموعه مليار و‪ 112.8‬مليون دوالر‪ .‬كما بلغت قيمة الواردات اإلسرائيلية من تركيا خالل‬

‫‪ - 1‬سعيد عكاشة ومحمد عبد القادر‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ - 2‬رنا عبد العزيز خماش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ -3‬سمير ذبيان سبيتان‪ ،‬تركيا في عهد رجب طيب أردوغان‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬الجنادرية للنشر و التوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،1021‬ص ‪.242‬‬
‫‪ - 4‬محسن محمد صالح و بشير موسى نافع ( محرران) ‪ ،‬الملخص التنفيذي للتقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪،2111‬‬
‫بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدراسات و االستشارات‪ ،‬يونيو ‪ ،1009‬ص ص ‪.9 -7‬‬
‫‪ - 5‬محسن محمد صالح ( محرر) ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ، 2114‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدارسات‬
‫واالستشارات‪ ،1007 ،‬ص ‪.277‬‬
‫‪93‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫نفس الفترة ما مجموعه مليا ار و‪ 909.8‬مليون دوالر‪ .1‬أما عام ‪1009‬م بلغت الصادرات‬
‫التركية إلى إسرائيل حوالي ‪ 2.94‬مليار دوالر‪ ،‬و بلغت الواردات التركية من إسرائيل في نفس‬
‫الفترة حوالي ‪ 2.91‬مليار دوالر‪.2‬‬
‫وعلى إثر العدوان اإلسرائيلي على قطاع غزة بين ‪1009‬م‪1008 -‬م ‪ ،‬وبسبب األزمة‬
‫االقتصادية العالمية‪ ،‬شهد عام ‪1008‬م تراجعا ملحوظا في حجم التبادل التجاري بين تركيا‬
‫واسرائيل‪ .‬فمن خالل مراجعة أرقام الصادرات و الواردات اإلسرائيلية لعام ‪1008‬م‪ ،‬تبين أن‬
‫قيمة الصادرات اإلسرائيلية إلى تركيا‪ ،‬قد بلغت نحو ‪ 2.074‬مليون دوالر‪ ،‬مسجلة تراجعا بنسبة‬
‫بلغت حوالي ‪ %44‬عن عام ‪1009‬م‪ .‬كما تراجعت نسبة الواردات اإلسرائيلية من تركيا إلى‬
‫‪ 2.499‬مليون دوالر عام ‪1008‬م‪ ،‬مسجلة تراجعا مقداره ‪ %13‬عن عام ‪1009‬م‪ .3‬كما أكدت‬
‫إحصائيات تركية ازدياد التبادل التجاري بين إسرائيل وتركيا‪ ،‬على الرغم من التوتر السياسي‬
‫الذي ساد العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية جراء االعتداء اإلسرائيلي على سفن أسطول الحرية‬
‫في ماي ‪1020‬م‪ .‬فقد ذكرت مؤسسة اإلحصاء التركي ‪ Turkish Statistical Institute‬أن‬
‫صادرات تركيا إلى إسرائيل بلغت حوالي ‪ 1.094‬مليون دوالر سنة ‪1020‬م‪ ،‬فيما بلغت واردات‬
‫تركيا من إسرائيل حوالي ‪ 2.458.9‬مليون دوالر عام ‪1020‬م‪ ،‬أي أن حجم التجارة بين البلدين‬
‫بلغ ‪ 4.331.9‬مليون دوالر في عام ‪1020‬م بمعدل زيادة قدره ‪ %41.9‬عن عام ‪1008‬م‪ .‬أما‬
‫المعطيات الرسمية اإلسرائيلية؛ فهي واذ كانت تعطي أرقاما أقل من اإلحصائيات التركية لحجم‬
‫التجارة بين البلدين‪ ،‬إال أنها تؤكد االتجاه التصاعدي الذي شهده التبادل التجاري عام ‪1020‬م‪،‬‬
‫فتذكر أن الصادرات التركية إلى إسرائيل بلغت ‪ 2.900.1‬مليون دوالر‪ ،‬بينما بلغت وارداتها‬
‫من إسرائيل حوالي ‪ 2.413.3‬مليون دوالر؛ أي أن حجم التجارة بين البلدين بلغ ‪4.213.9‬‬
‫مليون دوالر بمعدل زيادة قدره ‪ .4%19.4‬و خالل عام ‪1022‬م‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن تركيا‬

‫‪ - 1‬محسن محمد صالح ( محرر) ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ، 2111‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدارسات‬
‫واالستشارات‪ ،1009 ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ -2‬محسن محمد صالح ( محرر) ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ، 2112‬المرجع السابق الذكر‪ ،1008،‬ص‬
‫‪.292‬‬
‫‪ - 3‬محسن محمد صالح ( محرر) ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ،2119‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدارسات‬
‫واالستشارات‪ ،1020 ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪ - 4‬محسن محمد صالح ( محرر) ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ،2101‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدارسات‬
‫واالستشارات‪ ،1022،‬ص ‪.278‬‬
‫‪94‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حافظت على مركزها كأكبر شريك تجاري مع إسرائيل بين دول العالم اإلسالمي فقد ارتفع حجم‬
‫التبادل التجاري بين البلدين بنسبة ‪ %18.4‬عما كان عليه عام ‪1020‬م‪ ،‬حيث بلغت‬
‫الصادرات اإلسرائيلية إلى تركيا ‪ 2.950.7‬مليون دوالر وبلغت الواردات اإلسرائيلية من تركيا‬
‫‪ 1.272.2‬مليون دوالر‪ .1‬وحسب معطيات معهد التصدير اإلسرائيلي‪ ،‬ارتفع حجم االستيراد‬
‫التركي من البضائع والسلع اإلسرائيلية خالل عام ‪1024‬م بنسبة ‪ %59‬قياسا بذات الفترة‬
‫الزمنية من العام الماضي‪ .‬وبلغ حجم االستيراد التركي من بضائع وسلع إسرائيلية في الفترة‬
‫الزمنية المذكورة ‪ 2.1‬مليار دوالر ما وضعها في موقع ثالث أكبر مستورد للبضائع اإلس ارئيلية‬
‫وثالث أهم هدف للبضائع اإلسرائيلية في حين بلغت واردات إسرائيل من تركيا حوالي ‪ 2‬مليار‬
‫دوالر‪ .2‬كما وقعت صفقة بقيمة ‪ 900‬مليون دوالر بين تركيا واسرائيل خالل عام ‪1003‬م‬
‫لبناء ثالث محطات طاقة تعمل بالغاز الطبيعي في إسرائيل‪ .3‬وخالل عام ‪1009‬م‪ ،‬وقعت‬
‫تركيا واسرائيل على اتفاقية لنقل النفط والغاز الطبيعي‪ .‬وفي السياق ذاته‪ ،‬هناك مشروع "القرن‬
‫االستراتيجي" الذي تشكل تركيا لبه األساسي بتكلفة تزيد على ‪ 21‬مليار دوالر ‪ ،‬ويربط األبحر‬
‫األربعة ( قزوين‪ ،‬األسود‪ ،‬المتوسط و األحمر) ويساعد على ربط منطقة آسيا بالشرق األوسط‪،‬‬
‫ضمن رؤية لدور محوري في مشروع طاقة أكبر يمتد من الصين شرقا إلى أوروبا غربا ومن‬
‫تركيا شماال إلى الهند جنوبا والتي انضمت إلى المشروع عام ‪1009‬م‪ .‬ويتضمن هذا المشروع‬
‫أفكا ار ألنابيب تنقل النفط والغاز والماء والكهرباء وأيضا األلياف الضوئية من تركيا إلى‬
‫إسرائيل‪ .‬وقد عقد ت اجتماعات عديدة بين مسئولي البلدين لمتابعته في أواخر عام ‪1009‬م‬
‫وأيضا في النصف األول من عام ‪ .41008‬كما قامت في عام ‪1003‬م‪ ،‬بتوقيع اتفاقية مياه‬
‫نهر منخفغات مع تركيا بحث تستورد إسرائيل ‪ 50‬مليون متر مكعب سنويا لمدة ‪ 10‬عاما‪.5‬‬

‫‪ - 1‬محسن محمد صالح ( محرر) ‪ ،‬الملخص التنفيذي للتقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ 2100‬المسارات المتوقعة‬
‫لسنة ‪ ،2102‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدارسات و االستشارات‪ ،1024 ،‬ص‪.27‬‬
‫‪.1024‬‬ ‫ديسمبر‬ ‫‪1‬‬ ‫اإلسرائيلية"‪،‬‬ ‫البضائع‬ ‫من‬ ‫التركية‬ ‫الواردات‬ ‫زيادة‬ ‫مستورد‪:‬‬ ‫ثالث‬ ‫"أكبر‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪http://swtak.com/article.php?id=19565‬‬
‫ديسمبر‬ ‫‪1‬‬ ‫اإلسرائيلية"‪،‬‬ ‫–‬ ‫التركية‬ ‫العالقات‬ ‫في‬ ‫المتغير‬ ‫و‬ ‫"الثابت‬ ‫القادر‪،‬‬ ‫عبد‬ ‫محمد‬ ‫‪-3‬‬
‫‪http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/CI2R83.HTM.1024‬‬
‫‪ - 4‬بشير عبد الفتاح‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.212‬‬
‫‪" - 5‬الكيان الصهيوني يبحث مشروع شراء المياه من تركيا"‪ 1 ،‬ديسمبر ‪.1024‬‬
‫‪http://islammemo.cc/2005/10/18/5337.html#2‬‬
‫‪95‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وبالنسبة لالستثمارات‪ ،‬فعلى الرغم من التوترات التي تشهدها العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬إال‬
‫أن هناك أكثر من ‪ 150‬شركة إسرائيلية تعمل في تركيا وتبلغ استثماراتها نحو ما يقارب ‪400‬‬
‫ّ‬
‫مليون دوالر‪ ،‬وذلك في العديد من المجاالت أهمها مجالي الصناعة والبنوك‪ .‬فقد أنشئ مصنع‬
‫للورق اإلسرائيلي في تركيا باسم أحد المزودين الرئيسين للورق في تركيا والدول المجاورة‪.‬‬
‫ويضاف إلى ذلك الشراكة التركية – اإلسرائيلية في مشروع الغاب الزراعي الكبير‪ ،‬والذي تعتمد‬
‫‪1‬‬
‫فيه تركيا على الخبرة الزراعية والمساعدة اإلسرائيلية‪.‬‬
‫الشكل رقم‪ :14‬تطور التجارة التركية مع إسرائيل بين عامي ‪2100 - 2112‬‬

‫‪Source:Paul Rivlin," Israel’s Trade Relations with Turkey: An Update"The Moshe Dayan Center For Middle‬‬
‫‪EasternAnd African Studies, No:1, M ay 2O11,p 2.‬‬

‫ما يمكن مالحظته من خالل هذه اإلحصائيات التي يؤكدها الطرفان التركي واإلسرائيلي‪،‬‬
‫فإن العالقات االقتصادية والعسكرية التركية – اإلسرائيلية استمرت في تصاعد نسبي على الرغم‬
‫من التوترات الدبلوماسية والسياسية بينهما‪.‬‬

‫وهذا ما يؤكده رواد المنظور الليبرالي ‪ -‬الليبرالية التجارية ‪ -‬الذين يشددون على أهمية‬
‫االعتماد االقتصادي المتبادل بين الدول في توجيه سياستها الخارجية نحو التعاون‪ ،‬حيث يؤدى‬
‫ذلك لوجود عالقات تأثير وتأثر بين الدول والذي يؤدى بدوره إلى تنظيم سياسة خارجية تخدم‬
‫المصالح المشتركة وتستبعد استخدام القوة‪ .2‬فمن الناحية االقتصادية؛ سمح ترقية هذا المجال‬
‫بين البلدين من تجاوز العديد من الصعوبات التي كانت تحول بينهما وبين تحقيق طفرة نوعية‬

‫‪1- Soner Cagaptay and Tyler Evans,"The Unexpected Vitality of Turkish-Israeli Trade",The Washington Institute‬‬
‫‪for Near East Policy, No:16, June 2012,p 5.‬‬
‫‪ -2‬ستيفن وولت ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫في مجال المبادالت التجارية واإلنتاج والتسويق‪ .‬فحصول تركيا على التقنية الحديثة في‬
‫المجاالت الصناعية والزراعية والخدماتية ‪ .‬كما سمحت إسرائيل من تجاوز مقاطعة بعض‬
‫الدول العربية واإلسالمية بعدما مكنتها البوابة التركية وولوج هذه الدول سواء بطريقة مباشرة أو‬
‫غير مباشرة‪ ،‬ومن تم الوصول إلى أسواقها القتناء المواد الخام أو لتسويق منتجاتها‪ ،‬واألكثر‬
‫أهمية في هذا الجانب هو ما تقدمه عالقاتهما في مجال المياه حيث أصبح بيدهما زمام‬
‫المبادرة و المقرران الرئيسان للسياسة المائية في المنطقة ‪ .‬أما من الناحية العسكرية فإن إمداد‬
‫تركيا بالسالح اإلسرائيلي المتطور والتقنية العسكرية المتقدمة سمح لها في وقت وجيز سد‬
‫الثغرات التي كانت تعاني منها استراتيجيتها األمنية السيما فيما يتعلق بسالح المدرعات‪ ،‬سالح‬
‫الجو‪ ،‬الدفاعات المضادة للصواريخ وأجهزة التنصت اإللكتروني مما سمح لها بتحقيق تقدم‬
‫عسكري أهلها لتكون في مصاف القوى العسكرية الكبرى في العالم‪ .‬بالمقابل منح فتح المجاالت‬
‫البرية‪ ،‬البحرية‪ ،‬والجوية التركية أمام وحدات الجيش اإلسرائيلي ورقة استراتيجية ذات أهمية‬
‫قصوى للتخلص من ضيق مجاالتها والتي عدت ضمن النقاط السلبية التي تواجه استراتيجيتها‬
‫األمنية ‪،‬كما أن نصب محطات التنصت اإللكتروني على طول الحدود التركية مع سوريا‪،‬‬
‫العراق‪ ،‬إيران من شأنه جمع المعلومات عن هذه الدول‪ ،‬وانذار إسرائيل عن أي هجوم مفاجئ‬
‫ينطلق منها باإلضافة إلى أن استعمال إسرائيل للمطارات والموانئ التركية من شأنه تجنيبها‬
‫الضربة األولي‪.1‬‬

‫وتأسيسا على ذلك‪ ،‬يمكن القول أن كل من تركيا واسرائيل تربطهما شبكة من‬
‫االرتباطات االقتصادية‪ ،‬والتكاليف المرتفعة لفك هذه االرتباطات ستقلق الحوافز من استعمال‬
‫القوة‪ .‬فرغم ردود الفعل التركية إزاء المواقف والممارسات اإلسرائيلية المختلفة ومواقف الرأي‬
‫العام المتشددة في كال البلدين‪ ،‬إال أن الحكومتين تحافظان على العالقات االقتصادية‬
‫والعسكرية‪ .‬حيث لم تصل هذه العالقات إلى حد استخدام القوة للمصالح المشتركة بين الجانبين‬
‫والمنافع المتحققة من وجود هذه العالقات‪.‬‬

‫‪ -1‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.645 -641‬‬


‫‪97‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫الفواعل الدولية واإلق ليمية‬
‫ومدى تأثيرها على العالق ات‬
‫التركية‪ -‬اإلسرائيلية‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫تشمل الفواعل الدولية واإلقليمية كل الفواعل التي تقع خارج حدود الدولة‪ ،‬وتتضمن‬
‫سلوكها سواء كانت دوال أو منظمات دولية أو شركات اقتصادية وتجارية‪ .‬من الطبيعي أن تتأثر‬
‫العالقات بين البلدين بالبيئة المحيطة بها سواء كانت إقليمية أو دولية‪ .‬وبالحديث عن العالقات‬
‫التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬فإنها تأثرت بالبيئة الخارجية تأثير كبيرا‪ ،‬وذلك نظ ار للحساسية التي‬
‫تحملها لها دول المنطقة‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬فإن العالقات بين كل من تركيا واسرائيل تطورت‬
‫على أساس إقليمي ودولي من خالل دفعها تارة للتوتر‪ ،‬وتارة أخرى للتعاون والتنسيق‪ ،‬وذلك‬
‫انطالقا من المصالح المتبادلة بين البلديين‪ .‬لذا تم تقسيم هذا الفصل إلى ثالث مباحث‪ .‬يتناول‬
‫المبحث األول الفواعل الدولية ومدى تأثيرها على العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية؛ حيث وقع‬
‫اختيارنا على كل من الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬االتحاد األوروبي ومنظمة حلف شمال‬
‫األطلسي‪ ،‬نظ ار لدورهم المؤثر على مسار العالقات بين أنقرة وتل أبيب‪ .‬وعلى مستوى الفواعل‬
‫اإلقليمية؛ وقع اختيارنا على كل من العراق و سوريا‪ ،‬باعتبارهما األقربين جغرافيا إلى تركيا‬
‫ومشاركة هذه األخيرة في كثير من القضايا‪ ،‬إضافة إلى إيران‪ ،‬لما تكنه من عداء للغرب بصفة‬
‫عامة‪ ،‬واسرائيل في منطقة الشرق األوسط بصفة خاصة‪ .‬أما فيما يخص المبحث الثالث؛ فقد‬
‫تناولنا فيه الموقف التركي من التطورات والتغيرات اإلقليمية‪ ،‬وكيف أثّر ذلك على عالقاتها مع‬
‫إسرائيل‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫المبحث األول‬
‫مدى تأثير الفواعل الدولية على العالقات التركية – اإلس ارئيلية‬
‫دخلت تركيا مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة مرحلة جديدة في سياستها‬
‫الخارجية‪ .‬فبعدما كانت جزءا من سياسات المنظومة الغربية والتحالفية مع إسرائيل طوال حقبة‬
‫الحرب الباردة حتى نهاية التسعينيات‪ ،‬جاءت السياسة الجديدة لتعيد تركيا إلى المحيط العربي‬
‫واإلسالمي‪ ،‬لذلك سوف نتناول من خالل هذا المبحث مدى تأثير كل من الواليات المتحدة‬
‫األمريكية واالتحاد األوروبي ومنظمة حلف شمال األطلسي على العالقات التركية –‬
‫اإلسرائيلية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الواليات المتحدة األمريكية‬

‫التقارب مع إسرائيل يفتح الطريق أمام تدعيم العالقات التركية – األمريكية‪ ،‬مما قد‬
‫يساعد تركيا على االنضمام إلى االتحاد األوروبي عن طريق الواليات المتحدة األمريكية‪.1‬‬
‫تعتبر الواليات المتحدة األمريكية الداعم األكبر والرئيس إلقامة واستمرار العالقات‬
‫التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‪ 2،‬فالواليات المتحدة األمريكية تنظر إلى إس ارئيل كحليف استراتيجي وتنظر‬
‫إلى تركيا كشريك لها في الحلف األطلسي‪ .‬لذلك أخذت تقدم الدعم الكامل لهما‪ .‬إذ أنها دعمت‬
‫االتفاق العسكري لعام ‪6991‬م‪ .3‬واتضح ذلك بشكل واقعي من خالل المشاركة في المناورات‬
‫البحرية التي أجريت خالل عام ‪6991‬م‪ .4‬حيث قال الناطق باسم و ازرة الخارجية األمريكية في‬
‫تلك الفترة نيكوالس بيريز ‪:‬‬
‫"إن الهدف االستراتيجي الدائم للواليات المتحدة األمريكية هو أن على تركيا واسرائيل تعزيز تعاونهما العسكري‬
‫وعالقاتهما السياسية ‪ ...‬فإن إسرائيل صديقة مقربة جدا للواليات المتحدة وحليفة وثيقة لها‪ ،‬وتركيا حليفة‬
‫وصديقة مقربة ويبدو لنا من الطبيعي واإليجابي أن تعمل تركيا واسرائيل معا عسكريا"‪.5‬‬

‫‪" -1‬العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪ ،‬الدراسات اإلقليمية"‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬خريف ‪ 61 .3002‬جويلية ‪.3062‬‬
‫‪http://www.albainah.net/index.aspx?function=Item&id=1610&lang‬‬
‫‪ -2‬رنا عبد العزيز خماش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -3‬هدى درويش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪.256‬‬
‫‪ - 4‬أحمد نوري النعيمي‪ ،‬الوظيفة اإلقليمية لتركيا في الشرق األوسط‪ ،‬المملكة األردنية الهاشمية‪ ،‬دار زهران للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،3062 ،‬ص ‪.336‬‬
‫‪ -5‬هدى درويش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.252‬‬
‫‪100‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫عموما يمكن أن نالحظ بشأن العالقات األمريكية – اإلسرائيلية والشرق األوسط أن‬
‫األجندة األمريكية تجاه الشرق األوسط تتحدد باألساس وفق الرؤية اإلسرائيلية؛ بمعنى أن هناك‬
‫حاالت قد تشهد الخالف أو االختالف‪ .‬ولكن إجماال‪ ،‬فإن السياسة األمريكية في المنطقة تتحدد‬
‫انطالقا من أخذ المصالح اإلسرائيلية بعين االعتبار‪.1‬‬
‫ويعتبر اللوبي اليهودي أكبر محرك لدعم العالقات التركية – اإلسرائيلية داخل الواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪ ،‬بحكم امتالكه ألهم وسائل اإلعالم ولكبرى الشركات األمريكية‪ .2‬كما أنه‬
‫يمارس نفوذا قويا بالضغط على كل من الكونغرس لدعم إسرائيل بشكل دائم‪ ،‬و يبذل كل ما‬
‫بوسعه ليضمن أن يصور الخطاب العام إسرائيل بشكل إيجابي من أجل منع التعليقات‬
‫االنتقادية الموجهة إليها‪.3‬كما يعتبر محددا من محددات تحسن العالقات التركية – األمريكية‪،‬‬
‫وفقا لتحسن عالقات تركيا بإسرائيل‪ .‬فهو يدعم تركيا لتعزيز هذه العالقة تارة بالترغيب عن‬
‫طريق حشد التأييد لتقديم المساعدات لها ودعم قضاياها‪ ،‬وتارة أخرى بالترهيب عن طريق‬
‫خفض المساعدات والتخلي عن دعم المواقف التركية في مواجهة اللوبيين اليوناني واألرميني‪،‬‬
‫بحيث تمثل هذه القضايا أهمية قصوى في أولويات السياسة الخارجية التركية‪.4‬‬
‫هناك ترابط كامل بين العالقات التركية – اإلسرائيلية و العالقات التركية – األمريكية‪.‬‬
‫ولهذا السبب‪ ،‬فإن اضطراب العالقات بين واشنطن وأنقرة‪ 5‬بسبب رفض البرلمان التركي في ‪06‬‬
‫مارس ‪3002‬م مذكرة السماح للقوات األمريكية بالعبور إلى العراق من خالل األراضي التركية‪،‬‬
‫يعتبر نقطة تحول في العالقات التركية– اإلسرائيلية‪ .‬فقد شهدت العالقات بين البلدين حالة من‬
‫التوتر المتبادل‪ ،‬و تولدت لدى صانعي القرار السياسي التركي شكوك بسبب عدم إفصاح‬
‫الواليات المتح دة األمريكية بشكل واضح عما ستكون عليه األوضاع بعد العملية العسكرية في‬
‫العراق‪ ،6‬خاصة فيما يتعلق بالقضية الكردية‪ ،‬ألن واشنطن تتحالف مع األكراد‪ _،‬كونهم كانوا‬

‫‪ -1‬عماد جاد‪" ،‬إسرائيل و التحريض األمريكي ضد العراق"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،23‬العدد ‪ ،650‬أكتوبر ‪،3003‬‬
‫ص ‪.666‬‬
‫‪ -2‬رنا عبد العزيز خماش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -3‬جون ميرشايمر و ستيفن والت‪ ،‬اللوبي اإلسرائيلي و السياسة الخارجية األمريكية‪ ،‬دراسات عالمية‪ ،‬دولة اإلمارات العربية‬
‫المتحدة‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬مركز اإلمارات للدارسات و البحوث االستراتيجية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،3001 ،‬ص ص ‪.23-26‬‬
‫‪ -4‬رنا عبد العزيز خماش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -5‬أحمد دياب‪" ،‬تركيا واسرائيل‪ ...‬أزمة عابرة أم منافسة قادمة"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.633-636‬‬
‫‪ -6‬أحمد داود أوغلو‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪101‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫يشكلون ورقة ضغط على األنظمة السياسية الحاكمة في العراق_ مما أكسبهم غطاء دوليا‪ ،‬مع‬
‫وجود مطالبة كردية قوية‪ ،‬ألن تصبح مدينة كركوك عاصمة للجزء الكردي في الدولة العراقية‪.1‬‬
‫وتعتبر االستراتيجية اإلسرائيلية في العراق من األسباب الرئيسية في توتر العالقات‬
‫التركية – األمريكية‪ .‬فهي تختلف عن االستراتيجية التركية‪ .‬إذ تعد إسرائيل أكبر مستفيدا من‬
‫تدمير العراق‪ 2.‬ففي اعتقادها أن توثيق الصالت بالدائرة الكردية هي أهم مكاسب فوضى العراق‬
‫بعد الغزو األمريكي‪ ،‬سيما وأن المشروع اإلسرائيلي في المنطقة‪ ،‬يستهدف تفتيت الدول الكبرى‬
‫التي تتمتع بسلطة مركزية قوية ليسهل بعد ذلك تحويل المنطقة برمتها إلى دويالت صغيرة تقوم‬
‫على أسس طائفية أو عرقية أو دينية تبدو إسرائيل وسطها دولة طبيعية‪ .‬هذا التفتيت هو وحده‬
‫الكفيل بتحقيق األمن اإلسرائيلي‪ ،3‬وضمان ممارسة دور الهيمنة و السيطرة اإلقليمية ودفع‬
‫المنطقة إلى حالة عدم االستقرار‪ .4‬وهذه نقطة خالف ساخنة تبرر الحذر التركي من السياسة‬
‫اإلسرائيلية في العراق عبر األكراد‪ .5‬كما كشفت السلطات التركية عن وجود عناصر الموساد‬
‫في شمالي العراق‪ ،‬فذكرت أن عمالء إسرائيليين يقومون بتدريب عصبات كردية في العراق‪.‬‬
‫وهذا األمر أدى إلى حدوث فتور في الصداقة االستراتيجية بين أنقرة وتل أبيب و واشنطن‪.6‬‬
‫وفضال عن ذلك فإن المواقف التي اتخذتها تركيا تجاه إسرائيل‪ ،‬والتي ذهبت إلى نقض‬
‫سياستها‪ ،‬خصوصا خالل العدوان اإلسرائيلي على لبنان صيف ‪3001‬م‪ ،‬والحرب على غزة‬
‫أواخر عام ‪ 3001‬م‪ ،‬واالنتقادات الحادة التي وجهتها تركيا إلى إسرائيل أثناء وبعد مؤتمر‬
‫دافوس عام ‪3009‬م‪ ،‬واالعتداء اإلسرائيلي على أسطول الحرية عام ‪3060‬م‪ ،‬أثرت بشكل‬
‫مباشر على العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬وانعكس ذلك سلبا على العالقات التركية –‬
‫األمريكية‪ .7‬فقد أبدت واشنطن قلقا متزايد من تردي العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬وعبرت عن‬

‫‪ -1‬أمين المشاقبة و سعد شاكر شلبي‪ ،‬التحديات األمنية للسياسة الخارجية األمريكية في الشرق األوسط‪ :‬مرحلة ما بعد‬
‫الحرب الباردة ‪ ،8112-0991‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،3063 ،‬ص ص ‪.603-606‬‬
‫‪ -2‬رنا عبد العزيز خماش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -3‬أحمد دياب‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.633‬‬
‫‪ -4‬عماد جاد‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.663‬‬
‫‪ -5‬أحمد دياب‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.633‬‬
‫‪ -6‬سعيد الالوندي‪ ،‬الشرق األوسط الكبير‪ :‬مؤامرة أمريكية ضد العرب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬نهضة مصر للطباعة والنشر و التوزيع‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،3001 ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪ -7‬رائد محمود أبو مطلق‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪102‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫انزعاجها من التوجهات التركية الجديدة بإعالنها أن السلوك التركي يؤثر بالسلب في عالقاتها‬
‫مع الواليات المتحدة األمريكية وحلفائها في حلف الشمال األطلسي‪ ،‬وحذرت الخارجية األمريكية‬
‫من أن تصرفات حكومة حزب العدالة والتنمية تدفع إلى التشكك في توجهاته‪1.‬بحيث اتخذت‬
‫تركيا مسا ار مغاي ار لمسار واشنطن وتل أبيب في التعاطي مع قضايا الشرق األوسط‪ .‬ففي الوقت‬
‫الذي رأت فيه واشنطن واسرائيل أن دوال مثل إيران وسوريا وحلفائهما مثل حزب اهلل وحماس‬
‫تمثل تحديا للسياستين األمريكية و اإلسرائيلية في منطقة الشرق األوسط‪ ،‬وهو ما يعني ضرورة‬
‫عزل هذه األطراف ومعاداتها‪ ،‬رأت أنقرة أنه ال مصلحة في معاداة هذه األطراف‪ ،‬بل ضرورة‬
‫التواصل معها واحترام مصالحا وقدرتها في حل قضايا المنطقة‪ .‬لذا أبدت حكومة حزب العدالة‬
‫والتنمية انفتاحا على إيران وسوريا وحزب اهلل وحماس‪ ،‬وهذا االنفتاح من شأنه أن يِؤثر على‬
‫العالقات التركية‪ -‬األمريكية وكذا على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‪.2‬‬
‫عبر بعض أعضاء الكونغرس عن قلقهم إزاء إشكالية العالقات بين تركيا واسرائيل في‬
‫أعقاب حادثة أسطول الحرية‪ .‬حيث أقر مجلس الشيوخ التصويت في ‪ 36‬جوان ‪3060‬م على‬
‫إدانة المتطرفين الذين كانوا على متن سفينة مرمرة وأن إلسرائيل كل الحق في الدفاع عن نفسها‬
‫وطالبوا بإدراج مؤسسة اإلغاثة اإلنسانية التركية بسبب مساندتها قافلة الحرية في قائمة‬
‫‪3‬‬
‫المنظمات اإلرهابية‪ ،‬كما فعلت إسرائيل ‪ .‬وفي هذا الصدد أفادت صحيفة " ‪Financial Times‬‬
‫" البريطانية بأن باراك أوباما حذر أردوغان أثناء لقائه على هامش اجتماعات مجموعة العشرين‬
‫عام ‪3060‬م بمدينة تورنتو ‪ Toronto‬الكندية من أن المواقف التركية حيال إسرائيل‪ ،‬يمكن أن‬
‫تقلص فرص أنقرة في الحصول على تكنولوجيا وأسلحة أمريكية متطورة كطائرات استطالع من‬
‫دون طيار‪ ،‬والتي تحمل صواريخ لمواجهة مقاتلي حزب العمال الكردستاني‪ .4‬كما أعلنت‬

‫‪ -1‬فاتن نصار‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.656-652‬‬


‫‪ -2‬خليل العناني‪" ،‬مع الواليات المتحدة األميركية ‪ ...‬مصالح استراتيجية"‪ ،‬في‪ :‬محمد عبد العاطي( محرر)‪ ،‬تركيا بين‬
‫تحديات الداخل ورهانات الخارج‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬الكبعة األولي‪ ،3009 ،‬ص ‪.655‬‬
‫‪3- Jim Zanotti, "Turkey: Background and U.S. Relations", Congressional Research Service, 21 June 2013 ,p 25.‬‬

‫‪ -4‬بشير عبد الفتاح‪" ،‬حسابات أنقرة‪ :‬مستجدات السياسة التركية في الشرق األوسط "‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪،61‬‬
‫العدد ‪،611‬أكتوبر ‪ ،3066‬ص ‪.632‬‬
‫‪103‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫واشنطن نيتها عدم المشاركة في مناورات نسر األناضول التركية بسبب منع إسرائيل من‬
‫المشاركة فيها‪.1‬‬
‫بحكم خصوصية العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬لعبت الواليات المتحدة األمريكية فيها‬
‫دو ار محوريا‪ ،‬تجلى أبرز مالمحه في حرص واشنطن على اإلبقاء على تحسن تلك العالقات‪،‬‬
‫بما يخدم مصالح إسرائيل و الواليات المتحدة األمريكية‪ .2‬فرغم االستياء األمريكي من السياسة‬
‫الخارجية التركية تجاه إسرائيل‪ ،‬واالنتقادات الحادة التي وجهتها أنقرة لتل أبيب‪ ،3‬ورغم األجواء‬
‫المشحونة بالتوتر‪ ،‬أفسحت البراغماتية التي تتمتع بها كل من أنقرة و تل أبيب وواشنطن‬
‫مساعي هذه األخيرة لتلطيف األجواء ووضع نهاية لتوتر العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪4،‬فخالل‬
‫الزيارة التي قام بها الرئيس األمريكي باراك أوباما في ‪ 30‬مارس ‪3062‬م إلى إسرائيل و بعدما‬
‫طالب أوباما نتنياهو بضرورة إنهاء األزمة مع تركيا أجرى رئيس الوزراء اإلسرائيلي بنيامين‬
‫نتنياهو مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان مكالمة هاتفية اعتذر خاللها عن "األخطاء" التي‬
‫حدثت خالل الهجوم اإلسرائيلي على السفينة "مرمرة" و يبدو أن فوضى "الربيع العربي" واألزمة‬
‫السورية واكتشافات الغاز في شرق المتوسط من أهم محددات المصالحة التركية – اإلسرائيلية‪.5‬‬
‫وتعد القضايا المتعلقة بإسرائيل من المحاور الرئيسية في العالقات التركية – األمريكية‪.‬‬
‫العالمية في تركيا‬ ‫وقد أوضحت الدراسة التي قامت بها مؤسسة الدراسات االستراتيجية‬
‫(‪ -)USAK‬كما هي مبينة في الجدول التالي‪ -‬أن القضايا المتعلقة بإسرائيل كانت على رأس‬
‫مواضيع أجندة الزيارات الرسمية‪ ،‬التي قامت بها الواليات المتحدة األمريكية إلى تركيا خالل‬
‫األربع سنوات الماضية (‪ ،)3066-3060‬وذلك باالشتراك مع قضايا أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬محاربة‬
‫اإلرهاب‪ ،‬سوريا‪ ،‬العراق‪ ،‬إيران وفلسطين‪.6‬‬

‫‪ -1‬بشير عبد الفتاح‪ "،‬التحالفات البديلة و العالقات التركية – اإلسرائيلية"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،61‬العدد ‪،612‬‬
‫يناير ‪ ،3066‬ص ‪.666‬‬
‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.662‬‬
‫‪ -3‬رنا عبد العزيز خماش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪-4‬بشير عبد الفتاح‪" ،‬أبعاد التحول في عالقات تركيا اإلقليمية"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،65‬العدد ‪،639‬‬
‫يناير‪ ،3060‬ص ‪.625‬‬
‫‪ -5‬أحمد دياب‪" ،‬الدور األمريكي في المصالحة التركية‪ -‬اإلسرائيلية وأثرها على التفاعالت في المنطقة"‪ ،‬مجلة شؤون عربية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬العدد ‪ ،656‬صيف ‪ ،3062‬ص ‪.603‬‬
‫‪ - 6‬محمد جابر ثلجي‪" ،‬التقارب اإليراني‪ -‬األمريكي و العالقات التركية – اإليرانية‪ :‬الفرص و التهديدات المحتملة"‪ 20 ،‬ماي‬
‫‪،0202‬‬
‫‪http://studies.aljazeera.net/files/iranfuturerole/2014/03/201433195519564582.html‬‬
‫‪104‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫الجدول رقم‪ 18 :‬مواضيع الزيارات الرسمية التي قامت بها الواليات المتحدة األمريكية إلى تركيا خالل‬
‫عامي ‪8102-8119‬‬
‫المجموع‬ ‫‪8102‬‬ ‫‪8108‬‬ ‫‪8100‬‬ ‫‪8101‬‬ ‫‪8119‬‬ ‫الموضوعات‬
‫‪66‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪02‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪02‬‬ ‫محاربة اإلرهاب‬

‫‪60‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪06‬‬ ‫سوريا‬

‫‪3‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪02‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪03‬‬ ‫العراق‬

‫‪3‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪03‬‬ ‫ايران‬

‫‪3‬‬ ‫‪02‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪03‬‬ ‫اسرائيل‬

‫‪5‬‬ ‫‪02‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪03‬‬ ‫فلسطين‬


‫المصدر‪ :‬محمد جابر ثلجي‪" ،‬التقارب اإليراني‪ -‬األمريكي و العالقات التركية – اإليرانية‪ :‬الفرص والتهديدات المحتملة"‪،‬‬
‫‪http://studies.aljazeera.net/files/iranfuturerole/2014/03/201433195519564582.html‬‬

‫إن حدوث أي تحسن في العالقات التركية‪-‬اإلسرائيلية يقابله بالموازاة تحسنا في‬


‫العالقات األمريكية –التركية‪ .‬وستبقى الواليات المتحدة األمريكية الداعم األكبر واألساسي‬
‫للعالقات التركية – اإلسرائيلية‪ .‬فهي تدرك يقينا طبيعة وحجم الدور التركي في منطقة الشرق‬
‫األوسط‪ ،‬خ اصة في ظل تحسن عالقاتها مع العديد من الدول المعادية للواليات المتحدة‬
‫األمريكية على المستوى اإلقليمي‪.1‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االتحاد األوروبي‬
‫يعود التواجد التركي على الساحة األوروبية إلى نهاية األربعينات من القرن العشرين‬
‫عندما تقدمت تركيا بطلب العضوية الكاملة في المجلس األوروبي عام ‪6969‬م‪ ،‬ثم عضوية‬
‫منظمة حلف الشمال األطلسي‪ ،‬طبقا لالتفاق الموقع في لندن عام ‪6956‬م‪ .‬وأعقب ذلك سلسلة‬
‫من العضوية التركية في مجموعة متتالية من المنظمات والهيئات االقتصادية األوروبية‪ ،‬ابتداء‬
‫من منظمة التعاون االقتصادي األوروبي إلى البنك األوروبي إلعادة البناء والتنمية‪ ،‬مرو ار‬
‫بمنظمة التعاون االقتصادي والتنمية‪ ،‬مؤتمر األمن والتعاون في أوروبا‪ ،‬ولكن ظل االتحاد‬
‫األوربي هو التحدي األكبر في مجال العضوية الكاملة‪.2‬‬
‫واستنادا لمتغيرات المنظور البنائي " الهوية " يمكن القول أن الدافع وراء توثيق عالقة‬
‫تركيا بإسرائيل هو الرفض األوروبي النضمام تركيا لالتحاد‪ ،‬خاصة بعد البيان الصادر عن‬

‫‪ -1‬رائد محمود أبو مطلق‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ -2‬محمد بوبوش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪105‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫األحزاب الديمقراطية المسيحية الذي اعتبر أن ال مكان لتركيا ال في المدى القريب‪ ،‬أو البعيد‬
‫في المنظومة األوروبية‪ ،‬ألنها تختلف دينيا‪ ،‬ثقافيا وحضاريا ‪ ،‬فلجأ العلمانيون إلى خيار تعزيز‬
‫التعاون مع إسرائيل‪ 1،‬حيث يعتقد األتراك أن تعزيز عالقاتهم مع إسرائيل‪ ،‬سيساهم في موافقة‬
‫دول االتحاد األوروبي على انضمام تركيا إليها‪ ،‬وأن ذلك يثبت علمانيتها‪ ،‬وعدم تعصبها‪ .‬فها‬
‫هي دولة مسلمة تقيم عالقات طيبة مع دولة يهودية‪ .‬فاألتراك يريدون بتلك العالقات إرسال‬
‫رسالة ألوروبا بأن انضمامهم إليها لن يهدد ناديهم المسيحي‪ .2‬وبالتالي يعتقد الساسة األتراك أن‬
‫حدوث أي توتر في العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬يمكن أن يؤثر في مسألة انضمام تركيا إلى‬
‫االتحاد األوروبي‪ ،‬لما يتمتع به اللوبي اليهودي في الواليات المتحدة من نفوذ على دول االتحاد‪،‬‬
‫وعلى رأسها بريطانيا فرنسا وألمانيا‪.3‬‬
‫وفي مقابل ذلك‪ ،‬سعت دول االتحاد األوروبي إلى تسهيل وتعزيز العالقات التركية –‬
‫اإلسرائيلية بمختلف الوسائل االقتصادية والعسكرية‪ ،‬كما سعت إلى دمج إسرائيل في منطقة‬
‫الشرق األوسط من خالل إقامة مشاريع شراكة حيوية تتضمن إسرائيل ودول المنطقة‪ ،‬وباألخص‬
‫تركيا‪ .‬ومن بين هذه المشاريع مشروع "االتحاد من أجل المتوسط" الذي طرحه الرئيس الفرنسي‬
‫األسبق نيكوال ساركوزي‪Nicolas Sarkozy‬عام ‪3001‬م‪ ،‬المعروف بتأييده المطلق إلسرائيل‪،‬‬
‫وتحيزه لمصالحها وتأييده للسياسة األمريكية الداعمة إلسرائيل في المنطقة‪ .‬وتعتبر إسرائيل أكبر‬
‫مؤيد للمشروع‪ .‬إذ ترى فيه ملتقي للدفع بالتطبيع مع الدول العربية بعدما فشل مسار برشلونة‬
‫‪ Barcelona‬في تحقيق هذا الهدف‪ .‬ولكن رفضته الدول العربية‪ ،‬خاصة بشأن موقع إسرائيل‬
‫فيه‪ ،‬واعتبرته إطا ار جديدا للتطبيع مع إسرائيل‪ ،‬في حين لم يتوصل بعد لتسوية للقضية‬
‫الفلسطينية‪ .‬كما رفضته تركيا التي ترى أنه محاولة إلفشال انضمامها لالتحاد األوربي‪.4‬‬
‫وقد دعمت الواليات المتحدة األمريكية السعي التركي لالنضمام إلى االتحاد األوربي‪.‬‬
‫حيث اعتبرت واشنطن أن التحاق تركيا بأوروبا هدفا أمريكيا‪ ،‬وليس فقط بسبب المزايا التي قد‬
‫تعود على حليف استراتيجي لها من وراء ذلك‪ ،‬وانما أيضا بهدف‪ :‬بناء جسر قوي أوال بين‬
‫الشرق والغرب عبر البوابة التركية‪ .‬وثانيا؛ محاولة إحداث توازن استراتيجي داخل االتحاد‬

‫‪ -1‬محمد نور الدين‪ ،‬تركيا الجمهورية الحائرة‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.000‬‬
‫‪ -2‬رنا عبد العزيز خماش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -3‬شيماء أحمد منير‪ ،‬مستقبل العالقات التركية – اإلسرائيلية في ضوء التطورات الراهنة ‪ ،‬مركز الدراسات السياسية‬
‫واالستراتيجية‪ ،3009 ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪ -4‬رنا عبد العزيز خماش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪106‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫األوروبي بين القوى التقليدية‪ ،‬مثل فرنسا وألمانيا وايطاليا والقوى الجديدة األقرب للحليف‬
‫األمريكي‪ ،‬مثل‪ :‬تركيا وبعض دول أوربا الشرقية‪ ،‬مثل‪ :‬بولندا‪ 1.‬لذا أصبح أمر انضمام تركيا‬
‫إلى االتحاد األوروبي من األمور المهمة في العالقات التركية ‪ -‬األمريكية وذلك بسبب التأييد‬
‫القوي للواليات المتحدة األمريكية النضمام تركيا‪ .‬وترى الواليات المتحدة األمريكية أنه ال مبرر‬
‫وراء عدم ضم تركيا لالتحاد األوروبي خاصة في ظل التزامها بإجراء كافة اإلصالحات‬
‫االقتصادية والسياسية واالجتماعية التي تتطلبها شروط االنضمام ‪ .‬وطالبت االتحاد األوروبي‬
‫‪2‬‬
‫حمل وزير الدفاع‬
‫ّ‬ ‫ية‪،‬‬‫ر‬‫الح‬ ‫أسطول‬ ‫أحداث‬ ‫فبعد‬ ‫بإعادة النظر في مسألة انضمام تركيا إليها‬
‫األميركي األسبق روبرت غيتس ‪ Robert Gates‬االتحاد األوروبي مسؤولية التغير في سياسة‬
‫أنقرة الخارجية و تدهور عالقاتها مع إسرائيل‪ .‬حيث أكد أن معارضة العواصم األوروبية‬
‫لمساعي تركيا االنضمام إلى االتحاد األوروبي‪ ،‬ساهم في إبعادها عن الغرب‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫"إن كان هناك أي شيء له صلة بفكرة أن تركيا تتحرك صوب الشرق‪ ،‬فإنه_ من وجهة نظري والى حد غير‬
‫‪3‬‬
‫بسيط_ نتيجة دفعها من جانب البعض في أوروبا الذين يرفضون إعطاء تركيا نوع العالقة األساسية"‬
‫يثير تدهور العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية مخاوف دول االتحاد األوروبي بشأن‬
‫مستقبل العالقات الثنائية بين البلدين‪ .‬فمن المنظور األوروبي‪ ،‬تدهور العالقات مع إسرائيل‪،‬‬
‫قلص نفوذ تركيا في الشرق األوسط‪ .‬فقد كشف الهجوم اإلسرائيلي على قطاع غزة في عام‬
‫‪3063‬م عن غياب الحوار بين تركيا واسرائيل وتراجع الدور التركي كوسيط للسالم‪ ،‬على الرغم‬
‫من مشاركة القادة األتراك في مفاوضات عملية وقف إطالق النار‪ ،‬إال أن التصور األوروبي‬
‫العام هو غياب تركيا عن المفاوضات‪.4‬‬
‫ما يمكن قوله هو أن االتحاد األوروبي‪ ،‬ظل مترددا بين مسألة العضوية الكاملة لتركيا‬
‫وشراكة مميزة‪ .‬ولكن رغم ذلك فإن األتراك يعتبرون أن تركيا جزء من القيم األوروبية وأنها‬
‫التزمت بمعايير كوبنهاجن‪ ،‬لذا فإن شروط كوبنهاجن ليست السبب وراء معارضة أعضاء‬
‫االتحاد األوروبي و إنما عنصر "الهوية" أي االختالف الديني‪ ،‬الثقافي والحضاري بينهما وبين‬

‫‪ -1‬عبد العظيم محمود خنفي ‪" :‬العالقات األمريكية ‪ -‬التركية" ‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬عدد‪ 652‬يوليو ‪، 3002‬مجلد ‪21‬‬
‫‪،‬ص ‪3‬‬
‫‪ -2‬محمود سالم السمارائي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪ -3‬رائد محمود أبو مطلق‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ -4‬عبد العزيز شنيقر‪" ،‬السياسة الجديدة بوابة تركيا إلى االتحاد األوروبي"‪ 69 ،‬أوت ‪.3062‬‬
‫‪http://www.turess.com/alchourouk/157383‬‬
‫‪107‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫االتحاد األوروبي ألن الواقع اليوم يثبت أن تركيا في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية قطعت‬
‫أشواطا كبيرة مقارنة بما كانت عليه في السابق‪ .‬وكنتيجة لمواقف الدول األوروبية الرافضة‬
‫النضمام تركيا‪ ،‬وعدم وضوح الموقف األوروبي‪ ،‬قامت تركيا بإعادة ترتيب أولوياتها‪ ،‬فتوجهت‬
‫نحو الشرق‪ ،‬ولكن ليس على حساب الغرب‪ .‬فتماطل االتحاد دفعها لتتصالح مع محيطها‬
‫العربي واإلسالمي‪ .‬حكومة حزب العدالة والتنمية تدرك أن ذلك سيعزز مكانتها تجاه أوروبا‬
‫والغرب بشكل عام‪ ،‬من خالل إمكانية استغالل مكانتها كجسر حضاري‪ ،‬وثقافي بين عالمين‬
‫احدهما يربطه بها تاريخ‪ ،‬جغرافيا ودين مشترك‪ ،‬واآلخر أوروبي يربطه بها عامل الجغرافيا‬
‫والتاريخ المشترك‪ .‬فسعي تركيا لتوثيق عالقاتها االقتصادية والتجارية مع الدول العربية ودعم‬
‫قضاياها خاصة ما تعلق بالقضية الفلسطينية أثر سلبا على عالقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حلف شمال األطلسي‬

‫ارتبطت سياسة األحالف تقليديا بالمنظور الواقعي وارتباطا بهذا التقليد‪ ،‬واستنادا إلى‬
‫الخصائص الواقعية للنظام الدولي تحاول الدول حماية أمنها تماشيا مع هذه الخصائص ‪-‬‬
‫مختلف المتغيرات والتطورات الدولية التي تحدد مسار الدول و تدخل في ق ارراتها بشأن التحالف‬
‫– فقد ذهب "مارتن وايت" إلى أن وظيفة الحلف " هي تقوية أمن المتحالفين وتعزيز وترقية مصالحهم في‬
‫‪.1‬‬
‫العالم الخارجي "‬

‫القوة العسكرية والمصالح األمنية والتهديدات الخارجية في نظر الواقعيين هي التي تدفع‬
‫نحو تبني خيار التحالف‪ ،2‬فقد كان من نتائج الضغط السوفياتي على تركيا في أواخر‬
‫أربعينيات القرن العشرين‪ ،‬أن اتجهت تركيا إلى المعسكر الغربي‪ .‬حيث أبدت استعدادها‬
‫لالنخراط في الترتيبات األمنية الغربية لمواجهة المد الشيوعي من خالل انضمامها إلى منظمة‬
‫تركيا الحامية للجناح الجنوبي الشرقي‬ ‫حلف شمال األطلسي في عام ‪6953‬م‪ ،3‬لتصبح‬
‫للحلف‪ .‬وكان الغرض من وراء قبول تركيا بالحلف لتكون األراضي التركية مخازناً للقوات‬
‫العسكرية األمريكية‪ ،‬فضال عن قربها من الشرق األوسط‪ .‬لذلك أصبح الحلف األداة التي تربط‬
‫تركيا بدول الغرب‪ .‬فقد كانت تحصل على الدعم الكامل من الحلف األطلسي‪ ،‬بهدف جعلها‬

‫‪ -1‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.01‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪.63 ،‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.091‬‬
‫‪108‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫مركز القوة االقتصادي والسياسي بالمنطقة‪ ،‬وسيطرتها على أهم مصادر المياه والنفط وحماية‬
‫المصالح األمريكية‪.1‬‬

‫بعد نهاية الحرب الباردة‪ ،‬بدأ يظهر دور جديد لحلف شمال األطلسي‪ ،‬حيث تحول من‬
‫مهمة الدفاع عن غرب أوروبا ومنطقة األطلسي ضد خطر االتحاد السوفياتي إلى قوة عسكرية‬
‫سياسية‪ .2‬من خالل سعيه إلى المحافظة على سيادة الدول األعضاء فيه‪ ،‬مؤكدا في نفس الوقت‬
‫على الدور الذي ما تزال تلعبه الدولة في عالقاتها مع دول خارج الحلف‪ .‬كما أصبح الحلف‬
‫يقوم بوظيفة اقتصادية‪ ،‬يتجلى ذلك في تدليله لحدة الصراعات والتنافسات في سياسات الدول‬
‫االقتصادية‪ ،‬وتشجيعها على التعاون واالندماج االقتصاديين فيما بينهما على غرار اندماجها‬
‫العسكري‪ .3‬وهذا ما يؤكده رواد النظرية الليبرالية المؤسساتية‪ ،‬حيث يسلم هؤالء باستمرار أهمية‬
‫القوة العسكرية في العالقات الدولية باإلضافة إلى متغير المصلحة‪ ،‬لكنهم يجادلون بأنه بوسع‬
‫المؤسسات أن توفر إطا ار للتعاون مما يساعد في التغلب على أخطار المنافسة بين الدول‪ ،4‬فقد‬
‫اتخذ حلف شمال األطلسي هذا التوجه عندما أصدر قادته إعالن روما في نوفمبر ‪6996‬م‬
‫حول السالم والتعاون‪ ،‬والذي أكد أن التحديات والمخاطر األمنية التي أصبح الحلف يوجهها في‬
‫عالم ما بعد الحرب الباردة تختلف عن طبيعتها‪ ،‬عما كانت عليه سابقا‪ ،‬ومنها المخاطر الناجمة‬
‫عن الصراعات العرقية‪ ،‬والنزاعات الحدودية‪ ،‬والمشاكل االقتصادية‪ .‬وبعد أحداث ‪ 66‬سبتمبر‬
‫‪3006‬م‪ ،‬شهدت استراتيجية الحلف تطو ار جديدا‪ ،‬حيث في نوفمبر ‪3003‬م تم االتفاق في قمة‬
‫براج على خطة عمل مشتركة ضد اإلرهاب‪ ،‬وانشاء قوة رد سريع متطورة خالل عام ‪3001‬م‪.5‬‬
‫كما اهتم الحلف بتطوير التعاون األمني الثنائي بين دول الحلف وبلدان الشرق األوسط‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫تركيا واسرائيل‪ ،‬وتم طرح مبادرة اسطنبول للتعاون االستراتيجي خالل ‪3006‬م‪ ،‬لتكون بداية لهذا‬
‫التعاون في مجاالت عديدة منها "مكافحة االرهاب" و"النشاطات المضادة النتشار أسلحة‬
‫الدمار الشامل ‪ -‬إيران وكوريا الشمالية‪ ،"-‬و"ضمان أمن الحدود والتحضيرات الالزمة لمواجهة‬

‫‪- 1‬أحمد داود أوغلو‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.059-051‬‬


‫‪ -2‬أشرف محمد كشك‪ "،‬حلف الناتو‪ :‬من الشراكة الجديدة إلى التدخل في األزمات العربية"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ 05 ،‬ماي‬
‫‪http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/3/14/1502/%D9%85%D9%86 -‬‬ ‫‪،0202‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%‬‬
‫‪A7%D8%AA/%D8%AD%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%AA%D9%88.aspx‬‬
‫‪ -3‬عبد الناصر جندلي‪ ،‬التحوالت االستراتيجية في العالقات الدولية منذ نهاية الحرب الباردة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬باتنة‪ ،‬دار قانة‬
‫للنشر و التوزيع والتجليد‪ ،‬الطبعة األولي‪ ،0202 ،‬ص ‪.011‬‬
‫‪ -4‬جون بيلس و ستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.631‬‬
‫‪ - 5‬أشرف محمد كشك‪ ،‬حلف الناتو‪ :‬من الشراكة الجديدة إلى التدخل في األزمات العربية ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫الكوارث والحاالت الطارئة" و"المشاركة في مناورات الحلف الدورية"‪ ،‬و"المشاورات بشأن‬


‫االصالحات الدفاعية العسكرية"‪ .1‬وقد بدأ التعاون بين إسرائيل وحلف شمال األطلسي داخل‬
‫إطار الحوار المتوسطي المتعدد األطراف‪ ،‬والذي تم إعالنه خالل عام ‪6996‬م‪ ،2‬وذلك من‬
‫أجل التعاون في محاربة تهديدات محتملة ألعضاء الحلف‪ ،‬مثل‪ :‬الهجرة غير الشرعية‪ ،‬تهديد‬
‫المخدرات‪ ،‬واألنشطة االرهابية‪ ،‬ويضم كال من إسرائيل واألردن‪ ،‬مصر‪ ،‬المغرب‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬وموريتانيا‪ .‬وخالل المرحلة األولى للحوار اقتصر النشاط على عقد اجتماعات على‬
‫المستوى الرسمي‪ .‬وظل التعاون الفعلي مقتص ار في الجزء األكبر منه على إطار العمل المتعدد‬
‫األطراف‪ .‬وفي أكتوبر عام ‪3001‬م‪ ،‬نفذت إسرائيل وحلف شمال األطلسي أول برنامج تعاون‬
‫فردي‪ .‬حيث تعد إسرائيل أول دولة خارج النطاق األورو‪ -‬أطلسي‪ ،‬وأولى األعضاء في الحوار‬
‫المتوسطي‪ ،‬التي قدمت مثل هذا االتفاق‪.3‬‬

‫وهكذا تعتبر الشراكة اإلسرائيلية مع حلف شمال األطلسي هدفا استراتيجيا للحكومات‬
‫االسرائيلية‪ ،‬ألنها تحقق لها أهداف عدة منها‪:‬‬

‫تفعيل ارتباط إسرائيل بشكل كامل بالحليف االستراتيجي والدولة المحورية في‬ ‫‪‬‬
‫الحلف‪ ،‬وهي الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬ثم من بعدها االرتباط بأوروبا‪ ،‬حيث يوفر لها ذلك‬
‫القدرة على المناورة السياسية الدولية واالقليمية‪.‬‬

‫ارتباط إسرائيل مؤسسيا بحلف شمال األطلسي من شأنه تعزيز التوجه المتبادل‬ ‫‪‬‬
‫بين الطرفين فيتعزز التوجه الغربي لدى تل أبيب على اعتبار أنها تحمل القيم الديمقراطية‬
‫الغربية ذاتها‪ ،‬و يتعزز التواجد الغربي في منطقة الشرق األوسط ذات األهمية االستراتيجية‪،‬‬
‫التي تتأثر بشدة بتفاعالت كل من الواليات المتحدة األمريكية و االتحاد االوروبي مع دولها‬
‫على الصعيدين السياسي و االقتصادي‪.‬‬

‫‪ - 1‬أشرف محمد كشك‪ "،‬إسرائيل و الناتو‪ ..‬من التعاون إلى الشراكة"‪ ،‬السياسة الدولية ‪ 05 ،‬ماي ‪،0202‬‬
‫‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=221856&eid=4979‬‬
‫‪2 - Tommy Steiner, " OTAN-Israël Relations: Le niveau d'ambition" , 15 Mai 2014,‬‬
‫‪http://www.comitatoatlantico.it/en/studi/nato-israel-relations-the-level-of-ambition/‬‬

‫‪ - 3‬أشرف محمد كشك‪ "،‬إسرائيل و الناتو‪ ..‬من التعاون إلى الشراكة"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫استمرار إيران في برنامجها النووي و تداعياته على أمن إسرائيل يعني أنه ‪-‬من‬ ‫‪‬‬
‫المحتمل‪ -‬أن ال يترك المجتمع األطلسي – األوروبي واألمريكي‪ -‬إسرائيل بمفردها في‬
‫مواجهة األخطار اإليرانية على أمنها‪ ،‬وهو أمر ال يمكن تحقيقه إال بقبول إسرائيل كعنصر‬
‫فاعل في أنشطة حلف شمال األطلسي‪.‬‬

‫التعاون مع الناتو سيوفر إلسرائيل القدرة على الردع السياسي في منطقة الشرق‬ ‫‪‬‬
‫األوسط عبر االشتراك في التدريبات و المناورات و الحصول على وضع متميز في مجال‬
‫استيراد األسلحة و تصديرها على حد سواء‪.1‬‬

‫ويمكن لنا تفسير العالقات التركية – اإلسرائيلية من خالل االعتماد على فحوى النظرية‬
‫الليبرالية المؤسساتية والتي تؤكد على أن المؤسسات أصبح ينظر إليها كعامل مسهل للتعاون‬
‫طالما أن ذلك يتماشى مع مصلحة الدول‪ ،‬فقد قام المؤسساتيون من أمثال "جون بافيلد "‬
‫و"روبرت ماكاال " بتوضيح النظرية لتشمل مجاالت متعددة ‪.‬أبرزها دراسة منظمة حلف‬
‫شمال األطلسي‪ ،‬إذ يرى هؤالء الباحثون أن خاصية المأسسة العالية للناتو تفسر سر بقائه‬
‫وتكيف ِه مع التغيرات بالرغم من اختفاء خصمه التقليدي‪ .‬وهذا ال يعنى أن المؤسسات تمنع‬
‫ِ‬
‫حدوث الحروب لكن بوسعها تخفيف مخاوف الغش وتلطيف المخاوف التي تنشأ في بعض‬
‫األحيان من المكاسب غير المتكافئة الناجمة عن التعاون‪ .‬وهذه النظرية تبين كيف أن‬
‫الترتيبات المؤسساتية تشبك العالقات بشكل يصعب معه التراجع عن مكتسبات التعاون حتى‬
‫في ظل حكومات متطرفة نتيجة تركيزهم على المكاسب المطلقة‪ ،2‬فعلى خلفية استمرار‬
‫التوتر في العالقات بين كل من أنقرة وتل أبيب‪ ،‬أعلنت الحكومة التركية رسميا خالل عام‬
‫‪3009‬م إلغاء مناورات "صقر األناضول" العسكرية الجوية الدولية‪ ،‬التي كان ‪ -‬من‬
‫المتوقع‪ -‬قيامها في إحدى القواعد العسكرية الجوية التركية‪ .‬وما يلفت النظر هو أن إسرائيل‬
‫كانت تمثل طرفا رئيسيا مشاركا في هذه القوات‪ .‬وقد تلقى اإلسرائيليون الطلب التركي بشيء‬
‫من الغضب و المفاجأة‪ .‬ومن جانبها‪ ،‬سعت تل أبيب إلى االحتجاج لدى دول حلف شمال‬
‫االطلسي بأن الطلب التركي شكل انتهاكا صارخا للتفاهمات بين إسرائيل و دول الناتو‪،‬‬

‫‪ - 1‬صافيناز محمد أحمد‪" ،‬إسرائيل و الناتو ‪ ..‬لماذا اآلن؟ !"‪ 65 ،‬جوان ‪،3066‬‬
‫‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=1153507&eid=471‬‬
‫‪ -2‬ستيفن وولت‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫المتعلقة بمشاركة القوات اإلسرائيلية في مناورات حلف الناتو‪ ،‬و إلرغام أنقرة من أجل التراجع‬
‫عن طلبها و السماح بمشاركة اإلسرائيليين‪.1‬‬
‫وقد سعت واشنطن للضغط على أنقرة من أجل الموافقة على مشاركة القوات اإلسرائيلية‪،‬‬
‫وذلك من خالل التهديد بعدم مشاركتها واالنسحاب من المناورات‪ ،‬كذلك تهديد إيطاليا تضامنا‬
‫مع الواليات المتحدة األمريكية و إسرائيل بعدم المشاركة واالنسحاب من المناورات‪ .‬غير أن الرد‬
‫التركي على هذه الضغوط‪ ،‬تمثل في إلغاء هذه المناورات‪.2‬‬
‫واستخدمت تركيا خالل شهر ماي ‪3063‬م – بدورها‪ -‬حق النقض "الفيتو" لمنع إسرائيل‬
‫من المشاركة في فعاليات أكبر قمة في تاريخ حلف شمال األطلسي‪ ،‬التي انعقدت في شيكاغو‬
‫بالواليات المتحدة‪ ،‬باعتبار أن إسرائيل تدخل ضمن مجموعة دول "الحوار المتوسطي"‪ ،‬التي‬
‫صنفها الناتو ضمن قائمة الدول المرشحة للتعاون والشراكة مع الحلف‪ ،‬ولكنها ليست عضوا‬
‫فيه‪ .‬وذلك على إثر عدم تقديم تل أبيب اعتذا ار رسميا لتركيا جراء استهدافها لسفينة مرمرة‪.3‬‬
‫استمرت تركيا في انتهاج سياسات "منع" إسرائيل من الولوج داخل النسق التنظيمي لحلف‬
‫األطلسي وأكدت ذلك برفضها فتح مكتب إلسرائيل في مقر الحلف ببروكسل‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫محاولة كل من فرنسا والواليات المتحدة واألمين العام للحلف "فوغ راسموسن" حث تركيا على‬
‫إبداء مرونة أكبر تجاه إسرائيل ‪ ،‬والتلميح بأن الموقف التركي من شأنه جلب صراعات ثنائية‬
‫داخل الحلف‪ ،‬وفى تصريحات وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلوا ‪ -‬خالل اجتماع وزراء‬
‫خارجية الحلف الذى عقد في ‪ 61‬أفريل ‪3063‬م وسبق قمة شيكاغو المذكورة آنفا ‪ -‬والتي حدد‬
‫فيها موقف بالده من حضور إسرائيل لفعاليات الحلف‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫" بأن قيم الشراكة التي يتوافق عليها األعضاء تقتضى أن ال يدعو الحلف بلدا للشراكة‪ ،‬في‬
‫الوقت الذى قام فيه هذا البلد بقتل مواطني دولة عضو في الحلف دون أن يقدم أي اعتذار أو‬
‫تعويض للضحايا"‪.4‬‬

‫‪" - 1‬أسباب إلغاء تركيا مناورات صقر األناضول الجوية"‪ 65 ،‬جوان ‪،3066‬‬
‫‪http://ifriqiyah.com/index.php?option=com_content&task=view&id=4603&Itemid=305‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬صافيناز محمد أحمد‪" ،‬إسرائيل و الناتو ‪ ..‬لماذا اآلن؟!"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫لكن بعد موافقة منظمة حلف شمال األطلسي على طلب تركيا لنشر أنظمة باتريوت‬
‫أرض‪ -‬جو على الحدود مع سوريا كتأمين أطلسي دفاعي لدولة عضو في الحلف وفقا‬
‫لمتطلبات األمن الجماعي التي تفرضها قيم الشراكة في حلف شمال األطلسي‪ ،‬وافقت تركيا‬
‫على انضمام إسرائيل ألجندة أنشطة حلف شمال األطلسي خالل عام ‪3062‬م‪ ،‬ولكنها اشترطت‬
‫أن تظل المشاركة مقتصرة فقط على األنشطة غير العسكرية‪ 1‬و هذا ما تؤكده النظرية الليبرالية‬
‫المؤسسية والتي تركز على الطريقة التي من خاللها يمكن للمؤسسات أن تؤثر في سلوك الدول‬
‫بواسطة نشر قيم معينة أو خلق نمط من السلوك المحكوم بقوانين معينة‪ ،‬وبأن تلعب هذه‬
‫المؤسسات الدولية دو ار في المساعدة على تحقيق المزيد من التعاون والتخفيف من حدة التوترات‬
‫بين الدول األعضاء‪.2‬‬

‫الهدف غير المعلن لنشر للدرع الصاروخية يتمثل في اعتراض أية ضربات إيرانية‬
‫تستهدف إسرائيل‪ .‬فال يمكن لكل مظاهر االنتقاد من جانب أنقرة أي تحجب أن دولة في حلف‬
‫شمال األطلسي‪ ،‬مثل‪ :‬تركيا‪ ،‬يمكن أن تكون عدوا إلسرائيل‪ .‬وبالتالي لم يكن ممكنا االعتقاد أن‬
‫تركيا يمكن أن تنهج نهجا مخالفا للمصالح اإلسرائيلية‪ ،‬التي هي المصالح األطلسية ذاتها‪ .‬لقد‬
‫أكدت تركيا تقديم هويتها األطلسية على هويتها المشرقية عندما اعتبر المسؤولون األتراك أن‬
‫"حدود تركيا هي حدود األطلسي"‪ 3.‬ومن تكن حدوده حدود األطلسي‪ ،‬فهو تلقائيا حليف إسرائيل‬

‫‪1-"Turquie, Israël et l'OTAN", 15 Mai 2014,‬‬


‫‪http://weekly.ahram.org.eg/News/811/21/Turkey,-Israel-and-NATO.aspx‬‬
‫‪ -2‬جون بيلس و ستيف سميث‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.633‬‬
‫‪ - 3‬محمد نور الدين‪" ،‬تركيا و إسرائيل ‪ :‬شراكة أبدية و أسئلة فلسطينية"‪ 05 ،‬ماي ‪،0202‬‬
‫‪http://www.aztagarabic.com/archives/8404?fb_source=pubv1‬‬
‫‪113‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫مدى تأثير الفواعل اإلقليمية على العالقات التركية – اإلسرائيلية‬
‫بعد وصول حزب العدالة و التنمية إلى الحكم وانتهاجه لسياسة تصفير المشاكل _إلغاء‬
‫كل عوامل التوتر في العالقات بين تركيا وجيرانها‪ -‬وااللتزام بسياسة العمق االستراتيجي‪ ،‬حدثت‬
‫تطورات بالغة األهمية في عالقات تركيا بمحيطها اإلقليمي‪ .‬أسفرت هذه التطورات عن توقيع‬
‫اتفاقيات شراكة استراتيجية مع سوريا والعراق وتوقيع اتفاقيات تعاون متعددة األبعاد مع ايران‬
‫وقبول بالدعوة السورية – اإليرانية لتأسيس شراكة رباعية ‪ :‬إيرانية – عراقية – سورية – تركية‪،‬‬
‫تكون قادرة على مواجهة المخاطر المشتركة في المنطقة‪ ،‬وفي مقدمتها الخطر اإلسرائيلي‪ .‬ففي‬
‫الوقت الذي كانت فيه عالقات أنقرة مع تل أبيب تعاني تراجعا ملحوظا وتوت ار ملموسا‪ ،‬سعت‬
‫أن قرة إلى تذويب الخالفات وتعزيز التقارب مع الدوائر اإلقليمية‪ ،‬خاصة العراق‪ ،‬إيران وسوريا‪.‬‬
‫فقبل هذا كانت التوترات في العالقات بين أنقرة و هذه الدول بمثابة الروافد المغذية للتقارب‬
‫التركي ‪ -‬اإلسرائيلي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬العراق‬
‫قد يكون العراق البلد األكثر أهمية لتركيا نظرا‪ ،‬إلى الجوار الجغرافي من جهة‪ ،‬والى‬
‫تداخل المشكلة الكردية بصورة عضوية بينه وبين تركيا من جهة أخرى‪ .1‬فبعد الغزو األمريكي‬
‫للعراق عام ‪ 3002‬م‪ ،‬رفضت تركيا تقسيم العراق لدول مستقلة وبشكل خاص إقامة دولة مستقلة‬
‫لألكراد‪ ،‬ألن مصلحة تركيا هي في استمرار العراق دولة موحدة ومستقرة‪ ،‬لذا تعارض تركيا‬
‫مطالب األكراد للسيطرة على الموصل وكركوك التي تضم ‪ %2-%3‬من سكان العراق من‬
‫أصل تركي (‪ 100-500‬ألف نسمة)‪.2‬‬
‫ويعتر موضوع العالقة بين إسرائيل وأكراد العراق أحد القضايا الخالفية الرئيسية في‬
‫‪3‬‬
‫تحدثت عن قيام إسرائيل‬
‫تم نشر العديد من التقارير التي ّ‬
‫العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية ‪ .‬حيث ّ‬

‫‪ -1‬أحمد يوسف أحمد ونيفين مسعد‪ ،‬حال األمة العربية ‪ 8101-8119‬النهضة أو السقوط ‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مايو ‪ ،3060‬ص ‪.33‬‬
‫‪-2‬غاليا ليندنشتراوس‪" ،‬دراسة في العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية"‪ ،‬ترجمة‪ :‬يوسف غنيم‪ 62 ،‬ماي ‪.3062‬‬
‫‪http://blog.amin.org/alianalhindi/2010/10/04‬‬
‫عما تبحث إسرائيل في شمال العراق؟"‪ ،‬في‪ :‬أحمد أبو هدية (مترجم) ‪ ،‬الدور اإلسرائيلي في الحرب‬
‫‪ -3‬سرهات إركمان‪ّ " ،‬‬
‫األمريكية على العراق‪ ،‬الجمهورية العربية السورية‪ ،‬دمشق‪ ،‬مركز الدراسات الفلسطينية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،3005 ،‬ص ‪.636‬‬
‫‪114‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫بتدريب الميليشيات الكردية في شمال العراق‪ ،‬وتورطها في عمليات سرية بدول مجاورة مما أدى‬
‫إلى مزيد من التوتر في عالقات أنقرة و تل أبيب‪ .1‬والى جانب ذلك‪ ،‬يعتقد العديد من المحللين‬
‫األتراك والمسؤولين أن الهجومات ا لتي يشنها حزب العمال الكردستاني ضد الجيش التركي لها‬
‫عالقة كبيرة بإسرائيل‪ ،‬رغم نفي هذه األخيرة لألنباء التي أشارت إلى وجود العالقات بين‬
‫الحكومة االسرائيلية وحزب العمال الكردستاني‪ ،‬كما ورد في صحيفة يديعوت أحرنوت في‬
‫سبتمبر ‪3066‬م‪ ،2‬ولكن الحكومة التركية غير مقتنعة بهذا النفي‪ ،‬حيث قال سداتالجنر رئيس‬
‫منظمة البحوث االستراتيجية الدولية‪:‬‬
‫"أن هناك أدلة بأن وكالء الموساد والمتقاعدين العسكريين اإلسرائيليين يقومون بتوفير األسلحة والعتاد‬
‫والتدريب لمسلحي حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق‪ ..‬وال ينبغي أن نستبعد وجود عالقات بين‬
‫‪3‬‬
‫الطرفين"‬
‫وهو األمر الذي أكده‪ -‬بدوره‪ -‬مراد كارايالن زعيم اتحاد المجتمعات الكردستانية‪ ،‬بقوله‪:‬‬
‫" أن هناك الكثير من العوامل التي تربط اسرائيل والكرد‪ ،‬وبأن الطرفين محاطان بالدول التي ال تعترف‬
‫‪4‬‬
‫بهم"‪.‬‬
‫تجد تركيا ّأنه كلما ازداد التغلغل اإلسرائيلي في شمال العراق‪ ،‬كلما سينعكس ذلك سلبا‬
‫على المستويين األمني و السياسي وعلى دورها اإلقليمي‪ .‬فالمصالح اإلسرائيلية في شمال‬
‫العراق‪ ،‬المتمثلة في دعم األكراد‪ ،‬تأتي من منطلق احتواء الخطر على وضع إسرائيل‬
‫االستراتيجي‪ .‬فهي تعمل في شمال العراق وفقا لما يخدم مصالحها‪ .‬ومن الطبيعي أن تكون‬
‫متضاربة مع المصالح التركية‪.5‬‬
‫وفي الوقت الذي تثير فيه إسرائيل شكوكا لدى الحكومة التركية بشأن شمال العراق‪،6‬‬
‫تحسنت العالقات التركية – العراقية‪ .‬حيث وقعت الدولتان في ‪ 60‬جوان ‪3009‬م على اتفاقية‬

‫‪ -1‬سالم الربضي‪" ،‬التآكل في العالقات التركية_ اإلسرائيلية وابعاد التغيير االستراتيجي"‪ ،‬مجلة العربية للعلوم السياسية‪،‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬العدد ‪.3066 ،20‬‬
‫‪ -2‬عثمان علي‪ ،‬حزب العدالة و التنمية في تركيا و المسألة الكردية‪ ،‬أربيل‪ ،‬مطبعة منارة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،3062 ،‬ص‬
‫ص‪.313‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.312‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.316‬‬
‫‪ -5‬سالم الربضي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪ -6‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.613‬‬
‫‪115‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫للتعاون العسكري‪ ،‬واتخذت العالقات بين الدولتين مسا ار إيجابيا‪ ،1‬عندما تم توقيع ما يزيد على‬
‫‪ 60‬مذكرة تفاهم حول مواضيع تتراوح بين الحوار األمني االستراتيجي إلى التعاون التجاري في‬
‫مجال الطاقة‪ .‬وقد عملت مثل هذه المبادرات على زيادة حجم التبادل التجاري الثنائي بصورة‬
‫سريعة‪ ،‬ومهدت الطريق للشركات التركية والمستثمرين األتراك لالستفادة من الفرص السانحة في‬
‫الدولة المجاورة‪ .2‬كما يرى العراق أن تركيا تمثل حليفا وشريكا سياسيا قاد ار على بناء االقتصاد‬
‫العراقي‪ ،‬والسيما البنية التحتية‪ ،‬فضال عن أهميتها فيما يتعلق بقدرتها على تأمين خطوط‬
‫تصدير الطاقة ومساراتها‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن التجارة و االستثمارات التركية‬
‫في المنطقة الكردية في شمال العراق تمثل أحد عوامل االستقرار‪ .3‬ففي عام ‪3009‬م‪ ،‬زار وزير‬
‫الخارجية التركية أحمد داود أوغلو أربيل عاصمة المناطق الكردية في العراق‪ .‬وقد وافقت تركيا‬
‫على فتح قنصلية لها فيها‪ .‬كما زار مسعود برزاني* ‪ Massoud Barzani‬تركيا عام ‪3060‬م‪،‬‬
‫والتي توجت بتوقيع عدد من االتفاقيات التجارية واالقتصادية‪ .4‬وخالل عام ‪ 3062‬م وقعت‬
‫تركيا اتفاقيه تعاون في قطاع النفط و الغاز الطبيعي بمليارات الدوالرات مع شمال العراق توفر‬
‫تدفق ‪ 60‬مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا إلى تركيا‪.5‬‬
‫الحكومة اإلسرائيلية‪ ،‬قد آلت على نفسها محاصرة حكومة العدالة والتنمية وتقويضها عبر‬
‫وسائل شتى من أبرزها‪ :‬تأجيج نشاط حزب العمال الكردستاني الذي تربطه عالقات وثيقة بتل‬
‫أبيب‪ .‬وكشفت السلطات األمنية التركية أن االنتحاري الكردي (وداد أجار‪ 36‬سنة) المنتمي‬
‫لحزب العمال الكردستاني منفذ الهجوم االنتحاري في ساحة تقسيم بإسطنبول في سبتمبر‬
‫‪3060‬م‪ ،‬متسببا بجرح ‪ 23‬شخصا من بينهم ‪ 65‬شرطيا‪ ،‬قد استخدم أجهزة اتصال من نظام‬
‫"ماجالن إس ‪ "262‬اإلسرائيلي‪ ،‬والذي أحضره االنتحاري من إسرائيل عبر قبرص الشمالية‪،6‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.696-690‬‬


‫‪2-Soner Cagaptay and Tyler Evans ," Turkey’s Changing Relations with Iraq: Kurdistan Up, Baghdad Down",‬‬
‫‪Policy Focus 122,United States of America , The Washington Institutefor Near East Policy, October 2012,p7.‬‬
‫‪ -3‬محمد بوبوش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫* مسعود برزاني؛ رئيس إقليم كردستان العراق حاليا‬
‫‪ -4‬أحمد حسين الشيمي‪" ،‬تغير العالقات التركية ‪ -‬العراقية … الدوافع والمتغيرات"‪ 32 ،‬جانفي ‪3066‬‬
‫‪http://www.alukah.net/culture/1035/46746‬‬
‫‪،0202‬‬ ‫‪" - 5‬تركيا توقع اتفاقية في مجال النفط و الغاز مع شمال العراق"‪ 02 ،‬ماي‬
‫‪-http://www.alwafd.org/%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%80%D9%8A/568386‬‬
‫‪ -6‬بشير عبد الفتاح‪ ،‬التحالفات البديلة و العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.666‬‬
‫‪116‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫حيث تحاول إسرائيل إثارة األكراد ودفعهم للمطالبة بدولة مستقلة على حساب كل من إيران‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫تركيا‪ ،‬سوريا والعراق‪،‬‬
‫الشكل رقم‪ 03:‬خارطة توضح تواجد األكراد في كل من العراق‪ ،‬سوريا‪ ،‬تركيا و إيران‬

‫المصدر‪" :‬بارزاني يضع قدميه على أول الطريق في دولة " كردستان الكبرى"‬
‫‪http://www.kaldaya.net/2013/News/07/Jul23_A3_IraqNews.html‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إيران‬


‫على الرغم من التحفظ اإليراني بشأن العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬التي أحرزت تقدما‬
‫ملحوظا منذ عام ‪6991‬م‪ ،‬والتي وقعت خاللها تركيا مجموعة من االتفاقيات مع إسرائيل‬
‫تقضي بالتعاون العسكري والمناورات المشتركة‪ ،‬وكانت تشرف على هذه االتفاقيات المؤسسة‬
‫العسكرية التركية‪ ،‬مما أدى إلى قلق إيران بشأن مدى تطور العالقات بينهما‪ ،‬ومدى انعكاساته‬
‫على األمن القومي اإليراني‪ ،‬ومن ثم اجتذبت التطورات األخيرة على صعيد تدهور العالقات‬
‫التركية – اإلسرائيلية من ناحية‪ ،‬وصعود العالقات التركية – السورية من ناحية أخرى‪ ،‬األنظار‬
‫اإليرانية التي ترى في ضوء التوتر الذي بدأ يسود بين تركيا واسرائيل‪ ،‬بوادر تغير في خريطة‬
‫التحالفات االستراتيجية في المنطقة‪ ،‬األمر الذي من شأنه أن يؤدى إلى تقارب تركي – إيراني‪.2‬‬
‫نجحت السياسة التركية خالل فترة حكومة حزب العدالة والتنمية _ إلى حد ما_ في‬
‫تجاوز تاريخ التنافس والعداء مع إيران‪ ،‬خصوصا وأن قيام الثورة اإلسالمية اإليرانية عام‬
‫‪6939‬م‪ ،‬لم يستتبع معه تراجعا حادا في العالقات بين البلدين‪ ،‬مع رفض تركيا االنضمام إلى‬

‫‪ -1‬سالم الربضي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬


‫‪ -2‬شريف شعبان مبروك‪" ،‬العالقات التركية‪ -‬اإليرانية‪ :‬من المنافسة إلى التقارب"‪ 02 ،‬ديسمبر ‪،3062‬‬
‫‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=96714&eid=457‬‬
‫‪117‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫الحظر الذي فرض على طهران‪ ،‬وان ظل هناك تعارض أيديولوجي واسع بين تركيا العلمانية‬
‫وايران اإلسالمية‪ .‬لكن السياسة الخارجية التي تبناها أوغلو‪ ،‬عمدت إلى تقليل الفجوة بين‬
‫الجانبين‪ ،‬خاصة فيما يتعلق برؤيته لتجاوز الصراع المذهبي في المنطقة بين السنة والشيعة‪.1‬‬
‫وقد ساهمت الزيارات التي قام بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى إيران‬
‫في إعادة رسم مالمح العالقة بين أنقرة وطهران‪ .‬حيث أعلن أردوغان أنهما تشكالن معا محو ار‬
‫لالستقرار في منطقة الشرق األوسط‪ .‬و كانت من شأن هذه الزيارات أن غذت مخاوف إسرائيل‬
‫من احتمال تعزيز التقارب بين تركيا ودول‪ ،‬ما تعتبره تل أبيب محور الشر كسوريا وايران‬
‫مستقبال‪ .‬فلم تعد تنظر تركيا لهذه األخيرة كتهديد‪ ،‬بل تتعامل معها أحيانا كشريك‪ .‬وترى‬
‫اسرائيل أن اتفاقا بشأن الطاقة بين تركيا وايران‪ ،‬سيعمل على تشجيع ايران على اإلقدام للسعي‬
‫‪2‬‬
‫المتالك السالح النووي‪.‬‬
‫إلى جانب ذلك‪ ،‬تضاربت مواقف كل من تركيا واسرائيل حول الملف النووي اإليراني‪.‬‬
‫فتركيا‪ -‬ومن أجل المحافظة على استقرار المنطقة‪ -‬تريد حال سلميا دبلوماسيا‪ ،‬واحترام حق‬
‫إيران في امتالك برنامج نووي سلمي لغايات تنموية‪ .3‬في حين تعتبر إسرائيل إيران نظاما‬
‫متشددا وعدوا لدودا يشكل تهديدا وجوديا مباش ار ألمن إسرائيل وسياستها في المنطقة وخارجها‪.‬‬
‫كما تتهم إسرائيل طهران بممارسة اإلرهاب الدولي وبتمويل العديد من المنظمات اإلرهابية ‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫وعلى رأسها حزب اهلل وحماس‪.‬‬
‫وتأسيسا على ذلك‪ ،‬سعت إسرائيل إلى توجيه ضربة عسكرية إليران على غرار ما حدث‬
‫في ضربها للمفاعل النووي العراقي عام ‪ 6916‬م‪ ،‬وضربها للموقع السوري في دير الزور في‬
‫سبتمبر ‪ 3003‬م‪ .5‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أن أردوغان دأب على مقارنة المشروعين النوويين‬

‫‪ -1‬ميخائيل رينولدز‪" ،‬أصدا اإلمبراطورية‪ :‬التحول التركي من الكمالية إلى سياسة خارجية بديلة"‪ 33،‬ماي ‪3062‬‬
‫‪http://www.rcssmideast.org/reviews/%D8%A7%l.‬‬
‫‪ -2‬بشير عبد الفتاح‪" ،‬أبعاد التحول في عالقات تركيا اإلقليمية"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.626‬‬
‫‪ -3‬رائد محمود أبو مطلق‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ -4‬خليل جهشان‪" ،‬الملف اإليراني بين واشنطن وتل أبيب بعد االنتخابات األمريكية"‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪ 62 ،‬ديسمبر‬
‫‪ ،3063‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -5‬رائد محمود أبو مطلق‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪118‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫اإليراني واإلسرائيلي وضرورة وجود معيا ار واحدا إسرائيليا و إيرانيا في محاكمة نشاطاتهما‬
‫النووية‪ 1،‬حيث قال‪:‬‬
‫"كانت إسرائيل تستخدم قنبلة الفوسفور في غزة وهو سالح من أسلحة الدمار الشامل واستخدامها يعتبر جريمة‬
‫كما أنها كانت تقصف مباني األمم المتحدة‪ .‬أنا اآلن أرى أن إسرائيل تشكل تهديدا للمنطقة المتالكها القنبلة‬
‫الذرية‪ ،‬لكن يبقى الجميع صامتا على ذلك‪ .‬في حين يهاجم الجميع المشروع النووي اإليراني‪ ،‬أي نوع من‬
‫‪2‬‬
‫العدالة هذه؟ "‬
‫وهو الوضع الذي أدى إلى التقارب التركي‪ -‬اإليراني‪ ،‬وتراجع في العالقات التركية –‬
‫اإلسرائيلية‪ .‬إذ رفضت تركيا المشاركة في العقوبات التي تفرض على طهران‪ ،‬أيا كان نوعها‬
‫وتبلور موقعها‪ .‬وتجلى ذلك واضحا في معارضتها لقرار مجلس األمن رقم‪3060 /6339 :‬م‬
‫المتضمن توسيع العقوبات على الجانب اإليراني‪ .3‬ففي الوقت الذي كانت فيه الواليات المتحدة‬
‫األمريكية والدول األوروبية داخل مجلس األمن تحاول حشد التأييد الدولي إلصدار قرار بفرض‬
‫عقوبات جديدة ضد طهران‪ 4،‬قامت تركيا في ‪3060‬م‪ ،‬بإبرام اتفاق مع الب ارزيل وايران في ماي‬
‫‪3060‬م‪ ،‬يقضي بإيداع إيران كمية ‪ 6300‬كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب في تركيا‬
‫دفعة واحدة‪ ،‬مقابل حصولها على الكمية نفسها‪ .‬األمر الذي أعربت عنه إسرائيل و الواليات‬
‫المتحدة األمريكية على أنه يتناقض مع مساعي تل أبيب وواشنطن لعزل ايران وتشديد العقوبات‬
‫ضدها بسبب برنامجها النووي‪ .5‬استمرت العالقات الجيدة بين إيران و تركيا إلى غاية حدوث‬
‫انتفاضات الربيع العربي عام ‪3066‬م‪ .‬حيث اختلفت مواقف البلدين بشأن األزمة السورية‪،‬‬
‫فقامت إيران بتوجيه رسائل وتحذيرات لتركيا‪ ،‬تطالبها فيها بعدم االقتراب من سوريا التي تعتبر‬
‫خطا أحم ار عند إيران‪.6‬‬

‫‪ -1‬بولنت آراس وأخرون‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.93‬‬


‫‪2-Şevket Ovalı and Yücel Bozdağlıoğlu, “Role Theory and Securitization: An Agency Based Framework for‬‬
‫‪Decoding Turkey’s Diplomatic Offensive against Israel”,The Turkish Yearbook of International Relations ,Vol 43,‬‬
‫‪2012,p 25.‬‬
‫‪ -3‬صافيناز محمد أحمد‪" ،‬إيران وتركيا من بنتزع أوراق اآلخر اإلقليمية؟ !" ‪ ،‬مختارات إيرانية‪ 63 ،‬ديسمبر ‪،3062‬‬
‫‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=778714&eid=471‬‬
‫‪ -4‬ناتالي توتشي‪" ،‬أبعاد الدور التركي في الشرق األوسط"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،65‬العدد ‪ ،613‬أكتوبر ‪،3060‬‬
‫ص ‪.603‬‬
‫‪5-Efraim Inbar,"The Deterioration in Israeli-Turkish Relations and its International Ramifications",The Begin-Sadat‬‬
‫‪Center For Strategic Studies, Bar-Ilan University Mideast Security and Policy Studies, No: 89,February 2011,p 9.‬‬
‫‪ -6‬الحافظ النويني‪" ،‬العالقات التركية اإليرانية ‪ :‬بين التنافس والتعاون"‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬العدد ‪ 20 ،6061‬أفريل ‪.3062‬‬
‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=347764‬‬
‫‪119‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫غير أن عام ‪3062‬م شهد تطورات مهمة على مستوى العالقات التركية ‪ -‬اإليرانية؛‬
‫يبدو أن كل من أنقرة و طهران قد أدركتا أن وجود خالفات وصراعات حول في قضايا‬
‫المنطقة؛ ال يجب أن يحول دون استثمار نقاط التوافق التي تصب في مصلحة كال البلدين‪.1‬‬
‫وقد تم تبادل الزيارات بينهما‪ ،‬حيث جاءت زيارة أحمد داود أوغلو في نوفمبر ‪3062‬م‪ ،‬وزيارة‬
‫وزير الخارجية اإليراني محمد جواد ظريف في جانفي ‪3066‬م‪ ،‬فضال عن زيارة رئيس الوزراء‬
‫التركي رجب طيب أردوغان في ‪ 39‬جانفي ‪3066‬م‪ ،‬والتي وقع خاللها البلدان عددا من‬
‫االتفاقيات‪ ،‬منها اتفاقية تتعلق بتأسيس لجنة ثنائية للتعاون التجاري‪ .‬وهو ما يعني إمكانية‬
‫تحسين العالقات االقتصادية بين البلدين بشكل أوسع في المرحلة المقبلة؛ أي اعتبار الملف‬
‫االقتصادي المحور الرئيس في هذه الزيارة‪ ،‬بالنظر الى تركيبة الوفد المصاحب ألردوغان‪ .‬مما‬
‫يؤكد أن تركيا بهذه الزيارة‪ ،‬تتطلع إلى زيادة واردات النفط والغاز من طهران‪ ،‬خاصة وأن حجم‬
‫المبادالت بين البلدين كان يبلغ ‪ 36‬مليار دوالر في عام ‪3063‬م‪ ،‬وتراجع إلى ‪ 62‬مليار‬
‫دوالر في عام ‪3062‬م‪ ،‬في الوقت الذي كان الهدف أن يبلغ ‪ 20‬مليار دوالر عام ‪3065‬م‪،‬‬
‫وذلك بحسب تقديرات المسؤولين في الحكومة اإليرانية وهي النسبة التي يسعى الطرفان لبلوغها‬
‫بتوثيق عالقاتهما‪.2‬‬
‫الجدول رقم‪ 02 :‬حجم التبادل التجاري بين تركيا و إيران‬

‫‪8102‬‬ ‫‪8108‬‬ ‫‪8100‬‬ ‫‪8101 8119‬‬ ‫‪8112 8112 8112 8112 8112 8112 8118‬‬

‫‪02.2 80.22 02.12 01.22‬‬ ‫‪2.22 01.88‬‬ ‫‪2.12‬‬ ‫‪2.29‬‬ ‫‪2.22‬‬ ‫‪8.22‬‬ ‫‪8.29‬‬ ‫‪0.82‬‬
‫المصدر‪ :‬محمد جابر ثلجي‪" ،‬التقارب اإليراني‪ -‬األمريكي و العالقات التركية – اإليرانية‪ :‬الفرص و التهديدات‬
‫المحتملة"‪http://studies.aljazeera.net/files/iranfuturerole/2014/03/201433195519564582.html ،‬‬

‫‪ - 1‬محمد جابر ثلجي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬


‫‪" -2‬التقارب التركي اإليراني المبكر‪ ..‬قراءة في زيارة أردوغان األخيرة لطهران ‪ 39‬يناير سنة ‪ 5 ،"! 3066‬فيفري ‪،3066‬‬
‫‪http://studies.alarabiya.net/reports/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%‬‬
‫‪120‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬سوريا‬


‫لقد وضع االتفاق العسكري التركي – اإلسرائيلي سوريا بين فكي كماشة بسبب العالقات‬
‫المضطربة بين الدولتين حول العديد من القضايا ومن أهمها قضية لواء اإلسكندرون* إضافة‬
‫إلى قضية المياه و األكراد‪ ،‬هذا من الجانب التركي أما من الجانب االسرائيلي فسوريا مازالت‬
‫في حالة حرب مع إسرائيل بسبب االحتالل االسرائيلي لمنطقة الجوالن‪.1‬‬
‫مع وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة خالل عام ‪3003‬م‪ ،‬كانت سوريا العنوان‬
‫الرئيس لسياسة تصفير المشاكل التي انتهجتها تركيا في هذه الفترة‪ ،‬فقد تحسنت العالقات‬
‫التركية ‪ -‬السورية بشكل غير مسبوق‪ ،2‬إثر الزيارة التي قام الرئيس السوري بشار األسد إلى‬
‫ورد الرئيس التركي أحمد نجدت سيزر آنذاك بزيارة خالل عام‬ ‫تركيا في عام ‪3006‬م‪ّ ،‬‬
‫‪3005‬م‪ .‬كما دخلت تركيا كوسيط بين إسرائيل وسوريا‪ 3‬في المفاوضات غير المباشرة التي‬
‫جرت في اسطنبول في عام ‪3001‬م‪ .4‬وفي هذا الصدد‪ ،‬قال الرئيس السوري بشار األسد‪:‬‬
‫" كنا ننظر في الماضي للعالقة التركية – اإلسرائيلية بشكل سلبي‪ ،..‬ولكن بعد تحسن عالقاتنا مع تركيا‪،‬‬
‫رأينا أن العالقات التركية – اإلسرائيلية هي مساعدة في عملية السالم واستفدنا منها‪ ،‬ثم اهتمت سوريا بأن‬
‫‪5‬‬
‫تقوم تركيا بدور الوسيط في المفاوضات غير المباشرة بيننا وبين إسرائيل" ‪.‬‬

‫* يقع لواء االسكندرون في شمال غرب سوريا وتبلغ مساحتها ‪ 61‬الف كم‪ . 3‬وقد تم عقد معاهدة أنقرة بين فرنسا وتركيا في ‪60‬‬
‫تشرين األول ‪6936‬م‪ .‬إذ قدمت فرنسا منطقة لواء االسكندرون لتركيا‪ ،‬حينما كانت سوريا مستعمرة فرنسية‪ .‬وفي عام ‪6932‬م‪،‬‬
‫تم عقد معاهدة لوزان التي اعترفت بمعاهدة أنقرة‪ .‬ومنذ ذلك الوقت وأصبحت االسكندرون جزء من إقليم تركيا ونقطة الصراع‬
‫بين تركيا وسوريا‪ ،‬وتأمل تركيا القضاء على الروح العربية بالمنطقة عبر تكثيف الهجرة التركية إليها‪ .‬وفي عام ‪6921‬م‪ ،‬الذي‬
‫عرف بـ (عام مشكلة اللواء) ؛ نتيجة عقد اتفاق بين سوريا وفرنسا تحت إشراف عصبة األمم التي عملت على تشكيل لجنة‬
‫لدراسة وضع اللواء‪ .‬وقد طالبت سوريا بتقسيم اللواء بين تركيا وسوريا على أن تكون مدينة االسكندرونة جزء من تركيا وانطاكيا‬
‫جزءا من سوريا‪.‬‬
‫‪ -1‬أحمد ممدوح‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ -2‬محمد نور الدين‪" ،‬تركيا وسورية‪ :‬من تصفير المشكالت إلى تصفير الثقة"‪ ،‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪،293‬‬
‫أكتوبر‪ ،3066‬ص ‪.33‬‬
‫‪ -3‬مصطفى اللباد‪" ،‬تركيا والعرب‪ ..‬شروط التعاون المثمر"‪ ،‬في ‪ :‬محمد عبد العاطي( محرر)‪ ،‬تركيا بين تحديات الداخل‬
‫ورهانات الخارج‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬الطبعة األولي‪ ،3009 ،‬ص ‪.333‬‬
‫‪ -4‬عقيل سعيد محفوض‪ ،‬سورية وتركيا‪ :‬الواقع و الراهن واحتماالت المستقبل‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪،3009،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -5‬عقيل محفوض‪" ،‬العالقات السورية‪ -‬التركية‪ :‬التحوالت والرهانات"‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪،‬‬
‫‪61‬جانفي ‪ ،3066‬ص‪.63‬‬
‫‪121‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫غير أن العدوان اإلسرائيلي على عزة نهاية عام ‪3001‬م وبداية عام ‪3009‬م‪ ،‬وما نتج‬
‫عنه من توتر في العالقات التركية – اإلسرائيلية أدى إلى توقيف الوساطة التركية‪.1‬‬
‫وقد وصلت العالقات بين تركيا وسوريا إلى مرحلة متقدمة جدا من التعاون ‪ ،‬وتحولت‬
‫الزيارات المتبادلة بين المسؤولين على أرفع المستويات إلى مسألة روتينية‪ .‬فلم تعد تشكل مفاجأة‬
‫أو حدثا‪ .2‬كما يتجلى هذا التحس ن في عالقات البلدين من خالل عدد من القضايا االقليمية‪،‬‬
‫مثل التوافقات على األكراد وسياسة إسرائيل تجاه قطاع غزة والمصالحة الفلسطينية‪ .3‬وعمل‬
‫البلدان على تأسيس مجلسا للتعاون االستراتيجي الذي عقد اجتماعه الوزاري األول في عام‬
‫‪3009‬م‪ .‬كما ألغتا تأشيرات السفر بينهما‪ ،‬وتم توقيع اتفاقية التجارة الحرة ‪ .4‬وقام الجانبان‬
‫في‪ 33‬أفريل ‪3009‬م ببدء أول تدريبات عسكرية برية مشتركة بين قوات الحدود‪ .‬وفي نفس يوم‬
‫بدء التدريبات‪ ،‬تم توقيع اتفاقا للتعاون األمني الثنائي لتعميق التعاون في قطاع الصناعات‬
‫الدفاعية والعسكرية‪ ،‬وذلك على هامش استضافة إسطنبول المعرض الدولي للصناعات‬
‫الدفاعية‪ .‬وقد اعتبرت العديد من التحليالت هذه التطورات بمثابة تغير نوعي في اتجاه تعزيز‬
‫التعاون األمني السوري‪ -‬التركي‪ ،‬ومراجعة العالقات التركية‪-‬اإلسرائيلية‪ .‬و هو ما عززته بعض‬
‫ردود الفعل اإلسرائيلية ‪.‬فالعديد من التحليالت اإلسرائيلية انتقدت هذه المناورات‪ ،‬واعتبرتها‬
‫مؤش ار إضافيا لتدهور العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية في عهد حكومة العدالة والتنمية‪ ،‬مع دعوة‬
‫بعض هذه التحليالت إلى مراجعة اتفاقيات التعاون العسكري التركي‪ -‬اإلسرائيلي لضمان عدم‬
‫تسرب األسرار العسكرية اإلسرائيلية إلى سوريا‪ .‬كما انتقد وزير الدفاع اإلسرائيلي األسبق إيهود‬
‫باراك المناورات السورية التركية باعتبارها "تطو ار مزعجا"‪ ،‬و كذلك صرح السفير اإلسرائيلي لدى‬
‫تركيا بأن إسرائيل مهتمة بمتابعة نطاق هذه المناورات وأهدافها‪ .‬ولعل التقييم األكثر دقة لهذه‬
‫المناورات هو ذلك الذي قدمه رئيس األركان التركي‪ ،‬حين رفض االنزعاج اإلسرائيلي من هذه‬
‫التدريبات باعتبارها شأنا خاصا بتركيا‪.5‬‬

‫‪ -1‬بولنت آراس وأخرون‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.93‬‬


‫‪ -2‬أحمد يوسف أحمد و نفين مسعد ( محرران)‪ ،‬حال األمة العربية ‪ 8100 -8101‬رياح التغيير‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مايو ‪ ،3066‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -3‬عقيل محفوض‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص‪.33 -31‬‬
‫‪4-Daniela Huber and Nathalie Tocci,"Behind the Scenes of the Turkish-Israeli Break through",IAI Working‬‬
‫‪Papers13 | 15,Istituto Affari Internazionali, April 2013,p8.‬‬
‫‪ -5‬علي جالل معوض‪ ،‬ص ص ‪.9- 1‬‬
‫‪122‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫غير أن انتفاضات ما يسمى بالربيع العربي في سوريا خالل عام ‪3066‬م واالنتقادات‬
‫التي وجهتها لها أنقرة بسبب قمعها العنيف لالحتجاجات‪ ،‬وعدم قيامها باإلصالحات التي حثت‬
‫تركيا القيادة السورية على ضرورة اإلسراع في تنفيذها‪ .‬كل ذلك قدم صورة أخرى لموقع تركيا‬
‫من العالقة مع دمشق؛ أي أن "الربيع العربي" الذي وصل إلى سوريا أوجد معه تباعدا بين‬
‫دمشق وسوريا وتقاربا بين تركيا و إسرائيل‪.1‬‬

‫‪ -1‬محمد برهومة‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬


‫‪123‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫موقف تركيا من التطورات و التغيرات اإلقليمية منذ االعتداء اإلسرائيلي على لبنان‬
‫لعام ‪8112‬م وانعكاساته على العالقات التركية – اإلسرائيلية‬
‫تعززت المكانة اإلقليمية لتركيا بشكل واضح مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى‬
‫السلطة عام ‪3003‬م‪ ،‬وذلك بفضل اعتمادها على جملة من السياسات الجديدة والمبادئ التي‬
‫تقتضي منها المبادرة والسعي من أجل التوصل لتسوية الملفات المتأزمة والقضايا العالقة بدول‬
‫الجوار‪ .‬ولعل مواقف السياسة الخارجية التركية المتعلقة ببعض األحداث اإلقليمية‪ ،‬وفي مقدمتها‬
‫القضية الفلسطينية والقضية اللبنانية خالل عام ‪3001‬م‪ ،‬اللتين يكشفان عن النقد التركي‬
‫للسياسة اإلسرائيلية‪ ،‬أدت إلى تأزم العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ .‬ومن هنا نتطرق لبعض‬
‫األحداث التي توترت من خاللها العالقات بين تركيا واسرائيل‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الموقف التركي من االعتداء اإلسرائيلي على لبنان لعام ‪8112‬م‬
‫شكل العدوان اإلسرائيلي على لبنان خالل عام ‪3001‬م مناسبة لتوتر العالقات الثنائية‬
‫بين أنقرة وتل أبيب‪ .1‬حيث انطلقت المظاهرات واالعتصامات واالحتجاجات الشعبية المنددة‬
‫بالعدوان اإلسرائيلي على لبنان في جميع أرجاء تركيا‪ ،‬وصدرت عشرات البيانات المنددة بهذا‬
‫العدوان من المنظمات واالتح ادات العمالية والمهنية‪ ،‬كما خرج آالف األتراك في مظاهرات‪،‬‬
‫مطالبة الحكومة بعدم إرسال قوات إلى لبنان‪ .‬ومن الشعارات التي تم رفعها ‪ ":‬ليس لنا جنود‬
‫تموت من أجل إسرائيل والواليات المتحدة األمريكية‪ ".‬وقد ظهرت استطالعات الرأي العام‬
‫‪2‬‬
‫وصول الكراهية تجاه إسرائيل إلى ما يزيد عن ‪ %90‬وسط الشعب التركي‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك؛ كما استنكرت الحكومة التركية المجازر ضد المدنيين‪ ،‬واعتبر رئيس‬
‫الحكومة التركية رجب طيب أردوغان أن خطف جنديين إسرائيليين من قبل حزب اهلل ال يبرر‬
‫كل هذا القتل‪ .3‬كما ندد وزير الخارجية التركي عبد اهلل غول آنذاك بما قام به الجيش‬
‫اإلسرائيلي خالل هجومه على قواعد حزب اهلل بعدما صرح في ‪ 66‬جويلية‪ ،‬قائال‪:‬‬

‫‪ -1‬محمد نور الدين‪" ،‬الحرب اإلسرائيلية على لبنان وتداعياتها‪ :‬التداعيات اإلقليمية ‪ :‬تركيا"‪ ،‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،223‬أكتوبر ‪ ،3001‬ص ص ‪.31 -35‬‬
‫‪ -2‬أحمد ممدوح ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪124‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫" ليست هناك أية إنسانية‪ ،‬وغير مفهوم أمر معاقبة لبنان من أجل عمل قام به حزب اهلل"‪.1‬‬
‫وكذا الدور الذي قام به عبد اهلل غول خالل قمة مجموعة الثماني( ‪ )G -1‬المجتمعة‬
‫آنذاك في سان بترسبورغ ‪ Sainnt Petersburg‬لوقف إطالق النار مع تأكيده على موقف‬
‫الحكومة التركية المنددة بالحرب اإلسرائيلية على لبنان‪.2‬‬
‫نشطت أنقرة من أجل إنهاء الحرب بالطرق الدبلوماسية من دون الضغط على إسرائيل‪،‬‬
‫بل تجنبت استخدام أي عبارات قد تثير غضبها‪ 3.‬ذلك ألن تركيا حاولت أن ال تقطع جسور‬
‫التالقي مع إسرائيل والمحافظة على موقعها كوسيط من أجل إيجاد تسوية مستقبلية للصراع‬
‫العربي‪ -‬اإلسرائيلي‪ ،‬خاصة مع اقتناعها أنه ليس من مصلحتها الظهور بمظهر المتشدد‪ ،‬لما‬
‫لها من أثار سلبية على عالقاتها بالواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬والسيما فيما يتعلق برغبتها في‬
‫االنضمام إلى االتحاد األوروبي‪ .4‬وهذا ما يفسر الموقف اإليجابي لتركيا تجاه فكرة تشكيل قوة‬
‫دولية كانت إسرائيل في مقدمة مقترحيها‪ ،‬على أن تكون وفق قرار صادر عن مجلس األمن‪،‬‬
‫تفضل وبحرص مشاركة تركيا‪ ،‬ألنها دولة أطلسية وعلمانية وجيشها مدرب‬
‫بل إن إسرائيل كانت ّ‬
‫ومحترف‪.5‬‬
‫أما بالنسبة للمعارضة الرسمية؛ فقد كان هناك استنكار للمجازر التي ارتكبتها إسرائيل‪.‬‬
‫وجاء قرار إرسال قوات عسكرية إلى لبنان في البرلمان التركي وسط أجواء انقسام داخلي على‬
‫هذه الخطوة‪ .‬واعتبر بعض النواب في المعارضة أن مصر و المملكة العربية السعودية اللتين‬
‫تعدان أكبر الدول العربية لم ترسال جنودا إلى لبنان لمعرفتهما أخطار الوضع هناك‪.‬وفي هذه‬
‫الحالة لماذا ترسل تركيا قواتها‪ ،‬فيما العرب ال يقدمون على قرار مماثل؟ ولماذا ترسل تركيا‬
‫قواتها إلى لبنان وليس إلى العراق حيث يتمركز حزب العمال الكردستاني ويهددها بشن هجمات‬
‫على أراضيها وضد جنودها؟ ويضيفون أن تورط القوات التركية في اشتباك مع حزب اهلل أو‬
‫غيره من األطراف الفلسطينية المسلحة في لبنان‪ ،‬قد ينعكس سلبا على العالقات التركية –‬
‫العربية والعالقات اإلسالمية – اإلسالمية‪.6‬وقد اشترط رئيس الجمهورية" أحمد نجدت سيزير"‬

‫‪ -1‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪396‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.396‬‬
‫‪ -3‬محمد نور الدين‪"،‬الحرب اإلسرائيلية على لبنان وتداعياتها‪ :‬التداعيات اإلقليمية ‪:‬تركيا"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -4‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.395‬‬
‫‪ -5‬محمد نور الدين‪"،‬الحرب اإلسرائيلية على لبنان وتداعياتها‪:‬التداعيات اإلقليمية ‪ :‬تركيا"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -6‬أحمد ممدوح ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪125‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫آنذاك الموافقة أن تحظى الخطوة بإجماع داخلي‪ ،‬وأال تكون قوة محاربة‪ .‬ثم عبر‪ -‬علنا‪ -‬عن‬
‫هذه المعارضة بالقول‪:‬‬
‫"أنه ال توجد مصلحة وطنية لتركيا في إرسال قوات إلى لبنان‪".1‬‬
‫وقد أعلن زعيم حزب الشعب الجمهوري "دينيز بايكال" ‪ Deniz Baykal‬إرسال قوات‬
‫تركية إلى ل بنان سيزيد من شعبية حزب اهلل في تركيا‪ ،‬ألن الرأي العام التركي يرى في القوة‬
‫الدولية حماية إلسرائيل‪ ،‬وأي صدام أو حتى مجرد مشاركة في قوة اقترحتها إسرائيل‪ ،‬سيضع‬
‫الرأي العام التركي تلقائيا في خانة حزب اهلل‪.2‬‬
‫صوت البرلمان التركي على قرار إرسال القوات التركية إلى لبنان في ‪ 5‬سبتمبر‬
‫‪3001‬م كجزء من قوات األمم المتحدة‪ ،‬حيث صوت مع القرار ‪ 260‬عضوا وعارضه ‪693‬‬
‫احدا‪.‬‬
‫عضوا و ً‬
‫ً‬ ‫عضوا‪ .‬في حين امتنع عن التصويت‬
‫ً‬
‫ومن بين األهداف التي سعت لتحقيقها حكومة أردوغان جراء قرار إرسالها للقوات‬
‫التركية إلى لبنان مايلي‪:‬‬
‫مساعدة تركيا في مفاوضاتها مع االتحاد األوروبي‪ .‬ويظهر لهذا األخير على أن تركيا‬ ‫‪‬‬

‫العب أساسي في منطقة الشرق األوسط‪.‬‬


‫إعادة ترميم العالقات مع الواليات المتحدة و إسرائيل مرة أخرى فقد رحبت الواليات‬ ‫‪‬‬

‫المتحدة بالقرار التركي بالموافقة على إرسال قوات تركية إلى لبنان‪.‬‬
‫محاولة تركيا من خالل هذه الخطوة تعزيز موقعها في المنطقة والعودة بقوة‪ .‬حيث صرح‬ ‫‪‬‬

‫وزير خارجيتها آنذاك عبد اهلل غول أنه إذا لم ترسل تركيا قواتها إلى لبنان سيتراجع وزنها في‬
‫الشرق األوسط تلقائيا في خانة حزب اهلل‪.3‬‬
‫ساهمت تركيا فعليا في قوات اليونيفيل المعززة في جنوب لبنان‪ ،‬تحت سقف الشرعية الدولية‬
‫التي يوفرها القرار ‪ 6306‬بعد الحصول على موافقة األطراف المعنية بوقف إطالق النار‪،4‬‬
‫محاولة تبرير هذه المشاركة من خالل ربطها بمشاركة قوات من دول عربية واسالمية كالمغرب‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫ماليزيا و أندونيسيا في هذه القوات األممية‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد نور الدين‪" ،‬الحرب اإلسرائيلية على لبنان وتداعياتها‪ :‬التداعيات اإلقليمية ‪ :‬تركيا"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪33‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -3‬أحمد ممدوح‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ -4‬ميشال نوفل‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -5‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.395‬‬
‫‪126‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫ومع تزايد التهديدات اإلسرائيلية بشن عدوان على لبنان‪ ،‬يكون أشد تدمي ار من عدوان‬
‫‪3001‬م‪ ،1‬أطلق رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أثناء زيارته إلى لبنان في نوفمبر‬
‫‪ 3060‬م تصريحات تحذيرية إلسرائيل مؤداها أن أنقرة لن تقف مكتوفة األيدي إزاء أي عدوان‬
‫إسرائيلي جديد على غزة أو لبنان‪ ،‬وفي مقابل ذلك عبرت وسائل إعالم ومصادر دبلوماسية‬
‫إسرائيلية عن قلقها من مسعى حكومة أردوغان لتغذية التطرف في المنطقة وفي محيط‬
‫األراضي الفلسطينية‪.2‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الموقف التركي من القضية الفلسطينية‬
‫الفرع األول‪ :‬الموقف التركي من الحصار على غزة‬
‫فرضت إسرائيل حصا ار مشددا على قطاع غزة‪ ،‬عقب فوز حركة حماس في االنتخابات‬
‫‪3‬‬
‫التشريعية وتشكيلها للحكومة خالل عام ‪3001‬م‪ .‬و قد أغلقت إسرائيل المعابر التجارية معه‪،‬‬
‫وأغلقت مصر‪ -‬بدورها‪ -‬المعبر الوحيد بينها وبين القطاع‪ ،‬وهو معبر رفح‪.4‬‬
‫طرحت إسرائيل مبررين أساسين لتسويق حصارها على قطاع غزة‪ .‬األول؛ تحرير‬
‫الجندي األسير "جلعاد شاليط "‪ Gilad Shalit‬ومعاقبة حماس على أسره ورفض إطالق سراحه‬
‫طيلة األعوام الماضية‪ .‬و المبرر الثاني؛ منع وصول أسلحة ومعدات قتالية إلى حركات‬
‫المقاومة‪ ،‬والحيلولة دون دخول مواد أولية إلى القطاع‪ ،‬يمكن استخدامها في تصنيع الصواريخ و‬
‫الوسائل القتالية األخرى‪.5‬‬
‫لقد تم تبني كسر الحصار رسميا من قبل الحكومة التركية في المنتديات و المحافل‬
‫الدولية‪ .6‬حيث ندد رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان بالحصار الذي فرضته‬

‫‪-1‬أحمد يوسف أحمد و نفين مسعد ( محرران)‪ ،‬حال األمة العربية ‪ 8100 -8101‬رياح التغيير‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‬
‫‪.699‬‬
‫‪ -2‬بشير عبد الفتاح‪" ،‬التحالفات البديلة و العالقات التركية – اإلسرائيلية"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،61‬العدد‪،612‬‬
‫يناير ‪ ،3066‬ص ‪.661‬‬
‫‪ -3‬عاطف الجوالني‪ " ،‬فشل الحصار على قطاع غزة في تحقيق أهدافه السياسية و األمنية"‪ ،‬في ‪ :‬أمر اهلل إيشلر( محرر)‬
‫‪ ،‬تركيا واسرائيل و حصار غزة‪ ،‬شهرية الشرق األوسط‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬مركز دراسات الشرق األوسط‪ ،‬الطبعة األولى‪،3060 ،‬‬
‫ص ‪.63‬‬
‫‪ -4‬محسن صالح (محرر)‪ ،‬قوافل كسر الحصار عن قطاع غزة‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدراسات واالستشارات‪،‬‬
‫‪ ،3066‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -5‬عاطف الجوالني‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ - 6‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪127‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫"إسرائيل" على قطاع غزة‪ ،‬مشي ار إلى أن فلسطين سجن بسماء مفتوحة‪ ،‬وشعب غزة يواجه‬
‫مأساة إنسانية‪ .‬كما قال أردوغان أمام كتلة نواب حزب العدالة و التنمية‪.‬‬
‫" إن إسرائيل تعاقب شعبا كامال من أجل معاقبة مجموعة بعينها‪ ،‬وتقوم بقصف مكثف لقطاع غزة‪ ...‬من‬
‫غير المقبول تفهم مثل هذه الممارسة بذريعة إطالق الصواريخ‪ .‬وكلما سألنا اإلسرائيليين عن أسباب القصف‬
‫الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني بين الحين و اآلخر يتعللون بأن هناك صواريخ تقصف من الجانب‬
‫الفلسطيني‪ .‬لكن كلما سألنا عن حجم الخسائر الناتجة عن القصف الفلسطيني‪ ،‬وعن عدد الضحايا في‬
‫‪1‬‬
‫الجانب اإلسرائيلي ال نحصل على جواب"‬
‫كما تصدر الحصار اإلسرائيلي على غزة المحادثات التي جرت بين وزير الخارجية‬
‫التركي أحمد داود أغلو ووزير الدفاع اإلسرائيلي إيهود باراك في أنقرة جانفي ‪3060‬م‪ .‬حيث‬
‫طالب أوغلوا من باراك بالسماح لتركيا بإيصال المعونات لسكان القطاع‪ ،‬لكن باراك رفض‬
‫التعهد باالستجابة لطلب تركيا‪ ،‬وأكد أنه سيدرس الطلب‪ ،‬بناء على السياسة المتبعة إزاء إدخال‬
‫البضائع لقطاع غزة‪ .‬مضيفا أن القيود على معابر القطاع ستتواصل‪ ،‬طالما بقي الجندي‬
‫المختطف جلعاد شاليط محتج از في أيدي حماس‪ .2‬تواصل الحصار على قطاع غزة خالل عام‬
‫‪3062‬م‪ ،3‬وتواصلت معها االنتقادات التركية للحصار اإلسرائيلي على غزة‪ .‬شدد المسؤولون‬
‫األتراك في مناسبات عدة على ضرورة تخفيف الحصار‪ ،‬وتسهيل إدخال المساعدات لسكان‬
‫قطاع غزة‪ .‬كما أعربوا عن أسفهم من عدم سماح إسرائيل ومصر بدخول المساعدات الالزمة‬
‫إلعادة إعمار غزة‪.4.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الموقف التركي من العدوان اإلسرائيلي على غزة‬
‫شكل الموقف التركي من العدوان اإلسرائيلي على قطاع غزة نهاية عام ‪3001‬م وبداية‬
‫‪3009‬م أو ما عرف بعملية ‪-‬الرصاص المصبوب ‪5-‬استم ار ار لمواقفها السابقة الداعمة للشعب‬
‫حملت تركيا –إسرائيل‪ -‬مسؤولية العدوان على القطاع‪ ،‬وعبرت الموقف‬
‫الفلسطيني‪ .‬فقد ّ‬

‫‪ -1‬محسن صالح ( محرر)‪ ،‬تركيا والقضية الفلسطينية‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ -2‬لقمان عمر محمود النعيمي‪" ،‬مواقف تركيا من القضية الفلسطينية وانعكاساتها على العالقات التركية اإلسرائيلية ‪-3003‬‬
‫‪ ،"3066‬مجلة دراسات إقليمية‪ ،‬العدد ‪ ،3063 ،31‬ص ‪.61‬‬
‫‪ -3‬أسامة حمدان‪" ،‬رؤية حركة حماس للتطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية ‪ ،"3062 -3063‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة‬
‫للدراسات و االستشارات‪ 1 ،‬فبراير ‪ ،3062‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -4‬لقمان عمر محمود النعيمي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪5- Merve Ozdemirkiran ," La Turquie Et Le Printemps Arabe ", 14 février 2014‬‬
‫‪http://www.ceri-sciences-po.org‬‬
‫‪128‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫اإلسرائيلي خالل العدوان بأنه غير إنساني وظالم وغير مقبول‪ ،‬ودعت إلى وقف الغارات‬
‫اإلسرائيلية‪ ،‬التي تعتبر ضربة لمبادرات السالم العربية‪ -‬اإلسرائيلية‪ .‬كما حثّت مجلس األمن‬
‫الدولي إلى التدخل بأسرع ما يمكن‪.1‬‬
‫وقد سارعت الحكومة التركية إلى تجميد الوساطة بين سوريا واسرائيل فيما يتعلق بعملية‬
‫السالم‪ ،2‬و أعلن رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان من دمشق في أواخر عام ‪3001‬م‪،‬‬
‫بعد لقائه بالرئيس السوري بشار األسد بأن العدوان اإلسرائيلي على غزة نسف كل الجهود‬
‫المبذولة من أجل تحقيق السالم في المنطقة‪ .‬كما أكد بعد لقائه بالرئيس المصري في جانفي‬
‫‪3009‬م على ضرورة وقف إسرائيل إلطالق النار مباشرة‪ ،‬وكذلك رفع الحصار‪ ،‬والسماح‬
‫للمساعدات اإلنسانية بالمرور لغزة‪ .‬كما طالب حماس بوقف إطالق الصواريخ‪ .‬وأعلن أنه لن‬
‫يجري أي اتصال مع أي مسؤول إسرائيلي إلى أن تصدر عن إسرائيل إشارة فعلية على قبول‬
‫وقف إطالق النار‪.3‬‬
‫أثار موقف تركيا انتقادا إسرائيليا شديدا‪ ،‬إذ استدعى رئيس دائرة تركيا في و ازرة‬
‫الخارجية اإلسرائيلية السفير التركي في إسرائيل نامق طان ‪ ، Namik Tan‬وأبلغه‬
‫"أن إسرائيل تعمل لصالح تركيا لمنع إقرار قانون اإلبادة األرمينية في الواليات المتحدة‪ ،‬وبالتالي‬
‫كنا ننتظر من تركيا التي تحارب اإلرهاب أن تدعم إسرائيل ضد هذا األخير"‪.4‬‬
‫وبعد أن رفضت إسرائيل قرار مجلس األمن رقم‪ ،6110 :‬الذي دعا لوقف فوري إلطالق‬
‫النار في قطاع غزة‪ ،‬طالبت الحكومة التركية بضرورة منع إسرائيل من دخول األمم المتحدة‪،‬‬
‫كما اتهمت دول أوروبا الغربية "بالكيل بمكيالين" وبعدم التحرك عند شن إس ارئيل عدوانها على‬
‫قطاع غزة بالسرعة ذاتها التي تحركت بها عند نشوب النزاع في جورجيا حول أوسيتيا‬
‫الجنوبية‪.5‬‬

‫‪ -1‬لقمان عمر محمود النعيمي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.23‬‬


‫‪2-Henri J. BARKEY,"Turkish Foreign Policy and the Middle East",Ceri Strategy Papers ,N° 10,6 juin 2011,p 8.‬‬

‫‪ -3‬محسن صالح ( محرر)‪ ،‬تركيا والقضية الفلسطينية‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪ -4‬محسن محمد صالح ( محرر) ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ، 8112‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.633‬‬
‫‪ -5‬لقمان عمر محمود النعيمي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪129‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫عمت التظاهرات واالعتصامات االحتجاجية كل المدن‬ ‫وعلى الصعيد الشعبي‪،‬فقد ّ‬


‫التركية‪ ،‬مطالبة بوقف العدوان والمجزرة‪ ،1‬كما طالبوا بقطع العالقة مع إسرائيل‪ .2‬وكان من‬
‫أبرز تداعيات العدوان على تركيا انفراط عقد جمعية الصداقة البرلمانية التركية – اإلسرائيلية‬
‫‪ Turkish-Israeli Parliamentary Friendship‬باستقالة كل النواب األتراك األعضاء فيها‪.3‬‬
‫بعد اإلعالن عن وقف إطالق النار بين الجانبين اإلسرائيلي والفلسطيني في ‪ 61‬جانفي‬
‫‪ 3009‬م‪ ،‬أشار مستشار الحكومة التركية آنذاك أحمد داود أوغلو إلى أن حماس أعلنت وقف‬
‫إطالق النار بناءا على طلب تركيا‪ .‬كما شدد الرئيس التركي عبد اهلل غول على ضرورة سعي‬
‫جميع دول العالم من أجل تأسيس دولة فلسطينية مستقلة قابلة للعيش إلى جانب إسرائيل‪ ،‬وأن‬
‫الهدف ه و ضمان أن يصبح وقف إطالق النار متبادال و دائما وأن تنسحب إسرائيل كليا من‬
‫قطاع غزة‪.4‬‬
‫وفي ‪ 39‬جانفي ‪3009‬م‪ ،‬انسحب أردوغان من منتدى دافوس االقتصادي ‪World‬‬
‫‪ Economic Forum Davos‬في سويسرا‪ ،‬احتجاجا‪5‬على طريقة إدارة الجلسة التي جمعته مع‬
‫الرئيس اإلسرائيلي شمعون بيريز و أمين عام األمم المتحدة بان كي مون ‪ Ban Ki- moon‬و‬
‫أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى ‪ Amr Moussa6‬وفي سياق احتجاجه شن‬
‫أردوغان هجوما شديدا على بيريز قائال‪:‬‬
‫يا سيد بيريز أنت أكبر مني سنا‪ ،‬لكن صوتك كان مرتفعا كثيرا‪ ،‬أنا أعرف أن ارتفاعه بهذا الشكل هو تعبير‬
‫عن نفسية متّهم‪ ،‬وفيما يخص القتل فأنت تعرفه جيدا‪ ،‬وأنا أعرف جيدا كيف قتلتم األطفال على الشاطئ‪،‬‬
‫ويوجد رؤساء حكومة عندكم يتباهون بأنهم يشعرون بالفرح عندما تدخل الدبابات غزة‪ ،‬وأنا أعيب على من‬
‫يصفقون على هذا الظلم ( في إشارة إلى تصفيق الحضور لكلمة بيريز)‪.7‬‬

‫‪ -1‬محسن محمد صالح ( محرر) ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ،8112‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.631‬‬
‫‪ -2‬محمد زاهد جول‪" ،‬الدور التركي في كسر الحصار شعبيا ورسميا"‪ ،‬في‪ :‬أمر اهلل إيشلر( محرر) ‪ ،‬تركيا واسرائيل وحصار‬
‫غزة‪ ،‬شهرية الشرق األوسط‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬مركز دراسات الشرق األوسط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،3060 ،‬ص‪.63‬‬
‫‪ -3‬محسن محمد صالح ( محرر) ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ،8112‬المرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.631‬‬
‫‪ -4‬لقمان عمر محمود النعيمي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪5- Adam Szymański," Crisis in Turkey–Israel Relations", Polish Institute of International Affairs, No. 18,February‬‬
‫‪3, 2010,p 183.‬‬
‫‪ -6‬محمد نور الدين‪ "،‬العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪ /‬الفلسطينية من دافوس إلى حادثة المقعد المنخفض"‪ ،‬مجلة شؤون‬
‫األوسط‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز الدراسات االستراتيجية‪ ،‬العدد‪ ،3060 ،625‬ص ‪.39‬‬
‫‪7-Charles Sitzenstuhl, La Dipomatie Turque Au Moyen-Orient: Héritages et Du Gouvernement De LAKP‬‬

‫‪2002-2010, LHarmattan,2011, p188.‬‬


‫‪130‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫وبعد هذا ترك أردوغان مقعده مغاد ار الجلسة‪ ،‬وقوبل موقف أردوغان بالتأييد من طرف‬
‫الشعب التركي وفي فلسطين و العالم العربي باستثناء بالغ لدى الجانب اإلسرائيلي وأوساط‬
‫مختلفة من الدول الغربية ‪.1‬‬
‫وقد كان من شأن هذا التوتر الملحوظ و المتنامي في العالقات التركية – اإلسرائيلية‬
‫تعزيز أجواء عدم الثقة بين البلدين‪ .2‬حيث جنحت تل أبيب إلى ابتزاز أنقرة بفتح الملفين‬
‫الكردي و األرمني و أشار إلى ذلك أحد القادة العسكرين اإلسرائيليين بقوله‪:‬‬
‫" على تركيا أن تطالع نفسها في المرآة قبل أن تنتقد إسرائيل‪ ،‬كونها تحتل شمال قبرص‪ ،‬وتضطهد األكراد‬
‫واألرمن"‪.3‬‬
‫كما أكد نتنياهو خالل لقائه مع نظيره اإلسباني خوسيه لويس ثباتيرو بإسرائيل في‬
‫أكتوبر ‪3009‬م أن المشكلة األصعب مع تركيا تكمن في حقيقة مفادها أن حكومة العدالة‬
‫والتنمية تتجه نحو األسلمة واالرتباط بمحور الشر في إشارة إلى إيران وسوريا‪ .4‬كما أظهر‬
‫العدوان اإلسرائيلي على غزة في منتصف نوفمبر ‪3063‬م‪ ،‬التأييد و الدعم التركي المستمر‬
‫للقضية الفلسطينية‪.5‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أزمة المقعد المنخفض‬
‫شكلت حادثة المقعد المنخفض خالل عام ‪3060‬م أحد أهم األزمات التي أدت بدورها‬
‫إلى وصول العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية إلى أدنى مستوياتها‪ 6،‬عندما استدعى وزير الخارجية‬
‫اإلسرائيلي "داني أيالون" ‪ Danny Ayalon‬السفير التركي في إسرائيل وحمله رسالة احتجاج‬
‫على الفحوى المعادية للسامية ألحد المسلسالت التركية‪ .‬وقد تحول هذا الحدث إلى أزمة‬
‫دبلوماسية بين البلدين‪ 7.‬فقد تعمد المسؤول اإلسرائيلي إجالس السفير التركي على مقعد أكثر‬
‫انخفاضا من المقعد الذي كان أيالون يجلس عليه‪ .‬كما يرحب‪ ،‬ولم يمد إليه يده للمصافحة أمام‬

‫‪- 1‬محمد نور الدين‪" ،‬العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪ /‬الفلسطينية من دافوس إلى حادثة المقعد المنخفض"‪ ،‬المرجع السابق‬
‫الذكر‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪2- İlker Aytürk, "The Coming of an Ice Age? Turkish –Israeli Relations Since 2002", Turkish Studies, Vol: 12,‬‬
‫‪No :4, 675–687, December 2011.‬‬
‫‪ - 3‬بشير عبد الفتاح‪ ،‬أبعاد التحول في عالقات تركيا اإلقليمية ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.625‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.625‬‬
‫‪ -5‬أسامة حمدان‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪6- Pierre Razoux, "Quel Avenir Pour Le Couple Turquie-Israël ?", Politique Etrangère,2010,p 36.‬‬
‫‪ - 7‬رنا ميرال وجونثان س باريس‪ ،‬تحليل النشاط الزائد للسياسة الخارجية التركية‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدراسات‬
‫واالستشارات‪ ،3060 ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪131‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫وسائل اإلعالم‪ ،‬فضال عن أنه جعله ينتظر لدقائق واقفا خارج باب المكتب قبل أن يسمح له‬
‫بالدخول‪ ،1‬باإلضافة إلى كون العلم اإلسرائيلي هو العلم الوحيد الذي كان موضوعا على‬
‫الطاولة‪ .‬واثر هذا الموقف‪ ،‬هددت تركيا باستدعاء سفيرها إلى أنقرة‪ ،2‬وانتهت هذه األزمة سريعا‬
‫بتقديم إسرائيل اعتذا ار مكتوبا لتركيا بعد أقل من ‪ 61‬ساعة من وقوع الحدث‪ .3‬وفي أعقاب‬
‫حمل إسرائيل مسؤولية تدهور‬
‫عد الرئيس التركي "عبد اهلل غول" أن المسألة انتهت‪ ،‬لكنه ّ‬
‫ذلك‪ّ ،‬‬
‫العالقات‪ ،‬داعيا إياها إلى تصحيح الوضع‪.4‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬الموقف التركي من الهجوم على أسطول الحرية‬
‫قامت فرقة من القوات الخاصة التابعة للبحرية اإلسرائيلية (الكوماندوس) فجر يوم‬
‫االثنين ‪ 26‬ماي ‪3060‬م‪ ،‬بتنفيذ عمليتين عسكرتين مزدوجتين في المياه الدولية‪ .‬األولى؛ تتمثل‬
‫في اعتراض سفن قافلة أسطول الحرية المتجه لقطاع غزة‪ ،‬و الثانية؛ هي عملية القتل االنتقامي‬
‫الجماعي للناشطين والذي أدى إلى مقتل تسعة أتراك و إصابة عشرات المتضامنين‪.5‬‬
‫عرفت الحادثة في وسائل اإلعالم العربية بحادثة أسطول الحرية‪ ،‬فيما أطلق عليها‬
‫األتراك اسم "قضية مافي مرمرة" أي "مرمرة الزرقاء"‪ ،‬وهي السفينة األكبر في األسطول‪ ،‬الذي‬
‫أبحر من اسطنبول متجها إلى غزة‪ ،‬لكسر الحصار المفروض عليها من جانب إسرائيل‪ .6‬وقد‬
‫نظم القافلة العديد من الجمعيات المدنية من دول مختلفة‪ ،‬وفي مقدمتها هيئة اإلغاثة اإلنسانية‬
‫‪The Foundation For Human Rights Freedoms and Humanitarian‬‬ ‫وحقوق اإلنسان‬
‫‪.Relief7‬‬
‫حمل األسطول أكثر من ‪ 300‬متضامنا من ‪ 21‬دولة‪ ،‬بينهم ‪ 66‬شخصية رسمية‬
‫وبرلمانية وسياسية أوروبية وعربية‪ ،‬ومن ضمنهم عشرة نواب جزائريين‪ ،‬وحمل حوالي نحو ‪60‬‬

‫‪ -1‬محسن محمد صالح ( محرر) ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ،8101‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.633‬‬
‫‪ -2‬رنا ميرال وجونثان س باريس‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.60-9‬‬
‫‪ -3‬سعيد عكاشة ومحمد عبد القادر‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪61‬‬
‫‪ -4‬محسن محمد صالح ( محرر) ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ،8101‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪. 632‬‬
‫‪ - 5‬محسن صالح ( محرر)‪ ،‬تركيا والقضية الفلسطينية‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ - 6‬محسن صالح ( محرر) ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ،3060‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.636-632‬‬
‫‪7-Tami Amanda Jacoby,"Israel’s Relations with Egypt and Turkey during the Arab Spring:Weathering the‬‬
‫‪Storm",Israel Journal of Foreign Affairs VII : 2, 2013,p 37,‬‬
‫‪132‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫آالف طن من المساعدات اإلنسانية‪ ،‬منها ‪ 1‬آالف طن من الحديد وألفا طن من اإلسمنت‪،‬‬


‫إضافة إلى مولدات كهربائية طبية وأدوية وكمية من المعونات الغذائية‪.1‬‬
‫أدى االعتداء اإلسرائيلي على أسطول الحرية إلى رفع درجة التأزم في العالقات التركية‬
‫– اإلسرائيلية إلى حدود غير مسبوقة‪ .2‬إذ يعتبر هذا االعتداء المواجهة المباشرة األولى بين‬
‫تركيا واسرائيل عبر تاريخهما‪ ،‬وكان لذلك ردة فعل تركية ساخطة على إسرائيل على مختلف‬
‫المستويات الشعبية‪ ،‬اإلعالمية والرسمية‪ ،‬فعلى المستوى الشعبي خرج أالف المواطنين األتراك‬
‫في مظاهرات حاشدة أمام السفارة اإلسرائيلية في أنقرة و القنصلية اإلسرائيلية في اسطنبول‬
‫محاولين اقتحامها‪.3‬‬
‫أما على مستوى الخطاب الرسمي؛ وجه المسؤولون األتراك الرسميون انتقادات والذعة‬
‫إلسرائيل‪ .‬حيث وصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الحكومة اإلسرائيلية بأنها‬
‫وعد االعتداء هجوما دنيئا‬
‫"وقحة"‪ ،‬داعيا إلى معاقبتها على "المجزرة الدموية" التي ارتكبتها‪ّ ،‬‬
‫وجه واحدة من أثقل الصفعات لضمير اإلنسانية‪ ،‬وحذر إسرائيل من اختبار صبر أنقرة‪ ،‬مؤكدا‬ ‫ّ‬
‫‪4‬‬
‫أنه‪ " :‬بقدر ما تكون صداقة تركيا قوية فإن عدواتها أقوى" ‪.‬‬
‫كما أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خالل لقاء صحفي في أعقاب‬
‫مجموعة العشرين في تورنتو‪ ،5‬أن المطالب التركية تتمثل في‪ :‬االعتذار اإلسرائيلي لتركيا‪،‬‬
‫وتشكيل لجنة تحقيق دولية والتعويض على األضرار‪ ،‬ومن بينها مصادرة السفن التي ترفع العلم‬
‫التركي والتي كانت متوجهة إلى قطاع غزة‪ ،‬ورفع الحصار الكامل للحظر المفروض على‬
‫القطاع‪.6‬‬
‫وق د سارع الرئيس التركي عبد اهلل غول لتذكير اإلسرائيليين بتاريخ العالقات الدبلوماسية‬
‫بين البلدين‪ ،‬قائال‪:‬‬

‫‪ -1‬محسن صالح (محرر)‪ ،‬قوافل كسر الحصار عن قطاع غزة‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪2- Gencer Özcan, Turkish-Israeli Relations in Crisis: How to Cut the Gordian Knot?, Israel European Policy‬‬
‫‪Network, April 2011,p 2.‬‬
‫‪ "-3‬أسطول الحرية وأزمة العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية"‪ 35 ،‬سبتمبر ‪،3062‬‬
‫‪http://acpss.ahramdigital.org.eg/Articals.aspx?Gd=false&Serial=677357‬‬
‫‪ -4‬محسن صالح (محرر)‪ "،‬قوافل كسر الحصار عن قطاع غزة"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪ -5‬المرجع نفسه ‪.52‬‬
‫‪6-Amb Eric Edelman And others,The Roots of Turkish Conduct: Understanding the Evolution of Turkish‬‬
‫‪Policy in the Middle East,Bipartisan Policy Center,December, 2013, p 65.‬‬
‫‪133‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫" تركيا اعترفت بإسرائيل سنة ‪6969‬م‪ ،‬وأرسلت إليها سفي ار وعملت على نسج عالقات جيدة بينها وبين‬
‫‪1‬‬
‫جرانها " ‪.‬‬
‫‪.2‬‬
‫وأضاف‪ " :‬لقد عملت تركيا على أن ال تحس إسرائيل بأنها معزولة وبذلت جهودا للتقريب بينها وبين سوريا"‬
‫واعتبر أن إسرائيل لم تقدر كل هذا وردت عليه بالهجوم على سفينة تركية على متنها مدنيون‬
‫‪3‬‬
‫في المياه الدولية‪.‬‬
‫كما أكد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلوا‪ ،‬أن عالقة أنقرة بتل أبيب مرهونة‬
‫بقبولها مقترح منظمة المؤتمر اإلسالمي المتمثل في تشكيل لجنة تحقيق دولية‪ ،‬وذلك بالتعاون‬
‫مع هيئة األمم المتحدة‪ ،‬وأشار إلى أن أي خطوة غير مشجعة من إسرائيل تجاه هذه اللجنة‬
‫ستواجه بخيارات تركية متاحة على رأسها سحب السفير التركي من إسرائيل‪.4‬‬
‫من الجانب اإلسرائيلي‪ ،‬رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو‪ ،‬اقتراحا لألمين العام لألمم‬
‫المتحدة بان كي مون تشكيل لجنة تحقيق دولية في مجزرة أسطول الحرية‪ .‬كما رفض نتنياهو‬
‫تقديم أي اعتذار لتركيا‪ ،‬وأكد أن باله ال يمكنها االعتذار‪ ،‬ألن جنودها اضطروا للدفاع عن‬
‫أنفسهم لإلفالت من عملية ضرب حتى الموت‪ .‬كما ذهب وزير خارجتها أفيغدور ليبرمان إلى‬
‫القول‪" :‬أن مكانة إسرائيل الدولية ستتضرر إلى حد كبير في حال قدمت اعتذا ار لتركيا على خلفية أحداث‬
‫قافلة السفن‪ ،‬أو صرفت تعويضات للمصابين في هذه األحداث"‪.5‬‬
‫وفي الوقت الذي تمسكت فيه إسرائيل برفض االعتذار‪ ،‬أعربت في سياق تمسكها‬
‫بتبرير الهجوم على سفينة مرمرة‪ .‬عن أسفها لسقوط ضحايا أتراك‪ ،‬محاولة بذلك االستعاضة‬
‫عن االعتذار عما فعلته‪ .‬بيد أنه كان واضحا لكل من إسرائيل وتركيا الفرق الكبير عن األسف‬
‫وتقديم االعتذار‪ .‬فهذا األخير يشمل اإلقرار بالخطأ وتحمل المسؤولية على جميع األصعدة‪،‬‬
‫السيما األخالقية و السياسية والقانونية‪ 6.‬وكنتيجة لذلك‪ ،‬قامت تركيا بسحب السفير التركي من‬

‫‪ ،‬تركيا واسرائيل و حصار‬ ‫‪ - 1‬سمير صالحة‪ " ،‬تركيا تضع إس ارئيل أمام االختبار الدولي"‪ ،‬في‪ :‬أمر اهلل إيشلر( محرر)‬
‫غزة‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬مركز دراسات الشرق األوسط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،3060 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -4‬محسن صالح ( محرر)‪ ،‬تركيا والقضية الفلسطينية‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ -5‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.53-56‬‬
‫‪ -6‬محمود محارب‪" ،‬العالقات اإلسرائيلية – التركية في ضوء رفض إسرائيل االعتذار"‪ ،‬قطر‪ ،‬الدوحة‪ ،‬المركز العربي‬
‫لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬نوفمبر ‪ ،3063‬ص ص ‪.5 -6‬‬
‫‪134‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫تل أبيب‪ ،‬واستدعت السفير اإلسرائيلي في أنقرة‪ ،‬وألغت مشاركة إسرائيل في ثالث مناورات‬
‫عسكرية مشتركة‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬أعلنت أنها ستعيد النظر في العديد من الصفقات العسكرية‬
‫الموقعة بين الطرفين‪.‬وهي صفقات تشمل طائرات من دون طيار ودبابات متطورة‪ ،‬والتلويح‬
‫بالتوجه إلى روسيا والصين كبديل من المصدر اإلسرائيلي للسالح‪ ،‬وهو أمر من شأنه أن يلحق‬
‫ضربة كبيرة بالمجمع الصناعي العسكري اإلسرائيلي‪ .‬كما ربطت تركيا إعادة عالقاتها مع‬
‫إسرائيل إلى سابق عهدها برفع الحصار عن قطاع غزة‪ .1‬وقد توجه وزير الخارجية التركية‬
‫أحمد داود أوغلو إلى نيويورك‪ ،‬داعيا مجلس حلف الناتو و مجلس األمن إلى اجتماع طارئ‪.‬‬
‫وفعال تم ذلك وطالب مجلس األمن في بيانه فتح تحقيق بشأن الحادث‪ .‬كما دعا إسرائيل إلى‬
‫‪2‬‬
‫إطالق سراح المدنيين والمصابين فو ار‪.‬‬
‫عقد لقاء مفاجئ بين وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو‪ ،‬و وزير الصناعة والتجارة‬
‫اإلسرائيلي بنيامين بن إليعازر ‪ Binyamin Ben-Eliezer‬في بروكسل‪ ،‬وأشار أوغلو إلى أن‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫"الجانب اإلسرائيلي هو من طلب إجراء اللقاء" ‪.‬‬
‫وأكد المتحدث باسم الخارجية التركية "براق أوزوغرغين" ‪ Burak Ozugergin‬أن الوزيرين‬
‫ناقشا الوضع الحالي للعالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪ .‬واستنادا لمصادر في الخارجية التركية‪ ،‬فإن‬
‫الوزير التركي جدد لنظيره اإلسرائيلي مطالب أنقرة في االعتذار عن االعتداء البحري والتعويض‬
‫وتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة ورفع الحصار عن غزة‪ .‬وفي هذه الفترة‪ ،‬قررت و ازرة الدفاع‬
‫التركية عدم المشاركة في مناورات "عروس البحر" الخاصة بعمليات اإلغاثة واإلنقاذ البحري‬
‫التي تجري في البحر األبيض المتوسط كل سنة مع قطع بحرية أمريكية و إسرائيلية‪.4‬‬
‫وفي أعقاب العدوان اإلسرائيلي على أسطول الحرية‪ ،‬تم إنشاء ثالث لجان تحقيق تركية‪،‬‬
‫إسرائيلية ودولية‪ .‬وقد وصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تقرير لجنة تيركل‬
‫اإلسرائيلية بأنه ال يتمتع بمصداقية‪ .‬أما مكتب رئيس الوزراء اإلسرائيلي بنيامين نتنياهو‪ ،‬فأعتبر‬
‫التقرير أنه يثبت‬
‫"أن لجوء إسرائيل إلى القوة مبرر كخطوة للدفاع عن النفس‪.5‬‬

‫‪ -1‬أحمد أبو هدية‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.633‬‬


‫‪ -2‬لقمان عمر محمود النعيمي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ -3‬محسن صالح ( محرر)‪ ،‬تركيا والقضية الفلسطينية‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪52_53‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪5- Salih Bıçakçı, "Israel’s Apology and Turkey", Center for International and European Studies, 17 April 2013,p3.‬‬
‫‪135‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫في حين تأجل إعالن مضمون تقرير اللجنة الدولية (مجلس حقوق اإلنسان الدولي)‬
‫المعروف بتقرير" بالمر" للتحقيق في العدوان على أسطول الحرية أكثر من مرة على أمل‬
‫توصل تركيا واسرائيل إلى حل للخالفات‪ ،‬وبعد ما نشرت صحيفة نيويورك تايمز ‪The New‬‬
‫‪ York Times‬مضمون التقرير فيما اعتبر انقالبا أميركيا – إسرائيليا على تركيا‪ ،‬وهذا ما أحدث‬
‫أزمة كبيرة بين أنقرة وتل أبيب‪ ،‬انطالقا من‪:‬‬
‫التقرير شرع حصار إسرائيل لغزة واعتبره قانونيا‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫لم يطلب التقرير االعتذار من تركيا‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫لم يدن إسرائيل و اكتفى بالقول إنها بالغت في استخدام القوة المفرطة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مضمون التقرير اعتبر فشال ثقيلة للدبلوماسية التركية‪ .‬وهو ما رفضه وزير الخارجية أحمد داود‬
‫أغلو‪ ،‬فيما اعتبر رئيس الجمهورية "عبد اهلل غول" التقرير ال حدث‪ .1‬كما أنه لم يصدر عن‬
‫اجتماع حلف الشمال األطلسي الذي دعت إليه تركيا بصفتها عضوا في الحلف سوى الدعوة‬
‫إلى إطالق سراح المعتقلين من الناشطين‪ ،‬رغم أن تركيا تعرضت العتداء‪ ،‬وعلى سائر‬
‫األعضاء وفق نظام الحلف الدفاع عن عضوه المعتدى عليه‪ .‬ولم يدع بيان الحلف إلى رفع‬
‫الحصار عن غزة‪.2‬‬
‫وعلى إثر هذه المواقف‪ ،‬ردت تركيا بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى أدنى‬
‫مستوياته‪ .‬بحيث أصبح الشخصية األولى في السفارتين (التركية في تل أبيب و اإلسرائيلية في‬
‫أنقرة) هو السكرتير الثاني‪ .‬وقالت تركيا أنها تنوي اتخاذ المزيد من الخطوات‪ ،‬مثل‪ :‬تكثيف‬
‫تواجد سفن سالح البحرية التركي في البحر األبيض المتوسط‪ ،‬ومرافقة سفن التضامن مع غزة‬
‫بسفن حربية تركية‪ ،3‬رفع قضية الحصار على غزة إلى محكمة العدل الدولية الهاي‪ ،‬و مالحقة‬
‫مرتكبي جريمة أسطول الحرية أمام المحاكم التركية و الدولية‪ .‬وتال هذا التوتر جولة عربية‬
‫لرئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان في كل من مصر‪ ،‬تونس و ليبيا في خطوة عزاها‬
‫بعض المراقبين إلى رغبة تركيا بتعزيز صورتها المناهضة إلسرائيل في العالم العربي‪ .4‬وأصرت‬

‫‪ -1‬محمد نور الدين‪" ،‬تركيا‪ :‬االنتخابات والعالقات مع إسرائيل"‪ ،‬مجلة شؤون األوسط‪ ،‬مركز الدراسات االستراتيجية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،629‬صيف‪ ،3066‬ص ‪.303‬‬
‫‪ - 2‬محمد نور الدين‪،‬أسطول الحرية‪:‬تركيا في مواجهة الحلف اإلسرائيلي‪-‬الدولي الجديد‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.611‬‬
‫‪ - 3‬سمير ذبيان سبيتان‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.339‬‬
‫‪ -4‬محمد نور الدين‪" ،‬أسطول الحرية‪ :‬تركيا في مواجهة الحلف اإلسرائيلي‪ -‬الدولي الجديد"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪.303‬‬
‫‪136‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫تركيا على تنفيذ مطالبها‪ ،‬وظلت األمور على حالها حتى عام ‪3062‬م‪ .‬وعلى الرغم من إنكار‬
‫مسؤولين إسرائيليين للحادثة أمثال أفيجدور ليبرمان ‪ Avigdor Liberman‬رئيس الوزراء‬
‫اإلسرائيلي السابق خالل األعوام الماضية‪ ،‬لكن أعلن رئيس الوزراء اإلسرائيلي بنيامين نتنياهو‬
‫في النهاية بأنه قدم االعتذار الرسمي لرئيس الوزراء التركي خالل اتصال هاتفي أجراه معه في‬
‫يوم ‪ 33‬مارس عام ‪3062‬م‪ .‬كما أشار بأن الحكومة اإلسرائيلية ستقوم بدفع التعويضات‪،‬‬
‫وأعلن نتنياهو – بدوره‪ -‬بأنه لن يعارض إرسال أي نوع من المساعدات اإلنسانية للمدنيين في‬
‫فلسطين وقطاع غزة‪ .‬وبعد اعتذار نتنياهو‪ ،‬أعلن أردوغان في أول تصريح رسمي بأن إسرائيل‬
‫وافقت على الشروط‪ .‬وهو ما يشير إلى زيادة النفوذ التركي بالمنطقة‪ ،‬كما صرح بأن مثل هذا‬
‫التصرف‪ ،‬يمكنه أن يساهم في عملية السالم بالمنطقة‪.1‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الموقف التركي من انتفاضات بعض دول الربيع العربي*‬
‫في آواخر عام ‪3060‬م وبداية ‪3066‬م‪ ،‬اندلعت في معظم الدول العربية أواخر عام‬
‫‪3060‬م وبداية عام ‪ 3066‬م‪ ،‬حركات شعبية احتجاجية متأثرة باالنتفاضة التونسية التي اندلعت‬
‫في ‪ 61‬ديسمبر ‪3060‬م جراء إحراق محمد البوعزيزي نفسه‪ .‬حيث نجحت باإلطاحة بالرئيس‬
‫األسبق زيد العابدين بن علي‪ .‬وكان من أسبابها الرئيسية انتشار الفساد والركود االقتصادي‬
‫وسوء األحوال المعيشية‪ ،‬إضافة إلى التضييق السياسي واألمني وعدم نزاهة االنتخابات في‬
‫معظم البالد العربية‪ .‬وقد نجحت هذه االحتجاجات باإلطاحة بأربعة أنظمة سياسية حتى اآلن‪.‬‬
‫فبعد االنتفاضة التونسية‪ ،‬نجحت االنتفاضة المصرية في ‪ 35‬جانفي ‪3066‬م بإسقاط الرئيس‬
‫األسبق محمد حسني مبارك‪ ،‬ثم انتفاضة ‪ 63‬فيفري ‪3066‬م الليبية بإسقاط نظام معمر‬
‫القذافي‪ ،‬فاالنتفاضة اليمنية التي أجبرت على عبد اهلل صالح على التنحي‪ .‬وقد كانت أكبر‬
‫حركة احتجاجية في سوريا‪ ،‬والتي الزالت مستمرة إلى حد كتابة هذه األسطر‪.2‬‬

‫‪ -1‬محمود كريمي‪ "،‬مرحلة جديدة من العالقات التركية – اإلسرائيلية"‪ ،‬مختارات إيرانية‪ ،‬مايو ‪.3062‬‬

‫* كانت صحيفة االندبندنت البريطانية ‪ The Indepeudnt‬أول من استخدم مصطلح الربيع العربي ‪ The Arab Spring‬لوصف‬
‫األحداث التي جرت في المنطقة العربية بدءا بتونس خالل عام ‪3060‬م‪ .‬وقد يكون لذلك عالقة بانتفاضات الغرب عبر تاريخه‬
‫التي تعرف هي أيضاً بانتفاضات الربيع األوروبي ‪. The European‬‬
‫‪" -2‬الربيع العربي‪ :‬المفهوم‪ ،‬التداعيات‪ ،‬األسباب"‪ 60 ،‬جانفي ‪.3062‬‬
‫‪http://www.dpp.gov.jo/2012/15.htm‬‬
‫‪137‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫تمثل االنتفاضات الشعبية العربية‪ ،‬حدثا استراتيجيا مهما‪ ،‬له تأثيراته الكبيرة في تشكيل‬
‫مستقبل المنطقة‪ ،‬وصياغة العالقات بين الدول وشعوبها‪ .‬وعلى الرغم من الطبيعة العالمية‬
‫للتأثيرات التي ستنتج عن االنتفاضات العربية‪ ،‬إال أن دول منطقة الشرق األوسط تعد األكثر‬
‫تأث ار بتطورات األوضاع‪ ،‬بفعل العوامل الجيوسياسية‪ ،‬وتشابك العالقات والمصالح في المنطقة‪.‬‬
‫وهو ما يجعل هذه الدول تتابع األحداث من زاوية تأثيرها في وضعها الداخلي وعالقاتها مع‬
‫دول المحيط‪ .‬ويبدو أن تركيا أحد أهم الالعبين المتأثرين بتطورات االنتفاضات العربية‪ .‬فقد‬
‫كانت لها مواقفاً الفتة في خضم هذه التطورات ما بين تصريحات وأفعال‪ ،‬القت ترحيبا‪ ،‬وأحيانا‬
‫انتقادا‪ .1‬وعلى هذا األساس يمكن رصد الموقف التركي من االنتفاضات في كل من مصر‬
‫وسوريا لما لهاتين الدولتين من تأثيرات على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الموقف التركي من االنتفاضة السورية‪:‬‬
‫عند اندالع األحداث في سوريا‪ ،‬سارعت و ازرة الخارجية التركية إلى التعليق على‬
‫األحداث ببيان أعربت فيه عن أساها لما نتج عن هذه االنتفاضة من وفيات أو إصابات‪،‬‬
‫ودعت لضرورة محاسبة المتورطين في األحداث‪ ،‬وتقديمهم للعدالة‪ ،‬واطالق سراح المعتقلين‪.‬‬
‫وكان مضمون هذا البيان هو محور جميع االتصاالت التي أجرتها أنقرة مع الجانب السوري‪.‬‬
‫حيث اتصل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بالرئيس بشار األسد‪ ،‬معب ار عن‬
‫المضمون نفسه‪ ،‬كما حذره من عواقب قتل المدنيين وارتكاب مجازر على غرار ما حصل في‬
‫مجزرة حماة ‪6913‬م‪ ،‬منبها إلى أن سوريا لن تنهض مرة أخرى إن وقعت فيها ‪.2‬‬
‫نظرت تركيا لألزمة السورية باعتبارها أزمة داخلية‪ .‬لذلك حاولت مبك ار تفادي تداعى‬
‫األحداث وارتفاع حدة الصدامات بين الجيش والمواطنين السوريين من خالل دفع الرئيس بشار‬
‫األسد لتقديم تنازالت تسمح بتحول تدريجي لسوريا نحو الديمقراطية‪ .‬غير أن تجاهل األسد‬
‫للنصائح التركية التي جاءت عبر العديد من اللقاءات‪ ،‬منها ‪ 66‬زيارة لوزير الخارجية أحمد‬
‫داود أوغلو دفع أنقرة إلدراك أن مصالحها السياسية تقتضي التزام الموقف الدولي من األزمة‪.3‬‬

‫‪ - 1‬فراس أبو هالل‪ "،‬الموقف اإلسرائيلي من االنتفاضة السورية"‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪،‬‬
‫‪ ،3066‬ص ‪.6‬‬
‫‪ - 2‬علي حسين باكير‪ "،‬الثورة السورية في المعادلة اإليرانية التركية‪ :‬المأزق الحالي والسيناريوهات المتوقعة"‪ ،‬المركز‬
‫العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪ ،3063 ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪ - 3‬محمد عبد القادر خليل‪" ،‬تركيا وثورات الربيع العربي"‪ 63 ،‬جانفي ‪.3066‬‬
‫‪http://acpss.ahramdigital.org.eg/News.aspx?Serial=86‬‬
‫‪138‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫وجاء هذا التحول في الموقف التركي عبر عدد من المؤشرات كتسليط الضوء بشكل أكبر على‬
‫المخاوف الناجمة عن عدم األخذ بالنصائح التركية في ظل ازدياد الضغوط اإلقليمية والدولية‬
‫وفرض المزيد من العقوبات األمريكية واألوروبية ومناقشة الملف السوري في مجلس حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬وربما الحقا في مجلس األمن‪ ،‬والتحذير من التداعيات الكارثية لالستمرار في السياسة‬
‫الحالية وظهر‪ -‬بشكل جلي‪ -‬االنتقاد العلني والواضح لسياسة القتل التي يعتمدها النظام‬
‫السوري‪.1‬‬
‫واجهت تركيا األحداث الجارية في سوريا من خالل عدة وسائل‪:‬‬
‫إقامة الحكومة التركية لمعسكر عبر الهالل األحمر التركي يقع على مساحة عدة كيلومترات‬ ‫‪‬‬

‫داخل األراضي التركية‪ .2‬وقد أكدت هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية أن عدد الالجئين‬
‫السوريين في تركيا خالل عام ‪3062‬م تجاوز ‪ 100‬ألف‪ ،‬بينهم أكثر من ‪ 600‬ألف يقيمون‬
‫خارج مخيمات الالجئين‪.3‬‬
‫توفر تركيا المناخ المناسب الستضافة المعارضين السوريين‪ .‬وتم عقد عدة مؤتمرات‪ ،‬مثل‬ ‫‪‬‬

‫مؤتمر أنطاليا تحت اسم " المؤتمر السوري للتغير"‪ .‬وكان من أهم ق ارراته دعم االنتفاضة‬
‫السورية والدعوة إلسقاط النظام‪ ،‬ثم مؤتمر "إنقاذ الشعب السوري"‪ .‬ومؤتمر اسطنبول الذي دعا‬
‫إلنشاء المجلس الوطني السوري المعارض‪ ،‬والذي اعترفت به تركيا كممثل وحيد للشعب‬
‫السوري‪ ،4‬كما استضافت تركيا اثنين من مؤتمرات أصدقاء سوريا الخمسة‪.5‬‬
‫مصادرة األسلحة؛ فمنذ بداية األحداث الجارية في سوريا‪ ،‬شددت أنقرة على جميع معابرها‬ ‫‪‬‬

‫الحدودية ا لبرية والجوية والبحرية‪ ،‬وذلك لمنع تهريب األسلحة والعتاد للنظام السوري ومناصريه‪.‬‬
‫فقد أوقفت السلطات التركية بعض الشحنات العسكرية التي كانت متجهة من إيران إلى دمشق‬

‫‪ - 1‬علي حسين باكير‪ ،‬محددات الموقف التركي من األزمة السورية األبعاد اآلنية واالنعكاسات المستقبلية‪ ،‬المركز العربي‬
‫لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪ ،3066 ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪ - 2‬علي حسين باكير‪ ،‬الثورة السورية في المعادلة اإليرانية التركية‪ :‬المأزق الحالي والسيناريوهات المتوقعة‪ ،‬المرجع‬
‫السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪ - 3‬عالء شوقي‪"،‬عدد الالجئين السورين في تركيا يتجاوز ‪ 100‬ألف"‪ 1 ،‬جانفي ‪.3062‬‬
‫‪http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE9B285C20131021‬‬
‫‪ - 4‬علي حسين باكير‪ ،‬الثورة السورية في المعادلة اإليرانية التركية‪ :‬المأزق الحالي والسيناريوهات المتوقعة‪ ،‬المرجع‬
‫السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪ - 5‬أحمد يوسف أحمد و نفين مسعد‪ "،‬حال األمة العربية ‪ :8102 -8108‬مستقبل التغيير في الوطن العربي‪ :‬مخاطر‬
‫داهمه"‪ ،‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪ ،666‬أغسطس ‪ ،3062‬ص ‪.63‬‬
‫‪139‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫على مختلف المعابر خالل عام ‪3066‬م‪ ،‬وأجبرت عددا من الطائرات اإليرانية المتجهة إلى‬
‫دمشق عبر أجوائها على الهبوط لتفتيشها‪.1‬‬
‫ويمكن القول‪ ،‬أن االعتبارات األمنية سيطرت على المواقف التركية إزاء األزمة السورية‪،‬‬
‫وذلك في ظل تنامي التخوفات من تأجج المشكلة الكردية‪ ،‬خصوصا في ظل اتساع مساحة‬
‫الحدود المشتركة مع سوريا ‪ 133‬كم‪ ،‬وسعي أكراد سوريا إلى تأسيس إقليم حكم ذاتي على‬
‫غرار إقليم كردستان العراق‪ .2‬كما أنه يوجد في تركيا مجموعة من العلويين العرب‪ ،‬يبلغ‬
‫تعدادهم حوالي ‪ 500‬ألف نسمة‪ ،‬يقفون مع نظام األسد ضد المعارضة المسلحة بقيادة السنة‪.‬‬
‫وهذا الصراع الطائفي يهدد بالتسرب عبر الحدود إلى تركيا‪ ،‬ويضع مقاتلي المعارضة السوريين‪،‬‬
‫واأل تراك السنة في مواجهة العلويين الموالن لألسد‪ ،‬خصوصا في محافظة هاتاي الواقعة في‬
‫أقصى جنوب تركيا حيث يتمركز العلويون‪ .3‬و قد بدا القلق التركي واضحا من تداعيات األزمة‬
‫على الوضع الداخلي في تركيا‪ ،‬وأيضا احتماالت انتقال األزمة إلى حدودها الجنوبية اذا ما‬
‫خرج الوضع األمني عن السيطرة أو تطور إلى مواجهة عسكرية بين القوى الغربية وسوريا‪ ،‬كما‬
‫حدث في ليبيا‪.4‬‬
‫ومن الجانب اإلسرائيلي‪ ،‬أبدى السياسيون والمحللون اإلسرائيليون اهتماما كبي ار بتطورات‬
‫االنتفاضة السورية‪ ،‬انطالقا من عوامل الخصوصية التي تمثلها الحالة السورية بالنسبة إلى‬
‫إسرائيل‪ .‬فسوريا دولة مجاورة إلسرائيل‪ ،‬وبالتالي فإن أي تغييرات سياسية فيها‪ ،‬ستؤثر بالضرورة‬
‫في إسرائيل أمنيا‪.5‬‬
‫وقد أشارت بعض الدراسات اإلسرائيلية إلى عدة مخاطر محتملة لالنتفاضة السورية على‬
‫إسرائيل‪ ،‬ومن أبرزها‪ :‬نقل التوترات الموجودة على الساحة السورية إلى إسرائيل‪ ،‬تخشى إسرائيل‬
‫من إقدام حركة حماس على إشعال الوضع في قطاع غزة‪ ،‬لتوحيد الرأي العام في سوريا وايران‬
‫ضدها‪ ،‬وامكانية انتقال ترسانة األسلحة الصاروخية السورية‪ ،‬أو " الكيماوية " إلى منظمات‪،‬‬
‫ّ‬

‫‪ - 1‬علي حسين باكير‪ ،‬الثورة السورية في المعادلة اإليرانية التركية‪ :‬المأزق الحالي والسيناريوهات المتوقعة‪ ،‬المرجع‬
‫السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪ - 2‬محمد عبد القادر خليل‪" ،‬تركيا وثورات الربيع العربي"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪ - 3‬أحمد دياب‪ "،‬الدور األمريكي في المصالحة التركية‪ -‬اإلسرائيلية وأثرها على التفاعالت في المنطقة"‪ ،‬المرجع السابق‬
‫الذكر‪ ،‬ص ‪.603‬‬
‫‪ - 4‬محمد عبد القادر خليل‪" ،‬تركيا وثورات الربيع العربي"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪ - 5‬فراس أبو هالل‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪140‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫أدت االنتفاضة السورية إلى وضع غير‬


‫وجهات تعتبرها إسرائيل " إرهابية "‪ ،‬في حال ما إذا ّ‬
‫مستقر‪ ،‬باإلضافة إلى عدم وجود قنوات اتصال مباشرة مع دمشق‪ ،‬عكس ما هي عليه الحال‬
‫مع مصر واألردن‪ ،‬وكذلك عدم وجود اتفاقية سالم بين إسرائيل وسوريا‪ .‬وهو ما قد َيحول دون‬
‫االتصال مع دمشق لوضع ترتيبات تخفّف من خطر أي تداعيات سلبية لالنتفاضة السورية‬
‫على إسرائيل‪ .‬كما تخشى إسرائيل من انتقال الحكم في سوريا إلى جماعة " اإلخوان المسلمين"‪،‬‬
‫التي رأت كثير من التحليالت اإلسرائيلية أنها تمثل القوة األكثر تنظيما في المعارضة السورية‪،‬‬
‫والجهة األكثر تأثي ار في تحريك االحتجاجات‪ .‬وهي بالتالي الجماعة األوفر حظا الستالم الحكم‪،‬‬
‫إذا ما أنهار النظام السوري‪ ،‬واحتمال زيادة النفوذ اإليراني في لبنان‪ ،‬بديال عن الفراغ الذي قد‬
‫يتركه سقوط نظام بشار األسد وانتهاء نفوذ دمشق في لبنان‪ .‬وهو ما يشكل ‪-‬حسب إسرائيل‪-‬‬
‫خطورة أكبر على تل أبيب من النفوذ السوري‪.1‬‬
‫وبذلك‪ ،‬يمكن القول أن األزمة السورية عجلت الرغبة االسرائيلية في إغالق ملف‬
‫الخالفات مع تركيا‪ 2‬و تقديم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عام ‪3062‬م اعتذا ار رسميا لنظيره‬
‫التركي رجب طيب أردوغان عن حادثة االعتداء على سفينة مرمرة التركية‪ .3‬األمر الذي أكده‬
‫نتنياهو بقوله‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫"إن الواقع المتغير من حولنا يلزمنا دائما بمراجعة عالقتنا في المنطقة" ‪.‬‬
‫في إشارة إلى األزمة السورية‪ ،‬فيما قال الجنرال "يعقوب عميدور" رئيس مجلس األمن القومي‬
‫اإلسرائيلي‬
‫‪5‬‬
‫"إن الوضع في سوريا كان السبب الرئيس لتجديد العالقات بين إسرائيل وتركيا" ‪.‬‬
‫وعلى غ ارره قال المعلق العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هرئيل اإلسرائيلية‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫" إن المصالحة بين الجانبين ستساهم في التنسيق بين تركيا واسرائيل بالشأن السوري" ‪.‬‬

‫‪ - 1‬فراس أبو هالل‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.3-5‬‬


‫‪ -2‬أحمد دياب‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.601‬‬
‫‪ -3‬صافيناز محمد أحمد‪" ،‬المصالحة اإلسرائيلية واألزمة السورية"‪ 35 ،‬ديسمبر ‪3062‬‬
‫‪http://www.ahram.org.eg/NewsPrint/201911.aspx‬‬
‫‪ - 4‬خورشيد دلي‪ " ،‬التركية اإلسرائيلية بين االعتذار والصفقة"‪ ،‬مجلة الوحدة اإلسالمية‪ ،‬السنة الثانية عشر‪ ،‬العدد ‪ ،623‬أيار‬
‫‪.3062‬‬
‫‪ - 5‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -6‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫وعليه يعد الملف السوري محركا أساسيا ودافعا محوريا إلعادة توثيق العالقات مع تركيا‪،‬‬
‫السيما أن التعاون االستخباراتي بين البلدين يشكل رافدا أساسيا للتعاطي مع هذا الملف‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أن ثمة قناعات لدى بعض التيارات في إسرائيل بأن أي تقارب تركي‪ -‬إسرائيلي‬
‫من شأنه أن يزيد الخناق على إيران‪ ،‬ويضمن تكثيف الضغوط الدولية و اإلقليمية حيالها‪ ،‬بما‬
‫قد يدفعها إلى التفاوض لحل سلمي ألزمة الملف النووي اإليراني‪.1‬‬
‫ومن خالل ما تقدم‪ ،‬يمكن القول أن احتواء األزمة السورية يعتبر عامال مشتركا بين‬
‫إسرائيل وتركيا‪ ،‬وكل حسب أجندة أهدافه‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الموقف التركي من االنتفاضة المصرية‬
‫تحتل مصر أهمية كبيرة في أجندة السياسة الخارجية التركية منذ وصول حزب العدالة‬
‫والتنمية إلى الحكم خالل عام ‪3003‬م‪ ،‬لكن الحساسية التي كانت سائدة بين نظام حسني‬
‫مبارك وبين الحكومة التركية‪ ،‬جعلت األخيرة تتحرك ببطء وحذر في الملفات المرتبطة بمصر‬
‫بشكل أو بآخر‪ ،‬خوفا من أن تعكس صورة غير صحيحة عن تنافس نفوذ بين البلدين يؤدى إلى‬
‫اصطدام في النهاية‪ .2‬لكن مع اندالع االنتفاضة المصرية يوم ‪ 35‬جانفي ‪3066‬م‪ ،‬والتي‬
‫راهنت تركيا مبك ار على نجاحها وخاطرت بعالقاتها مع النظام السابق‪ ،‬من خالل قيام رئيس‬
‫الوزراء التركي بعد ‪ 1‬أيام وحسب من تفجر االنتفاضة بدعوة الرئيس المصري محمد حسنى‬
‫مبارك لالستجابة لتطلعات شعبه والتخلي عن الحكم‪ .‬وعلى الرغم من أن ذلك كان مؤش ار على‬
‫مدى التباعد بين حكومتي الدولتين في تلك الفترة‪ ،‬إال أنه عكس ‪ -‬في نفس الوقت‪ -‬أن تركيا‬
‫راهنت على نجاح االنتفاضة المصرية وقررت االستثمار في العالقات مع مصر بعد‬
‫االنتفاضة‪ .3‬وبالنظر ألهمية مصر الجيواستراتيجية وثقلها اإلقليمي والدولي‪ ،‬حرصت تركيا‬
‫على مد جسور التواصل مع مصر بعد مبارك ‪ ،‬وربما ساهم في ذلك وصول جماعة اإلخوان‬
‫المسلمين إلى سدة الحكم‪ .4‬وبذلك كانت مصر في عهد محمد مرسي أقرب شريكا لتركيا في‬

‫‪ -1‬محمد عبد القادر خليل‪ "،‬العالقات التركية اإلسرائيلية في شرق أوسط جديد"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪" - 2‬مصر في السياسة الخارجية التركية ‪ ..‬واقع ما بعد الثورة واآلفاق المستقبلية"‪ 61 ،‬فيفري ‪.3066‬‬
‫‪http://www.sharqforum.org/node/23‬‬
‫‪ - 3‬محمد عبد القادر خليل‪" ،‬تركيا وثورات الربيع العربي"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪ - 4‬محمد السيد عبد الجواد‪ "،‬تركيا ومصر مابعد ‪ 20‬يونيو‪ :‬محددات وأسباب التوتر"‪ 61 ،‬فيفري ‪.3066‬‬
‫‪http://www.almasryalyoum.com/news/details/319585?isdesktop=1‬‬
‫‪142‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫المنطقة‪ .‬ففي ‪ 62‬سبتمبر ‪3066‬م‪ ،‬جرى اإلعالن عن إنشاء مجلس أعلى للحوار االستراتيجي‬
‫للتنسيق والتعاون بين البلدين في كل المجاالت‪.1‬‬
‫كما تعد الزيارات المتبادلة والمتتالية للمسؤولين القيادين مؤش ار على مدى الجدية التي‬
‫يوليها األتراك للعالقة مع مصر‪ ،‬خاصة في هذه المرحلة‪ ،‬فبعد أقل من شهر على اإلطاحة‬
‫بمبارك توجه الرئيس التركي عبد اهلل غول إلى القاهرة إلبداء التضامن والدعم ليكون بذلك أول‬
‫رئيس دولة يزور مصر بعد االنتفاضة‪ .‬كما زار في أواخر سبتمبر ‪3063‬م الرئيس المصري‬
‫محمد مرسي تركيا وشارك في مؤتمر الحزب الحاكم السنوي‪ ،‬والتقى برئيس الحكومة التركية‬
‫رجب طيب أردوغان الذي قام بدوره بزيارة مصر في نوفمبر ‪3063‬م مع وفد يضم ‪ 60‬وزراء‬
‫و‪ 10‬حكوميا وأكثر من ‪ 300‬رجل أعمال تم التوقيع على ‪ 33‬اتفاقية ثنائية‪ .‬وعلى الصعيد‬
‫العسكري‪ ،‬أجرى الطرفان في ‪ 60‬أكتوبر ‪3063‬م مناورات بحرية وجوية مشتركة لمدة أسبوع‬
‫في شرق البحر المتوسط تحت عنوان "بحر الصداقة"‪ .‬وقد حلت مصر مكان إسرائيل في هذه‬
‫المناورات‪ .‬كما حرص الطرفان على عمليات التصنيع العسكري المشترك‪ ،‬وعلى االستفادة من‬
‫‪2‬‬
‫الخبرات المتبادلة في مجال التقنيات العسكرية‬
‫في حين‪ ،‬أبدت إسرائيل تخوفات من التأثيرات السلبية المحتمل أن تنجم عن االنتفاضة‬
‫على مسار العالقات المصرية –اإلسرائيلية‪ ،‬السيما فيما يتعلق باتفاقية كامب دافيد ‪Camp‬‬
‫‪* David‬ونمط السياسيات المصرية إزاء تطورات األوضاع في فليسطين‪ ،‬وهذا فضال عن‬
‫العالقات االقتصادية بين البلدين والتي يأتي على رأسها قضية تصدير الغاز المصري إلى‬
‫إسرائيل بأسعار تقل كثي ار عن األسعار العالمية‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬أشارت صحيفة جيروزاليم‬
‫بوست ‪ the jerusalem post‬اإلسرائيلية إلى أن إن نجاح المصريون في اإلطاحة بحسني‬

‫‪ - 1‬أحمد دياب‪" ،‬حرب باردة تركية‪ -‬إسرائيلية في الشرق األوسط"‪ ،‬جريدة الشرق األوسط‪ ،‬العدد ‪ 35 ،63350‬أكتوبر‬
‫‪.3062‬‬
‫‪"- 2‬مصر في السياسة الخارجية التركية ‪ ..‬واقع ما بعد الثورة واآلفاق المستقبلية"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫* في ‪ 63‬سبتمبر ‪ 6931‬م‪ ،‬تم التوقيع في الواليات المتحدة األمريكية على معاهدة سالم تاريخية بين إسرائيل ومصر‪ ،‬عرفت‬
‫باسم كامب دافيد‪ ،‬ودخلت حيز التنفيذ في ‪ 31‬مارس ‪6931‬م‪ .‬وقد صافح الرئيس المصري أنور السادات رئيس الوزراء‬
‫اإلسرائيلي مناحيم بينجن ‪ ، Menachem Begin‬وذلك برعاية الرئيس األمريكي جيمي كارتر ‪ . Jimmy Carter‬وتتضمن‬
‫االتفاقية وثيقتين‪ :‬األولى؛ تتناول أسس عالقة إسرائيل مع البالد العربية ومستقبل الضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬أما الثانية؛ فتحدد‬
‫أسس معاهدة السالم بين مصر واس ارئيل‪ .‬وقد استرجعت مصر بموجب هذه االتفاقية أرض سيناء وفق شروط تضبط وجود‬
‫قواتها فيها‪ ،‬ووافقت مصر على اقامة عالقة سالم دائم‪ ،‬وتطبيع العالقات سياسيا واقتصاديا وثقافيا مع اسرائيل‪ .‬كما تضمنت‬
‫المعاهدة السماح بمرور السفن قناة السويس‪ ،‬واالعتراف بمعابر تيران وخليج العقبة كممرات مائية دولية‪.‬‬
‫‪143‬‬
‫الفواعل الدولية و اإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫مبارك من شأنه أن يؤثر بشكل كامل على الوضع االستراتيجي إلسرائيل‪ ،‬وقد صرح وزير‬
‫الخارجية التركي أحمد داود أوغلوا أن إسرائيل حاولت تشويه االنتفاضة المصرية بربطها بالنظام‬
‫اإلي ارني في محاولة منها الختالق مشكلة إقليميه‪ ،‬وأضاف أنه إذا كانت إسرائيل تشعر بالتهديد‬
‫من التحرك نحو الديموقراطية في المنطقة فعليها – إذن‪ -‬أن تراجع سياستيها‪ ،‬وأردف قائالً‪ :‬أن‬
‫هذه السياسيات تساهم في فقدان إسرائيل لعالقاتها مع دول كانت تعتبر حليفة لها"‪. 1‬‬
‫لكن سرعان ما تلقت السياسة التركية انتكاسة كبيرة بعد تدخل الجيش المصري لعزل‬
‫الرئيس محمد مرسي‪ .‬وهو األمر الذي ندد به أردوغان كثي ار وصوال إلى إتهام إسرائيل بالوقوف‬
‫خلفه‪ .‬والواقع أن استفادة إسرائيل من عزل مرسي في سياق منافستها مع تركيا‪ ،‬ليس ألن مرسي‬
‫كان أكثر عداء إلسرائيل‪ ،‬بل ألن مصر كانت أكثر صداقة لتركيا‪ .‬غير أنه كان بإمكان‬
‫أردوغان المحافظة على هذه الصداقة مع الحكم الجديد في مصر لوال تغليبه الجوانب‬
‫األيديولوجية على االعتبارات السياسية و االستراتيجية‪ .2‬فقد شهدت العالقات المصرية‪ -‬التركية‬
‫خالل عام ‪3062‬م حالة من التوتر غير مسبوقة تجاوزت التصريحات الدبلوماسية ووصلت إلى‬
‫حد طرد السفراء وتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى القائم باألعمال وفرض قيود‬
‫مصرية على التأشيرات لألتراك‪ ،‬وتهديد بمراجعة االتفاقيات االقتصادية‪ ،‬إضافة إلى تأجيل‬
‫المناورات التي كانت ستجري بين الطرفين‪ ،‬ورفض الطرف المصري الطلب التركي بزيادة عدد‬
‫أفراد البعثة الدبلوماسية التركية في القاهرة وكل ذلك كان رد فعل على الموقف التركي الصريح‬
‫عن عزل مرسي واإلطاحة بحكم اإلخوان الذي نفذه الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي‪ ،‬و الذي‬
‫اتهمه أردوغان بالوقوف ضد إرادة الشعب المصري وضد اإلرادة الديمقراطية‪.3‬‬

‫‪ - 1‬محمد عبد القادر خليل‪ "،‬مصر وتركيا واسرائيل بعد ‪ 35‬يناير"‪ ،‬مختارات إسرائيلية‪ 61 ،‬فيفري ‪.3066‬‬
‫‪http://www.ahramdigital.org.eg/articles.aspx?Serial=649097&eid=7058‬‬
‫‪ - 2‬أحمد دياب‪ "،‬حرب باردة تركية‪ -‬إسرائيلية في الشرق األوسط" ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪ - 3‬فهمي شراب‪" ،‬العالقات المصرية التركية وتداعيات التراجع على الشأن الفلسطيني"‪ 61،‬فيفري ‪.3066‬‬
‫‪http://www.alzaytouna.net/permalink/50559.html‬‬

‫‪144‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫آف اق العالق ات‬
‫التركية – اإلسرائيلية‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫في الوقت الذي تحسنت فيه العالقات التركية بدول الجوار مع وصول حزب العدالة‬
‫والتنمية إلى السلطة في عام ‪2002‬م‪ ،‬وتطبيقه لسياساته الجديدة تصفير المشاكل‪ ،‬عرفت‬
‫العالقات بين تركيا واسرائيل فتو ار‪ .‬ورأى فيها بعض الباحثين وعلى رأسهم الباحث "عيران‬
‫عوديد"* بأنها أزمة حادة وتحوال‪ ،‬قد يؤدي إلى القطيعة‪ .‬في حين‪ ،‬يرى البعض اآلخر وعلى‬
‫**‬
‫بأنها ال تعدو أن تكون مجرد سوء تفاهم نتج عن الممارسات‬ ‫رأسهم الباحث "محمد نور الدين"‬
‫التي أزعجت الدبلوماسية التركية وأعطت لهذه األخيرة الفرصة‪ ،‬ألن تنأى بنفسها عن إسرائيل‬
‫في ظل حكومة اليمين واليمين المتطرفة بقيادة نتنياهو‪ ،‬وربما إلعطاء مصداقية لسلوكها‬
‫السياسي والدبلوماسي الجديد داخليا وخارجيا‪ .‬ومن هنا‪ ،‬اتضح لنا أنه من المهم البحث في‬
‫***‬
‫العالقات بين البلدين ‪.‬‬ ‫مستقبل‬
‫قبل محاولتنا استشراف مستقبل العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬سوف نتطرق لطبيعة‬
‫هذه العالقات‪ .‬فقد جاءت كتابات المختصين متضاربة بشأن تحديد طبيعة العالقات التركية –‬
‫اإلسرائيلية‪ .‬فهناك من صنفها في مستوى األحالف‪ ،‬وهناك من توصل في تحليله إلى أن‬
‫العالقات عادية بين الدولتين‪ ،‬وهناك اتجاه ثالث أدرجها ضمن االنحيازات االستراتيجية‪.1‬‬
‫تعتبر تركيا من أكثر الدول إدراكا لعمق وأهمية مكانتها ‪ -‬الجيو استراتيجية‪ .‬وعلى هذا‬
‫األساس‪ ،‬تعاملت مع جميع القوى الفاعلة من خارج أو داخل منطقة الشرق األوسط‪ .‬ومن خالل‬
‫إدراك تركيا ألهدافها االستراتيجية عموما‪ ،‬ومع إسرائيل خصوصا‪ ،‬كانت تركيا تنظر لذاتها على‬
‫أنها الدولة التي ال تماثلها في الشرق األوسط سوى إسرائيل‪ ،‬التي تتشابه معها في كثير من‬
‫السمات‪ .‬منها أن كل منهما محاط بدول تنخرط معها في عالقات تصارعيه مثل سوريا‪،‬‬
‫العراق‪ ،‬أرمينيا‪ ،‬روسيا‪ ،‬بلغاريا‪ ،‬واليونان‪ ،‬واسرائيل محاطة أيضا بالدول العربية‪ .‬كما أن كل‬
‫منهما يقع في الشرق‪ ،‬ولكنهما تتوجهان إلى الغرب‪.2‬‬
‫*‬
‫رئيس معهد أبحاث األمن القومي اإلسرائيلي وسفير إسرائيل األسبق في األردن‪.‬‬
‫**‬
‫كاتب وباحث لبناني مختص في الشؤون التركية‪.‬‬
‫***‬
‫أول من توصل إلى اصطالح دراسة المستقبل هو المؤرخ األلماني أوسيب فلنختاهيم ‪ Oosib Vlnkhtahim‬عام ‪0390‬م‪ ،‬تحت‬
‫اسم "‪ "Futurology‬وهو االسم الشائع للدراسات المستقبلية في اللغة اإلنجليزية‪ ،‬ويقابله المصطلح الفرنسي"‪ "Prospective‬للعالم‬
‫جاستون برجيه ‪ ،Gaston Berger‬ويطلق عليها أحيانا اسم "‪"a Future Studies‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.309‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬خالد فياض‪ "،‬العالقات التركية اإلسرائيلية من تشيللر إلى أربكان"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬يوليو ‪ 02 ،0331‬ديسمبر ‪.2009‬‬
‫‪http://ahramonline.org.eg/articles.aspx?Serial=218843&eid=246‬‬

‫‪146‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫استغلت إسرائيل توتر العالقات التركية ‪ -‬العربية‪ ،‬ونجحت في بناء عالقات ذات طابع‬
‫استراتيجي مع تركيا‪ ،‬عوضتها عن العزلة اإلقليمية الناجمة بشكل أساسي عن حالة الصراع‬
‫الدائر مع الدول العربية‪ .‬ولقد انطلقت النخب العلمانية التي توالت على حكم تركيا‪ ،‬سواء‬
‫العسكرية أو المدنية من افتراض مفاده أن تعزيز العالقة مع الغرب‪ ،‬وتحديدا مع الواليات‬
‫المتحدة األمريكية يستدعى ابتداء توثيق العالقة مع إسرائيل‪ .1‬عالوة على ذلك‪ ،‬يعتقد األتراك‬
‫أن إلسرائيل نفوذ ال يستهان به داخل الواليات المتحدة‪ ،‬وأنه بإمكان تل أبيب تحييد جماعات‬
‫الضغط اليونانية واألرمينية المعادية لتركيا في واشنطن‪ .‬وبالنسبة إلسرائيل مد اليد إلى تركيا‬
‫كان عالمة على الصداقة مع دولة إسالمية مهمة في المنطقة‪ ،‬على الرغم من البيئة العربية‬
‫واإلسالمية المعادية‪ .‬وعلى الرغم من النزاع مع الفلسطينيين‪ ،‬كانت إلسرائيل مصلحة قوية‬
‫الحتواء البعد الديني في النزاع مع العرب‪ ،‬وعالقاتها الجيدة مع تركيا خدمت هذا االتجاه‪.‬‬
‫منظومة العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية تحولت إلى حقيقة مهمة في الشرق األوسط في فترة ما‬
‫بعد الحرب الباردة‪ .‬وخالفا لماضي الدولتين القويتين في الشرق األوسط‪ ،‬ظهرتا بأجندة‬
‫استراتيجية متماثلة ومتشابهة وتعاون وطيد بنيهما‪ 2.‬فالعالقات الدبلوماسية تطورت وارتقت إلى‬
‫مستوى السفراء‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬شهدت العالقات االقتصادية ازدها ار غير مسبوق‪ .‬كما‬
‫تصنف تركيا كهدف للسياحة رقم واحد بالنسبة لإلسرائيليين‪ .‬وأكثر من ذلك‪ ،‬تم التوقيع على‬
‫س لسلة من االتفاقيات العسكرية أسهمت في توسيع نطاق التعاون االستخباراتي الذي كان قائما‬
‫قبل ذلك‪ ،‬وبدأت مناورات عسكرية مشتركة بين الجانبين‪ ،‬وتعزز التعاون العسكري في مجاالت‬
‫كثيرة‪.3‬‬
‫ومن خالل تتبعنا لمسار العالقات التركية – اإلسرائيلية وقراءتنا المعمقة للموضوع‪،‬‬
‫ي مكن أن نالحظ أن هذه العالقات ال ترقى إلى مستوى التحالفات التي عهدناها في تاريخ‬
‫العالقات الدولية‪ .‬فهي تفتقد لمقومات الحلف على غرار القيادة الموحدة‪ ،‬األجهزة والمؤسسات‬
‫الرسمية الدائمة وقوات مشتركة باإلضافة إلى انعدام تصورات دقيقة ومحددة للمخاطر‬

‫‪ -1‬صالح النعامي‪" ،‬العالقات التركية – اإلسرائيلية بعد االعتذار‪ :‬بين التقاء المصالح وتعارضها"‪ 0 ،‬جانفي ‪.2003‬‬
‫‪http://www.naamy.net/view.php?id=1258‬‬
‫‪ -‬افرايم ليفني‪ ،‬الشراكة االستراتيجية الجديدة بين إسرائيل وتركيا‪ ،‬مركز بيغن للدراسات االستراتيجية‪ ،‬ترجمة‪ :‬مركز الناطور‬ ‫‪2‬‬

‫للدراسات واألبحاث‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬يوليو ‪ ،2002‬ص ص ‪.6-5‬‬


‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪147‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫المشتركة‪ 1‬فاألحالف هي إحدى األدوات التي تلجأ إليها الدول كإطار لتنسيق أنشطتها من أجل‬
‫تحقيق أهداف مشتركة ال تستطيع أي منها تحقيقها منفردة‪ .‬فتكوين حلف دولي‪ ،‬قد يتيح للدولة‬
‫أن تزيد من مقدرتها العسكرية بتدخل الحلفاء إلى جانبها في حالة وقوع عدوان خارجي‪ .‬كما أنه‬
‫قد يؤدي إلى ردع المعتدى المحتمل بدفعه إلى االعتقاد أن الدولة لن تكون وحدها في حالة‬
‫‪2‬‬
‫نشوب حرب‪.‬‬
‫ومن خالل هذا‪ ،‬يتضح لنا أنها تندرج ضمن العالقات االستراتيجية التي ال ترقى إلى‬
‫تحالفات رسمية؛ بمعنى أنها عبارة عن انحياز استراتيجي متكامل‪ ،‬كون العالقات التي تجمع‬
‫بينهما تتمثل في أغلبها في عقود تجارية سواء كانت عسكرية أو مدنية‪ .‬فهي عالقات تشمل كل‬
‫القطاعات‪ ،‬واستفادة متبادلة من األوراق التي يحوزها كل طرف‪ ،‬وغالبا ما تعقبها التزامات‬
‫ضعيفة ال ترقي إلى مشاركة بعضهما البعض في حرب ضد طرف ثالث‪ .‬كما أن كل من تركيا‬
‫واسرائيل ال يربطهما اتفاق عسكري رسمي يؤسس لهذا األمر‪ ،‬والذي يعتبر جزء ال يتج أز من‬
‫أسس التحالف‪ .3‬وهذا ما ذهب إليه البروفيسور "أفرايم عنبار" المدير السابق لمركز بيجن‬
‫للدراسات االستراتيجية عن هذا التوصيف في دراسة مهمة قدمها عام ‪2000‬م حيث قال‪:‬‬
‫إن التقارب بين إسرائيل وتركيا بهذا المستوى ال يمكن اعتباره تحالفا عسكريا بالمعنى التقليدي ألن أحدهما لن‬
‫يهب للدفاع عن اآلخر‪ ،‬ومع ذلك فالعالقة الحالية بين تركيا واسرائيل يمكن تسميتها شراكة استراتيجية‪ ،‬بما‬
‫تعكس تقاربا في الرؤى بخصوص مدى واسع من القضايا العالمية واإلقليمية فالدولتان تتقاسمان قلقا متماثال‬
‫تجاه سوريا‪ ،‬وانتشار أسلحة الدمار الشامل‪ ،‬وتمدد الراديكالية اإلسالمية‪ ،‬وقلقا بخصوص السياسات العدائية‬
‫المحتملة من إيران والعراق والمصير الجيوبولوتيكي لوسط آسيا‪ ،‬وعلى المستوى العالمي فإنهما يبديان توجها‬
‫قويا مواليا للواليات المتحدة‪." 4‬‬
‫وهذه الشراكة تتضح أكثر في المجالت العسكرية – األمنية‪ ،‬حيث نلمس المصالح‬
‫المشتركة بين الدولتين واستنادها إلى جملة من األهداف التي هي ‪ -‬في الغالب‪ -‬أهدافا متبادلة‬
‫وليست بالضرورة متطابقة فمثال تسعى تركيا إلى تحديث سالحها وتطويره واكتساب التكنولوجيا‬
‫الدفاعية‪ .‬بينما إسرائيل تركز اهتمامها على فتح المجاالت الجوية‪ ،‬البرية والبحرية التركية أمام‬
‫قواتها إلجراء التدريبات والمناورات‪ ،‬باإلضافة إلى ضمان تسويق منتجاتها العسكرية‪ .‬على‬

‫‪ -‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.309‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬محمد السيد سليم‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.213‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.303 -309‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬سعيد عكاشة و محمد عبد القادر‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.00‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪148‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫أساس أن الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬ال تمانع في ذلك إذا كان الزبون يتمثل في تركيا‪ ،‬وهذا ال‬
‫ينفي البتة الطبيعة االستراتيجية للعالقات بينهما في القطاعات المدنية‪ ،‬ولو أنها تبقى ثانوية‬
‫بالمقارنة مع القطاعات العسكرية‪ .1‬كما أن دور الواليات المتحدة األمريكية في دعم العالقات‬
‫التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬يؤكد البعد االستراتيجي لعالقات البلدين لما يمثالنه من أهمية استراتيجية‬
‫لوا شنطن‪ ،‬فهي تحرص على عدم تدهور عالقات الدولتين للحفاظ على التوازن االستراتيجي في‬
‫المنطقة في ظل حالة السيولة التي تمر بها العديد من دول المنطقة بعد انتفاضات الربيع‬
‫العربي‪.2‬‬
‫فضال عن ذلك‪ ،‬فإن خيار تركيا االحتفاظ بهذا المستوى من العالقات حتى تحصل على‬
‫قدر متزايد من الحرية يسمح لها ذلك الحقا بإقامة عالقات صداقة مع أعدائها إلى ذلك‪ 3.‬وهذا‬
‫ما يجسده منهج تركيا في السياسة الخارجية منذ تولي حزب العدالة و التنمية لمقاليد الحكم في‬
‫‪4‬‬
‫البالد‪ ،‬وهو تصفير المشاكل مع دول الجوار كما حدث مع سوريا‪ ،‬العراق‪ ،‬إيران‪ ،‬أرمينيا‪.‬‬
‫ضف إلى ذل ك‪ ،‬أن هذا النوع من العالقات يمنح تركيا االنسحاب منها وتجميدها عندما تدعو‬
‫مصلحتها لذلك‪ 5.‬فعلى خالف عقد التسعينيات من القرن العشرين والذي اتسم بنمو متسارع في‬
‫العالقات التركية – اإلسرائيلية على كافة األصعدة السياسية واالقتصادية والعسكرية – األمنية‪،‬‬
‫شهد العقد األول من القرن الواحد والعشرين العديد من األزمات بين البلدين وصلت ألوجها‬
‫خالل عام ‪ 2003‬م وصوال إلى تهديد من جانب تركيا بقطع العالقات نهائيا مع إسرائيل على‬
‫‪6‬‬
‫خلفية حادث الهجوم الذي شنته هذه األخيرة على أسطول الحرية‪ .‬وفي ظل هذه األحداث‪،‬‬

‫‪ -‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.305‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬أحمد سيد أحمد‪ "،‬تركيا واسرائيل‪ ..‬هل انتهى التحالف االستراتيجي؟"‪ ،‬سبتمبر ‪ 02 ،2000‬ديسمبر ‪.2009‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=631760&eid=45‬‬
‫‪ -‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.306‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬أحمد سيد أحمد‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.306‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬سعيد عكاشة و محمد عبد القادر‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.5‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪149‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫سوف نحاول في هذا الفصل استشراف مستقبل العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية من خالل توظيفنا‬
‫لتقنية السيناريو*‪.‬‬

‫من بين أهم التقنيات المستعملة في الدراسات االستشرافية والمستقبلية‪ ،‬وهذه التقنية ال تحدد بدقة متى وكيف تحدث ظاهرة‬ ‫*‬

‫معينة في المستقبل‪ ،‬ولكنها تحاول تحديد المسارات العامة للظواهر االجتماعية والمتغيرات المتحكمة في كل مسار من هذه‬
‫المسارات‪ ،‬والسيناريو هو عبارة عن طريقة تحليلية احتمالية تمكن من تتبع المسار العام لتطور األحداث والظواهر‪ ،‬انطالقا من‬
‫وضعها وحالتها الحالية‪ ،‬وصوال إلى رصد سلسلة من التوقعات المستقبلية لهذه األحداث والظواهر‪ ،‬أما من حيث أنواع وأصناف‬
‫السيناريوهات‪ ،‬فتجمع أبرز مدارس الدراسات المستقبلية على تقسيمها إلى ثالثة أنواع وهي‪:‬‬
‫السيناريو االتجاهي أو الخطي‪ :‬وهو السيناريو الذي يفترض استمرار الوضع الحالي على تطور الظاهرة محل الدراسة في‬
‫المستقبل‪ ،‬وهذا يستلزم استمرار نوعية ونسبية المتغيرات التي تتحكم في الوضع الراهن للظاهرة‪ ،‬وهنا يتعلق األمر بعملية اسقاط‬
‫خطي ‪ Projecton Lineaire‬التجاه وصورة الظاهرة في الحاضر على المستقبل‪.‬‬
‫االتجاه اإلصالحي‪ :‬يركز هذا السيناريو على حدوث تغيرات واصالحات على الوضعية الحالية للظاهرة موضوع الدراسة‪ ،‬وهذه‬
‫اإلصالحات الكمية والنوعية قد تحدث كذلك ترتيبا جديدا في أهمية ونوعية المتغيرات المتحكمة في تطور الظاهرة‪ ،‬وكل ذلك‬
‫يؤدى في نهاية المطاف إلى تحقيق تحس ن في اتجاه الظاهرة مما يسمج من بلوغ األهداف ال يمكن تحقيقها في الوضع الحالي‬
‫للظاهرة‪.‬‬
‫السيناريو التحولي أو الراديكالي‪ :‬يتم االعتماد في إطار هذا السيناريو على حدوث تحوالت راديكالية عميقة في المحيط‬
‫الداخلي والخارجي للظاهرة‪ ،‬وهي المتغيرات التي تحدث تمزقا أو قطيعة مع المسارات واالتجاهات السابقة للظاهرة‪ ،‬ويقوم هذا‬
‫السيناريو على التطورات والقفزات الفجائية التي قد تط أر على بيئة الظاهرة‪ ،‬وفي هذه الحالة تؤخذ بعين االعتبار المتغيرات قليلة‬
‫االحتمال‪ ،‬لكنها عندما تحدث فإنها تغير المسار العام للظاهرة جذريا‪ .‬أنظر‪ :‬ساحلي‪ ،‬مبروك ‪ "،‬مناهج وتقنيات الدراسات‬
‫‪www.academia.edu/5565763/003‬‬ ‫المستقبلية وتطبيقاتها في التخطيط"‪،‬‬
‫‪150‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫المبحث األول‬
‫سيناريو الوضع القائم‬
‫ينطلق هذا السيناريو من فرضية استمرار الوضع القائم‪ ،‬الذي يتسم بتراجع مستوى‬
‫العالقات التركية – اإلسرائيلية‪.‬‬
‫إنحسار نفوذ المؤسسة الع سكرية في تركيا حامية النظام العلماني‪ ،‬والتي كانت دافعا قويا‬
‫ومهما لتطبيع العالقة مع إسرائيل‪ .‬كما أن ق اررات المحكمة التي صدرت خالل عام ‪2002‬م‬
‫ضد ‪ 965‬جنيراال وضابطا بعد خطط االنقالبات الفاشلة على حكومة العدالة والتنمية‪ ،‬تمثل‬
‫نقطة تحول كبرى في طبيعة العالقة بين العسكريين والحياة السياسية مما أفقد اسرائيل حليفا‬
‫قويا داخليا في تركيا ‪.1‬‬
‫أزمة الثقة بين تركيا واسرائيل تلقي بظاللها على العالقات بينهما بسبب ما توارد من‬
‫معلومات حول وقوف إسرائيل وراء تفجيرات حزب العمال الكردستاني التي تزامنت مع العدوان‬
‫اإلسرائيلي على أسطول الحرية‪ ،‬والعمل على تحريك األكراد للنيل من استقرار تركيا والمساس‬
‫بأمنها القومي‪ .‬باإلضافة إلى المعارضة الشعبية التركية إلسرائيل‪ ،‬فقد أدى مقتل تسعة من‬
‫المواطنين األتراك على أيدى الكوماندوز اإلسرائيليين ‪ -‬وقبلها الحرب على عزة‪ -‬إلى بناء‬
‫حاجز نفسي كبير‪ ،‬وخلق هوة بين الشارع التركي واسرائيل‪ .‬وهو ما يجعل‪ -‬من الصعب‪-‬‬
‫على أية حكومة تركية أن تعود بعالقاتها مع تل أبيب إلى مستواها المتميز‪ ،‬السيما حكومة‬
‫حزب العدالة والتنمية‪ ،‬ألنها جاءت من خارج مؤسسة الحكم التقليدية وتتعامل بحساسية كبيرة‬
‫مع توجهات الشعب الذي هو سندها الرئيسي فهناك كراهية عامة تجتاح تركيا ضد إسرائيل‪.‬‬
‫وبالنظر إلى توجهات الرأي العام التركي‪ ،‬يمكن بسهولة مالحظة أن رئيس الوزراء التركي رجب‬
‫طيب أردوغان يحظى بأعلى نسبة تأييد لدى األتراك‪ ،2‬خاصة بعد مواقفه الداعمة للقضية‬
‫الفلسطينية‪ .‬حيث يشير استطالع أجرته شركة متروبول لإلحصاء بأن‪ %09‬من األتراك يرون‬
‫أن موقف رئيس الحكومة غير سليم‪ ،‬ورأى ‪ %15‬أن أردوغان شخص مستقيم وموثوق ‪20‬‬
‫‪%‬أنه قوي وصاحب قرار و‪ %10‬أنه ديموقراطي وحر‪.3‬‬

‫‪ -1‬طارق عبد الجليل‪" ،‬الساسة والعسكر في تركيا‪ :‬واقع العالقة ومآلها"‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪ 06 ،‬أكتوبر ‪ ،2002‬ص ص‬
‫‪.6-3‬‬
‫‪ -2‬فاتن نصار‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.059‬‬
‫‪ -3‬شيماء أحمد منير‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪151‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫طورت حكومة حزب العدالة والتنمية سياسيات خارجية جديدة للتقارب مع العالمين‬
‫العربي واإلسالمي‪ .‬ولعل التطورات في مسار القضية الفلسطينية ومواقف قادة حزب العدالة‬
‫والتنمية ضد إسرائيل‪ ،‬زادت من شعبية الحزب لدى المواطنين األتراك‪ .‬حيث كشفت‬
‫استطالعات الرأي الذي أعدته مؤسسة "تساف" التركية في جانفي ‪2000‬م عن أن ‪ %30‬من‬
‫األتراك يرون في إسرائيل العدو األول لتركيا‪ .‬وهو مؤشر ذو داللة في سياق تحول اإلدراك‬
‫الشعبي وتأثره باستراتيجيات حزب العدالة والتنمية‪ .1‬كما أن البنية الشعبية الداعمة لحزب العدالة‬
‫والتنمية هي ذات صبغة إسالمية وأغلب جماهير العدالة والتنمية تدعم التوجهات التركية تجاه‬
‫تطبيع العالقات مع البلدان العربية واالسالمية‪ ،‬والسيما القضية الفلسطينية‪ ،‬وتقليل حجم‬
‫‪.2‬‬
‫العالقات والتعاون مع إسرائيل‪ ،‬مما يجعل قادة حزب العدالة و التنمية أمام ضغط شعبي كبير‬
‫وما هو متعارف‪ ،‬أن تركيا عرضت على إسرائيل ثالثة مطالب إلنهاء أزمة أسطول‬
‫الحرية‪ ،‬وتمت االستجابة لشرط االعتذار في شهر مارس ‪2009‬م‪ ،‬واليزال النقاش قائما حول‬
‫مطلب التعويضات‪ ،‬فضال عن إصرار الحكومة التركية على شرطها الثالث بإزالة الحصار‬
‫المفروض على قطاع غزة‪ .3‬وفي هذا الصدد‪ ،‬صرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان‬
‫في فيفري ‪2003‬م‪ ،‬إنه ألجل إعادة تطبيع العالقات بين تركيا واسرائيل‪ ،‬طالب الحصول على‬
‫تعهدات خطية من الجانب اإلسرائيلي برفع الحصار عن قطاع عزة كشرط لذلك‪ .‬كما أكد‬
‫أردوغان خالل مؤتمر صحفي في أنقرة والى جانبه رئيس الوزراء اإلسباني "مارينو راخوي" أن‬
‫المفاوضات مع إسرائيل لتعويض عائالت ضحايا سفينة مرمرة‪ ،‬وتطبيع العالقات بين البلدين‬
‫حققت تقدما ولكنها لم تنته بعد‪ ،‬وذكرت صحيفة هآرتس االسرائيلية في تقرير لها أن إسرائيل‬
‫عرضت تعويضات بقيمة ‪ 20‬مليون دوالر لعائالت الضحايا والمصابين األتراك على متن‬
‫سفينة مرمرة‪ ،‬بينما كان رئيس الوزراء نتنياهو‪ ،‬قد أوصى طاقم مفاوضاته برفع المبلغ إلى ‪29‬‬
‫مليون دوالر إذا تطلب األمر ألجل تطبيع العالقات مع تركيا في المقابل تتعهد الحكومة التركية‬
‫بسن قانون يلغي أية دعاوى قضائية ضد جنود وضابط الجيش اإلسرائيلي عقب العملية على‬

‫‪ -1‬طارق عبد الجليل‪" ،‬دبلوماسية أردوغان‪ :‬تأثير الورقة الخارجية في نتائج االنتخابات التركية"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،96‬العدد ‪ ،025‬يوليو ‪ ،2000‬ص ‪.003‬‬
‫‪ .-2‬فاتن نصار‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.059‬‬
‫‪ -‬حلمي موسى‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪152‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫سفينة مرمرة‪ .‬بينما ال يزال الخالف قائما حول الشرط الثالث الذي ترفض إسرائيل االلتزام به‪،‬‬
‫وهو توقيع تعهد خطي برفع الحصار عن غزة‪.1‬‬
‫وتشير معظم المؤشرات والتصريحات التركية في "مرحلة ما بعد االعتذار" إلى أن أنقرة‬
‫ليست في عجلة من أمرها‪ ،‬وأن تحسن العالقات مع إسرائيل سيستغرق "بعض الوقت"‪ ،‬وتشير‬
‫الكتابات الرئيسية في صحف تركية عديدة مقربة من الحكومة التركية إلى ضرورة أن يكون‬
‫التفاؤل حيال مستقبل العالقات بين البلدين مشوبا بالحذر‪ ،‬ال سيما أن مطلب رفع الحصار عن‬
‫قطاع غزة مطلب أساسي بالنسبة لتركيا‪ .‬وثمة تصريحات إسرائيلية تشير إلى أن أي اتفاق مع‬
‫تركيا لن يفضي إلى إنهاء الحصار البحري على القطاع‪ ،‬في حين أن أزمة العالقات ارتبطت‬
‫باألساس بمحاولة مواطنين أتراك إنهاء هذا الحصار‪.2‬‬
‫بقاء الوضع الراهن هو االختيار األمثل بالنسبة لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان‪ .‬فهو‬
‫ال يريد المصالحة مع إسرائيل قبل موعد االنتخابات الرئاسية المرتقبة‪.3‬‬
‫فقد جاءت مواقف تركيا من نقد السياسات اإلسرائيلية في سياق انفتاح تركي تجاه العالم‬
‫العربي واإلسالمي منذ وصول حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان إلى رئاسة‬
‫الحكومة التركية‪ .‬وكان من أبرز هذه المؤشرات الرفض التركي للمشاركة في الغزو األمريكي‬
‫ضد العراق‪ .‬حيث اتخذت تركيا موقفا متفقا مع المواقف العربية في رفض تقسيم العراق‬
‫وضرورة الحفاظ على أراضيه‪ .4‬وقد سعت تركيا إلى تحقيق االستقرار اإلقليمي حتى في قضايا‬
‫لم تكن طرفا مباش ار فيها‪ ،‬وحافظت على عالقات جيدة مع كل الدول العربية‪ .‬كما استمر‬
‫التنامي في العالقات التركية‪ -‬العربية على الصعيد االقتصادي وشهد حجم التجارة المتبادل‪،‬‬
‫كما االستثمارات‪ ،‬نموا ملحوظا‪ ،5‬فقد كشف وزير االقتصاد التركي األسبق ظفر تشاغاليان أن‬
‫حجم التبادل التجاري بين تركيا والدول العربية ارتفع من ‪ 5‬مليارات دوالر عام ‪2002‬م إلى ‪55‬‬
‫مليار دوالر عام ‪2000‬م‪ ،‬فيما ذهب ربع حجم الصادرات التركية عام ‪2002‬م إلى الدول‬

‫‪" -1‬أردوغان‪ :‬رفع الحصار عن غزة كشرط لتطبيع العالقات مع إسرائيل"‪ 9 ،‬مارس ‪.2003‬‬
‫‪http://www.i24news.tv/ar/%D8%A3%D8%AE‬‬
‫‪ -2‬محمد عبد القادر خليل‪ "،‬ما بعد اإلعتذار‪ :‬األبعاد السياسية النصر الدبلوماسي التركي على إسرائيل"‪ 9 ،‬مارس ‪.2003‬‬
‫‪http://www.cdi-iran.org/book.php?id=7605&print=yes‬‬
‫‪ -3‬حلمي موسى‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪ -4‬عبد الحميد الكيالي( محرر)‪ ،‬إسرائيل ومستقبلها حتى عام ‪5102‬م‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬مركز دراسات الشرق األوسط‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،2002 ،‬ص ‪.911‬‬
‫‪ -5‬أحمد يوسف أحمد ونفين مسعد ( محرران)‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.23-22‬‬
‫‪153‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫العربية‪ .‬كما ارتفع حجم االستثمار من الدول العربية في تركيا من ‪ 5‬مليارات دوالر عام‬
‫‪2002‬م إلى ‪ 3‬مليارات دوالر عام ‪2002‬م‪.1‬‬
‫كما أن محاولة تركيا خالل عام ‪2000‬م تكوين اتحاد شرق أوسطي بزعامتها أثار‬
‫مخاوف إسرائيل‪ ،‬وظهرت بدايتها بتوقيع اتفاقية إلنشاء منطقه للتجارة الحرة تضم كال من سوريا‬
‫ولبنان واألردن ومنفتحة على البلدان األخرى يتم خاللها تطبيق قوانين موحدة لتعزيز التكامل‪،‬‬
‫فضال عن إلغاء التأشيرات بين هذه البلدان لتعزيز التعاون المشترك في جميع القطاعات‬
‫بينهم‪ .2‬وفي مقابل ذلك‪ ،‬زاد اهتمام إسرائيل بدول البلقان (بلغاريا‪ ،‬رومانيا‪ ،‬وكرواتيا‪ ،‬اليونان‬
‫وقبرص)‪ ،‬وبالتحديد مع التوتر المتصاعد في العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية الذي وصل إلى‬
‫ذروته في نهاية ماي‪2000‬م‪ ،‬مع االقتحام اإلسرائيلي ألسطول الحرية‪ .‬ولكن الملفت للنظر هو‬
‫ذلك التطور في العالقات اإلسرائيلية – اليونانية‪ .‬وهو ما ينسحب أيضا على عالقة إسرائيل‬
‫وقبرص*‪ .‬فقد قام رئيس الحكومة اإلسرائيلية بنيامين نتنياهو بزيارة "أثينا" ‪ Athènes‬ليؤسس‬

‫‪ -1‬محمد شيخ يوسف‪" ،‬افتتاح االجتماع التركي العربي األول لوزراء االقتصاد والتجارة و االستثمار بدعوات لتفعيل التعاون‬
‫‪http://www.alquds.co.uk/?p=87615‬‬ ‫بين الجانبين" ‪ 00،‬جانفي ‪،2003‬‬

‫‪ -2‬أحمد يوسف أحمد ونفين مسعد ( محرران)‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫األزمة القبرصية عام ‪ 0360‬م بعد انسحاب القوات البريطانية منها‪ ،‬وأخذ التنافس بين تركيا واليونان على هذه المنطقة‪،‬‬ ‫*‬

‫فتم رفع القضية إلى األمم المتحدة عام ‪0369‬م‪ .‬وكان موقف الدول العربية ضد تركيا‪ ،‬بينما اتخذت الدول األوروبية موقفا‬
‫محايدا‪ ،‬فطرحت األمم المتحدة مشروع برقم ‪ ،2011‬والذي يدعو إلى حق الجمهورية القبرصية بالسيادة الكاملة وكانت جميع‬
‫األقطار األوروبية والعربية مؤيدة للمشروع‪ ،‬وحتى إسرائيل تدعو إلى ضم قبرص إلى اليونان‪ ،‬وكان ذلك صدمة لتركيا‪ .‬وازداد‬
‫الصراع عام ‪0313‬م عندما احتلت تركيا جزءا كبي ار من قبرص‪ ،‬إال أن األزمة ظهرت بوضوح أكثر عام ‪0332‬م‪ ،‬عندما قررت‬
‫اليونان شراء الصواريخ الدفاعية الروسية (‪ 0‬س ـ ‪)900‬؛ وذلك لتكون قوة مضادة للطائرات التركية التي تنتهك أجواء شمال‬
‫قبرص‪ .‬وقد حاول االتحاد األوروبي إجراء مفاوضات عام ‪0332‬م بين تركيا والحكومة القبرصية_ اليونانية‪ ،‬إال أن رؤوف‬
‫دنكتاش ‪ Rauf Raif Denktaş‬زعيم القبارصة األتراك‪ ،‬رفض ذلك وانسحب من المفاوضات ووضع شروطا للعودة إلى‬
‫المفاوضات‪ ،‬من بينها تحديد مسار الجمهورية الشمالية لقبرص التركية‪ .‬وتم في السنة ذاتها عقد بروتوكوال بين تركيا وجمهورية‬
‫شمال قبرص التركية‪ ،‬وجرت المفاوضات مجددا عام ‪0332‬م‪ ،‬إال أن تركيا رفضت المشاركة؛ بسبب مشاركة مندوبي من‬
‫القبارصة اليونان وهدد دنكتاش بضم شمال القبرص إلى تركيا في حال ضم الجزء القبرصي_ اليوناني إلى االتحاد األوروبي‪،‬‬
‫وأعد أن انضمامها يعتبر انتهاكا التفاقية ‪0330‬م‪ ،‬التي تم االتفاق بين القبارصة اليونان واألتراك على قيام جمهورية شمالي‬
‫قبرص‪ ،‬وعبر هذا االتفاق ال يمكن للجزيرة االنضمام ألي منظمة دولية ما لم تكن تركيا واليونان أعضاء بها‪ .‬إال أن قبرص‬
‫اليونانية انضمت إلى االتحاد األوروبي عام ‪0339‬م مما أعطاها ذلك وضعاً ممي اًز ومختلفاً عن قبرص التركية‪ .‬إال أن تركيا‬
‫وصفت هذا االنضمام بأنه غير قانوني‪ .‬وبعد وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة عمل أردوغان على إجراء محادثات مباشرة‬
‫في عام ‪2002‬م‪ ،‬بهدف حل الخالف الدائم بينهما‪ .‬ويرى األتراك أن وجود دولتان تكنان العداء لتركيا‪ ،‬وهما‪ :‬اليونان وقبرص‬
‫اليونانية‪ ،‬وتملكان حق النقض‪ ،‬يجعل موقف تركيا لالنضمام الى االتحاد األوروبي صعباً‪ ،‬ويعزز من الموقف الرافض‬
‫‪154‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫لعالقة جديدة تقوم على التعاون األمني واالقتصادي‪ .‬وقد أعقب هذه الزيارة زيارة قام بها وزير‬
‫الخارجية اإلسرائيلية ليبرمان إلى أثينا في جانفي ‪2000‬م‪ ،‬التي عكست أيامها الخمسة ولقاءاته‬
‫الرفيعة (رئيس الدولة ورئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير الدفاع‪ ...‬الخ) حجم التطور الجديد‬
‫في العالقات بين الدولتين‪.1‬‬
‫هناك أسباب عديدة تفسر التحول الجذري في موقف اليونان تجاه إسرائيل‪ ،‬من بينها‬
‫تدهور العالقات بين إسرائيل وتركيا في أعقاب أحداث أسطول الحرية‪ .‬فتركيا التي كانت من‬
‫أوثق حلفاء إسرائيل‪ ،‬كانت عدوا لليونان‪ .‬وهذا ما دفع النخب الحاكمة في كل من تل أبيب‬
‫وأثينا إلى استغالل هذه األحداث لفتح صفحة جديدة في العالقات بينهما‪ .‬فقد كان اإلسرائيليون‬
‫يبحثون عن بدائل تعوضهم ما خسروه‪ ،‬جراء تراجع التعاون العسكري الذي كان يربط أنقرة بتل‬
‫أبيب‪ ،‬السيما التدريبات الجوية والتعاون االستخباري‪ ،‬وعوائد صفقات بيع السالح وغيرها‪.‬‬
‫فصغر مساحة إسرائيل‪ ،‬جعلها دائما تلجأ إلى تركيا تحديدا إلجراء التدريبات الجوية الهامة‪،‬‬
‫السيما أن القيادة اإلسرائيلية في تلك الفترة‪ ،‬كانت تضع خيار توجيه ضربة عسكرية للمنشآت‬
‫النووية اإليرانية‪ .‬كأحد الخيارات الرئيسة في التعامل مع البرنامج النووي اإليراني‪ ،‬في حين‬
‫وجدت اليونان في هذا التطور مناسبة الستغالل العالقات مع إسرائيل لمواجهة األزمة‬
‫االقتصادية التي كانت تعصف بها‪ ،‬وتفاقمت حتى بلغت مستويات خطيرة جدا‪ .‬وقد أدركت‬
‫إسرائيل أهمية العالقات مع أثينا وعوائدها االستراتيجية على إسرائيل‪ ،‬فأخذت تستغل تراث‬
‫العداء بين تركيا واليونان عبر التشديد على أهمية تطوير العالقات بين الجانبين للوقوف أمام‬
‫"األطماع" التركية‪ .‬وتشهد الباحثة اإلسرائيلية "أبيراما غوالن" بأن النخب اإلسرائيلية حرصت‬
‫على لفت أنظار المسؤولين اليونانيين م ار ار إلى ما جاء في كتاب وزير الخارجية التركية أحمد‬
‫داود أوغلو "العمق االستراتيجي" باعتباره دليل على توجهات أردوغان لبعث الدولة العثمانية في‬
‫نسختها الحديثة وأدواتها الجديدة‪ ،‬وأن كتاب أوغلو يمثل في الواقع "دليل العثمانيين الجدد"‬
‫الستعادة النفوذ القديم‪ .‬وال يتردد اإلسرائيليون في استغالل الرواسب التاريخية الناجمة عن وقوع‬

‫النضمام تركيا لالتحاد األوروبي‪ .‬لذا فإن األتراك حاولوا تخفيف هذا التوتر بين هذه األطراف وتركيا لمنع أية معارضة تجاه‬
‫االنضمام إلى التحاد األووربي من قبل هاتين الدولتين‪ .‬ولمزيد من المعلومات بهذا الخصوص راجع‪ :‬زينب أبو سنة‪ ،‬تركيا‬
‫اإلسالمية‪ :‬الحاضر ظل الماضي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الدار الثقافية للنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪.2006 ،‬‬

‫‪ -1‬محمد األرتاؤوط‪"،‬التغلغل اإلسرائيلي في دول البلقان"‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪ 2 ،‬جانفي ‪. 2003‬‬
‫‪http://studies.aljazeera.net/reports/2011/07/201172182055771805.htm‬‬
‫‪155‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫اليونان وبقية دول البلقان تحت الحكم العثماني لمئات السنين‪ .‬ويعترف السفير اإلسرائيلي في‬
‫بلغاريا "نحجال جالنر" بأن إسرائيل باتت تركز على اإلرث التاريخي والثقافي في تحفيز دول‬
‫البلقان بشكل عام للتعاون معها‪.1‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يرى األتراك أنه ال يحق لقبرص اليونانية أن تنقب عن الغاز في‬
‫المياه اإلقليمية للجزيرة من دون التوافق مع قبرص الشمالية‪ .‬إذ عدا عن كون ذلك انتهاكا‬
‫لحقوق الشطر الشمالي‪ ،‬فإن الشروع به عبر هذه الطريقة من شأنه أن يقوض جهود توحيد‬
‫الجزيرة‪ .‬وقد استعان الجزء الجنوبي من الجزيرة بدعم االتحاد األوروبي عبر اليونان‪ ،‬وبدعم‬
‫إسرائيل عبر الشراكة الثنائية للتنقيب عن الغاز‪ ،‬وانخرطت العديد من الشركات األميركية في‬
‫اكتشاف الغاز الموجود على سواحل قبرص‪ .‬وهو األمر الذي أزعج األتراك‪ ،‬ويثيرونه بشكل‬
‫مستمر ولم يتم حله إلى اآلن‪.2‬‬
‫إلى جانب ذلك‪ ،‬عملت إسرائيل على تعزيز عالقاتها بأرمينيا وتحريك ملف مذابح‬
‫األرمن* تجاه تركيا من خالل مساعدة اللوبي األرمني في الكونجرس األمريكي للحصول على‬
‫اعتراف دولي حول ما تعرض له األرمن وتحريك باللوبي اليهودي في الكونغرس واإلدارة‬
‫األمريكية للضغط على تركيا‪ .3‬كما يرتبط هذا السيناريو بملف االتحاد األوروبي‪ ،‬والذي أصبح‬
‫يحتل األولوية في برنامج حزب العدالة والتنمية بعد انتصاره في انتخابات ‪ 9‬أكتوبر ‪2002‬م‪.‬‬
‫فقد كان أول نشاط قام به قادة الحزب‪ ،‬هو القيام بجولة أوروبية شملت غالبية الدول األعضاء‬
‫في االتحاد األوروبي لتشجيعها على تحديد موعد لبدء مفاوضات العضوية‪ .4‬وبعد إنجاز‬
‫حكومة العدالة والتنمية العديد من اإلصالحات السياسية واالقتصادية في تركيا‪ ،‬ظهرت إشارات‬

‫‪ -1‬صالح النعامي‪"،‬إسرائيل والبلقان‪ ..‬من العالقات الباردة إلى التحالف االستراتيجي"‪ 2 ،‬جانفي ‪.2003‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/opinions/pages/79d4e837-1426-4025-a6bc-97d06b96f801‬‬

‫‪ -2‬علي حسين باكير‪" ،‬أميركا وتركيا‪ :‬معادلة القوة الصاعدة والقوة المتراجعة"‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪ 02 ،‬يونيو ‪ ،2009‬ص‬
‫‪.6‬‬
‫تتميز العالقات التركية‪ -‬األرمينية بالتوتر على أثر مشكلة اإلبادة الجماعية التي حدثت في عام ‪0305‬م‪ ،‬أثناء الحرب‬ ‫*‬

‫العالمية األولى أي في زمن اإلمبراطورية العثمانية والتي راح ضحيتها مليون ونصف مليون أرمني على حد قول األرمن‪ ،‬وتعد‬
‫هذه القضية من أحد أسباب عدم قبول تركيا في االتحاد األوروبي‪.‬‬

‫‪" -3‬ليبرمان يعد خطة لالنتقام من تركيا تشمل دعم األكراد واألرمن"‪ ،‬جريدة المصري اليوم‪ 03 ،‬سبتمبر ‪2000‬‬

‫‪ -4‬لقمان عمر النعيمي‪ "،‬تركيا واالتحاد األوروبي‪ :‬دراسة لمسيرة االنضمام"‪ ،‬دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬مركز‬
‫اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪ ،2001 ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪156‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫إيجابية من بعض المسؤولين األوربيين قبل انعقاد القمة األوروبية في بروكسل في ديسمبر‬
‫‪2003‬م‪ ،‬حول إمكانية تحديد موعداً لبدء المفاوضات مع تركيا‪ .1‬ومع مطلع عام ‪2005‬م‪،‬‬
‫بدأت العالقات بين تركيا واالتحاد األوروبي بالتحسن بعد القرار األخير لبدء المفاوضات مع‬
‫تركيا في ‪ 9‬أكتوبر ‪2005‬م‪.2‬‬
‫ومن خالل هذا‪ ،‬يمكن القول بأن تركيا تملك حظوظا كبيرة لتحقيق هدف االنضمام‬
‫لالتحاد األوروبي‪ ،‬خاصة بعد اإلصالحات الهامة لحكومة العدالة والتنمية‪ .‬كما أن بعض الدول‬
‫وعليه‪ ،‬االتحاد األوروبي أيدت التوجه الجديد للسياسة التركية الرافضة للسلوك اإلسرائيلي‪،‬‬
‫وخاصة تجاه حرب غزة‪ ،‬وفي الوقت نفسه فإن االتحاد األوروبي يرى أن الدور اإلقليمي الذي‬
‫بدأت تلعبه تركيا يعتبر مؤث ار مما يحد من الدور اإليراني في المنطقة األمر الذي يساعد تركيا‬
‫على االحتفاظ بموقعها كقوة مؤثرة‪.3‬‬
‫فاالتحاد األوروبي ضد أي خطوة تمنح دو ار ممي از إلسرائيل في الشرق األوسط‪ ،‬خاصة‬
‫مع ت ازيد مصالحها فيها‪ .‬و بالتالي ستجد تركيا نفسها مع االتحاد األوروبي في حالة قبول‬
‫عضويتها – في مواجهة إسرائيل‪ ،‬باإلضافة إلى أن انضمام تركيا لالتحاد األوروبي سيجعلها‬
‫في غنى عن الدعم الذي تتلقاه من إسرائيل في جميع المجاالت‪ ،‬السيما في المجالين العسكري‬
‫و األمني‪ ،‬حيث ستمنحها التعهدات الدفاعية مصداقية أقوى لقدراتها العسكرية‪ .‬وهذا سوف‬
‫يكون له تأثي ار كبي ار على البعد االستراتيجي لعالقاتها مع إسرائيل‪ ،‬خاصة أن األتراك كانوا دائما‬
‫غير مرتاحين لسياسة إسرائيل في مجال تصدير األسلحة‪ .‬وهو المجال الحيوي الذي تركز عليه‬
‫هذه األخيرة في عالقاتها االستراتيجية مع تركيا‪ .‬فالمؤسسة العسكرية وبعض األوساط السياسية‬
‫في إسرائيل غالبا ما يبدون رفضهم الشديد عندما يثار موضوع التقنيات العسكرية الحديثة‬
‫لتركيا‪.4‬‬
‫في حين تذهب الدراسات اإلسرائيلية المتخصصة إلى أن إسرائيل تنظر إلى عضوية‬
‫تركيا الكاملة في االتحاد األوروبي بوصفها تعزي از كبي ار لمجموعة الدول في االتحاد التي تنتقد‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.96‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ -3‬شيماء أحمد منير‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ -4‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.336‬‬
‫‪157‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫إسرائيل وتتبنى وجهات نظر شبيهة بتلك التي تتبانها تركيا‪ .1‬األمر الذي جعل أنقرة تتخلى عن‬
‫الفرضية القائلة أن التقرب من إسرائيل من شأنه أن يفتح البوابة األوروبية أمام االنضمام‬
‫التركي‪ .‬ولذلك لم تعد الورقة اإلسرائيلية ذات جدوى في هذا اإلطار‪.2‬‬
‫يؤسس التحليل المرتكز على فرضيات المنظور الواقعي على ضرورة التركيز على‬
‫متغير المصلحة فهي األساس الذي اعتمد عليه الواقعيون في تفسير سلوك الدول‪ .‬فتركيا في‬
‫ظل حكومة حزب العدالة والتنمية أرادت تحقيق أهداف ذات صلة مباشرة بتحقيق المصالح‬
‫القومية التي استقرت عليها ق اررات سياستها الخارجية‪ ،‬وهي مرتبطة باألهداف التي يصبوا قادة‬
‫حزب العدالة والتنمية إلى تحقيقها من خالل األسس‪ ،‬الوسائل‪ ،‬واألليات التي اعتمدها وزير‬
‫خارجية تركيا أحمد داود أغلو في كتابه "العمق االستراتيجي" وذلك بواسطة امتالك القوة‬
‫العسكرية االقتصادية‪ ،‬والثقافية‪ .‬كما أن تركيا تأمل في الحصول على مكانة قوية وبارزة في‬
‫منطقة الشرق األوسط‪ ،‬فسياسة تحقيق النفوذ تمثل إحدى السبل التي تستخدمها سياسات الوضع‬
‫القائم لتحقيق أهدافها في محاولة منها لمجابهة النفوذ األمريكي واالسرائيلي في منطقة الشرق‬
‫األوسط‪ ،‬والتحرر من المظلة الغربية‪ ،‬األمر الذي من شأنه أن يضمن لها استقاللها والذي‬
‫يعني مدى قدرة تركيا على تجنب سيطرة الدول األخرى على توجهاتها وق ارراتها وهذا ما يضمن‬
‫أمنها حسب "رواد المنظور الواقعي" أما بالنسبة للنفود فيعني قدرتها على ممارسة التأثير والتأثر‬
‫في بيئتها سواء على السياسات الخارجية للدول األخرى في اطار العالقات الثنائية بها بما فيها‬
‫إسرائيل أو في إطار الق اررات الجماعية في إطار منظمة حلف شمال األطلسي‪ .‬فأكثر الدول‬
‫قدرة على التأثير في بيئتها تكون األكثر فعالية في متابعة وتحقيق مصالحها‪ ،‬ويسمح لها‬
‫بممارسة نفوذ واسع في المنطقة‪.‬‬

‫‪ -1‬بولنت آراس وأخرون‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.000‬‬


‫‪ -2‬فاتن نصار‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.059‬‬
‫‪158‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫سيناريو تحسن العالقات التركية – اإلسرائيلية‬
‫إن اندالع انتفاضات الربيع العربي وارتباطها بالنسبة لدول الجوار الجغرافي بتداعيات‬
‫أمنية‪ ،‬وتطورات سياسية ومشكالت اقتصادية‪ ،‬وفي ظل تغير معادالت األمن اإلقليمي‪ ،‬وتبدل‬
‫أنماط التحالفات السائدة وارتفاع وتيرة التحديات والتهديدات العابرة للحدود‪ ،‬كان لكل ذلك‬
‫تأثيرات مختلفة على البيئة األمنية المحيطة بكل من تركيا واسرائيل‪ ،‬على نحو أثار تساؤالت‬
‫تتعلق بمسارات العالقات التركية – اإلسرائيلية وامكانية أن تفضي تفاعالت المنطقة‪ -‬بسبب‬
‫سقوط أنظمة سياسية ظلت في الحكم لعقود‪ -‬إلى إمكانية طرح سيناريو تحسن العالقات‬
‫التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪ ،‬واعادة تأكيد حاجة كل من إسرائيل وتركيا إلى توثيق العالقات المشتركة‬
‫باعتبارها عالقات حددت مساراتها وصاغت طبيعتها العوامل ذات الصبغة األمنية‪.‬‬
‫إن الجالية اليهودية في تركيا والتي تتمتع بنفوذ كبير بسبب ثرائها موقعها البارز في‬
‫الحياة والتجارة منذ عهد اإلمبراطورية العثمانية‪ ،‬وجود اليهود األتراك في إسرائيل والذين هاجروا‬
‫في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين‪ ،‬كل ذلك يجعلهم مرتبطين بصلة وثيقة مع‬
‫وطنهم األم‪ .‬األمر الذي أدى وسيؤدي إلى توثيق العالقات بين الطرفين‪ .1‬كما شكلت الروابط‬
‫االقتصادية واحدة من بواعث استقرار العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬ليس ألهميتها االقتصادية‬
‫فقط‪ ،‬وانما باعتبارها تشكل مؤش ار بار از وتعطي دالالت رمزية على مدى تقدم وتعمق هذه‬
‫العالقات أيضا‪ ،‬فقد تعززت التبادالت التجارية وتعمقت في مرحلة ما بعد حادثة أسطول الحرية‬
‫عن مرحلة ما قبلها‪ ،‬ومن المرجح أن يرتفع أكثر ‪ .2‬واستمرت االستثمارات اإلسرائيلية عبر‬
‫مئات الشركات في تركيا‪ ،‬واستثمارات شركات تركية في إسرائيل‪ .3‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تعتبر‬
‫شركة ‪ Zorlu Holding‬ثاني أكبر شركة في تركيا‪ ،‬والتي يملكها رجل األعمال زورلو‪ ،‬وهي‬
‫تستثمر في قطاع الطاقة في إسرائيل‪ .‬حيث أنها بالشراكة مع شركة أدلتيك اإلسرائيلية‪ ،‬أقامت‬
‫عددا من محطات لتوليد الكهرباء في أرجاء إسرائيل خالل فترة القطيعة الدبلوماسية بين تركيا‬

‫‪ -1‬رنا عبد العزيز خماش‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.069 -062‬‬
‫‪ -2‬محمد عبد القادر خليل‪ "،‬العالقات التركية اإلسرائيلية في شرق أوسط جديد"‪ ،‬مختارات إسرائيلية‪ 20 ، 2002،‬فيفري‬
‫‪http://ahramonline.org.eg/articles.aspx?Serial=990478&eid=7058 .2003‬‬
‫‪ -3‬محمد نور الدين‪ ،‬تركيا‪ :‬االنتخابات والعالقات مع إسرائيل‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.205‬‬
‫‪159‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫واسرائيل‪ .1‬مع أن تركيا بادرت إلى إلغاء بعض االتفاقيات مع إسرائيل على الصعيد العسكري‪،‬‬
‫فإن عقود التسلح األساسية لم تلغ‪ ،‬ومن أهمها تسليم طائرات من دون طيار من طراز هيرون‪.‬‬
‫كما استمرت مشاريع تطوير وانتاج دبابات وطائرات مقاتلة‪.2‬‬
‫مخاوف األتراك من دعم إسرائيل لكردستان مستقلة تبددت ‪ -‬إلى حد ما‪ -‬بعد ما وافقت‬
‫الواليات المتحدة على السماح بعمل عسكري تركي ضد مواقع حزب العمال الكردستاني شمال‬
‫العراق والتي شاركت فيها وبدور كبير طائرات بدون طيار زودتها إسرائيل‪ .‬فمن الناحية‬
‫اإلستراتيجية‪ ،‬تفكيك العراق وتقسيمه ال يخدم المصالح اإلسرائيلية‪ ،‬العراق القوى نسبيا سيشكل‬
‫توازناً مضاداً للتفوق االستراتيجي اإليراني في المنطقة‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬يتعين على إسرائيل أن‬
‫تواجه إمكانية قيام كيان سياسي كردي معزول عرضة للتهديد من جانب تركيا‪ ،‬وسيكون بحاجة‬
‫إلى النفوذ اإليراني كما يبدو‪ ،‬مما يتيح لطهران إقامة ممر ممتد شمال العراق عبر سوريا حليفة‬
‫إيران والممتد إلى حزب اهلل الذي ترعاه إيران في لبنان‪ .‬وحتى إذا لم يتحقق مثل هذا التوقع‪،‬‬
‫فليس إلسرائيل أية مصلحة في تهديد منظومة العالقات االستراتيجية المهمة في الدول اإلقليمية‬
‫الكبرى‪ ،‬مثل‪ :‬تركيا من أجل عقد تحالف مع دولة جديدة صغيرة وضعيفة‪ .‬لدى أنقرة وتل أبيب‬
‫هدف مشترك في العراق؛ أي رؤية تطور هذه الدولة واستقرارها لتكون قوية بما يكفي ولتكون‬
‫مركز ثقل في مواجهة النفوذ اإليراني‪.3‬‬
‫إن قرار حكومة حزب العدالة والتنمية إرسال طائرات وفرق تركية للمشاركة في الحرائق‬
‫الضخمة التي اندلعت في جبال الكرمل في إسرائيل‪ ،‬يعد غريبا ألنه جاء في ذروة الخالف‬
‫اإلعالمي بين الجانبين بشأن االعتداء اإلسرائيلي على سفن أسطول الحرية‪ ،‬واستدعاء‬
‫الخارجية اإلسرائيلية السفير التركي في تل أبيب وتوجيه إهانة مباشرة له‪ ،‬عندما تم إجالسه‬
‫على كرسي منخفض‪ .‬كما أن موافقة تركيا على السماح لحلف شمال األطلسي بنشر الرادار‬
‫المضاد للصواريخ على األراضي التركية‪ ،‬وبالرغم مما أثاره هذا االعالن من تخوف ايراني من‬
‫وجود هذا الرادار القريب منها‪ ،‬إال أن تركيا حاولت طمأنة إيران بأن هذا الرادار ليس موجه‬
‫ضدها‪ ،‬لكن الموافقة التركية على نشر هذا الرادار دليل على أن التحالف االستراتيجي مع‬

‫‪ -1‬صالح النعامي‪" ،‬العالقات التركية – اإلسرائيلية بعد االعتذار‪ :‬بين التقاء المصالح وتعارضها"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪ -2‬محمد نور الدين‪ ،‬تركيا‪ :‬االنتخابات والعالقات مع إسرائيل‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.205‬‬
‫‪ -‬افرايم ليفني‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.00-3‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪160‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫الواليات المتحدة وحلفائها ال يمكن المساس به‪ ،‬والسيما أن هذا الرادار يخدم اسرائيل بدرجة‬
‫كبيرة حسب قناعة الرأي العام التركي ‪.1‬‬
‫يعد االعتذار الرسمي الذي قدمه رئيس الوزراء اإلسرائيلي بنيامين نتنياهو في ‪ 22‬مارس‬
‫‪2009‬م لنظيره التركي رجب طيب أردوغان عن حادثة أسطول الحرية‪ ،‬تطو اًر فرضته التغيرات‬
‫اإلقليمية المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق األوسط منذ اندالع انتفاضات الربيع العربي‬
‫حتى اآلن‪ ،‬ومهدت له كذلك بعض مواقف السياسة الخارجية التركية‪ ،‬والتي لها ارتباط مباشر‬
‫بإسرائيل‪ ،‬كالموافقة على الرغبة األمريكية في مشاركة إسرائيل في الفعاليات غير المباشرة لحلف‬
‫الشمال األطلسي‪ ،‬وكذلك الموافقة على نشر الدرع الصاروخية األطلسية عبر األراضي التركية‬
‫وهي الدرع التي توفر حماية دفاعية أمنية إلسرائيل من أي هجمات إيرانية محتملة‪ .2‬كما مهد‬
‫لهذا االعتذار اإلقصاء المؤقت لوزير الخارجية اإلسرائيلية أفيجادور ليبرمان* من الو ازرة‪ ،‬والذي‬
‫كان يقف حجر عثر أمام إصالح العالقات بين البلدين‪ ،‬ذلك بعد تقديم المدعى العام يهودا‬
‫وانشتاين ‪ Yehuda Weinstein‬الئحة اتهام لليبرمان تتعلق باالحتيال بما أقصاه من المعادلة‬
‫السياسية ولو مؤقتا‪ ،‬وفي مقابل ذلك‪ ،‬ارتبطت المواقف الداعمة لرئيس الوزراء اإلسرائيلي‬
‫بالعديد من الشخصيات األخرى كوزير الدفاع اإلسرائيلي السابق إيهود باراك‪ ،‬والذي أعلن مؤخ ار‬
‫اعتزال الحياة السياسة‪ ،‬ورئيس أركان الجيش‪ ،‬بيني جانتز ‪ Benny Gantz‬ورئيس الموساد تامير‬
‫باردو ‪.3 Tamir Pardo‬‬

‫‪ -1‬خورشيد دلي‪" ،‬عودة العالقات التركية اإلسرائيلية بين االعتذار والصفقة"‪ ،‬مجلة الوحدة االسالمية‪ ،‬السنة الثانية عشر‪،‬‬
‫العدد ‪ ،091‬أيار ‪.2009‬‬
‫‪.2009‬‬ ‫ديسمبر‬ ‫‪02‬‬ ‫السورية"‪،‬‬ ‫واألزمة‬ ‫التركية‬ ‫اإلسرائيلية‬ ‫المصالحة‬ ‫أحمد‪"،‬‬ ‫محمد‬ ‫صافيناز‬ ‫‪-2‬‬
‫‪http://www.ahram.org.eg/NewsPrint/201911.aspx‬‬
‫أفضى االعتذار اإلسرائيلي لتركيا إلى إغضاب ليبرمان‪ ،‬الذي رفض الموقف اإلسرائيلي في مقالة كتبها (جريدة يديعوت‬ ‫*‬

‫أحرنوت في ‪ 25‬مارس ‪ ،)2009‬وأشار فيها إلى أن تدهور العالقات بين البلدين لم يبدأ على متن سفينة "مرمرة"‪ ،‬وال بسبب‬
‫جلوس السفير التركي (وغوز تشليك) في إسرائيل على كرسي منخفض في مقابلة مع نائب وزير الخارجية‪( ،‬داني ايالون)‪ ،‬بل‬
‫أنه بدأ قبل ذلك بكثير عن إيمان إيديولوجي وقرار استراتيجي للقيادة التركية الحالية‪ .‬وأشار ليبرمان إلى أن "التعبير األول عن‬
‫ذلك كان إبان حكومة أولمرت‪ ،‬وذلك حينما غادر أردوغان دافوس وهو يقذف الرئيس بيريز باتهامات عدوانية‪ .‬وجاءت بعد ذلك‬
‫خطوات تصعيدية كثيرة أخرى مثل مسلسالت ُبثت في التلفاز التركي الرسمي وعرضت جنود الجيش اإلسرائيلي على أنهم قتلة‬
‫أطفال"‪.‬‬
‫‪ -3‬محمد عبد القادر خليل‪ "،‬بعد االعتذار اإلسرائيلي لتركيا‪ ..‬إلى أين تتجه العالقات؟"‪ 02 ،‬ديسمبر ‪.2009‬‬
‫‪http://www.alarabiya.net/news-renderer?mgnlUuid=64532591-5a1b-4d42-8625-91c823374781‬‬

‫‪161‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫من الناحية التركية‪ ،‬سقطت مع انتفاضات الربيع العربي دعوات التحالف الرباعية بين‬
‫دمشق وأنقرة وطهران وبغداد‪ ،‬التي راجت منذ فترة على وقع طموحات توسيع المصالح‬
‫االقتصادية‪ ،‬وتحت تأثير مبدأ "تصفير المشاكل"‪ .1‬فقد تشكل محور مضاد ألنقرة من قبل كل‬
‫من سوريا وايران والعراق‪ .‬حيث أصبحت هذه الدول تشكل تحديا كبي ار لألمن القومي التركي‬
‫بالنظر كونها دول جوار جغرافي مباشر مع تركيا‪ ،‬هذا باإلضافة إلى توتر العالقات مع روسيا‪،‬‬
‫والتي تعد بدورها دولة جوار غير مباشر‪ ،‬وذلك بفعل تناقض المواقف وتباين المصالح حيال‬
‫تطورات الملف السوري‪ ،‬وهي تطورات تحمل تحديات لألمن القومي التركي‪ ،‬الرتباطهما بحركة‬
‫الجئين سورين كثيفة تجاه األراضي التركية‪ ،‬وسيولة أمنية على الحدود المشتركة مع سوريا هذا‬
‫عما يرتبط بذلك من تحديات وتهديدات تتعلق بالنشاط واالستهداف الكثيف للمواقع‬‫فضال ّ‬
‫الحيوية التركية من قبل حزب العمال الكردستاني‪ .2‬وعلى الجانب اإلسرائيلي‪ ،‬حملت انتفاضات‬
‫الربيع العربي مخاطر شتى إلسرائيل تمثلت في المخاوف اإلسرائيلية من صعود تيارات إسالمية‬
‫متشددة ومعادية لها إلى السلطة في الدول التي سقطت أنظمتها‪ ،‬و من وصول أسلحة متطورة‬
‫موجودة بحوزة سوريا إلى منظمات تعتبرها إسرائيل " إرهابية" ‪.3‬‬
‫لقد جرى اإلعالن عن اكتشافات الغاز في منطقة شرق المتوسط‪ ،‬والتي تجاوزت‬
‫احتياطاتها ‪ 0.22‬تريليون متر مكعب قدرت قيمتها الحالية بنحو ‪ 220‬مليار دوالر‪ .‬وتقع هذه‬
‫المناطق داخل الحدود البحرية اإلقليمية لست دول‪ :‬تركيا وسوريا وقبرص ولبنان ومصر‬
‫واسرائيل‪ .4‬فالتعاون التركي ‪ -‬اإلسرائيلي ضروري لكسر الجمود في قطاع الغاز البحري المهم‬
‫في شرق البحر المتوسط‪ .‬إذ تُب ّشر اكتشافات الغاز بتغيير توقّعات الطاقة بالنسبة إلى أوروبا‪.‬‬
‫لكن توت ار العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية أحبطت الجهود الرامية إلى معرفة كيفية إيصال موارد‬
‫الغاز تلك إلى السوق‪ .‬ويتمثّل السبيل األكثر اقتصادا في بناء خط أنابيب من قبرص إلى تركيا‬
‫تحسن العالقات التركية ‪-‬‬
‫تمر من تركيا إلى أوروبا‪ .‬ومع ّ‬
‫ودمجه في خطوط األنابيب التي ّ‬

‫‪ -1‬محمد برهومة‪" ،‬التحالفات المتغيرة‪ :‬العالقات اإلقليمية في مرحلة ما بعد الثورات"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪20 ،2000،‬‬
‫فيفري ‪http://ahramonline.org.eg/Policy.aspx?Serial=691672 .2003‬‬
‫‪ -2‬محمد عبد القادر خليل‪ "،‬العالقات التركية اإلسرائيلية في شرق أوسط جديد"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد دياب‪" ،‬الدور األمريكي في المصالحة التركية – اإلسرائيلية وأثرها على التفاعالت في المنطقة"‪ ،‬المرجع السابق‬ ‫‪3‬‬

‫الذكر‪ ،‬ص ‪.005‬‬


‫‪4‬‬
‫‪- Oded Eran, Israel-Turkey Reconciliation Still Remote, The National Interest, April 18, 2013.‬‬
‫‪162‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫اإلسرائيلية‪ ،‬سيصبح ذلك ممكنا‪ ،‬مع المتوقع حدوث تعاون تركي ‪ -‬إسرائيلي ‪ -‬قبرصي في‬
‫ذلك القطاع‪.1‬‬
‫باتت فرص تحسن العالقات التركية – اإلسرائيلية كبيرة‪ ،‬ألن الواليات المتحدة األمريكية‬
‫ترى في إصالح هذه العالقة مصلحة استراتيجية لها‪ ،2‬ويرتبط ذلك أساسا بالمشروع األمريكي‬
‫الجديد لمنطقة الشرق األوسط تحت تسمية الشرق األوسط الكبير‪ ،‬والذي أصبح يشمل تلك‬
‫المنطقة التي تضم كال من العالم العربي ‪ ،‬إسرائيل‪ ،‬تركيا‪ ،‬آسيا الوسطى‪ ،‬القوقاز ومنطقة شبه‬
‫القارة الهندية‪ ،‬وفق ما جاء في تقرير لجنة هارت‪ -‬رودمان الذي وضعته اإلدارة األمريكية في‬
‫شهر فيفري ‪2000‬م‪ ،‬تحت عنوان "البيئة األمنية الكونية الجديدة في الربع األول من القرن‬
‫الحادي والعشرين" وطرحته بصفة رسمية‪ ،‬في شهر فيفري ‪2003‬م‪ ،‬كما قدمته لشركائها في‬
‫مجموعة( ‪ ،)G8‬في شهر جوان من السنة نفسها‪.‬‬
‫يرى محررو هذا المشروع‪ ،‬أنه على الدول العربية واإلسالمية أن تضع موضع التطبيق‬
‫ثالث حلول مستعجلة للخروج من المأزق الذي توجد فيه وهي‪:‬‬
‫تطوير الدمقراطية والحكم الراشد‬ ‫‪-1‬‬

‫إنشاء مجتمع يقوم على المعرفة‬ ‫‪-2‬‬

‫توسيع الفرص االقتصادية‬ ‫‪-3‬‬

‫والواقع‪ ،‬أن هذا المشروع ال يخرج عن سياق مشروع الشرق األوسط الجديد‪ ،‬لكن‬
‫بمقاربات مغايرة‪ .‬ففي ظل التفوق العسكري واالقتصادي والعلمي إلسرائيل وتركيا‪ ،‬وتغاضي‬
‫اإلدارة األمريكية عن إجاد الحلول لمشاكل المنطقة‪ ،‬فإن غايته في نهاية المطاف هو تكريس‬
‫التفوق اإلسرائيلي – التركي والحفاظ على مكانتهما كدولتين محوريتن‪ ،‬حفاظا على المصالح‬
‫االستراتيجية األمريكية‪ .‬كما أن الواليات المتحدة األمريكية تدرك تمام اإلدراك أن تركيا تمثل‬
‫احتياطيا استراتيجيا يمكن اللجوء إليه‪ ،‬أثناء األزمات التي يمكن أن تظهر في الدوائر‬
‫الجيوبوليتكية وهذا ما أكدته األزمة السورية‪ .3‬فخالل الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية‬
‫السابقة هيالري كلنتون إلى إسرائيل عام ‪2002‬م‪ ،‬طالبت فيها بتقديم اعتذار لتركيا‪ ،‬ودعت إلى‬
‫اإلسراع من أجل إعادة العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية إلى سابق عهدها‪ ،‬انطالقا من أن كل‬

‫‪ -‬بول سالم‪ "،‬التقارب اإلسرائيلي التركي يغير موازين القوة في الشرق األوسط"‪ 20 ،‬فيفري ‪.2003‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪http://carnegie-mec.org/publications/?fa=51579‬‬
‫‪" -‬مستقبل العالقات التركية اإلسرائيلية بعد االعتذار‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬مراد فول ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.815-815‬‬
‫‪163‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫وقت يمر دون عمل ينجز‪ ،‬يضر ذلك بالمصالح األمريكية واإلسرائيلية في المنطقة‪ .‬والدعوة‬
‫األمريكية التي وجهت آنذاك إلى إسرائيل تأسست على ثالث عوامل أساسية بحسب هيالري‬
‫كلنتون‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬أن المصالح الحيوية لكل من الواليات المتحدة واسرائيل ستتضرر‪ ،‬إن لم يجر العمل‬
‫على إصالح العالقات التركية – اإلسرائيلية‪.‬‬
‫‪ -‬ثمة جماعات إرهابية تستغل تدهور عالقات البلدين للقيام بعمليات تضر بالمصالح‬
‫األمريكية االستراتيجية في المنطقة‪.‬‬
‫‪ -‬تركيا أصبحت قوة إقليمية وفاعل مركزي في اإلقليم‪ ،‬بما يجعل من استمرار تدهور‬
‫عالقات إسرائيل معها يؤثر على القدرة األمريكية – اإلسرائيلية على تشكيل موقف إقليمي‬
‫ودولي موحد حيال الملف النووي اإليراني‪ .1‬وهو ما وجد تعبيره كذلك في الجهود الكبيرة التي‬
‫بذلها الرئيس "باراك أوباما" ووزير خارجيته "جون كيري" من أجل تقريب وجهات النظر بين‬
‫الجانبين‪ .‬فبعد انطالق انتفاضات الربيع العربي‪ ،‬وخسارة واشنطن لعدد من أهم حلفائها في‬
‫المنطقة‪ ،‬السيما الرئيس المصري السابق حسني مبارك وتفاقم التداعيات السلبية لإلنتفاضة‬
‫السورية‪ ،‬تعاظمت أهمية الدور الذي يقوم به ما تبقى من حلفاء الواليات المتحدة األمريكية‬
‫الرئيسيين األردن وتركيا واسرائيل‪ .‬لكن ال يمكن أن تتم حماية المصالح األمريكية‪ ،‬لطالما أن‬
‫أقوى حليفين لواشنطن‪ ،‬وهما تركيا واسرائيل في حال خالف وتوتر‪ .‬ومن هنا جاء الدور‬
‫األمريكي في محاولة إنهاء هذا الملف‪ ،2‬والذي جعل االعتذار اإلسرائيلي يتحقق خالل جلسة‬
‫جمعت بين رئيس الوزراء اإلسرائيلي والرئيس األمريكي "باراك أوباما في مطار بن جوريون قبيل‬
‫مغادرته إلى األردن‪ ،‬ليصبح االعتذار بمثابة إثبات لفرضية أن العالقات بين تركيا واسرائيل‬
‫تقوم على ركيزة ومحورية "الشريك الثالث"‪ .‬وقد أصدر البيت األبيض في هذا النطاق بياناً‬
‫يعرب فيه عن مدى أهمية تعميق التعاون التركي – اإلسرائيلي‪ ،‬ونص البيان‬
‫"أن الواليات المتحدة تقدر بعمق شراكتنا الوثيقة مع كل من تركيا واسرائيل‪ ،‬ونحن نعلق‬
‫أهمية كبيرة على استعادة العالقات االيجابية بينهما من أجل دفع عملية السالم واألمن في المنطقة"‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬أشار جون كيري‪ ،‬إلى أن‬

‫‪ -‬محمد عبد القادر خليل‪ ،‬بعد االعتذار اإلسرائيلي لتركيا‪ ..‬إلى أين تتجه العالقات؟ ‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪"-‬مستقبل العالقات التركية اإلسرائيلية بعد االعتذار"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪164‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫"المصالحة بين إسرائيل وتركيا تمثل تطو اًر مهماً للغاية من شأنه أن يساعد في دفع عملية السالم‬
‫واالستقرار في المنطقة"‪. 1‬‬
‫ومن خالل مالحظة مدى مساهمة كل من متغيرات البيئة الداخلية والخارجية في طرح‬
‫هذا السيناريو يمكن لنا االستعانة بفرضيات المنظور الليبرالي ‪ -‬اللبرالية التجارية‪ -‬حيث يرى‬
‫رواد هذه النظرية بأن درجة عالية من االعتماد المتبادل تؤدي إلى تعاون أكبر بين الدول‪ ،‬ويدعم‬
‫االستقرار بينهما وهذا ما ينطبق على العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ .‬باإلضافة إلى النظرية‬
‫المؤسساتية والتي تذهب ‪-‬كما أشرنا سابقا‪ -‬إلى أهمية المؤسسات في تعزيز التعاون والمصلحة‬
‫المشتركة‪ .‬ف تركيا ال تزال عضوا في حلف شمال األطلسي‪ ،‬وعضوا مرشحا لالنضمام إلى االتحاد‬
‫األوروبي‪ ،‬على الرغم من أن العالقات المتميزة بين أنقرة وتل أبيب لم تكن ذات تأثير إيجابي‬
‫ملموس في عملية انضمام تركيا إلى االتحاد األوروبي‪ ،‬فإن توتر هذه العالقات سيكون له تأثير‬
‫سلبي كبير مستقبال في العالقة مع أوروبا‪ ،‬ذلك أنه ال يمكن فصل العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‬
‫عن الغرب الذي ينظر إلى إسرائيل كجزء منه‪ ،‬كما أن لتركيا العديد من المشاكل التي التزال‬
‫عالقة مع قوى مسيحية وغربية مثل اليونان وقبرص والقضية األرمينية وكل هذه عوامل تفرض‬
‫عليها أن تكون على عالقات جيدة ولو في حدها األدنى مع الغرب السيما الواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ .‬كما أن حكومة حزب العدالة والتنمية بحاجة إلى دعم من الدول الغربية خاصة‬
‫الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وهي تعي جيدا أن كسب هذه األخيرة بجانيها ال بد أن يمر عبر‬
‫البوابة اإلسرائيلية ومن الجانب اآلخر ليس من المتوقع أن تجنى تركيا أرباحا مضمونة من‬
‫العالمين العربي واإلسالمي مكافأة لها على قطع عالقاتها بإسرائيل‪ ،‬وكل ما ستحصده في الغالب‬
‫هو تقدير معنوي من الرأي العام العربي واإلسالمي دون إمكانية ترجمته لمكاسب عملية في ظل‬
‫حرص أغلب الحكومات العربية على عالقاتها بالواليات المتحدة االمريكية وأوروبا‪.‬‬

‫‪ -‬محمد عبد القادر خليل‪ "،‬بعد االعتذار اإلسرائيلي لتركيا‪ ..‬إلى أين تتجه العالقات؟"‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪165‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫سيناريو القطيعة بين البلدين‬
‫هناك مجموعة من المتغيرات التي يعتمد عليها هذا السيناريو سواء على مستوى البيئة‬
‫الداخلية أو على مستوى البيئة الخارجية اإلقليمية و الدولية‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬
‫نسجل عودة اإلسالم السياسي بقوة في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية‪ ،‬والذي استطاع‬
‫أن يسيطر على منصب رئيس الوزراء ورئيس الحكومة بعد استحواذه على أغلبية المقاعد في‬
‫البرلمان التركي‪ ،‬ومكنه ذلك من إدخال تغيرات جذرية على الحياة السياسية‪ ،‬سمحت له بالحد‬
‫وعجل بإحياء القيم اإلسالمية‪ ،‬و توسع المد اإلسالمي شامال‬
‫من سلطة المؤسسة العسكرية‪ّ ،‬‬
‫كل الفئات العمرية وكل الطبقات االجتماعية ومظاهر العداء التي انتشرت بقوة ضد األمريكيين‬
‫واإلسرائيليين‪ ،‬وأصبحت معه سياسة التقارب مع إسرائيل محل تساؤل من قبل الرأي العام‬
‫التركي‪ 1‬وفي هذه الفترة‪ ،‬أخذت البالد تطور ببطء عالقة جديدة وأكثر موائمة مع ماضيها‬
‫العثماني الخاص وتقاليدها الثقافية والدينية‪ ،‬وهذه الظاهرة توضح بروز مجتمع إسالموي حيوي‬
‫داخل تركيا‪ .‬وهذا بدوره له تداعياته على العالقات التركية – اإلسرائيلية‪.2‬‬
‫بقاء حزب العدالة والتنمية في الحكم‪ ،‬خاصة مع تراجع دور األحزاب اليسارية‬
‫والعلمانية في االنتخابات الرئاسية عام ‪2003‬م‪ ،‬مرو ار باالنتخابات البرلمانية التي تتجرى في‬
‫جويلية ‪ 2005‬م‪ ،‬السيما بعد قدرته على الفوز في ثالث استحقاقات انتخابية متتالية‪ ،‬وتوسيع‬
‫في عام ‪2001‬م إلى‬ ‫قاعدته االنتخابية من ‪ %9342‬في عام ‪2002‬م إلى ‪%36.66‬‬
‫‪ %33430‬في عام ‪2000‬م‪ ،‬وفي االنتخابات البلدية التي جرت في مارس ‪2003‬م‪ ،‬بنسبة‬
‫‪%36‬من خالل الدعم الذي تلقاه من شرائح واسعة من الشعب التركي‪ .3‬ومع تبنى حكومة‬
‫حزب العدالة و التنمية "حزمة اإلصالحات الديمقراطية" في ديسمبر ‪2009‬م‪ ،‬والتي شملت‬
‫مجاالت متعددة تتعلق بالحياة السياسية والحزبية واالنتخابات‪ ،‬ومنها ما يتعلق بالحريات العامة‬
‫و الحقوق‪ ،‬خاصة األقليات‪ .‬فعلى مستوى الحقوق والحريات‪ ،‬تم التطرق إلى قضية الحجاب‬
‫الذي سيصار إلى رفع الحظر جزئيا عنه‪ ،‬بحيث يقتصر على أصحاب _اللباس الموحد_‬

‫‪ -‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.226-225‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬جراهام فولر‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪.35‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -3‬محمود جرابعة‪" ،‬فتح اهلل كولن ورجب طيب أردوغان‪ :‬أي مستقبل ينتظر حزب العدالة و التنمية؟"‪ ،‬جريدة االقتصادية‪،‬‬
‫العدد ‪ 26 ،1302‬جانفي ‪.2003‬‬
‫‪166‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫كالج يش والمؤسسات العسكرية واألمنية والقضاة‪ ،‬إلغاء العهد الذي يردده طالب المدارس‬
‫االبتدائية‪ ،‬والذي يتضمن إعالء للعنصر التركي دون غيره‪ ،‬تشديد عقوبة جريمة التمييز‬
‫العنصري ورفعها من سنة سجن إلى ثالث سنوات‪ ،‬السماح باستخدام األحرف المفتاحية والتي‬
‫كانت محظورة في اللغة (‪ *)x,q,w‬وهي من األحرف األساسية في اللغة الكردية‪ .‬وعلى مستوى‬
‫النظام االنتخابي و الحياة الحزبية ؛ طرح موضوع النظام الحالي الذي يشترط حصول األحزاب‬
‫السياسية على ‪ %00‬من أصوات الناخبين كحد أدنى للدخول إلى البرلمان للنقاش‪ ،‬بحيث يتم‬
‫إبقاؤه أو تخفيض النسبة إلى ‪% 5‬أو الغاء النسبة كليا‪ .1‬كما تقدمت الحكومة بمشروع إصالح‬
‫النظام القضائي بعد فوزها في االنتخابات المحلية في مارس ‪2003‬م لمواجهة نفوذها ما أطلق‬
‫عليه وصف "الدولة الموازية"**‪ ،‬مشي ار بذلك إلى نفوذ جماعة "فتح اهلل غولن" الواسع في أجهزة‬
‫الدولة‪ ،‬وفي مقدمتها األمن والقضاء‪ .‬وكان هذا اإلصالح يتيح لوزير العدل خصوصا أن‬
‫يفرض برنامجه على المجلس األعلى للقضاة والمدعين العامين‪ ،‬وأن يفتح تحقيقات حول‬
‫أعضاء هذا المجلس‪ ،‬وأن تكون له الكلمة الحسم حول تعيين كبار القضاة‪ .‬وأثار تبني‬
‫اإلصالح جدال واسعا في البرلمان‪ .‬إذ رأت المعارضة فيه رغبة من حكومة أردوغان في الهيمنة‬
‫على القضاء لدحض هذه االتهامات‪ .‬والى جانب هذا اإلصالح‪ ،‬أمر أردوغان بعملية تطهير‬
‫غير مسبوقة في أسالك الشرطة والقضاء بعد اتهامهما بالتآمر ضده مع حلفائه السابقين في‬
‫جماعة فتح اهلل غولن اإلسالمية‪.2‬‬

‫* سعى مؤسس تركيا الحديثة‪ ،‬مصطفى كمال أتاتورك إلى تغريب بالده ودفعها نحو أوروبا المتحضرة واالنطالق بعيداً عن قيود‬
‫الجغرافيا والدين والتاريخ التي قادت برأيه إلى نهاية الدولة العثمانية‪ .‬ضمن سعيه لترسيخ هذا التغريب‪ ،‬قام أتاتورك بتغيير‬
‫الحروف العربية المستعملة في كتابة التركية إلى الحروف الالتينية‪ .‬كما تم حظر استعمال أي حرف ال يستعمل في التركية‪،‬‬
‫‪welat‬‬ ‫مثل الحروف الثالثة من الكرمانجية الكردية (القاف ‪ ،Q‬الخاء ‪ ،X‬الواو ‪ ) W‬ومنع استعمالها في األسماء الكردية مثل‪:‬‬
‫التي تعني وطن‪ xebat ،‬التي تعني نضال أو عمل‪ xelat،‬التي تعني هدية‪ xanim،‬التي تعني سيدة‪ ،‬وغيرها من الكلمات‬
‫التي تحوي نفس تلك الحروف‪.‬‬
‫‪ -‬علي حسين باكير‪" ،‬حزمة اإلصالحات في تركيا‪ :‬التفاعالت الداخلية و التوقعات المستقبلية"‪ 02 ،‬جانفي ‪،2009‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪http://studies.aljazeera.net/reports/2013/10/20131020113131548991.htm‬‬
‫**‬
‫بناء دولة داخل دولة‪ ،‬وقد اهتمت حكومة العدالة و التمية حركة "الخدمة" التي يتزعمها "فتح هللا غولن" بالسعي إلقامتها بغية تعظيم نفوذه وتعزيز‬
‫حضوره جماعته في كافة مفاصل الدولة ومؤسساتها توطئة باإلطاحة بالحكومة‪.‬‬
‫‪ - 2‬المحكمة الدستورية التركية تلغي جزءا من إصالحات أردوغان القضائية‪ 05 ،‬ماي ‪،2003‬‬
‫‪http://islamtoday.net/albasheer/artshow-12-197115.htm‬‬
‫‪167‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬ستلعب هذه اإلصالحات دو ار كبي ار في التأثير على نسبة و حجم التصويت‬
‫لصالح حزب العدالة و التنمية في االنتخابات القادمة‪ ،‬ومن ثم إمكانية بقائه في السلطة‬
‫واستم ارره بسياسته االنتقادية إلسرائيل‪.‬‬
‫أعتبر العديد من المحللين إعالن عبد اهلل أوجالن زعيم حزب العمال الكردستاني‬
‫المعارض وقف العمل المسلح لعناصر الحزب بمغادرة األراضي التركية وانسحابهم إلى شمال‬
‫العراق مقابل الحصول على ضمانات رسمية من حكومة أردوغان‪ ،‬بداية نحو دعم الميليشيات‬
‫الكردية السورية المسيطرة على المنطقة الكردية في شمال سوريا والقريبة من الحدود الجنوبية‬
‫لتركيا‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإذا كان أوجالن يرغب في مساندة أكراد سوريا في الصراع الدائر‪ ،‬فإن‬
‫أردوغان نفسه يرغب في ضمان تحييد استراتيجيات حزب العمال الكردستاني أثناء مساندته‬
‫ألكراد سوريا عن التأثير أمنيا على الداخل التركي؛ أي تقويض التأثيرات السلبية للمتغير‬
‫الكردي السوري في أن يكون ضاغطا على تركيا خالل الفترة القادمة‪ .1‬وتشير التقارير إلى‬
‫رغبة إسرائيل في بقاء الحزب على الحدود التركية؛ بحيث يكون قاد ار على إثارة المشاكل األمنية‬
‫في أي وقت للضغط على تركيا التخاذ مواقف أقل حدة تجاه إسرائيل‪ ،‬وأيضا تحسبا لحدوث‬
‫تغيير سياسي في سوريا يضمن رحيل الرئيس السوري بشار األسد‪ ،‬وما يستتبع ذلك من‬
‫احتمالية قيام دولة مستقلة لألكراد قد يكون لها امتدادات جغرافية داخل الحدود التركية‪ ،‬خاصة‬
‫في محافظة هاتاي‪ ،‬إضافة إلى ترسيم الحدود واعادة تقسيم مياه نهري دجلة و الفرات‪ .‬وفي‬
‫تقرير أصدره مركز أبحاث األمن القومي االسرائيلي تنبأ بأنه ال يمكن أن يصمد أي اتفاق‬
‫مستقبلي مع تركيا بسبب التناقض الكبير في المصالح بين تل أبيب وأنقرة‪ ،‬مشي ار إلى أن كال‬
‫من إسرائيل وتركيا ستتصادمان حول مناطق النفوذ في سوريا في حال سقوط نظام بشار األسد‪.‬‬
‫حيث ستكونان معنيتين بهامش حرية كبير في العمل العسكري في سوريا خاصة في الملف‬
‫الكردي؛ حيث تدعم إسرائيل قيام دولة كردية بينهما تتخوف تركيا من ذلك‪ .‬مما قد يجعل‬
‫المواجهة بين البلدين ليست أم ار مستبعدا‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Bakr Sidki,"The Syrian Revolution and the Role of Turkey ", 1 February 2014. http://www.lb.boell.org/web/52-‬‬
‫‪732.html‬‬

‫‪ - 2‬دوائر إسرائيلية تنصح نتنياهو بإسقاط أردوغان"‪ 02 ،‬ماي ‪،2003‬‬


‫‪http://www.sasapost.com/turkey-israel‬‬
‫‪168‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫وكنتيجة لذلك‪ ،‬عملت تركيا على تقوية عالقاتها مع إيران‪ .‬فعلى الرغم من أن الملف‬
‫السوري كان سببا رئيسيا في تراجع هذه العالقات خالل المرحلة السابقة‪ ،‬إال أنه حدث التقارب‬
‫مرة أخرى على خلفية توافق الطرفين على ضرورة الحل السياسي السلمي لهذا الملف‪ ،‬ورفض‬
‫التدخل العسكري لحسمه‪ ،‬كذلك االتفاق على ضرورة محاربة التنظيمات الكردية‪ .‬بحيث تتقاسم‬
‫كل من إيران و تركيا هواجس مشتركة فيما يخص الجماعات الكردية االنفصالية الموجودة في‬
‫كل من تركيا و إيران‪ ،‬و التي تتعاون مع التنظيمات الكردية الموجودة في كل من العراق‬
‫وسوريا‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يمكن أن يكون هذا الملف أحد الملفات األساسية التي سيتعاون فيها البلدان‬
‫مع استمرار عالقاتها اإليجابية في المستقبل‪ .‬ويمكن أن يسهم هذا التعاون في تخفيف المخاوف‬
‫التركية من تأثير المليشيات الكردية على حدودها الشرقية و الجنوبية‪.1‬‬
‫تتخوف إسرائيل من إمكانية سيطرة تيارات اإلسالم المتطرف على السلطة في حالة‬
‫سقوط نظام بشار األسد‪ .‬فرغم عدم وجود معاهدة سالم بين البلدين‪ ،‬فإن الحدود لم تشهد‬
‫مواجهات عسكرية مباشرة منذ أربع عقود‪ .‬ولذلك فإن ‪ ،‬إسرائيل تفضل سيناريو التغيير داخل‬
‫النظام‪ ،‬وليس إسقاط النظام؛ أي إعادة تأسيس النظام نفسه على أسس ديمقراطية وعلمانية حتى‬
‫ال يتحول إلى نظام إسالمي‪ .2‬أما تركيا؛ فسوف تكون من أكبر المستفيدين من عملية التغيير‬
‫في سوريا‪ ،‬إذا تمت لصالح التيار اإلسالمي أو حلفائه‪ .‬فقد سمحت تركيا لجماعة اإلخوان‬
‫المسلمين السورية بالتحرك في اسطنبول ولمراقبها العام باإلدالء بتصريحات‪ .‬وتناقلت وسائل‬
‫إعالم تركية أن" رياض الشقفة"‪ ،‬المراقب العام لجماعة اإلخوان المسلمين السورية‪ ،‬قد صرح‬
‫بأن جماعة اإلخوان‬
‫" تدير المظاهرات في سوريا‪ ،‬وتشارك فيها بفعالية و بأعداد كبيرة‪ ،‬وبأنها لن تتوقف قبل إسقاط النظام"‪.3‬‬

‫‪" -‬التقارب التركي اإليراني المبكر‪ ..‬قراءة في زيارة أردوغان األخيرة لطهران ‪ 23‬يناير سنة ‪ ،" 2003‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬ادريس‪ ،‬محمد السعيد ‪ ،‬سيناريوهات اليقين الغامض‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪00 ،‬‬
‫ماي‪،2003‬‬
‫‪http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/2/132/1617/%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%‬‬
‫‪D9%84%D8%A7%D8%AA/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/%D8%B3‬‬
‫‪%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%AA-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%82%D9%8A%D9%86-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D9%85%D8%B6.aspx‬‬
‫‪ -‬جواد الحمد‪" ،‬عودة المشرق؟ التفاعالت االستراتيجية في دائرة المشرق العربي"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،31‬العدد‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،023‬يوليو ‪ ،2002‬ص ‪.30‬‬


‫‪169‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫ومن المتغيرات التي تدعم هذا السيناريو‪ ،‬هي إمكانية حدوث تحول جذري في‬
‫االستراتيجية األمريكية في الشرق األوسط‪ ،‬نتيجة إدراكها بتهديد مصالحها في المنطقة بموافقها‬
‫السابقة المؤيدة إلسرائيل‪ .‬ومن شأن ذلك أن يدفعها إلعادة حساباتها من قضايا المنطقة‪.‬‬
‫ويستمد هذا السيناريو من أن السياسات األمريكية في منطقة الشرق األوسط هي الحاسمة في‬
‫أية ترتيبات مستقبلية‪ .1‬صاحب قرار حكومة نتنياهو خالل عام ‪2000‬م المتمثل في بناء‬
‫‪ 0900‬وحدة سكنية استيطانية بالقدس ردود الفعل الدولية المنددة بهذا القرار‪ ،‬ال سيما األمم‬
‫المتحدة واالتحاد األوروبي‪ ،‬والتي دفعت بالواليات المتحدة األمريكية إلى اإلعراب عن خيبة‬
‫أملها للقرار اإلسرائيلي‪ ،‬طالبة من إسرائيل العدول عن هذا المخطط‪ ،‬معتبرة إياه عقبة أمام‬
‫مسار السالم في المنطقة‪ .‬وقد عبرت االدارة األمريكية عن عدم رضاها للسياسة األمريكية التي‬
‫تنتهجها الحكومة اإلسرائيلية‪ ،‬مؤكدة عزمها التخلي عن سياستها السابقة تجاه إسرائيل‪ ،2‬ناهيك‬
‫عن‪ ،‬التقارب اإليراني‪ -‬األمريكي الذي حدث بعد االتفاق النووي لمجموعة ‪ 0+5‬وايران في ‪23‬‬
‫نوفمبر ‪ .2009‬وقد جاء هذا التقارب كنتيجة لسياسة االنفتاح الجديدة التي انتهجتها إيران مع‬
‫مجيء حسن روحاني الى السلطة‪ .‬وقد شعرت الدول التي تقيم عالقات عدائية مع إيران مثل‬
‫وعبرت بصراحة عن عدم رضاها عنه‪3‬؛ تخشى إسرائيل أن يؤدي‬
‫إسرائيل بخطورة هذا التقارب‪َّ ،‬‬
‫اال نفراج في العالقات بين إيران والواليات المتحدة إلى إحداث تغيير استراتيجي في المنطقة من‬
‫شأنه أن يؤثر على مكانتها ودورها‪ ،‬وفي الوقت نفسه يعزز مكانة إيران بوصفها دولة إقليمية‬
‫ذات نفوذ واسع في الشرق األوسط‪ .‬كما يمكن أن يؤدي إلى إنهاء عزلة إيران الدولية وتحسين‬
‫عالقاتها مع الدول الغربية ويؤدي أيضا إلى تقليص العقوبات االقتصادية الدولية ضد إيران‬
‫تدريجيا‪ ،‬في إطار خطوات عملية إلعادة بناء الثقة بين الغرب وايران‪ ،‬قبل التوصل إلى اتفاق‬
‫شامل بشأن الملف النووي اإليراني‪ ،‬ما يعزز قدرة إيران على عملية المفاوضات بشأن برنامجها‬
‫النووي‪ .‬باإلضافة إلى التخوف اإلسرائيلي من أن تتوصل الواليات المتحدة األمريكية إلى اتفاق‬
‫شامل بشأن الملف النووي اإليراني وملفات الصراع األخرى في المنطقة دون إجراء التنسيق‬
‫الكامل مع إسرائيل أو أن يكون لديها القدرة على التأثير في مضمون هذا االتفاق ومكوناته‪ .‬أما‬
‫تركيا؛ فنظرت إلى هذا التقارب على أنه أمر واقع‪ ،‬إذ أنها وسعت إلى االستفادة من الفرص‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مراد فول‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.831‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.835‬‬
‫‪ -‬محمد جابر ثلجي‪ ،‬المرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪170‬‬
‫آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫التي يمكن أن تتحقق منه‪ ،‬وتقليل المخاطر‪ ،‬التي يمكن أن تنتج عنه‪ ،‬وأعلنت رسميا عن‬
‫دعمها لهذا التقارب‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬هشام برغش ‪" ،‬ملخص ورقة التقارب األمريكي الغربي االيراني و تدعاياته"‪ 11 ،‬ماي ‪،2112‬‬
‫‪http://www.almoslim.net/node/196797‬‬

‫‪171‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتـــمة‬

‫تراجع العالقات التركية – اإلسرائيلية عند المستوى الدبلوماسي والسياسي‪ ،‬جاء نتيجة‬
‫تراكمات كثيرة ومتغيرات سياسية داخلية‪ ،‬إقليمية‪ ،‬دولية‪ ،‬وتعبي ار عن نظرة تركية جديدة مغايرة‬
‫إلسرائيل هذه األخيرة‪ ،‬التي باتت تخشى من التوجهات التركية الجديدة في ظل حكومة حزب‬
‫العدالة‪ ،‬خاصة بعد إج ارئها إصالحات دستورية عميقة وشاملة‪ ،‬قللت من تدخل المؤسسة‬
‫العسكرية في عملية صنع القرار على الصعيدين الداخلي والخارجي‪ ،‬وعززت من دور الحكومة‬
‫التركية المنتخبة‪ .‬كما أن األحداث والتطورات اإلقليمية ساهت ‪ -‬بشكل واضح‪ -‬في تردي‬
‫العالقات التركية – اإلسرائيلية‪ .‬فقد كشف الهجوم اإلسرائيلي على قطاع عزة وانسحاب رئيس‬
‫الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من دافوس‪ ،‬والتي عدت الحادثة األولى من نوعها في‬
‫تاريخ الدبلوماسية التركية‪ ،‬واعتبرت إهانة لمسؤول إسرائيلي في محفل دولي‪ ،‬ثم الهجوم‬
‫اإلسرائيلي على أسطول الحرية‪ ،‬وحادثة المقعد المنخفض عن عمق التناقضات في تصورات‬
‫الدولتين لمصالحهما بالمنطقة‪.‬‬
‫لكن على الرغم مما ط أر على العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيلية من مستجدات‪ ،‬إال أنه‬
‫‪-‬من المستبعد‪ -‬أن يكون هناك تغيير من قبل الطرفين في عالقاتهما االستراتيجية‪ .‬فكل من‬
‫أنقرة و تل أبيب مازالتا بحاجة لبعضهما البعض‪ ،‬و يدركان أن هناك مصالح استراتيجية قوية‬
‫تجمع بينهما‪ .‬وبالرغم من مخاوف إسرائيل من التغيرات التي أدخلتها تركيا على سياستها‬
‫اإلقليمية‪ ،‬فإنها تراهن على عدم إقدام أنقرة على مراجعة عالقاتهما الوثيقة‪ ،‬لحاجتها الماسة‬
‫لألوراق االستراتيجية التي تحوزها تل أبيب على جميع المستويات‪ ،‬السيما في هذه الفترة بالذات‬
‫بسبب التطورات التي تشهدها منطقة الشرق األوسط‪.‬‬
‫ومن خالل تعرضنا لمختلف المراحل والمتغيرات التي حكمت العالقات التركية –‬
‫اإلسرائيلية في ظل حكومة حزب العدالة و التنمية‪ ،‬سمحت لنا هذه الدراسة باختبار الفرضيات‬
‫التي صياغتها في مقدمة البحث على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬فبالنسبة للفرضية األولى؛ والتي تنص على أن صعود حزب العدالة والتنمية للحكم أدى‬
‫إلى تبني تركيا لتوجهات جديدة في سياستها الخارجية تجاه إسرائيل‪ .‬تم إثبات صحة هذه‬

‫‪173‬‬
‫خاتـــمة‬

‫الفرضية‪ .‬فقد أدى صعود حزب العدالة والتنمية للحكم إلى تبني تركيا لتوجهات جديدة‬
‫في سياستها الخارجية معتمدة على "نظرية العمق االستراتيجي" التي طرحها وزير‬
‫خارجيتها أحمد داود أوغلو وبدأت تطبيقها بأهداف خارجية جديدة وتوجهات مختلفة عن‬
‫السابق‪ .‬حيث ساهمت في تعزيز الدور اإلقليمي لتركيا وأثرت على العالقات التركية –‬
‫اإلسرائيلية‪.‬‬
‫‪ -‬أما الفرضية الثانية؛ التي تركز على أنه كلما سعت تركيا إلى بناء عالقة ايجابية مع‬
‫دول العالمين العربي واإلسالمي‪ ،‬كلما انعكس ذلك سلبا على استقرار عالقاتها مع‬
‫إسرائيل‪ .‬تم نفي هذه الفرضية‪ ،‬ذلك ألن هناك سياسة تركية جديدة مفادها إبعاد تركيا‬
‫عن سياسة المحاور واقامة عالقات جيدة مع جميع القوى اإلقليمية والدولية بالقدر‬
‫الممكن‪ .‬وفي هذا السياق كان االنفتاح التركي على دول العالمين العربي واإلسالمي واذا‬
‫أن التعاون بين تركيا‬
‫كان من المفترض اعتبار ذلك تقليص للعالقات مع إسرائيل‪ ،‬إال ّ‬
‫واسرائيل لم ينقطع بشكل نهائي‪ .‬كما تتميز سياسة خارجية تركيا الجديدة بأنها سياسة‬
‫متعددة األبعاد واالتجاهات كونها ال تقصي أي طرف نتيجة إلتباعها سياسة تصفير‬
‫المشاكل وبالتالي فتركيا تدخل في عالقات مع كل األطراف سواء باالتجاه نحو حلفاءها‬
‫التقليدين أو انفتاحها على العالم العربي واإلسالمي ذلك أن التقارب التركي مع العالم‬
‫العربي و اإلسالمي ال يعني وفق سياسة تعدد األبعاد أن يكون على حساب العالقات‬
‫مع إسرائيل‪ .‬أما بالنسبة لعدم استقرار عالقة تركيا بإسرائيل كان ذلك بسبب السياسيات‬
‫اإلسرائيلية التي كانت تزعج الرأي العام التركي كما تزعج حزب العدالة والتنمية‪ ،‬فكان‬
‫البد من تحرك تركي ممثل بوقف حازم ضد السياسات اإلسرائيلية‪ ،‬كون استراتيجية‬
‫حكومة حزب العدالة قائمة على التوازن مع جميع دول الجوار‪ ،‬وكون الشارع التركي ندد‬
‫باألعمال التي توالت من قبل إسرائيل على لبنان خالل عام ‪6002‬م‪ ،‬واالنتهاكات بحق‬
‫الشعب الفلسطيني‪ ،‬حتى وصلت تهدد األمن القومي التركي‪ ،‬عندما قامت طائرات‬
‫إسرائيلية باختراق األجواء التركية وقصف مواقع سورية‪ ،‬فهذه التصرفات كانت تضغط‬

‫‪174‬‬
‫خاتـــمة‬

‫على تركيا أمام الدول العربية كونها حليفها العسكري‪ ،‬وبذلك بدأ التوتر يدخل العالقات‬
‫التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪.‬‬
‫تم إثبات صحة الفرضية الثالثة التي تركز على أن تركيا تسعى إلى لعب دو ار أساسيا‬ ‫‪-‬‬

‫في سياستها الخارجية من خالل حفاظها على عالقاتها بإسرائيل من جهة وتقوية‬
‫عالقاتها بدول الجوار من جهة أخرى‪ .‬فاالندفاع التركي الجديد باتجاه القضايا العربية‬
‫والشرق األوسط‪ ،‬ال يعني التخلي عن الخيار الغربي أو االندماج في الخيار الشرقي‪،‬‬
‫ولكنها تأتي في سياق تقدير مراجعة دقيقة للحسابات المحلية واإلقليمية والدولية‪.‬‬
‫فالنموذج التركي الواعد يبدو المرجح كأحد النماذج الرئيسية في المنطقة مقابل إسرائيل‬
‫وايران‪ .‬وفي ظل عدم الصحوة العربية‪ ،‬خاصة الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬أصحبت‬
‫مضطرة إلحالة الكثير من الملفات إلى قوى إقليمية قوية ومقبولة لتقوم بإدارتها بالنيابة‪.‬‬
‫كما تساهم عدة عناصر في التأكيد على أن االندفاع التركي ويقابله الضعف العربي بعد‬
‫احتالل العراق‪ ،‬ومسك تركيا لعصب الطاقة الثاني في القرن الواحد والعشرين المتمثل‬
‫في المياه الذي تحتاجه كافة دول المنطقة‪ ،‬ونموذجها اإلسالمي المقبول‪ ،‬وعالقاتها‬
‫االستراتيجية مع الواليات المتحدة األمريكية واسرائيل‪ .‬كما أن لتعاظم النفوذ اإليراني‬
‫المنافس التاريخي لتركيا في المجال الحيوي العربي واإلسالمي‪ ،‬يعطيها إمكانية القيام‬
‫بهذا الدور‪ ،‬بما تمتلكه من مقومات جيو_استراتجية وقبول من كافة القوى اإلقليمية‬
‫المؤثرة في المنطقة‪ .‬ف السياسة الخارجية الجديدة لتركيا تسعى لتعزيز مكانتها من خالل‬
‫القيام بدور محوري وأساسي إلنجاز السالم‪ ،‬واإلسهام في حل النزعات وتحقيق االستقرار‬
‫اإلقليمي وهذا الدور االقليمي‪ .‬الفاعل يتطلب أن تكون أنقرة على عالقات جيدة بكل‬
‫دول المنطقة‪ ،‬بما فيها إسرائيل‪ ،‬وقطع العالقة معها يعني إلغاء تركيا لدورها بنفسها‪،‬‬
‫وفقدانها جانبا مهما من التأثير والنفوذ االقليمي‪ .‬كما أن قطع العالقات مع إسرائيل ال‬
‫يخدم السياسة التركية بأي شكل من األشكال‪ ،‬فهو يتعارض مع مبدأ تصفير المشاكل‪،‬‬

‫‪175‬‬
‫خاتـــمة‬

‫وبالتالي إن قطعت تركيا عالقاتها مع إسرائيل‪ ،‬فإنها تكون بذلك نسفت مبادئها وناقضت‬
‫نفسها‪.‬‬
‫كما تم إثبات صحة الفرضية الرابعة؛ والتي تنص على أنه كلما تطورت وتحسنت‬ ‫‪-‬‬

‫العالقات بين تركيا و إسرائيل‪ ،‬كلما توافقت المدركات األمنية لكلتا الدوليتين‪ .‬ما يمكن‬
‫قوله أن التحالف االستراتيجي بين تركيا واسرائيل استند في حقبة التسعينات من القرن‬
‫العشرين إلى عدة عوامل كان أهمها اإلدراك المشترك لنفس التحديات والهواجس األمنية‬
‫واألولويات الجيو_بوليتيكية‪ ،‬خصوصا رؤيتها لما كانت تمثله سوريا في تلك الفترة من‬
‫تهديد لكيانهما‪ .‬كما أن العالقات التركية – اإلسرائيلية في ظل حكومة حزب العدالة‬
‫والتنمية‪ ،‬دفعت بها التهديدات األمنية النتفاضات الربيع العربي‪ ،‬خاصة في سوريا إلى‬
‫التقاء مصالح و إرادات كل من تركيا واسرائيل بضرورة توثيق عالقاتهما كخيار أنجع‬
‫لمواجهة هذه التحديات‪ ،‬السيما وأن مصدرها واحد‪ ،‬وان اختلفت درجة خطورتها من‬
‫دولة إلى أخرى‪ ،‬مع ما مثله العامل األمريكي من دور مشجع في توثيق عالقات البلدين‬
‫واعادة االعتبار لهما كأهم ركيزتين الستراتيجيتها في الشرق األوسط‪.‬‬

‫ومن خالل هذه الدراسة تم التوصل إلى العديد من االستنتاجات نوجزها فيمايلي‪:‬‬

‫أوال؛ إن المتتبع للعالقات التركية – اإلسرائيلية يستطيع أنها شاملة لجميع أسباب إقامة العالقات‬
‫فهي تشمل على تفسير المصلحة في العالقات الدولية‪ .‬وهو سبب إقامة العالقات بين البلدين‪،‬‬
‫وعلى مفهوم االعتماد المتبادل‪ .‬حيث إن كال من تركيا واسرائيل تعتمد على األخرى في عدة‬
‫جوانب‪ ،‬أهمها العسكرية واألمنية واالقتصادية‪.‬‬
‫عما كانت عليه السياسة‬
‫ثانيا؛ توجهات السياسة الخارجية التركية الجديدة لم تتغير جذريا ّ‬
‫الخارجية التركية قبل صعود حزب العدالة و التنمية ‪ ،‬إنما تأتي في إطار عملية إعادة‬
‫التموضع والبناء التي تبناها حزب العدالة والتنمية في المجاالت االقتصادية واالجتماعية‬
‫والسياسية‪ ،‬واالستفادة من عمقها الجغرافي و التاريخي‪ .‬وأيضا في إطار القيام بأدوار فاعلة‬
‫تجاه األحداث والمشكالت التي وقعت بعد الحرب الباردة‪ .‬فتركيا لم تمس بالثوابت الجوهرية‬

‫‪176‬‬
‫خاتـــمة‬

‫لتركيا و التي ورثتها عن مصطفى كمال أتاتورك وهي علمانية الدولة‪ .‬ولم تتخل عن عالقاتها‬
‫التقليدية مع الواليات المتحدة واسرائيل و كعضو فاعل في حلف شمال األطلسي‪ ،‬حتى أنها لم‬
‫تتخل عن خيارها االستراتيجي وهو االنضمام إلى االتحاد األوروبي‪ .‬وكل هذا ال يخرج عن‬
‫نطاق المصالح القومية لتركيا والتي تعتبر المحرك األساسي ألي سياسة خارجية ألي دولة‪.‬‬
‫ثالثا؛ تعتبر الواليات المتحدة الداعم الرئيسي للعالقات التركية – اإلسرائيلية‪ ،‬ألن مبدأ رئيسي‬
‫من مبادئ سياستها الشرق أوسطية يقوم على إنشاء تحالف تركي – إسرائيلي يخدم المصالح‬
‫األمريكية في المنطقة ويحافظ على األمن واالستقرار‪ ،‬واحتواء األنظمة المعارضة لها‪.‬‬
‫رابعا؛ أن توجه أي سياسة خارجية ألي دولة يندرج ضمن المصالح القومية لها‪ .‬فتركيا هي‬
‫األخرى تسعي في تحركها إلى تحقيق جملة من المصالح أهمها‪ ،‬فتح أسواق جديدة لمنتجاتها ‪،‬‬
‫وأن تلعب دو ار إقليميا مهما في الشرق األوسط‪ .‬وعليه فحزب العدالة والتنمية والساسة القائمين‬
‫عليه في سياستهم الجديدة والتي تقوم على التوازن وتصفير المشكالت مع جميع الدول‪ ،‬سوف‬
‫تفتح لها آفاقا جديدة في التعامل مع العديد من الدول‪ ،‬وخاصة في الجانب االقتصادي‪ .‬حيث‬
‫أصبح معدل النمو االقتصادي داخل تركيا أضعاف ما كان عليه سابقا‪ ،‬خصوصا بعد أن بدأت‬
‫االستثمارات العربية في التوجه نحو تركيا‪ .‬وبالتالي ينتج عنه تحول في المصالح وينعكس ذلك‬
‫على مستوى العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪.‬‬
‫خامسا؛ تغيير التوجه التركي صوب إسرائيل ال يعكس رؤية حزب العدالة و التنمية بمفرده‪ ،‬بل‬
‫يعكس رؤية دولة بأكملها بمختلف مؤسساتها‪ ،‬ألن كل ما يصدر عن حزب العدالة و التنمية‪،‬‬
‫يعرض على مجلس األمن القومي التركي‪ ،‬الذي يجمع مختلف المؤسسات الدستورية بتركيا‪.‬‬
‫لهذا‪ ،‬فإن سعي الحكومة للعالقات والمواقف التركية‪ -‬التي رأيناها حديثا‪ -‬يعكس موقف الدولة‬
‫التركية حكومة وشعبا ومؤسسات‪.‬‬
‫سادسا؛ بعد تطرقنا إلى السيناريوهات المحتملة لمستقبل العالقات التركية – اإلس ارئيلية في ظل‬
‫حكومة حزب العدالة والتنمية‪ ،‬نرجح في المستقبل القريب والمتوسط‪ ،‬استمرار الوضع القائم‬
‫المتسم بالتراجع النسبي في العالقات التركية – اإلسرائيلية على مستوى العالقات الدبلوماسية‬

‫‪177‬‬
‫خاتـــمة‬

‫والسياسية‪ ،‬دون القدرة على التأثير في الجانبين العسكري و االقتصادي وفي المسار العام لهذه‬
‫العالقات‪ .‬حيث يمكن القول أن ثوابت السياسة الخارجية التركية التقليدية لن تتغير بشكل‬
‫جذري‪ ،‬وأن ما تشهده حاليا هو محاولة التكيف مع متطلبات البيئة الداخلية‪ ،‬باإلضافة إلى ما‬
‫تمليه المصالح القومية التركية‪ .‬فالعودة إلى عالقات استراتيجية قوية بين البلدين وعلى حساب‬
‫دول الجوار في منطقة الشرق األوسط تبدو غير منطقية في ظل ما تحوزه هذه الدول من‬
‫موارد مالية مهمة بالنسبة لتركيا‪ ،‬السيما في القطاعات االقتصادية‪ ،‬سواء لتسويق منتجاتها أو‬
‫االستيراد ما تحتاجه من المواد الخام‪ ،‬من أجل توفر بدائل عدة للنهوض باقتصادها‪ .‬كما أن‬
‫القطيعة النهائية بينهما ال تبدو واقعية من منظور المصالح المشتركة التي تجمع بينهما‪ .‬فهي‬
‫عالقات عميقة‪ ،‬ال يمكن لكل منهما االستغناء عنها‪ ،‬بل يمكن اعتبار هذا تأزمها مسألة ظرفيه‬
‫تخدم الطرفان لتحقيق مصالح متبادلة ‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫ق ائمة‬
‫المصادر‬
‫و المراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫أوال‪ /‬باللغة العربية‪:‬‬

‫الكتب‪:‬‬ ‫‪.I‬‬

‫‪ - 1‬أبو الخير‪ ،‬السيد مصطفى أحمد ‪ ،‬النظرية العامة لألحالف العسكرية‪ ،‬ايتراك للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.5002‬‬
‫‪ - 2‬أبو هالل‪ ،‬فراس ‪،‬الموقف اإلسرائيلي من االنتفاضة السورية‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة‬
‫السياسات‪ ،‬الدوحة‪.5022 ،‬‬
‫‪ - 3‬أبو هدية‪ ،‬أحمد (مترجم) ‪ ،‬الدور اإلسرائيلي في الحرب األمريكية على العراق‪ ،‬الجمهورية العربية‬
‫السورية‪ ،‬دمشق‪ ،‬مركز الدراسات الفلسطينية‪ ،‬الطبعة األولى‪.5002 ،‬‬
‫‪ - 4‬أحمد‪ ،‬أحمد يوسف و مسعد‪ ،‬نفين ( محرران)‪ ،‬حال األمة العربية ‪ 0200 -0202‬رياح التغيير‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مايو ‪.5022‬‬
‫‪ - 5‬أحمد‪ ،‬أحمد يوسف و مسعد‪ ،‬نيفين ‪ ،‬حال األمة العربية ‪ 0202-0222‬النهضة أو السقوط ‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مايو ‪.5020‬‬
‫‪ - 6‬أحمد حسن‪ ،‬ياسر ‪ ،‬تركيا البحث عن المستقبل‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة األسرة‪.5002 ،‬‬
‫‪ - 7‬آراس‪ ،‬بولنت وأخرون‪ ،‬التحول التركي تجاه المنطقة العربية‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬مركز دراسات الشرق‬
‫األوسط‪ ،‬الطبعة األولى‪.5025 ،‬‬
‫‪ - 8‬إيشلر‪ ،‬أمر اهلل ( محرر)‪ ،‬تركيا واسرائيل و حصار غزة‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬مركز دراسات الشرق‬
‫األوسط‪ ،‬الطبعة األولى‪.5020 ،‬‬
‫‪ - 9‬باكير‪ ،‬علي حسين ‪ ،‬الثورة السورية في المعادلة اإليرانية التركية‪ :‬المأزق الحالي والسيناريوهات‬
‫المتوقعة‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪.5025 ،‬‬
‫‪ - 11‬باكير‪ ،‬علي حسين ‪ ،‬محددات الموقف التركي من األزمة السورية األبعاد اآلنية واالنعكاسات‬
‫المستقبلية‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪.5022 ،‬‬
‫‪ - 11‬بوقارة‪ ،‬حسين ‪ ،‬السياسة الخارجية‪ :‬دراسة في عناصر التشخيص و االتجاهات النظرية‬
‫للتحليل‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الطبعة األولى‪.5025 ،‬‬
‫‪ - 12‬بيلس‪ ،‬جون و سميث‪ ،‬ستيف ‪ ،‬عولمة السياسة العالمية‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬مركز الخليج لألبحاث‪،‬‬
‫‪.5002‬‬
‫‪ - 13‬جندلي‪ ،‬عبد الناصر ‪ ،‬التنظير في العالقات الدولية بين االتجاهات التفسيرية و النظريات‬
‫التكوينية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار الخلدونية للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولي‪.5002 ،‬‬

‫‪180‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ - 22‬جندلي‪ ،‬عبد الناصر ‪ ،‬التحوالت االستراتيجية في العالقات الدولية منذ نهاية الحرب الباردة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬باتنة‪ ،‬دار قانة للنشر و التوزيع والتجليد‪ ،‬الطبعة األولي‪.5020 ،‬‬
‫‪ - 15‬درويش‪ ،‬هدى ‪ ،‬العالقات التركية اليهودية و أثرها على البالد العربية ‪ :‬منذ قيام يهود الدونمة‬
‫‪0461‬الى غاية القرن العشرين‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬سوريا‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الطبعة األولى‪.5005 ،‬‬
‫‪ - 16‬دورتي‪ ،‬جيمس و بالستغراف‪ ،‬روبرت ‪ ،‬النظريات المتضاربة في العالقات الدولية‪ ،‬ترجمة وليد‬
‫عبد الحي‪ ،‬الكويت‪ ،‬كاظمة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪.2892 ،‬‬
‫‪ - 17‬الزبيدي ‪ ،‬كريم مطر حمزة ‪ ،‬سياسات الواليات المتحدة تجاه تركيا‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الرضوان‬
‫للنشر و التوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪.5025 ،‬‬
‫‪ - 18‬حتى‪ ،‬ناصف يوسف ‪ ،‬النظرية في العالقات الدولية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬دار الكتاب العربي ‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪.2892 ،‬‬
‫‪ - 19‬الحروب‪ ،‬خالد ‪ ،‬التيار اإلسالمي و العلمنة السياسية‪ :‬التجربة التركية وتجارب الحركات‬
‫اإلسالمية العربية‪ ،‬فلسطين‪ ،‬معهد أبو لغد للدارسات الدولية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬أكتوبر ‪.5009‬‬
‫‪ - 21‬حسن‪ ،‬عمر كامل ‪ ،‬النظام الشرق أوسطي و تأثيره على األمن المائي العربي‪ :‬دراسة في‬
‫الجغرافيا السياسية و الجيوبولتيك‪ ،‬سوريا‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار رسالن‪ ،‬الطبعة األولى‪.5009 ،‬‬
‫‪ - 21‬حمدان ‪ ،‬محمد عبد اهلل ‪ ،‬الجماعات اليهودية في تركيا و دورها في الحياة السياسية و‬
‫االقتصادية و الثقافية التركية‪ ،‬سوريا ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬دار الزمان للطباعة و النشر و التوزيع ‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪.5022 ،‬‬

‫‪ - 22‬يافوز‪ ،‬هاكان ‪ ،‬العالقات التركية – اإلسرائيلية من منظور الجدل حول الهوية التركية ‪ ،‬دراسات‬
‫عالمية ‪ ،‬دولة اإلمارات العربية المتحدة أبو ضبي‪ ،‬مركز اإلمارات للدراسات و البحوث االستراتيجية‬
‫العدد‪ ،58‬الطبعة األولى‪.5000 ،‬‬

‫‪ - 23‬الكيالي‪ ،‬عبد الحميد ( محرر)‪ ،‬إسرائيل ومستقبلها حتى عام ‪0202‬م‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬مركز‬
‫دراسات الشرق األوسط‪ ،‬الطبعة األولى‪.5009 ،‬‬
‫‪ - 24‬الكيالني‪ ،‬هيثم ‪ ،‬تركيا و العرب‪ :‬دراسة في العالقات العربية – التركية ‪ ،‬دراسات استراتيجية‪ ،‬أبو‬
‫ظبي‪ ،‬مركز اإلمارات للد ارسات و البحوث االستراتيجية ‪ ،‬العدد ‪ ،2‬الطبعة األولى‪.2882 ،‬‬
‫‪ - 25‬ليفني‪ ،‬افرايم ‪ ،‬الشراكة االستراتيجية الجديدة بين إسرائيل وتركيا‪ ،‬مركز بيغن للدراسات‬
‫االستراتيجية‪ ،‬ترجمة‪ :‬مركز الناطور للدراسات واألبحاث‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬يوليو ‪.5009‬‬
‫‪ - 26‬الالوندي‪ ،‬سعيد ‪ ،‬الشرق األوسط الكبير‪ :‬مؤامرة أمريكية ضد العرب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬نهضة مصر‬
‫للطباعة والنشر و التوزيع‪ ،‬الطبعة الثانية‪.5002 ،‬‬

‫‪181‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ - 27‬محارب‪ ،‬محمود ‪ ،‬العالقات اإلسرائيلية – التركية في ضوء رفض إسرائيل االعتذار‪ ،‬قطر‪،‬‬
‫الدوحة‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬نوفمبر ‪.5025‬‬
‫‪ - 28‬محفوض‪ ،‬عقيل ‪ ،‬العالقات السورية‪ -‬التركية‪ :‬التحوالت والرهانات‪ ،‬المركز العربي لألبحاث‬
‫ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪.5022 ،‬‬
‫‪ - 29‬محفوض‪ ،‬عقيل سعيد ‪ ،‬سورية وتركيا‪ :‬الواقع و الراهن واحتماالت المستقبل‪ ،‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪،5008،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ - 31‬محمد‪ ،‬داليا إسماعيل ‪ ،‬المياه والعالقات الدولية‪ :‬دراسة في أثر أزمة المياه على طبيعة ونمط‬
‫العالقات العربية التركية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬الطبعة األولى‪.5002 ،‬‬
‫‪ - 31‬محمود‪ ،‬رستم ‪ ،‬دستور جديد لتركيا‪ ...‬إمكانيات التغير‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة‬
‫السياسات‪.5022 ،‬‬
‫‪ - 32‬ممدوح‪ ،‬أحمد ‪ ،‬السياسة الخارجية التركية تجاه اسرائيل ‪ ،0222-0224‬مصر‪ ،‬المركز‬
‫الديموقراطي العربي للدراسات االستراتيجية و السياسية واالقتصادية‪.5008 ،‬‬
‫‪ - 33‬منير‪ ،‬شيماء أحمد ‪ ،‬مستقبل العالقات التركية – اإلسرائيلية في ضوء التطورات الراهنة ‪ ،‬مركز‬
‫الدراسات السياسية واالستراتيجية‪.5008 ،‬‬
‫‪ - 34‬ميرال‪ ،‬رنا و س باريس‪ ،‬جونثان ‪ ،‬تحليل النشاط الزائد للسياسة الخارجية التركية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫مركز الزيتونة للدراسات و االستشارات‪.5020 ،‬‬
‫‪ - 35‬معوض‪ ،‬جالل عبد اهلل ‪ ،‬صناعة القرار في تركيا و العالقات العربية – التركية‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪.2889،‬‬
‫‪ - 36‬معوض‪ ،‬علي جالل ‪ ،‬العثمانية الجديدة ؟ الدور اإلقليمي التركي في الشرق األوسط‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫المركز الدولي للدراسات المستقبلية واالستراتيجية‪ .‬أكتوبر‪.5008 ،‬‬
‫‪ - 37‬المنصور‪ ،‬عبد العزيز شحادة ‪ ،‬المسألة المائية في السياسة السورية تجاه تركيا‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬يناير ‪.5000‬‬
‫‪ - 38‬ميرشايمر‪ ،‬جون و والت‪ ،‬ستيفن ‪ ،‬اللوبي اإلسرائيلي و السياسة الخارجية األمريكية‪ ،‬دراسات‬
‫عالمية‪ ،‬دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬مركز اإلمارات للدارسات و البحوث االستراتيجية‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.5009 ،‬‬
‫‪ - 39‬المشاقبة‪ ،‬أمين و سعد شاكر شلبي‪ ،‬التحديات األمنية للسياسة الخارجية األمريكية في الشرق‬
‫األوسط‪ :‬مرحلة ما بعد الحرب الباردة ‪ ،0221 -0222‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.5025 ،‬‬
‫‪ - 41‬النعيمي‪ ،‬لقمان عمر ‪ ،‬تركيا واالتحاد األوروبي‪ :‬دراسة لمسيرة االنضمام‪ ،‬دولة اإلمارات العربية‬
‫المتحدة‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪.5002 ،‬‬

‫‪182‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ - 41‬النعيمي‪ ،‬أحمد نوري ‪ ،‬النظام السياسي في تركيا‪ ،‬المملكة األردنية الهاشمية‪ ،‬دار زهران للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪.5022 ،‬‬
‫‪ - 42‬النعيمي‪ ،‬أحمد نوري ‪ ،‬الوظيفة اإلقليمية لتركيا في الشرق األوسط‪ ،‬المملكة األردنية الهاشمية‪،‬‬
‫دار زهران للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪.5022 ،‬‬
‫‪ - 43‬نور الدين‪ ،‬محمد ‪ ،‬تركيا الجمهورية الحائرة ‪ :‬مقاربات في الدين و السياسة و العالقات‬
‫الخارجية ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬مركز الدراسات االستراتيجية والبحوث و التوثيق ‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪.2889،‬‬
‫‪ - 44‬نور الدين‪ ،‬محمد ‪ ،‬تركيا في الزمن المتحول‪ :‬قلق الهوية وصراع الخيارات‪ ،‬بيروت‪ ،‬رياض‬
‫الرايس للكتب و النشر‪ ،‬الطبعة األولى‪.2822 ،‬‬
‫‪ - 45‬نوري‪ ،‬أحمد ‪ ،‬العالقات التركية الروسية ‪ :‬دراسة في الصراع و التعاون ‪ ،‬األردن ‪ ،‬عمان ‪ ،‬دار‬
‫زهران للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪.5022،‬‬
‫‪ - 46‬نوفل‪ ،‬ميشال ‪ ،‬عودة تركيا إلى الشرق‪ :‬االتجاهات الجديدة للسياسة التركية‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬الطبعة األولى‪.5020 ،‬‬
‫‪ - 47‬سبيتان‪ ،‬سمير ذبيان ‪ ،‬تركيا في عهد رجب طيب أردوغان‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬الجنادرية للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪.5025 ،‬‬
‫‪ - 48‬علي‪ ،‬عثما ن‪ ،‬حزب العدالة و التنمية في تركيا و المسألة الكردية‪ ،‬أربيل‪ ،‬مطبعة منارة‪ ،‬الطبعة‬
‫األولي‪.5022 ،‬‬
‫‪ - 49‬العاطي‪ ،‬محمد عبد ( محرر) تركيا بين تحديات الداخل ورهانات الخارج‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬الدار‬
‫العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬الطبعة األولي‪.5008 ،‬‬
‫‪ - 51‬صالح ‪ ،‬محسن‪ ،‬تركيا و القضية الفلسطينية‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدراسات و االستثمارات‪،‬‬
‫‪.5020‬‬
‫‪ - 51‬صالح ‪ ،‬محمد ‪،‬الجيش اإلسرائيلي ‪ ،0200-0222‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدارسات‬
‫واالستشارات‪.5022 ،‬‬
‫‪ - 52‬صالح‪ ،‬محسن ‪ ،‬قوافل كسر الحصار عن قطاع غزة‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدراسات‬
‫واالستشارات‪.5022 ،‬‬
‫‪ - 53‬فرج ‪ ،‬أنور محمد ‪ ،‬نظرية الواقعية في العالقات الدولية‪ :‬دراسة نقدية ومقارنة في ضوء‬
‫النظريات المعاصرة ‪،‬السليمانية ‪ ،‬مركز كرديستان للدراسات اإلستراتيجية ‪.5002 ،‬‬

‫‪183‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ - 54‬فولر‪ ،‬جراهم ‪ ،‬الجمهورية التركية الجديدة‪ :‬تركيا كدولة محورية في العالم اإلسالمي‪ ،‬دولة‬
‫اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،5008‬ص ‪.222‬‬
‫‪ - 55‬تغيان‪ ،‬شريف ‪ ،‬الشيخ الرئيس رجب طيب أردوغان‪ :‬مؤذن إسطنبول ومحطم الصنم األتاتوركي‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬الطبعة األولى‪.5022 ،‬‬
‫‪ - 56‬توفيق‪ ،‬سعد حقي ‪ ،‬عالقات العرب الدولية في مطلع القرن الحادي و العشرين‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫دار وائل للنشر و التوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪.5002 ،‬‬
‫‪ - 57‬توفيق‪ ،‬سعد حقي ‪ ،‬عالقات العرب الدولية في مطلع القرن الحادي والعشرين‪ ،‬بغداد‪ ،‬دار وائل‬
‫للنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪.5002 ،‬‬
‫‪ - 58‬خماش‪ ،‬رنا عبد العزيز ‪ ،‬العالقات التركية اإلسرائيلية وتأثيرها على المنطقة العربية ‪ ،‬األردن ‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬مركز دراسات الشرق األوسط ‪ ،‬الطبعة األولى‪.5020 ،‬‬
‫‪ - 59‬خورشيد‪ ،‬حسين دلي ‪ ،‬تركيا و قضايا السياسة الخارجية ‪ ،‬سوريا‪ ،‬دمشق‪ ،‬مكتبة األسد‪.2888 ،‬‬
‫‪ - 61‬روبنس‪ ،‬فليب ‪ ،‬تركيا و الشرق األوسط‪ ،‬ترجمة ‪ :‬ميخائيل نجم خوري‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫قرطبة للنشر و التوثيق و األبحاث‪ ،‬الطبعة األولى‪.2882‬‬
‫‪ - 61‬الضميري‪ ،‬عماد ‪ ،‬تركيا و الشرق األوسط ‪ ،‬مركز القدس للدراسات السياسية ‪ ،‬عمان ‪.5005،‬‬
‫‪ - 62‬غريفيتش مارتن و أوكال هان‪ ،‬تيري ‪،‬المفاهيم األساسية في العالقات الدولية ‪،‬مركز الخليج‬
‫لألبحاث‪.5009 ،‬‬
‫‪ - 63‬غزالي‪ ،‬عبد الحليم ‪ ،‬اإلسالميون الجدد و العلمانية األصولية في تركيا‪ :‬ضالل الثورة الصامتة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬الطبعة األولى‪.5002 ،‬‬
‫المجالت و الدوريات‬ ‫‪.II‬‬

‫‪ - 1‬أبو هدية‪ ،‬أحمد ‪" ،‬إسرائيل وأسطول الحرية"‪ ،‬شؤون األوسط‪ ،‬العدد ‪ ،222‬صيف ‪.5020‬‬
‫‪ - 2‬بهنان‪ ،‬حنا عزو ‪ ،‬العالقات التركية السوفيتية ‪ ، 2890-2822‬دراسات إقليمية‪ ،‬العدد ‪.5002 ،2‬‬
‫‪ - 3‬بوبوش‪ ،‬محمد‪" ،‬التوجهات الجديدة للسياسة التركية الخارجية"‪ ،‬دراسات شرق أوسطية‪ ،‬السنة ‪،22‬‬
‫العدد ‪ ،22‬ربيع ‪.5022‬‬
‫‪ - 4‬بووانو‪ ،‬إدريس‪" ،‬معادالت خفية في الصراع بين التيار اإلسالمي والتيار العلماني في تركيا"‪،‬‬
‫المستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪ ،588‬جانفي ‪.5002‬‬
‫‪ - 5‬الجهماني‪ ،‬يوسف إبراهيم ‪ "،‬ثرثرة فوق المياه تركيا سوريا العراق و إسرائيل" ‪ ،‬الفكر السياسي‪ ،‬العدد‬
‫الثامن‪ ،‬شتاء ‪.5000‬‬
‫‪ - 6‬جيالن‪ ،‬موسى ‪" ،‬تركيا و األطلسي الجديد"‪ ،‬شؤون األوسط‪ ،‬العدد ‪ ،205‬صيف ‪.5002‬‬

‫‪184‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ - 7‬درويش‪ ،‬فوزي ‪" ،‬البعد العسكري في العالقات التركية – اإلسرائيلية"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪،229‬‬
‫السنة ‪.2888‬‬
‫‪ - 8‬درويش‪ ،‬فوزي ‪" ،‬المؤسسة العسكرية واالنضمام إلى االتحاد األوروبي"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،22‬العدد ‪،222‬أكتوبر ‪.5002‬‬
‫‪ - 9‬دلي‪ ،‬خورشيد ‪ " ،‬التركية اإلسرائيلية بين االعتذار والصفقة"‪ ،‬الوحدة اإلسالمية‪ ،‬السنة الثانية عشر‪،‬‬
‫العدد ‪ ،222‬أيار ‪.5022‬‬
‫‪ - 11‬دلي‪ ،‬خورشيد ‪" ،‬عودة العالقات التركية اإلسرائيلية بين االعتذار والصفقة"‪ ،‬الوحدة االسالمية‪،‬‬
‫السنة الثانية عشر‪ ،‬العدد ‪ ،222‬أيار ‪.5022‬‬
‫‪ - 11‬دياب‪ ،‬أحمد ‪" ،‬الدور األمريكي في المصالحة التركية‪ -‬اإلسرائيلية وأثرها على التفاعالت في‬
‫المنطقة"‪ ،‬شؤون عربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬العدد ‪ ،222‬صيف ‪.5022‬‬
‫‪ - 12‬دياب‪ ،‬أحمد ‪ "،‬تركيا‪ ..‬أزمة عابرة أم منافسة قادمة؟"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،28‬العدد‪،229‬‬
‫أكتوبر ‪.5002‬‬
‫‪ - 13‬حسين‪ ،‬غازي ‪ "،‬تركيا و العرب و إسرائيل" ‪ ،‬الفكر السياسي‪ ،‬العددان‪ :‬الرابع و الخامس ‪ ،‬شتاء‬
‫‪.2888-2889‬‬
‫‪ - 14‬الحمد‪ ،‬جواد ‪" ،‬عودة المشرق؟ التفاعالت االستراتيجية في دائرة المشرق العربي"‪ ،‬السياسة‬
‫الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،22‬العدد ‪ ،298‬يوليو ‪.5025‬‬
‫‪ - 15‬طالس‪ ،‬مصطفى ‪" ،‬التعاون التركي – اإلسرائيلي "‪ ،‬الفكر السياسي‪ ،‬العدد األولى‪ ،‬شتاء‬
‫‪.2882‬‬
‫‪ - 16‬يوسف‪ ،‬أحمد أحمد و مسعد‪ ،‬نفين ‪ "،‬حال األمة العربية ‪ :5022 -5025‬مستقبل التغيير في‬
‫الوطن العربي‪ :‬مخاطر داهمه"‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪ ،222‬أغسطس ‪.5022‬‬
‫‪ - 17‬كركوكلي‪ ،‬جمال كمال اسماعيل ‪" ،‬أزمة الرئاسة التركية"‪ ،‬الدراسات اإلقليمية‪ ،‬العدد ‪،20‬‬
‫‪.5009‬‬

‫‪ - 18‬كريمي‪ ،‬محمود ‪ "،‬مرحلة جديدة من العالقات التركية – اإلسرائيلية"‪ ،‬مختارات إيرانية‪ ،‬مايو‬
‫‪.5022‬‬

‫‪ - 19‬اللباد‪ ،‬مصطفى ‪" ،‬الحوار العربي – التركي‪ ...‬رؤى أكاديمية"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪،22‬‬
‫العدد ‪ ،228‬يناير ‪.5020‬‬
‫‪ - 21‬النعيمي‪ ،‬لقمان عمر محمود ‪" ،‬التوجهات الجديدة في سياسة تركيا الخارجية في عهد حزب‬
‫العدالة والتنمية"‪ ،‬دراسات إقليمية‪ ،‬العدد ‪.5025 ،52‬‬

‫‪185‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫النعيمي‪ ،‬لقمان عمر محمود ‪ ،‬مواقف تركيا من القضية الفلسطينية وانعكاساتها على العالقات‬ ‫‪- 21‬‬
‫التركية اإلسرائيلية ‪ ،5022 -5005‬دارسات إقليمية‪ ،‬العدد ‪. 5025 ،52‬‬
‫نور الدين‪ ،‬محمد ‪" ،‬أسطول الحرية‪ :‬تركيا في مواجهة الحلف اإلسرائيلي‪ -‬الدولي الجديد"‪،‬‬ ‫‪- 22‬‬
‫شؤون األوسط‪ ،‬العدد ‪ ،222‬صيف ‪.5020‬‬
‫‪ - 23‬نور الدين‪ ،‬محمد ‪" ،‬الحرب اإلسرائيلية على لبنان وتداعياتها‪ :‬التداعيات اإلقليمية ‪ :‬تركيا"‪،‬‬
‫المستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪ ،225‬أكتوبر ‪.5002‬‬
‫‪ - 24‬نور الدين‪ ،‬محمد ‪" ،‬تركيا‪ :‬االنتخابات والعالقات مع إسرائيل"‪ ،‬شؤون األوسط‪ ،‬العدد ‪،228‬‬
‫صيف ‪.5022‬‬
‫‪ - 25‬نور الدين‪ ،‬محمد ‪" ،‬تركيا‪ :‬االنتخابات والعالقات مع إسرائيل"‪ ،‬شؤون األوسط‪ ،‬مركز الدراسات‬
‫االستراتيجية‪ ،‬العدد ‪ ،228‬صيف‪.5022‬‬
‫‪ - 26‬نور الدين‪ ،‬محمد ‪ ،‬تركيا وسورية‪ :‬من تصفير المشكالت إلى تصفير الثقة‪ ،‬المستقبل العربي‪،‬‬
‫العدد ‪ ،285‬أكتوبر ‪.5022‬‬
‫‪ - 27‬نور الدين‪ ،‬محمد ‪ "،‬العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪ /‬الفلسطينية من دافوس إلى حادثة المقعد‬
‫المنخفض"‪ ،‬شؤون األوسط‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز الدراسات االستراتيجية‪ ،‬العدد‪.5020 ،222‬‬
‫‪ - 28‬نور الدين‪ ،‬محمد ‪ "،‬تركيا‪...‬إلى أين؟ حزب العدالة و التنمية اإلسالمي في السلطة"‪ ،‬المستقبل‬
‫العربي‪ ،‬العدد ‪ ،592‬عام ‪.5002‬‬
‫‪ - 29‬نصار‪ ،‬فاتن ‪ "،‬تركيا واسرائيل‪ ..‬محددات المستقبل"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،22‬العدد‪،295‬‬
‫اكتوبر ‪.5020‬‬
‫‪ - 31‬السبعاوي عوني عبد الرحمن ‪" ،‬إسرائيل ومشاريع المياه التركية‪ :‬مستقبل الجوار المائي العربي"‪،‬‬
‫دراسات استراتيجية‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬مركز اإلمارات للدراسات و البحوث‬
‫االستراتيجية‪ ،2882 ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ - 31‬السبعاوي‪ ،‬عوني عبد الرحمن ‪ " ،‬تركيا و الكيان الصهيوني ‪ :‬ميادين الشراكة االستراتيجية "‪،‬‬
‫الفكر السياسي‪ ،‬العدد ‪ ،22‬السنة ‪.5005‬‬

‫‪ - 32‬السامرائي‪ ،‬محمود سالم ‪ "،‬المساومة في السياسة الخارجية التركية"‪ ،‬المجلة العربية للعلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ ،22‬شتاء ‪.5002‬‬
‫‪ - 33‬عبد الجليل‪ ،‬طارق ‪" ،‬الساسة والعسكر في تركيا‪ :‬واقع العالقة ومآلها"‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪،‬‬
‫‪ 22‬أكتوبر ‪.5025‬‬
‫‪ - 34‬عبد الجليل‪ ،‬طارق ‪" ،‬دبلوماسية أردوغان‪ :‬تأثير الورقة الخارجية في نتائج االنتخابات التركية"‪،‬‬
‫السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،22‬العدد ‪ ،292‬يوليو ‪.5022‬‬

‫‪186‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ - 35‬عبد العزيز‪ ،‬هشام فوزي ‪ "،‬مشروع أنابيب السالم و المواقف العربية منه"‪ ،‬المنارة‪ ،‬مجلد ‪،22‬‬
‫العدد الثاني‪.5009 ،‬‬
‫‪ - 36‬عبد الفتاح‪ ،‬بشير ‪" ،‬أبعاد التحول في عالقات تركيا اإلقليمية"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪،22‬‬
‫العدد ‪ ،228‬يناير‪.5020‬‬
‫‪ - 37‬عبد الفتاح‪ ،‬بشير ‪" ،‬التحالفات البديلة و العالقات التركية – اإلسرائيلية"‪ ،‬السياسة الدولية‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،22‬العدد‪ ،292‬يناير ‪.5022‬‬
‫‪ - 38‬عبد الفتاح‪ ،‬بشير ‪" ،‬السياسة الخارجية التركية وقضية تأمين الطاقة"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬المجلد‬
‫‪ ،22‬العدد ‪ ،295‬أكتوبر ‪.5020‬‬
‫‪ - 39‬عبد الفتاح‪ ،‬بشير ‪" ،‬حسابات أنقرة‪ :‬مستجدات السياسة التركية في الشرق األوسط "‪ ،‬السياسة‬
‫الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،22‬العدد ‪،292‬أكتوبر ‪.5022‬‬
‫‪ - 41‬عبد الفتاح‪ ،‬بشير ‪ "،‬التحالفات البديلة و العالقات التركية – اإلسرائيلية"‪ ،‬السياسة الدولية‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،22‬العدد ‪ ،292‬يناير ‪.5022‬‬
‫‪ - 41‬العبد‪ ،‬فدوى على حسين ‪" ،‬العوامل المؤثرة في معدالت التضخم في تركيا للمدة ‪،"5002-2892‬‬
‫العراق‪ ،‬الموصل‪ ،‬دراسات إقليمية‪ .‬العدد ‪.5025 ،52‬‬
‫‪ - 42‬عكاشة‪ ،‬سعيد و عبد القادر‪ ،‬محمد ‪" ،‬العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية من التحالف إلى الصدام"‪،‬‬
‫كراسات استراتيجية‪ ،‬العدد ‪.5020 ،525‬‬
‫‪ - 43‬عماد‪ ،‬جاد‪" ،‬إسرائيل و التحريض األمريكي ضد العراق"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،22‬العدد‬
‫‪ ،220‬أكتوبر ‪ ،5005‬ص ‪.222‬‬
‫‪ - 44‬عودة‪ ،‬جهاد ‪" ،‬التحاف العسكري التركي – اإلسرائيلي"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،202‬المجلد‬
‫‪ ،29‬يوليو ‪ .5002‬عبد العزيز‪ ،‬هشام ‪" ،‬العالقات العسكرية اإلسرائيلية – التركية "‪ ،‬جامعة أم القرى‬
‫لعلوم الشريعة و الدراسات اإلسالمية‪ ،‬المجلد ‪ ،22‬العدد‪ ،55‬يونيو ‪.5002‬‬
‫‪ - 45‬عوض ‪،‬عبد العزيز محمد ‪" ،‬مالمح النظام السياسي في جمهورية تركيا"‪ ،‬شؤون الشرق‬
‫األوسط‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬العددان ‪ 52‬و‪ 55‬يناير و أبريل‪.5002 ،‬‬
‫‪ - 46‬فريدمان‪ ،‬جورج ‪ "،‬ثورة أردوغان ومستقبل الدولة التركية"‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬العدد ‪.5008 ،222‬‬
‫‪ - 47‬الراشدان‪ ،‬عبد الفتاح علي ‪" ،‬العالقات العربية التركية في عالم متغير" ‪ ،‬المجلة العلوم‬
‫االجتماعية ‪ ،‬مجلد ‪ ، 52‬مجلس للنشر و التوزيع العلمي ‪ ،‬الكويت ‪ ،‬العدد ‪.2889 ، 20‬‬

‫‪ - 48‬الربضي‪ ،‬سالم ‪" ،‬التآكل في العالقات التركية_ اإلسرائيلية وابعاد التغيير االستراتيجي"‪ ،‬المجلة‬
‫العربية للعلوم السياسية‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬العدد ‪.5022 ،20‬‬

‫‪187‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ - 49‬الشجيري‪ ،‬جاسم محمد ‪" ،‬موقف تركيا من قضية القدس في ضوء الق اررات الدولية و المؤتمرات‬
‫اإلسالمية"‪ ،‬مجلة جامعة األنبار للعلوم اإلنسانية ‪ ،‬العدد األول‪.5022 ،‬‬

‫‪ - 51‬توتشي‪ ،‬ناتالي ‪" ،‬أبعاد الدور التركي في الشرق األوسط"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬المجلد ‪ ،22‬العدد‬
‫‪ ،295‬أكتوبر ‪.5020‬‬
‫‪ - 51‬الخريطة السياسية التركية على أبواب االنتخابات المحلية"‪ ،‬المركز العربي لألبحاث و دراسة‬
‫السياسات‪ ،‬مارس ‪.5022‬‬
‫‪ - 52‬خنفي‪ ،‬عبد العظيم محمود ‪" :‬العالقات األمريكية ‪ -‬التركية" ‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬عدد‪ 222‬يوليو‬
‫‪، 5002‬مجلد ‪.29‬‬
‫مراكز األبحاث‬ ‫‪.III‬‬
‫‪ - 1‬االنتخابات المحلية التركية‪ :‬الخلفية و النتائج و الدالالت‪ ،‬الدوحة‪ ،‬مركز الجزيرة للد ارسات‪ 2 ،‬أفريل‬
‫‪.5022‬‬
‫‪ - 2‬باكير‪ ،‬علي حسين ‪ ،‬أميركا وتركيا‪ :‬معادلة القوة الصاعدة والقوة المتراجعة‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪،‬‬
‫‪ 25‬يونيو ‪.5022‬‬
‫‪ - 3‬جهشان‪ ،‬خليل ‪ ،‬الملف اإليراني بين واشنطن وتل أبيب بعد االنتخابات األمريكية‪ ،‬مركز الجزيرة‬
‫للدراسات‪ 22 ،‬ديسمبر ‪.5025‬‬
‫‪ - 4‬حمدان‪ ،‬أسامة ‪ ،‬رؤية حركة حماس للتطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية ‪ ،5022 -5025‬مركز‬
‫الزيتونة للدراسات و االستشارات‪ 2 ،‬فبراير ‪.5022‬‬
‫الجرائد‬ ‫‪.IV‬‬

‫‪" - 1‬ليبرمان يعد خطة لالنتقام من تركيا تشمل دعم األكراد واألرمن"‪ ،‬جريدة المصري اليوم‪ 08( ،‬سبتمبر‬
‫‪)5022‬‬
‫‪ - 2‬جرابعة‪ ،‬محمود ‪" ،‬فتح اهلل كولن ورجب طيب أردوغان‪ :‬أي مستقبل ينتظر حزب العدالة و التنمية؟"‪،‬‬
‫جريدة االقتصادية‪ ،‬العدد ‪ 52( ،2225‬جانفي ‪)5022‬‬
‫‪ - 3‬دياب‪ ،‬أحمد ‪" ،‬حرب باردة تركية‪ -‬إسرائيلية في الشرق األوسط"‪ ،‬جريدة الشرق األوسط‪ ،‬العدد‬
‫‪ 52( ،25220‬أكتوبر‪)5022‬‬
‫‪ - 4‬صالحة‪ ،‬سمير‪" ،‬الخارطة الحزبية التركية وموقفها من األزمة السياسية الحالية وأهم وجوهها ‪ :‬بين‬
‫اليمين واليسار يصعد اإلسالميون والتيار القومي"‪ ،‬جريدة الشرق األوسط‪ ،‬العدد ‪ 2( ،20292‬ماي‬
‫‪)5002‬‬

‫‪188‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ - 5‬المديني‪ ،‬توفيق ‪" ،‬السياسة الخارجية التركية الجديدة كما يراها أوغلو الموقع االستراتيجي في الساحة‬
‫الدولية"‪ ،‬جريدة المستقبل‪ ،‬العدد ‪ 55( ،2909‬تشرين األول ‪)5020‬‬
‫التقارير و الوثائق الرسمية‬ ‫‪.V‬‬
‫‪ - 1‬تو تونجي ‪ ،‬عبد اإلله مصطفى ‪ ،‬فوز حزب العدالة و التنمية التركي في االنتخابات العامة للمرة‬
‫الثالثة ‪ 00‬حزيران ‪ ،0200‬مركز الشرق األوسط للدراسات االستراتيجية‪ ،‬رقم التقرير ‪ ،22‬أغسطس‪،‬‬
‫‪.5022‬‬
‫التنفيذي للتقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪0200‬‬ ‫الملخص‬ ‫‪ - 2‬صالح ‪ ،‬محسن محمد ‪،‬‬
‫والمسارات المتوقعة لسنة ‪ ،0200‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدارسات و االستشارات‪.5022 ،‬‬
‫‪ - 3‬صالح ‪ ،‬محسن محمد ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ، 0224‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة‬
‫للدارسات و االستشارات‪.5002 ،‬‬
‫‪ - 4‬صالح ‪ ،‬محسن محمد ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ، 0222‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة‬
‫للدارسات و االستشارات‪.5009 ،‬‬
‫‪ - 5‬صالح ‪ ،‬محسن محمد ‪ ،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ، 0221‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة‬
‫للدارسات و االستشارات‪.5008 ،‬‬
‫‪ - 6‬صالح ‪ ،‬محسن محمد ‪،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ،0222‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة‬
‫للدارسات و االستشارات‪.5008.‬‬
‫‪ - 7‬صالح ‪ ،‬محسن محمد ‪،‬التقرير االستراتيجي الفلسطيني لسنة ‪ ،0202‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة‬
‫للدارسات و االستشارات‪.5022 ،‬‬
‫‪ - 8‬محسن محمد محمد صالح ‪ ،‬محسن و موسى نافع‪ ،‬بشير‪ ،‬الملخص التنفيذي للتقرير االستراتيجي‬
‫الفلسطيني لسنة ‪ ،0222‬بيروت‪ ،‬مركز الزيتونة للدراسات و االستشارات‪ ،‬يونيو ‪.5002‬‬
‫المطبوعات غير المنشورة‬ ‫‪.VI‬‬
‫‪- 2‬الرسائل الجامعية‬
‫أ ‪-‬أطروحات الدكتوراة‬

‫‪ - 1‬فول‪ ،‬مراد ‪ ،‬العالقات التركية اإلسرائيلية و تأثيرها على دول الجوار في منطقة الشرق األوسط‪،‬‬
‫أطروحة دكتوراه في العلوم السياسية والعالقات الدولية ‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2‬كلية العلوم السياسية‬
‫واإلعالم‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪.5022-5020 ،‬‬

‫‪189‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫ب ‪-‬مذكرات الماجستير‪:‬‬

‫‪ - 1‬أبو مطلق‪ ،‬رائد محمود ‪ ،‬العالقات التركية – اإلسرائيلية و أثرها على القضية الفلسطينية‬
‫‪ ،0202-0220‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬كلية االقتصاد و العلوم اإلدارية ‪،‬قسم العلوم‬
‫السياسية ‪.5022،‬‬
‫‪ - 2‬حجار ‪ ،‬عمار ‪ ،‬السياسة المتوسطية الجديدة لالتحاد األوروبي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماجستير في‬
‫العالقات الدولية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬جوان ‪.5005‬‬
‫‪ - 3‬شيباني‪ ،‬إيناس ‪ ،‬السياسة الخارجية األمريكية تجاه الشرق األوسط خالل إدارتي جورج بوش‬
‫األب و االبن‪ :‬دراسة تحليله مقارنة‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة باتنة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪.5020 -5008 ،‬‬
‫‪ 0‬م‪-‬واقع األنترنت‬
‫‪" - 1‬أردوغان‪ :‬رفع الحصار عن غزة كشرط لتطبيع العالقات مع إسرائيل"‪،‬‬
‫‪http://www.i24news.tv/ar/%D8%A3%D8%AE‬‬
‫‪ - 2‬أحمد‪ ،‬أحمد سيد ‪ "،‬تركيا واسرائيل‪ ..‬هل انتهى التحالف االستراتيجي‪،‬‬
‫‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=631760&eid=45‬‬
‫‪ - 3‬أحمد‪ ،‬صافيناز محمد ‪" ،‬المصالحة اإلسرائيلية واألزمة السورية"‪،‬‬
‫‪http://www.ahram.org.eg/NewsPrint/201911.aspx‬‬
‫‪ - 4‬أحمد‪ ،‬صافيناز محمد ‪" ،‬إيران وتركيا من بنتزع أوراق اآلخر اإلقليمية؟ !" ‪ ،‬مختارات إيرانية‪،‬‬
‫‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=778714&eid=471‬‬
‫‪ - 5‬أحمد‪ ،‬صافيناز محمد ‪" ،‬إسرائيل و الناتو ‪ ..‬لماذا اآلن؟ !"‪ 22 ،‬جوان ‪،5022‬‬
‫‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=1153507&eid=471‬‬
‫‪" - 6‬أسباب إلغاء تركيا مناورات صقر األناضول الجوية"‪ 22 ،‬جوان ‪،5022‬‬
‫=‪http://ifriqiyah.com/index.php?option=com_content&task=view&id‬‬
‫‪4603&Itemid=305‬‬
‫‪ - 7‬أرتاؤوط‪ ،‬محمد ‪"،‬التغلغل اإلسرائيلي في دول البلقان"‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪،‬‬
‫‪http://studies.aljazeera.net/reports/2011/07/201172182055771805.ht‬‬
‫‪ - 8‬أسطول الحرية وأزمة العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية"‪،‬‬
‫‪http://acpss.ahramdigital.org.eg/Articals.aspx?Gd=false&Serial=677357‬‬
‫‪ - 9‬أكبر ثالث مستورد‪ :‬زيادة الواردات التركية من البضائع اإلسرائيلية"‪،‬‬
‫‪http://swtak.com/article.php?id=19565‬‬

‫‪190‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪- 11‬ادريس ‪ ،‬محمد السعيد ‪ ،‬سيناريوهات اليقين الغامض‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪،‬‬
‫‪http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/2/132/1617/%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9‬‬
‫‪%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%‬‬
‫‪AA/%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%87%D8%A‬‬
‫‪7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%82%D9%8A%D9%86-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D9%85%D8%B6.aspx‬‬
‫‪ - 11‬إيشلر‪ ،‬أمر اهلل ‪" ،‬مغزى التحوالت في تركيا ومستقبل العالقات التركية‪ -‬العربية"‪،‬‬
‫‪http://www.mesc.com.jo/activities/lecture/lecture1.html‬‬
‫‪ - 12‬باكير‪ ،‬علي حسين ‪ ،‬حزمة اإلصالحات في تركيا‪ :‬التفاعالت الداخلية و التوقعات المستقبلية‪،‬‬
‫‪http://studies.aljazeera.net/reports/2013/10/20131020113131548991.ht‬‬
‫‪ - 13‬برهومة‪ ،‬محمد ‪" ،‬التحالفات المتغيرة‪ :‬العالقات اإلقليمية في مرحلة ما بعد الثورات"‪ ،‬مجلة‬
‫السياسة الدولية‪،‬‬
‫‪http://ahramonline.org.eg/Policy.aspx?Serial=691672‬‬
‫‪ - 14‬بارزاني يضع قدميه على أول الطريق في دولة " كردستان الكبرى"‬
‫‪http://www.kaldaya.net/2013/News/07/Jul23_A3_IraqNews.html‬‬
‫‪ - 15‬برغش‪،‬هشام‪ ،‬ملخص ورقة التقارب األمريكي الغربي االيراني و تدعاياته‪،‬‬
‫‪http://www.almoslim.net/node/196797‬‬
‫‪ - 16‬جامل‪ ،‬طالل ‪ "،‬تركيا‪ :‬جماعة غولن في مقابل حزب العدالة و التنمية‪ ..‬التجاذبات الداخلية‬
‫والدولية"‪ ،‬مركز الزيتونة للدراسات واالستشارات‪،‬‬
‫‪http://www.alzaytouna.net/permalink/63157.htm‬‬
‫‪" - 17‬دوائر إسرائيلية تنصح نتنياهو بإسقاط أردوغان"‪،‬‬
‫‪http://www.sasapost.com/turkey-israel‬‬
‫‪ - 18‬عبد الجواد‪ ،‬محمد السيد ‪ "،‬تركيا ومصر مابعد ‪ 20‬يونيو‪ :‬محددات وأسباب التوتر"‪،‬‬
‫‪http://www.almasryalyoum.com/news/details/319585?isdesktop=1‬‬
‫‪ - 19‬وولت‪ ،‬ستيفن ‪" ،‬العالقات الدولية ‪ :‬عالم واحد نظريات متعددة"‪ ،‬ترجمة ‪ :‬زقاغ عادل و زيدان‬
‫زياني‪،‬‬
‫‪Http//www.gcocils.com/adcel.2005.zeggagh/polreview.html‬‬
‫يوسف‪ ،‬محمد شيخ ‪" ،‬افتتاح االجتماع التركي العربي األول لوزراء االقتصاد والتجارة و‬ ‫‪- 21‬‬
‫االستثمار بدعوات لتفعيل التعاون بين الجانبين" ‪،‬‬
‫‪http://www.alquds.co.uk/?p=87615‬‬

‫‪191‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ - 21‬زقاغ‪ ،‬عادل ‪" ،‬الواقعية"‪،‬‬


‫‪http://www.geocities.com/adelzeggagh/realism.html‬‬
‫‪" - 22‬الكيان الصهيوني يبحث مشروع شراء المياه من تركيا"‪،‬‬
‫‪http://islammemo.cc/2005/10/18/5337.html#2‬‬
‫‪ - 23‬ليندنشتراوس‪ ،‬غاليا ‪" ،‬دراسة في العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية"‪ ،‬ترجمة‪ :‬يوسف غنيم‪ 22 ،‬ماي‬
‫‪.5022‬‬
‫‪http://blog.amin.org/alianalhindi/2010/10/04‬‬
‫‪ - 24‬المحكمة الدستورية التركية تلغي جزءا من إصالحات أردوغان القضائية‪،‬‬
‫‪http://islamtoday.net/albasheer/artshow-12-197115.htm‬‬
‫‪ - 25‬مصطفى‪ ،‬مهند ‪" ،‬مستقبل العالقات مع تركيا في المنظور اإلسرائيلي"‪،‬‬
‫‪http://elshaab.org/thread.php?ID=3417‬‬
‫‪ - 26‬معهد اإلحصاء التركي‪،‬‬
‫‪http://www.invest.gov.tr‬‬
‫‪" - 27‬مستقبل العالقات التركية اإلسرائيلية بعد االعتذار"‪،‬‬
‫‪http://anbaaonline.com/?p=103872‬‬
‫‪" - 28‬مصر في السياسة الخارجية التركية ‪ ..‬واقع ما بعد الثورة واآلفاق المستقبلية"‪،‬‬
‫‪http://www.sharqforum.org/node/23‬‬
‫‪ - 29‬موسى‪ ،‬حلمي ‪ ،‬تأرجح العالقات التركية – اإلسرائيلية‪،‬‬
‫‪http://www.alalam.ir/news/1545144‬‬
‫‪ - 31‬النعامي‪ ،‬صالح ‪ "،‬إسرائيل والبلقان‪ ..‬من العالقات الباردة إلى التحالف االستراتيجي"‪،‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/opinions/pages/79d4e837-1426-4025-a6bc-‬‬
‫‪97d06b96f801‬‬
‫‪ - 31‬نور الدين‪ ،‬محمد ‪" ،‬تركيا‪ ...‬إلى أين؟ دور وتحديات‪،‬‬
‫‪http://www.estqlal.com/article.php?id=28497‬‬
‫‪ - 32‬نور الدين‪ ،‬محمد ‪" ،‬تركيا و إسرائيل ‪ :‬شراكة أبدية و أسئلة فلسطينية"‪ 15 ،‬ماي ‪،2114‬‬
‫‪http://www.aztagarabic.com/archives/8404?fb_source=pubv1‬‬
‫‪ - 33‬النعامي‪ ،‬صالح ‪" ،‬العالقات التركية – اإلسرائيلية بعد االعتذار‪ :‬بين التقاء المصالح وتعارضها"‪،‬‬
‫‪http://www.naamy.net/view.php?id=1258‬‬
‫‪ - 34‬النويني‪ ،‬الحافظ ‪" ،‬العالقات التركية اإليرانية ‪ :‬بين التنافس والتعاون"‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬العدد‬
‫‪،2029‬‬

‫‪192‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=347764‬‬
‫‪ - 35‬نزار‪ ،‬عبد القادر‪" ،‬الشراكة الركية‪ -‬اإلسرائيلية في مشروع جنوب شرق األناضول‪ :‬االلية‬
‫والتداعيات"‪،‬‬
‫‪http://www.lebarmy.gov.lb/ar/news/?2901‬‬
‫‪ - 36‬نزار‪ ،‬عبد القادر‪" ،‬العالقات التركية – اإلسرائيلية بين التحالف االستراتيجي و القطيعة"‪،‬‬
‫‪https://groups.google.com/forum/#!topic/fayad61/OA9jkpfbcNQ‬‬

‫‪ - 37‬سالم‪ ،‬بول ‪ "،‬التقارب اإلسرائيلي التركي يغير موازين القوة في الشرق األوسط"‪،‬‬
‫‪http://carnegie-mec.org/publications/?fa=51579‬‬
‫‪ - 38‬عبد القادر‪ ،‬محمد ‪" ،‬الثابت و المتغير في العالقات التركية – اإلسرائيلية"‪ 5 ،‬ديسمبر ‪.5022‬‬
‫‪http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/CI2R83.HTM‬‬
‫‪ - 39‬عبد المجيد‪ ،‬سعيد ‪" ،‬الشعب الجمهوري المعارض يتعهد بإعادة الدفء إلى العالقات التركية –‬
‫اإلسرائيلية"‪،‬‬
‫‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=460135&eid=1091‬‬
‫‪" - 41‬العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪ ،‬الدراسات اإلقليمية"‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬خريف ‪.5002‬‬
‫‪http://www.albainah.net/index.aspx?function=Item&id=1610&lang‬‬
‫‪ - 41‬فياض‪ ،‬خالد ‪ "،‬العالقات التركية اإلسرائيلية من تشيللر إلى أربكان"‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪،‬‬
‫يوليو ‪http://ahramonline.org.eg/articles.aspx?Serial=218843&eid=246 ،2882‬‬
‫‪" - 42‬الربيع العربي‪ :‬المفهوم‪ ،‬التداعيات‪ ،‬األسباب"‪،‬‬
‫‪http://www.dpp.gov.jo/2012/15.htm‬‬
‫‪ - 43‬رينولدز‪ ،‬ميخائيل ‪" ،‬أصدا اإلمبراطورية‪ :‬التحول التركي من الكمالية إلى سياسة خارجية بديلة"‪،‬‬
‫‪http://www.rcssmideast.org/reviews/%D8%A7%l‬‬
‫‪ - 44‬شراب‪ ،‬فهمي ‪" ،‬العالقات المصرية التركية وتداعيات التراجع على الشأن الفلسطيني"‪،‬‬
‫‪http://www.alzaytouna.net/permalink/50559.html‬‬
‫‪ - 45‬شنيقر‪ ،‬عبد العزيز ‪" ،‬السياسة الجديدة بوابة تركيا إلى االتحاد األوروبي"‪ 28 ،‬أوت ‪.5022‬‬
‫‪http://www.turess.com/alchourouk/157383‬‬
‫‪ - 46‬شعبان ‪ ،‬مبروك‪ ، ،‬العالقات التركية‪ -‬اإليرانية‪ :‬من المنافسة إلى التقارب‪،‬‬
‫‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=96714&eid=457‬‬
‫‪ - 47‬شوقي‪ ،‬عالء ‪"،‬عدد الالجئين السورين في تركيا يتجاوز ‪ 200‬ألف"‪ 2 ،‬جانفي ‪.5022‬‬
‫‪http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE9B285C20131021‬‬

‫‪193‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ - 48‬الشيمي‪ ،‬أحمد حسين ‪" ،‬تغير العالقات التركية ‪ -‬العراقية … الدوافع والمتغيرات"‪،‬‬
‫‪http://www.alukah.net/culture/1035/46746‬‬
‫‪ - 49‬تركيا توقع اتفاقية في مجال النفط و الغاز مع شمال العراق"‪ 50 ،‬ماي ‪،5022‬‬
‫‪http://www.alwafd.org/%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%80%D9%8‬‬
‫‪A/568386-‬‬
‫‪" - 51‬التقارب التركي اإليراني المبكر‪ ..‬قراءة في زيارة أردوغان األخيرة لطهران ‪ 58‬يناير سنة‬
‫‪،! 5022‬‬
‫‪http://studies.alarabiya.net/reports/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%‬‬
‫‪D8%A7%D8%B1‬‬
‫‪ - 51‬خلف‪ ،‬عارف محمد ‪" ،‬الدور التركي اإلقليمي"‪،‬‬
‫‪www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=20671‬‬
‫‪ - 52‬خليل‪ ،‬محمد عبد القادر ‪" ،‬تركيا وثورات الربيع العربي"‪،‬‬
‫‪http://acpss.ahramdigital.org.eg/News.aspx?Serial=86‬‬
‫‪ - 53‬خليل‪ ،‬محمد عبد القادر ‪ ،‬بعد االعتذار اإلسرائيلي لتركيا‪ ..‬إلى أين تتجه العالقات؟‪،‬‬
‫‪http://www.alarabiya.net/news-renderer?mgnlUuid=64532591-5a1b-4d42-‬‬
‫‪8625-91c823374781‬‬
‫‪ - 54‬خليل‪ ،‬محمد عبد القادر ‪ "،‬العالقات التركية اإلسرائيلية في شرق أوسط جديد"‪ ،‬مختارات‬
‫إسرائيلية‪،5025،‬‬
‫‪http://ahramonline.org.eg/articles.aspx?Serial=990478&eid=7058‬‬
‫‪ - 55‬خليل‪ ،‬محمد عبد القادر ‪ "،‬ما بعد اإلعتذار‪ :‬األبعاد السياسية النصر الدبلوماسي التركي على‬
‫إسرائيل"‪،‬‬
‫‪http://www.cdi-iran.org/book.php?id=7605&print=yes‬‬
‫مختارات إسرائيلية‪،‬‬ ‫‪ - 56‬خليل‪ ،‬محمد عبد القادر ‪ "،‬مصر وتركيا واسرائيل بعد ‪ 52‬يناير"‪،‬‬
‫‪http://www.ahramdigital.org.eg/articles.aspx?Serial=649097&eid=7058‬‬

‫‪194‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫ باللغة األجنبية‬/‫ثانيا‬
I. Books :
1- Alterman , Jon B and Malka, Haim ," Shifting Eastern Mediterranean Geometry", Center
for Strategic and International Studies, The Washington Quarterly, Summer 2012.
2- A Galston , William, Liberal Pluralism: The Implications of Value Pluralism for
Political Theory and Practice , Cambridge university press, First published in printed
format,2002.
3- Amb Eric Edelman And others,The Roots of Turkish Conduct: Understanding the
Evolution of Turkish Policy in the Middle East,BIPARTISAN POLICY
CENTER,December, 2013.
4- Barnett, Michel, Social constrctivism, form Johne Baylis and Stive Smith , The
Globalizatoin Of World Politics, Oxford ,University Press, 3rd edition, , 2003.
5- Bellamy, Richard, Liberalism and Pluralism Towards a politics of compromise,
London and New York, Routledge, First published, 1999.
6- Bengio, Ofra, The Historical Evolution of the Israeli-Turkish Relationship, Turkish-
Israeli Relations in a Trans-Atlantic Context Wider Europe and the Greater Middle East
Conference Proceedings, The Moshe Dayan Center for Middle Eastern and African
Studies, Tel Aviv University, 2005.
7- Bengio, Ofra, The Turkish–Israeli Relationship Changing: Ties of Middle Eastern
Outsiders, Palgrave Macmillan,Edition January 2010.
8- Bozdaglioglu,Yücel,TURKISH FOREIGN POLICY AND TURKISH IDENTITY: A
CONSTRUCTIVIST APPROACH, Routledge, New York & London, 2003.
9- Ganem , Elise , L’Axe Israël – Turquie : Vers Une Nouvelle Dynamique Proche –
Orientale ?, France, Paris, L harmattn,2005.
10- Öniş,Ziya andYılmaz, Şuhnaz, Between Europeanization And Euro-Asianism:Foreign
Policy Activism In Turkey During The AKP Era,2009.
11- Phillips, Andrew Bradley, International Relations Theory for the Twenty-First
Century , Routledge , New York , First published ,2007.
12- Robert, Jackson and Georg, Sorensen,Introduction to International Relations Theories
and Approaches. university press , 3rd edition, Oxford, 2006.
13- Weber , Cynthia, International Relations Theory A critical introduction , New York,
Routledge, , Second edition, 2005, p 60.
14- wendt, Alxender, social theory of International politics, Cambridge university press.

15- Wight, Colin, Agents, Structures and International Relations: Politics as Ontology,
New York, Cambridge Studies in International Relations, Cambridge University press,
2006.
16- Zehfuss, Maja, Constructivism in International Relations :The politcs Of Reality,
Cambridge Studies in International Relations, Cambridge University Press,2004.
17- Sitzenstuhl, Charles, La Dipomati’ Turque Au Moyen-Orient: Héritages et Du
Gouvernement De LAKP 2002-2010, LHarmattan,2011.

195
‫قائمة المصادر والمراجع‬

II. Working Papers :

1- Aytürk, İlker, "The Coming of an Ice Age? Turkish –Israeli Relations Since 2002",
Turkish Studies, Vol: 12, No :4, 675–687, December 2011.
2- Balci ,Ali and Kardas, Tuncay,"The Changing Dynamics of Turkey’s Relations with
Israel: An Analysis of Securitization",Insight Turkey, Vol.14, No: 2, 2012,p114.
3- BARKEY, Henri J,"Turkish Foreign Policy and the Middle East",Ceri Strategy
Papers,N° 10,6 juin 2011.
4- Bıçakçı, Salih, "Israel’s apology and Turkey", Center for International and European
Studies, 17 April 2013.
5- Cagaptay ,Soner," The November 2002 Elections And Turkey's New Political Era",
Middle East Review of International Affairs, Vol. 6, No: 4,December 2002.
6- Cagaptay, Soner and Evans, Tyler ," Turkey’s Changing Relations with Iraq: Kurdistan
Up, Baghdad Down" , Policy Focus 122,United States of America , The Washington
Institutefor Near East Policy, October 2012.
7- Cagaptay, Soner and Evans, Tyler,"The Unexpected Vitality of Turkish-Israeli
Trade",The Washington Institute for Near East Policy, No:16, June 2012.
8- Çaha, Ömer,"Turkish Election of November 2002 and the Rise of Moderate Political
Islam",Turkish Journal of International Relations, Vol.2, No:1, Fall 2003.
9- Eligür, Banu,"The Changing Face of Turkish Politics:Turkey’s July 2007 Parliamentary
Elections", Crown Center for Middle East Studies,No: 22, November 2007 .
10- Eran, Oded, "Israel-Turkey Reconciliation Still Remote", The National Interest, April
18, 2013.
11- Gerald Robbins, "Understanding Turkey’s 2011 General Election Results", Foreign
Policy Research Institute, June 2011.
12- Huber, Daniela and Tocci, Nathalie,Behind the Scenes of the Turkish-
IsraeliBreakthrough,IAI Working Papers13 | 15,Istituto Affari Internazionali, April
2013.
13- Inbar, Efraim,"The Deterioration in Israeli-Turkish Relations and its International
Ramifications",The Begin-Sadat Center For Strategic Studies, Bar-Ilan University
Mideast Security and Policy Studies, No: 89,February 2011.
14- Jacoby ,Tami Amanda,"Israel’s Relations with Egypt and Turkey During the Arab
Spring:Weathering the Storm",Israel Journal of foreign Affairs VII : 2, 2013.
15- Kushner, David, " Before and Beyond the Freedom Flotilla: Understanding Turkish–
Israeli Relations", Israel Journal of Foreign Affairs IV : 3, 2010.
16- Meier , Michael, "The Turkish Election :Results And Next Steps",Friedrich Ebert
Stiftung, USA Washington, June 2011.
17- Müftüler, Meltem, "Turkey And Israel: An Evolving Partnership", Ariel Center For Policy
Research, Paper No. 47 ,1998.
18- Nathanson, Roby and Brand, Gilad," Economic Overview of Turkey",Israeli European
Policy Network, April 2011.
19- Ovalı, Şevket and Bozdağlıoğlu, Yücel, “Role Theory and Securitization: An Agency
Based Framework for Decoding Turkey’s Diplomatic Offensive against Israel”,The
Turkish Yearbook of International Relations ,Vol 43, 2012.
20- Özcan, Gencer, "Turkish-Israeli Relations in Crisis: How to Cut the Gordian Knot?",
Israel European Policy Network, April 2011.
21- Rivlin, Paul," Israel’s Trade Relations with Turkey: An Update"The Moshe Dayan Center
For Middle Eastern And African Studies, No:1, May 2O11.

196
‫قائمة المصادر والمراجع‬

22- Razoux, Pierre, "Quel Avenir pour le Couple Turquie-Israël ?", Politique
Eétrangère,2010.
23- Szymański, Adam, " Crisis in Turkey–Israel Relations", Polish Institute of International
Affairs, No. 18,February 3, 2010.
24- Thorp, Arabella,"Turkey’s 2011 Elections and Beyond",International Affairs and
Defence Section,14 July 2011.
25- Warning, Martina and Kardaş Tuncay, "The Impact of Changing Islamic Identity on
Turkey’s New Foreign Policy", Alternatives Turkish Journal Of International
Relations, Vol. 10, No: 2-3, Summer-Fall 2011.
26- Zanotti ,Jim, "Turkey: Background and U.S. Relations", Congressional Research Service,
21 June 2013 .
III. Memoir
1- TURAN, TOLGA, Turkish Foreign Policy Towards Israel: The Implications Of
Turkey’s Relations With The West, The Degree Of Master Of Science
Intarnational Relations, The Graduate School Of Social Sciences
Of Middle East Technical University, May 2008,p83.

IV. Internet Sites:


1- Balci , Kerim, "L'avenir des relations israélo-turques",
http://www.todayszaman.com/columnists/kerim-balci_256100-the-future-of-turkish-israeli-
relations.html
2- "Economic Forecasts from the World's Leading" ,Economists,
http://www.statista.com/statistics/277044/inflation-rate-in-turkey
3- L'analyse de 2014 sur les élections locales de la Turquie", 15 Mai 2014,
http://researchturkey.org/the-analysis-of-2014-local-elections-of-turkey/
4- Les Liens économiques se Développent en Dépit des Fluctuations Politiques entre Israël,
Et la Turquie" 13, janvier 2014,
http://www.todayszaman.com/news-321902-economic-ties-grow-despite-political-
fluctuations-between-israel-turkey.html
5- Ozdemirkiran, Merve ," La Turquie Et Le Printemps Arabe "
http://www.ceri-sciences-po.org
6- Sidki, Bakr,"The Syrian Revolution and the Role of Turkey ", 1 February 2014,
http://www.lb.boell.org/web/52-732.html-
Tommy Steiner, " OTAN-Israël Relations: Le niveau d'ambition" , 15 Mai 2014,
http://www.comitatoatlantico.it/en/studi/nato-israel-relations-the-level-of-ambition/
7- The World Bank,
http://data.albankaldawli.org/indicator/DT.DOD.DIMF.CD/countries
8- The World Bank,16 /12/2013.
http://data.albankaldawli.org/indicator/NY.GDP.MKTP.KD.ZG/countries
9- -"Turquie, Israël et l'OTAN", 15 Mai 2014,
http://weekly.ahram.org.eg/News/811/21/Turkey,-Israel-and-NATO.aspx

V. Reports :
1- Cigizogolu, Ozan ,"Demystifying The Turkish Economic Success Under
2- AKP Governance" ,Agenda, 18 June 2013.
3- Debt Statistics, International Bank for Reconstruction and Development, Washington, DC,
20433, 2013.

197
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪198‬‬
‫فهرس‬
‫المحتويات‬
‫فهرس المحتويات‬ ‫‪.1‬‬

‫‪10‬‬ ‫مقدمة‪.........................................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬اإلطار التاريخي و النظري للعالقات التركية – اإلسرائيلية‪..........‬‬
‫‪01‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬المسار التاريخي للعالقات التركية – اإلسرائيلية‪..................‬‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬العالقات التركية – اإلسرائيلية إبان الحرب الباردة‪................‬‬
‫‪00‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬العالقات السياسية والدبلوماسية‪....................................‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬العالقات العسكرية واألمنية‪........................................‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬العالقات االقتصادية والتجارية‪....................................‬‬
‫‪01‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬العالقات التركية – اإلسرائيلية منذ نهاية الحرب الباردة‪.........‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬العالقات السياسية والدبلوماسية‪..................................‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬العالقات العسكرية واألمنية‪......................................‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬العالقات االقتصادية والتجارية‪..................................‬‬
‫‪01‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬التنسيق التركي ‪-‬اإلسرائيلي في ميدان المياه‪.....................‬‬
‫‪02‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المقاربة النظرية للعالقات التركية – اإلسرائيلية‪..................‬‬
‫‪02‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬المنظور الواقعي ‪............................................‬‬
‫‪22‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬المنظور الليبرالي‪...........................................‬‬
‫‪61‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬المنظور البنائي‪.............................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المتغيرات البيئية الداخلية للسياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على العالقات‬
‫التركية – اإلسرائيلية‪...........................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬طبيعة النظام السياسي التركي‪...................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مالمح وسمات النظام السياسي التركي‪...........................‬‬
‫‪11‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬المؤسسات الدستورية‪............................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬النظام االنتخابي واألحزاب السياسية‪...........................‬‬
‫‪12‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬بوادر التحول في السياسة التركية‬
‫‪11‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المؤسسة العسكرية والعالقات التركية – اإلسرائيلية خالل فترة حكم حزب‬
‫العدالة والتنمية‪......................................................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬دور المؤسسة العسكرية‪...................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التعاون العسكري التركي – اإلسرائيلي‪20 .......................................‬‬

‫‪199‬‬
‫‪21‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الوضع االقتصادي التركي خالل فترة حكم حزب العدالة و التنمية ‪...........‬‬

‫‪21‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التطور االقتصادي في تركيا‪.............................................‬‬


‫‪00‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التعاون االقتصادي التركي – اإلسرائيلي‪..................................‬‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬الفواعل الدولية واإلقليمية ومدى تأثيرها على العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪....‬‬
‫‪00‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬مدى تأثير الفواعل الدولية على العالقات التركية – اإلسرائيلية‪..............‬‬
‫‪011‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الواليات المتحدة األمريكية‪................................................‬‬
‫‪011‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬االتحاد األوروبي‪........................................................‬‬
‫‪012‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬حلف شمال األطلسي‪...................................................‬‬
‫‪006‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مدى تأثير الفواعل اإلقليمية على العالقات التركية – اإلسرائيلية‪.............‬‬
‫‪006‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬العراق‪....................................................................‬‬
‫‪001‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬إيران‪....................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬سويا‪......................................................................‬‬
‫‪006‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬موقف تركيا من التطورات و التغيرات اإلقليمية منذ االعتداء اإلسرائيلي على‬
‫لبنان لعام ‪0111‬م وانعكاساته على العالقات التركية – اإلسرائيلية‪.........................‬‬
‫‪006‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬الموقف التركي من االعتداء اإلسرائيلي على لبنان لعام ‪.............0111‬‬
‫‪001‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الموقف التركي من القضية الفلسطينية‪......................................‬‬
‫‪001‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الموقف التركي من الحصار على غزة‪.........................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الموقف التركي من العدوان اإلسرائيلي على غزة‪002 ................................‬‬
‫‪020‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬أزمة المقعد المنخفض‪........................................................‬‬
‫‪020‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬الموقف التركي من الهجوم على أسطول الحرية‪................................‬‬
‫‪021‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬الموقف التركي من انتفاضات بعض دول الربيع العربي‪.....................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الموقف التركي من االنتفاضة السورية‪022 ..........................................‬‬
‫‪060‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الموقف التركي من االنتفاضة المصرية‪.......................................‬‬
‫‪061‬‬ ‫الفصل الرابع ‪ :‬آفاق العالقات التركية – اإلسرائيلية‪.......................................‬‬
‫‪011‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬سيناريو الوضع القائم‪.....................................................‬‬
‫‪010‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬سيناريو تحسن العالقات التركية‪ -‬اإلسرائيلية‪...............................‬‬
‫‪011‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬سيناريو القطيعة بين البلدين‪.............................................‬‬
‫‪010‬‬ ‫خاتمة‪..............................................................................‬‬

‫‪200‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‪010 .................................................................‬‬
‫‪191‬‬
‫فهرس المحتويات‪........................................................................‬‬
‫‪010‬‬ ‫فهرس األشكال والجداول‪.................................................................‬‬

‫‪201‬‬
202
‫فهرس‬
‫األشكال‬
‫والجداول‬
‫‪- 1‬فهرس األشكال‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان الشكل‬ ‫الشكل‬


‫‪86‬‬ ‫نتائج األحزاب الثالث الممثلة للبرلمان التركي في االنتخابات المحلية‬ ‫‪10‬‬
‫والبرلمانية ‪...........................................2102-2112‬‬
‫‪68‬‬ ‫تطور التجارة الخارجية التركية (بالمليون دوالر)‪.....................‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪66‬‬ ‫إجمالي الناتج المحلي التركي بين عامي‪.................2100-2110‬‬ ‫‪10‬‬
‫‪68‬‬ ‫معدل التضخم في تركيا بين عامي ‪.....................2100-2112‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪82‬‬ ‫تطورات السياحة اإلسرائيلية إلى تركيا بين عامي ‪ 2112‬إلى ‪.....2100‬‬ ‫‪10‬‬
‫‪88‬‬ ‫تطور التجارة التركية مع إسرائيل بين عامي ‪.............2100-2112‬‬ ‫‪18‬‬
‫‪008‬‬ ‫خارطة توضح تواجد األكراد في كل من العراق‪ ،‬سوريا‪ ،‬تركيا‪ ،‬إيران‬ ‫‪18‬‬
‫‪ .2‬فهرس الجداول‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان الجدول‬ ‫الرقم‬


‫‪68‬‬ ‫ترتيب االقتصاد التركي مقارنة بترتيب اقتصاديات مختلف دول‬ ‫‪10‬‬
‫العالم‪...............................................‬‬
‫‪012‬‬ ‫مواضيع الزيارات الرسمية التي قامت بها الواليات المتحدة األمريكية إلى‬ ‫‪12‬‬
‫تركيا خالل عامي ‪.............................2100-2118‬‬
‫‪021‬‬ ‫حجم التبادل التجاري بين تركيا و إيران‪..........................‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪203‬‬

You might also like