Professional Documents
Culture Documents
2019
YARMOUK UNIVERSITY
][Company address
مدخل اىل عمل الفكل
1
مقدمة الكتاب
هذا الكتاب هو مجموعة محاضراتي في علم الفلك ألقيتها في سنوات مختلفة
لفصول عديدة خالل فترة عملي بجامعة اليرموك في األردن لعشرين سنة.
ً
الكتب التي تعني بعلم الفلك باللغة العربية قليلة جدا ،لكننا نرى الكتب املؤلفة
ً ً
بلغات أخرى تملؤ رفوف مكتبات .وهذا أمر مؤسف حقا .لذا وجدت ضرورة لنشر
الكتب في هذا الشأن فعمدت الى تأليف كتاب (أساسيات في علم الفلك والتقاويم)
الذي نشرته عام 2001ثم نشرت لي دار النفائس اللبنانية عام 2003كتاب
ً ً
(مدخل الى علم الفلك) بطبعة ملونة قشيبة .وقد القى هذا الكتاب رواجا كبيرا
وأعيدت طباعته مرات عديدة .وقد عرضت على الناشر القيام بتنقيحه والزيادة
فيه لكن الناشر لم يكترث لطلبي.
إن من املؤسف بل من املؤلم أن نرى الناشرين العرب يسعون الى الكسب دون
العناية بمنشوراتهم ال من حيث املحتوى وال من حيث التوزيع .ومن املعروف أن ما
يكسبه املؤلف من نقود ال يجزي لقاء جهده وعمله املضني في التأليف والتنسيق
والتصحيح .وهذا سبب مهم لعزوف الباحين واألساتذة املتخصصين عن التأليف,
لقد وصلتني مئات الرسائل تسأل عن كتبي أين تباع؟ فهنالك جمهور واسع يريد
اقتناءها .ومن املؤكد أن هنالك سوء في التوزيع سببه مصالح الناشرين الضيقة!
لذلك عمت اآلن الى نشر هذا الكتاب وغيره على بوابة األبحاث
Research Gate
ً
ليكون في متناول من يطلبه مجانا بعد أن أجريت بعض التعديالت والتصحيحات
وقليل من االضافات على النسخة األصلية وفي الجعبة الكثير.
محمدباسل الطائي
ليدز /اململكة املتحدة
2
مقدمة الكتاب 2 .......................................................................
3
ظهور التلسكوبات136 ...............................................................
عطارد214 .............................................................................
ر
المشتي 227 ..........................................................................
أورانوس233 ...........................................................................
نبتون235 ..............................................................................
الكويكبات243 ........................................................................
4
المذنبات 246 .........................................................................
المالحق282 ...........................................................................
5
الفصل ا ألول
معرفة السامء
6
أأمهية دراسة عمل الفكل
تشكل وعي اإلنسان عن يعتبر علم الفلك واحداً من أقدم العلوم ،ذلك ألنه بدأ مع ّ
هذا العالم ،فصورة السماء بنجومها وكواكبها الالمعة تبهر األبصار ،وطلعة البدر البهية
أخاذةٌ إلى درجة كبيرة جعلت الشعراء يهيمون به هيامهم بمحبوباتهم .وصورة كوكب الزهرة
ّ
وبريقه الذي يشبه بريق ثياب العروس جعل اإلنسان يسهم النظر في هذه السماء طويالً،
فاكتشف أنها يمكن أن تكون بنجومها هذه دليالً له أثناء مسيره في القفار ومؤنساً له عن
صب النهار.
ون َ
وحشة الليل َ
ظ اإلنسان حركات أجرام السماء فوجدها متباينة ،منها ما يتحرك جملة واحدة ال َح َ
ومنها ما ُّ
يشذ فيتحرك منفرداً ،فيبدو مستقيماً في حركته تارًة ومتراجعاً تارًة أخرى ،فكأنه
حائر ،لذلك سماها الكواكب المتحيرة .وكانت تسمية الكواكب والنجوم قديماً تطلق على
األجرام السماوية جميعاً سواء .إال أن اإلنسان اكتشف بعد ذلك أن بعضها مضيء (أي
تنتج الضوء بذاتها) فسماها النجوم Starsوأخرى مستضيئة (تعكس ضوء غيرها) سماها
الكواكب .Planets
ذلك أن الناس قديماً ربطوا بين الفلك واألنواء ربط اقتران فعرفوا أن حصول األنواء
من رياح ومطر وحر وبرد يقترن بظهور نجوم أو كوكبات نجمية معينة دون أن تكون
لهذه النجوم والكوكبات بذاتها عالقة مباشرة مع النوء نفسه بالضرورة .وأصل الربط بين
الفلك واألنواء يعود إلى حقيقة اقتران الفصول النوئية (الفصول األربعة وأجزائها) بمواقع
األرض من الشمس خالل حركتها السنوية .وعموماً فقد أفاد الناس من هذا االقتران
الزراع بأفضل أوقات الفالحة (الحراثة والبذر
تعرف ّ فوضع البابليون جداول مسبقة ّ
والحصاد) .وتحدد مواسم األمطار .أما المصريون فقد ربطوا بين الفلك وأوقات فيضان
النيل ،ووضعوا لتلك الغاية جداول تعين أوقات الفيضان وما ينبغي على الفالحين عمله.
7
.2التنبؤ بأحداث المستقبل:
وذلك بمعرفة مواقع الشمس والقمر والكواكب في البروج ،وهذا ما سمي علم
التنجيم أو أحكام النجوم وهو ليس علماً بالمعنى الصحيح ألنه يقوم على كثير من
كثير من المسلمات اإلعتقادية وليس له أية أسس برهانية ،على الرغم من توافره على
الحسابات ورغماً عن استخدامه لكثير من المعلومات الفلكية الرصدية والنظريات الهندسية
الصحيحة .وقد شجع الملوك واألمراء وكثير من أصحاب الثروة والمال جهود المنجمين
بل إن التنجيم هو أحد أهم الدوافع التي وقفت وراء تطوير علم الفلك الرصدي
.Observational Astronomy
من المعلوم أن خارطة السماء أوضح وأدق من خرائط األرض فمسالك األرض
متغيرة غادرة ،لكن مسالك السماء ثابتة موثوقة .فالنجوم في مسالكها تسير بانتظام ،فيما
تتحول كثبان األرض بين وقت وآخر دون أن يتمكن أحد من التنبؤ بمواقعها .أما في
البحر فإن األمر أدهى وأمر ،إذ ليس فيه ّأية مثابات أو عالمات يهتدى بها ،فيما تكون
سماء البحار صافية داكنة بغياب القمر ،ترصعها النجوم المتأللئة .لذلك تكون سماء
البحر خير وسيلة لمعرفة االتجاهات وتقدير السبل .وقد وصف المالح العربي إبن ماجد
بوصلة البحر المسماة الحّقة التي تستخدم نظام األخنان والذي سيأتي وصفه في الفصل
السادس من هذا الكتاب عند عرض األجهزة الفلكية.
أما في الوقت الحاضر فإن أهمية علم الفلك تتركز فيما يلي:
. 1تحقيق فهم أدق للعالم بكل ما فيه من أشكال الطاقة والمادة واستيعاب قوانينها
ونواميسها ،وذلك لالستفادة من هذا الفهم في تطوير الحياة المادية على األرض .وقد
ظهر هذا التوجه بعد أن عرف اإلنسان أن قوانين األرض هي نفسها قوانين السماء،
خالفاً لما كان يعتقده أرسطو ومن تبعه في العقيدة من أن للسماء تراكيباً وقوانيناً تختلف
نوعياً عن تراكيب وقوانين األرض .فقد صار في المعلوم اآلن أن السماء دليل األرض
8
وأن األرض دليل السماء .ويدخل تحت هذا الباب جميع الجهود التي تبذل على صعيد
فهم أصل الكون وكيفية نشأته وتطوره.
. 2تدقيق الحوادث التاريخية المسجلة والمقترنة بحوادث فلكية .مثال ذلك تاريخ
وفاة إبراهيم إبن النبي (ص) ،إذ ورد في كتب الحديث أن الشمس كسفت يوم وفاته فقال
بعض الناس إنما كسفت لموت إبراهيم فقام رسول هللا (ص) فيهم خطيباً وقال في حديث
له "إن الشمس والقمر آيتان من آيات هللا وإنهما ال يخسفان لموت أحد" .ومن المعلوم أن
كسوف الشمس يحصل آخر يوم من الشهر القمري وال يحصل في وقت غيره .ويبين
التحقيق الفلكي أن كسوفاً حصل يوم 29شوال سنة 10هـ الموافق ليوم 27كانون الثاني
سنة 632م .إال أن بعض كتب التاريخ أوردت لذلك تواريخاً أخرى وهي غير صحيحة.
. 3معرفة سبب ومعنى وجود اإلنسان على هذه األرض وفيما إذا كان وجوده في
هذا الكون متفرداً أم عاماً ،أي بمعنى إذا كان وجوده ظاهرة فريدة في الكون أم إنها ظاهرة
شائعة تحصل في أمكنة أخرى من الكون .ولهذا الغرض ،أي البحث عن الحياة أو آثار
للحياة على كواكب أ ٌٌخر ،أجريت أنشطة كثيرة وبذلت مسا ٍع وجهود كبيرة وقامت هيئات
ومؤسسات أهمها هيئة البحث عن حياة ذكية خارج األرض ( SETIأنظر على األنترنت
الموقع .)http:// www.seti.org
9
.1القمرMoon :
وهو أوضح األجرام السماوية التي يمكن مشاهدتها بسهولة ،وهو جسم كروي
الشكل يدور حول األرض كل 29أو 30يوماً دورة كاملة .ويعكس القمر الضوء الساقط
عليه من الشمس ويظهر بأطوار مختلفة وذلك بحسب موقعه من الشمس.
Stars .2النجوم:
وهي تلك النقاط المضيئة الالمعة التي تبدو ثابتة في مواقعها النسبية بعضها إلى
البعض اآلخر ،مؤلف ًة مجاميع تدعى الكوكبات Constellationsوتدور النجوم حول
األرض دورة كاملة في اليوم الواحد ،طالعة من الشرق ونازلة في الغرب.
كان العرب القدماء يسمونها "الكواكب المتحيرة" ،وهي أجرام لها لمعان ثابت ينتج
عن انعكاس ضوء الشمس عنها .وتتحرك ظاهرياً حول األرض على قوس في السماء
ضمن مسارات متقاربة من الغرب إلى الشرق إذا ما رصدت من ليلة ألخرى بالنسبة إلى
مواقع النجوم الثابتة ،وهي تسعة كواكب ،يمكننا رؤية خمسة منها فقط بالعين المجردة،
أما الباقية وهي أورانوس ونبتون
وهذه هي :عطارد ،والزهرة ،والمريخ ،والمشتري ،وزحلّ .
وبلوتو فال يمكن رؤيتها إال بالمراقب الفلكية (التلسكوبات).
الكويكباتAsteroids :
وهي أجرام سماوية مستضيئة لها حركات مماثلة لحركات الكواكب لكنها أقل لمعاناً
ألنها صغيرة الحجم نسبة إلى حجم الكواكب ويمكننا مشاهدة عدد قليل منها بالعين
المجردة .أشهرها الكويكب Ceresوالكويكب .Vesta
.5الشهبMeteors :
وهي ومضات ضوئية تظهر فجأة في السماء ليالً ،وهذه األجرام هي في الواقع
كتل صغيرة من دقائق الغبار أو القطع الصلبة الصغيرة تسقط على األرض بفعل الجاذبية
فتحترق بفعل احتكاكها بالغالف الجوي فتتوهج ويتبخر القسم األعظم منها أو كلها قبل
10
وصولها إلى األرض .ويمكن مشاهدة العشرات منها في الليلة الواحدة .وفي بعض أوقات
السنة حيث تمر األرض عبر أنطقة معينة تشكل هذه الشهب ز ّخات Showersكثيفة
تظهر منها آالف الشهب في الليلة الواحدة.
.6النيازكMeteorites :
حينما تسقط الكتل الصلبة على األرض فإن معظم كتلتها يتحول إلى غازات وأبخرة
لما تزل في الجو ،وما يتبقى منها يسقط على األرض محدثاً حفرة على سطحها. وهي ّ
ويسمى هذا الجزء المتبقي من الشهاب الساقط نيزكاً .وتمثل النيازك مصادر لمعلومات
مهمة عن تكوين األجرام السماوية .ويختص علم النيازك Meteorologyبهذا النوع من
الدراسات.
.7المذنباتComets :
وهي أجرام سماوية مكونة باألساس من الثلج والنشادر والميثان وبعض المواد
المعدنية تدور حول الشمس في مدارات متفاوتة السعة تفاوتاً كبي اًر وتتميز بأن لها ذيالً أو
أكثر يتفاوت طوله من مذنب آلخر .ومن أشهر المذنبات التي شوهدت لمئات المرات في
11
السماء على مدى لتاريخ البشري مذنب هالي ومدة دورته هي بحدود 76سنة وكان آخر
ظهور له سنة 1986م .كما ظهر عام 1996مذنب ساطع سمي مذنب هيل ـ بوب
نسبة إلى مكتشفيه ،ومكث في السماء يرى بوضوح شديد لبضعة أشهر .وقد أمكن
تصويره بوضوح كبير كما في الشكل ( .)2-1حيث يتضح أن للمذنب ذيلين أحدهما
غازي واآلخر غباري.
12
(أندروميدا) Andromeda Galaxyوهي تعتبر شقيقة لمجرتنا التي نسكنها .والمجرات
هي على أشكال مختلفة كما سنبين ذلك في الفصل الثامن من هذا الكتاب ،فمنها
الحلزونية ومنها البيضوية ومنها الكروية ومن المجرات ما ليس له شكل هندسي بل هي
مبعثرة غير منتظمة .ويحتوي الكون على ما يزيد عن 300000مليون مجرة.
شكل ( )4-1يوضح صورة كوكبة الدب الكبير كما تظهرفي السماء وكما تخيلها القدماء
لو راقبنا السماء ليالً في مكان بعيد عن ضوء المدن المشوش لوجدناها مليئة
بالنجوم الالمعة ،ولوجدنا أن النجوم تتفاوت في درجة لمعانها ،لكننا البد أن نشعر
13
بأن هذه النجوم هي أجرام سماوية بعيدة جداً عن األرض .ومما يسترعي االنتباه
أن عدداً من النجوم تشكل مجموعات مميزة ويمكن أن تتخيل لهذه المجموعات تشكيالت
هندسية مختلفة المربع والمستطيل والمثلث واألشكال الرباعية بأنواعها ،وعلى أساس هذه
الفكرة نفسها تصور األقدمون المجاميع النجمية ولكن بصورة أكثر حيوية ،إذ تصوروا
الرامي وغيرها) وحيوانات التوأمان، المجاميع النجمية على شكل أناس (الصياد،
األسد وغيرها) الحوت ،الدب األكبر،الكلب األصغر ،الدجاجة، (العقرب ،الحمل،
وأدوات (الميزان ،الكرسي ،الدلو وغيرها) .هذه الصور واألشكال في الواقع هي محض
أخيلة ال أساس لها إال في عقول الناس .فقد كان الناس يتطلعون إلى السماء ويبحثون
فيها دوماً عن ما يصلهم بها طرداً للوحشة التي تعتريهم في سكون الليل وغربته .ولعل أن
البحث في أصل هذه التصورات وتلك التسميات التي اخترعها الناس
للمجاميع ال كوكبية مما هو جدير بالعناية ،بهدف التوصل إلى فهم أعمق ألصول العقائد
القديمة .ولم يقف األمر عند ذلك بل نسجت أخيلة الناس حول هذه المجاميع النجومية
الكثير من األساطير والحكايات .
شكل ( )5-1يوضح صورة كوكبة الجباركما تظهرفي السماء وكما تخيلها القدماء
14
ولعل مما يستدعي التفكير والتساؤل أن هذا التراث األسطوري بشأن المجاميع النجومية ال
يقتصر على أمة أو حضارة معينة بل ينتشر في جميع أنحاء العالم القديم بروايات
وقصص ومسميات مختلفة .إال أن أشهرها هو ما جاء في األساطير اليونانية .وقد ظن
الناس أن لهذه المجاميع النجمية نفوساً وجعلوا لها صفات نفسية وطبيعية ،واعتقدوا
بتأثيرها على طبائع الجماد والنبات والحيوان واإلنسان على األرض .وهذا كله من ترسبات
عصر عبادة الكواكب.
16
العبور أيضا ،وهي التي ذكرها هللا سبحانه وتعالى في القرآن بقوله َ وأَنَّه
(يمانية) وتسمى َ
الش ْع َرى( لنجم )49:وذلك ألن بعض عرب الجاهلية كانوا يعبدونها .وهنالك ه َو َر ُّب ِّّ
الشعرى الشامية (أو الغميصاء) ،وهي تقع إلى الشمال من شعرى ثانية وهي المسماة ِ
األولى وأقل سطوعاً وكان العرب يستدلون بها على وجهة الشام.
ولغرض التعرف على مواقع الكوكبات والنجوم يمكن الرجوع إلى الكتب واألدلة
النجومية واالستعانة بخرائط الرصد الفلكي ،وقد أثبتنا في نهاية الكتاب صورة السماء
17
لموقع راصد عند خط عرض 45درجة شماالً وللفصول األربعة .لكن ،ولغرض تمكين
القارئ من التعرف على أهم نجوم السماء وكوكباتها نقدم فيما يلي خرائط داللة يمكنه
االستعانة بها للغرض المذكور ،وهذه في الشكلين (8-1و .)9-1إن أهم ما ينبغي على
الراصد االبتداء به هو تحديد موقع نجم القطب في السماء فهو المثابة األساسية حيث
تدور حوله جميع نجوم السماء وكوكباتها .ونظ اًر ألن النجم القطبي هو جرم خافت قد
يصعب تقدير موضعه مجرداً فإن على الراصد تحديد مواقع الكوكبات المشهورة :كالجبار
والدب الكبير(الذي يكون على شكل مغرفة كبيرة) ،والدب الصغير (الذي يكون على شكل
مغرفة صغيرة قبضتها تبدأ عند نجم القطب) وكوكبة قيطس وذات الكراسي وكوكبة
التنين .ولهذا الغرض عليه أوالً معرفة أوقات ظهورها في األقل ثم التماس وجودها في
السماء وبالممارسة يكتسب الراصد خبرة كبيرة وذخيرة مفيدة لمعرفة مسالك السماء
ودروبها .ولعل أن من الضروري تمييز نجم بيت القوس في كتف كوكبة الجبار ونجمة
ِّّ
الرجل في كوكبة الجبار أيضاً ،و الشعرى اليمانية التي تشير إلى جهة الجنوب األدنى
والشعرى الشامية التي تشير إلى الشمال األدنى ونجم سهيل الذي يشير إلى جهة الجنوب
األقصى.
18
الشكل ( )9-1يوضح كيفية تحديد م واقع النجوم بداللة الكوكبات
هذه البروج االثنتي عشرة ليست على استقامة واحدة بل تؤلف شريطاً دائرياً على
كرة السماء تتحرك عليه الشمس والقمر والكواكب السيارة (الشكل )10-1وقد استخدم
القدماء دائرة البروج هذه لتحديد مواقع األجرام السماوية.
تدور دائرة البروج ظاهرياً من الشرق إلى الغرب في اليوم الواحد دورة كاملة حول
موضع شبه ثابت في كرة السماء هو نجم القطب Polarisمنظو اًر إليها من نصف الكرة
أما من نصف الكرة الجنوبي فتظهر دائرة البروج وكأنها تدور حول موقع قريب
الشماليّ .
19
من نجم سهيل Canopusولما كان اتساع البرج هو 30درجة فإن طلوعه كامالً
يستغرق بالمعدل ساعتين (وفي حقيقة األمر أن هذا المعدل يعتمد على موقع الراصد
على األرض) .وعلى هذا تتحرك القبة السماوية بمعدل 15درجة لكل ساعة أي درجة
واحدة كل 4دقائق.
سمى البرج الذي في أفق المشرق ألي وقت البرج الطالع Ascending signويسمى
عادة البرج
ً البرج الغارب الذي يكون في أفق المغرب الغارب Descendingوهذا هو
السابع من الطالع ألن نصف كرة السماء تحوي عند أي وقت ست بروج .ويسمى البرج
الذي في وسط السماء وتد العاشر أو منتصف السماء Midheavenويسمى نظيره
الذي تحت كرة األرض وتد الرابع ألنه الرابع من الطالع.
20
ويمكن معرفة األوتاد والغارب من الطالع حسب القواعد التالية:
الجواب :البرج الغارب = 16 = 6+10أي هو البرج الرابع وهو برج السرطان .لذا
فإن الغارب هو 10من السرطان.
وتد الرابع = 11 = 3+ 8أي الدلو .لذا فإن وتد الرابع هو 17درجة من الدلو.
ويمكن حل المسألة مباشرة بطرح 3من الغارب ألن الفرق بين الغارب والرابع هو 3
بروج .وسنجد النتيجة نفسها.
تلعب البروج دو اًر مهماً في تحديد مواقع الشمس والقمر وبقية األجرام السماوية،
فهي إحداثيات عرفية شبه ثابتة ومن السهل التعرف عليها .وكما أسلفنا فإن لدائرة البروج
حركتين :األولى يومية وهي دورانها حول األرض دورة كاملة بالتقريب كل 24ساعة.
والثانية سنوية وهو دورانها حول األرض دورة كاملة في مدة 365يوماً وربع بالتقريب،
وهذا ما سيتم توضيحه عند مناقشة حركة الشمس في البروج.
21
خارطة السامء
تعريفات أساسية
لغرض فهم الحركة السماوية للشمس والقمر وللنجوم والكواكب السيارة
ً ً
وبقية األجرام فهما صحيحا فال بد من اختيار نظام مناسب لتعيين إحداثيات
األجرام السماوية بشكل صحيح ،وإذا كان األقدمون قد وجدوا في نظام البروج
ً ً
والكوكبات النجمية مرجعا قياسيا لتحديد مواقع األجرام السماوية املتحركة فإن
ً
ذلك النظام املرجعي كان مقبوال بما يتناسب مع دقة أرصاداتهم.
ولغرض ّ
التعرف على األنظمة الحديثة في تعيين مواقع األجرام السماوية ،ال
ً ّ
التعرف أوال على جملة من املفاهيم األساسية واالصطالحات املتعلقة بهذا بد من
املوضوع ،وهذه هي:
22
نقطة النظيرNadir
وهي النقطة التي تقع أسفل القبة السماوية تحت موقع الراصد وعلى امتداد
الخط الشاقولي املار بمركز األرض والنافذ إلى الجهة األخرى.
القطب السماوي الشمالي North Celestial Pole
وهو نقطة وهمية على القبة السماوية تقع على امتداد الخط املار بمركز
األرض والقطب الشمالي األرض ي.
القطب السماوي الجنوبي South Celestial Pole
وهو نقطة وهمية على القبة السماوية تقع على امتداد الخط املار بمركز
األرض والقطب الجنوبي األرض ي.
خط االستواء السماوي Celestial Equator
ً
وهو دائرة العظمى على كرة السماء تقسمها نصفين وتكون موازية تماما لخط
االستواء األرض ي.
23
دائرة زوال الراصد Observer's Meridian
وهي الدائرة العظمى التي تمر بالقطبين السماويين الشمالي والجنوبي عمودية
على دائرة االستواء السماوي مارة بنقطة السمت والنظير ،لذلك فإن خط زوال
الراصد هو جزء من الدائرة العمودية التي قطباها املشرق واملغرب.
دائرة األفق Horizon Circle
وهي الدائرة العمودية على دائرة زوال الراصد وحدودها على أرض مستوية
مدى النظر حيث تلتقي السماء باألرض من كافة الجهات.
دائرة األفق الفلكي Astronomical Horizon
وهي الدائرة السماوية العظمى العمودية على دائرة زوال الراصد ومركزها
مركز األرض نفسه.
خط العرض Latitude
وهي املسافة الزاوية ألي مكان على األرض شمال وجنوب خط االستواء
ويعطي العالمة ( )+إذا كان املكان شمال خط االستواء و ( )-إذا كان املكان جنوبه،
ويكون خط االستواء هو املثابة املرجعية (خط صفر) والقطبين الشمالي + 90
والجنوبي - 90.0على التوالي.
خط الطول Longitude
وهو املسافة الزاوية ألي مكان على األرض شرق وغرب مدينة غرينج (قرب
ً
لندن) وهي املثابة املرجعية (خط صفر) وما كان شرقا يتبع مقداره بالحرف Eوما
ً
كان غربا بالحرف .W
24
مدار السرطان
وهي الدائرة العظمى التي تتحرك عليها الشمس حركتها الظاهرية خالل العام.
وتميل هذه الدائرة بمقدار 23.5درجة قوسية بالتقريب على دائرة االستواء
ً
السماوي .هذه الدائرة هي أيضا دائرة مسار األرض حول الشمس .وقريبا منها مسار
حركة الكواكب السيارة في دائرة البروج.
دائرة البروج Zodiac
وهي شريط دائري عريض تتوزع عليه الكوكبات االثني عشر املشهورة املسماة
بالبروج .وسط هذا الشريط تقع الدائرة الكسوفية ،وهذا ما جعل البعض يخلط
بين الدائرتين.
تعريفات وضعية
هنالك تعريفات ألوضاع األجرام السماوية بعضها بالنسبة إلى البعض اآلخر
وهذه هي:
االقتران : Conjunctionوهو أن يكون الجرمين على استقامة واحدة بالنسبة
ً
للناظر ،أي تكون الزاوية بينهما صفرا.
25
التسديس : Sextantوهو أن يكون بين الجرمين زاوية مقدارها ستون درجة ،وذلك
سدس الدائرة.
التربيع : Quadrantوهو أن يكون بين الجرمين زاوية مقدارها تسعون درجة ،وذلك
ربع الدائرة.
التثليث :وهو أن يكون بين الجرمين زاوية مقدارها مائة وعشرون درجة ،وذلك ثلث
الدائرة.
التقابل :Oppositionوهو أن يكون بين الجرمين زاوية مقدارها مائة وثمانون
درجة.
نظم الحداثيات الفلكية
إن أبسط طريقة لتحديد موقع نجم في السماء هو تعيين الكوكبة التي ينتمي إليها
أوالً .فمثالً نقول أن النجم يقع في كوكبة الجبار .ثم يتم ترميز نجوم الكوكبة بحروف
الهجاء اليونانية فيرمز إلى أسطع نجوها بالحرف αوالى الثاني في السطوع بالحرف β
وهكذا .مثال ذلك فإن أسطع نجوم كوكبة الجبار هو بيت القوس Betelgeuse
ويسمى αOrionisوالثاني هو نجم الرجل المسمى βOrionisوهكذا يمكننا تحديد واقع
هذه النجوم بعد تسميتها وتحتوي الجداول والكتلوكات الفلكية هذه الرموز واألسماء.
إال أن الفلكي يحتاج إلى تحديد أكثر دقة لمواقع األجرام السماوية وبما يجعله قاد اًر
على استخدام تلك المواقع في الحسابات الفلكية .لذلك تم اعتماد نظامين لتعيين مواقع
األجرام السماوية هما:
وهو الذي يتخذ من موقع الراصد ودائرة افقه أساساً لتعيين مواقع األجرام على القبة
السماوية وذلك بداللة زاويتين :األولى تسمى زاوية االرتفاع Altitudeوهي الزاوية التي
يصنعها موقع النجم مع سطح األرض (دائرة األفق) والثانية تسمى زاوية
26
الشكل( )13-1نظام األفق
السمت Azimuthوهي زاوية على األفق تبدأ من خط الشمال الجغرافي باتجاه عقرب
الساعة حتى مسقط الخط الواصل بين النجم والراصد وكما مبين في الشكل ( .)13-1من
الواضح أن هذا النظام محلي يعتمد على موقع الراصد على األرض.
وفيه يتعرف موقع الجرم السماوي بداللة احداثيين هما :المطلع المستقيم Right
Ascensionوالميل ،Declinationكما مبين في الشكل( .)14-1وهذا النظام يتخذ من
دائرة االستواء السماوي أساساً لتحديد موقع الجرم السماوي ففيه تقسم هذه الدائرة إلى 24
ساعة ،وتعتبر نقطة االعتدال الربيعي (وهي موضع تقاطع دائرة االستواء السماوي مع
الدائرة الكسوفية وهي حالياً في رأس برج الحوت) هي نقطة الصفر ،ومنها يبدأ التقسيم
27
على كرة السماء من الغرب إلى الشرق .أما الميل فهو مقدار الزاوية بين خط االستواء
السماوي وموقع النجم .فإذا كان موقع النجم أعلى شمال خط االستواء السماوي كانت
زاوية الميل موجبة أما إذا كان موقع النجم جنوبه فإن زاوية الميل تكون سالبة .ومن
الجدير بالذكر أن االحداثيات االستوائية ألي جرم سماوي ال تعتمد على موقع الراصد.
لذلك تكتب مواقع النجوم الثابتة في كتالوجات خاصة يتم تحديثها كل 50سنة.
مثال ذلك نجم في نصف الكرة السماوية الشمالي إحداثياته بداللة النظام األفقي
Alt 25 44, Azm 55 17 هي:
28
جدول ( )2-1يبين مواقع البروج في نظام اإلحداثيات االستوائية
إلى من
29
الفصل الثان
حراكت السامء
30
احلركة اليومية للقبة الساموية
كجملة واحدة حركة ظاهرية تبدو فيها أجرام السماء تتحرك القبة السماوية ُ
أنها تدور حول األرض من الشرق إلى الغرب دورة كاملة في اليوم .وتسمى هذه حركة
ً
القبة السماوية ،حيث تظهر الشمس وكأنها تدور حول األرض نهارا بهذه الحركة
ً
ويظهر القمر والنجوم بهذه الحركة ليال .وتختلف صورة السماء وحركاتها بالنسبة
للراصدين في مواقع مختلفة من األرض كما سنبين في الفقرة التالية.
إن السبب الحقيقي لهذه الحركة هو دوران األرض حول محور لها دورة كاملة
كل 24ساعة .ونستدل على ذلك من إختالف حركة األجرام السماوية بين ما هو في
كرة النجوم الثابتة أو ما يسمى دائرة البروج عن الحركة الذاتية للشمس والقمر.
فإن في تخالف هذه الحركات وانتقال الشمس في البروج داللة على تفاوت حركة
ً
القبة السماوية والحركات الذاتية للشمس والقمر كما سنبين الحقا.
صورة السامء من مواضع خمتلفة
إن للموقع الجغرافي للمشاهد أثر مباشر في تحديد صورة السماء وذلك ألن
ً
وابتداء ينبغي أن نتذكر أن جميع نجوم موقع املشاهد يحدد سمته ودائرة أفقه.
نصف الكرة الشمالي تدور حول نجم القطب الذي يقع في سمت القطب الشمالي
الجغرافي لألرض وفيما يلي بعض األمثلة على صورة السماء كما تبدو للراصد من
مواقع مختلفة:
الحالة األولى :راصد يقف عند القطب الشمالي الجغرافي (خط عرض 90
ً
درجة شمال) سيرى نجم القطب في سمته تماما.
31
الشكل ( )1-2منظرالسماء كما يراها راصد يقف عند القطب الشمالي
ً
وسيكون خط االستواء السماوي محاذيا لدائرة األفق .ومثل هذا الراصد سيرى
نجوم نصف الكرة الشمالي فقط ولن يتمكن من رؤية نجوم نصف الكرة الجنوبي،
ّأما بالنسبة لحركة نجوم القبة السماوية فإنه سيراها تدور في دوائر متحدة املركز
ً
حول نقطة سمته تماما ،وهذه النجوم ال تشرق وال تغرب بل تبقى أبدية الظهور
(انظر الشكل.)1-2
ً
الحالة الثانية :راصد يقف على خط عرض 45شماال سيرى نجم القطب
بزاوية ارتفاع قدرها 45درجة فوق األفقّ ،أما دائرة االستواء السماوي فسوف تمر
32
ً
من نقطة سمته تماما .وفي هذه الحالة فإنه يرى نصف نجوم الكرة الشمالية
ونصف نجوم الكرة الجنوبية ،وسيرى مدارات هذه النجوم على شكل دوائر تمركز
حول القطب مائلة بزاوية 45درجة (انظر الشكل.)2-2
ا
شكل ( )2-2منظرالسماء كما يراها راصد يقف عند خط عرض 45درجة شماال
الحالة الثالثة :راصد يقف على خط االستواء األرض ي (خط عرض صفر)
ً
يكون خط االستواء السماوي فوق سمته تماما ،وسيرى نجم القطب عند حافة
ً ً ً
األفق تماما ،ويرى نجوم السماء تطلع من الشرق تماما وتغيب في الغرب تماما،
ً
وبهذا فهو يستطيع أن يرى نجوم نصفي الكرة الشمالي والجنوبي معا (انظر الشكل
.)3-2
33
الشكل ( )3-2منظرالسماء كما يراها راصد يقف عند خط اإلستواء
35
حركة الشمس يف السامء
احلركة اليومية
تتحرك الشمس ظاهرياً في دورة كاملة حول األرض في اليوم ،إذ تشرق صباحاً
في الشرق لتتحرك على قوس مسارها في السماء متجهة إلى حيث تغيب غرباً .ثم تشرق
ثانية صباح اليوم التالي من نفس الجهة .خالل مسيرها الظاهري اليومي تتحرك الشمس
على قوس دائرة عظمى في كرة السماء .وعند منتصف المسافة على كرة السماء بين
الشروق والغروب تكون الشمس في أعلى نقطة لها بالنسبة إلى األفق ،وعند هذه
النقطة يكون وقت الظهر والمسمى وقت الزوال (ألن الشمس تعبر خط زوال الراصد عند
36
نتعرف إلى اختالف مواقع الشمس في السماء باختالف الفصول .راقب ظلك الماثل على
ّ
أرض مستوية فمنه تستطيع دراسة حركات الشمس الظاهرية اليومية والفصلية ،إن الخط
الوهمي الواصل بين نقطة نهاية ظلك على األرض وقمة رأسك والشمس يؤشر االرتفاع
الزاوي للشمس ،ومقداره الزاوية التي يصنعها هذا الخط الوهمي مع الخط الذي يصنعه
الظل على األرض (انظر الشكل )5-2ال بد أنك ستالحظ أن اتجاه الظل يكون على
الدوام معاكساً لالتجاه الذي توجد فيه الشمس ،وأن طول الظل يتغير مع تغير االرتفاع
الزاوي للشمس .ففي ساعات الصباح يكون الظل طويالً ممتداً بينما يكون عند الظهر
أقصر ما يكون (ولو كنت عند خط االستواء تماماً ألصبح طوله عند الظهر صف اًر
بالضبط).
ولو راقبت ظلك على مدار السنة فإنك ستالحظ أن ظلك في ظهيرة أيام
ً
الصيف يكون أقصر منه في أيام الشتاء ،مما يعني أن الشمس تكون أكثر ارتفاعا في
ً ً
الصيف ولذا يقال أن الشمس تكون شبه عمودية صيفا ،بينما تكون مائلة شتاءا،
ولو أنك راقبت طول ظلك لظهيرات عديدة أيام الصيف فإنك ستجده أقصر ما
يكون عند ظهيرة يوم معين ،وهذا اليوم هو 21حزيران (يونيو) من كل عام وعنده
يحصل االنقالب الصيفي Summer Solsticeوفيه يكون النهار على أطول ما
يكون ،والليل على أقصر ما يكون ،فيما لو أنك راقبت طول ظلك في الشتاء فإنك
37
ستجد طول ظلك يصبح على أطول ما
يكون في يوم معين وهو 21كانون األول
(ديسمبر) وعنده يحصل االنقالب
الشتوي Winter Solsticeوفيه يكون
النهار على أقصر فتراته والليل على
أطول فتراته ،واالرتفاع الزاوي للشمس
فيه وقت الظهر أقل ما يكون.
في منتصف الفترة ما بين االنقالب
الصيفي واالنقالب الشتوي يحصل
Autumnal االعتدال الخريفي
Equinoxحيث تشرق الشمس من
ً
الشرق الجغرافي تماما وهو يقع في حدود
يوم 21أيلول (سبتمبر) ،وما بين
االنقالب الشتوي واالنقالب الصيفي
الشكل ( )7-2تغيرمشرق الشمس
Vernal يقع االعتدال الربيعي
Equinoxفي حدود يوم 21آذار
ً
(مارس) ،وفيها يكون ظلك متوسطا بين أقصره وأطوله .كما يتساوى طول الليل
ّ
والنهار في هذين اليومين من أيام السنة .إن هذه الفترة التي أشرها طول ظلك ما بين
طول أقص ى وقصر أدنى وطول أقص ى تعرف وحدة للزمن وهي السنة الشمسية
.Solar Year
38
حركة الشمس يف املشارق واملغارب
إن التغيرات الفصلية في موقع الشمس وقت الظهيرة تتعلق بالتغيرات الدورية
للمشارق واملغارب ،فالشمس تشرق على راصد يقع عند خط االستواء يوم
اإلعتدال الربيعي في نقطة تسمى مشرق االعتدالين .وتسير ظاهريا ذلك اليوم على
ً
قوس في السماء يقع على خط االستواء السماوي تماما فتكون الشمس عمودية
ظهر ذلك اليوم على الراصد عند خط اإلستواء .أي يكون طول ظل الشاخص عنده
ً ً
صفرا ،وتكون الشمس في سمت الراصد تاما .وتغيب شمس ذلك اليوم في نقطة على
خط االستواء تسمى مغرب االعتدالين.
مَ م مَ م َ
يقول هللا تعالى َ ر ُّب اْلش ِرق مي ِن َو َر ُّب اْلغ ِرَب مي ِن( الرحمن)17:
ً ُ
وفي اليوم التالي تشرق الشمس في نقطة إلى الشمال قليال من مشرقها يوم االعتدال
ً
الربيعي وهكذا تنتقل في املشارق أكثر قليال من ربع درجة كل يوم حتى تبلغ أقص ى
ً
مشارقها الشمالية بعد حوالى 90يوما حين تشرق يوم االنقالب الصيفي عند خط
عرض 23.5درجة شمال وهو مدار السرطان ،ويسمى مشرقها هذا مشرق
اإلنقالب الصيفي .فتكون عمودية على الراصد عند هذا الخط ظهيرة ذلك اليوم.
وتغيب في نقطة على مدار السرطان تسمى مغرب االنقالب الصيفي .ثم تبدأ
ً ً
مشارق الشمس بالنزول كل يوم أكثر قليال من ربع درجة حتى تبلغ بعد 90يوما
مشرق اإلعتدالين عند خط االستواء .فتتحك ذلك اليوم مثل حركتها يوم االعتدال
الربيعي ثم تغيب في نقطة هي مغرب اإلعتدالين .لكن الوقت اآلن هو الخريف وليس
الربيع لذلك سمي مشرق الشمس ومغربها هذا مشرق االعتدالين ومغرب
ً
االعتدالين .بعد ذلك تنحرف مشارق الشمس جنوبا حتى تشرق من موقع هو في
الجنوب الشرقي هو أقص ى ما تصله على مدار السنة ،ويكون عند خط عرض
ً
23.5جنوبا وهو املسمى مدار الجدي .ويكون ذلك يوم االنقالب الشتوي ،لذلك
يسمى مشرقها مشرق االنقالب الشتوي وتكون الشمس عمودية ظهيرة ذلك اليوم
39
على الراصد عند مدار الجدي ثم تمض ي الشمس إلى مغربها املسمى مغرب االنقالب
ً
الشتوي عند نقطة على مدار الجدي .ثم تتحرك مشارق الشمس شماال حتى تبلغ
ً
بعد تسعين يوما مشرق االعتدالين مرة ثانية .وبذلك تكون قد أكملت حركتها في
املشارق واملغارب على مدار سنة فصلية كاملة .يوضح الشكل ( )7-2والشكل (-2
)10حركة الشمس في املشارق واملغارب .يقول هلل تعالى
(المعارج :من اآلية)40 َ فال أُ ْق ِس ُم ِبَر ِّب اْل َم َش ِار ِق َواْل َم َغ ِار ِب
ولحساب مقدار معدل حركة الشمس في المشارق والمغارب نقول أن الشمس تتحرك على
مدى 47درجة من مشرق اإلنقالب الصيفي إلى مشرق اإلنقالب الشتوي خالل 180
يوماً أي تقطع حوالي 0.26درجة بالتقريب.
40
الشكل ( )8-2حركة الشمس في البروج
وسبب ذلك هو دوران األرض حول الشمس ،ففي حين تقطع األرض درجة
قوسية واحدة في اليوم من مدارها حول الشمس تظهر الشمس وكأنها قد تحولت
درجة واحدة في االتجاه املعاكس على دائرة البروج وهكذا حتى يبلغ ذلك ثالثين
ً ً ً
درجة أي برجا كامال في شهر واحد واثني عشر برجا في سنة كاملةأي أن الشمس
ً
تتحرك بمقدار درجة واحدة يوميا من الغرب إلى الشرق بينما تتحرك بمقدار 360
ً ً ً
درجة يوميا من الشرق إلى الغرب .من الغرب فتقطع الشمس ظاهريا برجا من
األبراج في مدة شهر واحد .
41
وقد كان القدماء على عصر
البابليين يعتمدون شروق الشمس في أول
أيام االعتدال الربيعي في 21آذار (مارس)
ً
مثابة فيقولون أن الشمس تشرق في رأس
برج الحمل في أول يوم لالعتدال الربيعي،
ثم تمر على سائر البروج بالتوالي حتى تكون
في آخر درجة من درجات برج الحوت في
آخر يوم من أيام الشتاء ( 20آذار /مارس
من العام) .وهكذا تتحرك الشمس بالنسبة
إلى كوكبات البروج من الغرب إلى الشرق .
وبحسب نظام املنازل العربية فإن
ً
الشمس تمكث في كل منزلة 13يوما اال
ً
الجبهة فإنها تقيم فيها 14يوما( ،)1وبذلك
ً
تكمل عدة السنة 365يوما .وقد جعل
العرب لكل منزلة من منازل الشمس في
ً
البروج نوءا.
الفصول ا ألربعة
يميل محور دوران األرض حول
نفسها بزاوية قدرها 23.5درجة عن
الشكل ( )9-2معرفة م واقع العمود النازل على مستوى دورانها حول
الشمس في البروج وحركتها فيها
42
ً
الشمس (أي على مستوي الدائرة الكسوفية) وهذا امليل ثابت تقريبا لفترات طويلة.
ان هذا امليل في محور دوران األرض حول نفسها يؤدي بالنتيجة إلى تفاوت زاوية ميل
أشعة الشمس الواقعة على األرض ،واختالف الجزء املعرض للشمس من األرض
ً
بحسب اختالف خطوط العرض فضال عن اختالف فترات النهار والليل بحسب
املواقع .وهذا كله يؤدي إلى تعاقب الفصول األربعة على األرض ،ولو كان محور
ً ً
األرض عموديا تماما على مستوى دورانها حول الشمس ملا حصلت التغيرات املناخية
ً ً
ولكان طول الليل مساويا لطول النهار دائما.
43
وعند هذا تتغير مشارق الشمس من الجنوب إلى الشمال فيصبح شروق
ً
الشمس من نقاط هي إلى الشمال قليال من خط االستواء ،حتى تصبح الشمس
ً
عمودية على خط عرض 23.5درجة شماال وهو املسمى مدار السرطان ،وعندها
يحصل االنقالب الصيفي حيث يصير النهار أطول ما يكون والليل على أقصر ما
يكون ،ويحصل هذا االنقالب في حدود 21حزيران من العام.
وأما نقطة التقاطع الثانية لدائرة البروج (مسار الشمس الظاهري) مع
دائرة االستواء السماوي فتحدث في حدود 23أيلول (سبتمبر) من كل عام حيث
تكون الشمس قد حلت في برج العذراء وتسمى هذه النقطة باالعتدال الخريفي
ً
حيث تتغير مشارق الشمس من الشمال إلى الجنوب مؤشرا بداية فصل الخريف،
وفي هذا اليوم يتساوى طول الليل والنهار.
ً
ويستمر تغير مشارق الشمس جنوبا حتى تصير بحدود يوم 12/21
ً ً
عندئذ
ٍ عمودية على خط عرض 23.5جنوبا وهو املسمى مدار الجدي فيحدث
االنقالب الشتوي حيث يصبح النهار أقصر ما يكون عليه في نصف الكرة الشمالي
وعلى العكس من ذلك يكون في نصف الكرة الجنوبي.
وقد سبق أن وصفنا اختالف مشارق الشمس على مدار فصول السنة
ً
وذكرنا أن الشمس تشرق في االعتدالين عند الشرق تماما وتغيب جهة الغرب تماما.
ّأما في فصل الصيف فإن الشمس تشرق من الشمال الشرقي وتغيب في الشمال
ً ً
الغربي ،قاطعة على مسارها قوسا طويالّ ،أما في الشتاء فستشرق من الجنوب
ظن البعض أن سبب الشرقي لتغيب في الجنوب الغربي .أنظر الشكل( .)11-2وقد ّ
تعاقب الفصول األربعة على سطح األرض هو اختالف بعدها عن الشمس ،وهذا
مردود من وجوه ،أولها أن األرض تكون أقرب ما يكون إلى الشمس (أي حضيض
مدارها) في حدود يوم 3كانون الثاني من العام ،وفي هذا الوقت يكون الشتاء في
منتصف الكرة الشمالي على أشد ما يكون .بينما تكون األرض على أبعد ما يكون عن
44
الشمس (أوج مدارها) في حدود يوم 4تموز من العام ،وفي هذا الوقت يكون
القيض على أشده في نصف الكرة الشمالي ،ومن وجه آخر فلو كان البعد والقرب
ً ً
عن الشمس سببا لتعاقب الفصول لكانت األرض في أي وقت من العام جميعا على
فصل واحد وملا اختلفت الفصول بين شمالها وجنوبها.
45
حركة القمر يف السامء
القمر جرم تابع لألرض يدور حولها ويتبعها حيثما سارت في مدارها حول
الشمس فكأنها تحمله معها كما تحمل األم طفلها .والقمر يؤثر في األرض ويتأثر بها
ً ً
تأثرا كبيرا.
دوران القمر حول ا ألرض
للقمر حركتان ظاهرتان للعيان بالنسبة لألرض عند مراقبته في ليال متتالية،
وهاتين الحركتين هما:
.1الحركة اليومية مع جملة السماء حول األرض من الشرق إلى الغرب مثل حركة
الشمس وسائر الكواكب والنجوم وذلك بسبب دوران األرض حول نفسها دورة
كاملة في اليوم والليلة وهذه حركة ظاهرية صرف.
46
شكل ( )12-2يوضح سبب اختالف الشهرالقمري النجومي عن الشهراإلقتراني
47
أما الهنعة فهي في برج الجوزاء،
الدبران والهقعة فهي من المنازل التي تقع في برج الثورّ .
وهكذا
ومن الجدير باملالحظة أن مواقع الشمس في املنازل ثابتة على مدار أيام
السنة (ولذلك صح ربط املنازل باألنواء-الفصول) بينما تكون مواقع القمر في
ً ً
املنازل متغيرة .ولقد اهتم العرب بالقمر اهتماما كبيرا وراقبوا حركته اليومية
مراقبة دقيقة ،وبه أرخوا التقويم .وقد ذكر القرآن الكريم القمر في 27آية منها
َ ً َ ْ قوله تعالىُ :ه َو َّالذي َج َع َل َّ
س ِض َي ًاء َوال َق َم َر ُنورا َوق َّد َر ُه َم َن ِاز َل ِل َت ْعل ُموا َع َد َد
الش ْم َ ِ
َ ْ َ ْ َ ُ نَ َ ْ َ َ ُ َّ
اب َما خلق َّللا ذلك إال بال َح ّق ُيف ّ َ َ َ الس ِن َين َو ْال ِح َس َ
ّ
ص ُل اآليات ِلقو ٍم يعلمو ِ ِ ِ ِ ِ
(يونس)5:
ْ َ ْ َ َ ْ
وقوله تعال َ وال َق َم َر ق َّد ْرن ُاه َم َن ِاز َل َح َّتى َع َاد كال ُع ْر ُجو ِن ال َق ِديم(ّ يـس)39:
وللعرب أسجاع جميلة وشعر كثير في منازل القمر حفظتها كتب األزمنة واألنوار
ومعاجم اللغة العربية.
48
حاشية ( )1-2حركة الشمس في اْلنازل
ً ً ً
مثلما تتحرك الشمس ظاهريا خالل فصول السنة على دائرة البروج فتمكث شهرا كامال في كل برج ،فإنها تنتقل
ً
خالل املنازل فتقطع خالل كل شهر منزلتين وثلثا ،ويمكن معرفة موقع الشمس في أي املنازل هي
ً
من معرفتنا في أي درجة من البرج هي وذلك معلوم بالرصد والحساب أيضا ،ومنها نتمكن من
ً ً
معرفة املنزلة التي تكون الشمس فيها .وعلى حين يمكث القمر في املنزلة يوما واحدا فإن الشمس
ً ً
تمكث في كل منزلة 13يوما ما خال الجبهة فإنها تمكث فيها 14يوما ،وتلك هي عدة السنة
ً
الكاملة 365يوما .إن العرب عندما تحدثوا عن طلوع املنازل ومكثها إنما كانوا يعنون حلول
الشمس بها وهذا هو مربط الفصول واألنواء باملنازل.
حساب منازل الشمس والقمر
ليس من الصعب معرفة منزلة القمر ألي يوم ُيراد .فالشمس والقمر يكونان في نفس املنزلة
في آخر يوم من الشهر القمري .لذلك لو أردنا حساب منزلة القمر في أي يوم كان نظرنا في أي
منزلة كانت الشمس آخر يوم من أيام الشهر القمري السابق وجعلنا القمر فيها ثم نزيد على
ذلك كل يوم منزلة حتى نبلغ اليوم الذي نريد فيكون القمر في تلك املنزلة .والبد من اإلشارة هنا
ً
إلى أن حساب املنجمين يختلف عن حساب الفلكيين ببرج كامل تقريبا ألن املنجمين يجعلون
الشمس في أول برج الحمل يوم 21آذار(مارس) بينما يقرر الفلكيون أنه تكون في هذا التاريخ في
برج الحوت.
إن حركة القمر في املنازل هي داللة على حركته بالنسبة إلى الخلفية
النجومية ،فالقمر يتم دورته حول األرض بمثابة نجم معين في فترة معدلها
ً ً ً
27يوما و 7ساعات و 43دقيقة و 11.5ثانية( .أي 27يوما وثلثا
بالتقريب) .وهذه الفترة هي ما يسمى الشهر النجومي .Sidereal Monthولو
راقبنا ظهور القمر قرب نجم معين في أحد الليالي عند وقت معين ،لوجدناه
في الليلة التالية قد ابتعد عن ذلك النجم إلى جهة الشرق عند نفس الوقت
الذي رصدناه فيه في الليلة السابقة .ثم يزداد البعد عن النجم املعين كل
ليلة إلى جهة الشرق حتى يدرك القمر النجم ثانية بعد 28ليلة بالتقريب.
49
وهكذا فإن حركة القمر في املنازل هي حركته باملثابة النجومية .لذلك كانت
ً
املنازل العربية ثمان وعشرين ولم تكن تسعا وعشرين.
ً
إن منازل القمر بكونها جزءا من كرة السماء فإنها تدور حول األرض دورة
كل 24ساعة ،وفي أي وقت من األوقات تكون كرة السماء الظاهرة فوقنا كاملة ّ
(نصف الكرة السماوية بالنسبة للراصد) تحتوي على 14منزلة ،وكلها طلعت
منزلة من جهة الشرق سقط رقيبها (أي املنزلة املقابلة لها) ،ويستغرق طلوع املنزلة
ً
الواحدة زمنا قدره 24ساعة مقسومة على 28أي 51دقيقة و 25ثانية
بالتقريب ،لذلك يتأخر القمر في شروقه وغروبه مثل هذا الوقت كل يوم.
50
أأطوار القمر
ً ً
يالحظ املراقب أن القمر يظهر هالال نحيفا جهة الغرب عقيب غروب
الشمس أول الشهر القمري ثم يظهر في اليوم التالي بارتفاع زاوية أكبر جهة الغرب
أيضا ليغيب بعد حوالي 53دقيقة من وقت غيابه في اليوم السابق ،وهكذا يتزايد
نوره بمقدار نصف السبع من نورانية البدر الكامل كل يوم حتى يصير نصف دائرة
ً
غربية ويسمى عندئذ تربيع أول ثم يتزايد نوره حتى يصير بدرا في الليلة الرابعة عشر
من الشهر القمري ،وعندها يكمل نوره ،وبعد هذا يبدأ نوره بالتناقص حتى يصير
في التربيع األخير إذ يظهر كنصف دائرة شرقية ويستمر في التناقص حتى يصير
ً ً ً
عمره 27-25يوما يبدو خاللها هالال نحيفا يظهر قبيل الفجر بقليل في األفق
ً
الشرقي ،ليختفي بعد ذلك يومين أو ثالثة يكون خاللها في املحاق مقترنا بالشمس.
ً
وتسمى مراحل القمر هذه أطوارا Phasesوهي ناتجة عن املوقع النسبي للقمر من
ً
األرض والشمس ،فحين يكون القمر في املحاق فهو مقترن بالشمس تماما إذ يقع
مستو واحد.
ٍ معها في
ً ً
ّأما حين يبدو القمر هالال فإنه يرتفع قليال فيضاء جزء منه بأشعة الشمس
ً
الساقطة عليه ليظهر قوسا بشكل هالل وليد .ثم تتزايد مساحة الجزء املضاء من
القمر كلما ارتفع عن املستوى الذي تقع فيه الشمس واألرض حتى يصير نصفه
51
مض ًاء (التربيع األول) وعند هذا الطور تكون الزاوية بينه وبين الشمس 90درجة ثم
يرتفع حتى تصبح الزاوية بينه وبين الشمس 180درجة وعندها تظهر كرة القمر
ً
دائرة منيرة تامة االستدارة .فيبدو القمر بدرا ،ثم يتناقص باتجاه معاكس ليظهر
في طور( التربيع األخير) ،حتى يصير إلى املحاق ثانية ،انظر الشكل()13-2
يميل مستوى مدار القمر حول األرض على مستوى مدار األرض حول
الشمس بحوالي 5درجات كما أنه يميل عن مستوى خط االستواء األرض ي ،وبهذا
فإنه يختلف عن أقمار املشتري وزحل وأورانوس التي تقع مستويات دورانها في
مستوى خط استواء كواكبها ،كما أن كتلة قمرنا هي %12من كتلة األرض على حين
أن كتلة أقمار الكواكب األخرى هي بحدود %0.1من كتلة كواكبها .ويقوم الفلكيون
بدراسة هذه الشذوذات في مدار القمر وكتلته لفهم كيفية نشوءه.
دوران القمر حول نفسه
يتمكن الراصد من خالل مراقبة القمر لشهر كامل أن يستنتج دوران هذا
الجرم حول نفسه ويمكن مالحظة هذه الظاهرة بالنظر إلى موقع معين على سطح
52
القمر كأن يكون قمة جبل من جباله ،فلو راقبنا هذه النقطة لوجدناها تقع في
مقابلة األرض (الراصد) على الدوام ،وملا كان القمر يدور حول األرض دورة كاملة
خالل شهر إقتراني( 29.5يوم) فإن هذا معناه أن القمر يكمل حول نفسه دورة
ً
كاملة خالل هذه ملدة (أنظر الشكل .) 14-2وهذا يعني أن سكان األرض يرون دوما
ً ً
وجها واحدا فقط للقمر على مدار األعوام والدهور.
الشكل ( )14-2يواجه الراصد على األرض وجهاً واحداً للقمر
53
تختلف األجرام السماوية (الشمس والقمر والكواكب) في مدة دورتها
ً
الظاهرية حول األرض ،فأسرعها القمر يدور في دائرة البروج في مدة 27يوما وثلث
اليوم وأبطؤها من املنظورة بالعين املجردة زحل الذي يدور في حوالي 29سنة
ونصف ،ومن املنظورة بالتلسكوبات بلوتو الذي تبلغ مدة دورته حوالي 248سنة .
لذلك وضع القدماء ترتيب األجرام في مداراتها حول األرض بحسب سرعاتها،
فاألقرب هو األسرع و األبعد هو األبطأ .وفيما يلى جدول بمدد دوران األجرام
السماوية في البروج.
27.3يوم القمر
88يوم عطارد
225يوم الزهرة
365.25يوم الشمس
687يوم املريخ
12سنة املشتري
29.5سنة زحل
إن الراصد الذي على األرض ال يرى كوكبي عطارد والزهرة إال قريبين من
ً ً
الشمس عادة ،فيظهر كل منهما عادة نجمة صباح Morning Starونجمة مساء
ً
.Evening Starومن املعلوم أن كوكب الزهرة يظهر أكثر سطوعا من كوكب عطارد
ويمكث في السماء بعد الغروب وقبل الشروق لفترة أطول من مكث عطارد .وال
يقطع أي من هذين الكوكبين كرة السماء ،اذ يظهر عطارد في جهة الغرب بعد
الغروب بارتفاع ال يتجاوز 23درجة وهذا ما يسمى االستطالة الغربية العظمى،
54
وهي بالنسبة لكوكب الزهرة 46درجة .وكذا األمر عندما يظهر أي من هذين
ً
الكوكبين صباحا قبيل الشروق حيث تكون لهما استطالة شرقية عظمى مثل
استطالتهما الغربية .أما بقية الكواكب فتقطع كرة السماء في دورتها .وسنأتي على
تفسير هذه الحركات في فصل قادم.
احلركة الرتاجعية للكواكب
ذكرنا أن الكواكب تتحرك حركتها الذاتية (وليس الحركة اليومية للقبة
ً
السماوية) عادة من الغرب إلى الشرق وتسمى هذه الحركة اْلستقيمة Direct
ً
.Motionلكنها تخرق هذه العادة أحيانا فتتحرك باتجاه معاكس أي من الشرق إلى
الغرب ويسمى هذا الحركة التراجعية Retrograde Motionحيث يتباطأ الكوكب في
سيره االعتيادي حتى يتوقف لبضعة أيام فيقال إنه في الثبات للرجوع ،ثم يسير
ً
متراجعا فيقال إنه في التراجع ،ثم يتوقف فيقال إنه في الثبات لالستقامة ثم
ً
يستقيم على حركته االعتيادية .وقد لوحظ أن كوكب عطارد يتحرك متراجعا مرات
عديدة في السنة .بينما تتراجع الزهرة مرات أقل ،وهكذا بالنسبة إلى املريخ واملشتري
ً
وزحل حيث ال تتراجع إال قليال وعلى فترات أطول .ولم يستطع القدماء قبل
بطليموس تفسير هذه الحركات التراجعية بصورة مضبوطة .من الضروري مالحظة
ً
أن الشمس والقمر ال تتراجع في حركتها على دائرة البروج بل هي دوما في االستقامة.
55
اخلسوف والكسوف
ً
الخسوف والكسوف ظاهرتان فلكيتان تحدثان وفقا لسنن الحركات الفلكية
السماوية ،وبسبب املواقع النسبية لألجرام الرئيسة الثالثة :الشمس واألرض
والقمر .إذ يخسف القمر عندما يحتجب كله أو جزء منه بوقوع ظل األرض عليه
التي تكون بينه والشمس على استقامة واحدة ،فتحجب األرض ضوء الشمس عن
ً ً
القمر .ويسمى االحتجاب الكلي خسوفا كليا Total Lunar Eclipseعندما يقع
القمر في منطقة الظل التامّ .أما عندما يقع القمر في منطقة شبه الظل فإن
ا ً ً
االحتجاب يكون جزئيا ويسمى الخسوف خسوفا جزئيا.Partial Lunar Eclipse
أنظر الشكل(.)16-2
وتكسف الشمس عندما يقع ظل القمر على األرض إذ يكون القمر بين األرض
والشمس وتكون مراكز هذه األجرام الثالثة على خط مستقيم .ويمكن أن تحتجب
ً
الشمس خلف القمر كليا حينما تكون املسافة بين األرض والقمر مناسبة لكي
56
ً ً
Total Solar يغطي قرص القمر قرص الشمس كله ،ويسمى هذا كسوفا كليا
.Eclipse
ّأما إذا احتجب جزء من قرص الشمس خلف القمر فعندئذ يكون الكسوف
ً ً
كسوفا جزئيا . Partial Solar Eclipseوالكسوف الجزئي على نوعين ال ثالث لهما:
األول :هو احتجاب قرص الشمس بجزئه األعظم خلف قرص القمر حتى ال
يظهر من الشمس إال حلقة مضيئة تتوسطها بقعة سوداء ،ويسمى هذا النوع
"الكسوف الحلقي" .Annual Eclipse
57
والثاني :هو احتجاب جزء من قرص الشمس قليالً كان أو كثي اًر ذلك الجزء دون
تقيد لمساحة االحتجاب .ويسمى هذا النوع الكسوف الجزئي .Partial Solar Eclipse
58
يسقط على سطح األرض إال حين يكون في العقدة الصاعدة أو العقدة النازلة أو
ً
قريبا منهما .وكذلك القول بشأن ظل األرض فال يسقط على القمر إال حين يكون في
هذه املواضع.
الشكل ( )20-2يوضح حدوث الكسوف الكلي عند وقوع القمربين األرض والشمس
ً
إن ظل القمر الواقع على األرض يشكل مخروطا قاعدته هي قرص القمر
ورأسه عند سطح األرض .فإذا كانت املسافة بين القمر واألرض على أصغرها تقاطع
ً
ظل مخروط الظل مع سطح األرض الكروي مشكال بقعة مظلمة بيضوية الشكل
ً
يتناسب قطرها عكسيا مع بعد القمر عن األرض .والراصد الواقف ضمن هذه
ً ً
املساحة البيضوية يرى الشمس منكسفة كسوفا كليا ،وتتحرك هذه املساحة
البيضوية املظلمة من الغرب إلى الشرق على مسار يسمى مسار الكسوف الكلي
Path of Totalityوبسرعة تتناسب مع محصلة سرعة دوران األرض حول نفسها
وسرعة دوران القمر حول األرض ،وهذه املحصلة هي بحدود 2000كيلومتر في
الساعة .لذلك تتغير مساحة الظل بحسب أوقات الكسوف فهي عادة تبدأ صغيرة
ً
ثم تكبر حتى تصل حدا أعظم تتقلص بعده بالتدريج حتى تتالش ى .إن هذا الوصف
ينطبق على "الكسوف الكلي".
59
الشكل ( )21-2أنطقة الكسوف الكلي والجزئي
ّأما بالنسبة لحالة الكسوف الحلقي فإنه يحصل عندما تكون مراكز األجرام
الثالثة الشمس والقمر واألرض واقعة على خط مستقيم لكن املسافة بين األرض
والقمر هي بمقدار يجعل رأس مخروط ظل القمر ال يصل سطح األرض لذلك يظهر
ً ً ً
احتجاب الشمس حلقيا ،ويسمى ذلك كسوفا حلقيا .Annular Eclipse
ً
أما املناطق التي تقع في شبه الظل فإنها ترى الشمس منكسفة كسوفا
ً
جزئيا ..وتمتد منطقة شبه الظل ملسافات كبيرة تتقلص معها نسبة الكسوف.
حساب اخلسوف والكسوف
إن الحسابات الدقيقة ملواقيت الخسوف والكسوف ومواضع رؤية الكسوف
عال من
على األرض هي في العادة حسابات صعبة تقتض ي دراية رياضية على قدر ٍ
من املعرفة في حسابات امليكانيك السماوي .Celestial Mechanicsإال أن بإمكاننا
تكوين معرفة عامة عن دورات الخسوف والكسوف وأوقات حصولهما .وهذا اللون
من املعرفة هو ما كان البابليون واملصريون القدماء قد توصلوا إليه باملراقبة
املستمرة للسماء ورصد مواقع الشمس والقمر فيها.
60
الشكل ( )22-2أحوال الكسوف املختلفة
إن مواضع العقدتين الصاعدة والنازلة غير ثابتة بل تتحرك على الدائرة
الكسوفية باتجاه معاكس التجاه حركة الشمس وبمعدل 19درجة لكل سنة
شمسية بالتقريب .مما يعني أن العقدتين تعودان إلى املوقعين نفسيهما على الدائرة
الكسوفية كل 18.6سنة شمسية .وملا كانت الشمس متحركة على الدائرة
الكسوفية باتجاه معاكس بمعدل درجة واحدة في اليوم الواحد فإن هذا مؤداه أن
يحصل اإلقتران بين الشمس والقمر وهو في واحدة من العقدتين في مدة أمدها
ً
346=19-365يوما ،وتسمى هذه الفترة السنة الكسوفية ، Eclipse year
وخاللها نتوقع حصول خسوفين للقمر على األقل .ولربما حصلت ثالث خسوف
للقمر في سنة شمسية كاملة.
61
الشكل ( )23-2مواضع العقدتين لتقاطع مدارالقمرمع مستوي الدائرة الكسوفية
ً
قلنا آنفا أن ظل القمر الواقع على سطح األرض الكروي يشكل بقعة مظلمة
بيضوية تعتمد مساحتها على املسافة بين األرض والقمر ،فهذه املسافة متغيرة كما
هو معلوم ،وفي حده األعظم يبلغ قطر البقعة املظلمة 270كيلومتر .وملا كانت
سرعة حركة ظل القمر على األرض تبلغ بحدود 2100كيلومتر في الساعة (أي 35
ُ
كيلومتر في الدقيقة) فإن املسافة البالغة 270كيلومتر تقطع خالل مدة 7.7
ً
دقيقة فقط .ولهذا السبب ال تدوم فترة الكسوف الكلي أكثر من هذه املدة أبدا.
62
الشكل( )25-2يوضح صورة الحلقة اْلاسية التي تظهرمع الكسوف الكلي للشمس
63
حساب مواقيت اخلسوف والكسوف ابلطريقة البابلية
كان القدماء منذ عصر البابليين األوائل قد تمكنوا من معرفة أوقات حصول
ظواهر الخسوف والكسوف بشكل تقريبي عن طريق حسابات الدور وكان هذا
ً
يعرف أيضا باسم القرانات وقد أوردت الجداول البابلية إشارات إلى توقعات
ملواقيت الخسوف والكسوف في تقاويمهم الفلكية التي كانت تصدر قبل ملدة عامين
ً ً
(أو أكثر أحيانا) مقدما .لكنهم لم يكونوا يعرفوا ساعة حصول هذه الظواهر على
وجه الدقة (وال مكان حصولها بالنسبة لحوادث الكسوف) .وهنا أقدم هذه
الطريقة
من خالل مراقبة حوادث الخسوف والكسوف لسنوات كثيرة تنبه البابليون
إلى أن هذه الحوادث تتكرر دوريا في مدى 223شهر قمري اقتراني (مدته
29.5306يوم) ،وهذا يعادل 18سنة شمسية و 10أيام و 7ساعات و43
ً
دقيقة بالضبط .وتكون األيام 11بدال من 10إذا كانت هذه السنوات فيها 4
سنوات كبائس أما إذا كان فيها 5سنين كبائس فتكون األيام . 10وقد سميت هذه
الدورة الحقا دورة الساروس ،وخاللها تتكرر نفس حوادث ولكن في بقاع مختلفة من
األرض .فلو وقع كسوف أو خسوف في سنة ما فإنه يتكرر بنفس شكله ووضعه
ً
ومدته مرة ثانية بعد مض ي 18عاما و 10أيام و 7ساعات و 43دقيقة إال أن
موقع الحادث على الكرة األرضية ينحرف نحو جهة الغرب بمقدار 116درجة
ً
تقريبا (وهذا ما يعدل 7ساعات و 43دقيقة بالتقريب بدوران األرض حول
نفسها) .وقد عرف القدماء هذا الدور وعرفوا أنه يترتب عليه حدوث سلسلة
كسوفات وخسوفات ويمكن لهواة الفلك أن يعتمدوا على دورة ساروس في حساب
حوادث سماوية ألجيال عديدة الحقة وسابقة وهي في غاية السهولة .
64
ولكي يتنبأ البابليون بوقوع خسوف أو كسوف في أي يوم من األيام القادمة
كان عليهم ضبط أوقات حصول كسوفات وخسوفات لدورة ساروس كاملة واحدة
وجعلها كمرجع للحساب.
مثال:
وقع خسوف للقمر كلي بتاريخ 17تشرين األول/أكتوبر 1986الساعة 22و 18
ً
دقيقة .فإذا أضفت 18عاما إلى 1986فالحاصل 2004وبينهما خمس سنوات
كبائس لذلك نضيف لأليام 10فيصير 27أكتوبر و نضيف للساعات 7ساعات
43دقيقة فيصير 30ساعة ودقيقة واحدة نحذف من الساعات 24ونضيف
ً
يوما .وبالتالي نكتشف أن الخسوف سيتكرر في 28أكتوبر 2004وكان وسطه في
الساعة 6:01وقد شاهدناه في منتصف رمضان 1425ومثله كسوف الشمس
ً
الذي وقع بشرق آسيا بتاريخ 23سبتمبر 1987الساعة 06:11صباحا .إذا
أضفنا فوقه مدة دورة ساروس فسنكتشف أن الكسوف سيتكرر بتاريخ 3أكتوبر
2005الساعة ،13:54أي أن هاوي الفلك إذا حصل على الخسوفات
والكسوفات املاضية قبل 18سنة فبإستطاعته حساب الحوادث لسنوات طويلة .
لكننا اآلن وبفضل تقدم علوم امليكانيك السماوي وتقدم التقنيات
الحاسوبية أصبحنا قادرين بحمد هللا على حساب أوقات الخسوف والكسوف بدقة
عالية تصل إلى أجزاء الثانية كما أمكن حساب أماكن نوع الخسوف أو الكسوف
املتوقع وحساب أبعاد مسار الكسوف الكلي والجزئي بدقة عالية تصل إلى بضعة
ً
أمتار .وهذا ما يثبت عادة في التقاويم الفلكية الحديثة Astronomical Almanac
التي تصدرها هيئات عاملية .وفي الجدولين ( )3و ( )4كشف بحوادث الخسوف
املتوقعة حتى العام . 2010
65
أأس ئةل الفصل الثان
.1ملاذا اعتقد القدماء أن القمر أقرب إلى األرض من الشمس؟
.2ما طور القمر عند حصول الكسوف .وما طوره في الخسوف؟
.3في نهار أي يوم من السنة تكون السرعة الزاوية للشمس األقل وفي نهار أي
يوم تكون على أعظمها؟
.5إذا قمت بقياس طول ظل عمود الكهرباء يوم /21آذار من العام عند خط
عرض 45شمال فهل سيكون طول الظل في اليوم التالي أقصر أم أطول؟
.8في أي برج تكون الشمس يوم 22حزيران من العام وفي أي برج تكون يوم
22كانون الثاني.
.9تقطع الشمس دائرة البروج في سنة ،ما هو معدل السرعة الزاوية
بالشهر؟ باليوم؟ بالساعة؟ وكيف تقارنها مع معدل السرعة الزاوية
للقمر؟
.10ما سبب حركة جميع األجرام السماوية من الشرق إلى الغرب؟
66
.11كيف يمكنك تحديد خط االستواء السماوي (الفلكي).
.12بين مع األمثلة كيف تختلف مواقع النجوم باختالف مكان الراصد لها على
سطح الكرة األرضية؟
.13بين كيف تبحث عن نجم في القبة الفلكية إذا علمت أن زاوية سمته (ْ)90
وارتفاعه الزاوي (ْ)75؟
.14كيف تتكون أطوار القمر؟ هل أن ظلمة جزء من القمر في بعض أطواره
ناتجة عن حجب ضوء الشمس من قبل األرض؟
ً ً
.15ملاذا نرى وجها واحدا للقمر؟
.16في أي يوم من الشهر القمري يحصل الخسوف؟ وفي أي يوم يحصل
الكسوف؟
.17ورد في املصادر أن الشمس كسفت يوم توفي إبراهيم إبن النبي (ص) ،وورد
في بعض املصادر أن تاريخ الوفاة كان يوم 18ربيع األول .فهل يصح هذا
ً
التاريخ إذا علمنا وقوع الكسوف فعال ؟ ملاذا
.18هل يغطي الخسوف كل البقاع التي يرى منها القمر؟ ملاذا؟
.19هل يغطي الكسوف كل البقاع التي ترى منها الشمس؟ ملاذا؟
ً
.20أيهما يستغرق زمنا أطول الخسوف أم الكسوف؟ ملاذا؟
.21ما هي دورة الساروس؟ هل يمكن استخدامها لتقدير أوقات حصول
الخسوف والكسوف؟
.22ما هي الحركة التراجعية للكواكب؟ هل تحصل مع الشمس والقمر؟ ملاذا؟
67
الفصل الثالث
حملة اترخيية عن تطور عمل الفكل
68
الفكل ما قبل التأأري
تركت لنا الشعوب القديمة تصوراتها التي تبدو لنا اليوم مضحكة أو عجيبة
عن السماء وأجرامها ،حيث كان التخيل البدائي قد اخترع هذه الصور .فقد تصور
الهنود القدماء األرض قوقعة عظيمة تحملها أربعة أفيال عمالقة تقف على ظهر
سلحفاة .وعلى الرغم من بدائية هذا التصور إال أنه ال يخلو من ٍ
معان ومعارف
قيمة أهمها الشعور بكروية األرض وتحدب سطحها وإال ملا اختار الهنود القوقعة.
والثاني معرفة أن اليابسة محاطة باملاء من جميع أطرافها .ولعل أن في اختيار
ً
السلحفاة فرضا يقصد منه تفسير قلة حصول الهزات األرضية!!
وبالجملة فإن عقائد اإلنسان القديمة تجاه األرض والسماء وما فيها من
ً ً
أجرام كثيرة كانت منبعثة من تصوراته التي تتأثر تأثرا مباشرا باألشياء املحيطة به و
بخبراته اليومية ومعارفه التي تتراكم لديه على مديات األجيال املتتابعة .لذلك نقول
أن اكتشاف اإلنسان للعلم والطرائق العلمية الصحيحة الكتشاف العالم لم يكن
ً ُ ً ً
أمرا سهال ومباشرا ،بل مر بمراحل وتحوالت كثيرة حتى اهتدى مؤخرا إلى ما يبدو أنه
السبيل الصحيح الرشيد ملعرفة العالم.
أما فيما يتعلق باألجرام السماوية فإن القدماء قد جعلوا لها صفات معنوية
ومادية مختلفة .وقد كانت الكواكب والنجوم تعبد في مرحلة من مراحل تطور الوعي
اإلنساني .هذا ما تثبته املخلفات املوروثة من معتقدات ومن أعمال أدبية أو فنية
كثيرة و أشير لذلك عن قوم سيدنا إبراهيم في سورة األنعام حيث يذكر أن إبراهيم
ً ّ
قبل أن ُيكلف بالرسالة تفكر بالنجم وبالشمس وبالقمر حتى إذا لم يجدها شيئا
ووجدها مخلوقات زائلة إهتدى إلى اإليمان باهلل الذي ليس كمثله ش يء ،يقول هللا
سبحانه
ََ ال َه َذا َرّبي َف َل َّما َأ َف َل َق َ
ال ال أ ِح ُّب اآلفلين .فل َّما َرأى
َ َ َّ َ َّ َ َ م َّ
الل ميل َرأى َك مو َك ابا َق َ فلما جن علي ِه
َ ََّ َّ ّ ِ َ َ َ َ َ َ
م َ مَ ّ م َ
ال َه َذا َربي فل َّما أف َل ق َ
ّ غا َق َ
مَ ََ َ ا
ال ل ِئن ل مم َي مه ِد ِني َرِبي ألكونن ِمن القو ِم الض ِالين َ.فلما ِ القمر ب ِاز
69
َ م ّ َ َََ م َ
ال َيا ق موم إ ِني َبر ٌ َ َ ّ َ َ َمَ ََ َا َ
س َبازغة ق َ َّ
َرأى الش مم َ
يء ِم َّما تش ِركون. ِ ِ ِ
ال هذا َربي هذا أكبرفل َّما أفلت ق َ
ِ ِ
لقد كشفت التنقيبات اآلثارية وتراجم األلواح الطينية البابلية عن تراث ضخم في
مجال األرصاد الفلكية الدقيقة ،واتضح بما ال يقبل الشك أن البابليين وخاصة على
العصر السلوقي المتأخر ( 310ق.م 75 -م) Seleucid eraقد اعتنوا بعلم الفلك عناية
فائقة وكانت لديهم مؤسسة حكومية ضخمة ممولة من قبل الدولة تعمل على تسجيل
األرصاد الفلكية لمواقع الكواكب والشمس والقمر والنجوم وباقي األجرام السماوية التي تراها
العين يومياً .وكان اللوح الطيني يحتوي على معلومات تتضمن تاريخ ومكان الرصد واسم
يدون المعلومات على اللوح الطيني األولي
الراصد واسم مساعده ،واسم الكاتب الذي ّ
واسم الناسخ الذي ينقل المعلومات من اللوح األولي إلى اللوح النهائي واسم المدقق الذي
يتولى تدقيق النسخ والتأكد من صحته.
70
وقد ترجم لنا جزءاً كبي اًر من هذا التراث العلمي الذي حفظته تلك األلواح مؤرخ علم
الفلك القديم األستاذ أوتو نويجي باور Otto Neugobauerفي ثالث مجلدات كبيرة
بعنوان Astronomical Cuneiform Textsكما أرخ هذا العالم الجليل ألعمال البابليين
وغيرهم في علم الفلك في كتبه األخرى وأهمها A History of Ancient Mathematical
Astronomyالذي يقع في ثالث مجلدات أخرى.
وقد كان من مهام المؤسسة الفلكية البابلية إصدار التقاويم الفلكية لسنتين أو أكثر
مقدماً ،والتي تحتوي عادة على إحداثيات الشمس والقمر والكواكب السيارة ،وبدايات
األشهر القمرية وخسوف القمر وكسوف الشمس المتوقعة خالل الفترة التي يغطيها التقويم،
وهذا هو في الحقيقة ما تحتويه التقاويم الفلكية المعاصرة وأهمها التقويم الفلكي البريطاني
-األمريكي المشترك والمسمى "المناخ . "Almanac
ومن الجدير بالمالحظة أن التنظيم المتبع في التقويم الفلكي العالمي اآلن هو نفسه
الذي كان متبعاً عند البابليين ،إذ أنهم جعلوا جزءاً من التقويم يتضمن جداول تعين
إحداثيات األجرام السماوية وتسمى الجداول األرصادية Observational tablesيلحق
به جزء آخر يكون على ألواح أخرى ويسمى النص اإلجرائي procedure textوهو
الجزء الذي يتم فيه شرح العمليات الحسابية المعتمدة الستخراج األرقام التي تتضمنها
الجداول األرصادية.
71
كانت التقاويم الفلكية البابلية تؤدي وظيفتين في آن واحد:
األولى هي وظيفة عملية تختص بتحديد أحوال الجو والفصول ومواسم الزراعة
واألمطار وتحديد المواقيت واألعياد الوطنية والدينية وجباية األموال وصرف الرواتب إلى
الجند وموظفي الدولة و األحوال الشخصية وغير ذلك من الفعاليات التي تتأثر بالمواقيت.
أ ّما الوظيفة الثانية التقاويم الفلكية البابلية فقد كانت استخدامها في التنجيم للتنبؤ
بمصائر وأحوال الرعاة (الملوك) والرعية .وتقول المصادر أن الكلدان كانوا بارعين في
التنجيم براعة نادرة حتى أنهم كانوا يعرفون أحوال المولود في بطن أمه بداللة النجوم(.)1
وقد برع البابليون في التعامل مع األعداد وكانت نظرية العدد عندهم متطورة على
ما يظهر من خالل الدراسات المعاصرة التي جرت على النصوص الرياضية ،وأنواع
التمارين المعطاة للطلبة والتي تؤكد اعتمادهم خوارزميات محددة لحل المسائل العددية،
وهذا ما تشير إليه الدراسات الجديدة بشأن علم الرياضيات البابلي.
لقد اعتمد البابليون النظام الستيني في تمثيل األعداد ولهذا النظام فائدة كبيرة في
التعبير عن الكميات الهندسية نظ اًر ألنه يتوافق معها تماماً إذ أن الدائرة تقسم إلى 360
درجة والدرجة إلى 60دقيقة والدقيقة إلى 60ثانية وهكذا .والرقم 60يقبل القسمة على 1
و 2و 3و 4و 5و 6و 10و 12و 15و 20و 30وعلى نفسه بدون باقي بينما
ال تقبل العشرة التي هي أساس النظام العشري القسمة إال على 2و 5ونفسها فقط.
لذلك فقد أتاح النظام الستيني مرونة أعلى للبابليين للتعامل مع األرقام الناتجة عن
األرصاد الفلكية والحسابات الفلكية.
لقد حدد البابليون فترة الشهر القمري االقتراني والشهر القمري النجومي ،بدقة كبيرة
تتفق مع التحديد المعاصر حتى المرتبة السادسة وهذه هي 29.530594يوم والفترة
المقبولة حالياً هي 29.530590يوم .كما عرفوا السنة الشمسية ومدتها بوجوه عديدة،
والسنة الفصلية ومدتها والسنة اإلقترانية ومدتها والسنة النجومية ومدتها ،ورغم ما تذكره
72
المصادر من أن البابليين لم تكن لديهم نظرية كوكبية Planetary Theoryرياضية
بحسب الرأي الذي طرحه نويجي باور وآخرين إال أن وجود هذا الكم الهائل من األرقام
والحسابات األرصادية لهو دليل واضح على أن البابليين كانوا والبد أصحاب نظرية
كوكبية متقدمة قد يمكن االستدالل على معالمها من خالل دراسة أكثر عمقاً ومتابعة لعلم
الفلك الرياضي البابلي فضالً عن هذا فإن وجود جداول بابلية تحتوي على مدة دوران
الكواكب (عدا األرض) حول الشمس قضية محيرة حقاً! فهل كان لدى البابليين نظرية
حساب قائمة على مركزية الشمس أيضاً؟.
73
شكل ( )4-3اإلله شو يرفع السماء
أما فيما يخص معرفة المصريين القدماء بالنجوم وحركاتها فإن من المؤكد أنهم
استطاعوا تمييز الكوكبات النجمية التي جعلوها ستاً وثالثين كوكبة ،لكل منها حارس
يحرسها ويهيمن على عشرة أيام من أيام السنة المصرية التي قرروها 360يوماً .لذلك
صاروا يضيفون األيام الخمسة إلى عداد أيام السنة ويجعلونها عيداً.
وقد مكنت مراقبة الكوكبات من وضع جداول تبين مواعيد ظهورها وتحديد مواقعها
على مدار الزمن .وقد ربط المصريون بين مولد فيضانات النيل وشروق نجم الشعرى
وذلك في 19تموز (يوليو) من كل عام ،وقد اتخذوا من موقع الشعرى اليمانية دليالً لهم
في بناء الهرم وتوجيهه .فالشعرى اليمانية التي تظهر في الجنوب يواجهها أحد وجوه الهرم
األكبر (هرم خوفو) ،بينا جعل الوجه اآلخر للهرم يواجه نجم القطب بحيث إذا سقط
الضوء القادم من نجم الشعرى على وجه الهرم التقت األشعة القادمة منه مع األشعة
القادمة من نجم القطب (من الشمال) في الحجرة الملكية الموجودة داخل الهرم .وحين
يلتقي الشعاعين يبدأ فيضان النيل في ذلك األسبوع.
أما بالنسبة لقياس الزمن فقد استخدم المصريون القدماء المزاول الشمسية .كما
استخدموا الساعات المائية وهي عبارة عن أحواض مثقبة يتسرب الماء منها إلى الخارج
ويعرف منها ما مضى من ساعات الليل بقياس مستوى الماء الخارج .وقد عثر اإلثاريون
74
على جداول فلكية في قبور الملوك يظهر فيها وقت عبور بعض النجوم لخط الزوال.
وعموماً لم تكن إنجازات المصريين القدماء في علم الفلك بالقدر الذي اجتهد به البابليون،
والذي يعزى ربما إلى عدم شيوع التعامل بالتنجيم عند المصريين القدماء ،فقد كانوا هم
أكثر اهتماماً بالسحر والكيمياء وقد تفوقوا في هذا المضمار .على عكس ما كان عليه
الحال عند البابليين وما كان من معرفتهم الواسعة بالتنجيم .فإن التنجيم كان عامالً رئيساً
في تطوير األرصاد الفلكية ،وأدواتها كما هو مثبت في تاريخ هذا العلم .ومما يؤكد
اهتمام المصريين بالسحر وتفوقهم فيه أن هللا سبحانه وتعالى بعث موسى وأخاه هارون
ق َما ِفي
عليما السالم مؤيدين منه بقوة إلهية تغلبت على ما كان لدى سحرة الفرعونَ .وأَْل ِ
اح ٍر َوال ُيْفلِ ُح َّ
الس ِ
احُر َح ْي ُث أ ََتى (طـه)69: ف ما صَنعوا ِإَّنما صَنعوا َكي ُد س ِ ِِ
َيمين َك َتْل َق ْ َ َ ُ َ َ ُ ْ َ
75
متطور كما يظهر من القصص املروية عن زيارات الفلكيين الهنود لدواوين الخلفاء
العباسيين وخاصة زيارة سيدهانا Sindhantaالشهيرة إلى ديوان املأمون وما أمر به
الخليفة العباس ي من ترجمة كتاب السندهند الكبير الذي إعتبره الفلكيون العرب
ً ً
املسلمون (إلى جانب كتاب بطليموس املجسطي) أساسا رئيسا لعلم الفلك العربي
اإلسالمي .لكن من الجدير بالذكر أن الهند استثمروا املعلومات الفلكية في التنجيم
فقد برعوا فيه وأبدعوا أيما إبداع ويذكر أبو الريحان البيروني في كتابه (التفهيم
ألوائل صناعة التنجيم) وفي كته األخرى الكثير من املعلومات عن أعمال الهند بهذا
الصدد.
ً ً
أما في الصين فقد كان علم الفلك متطورا على ما يبدو أكثر كثيرا مما كان
للهند ..وربما ُيعزى ذلك إلى عالقة الفلك بالدين لدى الصين ،فقد كانت مراصدهم
معابد مقدسة وكانت األدوات واألجهزة الفلكية أدوات طقوس دينية امتازت بجمال
ً
فائق ودقة صنع راقية وقد تميزوا بذلك فضال عن تميزهم بتوثيق الحوادث
الفلكية.
وقد ارتبط الفلك عند الصين بالتنجيم .وكان كونفوشيوس (نبي الصين)
ً
الذي عاش للفترة (479-551ق.م) قد وضع كتابا في التنجيم بعنوان (املتغيرات)
فضال عن املعلومات التنجيمية وطرق ً
وهو يحوى على أسرار ومعلومات فلكية
الكشف عن املستقبل .وأهم ما يسجل للصين توثيقهم األحداث الفلكية وتسجيل
مشاهداتهم بصورة منتظمة.
ً
ُويذكر أن الصين اكتشفوا مبكرا مجموعة أقمار املشتري قبل ألفي سنة من
اكتشاف غاليلو لها عام 1610م .كما يذكرون أنهم اكتشفوا البقع الشمسية
حيث ورد ذكرها في حوليات أسرة هان (206ق.م1900-م) .كما ُيذكر أن الصين
اهتموا بتوثيق حوادث الخسوف والكسوف حيث إنهم سجلوا خالل الفترة (11
ق.م1900-م) ما يزيد على 1600كسوف و 1100خسوف و 200حالة
76
احتجاب الكواكب خلف القمر .ولعل من أهم توثيقاتهم الفلكية تسجيلهم لحادث
ظهور املستعر األعظم في برج الثور عام 1054م .كما أنهم سجلوا انفجارات نجمية
مماثلة في السنوات 1006م و 1572م و 1604م على التوالي .ومن التسجيالت
الشهيرة توثيقهم لدورات مذنب هالي حيث ذكرت تلك الوثائق مرور املذنب في سماء
األرض 29مرة منذ عام 240ق.م إلى 1910م .وهذا يعني أنهم لم يضيعوا فرصة
واحدة ملشاهدة املذنب طوال تلك الفترة!
أما بالنسبة للتقاويم فقد توصل الفلكيون الصينيون إلى وضع تقويم رسمي
لألمبراطورية الصينية وكان على درجة عالية من الدقة فقد حسبوا أن طول السنة
ً ً
هو 365.25يوما بالضبط ،ثم وجدوا أن طول السنة هو 365.2425يوما ولذلك
قاموا بإصالح التقويم وذلك قبل اإلصالح الغريغوي بمدة 383سنة .وفي عام
ً
1608حددوا طول السنة الشمسية بمدة 365.242190يوما.
ً
وقد استخدم الصينيون القدماء الساعات املائية ملعرفة الوقت ليال .أما في
النهار فقد استخدموا املزاول الشمسية .كما وضعوا خرائط دقيقة لنجوم السماء
ّ
وتصور هذه منها (خارطة شوتسو) للنجوم وهي منحوتة على الحجر عام 1247م،
ً
الخارطة مواقع 1434نجما بدرجة عالية من الدقة كما تبين حدود املجرة .أما
بالنسبة إلى املراصد الفلكية الصينية فإن أقدمها هو منصة قويبيا التي بنيت عام
1279م .وقد استخدم الصينيون آلة ذات الحلق الضخمة لتحديد احداثيات
األجرام السماوية ومما يذكر ان الصين ال زالت تحتفظ بمرصدها الرئيس ي (مرصد
بكين) الذي عمل ملدة 2000سنة مع كثير من أجهزته.
الفكل عند اليوانن والرومان
ً ً
اهتم اإلغريق منذ القرن السادس قبل امليالد بالفلك واعتبروه علما نظريا
ً
بعيدا عن التجربة بل يعتمد على النظم الهندسية وحساب املثلثات السطحية
والكروية .وقد أفاد اإلغريق من علوم البابليين وعلوم املصريين في الفلك
77
ً ً
والرياضيات كثيرا وإن لم يذكروها ولم يكونوا أمناء قي نقلها بل إنتحلوا كثيرا منها.
لكنهم دون شك أضافوا الى هذه العلوم الكثير وكانوا حلقة جديدة في تطور املعرفة
العلمية فوضعوا نظرية مركزية األرض وفسروا بذلك الحركة اليومية لألجرام
السماوية كالشمس والقمر والكواكب السيارة .كما قاموا بحساب محيط األرض.
ومن الجدير بالذكر هنا أن أغلب التراث اليوناني هو عبارة عن قصاصات أو أخبار
مجتزئة وردت في الكتب.
ومن أوائل الفالسفة اإلغريق الذين اهتموا بالفلك الفيلسوف اليوناني
طاليس Thalesالذي عاش بين ( )562-640ق.م ،والذي يعتبر من القدماء
السبعة ومؤسس ي علم الطبيعة ،وقد نبغ طاليس في علوم متعددة منها الفلك
وحركة النجوم والتنبؤ بكسوف الشمس.
في القرن السادس قبل امليالد ظهر املدرسة الفيثاغورية التي أسسها
الفيلسوف الرياضياتي فيثاغورس Pythagorasوالذي ولد في جنوب إيطاليا عام
ّ
580ق.م وتوفي عام 500ق.م ،وكان هذا الرجل كثير األسفار تعلم في بابل ومصر
واطلع على التراث العلمي للحضارتين البابلية واملصرية .وقد وضع فيثاغورس نظرية
دقيقة تربط بين األعداد والحركات الطبيعية وله مساهمات كثيرة في التنجيم
وأحكام النجوم .كما ّبين فيثاغورس أن القمر جسم صلب يشبه األرض ،وإليه
ً
تنسب نظرية املثلث القائم الزاوية لكنها بابلية األصل كما ثبت ذلك مؤخرا.
ّأما بارمنيدس ،Parmenidesوهو مؤسس املدرسة اإليلية ،فقد افترض أن
األرض كروية وأن الكون مرتب على شكل طبقات متحدة املركز حول األرض.
Plato ومن علماء الفلك النظريين اإلغريق املشهورين الفيلسوف أفالطون
( 317-425ق.م) الذي افترض أن السماء كرة مادية على شكل جرس من
الكريستال ملقى على األرض املسطحة ،وقال بكروية األرض وقد وصف أفالطون
ً ً
حركة األجرام السماوية وصفا دقيقا.
78
نظرية أأرسطو الفلكية
الفيلسوف الشهير أرسطو طاليس ( 322-384ق.م) هو أشهر العلماء
والفالسفة االغريق وله آراء كثيرة في الفلك ويمكن القول أن آراء أرسطو جاءت
ً
تجميعا وتلخيصا للنظرة السائدة على عصره إلى السماء .وسوف نركز هنا على
أرسطو دون أن يعني ذلك بالضرورة أنه الوحيد الذي مثل الفلك اليوناني ودون أن
يعني ذلك أن هذه األفكار هي خالصة له .فقد تقبل أرسطو نظرية مركزية األرض
وقال بكرويتها ،وأورد أدلة كثيرة على ذلك.
قامت نظرية أرسطو في مسائل الفلك ورؤيته للسماء على ثالثة مباديء أو مسلمات هي:
.1مركزية األرض :أي اعتبار األرض مرك اًز للعالم كله تدور حولها جميع
األجرام السماوية.
79
.3أن األجرام السماوية هي من طبيعة خاصة مختلفة عن طبيعة ما على
األرض (تحت فلك القمر على وجه الدقة) وهي سرمدية ال تتعرض للتغير
أو الفساد.
لقد ر ّسخ أرسطو النظرية الكوكبية البدائية املعتمدة على مبدأ مركزية
األرض فقال بأن األرض تقع في مركز العالم فيما تكون الشمس والقمر والكواكب
الخمسة املعروفة على عهده (وهي عطارد والزهرة واملريخ واملشتري وزحل) متحيزة في
كرات أثيرية شفافة متمركزة بعضها فوق البعض اآلخر .وقد قام بترتيب الكواكب
على أبعادها عن الشمس بحسب مدد دوراتها الظاهرية في دائرة البروج .فالقمر هو
أقرب األجرام إلى األرض ألنه األسرع فيما جاء زحل أبعدها ألنه األبطأ( ،أنظر
الجدول .)3-2وقد احتاج أرسطو إلى وجود الكرات لتثبيت األجرام السماوية فيها
ً
ومنعها من السقوط نحو األرض ،فضال عن تبرير دورانها الظاهري حول األرض،
ولهذا الغرض إحتاج أرسطو إلى 55كرة أثيرية .كما وجد ضرورة أن تكون هذه
الكرات شفافة لتفسير رؤية األجرام متفرقة أو مجتمعة في قبة السماء .ولقد
أضاف أرسطو إلى نموذجه هذا كرة ثامنة هي كرة النجوم الثابتة .وتصور أرسطو
ً ً
لهذه الكرات محركا هو الفلك املحيط الذي يديرها جميعا.
معضةل احلركة الرتاجعية وتغري السطوع
استطاعت النظرية األرسطية تفسير الحركة الظاهرية للشمس والقمر
والحركة اليومية لنجوم القبة السماوية والحركة املستقيمة للكواكب السيارة .لكنها
لم تستطع تفسير الحركة التراجعية للكواكب التي شرحناها في الفصل الثاني .كما
أن نظرية أرسطو لم تتمكن من تفسير التغير الواضح في سطوع الكواكب خالل
دورانها في البروج .فقد كان هذا التغير غير مبررا بضوء التصور اإلرسطي الذي كان
قائما على األفالك الدائرية التامة.
80
وكان من أبرز علماء الفلك المميزين عند اليونان
أرستارخوس ( 230-310ق.م)
ولعله أول من قال بدوران األرض حول الشمس واعتبرها مركز الكون .وكثيرا
ما يرد هذا في كتب الفلك لكن الحقيقة أن من ذكر ذلك عن أرستارخوس هو
بطليموس وال يوجد دليل موثق على أن أرستارخوس نفسه قال بذلك .لكنه افترض
ً
أيضا أن الكواكب السيارة تدور حول األرض ،لكن أفكاره هذه ضاعت في خضم
هيمنة أفكار أرسطو وفلسفته.
هيبارخوس ( 120-190ق.م)
ولعل أشهر علماء الفلك اإلغريق الذين ظهروا بعد أرسطو الرياضياتي
والراصد الفلكي الفذ أرستارخوس ،الذي قيل أنه اكتشف ترنح محور دوران األرض
ً ً
من خالل مالحظته حركة دائرة البروج لكن هذا ليس صحيحا تماما ألن البابليين
كانوا قد عرفوا هذه الظاهرة قبله وحسبوا مقدار الترنح الزاوي كما سجلوا ذلك
على األلواح الطينية .إال أن هيبارخوس ربما صحح قياس البابليين ّ
وحسنه.
نظرية بطلميوس يف أأفالك التدوير
وقد بلغ علم الفلك عند اإلغريق أوجه وقمة تطوره على يد الفلكي
والرياضياتي الشهير كالوديوس بطلميوس القلوذي االسكندراني (165-85م) .وهو
عالم مصري من أصل يوناني ولد في صعيد مصر نهاية القرن األول امليالدي .لقد
تمكن هذا العالم من أن يرقى بعلم الفلك إلى مستوى جديد من خالل نظرياته
الفلكية الهندسية التي استطاع التحقق من الكثير من معطياتها من خالل الرصد.
ّ
فقد ألف بطلميوس العديد من الدراسات عن تشكيالت النجوم الثابتة ووضع
جداول بموقعها .ودرس علوم البابليين وأرصادهم التي حصل عليها واستخدم
األدوات الفلكية كاإلسطرالب لقياس ارتفاع النجوم والكواكب وتحديد مساراتها،
ولعل أشهر كتبه هو كتاب املجسطي Almagestأو األعظم الذي اشتمل على كافة
81
املواضيع الهندسية والفلكية .وقد ُترجم كتابه هذا إلى العربية واعتمده الفلكيون
العرب املسلمين.
ملا وجد بطليموس أن نظرية أرسطو في الكرات السماوية ال تتفق مع تفاصيل
ً ً
األرصاد الفلكية وبخاصة الحركة التراجعية للكواكب وضع نموذجا معدال يعتمد
مركزية األرض للعالم كأساس .وقد احتوى هذا النموذج على ثالثة مفاهيم أساسية
ً
ربما كان اثنان منها قديما واآلخر جديد اخترعه بطليموس على ما يبدو .وهذه
املفاهيم الثالثة هي:
فلك التدوير Epicycle :وهو فلك دائري الشكل يدور فيه الكوكب.
الفلك الحامل Deferent :وهو فلك يحمل فلك التدوير (بما فيه الكوكب) يدور
حول األرض في مسار ال يشترط أن يكون بسرعة ثابتة.
التعديل Equant :وهو نقطة مناظرة للنقطة الالمركزية التي تقع فيها األرض
(أنظر الشكل )21-1ومنها تكون سرعة الكوكب ثابتة على مساره طالما كان في
االستقامة.
82
وهكذا صارت الكواكب هذه املرة محمولة على أفالك خاصة بها سميت
وكل من هذه األخيرة محمول على فلك آخر سمي الفلك الحامل كما أفالك التدوير ٌ
في الشكل (. )6-3
ً
وبموجب نظرية بطلميوس أصبح تفسير الحركة التراجعية للكواكب ممكنا
باعتبار أن الكواكب في حركتها على أفالك التدوير تبدو في حركتها املستقيمة عندما
ً
يكون اتجاه حركتها متوافقا مع اتجاه حركة الفلك الحامل حتى إذا صارت إلى موضع
على الفلك الحامل عند نقطة انعكاس اتجاه دورانها صارت في الثبات ثم تبدأ حركتها
ً
في التراجع عندما يكون اتجاه سيرها في فلك التدوير معاكسا التجاه حركة الفلك
الحامل حتى إذا صارت إلى موضع تنعكس فيه اتجاه حركتها مرة ثانية صارت في
الثبات لالستقامة ،ثم تستقيم ،وهكذا دواليك .ومن الواضح أن حركة الشمس
والقمر تكون على فلك واحد فال حاجة بها إلى أفالك تدوير لعدم وجود حركة
تراجعية لها.
ولكي يفسر بطلميوس حركة كوكبي عطارد والزهرة اشترط أن يكون مركز
فلك التدوير لكل منهما يمتد على استقامة واحدة بين األرض و الشمس على الدوام
وبذلك استطاع أن يفسر وجود هذين الكوكبين معظم األوقات قريبين من الشمس.
وقد ضمن بطلميوس كتابه املجسطي Almajestهذه النظرية وغيرها من
املسائل الفلكية .ويحتوي كتاب املجسطي على 13مقالة تبحث في املسائل
األساسية لعلم الفلك على عصره اختصر فيها علوم من سبقوه وأضاف إليها ما
وجده هو .وقد قام بطليموس بحساب أبعاد الشمس والقمر والكواكب بحسب
فترات دورانها في دائرة البروج ،وكما ذكرنا األقرب هو األسرع ،وذلك هو القمر يليه
ً
عطارد فالزهرة والشمس ثم املريخ واملشتري وأخيرا زحل .وقد استنتج بطليموس من
هذا الحساب أن بعد القمر بداللة نصف قطر األرض هو 59مرة أما كرة النجوم
الثوابت فقد قدر بعدها 20000مرة قدر قطر األرض .ونحن اليوم نعلم أن فترات
دوران الشمس والقمر والكواكب في دائرة البروج صحيحة ألنها حقائق رصدية أما
83
أبعاد هذه األجرام بحساب فهي اليوم خاطئة بالطبع ألن نظرية بطليموس خاطئة
ً
تماما.
الفكل عند العرب واملسلمني
إذا كان اليونان والرومان هم ورثة علوم البابليين والمصريين ومطوروها فإن العرب
المسلمين أصبحوا دون شك ورثة علوم اليونان والهند .والفارق بين الحالين ،كما يبدو ذلك
واضحاً من خالل التاريخ المسجل ،أن اليونان كانوا كثي اًر ما ينتحلون أعمال غيرهم
وي نسبونها ألنفسهم على حين أن هذه الظاهرة لم تكن شائعة عند العرب المسلمين بل لقد
حفظ المسلمون لليونان ولغيرهم من األمم حقوقهم التاريخية في الملكية الفكرية لألعمال
الجليلة ،بل لقد اعتبروهم أساتذة لهم ومعلمين ،وتشهد على هذا القول أعمال إبن سينا
والفارابي وإبن رشد وغيرهم ممن نقلوا عن اليونان وشرحوا ألعمالهم .فكثير من أعمال
اليونان لم تعرف لألوربيين أنفسهم إال من خالل النص العربي الذي حفظه العرب وحفظوا
إسم صاحبه بكل أمانة ،بينما لم تحفظ لنا كتب اليونان إال أشياء يسيرة جداً من إنجازات
البابليين والمصريين القدماء وبدالً عن ذلك نسبوها ألنفسهم وما عرفناه مؤخ اًر عن أعمال
البابليين والمصريين القدماء كشفته التنقيبات اآلثارية.
عاش قدماء العرب في شبه جزيرة العرب ،وكانت طبيعة الحياة في بيئتهم تتطلب
االرتحال الدائم طلباً للماء والكأل فضالً عن رحالتهم التجارية من الجزيرة إلى الشام وإلى
ليال .لذلك كانوا في
اليمن ،ونظ اًر لشدة الحر في صحاريهم فقد كانت معظم تنقالتهم تتم ً
حاجة لمعرفة النجوم الثابتة ومواقعها ليهتدوا بها في مسيرهم وكان من الضروري عندهم
تمييز النجوم الثوابت عن الكواكب السيارة المتحركة حركات ذاتية لكي تكون الثوابت
مثابات سماوية تهديهم السبيل.
كما كان العرب بحاجة إلى معرفة الفلك لعالقته باألنواء (األحوال الجوية)
الفصلية ،من أمطار ورياح وبرد وحر ،وهي ضرورية لحياتهم أيضاً ،ويمكن القول أن
معظم المعارف الفلكية لعرب الجزيرة هي ما اكتسبوه من تراث البابليين وما انتقل إليهم
من معارف اليونان والروم والفرس والهند ،وربما لم يضف عرب الجزيرة قبل اإلسالم شيئاً
84
كثي اًر إلى هذه المعارف بل هم قد حرصوا على توثيقها سجعاً وشع اًر لتتناقلها األلسن جيالً
بعد جيل.
إال أن النهضة العلم ية الحقيقية بدأت في العصر العباسي ومن المؤكد أن أبو
جعفر المنصور كان مهتماً بعلوم الفلك لشغفه بصناعة التنجيم ،إذ عرف عنه تقريب
المنجمين واستشارتهم في كثير من األمور وكان لديه عدد من المنجمين منهم نوبخت
الفارسي وماشاء هللا اليهودي وإبراهيم بن حبيب الفزاري وعمر بن فرخان الطبري ،ويذكر
البيروني في كتاب (اآلثار الباقية عن القرون الخالية) أن أبا جعفر المنصور أمر هؤالء
المنجمين باختيار طالع حسن للشروع في بناء مدينة بغداد .فوضع هؤالء خارطة تنجيمية
(أو ما يسمى النصبة الفلكية) واقترحوا بدء العمل يوم 15ربيع الثاني سنة 145هـ .كما
أمر المنصور أبو يحيى البطريق بترجمة كتاب "المقاالت األربع" لبطليموس وهي في
أحكام النجوم ،وفي الوقت نفسه فإن المنصور أمر بترجمة الكتاب المعروف "السند هند"
وهو كتاب العالم الرياضياتي الهندي برهمكيت الذي كتبه للملك فياكهرمكة عام
7هـ628/م .وكان لهذا الكتاب أثر كبير في تطور المعارف العربية في الفلك وحركات
الكواكب والنجوم وقياس هذه الحركات وحسابها.
85
ويذكر أن محمد بن إبراهيم الفزاري ألّف عدة كتب في الفلك منها كتاب "العقيدة"
في علوم النجوم" وكتاب "المقياس للزوال" وكتاب "الزيج على سني العرب" وكتباً أخرى
حول اإلسطرالب .كما قام يعقوب بن طارق المتوفى عام 179هـ796/م بتصميم عدة
فترجم كتاب ويقال أنه استفاد كثي اًر من معلومات الحكماء الهنود، جداول فلكية،
"األركند” وكتاب "تركيب األف الك " واألركند هو زيج (أي تقويم فلكي يتضمن جداول كثيرة
الحسابون
ّ تشتمل على بيان حركات الشمس والقمر والكواكب السيارة يومياً) .وقد كان
الذين يعملون في ضبط التقاويم والمنجمون والفلكيون على السواء بحاجة إلى هذه األزياج
الفلكية.
ُ
ومن االزياج التي ألفت على مذهب السند هند " زيج السند هند الكبير"
البراهيم الفزاري ،كما قام الخوارزمي في بداية القرن الثالث الهجري بوضع "زيج
السند هند الصغير" حيث اعتمد فيه أوساط السند هند ،وخالفه في التعاديل
وامليول ،فجعل تعاديله على مذهب الفرس وميل الشمس على مذهب بطليموس،
ً
وبقي زيج الخوارزمي مستعمال لقرون عديدة .أخذت دراسات علم الفلك االتجاه
الصحيح على عهد املأمون بن هارون الرشيد (ت 218هـ833/م) حيث دعم هذا
الخليفة العلم وأمد العلماء باملال الالزم إلجراء دراساتهم وأبحاثهم كما شجع ترجمة
ً
الكتب من اللغات السريانية واليونانية والفارسية والهندية ،وكان مولعا بعلم
الفلك وأمر ببناء املرصد املأموني شرق بغداد وجهزه بما يحتاج من أدوات للرصد
الفلكي .ويقال أن املأمون كان يحضر بعض مجالس العلم في هذا املرصد .وقد
أصبح علم الفلك في ذلك العصر مثار اهتمام ّ
علية القوم .ومن أشهر إنجازات عهد
املأمون في الفلك قياس محيط األرض ،وهذا ما سوف نبينه في الفصل الثالث إن
شاء هللا.
86
الشكل ( )7-3لوحة تمثل علماء فلك مسلمين مع آالتهم
ومن مشاهير الفلكيين على عهد املأمون أوالد موس ى بن شاكر الثالثة وسند
بن علي الذي كان يرأس الهيئة العلمية لديوان الخالفة وأحمد بن عبدهللا املروزي
وخالد بن عبد امللك ويحيى بن أبي منصور املنجم وعلي بن عيس ى وأبو اسحق
الكندي وعلي بن البحتري وعبد امللك املروزي .ومن املترجمين حسنين بن اسحق
وثابت بن قرة وله مساهمات جليلة في الفلك والرياضيات.
ولعل ما يلفت النظر العدد الكبير ألسماء النجوم والكوكبات العربية األصل
مما يؤكد دور العرب واملسلمين في علم الفلك .ولكي نبين ذلك أدرجنا في الجدول (-1
ً
)2عددا من النجوم والكوكبات واملنازل بأسمائها العربية األصلية واالسم املقابل
ً
املعتمد حاليا في اللغة اإلنكليزية.
87
ً ّ
إن من يطلع بعمق على مساهمات العرب واملسلمين في علم الفلك ليجد قدرا
ً
كبيرا من األعمال الجليلة قام بها عرب مسلمون أو مسلمون من أمم أخرى عاشوا
ً في كنف الحضارة العربية ّ
وتربوا على أصولها وإن تحقيق هذه اإلنجازات تاريخيا
ً
وعلميا ال زال حتى اآلن في بدايته.
جدول ( )1-3أسماء بعض النجوم والكوكبات والمنازل
88
ومن أشهر أعالم العرب املسلمين في علم الفلك والهيئة السماوية املشرقيين:
أبو معشر الفلكي (189هـ805/م273-هـ886/م)
أولغ بك (841هـ1437/م)
89
أحمد بن محمد النقاش (ت 493هـ1100/م)
إن أهم ما يميز الفترة العربية اإلسالمية في تاريخ علم الفلك أنها اعتمدت األرصاد
الفلكية لنقد النظرية الفلكية واختبارها ،كما طورت خالل هذه الفترة الكثير من األجهزة
الفلكية الالزمة للرصد.
90
الفصل الرابع
عمل الفكل احلديث
91
في نهاية القرن الخامس عشر امليالدي انتقل مشعل الحضارة من يد العرب
املسلمين إلى يد األوروبيين ،وذلك بعد أن تضاءلت املساهمات العلمية للعرب
ً
واملسلمين عموما وضعف دورهم الحضاري واستبد ملوكهم وسالطينهم بالحكم ،
وبدأ زحف الخراب على العمران .ودخل العرب واملسلمون في نفق مظلم الزالوا فيه
حتى هذا اليوم .وفيما يلي سنعرض بإيجاز ألهم املنجزات العلمية التي أدت إلى
حصول تحول جديد في آفاق علم الفلك كان بمثابة التوطئة التاريخية لحصول
تحول نوعي في التعامل مع السماء وأجرامها.
وكما سنرى في ثنايا املوضوع فإن التحوالت العظيمة التي حصلت في علم
الفلك إرتكزت على عاملين أساسيين ،األول :هو إعتماد التجريب واألرصاد الفعلية
ً
دليال لقيادة النظرية ،وهذه هي املنهجية العلمية الصحيحة التي كانت املرحلة
العربية االسالمية قد أسست لها وركزت دعائمها .والثاني هو مراجعة النظرية
البطليمية والنقود التي وجهها إليها الفلكيون العرب واملسلمون ،ومن أهمها نقد ابن
الشاطر الدمشقي .وكان الفلكيون العرب قد قاموا بإعداد الكثير من التقاويم
الفلكية القائمة على حساب األرصاد الذي يختلف عن الحساب النظري .فعندما
بدأ الفلكيون األوربيون أمثال تايكو براهي ويوهان كبلر وغاليليو غاليلي في نهاية
القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر امليالديين في سبر السماء كانت بين
أيديهم كثير من أعمال وأرصاد وتقاويم الفلكييين العرب واملسلمين ،والبد وأنهم
ً
إعتمدوها دليال لتطوير أعمالهم.
()1543- 1472م نيكولس كوبرنيكوس
تمثلت أبرز إنجازات علم الفلك في الفترة الحديثة بإعالن كوبرنيكوس أن
الشمس هي مركز حركات الفلك الكوكبية .فوضع النموذج الكوكبي الذي يعتمد
"مركزية الشمس" Heliocentric modelالذي كان ابن الشاطر الدمشقي قد
توصل إليه قبل ذلك .وبموجب هذا النموذج صارت الكواكب بما فيها األرض تدور
92
حول الشمس في مدارات دائرية وتتوزع في أبعادها حول الشمس بحسب مدة دورانها
في أفالكها ،وكما يلي :عطارد الزهرة األرض املريخ املشتري وزحل .فيما يدور القمر
حول األرض في مدار مستقل.
ً ً
فضال عن ما ورد أعاله فإن كوبرنيكوس قال أيضا بدوران األرض حول نفسها
فسر بطريقة جديدة الحركة اليومية للشمس حول األرض .وبموجب هذا وبالتالي ّ
ً
النموذج صارت الشمس مركزا للنظام الشمس ي الكوكبي وبذلك استطاع أن يقدم
ً ً
تفسيرا بسيطا للحركة التراجعية للكواكب في مداراتها دون حاجة إلى نظريات أفالك
التدوير املعقدة .لكن كوبرنيكوس تصور أن مدارات الكواكب حول الشمس هي
مدارات دائرية منتظمة فأوقعته في مشكلة عدم توافق الحسابات املدارية مع نتائج
األرصاد الفلكية لحركات الكواكب .كما كان من الصعب على الناس العلماء منهم
والعامة أن يتصوروا وجودهم على أرض متحركة لذلك لم يلق نموذج كوبرنيكوس
الترحاب الواسع في األوساط العلمية.
93
تفسري حراكت الكواكب وفق نظرية كوبرنيكوس
وقد استطاع كوبرنيكوس أن يفسر ا لحركة التراجعية للكواكب من الناحية المفاهيمية
الصرفة وليس من الناحية الرصدية الدقيقة .وهذا التفسير يقوم على فكرة تسابق األرض
في مدارها حول الشمس مع الكوكب فبالنسبة للمريخ نجده أبطأ من األرض في دورانه
حول الشمس لذلك فإن األرض حين تلحق به يبدو وكأنه يتباطأ حتى إذا أدركته بدا وكأنه
في الثبات حتى إذا سبقته صار في الرجوع حتى إذا دارت وعبرته بدا متراجعاً حتى إذا
صارت األرض إلى بداية النصف الثاني من مدارها صار المريخ في الثبات لالستقامة ثم
يستأنف المريخ حركته العادية متحركاً من الغرب إلى الشرق.
94
حركة الكواكب اخلارجية
يقصد بالكواكب الخارجية تلك التي تقع مداراتها خارج مدار األرض وهذه هي
وتعرف مواقع الكواكب بمقداراملريخ واملشتري وزحل واورانوس ونبتون وبلوتوّ .
الزاوية التي يصنعها الخط الواصل بين األرض والكوكب مع الخط الواصل بين
األرض والشمس .وتسمى هذه الزاوية االستطالة ، Elongationويرمز لها بالحرف
ً ً
. Eفإذا كان الكوكب مقترنا بالشمس تماما فإن ْ ، E=0ويقال عندئذ أن الكوكب هو
في اإلقتران Conjunctionوفي مثل هذا املوقع يطلع الكوكب ويغرب مع الشمس وال
ً
نتمكن من رؤيته .أما إذا كان الكوكب مقابال للشمس فإن ْ ،E=180ويقال عندئذ
أن الكوكب هو في التقابل . Oppositionوكما هو األمر في حالة البدر فإن الكوكب
في هذا املوقع يطلع من الشرق عند غروب الشمس ويقطع خط الزوال عند
منتصف الليل ليغرب مع انبثاق الفجر.
وللكواكب الخارجية دورين اقترانيين :األول شمس ي Synodicوهي الفترة بين
اقترانين (أو تقابلين) متتاليين للكوكب مع الشمس .والثاني نجمي Siderealوهي
الفترة بين اقترانين متواليين للكوكب مع نجم معين.
حركة الكواكب ادلاخلية
ً
أما بالنسبة للكواكب الداخلية ،ونظرا ألن كوكبي عطارد والزهرة ال يمكنهما
أن يكونا في أي وقت من األوقات في وضع التقابل مع الشمس بالنسبة لألرض (ألن
مداريهما يقعان داخل مدار األرض) فإن لهذين الكوكبين وضعي اقتران ،يسمى
األول اإلقتران الداخلي Inferior Conjunctionوهو الوضع الذي يكون فيه
ً
الكوكب مقترنا مع الشمس في موضع أقرب ما يكون من األرض .أي يكون الكوكب
بين األرض والشمس .والوضع الثاني يسمى االقتران الخارجي Superior
ً
، Conjunctionوهو الوضع الذي يكون فيه الكوكب مقترنا بالشمس في موقع أبعد
ما يكون عن األرض ،أي تكون الشمس بين األرض والكوكب .أنظر الشكل(.)2-4
95
الشكل ( )2-4االقتران الداخلي والخارجي لكوكب الزهرة
وبسبب موقع كوكبي عطارد والزهرة من الشمس فإن الراصد الذي على
األرض ال يراهما إال قريبين من الشمس عند استطالة شرقية Eastern
ً
Elongationواستطالة غربية Western Elongationفيظهر كل منهما عادة
كنجمة صباح Morning Starو نجمة مساء .Evening Starوتبلغ االستطالة
العظمى لكوكب عطارد 26درجة بينما تكون االستطالة العظمى لكوكب الزهرة 46
ً
درجة .ومن املعلوم أن كوكب الزهرة يظهر أكثر سطوعا من كوكب عطارد ويمكث في
السماء بعد الغروب وقبل الشروق لفترة أطول من مكث عطارد .وال يقطع أي من
هذين الكوكبين كرة السماء.
96
شكل ( )3-4االستطالة العظمى لكوكب الزهرة
97
بعد الكوكب عن الشمس فإن الدور النجمي يعتمد على موقع الكوكب من األرض.
ويمكن ايجاد العالقة بين الدورين كما يلي:
Pi إذا كان الدور النجمي لكوكب داخلي هو Piفإن هذا الكوكب يقطع ما
360/درجة كل يوم .وإذا كان الدور النجمي لكوكب خارجي هو Poفإن هذا
الكوكب يقطع ما 360/ P oدرجة كل يوم .والفرق بين هاتين السرعتين هو سرعة
الكوكب في الدور االقتراني Sأي أن
360 360 360
− =
Pi Po S
وهذا يعني أن
1 1 1
= −
Pi Po S
واألن لو أننا اعتبرنا األرض هي الكوكب الخارجي أي كانت Po=1فإن عالقة
الدور اإلقتراني للكوكب مع الدور النجمي تعطى حسب العالقة:
1 1
= −1
S Pi
أما إذا نظرنا إلى كوكب خارجي فإن الدور االقتراني لهذا الكوكب سوف ّ
يعرف
بداللة الدور النجمي له كما يلي:
1 1
=1−
S Po
ومن هاتين العالقتين يمكننا حساب الدور االقتراني للكواكب وهذا مبين في
الجدول التالي:
98
جدول ( )1-4الدورين االقتراني والنجمي للكواكب
99
طورها العرب المسلمون ومستعيناً بأدق األرصاد العربية اإلسالمية ،والتي حفظتها األزياج
التي كانت بين يديه ،للمقارنة وكدليل إلى أعمال الرصد.
ومع أدراك تايكو براهي لمزايا نموذج كوبرنيكوس إال أنه لم يقتنع بصحته ،وسبب
ذلك ظهور تناقض واضح بين ما يتوقعه نموذج كوبرنيكوس وما تم رصده فعالً من
مواقع للكواكب السيارة والشمس والقمر خالل عشرين عاماً من العمل الدؤوب .لذلك
اعتقد تايكو براهي أن جميع الكواكب عدا األرض تدور حول الشمس فيما تدور هذه
الشمس بكواكبها جميعاً حول األرض ،وبذلك كان تايكو براهي آخر العمالقة الذين آمنوا
بمركزية األرض في الكون.
ثم استطاع كبلر تعميم هذا االستنتاج على مسارات الكواكب السيارة
األخرى بما في ذلك األرض .فاتضحت الصورة عنده .لذلك وضع كبلر قانونه األول
الذي يقرر بأن:
" تدور الكواكب في مدارات إهليجيية تقع الشمس في إحدى بؤرتيها ".
ثم راجع كبلر دراسة سرعة الكواكب في مداراتها فوجد أن سرعها تتغير من
موقع إلى آخر بحسب بعدها أو قربها من البؤرة التي تقع فيها الشمس ،وهنا بحث
كبلر عن ثابت يجمع بين املتغيرين ،السرعة واملسافة فوجد من خالل دراسته
101
لهندسة اإلهليج أن هذا الثابت هو املساحة التي يمسحها الخط الواصل بين
الكوكب والشمس .وبذلك صاغ القانون الثاني لحركة الكواكب:
" يمسح الخط الواصل بين الكوكب والشمس مساحات متساوية في أزمنة
متساوية".
وهذا يعني أن سرعة الكواكب تتزايد كلما اقتربت من الشمس .وسمي هذا
قانون كبلرالثاني .أنظر الشكل ( )4-3حيث فيه املساحات A ,B, Cمتساوية رغم
اختالف شكلها.
وبعد دراسة وتحليل النتائج األرصادية تبين له أن هنالك عالقة مباشرة بين
ا
زمن الدور والبعد ،فقال " :يتناسب مربع زمن دورة الكوكب حول الشمس تناسبا
ا
طرديا مع مكعب نصف املحورالكبير" وسمي هذا االكتشاف قانون كبلرالثالث.
وصفت هذه القوانين الثالثة املتكاملة حركة الكواكب حول الشمس وفق
املنظور الجديد القائل بمركزية الشمس بشكل أصبحت فيه الحسابات تطابق
102
األرصاد الفلكية إلى درجة كبيرة .بذات الوقت الذي ّ
فسرت فيه الحركات التراجعية
للكواكب دون ما حاجة إلى وجود أفالك التدوير.
إن لقوانين كبلر هذه فائدة عظيمة في الحسابات الفلكية ويمكن القول أن
اكتشاف هذه القوانين كان مفتاح التقدم الهائل الذي شهده علم الفلك الحديث
بل وعلم امليكانيك والحركة بشكل عام إذ أن هذه االكتشافات مهدت السبيل أمام
نيوتن الكتشاف قانون الجذب العام.
ً
ولكي نبين جانبا من أهمية قوانين كبلر هذه نقول أن أي راصد بسيط
يستطيع باستخدام قانون كبلر الثالث حساب بعد أي جرم سماوي يدور حول
ً
الشمس إذا عرف مدة دورانه حولها .فلو رصدنا مثال حركة بلوتو لوجدنا أنه يقطع
ً
دائرة البروج في مدة قدرها 248سنة أرضية .وطبقا لقانون كبلر الثالث يكون:
مكعب نسبة بعد الكوكب عن الشمس إلى بعد األرض عنها مساوية إلى مربع نسبة
زمن دورة الكوكب حول الشمس إلى زمن دورة األرض حولها .وهذا يعني أن:
(a Au /1Au)3= (P year/1year)2
أي أن مربع زمن دورة الكوكب Pمحسوبة بالسنين تساوي مكعب بعده عن
ً
الشمس محسوبا بالوحدات الفلكية:
)P2 (in years) = a3 (in astronomical units
وكمثال لتطبيق هذا القانون نذكر أن زمن دور كوكب بلوتو هو حوالي 248
سنة لذا فإن
a = 39.5 Au
أي أن بعد بلوتو عن الشمس هو حوالي 40مرة بقدر بعد األرض عن
الشمس.
103
()1642-1564 غاليليو غالييل
بعد أن ظهرت قوانين كبلر الوظعية والتي جاءت من الناحية األساسية
مؤيدة ملبدأ مركزية الشمس والتي نقضت بالتالي أسس الؤية األرسطية للعالم
ً ً ً
جملة ،طرح الفلكيون تساؤال مهما عن مصداقية الفلسفة األرسطية بما يخص
الحركة الطبيعية للكواكب وأسبابها الحقيقية .فأخذ غاليليو غاليلي اإليطالي على
ً
عاتقه مهمة دراسة الحركة الطبيعية مبتدءا بدراسة السقوط الحر لألجسام نحو
األرض .ولقد مهدت أعمال غاليلو غاليلي وتجاربه العملية لوضع علم الحركة على
أسس صحيحة ودقيقة قائمة على الحساب الرياض ي ،وفي الوقت الذي لم يتم
غاليليو غاليلي وضع الصياغات الرياضية ملعادالت الحركة إال أن دراسته للحركة
وفق املنهج التجريبي وتدوينه للمشاهدات مكنته من إيجاد العالقات بين املتغيرات
الحركية وبذلك تمكن من معرفة " تسارع الجاذبية األرضية" عندما الحظ أن
ً
جميع األجسام تسقط بنفس العجلة نحو األرض مهما كانت كتلها ،خالفا ملا كان
يراه أرسطو من أن حركة السقوط الحر لألجسام نحو األرض تعتمد على كتل تلك
األجسام.
وقد كانت معاناة غاليليو كبيرة خالل جهده للوصول إلى هذه الحقيقة .تلك
ً ً ً
املعاناة التي اتخذت جانبا ماديا متمثال في كيفية متابعة حركة األجسام الساقطة
ً
وصعوبة قياس األزمنة على فترات صغيرة جدا إذ ما يلبث غاليليو أن يترك الجسم
يسقط حتى يجد أنه قد وصل األرض حتى لو كان موقع إسقاطه هو قمة برج بيزا.
ً
لكن غاليليو استطاع حل هذه املعضلة بحيلة "السطوح اْلائلة" فبدال من
اإلسقاط الحر للكرات الصلبة نحو األرض مباشرة عمد غاليليو إلى دحرجتها على
سطوح مائلة ،وبها استطاع السيطرة على سرعة حركة األجسام نحو األرض.
ومن الجدير بالذكر أن غاليليو لم يكن أول من إكتشف حركة السقوط
الحر لألجسام وقال بأن جميع األجسام تسقط بنفس السرع نحو األرض إذا كانت
104
الجبائي (ت 915م) بحسب ما ذكر في الفراغ بل قالها قبله أملتكلم املعتزلي أبو علي ّ
الحسن إبن متويه النجراني في كتاب (التكرة في أحوال الجواهر واألعراض) كما كان
ً
هبة هللا بن ملكا البغدادي (ت 1165م) قد أشار الى ذلك أيضا وقام بتحليل حركة
السقوط الحر في الفراغ على نحو مستفيض في كتابه (املعتبر في الحكمة).
كما درس غاليليو الحركة االهتزازية الطبيعية املتمثلة بحركة البندول
،Pendulumوهو عبارة عن ثقل معلق بخيط مثبت في سقف .فوجد غاليليو أن
مربع زمن الذبذبة ( Pالنقلة الكاملة من موضع استقرار الثقل إلى أقص ى ازاحة
ً ً ً
يمينا وشماال ثم العودة إلى موضع االستقرار) يتناسب طرديا مع طول الخيط .l
وبالصيغة الرياضية يعني هذا أن
P2 l
ّأما اإلضافة العمالقة لغاليليو غاليلي فقد كانت باستخدامه املنظار"
التلسكوب" Telescopeفي مراقبة األجرام السماوية ،إذ كانت املراقبة وأعمال
ً
الرصد تتم على العهود التي سبقته بالعين املجردة .ولعل غاليليو كان محظوظا إذ
وجه منظاره إلى كوكب املشتري فاكتشف أن هناك أربعة أقمار تدور حوله ولوال أنه
ً ً
نظر إلى كوكب املشتري بالذات ملا وجد اختالفا كبيرا ذا قيمة بين ما يراه بذلك
املنظار البسيط وما تراه العين املجردة .ولعل هذا هو السبب في عدم استعمال
املنظار ملراقبة السماء قبل غاليليو فقد كان املنظار يصنع في بلجيكا وهولندا
ويستخدم من قبل البحارة األوروبيين .أن هذه اللحظة تمثل مثابة مهمة في تاريخ
العلم والتكنولوجيا إذ نقل استخدام املنظار املعرفة الفلكية نقلة نوعية وكمية
ً
وفتح آفاقا جديدة للتعامل مع الكون.
ً
الحظ غاليليو أن على سطح القمر جباال وتضاريس مماثلة لتلك التي على
ً ً
سطح األرض ،فاستنتج أن القمر ما هو إال كرة صخرية وليس جرما أثيريا يكتنفه
ً
الغموض ،وملا نظر إلى الشمس رأى على سطحها بقعا قاتمة (تسمى اآلن الكلف
105
ً
الشمس ي )Sunspotsتبدل مواقعها يوما بعد يوم مما يدل على أن الشمس ليست
ً ً
جرما مطلقا بل تشوبها بقع وهي في حالة تبدل .ومن خالل مالحظة تبدل مواقع
البقع استدل غاليليو أن الشمس تدور.
ً ً
ثم راقب غاليليو كوكب زحل واكتشف أنه ليس قرصا تاما بل تشوبه كتلة
دائرية عند أطرافه ...ولم يستطع منظاره املتواضع أن يكشف عن حلقات زحل،
التي عرفها أول مرة الفيزيائي الهولندي كرستيان هايغنز .كما عرف غاليليو أن
ً
لكوكب الزهرة أطوارا مماثلة ألطوار القمر ...ومن خالل مراقبته هذه األطوار علم
أن الزهرة تدور حول الشمس.
ّأما في الجانب املعنوي فقد كانت معاناة غاليليو غاليلي مع رجال الكنيسة
كبيرة إذ كانوا يؤمنون بأن األرض هي مركز الكون وأن الشمس وبقية األجرام
السماوية تدور حولها ،فعانى من ذلك األمريين.إذ وقع في صراع مع رجال الكنيسة
ُ
خاصة وأنه قد جهد في سبيل نشر آرائه وانتهج في كتاباته أسلوب أفالطون وهو
محاورة معلم حصيف (يمثله هو) وشخص ال يؤمن بنظام كوبرنيكوس سماه
ً
سبليمسيو ويرمز (طبقا ملنتقديه) إلى البابا ...لذلك حاكمته الكنيسة وأكرهته على
التنازل عن ما كان قد أعلنه من آن األرض تدور حول الشمس ثم حكمت عليه
الكنيسة باإلقامة الجبرية في منزله .ولم تعترف الكنيسة الكاثوليكية بأنها أخطأت
بإدانة غاليليو إال منذ عهد قريب وذلك عام 1992م.
(1727 -1642م) احسق نيوتن
لعل أهم ما أنجزه هذا الرجل الحصيف هو اختراعه لحسبان "التفاضل والتكامل".
وذلك أن كثي اًر من األفكار العلمية الصحيحة لن تجد طريقها إلى التحقيق الفعلي وتفصح
عن مضامينها إال إذا اتخذت الصيغة الرمزية الصحيحة وهي الصيغة الرياضية ،فهذه
الصيغة هي التي تمنح المفهوم أفقاً واسعاً إذ تطلقه من عقال التصور المجسد المحدود
إلى فضاء التجريد الواسع.
106
قوانني نيوتن يف احلركة :القانون ا ألول :قانون الاس مترارية
" الجسم الساكن يبقى ساكناً والمتحرك يستمر في حركته بسرعة ثابتة وعلى خط
مستقيم مالم تؤثر عليه قوة خارجية".
يعرف لنا هذا القانون صيغة الحركة الحرة خارج تأثير القوى .فهو يصف حالة أي
جسم مهما كانت حالته الحركية بالميل إلى البقاء على الحالة التي هو عليها دون تغيير.
كما يؤشر القانون أن فعل القوة هو تغيير الحالة الحركية لألجسام.
هذا القانون وكما هو واضح من منطوقه هو تعريف للقوة تعريفاً ميكانيكياً بداللة
تغير الزخم .وزخم الجسم كما هو معروف هو حاصل ضرب كتلته في سرعته.
dp
= Fa
dt
ولما كانت
dr
p = mv = m
dt
فإن
d 2r
Fa = m 2
dt
حيث أننا اعتبرنا الكتلة كمية ثابتة ال تعتمد على الحالة الحركية للجسم.
107
dv d 2 r
=a = 2
dt dt
فإن القانون الثاني لنيوتن يكتب بالصيغة الجبرية كما يلي
Fa = ma
حيث أن هو التسارع aالذي يكتسبه الجسم عند فعل القوة . Fa
القانون الثالث:
" كل جسمين في الكون يجذب أحدهما اآلخر بقوة تتناسب طردياً مع حاصل
ضرب كتلتيهما وعكسياً مع مربع المسافة بين مركزيهما ".
Gm1m2
= Fg
r2
حيث أن m1 :و m2هما كتلتي الجسمين و rهي المسافة بين مركزيهما و Gهو
ثابت الجاذبية المسمى ثابت نيوتن ومقداره . 6.67×10-11 nt.m2/kg2
لم يقل لنا نيوتن في هذا القانون من أين تنشأ هذه القوة وما سرها .لكنه قرر كيف
تتصرف القوة كمياً في الطبيعة .ومن المعروف أن هذه القوة العجيبة هي التي تحكم
108
الكون إجماالً على النطاق الواسع .مداها ال نهائي وال يحدها شيء وليس باإلمكان إلغاءها
إال موضعياً .هذه القوة هي التي تحرك الكواكب في مداراتها وهي التي تنشأ النجوم من
السحابات الغازية الخفيفة ثم توقدها من بواطنها إذ توفر الضغط الالزم لتوّقد االندماج
الهيدروجيني ،وهي التي تنشيء المجرات من السدم الكونية العمالقة .وهذه القوة هي التي
ستحدد مصير الكون في النهاية.
إن هذا القانون ومعه قوانين نيوتن الثالث في الحركة تستطيع تفسير جميع
الحركات الطبيعية الناشئة عن فعل قوى الجاذبية الكونية .إذ يكفي لمعرفة مسار أي
جسم أو منظومة أجسام في الكون معرفة الشروط االبتدائية Initial Conditionsللحالة
وبعدها يصبح تصرف المنظومة معلوماً كنتيجة لحل المعادالت التفاضلية التي تقررها
قوانين نيوتن .وذلك وفقاً للمعادلة التفاضلية:
d2r k
2
− 2 =0
dt r
d 2 r GmM
= m 2
dt r2
حيث أن
k = GM
109
إن الحل العام لهذه املعادالت التفاضلية هو بالضرورة أحد القطوع
املخروطية املعروفة ،الدائرة أو االهليلج (املسمى القطع الناقص) أو القطع املكافيء
أو القطع الزائد .ومن الجدير بالذكر أن الحلول املضبوطة املمكنة عادة هي ملسألة
منظومة تتألف من جسمين فقط أما إذا زاد عدد الجسيمات في املنظومة عن ذلك
يبيا .لذلك يعتمد ًّ ً
الحسابون أساليب فإن الحل ال يمكن أن يكون مضبوطا بل تقر
ً
وطرائق خاصة للتقريب Approximationللحصول على النتائج وقد تطورت مؤخرا
ً
البرمجيات الحاسوبية التي تتعامل بطرق التقريب كثيرا ،مما مكننا الحصول على
نتائج أكثر دقة.
مركز الكتةل جلسمني
إن القوة المشتركة بين جسمين ذوي كتلتين مختلفتين M1و M2تقرر كيفية
حركتهما .وعموماً يمكن القول أن وجود أي جسمين في القضاء سيدفع كالً منهما
للدوران حول مركز الكتلة (أو مركز الجاذبية) بينهما .ويتقرر مركز الكتلة Center of
massبنسبة الكتلتين والمسافة بينهما.
فلو كان لدينا جسمين كتلة أحدهما m1واآلخر m2والمسافة بينهما rفإن عزم
الجسم األول يساوي عزم الجسم الثاني .أي أن:
m1 x1 = m2 x2
حيث أن x1هي بعد الجسم األول عن مركز الكتلة x2 .هي بعد الجسم الثاني
عن مركز الكتلة.
x1 + x2 = r
110
لذلك يكون
m2
= x1 x2
m1
أي أن:
m2
= x1 r
m1 + m2
كذلك فإن:
m1
= x2 r
m1 + m2
لذا فإن
111
6 1024 384 106
= x2 = 379 103 km
6.073 10 24
أي أن األرض والقمر يدوران حول نقطة تقع داخل كرة األرض بمسافة تبعد
حوالي 4615كيلومتر عن مركزها ،وتبعد عن مركز القمر بمسافة 379000
كيلومتر .ولو طبقنا هذا الحساب على حالة الشمس واألرض لوجدنا أن مركز
ً ً
الكتلة يقع قريبا من مركز الشمس نفسها .وهكذا نقول مجازا أن األجسام الصغيرة
تدور حول مراكز األجسام الكبيرة.
Acceleration of Gravity تسارع اجلاذبية
ملا كانت األرض في حالة تجاذب متبادل بينها وبين األجسام التي عليها وكافة
األجسام الكونية خارجها فإن قانون نيوتن الثالث يقرر أن قوة التجاذب هذه
متساوية في املقدار ومتعاكسة في االتجاه.
أي:
F12 = -F21
وبحسب قانون نيوتن الثاني فإن وجود قوة خارجية يؤدي إلى اكتساب
الجسم للتسارع .وهذا يعني أن:
Gm1m2
= F12 = m1a1
r2
بتأثير الجاذبية m1 حيث أن a1هو مقدار التسارع الذي تكتسبه الكتلة
املتبادلة مع الكتلة m2وهذا هو:
112
Gm2
= a1
r2
ً
قدره: كذلك فإن الكتلة m2تكتسب تسارعا باتجاه m1
Gm1
= a2
r2
يعني هذا أننا إذا اعتبرها mهي كتلة أي جسم على األرض و Mكتلة األرض
ً
فإن الجسم الساقط من ارتفاع hعن سطح األرض يكتسب تسارعا قدره:
GM
= am
(R + h )2
ً
حيث أن Rهي نصف قطر األرض .بينما تكتسب األرض تسارعا قدره:
Gm
= aM
( R + h )2
GM ً Gm
فإننا نقول أن األجسام اصغر كثيرا من وملا كانت
) (R + h2
( R + h )2
تسقط على األرض وال نقول أن األرض تسقط على األجسام.
ولو اعتبرنا h<< Rفإن جميع األجسام القريبة من سطح األرض تسقط عليها
بتسارع قدره:
GM
=g 2
= 9 .8 m / s 2
R
ويسمى هذا "تسارع الجاذبية األرضية" .وكما هو واضح فإن هذا هو مقدار
ثابت ال يعتمد على كتلة الجسم الساقط بل على ارتفاعه فقط عن سطح األرض.
والقيمة املعطاة هنا هي مقدارالتسارع األرض ي عند مستوى سطح البحر.
113
Orbital Velocity الرسعة املدارية
جسما بسرعة أفقية فإنه سيطير مسافة ًّ
ثم يقع على األرض ثانية. لو القينا
وتعتمد املسافة التي يقطعها الجسم على سرعته االبتدائية .ولو أننا استهدفنا أن
ً
نحصل دائما على املدى األقص ى لوجب علينا أن نثبت زاوية اإلطالق عند 45درجة.
ً
وعندئذ نحصل دوما على مدى أكبر كلما ازدادت السرعة االبتدائية للجسم .وهكذاٍ
ً
يمكن أن نستمر في هذا التمرين حتى يكون الجسم قد أفلت من األرض واتخذ مدارا
ً ً
حولها كما مبين في الشكل ( .)5-4في هذه الحالة التي يتخذ فيها الجسم مدارا دائريا
ً
ثابتا حول األرض تكون القوة املركزية الناتجة عن رد الفعل الحركي على التغير
املستمر في اتجاه الحركة مساوية لقوة الجذب املركزية.
114
GM
=v
R+h
من هذا القانون يمكن حساب السرعة املدارية لألجرام القريبة من سطح
ً
األرض أي التي يكون ارتفاعها صغيرا باملقارنة مع نصف قطر األرض .فلو أهملنا في
القانون وعوضنا عن كتلة األرض ونصف قطرها لوجدنا أن السرعة املدارية هي
7.92كيلومتر في الثانية وهذه هي نفسها السرعة االبتدائية التي لو قذف بها أي
ً
جسم من على سطح األرض التخذ مدارا حولها.
ومن هذا نستطيع حساب دور الجرم كما يلي
)2 ( R + h
=P
GM
)( R + h
وهذا يعني أن
4 2 ( R + h) 3
= P
2
GM
من املفيد مقارنة هذه الصيغة ملربع زمن الدورة مع قانون كبلر الثالث!!.
يمكن وضع مفهوم السرعة الدورانية بضوء مبدأ الطاقة الكلية حيث نقول
ً ً
أن الجسم املقذوف يتخذ مدارا دائريا حول املركز الجاذب نصف قطره rعندما
ً
تكون الطاقة امليكانيكية الكلية له صفرا .أي
1 GMm
= E tot mv 2 −
2 r
115
ووفق هذه القاعدة ،إذا كانت Etot<0فإن املدار الذي يتخذه الجسم سيكون
ً ً
اهليجيا مغلقا (قطع ناقص) Ellipseأو دائرةَّ .أما إذا قذفنا الجسم بسرعة اكبر أي
كانت Etot>0فإنه سيتحرك على مدار مفتوح قطع مكافئ .Parabola
Satellites Orbits مدارات ا ألمقار الصناعية
من املعروف أن األقمار الصناعية ُتطلق ألغراض مختلفة .فمنها ماهو
ألغراض املسح الفضائي بأنواعه املختلفة ،ومنها ما هو ألغراض مراقبة األحوال
الجوية ،ومنها ماهو ألغراض االتصاالت والبث التلفزيوني وغيرها .وتصمم مدارات
األقمار الصناعية بما يتناسب مع الغرض منها .وهذه التصاميم تتقرر بموجب
السرعة املطلوبة للقمر الصناعي واتجاه حركته وذلك يتحدد بموجب املهمة
ً
املخصص لها .وعادة تكون مدارات األقمار الصنعية السريعة واطئة جدا بينما
تكون مدارات األقمار البطيئة عالية .ولكن من املؤكد أن األقمار ذوات املدارات
ً
الواطئة تتعرض إلى اعاقة كبيرة من الغالف الجوي مهما كان رقيقا وبالتالي تسهم
هذه االعاقة في تقليص سرعة القمر الصنعي وبالتالي سقوطه .أي أن األقمار ذوات
املدارات الواطئة تكون ذات أعمار قصيرة .وهنالك نوعين أساسيين من املدارات
هما:
المدارات القطبية Polar Orbits
وهي التي تختص بها أقمار املسح الفضائي ،وتكون مصممة بحيث يدور القمر
الصناعي في مدار شبه دائري في مستوي يمر بالقطبين الشمالي والجنوبي بحيث
يؤدي دوران القمر حول األرض ودوران األرض حول نفسها الى مسح سطح األرض
خالل عدد من الدورات تعتمد على السرعة املدارية للقمر الصناعي ومدى حقل
النظر Field of Viewويمكن التحكم بالسرعة املدارية من خالل تحديد ارتفاع
ً
معين للقمر الصناعي( ،أنظر الشكل ،) 6-4فإذا أريد للقمر أن يكون سريعا تطلب
ً ً
ذلك أن يكون ارتفاعه واطئا .أما إذا أريد أن يكون زمن املسح طويال أمكن وضع
116
عال .لكن املدار الواطئ مشاكله فالقمر الصناعي الواطيالقمر الصناعي في مدار ٍ
ً
سوف يعاني من تأثيرات الهواء عليه وهذه ،وإن كانت قليلة ،إال أنها ستؤثر كثيرا
ً ً
على مدار القمر وتجعله يتقلص سريعا حتى يسقط القمر أرضا.
الشكل( )6-4مدارقطبي
المدارات االستوائية
وهي التي تكون موازية لخط االستواء السماوي وأهم هذه املدارات ما كان
ً ً
متزامنا أو ثابتا.
المدارات الثابتة Geostationary Orbits
ً
وتسمى أيضا اْلدارات اْلتزامنة ،Geosynchronous Orbitsوهذه تختص بها
أقمار اإلتصاالت والبث الفضائي حيث ُيراد وضع القمر الصناعي ليكون سمت
نقطة ثابتة على األرض ال يبارحها .أي أن يمتلك سرعة دورانية مساوية لسرعة
117
دوران األرض حول نفسها .ومن الواضح أن كل مدار متزامن يجب أن يكون استوائيا
ً
ولكن ليس كل مدار استوائي سيكون متزامنا بالضرورة.
ويمكن حساب ارتفاع المدار الثابت باستخدام قانون كبلر الثالث كما يلي:
4 2 ( R + h) 3
= T2
GM
إذ يمكننا التعويض عن
R + h = 42300Km
أي أن ارتفاع المدار الثابت هو بحدود 36300كيلومتر.
118
Escape velocity : رسعة الفالت
ً
إذا قذفنا جسما بسرعة بشكل افقي موازي لسطح األرض فإن هذا الجسم
سيتمكن من االفالت من جاذبية األرض تماما ويستمر في حركته إلى املاالنهاية إذا
امتلك سرعة إبتدائية معينة تسمى سرعة االفالت .Escape Velocityويمكن
حسابها باعتبار أن هذه السرعة تتحقق عند تحول الطاقة الحركية للجسم
املقذوف املنطلق بسرعة إلى طاقة كامنة عند موقع يبعد rمن وحدات املسافة
عن مركز الجسم .أي أن:
1 GmM
= m 2
2 r
2GM
=
r
تطبيقات:
يمكن االستفادة من هذه القوانين البسيطة لحساب كميات مفيدة وحل مسائل عديدة
منها :مثال :1
119
2GM
=
r
في هذا القانون ستكون rهي نصف قطر الشمس وذلك ألننا نريد تحصيل
سرعة اإلفالت عن السطح فقط.
لذا فإن
وهكذا يمكن حساب سرعة اإلفالت من سطح أي جرم آخر .والقانو أعاله
يمكن تبسيطه كما يلي:
M
(in km / s) = 11.2
r
حيث أن Mهي كتلة الجرم بوحدات كتلة األرض و rهي نصف قطر الجرم
120
كيف تتحمك رسعة الافالت اب ألغلفة الغازية للنجوم والكواكب
ً
إن مثل هذه املعلومات مهمة جدا ملعرفة حركة األجسام واملوائع قرب سطح
ً
الجرم السماوي .فإذا كانت سرعة اإلفالت صغيرة لجرم معين استنتجنا مقدما أنه
ً ً ً ً
لن يمتلك غالفا جويا نظرا ألن جزيئات الغازات املحيطة به سوف تهرب تدريجيا إلى
ً ً
الفضاء الخالي .لكن جرما مثل الشمس يمتلك سرعة إفالت عالية نسبيا يحتفظ
ببنيته الغازية وعن الحرارة العالية والطاقة الحركية الكبيرة التي تمتلكها جزيئات
الغاز التي على سطحه.
والعالقة بين معدل سرعة الجزئ uودرجة الحرارة Tهي:
1 3
mu 2 = kT
2 2
حيث أن mهي كتلة الجزيء .و kهي ثابت بولتزمان و Tدرجة الح اررة بالكلفن.
3kT
=u
m
ويمكن كتابة القانون أعاله بصور مبسطة كما يلي
T
= ) u (in km / s
m
حيث أن Tهي درجة ح اررة السطح بالكلفن و mهي كتلة جزيئة الغاز بالكيلوغرام.
نوكد هنا أن uهي معدل سرعة الجزيئات أي سرعة الغالبية منها ،ويعني هذا
أن هنالك قليل من الجزيئات التي تمتلك سرعات هي أعلى من uوهنالك جزيئات
ذوات سرع أقل من . uلذلك فإنه حتى وإن كانت سرعة االفالت أقل من uفإن
ً
تسربا من الغالف الجوي يتوقع حصوله لكن بمعدل واطيء.
121
مثال :2احسب درجة حرارة جو الشمس الالزمة إلفالت الهيدروجين Hمن
ً
جو الشمس .علما أن كتلة ذرة الهيدروجين هي 1.6710-27كيلوغرام وأن ثابت
بولتزمان هو 1.3810-23جول/كلفن.
الحل :
مثال :3إذا كانت سرعة اإلفالت للقمر هي 2.4كيلو متر/ثا ودرجة حرارة
سطحه هي 375كلفن .فهل يمكن أن يحتفظ بغالف جوي من الهيدروجين؟
الحل :
3
= K.E kT = 7.7 10 −21
2
3kT
=u = 96 .4 10 3 m / s
m
وبما أن هذا اكبر من سرعة اإلفالت فإن القمر لن يستطيع االحتفاظ بغالف
ً
جوي سميك .ولكن نظرا لقرب هذا الرقم من سرعة اإلفالت فإن القمر يحتفظ
ً
بغالف جوي رقيق جدا مؤلف من النيون والهليوم.
لقد اكتشف نيوتن املتغيرات األساسية لقوة الجاذبية األرضية وتلك هي كتل
األجسام واملسافة بينها ،ثم عمم هذه القوة على مجمل الكتل في الكون فتوصل إلى
122
صياغة حركة األجرام السماوية حول مراكز الكتلة ،وحقق من خالل ذلك قوانين
كبلر الثالثة في حركة الكواكب السيارة .والتي كان كبلر من استنتجها من خالل
األرصاد الفلكية الصرف دون اشتقاقات رياضية..وبقيت مفاهيم نيوتن سائدة
ألكثر من مائتي سنة حتى جاءت نظرية النسبية آلينشتين في بداية القرن العشرين
بمفاهيم بديلة أكثر دقة .لقد مكنت قوانين نيوتن في الحركة والجاذبية الكونية
الفلكيين من التعامل مع املنظومة الشمسية كمنظومة فيزيائية ذات أسس وأصول
حركية معروفة وبالتالي قابلة للحساب الدقيق مما مكنهم من اكتشاف كوكبين هما
اورانوس ونبتون عن طريق التوقع الذي يفض ي به الحساب .كما تخضع الكواكب
فيما بينها إلى قوى تجاذب تبادلية تؤدي إلى التأثير على حركتها تأثيرات طفيفة لكنها
محسوبة وقابلة للرصد الفلكي .هذه التأثيرات الطفيفة تسمى Perturbations
يمكننا حسابها من خالل قوانين امليكانيك السماوي Celestial Mechanics
املتقدمة حاليا تقدما كبيرا ،خاصة بعد تطوير البرامجيات الحسابية واستخدام
الحواسيب الكبيرة .ولكن من الجدير بالذكر هنا أن معظم مدارات الكواكب تكاد
ً
تكون دائرية حيث أن مقدار التفلطح في مداراتها قليل جدا ال يكاد ُيذكر (أنظر
جدول الخواص املدارية للكواكب في امللحق) .وهذه قضية تعتبر غير مفهومة حتى
اآلن .لذلك تبقى النظرية الكوكبية Planetary Theoryمن الناحية العملية نظرية
تعتمد على كثير من الجوانب الوضعية.
123
الفصل اخلامس
رصد السامء
124
قياس املسافات الفلكية بطريقة اختالف املنظر
هناك بعض النجوم قريبة منا على األرض حيث يحتاج الضوء املنبعث منها
ً
لبضع سنوات حتى يصلنا إلى األرض أما البعض األخر من النجوم فهي بعيدة جدا
لدرجة تفوق الخيال .وسنناقش هنا طريقة مباشرة لتعين أبعاد النجوم عن األرض
تدعى بطريقة اختالف اْلنظر النجمي ،Stellar Paralaxوالطريقة مبينة في الشكل
(.)1-5
حيث يتم رصد أحد النجوم Cمن النقطة A1على األرض وتؤخذ له صورة
فوتوغرافية فيبدو النجم القريب Cبمحاذاة أحد النجوم البعيدة وليكن D
وعندما تدور األرض نصف دورة على مدارها حول الشمس فتصل إلى النقطة
املقابلة A2أي بعد ستة أشهر ،يتم رصد نفس النجم القريب Cمرة أخرى وتؤخذ
له صورة فوتوغرافية جديدة فنجد انه ال ُيرى في مكانه األصلي ،وإنما ُيرى في مكان
125
ً
آخر يبتعد مسافة ما عن املكان الذي ُرصد منه سابقا ،أي بمحاذاة أحد النجوم
البعيدة وليكن Tوبسبب البعد الكبير للنجم Dفإن الراصدين عند النقطتين
A2,A1سوف يرقبان النجم Cسيكون باتجاه A1Dومن ناحية أخرى فإن الراصد
A2يرى النجم القريب Cباتجاه ، A2Tويصنع زاوية αمع االتجاه A1Dما بين
املستقيمين A2Cو . A1Cولقد اتفق الفلكيون على أن تدعى الزاوية التي يحصرها
عند النجم نصف قطر مدار األرض حول الشمس بزاوية اختالف اْلنظر Parallax
) P( angleحيث
=P
2
ً
وعادة تكون Pصغيرة جدا فتقاس بالثواني القوسية ،وعليه فإنه يمكن
حساب بعد النجم القريب عن الشمس ( ،)dونصف قطر مدار األرض rكما يلي:
r
= )tan( P
d
ً
وإذا كانت الزاوية صغيرة جدا فإن ظل الزاوية يساوي جيب نفس الزاوية
ً
تقريبا ويساوي الزاوية نفسها مقاسه بزاوية نصف قطرية ،أي أن:
)tan (p) ≈ sin(p) ≈ p (radian
ولذا فإن
r r
=d =
)p(radian 1 1
( ( p" x x ) 0 )
60 60 1800
أي أن
1 AU 60 60 180 206265 AU
=d =
"3.14 p "p
126
ً
الحظ أيضا أن وحدة قياس املسافة dهنا هي الوحدة الفلكية
Astronomical Unitومقدارها متوسط املسافة بين األرض والشمس.
إذا كانت زاوية اختالف املنظر(" )1فإن بعد النجم عن الشمس يصبح
ً
206265وحدة فلكية ،ونظرا للبعد الكبير للنجوم فإن الوحدة الفلكية ال تصلح،
ُ
ولذلك تستخدم وحدة قياس أكبر منها تدعى البارسك Parsecأو (الفرسخ النجمي)،
ومقدارها 206265وحدة فلكيةً ،
وبناء على ذلك فإن بعد النجوم يعطي بالعالقة:
1
=d )( parsc
"p
ً ُ
كما تستخدم أحيانا وحدة أخرى لقياس األبعاد النجمية تدعى بالسنة
الضوئية ) ،(Light yearوهي املسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة ،والفرسخ
النجمي يعادل 3.26سنة ضوئية.
يالحظ بأن زاوية اختالف املنظر تتناقص مع زيادة بعد النجم ( .)dويمكن
ً
قياس زوايا حتى " 0.01والتي تناظر أبعادا نجمية تصل إلى ( )100فرسخ نجمي أي
( )326سنة ضوئية .وعلى كل حال فهناك جزء ضئيل من النجوم املتواجدة على
أبعاد ) (20فرسخ نجمي لها زاوية اختالف منظر كبيرة والتي يمكن قياسها بدقة
تصل إلى 10%أو أفضل من ذلك .ولذلك تستخدم طرق أخرى غير مباشرة لحساب
ً
أبعاد النجوم البعيدة جدا.
حاشية ()1-4
وحدات قياس اْلسافات الفلكية
علــى األرض نقــيس المســافات بوحــدات مناســبة وهــي المتــر والكيلــومتر والميــل وللمســافات
الصــغيرة كأبعــاد األثــاث مــثالً نســتخدم المليمت ـ ارت والســنتيمترات .لكننــا حــين نتعامــل مــع الكواكــب
والنجوم ال نجد وحدات القياس هذه مناسبة للتعبير عن المسافات الفلكية .لذلك إتخذ الفلكيـون مـن
بعـ ـ د األرض ع ــن الش ــمس وال ــذي يبل ــغ 150ملي ــون كيل ــومتر بالتقري ــب وح ــدة للتعبي ــر ع ــن أبع ــاد
127
الكواكـب وسـميت هـذه وحدددة فلكيددة ) .Astronomical Unit (Auولكـن الفلكيـين أدركـوا أن
ـدار
هــذه الوحــدة ليســت مناس ــبة للتعبيــر عــن أبع ــاد النجــوم حيــث تصــبح الوح ــدة الفلكيــة عنــدها مق ـ ً
ض ــئيل .ل ــذلك لج ــأوا إل ــى التعبي ــر ع ــن المس ــافات الهائل ــة ب ــين النج ــوم باس ــتخدام السدددنة الضدددوئية
Light yearوهــذه هــي المســافة التـ ي يقطعهــا الضــوء فــي ســنة كاملــة وقــدرها 63420وحــدة
فلكية .وهنالك وحدة أكبر يستعملها الفلكيون على وجه الخصوص وهي الفرسددخ الفلكدديParsec
وقدرها 3.26سنة ضوئية وتقـاس المسـافات الكونيـة بماليـين الف ارسـخ .Megaparsecفيمـا يلـي
عالقة هذه الوحدات ببعضها:
1مليمتر= 10-3متر
1سنتيمتر= 10-2متر
1كيلومتر= 1000متر
= 6.342×104وحدة فلكية
= 3.261سنة ضوئية
= 3.085×1016متر
مثال :إذا كانت زاوية اختالف املنظر ألقرب النجوم إلينا وهو نجم ألفا
قنطورس تبلغ " 0.763فما هو بعده عن األرض؟
1 1
=d = = 1.31 par sec = 4.27 Light year
p" 0.763
الحظ أن بعد النجم في العادة يدل على املسافة بين مركز النجم ومركز
الشمس ،وفي األوقات التي نستعمل فيها هذا البعد للداللة على املسافة بين مركز
النجم ومركز األرض فإن الفرق بين االثنين هو نصف قطر مدار األرض ،وهذا
128
الفرق ال قيمة له باملقارنة مع األبعاد النجمية .وفي خالل عملية قياس زاوية اختالف
املنظر يجب إجراء بعض التصحيحات على القراءات نتيجة تأثير حركة النجم أو
حركة املشاهد أو نتيجة انكسار الضوء بواسطة الغالف الجوي لألرض .وخالل
الستة شهور املنصرمة بين املشاهدات ربما تكون النجوم قد تحركت من مكانها
بالنسبة للنجوم األخرى كما أن املنظومة الشمسية باإلضافة للمشاهد ربما تكون
قد غيرت مكانها .ومعظم هذه التصحيحات تؤخذ أتوماتيكيا بعين االعتبار عند
قياس زاوية اختالف املنظر حيث أن من املعروف أن الشمس وما يتبعها من األجرام
السماوية تتحرك بسرعة 250كم في الثانية باتجاه نجم النسر الواقع .Vega
129
-1اْلزولة الشمسيةSundial :
ً
وهي آلة هندسية يعرف بها الوقت نهارا ،تتألف من شاخص وقاعدة .ويتخذ
ً
الشاخص أشكاال عديدة فهو في بعضها كالعصا الصغيرة وفي أخرى خيط يصل بين
سطحين وفي أخرى ثقب يمر منه شعاع
الشمسّ .أما القاعدة فهي الصفيحة التي
يجلس عليها الشاخص وتكون مقسمة إلى
دوائر وأرباع وخطوط ّ
تعين األوقات .ولكل
مزولة عالمات تحدد كيفية توجيهها من
الشمس والجهات األربع.واملزاول على
نوعين :ثابتة :وهي على أنواع عديدة منها
األفقية والعمودية ،والكروية واالستوائية.
ومتنقلة :وهي على أنواع مختلفة وأحجام
مختلفة ،ومنها ما يمكن طيه وحمله في
الشكل ()2-5مزولة شمسية قابلة
الجيب.
للطي
تتمثل مساهمة العرب المسلمين باألساس في تطوير المزاول وتمكينها من تأشير
الوقت الشمسي الظاهري بدقة كبيرة ،وذلك من خالل فهمهم للمثلثات الكروية التي وجدوا
منها قانون المزولة والذي هو :ظا (زاوية خيال الشاخص) = ظا (زاوية الساعة) +جا
(عرض المكان)
130
الشكل ( )3-5مزاول شمسية من أنواع مختلفة
http://www.sundialsoc.org.uk/
http://www.sundials.co.uk/index.htm
-2اإلسطرالب:
131
النجوم" ويذكر أن أرستارخوس اليوناني استعمل اإلسطرالب في رصد النجوم كما
أن هيبارخوس صنع إسطرالبا في القرن الثاني قبل امليالد.
وقد اهتم الفلكيون العرب المسلمون باإلسطرالب وطوروه ليكون آلة على درجة عالية من
اء عديدة حتى أصبح جها اًز معقداً ودقيقاً ،ويحتاج إلى خبرة واسعة
الدقة فأضافوا إليه أجز ً
للتمكن من استعماله.
من أول صناع اإلسطرالب المسلمين أبو عيسى اإلسطرالبي وإبراهيم بن حبيب الفزاري
الذي ألف كتاب "العمل باإلسطرالب" والذي له الفضل في اختراع اإلسطرالب المسطح
وذات الحلق .ومن أدق الصناع المعروفين أحمد بن محمد النقاش.
-3الحك:
ً
وكانت تسمى " الحقة " أو "بيت اإلبرة" وتسمى حاليا " البوصلة " .وهي عبارة
عن مغناطيس مستقيم يرتكز من وسطه على محور شاقولي بحيث يكون حر
الحركة في املستوى األفقي ،ويرتكز املغناطيس فوق لوحة أفقية مدرجة على مدى
دائرة كاملة أي 360درجة .تؤشر اإلبرة املغناطيسية إلى اتجاه الشمال املغناطيس ي
ً
دائما ومنه يمكن معرفة االتجاهات األخرى .وقد استخدم العرب "الحك" في املالحة
ً
البحرية وطوروها باعتماد تقسيمات اكثر دقة سموها األخنان ،ساعدتهم كثيرا في
ً
سبر البحار واملحيطات .فقد قسموا دائرة األفق إلى 32قسما كل قسم سموه "
خن " ،وكل واحد منها يشير إلى ناحية من نواحي السفينة وفي الوقت نفسه يشير إلى
موقع معين في األفق .كأن يكون مطلع (شروق) أو مغرب (غروب) نجم معين من
النجوم الالمعة في بروج معروفة .فاعتبروا نجم القطب الشمالي يشير إلى الشمال
وقطب سهيل يشير إلى الجنوب ومطلع الفرقدين والنعش والناقة تشير إلى اتجاهات
شرق الشمال والنسر الطائر إلى الشرق ،ومطلع الجوزاء والتير واإلكليل إلى جنوب
الشرق ومطلع القرب إلى الجنوب الشرقي ،ومطلع الحمارين وسهيل والسلبار إلى
شرق الجنوب ويشير مغرب السلبار والحمارين إلى غرب الجنوب.
132
الشكل ( )5-5األخنان العربية
كما تم تقسيم كل خن إلى سبعة أصابع وسموا اإلصبع ترفا ،وكل أربعة أصابع
ذبان" وعلى هذا يكون:
تسمى " ّ
الخن = 11.25 = 32 ÷ 360درجة.
إن أصل نظام األخنان غير معروف لكن متابعة ما كتب عنه في كتب املالحة
العربية تؤكد أن نظام نشأ وتطور في منطقة البحر العربي واملحيط الهندي وذلك
يظهر من خالل النجوم املعتمدة كمثابات في شروقها وغروبها ،مما يؤكد استقاللية
133
هذا النظام عن النظم األوروبية وقد ذكر البحار العربي املاهر ابن ماجد ذلك في
كتابه املعروف "الفوائد في أصول علم البحروالقواعد".
-4ذات الحلق:
134
-11ذات الربع أو الربعية:
تعلق الربعية بشكل رأس ي وذلك بواسطة ثقل رصاص ي مربوط بخيط وتستخدم
كتاب زوايا االرتفاع واالنخفاض لألجرام السماوية بدقة .وهنالك أنواع كثيرة من
الربعيات.
-12السدسية:
وهي آلة تستخدم ألغراض قياس الزوايا الفلكية ومنها يكن حساب األحجام
شكل( )9-5السدسية
الزاوية لألجرام السماوية وبالتالي معرفة أبعادها عن طريق حساب اختالف املنظر.
135
ظهور التلسكوابت
كان التجار األوربيون يعرفون األنبوب الذي يحتوي على قطعتين من الزجاج
محدبتين عند طرفيه ،واحدة كبيرة ورقيقة توضع في مقدمة األنبوب واألخرى
ً
صغيرة وسميكة ينظرون من خاللها بعيدا ليروا السفن القادمة من عمق البحر.
ُوينسب اختراع التلسكوب إلى رجل هولندي إسمه هانس لبرهي (املتوفى )1619رغم
ادعاء رجلين هولنديين آخرين بالحق نفسه.
ولربما كان غاليليو غاليلي االيطالي هو أول من وجه تلسكوبه البسيط إلى
ً
السماء بهدف استكشافها .وقد كان تلسكوبه بسيطا ًً ال تتعدى كفاءته كفاءة
هاو معاصر ،لكن غاليليو
تلسكوب أي ٍ
بذلك التلسكوب البسيط زعزع أركان
املفاهيم األرسطية التي كانت سائدة على
عصره عن األرض والسماء .فقد اكتشف
غاليليو وجود أربعة أقمار تدور حول
كوكب املشتري ،كما اكتشف البقع
الشمسية واستدل منها على دوران
ً
الشمس حول نفسها .كما اكتشف أن لكوكب الزهرة أطوالرا شبيهة بأطوار القمر،
كما اكتشف غاليليو بذات التلسكوب حلقات كوكب زحل.
يستطيع الفلكيون بفضل التلسكوبات رصد أجرام ال ترى بالعين املجردة.
فعلى الرغم من أن أبصارنا ُت ّ
عد كشافات ال مثيل لها ،فإنها تعجز عن رؤية األجرام
ً
الخافتة جدا ،كما تعجز عن رؤية التفاصيل الدقيقة للمصادر الضوئية النائية.
فعلى سبيل املثال ،إننا أعجز من أن نقرأ صحيفة عادية مثبتة على جدار في
حجرة معتمة ،على حين تتغلب التلسكوبات على هذه الصعوبات عن طريق تجميع
قدر أكبر من الضوء الذي تجمعه العين ،وكذلك عن طريق زيادة املقدرة على تمييز
136
التفاصيل .نسمي الخاصة األولى "قدرة التجميع" ّ ،Collecting Powerأما الخاصة
الثانية فتسمى "قدرة الفصل (التمييز)" .Resolving Power
التلسكوبات الكاسرة:
يتألف التلسكوب الكاسر من أنبوب وعدسة في مقدمته تسمى العدسة
الشيئية Objectiveألنها توجه نحو الش يء املراد رصده ،وأخرى في مؤخرة األنبوب
تسمى العدسة العينية ، Eye pieceينظر من خاللها عبر أنبوب التلسكوب إلى
ً
األشياء .أنظر الشكل( .)11-5وسمي هذا التلسكوب كاسرا ألنه يكسر األشعة
الداخلة إليه ويجمعها في نقطة تسمى البؤرة . Focus
137
للتلسكوبات الكاسرة عيوب أهمها ظهور دوائر لونية تحيط بحدود األجسام
املنظورة وهذا ناتج عن تحلل الضوء األبيض عند مروره خالل العدسة إلى عناصره
ً
اللونية وهذا هو ما يسمى الزيغ اللوني .فضال عن هذا فإن ثقل العدسات الكبيرة
ً
يجعل تثبيتها صعبا يحتاج إلى نظام اسناد ميكانيكي معقد .لهذه األسباب وغيرها
فقد تم اختراع التلسكوبات العاكسة .يبين الشكل( )12-5صورة ألكبر تلسكوب كاسر
ً
في العالم تستعمل فيه عدسة قطرها متر واحد (أي 40إنشا) وذلك في جامعة
شيكاغو.
التلسكوبات العاكسة
ً
تستخدم معظم التلسكوبات الحديثة املرايا بدال من العدسات للتخلص من
عيوب التلسكوبات الكاسرة .فيتم بوساطة مرآة مقعرة تجميع الضوء ومن ثم
138
تركيزه في نقطة .وقد تستخدم في هذه النقطة مرآة ثانوية محدبة (أو مقعرة) تعمل
على إنعكاس الضوء لرؤيته من قبل الراصد خالل مجموعة عدسية صغيرة .أنظر
الشكل(.)13-5
وتصنع املرايا من الزجاج بعد صقله وتلميعه حتى يغدو ذا شكل منحن
ً
بطبقة رقيقة من األملنيوم أو بعض املواد العاكسة جيدا للضوء.
ٍ أملس ،ثم يطلى
تتمفصل معظم التلسكوبات حول محاور استناد متينة ،تسمح بمتابعة
األجرام السماوية إبان حركتها في كبد السماء .وتجدر اإلشارة إلى أن تحريك أطنان
عديدة من املعدن والزجاج بدقة عالية يتطلب عناية فائقة في اإلنشاء والتصميم،
ناهيك أنه يجب أن تحافظ العدسات واملرايا على شكلها الدقيق دون أن يعتريها أي
تشوه أو انزياح عن مواضعها النسبية ،وذلك للحصول على أخيلة صافية وغير ّ
مشوهة .يشكل هذا األمر العقبة الرئيسية في بناء تلسكوب كبير ،ذلك أن املرايا
ّ
والتشوه لدى انزياحها عن أماكنها .لكن ثمة والعدسات الكبيرة يعتريها االنحناء
طريقة للتغلب على هذه الصعوبة في التلسكوبات العاكسة تتمثل في استعمال عدة
ً
مرايا صغيرة لتجميع الضوء وتركيزه وضبط كل مرآة منها على حدة .فبدال من
استخدام تلسكوب بمرآة كبيرة واحدة تستخدم عدة مرايا صغيرة .تسمى
التلسكوبات العاكسة من هذا النوع التلسكوبات العاكسة املتعددة املرايا (Multi-
) .Mirror Telescopeوأحدها مثبت على قمة جبلية في جنوب أريزونا ،وتستخدم
139
ً ً
فيه ست مرايا قطر كل منها 1.8مترا (أي 72إنشا) فتعمل بذلك عمل تلسكوب
ً ً
عاكس ذي مرآة وحيدة قطرها 4.5مترا (أي 176إنشا) .وتضبط اتجاهات هذه
املرايا الست بفضل منبع ليزري يقيس ميالن كل مرآة وموضعها بدقة فائقة .فإذا
ً
حصل أي خلل في توضع إحدى املرايا جرى ضبط األمور آليا بحيث يكون الصورة
الناتج عن املرايا الست في أوضح صورة له.
التلسكوبات الراديوية
ً ً
نسمي ضوءا مرئيا تلك األطوال املوجية التي تتحسس بها أبصارنا ،وهي
ليست إال شكل من أشكال اإلشعاع الكهرومغناطيس ي .إال أن الكثير من األجرام
ً
الفلكية يبث أمواجا ال تتحسس بها أبصارنا ،ولذلك فقد ابتكر الفلكيون وسائل
ً
لرصد أمثال تلك األجرام .فالسحب الغازية الباردة في الفضاء البينجمي مثال ال
ً ً
ُتصدر إال القليل من الضوء املرئي ،في حين أنها تثبت قدرا هائال من األمواج
الراديوية ،وهي األمواج التي نستمع بواسطتها إلى املذياع ونرى الصور على شاشة
التلفزيون .وقد تم معرفة هذه األمواج في القرن التاسع عشر وتم تطوير
ً
استخداماتها بشكل واسع في القرن العشرين .وملا عرف الفلكيون أن هنالك أجراما
سماوية تبعث مثل هذه األمواج إتجهوا إلى تطوير ما يعرف اآلن التلسكوبات
ً
الراديوية وصار الفلكيون يستخدمونها على نطاق واسع نظرا لسعة النطاق
الراديوي في الطيف الكهرومغناطيس ي مقارنة مع النطاق املرئي من هذا الطيف.
140
توجد في العالم تلسكوبات راديوية ضخمة ،بل توجد اآلن شبكات عظيمة من
هذه التلسكوبات تسنتخدم لرصد االشارات القادمة من املجرات البعيدة وعلى
نطاق واسع من األطوال املوجيةُ .ويظهر الشكل ( )15-5أهم هذه الشبكات
العاملية.
141
ً
ويستعملون اللون األصفر للداللة على املناطق األقل إشعاعاّ ،أما املناطق خافتة
اإلصدار الراديوي فيستعملون إلظهارها اللون األزرق .فلو استطعنا رؤية األمواج
الراديوية لبدت لنا املناطق امللونة باألحمر أشد املناطق سطوعا ّ ،أما املناطق
ً
امللونة باألزرق فتكون أقلها سطوعا .ويمكن تطبيق تقنية مماثلة إلظهار األجرام
السماوية التي تبث إشعاعات عند أطوال موجية أخرى.
تواجه التلسكوبات التي تعمل باألشعة تحت الحمراء ،أو األشعة فوق
ً
البنفسجية ،أو األشعة السينية عائقا آخر :فمعظم اإلشعاع الذي تبحث عنه هذه
التلسكوبات ال يتمكن من اختراق الغالف الجوي األرض ي ،فالغازات في الغالف
الجوي األرض ي كاألوزون وثنائي أكسيد الكربون وبخار املاء تمتص األشعة تحت
الحمراء واألشعة فوق البنفسجية واألطوال املوجية القصيرة .على سبيل املثال
ً ً ً
يمتص بخار املاء وثنائي أكسيد الكربون امتصاصا كامال تقريبا اإلشعاع تحت
ً ً
األحمر ذا الطول املوجي 50ميكرومترا .ومع هذا فإن بعضا من اإلشعاع تحت
األحمر يخترق الغالف الجوي من مناطق ضيقة في األطوال املوجية تعرف باسم
الن وافذ الجوية .Atmospheric windows
142
النوافذ الطيفية اجلوية
ً ً
من املعروف أن الغالف الجوي لألرض يمتص قدرا كبيرا من األشعاعات
الكهرومغناطيسية التي تمر من خالله .ويعتمد مقدار االمتصاص على الطول
ً
املوجي لإلشعاع كما يعتمد أيضا على اإلرتفاع عن سطح األرض .ويوضح الشكل (-5
)35هذه العالقة بين الطول املوجي ومقدار االمتصاص لنصف الشدة لكل
كيلومتر من االرتفاع في جو األرض .ويالحظ أن هنالك أطوال موجية معينة يكون
ً
عندها االمتصاص قليال ،أي أن االشعاعات عند هذه األطوال املوجية تكون ذات
نفاذية عالية .تسمى هذه األنطقة املوجية الن وافذ الجوية Atmospheric
.Windowsويقوم مصمموا األجهزة واملجسات الطيفية بمراعات هذه النوافذ
الجوية .يالحظ أن معظم اشعاعات اكس وجاما واألشعة الفوق بنفسجية والتي هي
اشاعات مضرة بالحياة عى سطح األرض ،يتم امتصاصها في طبقات الجو مما يحول
دون وصولها إلى األرض والحاق الضرر بالحياة التي عليها .ولهذا السبب ذاته يحتاج
الفلكيون إلى ارسال املراصد الفلكية التي تتحرى الكشف عن االشعاعات القصيرة
إلى الفضاء .مثال ذلك تلسكوب جاندرا لتحسس أشعة إكس.
143
ً
وهكذا فاإلشعاع الذي يقع طول موجته بين 8و 15ميكرومترا ال يحدث له
امتصاص شديد .فإذا رغب الفلكيون في رصد األجرام السماوية عند األطوال
املوجية املحتجزة بفعل الغالف الجوي األرض ي فما عليهم إال اللجوء إلى وضع
تلسكوب في الفضاء بحيث يتم التحكم فيه من على سطح األرض.
التلسكوابت الفضائية
هنالك عدد من املراصد الفلكية تدور حول األرض لخدمة الفلكيين ،وقد
الصنعى وعلى متنه تلسكوبمض ى على بعضها عشرات السنين .فقد ُأطلق القمر ُّ
األشعة فوق البنفسجية الدولي IUEعام ،1978وما زال يقوم بمهمته خير قيام.
ُ ً
ّأما التلسكوبات األخرى فهي أقصر عمرا؛ فالقمر الصنعي IRASالذي خصص
لرصد األشعة تحت الحمراء التي تعجز عن اختراق الغالف الجوي األرض ي ،يتطلب
الهليوم السائل للحفاظ على تجهيزاته باردة لتحقيق الحساسية العظمى .وقد ُبني
بالتعاون بين الواليات املتحدة األمريكية وبريطانيا وهولندا .قام هذا القمر
لسحب الغاز والغبار في الفضاء، بالتحليق ملدة طويلة وزودنا بصور رائعة ُ
واكتشف ظواهر تدل على تكون النجوم في مجرات نائية لم يكن الفلكيون يحلمون
بالحصول عليها قبل إطالقه .يشار هنا إلى أن الكثير من صور هذا الكتاب قد
التقطها القمر الصنعي .IRASعلى أي حال فإن IRASاآلن في سبات عميق بعد أن
استنفد محلول التبريد املؤلف من الهليوم السائل .وقد يأتي يوم يعاد فيه إمداده
من جديد بوساطة مركبة فضائية ،وعندها سيتابع مهمات جديدة .وفي هذه
األثناء يجري رصد مناطق من األطوال املوجية ال يمكن أن ترصد من األرض ،مثل
جزء الطيف الكهرومغناطيس ي الواقع في منطقة األشعة السينية.
يقوم األوزون واألكسجين في الغالف الجوي األرض ي بامتصاص األشعة
السينية .ولرصد منابع األشعة السينية الكونية تولى فريق من الفلكيين في أملانيا
وبريطانيا والواليات املتحدة األمريكية إطالق قمر رونتجن ـ سات ROSATلرصد
144
األشعة السينية ،والذي سمي نسبة إلى الفيزيائي األملاني رونتجن مكتشف هذه
ً
األشعة .سيقوم ROSATبمسح السماء باحثا عن منابع األشعة السينية كالنجوم
املتفجرة ودراستها ،إضافة إلى رسم خرائط ملنابع األشعة السينية فيها .ويعد
ُ
ROSATأحدث مرصد فلكي أطلق للبحث عن األشعة السينية ،ومن بين مراصد
أخرى أصغر منه أطلقتها -للغاية نفسها -دول كثيرة من مثل بريطانيا والواليات
املتحدة األمريكية واليابان.
يعد تلسكوب هابل الفضائي ) (HSTحتى اآلن أكثر التلسكوبات الفضائية
ً
طموحا على اإلطالق من بين التلسكوبات الكثيرة التي تدور حول األرض؛ فقد ُ
صمم
للرصد في املجال املرئي وفي مجال األشعة فوق البنفسجية .ويبلغ قطر مرآته 2.4
ً ً
مترا (أي حوالي 94إنشا) وهو يوجه الضوء الذي يجمعه إلى جملة أجهزة قياس.
ويشتمل على آلتي تصوير الكترونيتين خصصت إحداهما اللتقاط صور للمجاالت
الشاملة اإلجمالية ،واألخرى اللتقاط الصور الفضائية الكبيرة املقياس ،وقد أرسل
ً ً
حتى اآلن صورا مبهرة حقا .ويحمل تلسكوب هابل مقياسين للتحليل الطيفي لتحليل
ً
الضوء الوارد من النجوم واملجرات ،ومقياسا للشدة الضوئية (فوتومتر) ألخذ
قياسات دقيقة لسطوع النجوم ذات الخرج الضوئي املتغير.
ومع أن تلسكوب هبل قد تعرض في بادئ األمر لعدة مشاكل ،وعلى الرغم من
بعض التشوهات التي سببتها مرآة التلسكوب القاصرة ،فقد تمكن تلسكوب هبل
الفضائي من التقاط صور من الفضاء كشفت النقاب عن تفاصيل كانت خفية على
التلسكوبات املنتشرة على سطح األرض بسبب ضبابية الغالف الجوي األرض يّ .أما
وقد أصلح رواد الفضاء الخلل في مرآة تلسكوب هبل فإن بإمكاننا التقاط صور أشد
ً ً
وضوحا وأكثر دقة لألجرام األكثر بعدا.
145
الشكل ( ) 18 - 5تلسكوب شاندرا الفضائي
.4يتطلب تصليح التلسكوب الفضائي توفير كادر صيانة فضائي وهذا أمر
مكلف جداً.
.5ولهذه األسباب تكون أعمار التلسكوبات الفضائية قصيرة (بضع سنوات) فيما
تكون التلسكوبات األرضية قادرة على العمل لعشرات السنين.
146
الضوء والاشعاع
ادلراسات الطيفية
الضوء واإلشعاعات الكهرومغناطيسية هي الوسيلة الوحيدة التي تصلنا مع العالم الخارجي
فبواسطة الضوء وبقية اإلشعاعات الكهرومغناطيسية الواصلة إلى األرض تمكن الناس من
معرفة الكثير عن األجرام السماوية .أحجامها ،أبعادها ،حركاتها ،ح اررتها ،تركيبها
الكيمياوي.
الطيف الكهرومغناطيسي:
بحسب النظرية املوجية يتألف الضوء (وكافة اإلشعاعات
الكهرومغناطيسية) من اضطراب مجالين متعامدين على بعضهما :أحدهما مجال
كهربائي واآلخر مجال مغناطيس ي.
وقد برهن ماكسويل أن اضطراب املجال املغناطيس ي بصورة دورية يولد
ً ً ً ً
مجاال كهربائيا متعامدا عليه والعكس صحيح أيضا.
إن للموجة الكهرومغناطيسية ثالث متغيرات أساسية هي :طول املوجة
وترددها وسعتها.
إن طول اْلوجة :هو املسافة بين قمتين متتاليتين أو قاعين متتاليين للموجة
ً
وتقاس عادة بوحدات االنجستروم ويعدل 10-8سم أو بالنانومتر ويعدل 10-7سم أو
باملايكرومتر ويعدل 10-4سم.
أما تردد اْلوجة :فهو عدد القمم أو القيعان املارة من نقطة معينة في الثانية
الواحدة .وتقاس بوحدات مقلوب الزمن أي ثا 1-وهو الهرتز .Hertz
َّأما سعة اْلوجة :فهي اإلزاحة العظمى للمجال (الكهربائي أو املغناطيس ي).
147
الشكل ( )19-5المجال الكهرومغناطيسي
يرتبط طول املوجة وترددها وسرعتها بعالقة واحدة تجمعهمَّ .أما سرعة
املوجات الكهرومغناطيسية فهي واحدة مهما اختلفت تردداتها أو أطوالها أو
سعاتها ،ومقدارها بالتقريب 300000كيلومتر في الثانية أي 3108متر/ثا .وهذه هي
نفسها سرعة الضوء.
سرعة املوجة = طول املوجة × التردد
وبالرموز نكتب:
c=λν
حيث أن cهي سرعة الموجة و λهو طولها و νهو ترددها.
نالحظ أنه إذا ازداد الطول الموجي قل تردد الموجة والعكس صحيح حتى تكون c
ثابتة لجميع الترددات واألطوال الموجية كما ذكرنا.
148
الشكل( )20-5الشكل اْلثالي للموجة الجيبية
149
• أشعة فوق بنفسجية ) (2000-100أنجستروم.
يتضح من هذا ضيق نطاق األشعة المرئية إذ أنها ال تشكل إال مساحة ضيقة جداً
على الطيف الكهرومغناطيسي الواسع ،أنظر الشكل (.)21-5
في بداية القرن العشرين تمكن الفيزيائيون من كشف أسرار الذرات فبعد أن
كانت الذرة في مفاهيم القرن التاسع عشر كرة مصمتة غير قابلة لالنقسام تبين أنها
ً
مؤلفة من شحنة موجبة وشحنات سالبة (اإللكترونات) وقد وضع ثمسون نموذجا
150
ً ً ً
ذريا يجعل الشحنة املوجبة كال مجتمعا في حيز قطره بحدود 10-8 cmهو النواة
تنغرز فيه اإللكترونات يساوي مجموع مقدار الشحنة املوجبة التي في النواة .وكيما
ً
يتم التحقيق من حجم النواة املوجبة قام اللورد رذرفورد بتجربته الشهيرة مسلطا
ً
سيال من الجسيمات املوجبة الشحنة وهي املعروفة بجسيمات ألفا على صفيحة
ً ً ً
رقيقة جدا على الذهب .فكانت النتيجة أن عددا كبيرا من جسيمات ألفا استطار في
ً
اتجاهات مختلفة في توزيع زاوي يوحي أن حجم الجزء املوجب من الذرة صغير جدا
..وقد تبين من خالل التحليالت التي تلت التجربة أن الجزء املوجب في الذرة يحتل
ً
حيزا قطره ال يتجاوز .10-12cmأي 1/10000من قطر الذرة .وبداللة الحجم يعني
هذا أن حجم الجزء املوجب هو جزء من مليون مليون جزء من حجم الذرة.
فرضية بالنك :من أجل أن يتمكن ماكس بالنك من تفسير تصرف اإلشعاع
الحراري علة مدى األطوال املوجية املختلفة إفترض أن اإلشعاع يتألف من رزم
كمومية لكل منها طاقة مقدارها
E = h
حيث أن hهو مقدار ثابت سمي ثابت بالنك و νهو تردد اإلشعاع .وقد أعم
ألبرت أينشتاين هذه العالقة لتشمل الضوء املرئي وغيره.
الشكل ()22-5
151
إن انتقال اإللكترون من مدار آلخر حول النواة يغير من طاقته امليكانيكية
الكلية .وملا كانت هذه الطاقة تتوزع على مقادير مخصوصة تتناسب مع املدارات
املخصوصة لإللكترون ،فإن كمية الطاقة التي يمتصها اإللكترون في حالة انتقاله
ً
إلى مدار أعلى والطاقات التي يبعثها عند انتقاله إلى مدارات أدنى تكون قيما
ً ً
مخصوصة عادة وال تكون طيفا مستمرا بل هي على الحقيقة خطوط طيفية محددة
عرفها مقدار الفرق بين طاقة اإللكترون في املدار الذي انتقل منه واملدار الذيُي ّ
انتقل إليه .وهذه القيمة تحددها العالقة
1 1
E f − Ei = E = hcR −
n
f ni
هذه الطاقة هي بالضبط طاقة الفوتون الذي يتم امتصاصه أو بعثه من الذرة.
حيث أن
152
الشكل ( )23-5السالسل الطيفية
وهكذا تتضح الصورة أمامنا اآلن ونفهم منشأ السالسل التي في الشكل (-5
)23إذ أن انتقال اإللكترون من أي مدار إلى املدار األول أي الذي له n=1سيؤدي
إلى انبعاث عدة أطوال موجبة واملجموعة املؤلفة من هذه األطوال املوجبة تسمى
سلسلة أليمان ..أما انتقال اإللكترون من أي مدار إلى املدار الثاني أي الذي له n=2
ً
فإنه سيؤدي إلى انبعاث عدة أطوال موجية أيضا تؤلف سلسلة تختلف عن األولى
وهذه تسمى سلسلة باملر ..وهكذا فإن مستقر سلسلة باشن هو املدار الذي له
n=3ومستقر سلسلة بالكت هو .n=4ويرمز إلى الخطوط الطيفية املختلفة في كل
سلسلة بالحروف اليونانية… فيسمى الخط األول منها αوالثاني βوالثالث γ
وهكذا.
153
الشكل ( )24-5طيف ذرة الهيدروجين
154
الشكل ( )27-5الطيف المرئي
ولغرض رؤية الطيف الخارج من املوشور (أو محرز الحيود) فإن من
الضروري استخدام تلسكوب بسيط يعمل على تمييز عناصر الطيف وتقريبها
ً
لنتمكن من رؤيتها بوضوح وفي العادة يكون الضوء املرئي مؤلفا من ترددات كثيرة
ً ً ً
جدا تؤلف طيفا مستمرا إال أن باإلمكان تمييز سبعة أنطقة بسبعة ألوان هي ألوان
الطيف املعروفة :األحمر والبرتقالي واألصفر واألخضر واألزرق والنيلي والبنفسجي.
155
أأنواع الطيف
.1الطيف المستمر Continuous Spectrum
وهو طيف امتصاص يتم عند مرور الضوء خالل الغازات الباردة عند
ضغوط منخفضة .فعند تمرير ضوء الشمس االعتيادي خالل بخار الصوديوم
ً
البارد نسبيا يظهر خطان معتمان أحدهما عند 1=5896Aواآلخر عند
.2=5890A
وعند هذه املواقع بالضبط تظهر خطوط صفراء براقة عند حرق ملح
الطعام (كلوريد الصوديوم) على مصباح بنزن .مما يعني أن ملح الطعام ُيظهر خطي
انبعاث للصوديوم عند حرقه ُويظهر خطي امتصاص عند املوقعين نفسيهما عند
مرور الضوء االعتيادي خالل بخاره البارد.
156
الشكل ( )29-5أنواع الطيف وكيفية تولدها
لو أننا سخنا أية مادة فلزية فوق لهب قوي ومباشر فإننا سنرى أن املادة
ثم إذا ما زادت حرارتها أكثر أصبحت صفراءّ ،
ثم إذا زادت حرارتها تصبح حمراءّ ،
أكثر أصبحت زرقاء داكنة ،هذه الحاالت يعبر عنها قانون فين Weinالذي يقرر
" يتناسب الطول الموجي عند الطاقة العظمى المنبعثة عن جسم ساخن عكسياً
مع درجة حرارة الجسم".
أي
0.29
= max cm
T
290 105
= A
T
157
حيث أن Tهي درجة حرارة الجسم بوحدات كلفن و maxالطول املوجي الذي
تنبعث عنده أقص ى طاقة.
ويعني هذا القانون أن لون الجسم الساخن يعتمد على درجة حرارته .وعلى
حين يحتوي طيف اإلشعاعات الصادرة عن الجسم الساخن على كافة األطوال
املوجبة املمكنة إال أن اكبر طاقة منبعثة في وحدة الزمن تكون عند طول موجي
معين ،وهذا الطول املوجي نفسه هو الذي يحدد لون الجسم الساخن.
هذه الخاصية وهذا القانون له تطبيق مباشر في معرفة درجة حرارة النجوم
إذ يمكن بمعرفة الطول املوجي maxعن طريق التحليل الطيفي حساب درجة حرارة
النجم ،أنظر الشكل (.)30-5
قانون ستيفان -بولتزمان:
يبحث هذا القانون صفة أخرى من صفات األجسام الساخنة إذ يقدم لنا
العالقة بين الطاقة الكلية املنبعثة من الجسم الساخن على مختلف األطوال
املوجية ودرجة حرارة الجسم.
158
يقرر قانون ستيفان -بولتزمان أن الطاقة الكلية املنبعثة من جسم ساخن
درجة حرارته Tفي الثانية الواحدة لكل وحدة مساحة هي:
Utot=T4
حيث هي ثابت ستيفان وقيمته = 5.67 10-8 K-4. m-2. s-1
ً
وإذا كان الجسم كرويا كما هي الحالة التقريبية للنجوم فإن الطاقة
السطحية للنجم ستكون ، 4R2لذا فإن الطاقة الكلية املنبعثة في وحدة الزمن من
الجسم الكروي (النجم) ستكون:
L = 4R2 Utot.
أما السطوع Brightnessفهو مقدار الطاقة الكلية الواصلة الى املشاهد على
ً
مسافة dمن الضوء مصدر وتساوي مقدار السطوع مقسوما على مربع املسافة
B=L/d2
159
7 x 10-5 - 4 x
مرئي 2-3 4100 – 7300
10-5
ظاهرة دوبلر
ً
لوحظ أن تردد األمواج الضوئية (والصوتية أيضا) الواصلة إلى مستقبل
ً
يزداد عندما يكون املصدر مقتربا من املشاهد .فيما وجد أن التردد يقل عندما يكون
ً
املصدر مبتعدا عن املشاهد .وقد سميت هذه الظاهرة بتأثير أو ظاهرة دوبلر.
160
وبداللة الطول املوجي يعني هذا أن الطول املوجي ملصدر ضوئي مقترب من
املشاهد (الكاشف) يزداد بينما يقل الطول املوجي الذي يستلمه املشاهد عندما
ً
يكون املصدر مبتعدا عنه .وتنطبق هذه الظاهرة على جميع االشعاعات
ً
الكهرومغناطيسية والصوتية أيضا.
إن مقدار الفرق في الطول الموجي يتناسب طردياً مع سرعة الجسم .ويقرر قانون
دوبلر أن:
v
=
e c
حيث أن =r-eهو الفرق بين الطول املوجي املقاس على األرض
receivedوالطول املوجي األصلي للمصدر emittedو cهي سرعة الضوء.
وبذلك يمكن إيجاد سرعة الجسم من العالقة:
= c = zc
e
حيث يسمى املعامل zمعامل انحراف دوبلر .Doppler Shift Parameter
ويكون هذا املعامل أقل من واحد في العادة إال أنه يكون أكبر من واحد للمجرات
البعيدة واألجرام السماوية التي تسمى الكوازارات والتي تقع على الحافات البعيدة
ً
جدا للكون.
161
الشكل ( )33-5انحراف خطوط الطيف بتأثيردوبلر
ً
إن ظاهرة دوبلر هذه تؤدي إلى ظهور طيف النجم مزاحا إلى جهة اللون
األحمر (وهي الحالة الغالبة في الكون) عند مقارنته مع طيفه العناصر نفسها التي
يحتويها النجم على األرض .ويسمى هذا انزياح دوبلر األحمر ،Doppler Redshiftأو
االنزياح األحمر Redshiftباالختصار .إال أن الحالة العامة هو حصول انزياح إلى
ً
جهة اللون األزرق من الطيف وهذا يحصل عندما يكون النجم مقتربا من الراصد
(األرض) وهي حالة نادرة ويسمى هذا االنزياح األزرق Blueshift
إن لظاهرة دوبلر تطبيقات مباشرة في معرفة سرعة األجرام السماوية واتجاه
ً
حركتها أيضا .فإذا كان االنزياح نحو الجهة الحمراء من الطيف قلنا أن الجرم
ً
يتحرك مبتعدا عناَّ ،أما إذا كان االنزياح الطيفي نحو الجهة الزرقاء من الطيف قلنا
ً
أن النجم يتحرك مقتربا منا .وكما أسلفنا فإن السرعة يتم حسابها باستخدام
ً
قانون دوبلر املذكور آنفا .مما يجدر ذكره هنا أن ادوين هابل اكتشف توسع الكون
من خالل أرصاده التي بينت تباعد املجرات عن بعضها البعض ،وقاده ذلك إلى
وضع قانون لسرعة تباعد املجرات.
162
ّ
كما أن هذه الظاهرة مكنت الفلكيين من حساب سرعة دوران النجوم حول
ً
محاورها من خالل رصد الفرق في الطول املوجي لطرفي النجم الدوار .فضال عن
ّ
ذلك فإن تقنيات جديدة وظفت ظاهرة دوبلر الكتشاف منظومات شمسية جديدة.
تأأثري زميان
الحظ زيمان أن الخطوط الطيفية للضوء الصادر عن مصدر تنشطر الى
أكثر من خط عند وضع املصدر تحت تأثير مجال مغناطيس ي .وقد تم تفسير ذلك
ً
الحقا أن هذا التفرع ناتج عن تأثير املجال املغناطيس ي في املدارات اإللكترونية وهو
داللة للزخم الزاوي املداري لإللكترونات في الذرة .وقد تم حساب األطوال املوجية
ً
الناتجة في هذا التفرع بدقة عالية جدا ،وتعتبر من مفاخر دقة ميكانيك الكم.
ويستفاد من هذه الظاهرة ملعرفة شدة املجال املغناطيس ي في النجوم التي تبعد عنا
آالف السنين الضوئية.
الشكل ( )34-5تأثيرزيمان
163
الفصل السادس
الشمس والقمر
164
ً
هي كرة غازية ملتهبة تبلغ كتلتها 2 1030كيلوغراما (أي حوالي 333ألف مرة
ً
قدر كتلة األرض) ويبلغ قطرها 1400000كيلو مترا (أي حوالي 110مرات قدر
قطر األرض) .وبذلك يكون حجم الشمس 1300000مرة قدر حجم األرض .وهذا
يعني أن معدل كثافتها هو 1.42غم/سم( 3أي مرة ونصف قدر كثافة املاء
ً ً ً ً
تقريبا) ،ونقول معدل الكثافة نظرا ألن جسم الشمس ليس متجانسا تماما بل
تزداد كثافته كلما اتجهنا نحو املركز.
ً
تبلغ درجة حرارة سطح الشمس حوالي 6000درجة مطلقة تقريباّ .أما في
مركزها فتبلغ درجة الحرارة حوالي 15مليون درجة مطلقة .وتبلغ جاذبية الشمس
28مرة قدر جاذبية األرض ّأما سرعة اإلفالت عن سطح الشمس فتبلغ 618كيلو
ً ً
مترا /ثانية .وهذه كمية كبيرة قياسا بتلك التي لألرض والبالغة 11كيلو متر /
ثانية.
قياس قطر الشمس
إذا ُعلمت املسافة بين األرض والشمس فإن باإلمكان حساب قطر الشمس
بمعرفة قطرها الزاوي الذي يمكن قياسه بوسائل بسيطة من األرض.
يبلغ القطر الزاوي للشمس من األرض حوالي نصف درجة ( 0.5 = درجة)
وباستخدام العالقة:
نسبة القطر الحقيقي إلى محيط دائرة املنظور = نسبة القطر الزاوي إلى
360درجة
ومحيط دائرة املنظور في هذه الحالة هو محيط مدار األرض حول الشمس
ً
(على التقريب باعتباره دائرة) وذلك مقداره 950مليون كيلومتر تقريبا.
ومنها نجد أن :القطر الحقيقي للشمس = 1400000كيلومتر بالتقريب
165
أي أن قطر الشمس هو أكثر من مليون وثلث املليون كيلو متر وهذا يزيد
على ثالثة أضعاف املسافة بين األرض والقمر.
كتةل الشمس
يمكن حساب كتلة الشمس من معلوماتنا عن زمن دورة األرض حولها دورة
ً
كاملة وذلك قدره 365.2422يوما ومعرفة واملسافة بين األرض والشمس البالغة
1.496108كيلو متر .وباستخدام قانون كبلر الثالث الذي ينص على أن مربع زمن
ً
دورة الكوكب حول الشمس يتناسب طرديا مع مكعب متوسط بعده عنها ،نستطيع
حساب كتلة الشمس (أنظر الحاشية ) 1-6لنجد أنها حوالي 2×1030كيلوغرام.
حاشية ()1-6حساب كتلة الشمس باستخدام قانون كبلر الثالث
4 2 R 3
= T
2
GM
حيث أن 365.2422 = Tيوم = 3.157107ثانية.
=M
(
4 2 1.496 1011 )3
(
6.67 10 −11 3.157 10 7 )
= 1.991030kg
وهذا يعني أن كتلة الشمس تبلغ 334ألف مرة قدر كتلة األرض.
166
تسارع اجلاذبية عىل سطح الشمس
ً
علمنا أن كتلة الشمس تبلغ 21030كيلوغرام تقريبا وأن قطرها يبلغ
ً
1.4106كيلو متر تقريبا .فمن هذه املعلومات نستطيع حساب تسارع الجاذبية
على سطح الشمس (أنظر الحاشية ) 2-4حيث نجد أنه بحدود 269متر( /ثانية)2
وهذا هو حوالي 27.5مرة قدر الذي على سطح األرض .أما سرعة االفالت فهي 614
كيلومتر في الثانية .ولغرض إعطاء القارئ فكرة عن ما تعنيه هذه األرقام نقول أن
ً
لتر املاء الذي يزن على األرض 1كغم سيزن على سطح الشمس 27.5كغم تقريبا.
وهكذا نرى أن الحبيبات القريبة من سطح الشمس تتعرض إلى قوة جذب هائلة
مقارنة بالتي تتعرض لها تلك األجسام قرب سطح األرض .وهذا مع يفسر احتفاظ
ً
الشمس بمادتها الغازية رغم أن معدل كثافتها أقل كثيرا من كثافة مادة األرض!!.
حاشية( )2-6حساب التسارع الثقالي وسرعة االفالت على سطح الشمس
من معلوماتنا التي تعلمناها عن قوانين نيوتن نعرف أن الصيغة الرياضية للتسارع الثقالي
هي
GM
=g
R2
حيث أن Gهو ثابت الجاذبية M ،كتلة الجرم و Rهي نصف قطره ،لذا فإن التسارع
الثقالي على سطح الشمس هو:
167
دوران الشمس حول نفسها
الحظ غاليليو غاليلي عند رصده للشمس وجود بقع سود على سطحها
ً
(سميت الحقا البقع الشمسية) وبتكرار املالحظة وجد أن هذه البقع تتحرك من
ً ً
اليسار إلى اليمين فاستنتج بعد طول املراقبة أن الشمس ليست جسما ساكنا بل
هي تدور حول نفسها ،لكن دورانها هذا ليس كدوران األجسام الصلبة لكونها كتلة
ً ً
غازيه ،فهي تدور دورة كاملة عند القطبين مرة كل 30يوما أرضيا فيما يدور خط
ً
إستوائها دورة واحدة كل 25يوما.
بنيان الشمس
قلنا أن الشمس هي عبارة عن كتلة غازية هائلة تتألف في معظمها من
الهيدروجين حيث يشكل ما نسبته %70من كتلة الشمس وغاز الهيليوم الذي
نسبته %27بينما يتألف باقي مادة الشمس من عناصر أخرى تشمل الليثيوم
والبريليوم والبورون والكربون والنتروجين واألوكسجين ...الخ .ونسبتها الكلية %3
ً
من مادة الشمس .ويمكن القول إجماال أن جوف الشمس يتألف مما يلي:
اللب :Coreويؤلف النواة املركزية للشمس .وفي هذه املنطقة تكون كثافة
ً
الغازات عالية جدا (حوالي 160غم/سم )3وتبلغ درجة الحرارة بحدود 15مليون
درجة مطلقة وتحدث التفاعالت النووية حيث يندمج نوى ذرات الهيدروجين
(البروتونات) وتتحول إلى نوى ذرات الهيليوم مطلقة كمية كبيرة من الطاقة ومولده
ً ً ً
ضغطا داخليا يجعل الشمس تتوازن ميكانيكيا وتحافظ على هيكلها العام.
الطبقة اإلشعاعية :Radiative Zoneتحيط باللب طبقة غازية باردة ذات
كثافة أقل وهي بهذا تعمل على عزل اللب وحفظ حرارته بذات الوقت الذي تؤدي
إلى نقل الطاقة املتولدة في اللب إلى الخارج بطريق اإلشعاع .وتحتل منطقة اإلشعاع
هذه النطاق من 0.25إلى 0.85من نصف قطر الشمس .وتبلغ كثافة الغازات
168
فيها من 34غم/سم 3قرب حافة اللب حتى 0.01غم/سم 3على الحافة الخارجية
للطبقة نفسها.
169
وتقع فوق طبقة الفوتوسفير مباشرة ويبلغ سمكها حوالي 1600كم،
ً
وكثافتها قليلة جدا وتبلغ درجة حرارتها عند سطحها العلوي حوالي 7500كلفن.
الكرة اللونية The Chromo- sphere ب-
وهي الطبقة الوسطى في الغالف الجوي للشمس تبلغ درجة حراراتها حوالي
ً
مليون درجة كلفن ،ويكون فهيا ذرات الهيدروجين متأينة تماما.
ي The corona جـ -اإلكليل الشمس
وهي الطبقة الخارجية التي ال ترى بالعين مباشرة إال أثناء الكسوف الكلي.
ً
يبلغ سمكها بحدود 1.6مليون كيلو متر .تكون كثافة الغازات فيها قليلة جدا وتبلغ
درجة حرارتها اكثر من مليون درجة كلفن.
املظاهر الشمس ية
تتميز الشمس ببعض املظاهر التي تختص بها ومن أهم هذه املظاهر البقع
الشمسية والتأجج الشمس ي والشواظ والحبيبات الشمسية والشعيرات الشمسية.
وفيما يلي شرح موجز لهذه املظاهر للتعرف على أسبابها واالطالع على تصرفها.
البقع الشمسية :Sun Spots
ً
وتسمى أيضا الكلف الشمس ي لشبهها بالكلف الذي يظهر في الوجه .وهي
بقع داكنة تظهر بأحجام مختلفة على سطح الشمس تنتج عن االختالف في درجات
ً
حرارة سطح الشمس ،حيث تبدو املناطق الحارة جدا على كرة الشمس براقة المعة
على حين تظهر املناطق األقل حرارة معتمة.
يمكننا مشاهدة البقع الشمسية من خالل مرشحات معتمة خاصة بالرصد
الشمس ي وال يمكن بالطبع رؤيتها بغير هذه الوسيلة وذلك لشدة بريق ضوء الشمس
الذي يؤدي إلى إحراق شبكية العين في حالة النظر املباشر إليها لبضع دقائق.
170
يتفاوت عدد البقع الشمسية بحسب السنوات ما بين 50بقة إلى 500
ً
بقعة .وقد لوحظ أن لهذه البقع دورة أمدها بحدود 11عاما يتزايد فيها عددها
ً
خالل هذه املدة ليمكث نحوا من 100يوم ثم يبدأ العدد بالتناقص فتختفي كثير
من البقع الشمسية ثم تظهر ثانية بعد 11سنة أخرى .وتسمى هذه "دورة البقع
الشمسية".
كما لوحظ أن للبقع الشمسية حركة دورية ما بين خطي عرض .30إذ
تكون في بدء دورتها عند هذين املوقعين ثم تتجه نحو خط االستواء الشمس ي
لتصطف عنده نحو نهاية أمد الدورة.
ُيعزى ظهور البقع الشمسية إلى تركيز املجال املغناطيس ي للشمس عند
مناطق معينة حيث تبلغ شدته حوالي 5000ضعف املجال املغناطيس ي األرض ي.
ً
ونظرا ألن جسم الشمس يتألف من جسيمات مشحونة متحركة بسرعة عالية،
ً
ونظرا لتحكم املجال املغناطيس ي بمسارات هذه الشحنات املتحركة فإن البقع
ذوات الحرارة الواطئة ال بد أن تظهر عندما يكون هنالك عدم تجانس في توزيع
خطوط القوى املغناطيسية على سطح الشمسّ .أما بالنسبة إلى تعليل دورة البقع
171
ً ً
الشمسية فهو أمر ال زال مبهما حيث أنه مماثل تماما لدورة املجال املغناطيس ي
األرض ي وانقالب األقطاب املغناطيسية لألرض كل 5000سنة .وال تزال األبحاث
جارية ملعرفة سر ذلك.
ي Prominence الشواظ الشمس
ً
وهي السنة من اللهب الوردي املندفع بعيدا عن سطح الشمس على شكل
أقواس ومنحنيات ملسافة مئات آالف الكيلومترات .وتتكون هذه األلسنة امللتهبة من
ً
غازات ساخنة جدا ،وتتشكل بهذه سحب غازية متوهجة تنشأ عن الكرة اللونية.
وذلك عندما يخفض الحقل املغناطيس ي للشمس من تدفق الحرارة إلى منطقة ما.
فالشواظ في الهيئة أبرد من الغاز املحيط به وهذا يعني -حسب القانون العام
للغازات -أن يكون الضغط داخله أقل من الضغط خارجه .وثم يحجز الغاز
الخارجي املار غاز الشواظ األقل برودة وإذا كانت الظروف مالئمة فقد يستمر هذا
الغاز البارد املحتبس في سجنه املغناطيس ي بالتوهج ألسابيع عديدة.
Solar Flares التأجج الشمس ي
تحصل بجوار البقع الشمسية انفجارات عنيفة للغاية تستمر لبضع
ً
دقائق ثم تختفي تدريجيا خالل ساعات وتكون هذه السحب الوهاجة أصغر من
ً ً
الشواظ الشمس ي وأقل ارتفاعا لكنها أكثر عنفا وتبلغ درجة حرارتها بحدود 100
مليون كلفن ،وتعود أهميتها إلى أنها تبعث إشعاعات في منطقة األشعة السينية
والفوق البنفسجية وكذلك في نطاق األمواج الراديوية مما يؤدي إلى التأثير على
املوجات الراديوية في األرض واملجال املغناطيس ي األرض ي.
172
الشكل ( )8-6التأجج الشمس ي
إن هذه السحب املتوهجة هي مصدر الحبيبات املشحونة املتأنية التي تندفع
مع الرياح الشمسية فتؤثر في املجال املغناطيس ي لألرض وتسبب ظهور الشفق
القطبي .Aurora
الرياح الشمسيةSolar Wind :
إن درجة حرارة اإلكليل الشمس ي العالية تكتسب ذرات غازات الهيدروجين
والهيليوم فيه طاقة حركية كبيرة يجعلها تتمكن من اإلفالت من جاذبية الشمس
وعندئذ تنساب هذه الذرات في الفضاء الخارجي على هيئة رياح مؤلفة من ٍ
الهيدروجين و الهيليوم تسمى الرياح الشمسية.
173
الشكل ( )9-6الرياح الشمسية تضرب األرض
عند مرور األيونات التي تمثل الرياح الشمسية باألرض فإنها تولد تيارات كهربائية في
غالفها الجوي العلوي لتدور حول القطبين املغناطيسيين الشمالي والجنوبي فتندفع
اإللكترونات نحو أسفل خطوط الحقل املغناطيس ي وتتحلزن اإللكترونات املتحركة
حول خطوط الحقل فترتطم بجزيئات النتروجين واألوكسجين فتستثار الغازات
الجوية نتيجة لهذه االرتطامات ومن ثم ترتفع إلكترونات ذراتها إلى مدارات أعلى
ً ً
ولدى هبوط اإللكترونات عائدة إلى مداراتها الدنيا تطلق ضوءا جميال يسمى
الشفق القطبي .Aurora
نورانية الشمس
النورانية Luminosityهي كمية الطاقة التي يشعها الجسم في وحدة الزمن،
وهذه هي القدرة ،Powerوتقاس عادة بوحدات الواط .Wattوهكذا نتعامل مع
املصابيح العادية فنقول أن قدرة هذا املصباح هي 100واط وذاك املصباح قدرته
ً
200واط .وبالنسبة لألجسام تتناسب النورانية مع طردا مع مساحته السطحية
ومع القوة الرابعة لدرجة حرارته .ومقدار نورانية الشمس هو 4×1026واط .وهذا
ً
مقدار كبير جدا بالقياس إلى أي مصدر طاقة أرض ي.
174
ونحن على األرض ال نقيس في الواقع نورانية الشمس بل سطوعها والسطوع
Brightnessهو النورانية مقسومة على املساحة السطحية وتقاس بالواط على
املتر املربع .ومن املعروف أن سطوع الجسم يقل كلما ابتعدنا عنه .وكأن الطاقة
ً
تتوزع على أسطح كرات متمركزة حول بعضها البعض .ويتناسب السطوع عكسيا
مع مربع البعد .ومقدار سطوع الشمس عند األرض هو حوالي 1400واط لكل متر
مربع ،ويسمى هذا الثابت الشمس ي .Solar Constantوهو يقاس بأجهزة خاصة
تسمى املجسات الضوئية.
مصدر طاقة الشمس
ظن األقدمون أن الشمس هي كتلة هائلة من الفحم املتوقد يشتعل على مر
الزمن لتدفئة األرض .لكن هذا التصور غير عملي من حيث أن كتلة من الفحم
بقدر كتلة الشمس لن تستمر أكثر من خمسة آالف سنة وتتحول بعد ذلك إلى
رماد.
وفي نهاية القرن التاسع عشر اقترح هلمهولتز وكلفن نظرية تعتمد على
التقلص الجذبي Gravitational Contractionلكتلة الشمس إذ يتحرر بموجب
ً
هذا النموذج قدر من الطاقة الجذبية الكامنة متحوال إلى طاقة حرارية لتؤلف
طاقة الشمس .لكن هذا النموذج هو اآلخر لم يفلح في تفسير طاقة الشمس ألن
الطاقة الجذبية الكامنة في كتلة الشمس ال تستطيع تحويل الطاقة املرسلة من
الشمس باملعدل الحالي ألكثر من عشرين مليون سنة .وإذا ما عرفنا أن عمر
الشمس يزيد على 4500مليون سنة حتى اآلن علمنا ملاذا ال يصلح نموذج
هلمهولتز -كلفن لتفسير مصدر طاقة الشمس.
175
مصدر طاقة الشمس حاشية ()3-6
خالل الثالثينات من القرن العشرين اقترح الفيزيائيان اوبنهايمر وبيتا نموذجاً تندمج
بموجبه أربع بروتونات (نوى ذرات الهيدروج ين ) لتكوين ذرة هيليوم واحدة .وخالل هذه العملية
تتحرر طاقة قدرها 4.210-5من كل عملية اندماج .وبافتراض أن %10فقط من كتلة
الشمس يشارك في عمليات االندماج النووي وأن %0.7من هذه الكمية تتحول فعالً إلى طاقة
ح اررية وضوئية .وباستخدام عالقة التكافؤ بين الطاقة والكتلة التي وجدها ألبرت آينشتين
E=mc2
= 3.151017s
أي أن الطاقة المتحررة عن طريق االندماج النووي لنوى ذرات الهيدروجين في باطن
الشمس تكفي لتمويل طاقتها لمدة عشر مليارات سنة وهذه مدة معقولة جداً .لذلك إذا كان عمر
الشمس حالياً هو بحدود 4500مليون سنة فإن من المتوقع أن تستمر الشمس في نشاطها هذا
لمدة 5500مليون سنة أخرى قادمة ،إال أن يشاء هللا أم اًر آخر ال نعلمه.
176
الهيدروجين لتشكيل نوى أثقل مثل الهيليوم ،أكد إمكانية أن يكون االندماج
ً
النووي مصدرا للطاقة املتولدة في باطن الشمس .إلى جانب ذلك فإن االندماج
النووي في باطن الشمس يولد الضغط الالزم لتحقيق التوازن الهيدروستاتيكي
والذي يمنع من انهيار الشمس وتكويرها بسبب تجاذب أجزائها بعضها إلى البعض
اآلخر.
مصري الشمس
الشمس هي دعامة الحياة على األرض وبدونها تصبح الحياة مستحيلة .هذه
الشمس عمرها اآلن بحدود 4.5مليار سنة وتقدر الدراسات الفلكية أنها ستستمر
على هذه الحال 5مليارات أخرى من السنين .وفي آخر عمر الشمس سوف ُيستنفذ
الوقود النووي األساس ي وهو الهيدروجين في داخلها وتهمد االنفجارات النووية
العنيفة الناتجة عن اندماج الهيدروجين والتي تحصل اآلن في باطنها ،ولذلك
تنخفض درجة حرارتها السطحية وعند ذلك ستتغلب قوى التجاذب الثقالي بين
أجزائها على الضغط الداخلي الذي يسندها فتنكمش على نفسها .لكنها ما أن
تنكمش حتى ترتفع درجة حرارتها وفق ُّ
السنة املعتادة للغازات وتتزايد درجة حرارة
باطنها بقدر كبير يجعل الظروف مناسبة إلندماج نوى ذرات الهليوم املتوفرة في
باطنها ،متحولة على األغلب إلى نوى ذرات الكربون .وبذلك تبدأ دورة جديدة من
ً
التفاعالت النووية اإلندماجية األكثر عنفا فيتولد داخل الشمس ضغط هائل
يدفعها إلى االنتفاخ هذه املرة فيزداد حجم الشمس آالف املرات لتبتلع كوكبي عطارد
ً
والزهرة وحتى يبلغ سطحها قريبا من األرض .وعند هذا تكون حرارة سطحها قد
عندئذ
ٍ انخفضت بسبب التمدد الهائل ويتحول لونها إلى األحمر الوردي ،وتسمى
عمالق أحمر . Red Giantيقول تعالى:
ِّ
الد َه ِّ
ان َ فِّإ َذا ْان َشَّق ِّت َّ
(الرحمن)37: الس َماء َف َك َان ْت َوْرَد ًة َك ّ
177
ثم يحصل لها انكماشات وانتفاخات حتى ُيستنفذ معظم الهليوم داخلها.
وهنا تهمد اإلندماجات النووية وال يبقى في أتون الشمس ما يمنع أجزائها من
االنكماش واالجتماع فتحصل املرحلة األخيرة لها وذلك باالنكماش العظيم ألجزائها
البعض على البعض اآلخر ونسمي هذه املرحلة التكوير ،حيث تتحول الشمس إلى
جرم صغير قطره أقل من قطر كرة األرض إذ يبلغ بحدود 5000كيلومتر! وتسمى
الشمس عند هذه الحالة قزم أبيض ،White Dwarfويبقى جزء من غالف
ً ً
الشمس الخارجي يذهب مبتعدا في الفضاء مؤلفا ما ُيسمى السديم الكوكبي
.Planetary Nebulaتذكرنا هذه الحالة بقوله تعالى
ْ ُ َّ َ
(التكوير)1: س ك ّ ِو َرت)
(إذا الش ْم ُ
ِ
فالتكوير في اللغة ضم الش يء بعضه إلى بعض ويكون في دور .وفي حالة تكورّ
ً
الشمس إلى حالة القزم األبيض تزداد سرعة دورانها املحورية كثيرا.
وتبقى الشمس على هذه الحالة املستقرة إلى ماشاء هللا لها إن بقي الكون على
ً ً
حاله ،تشع ضوءا أبيض خافتا ،ال يكاد يرى من مكان بعيد .واملعروف أن النجوم
ذوات الكتل املقاربة لكتلة الشمس هي التي تتحول إلى أقزام بيض وقليل منها ما
يتحول إلى قزم أبيض مستقر إذ أن الكثير من األقزام البيض ربما طرأت عليه
تحوالت أخرى أدت إلى استمراره على حالة من الالإستقرار .لكن شمسنا هذه تؤول
َ ُ َّ ْ ُ َ
س ت ْج ِري ِمل ْس َت َق ّ ٍر ل َها إلى قزم أبيض مستقر .قال هللا تعالى في الكتاب العزيز :والشم
ْ ْ َ َ
ذ ِل َك ت ْق ِد ُير ال َع ِز ِيز ال َع ِل ِيم(ّ يـس)38:
178
جدول ( )1-6معلومات عامة عن الشمس
القمر
القمر هو أقرب األجرام السماوية إلينا ،وهو الجرم السماوي الوحيد الذي
نستطيع أن نرى تضاريسه بالعين املجردة ،والقمر هو تابع لألرض يدور حولها في
مدار اهليجي دورة كاملة كل شهر .وكان وال يزال محط اهتمام اإلنسان ،فهو الجرم
األهم بالنسبة لألرض بعد الشمس ،يض يء الليل األدهم ويحرك ماء البحار
ً ً ً
واملحيطات مدا وجزرا ،لكنه يتميز بانعدام الفعالية على سطحه فضال عن انعدام
ً ً
الغالف الجوي مما جعله عاملا ميتا خال من الحركة منذ أول نشأته.
179
الشكل ( )10-6صورة القمرفي طورالبدر
يدور القمر حول األرض في مدار اهليجي ويبلغ متوسط بعده عنها بحدود
384000كم وتبلغ كتلة القمر حوالي 0.01من كتلة األرض ومعدل كثافته هي
3.34غم/سم 3مما يدل على احتوائه على لب كثيف .وتبلغ سرعة االفالت عن
سطحه 2.4كم/ثا.
وصف القمر
المظاهر السطحية:
يالحظ الراصد أن سطح القمر يتميز بوجود مناطق قائمة مستوية على حين
تظهر املناطق الساطعة مغطاة بحفر دائرية كبيرة تسمى الفوهات البركانية ،ولهذه
الفوهات حواف مرتفعة ،ويتراوح قطر هذه الفوهات ما بين سنتيمتر واحد إلى
240كيلو متر كفوهة كالفيوس ،وتتوافر مراكز بعض الفوهات الضخمة على
قمم جبلية.
180
ا
تسمى املناطق القائمة الضخمة بحورا ،Mariaإال أنها بحار خالية من املاء
ً ً ً
تماما ولم يكن فيها يوما أي قطرة ماء إال أن الفلكيين القدامى أسموها بذلك ظنا
ا ً
منهم أنها بحور فعال .وتسمى املناطق املحيطة بالبحار القمرية هضابا ،highlands
ويتفاوت سطوع البحور والهضاب الختالف أنواع الصخور التي تتركب منها،
فالبحور القمرية تتألف من صخور بازلتية قاتمة غنية بالحديد واملغنيسيوم
وسليكات التيتانيومّ ،أما الهضاب القمرية فتتألف بشكل رئيس ي من معدن
األنورثوسيت وهو نوع من الصخور الغنية بالكالسيوم وسليكات األملنيوم ،وصخور
ً
الهضاب القمرية أقل كثافة من صخور البحار القمرية وأقدم عمرا منها ،وتكثر
الفوهات البركانية في الهضاب القمرية حتى يتداخل بعضها مع بعض ويمكن
للراصد باستخدام مرقب بسيط مالحظة هذه الخاصية على سطح الهضاب ،فيما
ً
تكون الفوهات البركانية في البحور القمرية قليلة جدا وصغيرة .كما يتبين للراصد
ً
أيضا وجود أخاديد قمرية Rillesيبدو أنها نشأت نتيجة تدفق حمم بركانية
قديمة ،كما تنتشر أخاديد مستقيمة على سطح القمر ويبدو أنها نشأت عن تشقق
القشرة الخارجية.
بنية القمر
ً
تغطي سطح القمر عموما تربة غبارية ناعمة سمكها بضع سنتيمترات تكونت
من فتات الصخور والنيازك الساقطة على سطحه ،وهنالك الصخور النارية
ً
(البازلتية) التي نتجت عن الالفا البركانية التي بردت تدريجيا بعد ظهورها إلى سطحه
وهي طبقة رمادية من أصل بركاني ،وهنالك نوع آخر من الصخور تدعى بريشيا
Breceiaوهي بيضاء اللون مكونة من الكربونات املعدنية تكونت بالتحام أجزاء
صغيرة من الصخور القديمة بعوامل الضغط الناتج عن تصادمات النيازك.
ويبين التحليل الكيماوي لصخور وتربة القمر ما يلي :أن نسب الوفرة الطبيعية
لنظائر بعض العناصر الموجودة في القمر مشابهة لنسبها في صخور األرض .وأن نسب
الوفرة الطبيعية لنظائر األوكسجين هي نفسها التي في تربة األرض مما يدل على أن
181
القمر واألرض قد تكونا من نفس المادة وفي نفس الموقع من المنظومة الشمسية .كما أن
نسب الوفرة الطبيعية لنظائر العناصر المتطايرة (كاليود مثالً) أقل مما هي على األرض،
وربما يعزى ذلك إلى تطايرها من سطح القمر لعدم وجود ضغط جوي .وقد وجد بطريقة
التأريخ النووي أن عمر الصخور القمرية هو حوالي 3.7مليار سنة .وهذا أقل من عمر
صخور األرض بقليل.
طبقات القمر
كشف التحليل الزلزالي أن القمر يتألف من ثالث طبقات هي:
.1القشرة Crust: :ويبلغ سمكها في الوجه املواجه لألرض حوالي 65كم
بينما يبلغ ذلك في منطقة الوجه املعاكس 150كم .وتتركب القشرة من صخور
سيليكانية غنية نسبية باألملنيوم وفقره بالحديد.
.2الوشاح Mantle :ويبلغ سمكها بحدود 900كيلو متر وتتألف من
طبقتين :طبقة الليثوسفير :وهي غالف صلب يبلغ سمكه حوالي 700كم
182
طبقة األسثينوسفير :وهي غالف شبه مصهور يعتقد أنه غني بالحديد .ويبلغ
سمكه حوالي 200كم.
.3اللب Core:ويبلغ سمكه حوالي 500كم وهو أقل كثافة من لب األرض،
ً
وليس للقمر لب منصهر ودرجة حرارة لب القمر أقل كثيرا من حرارة لب األرض
الختالف كتلته.
يبلغ معدل كثافة مادة القمر حوالي 3.3غم/سم 3وهذه أقل من معدل
كثافة األرض البالغة حوالي 5غم/سم.3
الغالف اجلوي للقمر
ال يحجب سطح القمر أية سحب غبارية أو ضباب ،كما ال يشير تحليل ضوء
الشمس املنعكس عن سطحه إلى وجود أي أثر للغازات ،مما يعني انعدام الغالف
ً
الغازي للقمر ،لذلك فإن درجة الحرارة على سطح القمر ترتفع ارتفاعا غير عادي
ً ً
خالل النهار وتنخفض انخفاضا شديدا خالل الليل دون أن تهب أية رياح في أي
ً
وقت ،لذلك يتبع القمر تحت سماء مظلمة هادئا بال حراك.
يعزى انعدام الغالف الجوي للقمر إلى سببين:
ً ً
برودة باطن القمر مما جعل النشاط البركاني فيه معدوما ونظرا ألن النشاط
البركاني هو من أهم مصادر تكوين الغالف الغازي وتجديده ،فإن انعدام هذا
النشاط على القمر إنما يؤدي إلى انعدام غالفه الغازي.
ّ
وحتى لو تكون للقمر في بدء نشأته غالف غازي فإن ضعف جاذبية سطحه
كانت ستؤدي بالضرورة إلى عدم بقاء مثل هذا الغالف مدة طويلة ،إذ أن الغازات
املحيطة بالقمر كانت ستتسرب إلى الفضاء الخارجي بسبب ضعف جاذبيته.
183
وهكذا يمكن القول أن آثار أقدام رواد الفضاء الذي زاروا القمر عام
1969ستبقى في أماكنها دون أي تغيير ملاليين السنين ما لم تسقط عليها شهب
السماء متغير من مالمحها.
منشأأ القمر
كان لعلماء الفلك قبل رحالت أبولو Apolloاالستكشافية ثالث نظريات
حول نشأة القمر ،وهذه هي:
.1نظرية األسر:Capture Theory
ً ّ ً
وتتلخص هذه النظرية بافتراض أن القمر كان كوكبا صغيرا تشكل في نفس
ً
الوقت الذي تشكلت به كواكب املنظومة الشمسية ونظرا لقرب هذا الكوكب
ً
الصغير من األرض فقد أسرته جاذبية األرض وجعلته تابعا لها.
.2نظرية التوائم :Twin Formation Theory
ً ً
وهذه النظرية تفترض نشوءا اقترانيا للقمر مع األرض من السحابة الغازية
التي تألفت منها كواكب املنظومة الشمسية.
.3نظرية االنفصال :Separation Theory
وهذه النظرية تذهب إلى أن األرض في أول نشوءها كانت كرة لينة منصهرة
تدور بسرعة فتشكل من دورانها السريع انتفاخ في سطحها ما لبث أن انفصل عنها
ً
وأصبح تابعا لها في مدار حولها.
إن لهذه النظريات الثالث تنبؤات مختلفة حول بنية القمر ،فلو كان القمر
ً ً ً ُ
كوكبا ثم اسر بجاذبية األرض القتض ى ذلك أن يكون تركيبة مختلفا تماما عن
ً
تركيب األرض ،ولو كان القمر واألرض توأمين فإن تركيبهما ال بد وأن يكون متشابها
ً ً ً ً
تماماّ .أما لو كان القمر يوما جزءا من األرض فال بد أن يكون تركيب القمر مطابقا
لتركيب األرض.
184
لقد كشفت األبحاث التي جرت حول العينات التي جلبتها رحالت برنامج أبولو
ً
االستكشافية أن بعض العناصر في تربة القمر وصخوره مماثلة تماما لتلك التي في
ً ً
قشرة األرض على حين أن عناصر أخرى وجدت مختلفة اختالفا جذريا ،وعلى
سبيل املثال وجد أن تربة القمر غنية بالعناصر ذوات درجات االنصهار العالية
كالذهب فيما خلت مادة صخوره من املواد ذوات درجات االنصهار الواطئة كاملاء.
ً
فضال عن ندرة الحديد في صخور القمر مقارنة بصخور األرض.
ً
أكدت هذه الوقائع أن أيا من النظريات الثالثة سالفة الذكر ال تقدم صورة
صحيحة من نشأة القمر مما حمل علماء جيولوجيا القمر على التفكير بفرضيات
بديلة ،وبحسب أحدث هذه الفرضيات يكون القمر قد نشأ عن أنقاض تطايرت
من األرض نتيجة اصطدام جرم سماوي بحجم كوكب املريخ مع األرض الفتية التي
كان عمرها وقد ذاك حوالي 2مليار سنة وتال االصطدام انصهار الجرم الصادم
وتبخر كميات هائلة من صخور سطح األرض ما لبث أن اندفعت إلى الفضاء
ً
وبصورة سحابة متوهجة ،ولدى تبرد الشظايا أدت الثقالة دورا أساسيا في تجميع
تلك الشظايا لتكوين القمر الذي نراه اليوم.
إن نظرية الوالدة العنيفة هذه تفسر عدة أمور غريبة تتعلق بخواص تربة
القمر إذ أن التصادم العنيف يؤدي إلى تبخير املواد ذوات درجات االنصهار الواطئة
ً ً
ويبددها مخلفا وراءه قليال من املاء والعناصر ذوات درجات االنصهار العالية ،وقد
أظهرت نماذج املحاكاة الحاسوبية لحادثة كهذه أن الصخور السطحية فقط هي
التي ستتطاير تاركة لب األرض الحديدي دون أذى مما يفسر ندرة عنصر الحديد في
الصخور القمريةّ ،أما املدار الذي تتخذه تلك الصخور والشظايا املتطايرة
واملتجمعة على بعضها البعض فيعتمد على متغيرات زوايا التصادم والحركات
(الزخوم) وال عالقة لها حينئذ بمستوى خط االستواء األرض يّ ،أما التشابه امللحوظ
ً
في تربة القمر وصخوره مع تربة وصخور األرض فمرده أن جزءا من مادة القمر
185
ً
مصدرها األرض وما تطاير من شظايا عن قشرتها بينما يكون االختالف مردودا إلى
مادة الجرم الصادم.
ً
كما أن هذه النظرية نفسها تفسر أيضا سبب اختالف محور دوران األرض
ً
حول نفسها بشدة ( 23.5درجة) خالفا لحالة الكواكب عطارد والزهرة واملشتري
ُ
وأماله بمقدار وزحل باعتبار أن التصادم العنيف قد زحزح األرض عن محور دورانها
محسوس.
186
الفصل السابع
ا ألرض
187
ا ألرض وحراكهتا
لم يكن اإلنسان ليعلم بشكل األرض وال بحركاتها إال بعد عشرات آالف
السنين من وجوده عليها .فقد تصور اإلنسان األرض مساحة مسطحة ممتدة
ً ً
امتدادا ال نهائيا .ثم وبعد أن اكتشف سعة املناطق التي تغطيها املياه وإحاطتها
باألرض من كل جهة توجه إليها ،ظن اإلنسان أن األرض طافية على سطح ذلك
البحر املحيط .وظنه أنها قبة إنما جاء من مالحظته تحدب سطحها .أما حركات
األرض فلم يعرف بها الساكن على سطحها إال منذ عهد قريب ،وذلك ألن مساحة
األرض كبيرة وكتلتها عظيمة مما يجعل قصورها الذاتي (املمانعة التي يبديها الجسم
ً
لتغيير حالته الحركية) كبيرا ،وهذا مما يمنع حصول تغيرات مفاجئة وسريعة في
حركات األرض ،لتبدو مستقرة هادئة وادعة بمن فيها وعليها.
فيما يلي من الفقرات
ً
سنقدم عرضا للمعارف
املعاصرة عن شكل األرض وعن
حركاتها موضحين في الوقت
نفسه ،ما أمكننا ذلك ،وسائل
التوصل إلى هذه املعارف.
كروية األرض
األرض جسم كروي
الشكل بالتقريب ولو ظن
البعض أنها جسم بيضوي لكان
الشكل ( )1-7األرض كما تبدو من الفضاء في ذلك بعض املبالغة ،فهي على
ً
الحقيقة كرة مفلطحة قليال
عند محيط استوائها .لذلك صار لألرض قطبان أحدهما شمالي واآلخر جنوبي،
188
ولكي نعرف مقدار التفلطح على حقيقته نقول أن املسافة من مركز األرض إلى أحد
ً
قطبيها تبلغ 6357كيلومترا فيما تبلغ املسافة من املركز إلى محيط استوائها
ً ً
6378كيلومترا أي بفارق مقداره 21كيلومترا وهذا يشكل ما نسبته %0.3فقط،
وهذه نسبة ضئيلة.
ولم يكن من السهل أن يؤمن الناس بكروية األرض لوال أن قامت أدلة كثيرة
ً
على ذلك ،ينسبها املؤرخون إلى أرسطو طاليس وهي ليست جميعا له .فإن األمم
القديمة استدلت على كروية األرض من ظواهر الخسوف ،ففيها يسقط ظل األرض
ً
على القمر وبذلك تبينوا شكلها .فضال عن دليل تقوس سطح األرض امللحوظ
ً
بداللة ظهور أشرعة السفن للناظرين بعيدا في البحر قبل ظهور أجسامها .وقد
ً
تمكن اإلنسان مؤخرا من تصوير األرض من خارجها في الفضاء وهي على ما ترى في
ً
الشكل ( )1-7شبه كرة تامة التدوير .ورغما عن ذلك فإن بعض الجهال ال زالوا
يعتقدون أن األرض مسطحة كقرص.
قياس حميط ا ألرض
حساب اليونان:
ً
وهو أول حساب مشار إليه في الوثائق التاريخية املتوفرة حاليا .إذ ُيذكر أن
ايراتوسثينس( 194-276ق.م) Eratosthenesالذي كان يعمل في مصر عام 200
ً
قبل امليالد ،الحظ اختفاء ظل الشاخص القائم عموديا على األرض في مدينة
أسوان وقت الظهيرة في يوم 21حزيران (أي وقت االنقالب الصيفي)( ، )1بينما وجد
أن ظل أي شاخص آخر قائم على األرض في مدينة اإلسكندرية وفي الوقت نفسه
يصنع زاوية قدرها 7درجات مع العمود القائم .وهذا يعني أن أشعة الشمس
) (1ويقال أنه كان ينظرفي بئرعميقة فوجد صورة الشمس في قعرها فعلم أن الشمس صارت عمودية على
ذلك اْلوقع.
189
ً
تسقط عمودية تماما على سطح األرض في مدينة أسوان يوم 21حزيران بينما
تميل بزاوية قدرها 7درجات مع العمود على سطح األرض في مدينة اإلسكندرية
(أنظر الشكل .)2-7
190
ً
تذكر أنه كان مقصورا على قياس ظل العمود وقت االنقالب الصيفي في مدينة
اإلسكندرية ولم يحسب هو محيط األرض.
قياس بعثة المأمون:
أخذت دراسات علم الفلك االتجاه الصحيح على عهد املأمون بن هارون
الرشيد (ت 218هـ833/م) حيث دعم هذا الخليفة العلم وأمد العلماء باملال
الالزم إلجراء دراساتهم وأبحاثهم كما شجع ترجمة الكتب من اللغات السريانية
ً
واليونانية والفارسية والهندية ،وكان مولعا بعلم الفلك وأمر ببناء املرصد املأموني
شرق بغداد وجهزه بما يحتاج من أدوات للرصد الفلكي .ويقال أن املأمون كان
يحضر بعض مجالس العلم في هذا املرصد .وقد أصبح علم الفلك في ذلك العصر
علية القوم .ومن أشهر إنجازات عهد املأمون في الفلك قياس محيط مثار اهتمام ّ
األرض .فقد أرسل املأمون بعثة علمية (يقال أنها ضمت أبناء موس ى بن شاكر
املنجم ويقال غيرهم) إلى برية جبل سنجار غربي مدينة املوصل بالعراق ،فقامت
هذه البعثة بقياس ميل نجم القطب الشمالي عن األفق من موقع معين فوجدوه
ً ً
35درجة ،فضربوا وتدا في ذلك املوقع .ثم تحركوا شماال من موقع الوتد بعد أن
ً ً
ربطوا حبال فيه .وظلوا يمشون شماال ويربطون الحبال إلى أن أصبحت زاوية ميل
نجم القطب تزيد درجة واحدة عن املوقع األول (أي أصبحت 36درجة) ،ثم كرروا
ً
القياس إلى جهة الجنوب من املوقع األول ولفترة درجة واحدة أيضا… ثم قاسوا طول
الحبال التي تعدل درجة واحدة من درجات محيط األرض فكان متوسط طول
الحبال هو 56.6ميل عربي .وبذلك وجدوا أن محيط األرض ( 360درجة) يكون
ً
حوالي 20400ميل عربي وملا كان امليل العربي يساوي 1973.2مترا ،لذلك فإن
محيط األرض وفق هذا الحساب يكون 40252.8كيلو متر .وهذا التقدير أقرب
إلى الصحة من قياسات اليونان.
191
دوران األرض حول الشمس
ً
تدور األرض حول الشمس دورة واحدة خالل مدة قدرها 365يوما وربع
اليوم بالتقريب .وخالل هذه الفترة تمر على األرض الفصول األربعة .ولم يكن الناس
ليؤمنوا أن األرض تدور حول الشمس بسهولة ويسر وذلك لظنهم أن حركة األرض
ستؤدي إلى اضطراب ما عليها كما تضطرب األشياء على سطح السفن عندما تمخر
ً ً
عباب البحار .لذلك فقد تأخر إدراك اإلنسان هذه الحقيقة وقتا طويال
األدلة على دوران األرض حول الشمس
.1ظاهرة اختالف المنظر :Parallax :وقد تم شرح هذه الظاهرة في الفصل الرابع.
.2زيغ ضوء النجوم :اكتشف برادلي أن الضوء القادم من النجوم يعاني تزّيحاً بسبب
حركة األرض حول الشمس .وهذه الظاهرة مماثلة لحالة حركة قطرات المطر الساقطة
عمودياً على سطح األرض .حيث تظهر هذه
القطرات لشخص يسير بسرعة معينة ساقطة
بصورة مائلة بزاوية تتناسب طردياً مع سرعة
إن نفس الظاهرة تحصل لضوء الشخص.
النجوم الساقط علينا عمودياً من القبة
السماوية ،مما يؤدي إلى ظهور النجوم التي
تقع على استقامة الخط العمودي المقام على
مستوي الدائرة الكسوفية تزيغ عن مواقعها في
دائرة صغيرة جداً لتدور دورة واحدة في السنة.
192
هو اإلصطالح اإلسالمي) أما لو أننا رصدنا عبور نجم ما لخط الزوال وقسنا املدة
الزمنية بين عبورين متتاليين لوجدنا أن هذه املدة هي 23ساعة و 56دقيقة
بالتقريب .وتسمى هذه املدة اليوم النجومي ،Sidereal Dayوهي املدة الالزمة لكي
ً ً
يقابل موقع ما على سطح األرض موقعا معينا (موقع أي نجم) في كرة السماء مرتين
متتاليتين.
من الدالئل العملية املباشرة على دوران األرض حول نفسها حركة بندول
فوكو .Focault Pendulumفهذا البندول الفرنس ي إخترعه جين برنارد فوكو عام
1851م ،وهو عبارة عن كتلة كبيرة معلقة بخيط (أو سلك) طويل من سقف
ً
مرتفع ،بحيث يكون احتكاك الخيط عند نقطة التعليق قليل جدا (شبه معدوم)
ً
ليتحرك البندول حركة شبه حرة جيئة وذهابا .وبسبب القصور الذاتي الذي تملكه
كرة البندول لعظم كتلتها ،فإنها تتحرك بزخم يجعلها تحافظ على خط مسارها دون
تغيير .فإن كانت نقطة التعليق حرة فإن الكرة لن تغير إتجاه مسارها ولن تتأثر
بحركة األرض .وفيما تدور األرض تؤشر حركة البندول التغير الحاصل في إتجاه
البندول نفسه نسبة إلى األرض تحته ( أو حركة األرض تحته نسبة إلى إتجاه
حركته) .هذه الحركة النسبية تؤكد دوران األرض حول نفسها .وتتوفر في العديد من
جامعات العالم ومتاحفه الكبيرة نماذج لهذا البندول.
إن توالي الليل والنهار على األرض لهو دليل على دورانها حول نفسها ،وإن كان
ً
إدراك اإلنسان لهذه الحقيقة قد جاء متأخرا على الرغم من وجود إشارات قرآنية
َْ
عديدة تستفز اإلنسان إلى التفكر في هذه الظاهرة وأولها قوله تعالى(ِ :إ َّن ِفي خل ِق
اب)(آل عمران.)190: َْ َ ُ اخ ِت ِ َّ ْ َ َّ َ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ
الف اللي ِل والنه ِار آليات ألولي األلب ِ ضو ات واألر ِ
السماو ِ
َ ْ َ ّ ُ َ ّ ُ َّ ْ َ َ َ َّ
الن َهار َو ُي َك ّو ُر َّ
الن َه َار َعلى َ ََ َ
ِ ات واألرض ِبالح ِق يك ِور الليل على ِ وقوله تعالى(:خلق ال َّس َماو ِ
َ َّ ْ َ َ َّ َ َّ ْ َ ْ َ ُ
س َوالق َم َر ك ٌّل َي ْج ِري أل َج ٍل ُم َس ّم ًى )(الزمر :من اآلية)5 اللي ِل وسخر الشم
193
طلبه َحِّثيثاً وا َّ
لش ْم َس َواْلَق َم َر وقوله تعالى :ي ْغ ِّشي اللَّْي َل النَّ َه َار َي ْ
َ
ِّ ٍ
ينَّللا َر ُّب اْل َعاَلم َ
ك َّوم م َس َّخ َرات ِّبأ َْم ِِّّره أَال َله اْل َخْلق َواأل َْمر تََب َار َ ُّ
َوالنج َ
(ألعراف :من اآلية)54
194
الشكل ( )3-7ترنح محوراألرض
195
الشكل ( )4-7يوضح دوران محوراألرض خالل 25725سنة
197
ً ً ً ً
البحار أغنى كثيرا من اليابسة كما ونوعا .وتلعب هذه املساحة الهائلة من املياه دورا
ً ً
كبيرا في شخصية األرض الكونية ،فليس معروفا حتى اآلن أية كواكب أخرى تحوي
ً
مياها سطحية.
التكوين الداخلي لألرض
أجريت دراسات سيزمولوجية معمقة على باطن األرض ويقرر العلماء أن
باطن األرض مؤلف من الطبقات التالية:
.1القشرة :Crust
وتشمل على سطح األرض الخارجي الصلب وقيعان البحار واملحيطات ويبلغ
سمكها 5كيلو مترات تحت قاع البحر ّأما في املناطق القارية فإن سمكها يبلغ 48
ً
كيلو مترا.
.2الوشاح :Mantle
ً
ويمتد حتى 2880كيلو مترا تحت سطح األرض وهي مكونة من السيليكات
الغنية باملغنيسيوم والحديد .ويسمى الحد الفاصل بين القشرة والوشاح حاجز
املوهو.
.3اللب :Coreويقسم إلى قسمين
أ -اللب الخارجي :Outer Core
يتراوح عمقه ما بين 5100-2900كم ويعتقد بأنه مكون من النيكل
والحديد في حالة سائلة والذي يؤدي دورانه إلى توليد املجال املغناطيس ي لألرض.
Inner Core ب -اللب الداخلي
وهو كروي الشكل نصف قطره حوالي 1280كم ويعتقد بأنه مكون من
الحديد والنيكل في حالة صلبة.
198
يدل وجود املعادن الثقيلة في لب األرض على أنها كانت منصهرة في وقت سابق
ثم حصل أن بردت بسبب تسرب الحرارة إلى الفضاء الخارجي وتجمدت املواد
ً ً
املنصهرة تدريجيا وترسبت العناصر األثقل أوال ثم األخف فاألخف عبر عملية
تفاضلية .Differential Processوتزداد درجة حرارة باطن األرض كلما توغلنا
داخلها بمعدل درجة واحدة لكل 30متر.
تبلغ كثافة القشرة األرضية 3.0غم/سم 3وكثافة طبقة الوشاح 3.5
غم/سمّ ،3أما اللب فتبلغ كثافته 15غم/سم .3أما متوسط الكثافة فيبلغ
5.5غم/سم.3
199
شرق كرينج ويرمز لها بالحرف Eو 180أخرى غرب كرينج ،ويرمز لها بالحرف .W
ّ
أي أن كل خط طول إنما يولف درجة قوسية واحدة .وملا كان طول اليوم الشمس ي
هو 24ساعة فإن املسافة الزمنية بين خطين متتاليين هي 4دقائق .أي أن عبور
ً ً
الشمس 15خطا طوليا يتم خالل ساعة واحدة .لذلك تمت اإلفادة من خطوط
ً
الطول هذه لتقسيم العالم إلى مناطق زمنية ،Time Zonesكل منها تمثل 15خطا
ً
طوليا أي فرق زمني قدره ساعة واحدة .لذلك أصبح توقيت كرينج مثابة للتوقيت.
وبموجبه يتم تعريف التوقيت الدولي .Universal Time
لكن تحديد أي موقع على سطح األرض يحتاج إلى بعد آخر لتعريفه .لذلك تم
ً ً
تقسيم كرة األرض إلى خطوط عرض جملتها 180خطا 90 ،خطا منها شمال خط
االستواء ويرمز لها بالحرف ( Nأي شمال) و 180أخرى جنوب خط االستواء ويرمز
لها بالحرف ( Sأي جنوب) .وبهذا تكون املثابة الصفرية لخطوط العرض هي خط
االستواء .كما تم تسمية خط العرض 23.5شمال الذي تشرق الشمس عنده يوم
االنقالب الصيفي مدار السرطان ألن الشمس تكون في ذلك الوقت في أول برج
السرطان .وسمي خط العرض 23.5جنوب الذي تشرق الشمس عنده يوم
االنقالب الشتوي مدارالجدي ألن الشمس تكون فيه في أول برج الجدي.
وبالخالصة يتم تحديد أي موقع على سطح األرض بداللة رقمين أحدهما
لخط الطول Longitudeواآلخر لخط العرض ،Latitudeواليك أمثلة منها في
الجدول ( .)1-7ولقد أمكن باستخدام التقنيات الفضائية اآلن تخصيص منظومة
كاملة من األقمار الصنعية ألغراض املالحة تسمى Global Positioning System
تجوب الفضاء من أجل مساعدة املركبات والسفن والطائرات في البر والبحر والجو.
ويمكن اآلن باستخدام جهازصغير بحجم الكف ،يلتقط اإلشارات من األقمار
الصنعية ،أن يحدد موقعك على األرض وبدقة عالية أينما كنت .فال تحتاج لدليل
في مجاهل الصحراء بعد اآلن إذا امتلكت مثل هذا الجهاز وخارطة دقيقة.
200
جدول ( )1-7خطوط الطول والعرض لمدن مشهورة
وتمتد من سطح األرض حتى ارتفاع 11كم وفيها تحدث معظم تقلبات
الطقس وفيها تنخفض درجة الحرارة مع اإلرتفاع بمعدل 6درجة إلى 7درجة مئوية
لكل كيلو متر.
Stratosphere .2الستراتوسفير
وتعرف بالطبقة الهادئة وتمتد من ارتفاع 11كيلو متر حتى ارتفاع 50كيلو
متر فوق سطح البحر ،وحرارتها ثابتة في املناطق السفلى منها وتزداد مع االرتفاع،
وتصلح هذه الطبقة للطيران التجاري ،ويقل بخار املاء فيها ،ويتكون غاز األوزون
بكثرة في مناطقها العليا باتحاد ثالث ذرات أوكسجين مع بعضها.
.3طبقة اْليزوسفير Mesosphere
ً ً
وتمتد من 50كيلو مترا حتى 85كيلو مترا فوق سطح البحر وتتميز
بتناقص مضطرد في درجات الحرارة مع االرتفاع حتى تصبح درجة الحرارة أعلى
الطبقة بحدود 90درجة مئوية تحت الصفر ،وهذه هي أقل درجة حرارة في الغالف
الجوي.
.4األيونوسفير Ionosphere
وسمكها يتراوح ما بين 80إلى 700كيلو متر وتحتوي على كميات وفيرة من الذرات املتأنية بسبب
األشعة فوق البنفسجية واألشعة السينية القادمة من الشمس التي تؤين ذرات الغالف الغازي .وتتميز هذه
الطبقة بأنها تعكس االشعاعات الراديوية ،مما يساعد على نقل األمواج الراديوية على األرض.
202
طبقة األكسوسفير Exosphere
تبدأ هذه الطبقة عند الحدود العليا لأليونوسفير وتمتد نحو حتى ارتفاع
35000كيلو متر .وتتميز هذه الطبقة بقلة كثافة الهواء فيها بشكل يجعل
ً
جزئياته تتحرك مسافات كبيرة جدا قبل أن تتصادم مع بعضها ،وفي الحدود العليا
من هذه الطبقة تتمكن جزئيات الغالف الجوي من اإلفالت إلى الفضاء الخارجي،
فتبتعد إلى غير رجعة.
وبالجملة يمكن القول أن الغالف الجوي الفعال يمتد إلى ارتفاع بحوالي 200
ً
كيلومتر ،بعدها تكون كثافة الهواء قليلة جدا .يولد عمود الهواء املتمثل بالغالف
ً
الجوي لألرض ضغطا على سطح األرض يبلغ حوالي 1كيلوغرام لكل سنتيمتر مربع
عند سطح البحر .ويقل الضغط الجوي مع االرتفاع.
تطور الغالف الغازي ل ألرض
كان الغالف الغازي لألرض في أول عهد تكوينها يتألف من الغازات الخفيفة
الشائعة في النظام الشمس ي وهي غازات الهيدروجين والهيليوم وامليثان واألمونيا
وبخار املاء .لكن معظم هذه الغازات الخفيفة هربت من جو األرض بفعل ارتفاع
درجة الحرارة وضعف جاذبية األرض حيث تبلغ سرعة االفالت عن سطحها بحدود
11كيلومتر في الثانية.
لكن البراكين التي كانت نشطة على سطح األرض زودتها بغالف جوي جديد
غني ببخار املاء ويتألف من ثاني أوكسيد الكربون وثاني أوكسيد الكبريت ومركبات
ً
النتروجين .وحين بردت األرض تدريجيا تكاثفت كيات الهائلة من بخار املاء وتحولت
إلى بحار ومحيطات تغطي أكثر من ثالثة أرباع سطح األرض .وهكذا ذابت كميات
كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون وثاني أوكسيد الكبريت في تلك املياه .كما اتحد قسم
منها مع الصخور .أما بالنسبة لألوكسجين الذي كان يخرج من البراكين فإنه سرعان
ً
ما كان يتحد مع املعادن األخرى التي في قشرة األرض مكونا األكاسيد املختلفة .وقد
203
أدت األشعة لكونية من تحرير النتروجين من املركبات الكيمياوية التي تحتويه
وبالتالي أدى ذلك إلى زيادة نسبته في الغالف الغازي وقيامه بتثبيط معدالت
األكسدة .مما أتاح للجزء املتبقي من األوكسجين بتزويد التكوين النبتي واألشنات
الهائلة في البحار واملحيطات بالطاقة وهذه بدورها صارت تنتج األوكسجين في
عمليات التركيب الضوئي .هذه الوفرة األوكسجينية أدت إلى تكوين طبقة من غاز
األوزون وهو عبارة عن جزيئات ثالثية من األوكسجين .فقامت طبقة األوزون بتقليل
كثافة األشعة الكونية وباتالي توفير الحماية الالزمة للنشاط الخلوي الحيوي .مما
أدى إلى انتشار الحياة النباتية على سطح األرض وتطورها بشكل سريع .وعلى هذا
يعتقد علماء البيئة أن معظم األوكسجين املتوفر في جو األرض هو نتاج لتطور
الحياة على سطح األالض ،وليس العكس كما يظن املرء ألول وهلة.
ينطبق الوصف آنف الذكر على ما حصل للغالف الغازي لكوكبي املريخ
والزهرة .ولهذا السبب نجد أنه في كال الحالين لدينا وفرة كبيرة في غاز ثاني أوكسيد
الكربون .ولربما كان قرب الزهرة من الشمس سببا في هروب جزيئات بخار املاء من
جوها مما أدى بالتالي إلى غياب املحيطات على سطحها .أما بالنسبة للمريخ فلربما
كانت النسبة القليلة من املياه املتوفرة فيه قد غارت إلى أعماقه لبرودة سطحه
حيث ال تتحقق دورة للمياه عليه كما هو الحال على األرض.
فضائل الغالف الغازي ل ألرض
ً
إن للغالف الجوي الذي يحيط باألرض فوائد مهمة جدا هي في معظمها
تستهدف حماية األرض من أخطار الفضاء وهذا دليل على العناية اإللهية باألرض
بسبب كونها مهد الحياة . .وتتلخص هذه من هذا إلى أن الغالف الجوي يحفظ
األرض من املخاطر التالية:
(الكسف) الحارقة وذلك بتبخير معظمحماية األرض ومن عليها من النيازك ِ
كتلتها في الغالف الجوي بسبب االحتكاك مع جزيئات الهواء.
204
املسببة X- حفظ األرض من أخطار األشعة الفوق البنفسجية وأشعة
للسرطان وذلك بامتصاصها في طبقة األوزون.
حفظ األرض من خطر الرياح الشمسية التي هي أيونات سريعة قاتلة ،وذلك
بواسطة املجال املغناطيس ي لألرض.
ً
حفظ حرارة األرض من التبدد ليال بحبس األشعاعات تحت الحمراء .وإال
ً
لكان الفرق بين حرارة الليل والنهار كبير جدا وال يطاق.
نشر ضوء الشمس لتمكين الكائنات من إبصار األشياء بيسر.
وقد أشار سبحانه وتعالى إلى إلى دور النهار في نشر ضوء الشمس في اآليات
التالية:
205
لون السامء
وجد الفيزيائي رايلي أن جزئيات النتروجين واألكسجين في الهواء هي املسؤولة
عن لون السماء .ذلك أنه وجد أن نسبة الضوء املتشتت في الغالف الجوي لألرض
ً
تتناسب عكسيا مع القوة الرابعة للطول املوجي ،أي كلما قصر الطول املوجي كان
مقدار التشتت أعظم ،وملا كان أقصر طول موجي في النطاق املرئي هو األزرق ،فإن
هذا اللون يعاني أعظم تشتت لذلك تظهر السماء الصافية زرقاء.
ّأما عند غروب الشمس فإن السماء تبدو حمراء جهة الغروب خاصة،
وسبب ذلك أن الضوء القادم من الشمس يقطع مسافة كبيرة خالل الغالف
ً
الجوي الذي ُيشتت اللون األزرق بينما يكون اللون األحمر األقل تشتتا وبالتالي يمر
من الغالف الجوي دون أن يتشتت .لذلك تظهر السماء حمراء وقت الغروب.
ً
والغالف الجوي هو املسؤول أيضا عن ظاهرة ضوء الشفق عند الفجر قبل
شروق الشمس وبعد الغروب.
ظاهرة البيت الزجايج وارتفاع درجة حرارة ا ألرض
من املعروف أن وجود ثاني أوكسيد الكربون في الغالف الجوي لألرض يؤدي
إلى حبس االشعاعات الحرارية النافذة إليها من الشمس .وسبب ذلك هو أن حجم
جزيئة ثاني أوكسيد الكربون قريب من الطول املوجي لإلشعاعات الحرارية .وكلما
ارتفعت نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو تزايدت قدرته على حبس
االشعاعات الحرارية .كما أن هنتالك غازات أخرى يدخل فيها مركبات الكربون
ً
والفلور وتسمى جميعا املركبات الكلورية الفلورية الكربونية Chloro-Floro-
Carbonويرمز لها مركبات CFCهذه املركبات تسبب حبس االشعاعات الحرارية
في جو األرض مما يؤدي إلى حصول ما يسمى ظاهرة البيت الزجاجي Green House
، Effectوذلك ألن البيوت الزجاجية ُتحدث نفس التأثير .مما يؤدي بالتالي إلى
ارتفاع معدل درجة حرارة األرض والقضاء على كثير من األنشطة الحياتية ،النباتية
206
ً
والحيوانية ،عليها .فضال عن ذلك فن هذه املركبات تؤدي إلى تخريب طبقة األوزون.
وفعال فقد أدى تزايد استخدام مركبات CFCإلى إحداث ثقب في طبقة األوزون ً
فوق منطقة القطب الجنوبي .مما أدى إلى تزايد نسبة حصول سرطانات الجلد في
استراليا ونيوزيلندة.
لذلك قامت جهود دولية من أجل تقليص انتاج في جميع أنحاء العالم CFC
ً
وفعال أثمرت هذه الجهود عن نتائج طيبة على صعيد ترميم جزئي لطبقة األوزون.
ً ً
لكن ما يراد عمله على صعيد حماية بيئة األرض كثير جدا قياسا بما هو متحقق.
وسبب تدهور البيئة هو على الحقيقة اساءة الناس إليها من خالل جشعهم
ً
االستهالكي الشنيع واملتصاعد دائما وفق التربية الرأسمالية التي تحرص عليها
الرأسمال الجشع الذي ال يهتم إال بتراكم األرباح وتحقق دورة رأس املال بمعدالت
أعظم باستمرار .وهذا الهوس املادي الشيطاني لن يقود إال إلى الهالك والدمار ألن
االستهالك هو طلب الهالك .كما أن اإلستغفار هو طلب املغفرة وكما أن االستغناء
هو طلب الغنى.
تأأثري الغالف اجلوي عىل مواقع ا ألجرام الساموية
ً
نظرا ألن للغالف الجوي كثافة تتزايد كلما اقتربنا من سطح األرض فإنه يعمل
كوسط له معامل انكسار متغير يتزايد كلما اقتربنا من سطح األرض ،وهذا يعني أن
ً ً ً
مسار الضوء خالل الغالف الجوي سيكون منحنيا وليس خطا مستقيما مما يؤدي
بالنتيجة إلى ظهور األجرام السماوية في غير مواقعها األصلية ،ولهذا السبب ذاته
تظهر الشمس في األفق قبيل وقتها بدقيقتين وثلث الدقيقة .وكذا بالنسبة لوقت
ً
غروبها فهي تتأخر دقيقتين وثلثا أيضا ،مما يعني أن النهار في العادة يزيد بفترة 4
ُ
دقائق وثلثي الدقيقة عن وقته الحقيقي .هذه املالحظة مهمة جدا ًً لتحديد األوقات
الشرعية.
207
اجملال املغناطييس ل ألرض
تتصرف األرض جملة وكأنها قضيب مغناطيس ي أو كأن بداخلها قضيب
مغناطيس ي يمتد من الشمال إلى الجنوب بميل قدره 12درجة على محور دورانها،
ويعود أصل هذا املجال إلى وجود تيارات للحديد املنصهر املتأين في لبها الخارجي.
ً
والذي يخضع لحركة تدوير سريعة جدا ،ناشئة عن دوران األرض حول نفسها،
مما يؤدي إلى تولد تيارات كهربائية كبيرة .وبحسب قانون أمبير في املغناطيسية فإن
حركة التيارات الكهربائية تولد بالضرورة مجاالت مغناطيسية تتناسب شدتها مع
شدة التيار الكهربائي .وهذا ما يحصل في باطن األرض.
إن املجال املغناطيس ي يتغير مع الزمن ُويعتقد بأن املجال املغناطيس ي األرض ي
ً
يغير اتجاهه من الشمال إلى الجنوب وبالعكس كل خمسة آالف سنة تقريبا .ويقال
أن تغير املجال املغناطيس ي يحصل خالل فترة قصيرة إذ ينكمش املجال املغناطيس ي
إلى نقطة الصفر ثم يندفع ثانية وقد تغيرت األقطاب املغناطيسية أحدها مكان
ً
الثاني .وال أحسب هذا حاصال إال إذا توقفت التيارات األيونية الساخنة في باطن
األرض وحصل مثل هذه الظاهرة أمر عجيب .وفي الحقيقة ال يعرف لهذه الظاهرة
ً ً
سببا واضحا حتى اآلن.
ويمتد املجال املغناطيس ي األرض ي خالل النصف املحيط بها ليؤلف حزامين
مانعين من الجسيمات املؤينة ذات الطاقة العالية القادمة من الشمس ،والتي
ً
تسمى الرياح الشمسية ،فيجرفانها عن مساراتها حفظا لألرض من األذى الذي
يمكن أن تسببه هذه الرياح الشمسية .وتسمى هذه األحزمة أحزمة فان ألن Van
، Allen Beltsويوجد أولها (الداخلي) على بعد 3200كيلو متر واآلخر(الخارجي)
على بعد 16000كيلو متر من سطح األرض .توفر هذه األحزمة حماية لألرض من
َ َ َّ َّ َّ َ َ ُّ م َ َ َ
صاب َ
يح شر الجسيمات املتأينة وأذاها .يقول هللا تعالى :وزينا السماء الدنيا ِبم ِ
م م م ا َ َم
َو ِحفظا ذ ِل َك تق ِديرال َع ِز ِيزال َع ِل ِيم( فصلت :من اآلية.)12
208
فهذه األحزمة هي من الحفظ الذي قدره هللا تعالى لألرض.
209
الفصل الثامن
كواكب املنظومة الشمس ية
210
مدارات الكواكب
تتألف املنظومة الشمسية من الشمس واألجرام التي تطوف حولها .وأهم
هذه األجرام الكواكب السيارة التسعة وهذه الكواكب مرتبة بحسب بعدها عن
الشمس هي :عطارد ،الزهرة ،األرض ،املريخ ،املشتري ،زحل ،اورانوس ،نبتون،
ً
وبلوتو .وتشتمل املنظومة الشمسية أيضا على كويكبات ومذنبات وأقمار الكواكب
وغبار كوني وغازات .هذه هي أفراد األسرة الشمسية املعروفة اآلن .بعض هذه
الكواكب كرات صخرية جرداء وبعضها اآلخر مكون من جليد في معظمه ،والغالف
ً
الجوي لبعضها رقيق بارد جدا لذا تتبلور الغازات املوجودة وتبدو كالثلج على
سطوحها ،ولبعضها غالف جوي ذي قوام سميك متماسك .وهناك على املريخ
يظهر بركان خامد فوق صحراء ،وعلى اورانوس بحر محيط عمقه آالف األميال
تجيش تحت سحب سامة.
ً ً
إن ملعظم الكواكب السيارة أجراما مرافقة أصغر منها حجما تدور حولها
ا
وتسمى أقمارا أو توابع ، Satellitesفاألرض لها قمر واحد وللمريخ قمران
ً ً
وللمشتري خمسة وعشرون قمرا ،ولزحل ثمانية عشر قمرا ،والورانوس خمسة
ً
عشر قمرا ،ولنبتون ثمانية أقمار ،ولبلوتو قمر واحد ،وأما عطارد والزهرة فلم
ً
يكتشف لهما أقمار لحد اآلن .ويالحظ أن كتل األقمار عادة تكون أصغر كثيرا من
كتل الكواكب التي تدور حولها باستثناء قمر األرض الذي تبلغ كتلته 0.012من
كتلة األرض وقمر بلوتو الذي تبلغ كتلته 0.2من كتلة الكوكب.
تدور جميع كواكب األسرة الشمسية في مدارات إهليجية (قطع ناقص
)Ellipseتقع الشمس في إحدى بؤرتيها ،أنظر الشكل( .)1-8ملدارات الكواكب
نقطتان أحدهما يكون فيها الكوكب على أبعد ما يكون من الشمس وتسمى هذه
نقطة األوج Aphelionوالثانية يكون فيها الكوكب على أقرب ما يكون من الشمس
وتسمى هذه نقطة الحضيض . Perihelion
211
الشكل ( )1-8اْلدارات اإلهليجية للكواكب
213
ثم لو قسمنا كل رقم منها على 10لوجدنا ما يلي
عطارد
ً ً
عطارد هو أصغر كواكب املنظومة الشمسية حجما وكتلة باستثناء بلوتو
كما أنه أقرب الكواكب إلى الشمس .يبعد عطارد عن الشمس باملتوسط مسافة
ً
مقدارها 57.9مليون كم تقريبا ،ويبلغ قطره حوالي 4880كم ،أي حوالي 0.38
من قطر األرض َّأما كتلته فهي بالتقريب 20/1في كتلة األرض ،وكثافته مساوية
ً ً
تقريبا لكثافة األرض أي حوالي 5.5غم/سم .3وهو أسرع الكواكب حركة حول
الشمس إذ يبلغ معدل سرعته املدارية 48كم /ساعة ،ويمتاز هذا الكوكب بعدم
وجود توابع له.
214
إن مدار كوكب عطارد مفلطح بدرجة كبيرة وذلك يعني تفاوت مسافتي
ً ً
الحضيض واألوج تفاوتا كبيرا حيث تبلغ مسافة الحضيض 46مليون كيلومتر
ً ً
تقريبا بينما تبلغ مسافة األوج 70مليون كيلومتر تقريبا .ويميل مدار عطارد على
ً
مستوي الدائرة الكسوفية بزاوية مقدارها 7درجات تقريبا .
حركته
يدور عطارد حول نفسه ببطء شديد حيث يبلغ الزمن الالزم لدورة واحدة
كاملة حول محوره 58.646يوم أي ما يعادل ثلثي مدة دورته حول الشمس والتي
ً
أمدها 87.969يوما ،أي أنه يدور حول نفسه ثالث مرات كلما دار حول الشمس
دورتين كاملتين.
ً ً ً ً
إن الدوار الغريب لعطارد حول نفسه يكسبه يوما شمسيا طويال جدا (وهو
ً ً
الفترة بين شروقين للشمس متتاليين) يصل إلى 176يوما أرضيا.
اليوم
اليو ا ا ا ا 88 ا ا
م 44 لشمس ليوم 0 ليوم 132 لشمس لشمس ليوم 176
منتص
ا ف الليل ا
ا ا ا ا
لظهر لظهر
به حول الشكل ( )4-7يدوركوكب ليوم
يدور59 162حول نفسهليومثالث
147دورات في ليوم 74
الوقت الذي ليوم عطارد
الشمس دورتين
سطح عطارد
سطح عطارد يشبه سطح القمر حيث أن العديد من الحمم البركانية
املتجمدة تمأل الكثير من الفوهات البركانية املوجودة عليه وتؤدي إلى تشويه
215
ً
سطحه ،وهناك أيضا منحدرات شاهقة تشكلت عندما انزاحت القشرة وهذه تمتد
ملئات الكيلومترات على سطحه ،وأن هذه املنحدرات تكونت خالل برودة سطح
الكوكب وتقلصه ،وإن سطحه شبيه بتفاحة جافة فقدت نضارتها ،وأن لكوكب
عطارد مظاهر تضاريسية غريبة تقع عند حافة الكوكب البعيدة عن حوض
كالوريس ،يعتقد أنها نشأت عن أمواج زلزالية تولدت بفعل التصادم الذي أدى إلى
تكوين حوض كالوريس ،حيث عندما انتشرت هذه األمواج حول عطارد تقاربت عند
حافته البعيدة رافعة بذلك الصخور.
غالفه اجلوي
ً ً ً ً
يمتلك كوكب عطارد غالفا جويا رقيقا جدا يتألف من الهيدروجين والهليوم
الذي اصطاده الكوكب مما تقذف به الشمس بين حين وآخر ويبلغ الضغط الجوي
على سطح عطارد 10-8وهذا شبه فراغ .ويعزى غياب الغالف الجوي لكوكب
ً
عطارد إلى ضئالة جاذبيته وإرتفاع حرارة سطحه مما ُيكسب جزيئات الغازات سرعا
علية تمكنها من االفالت من الكوكب.
درجة حرارته
ً
إن سطح عطارد يعتبر من أشد سطوح كواكب املجموعة الشمسية حرارة
وذلك لقربه الشديد من الشمس ،حيث أن درجة حرارته تقارب حوالي (600
ً
كلفن) عند خط استوائه أي حوالي (ْ 427م) َّأما درجة الحرارة ليال فهي أبرد درجة
حرارة سطح في املجموعة الشمسية حيث أنها تهبط إلى 100كلفن ( 173مئوية
تحت الصفر) .وإن سبب هذا التفاوت الكبير في الحرارة هو قربه من الشمس
وعدم وجود غالف جوي له ،وعلى الرغم من ارتفاع درجة الحرارة عند خط
ً
استوائه فإن قطبيه باردان جدا ،حيث أن أشعة الشمس تسقط عليهما بزاوية
ً ً ً
مائلة جدا حيث أن القطبين ال يستقبالن إال قدرا قليال من الطاقة الحرارية وإن
216
انعدام الغالف الغازي ساعد على عدم توزيع الحرارة لذا يظهر القطبان وكأنهم
مكسوان بجليد.
جماهل املغناطييس
ً
املجال املغناطيس ي لكوكب عطارد ضعيف جدا حيث أنه يعادل 0.01من
شدة املجال املغناطيس ي لألرض .واملعروف أن كوكب عطارد يدور حول نفسه ببطء
وإن حجمه صغير ،لذا يعتقد العلماء أن كوكب عطارد يفتقد عنصرين أساسيين
لتوليد الحقل املغناطيس ي القوي ،ويعتقد أن املجال املغناطيس ي الضعيف لعطارد
ناتج عن التيارات الكهربائية املحتثة املتولدة عندما يقطع كوكب عطارد الرياح
الشمسية ) (Solar Windأثناء حركته حول الشمس.
رصد كوكب عطارد
ً
يظهر كوكب عطارد عند النظر إليه من األرض بواسطة التلسكوب مائال إلى
االصفرار وربما أمكن رؤيته بالعين املجردة في سماء صافية وحالكة السواد حين
ً ً
يكون الكوكب عاليا ،ونظرا ألن مداره حول الشمس يقع داخل مدار األرض ،فإن
ً
هذا الكوكب ُيرى دائما في مواضع قريبة من الشمس ،أي أن عطارد ُيرى في جهة
املشرق قبيل الشروق ُونطلق عليه نجم الصباح أو يرى من جهة الغرب بعيد
الغروب ُويطلق عليه نجم املساء.
إن رصد عطارد في غاية الصعوبة ّ
ألنه ال يظهر إال لوقت قصير فوق األفق
ً
وألنه قريب من األفق فإن ضباب األرض يؤثر على رصده كثيرا.
الزهرة
كوكب الزهرة هو ثاني كوكب من حيث بعده عن الشمس وهو أقرب الكواكب
إلى األرض وهو يشبه كوكب األرض ،فالزهرة مماثلة من حيث الحجم لألرض ولكنها
ً ً
تختلف اختالفا كبيرا عن األرض من حيث خصائص السطح والغالف الجوي،
217
ً
والزهرة كوكب ساطع جدا بسبب إنعكاسيته العالية التي تبلغ %76والناتجة عن
غالفه الجوي السميك ويعتبر أسطع الكواكب التي نشاهدها في السماء عندما يكون
ً
بدرا.
يبعد كوكب الزهرة عن الشمس 108مليون كيلومتر(أي 0.72وحدة
ً
فلكية) وحجمه نفس حجم األرض تقريبا فقطره يبلغ حوالي (12110كم) (0.95
من قطر األرض) ولذلك يعرف كوكب الزهرة باسم توأم األرض .وإن كتلته (× 4.87
ً
1024كيلو غرام) ،وكثافته 5.24غم/سم ،3ونظرا ألن الزهرة أقرب إلى
الشمس من األرض لذا فإن سرعتها املدارية أكبر من سرعة األرض املدارية وتبلغ 35
كم /ساعة ،وليس كوكب الزهرة توابع.
الغالف اجلوي للزهرة
يتركب الغالف الجوي للزهرة من %96من ثاني أو كسيد الكاربون ،وقد
ُعرف ذلك من دراسة طيفه وهناك إضافة إلى ثاني أوكسيد الكربون أن %35من
غالف الكوكب تألف من غاز األوزون ومن كميات قليلة من بخار املاء وغازات أخرى
وإن سمك الغالف الجوي للزهرة يبلغ حوالي 80كم.
ً َّ
عال جدا ويبلغ 100-90مرة بقدر أما ضغط الغالف الجوي للزهرة فهو ٍ
الضغط الجوي لألرض ،وهذا يمنع أجهزة اإلرسال للسفن الفضائية من العمل
على سطحه ،وتعمل الغيوم على عكس نسبة كبيرة من أشعة الشمس الساقطة
على الكوكب ،وتتألف الغيوم من قطرات من حامض الكبريتيك أو شوائب دخانية
من أصل بركاني.
درجة حرارته
إن وجود الغاز الكثيف املكون من غاز ثاني أكسيد الكربون يحفظ سطح
ً
الكوكب على درجات حرارة عالية جدا ،حيث يعمل الغالف الجوي عمل البيوت
218
الزجاجية ويقوم بحفظ الطاقة الشمسية التي تخترق الغالف بداخله مما يؤدي إلى
رفع درجة حرارة السطح وتتراوح درجة حرارة سطح الزهرة بين 420م °إلى 520م.°
دوران الزهرة
إن كوكب الزهرة يدور حول نفسه ببطء حيث يستغرق مدة 225يوم حتى
ً
تنجز دورة واحدة ،وإنه يدور تراجعيا أي باتجاه عقارب الساعة على عكس دوران
الكواكب األخرى ،وقد اكتشفت هذه الخاصية عن طريق الرصد الراداري للكوكب.
إن الدوران البطيء والتراجعي للزهرة جعل الفلكيين يفترضون أنه تعرض بعد
والدته بزمن قصير للصدم بنواة كوكبية هائلة مما خفض سرعته ّ
ثم جعله يدور
باتجاه معاكس.
ً ً
إن هذا الدوران البطيء جعل اليوم الشمس ي على الكوكب طويال جدا ويقارب
ً ً
117يوما أرضيا وإن الشمس تشرق عليه من الغرب وتغرب في الشرق نتيجة
لدوران الكوكب التراجعي.
219
رصد كوكب الزهرة
الزهرة من أجمل كواكب املنظومة الشمسية تظهر ببياضها البراق الناصع في
ً ّ
العشيات بعد الغروب أو تظهر فجرا قبيل الشروق ،وفي كال الحالين تمكث في
ً
السماء وقتا يعتمد على مقدار استطالتها الشرقية والغربية.
أأطوار الزهرة
لكوكب الزهرة أطوار مثل أطوار القمر تنشأ بسبب موقعه من األرض
والشمس وتعتمد على مقدار استطالته والشكل التالي يوضح ذلك.
220
املري
املريخ هو الكوكب الرابع من حيث بعده عن الشمس ويقع بين األرض
ً
واملشتري ويقترب من األرض كثيرا كل حوالي ( 15سنة) حتى تصبح املسافة بينهم
( 55مليون كم) .وعند مقارنة كوكب املريخ بكوكبي عطارد والزهرة نجد أن املريخ
ً ً
أكثر شبها باألرض علما أن قطره ال يتجاوز نصف قطر األرض وكتلته تقارب ُعشر
كتلتها ومعدل كثافته 3.96غم/سم 3وسرعة االفالت من الجاذبية ( 5كم/ثا).
حركته
يدور كوكب املريخ حول الشمس في مدار اهليجي حيث يبلغ بعده عندما يكون
ً
في الحضيض ( )250مليون كيلومترا وعندما يكون في األوج حوالي ( )270مليون
221
ً
كيلومترا ومتوسط بعده عن الشمس هو ( )1.52وحدة فلكية وفترة دورانه حول
الشمس هي( 687يوم) ،أما فترة الدوران حول محوره فهي( 24ساعة 37 ،دقيقة،
22.6ثانية) وهي عكس عقارب الساعة من الغرب إلى الشرق وإن معدل سرعته
املدارية 24كم/ساعة.
سطح املري
تدل الصور المأخوذة من الم اركب الفضائية أن الكوكب ذا لون مائل للحمرة ،وإن
سطحه يحتوي على مساحات فسيحة وهي الصحاري ولونها أحمر كلون الصدأ وتغطي
طبقة رقيقة من أكسيد الحديد ،وينتشر على السطح الكثير من األحجار والصخور وهناك
قنوات طويلة وهي على األرجح كانت ودياناً مائية يوماً ما في سالف العصور ،وسطح
الكوكب مليء بالفوهات البركانية العميقة الناتجة عن النيازك.
ا
الشكل ( )8-8الوهاد الكبيرة على سطح اْلريخ ربما كانت أنهارا
222
وعلى طول خط االستواء يمتد الصدع املريخي العظيم وتوجد القلنسويتين
القطبيتين لكوكب املريخ وهما منطقتان متجمدتان تتغير مساحتهما خالل دورة
الفصول املريخية .وهناك صحاري شاسعة ذوات كثبان تنقلها الرياح املريخية من
موقع إلى آخر ،وعند خط العرض املتوسط يبدو النجد الهائل املعروف باسم
انتفاخ ثارسيس Tharsis bulgeتعلوه فوهات بركانية يظهر اثنان منها في شكل
أدناه ،وهناك أخرى تعرف باسم اوْلبس مونس Olympus Monsيصل ارتفاعها
ً
إلى ما يقرب 16ميال .ويعتقد علماء الجيولوجيا أن منطقة ثارسيس تتكون من
مادة حارة تدفقت من أعماق باطن الكوكب ودفق بالسطح نحو األعلى لدى اقترابها
منه ّ
ثم ما لبث أن اندفعت عبر قشرة الكوكب مكونة براكين.
وإن أغرب امل ظاهر الطبيعية التي كشفتها مركبة الفضاء فايكنغ على املريخ
هي وجود آثار واضحة للقنوات الضخمة ومجاري األنهار .ومن هذه املظاهر نستنتج
أن املياه السائلة قد تدفقت على سطحه في غابر الدهور رغم عدم وجود املياه
السطحية في الوقت الحالي ،حيث أن بعض املناطق املنخفضة تشمل على رواسب
223
متكتلة ومتشققة تبدو كأنها ترسبات تكونت في قاع تجمع مائي هائل وأنه بسبب
التبخر اختفيت هذه مياه.
الغالف اجلوي للمري
للمريخ غالف جوي رقيق نسبياً وذلك لجاذبيته القليلة ويبلغ الضغط الجوي على
سطحه 0.006من الضغط الجوي عند سطح البحر على األرض .وعموماً فإن جو
المريخ يتألف من %95غاز ثاني أوكسيد الكربون ،وغاز النتروجين بنسبة %2.7و
غاز األركون بنسبة %1.6كما توجد غازات أخرى كاالوكسجين وبخار الماء بنسبة أقل
من .%1وبسبب ميالن محوره على مستوى مداره فإن ظاهرة الفصول األربعة تحصل
على كوكب المريخ لكن بفترات أطول.
أأمقار املري
للمريخ قمران صغيران هما فوبوس Phobosوديموس Deimosوقد سميا
بهذا االسم نسبة إلى اله الخوف والفزع وقد تم اكتشافهما عام ،1877وكل منهما
ً ً
أصغر كتلة من قمر األرض كثيرا وشكلهما بيضوى تقريبا .وقطر فوبوس 27
كيلومتر أما قطر ديموس فال يزيد على خمسة عشر كيلو متر .وديموس هو القمر
الخارجي للكوكب ويدور حول املريخ خالل 30ساعة و 18دقيقة وفوبوس هو
القمر الداخلي ويأخذ في الدوران حول املريخ 7ساعات و 39دقيقة وهو يطلع من
الشرق ويغيب في الغربَّ ،أما فوبوس فإنه يطلع من الغرب ويغيب في الشرق .ومن
خالل املعلومات الواصلة من املركبات الفضائية تبين أن القمرين لهما نفس الشكل
ً
وأن فوبوس أكبر من ديموس ،وأنهما مظلمين جدا ومقدار انعكاس الضوء حوالي
%2وهذا أقل بكثير من نسبة انعكاس الضوء عن قمرنا على األرض وهي . %7و ال
يوجد على أي من القمرين نشاط بركاني ،وإنهما ربما تكونا في حزام الكويكبات
واصطادهما املريخ.
224
احلياة عىل سطح املري
تدور تساؤالت عدة بين العلماء حول مسألة إن كانت هناك أي نوع من الحياة
على سطح املريخ ،حيث أن الظواهر الغريبة التي الحظها الفلكيون على سطح املريخ
مثل وجود الكتل الجليدية وانتشار األخاديد التي تشبه الوديان ومكونات الجو
عليه ،جعل الناس يظنون أن باإلمكان وجود كائنات ذكية عليه ،فأرسلت املركبات
العديدة إلى املريخ وتمكنت من الهبوط عليه وقامت بعمل دراسات عديدة على تربته
وجوه وكذلك قامت بعمل تجارب بيولوجية وتم الحصول من هذه التجارب على ّ
بعض العمليات الحيوية التي موجودة على األرض ولكن هذه التجارب ال زالت تحت
الدراسة والنتائج غير كافية الثبات ذلك .إال أن املرجح عدم وجود حياة متطورة على
ً
سطح املريخ وربما تم اكتشاف آثار للحياة تحت السطح مستقبال.
دراسة كوكب املري
أرسلت املركبات مارس ،2مارس ،3مارس ،5مارس ،6من قبل االتحاد
السوفييتي في السنوات 1973 ،1971وحتى عام 1988وأرسلت املركبات
الفضائية األمريكية مارينر وفايكنج في األعوام 1975 ،1971 ،1969 ،1965
وأن أشهر مشروع الكتشاف سطح املريخ هو مشروع باثنايندر املريخ الذي اعدته
وكالة الفضاء األمريكية NASAفقد تم اطالق مركبة فضاء متقدمة في ديسمبر
1996وبعد سبعة أشهر هبطت املركبة على سطح املريخ في تموز .1997وجميع
هذه املركبات تستهدف انجاز دراسات معمقة لهذا الكوكب املثير.
225
الشكل ( )10-8سطح اْلريخ وترى عليه العربة التي
ا
أرسلت مؤخرا الستكشافه
ً
إن درجة الحرارة على هذا الكوكب منخفضة جدا حيث أنها ال تزيد عند خط
استوائه عن درجة تجمد املاء عن الظهيرةَّ ،أما في الليل فتنخفض إلى ما دون
الصفر املئوي ومعدل الحرارة ال يتعدى ( 218كلفن) .إن املاء املوجود على سطح
املريخ معظمه متجمد وهو محتبس َّأما تحت السطح أو في القطبين كجليد صلب.
ً
يعتقد أن كوكب املريخ لم يكن جافا فهناك الكثير من القنوات تشير إلى أن
املاء كان يتدفق فيها ولكن انخفاض الضغط الشديد وقلة سرعة اإلفالت جعل
ً
جزيئات املاء تنفلت من سطحه وتتبخر بسهولة نظرا النعدام القوى الخارجية عليه
وإن هذه القنوات دليل على أن الكوكب في ماضيه كان أعلى حرارة وغالفه الجوي
كان أشد كثافة.
226
املشرتي
ً
املشتري هو أضخم كوكب في املجموعة الشمسية وهو خامس الكواكب بعدا
عن الشمس ،وهو ثاني كوكب يقع خارج مدار األرض وقطره يبلغ 11مرة أكبر من
قطر األرض وكتلته 318مرة أكبر من كتلة األرض وكثافته 1.33غم/سم ، 3أي
ً
أنها أعلى من كثافة املاء قليال .تبلغ سرعة اإلفالت من سطحه هي 60كم/ثا و يبعد
عن الشمس أكثر من خمس مرات قدر بعد األرض عنها ( 5.2وحدة فلكية) وفترة
دورانه حول الشمس حوالي 12سنة ( )11.86سنة .أما دورته حول نفسه فهي
بحدود 10ساعات ( بالدقة 9ساعات و 54دقيقة) ،ويميل محور دورانه حول
227
نفسه على دائرة استوائه بمقدار 3درجات و 7دقائق .واملشتري مغطى بحزم كثيفة
ملونة ،وهو يبدو للمشاهد بالعين املجردة كقرص أصفر المع يتحرك ببطء في
ً
منطقة البروج .وباإلمكان مشاهدته كل ليلة ملدة ستة أشهر تقريبا خالل السنة.
وعند مشاهدته من خالل التلسكوب تظهر عليه خطوط مضيئة يندرج لونها من
األصفر الباهت إلى األحمر القاني َّأما في أقص ى شماله وجنوبه فإنه محاط باألحزمة
التي تكون مظلمة بعض الش يء ويندرج لونها من البني إلى األزرق املعتم.
الغالف اجلوي للمشرتي
يتميز كوكب املشتري باحتوائه على سحب مضيئة ملونة ،وحزم داكنة
موازية لخط استوائه .ويتكون الغالف الجوي للمشتري من أبخرة كثيفة تكون في
األغلب من الهيدروجين (بنسبة )%82والهيليوم (بنسبة )%17وغازات أخرى مثل
األمونيا وامليثان وبخار املاء بنسبة ( )%1إضافة إلى العناصر الصلبة املوجودة في
الجو.
ً
في أعماق املشتري يكون الضغط الجوي مرتفع جدا بحيث يعمل على تحول
تلك الغازات إلى الحالة السائلة .وهنالك منطقة مميزة في جو املشتري تسمى البقعة
العظمى الحمراء The Great Red Spotوتقع في نصفه الشمالي وهي بيضوية
الشكل يبلغ طولها 48ألف كيلومتر وعرضها 24ألف كيلومتر ولونها يتأرجح ما
بين الوردي والبرتقالي وال تغير وضعها بل تدور مع الكوكبُ .ويعتقد أنها نظام من
العواصف الشديدة في جو املشتري.
حلقات املشرتي
ظن الفلكيون أن كوكب زحل هو الكوكب الوحيد الذي فيه حلقات إال أنه في
ً
عام 1977تم اكتشاف حلقات حول كوكب اورانوس أيضا .وفي عام 1979قامت
املركبة الفضائية فويجر بالدوار حول املشتري ،وأظهرت الصور املأخوذة من
228
املركبة أن للمشتري حلقة واحدة ولكنها رقيقة ويعتقد أنها مؤلفة في جسيمات
دقيقة من غبار صخري ال يبرح مداره بفعل قوة الجذب الثقالي الهائلة للمشتري وإن
ً
هذه الجسيمات صغيرة جدا حيث أن اإلشعاع الصادر عن الشمس واالصطدام
بالغازات املحتسبة في الحقل املغناطيس ي للمشتري تؤثر فيها بقوى احتكاك حيث
تجعلها تنحرف إلى داخل الغالف الجوي للكوكب وتمتزج مع دوامة الغاز وتغيب عن
النظر.
أأمقار املشرتي
ً
للمشتري أقمار كثيرة وكل عام يكتشف الفلكيون أقمارا جديدة ،أربعة منها
كبيرة يمكن رؤيتها بالتلسكوب العادي وتعرف بأقمار غاليليو حيث تم اكتشافها من
قبله عام 1610ميالدية ،وهي (آيو ،أوروبا ،غانيميد ،وكاليستو) ،وقطر غانيميد
أكبر من قطر عطارد ،فهو أكبر قمر في النظام الشمس ي .تدور أقمار املشتري ضمن
ً ً
املستوى االستوائي للكوكب مكونة قرصا مسطحا أقرب ما يكون إلى نظام شمس ي
مصغر ،وإن القمر آيو هو القمر األقرب إلى املشتري من بين أقمار غاليليو لذا فإنه
عرضة لقوة جذبه مدية كبيرة تولدها ثقالة املشتري وأن أيو يتعرض إلى قوة جذب
ً
ثقالية قوية من أوربا أيضا ،حيث تتسبب هذه القوة في فتل آيو من طرف إلى طرف
وكذلك تجبره على تغيير شكل مداره باستمرار.
مصدعة حيث تبدو خطوط طويلة ونحيلة ّ َّأما قمر أوروبا يبدو وكأنه بيضة
تحزز سطحه واملادة البيضاء هي قشرة من جليد واملادة الحمراء هي ماء غني
باملعادن تسرب إلى السطح في خالل الصدوع وتجمد ،وال توجد فوهات بركانية
عليه.
229
الشكل( )12-8يبين أقماراْلشتري األربعة التي تسمى أقمارغاليليو
َّأما قمري غانيميد وكاليستو فإنهما يبدوان شبيهين بقمرنا ،ولونهما بني رمادي
ومغطيان بفوهات بركانية تكونت خالل املراحل املتأخرة في تكونها ،وإن سطحها
مكونان من جليد ،وقد استنتج الفلكيون من الكثافة الوسطية ألقمار غاليليو أن
ً
باطنها مكون من مواد صخريةَّ ،أما باقي أقمار املشتري فهي أصغر حجما بكثير من
أقمار غاليليو.
زحل
ً
زحل هو ثاني أكبر كوكب من كواكب املجموعة الشمسية حجما ،وهو أبعد
الزحل أي البطء .وهذاالكواكب التي عرفها األقدمون .واسم زحل مشتق من ّ
الكوكب واضح للعين املجردة ،وهو سادس كوكب من حيث البعد عن الشمس
ويبعد عنها أكثر من تسع مرات ونصف بعد األرض عنها ،ومرتين قدر بعد املشتري
عنها.
يتميز كوكب زحل بجماله إذ يمكن مشاهدته باملراقب البصرية البسيطة
بحلقاته الساطعة التي تحيط به ،وهو كوكب غازي حجمه اكبر من حجم األرض
بحوالي 750مرة ( يبلغ قطره 60.268كيلو متر) ،وكتلته قدر كتلة األرض 95
مرة ( 5.68×1026كيلو غرام) ،وكثافته 0.7غم/سم ،3أي أنه أقل كثافة من
املاء .أما سرعة االفالت من على سطحه فتبلغ 36كم/ثا.
230
حركته
يتحرك كوكب زحل في فلك أهليجي حول الشمس يميل على الدائرة
الكسوفية بزاوبة مقدارها 2درجة و 29دقيقة ،ويتم مداره حول الشمس في ما
ً
يقرب من ثالثين سنة ( 29سنة و 166يوما) .إن حركته املحورية شبيهة بكوكب
ً ً املشتري ّ
ألنه ليس جسما صلبا ،لذلك تكون سرعته عند خط استوائه اكبر من
سرعته عند قطبيه وتبلغ مدة دورانه حول نفسه 10ساعات و 39دقيقة أي أن
يومه أطول من يوم املشتري .يميل محور دورانه حول نفسه على مستوى مداره
حول الشمس بزاوية مقدارها 26درجة و 45دقيقة.
231
غالفه اجلوي وسطحه
يتكون الغالف الجوي لزحل بالدرجة األولى من غاز الهيدروجين واملركبات
الغنية بالهيدروجين كما هو الحل في كوكب املشتري حيث أن هذان الكوكبان
العمالقان يتشابهان في التركيب ،ويتميزان بغالف جوي ثقيل ونطاقات من الغيوم.
يطلق زحل طاقة اكبر مما يكسبه من الشمس وهذا يعني أن هناك ح اررة تبعث
ويعتقد الفيزيائيون الفلكيون أن ح اررة زحل ناتجة عن انكماشه المستمر من داخله،
البطيء.
إن الغالف الجوي لزحل بارد جداً بحيث يكفي لتجميد غاز األمونيا وتحويله إلى
جسيمات سحابية تغطي الطبقات األعمق من غالفه الجوي .وألن كوكب زحل بعيد عن
الشمس لذا تكون درجة ح اررة سطحه منخفضة وتقدر بحوالي 170درجة مئوية تحت
الصفر ،لذا يحتفظ زحل بغازي الهيدروجين والهليوم منذ لحظة تكونه.
حلقاته
لكوكب زحل أربع حلقات تحيط به دون أن تالمسته ،وكان أول من شاهد
حلقاته هو غاليليو وقد بانت تلك الحلقات مثل (قبضتين) على طرفي الكوكب ،فلم
يستطع غاليليو تمييزها بوضوح .ولكن في عام 1659الحظ العالم الهولندي
هايجنز أن الحلقات منفصلة ومحيطة به .وتقع هذه الحلقات بموازاة الدائرة
االستوائية للكوكب والتي تميل بزاوية قدرها 26.5درجة على الدائرة الكسوفية.
ً
إن حلقات زحل رقيقة جدا وعريضة ،ويمكن رؤية حلقات داخلية باهتة أكثر
ً
اقترابا من زحل ،وحلقات خارجية باهتة مبتعدة عن الكوكب ويفصل بين الحلقتين
حاجز في الفراغ املظلم يسمى فراغ كاسيني وفي عام 1838رصد العالم الفلكي
يوهان جال حلقة ثالثة في الفراغ الكائن بين الحلقتين وإن لهذه الحلقات مركز
واحد هو الكوكب نفسه .وإن هذه الحلقات بعضها المع وبعضها معتم وأشدها
ً
ملعانا في الوسط.
232
يعتقد العلماء أن حلقات زحل هي عبارة عن باليين األقمار الجليدية الرقيقة
تدور في فلكه أو ربما تكون مواد لقمر لم يتكون بعد أو بقايا أحد األقمار املنفجرة
وهي في طور التكوين.
أأمقار زحل
ً
لزحل ثمانية عشر قمرا بعضها محدب مستطيل ويبلغ طوله ضعف عرضه.
وهذه األقمار معروفة منذ زمن طويل أكبرها ،وأسطعها القمر تيتان Titanحيث أن
حجمه يضاهي حجم كوكب عطارد وكتلته تعادل حوالي ضعف كتلة قمرنا (1.83
من كتلة قمرنا) ويدور حول زحل في مدة 16يوم ،وأهم مميزاته أنه يحتوي على
غالف جوي معظمه من غاز امليثان .وتجرى وكالة الفضاء األمريكية (ناسا) متابعة
ودراسة مستمرة على هذا القمر في محاولة لفهم تكوينه وبالتالي التوصل لفهم
كيفية تكوين األقمار األخرى.
أأورانوس
ّ
هو الكوكب السابع من حيث البعد عن الشمس وال يرى بالعين املجردة إال
بصعوبة إذا ُعرف مكانه ،فهو ثالث كوكب عمالق بعد املشتري وزحل في املنظومة
الشمسية ،إذ يبلغ قطره 4مرات قدر قطر األرض .تم اكتشافه عام 1781على يد
العالم الفلكي وليم هرشل وكان الكتشافه أثر كبير على علم الفلك ،وذلك ألن
بناء على حسابات نظرية صرف مما عزز الثقة بامليكانيك تقدير وجوده جاء ً
ً
السماوي .تبلغ كتلته أكثر من 14ضعفا من كتلة األرض حوالي (8.66×1025
كغم) وكثافته قريبة من كثافة املاء ،يبعد عن الشمس حوالي 20مرة قدر بعد
األرض عنها .تبلغ سرعة االفالت على سطحه 21كم/ثا.
233
حركته
يدور كوكب اورانوس حول الشمس في مدار اهليجي يميل على الدائرة
ً ً
الكسوفية بزاوية صغيرة جدا قدرها 46دقيقة قوسية تقريبا .ويتم مداره في 84
سنة و 4أيام .يتميز كوكب اورانوس عن الكواكب األخرى بأن محور دورانه يقع
ً ً
تقريبا في مستوى فلكه ،أي أن خط استوائه يتعامد تقريبا على مستوى فلكه،
ً
أنظر الشكل ( .)23-4ولهذا يقع ضوء الشمس أحيانا بصورة عمودية على أحد
قطبيه .تبلغ مدة دورانه حول نفسه حوالي 16ساعة.
نبتون
هذا هو الكوكب الثامن من كواكب املنظومة الشمسية ،وهو ال يرى بالعين
ً
املجردة ألن ضوئه ضعيف ،فهو بعيد جدا ولم تكن تتوفر معلومات عن هذا
الكوكب حتى سنة 1989حيث قامت مركبة فويجير ( )2بالحصول على بعض
املعلومات عنه .وكان كوكب نبتون قد اكتشف عام 1864من قبل الفلكي األملاني
يوهان جال .حيث الحظ هذا أن كوكب اورانوس غير منتظم في حركته وأنه ينحرف
ً ً
انحرافا غريبا في مداره ويتحرك بشكل أسرع من الالزم فأستنتج أن هناك كوكب
ً
آخر قريبا منه وأن جاذبيته تؤثر عليه وقام برصد ذلك الكوكب املجهول وتمكن من
تحديد مكانه واكتشافه.
إن كوكب نبتون بعيد عن الشمس إذ يبلغ يبعد عنها 30مرة قدر بعد األرض
عنها .ويدور حولها في مدة مقدارها( 165سنة) في مدار شبه دائري يميل على
مستوى البروج بأقل من درجتين .تبلغ كتلتة نبتون حوالي 17مرة قدر كتلة األرض
ويبلغ قطره 3.8مرة قدر قطر األرض وكثافته ( 1.6غم/سم .)3وتبلغ فترة دورانه
حول نفسه 18ساعة وتبلغ سرعة االفالت عن سطحه 24كم/ثا.
235
الشكل ( )15-8صورة حديثة لكوكب نبتون
أأمقاره
كشفت املركبة الفضائية فويجر 2عام 1989أن لكوكب نبتون ثمانية
أقمار بعد أن كان الناس يعرفون أن له قمرين فقط هما:
تريتون ) :(Tritonوهو أكبر من قمرنا بكثير إذ يقرب حجمه من حجم كوكب
املريخ وله غالف جوي سميك من غاز امليثان .ويدور حول نبتون في مدة 6أيام.
ودورانه معاكس لدوار بقية األقمار ويميل بحوالي 20درجة عن الدائرة االستوائية
236
ً
لنبتون مما جعل الفلكيين يعتقدون بأنه كان واحدا من الكويكبات الكبيرة أسره
نبتون حينما صارا قريبين من بعضهما.
ً ً
نيريد ) (Nereidوهو أصغر حجما من ترايتون كثيرا ،ويدور حول نبتون في
ً
مدة سنة أرضية .ويالحظ أن فلك نيريد ليس دائريا بل بيضوي الشكل لذلك فهو
تارة يقترب من الكوكب ومرة أخرى يبتعد .كما لوحظ أن أتجاه دوران هذين
القمرين متعاكس .أما بقية األقمار فهي صغيرة.
بلوتو
كان كوكب بلوتو يعتبر الكوكب التاسع واألخير من كواكب املنظومة
الشمسية لكن االتحاد الفلكي العاملي أخرجه من قائمة الكواكب وجعله في قائمة
الكويكبات إذ أنه أصغر من قمر األرض ،وهو ذو مدار شاذ يتداخل مع مدار
ً
نبتون .وقد اكتشف هذا الجرم عام 1930بعد بحث استمر عشرين عاما .أن
املعلومات عن كتلة الكوكب وكثافته ال زالت غير دقيقة وذلك لصغر حجم هذا
الكوكب وبعده الشاسع عن األرض حيث أن قطره يتراوح بين ( 2000كم إلى
3000كم) ّأما كتلته فهي حوالي 0.002من كتلة األرض أي أنها أقل من كتلة
قمرنا وكثافته تتراوح ما بين 0.8غم/سم 3وهي أصغر كثافة لكوكب في املنظومة
الشمسية .متوسط بعده عن الشمس حوالي 49مرة قدر بعد األرض عنها.
حركته
ً
عال جدا فهو يبتعد عن الشمس يتحرك بلوتو ضمن فلك ذي تمايز مركزي ٍ
بمقدار 7.38×109كيلومتر عندما يكون في األوج و 4.4×109كيلومتر عندما يكون في
الحضيض .وإنه عندما يكون في الحضيض يتوغل في فلك نبتون فيصبح أقرب إلى
الشمس من نبتون .وتبين الصورة هذه الحالة كما حصلت في السنوات األخيرة.
237
ُويتم الكوكب دورته حول الشمس بمدة 247.4سنة .إن لهذا الكوكب حركة
ً
محورية سريعة جدا حيث يدور حول نفسه ليكمل دورة واحدة كل 6ساعة ،و 24
ً
دقيقة ويعتقد العلماء أن هذا الكوكب ربما كان قمرا من أقمار نبتون .ولربما
ً ً
حصلت عودته إلى نبتون يوما عندما يقترب منه فيأسره ثانية .ويعتقد الفلكيون أن
هناك كوكب آخر وراء بلوتو على بعد 100وحدة فلكية يطلق عليه اسم (X-
) ، planetوالسبب في هذا االعتقاد أن كتلة الكوكب بلوتو لم تحل جميع االشكاالت
التي تسبب االضطراب ملسار نبتون وهذا يدل على وجود كوكب آخر يؤثر عليه.
238
أأمقاره
ليس لبلوتو سوى قمر واحد هو كارون ، Charonويبلغ قطره حوالي
ً
1200كم ويعتبر هذا التابع عمالقا بالنسبة لكوكبه .يدور كارون حول مركز الثقل
ً
املشترك مع بلوتو بسرعة عالية جدا القترابه الشديد من الكوكب ويتم دورته
ً
في 6.39يوما وهي نفس الفترة التي يحتاجها بلوتو ليكمل دورة كاملة حول نفسه.
ً
ولهذا السبب يبقى هذا القمر ثابتا في سماء بلوتو فال يغيب ويرى من جهة واحدة
من الكوكب وال يرى من الجهة األخرى.
239
.11ما هو الدور الذي تؤديه الفعالية المغنطيسية في النشاط
الشمسي؟
.13ما هي الفترة بين العدد األقصى للبقع الشمسية؟ وبماذا تختلف عن فترة
الدورة الشمسية الكاملة؟
.16لماذا تظهر فوهات كثيرة على سطح القمر وال تظهر أمثالها
على سطح األرض؟
240
ماء كان يجري .27ما الدليل على أن المريخ احتوى في ٍ
زمن ما ً
على سطحه؟
241
الفصل التاسع
أأجرام أأخرى
242
الكويكبات
الشكل ( )1-9الكويكبات
ً
الحظ الفلكيون أن الكواكب بين املشتري واملريخ تختفي تماما فرغم أن
قانون تيتوس ـ بود يقرر وجود كوكب على مسافة 2.8وحدة فلكية عن الشمس إال
أن الفلكيين لم يجدوا أي كوكب هنا .لكنهم اكتشفوا مجموعة هائلة من الكويكبات
سابحة في الفضاء في مدارات اهليجية حول الشمس ،وقد تمكن الفلكيون من
دراسة حركة وتركيب هذه الكويكبات الصغيرة الحجم بقياسهم سطوعها الضوئي
في نطاق األشعة تحت الحمراء ،وقياس اقطارها الزاوية لتحديد حجومها ،كما
واستخدموا التحليل الطيفي لألشعة املنعكسة عن سطوحها حيث تعطي معلومات
عن تركيبها الكيميائي ،كذلك فإن الفلكيين قد تمكنوا من معرفة الكثير عن تركيب
الكويكبات من خالل التحليل املباشر للنيازك . Meteoritesتبلغ كتلة الكويكبات
مجتمعة حوالي %0.04من كتلة األرض ويقدر الفلكيون عددها بحوالي 30ألف
ً
كويكبا ،أكبرها هو سيرس .Ceres
243
مدارات الكويكبات
تدور جميع الكويكبات حول الشمس في مدارات اهليجية باتجاه معاكس
ً ً
لدوران عقرب الساعة ولبعضها مدارات مفلطحة تفلطحا كبيرا حيث تبلغ استطالة
املدار (الالمركزية) ما بين 0.1و ،0.3مثال ذلك مدار الكويكب إيكاروس الذي
يقترب حضيضه من الشمس أكثر من اقتراب كوكب عطارد منها .وتتوزع على غير
انتظام في املنطقة الواقعة ما بين 2.2إلى 3.3وحدة فلكية عن الشمس .ويتفاوت
ً
ميل مستوى مداراتها على الدائرة الكسوفية ما بين صفر إلى 20درجة .ونظرا
ً ً
لتباعدها عن بعضها البعض حاليا فإن فرصة تصادمها أصبحت قليلة جدا ًُ.
وربما حصل أن مرت بعض الكويكبات بقرب أحد الكواكب فصادها .وبهذا الصدد
يعتقد الفلكيون أن قمري املريخ فوبوس وديموس هما كويكبين أسرها الكوكب
ً ً
قديما .ويؤكد ذلك أن شكلهما غير منتظم وحجمهما صغير .ونظرا ألن أشكال
الكويكبات غير منتظمة عادة فإنها تغير سطوعها بسبب دورانها حول نفسها.
244
كويكبات ثنائية
ً
كثيرا ما تساءل الفلكيون عن احتمالية وجود ثنائي يتألف من كويكبين يور
أحدهما حول اآلخر وفي عام 1989اكتشف بالصدفة غير املقصودة مرصد
ً ً
أريسبو الراديوي ثنائيا كويكبيا هما عبارة عن صخرتين بعد كل منهما حوالي 15
كيلومتر ،تدوران حول بعضهما في دور مقداره 4ساعات ،وهذا الثنائي الكويكبي
إسمه تاوتاتس .Toutatis
الرتكيب الكمييايئ للكويكبات
دلت الدراسات الطيفية والكيميائية على أن حوالي %75من الكويكبات
تحتوي على مواد كربونية عضوية معقدة التركيب .وأن حوالي %5منها تتألف من
الحديد والنيكل والباقي من الكويكبات يتألف من السيليكات.
أأصل الكويكبات
يعتقد البعض أن الكويكبات نشأت عن انفجار كوكب كان يقع بين املريخ
واملشتري .لكن الدراسات التي أجريت على الظروف املمكنة ملثل هذا االنفجار
وحساب كتلة الكويكبات أدت إلى استبعاد هذا الرأي .وذلك ألن كتلة الكوكبات
مجتمعة ال تزيد على ثمانية أجزاء من عشرة آالف جزء من كتلة األرض.
ً ً
والرأي السائد حاليا يقرر أن الكويكبات كتل متناثرة موجودة أصال منذ
نشأة النظام الشمس ي ،وقد مرت عليها فترة جعلتها تتصادم مع بعضها البعض
بسبب جذب كوكب املشتري لها مما جعلها تتناثر وقد سقط قسم كبير منها على
الكواكب املجاورة بشكل نيازك وكان لألرض في سالف األزمان حصة من ذلك.
245
املذنبات
وهي أجرام سماوية المعة ذات ذيل طويل يمتد ملسافة كبيرة ،وقد ظن
ً
ارسطو أنها تنشأ بسبب الظواهر الجوية ،وكان ظهور املذنبات قديما يثير الرعب في
ً
قلوب الناس ويعتبرونها نذيرا بالحرب والدمار .وينفي العلم مثل هذه التشاؤم وقد
أثبت تايكو براهي عام 1577م أن املذنبات هي أجرام سماوية تدور حول الشمس
في مدارات مفلطحة ذات تمايز مركزي كبير ،وتميل مستويات مداراتها على الدائرة
ً ً
الكسوفية بزوايا مختلفة اختالفا كبيرا .تكون كتلة املذنبات صغيرة عادة إذ ال تكاد
تبلغ بحدود جزء من 100مليون جزء من كتلة القمر.
قام أدموند هالي بمراجعة سجالت ظهور املذنبات فوجد أن خصائص
ً
املذنبات التي ظهرت في السنوات 1530و 1607و 1682متشابهة تماما .لذلك
ً
اقترح أنه نفس املذنب وأن له زمن دوري قدره 76سنة تقريبا .ومن خالل قانون
ً
كبلر الثالث يمكن أن نتبين أن املحور الكبير ملداره يبلغ 18وحدة فلكية تقريبا.
246
ً
لذلك توقع أدموند هالي أن يظهر املذنب عام 1758ميالدية وفعال ظهر
ً
املذنب قريبا من ذلك الوقت (في الحقيقة عام 1759م) ولكن هالي كان قد مات
ً
(توفي عام ،)1742وتكريما لهذا الفلكي سمي املذنب باسمه مذنب هالي Haley's
Cometواملعروف أن آخر مرة رأينا فيها هذا املذنب كانت في نيسان عام 1986م
وقد تمكن عدد كبير من الناس من مشاهدته.
تركيب املذنبات
ً
عندما يكون املذنب بعيدا عن األرض في الفضاء فإنه ال ُيرى لكن حين يقترب
منها فإنه ُيرى بوضوح لذلك تمكن الفلكيون من دراسة املذنبات عند اقترابها من
الشمس وتبين لهم أنها تتألف من ثالثة أقسام هي:
.1النواةNucleus :
247
.2الشوشة (الرأس)Coma :
وتتكون عادة عندما يقترب املذنب من مدار املريخ وتتألف من غيمة كروية
الشكل من غازات متألقة نتيجة تبخر الغازات املتجمدة في النواة بفعل أشعة
الشمس ويبلغ قطر الشوشة هذه حوالي 100000كيلو متر وتشير الدراسات
الطيفية إلى احتواءها على جزيئات بسيطة مثل املاء وعلى جزيئات معقدة مثل
األمونيا
-3الذيلTail :
ً
ويتكون عندما يقترب املذنب كثيرا من الشمس حيث يتبخر جزء كبير من
طبقاته الخارجية بفعل االشعاعات والرياح الشمسية الساخنة حيث تندفع أجزاء
ً ً ً
منه بعيدا عن النواة مكونة ذيال متوهجا يتجه عكس اتجاه الشمس ويمتد الذيل
بفعل ضغط الرياح الشمسية وضغط الضوء ماليين الكيلومترات في الفضاء.
ً
وعادة يكون للمذنب ذيلين :األول الذيل األيوني ولونه يميل إلى الزرقة ينتج بسبب
تصادم الرياح الشمسية مع الذرات والجزيئات في الشوشة إذ تنفصل عنها
الكتروناتها وتصبح الذرات موجبة الشحنة مثارة في مستويات عالية فتتأثر باملجال
املغناطيس ي للشمس ،وعندما تعود لإلتحاد مع الكتروناتها ينبعث منها الضوء
األزرق .ويتألف الذيل األيوني عادة من غاز أول أوكسيد الكاربون وثاني أوكسيد
الكاربون والنتروجين الجزيئي .ويتخلل الذيل مجال مغناطيس ي يؤثر في اتجاه
األيونات وبالتالي يحدد اتجاه الذيل.
وهناك ذيل ثاني ويدعى الذيل الغباري ولونه مائل إلى الصفرة ،ويتألف من
جسيمات غبارية من مادة السيليكات عادة ،حيث تصدم الفوتونات الضوئية مع
الغبار في الشوشة وتدفعه بقوة خلف املذنب وأثناء حركة املذنب في مداره حول
الشمس تتطاير منه كميات كبيرة من األتربة والغبار مؤلفة جداول أو أنشوطة
واسعة وأثناء دوران األرض حول الشمس تمر من خالل هذه الجداول مرة واحدة في
248
السنة على األقل فتقع دقائق الغبار على األرض محترقة في الغالف الجوي مؤلفة
ً
بذلك شالال من األنوار الشهبية وتسمى هذه الظاهرة الزخات الشهبيةMeteor ،
،Showersوتنسب هذه الزخات إلى األبراج التي تظهر وكأنها قادمة منها…فيقال
زخة شهب األسديات Leonidsالتي تبدو قادمة من برج األسد وزخة شهب
البرشاويات نسبة إلى كوكبه برشاوس.
مدارات املذنبات
ً
للمذنبات مدارات ذات استطالة كبيرة جدا ،لذلك فإن مدة دورانها حول
ً
الشمس كبيرة عادة .فبعضها يظهر في السماء خالل عشرات السنين كمذنب هالي
وبعضها يدور في آالف السنين كمذنب هيل-بوب .وهنالك نوع آخر من املذنبات وهي
الزائرة تأتي مرة واحدة لتدور حول الشمس وتعود أدراجها إلى عمق الفضاء الكوني
فال ترجع إلى النظام الشمس ي مرة ثانية .وتكون مدارات املذنبات على نوعين :األولى
ً
مفتوحة :وهي التي تزور الشمس مرة واحدة ال تعود بعدها أبدا .والثانية مغلقة:
وهذه هي التي تكرر زياراتها على فترات دورية شبه منتظمة .وتكون املذنبات الدورية
249
على نوعين :قصيرة الدور مثل مذنب هالي الذي يبلغ دوره بحدود 76سنة .و طويلة
الدور حيث يبلغ دورها آالف وعشرات اآلف السنين مثل مذنب هيل-بوب الذي
ظهر في السماء عام .1996
مصدر املذنبات
يعتقد الفلكيون أن مصدر املذنبات قصيرة الدور هو حزام كيوبر الذي يقع
على بعد 100وحدة فلكية عن الشمس .حيث يحتوي هذا الحزام على مئات
الكسف الصغيرة ومن هذه الكسف املذنبات نفسها .ولكن ما هو مصدر ماليين ِ
املذنبات الطويلة الدور؟
من خالل مراقبة المذنبات التي تظهر حسابات مدااتها أنها طويلة الدور يتبين أن معدل
نصف قطر المحور األعظم لمداراتها اإلهليجية المفلطحة تفلطحاً كبي اًر هو بحدود
50000وحدة فلكية .ويعني هذا بحسب قانون كبلر الثالث أن معدل دورها هو بحدود
10ماليين سنة .ونظ اًر ألن المذنبات تقضي معظم وقتها في حضيضها الذي يبعد بحدود
100000وحدة فلكية عن الشمس حيث تكون سرعاتها هناك بطيئة جداً فال تكاد تقطع
في اليوم الواحد بضعة ألف كيلومتر ،فإن تجمعاً كبي اًر للمذنبات يفترض ووده على هذا
البعد حيث تتألف هنالك سحابة سميت سحابة أوورت نسبة إلى جان أوورت الذي إقترح
وجودها عام .1950لكن يبقى السؤال قائماً وهو من أين أتت هذه السحابة وكيف
تكونت؟؟.
هنالك عدة إجابات مقترحة لهذا السؤال بعضها يقرر أن سحابة أووت ولدت أصالً
على حافة النظام الشمسي على بعد 100وحدة فلكية لكنها ما برحت تتباعد ألسباب
جذبية تتعلق بالدور الجذبي لكوكب المشتري وبقية الكواكب العمالقة التي قامت بدور
الطرد الجاذبي للمذنبات بعيداً عن النظام الشمسي .ولكن هنالك أيضاً آراء أخرى عديدة
ولم تزل الدراسات بهذا الصدد بحاجة إلى كثير من األرصاد والحقائق الفلكية لكي يتم فهم
أصل ومصدر المذنبات.
250
الشكل ( )6-9سحابة أووت وحزام كيوبر
مصائر املذنبات
ينفث املذنب إلى الفضاء الخارجي حوالي 100مليون طن من الغازات
ً
واألتربة كلما دار دورة جديدة حول الشمس ،وهذه الكمية تؤلف جزءا من ألف
ً
جزء من كتلة املذنب .كما يحصل أحيانا أن تتفتت نواة املذنب إلى أجزاء عدة
املدية للشمس أو الكواكب السيارة الكبيرة كما حصل ملذنب بسبب التأثيرات ّ
ً
ويست عام 1976حيث تفتت نواته إلى أكثر من 4أجزاء عند مروه قريبا من
الشمس .وما حصل كذلك ملذنب شوماخر ـ ليفي عام 1996قبيل ارتطامه بكوكب
ً ً
املشتري .لذلك فإن عمر املذنبات يكون قصير نسبيا .وعموما يمكن القول أن
هنالك ثالث مصائر للمذنبات وهي:
.1التبدد والتفتت إلى أجزاء صغيرة.
251
الشهب والنيازك
الشهب Meteorsهي ومضات ضوئية تظهر فجأة في السماء نتيجة ملرور
ِكسف Meteoroidsصلبة خالل الغالف الجوي لألرض فترتفع درجة حرارتها نتيجة
احتكاكها بالغالف الجوي فيتبخر معظمها وقد يبقى منها ش يء يسقط على األرض
ً
وعندئذ يسمى هذا الجزء الباقي نيزكا .وتترك النيازك عند سقوطها على األرض
ُ
حفرا ًً تتفاوت في اتساعها بحسب كتلة النيزك الساقط.
252
.1النيازك الحديدية :وتتألف من %90من الحديد و %9من النيكل وآثار لعناصر
أخرى .ويمكن تشخيصها بسهولة من خالل كثافتها العالية ومنظرها المعدني.
النيازك الصخرية :وهي قليلة الكثافة عادة .تتألف في معظمها من السليكات .2
وتحتوي على نسبة %2من الكربون.
لكي نتصور األبعاد واألحجام في النظام الشمسي يمكننا بناء نموذج مصغر قابل
للتصور .فلو مثلنا األرض بكرة قطرها 1سنتيمتر أي بحجم حبة الحمص ،فإن الشمس ستكون
عبارة عن كرة قطرها 116سنتيمتر .وستجلس األرض (حبة الحمص) على بعد 125مت اًر عن
الشم س وعل بعد قدم واحد من حبة الحمص سيبدو القمر بحجم حبة العدس .أبعد كوكب في
المنظومة الشمسية فسيكون على بعد 5كيلومتر عن الشمس .مما يعني أننا نستطيع تمثيل
المنظومة الشمسية وفق هذا المقياس كقرص قطره 10كيلومترات في وسطه كرة الشمس بقطر 1
متر تقريباً ،ويقع أقرب كوكب اليها وهو عطارد على بعد 50متر ثم كوكب الزهرة على بعد 87
مت اًر .أما كوكب المريخ فسيكون على بعد مائتي متر عن الشمس .وسيكون هنلك حزام من
الهباءات الصغيرة يتوزع في المنطقة التي تبعد مابين 400-300متر عن الشمس ،وهي
مجموعة الكويكبات .أما كوكب المشتري فإنه سيكون على بعد 650مت اًر ثم زحل على بعد يقرب
من 1200متر ،فكوكب اورانوس على بعد 2400متر وكوكب نبتون على بعد أربعة كيلومترات
إال ربعاً .وأخي اًر كوكب بلوتو الصغير سيبدو كحبة السمسم على بعد 5كيلومرات عن الشمس.
هكذا ستبدو المنظومة الشمسية مليئة بالفراغ!
253
تكوين النظام الشميس
كما أسلفنا فإن املنظومة الشمسية تتألف من الشمس والكواكب التسعة
التي تدور حولها واألقمار التابعة لتلك الكواكب .كما تضم املنظومة الشمسية
مجموعة الكويكبات التي بين املريخ واملشتري و كثير من املذنبات الدورية كمذنب
هالي والزائرة التي تظهر فجأة .وهنالك عدد من املالحظات األساسية التي يمكن
تأشيرها بشأن الصفات التكوينية والحركية ملكونات املنظومة الشمسية واهم هذه
املالحظات ما يلي:
إن كل كوكب من الكواكب يبدو منعزال في الفضاء في حيزه الذي هو فيه
ً
ويبدو كأنه تكون لوحده معزوال عن بقية الكواكب.
ً
إن مدارات معظم الكواكب قريبة جدا من الشكل الدائري (عدا مداري
عطارد وبلوتو املفلطحين).
ً
إن جميع مدارات الكواكب تقع في مستوي واحد تقريبا.
إن إتجاه دوران الكواكب حول الشمس هو نفس اتجاه دوران الشمس حول
نفسها.
إن إتجاه دوران الكواكب حول نفسها هو نفس اتجاه دوران الشمس حول
نفسها (عدا كوكب الزهرة الذي يدور بالعكس وأورانوس).
إن إتجاه دوران معظم األقمار حول كواكبها هو نفس اتجاه دوران الكواكب
حول الشمس (عدا ترايتون قمر الكوكب نبتون).
من الناحية التكوينة تتمايز الكواكب إلى صنفين :كواكب أرضية ذات تكوين
مشابه لتكوين األرض،وكواكب مشتروية مماثلة في تكوينها لكوكب املشتري.
يظهر أن مجموعة الكويكبات مؤلفة من أجرام قديمة التكوين وتتميز بميزات
تكوينة خاصة .أما من حيث الحركة املدارية فهي مماثلة للكواكب.
254
تتألف املذنبات من مواد بدائية كالتلج ودقائق الغبار والغازات ومداراتها ال
تماثل مدارات الكواكب بل هي كثيرة التفلطح كما أنها ال تقع بالضرورة في املستوي
االستوائي للشمس.
تؤشر هذه املالحظات أن النظام لشمس ي هو تكوين على درجة راقية من
التطور ،وأن هذا التكوين قد تألف في وقت واحد وفق نظم تكوينية متكاملة .وعلى
الرغم من قدم التفكير في أصل النظام الشمس ي فإن النظرية الكاملة التي تفسر
جميع خصائصه الزالت بعيدة املنال .وهنالك نظريتان في الوقت الحاضر أحدهما
ً
قديمة أصبحت جزءا من التاريخ واألخرى حديثة لكنها تحتاج إلى كثير من التطوير.
النظرية السدميية
في عام 1796وصف بيير البالس انكماش كتلة سديمية مؤلفة من غازات
ً
وأتربة وتحولها إلى قرص .وأثبت رياضيا أن السرعة الدورانية ملثل هذه الكتلة
السديمية سوف تتزايد كلما إنكمش حجمها .وعلى أساس هذه الفكرة حاول
إيمانويل كانت تفسير نشأة النظام الشمس ي من سحابة سديمية هائلة ربما كان
قطرها آالف املاليين من الكيلومترات إنكمشت فتكون في مركزها كتلة كبيرة من
املادة .ثم صارت تنكمش باستمرار ومع انكماشها تزايدت درجة حرارتها حتى صارت
كما هي عليه الشمس.
255
الشكل ( )7-9تكوين النظام الشمس ي وفق النظرية السديمية
وقد رصد الفلكيون حديثا أحد النجوم وهو بيتا بكتورس وكما يتضح من
الشكل( )7-9فإن هذا النجم هو في طور التكوين يحف به قرص سديمي هائل
ً
ساخن .وهذا ماجعل البعض يعتبره تأكيدا أرصاديا للنظرية السديمية.
256
ً
املادة السديمية عليها وحيثما يكون التكاثف أعظما يكون النجم األولي الذي يتطور
الحقا إلى نجم كامل (أو الشمس) أما في املناطق األخرى فتتألف كويكبات صغيرة.
ً
ونظرا للجاذبية العالية التي في املركز حيث يكون النجم فإن اتجاه دوران الكواكب
ً
يكون بنفس اتجاه دوران النجم .ووفقا لهذه النظرية ينشأ النظام الكوكبي عبر ثالث
مراحل :حيث تتألف في املرحلة األولى نوى تجميع تكون بمثابة نقاط تتكدس عليها
ً
املادة تدريجيا .وهكذا تتجمع املادة حتى يتألف جرم قطره بضع مئات من
الكيلومترات .وفي نهاية هذه املرحلة تكون املنظومة الشمسية مؤلفة من نجم أولي في
املركز تحف به ماليين الكواكب الصغيرة التي هي أشبه بأقمار تطوف ول الشمس في
مدارات شبه دائرية وتسبح في بحر من األتربة والغازات التي تمأل املسافات البينية.
ً
وفي املرحلة الثانية تتجمع هذه األقمار على بعضها البعض لتؤلف كتال أكبر
وأكبر .وبالتالي تتزايد شدة مجالها الجاذبي فتعمل عندئذ على جذب الكتل األخرى
إليها .وهكذا تزداد كتلها ويكبر حجمها.
وفي املرحلة الثالثة تحصل تصادمات كثيرة بين الكواكب بسبب انجذاب
الكسف الصغيرة وهذه الكسف بعضها إلى البعض اآلخر مما يؤلف عددا كبيرا من ِ
ً ً
تجذبها الكواكب إليها مرة ثانية إال أن عددا قليال منها يستطيع االفالت فيبقى في
ً
أفالك شبه دائرية حول الشمس مؤلفا حزام الكويكبات الذي بين املريخ واملشتري.
وبموجب هذه النظرية وخالل 100مليون سنة يكون النظام الشمس ي األولي قد
تكون من شمس اولية وتسع كواكب وعشرات األقمار الدائرة حول الكواكب. ّ
يعزو أصحاب هذه النظرية عدم وجود بقية من الغازات واألتربة التي تكون
عنها النظام الشمس ي إلى أن النشاط الشمس ي املميز الذي شهدته الشمس في أول
ً ّ
عهدها قد ولد عصفا قويا من الرياح جعل الغازات واألتربة املتبقية بين الكواكب
تندفع إلى مسافات بعيدة خارج النظام الشمس ي لتؤلف املادة البينجمية.
257
وتفسر نظرية التكاثف التوزيع التفاضلي للمادة في النظام الشمس ي على
أسس التوزيع الحراري التي كانت في القرص السديمي الشمس ي ،وهنالك كثير من
الفرضيات والتخمينات في هذا الجانب .كما تفسر النظرية وجود املذنبات بطريق
مماثل.
258
ً
الضعيفة جدا ،وحيث كانت نظرية النسبية العامة قد قدمت تفسيرها الدقيق
للجاذبية واختلفت مع التصور النيوتني في تفسير الظواهر الحركية الحرة في
األنطقة الجاذبية الشديدة فإن من األرجح أن نحتاج إلى نظرية جديدة تضم
ً
تصحيحا لنظرية نيوتن في األنطقة الجاذبية الضعيفة ،وذلك ألن نظرية التكاثف
التي ذكرناها ال تفسر املدارات شبه الدائرية التي تدور فيها الكواكب.
259
الفصل العارش
نظم مشس ية أأخرى
260
من املعروف أن شمسنا ليست الوحيدة في هذا الكون بل هي واحدة من
ماليين املاليين من الشموس التي تتوزع في هذا الكون .فالنجوم التي نراها في السماء
هي ليست إال شموس بعيدة ،بعضها مثل شمسنا وأخرى أكبر منها وأخرى أصغر
منها .لكنها جميعا شموس تحرق الهيدروجين والهليوم عبر عمليات االندماج النووي
لتنتج الطاقة .والدارس الباحث في كيفية نشأت هذه النجوم يرى أنها جميعا تتبع
ً
سياقا عاما واحدا في النشأة والتطور .لكنها تختلف قليال أو كثيرا في املصير .لذلك
البد للباحث ن أن يستنتج أن هنالك منظومات شمسية مماثلة ملنظومتنا
ً ً
الشمسية ،فيها كواكب تختلف قليال أو كثيرا عن كواكب منظومتنا الشمسية.
لكننا هنا ينبغي أن نضع في حسباننا حقيقتين أساسيتين :األولى هي أن الهيدروجين
ً
هو العنصر األكثر شيوعا في الكون حيث تبلغ نسبته بحدود %76يليه الهليوم
الذي تبلغ نسبته حوالي %23بينما تؤلف بقية العناصر األثقل من الهليوم نسبة ال
تزيد على .%1والحقيقة الثانية هي أن جميع العناصر األثقل من الهليوم تتكون في
ً ً
باطن النجوم الكبيرة حيث يتم تركيبها تباعا من العناصر الخفيفة بدءا من
الهيدروجين والهليوم من خالل عمليات االندماج النووي املتواصلة التي
تسمىعمليات التخليق النووي .Neucleothynsisمما يعني أن مقومات الحياة لن
تتوفر في أي من نجوم الجيل األول إذ البد أن تتوفر عناصر مهمة كالكربون
واألوكسجين والنتروجين والفسفور لتكوين أوليات املواد العضوية الالزمة
للمركبات الحيوية.
وإذا ما علمنا أن في الكون ما اليقل عن مائة ألف مليون مجرة وأن في كل
ً
مجرة ما ال يقل عن مائة ألف مليون شمس ،فإن من املعقول جدا أن نتوقع وجود
عدد كبير من املنظومات الشمسية في هذا الكون الهائل .بالتأكيد فإن نجوم هذه
املنظومات يجب أن تكون من الجيل الثاني على األقل إذا كانت كوكبها لتتألف من
مواد غير الهيدروجين والهليوم .وفي حالة كونها من الجيل األول فإنها ال يمكن أن
ً
تؤلف إال ثنائيات أو ثالثيات نجمية وهذا النوع من التراكيب النجمية شائع أيضا في
261
الكون .ومن خالل معرفتنا بعالقة الكتلة وسرعة االندماجات النووية وبالتالي
أعمار النجوم يمكننا القول أنه البد وأن نشأت في العصور األولى لحياة الكون نجوم
عمالقة أحرقت الهيدروجين والهليوم والكربون بسرعة لتكوين العناصر األثقل.
لم يكن استكشاف النجوم البعيدة ممكنا إال خالل العقود األخيرة .وقد
مكننا تطور التقنيات البصرية وتقنيات التحليل الطيفي من تحقيق انجازات كبيرة
ُ
على صعيد اكشاف منظومات شمسية أخرى .وخالل السنوات العشر املاضية تم
اكتشاف ما يزيد على 100منظومة شمسية .وجميع هذه املنظومات تابعة بالطبع
ً
إلى مجرتنا ،ألن استكشاف نجوم املجرات األخرى ال زال أمرا بعيد املنال.
262
طريقة تغير سطوع النجمTransit Photometry :
وتعتمد هذه الطريقة على قياس التغير الدوري في سطوع النجم عند مرور
الكوكب أمامه ومنه نستطيع تقدير حجم الكوكب ومن ذلك نستطيع حساب كتلة
الكوكب .ومن مثالب هذه الطريقة ان الكواكب التي لها فترة دوران تزيد على
السنتين ال يمكن كشفها بهذه الطريقة ألن إمكانية انتظامها على خط واحد مع
ً ً
مجال النظر ضعيف جدا .فضال عن ذلك فإن ميل مستوي مدار الكوكب يؤثر في
دقة القياس وفي بعض الحاالت يصعب اكتشاف الكوكب إذا كان ميل مستوي
ً
مداره كبيرا.
الطريقة األسترومتريةAstrometry :
وتعتمد على قياس تغير دوري في موقع النجم نتيجة لتأثير كوكب مرافق له
يدور حوله .ويقاس التغير في موقع النجم بامللي ثانية قوسية .فإذا كان التغير في
املوقع بمقدار 2ملي ثانية قوسية فإن ذلك معناه وجود كوكب كتلته 6.6قدر
كتلة األرض يدور حول نجم بمثل كتلة الشمس ويبعد 10بارسك من األرض.
ً
ويستطيع تلسكوب كيك أن يقيس تغيرا في مواقع النجوم بمقدار 20مايكروثانية
قوسية .وهذا يعني أنه يستطيع الكشف عن كوكب كتلته 66مرة قدر كتلة األرض
يدور حول نجم مثل شمسنا يبعد عنا مسافة قدرها 10بارسك في مدار مثل مدار
األرض عنها.
طريقة تغير الدور النبض ي:
وتعتمد هذه الطريقة على قياس التغير الدوري في دور نبض البلسارات.
وهذه هي ن جوم ميتة وبقايا انفجار السوبرنوفا .ومثل هذه الكواكب الناشئة من
ً
رماد السوبرنوفا قليل جدا.
ً
يبين الشكل ( )1-10رسما بيانيا لبعض الكواكب املكتشفة وفيه تظهر
العالقة بين كتلة الكواكب وأبعادها عن النجوم التي تتبع لها .من املتوقع أن
263
تتصاعد وتيرة البحث عن كواكب جديدة في منظومات نجمية أخرى داخل مجرتنا
ومن املتوقع أن يتم اكتشاف كواكب جديدة ذوات كتل مماثلة لكتلة أرضنا ،حيث
يجري اآلن تطوير الكثير من التقنيات الجديدة كما يجري االعداد الطالق أقمار
صناعية خالل األعوام القادمة مخصصة ملهمات البحث عن منظومات شمسية
جديدة واستكشاف امكانية وجود حياة في مناطق أخرى من الكون.
265
ً
ملاذا إذن ال نشهد أمورا كهذه تجري في حياتنا اليومية على األرض؟ إن أحد
أسباب ذلك هو احتواء غالفنا الجوي على األوكسجين الذي يقوم بمهاجمة
الجزيئات العضوية فيفتتها .وهكذا فإن غياب األوكسجين الذي ساد الفترة األولى
من تاريخ األرض ،وهو ما جرى التحقق منه بتحليل الصخور القديمة ،ربما كان له
دور حاسم في تطور الحياة على ظهر األرض.
تتكون لدى العلماء الذين يدرسون منشأ الحياة على سطح األرض قناعة
أكيدة أن مواد كتلك املتولدة في تجربة ميلر ويوري كانت موجودة على األرض في
بداية تكونها .فإن أحد مصادر املادة العضوية هو املادة البينجمية ،حيث أن الكثير
من السحب البينجمية يشتمل على مزيج غني من الجزيئات العضوية ،بما في ذلك
الجزيئات التي هي أسالف األحماض األمينية .وملا كانت املجموعة الشمسية قد
ً
تكونت من سحب كهذه ،فال بد إذا من وجود الجزيئات العضوية املعقدة على
ً
األرض أو قريبا منها منذ والدة األرض .وحتى لو حدث تدمير لهذه الجزيئات خالل
تكون األرض ،فإن جزيئات أخرى جديدة يمكن أن تكون قد انتقلت إلى سطحها
بفعل النوى الكوكبية نتيجة ارتطامها العنيف واملتكرر بها .وفي الحقيقة فإن
الشهب العقيدية الكربونية – التي قد تكون شظايا من مخلفات النوى الكوكبية
ً
القديمة – غنية باملادة العضوية ،بل إن بعضها يحتوي على أحماض أمينية .وأخيرا
ً
فقد برهن بعض العلماء تجريبيا على أن انضغاط الغازات وارتفاع درجة حرارتها
الناتج عن ارتطام النوى الكوكبية باألرض يمكن أن يكون له أثر مماثل لعمليات
التفريغ الكهربائي التي استخدمها ميلر ويوري لتكوين املواد العضوية املركبة .ومن
ثم فعلماء الفلك على ثقة بأن الجزيئات العضوية كانت منتشرة على األرض في غابر
الزمن.
من جهة أخرى ،إذا افترض املرء وجود املادة العضوية على األرض في بداية
عهدها (سواء تولدت هذه املادة بفعل البرق أو باإلشعاع فوق البنفسجي أو قصف
النوى الكوكبية) فإن مراحل كثيرة يتعين اجتيازها لنقلها من قطيرات مملوءة
266
ً
باألحماض األمينية وموجودة في البحر البدائي إلى خاليا حية .فالبنى املتخلقة مثال
ينبغي أن تكون قادرة على التكاثر ،وهي سمة لم نشهدها في أي من التجارب املتعلقة
ً
بمنشأ الحياة .لذلك تبقى هذه املسألة غير مفهومة علميا حتى اآلن.
تتضاعف الخاليا هذه األيام باستخدام جزيئة DNAمضاعفة التسلسل.
على أن بعض الباحثين يعتقدون بأن أشكال الحياة األولى استخدمت الجزيئة
ً
األبسط أي الحامض الريبي النووي Ribose Nucleic Acidأو RNAاختصارا .وقد
برهن علماء الكيمياء الحيوية أنه إذا توافرت املواد الكيميائية املناسبة (والسيما
أنزيمات معينة) فإن RNAيمكنها أن تتضاعف بغياب الخاليا الحية .كما اكتشفوا
جزيئات أخرى كثيرة ذات بنية أبسط بكثير من بنية RNAيمكنها أن تتضاعف ،إال
ً ً
أن هذا التضاعف ال يتعدى في معناه – حتى اليوم – تضاعفا "ميكانيكيا" ،بمعنى
أنه إذا وضعت جزيئات كهذه في محلول حاو على املواد األولية الضرورية فإنها تولد
ً
نسخا هي صورة طبق األصل عنها ،بل إن إحدى عمليات تهاجن الجزيئات ال تقتصر
على التضاعف فقط بل قد "تطفر" أبعد من ذلك إلنتاج سالالت محسنة .ومع هذا
فإن متطلبات توليد الحياة بالشكل الذي نعهده هي كبيره وبعيدة املنال .ونذكر على
سبيل املثال أن أشكال الحياة البسيطة ينبغي أن تكون قادرة على تكوين خاليا
تعمل بشكل جماعي.
نشوء الاكئنات احلية املعقدة
يغلب على الظن أن الحياة الخلوية البدائية على األرض كانت أبسط بكثير
ً
من حياة الخاليا التي نشهدها اليوم .فالخاليا البدائية كانت تفتقر مثال إلى النوى –
وهي حالة ال نجدها اليوم إال في البكتيريا وفي أنواع معينة من الطحالب .تسمى
الخاليا من هذا النوع نوى طليعية ،Prokaryotesوقد يكون ما حدث هو اندماج
هذه النوى الطليعية مع خاليا أخرى فأفادت من ذلك كلتا الخليتين ،إذ سمح لهما
بالتكاثر والنمو بسرعة أكبر .فإذا اتحدث على سبيل املثال خلية جيدة االختزان
267
ً
للطاقة بخلية جيدة التكاثر تولدت خلية أكثر تعقيدا .من مثل هذه البدايات
البسيطة ربما نشأت حقيقيات النوى ( eukaryotesأي الخاليا ذات النوى) ،تلتها
ً
املتعضيات متعددة الخاليا .أما الخاليا اليوم فإن ملعظمها غشاء معقدا يمسك بها
ً
جميعا بحيث يسمح للغذاء بالدخول وللفضالت باإلنطراح .أضف إلى هذا أن
معظم الخاليا غير البكتيريا وبعض الطحالب هي ذات نوى تختزن املعلومات
الوراثية ،وكذلك الحبيبات الخيطية mitochondriaوهي أجسام دقيقة داخل
الخلية تحول الغذاء إلى طاقة تستفيد الخلية منها.
إن من شأن التعقيد املطرد للكائنات متعددة الخاليا أن يتيح لها في بعض
ً
الحاالت استثمار مصادر غير متاحة للكائنات األبسط ،فمثال املتعض ي القادر على
التحرك من وسط تغذية فقير إلى وسط أغنى يمكنه التكاثر بنجاح أكبر من كائن
ساكن ال يتحرك .وهكذا فإن اشتراك مزايا التكاثر هذه مع متغيرات البيئة قادت إلى
هذا التنوع العجيب في الحياة الذي نشهده اليوم .والواقع أن هذه املزية التكاثرية
ً ً ً
(االنتخاب الطبيعي) ،مضافا إليها الطفرات العشوائية ،تؤدي دورا حاسما في نشوء
وارتقاء بعض األنواع األعلى رتبة ،كما أوضح ذلك تشارلز دارون Charles Darwin
عام 1859في كتابه البارز في أصل األنواع واالنتخاب الطبيعي.
ً ً
هذه العمليات املتقدمة كلها ،برغم كونها افتراضية ،تحمل عددا كبيرا من
ً ً
العلماء على االعتقاد بأن الحياة على ظهر األرض بدأت تلقائيا أو طبيعيا .ومع هذا
فإن بعض العلماء ال يقرون بذلك ،فيعتقد البعض أن الحياة بدأت خارج كوكب
األرض ثم انتقلت إلى األرض إما بالصدفة أو عن عمد.
نظرية النشأأة اخلارجية
ثمة اعتقاد بأن الحياة األرضية انطلقت من متعضيات خارج كوكب األرض في
ً
مكان ما من الكون .تسمى هذه النظرية أحيانا بنظرية النشأة الخارجية .وبحسب
هذه النظرية ،فإن أشكال الحياة البسيطة (ولعلها البكتيريا) انحرفت من موضع
268
ً
نشأتها عبر الفضاء إلى األرض .فمثال قد تكون بذرة بكتيريا من كوكب ناء قد
التصقت بجسيمات غبارية أثارتها الرياح أو الثورانات البركانية حتى بلغت أعلى
الغالف الجوي للكوكب ،ومن ثم انتقلت هذه الجسيمات إلى الفضاء مسوقة
بضغط اإلشعاع الصادر عن النجوم أو الرياح النجمية إلى مكان آخر .وعلى الرغم
ً
من أن الفضاء وسط غير مالئم أبدا ألشكال الحياة املتطورة ،فإن بإمكان
ً
املتعضيات البسيطة أن تبقى على قيد الحياة مددا طويلة إذا كانت دفينة في
حبيبات الغبار أو محمية بوسيلة ما .ثم انتهى املطاف بهذه الحبيبات إلى املنظومة
الشمسية حيث أصبحت رهينة الثقالة األرضية .وبتهاوي هذه الحبيبات على سطح
األرض أصابها الغبار فبث الحياة في كوكبنا.
ولنظرية النشأة الخارجية وجه يغري بالقبول ،فهي تبين أن أصولنا تحدرت
من مكان ما في الكون ،وهي نظرية شاع انتشارها في مطلع هذا القرن ،غير أن نقادها
يشيرون إلى أنها ال تبسط في الواقع مسألة نشأة الحياة ،وإنما تنقلها إلى مكان آخر
ليس إال .أضف إلى ذلك أنها تتطلب نقل الحياة إلى األرض ،وهي رحلة تحف بها
ً
املخاطر حتى للبكتيريا .وهكذا فقد زهد الناس بهذه النظرية تدريجيا.
احلياة خارج ا ألرض
شغل هذا املوضوع أفكار الناس آلالف السنين .فقد أشار أفالطون وأرسطو
إلى أن األرض هي املقر الوحيد للحياة ،وسادت هذه النظرة خالل القرون الوسطى
ً
بأكملها تقريبا .أما اليوم فقد تأثر الناس بأفالم الخيال العلمي وبالكتب التي تؤلف
في هذا اإلطار ،ومن ثم فهم ال يجدون صعوبة البتة في االعتقاد بوجود حياة خارج
كوكب األرض .أما إذا استعرضنا الحقائق ،فليس ثمة دليل على وجود الحياة
ً
هناك ،علما بأن هذا ال ينفي وجود حياة ما خارج كوكبنا ،وإنما يشير إلى أننا نجهل
ً
األمر .فهل يمكننا ،دون توفر الدليل ،أن نقول كالما ذا معنى حول الحياة في الكون
خارج كوكبنا األرض ي؟
269
هل حنن وحيدون يف الكون؟
هل توجد أشكال أخرى للحياة في الكون؟ هل يوجد في مكان ما على ُبعد مئات
ً
السنين الضوئية من األرض "طالب غريب" يقرأ كتابا يبحث في إمكان وجود حياة
ً
على كواكب أخرى كاألرض؟ ال يعرف العلماء جوابا عن تساؤالت كهذه ،وهم
منقسمون بهذا الشأن إلى فئتين ،تعتقد إحداهما (ولنطلق عليها اسم "أنصار
العوالم الكثيرة") بوجود ماليين الكواكب املأهولة في مجرة درب التبانة وحدها ،بل
إن الكثير من هذه الكواكب تعيش فيها حضارات متطورة .أما الفئة األخرى (ولنطلق
عليها اسم "أنصار العالم الفريد") فترى أننا الوحيدون في هذا الكون الذين
يتمتعون بحياة ذكية .وسنتناول فيما يلي كيف برزت وجهتا النظر هاتان.
دعاوى أأنصار العوامل الكثرية
يعتمد أنصار العوالم الكثيرة على وجهة النظر التالية :إن الكواكب الشبيهة
باألرض كثيرة .أما وقد تكونت الحياة على سطح األرض ،فمن الغرابة بمكان عدم
وجودها في مكان آخر .وفي الحقيقة فإنه لو وجدت حياة في جزء بسيط من هذه
ً
الكواكب ،فإن احتمال وجود حضارات متقدمة سيكون قائما .قد يقود النقاش هنا
ً
إلى تقدير منقوص جدا للحقيقة حول عدد الكواكب الصالحة للعيش فيها ،ألن
ً
الكواكب األخرى قد تحتوي أنماطا قد تكون قادرة على الحياة في بيئات ال تحتمل
املتعضيات األرضية العيش فيها .وتوطئة الستنتاج عدد تلك الكواكب ،فلتبدأ
ً
بتقدير عدد الكواكب الشبيهة باألرض في مجرة درب التبانة ،نتساءل أوال عن عدد
النجوم الشبيهة بالشمس في مجرة درب التبانة ،مقتصرين على أمثال هذه النجوم
فقط ،ذلك ألن النجوم الساطعة بلون أزرق تحرق وقودها بسرعة ،وفي هذه الحالة
سيكون مصيرها االنفجار على هيئة مستعرات عظمى Supernovaقبل أن تتاح
الفرصة الكافية لتطور الحياة فيها ،بخالف النجوم الحمراء الداكنة التي تكون
باردة ،األمر الذي يستدعي أن تكون الكواكب متاخمة لها إلى حد يجعل الظروف
270
الحرارية دافئة بما يكفي لقيام نوع من الحياة يحاكي الحياة على سطح األرض.
وضمن إطار هذا التقييد ألنواع النجوم ،وجد أن %10من نجوم مجرة درب
التبانة هي نجوم شبيهة بالشمس ،من إجمالي عددها الذي يقارب 1110نجم.
نتساءل اآلن كم من هذه النجوم ذات كواكب شبيهة باألرض؟
تشتمل مجموعتنا الشمسية على كوكبين من أصل تسعة يمكن أن تستقر
فيهما حياة كالتي نعرفها .وهذان الكوكبان هما األرض واملريخ .وإذا كنا متحفظين
فيما يتعلق بمجموعات أخرى ،وفرضنا أن احتمال استمرار الحياة في الكواكب
الدائرة حول النجوم الشبيهة بشمسنا هو واحد من عشرة فإن الـ %10من الـ
1010نجم الشبيهة بشمسنا يضع أمانا 109كوكب صالح للحياة.
ً
فكم كوكبا من هذا العدد توجد عليه حياة فعلية؟
تعتمد اإلجابة عن هذا التساؤل على درجة سهولة تكون الحياة ،وهي سهولة
تشير تجربة ميلر – يوري على أن درجة احتمالها عالية ،على حين يرى بعض
ً
الفلكيين أنه احتمال منخفض جدا .وفي هذا السياق شبه عالم الفيزياء الفلكية
ً
البريطاني فرد هويل Fred Hoyleاحتمال منشأ الحياة تلقائيا بعاصفة تهب على
ساحة مليئة بالخردة املعدنية وغيرها فتتجمع منه بالصدفة طائرة جامبو 747
بكامل معداتها!! وتكمن الصعوبة في تقدير ذلك االحتمال في أنها تعتمد على حالة
فريدة من الحياة أال وهي حياتنا على وجه األرض .ومع ذلك فإذا اعتمدنا األرض
ً
معيارا ،فإن سرعة تطور الحياة على سطحها ،وكذلك نجاح تجربة ميلر – يوري،
فإن احتمال نشأة الحياة بهذه الصورة احتمال كبير ربما يصل إلى واحد من مائة،
ً
وليس واحدا من مليون .فإذا سلمنا بهذا االحتمال فإننا نجد أن عدد العوالم التي
يمكن أن تنشأ فيها حياة في مجرتنا هو .109×0.01=107
271
نخطو اآلن خطوة أخرى فنتساءل:
مك عدد احلضارات املتقدمة اليت ميكن أأن توجد يف الكواكب اليت عىل
ظهرها حياة؟
ً ً
إن فرض نشأة حياة أعلى يمكن أن تكون كبيرة جدا أو صغيرة جدا .وهنا
ً
أيضا يقف العلماء حائرين .فحتى لو نشأت الحياة بنجاح ،فإنها قد تنمحق بفعل
ارتطام الكويكبات ،وهب أنها تمكنت من استحداث تقنية عالية ،وكانت في الوقت
ذاته متعجلة وغير مدروسة ،فقد تدمر الحياة ذاتها بفعل التلوث أو الحرب النووية
أو نتيجة كوارث أخرى ،وعندها سيكون احتمال تطوير حضارة تقنية كاحتمال
الواحد من عشرة آالف .وهكذا نجد أن عدد الحضارات املتقدمة في مجرتنا هو:
107 × 0.0001=1000
وإذا أخذنا بعين االعتبار وجود مليارات املجرات األخرى ،فإنه يبدو أن
احتمال بعيد .وكان أول من تقدم بماٌ احتمال وجودنا وحيدين في هذا الكون
عرضناه من نقاش الفلكي األمريكي فرانك دريك Frank Drakeالذي أشار إلى أن
بإمكان املرء أن يحصل على تقدير عدد الحضارات خارج أرضنا بحساب احتماالت
حدوث كل شرط الزم لها .وتسمى املعادلة الناتجة "معادلة دريك" نسبة إليه.
ً
ولسوء الحظ فإن دقة االحتماالت مجهولة تماما ،فلربما كانت الكواكب
الشبيهة باألرض على سبيل املثال أقل بكثير مما قدرناه ،وربما قادت الظروف
ً
السائدة فيها إلى نشأة أشكال حياة مغايرة تماما لتلك التي على ظهر األرض بحيث
يتعذر علينا تمييز الحياة هناك .أضف إلى هذا أنه حتى لو نشأت أشكال حياة
مماثلة لشكل حياتنا في مكان آخر ،فإن املدة الزمنية املتاحة لنا لالتصال بأصحابها
ً ً
ستكون ضئيلة جدا بحيث تضيع الفرصة سدى .ولنضرب على ذلك مثال ،فلو
وجدت حضارة على املريخ منذ عهد قريب ال يتعدى مئة عام خلت ،فإن اتصالنا
دمرت هذه بالراديو بهذه الحضارة لم تكن متاحة ،ولو حدث خالل تلك الفترة أن ّ
272
الحضارة نفسها بشكل من األشكال ،فهذا يعني أننا فقدنا أمل االتصال بها إلى األبد.
وهكذا نرى أن الجواب الذي تعطيه "معادلة دريك" مفعم باالرتيابات .ومع ذلك
فإنه في أسوأ الحاالت توحى املعادلة بوجود العديد من الحضارات غير حضارتنا في
هذا الكون .وإذا افترضنا وجود هذه الحضارات فلنا أن نتساءل عن أقربها إلينا.
يمكننا تقدير ذلك البعد كما يلي:
N لنفترض أن مجرة درب التبانة تشتمل على عدد من الحضارات قدره
ً
مبعثرة فيها عشوائيا ،بإمكاننا حساب املسافة الوسطى الفاصلة بين هذه
الحضارات ونرمز لها بـ rكما يلي :تصور إننا رسمنا كرة نصف قطرها r/2حول كل
ً
عالم متحضر ،عندها يمأل عدد من الكرات مساويا لـ Nحجم درب التبانة أي إن:
4 r 4 3
3
2R
=r
N 1l 3
ولحساب ،rومن ثم إليجاد بعد جوارنا عنا ،نضع قيمة Rوالتي نأخذها مساوية
40000سنة ضوئية ،و ،N=1000كما وجدنا من عدد الحضارات التقنية .وهكذا نجد
أن قيمة rتساوي 8000سنة ضوئية .اي أن أية اشارة نرسلها إلى أقرب حضارة سوف
تستغرق 16000سنة لكي نحصل على جوابها .يتضح في ضوء ذلك أنه حتى لو وجد
هذا العدد الكبير من الحضارات في مجرتنا فإنها متباعدة عن بعضها بمسافات شاسعة،
األمر الذي يجعل إمكان تبادل المعلومات معها أم اًر بعيد المنال.
273
البشري في أنحاء األرض ،وعلى املقدرة الكامنة النتشاره في مجرة درب التبانة .يدعي
ّأنصار العالم الفريد أن حضارة سابقة أتقنت غزو الفضاء سوف تحتاج إلى بضعة
آالف من السنين حتى تستعمر مجموعات كوكبية مجاورة ملوطنها األصلي ولسوف
تتمكن هذه الحضارة من غزو املجرة بأكملها خالل بضعة ماليين من السنين،
ويضيفون بأنه ما إن يحدث هذا االستعمار فإن الحضارة تغدو بسرعة على تماس
مع الحضارات األخرى ،إما بالوسائل املباشرة أو من خالل االتصاالت الراديوية .وملا
كنا ال نشهد اتصال حضارات أخرى بنا ،فإن ذلك دليل على انعدام وجود حضارة
قريبة منا ،ومن ثم فنحن على األرجح وحيدون في مجرة درب التبانة ،أو قد نكون
وحيدين مع حضارات أخرى قليلة ال يتجاوز عددها عدد أصابع اليد .ومع هذا فإن
حجج أنصار العالم الفريد شبيهة بحجج أنصار العوالم املتعددة من حيث أنها
ً
تستند إلى العديد من الفرضيات التي تفتقر إلى دليل .فهي تفترض مثال ما يلي:
.1إن معظم الحضارات تسعى إلى االستعمار.
274
الغالف الجوي وإلى املاء ،بل وإلى الفلزات التي تحتبس املاء ،يجعله غير مالئم للحياة
البتة .ولذا فإن الفلكيين يستبعدون وجود حياة على سطحه ،في حين أن املريخ يبدو
أكثر مالءمة؛ فبيئته برغم أنها قاسية تشبه بيئة األرض وتختلف عن بيئات
الكواكب األخرى جميعها .وقد أثبتت التجارب املخبرية أن بعض البكتيريا واألشنات
األرضية يمكنها أن تعيش في ظروف جو املريخ ،برغم عجزها عن التكاثر أو النمو
هناك .أضف إلى هذا أن الصور الفوتوغرافية امللتقطة تبين بوضوح أن بيئة املريخ
كانت أقل جفاء في املاض ي؟ فقد وجد أنه خالل حقبة ماضية كان املاء يجري عليه،
ً
غالف جوي أشد ٍ األمر الذي يشير إلى وجود شروط مناخية أكثر دفئا ،وإلى وجود
كثافة في املاض ي السحيق .ومع هذا فقد ثبت عام 1976عن طريق مركبتي الفضاء
فايكنح اللتين هبطتا على سطح املريخ خلوه من أي أثر للحياة ،بل ومن أي مركبات
كربونية عضوية.
حبوث راديوية عن حضارات أأخر
أما وقد فشلنا في العثور على أثر للحياة في جوارنا ،وبالنظر إلى صعوبة
التحري عن ذلك مباشرة في املواقع النائية عنا ،فقد انصرف عدد من الفلكيين
للبحث عن إشارات راديوية قادمة من حضارات أخرى .قد تكون هذه اإلشارات
الراديوية إذاعات موجهة إلينا عن عمد ،وقد تكون مجرد اتصاالت موجهة إلى غيرنا
فنسترق السمع إليها .بدأ تنصت الفلكيين لإلشارات الراديوية القادمة من العوالم
األخرى في الستينيات من القرن العشرين ضمن مشروع عرف باسم مشروع أوزما
Ozmaالذي قام برصد اإلصدارات الراديوية من العديد من مجموعات النجوم
املجاورة لنا ،على أمل التقاط إشارات مغايرة لإلشارات الناشئة عن عمليات
طبيعية .وثمة مشروعات أحدث للتنصت إلى خارج األرض تعرف باسم ( SETIوهو
لفظ منحوت من العبارة اإلنكليزية ،Search for Extraterrestrial Intelligence
ً
تستخدم فيها أجهزة استقبال تمسح آليا ماليين األطوال املوجبة بهدف التقاط
275
إشارات قادمة من حضارات أخرى .وفي الحقيقة فإن بعض األساليب املقترحة
تعتمد التوليف على أكثر من مئة مليون قناة راديوية.
ً
إن البحث عن اإلشارات ليس باألمر السهل أبدا؛ فحتى لو وجدت هذه
ً
اإلشارات فإنها ستكون ضعيفة جدا ،ودفينة في اإلشعاع الكوني .ولذا يتخير
الفلكيون بعناية األطوال املوجية التي يرصدونها .فعلى سبيل املثال تتداخل األمواج
ً
الراديوية الطويلة جدا مع األمواج الصادرة عن الغاز البينجمي الذي تصدره
املجرات بشدة .ومن شأن هذا اإلصدار أن يطغى على كل اإلشارات ذات الطول
املوجي الكبير باستثناء تلك ذات القدرة العالية.
ً
لكن ثمة مأخذا على محاوالت البحث تلك ،وهي أنه ربما كانت الحضارات
األخرى ال تهتم ببث اإلشارات الراديوية .فقد يؤثر أصحابها االنصات مثلنا .إال أنه
إذا كانت الحضارات األخرى مماثلة لحضارتنا ،فمما ال شك فيه أنها تبث إشاراتها
عن غير عمد على مدى واسع من األطوال املوجية .فمحطات التلفاز ورادارات
ً
الدفاع الجوي على سبيل املثال تثبت إشارات راديوية بقدرة عالية جدا يمكن
كشفها على ُبعد عدة سنين ضوئية عن األرض .كذلك فقد جرى عام ،1974إبان
االحتفال بافتتاح التلسكوب الراديوي الضخم Areciboفي بروتوريكو ،بث إشارات
راديوية باتجاه العنقود الكروي .M13ويبعد هذا العنقود عنا أكثر من 20000
سنة ضوئية ،ومن ثم فإن اإلشارة املبثوثة ما زالت في طريقها إلى ذلك الحشد.
هذا وقد أدت الصعوبات التي صاحبت هذه البحوث الراديوية إلى حمل
العلماء على النظر في طرائق أخرى للبحث عن الحياة خارج نطاق كوكبنا األرض ي.
وتركز إحدى هذه الطرق على البحث عن غازات غير متوقعة في الغالف الجوي
لكوكب – غازات يمكن أن تصدر عن كائنات حية.
وفي أواخر الستينيات من هذا القرن نبه الكيميائي البريطاني جيمس لفلوك
إلى أن العديد من الغازات التي تؤلف غالفنا الجوي سوف تختفي إذا توقفت
276
ً
الكائنات الحية عن تجديدها .فاألوكسجين مثال غاز فعال يتحد بسهولة بالصخور
ً
قائال إن وجود غازات كهذه في الغالف الجوي السطحية .ويمض ي الكيميائي لفلوك
ً
لكوكب لهو دليل على وجود الحياة فيه .ومن هنا فبدال من البحث عن إشارات
راديوية أو إرسال عربات فضائية غير مأهولة لسبر سطح الكوكب ،فقد يجد
ً
الفلكيون دليال على وجود الحياة خارج األرض بتحلل الضوء القادم إليهم من
الغالف الجوي للكوكب .ولسوء الحظ لم نتمكن حتى اآلن من رصد أي كوكب خارج
نطاق منظومتنا الشمسية ،ومع هذا فقد أوحت مالحظات لفلوك بطرائق أخرى
ً
مختلفة جدا عن سابقاتها.
Gaia فرضية غااي
في عام 1974أشار لفلوك وعالم األحياء الدقيقة األمريكي لن مارغولس إلى
أن الحياة تشكل "كأل أكبر" مع الكوكب فيتعايشا بالتكافل ،وأطلقا على اقتراحهما
هذا اسم فرضية غايا .وقد اختار هذا االسم نسبة إلى غايا إلهة األرض عند اإلغريق.
ً
وبمقتض ى هذه الفرضية ال تستجيب الحياة لبيئتها وحسب ،وإنما تغير فعال
من طبيعة الغالف الجوي للكوكب ودرجة حرارته لتجعلها أكثر مالءمة .وكما ذكرنا
ً ً
آنفا ،فإن من املؤكد أن الحياة النباتية قد فعلت ذلك تماما على األرض .فقد جعلت
ً
عملية التخليق الضوئي في النبات جو األرض غنيا باألوكسجين ،فكان بمنزلة حجاب
يقي سطح األرض من اإلشعاع فوق البنفسجي الخطر على الحياة .وباملثل فإن
بإمكان النبات أن يغير من درجة حرارة الكوكب من خالل مفعول الدفيئة ،فإذا كان
الكوكب شديد البرودة ،فإن عملية التركيب الضوئي في النبات ستتباطأ ،وستتحول
كمية أقل من ثنائي أكسيد الكربون إلى أوكسجينّ .أما إذا ازداد مقدار CO2فإن
الكوكب سيسخن وسيساعد ذلك على نمو النبات .وباملقابل فإذا ارتفعت درجة
ً ً ً
حرارة الكوكب كثيرا ،فإن نمو النبات سيحدث بكثافة وينمو نموا جنونيا وسيولد
277
لك الكثير من األوكسجين ،األمر الذي يقلل من وفرة CO2ومن ثم يخفف من
التسخين نتيجة مفعول الدفيئة.
كما اقترح كل من لفلوك ومارغولس أن مظاهر أخرى للبيئة كالرطوبة
وملوحة املحيطات وسوية البحار ،بل وحتى تكوينات الصفائح ،يمكن أن تتحكم بها
ً ً
الكائنات الحية حتى تتالءم مع تكاثرها وتنسجم معه انسجاما تاما .إن الربط بين
ً
الكائنات الحية والوسط الذي تعيش فيه فكرة تستحق االهتمام حقا؛ فهي تكاد
ً ً
تجل من الكوكب كائنا حيا .ولكن ما مدى صحة فرضية غايا؟ إن بعض جوانب هذه
الفرضية ال غبار عليه ،إال أن العديد من العلماء يشككون في بعض ما تذهب إليه
ً
وال سيما في تلك اإلدعاءات األكثر تطرفا فيها كالتحكم بتكتونيات الصفائح على
سبيل املثال .ومما ال شك فيه أن الكائنات الحية تؤثر وتتحكم بالبيئة التي تعيش
فيها ،وال شك أن ثمة روابط بين الحياة والعالم املادي بقيت غائبة عن األذهان.
ولعل إحدى هذه الروابط هي جذورها في علم الكونيات ،وهي رابطة تعرف باسم
"املبدأ اإلنساني".
Anthropic Principle املبد أأ النسان أأو مبد أأ التسخري
استعرض الفيزيائي روبرت ديك من جامعة برنستون عام 1961بعض
حوادث التوافق الكونية .فقد أشار (ديك) أن عمر الكون ،على سبيل املثال قريب
من عمر نجوم كالشمس ،وأضاف إن هذا التوافق في الواقع ال يثير الدهشة ،بل هو
ضرورة .وأشار إلى أن الحياة تتطلب الكربون والسيليكون والحديد ،وهي مواد
تصنعها النجوم ذات الكتل الضخمة .وهكذا فإن نشأة الحياة تتطلب مرور زمن
كاف لتصنع العناصر الثقيلة ثم لتثبتها في الفضاء إثر انفجار مستعر فائق .ثم إنه
ٍ
ً
ال بد من انقضاء زمن آخر حتى تلتحق هذه املواد بالسحب البينجمية وتكون نجوما
ً
جديدة .وال تصبح الحياة ممكنة إال في هذا الجيل الثاني من النجوم حصرا .وهكذا
فقد استنتج (ديك) أن الحياة الذكية مستحيلة في كون ال يتجاوز عمره بضعة
278
آالف من السنين .وأضاف أن الحياة تتطلب النجوم ،ومن ثم فهي موجودة في أماكن
ً
من الكون حديثة نسبيا وهي أماكن لم تستفد فيها النجوم وقودها بالكامل .وعليه
ً
فإن وجود الراصد الذكي بحد ذاته في الكون يتطلب أن يكون ُعمر الكون محصورا
ضمن حدود معينة.
وفي العام 1974خطا الفيزيائي البريطاني براندون كارتر بأفكار ديك خطوة
إلى األمام ،فاقترح مبدأ عرف باسم اْلبدأ اإلنساني Anthropic Principleمؤداه
أن ما نتوقع رصده مقيد بالشروط الالزمة لوجودنا كراصدين .وقد بين كثير من
العلماء منذ طرح املبدأ اإلنساني مدى حاجة الكون إلى التوليف الدقيق في بدء
ً
تكوينه لكي يغدو مالئما للحياة.
ً ً
إذن فوجود الحياة على األرض مشروط شرطا سببيا بوجود الكون كله
وبالصيغة التي تقررت له منذ اللحظات األولى لالنفجار العظيم .هكذا نأتي اآلن
ً
وبعد خمسة عشر مليار سنة من والدة الكون لنكشف علميا أن اللحظات التي
ً ً
نعيشها اآلن مرتبطة ارتباطا وثيقا باللحظات األولى لذلك االنفجار.
هذا الترابط القائم بين عالم الذرات وعالم املجرات ،رغم سعة األبعاد
واختالف الكتل والحركات وتباعد األزمنة بين الثواني األولى واألخيرة له مضامين
كبيرة ،لعل أهمها أن هذا الكون بسياقاته التي سار عليها وبهيئته الحالية هذه
وتكوينه هذا شرط ضروري والزم لوجود اإلنسان .وملا كان اإلنسان هو الكائن
ً
العاقل الوحيد املعروف حتى اآلن في هذا الكون ،فإن الكون البد أن يكون مخلوقا
من أجل أن يوجد اإلنسان ،أي من أجل اإلنسان ( .لو أننا اكتشفنا مخلوقات ذكية
ً
أخرى في الكون فإن االستنتاج يبقى ساريا لكننا سنقول عندها إن الكون وجد من
أجل أن تكون فيه حياة ذكية وفي كل هذه األحوال فالنتيجة واحدة).
سمي هذا الكشف العظيم " املبدأ اإلنساني ، " Anthropic Principle
لكنني أفضل تسميته بالعربية " مذهب التسخير " فالقصد في مذهب التسخير
279
اإلسالمي هو نفسه الذي في هذا املبدأ اإلنساني ،وقد تزايد االهتمام بهذا املبدأ
خالل النصف الثاني من العقد املاض ي ،وقدم فيه العديد من أساطين الفيزياء
النظرية والكونية آراءهم ومفاهيمهم حول هذه املسألة ،وبأزاء ذلك انقسمت
عشيرة الفيزيائيين إلى مذهبين:
أصحاب اْلذهب األول :وهؤالء يقررون أن مضمون الترابط القوي بين ثوابت
ومتغيرات الكون التي أدت بالنتيجة إلى توفير الظروف الكونية "الطبيعية " لتكون
ً
مناسبة لوجود اإلنسان .وفق هذا التأويل يكون الكون قد تم تفصيله أصال ألجل
االستيطان البشري ،وإن قوانين الفيزياء والظروف األولية قد تراكبت بالطريقة التي
تؤمن الوجود الالحق للمخلوقات الحية .وقد سمى براندن كارتر هذا "مذهب
التسخيرالقوي." Strong Anthropic Principle
من الفيزيائيين القائلين بهذا املذهب جوزيف سيلك الذي أثبت أن هنالك
كتلة حرجة للمجرة تتمكن عندها أن تتحول إلى نجوم ،وفي نهاية األمر إلى كواكب
سيارة وإلى بيئة مالئمة لتطور الحياة .كما يؤيد الفيزيائي العتيد جون ويلر مذهب
التسخير القوي فيقول" :وما فائدة وجود الكون دون إدراك ذلك الكون؟ " .أما جون
بارو فإنه يعيد تأكيد املبدأ القائل بأن وجودنا هو املسؤول بمعنى ما عن الهيكل
ً
الخاص جدا للكون إذ يقول :إن االرصادات في العالم الطبيعي رغم كونها متطلبات
ملحوظة ،فإنها ترى بهذا التصور على أنها نتائج محتمة لتواجدنا نحن.
أصحاب اْلذهب الثاني :وهم يقرون بأن الحقائق الدالة على تراكب
الصدف العديدة لتحقيق بنية الكون على هذه الصورة تنفي وجود الصدفة
ً
أساسا ،لكنهم يعتبرون الفترة التي وجدت فيها الحياة على األرض هي حالة (حظ
سعيد للغاية) إذ يقول بول ديفز في مناقشته ملوضوعة فرد هويل " لو لم تكن
الحالة كما كانت عليه فينبغي أن ال نكون هنا ملناقشة هذا املوضوع ،وإنها أحد
األمثلة العتبارنا محظوظين بصورة استثنائية لوجودنا في كون ذي هيكل يعتمد
280
بدقة عالية على الثوابت الطبيعية " .ولقد سمى براندن كارتر هذا "مذهب التسخير
الضعيف ."Weak Anthropic Principle
يتضح من هذا أن مذهب التسخير الضعيف ليس إال محاولة لتأجيل كافة
الصدف التي كان يؤمن بها علماء الطبيعة وجمعها في صدفة واحدة هي صدفة
وجودنا في حقبة زمانية معينة من عمر الكون.
في كل األحوال فإن مبدأ التسخير يشير الى وجود قصد وغاية من خلق هذا
الكون ووجود كوكب واحد على األقل ينتمي الى منظومة شمسية فيه يتمتع
بالخصائص الالزمة لنشوء وتطور الحياة عليه .إال أن االعتراض على وجود القصد
والغاية يأتي من فرضية األكوان املوازية Multiverseحيث يدعي أن وجود أكوان
أخرى كثيرة بمواصفات أخرى ينفي القصد والغاية مثلما ينفي وجود قصد وغاية
ً
ايضا لوجود قشرة محار على شاطئ أحد البحار .لكن هذه املحاججة تبطل في حال
أن قلنا بأن الذي قصد وجود حياة ذكية على األرض إنما هو الخالق ّ
القيوم الذي
يتولى كل ش ئ في الكون من خالل ضبطها بقوانين هو استسنها وفي جملتها قوانين
نشوء الحياة نفسها وتطور العالم وكائناته .وبالنتيجة فاإليمان هو تسليم فمن شاء
فليؤمن ومن شاء فليكفر.
281
املالحق
282
الجدول ( :)1ثوابت فيزيائية وفلكية
ثوابت فلكية
الوحدة الفلكية 1.4959787061011m
=206265AU
283
نصف قطر الشمس 6.96108 m=6.96105km
سطوعية الشمس 3.831026 watts
نصف قطر القمر 1.738103 km
كتلة القمر 7.3481022 kg
284
الجدول ( :)3الخصائص المدارية للكواكب
285
0.03 24 القيثارة النسر الواقع Vega
286
جدول( )7مواقع المنازل العربية
287
1800.000 -1708.568 30.000 -17.142 القوس البلدة
288
مرسد ابملصطلحات الواردة يف الكتاب
289
Reddening احمرار
Occultation استتار
Greatest elongation االستطالة العظمى
Nova مستعر
Equinox االعتدال الربيعي أوالخريفي
Vernal equinox االعتدال الربيعي
Conjunction اقتران
Emission انبعاث
Tidalbulge انتفاخ مدي
Conservation of angular momentum انحفاظ االندفاع الزاوي
Conservation of energy انحفاظ الطاقة
Curvature of space انحناء الفضاء
Nuclear fusion اندماج نووي
Gravitational redshift انزياح أحمر ثقالي
Blueshift انزياح أزرق
Redshift االنزياح األحمر
Doppler shift انزياح دوبلر
Fission انشطار
Diffraction حيود
290
Big bang االنفجار العظيم
Solstice( winter and summer) )االنقالب (الشتوي والصيفي
Refraction انكسار
Parsec فرسخ فلكي،بارسك
Mare بحر
Maria بحور
Proton بروتون
Green house effect تأثيرالبيت الزجاجي
Ionization ُّ
تأيين،تأين
Dispersion
ّ
تبدد،تبديد
Scattering تشتت،تبعثر
Triangulation تثليث
Infrared تحت أحمر
Nucleosynthesis تخليق نووي
Bipolar flow تدفق ثنائي القطب
Frequency
ّ
تواتر،تردد
Precession ترنح
Acceleration تسارع
Mainsequence التسلسل الرئيس ي
291
Inflation تضخم
Photo dissociation تفكك ضوئي
Fluorescence ُ
تفلور
Opposition تقابل
Plate tectonics تكتونيات الصفائح
Negtive curvature ّ
تكور(انحناء) سالب
Reflector تلسكوب عاكس
Refractor تلسكوب كاسر
Hydrostatic equilibrium )توازن (هيدروستاتي
Siderealtime التوقيت النجمي،التوقيت الفلكي
Universaltime توقيت غرينتش،التوقيت العاملي
Dynamo توليد الحقول املغنطيسية
Convection تيارات الحمل
Hubble constant ثابت هابل
Gravity الجاذبية
Blackhole ثقب أسود
Eclipsing binary الثنائي الكسوفي
Spectroscopic binary ثنائي طيفي
X-ray binaries ثنائيات األشعة السينية
292
Visible binary ثنائية نجمية مرئية
Neap tide جزر محاقي
Molecule جزيئة
Alpha particle جسيم ألفا
State Excited حالة ُمثارة
Obscuration احتجاب،حجب
Angular size الحجم الزاوي
Chandrasekhar limit حد شاندراسيخار
Retrograde motion حركة تراجعية
Asteroid belt حزام الكويكبات
Local Supercluster عنقود فائق محلي
Cluster عنقود
Perihelion الحضيض الشمس ي
Earth’s magnetic field الحقل املغناطيس ي األرض ي
Magneticfield حقل مغناطيس ي
Lunar eclipse خسوف
Celestial equator خط االستواء السماوي
Equator خط االستواء
Parallax خط اختالف املنظر
293
Magnetic lines of force خطوط القوة املغنطيسية
Zodiac دائرة البروج
Minuteofarc دقيقة قوسية
Sidereal period دور فلكي
Period دور
Synchronous rotation دوران متزامن
Solar cycle الدورة الشمسية
Atom ّ
ذرة
Tail ذيل
Spectrograph راسم الطيف
Meteorite نيزك
Resonance تجاوب،رنين
Solarwind الريح الشمسية
Azimuth َّ زاوية
السمت
ُ
Meteor shower زخة شهب
Angular momentum
ّ الزخم
الزاوي
Oort cloud سحابة أورت
Interstellar cloud سحابة بينجمية
Magellanic clouds سحابتي ماجالن
294
Carb nebula سديم السرطان
Solar nebula سديم شمس ي
Reflection nebula سديم عاكس
Planetary nebula سديم كوكبي
Dark nebula سديم معتم
Nebula سديم
Escape velocity سرعة اإلفالت
Recession velocity سرعة االنحسار
Luminosity سطوع
Zenith ّ
السمت
Light year سنة ضوئية
Aurora الشفق القطبي
Heliocentric شمس ي املركز
Meteor شهاب
Prominece الشواظ الشمس ي
Radiation pressure ضغط اإلشعاع
Degeneracy pressure ضغط التوالد
Energy طاقة
Wavelength طول املوجة
295
Emission line spectrum طيف إنبعاث خطي
ّ
Absorption line spectrum طيف امتصاص خطي
Electromagnetic spectrum طيف كهرومغناطيس ي
Visible spectrum طيف مرئي
Continuous spectrum طيف مستمر
Spectrum طيف
Transit عابر،عبور
Gravitational lens عدسة ثقالية
Period-luminosity relation عالقة الدور والسطوع
Spectroscopy علم األطياف
Cosmology علم الكونيات
Redgiant عمالق أحمر
Giant عمالق
Radioactive element عنصر مشع
Globular cluster عنقود كروي
Supercluster عنقود مجري فائق
Galactic cluster عنقود مجري
Open cluster عنقود مفتوح
Star cluster عنقود نجمي
296
Ozone غاز األوزون
Degenerate gas غاز متوالد
Solar nebula hypothesis فرضية السديم الشمس ي
Differentiation فصل
Lobes فصوص
Curveds pace الفضاء املحدب
Ecliptic الدائرة الكسوفية
Epicycle فلك التدوير
Photon فوتون
Ultraviolet فوق بنفسجي
ُ
Crater فوهة
Wien’s law قانون فين
Hubble law قانون هابل
Opacity قتامة
َ
Magnitude ق ْدر
Accretion disk قرص التنامي
Disk قرص
White dwarf قزم أبيض
Black dwarf قزم أسود
297
Brown dwarf قزم بني
Dwarf قزم
Crust قشرة
Inertia قصور
South celestial pole القطب السماوي الجنوبي
North celestial pole القطب السماوي الشمالي
Celestial pole القطب السماوي
Polarity قطبية
Satellite )قمر(تابع
Differential gravitational force القوة الثقالية التفاضلية
Weak force القوة الضعيفة
Electroweak force قوة كهروضعيفة
Electromagnetic force قوة كهرومغناطيسية
Nuclear force قوة نووية
Fundamental forces القوى األساسية
Tidal braking كبح مدي
Mass كتلة
Critical density الكثافة الحرجة
Density كثافة
298
Chromosphere الكرة اللونية
Magnetosphere الكرة املغنطيسية
Photosphere الكرة املنيرة
Solar eclipse كسوف
Annular eclipse الكسوف الحلقي
Total eclipse كسوف كلي أو خسوف كلي
Eclipse الكسوف
Sunspot بقعة شمسية،كلف شمس ي
Quasar )كوازار(شبه نجم
Terrestrial planet كوكب أرض ي
Outer planet كوكب خارجي
Inferior planet كوكب داخلي
Planet كوكب
Constellation كوكبة
Closed universe كون مغلق
Open universe كون مفتوح
Flat universe كون منبسط
Universe الكون
Asteroid كويكب
299
Outer core لب خارجي
Flare لسان لهب
Celestial sphere الكرة السماوية
Dark matter املادة الخفية
Antimatter املادة املضادة
Interstellar matter مادة بينجمية
Exclusion principle مبدأ اإلستثناء
Anthropic principle )املبدأ اإلنساني (مبدأ التسخير
Cosmological principle املبدأ الكوني
Ionized مؤين،متأين
Barred spiral galaxy ّ
مجرة حلزونية عصوية
Spiral galaxy مجرة حلزونية
Milky Way galaxy ّ م
جرة درب التبانة
Irregular galaxy ّ
مجرة غير منتظمة
Galaxy مجرة
LocalGroup املجموعة املحلية
Supernova remnant مخلفات املستعر الفائق
Tides املد والجزر
Orbit فلك،مدار
300
Comet مذنب
Supernova مستعر فائق
Enegylevel مستوى طاقة
Resolving power )مقدرة الفصل (تمييز
Interfermoeter مقياس التداخل
Quantized مكمم
Convection zone منطقة حملية
Solar System املنظومة الشمسية
Electromagnatic wave موجة كهرومغناطيسية
Eclipse seasons موسما الكسوف
Megaparsec ميغافرسخ فلكي،ميغا بارسك
Declination ميل
Atmospheric window النافذة الجوية
Nanometer نانومتر
Protostar نجم أولي
Morning Star نجم الصباح
EveningStar نجم املساء
Binary Star نجم ثنائي
Cepheid Star نجم قيفاوي
301
Variable star نجم متغير
Millisecond pulsar نجم ّنباض ميلي ثانية
Pulsar نجم ّنباض
Neutron star نجم نيوتروني
Star نجم
Semimajor axis نصف املحور الكبير
Schwarzchild radius نصف قطر شوارتزشلد
Grand Unification theories(GUT’s) النظريات املوحدة الكبرى
Aphelion نقطة األوج
Model نموذج
Nucleus نواة
Meteoroid نيزك
Neutron نيوترون
Neutrinos نيوترينوات
Halo هالة
Highlands هضاب القمر
Astronomical unit(AU) الوحدة الفلكية
Heliumflash ومضة الهيليوم
Scintillation وميض
302
Solar day يوم شمس ي
Sidereal day يوم نجمي
303
عنوان البريد اإللكتروني للمؤلف
baseltaie@gmail.com
قناة اليوتيوب للمؤلف
(170) Basil Altaie - YouTube
304