You are on page 1of 305

‫مدخل اىل عمل الفكل‬

‫ا لأ س تاذ ادلكتور محمدابسل الطايئ‬

‫‪2019‬‬
‫‪YARMOUK UNIVERSITY‬‬
‫]‪[Company address‬‬
‫مدخل اىل عمل الفكل‬

‫ا لأ س تاذ ادلكتور محمدابسل الطايئ‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة الكتاب‬
‫هذا الكتاب هو مجموعة محاضراتي في علم الفلك ألقيتها في سنوات مختلفة‬
‫لفصول عديدة خالل فترة عملي بجامعة اليرموك في األردن لعشرين سنة‪.‬‬
‫ً‬
‫الكتب التي تعني بعلم الفلك باللغة العربية قليلة جدا‪ ،‬لكننا نرى الكتب املؤلفة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بلغات أخرى تملؤ رفوف مكتبات‪ .‬وهذا أمر مؤسف حقا‪ .‬لذا وجدت ضرورة لنشر‬
‫الكتب في هذا الشأن فعمدت الى تأليف كتاب (أساسيات في علم الفلك والتقاويم)‬
‫الذي نشرته عام ‪ 2001‬ثم نشرت لي دار النفائس اللبنانية عام ‪ 2003‬كتاب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(مدخل الى علم الفلك) بطبعة ملونة قشيبة‪ .‬وقد القى هذا الكتاب رواجا كبيرا‬
‫وأعيدت طباعته مرات عديدة‪ .‬وقد عرضت على الناشر القيام بتنقيحه والزيادة‬
‫فيه لكن الناشر لم يكترث لطلبي‪.‬‬
‫إن من املؤسف بل من املؤلم أن نرى الناشرين العرب يسعون الى الكسب دون‬
‫العناية بمنشوراتهم ال من حيث املحتوى وال من حيث التوزيع‪ .‬ومن املعروف أن ما‬
‫يكسبه املؤلف من نقود ال يجزي لقاء جهده وعمله املضني في التأليف والتنسيق‬
‫والتصحيح‪ .‬وهذا سبب مهم لعزوف الباحين واألساتذة املتخصصين عن التأليف‪,‬‬
‫لقد وصلتني مئات الرسائل تسأل عن كتبي أين تباع؟ فهنالك جمهور واسع يريد‬
‫اقتناءها‪ .‬ومن املؤكد أن هنالك سوء في التوزيع سببه مصالح الناشرين الضيقة!‬
‫لذلك عمت اآلن الى نشر هذا الكتاب وغيره على بوابة األبحاث‬
‫‪Research Gate‬‬
‫ً‬
‫ليكون في متناول من يطلبه مجانا بعد أن أجريت بعض التعديالت والتصحيحات‬
‫وقليل من االضافات على النسخة األصلية وفي الجعبة الكثير‪.‬‬
‫محمدباسل الطائي‬
‫ليدز ‪ /‬اململكة املتحدة‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة الكتاب ‪2 .......................................................................‬‬

‫الفصل األول معرفة السماء‪6 ........................................................‬‬

‫أهمية دراسة علم الفلك‪7 ............................................................‬‬

‫خارطة السماء ‪22 .....................................................................‬‬

‫الفصل الثان حركات السماء ‪30 .....................................................‬‬

‫الحركة اليومية للقبة السماوية‪31 ...................................................‬‬

‫حركة الشمس ف السماء‪36 ..........................................................‬‬

‫حركة القمر ف السماء‪46 .............................................................‬‬

‫حركة الكواكب ف السماء‪53 .........................................................‬‬

‫الخسوف والكسوف ‪56 ..............................................................‬‬

‫الفصل الثالث لمحة تاريخية عن تطور علم الفلك‪68 ...........................‬‬

‫الفصل الرابع علم الفلك الحديث ‪91 .............................................‬‬

‫الفصل الخامس رصد السماء‪124 .................................................‬‬

‫قياس المسافات الفلكية بطريقة اختالف المنظر‪125 ..........................‬‬

‫أجهزة الرصد الفلك ‪129 .............................................................‬‬

‫‪3‬‬
‫ظهور التلسكوبات‪136 ...............................................................‬‬

‫الضوء واالشعاع ‪147 .................................................................‬‬

‫الفصل السادس الشمس والقمر ‪164 .............................................‬‬

‫الفصل السابع األرض‪187 .........................................................‬‬

‫الفصل الثامن كواكب المنظومة الشمسية‪210 ..................................‬‬

‫متسلسلة بود‪213 .....................................................................‬‬

‫عطارد‪214 .............................................................................‬‬

‫الزهرة ‪217 .............................................................................‬‬

‫المري خ ‪221 ............................................................................‬‬

‫ر‬
‫المشتي ‪227 ..........................................................................‬‬

‫زحل ‪230 ...............................................................................‬‬

‫أورانوس‪233 ...........................................................................‬‬

‫نبتون‪235 ..............................................................................‬‬

‫بلوتو ‪237 ..............................................................................‬‬

‫الفصل التاسع أجرام أخرى ‪242 ...................................................‬‬

‫الكويكبات‪243 ........................................................................‬‬

‫‪4‬‬
‫المذنبات ‪246 .........................................................................‬‬

‫الشهب والنيازك ‪252 .................................................................‬‬

‫تكوين النظام الشمس‪254 ..........................................................‬‬

‫الفصل العاش نظم شمسية أخرى‪260 ............................................‬‬

‫الحياة خارج األرض ‪264 .............................................................‬‬

‫البحث عن الحياة خارج كوكبنا‪274 ................................................‬‬

‫المالحق‪282 ...........................................................................‬‬

‫مرسد بالمصطلحات الواردة ف الكتاب‪289 .......................................‬‬

‫‪5‬‬
‫الفصل ا ألول‬
‫معرفة السامء‬

‫‪6‬‬
‫أأمهية دراسة عمل الفكل‬
‫تشكل وعي اإلنسان عن‬ ‫يعتبر علم الفلك واحداً من أقدم العلوم‪ ،‬ذلك ألنه بدأ مع ّ‬
‫هذا العالم‪ ،‬فصورة السماء بنجومها وكواكبها الالمعة تبهر األبصار‪ ،‬وطلعة البدر البهية‬
‫أخاذةٌ إلى درجة كبيرة جعلت الشعراء يهيمون به هيامهم بمحبوباتهم‪ .‬وصورة كوكب الزهرة‬
‫ّ‬
‫وبريقه الذي يشبه بريق ثياب العروس جعل اإلنسان يسهم النظر في هذه السماء طويالً‪،‬‬
‫فاكتشف أنها يمكن أن تكون بنجومها هذه دليالً له أثناء مسيره في القفار ومؤنساً له عن‬
‫صب النهار‪.‬‬
‫ون َ‬
‫وحشة الليل َ‬
‫ظ اإلنسان حركات أجرام السماء فوجدها متباينة‪ ،‬منها ما يتحرك جملة واحدة‬ ‫ال َح َ‬
‫ومنها ما ُّ‬
‫يشذ فيتحرك منفرداً‪ ،‬فيبدو مستقيماً في حركته تارًة ومتراجعاً تارًة أخرى‪ ،‬فكأنه‬
‫حائر‪ ،‬لذلك سماها الكواكب المتحيرة‪ .‬وكانت تسمية الكواكب والنجوم قديماً تطلق على‬
‫األجرام السماوية جميعاً سواء‪ .‬إال أن اإلنسان اكتشف بعد ذلك أن بعضها مضيء (أي‬
‫تنتج الضوء بذاتها) فسماها النجوم ‪ Stars‬وأخرى مستضيئة (تعكس ضوء غيرها) سماها‬
‫الكواكب ‪.Planets‬‬

‫أأمهية عمل الفكل قدميا‬


‫‪ .1‬معرفة أوقات األنواء وتغير األحوال الجوية‪:‬‬

‫ذلك أن الناس قديماً ربطوا بين الفلك واألنواء ربط اقتران فعرفوا أن حصول األنواء‬
‫من رياح ومطر وحر وبرد يقترن بظهور نجوم أو كوكبات نجمية معينة دون أن تكون‬
‫لهذه النجوم والكوكبات بذاتها عالقة مباشرة مع النوء نفسه بالضرورة‪ .‬وأصل الربط بين‬
‫الفلك واألنواء يعود إلى حقيقة اقتران الفصول النوئية (الفصول األربعة وأجزائها) بمواقع‬
‫األرض من الشمس خالل حركتها السنوية‪ .‬وعموماً فقد أفاد الناس من هذا االقتران‬
‫الزراع بأفضل أوقات الفالحة (الحراثة والبذر‬
‫تعرف ّ‬ ‫فوضع البابليون جداول مسبقة ّ‬
‫والحصاد)‪ .‬وتحدد مواسم األمطار‪ .‬أما المصريون فقد ربطوا بين الفلك وأوقات فيضان‬
‫النيل‪ ،‬ووضعوا لتلك الغاية جداول تعين أوقات الفيضان وما ينبغي على الفالحين عمله‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ .2‬التنبؤ بأحداث المستقبل‪:‬‬

‫وذلك بمعرفة مواقع الشمس والقمر والكواكب في البروج‪ ،‬وهذا ما سمي علم‬
‫التنجيم أو أحكام النجوم وهو ليس علماً بالمعنى الصحيح ألنه يقوم على كثير من‬
‫كثير من‬ ‫المسلمات اإلعتقادية وليس له أية أسس برهانية‪ ،‬على الرغم من توافره على‬
‫الحسابات ورغماً عن استخدامه لكثير من المعلومات الفلكية الرصدية والنظريات الهندسية‬
‫الصحيحة‪ .‬وقد شجع الملوك واألمراء وكثير من أصحاب الثروة والمال جهود المنجمين‬
‫بل إن التنجيم هو أحد أهم الدوافع التي وقفت وراء تطوير علم الفلك الرصدي‬
‫‪.Observational Astronomy‬‬

‫‪ .3‬االهتداء بالنجوم في البر والبحر‪:‬‬

‫من المعلوم أن خارطة السماء أوضح وأدق من خرائط األرض فمسالك األرض‬
‫متغيرة غادرة‪ ،‬لكن مسالك السماء ثابتة موثوقة‪ .‬فالنجوم في مسالكها تسير بانتظام‪ ،‬فيما‬
‫تتحول كثبان األرض بين وقت وآخر دون أن يتمكن أحد من التنبؤ بمواقعها‪ .‬أما في‬
‫البحر فإن األمر أدهى وأمر‪ ،‬إذ ليس فيه ّأية مثابات أو عالمات يهتدى بها‪ ،‬فيما تكون‬
‫سماء البحار صافية داكنة بغياب القمر‪ ،‬ترصعها النجوم المتأللئة‪ .‬لذلك تكون سماء‬
‫البحر خير وسيلة لمعرفة االتجاهات وتقدير السبل‪ .‬وقد وصف المالح العربي إبن ماجد‬
‫بوصلة البحر المسماة الحّقة التي تستخدم نظام األخنان والذي سيأتي وصفه في الفصل‬
‫السادس من هذا الكتاب عند عرض األجهزة الفلكية‪.‬‬

‫أما في الوقت الحاضر فإن أهمية علم الفلك تتركز فيما يلي‪:‬‬

‫‪ . 1‬تحقيق فهم أدق للعالم بكل ما فيه من أشكال الطاقة والمادة واستيعاب قوانينها‬
‫ونواميسها‪ ،‬وذلك لالستفادة من هذا الفهم في تطوير الحياة المادية على األرض‪ .‬وقد‬
‫ظهر هذا التوجه بعد أن عرف اإلنسان أن قوانين األرض هي نفسها قوانين السماء‪،‬‬
‫خالفاً لما كان يعتقده أرسطو ومن تبعه في العقيدة من أن للسماء تراكيباً وقوانيناً تختلف‬
‫نوعياً عن تراكيب وقوانين األرض‪ .‬فقد صار في المعلوم اآلن أن السماء دليل األرض‬

‫‪8‬‬
‫وأن األرض دليل السماء‪ .‬ويدخل تحت هذا الباب جميع الجهود التي تبذل على صعيد‬
‫فهم أصل الكون وكيفية نشأته وتطوره‪.‬‬

‫‪ . 2‬تدقيق الحوادث التاريخية المسجلة والمقترنة بحوادث فلكية‪ .‬مثال ذلك تاريخ‬
‫وفاة إبراهيم إبن النبي (ص) ‪ ،‬إذ ورد في كتب الحديث أن الشمس كسفت يوم وفاته فقال‬
‫بعض الناس إنما كسفت لموت إبراهيم فقام رسول هللا (ص) فيهم خطيباً وقال في حديث‬
‫له "إن الشمس والقمر آيتان من آيات هللا وإنهما ال يخسفان لموت أحد"‪ .‬ومن المعلوم أن‬
‫كسوف الشمس يحصل آخر يوم من الشهر القمري وال يحصل في وقت غيره‪ .‬ويبين‬
‫التحقيق الفلكي أن كسوفاً حصل يوم ‪ 29‬شوال سنة ‪ 10‬هـ الموافق ليوم ‪ 27‬كانون الثاني‬
‫سنة ‪632‬م‪ .‬إال أن بعض كتب التاريخ أوردت لذلك تواريخاً أخرى وهي غير صحيحة‪.‬‬

‫‪ . 3‬معرفة سبب ومعنى وجود اإلنسان على هذه األرض وفيما إذا كان وجوده في‬
‫هذا الكون متفرداً أم عاماً‪ ،‬أي بمعنى إذا كان وجوده ظاهرة فريدة في الكون أم إنها ظاهرة‬
‫شائعة تحصل في أمكنة أخرى من الكون‪ .‬ولهذا الغرض‪ ،‬أي البحث عن الحياة أو آثار‬
‫للحياة على كواكب أ ٌٌخر‪ ،‬أجريت أنشطة كثيرة وبذلت مسا ٍع وجهود كبيرة وقامت هيئات‬
‫ومؤسسات أهمها هيئة البحث عن حياة ذكية خارج األرض ‪( SETI‬أنظر على األنترنت‬
‫الموقع ‪.)http:// www.seti.org‬‬

‫سامء الليل و أأجراهما‬


‫تظهر في سماء الليل أجرام المعة مختلفة في درجة لمعانها وفي حركاتها أيضاً‪.‬‬
‫فمنها ما يتحرك جملة واحدة محافظة بذلك على تكويناتها الشكلية وهذه هي النجوم‪،‬‬
‫ومنها ما يتحرك حركة مستقلة عن النجوم‪ ،‬وكأن لها حركات ذاتية خاصة بها ‪ ،‬وهذه‬
‫هي الكواكب‪ .‬ويمكن تمييز األجرام السماوية التالية‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ .1‬القمر‪Moon :‬‬

‫وهو أوضح األجرام السماوية التي يمكن مشاهدتها بسهولة‪ ،‬وهو جسم كروي‬
‫الشكل يدور حول األرض كل ‪ 29‬أو ‪ 30‬يوماً دورة كاملة‪ .‬ويعكس القمر الضوء الساقط‬
‫عليه من الشمس ويظهر بأطوار مختلفة وذلك بحسب موقعه من الشمس‪.‬‬

‫‪Stars‬‬ ‫‪ .2‬النجوم‪:‬‬

‫وهي تلك النقاط المضيئة الالمعة التي تبدو ثابتة في مواقعها النسبية بعضها إلى‬
‫البعض اآلخر‪ ،‬مؤلف ًة مجاميع تدعى الكوكبات ‪ Constellations‬وتدور النجوم حول‬
‫األرض دورة كاملة في اليوم الواحد‪ ،‬طالعة من الشرق ونازلة في الغرب‪.‬‬

‫‪ .3‬الكواكب السيارة‪Planets :‬‬

‫كان العرب القدماء يسمونها "الكواكب المتحيرة"‪ ،‬وهي أجرام لها لمعان ثابت ينتج‬
‫عن انعكاس ضوء الشمس عنها‪ .‬وتتحرك ظاهرياً حول األرض على قوس في السماء‬
‫ضمن مسارات متقاربة من الغرب إلى الشرق إذا ما رصدت من ليلة ألخرى بالنسبة إلى‬
‫مواقع النجوم الثابتة‪ ،‬وهي تسعة كواكب‪ ،‬يمكننا رؤية خمسة منها فقط بالعين المجردة‪،‬‬
‫أما الباقية وهي أورانوس ونبتون‬
‫وهذه هي‪ :‬عطارد‪ ،‬والزهرة‪ ،‬والمريخ‪ ،‬والمشتري‪ ،‬وزحل‪ّ .‬‬
‫وبلوتو فال يمكن رؤيتها إال بالمراقب الفلكية (التلسكوبات)‪.‬‬

‫الكويكبات‪Asteroids :‬‬

‫وهي أجرام سماوية مستضيئة لها حركات مماثلة لحركات الكواكب لكنها أقل لمعاناً‬
‫ألنها صغيرة الحجم نسبة إلى حجم الكواكب ويمكننا مشاهدة عدد قليل منها بالعين‬
‫المجردة‪ .‬أشهرها الكويكب ‪ Ceres‬والكويكب ‪.Vesta‬‬

‫‪ .5‬الشهب‪Meteors :‬‬

‫وهي ومضات ضوئية تظهر فجأة في السماء ليالً‪ ،‬وهذه األجرام هي في الواقع‬
‫كتل صغيرة من دقائق الغبار أو القطع الصلبة الصغيرة تسقط على األرض بفعل الجاذبية‬
‫فتحترق بفعل احتكاكها بالغالف الجوي فتتوهج ويتبخر القسم األعظم منها أو كلها قبل‬

‫‪10‬‬
‫وصولها إلى األرض‪ .‬ويمكن مشاهدة العشرات منها في الليلة الواحدة‪ .‬وفي بعض أوقات‬
‫السنة حيث تمر األرض عبر أنطقة معينة تشكل هذه الشهب ز ّخات ‪ Showers‬كثيفة‬
‫تظهر منها آالف الشهب في الليلة الواحدة‪.‬‬

‫‪ .6‬النيازك‪Meteorites :‬‬

‫حينما تسقط الكتل الصلبة على األرض فإن معظم كتلتها يتحول إلى غازات وأبخرة‬
‫لما تزل في الجو‪ ،‬وما يتبقى منها يسقط على األرض محدثاً حفرة على سطحها‪.‬‬ ‫وهي ّ‬
‫ويسمى هذا الجزء المتبقي من الشهاب الساقط نيزكاً‪ .‬وتمثل النيازك مصادر لمعلومات‬
‫مهمة عن تكوين األجرام السماوية‪ .‬ويختص علم النيازك ‪ Meteorology‬بهذا النوع من‬
‫الدراسات‪.‬‬

‫الشكل (‪ )1-1‬نيزك أصله من المريخ‬

‫‪ .7‬المذنبات‪Comets :‬‬

‫وهي أجرام سماوية مكونة باألساس من الثلج والنشادر والميثان وبعض المواد‬
‫المعدنية تدور حول الشمس في مدارات متفاوتة السعة تفاوتاً كبي اًر وتتميز بأن لها ذيالً أو‬
‫أكثر يتفاوت طوله من مذنب آلخر‪ .‬ومن أشهر المذنبات التي شوهدت لمئات المرات في‬

‫‪11‬‬
‫السماء على مدى لتاريخ البشري مذنب هالي ومدة دورته هي بحدود ‪ 76‬سنة وكان آخر‬
‫ظهور له سنة ‪1986‬م‪ .‬كما ظهر عام ‪ 1996‬مذنب ساطع سمي مذنب هيل ـ بوب‬
‫نسبة إلى مكتشفيه‪ ،‬ومكث في السماء يرى بوضوح شديد لبضعة أشهر‪ .‬وقد أمكن‬
‫تصويره بوضوح كبير كما في الشكل (‪ .)2-1‬حيث يتضح أن للمذنب ذيلين أحدهما‬
‫غازي واآلخر غباري‪.‬‬

‫الشكل (‪ )2-1‬مذنب هيل بوب‬

‫السدم و المجرات‪Galaxies and Nebulae :‬‬


‫‪ٌ .8‬‬
‫كتجمع‬
‫ّ‬ ‫تظهر للراصد الذي يمعن النظر في السماء لطخات سحابية صغيرة تبدو‬
‫إما مجرات أو سدم‪ ،‬وال يمكن للعين المجردة أن تميز إال‬‫غازي وهذه في الحقيقة هي ّ‬
‫عدداً قليالً منها‪ ،‬والمجرات تتألف من مجموعة كبيرة من النجوم بينما ال تحتوي السدم إال‬
‫على عدد قليل من النجوم وبعض السدم ال يحتوي على نجوم وهذه هي السدم المعتمة‪.‬‬
‫والسدم هي األرحام التي تتخلق داخلها النجوم‪ .‬ومن أشهر المجرات التي يمكن رؤيتها‬
‫المسلسلة‬ ‫المرأة‬ ‫مجرة‬ ‫الصعوبة‪،‬‬ ‫من‬ ‫بشيء‬ ‫ولكن‬ ‫المجردة‪،‬‬ ‫بالعين‬

‫‪12‬‬
‫(أندروميدا) ‪ Andromeda Galaxy‬وهي تعتبر شقيقة لمجرتنا التي نسكنها‪ .‬والمجرات‬
‫هي على أشكال مختلفة كما سنبين ذلك في الفصل الثامن من هذا الكتاب‪ ،‬فمنها‬
‫الحلزونية ومنها البيضوية ومنها الكروية ومن المجرات ما ليس له شكل هندسي بل هي‬
‫مبعثرة غير منتظمة‪ .‬ويحتوي الكون على ما يزيد عن ‪ 300000‬مليون مجرة‪.‬‬

‫الشكل (‪ )3-1‬مجرة حلزونية وسديم‬

‫‪Constellations‬‬ ‫الكوكبات النجمية‬


‫التعرف على الكوكبات‪:‬‬

‫شكل (‪ )4-1‬يوضح صورة كوكبة الدب الكبير كما تظهرفي السماء وكما تخيلها القدماء‬

‫لو راقبنا السماء ليالً في مكان بعيد عن ضوء المدن المشوش لوجدناها مليئة‬
‫بالنجوم الالمعة‪ ،‬ولوجدنا أن النجوم تتفاوت في درجة لمعانها‪ ،‬لكننا البد أن نشعر‬

‫‪13‬‬
‫بأن هذه النجوم هي أجرام سماوية بعيدة جداً عن األرض‪ .‬ومما يسترعي االنتباه‬
‫أن عدداً من النجوم تشكل مجموعات مميزة ويمكن أن تتخيل لهذه المجموعات تشكيالت‬

‫هندسية مختلفة المربع والمستطيل والمثلث واألشكال الرباعية بأنواعها‪ ،‬وعلى أساس هذه‬
‫الفكرة نفسها تصور األقدمون المجاميع النجمية ولكن بصورة أكثر حيوية‪ ،‬إذ تصوروا‬
‫الرامي وغيرها) وحيوانات‬ ‫التوأمان‪،‬‬ ‫المجاميع النجمية على شكل أناس (الصياد‪،‬‬
‫األسد وغيرها)‬ ‫الحوت‪ ،‬الدب األكبر‪،‬الكلب األصغر‪ ،‬الدجاجة‪،‬‬ ‫(العقرب‪ ،‬الحمل‪،‬‬
‫وأدوات (الميزان‪ ،‬الكرسي‪ ،‬الدلو وغيرها)‪ .‬هذه الصور واألشكال في الواقع هي محض‬
‫أخيلة ال أساس لها إال في عقول الناس‪ .‬فقد كان الناس يتطلعون إلى السماء ويبحثون‬
‫فيها دوماً عن ما يصلهم بها طرداً للوحشة التي تعتريهم في سكون الليل وغربته‪ .‬ولعل أن‬
‫البحث في أصل هذه التصورات وتلك التسميات التي اخترعها الناس‬

‫للمجاميع ال كوكبية مما هو جدير بالعناية‪ ،‬بهدف التوصل إلى فهم أعمق ألصول العقائد‬
‫القديمة‪ .‬ولم يقف األمر عند ذلك بل نسجت أخيلة الناس حول هذه المجاميع النجومية‬
‫الكثير من األساطير والحكايات ‪.‬‬

‫شكل (‪ )5-1‬يوضح صورة كوكبة الجباركما تظهرفي السماء وكما تخيلها القدماء‬

‫‪14‬‬
‫ولعل مما يستدعي التفكير والتساؤل أن هذا التراث األسطوري بشأن المجاميع النجومية ال‬
‫يقتصر على أمة أو حضارة معينة بل ينتشر في جميع أنحاء العالم القديم بروايات‬
‫وقصص ومسميات مختلفة‪ .‬إال أن أشهرها هو ما جاء في األساطير اليونانية‪ .‬وقد ظن‬
‫الناس أن لهذه المجاميع النجمية نفوساً وجعلوا لها صفات نفسية وطبيعية‪ ،‬واعتقدوا‬
‫بتأثيرها على طبائع الجماد والنبات والحيوان واإلنسان على األرض‪ .‬وهذا كله من ترسبات‬
‫عصر عبادة الكواكب‪.‬‬

‫الشكل(‪ )6-1‬نجوم الكوكبات ليست في مستو‬

‫وفي الحقيقة فإن هذه المجموعات النجمية وتلك‬


‫المسميات لم يكن ما أفاد البشرية منها على ذلك‬
‫الزمان إال كونها مثابات استخدمها الناس لتحديد‬
‫مواقع األجرام السماوية‪ ،‬فهي دليل راصد‬
‫السماء‪.‬‬

‫من الجدير بالذكر أن نجوم كوكبات السماء ال‬


‫ٍ‬
‫مستو‪ ،‬واحد أي أنها ليست على بعد‬ ‫تقع في‬

‫الشكل (‪ )7-1‬كوكبة حامل رأس الغول‬ ‫‪15‬‬


‫واحد من األرض بل هي على أبعاد جد مختلفة أحياناً وإنما ترى من األرض كأنها في‬
‫ٍ‬
‫مستو واحد لثبات مواقعها بعضها مع البعض اآلخر‪.‬‬

‫أأمه كوكبات السامء‬


‫صنف أبو عبدالرحمن الصوفي المتوفى سنة ‪ 375‬هـ كتاباً سماه (صور الكواكب‬
‫الثمانية واألربعين)‪ ،‬وفيه رسم صور الكوكبات النجومية الثمانية واألربعين التي كانت‬
‫معروفة على عصره وقد أجاد تصوير هذه الكوكبات ووصف مواقع نجومها وصفاً دقيقاً‬
‫فضالً عن تأليفه أراجيز في وصفها‪ .‬والكتاب مطبوع بطبعات عدة جيدة ويمكن الرجوع‬
‫إليه لإلطالع على محتواه األنيق‪ ،‬وهذه صورة من صوره‪ ،‬وهي التي تعرض كوكبة حامل‬
‫رأس الغول (برشاوش)‪ .‬وتشيرالحروف التي في الصورة إلى مواقع النجوم التي تضمها‬
‫الكوكبة مقاسة بالدرجات‪ .‬ومن المعلوم أن أهم كوكبات السماء وأكثرها شيوعاً كوكبات‬
‫البروج األثنتي عشرة والتي سيأتي وصفها الحقاً‪.‬‬

‫أأمه جنوم السامء‬


‫أهم نجوم السماء أكثرها سطوعاً‪ ،‬فهي لذلك األكثر شهرة‪ .‬وال يشترط أن تكون‬
‫النجوم األكثر سطوعاً هي األقرب إلينا بالضرورة‪ ،‬وذلك ألن السطوع يعتمد على عاملين‬
‫هما‪ :‬مقدار الطاقة المنبعثة من النجم في الوحدة الزمنية وبعد النجم‪ .‬وتدعى كمية الطاقة‬
‫المنبعثة من نجم في وحدة الزمن النورانية ‪ Luminosity‬فيما تدعى كمية الطاقة‬
‫الواصلة الينا على األرض السطوع ‪ . Brightness‬لذلك قد يبدو أحد النجوم القريبة‬
‫خافتاً على الرغم من قربه منا ألن مقدار الطاقة المنبعثة منه في وحدة الزمن قليل‪ ،‬أي أن‬
‫نورانيته قليلة‪ .‬فيما يرى نجم آخر بعيد أكثر سطوعاً ألن مقدار الطاقة المنبعثة منه في‬
‫وحدة الزمن كبير‪ ،‬أي أن نورانيته كبيرة‪.‬‬
‫وأسطع نجوم السماء نجم ِ‬
‫الشعرى اليمانية المسماة العبور وهي نجمة تقع على امتداد‬
‫سميت‬
‫حزام الجبار إلى الجنوب أي تشير إلى وجهة اليمن‪( ،‬أنظر الشكل ‪ ،) 9-1‬ولذلك ّ‬

‫‪16‬‬
‫العبور أيضا‪ ،‬وهي التي ذكرها هللا سبحانه وتعالى في القرآن بقوله ‪َ ‬وأَنَّه‬
‫(يمانية) وتسمى َ‬
‫الش ْع َرى‪( ‬لنجم‪ )49:‬وذلك ألن بعض عرب الجاهلية كانوا يعبدونها‪ .‬وهنالك‬ ‫ه َو َر ُّب ِّّ‬
‫الشعرى الشامية (أو الغميصاء)‪ ،‬وهي تقع إلى الشمال من‬ ‫شعرى ثانية وهي المسماة ِ‬
‫األولى وأقل سطوعاً وكان العرب يستدلون بها على وجهة الشام‪.‬‬

‫الشكل(‪ )8-1‬الدب الكبيروالدب الصغيركدليل إلى نجم القطب ونجوم أخرى‬

‫ولغرض التعرف على مواقع الكوكبات والنجوم يمكن الرجوع إلى الكتب واألدلة‬
‫النجومية واالستعانة بخرائط الرصد الفلكي‪ ،‬وقد أثبتنا في نهاية الكتاب صورة السماء‬

‫‪17‬‬
‫لموقع راصد عند خط عرض ‪ 45‬درجة شماالً وللفصول األربعة‪ .‬لكن‪ ،‬ولغرض تمكين‬
‫القارئ من التعرف على أهم نجوم السماء وكوكباتها نقدم فيما يلي خرائط داللة يمكنه‬
‫االستعانة بها للغرض المذكور‪ ،‬وهذه في الشكلين (‪8-1‬و‪ .)9-1‬إن أهم ما ينبغي على‬
‫الراصد االبتداء به هو تحديد موقع نجم القطب في السماء فهو المثابة األساسية حيث‬
‫تدور حوله جميع نجوم السماء وكوكباتها‪ .‬ونظ اًر ألن النجم القطبي هو جرم خافت قد‬
‫يصعب تقدير موضعه مجرداً فإن على الراصد تحديد مواقع الكوكبات المشهورة‪ :‬كالجبار‬
‫والدب الكبير(الذي يكون على شكل مغرفة كبيرة)‪ ،‬والدب الصغير (الذي يكون على شكل‬
‫مغرفة صغيرة قبضتها تبدأ عند نجم القطب) وكوكبة قيطس وذات الكراسي وكوكبة‬
‫التنين‪ .‬ولهذا الغرض عليه أوالً معرفة أوقات ظهورها في األقل ثم التماس وجودها في‬
‫السماء وبالممارسة يكتسب الراصد خبرة كبيرة وذخيرة مفيدة لمعرفة مسالك السماء‬
‫ودروبها‪ .‬ولعل أن من الضروري تمييز نجم بيت القوس في كتف كوكبة الجبار ونجمة‬
‫ِّّ‬
‫الرجل في كوكبة الجبار أيضاً‪ ،‬و الشعرى اليمانية التي تشير إلى جهة الجنوب األدنى‬
‫والشعرى الشامية التي تشير إلى الشمال األدنى ونجم سهيل الذي يشير إلى جهة الجنوب‬
‫األقصى‪.‬‬

‫الربوج وتقس اميهتا يف كرة السامء‬


‫قسم القدماء كرة السماء إلى اثني عشر قسماً متساوية لكل منها ‪ 30‬درجة‬
‫أسموها البروج كل منها باسم كوكبة من الكوكبات النجمية التي تقع في تلك األقسام‪،‬‬
‫تجمعها دائرة عظمى مدارها ‪ 360‬درجة تسمى دائرة البروج ‪ Zodiac‬وهذه هي‪ :‬الحمل‪،‬‬
‫الثور‪ ،‬الجوزاء‪ ،‬السرطان‪ ،‬األسد‪ ،‬ال عذراء‪ ،‬الميزان‪ ،‬العقرب‪ ،‬القوس‪ ،‬الجدي‪،‬‬
‫الدلو‪ ،‬الحوت‪ .‬وقد نظم فيها الشاعر قوله‪:‬‬

‫وحمى الليث سنبل امليزان‬ ‫حمل الثور جوزة السرطان‬


‫مأل الدلو بركة الحيتان‬ ‫ورمى عقرب بقوس جدي‬

‫‪18‬‬
‫الشكل (‪ )9-1‬يوضح كيفية تحديد م واقع النجوم بداللة الكوكبات‬

‫هذه البروج االثنتي عشرة ليست على استقامة واحدة بل تؤلف شريطاً دائرياً على‬
‫كرة السماء تتحرك عليه الشمس والقمر والكواكب السيارة (الشكل ‪ )10-1‬وقد استخدم‬
‫القدماء دائرة البروج هذه لتحديد مواقع األجرام السماوية‪.‬‬

‫تدور دائرة البروج ظاهرياً من الشرق إلى الغرب في اليوم الواحد دورة كاملة حول‬
‫موضع شبه ثابت في كرة السماء هو نجم القطب ‪ Polaris‬منظو اًر إليها من نصف الكرة‬
‫أما من نصف الكرة الجنوبي فتظهر دائرة البروج وكأنها تدور حول موقع قريب‬
‫الشمالي‪ّ .‬‬

‫‪19‬‬
‫من نجم سهيل ‪ Canopus‬ولما كان اتساع البرج هو ‪ 30‬درجة فإن طلوعه كامالً‬
‫يستغرق بالمعدل ساعتين (وفي حقيقة األمر أن هذا المعدل يعتمد على موقع الراصد‬
‫على األرض)‪ .‬وعلى هذا تتحرك القبة السماوية بمعدل ‪ 15‬درجة لكل ساعة أي درجة‬
‫واحدة كل ‪ 4‬دقائق‪.‬‬

‫تظهر النجوم من جهة المشرق ّ‬


‫مبكرة كل ليلة بمدة ‪ 4‬دقائق وذلك ألن األرض‬
‫تتحرك في مدارها حول الشمس درجة واحدة بالتقريب كل ‪ 24‬ساعة‪ .‬ولهذا السبب ينقص‬
‫اليوم محسوباً بالمقياس النجومي ‪ 4‬دقائق عن اليوم الشمسي الذي مقداره ‪ 24‬ساعة‬
‫بالضبط‪.‬‬

‫شكل(‪ )10-1‬يبين البروج االثني عشر‬

‫سمى البرج الذي في أفق المشرق ألي وقت البرج الطالع ‪ Ascending sign‬ويسمى‬
‫عادة البرج‬
‫ً‬ ‫البرج الغارب الذي يكون في أفق المغرب الغارب ‪ Descending‬وهذا هو‬
‫السابع من الطالع ألن نصف كرة السماء تحوي عند أي وقت ست بروج‪ .‬ويسمى البرج‬
‫الذي في وسط السماء وتد العاشر أو منتصف السماء ‪ Midheaven‬ويسمى نظيره‬
‫الذي تحت كرة األرض وتد الرابع ألنه الرابع من الطالع‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫ويمكن معرفة األوتاد والغارب من الطالع حسب القواعد التالية‪:‬‬

‫وتد الرابع = الطالع ‪3+‬‬

‫الغارب = الطالع ‪6+‬‬

‫وتد العاشر = الطالع ‪9+‬‬

‫مثال(‪ :)1‬إذا كان الطالع هو ‪ 10‬درجة من الجدي فما هو الغارب؟‬

‫الجواب‪ :‬البرج الغارب = ‪ 16 = 6+10‬أي هو البرج الرابع وهو برج السرطان‪ .‬لذا‬
‫فإن الغارب هو ‪ 10‬من السرطان‪.‬‬

‫مثال(‪ :)2‬إذا كان الغارب هو ‪ 17‬درجة من الثور فما وتد الرابع؟‬

‫الجواب‪ :‬وتد الرابع = الطالع ‪ 3+‬والطالع‬

‫الطالع = الغارب ‪ 4-= 6-2 = 6-‬أي البرج الثامن وهو العقرب‬

‫وتد الرابع = ‪ 11 = 3+ 8‬أي الدلو‪ .‬لذا فإن وتد الرابع هو ‪ 17‬درجة من الدلو‪.‬‬

‫ويمكن حل المسألة مباشرة بطرح ‪ 3‬من الغارب ألن الفرق بين الغارب والرابع هو ‪3‬‬
‫بروج‪ .‬وسنجد النتيجة نفسها‪.‬‬

‫تلعب البروج دو اًر مهماً في تحديد مواقع الشمس والقمر وبقية األجرام السماوية‪،‬‬
‫فهي إحداثيات عرفية شبه ثابتة ومن السهل التعرف عليها‪ .‬وكما أسلفنا فإن لدائرة البروج‬
‫حركتين‪ :‬األولى يومية وهي دورانها حول األرض دورة كاملة بالتقريب كل ‪ 24‬ساعة‪.‬‬
‫والثانية سنوية وهو دورانها حول األرض دورة كاملة في مدة ‪ 365‬يوماً وربع بالتقريب‪،‬‬
‫وهذا ما سيتم توضيحه عند مناقشة حركة الشمس في البروج‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫خارطة السامء‬
‫تعريفات أساسية‬
‫لغرض فهم الحركة السماوية للشمس والقمر وللنجوم والكواكب السيارة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وبقية األجرام فهما صحيحا فال بد من اختيار نظام مناسب لتعيين إحداثيات‬
‫األجرام السماوية بشكل صحيح‪ ،‬وإذا كان األقدمون قد وجدوا في نظام البروج‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والكوكبات النجمية مرجعا قياسيا لتحديد مواقع األجرام السماوية املتحركة فإن‬
‫ً‬
‫ذلك النظام املرجعي كان مقبوال بما يتناسب مع دقة أرصاداتهم‪.‬‬
‫ولغرض ّ‬
‫التعرف على األنظمة الحديثة في تعيين مواقع األجرام السماوية‪ ،‬ال‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫التعرف أوال على جملة من املفاهيم األساسية واالصطالحات املتعلقة بهذا‬ ‫بد من‬
‫املوضوع‪ ،‬وهذه هي‪:‬‬

‫الشكل (‪ )11-1‬القبة السماوية‬

‫نقطة السمت ‪Zenith‬‬


‫ً‬
‫وهي نقطة تقع على كرة القبة السماوية مباشرة فوق الراصد وعلى امتداد‬
‫الخط الشاقولي املار بمركز األرض‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫نقطة النظير‪Nadir‬‬

‫وهي النقطة التي تقع أسفل القبة السماوية تحت موقع الراصد وعلى امتداد‬
‫الخط الشاقولي املار بمركز األرض والنافذ إلى الجهة األخرى‪.‬‬
‫القطب السماوي الشمالي ‪North Celestial Pole‬‬

‫وهو نقطة وهمية على القبة السماوية تقع على امتداد الخط املار بمركز‬
‫األرض والقطب الشمالي األرض ي‪.‬‬
‫القطب السماوي الجنوبي ‪South Celestial Pole‬‬

‫وهو نقطة وهمية على القبة السماوية تقع على امتداد الخط املار بمركز‬
‫األرض والقطب الجنوبي األرض ي‪.‬‬
‫خط االستواء السماوي ‪Celestial Equator‬‬
‫ً‬
‫وهو دائرة العظمى على كرة السماء تقسمها نصفين وتكون موازية تماما لخط‬
‫االستواء األرض ي‪.‬‬

‫الشكل (‪ )12-1‬تعيين احداثيات القبة السماوية‬

‫‪23‬‬
‫دائرة زوال الراصد ‪Observer's Meridian‬‬

‫وهي الدائرة العظمى التي تمر بالقطبين السماويين الشمالي والجنوبي عمودية‬
‫على دائرة االستواء السماوي مارة بنقطة السمت والنظير‪ ،‬لذلك فإن خط زوال‬
‫الراصد هو جزء من الدائرة العمودية التي قطباها املشرق واملغرب‪.‬‬
‫دائرة األفق ‪Horizon Circle‬‬

‫وهي الدائرة العمودية على دائرة زوال الراصد وحدودها على أرض مستوية‬
‫مدى النظر حيث تلتقي السماء باألرض من كافة الجهات‪.‬‬
‫دائرة األفق الفلكي ‪Astronomical Horizon‬‬

‫وهي الدائرة السماوية العظمى العمودية على دائرة زوال الراصد ومركزها‬
‫مركز األرض نفسه‪.‬‬
‫خط العرض ‪Latitude‬‬

‫وهي املسافة الزاوية ألي مكان على األرض شمال وجنوب خط االستواء‬
‫ويعطي العالمة (‪ )+‬إذا كان املكان شمال خط االستواء و (‪ )-‬إذا كان املكان جنوبه‪،‬‬
‫ويكون خط االستواء هو املثابة املرجعية (خط صفر) والقطبين الشمالي ‪+ 90‬‬
‫والجنوبي ‪ - 90.0‬على التوالي‪.‬‬
‫خط الطول ‪Longitude‬‬

‫وهو املسافة الزاوية ألي مكان على األرض شرق وغرب مدينة غرينج (قرب‬
‫ً‬
‫لندن) وهي املثابة املرجعية (خط صفر) وما كان شرقا يتبع مقداره بالحرف ‪ E‬وما‬
‫ً‬
‫كان غربا بالحرف ‪.W‬‬

‫‪24‬‬
‫مدار السرطان‬

‫وهو دائرة اصطالحية تقع عند خط عرض ‪ 23.5‬درجة شمال تكون‬


‫الشمس عمودية عليها وقت الظهيرة يوم االنقالب الصيفي‪.‬‬
‫مدارالجدي‬

‫وهو دائرة اصطالحية تقع عند خط عرض ‪ 23.5‬درجة جنوب تكون‬


‫الشمس عمودية عليها وقت الظهيرة يوم االنقالب الشتوي‪.‬‬
‫الدائرة الكسوفية ‪Ecliptic‬‬

‫وهي الدائرة العظمى التي تتحرك عليها الشمس حركتها الظاهرية خالل العام‪.‬‬
‫وتميل هذه الدائرة بمقدار ‪ 23.5‬درجة قوسية بالتقريب على دائرة االستواء‬
‫ً‬
‫السماوي‪ .‬هذه الدائرة هي أيضا دائرة مسار األرض حول الشمس‪ .‬وقريبا منها مسار‬
‫حركة الكواكب السيارة في دائرة البروج‪.‬‬
‫دائرة البروج ‪Zodiac‬‬

‫وهي شريط دائري عريض تتوزع عليه الكوكبات االثني عشر املشهورة املسماة‬
‫بالبروج‪ .‬وسط هذا الشريط تقع الدائرة الكسوفية‪ ،‬وهذا ما جعل البعض يخلط‬
‫بين الدائرتين‪.‬‬
‫تعريفات وضعية‬
‫هنالك تعريفات ألوضاع األجرام السماوية بعضها بالنسبة إلى البعض اآلخر‬
‫وهذه هي‪:‬‬
‫االقتران ‪: Conjunction‬وهو أن يكون الجرمين على استقامة واحدة بالنسبة‬
‫ً‬
‫للناظر‪ ،‬أي تكون الزاوية بينهما صفرا‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫التسديس ‪: Sextant‬وهو أن يكون بين الجرمين زاوية مقدارها ستون درجة‪ ،‬وذلك‬
‫سدس الدائرة‪.‬‬
‫التربيع ‪: Quadrant‬وهو أن يكون بين الجرمين زاوية مقدارها تسعون درجة‪ ،‬وذلك‬
‫ربع الدائرة‪.‬‬
‫التثليث‪ :‬وهو أن يكون بين الجرمين زاوية مقدارها مائة وعشرون درجة‪ ،‬وذلك ثلث‬
‫الدائرة‪.‬‬
‫التقابل ‪ :Opposition‬وهو أن يكون بين الجرمين زاوية مقدارها مائة وثمانون‬
‫درجة‪.‬‬
‫نظم الحداثيات الفلكية‬
‫إن أبسط طريقة لتحديد موقع نجم في السماء هو تعيين الكوكبة التي ينتمي إليها‬
‫أوالً ‪ .‬فمثالً نقول أن النجم يقع في كوكبة الجبار‪ .‬ثم يتم ترميز نجوم الكوكبة بحروف‬
‫الهجاء اليونانية فيرمز إلى أسطع نجوها بالحرف ‪ α‬والى الثاني في السطوع بالحرف ‪β‬‬
‫وهكذا‪ .‬مثال ذلك فإن أسطع نجوم كوكبة الجبار هو بيت القوس ‪Betelgeuse‬‬
‫ويسمى ‪ αOrionis‬والثاني هو نجم الرجل المسمى ‪ βOrionis‬وهكذا يمكننا تحديد واقع‬
‫هذه النجوم بعد تسميتها وتحتوي الجداول والكتلوكات الفلكية هذه الرموز واألسماء‪.‬‬

‫إال أن الفلكي يحتاج إلى تحديد أكثر دقة لمواقع األجرام السماوية وبما يجعله قاد اًر‬
‫على استخدام تلك المواقع في الحسابات الفلكية‪ .‬لذلك تم اعتماد نظامين لتعيين مواقع‬
‫األجرام السماوية هما‪:‬‬

‫‪ .1‬نظام األفق‪Horizon System :‬‬

‫وهو الذي يتخذ من موقع الراصد ودائرة افقه أساساً لتعيين مواقع األجرام على القبة‬
‫السماوية وذلك بداللة زاويتين‪ :‬األولى تسمى زاوية االرتفاع ‪ Altitude‬وهي الزاوية التي‬
‫يصنعها موقع النجم مع سطح األرض (دائرة األفق) والثانية تسمى زاوية‬

‫‪26‬‬
‫الشكل(‪ )13-1‬نظام األفق‬

‫السمت ‪ Azimuth‬وهي زاوية على األفق تبدأ من خط الشمال الجغرافي باتجاه عقرب‬
‫الساعة حتى مسقط الخط الواصل بين النجم والراصد وكما مبين في الشكل (‪ .)13-1‬من‬
‫الواضح أن هذا النظام محلي يعتمد على موقع الراصد على األرض‪.‬‬

‫‪ .2‬النظام االستوائي‪Equatorial system :‬‬

‫وفيه يتعرف موقع الجرم السماوي بداللة احداثيين هما‪ :‬المطلع المستقيم ‪Right‬‬
‫‪ Ascension‬والميل ‪ ،Declination‬كما مبين في الشكل(‪ .)14-1‬وهذا النظام يتخذ من‬
‫دائرة االستواء السماوي أساساً لتحديد موقع الجرم السماوي ففيه تقسم هذه الدائرة إلى ‪24‬‬
‫ساعة‪ ،‬وتعتبر نقطة االعتدال الربيعي (وهي موضع تقاطع دائرة االستواء السماوي مع‬
‫الدائرة الكسوفية وهي حالياً في رأس برج الحوت) هي نقطة الصفر‪ ،‬ومنها يبدأ التقسيم‬

‫‪27‬‬
‫على كرة السماء من الغرب إلى الشرق‪ .‬أما الميل فهو مقدار الزاوية بين خط االستواء‬
‫السماوي وموقع النجم‪ .‬فإذا كان موقع النجم أعلى شمال خط االستواء السماوي كانت‬
‫زاوية الميل موجبة أما إذا كان موقع النجم جنوبه فإن زاوية الميل تكون سالبة‪ .‬ومن‬
‫الجدير بالذكر أن االحداثيات االستوائية ألي جرم سماوي ال تعتمد على موقع الراصد‪.‬‬
‫لذلك تكتب مواقع النجوم الثابتة في كتالوجات خاصة يتم تحديثها كل ‪ 50‬سنة‪.‬‬

‫الشكل(‪ )14-1‬نظام اإلحداثيات اإلستوائية‬

‫أمثلة على تحديد االحداثيات‪:‬‬

‫مثال ذلك نجم في نصف الكرة السماوية الشمالي إحداثياته بداللة النظام األفقي‬
‫‪Alt 25 44, Azm 55 17‬‬ ‫هي‪:‬‬

‫ونجم آخر له احداثيات بداللة النظام االستوائي هي‪:‬‬

‫‪.RA: 02 15 DEC: +42 12‬‬

‫‪28‬‬
‫جدول (‪ )2-1‬يبين مواقع البروج في نظام اإلحداثيات االستوائية‬

‫المطلع المستقيم (بالساعات)‬ ‫البرج‬

‫إلى‬ ‫من‬

‫‪04 00‬‬ ‫‪02 00‬‬ ‫الحمل‬

‫‪06 00‬‬ ‫‪04 00‬‬ ‫الثور‬

‫‪08 00‬‬ ‫‪06 00‬‬ ‫الجوزاء (التؤمان)‬

‫‪10 00‬‬ ‫‪08 00‬‬ ‫السرطان‬

‫‪12 00‬‬ ‫‪10 00‬‬ ‫األسد‬

‫‪14 00‬‬ ‫‪12 00‬‬ ‫السنبلة (العذراء)‬

‫‪16 00‬‬ ‫‪14 00‬‬ ‫الميزان‬

‫‪18 00‬‬ ‫‪16 00‬‬ ‫عقرب‬

‫‪20 00‬‬ ‫‪18 00‬‬ ‫قوس‬

‫‪22 00‬‬ ‫‪20 00‬‬ ‫جدي‬

‫‪24 00‬‬ ‫‪22 00‬‬ ‫دلو‬

‫‪02 00‬‬ ‫‪00 00‬‬ ‫حوت‬

‫‪29‬‬
‫الفصل الثان‬
‫حراكت السامء‬

‫‪30‬‬
‫احلركة اليومية للقبة الساموية‬
‫كجملة واحدة حركة ظاهرية تبدو فيها أجرام السماء‬ ‫تتحرك القبة السماوية ُ‬
‫أنها تدور حول األرض من الشرق إلى الغرب دورة كاملة في اليوم‪ .‬وتسمى هذه حركة‬
‫ً‬
‫القبة السماوية‪ ،‬حيث تظهر الشمس وكأنها تدور حول األرض نهارا بهذه الحركة‬
‫ً‬
‫ويظهر القمر والنجوم بهذه الحركة ليال‪ .‬وتختلف صورة السماء وحركاتها بالنسبة‬
‫للراصدين في مواقع مختلفة من األرض كما سنبين في الفقرة التالية‪.‬‬
‫إن السبب الحقيقي لهذه الحركة هو دوران األرض حول محور لها دورة كاملة‬
‫كل ‪ 24‬ساعة‪ .‬ونستدل على ذلك من إختالف حركة األجرام السماوية بين ما هو في‬
‫كرة النجوم الثابتة أو ما يسمى دائرة البروج عن الحركة الذاتية للشمس والقمر‪.‬‬
‫فإن في تخالف هذه الحركات وانتقال الشمس في البروج داللة على تفاوت حركة‬
‫ً‬
‫القبة السماوية والحركات الذاتية للشمس والقمر كما سنبين الحقا‪.‬‬
‫صورة السامء من مواضع خمتلفة‬
‫إن للموقع الجغرافي للمشاهد أثر مباشر في تحديد صورة السماء وذلك ألن‬
‫ً‬
‫وابتداء ينبغي أن نتذكر أن جميع نجوم‬ ‫موقع املشاهد يحدد سمته ودائرة أفقه‪.‬‬
‫نصف الكرة الشمالي تدور حول نجم القطب الذي يقع في سمت القطب الشمالي‬
‫الجغرافي لألرض وفيما يلي بعض األمثلة على صورة السماء كما تبدو للراصد من‬
‫مواقع مختلفة‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬راصد يقف عند القطب الشمالي الجغرافي (خط عرض ‪90‬‬
‫ً‬
‫درجة شمال) سيرى نجم القطب في سمته تماما‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الشكل (‪ )1-2‬منظرالسماء كما يراها راصد يقف عند القطب الشمالي‬

‫ً‬
‫وسيكون خط االستواء السماوي محاذيا لدائرة األفق‪ .‬ومثل هذا الراصد سيرى‬
‫نجوم نصف الكرة الشمالي فقط ولن يتمكن من رؤية نجوم نصف الكرة الجنوبي‪،‬‬
‫ّأما بالنسبة لحركة نجوم القبة السماوية فإنه سيراها تدور في دوائر متحدة املركز‬
‫ً‬
‫حول نقطة سمته تماما‪ ،‬وهذه النجوم ال تشرق وال تغرب بل تبقى أبدية الظهور‬
‫(انظر الشكل‪.)1-2‬‬
‫ً‬
‫الحالة الثانية‪ :‬راصد يقف على خط عرض ‪ 45‬شماال سيرى نجم القطب‬
‫بزاوية ارتفاع قدرها ‪ 45‬درجة فوق األفق‪ّ ،‬أما دائرة االستواء السماوي فسوف تمر‬
‫‪32‬‬
‫ً‬
‫من نقطة سمته تماما‪ .‬وفي هذه الحالة فإنه يرى نصف نجوم الكرة الشمالية‬
‫ونصف نجوم الكرة الجنوبية‪ ،‬وسيرى مدارات هذه النجوم على شكل دوائر تمركز‬
‫حول القطب مائلة بزاوية ‪ 45‬درجة (انظر الشكل‪.)2-2‬‬

‫ا‬
‫شكل (‪ )2-2‬منظرالسماء كما يراها راصد يقف عند خط عرض ‪ 45‬درجة شماال‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬راصد يقف على خط االستواء األرض ي (خط عرض صفر)‬
‫ً‬
‫يكون خط االستواء السماوي فوق سمته تماما‪ ،‬وسيرى نجم القطب عند حافة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫األفق تماما‪ ،‬ويرى نجوم السماء تطلع من الشرق تماما وتغيب في الغرب تماما‪،‬‬
‫ً‬
‫وبهذا فهو يستطيع أن يرى نجوم نصفي الكرة الشمالي والجنوبي معا (انظر الشكل‬
‫‪.)3-2‬‬

‫‪33‬‬
‫الشكل (‪ )3-2‬منظرالسماء كما يراها راصد يقف عند خط اإلستواء‬

‫الكوكبات والنجوم أأبدية الظهور‬


‫رأينا من البند السابق أن مظهر السماء يعتمد على موقع الراصد‪ ،‬وباألخص‬
‫يعتمد ذلك على خط العرض الذي يكون عنده الراصد‪ .‬فعند قطب األرض الشمالي‬
‫تكون جميع كوكبات ونجوم نصف الكرة السماوية الشمالي ظاهرة للراصد على‬
‫الدوام‪ .‬أما الراصد الذي عند القطب الجنوبي فيرى جميع كوكبات ونجوم نصف‬
‫الكرة السماوية الجنوبي ظاهرة على الدوام‪ .‬تسمى تلك النجوم التي تقطع السماء‬
‫دوما دون أن تختفي "أبدية الظهور" ‪ .Circumpolar‬أما الراصد الذي هو عند‬
‫ً‬
‫خط االستواء فإنه لن يرى نجوما أبدية الظهور وذلك ألن جميع النجوم التي تظهر‬
‫له في السماء تختفي بعد وقت غروبها في املغرب‪ .‬أما بالنسبة إلى الراصد الذي يكون‬
‫موقعه بين خط االستواء وأحد القطبين فإن النجوم التي هي أبدية الظهور بالنسبة‬
‫له ستكون تلك التي يكون ارتفاعها أكبر من ‪( Φ -90‬حيث خط ‪ Φ‬هي عرض‬
‫‪34‬‬
‫الراصد)‪ .‬وكذا األمر باملقابل ملن كان في نصف الكرة الجنوبي‪ .‬وكما في الشكل (‪)4-2‬‬
‫فإن نجم املئزر ‪ Mizar‬هو أبدي الظهور بالنسبة للراصد في نصف الكرة املعطى‬
‫خط عرضه في الرسم‪ .‬أما نجم آخر النهار ‪ Achernar‬فهو أبدي الخفاء بالنسبة له‪.‬‬

‫الشكل (‪ )4-2‬النجوم الكوكبات أبدية الظهوروالخفاء‬

‫‪35‬‬
‫حركة الشمس يف السامء‬
‫احلركة اليومية‬
‫تتحرك الشمس ظاهرياً في دورة كاملة حول األرض في اليوم‪ ،‬إذ تشرق صباحاً‬
‫في الشرق لتتحرك على قوس مسارها في السماء متجهة إلى حيث تغيب غرباً‪ .‬ثم تشرق‬
‫ثانية صباح اليوم التالي من نفس الجهة‪ .‬خالل مسيرها الظاهري اليومي تتحرك الشمس‬
‫على قوس دائرة عظمى في كرة السماء‪ .‬وعند منتصف المسافة على كرة السماء بين‬

‫الشروق والغروب تكون الشمس في أعلى نقطة لها بالنسبة إلى األفق‪ ،‬وعند هذه‬
‫النقطة يكون وقت الظهر والمسمى وقت الزوال (ألن الشمس تعبر خط زوال الراصد عند‬

‫الشكل (‪ )5-2‬زاوية ارتفاع الشمس‬

‫تعرف لنا اليوم‬


‫هذا الوقت) قد حل‪ .‬هذه الحركة الدائبة بين غروبين متتاليين للشمس ّ‬
‫ويعرف‬
‫الشمسي باالصطالح اإلسالمي‪ ،‬إذ يبدأ اليوم عند المسلمين عند غروب الشمس‪ّ .‬‬
‫اليوم الشمسي باالصطالح الفلكي المعاصر أنه الفترة الزمانية بين ظهرين متتالين‪ ،‬أي‬
‫عبورين متتاليين لخط الزوال‪ .‬وهذه الفترة ثابتة على مدى جميع فصول السنة ومقدارها‬
‫‪ 24‬ساعة بالضبط‪ .‬بإمكاننا من خالل مراقبة ظل أي شاخص على سطح األرض أن‬

‫‪36‬‬
‫نتعرف إلى اختالف مواقع الشمس في السماء باختالف الفصول‪ .‬راقب ظلك الماثل على‬
‫ّ‬
‫أرض مستوية فمنه تستطيع دراسة حركات الشمس الظاهرية اليومية والفصلية‪ ،‬إن الخط‬
‫الوهمي الواصل بين نقطة نهاية ظلك على األرض وقمة رأسك والشمس يؤشر االرتفاع‬
‫الزاوي للشمس‪ ،‬ومقداره الزاوية التي يصنعها هذا الخط الوهمي مع الخط الذي يصنعه‬
‫الظل على األرض (انظر الشكل‪ )5-2‬ال بد أنك ستالحظ أن اتجاه الظل يكون على‬
‫الدوام معاكساً لالتجاه الذي توجد فيه الشمس‪ ،‬وأن طول الظل يتغير مع تغير االرتفاع‬
‫الزاوي للشمس‪ .‬ففي ساعات الصباح يكون الظل طويالً ممتداً بينما يكون عند الظهر‬
‫أقصر ما يكون (ولو كنت عند خط االستواء تماماً ألصبح طوله عند الظهر صف اًر‬
‫بالضبط)‪.‬‬

‫الشكل (‪ )6-2‬اختالف ميل الشمس بحسب الفصول‬

‫ولو راقبت ظلك على مدار السنة فإنك ستالحظ أن ظلك في ظهيرة أيام‬
‫ً‬
‫الصيف يكون أقصر منه في أيام الشتاء‪ ،‬مما يعني أن الشمس تكون أكثر ارتفاعا في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الصيف ولذا يقال أن الشمس تكون شبه عمودية صيفا‪ ،‬بينما تكون مائلة شتاءا‪،‬‬
‫ولو أنك راقبت طول ظلك لظهيرات عديدة أيام الصيف فإنك ستجده أقصر ما‬
‫يكون عند ظهيرة يوم معين‪ ،‬وهذا اليوم هو ‪ 21‬حزيران (يونيو) من كل عام وعنده‬
‫يحصل االنقالب الصيفي ‪ Summer Solstice‬وفيه يكون النهار على أطول ما‬
‫يكون‪ ،‬والليل على أقصر ما يكون‪ ،‬فيما لو أنك راقبت طول ظلك في الشتاء فإنك‬

‫‪37‬‬
‫ستجد طول ظلك يصبح على أطول ما‬
‫يكون في يوم معين وهو ‪ 21‬كانون األول‬
‫(ديسمبر) وعنده يحصل االنقالب‬
‫الشتوي ‪ Winter Solstice‬وفيه يكون‬
‫النهار على أقصر فتراته والليل على‬
‫أطول فتراته‪ ،‬واالرتفاع الزاوي للشمس‬
‫فيه وقت الظهر أقل ما يكون‪.‬‬
‫في منتصف الفترة ما بين االنقالب‬
‫الصيفي واالنقالب الشتوي يحصل‬
‫‪Autumnal‬‬ ‫االعتدال الخريفي‬
‫‪ Equinox‬حيث تشرق الشمس من‬
‫ً‬
‫الشرق الجغرافي تماما وهو يقع في حدود‬
‫يوم ‪ 21‬أيلول (سبتمبر)‪ ،‬وما بين‬
‫االنقالب الشتوي واالنقالب الصيفي‬
‫الشكل (‪ )7-2‬تغيرمشرق الشمس‬
‫‪Vernal‬‬ ‫يقع االعتدال الربيعي‬
‫‪Equinox‬في حدود يوم ‪ 21‬آذار‬
‫ً‬
‫(مارس)‪ ،‬وفيها يكون ظلك متوسطا بين أقصره وأطوله‪ .‬كما يتساوى طول الليل‬
‫ّ‬
‫والنهار في هذين اليومين من أيام السنة‪ .‬إن هذه الفترة التي أشرها طول ظلك ما بين‬
‫طول أقص ى وقصر أدنى وطول أقص ى تعرف وحدة للزمن وهي السنة الشمسية‬
‫‪.Solar Year‬‬

‫‪38‬‬
‫حركة الشمس يف املشارق واملغارب‬
‫إن التغيرات الفصلية في موقع الشمس وقت الظهيرة تتعلق بالتغيرات الدورية‬
‫للمشارق واملغارب‪ ،‬فالشمس تشرق على راصد يقع عند خط االستواء يوم‬
‫اإلعتدال الربيعي في نقطة تسمى مشرق االعتدالين‪ .‬وتسير ظاهريا ذلك اليوم على‬
‫ً‬
‫قوس في السماء يقع على خط االستواء السماوي تماما فتكون الشمس عمودية‬
‫ظهر ذلك اليوم على الراصد عند خط اإلستواء‪ .‬أي يكون طول ظل الشاخص عنده‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صفرا‪ ،‬وتكون الشمس في سمت الراصد تاما‪ .‬وتغيب شمس ذلك اليوم في نقطة على‬
‫خط االستواء تسمى مغرب االعتدالين‪.‬‬
‫مَ م‬ ‫مَ م َ‬
‫يقول هللا تعالى ‪َ ‬ر ُّب اْلش ِرق مي ِن َو َر ُّب اْلغ ِرَب مي ِن‪( ‬الرحمن‪)17:‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫وفي اليوم التالي تشرق الشمس في نقطة إلى الشمال قليال من مشرقها يوم االعتدال‬
‫ً‬
‫الربيعي وهكذا تنتقل في املشارق أكثر قليال من ربع درجة كل يوم حتى تبلغ أقص ى‬
‫ً‬
‫مشارقها الشمالية بعد حوالى ‪ 90‬يوما حين تشرق يوم االنقالب الصيفي عند خط‬
‫عرض ‪ 23.5‬درجة شمال وهو مدار السرطان‪ ،‬ويسمى مشرقها هذا مشرق‬
‫اإلنقالب الصيفي‪ .‬فتكون عمودية على الراصد عند هذا الخط ظهيرة ذلك اليوم‪.‬‬
‫وتغيب في نقطة على مدار السرطان تسمى مغرب االنقالب الصيفي‪ .‬ثم تبدأ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مشارق الشمس بالنزول كل يوم أكثر قليال من ربع درجة حتى تبلغ بعد ‪ 90‬يوما‬
‫مشرق اإلعتدالين عند خط االستواء‪ .‬فتتحك ذلك اليوم مثل حركتها يوم االعتدال‬
‫الربيعي ثم تغيب في نقطة هي مغرب اإلعتدالين‪ .‬لكن الوقت اآلن هو الخريف وليس‬
‫الربيع لذلك سمي مشرق الشمس ومغربها هذا مشرق االعتدالين ومغرب‬
‫ً‬
‫االعتدالين‪ .‬بعد ذلك تنحرف مشارق الشمس جنوبا حتى تشرق من موقع هو في‬
‫الجنوب الشرقي هو أقص ى ما تصله على مدار السنة‪ ،‬ويكون عند خط عرض‬
‫ً‬
‫‪ 23.5‬جنوبا وهو املسمى مدار الجدي‪ .‬ويكون ذلك يوم االنقالب الشتوي‪ ،‬لذلك‬
‫يسمى مشرقها مشرق االنقالب الشتوي وتكون الشمس عمودية ظهيرة ذلك اليوم‬
‫‪39‬‬
‫على الراصد عند مدار الجدي ثم تمض ي الشمس إلى مغربها املسمى مغرب االنقالب‬
‫ً‬
‫الشتوي عند نقطة على مدار الجدي‪ .‬ثم تتحرك مشارق الشمس شماال حتى تبلغ‬
‫ً‬
‫بعد تسعين يوما مشرق االعتدالين مرة ثانية‪ .‬وبذلك تكون قد أكملت حركتها في‬
‫املشارق واملغارب على مدار سنة فصلية كاملة‪ .‬يوضح الشكل (‪ )7-2‬والشكل (‪-2‬‬
‫‪ )10‬حركة الشمس في املشارق واملغارب‪ .‬يقول هلل تعالى‬

‫(المعارج‪ :‬من اآلية‪)40‬‬ ‫‪َ ‬فال أُ ْق ِس ُم ِبَر ِّب اْل َم َش ِار ِق َواْل َم َغ ِار ِب ‪‬‬
‫ولحساب مقدار معدل حركة الشمس في المشارق والمغارب نقول أن الشمس تتحرك على‬
‫مدى ‪ 47‬درجة من مشرق اإلنقالب الصيفي إلى مشرق اإلنقالب الشتوي خالل ‪180‬‬
‫يوماً أي تقطع حوالي ‪ 0.26‬درجة بالتقريب‪.‬‬

‫حركة الشمس يف الربوج‬


‫ً‬
‫تتحرك الشمس على دائرة البروج قياسا إلى مواقع الكوكبات البروجية الثابتة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫على مدار السنة حركة دورية‪ .‬ونظرا لعدم إمكان رؤية النجوم نهارا‪ ،‬فال بد من‬
‫متابعة موقع الشمس بالنسبة إلى الكوكبات البروجية قبيل الشروق أو بعيد‬
‫ً‬
‫الغروب‪ .‬ولو فعلنا هذا مع املغارب مثال لوجدنا الشمس تغرب عند كوكبة التوأمين‬
‫أي برج الجوزاء في ‪ 21‬حزيران (يونيو) ولكننا نجدها بعد هذا بشهر أي في ‪ 21‬تموز‬
‫(يوليو) تغرب في كوكبة السرطان‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫الشكل (‪ )8-2‬حركة الشمس في البروج‬

‫وسبب ذلك هو دوران األرض حول الشمس‪ ،‬ففي حين تقطع األرض درجة‬
‫قوسية واحدة في اليوم من مدارها حول الشمس تظهر الشمس وكأنها قد تحولت‬
‫درجة واحدة في االتجاه املعاكس على دائرة البروج وهكذا حتى يبلغ ذلك ثالثين‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫درجة أي برجا كامال في شهر واحد واثني عشر برجا في سنة كاملةأي أن الشمس‬
‫ً‬
‫تتحرك بمقدار درجة واحدة يوميا من الغرب إلى الشرق بينما تتحرك بمقدار ‪360‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫درجة يوميا من الشرق إلى الغرب‪ .‬من الغرب فتقطع الشمس ظاهريا برجا من‬
‫األبراج في مدة شهر واحد ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫وقد كان القدماء على عصر‬
‫البابليين يعتمدون شروق الشمس في أول‬
‫أيام االعتدال الربيعي في ‪ 21‬آذار (مارس)‬
‫ً‬
‫مثابة فيقولون أن الشمس تشرق في رأس‬
‫برج الحمل في أول يوم لالعتدال الربيعي‪،‬‬
‫ثم تمر على سائر البروج بالتوالي حتى تكون‬
‫في آخر درجة من درجات برج الحوت في‬
‫آخر يوم من أيام الشتاء (‪ 20‬آذار ‪ /‬مارس‬
‫من العام)‪ .‬وهكذا تتحرك الشمس بالنسبة‬
‫إلى كوكبات البروج من الغرب إلى الشرق ‪.‬‬
‫وبحسب نظام املنازل العربية فإن‬
‫ً‬
‫الشمس تمكث في كل منزلة ‪ 13‬يوما اال‬
‫ً‬
‫الجبهة فإنها تقيم فيها ‪ 14‬يوما(‪ ،)1‬وبذلك‬
‫ً‬
‫تكمل عدة السنة ‪ 365‬يوما‪ .‬وقد جعل‬
‫العرب لكل منزلة من منازل الشمس في‬
‫ً‬
‫البروج نوءا‪.‬‬
‫الفصول ا ألربعة‬
‫يميل محور دوران األرض حول‬
‫نفسها بزاوية قدرها ‪ 23.5‬درجة عن‬
‫الشكل (‪ )9-2‬معرفة م واقع‬ ‫العمود النازل على مستوى دورانها حول‬
‫الشمس في البروج وحركتها فيها‬

‫)‪ (1‬أنظر إبن عاصم الثقفي (األنواء واألزمنة)‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫ً‬
‫الشمس (أي على مستوي الدائرة الكسوفية) وهذا امليل ثابت تقريبا لفترات طويلة‪.‬‬
‫ان هذا امليل في محور دوران األرض حول نفسها يؤدي بالنتيجة إلى تفاوت زاوية ميل‬
‫أشعة الشمس الواقعة على األرض‪ ،‬واختالف الجزء املعرض للشمس من األرض‬
‫ً‬
‫بحسب اختالف خطوط العرض فضال عن اختالف فترات النهار والليل بحسب‬
‫املواقع‪ .‬وهذا كله يؤدي إلى تعاقب الفصول األربعة على األرض‪ ،‬ولو كان محور‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫األرض عموديا تماما على مستوى دورانها حول الشمس ملا حصلت التغيرات املناخية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ولكان طول الليل مساويا لطول النهار دائما‪.‬‬

‫الشكل (‪ )10-2‬تحصل الفصول األربعة بسبب ميل محوراألرض‬

‫تكون الشمس في يوم ‪ 20‬أو ‪ 21‬آذار (مارس) من كل عام عند نقطة‬


‫االعتدال الربيعي ‪ Vernal Equinox‬وهي نقطة تقاطع مسار الشمس الظاهري‬
‫ً‬
‫(الدائرة الكسوفية) مع خط االستواء السماوي و قديما كانت تؤشر هذه املثابة على‬
‫دائرة البروج برأس برج الحمل وتسمى ‪ ، First Point Aries‬وعندها يتساوى الليل‬
‫ً‬
‫والنهار فيصبح طول كل منها ‪ 12‬ساعة تماما‪ .‬وتؤشر هذه النقطة بداية فصل‬
‫الربيع في نصف كرة األرض الشمالي‪ .‬ومن الجدير بالذكر أن االعتدال الربيعي‬
‫ً‬
‫يحصل حاليا والشمس هي في برج الحوت وليس في برج الحمل كما كان عليه األمر‬
‫ً‬
‫قديما‪ ،‬وسبب ذلك ترّنح محور األرض ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫وعند هذا تتغير مشارق الشمس من الجنوب إلى الشمال فيصبح شروق‬
‫ً‬
‫الشمس من نقاط هي إلى الشمال قليال من خط االستواء‪ ،‬حتى تصبح الشمس‬
‫ً‬
‫عمودية على خط عرض ‪ 23.5‬درجة شماال وهو املسمى مدار السرطان‪ ،‬وعندها‬
‫يحصل االنقالب الصيفي حيث يصير النهار أطول ما يكون والليل على أقصر ما‬
‫يكون‪ ،‬ويحصل هذا االنقالب في حدود ‪ 21‬حزيران من العام‪.‬‬
‫وأما نقطة التقاطع الثانية لدائرة البروج (مسار الشمس الظاهري) مع‬
‫دائرة االستواء السماوي فتحدث في حدود ‪ 23‬أيلول (سبتمبر) من كل عام حيث‬
‫تكون الشمس قد حلت في برج العذراء وتسمى هذه النقطة باالعتدال الخريفي‬
‫ً‬
‫حيث تتغير مشارق الشمس من الشمال إلى الجنوب مؤشرا بداية فصل الخريف‪،‬‬
‫وفي هذا اليوم يتساوى طول الليل والنهار‪.‬‬
‫ً‬
‫ويستمر تغير مشارق الشمس جنوبا حتى تصير بحدود يوم ‪12/21‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عندئذ‬
‫ٍ‬ ‫عمودية على خط عرض ‪ 23.5‬جنوبا وهو املسمى مدار الجدي فيحدث‬
‫االنقالب الشتوي حيث يصبح النهار أقصر ما يكون عليه في نصف الكرة الشمالي‬
‫وعلى العكس من ذلك يكون في نصف الكرة الجنوبي‪.‬‬
‫وقد سبق أن وصفنا اختالف مشارق الشمس على مدار فصول السنة‬
‫ً‬
‫وذكرنا أن الشمس تشرق في االعتدالين عند الشرق تماما وتغيب جهة الغرب تماما‪.‬‬
‫ّأما في فصل الصيف فإن الشمس تشرق من الشمال الشرقي وتغيب في الشمال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الغربي‪ ،‬قاطعة على مسارها قوسا طويال‪ّ ،‬أما في الشتاء فستشرق من الجنوب‬
‫ظن البعض أن سبب‬ ‫الشرقي لتغيب في الجنوب الغربي‪ .‬أنظر الشكل(‪ .)11-2‬وقد ّ‬
‫تعاقب الفصول األربعة على سطح األرض هو اختالف بعدها عن الشمس‪ ،‬وهذا‬
‫مردود من وجوه‪ ،‬أولها أن األرض تكون أقرب ما يكون إلى الشمس (أي حضيض‬
‫مدارها) في حدود يوم ‪ 3‬كانون الثاني من العام‪ ،‬وفي هذا الوقت يكون الشتاء في‬
‫منتصف الكرة الشمالي على أشد ما يكون‪ .‬بينما تكون األرض على أبعد ما يكون عن‬

‫‪44‬‬
‫الشمس (أوج مدارها) في حدود يوم ‪ 4‬تموز من العام‪ ،‬وفي هذا الوقت يكون‬
‫القيض على أشده في نصف الكرة الشمالي‪ ،‬ومن وجه آخر فلو كان البعد والقرب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عن الشمس سببا لتعاقب الفصول لكانت األرض في أي وقت من العام جميعا على‬
‫فصل واحد وملا اختلفت الفصول بين شمالها وجنوبها‪.‬‬

‫شكل(‪ )11-2‬يبين حركة الشمس في اْلشارق واْلغارب بحسب الفصول‬

‫‪45‬‬
‫حركة القمر يف السامء‬
‫القمر جرم تابع لألرض يدور حولها ويتبعها حيثما سارت في مدارها حول‬
‫الشمس فكأنها تحمله معها كما تحمل األم طفلها‪ .‬والقمر يؤثر في األرض ويتأثر بها‬
‫ً ً‬
‫تأثرا كبيرا‪.‬‬
‫دوران القمر حول ا ألرض‬
‫للقمر حركتان ظاهرتان للعيان بالنسبة لألرض عند مراقبته في ليال متتالية‪،‬‬
‫وهاتين الحركتين هما‪:‬‬

‫‪ .1‬الحركة اليومية مع جملة السماء حول األرض من الشرق إلى الغرب مثل حركة‬
‫الشمس وسائر الكواكب والنجوم وذلك بسبب دوران األرض حول نفسها دورة‬
‫كاملة في اليوم والليلة وهذه حركة ظاهرية صرف‪.‬‬

‫‪ .2‬الحركة الشهرية من الغرب إلى الشرق‪ :‬وهي أبطأ من الحركة الظاهرية‬


‫ً‬
‫األولى‪ ،‬ويمكن مالحظتها بمراقبة املوقع النسبي للقمر قياسا إلى نجم قريب‬
‫ً‬
‫المع إذ يكن للراصد أن يلحظ أن القمر يتحرك شرقا بسرعة زاوية قدرها‬
‫‪ 0.55‬درجة في الساعة‪ .‬وخالل هذه الحركة يدور القمر حول األرض دورة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كاملة كل سبعة وعشرين يوما وثلثا بالتقريب‪ ،‬وتسمى هذه املدة الشهر‬
‫النجومي ‪ .Sidereal Month‬كما نتمكن من مالحظة هذه الحركة بصورة أكثر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وضوحا عند مراقبة موقع القمر عند ظهوره ُبعيد الغروب يوميا‪ ،‬فنجد أن‬
‫ً‬
‫موقعه منزاح إلى الشرق بمقدار ‪ 12.2‬درجة يوميا عن الذي بزغ عنده في‬
‫ً‬
‫اليوم الفائت‪ .‬حتى يصبح موقعه الزاوي منزاحا بمقدار ‪ 180‬درجة في‬
‫ً‬
‫منتصف الشهر القمري‪ ،‬وعندها يظهر القمر بدرا‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫شكل (‪ )12-2‬يوضح سبب اختالف الشهرالقمري النجومي عن الشهراإلقتراني‬

‫منازل القمر وحركته يف الربوج‬


‫ً‬
‫قسم قدماء العرب السماء إلى ‪ 28‬قسما متساوية بالتقريب وسموا كل قسم منها‬
‫"منزلة" وذلك بحسب حركات القمر اليومية فجعلوا لكل يوم منزلة واحدة‬
‫بالتقريب‪ .‬واستدلوا على مواقع هذه املنازل بداللة الكوكبات النجمية القريبة من‬
‫ً‬ ‫خط حركة القمر على دائرة البروج‪ّ ،‬‬
‫وسموها باسم تلك الكوكبات أحيانا وبأسماء‬
‫ً‬
‫األنواء واألزمنة أحيانا أخرى كما سيأتي بيانه‪ ،‬وهذه مبينة في الجدول (‪.)1-2‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وملا كانت كرة السماء مقسمة إلى ‪ 12‬برجا فإن كل منزلتين وثلثا تغطي برجا‬
‫ً‬
‫كامال وكل سبعة منازل تغطي ثالث بروج‪ ،‬ومدى كل منزلة هو ‪ 12 6‬درجة بالضبط‬
‫‪7‬‬

‫وذلك يعدل ‪ 12‬درجة و ‪ 51‬درجة و ‪ 25‬ثانية قوسية بالتقريب‪.‬‬


‫والعالقة بين مواقع هذه المنازل والبروج عالقة مباشرة فمنزلة الشرطين ومنزلة‬
‫أما الثريا فجزء منها في الحمل وجزء منها في الثور‪ ،‬وهكذا‬
‫البطين هما في برج الحمل ّ‬

‫‪47‬‬
‫أما الهنعة فهي في برج الجوزاء‪،‬‬
‫الدبران والهقعة فهي من المنازل التي تقع في برج الثور‪ّ .‬‬
‫وهكذا‬

‫جدول (‪ )1-2‬أسماء المنازل العربية‬

‫‪ .22‬سعد الذابح‬ ‫‪ . 15‬الغفر‬ ‫‪ .8‬النثرة‬ ‫‪ .1‬الشرطين‬

‫‪ .23‬سعد بلع‬ ‫‪ .16‬الزباني‬ ‫‪ .9‬الطرفة‬ ‫‪ .2‬البطين‬

‫‪ .24‬سعد السعود‬ ‫‪ .17‬اإلكليل‬ ‫‪ .10‬الجبهة‬ ‫‪ .3‬الثريا‬

‫‪ .25‬سعد األخبية‬ ‫‪ .18‬القلب‬ ‫‪ .11‬الزبرة‬ ‫‪ .4‬الدبران‬

‫‪ .26‬مقدم الدلو‬ ‫‪ .19‬الشولة‬ ‫‪ .12‬الغرفة‬ ‫‪ .5‬الهقعة‬

‫‪ .27‬مؤخرالدلو‬ ‫‪ .20‬النعائم‬ ‫‪ .13‬العواء‬ ‫‪ .6‬الهنعة‬

‫‪ .28‬بطن الحوت‬ ‫‪ .21‬البلدة‬ ‫‪ّ .14‬‬


‫السماك‬ ‫‪ .7‬الذراع‬

‫ومن الجدير باملالحظة أن مواقع الشمس في املنازل ثابتة على مدار أيام‬
‫السنة (ولذلك صح ربط املنازل باألنواء‪-‬الفصول) بينما تكون مواقع القمر في‬
‫ً ً‬
‫املنازل متغيرة‪ .‬ولقد اهتم العرب بالقمر اهتماما كبيرا وراقبوا حركته اليومية‬
‫مراقبة دقيقة‪ ،‬وبه أرخوا التقويم‪ .‬وقد ذكر القرآن الكريم القمر في ‪ 27‬آية منها‬
‫َ‬ ‫ً َ‬ ‫ْ‬ ‫قوله تعالى‪ُ  :‬ه َو َّالذي َج َع َل َّ‬
‫س ِض َي ًاء َوال َق َم َر ُنورا َوق َّد َر ُه َم َن ِاز َل ِل َت ْعل ُموا َع َد َد‬
‫الش ْم َ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ ْ َ ُ نَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫اب َما خلق َّللا ذلك إال بال َح ّق ُيف ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الس ِن َين َو ْال ِح َس َ‬
‫ّ‬
‫ص ُل اآليات ِلقو ٍم يعلمو ‪‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(يونس‪)5:‬‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫وقوله تعال ‪َ ‬وال َق َم َر ق َّد ْرن ُاه َم َن ِاز َل َح َّتى َع َاد كال ُع ْر ُجو ِن ال َق ِديم‪(ّ ‬يـس‪)39:‬‬
‫وللعرب أسجاع جميلة وشعر كثير في منازل القمر حفظتها كتب األزمنة واألنوار‬
‫ومعاجم اللغة العربية‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫حاشية (‪ )1-2‬حركة الشمس في اْلنازل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مثلما تتحرك الشمس ظاهريا خالل فصول السنة على دائرة البروج فتمكث شهرا كامال في كل برج‪ ،‬فإنها تنتقل‬
‫ً‬
‫خالل املنازل فتقطع خالل كل شهر منزلتين وثلثا‪ ،‬ويمكن معرفة موقع الشمس في أي املنازل هي‬
‫ً‬
‫من معرفتنا في أي درجة من البرج هي وذلك معلوم بالرصد والحساب أيضا‪ ،‬ومنها نتمكن من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫معرفة املنزلة التي تكون الشمس فيها‪ .‬وعلى حين يمكث القمر في املنزلة يوما واحدا فإن الشمس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تمكث في كل منزلة ‪ 13‬يوما ما خال الجبهة فإنها تمكث فيها ‪ 14‬يوما‪ ،‬وتلك هي عدة السنة‬
‫ً‬
‫الكاملة ‪ 365‬يوما‪ .‬إن العرب عندما تحدثوا عن طلوع املنازل ومكثها إنما كانوا يعنون حلول‬
‫الشمس بها وهذا هو مربط الفصول واألنواء باملنازل‪.‬‬
‫حساب منازل الشمس والقمر‬
‫ليس من الصعب معرفة منزلة القمر ألي يوم ُيراد‪ .‬فالشمس والقمر يكونان في نفس املنزلة‬
‫في آخر يوم من الشهر القمري‪ .‬لذلك لو أردنا حساب منزلة القمر في أي يوم كان نظرنا في أي‬
‫منزلة كانت الشمس آخر يوم من أيام الشهر القمري السابق وجعلنا القمر فيها ثم نزيد على‬
‫ذلك كل يوم منزلة حتى نبلغ اليوم الذي نريد فيكون القمر في تلك املنزلة‪ .‬والبد من اإلشارة هنا‬
‫ً‬
‫إلى أن حساب املنجمين يختلف عن حساب الفلكيين ببرج كامل تقريبا ألن املنجمين يجعلون‬
‫الشمس في أول برج الحمل يوم ‪ 21‬آذار(مارس) بينما يقرر الفلكيون أنه تكون في هذا التاريخ في‬
‫برج الحوت‪.‬‬

‫إن حركة القمر في املنازل هي داللة على حركته بالنسبة إلى الخلفية‬
‫النجومية‪ ،‬فالقمر يتم دورته حول األرض بمثابة نجم معين في فترة معدلها‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫‪ 27‬يوما و ‪ 7‬ساعات و ‪ 43‬دقيقة و ‪ 11.5‬ثانية‪( .‬أي ‪ 27‬يوما وثلثا‬
‫بالتقريب)‪ .‬وهذه الفترة هي ما يسمى الشهر النجومي ‪ .Sidereal Month‬ولو‬
‫راقبنا ظهور القمر قرب نجم معين في أحد الليالي عند وقت معين‪ ،‬لوجدناه‬
‫في الليلة التالية قد ابتعد عن ذلك النجم إلى جهة الشرق عند نفس الوقت‬
‫الذي رصدناه فيه في الليلة السابقة‪ .‬ثم يزداد البعد عن النجم املعين كل‬
‫ليلة إلى جهة الشرق حتى يدرك القمر النجم ثانية بعد ‪ 28‬ليلة بالتقريب‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫وهكذا فإن حركة القمر في املنازل هي حركته باملثابة النجومية‪ .‬لذلك كانت‬
‫ً‬
‫املنازل العربية ثمان وعشرين ولم تكن تسعا وعشرين‪.‬‬
‫ً‬
‫إن منازل القمر بكونها جزءا من كرة السماء فإنها تدور حول األرض دورة‬
‫كل ‪ 24‬ساعة‪ ،‬وفي أي وقت من األوقات تكون كرة السماء الظاهرة فوقنا‬ ‫كاملة ّ‬

‫(نصف الكرة السماوية بالنسبة للراصد) تحتوي على ‪ 14‬منزلة‪ ،‬وكلها طلعت‬
‫منزلة من جهة الشرق سقط رقيبها (أي املنزلة املقابلة لها)‪ ،‬ويستغرق طلوع املنزلة‬
‫ً‬
‫الواحدة زمنا قدره ‪ 24‬ساعة مقسومة على ‪ 28‬أي ‪ 51‬دقيقة و ‪ 25‬ثانية‬
‫بالتقريب‪ ،‬لذلك يتأخر القمر في شروقه وغروبه مثل هذا الوقت كل يوم‪.‬‬

‫حاشية (‪ )2-2‬ملاذا ال يسقط القمر على األرض؟‬


‫ً‬
‫هو في الحقيقة يسقط على األرض كل لحظة لكنه ال يصيبها !! وتفسير ذلك‬
‫أن كل حركة دورية بين جسمين أحدهما حول اآلخر هي على الحقيقة حركة سقوط‬
‫حر نحو مركز الثقل املشترك بين الجسمين‪ .‬ويمكن فهم مسألة السقوط الحر‬
‫املستمر لألجسام الدائرة حول بعضها بمراجعة معلوماتنا عن حركة الجسم‬
‫ً‬
‫املقذوف عاليا‪ .‬فهذه األجسام تبدأ بالعودة نحو األرض حاملا يصل إندفاعها نحو‬
‫األعلى حده األدنى‪ .‬وكل جسم يدور في مجال قوة مركزية إنما يسقط بتسارع نحو‬
‫املركز‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫أأطوار القمر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يالحظ املراقب أن القمر يظهر هالال نحيفا جهة الغرب عقيب غروب‬
‫الشمس أول الشهر القمري ثم يظهر في اليوم التالي بارتفاع زاوية أكبر جهة الغرب‬
‫أيضا ليغيب بعد حوالي ‪ 53‬دقيقة من وقت غيابه في اليوم السابق‪ ،‬وهكذا يتزايد‬
‫نوره بمقدار نصف السبع من نورانية البدر الكامل كل يوم حتى يصير نصف دائرة‬
‫ً‬
‫غربية ويسمى عندئذ تربيع أول ثم يتزايد نوره حتى يصير بدرا في الليلة الرابعة عشر‬
‫من الشهر القمري‪ ،‬وعندها يكمل نوره‪ ،‬وبعد هذا يبدأ نوره بالتناقص حتى يصير‬
‫في التربيع األخير إذ يظهر كنصف دائرة شرقية ويستمر في التناقص حتى يصير‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عمره ‪ 27-25‬يوما يبدو خاللها هالال نحيفا يظهر قبيل الفجر بقليل في األفق‬
‫ً‬
‫الشرقي‪ ،‬ليختفي بعد ذلك يومين أو ثالثة يكون خاللها في املحاق مقترنا بالشمس‪.‬‬
‫ً‬
‫وتسمى مراحل القمر هذه أطوارا ‪ Phases‬وهي ناتجة عن املوقع النسبي للقمر من‬
‫ً‬
‫األرض والشمس‪ ،‬فحين يكون القمر في املحاق فهو مقترن بالشمس تماما إذ يقع‬
‫مستو واحد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫معها في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ّأما حين يبدو القمر هالال فإنه يرتفع قليال فيضاء جزء منه بأشعة الشمس‬
‫ً‬
‫الساقطة عليه ليظهر قوسا بشكل هالل وليد‪ .‬ثم تتزايد مساحة الجزء املضاء من‬
‫القمر كلما ارتفع عن املستوى الذي تقع فيه الشمس واألرض حتى يصير نصفه‬

‫‪51‬‬
‫مض ًاء (التربيع األول) وعند هذا الطور تكون الزاوية بينه وبين الشمس ‪ 90‬درجة ثم‬
‫يرتفع حتى تصبح الزاوية بينه وبين الشمس ‪ 180‬درجة وعندها تظهر كرة القمر‬
‫ً‬
‫دائرة منيرة تامة االستدارة‪ .‬فيبدو القمر بدرا‪ ،‬ثم يتناقص باتجاه معاكس ليظهر‬
‫في طور( التربيع األخير)‪ ،‬حتى يصير إلى املحاق ثانية‪ ،‬انظر الشكل(‪)13-2‬‬

‫شكل(‪ )13-2‬يبين أطوارالقمر‬

‫يميل مستوى مدار القمر حول األرض على مستوى مدار األرض حول‬
‫الشمس بحوالي ‪ 5‬درجات كما أنه يميل عن مستوى خط االستواء األرض ي‪ ،‬وبهذا‬
‫فإنه يختلف عن أقمار املشتري وزحل وأورانوس التي تقع مستويات دورانها في‬
‫مستوى خط استواء كواكبها‪ ،‬كما أن كتلة قمرنا هي ‪ %12‬من كتلة األرض على حين‬
‫أن كتلة أقمار الكواكب األخرى هي بحدود ‪ %0.1‬من كتلة كواكبها‪ .‬ويقوم الفلكيون‬
‫بدراسة هذه الشذوذات في مدار القمر وكتلته لفهم كيفية نشوءه‪.‬‬
‫دوران القمر حول نفسه‬
‫يتمكن الراصد من خالل مراقبة القمر لشهر كامل أن يستنتج دوران هذا‬
‫الجرم حول نفسه ويمكن مالحظة هذه الظاهرة بالنظر إلى موقع معين على سطح‬

‫‪52‬‬
‫القمر كأن يكون قمة جبل من جباله‪ ،‬فلو راقبنا هذه النقطة لوجدناها تقع في‬
‫مقابلة األرض (الراصد) على الدوام‪ ،‬وملا كان القمر يدور حول األرض دورة كاملة‬
‫خالل شهر إقتراني(‪ 29.5‬يوم) فإن هذا معناه أن القمر يكمل حول نفسه دورة‬
‫ً‬
‫كاملة خالل هذه ملدة (أنظر الشكل‪ .) 14-2‬وهذا يعني أن سكان األرض يرون دوما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وجها واحدا فقط للقمر على مدار األعوام والدهور‪.‬‬
‫الشكل (‪ )14-2‬يواجه الراصد على األرض وجهاً واحداً للقمر‬

‫حركة الكواكب يف السامء‬


‫احلركة املس تقمية (الرشقية)‬
‫تظهر الكواكب بالنسبة للراصد على األرض متحركة بحركتين‪ ،‬األولى‪ :‬هي‬
‫الحركة اليومية العامة للقبة السماوية من الشرق إلى الغرب‪ ،‬حيث تدور الكواكب‬
‫مع القبة‪ ،‬تطلع مع الكوكبات أو البروج التي هي فيها وتغيب بغيابها‪ .‬والثانية‪ :‬هي‬
‫الحركة الذاتية للكواكب في دائرة البروج من الغرب إلى الشرق‪ ،‬وهي حركة بطيئة‬
‫ً‬
‫نسبيا ال يكاد يالحظها إال الراصد الذي يراقب السماء لبضعة أسابيع‪ .‬وهذه هي‬
‫الحركة التي جعلت القدماء يعتقدون بمركزية األرض ودوران جميع أجرام السماء‬
‫حولها‪ .‬ومن الجدير بالذكر أن الكواكب السيارة تتحرك على مسارات قريبة في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫العادة من الدائرة الكسوفية شمالها قليال وجنوبها قليال‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫تختلف األجرام السماوية (الشمس والقمر والكواكب) في مدة دورتها‬
‫ً‬
‫الظاهرية حول األرض‪ ،‬فأسرعها القمر يدور في دائرة البروج في مدة ‪ 27‬يوما وثلث‬
‫اليوم وأبطؤها من املنظورة بالعين املجردة زحل الذي يدور في حوالي ‪ 29‬سنة‬
‫ونصف‪ ،‬ومن املنظورة بالتلسكوبات بلوتو الذي تبلغ مدة دورته حوالي ‪ 248‬سنة ‪.‬‬
‫لذلك وضع القدماء ترتيب األجرام في مداراتها حول األرض بحسب سرعاتها‪،‬‬
‫فاألقرب هو األسرع و األبعد هو األبطأ‪ .‬وفيما يلى جدول بمدد دوران األجرام‬
‫السماوية في البروج‪.‬‬

‫الجدول (‪ )3-2‬مدد حركات األجرام‬


‫مدة الدورة‬ ‫الجرم‬

‫‪ 27.3‬يوم‬ ‫القمر‬

‫‪ 88‬يوم‬ ‫عطارد‬

‫‪ 225‬يوم‬ ‫الزهرة‬

‫‪ 365.25‬يوم‬ ‫الشمس‬

‫‪ 687‬يوم‬ ‫املريخ‬

‫‪ 12‬سنة‬ ‫املشتري‬

‫‪ 29.5‬سنة‬ ‫زحل‬

‫إن الراصد الذي على األرض ال يرى كوكبي عطارد والزهرة إال قريبين من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الشمس عادة‪ ،‬فيظهر كل منهما عادة نجمة صباح ‪ Morning Star‬ونجمة مساء‬
‫ً‬
‫‪ .Evening Star‬ومن املعلوم أن كوكب الزهرة يظهر أكثر سطوعا من كوكب عطارد‬
‫ويمكث في السماء بعد الغروب وقبل الشروق لفترة أطول من مكث عطارد‪ .‬وال‬
‫يقطع أي من هذين الكوكبين كرة السماء‪ ،‬اذ يظهر عطارد في جهة الغرب بعد‬
‫الغروب بارتفاع ال يتجاوز ‪ 23‬درجة وهذا ما يسمى االستطالة الغربية العظمى‪،‬‬

‫‪54‬‬
‫وهي بالنسبة لكوكب الزهرة ‪ 46‬درجة‪ .‬وكذا األمر عندما يظهر أي من هذين‬
‫ً‬
‫الكوكبين صباحا قبيل الشروق حيث تكون لهما استطالة شرقية عظمى مثل‬
‫استطالتهما الغربية‪ .‬أما بقية الكواكب فتقطع كرة السماء في دورتها‪ .‬وسنأتي على‬
‫تفسير هذه الحركات في فصل قادم‪.‬‬
‫احلركة الرتاجعية للكواكب‬
‫ذكرنا أن الكواكب تتحرك حركتها الذاتية (وليس الحركة اليومية للقبة‬
‫ً‬
‫السماوية) عادة من الغرب إلى الشرق وتسمى هذه الحركة اْلستقيمة ‪Direct‬‬
‫ً‬
‫‪ .Motion‬لكنها تخرق هذه العادة أحيانا فتتحرك باتجاه معاكس أي من الشرق إلى‬
‫الغرب ويسمى هذا الحركة التراجعية ‪ Retrograde Motion‬حيث يتباطأ الكوكب في‬
‫سيره االعتيادي حتى يتوقف لبضعة أيام فيقال إنه في الثبات للرجوع‪ ،‬ثم يسير‬
‫ً‬
‫متراجعا فيقال إنه في التراجع‪ ،‬ثم يتوقف فيقال إنه في الثبات لالستقامة ثم‬
‫ً‬
‫يستقيم على حركته االعتيادية‪ .‬وقد لوحظ أن كوكب عطارد يتحرك متراجعا مرات‬
‫عديدة في السنة‪ .‬بينما تتراجع الزهرة مرات أقل‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى املريخ واملشتري‬
‫ً‬
‫وزحل حيث ال تتراجع إال قليال وعلى فترات أطول‪ .‬ولم يستطع القدماء قبل‬
‫بطليموس تفسير هذه الحركات التراجعية بصورة مضبوطة‪ .‬من الضروري مالحظة‬
‫ً‬
‫أن الشمس والقمر ال تتراجع في حركتها على دائرة البروج بل هي دوما في االستقامة‪.‬‬

‫الشكل(‪ )15-2‬تراجع اْلريخ في كوكبة ألسد‬

‫‪55‬‬
‫اخلسوف والكسوف‬
‫ً‬
‫الخسوف والكسوف ظاهرتان فلكيتان تحدثان وفقا لسنن الحركات الفلكية‬
‫السماوية‪ ،‬وبسبب املواقع النسبية لألجرام الرئيسة الثالثة‪ :‬الشمس واألرض‬
‫والقمر‪ .‬إذ يخسف القمر عندما يحتجب كله أو جزء منه بوقوع ظل األرض عليه‬
‫التي تكون بينه والشمس على استقامة واحدة‪ ،‬فتحجب األرض ضوء الشمس عن‬
‫ً ً‬
‫القمر‪ .‬ويسمى االحتجاب الكلي خسوفا كليا ‪ Total Lunar Eclipse‬عندما يقع‬
‫القمر في منطقة الظل التام‪ّ .‬أما عندما يقع القمر في منطقة شبه الظل فإن‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫االحتجاب يكون جزئيا ويسمى الخسوف خسوفا جزئيا‪.Partial Lunar Eclipse‬‬
‫أنظر الشكل(‪.)16-2‬‬

‫الشكل (‪ )16-2‬ظاهرة الخسوف‬

‫وتكسف الشمس عندما يقع ظل القمر على األرض إذ يكون القمر بين األرض‬
‫والشمس وتكون مراكز هذه األجرام الثالثة على خط مستقيم‪ .‬ويمكن أن تحتجب‬
‫ً‬
‫الشمس خلف القمر كليا حينما تكون املسافة بين األرض والقمر مناسبة لكي‬

‫‪56‬‬
‫ً ً‬
‫‪Total Solar‬‬ ‫يغطي قرص القمر قرص الشمس كله‪ ،‬ويسمى هذا كسوفا كليا‬
‫‪.Eclipse‬‬

‫الشكل (‪ )17-2‬كسوف الشمس‬

‫ّأما إذا احتجب جزء من قرص الشمس خلف القمر فعندئذ يكون الكسوف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كسوفا جزئيا‪ . Partial Solar Eclipse‬والكسوف الجزئي على نوعين ال ثالث لهما‪:‬‬
‫األول‪ :‬هو احتجاب قرص الشمس بجزئه األعظم خلف قرص القمر حتى ال‬
‫يظهر من الشمس إال حلقة مضيئة تتوسطها بقعة سوداء‪ ،‬ويسمى هذا النوع‬
‫"الكسوف الحلقي" ‪.Annual Eclipse‬‬

‫شكل (‪ )18-2‬الكسوف الحلقي‬

‫‪57‬‬
‫والثاني‪ :‬هو احتجاب جزء من قرص الشمس قليالً كان أو كثي اًر ذلك الجزء دون‬
‫تقيد لمساحة االحتجاب‪ .‬ويسمى هذا النوع الكسوف الجزئي ‪.Partial Solar Eclipse‬‬

‫الشكل(‪ )19-2‬الكسوف الجزئي‬

‫أأس باب اخلسوف والكسوف ورشوطها‬


‫ذكرنا فيما سبق أن مدار القمر حول األرض يميل بزاوية مقدارها بحدود ‪5‬‬
‫درجات على مستوى الدائرة الكسوفية (مدار األرض حول الشمس)‪ .‬مما يعني أن‬
‫مدار القمر يقطع مستوى الدائرة الكسوفية كل شهر قمري مرتين في موضعين‬
‫متقابلين على املدار يسميان العقدتان ‪ُ .Nodes‬ويسمى املوضع الذي يتقاطع عنده‬
‫مدار القمر وهو صاعد العقد الصاعدة ‪ Ascending Node‬واملوضع الذي يتقاطع‬
‫عنده مدار القمر وهو نازل العقدة النازلة ‪. Descending Node‬‬
‫ً‬
‫لو كان مدار القمر واقعا عند مستوى الدائرة الكسوفية نفسه‪ ،‬لحصل‬
‫ً‬
‫خسوف منتصف كل شهر قمري حين يكون القمر بدرا‪ ،‬ولحصل كسوف نهاية‬
‫كل شهر قمري بالضرورة‪ .‬إال أن ميالن مدار القمر بخمس درجات يجعل ظله ال‬

‫‪58‬‬
‫يسقط على سطح األرض إال حين يكون في العقدة الصاعدة أو العقدة النازلة أو‬
‫ً‬
‫قريبا منهما‪ .‬وكذلك القول بشأن ظل األرض فال يسقط على القمر إال حين يكون في‬
‫هذه املواضع‪.‬‬

‫الشكل (‪ )20-2‬يوضح حدوث الكسوف الكلي عند وقوع القمربين األرض والشمس‬

‫ً‬
‫إن ظل القمر الواقع على األرض يشكل مخروطا قاعدته هي قرص القمر‬
‫ورأسه عند سطح األرض‪ .‬فإذا كانت املسافة بين القمر واألرض على أصغرها تقاطع‬
‫ً‬
‫ظل مخروط الظل مع سطح األرض الكروي مشكال بقعة مظلمة بيضوية الشكل‬
‫ً‬
‫يتناسب قطرها عكسيا مع بعد القمر عن األرض‪ .‬والراصد الواقف ضمن هذه‬
‫ً ً‬
‫املساحة البيضوية يرى الشمس منكسفة كسوفا كليا ‪ ،‬وتتحرك هذه املساحة‬
‫البيضوية املظلمة من الغرب إلى الشرق على مسار يسمى مسار الكسوف الكلي‬
‫‪ Path of Totality‬وبسرعة تتناسب مع محصلة سرعة دوران األرض حول نفسها‬
‫وسرعة دوران القمر حول األرض‪ ،‬وهذه املحصلة هي بحدود ‪ 2000‬كيلومتر في‬
‫الساعة ‪ .‬لذلك تتغير مساحة الظل بحسب أوقات الكسوف فهي عادة تبدأ صغيرة‬
‫ً‬
‫ثم تكبر حتى تصل حدا أعظم تتقلص بعده بالتدريج حتى تتالش ى‪ .‬إن هذا الوصف‬
‫ينطبق على "الكسوف الكلي"‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الشكل (‪ )21-2‬أنطقة الكسوف الكلي والجزئي‬

‫ّأما بالنسبة لحالة الكسوف الحلقي فإنه يحصل عندما تكون مراكز األجرام‬
‫الثالثة الشمس والقمر واألرض واقعة على خط مستقيم لكن املسافة بين األرض‬
‫والقمر هي بمقدار يجعل رأس مخروط ظل القمر ال يصل سطح األرض لذلك يظهر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫احتجاب الشمس حلقيا‪ ،‬ويسمى ذلك كسوفا حلقيا ‪.Annular Eclipse‬‬
‫ً‬
‫أما املناطق التي تقع في شبه الظل فإنها ترى الشمس منكسفة كسوفا‬
‫ً‬
‫جزئيا‪ ..‬وتمتد منطقة شبه الظل ملسافات كبيرة تتقلص معها نسبة الكسوف‪.‬‬
‫حساب اخلسوف والكسوف‬
‫إن الحسابات الدقيقة ملواقيت الخسوف والكسوف ومواضع رؤية الكسوف‬
‫عال من‬
‫على األرض هي في العادة حسابات صعبة تقتض ي دراية رياضية على قدر ٍ‬
‫من املعرفة في حسابات امليكانيك السماوي ‪ .Celestial Mechanics‬إال أن بإمكاننا‬
‫تكوين معرفة عامة عن دورات الخسوف والكسوف وأوقات حصولهما‪ .‬وهذا اللون‬
‫من املعرفة هو ما كان البابليون واملصريون القدماء قد توصلوا إليه باملراقبة‬
‫املستمرة للسماء ورصد مواقع الشمس والقمر فيها‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫الشكل (‪ )22-2‬أحوال الكسوف املختلفة‬

‫إن مواضع العقدتين الصاعدة والنازلة غير ثابتة بل تتحرك على الدائرة‬
‫الكسوفية باتجاه معاكس التجاه حركة الشمس وبمعدل ‪ 19‬درجة لكل سنة‬
‫شمسية بالتقريب‪ .‬مما يعني أن العقدتين تعودان إلى املوقعين نفسيهما على الدائرة‬
‫الكسوفية كل ‪ 18.6‬سنة شمسية‪ .‬وملا كانت الشمس متحركة على الدائرة‬
‫الكسوفية باتجاه معاكس بمعدل درجة واحدة في اليوم الواحد فإن هذا مؤداه أن‬
‫يحصل اإلقتران بين الشمس والقمر وهو في واحدة من العقدتين في مدة أمدها‬
‫ً‬
‫‪ 346=19-365‬يوما ‪ ،‬وتسمى هذه الفترة السنة الكسوفية ‪، Eclipse year‬‬
‫وخاللها نتوقع حصول خسوفين للقمر على األقل‪ .‬ولربما حصلت ثالث خسوف‬
‫للقمر في سنة شمسية كاملة‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫الشكل (‪ )23-2‬مواضع العقدتين لتقاطع مدارالقمرمع مستوي الدائرة الكسوفية‬
‫ً‬
‫قلنا آنفا أن ظل القمر الواقع على سطح األرض الكروي يشكل بقعة مظلمة‬
‫بيضوية تعتمد مساحتها على املسافة بين األرض والقمر‪ ،‬فهذه املسافة متغيرة كما‬
‫هو معلوم‪ ،‬وفي حده األعظم يبلغ قطر البقعة املظلمة ‪ 270‬كيلومتر‪ .‬وملا كانت‬
‫سرعة حركة ظل القمر على األرض تبلغ بحدود ‪ 2100‬كيلومتر في الساعة (أي ‪35‬‬
‫ُ‬
‫كيلومتر في الدقيقة) فإن املسافة البالغة ‪ 270‬كيلومتر تقطع خالل مدة ‪7.7‬‬
‫ً‬
‫دقيقة فقط ‪ .‬ولهذا السبب ال تدوم فترة الكسوف الكلي أكثر من هذه املدة أبدا‪.‬‬

‫الشكل (‪ )24-2‬رسم م واقع الكسوف لألعوام ‪2005-1995‬م‬

‫‪62‬‬
‫الشكل(‪ )25-2‬يوضح صورة الحلقة اْلاسية التي تظهرمع الكسوف الكلي للشمس‬

‫‪ :‬دورة الساروس‪Saros :‬‬ ‫ادلورة الاقرتانية للشمس والقمر‬


‫‪Cycle‬‬

‫لوحظ أن جملة من كسوف الشمس تتكرر على سطح األرض كل ‪18‬سنة‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫شمسية و‪ 11‬يوما و ثلث اليوم‪ .‬وهذا يعدل بالتقريب ‪ 19‬سنة كسوفية إال قريبا‬
‫من نصف اليوم‪ .‬وسمى البابليون هذا دورة الساروس ‪ .‬لذلك تتكرر حوادث‬
‫الكسوف على خطوط العرض نفسها ولكن بفارق قدره ‪ 120‬درجة على خطوط‬
‫الطول‪ .‬وهذا الفرق سببه فضل ثلث اليوم ففيه تدور األرض ثلث دورة‪ .‬وبذلك‬
‫يمكن القول أن حوادث الكسوف تتكرر على املواضع نفسها من األرض كل ‪54‬‬
‫سنة بالتقريب‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫حساب مواقيت اخلسوف والكسوف ابلطريقة البابلية‬
‫كان القدماء منذ عصر البابليين األوائل قد تمكنوا من معرفة أوقات حصول‬
‫ظواهر الخسوف والكسوف بشكل تقريبي عن طريق حسابات الدور وكان هذا‬
‫ً‬
‫يعرف أيضا باسم القرانات وقد أوردت الجداول البابلية إشارات إلى توقعات‬
‫ملواقيت الخسوف والكسوف في تقاويمهم الفلكية التي كانت تصدر قبل ملدة عامين‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(أو أكثر أحيانا) مقدما‪ .‬لكنهم لم يكونوا يعرفوا ساعة حصول هذه الظواهر على‬
‫وجه الدقة (وال مكان حصولها بالنسبة لحوادث الكسوف)‪ .‬وهنا أقدم هذه‬
‫الطريقة‬
‫من خالل مراقبة حوادث الخسوف والكسوف لسنوات كثيرة تنبه البابليون‬
‫إلى أن هذه الحوادث تتكرر دوريا في مدى ‪ 223‬شهر قمري اقتراني (مدته‬
‫‪ 29.5306‬يوم)‪ ،‬وهذا يعادل ‪ 18‬سنة شمسية و ‪ 10‬أيام و‪ 7‬ساعات و‪43‬‬
‫ً‬
‫دقيقة بالضبط‪ .‬وتكون األيام ‪ 11‬بدال من ‪ 10‬إذا كانت هذه السنوات فيها ‪4‬‬
‫سنوات كبائس أما إذا كان فيها ‪ 5‬سنين كبائس فتكون األيام ‪ . 10‬وقد سميت هذه‬
‫الدورة الحقا دورة الساروس‪ ،‬وخاللها تتكرر نفس حوادث ولكن في بقاع مختلفة من‬
‫األرض‪ .‬فلو وقع كسوف أو خسوف في سنة ما فإنه يتكرر بنفس شكله ووضعه‬
‫ً‬
‫ومدته مرة ثانية بعد مض ي ‪ 18‬عاما و ‪ 10‬أيام و ‪ 7‬ساعات و ‪ 43‬دقيقة إال أن‬
‫موقع الحادث على الكرة األرضية ينحرف نحو جهة الغرب بمقدار ‪ 116‬درجة‬
‫ً‬
‫تقريبا (وهذا ما يعدل ‪ 7‬ساعات و‪ 43‬دقيقة بالتقريب بدوران األرض حول‬
‫نفسها)‪ .‬وقد عرف القدماء هذا الدور وعرفوا أنه يترتب عليه حدوث سلسلة‬
‫كسوفات وخسوفات ويمكن لهواة الفلك أن يعتمدوا على دورة ساروس في حساب‬
‫حوادث سماوية ألجيال عديدة الحقة وسابقة وهي في غاية السهولة ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫ولكي يتنبأ البابليون بوقوع خسوف أو كسوف في أي يوم من األيام القادمة‬
‫كان عليهم ضبط أوقات حصول كسوفات وخسوفات لدورة ساروس كاملة واحدة‬
‫وجعلها كمرجع للحساب‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫وقع خسوف للقمر كلي بتاريخ ‪ 17‬تشرين األول‪/‬أكتوبر ‪ 1986‬الساعة ‪ 22‬و ‪18‬‬
‫ً‬
‫دقيقة‪ .‬فإذا أضفت ‪ 18‬عاما إلى ‪ 1986‬فالحاصل ‪ 2004‬وبينهما خمس سنوات‬
‫كبائس لذلك نضيف لأليام ‪ 10‬فيصير ‪ 27‬أكتوبر و نضيف للساعات ‪ 7‬ساعات‬
‫‪ 43‬دقيقة فيصير ‪ 30‬ساعة ودقيقة واحدة نحذف من الساعات ‪ 24‬ونضيف‬
‫ً‬
‫يوما‪ .‬وبالتالي نكتشف أن الخسوف سيتكرر في ‪ 28‬أكتوبر ‪ 2004‬وكان وسطه في‬
‫الساعة ‪ 6:01‬وقد شاهدناه في منتصف رمضان ‪ 1425‬ومثله كسوف الشمس‬
‫ً‬
‫الذي وقع بشرق آسيا بتاريخ ‪ 23‬سبتمبر ‪ 1987‬الساعة ‪ 06:11‬صباحا‪ .‬إذا‬
‫أضفنا فوقه مدة دورة ساروس فسنكتشف أن الكسوف سيتكرر بتاريخ ‪ 3‬أكتوبر‬
‫‪ 2005‬الساعة ‪ ،13:54‬أي أن هاوي الفلك إذا حصل على الخسوفات‬
‫والكسوفات املاضية قبل ‪ 18‬سنة فبإستطاعته حساب الحوادث لسنوات طويلة ‪.‬‬
‫لكننا اآلن وبفضل تقدم علوم امليكانيك السماوي وتقدم التقنيات‬
‫الحاسوبية أصبحنا قادرين بحمد هللا على حساب أوقات الخسوف والكسوف بدقة‬
‫عالية تصل إلى أجزاء الثانية كما أمكن حساب أماكن نوع الخسوف أو الكسوف‬
‫املتوقع وحساب أبعاد مسار الكسوف الكلي والجزئي بدقة عالية تصل إلى بضعة‬
‫ً‬
‫أمتار‪ .‬وهذا ما يثبت عادة في التقاويم الفلكية الحديثة ‪Astronomical Almanac‬‬

‫التي تصدرها هيئات عاملية‪ .‬وفي الجدولين (‪ )3‬و (‪ )4‬كشف بحوادث الخسوف‬
‫املتوقعة حتى العام ‪. 2010‬‬

‫‪65‬‬
‫أأس ئةل الفصل الثان‬
‫‪ .1‬ملاذا اعتقد القدماء أن القمر أقرب إلى األرض من الشمس؟‬
‫‪ .2‬ما طور القمر عند حصول الكسوف‪ .‬وما طوره في الخسوف؟‬
‫‪ .3‬في نهار أي يوم من السنة تكون السرعة الزاوية للشمس األقل وفي نهار أي‬
‫يوم تكون على أعظمها؟‬

‫‪ .4‬افترض أنك قمت برصد الشمس من موقع ما على خط عرض ‪ 45‬شمال‪،‬‬


‫كيف ستجد موقع غروب الشمس يتغير ما بين االنقالبين الصيفي‬
‫والشتوي‪.‬‬

‫‪ .5‬إذا قمت بقياس طول ظل عمود الكهرباء يوم ‪/21‬آذار من العام عند خط‬
‫عرض ‪ 45‬شمال فهل سيكون طول الظل في اليوم التالي أقصر أم أطول؟‬

‫‪ .6‬يقطع القمر دائرة البروج في ‪ 27.3‬يوم‪ .‬ما هي سرعته الزاوية باليوم؟‬


‫بالساعة؟‬
‫ً‬
‫‪ .7‬إذا كان العصا التي طولها ‪10‬سم تصنع ظال طوله ‪ 35‬سم فما هو ارتفاع‬
‫الشمس‪.‬‬

‫‪ .8‬في أي برج تكون الشمس يوم ‪ 22‬حزيران من العام وفي أي برج تكون يوم‬
‫‪ 22‬كانون الثاني‪.‬‬
‫‪ .9‬تقطع الشمس دائرة البروج في سنة‪ ،‬ما هو معدل السرعة الزاوية‬
‫بالشهر؟ باليوم؟ بالساعة؟ وكيف تقارنها مع معدل السرعة الزاوية‬
‫للقمر؟‬
‫‪ .10‬ما سبب حركة جميع األجرام السماوية من الشرق إلى الغرب؟‬

‫‪66‬‬
‫‪ .11‬كيف يمكنك تحديد خط االستواء السماوي (الفلكي)‪.‬‬
‫‪ .12‬بين مع األمثلة كيف تختلف مواقع النجوم باختالف مكان الراصد لها على‬
‫سطح الكرة األرضية؟‬

‫‪ .13‬بين كيف تبحث عن نجم في القبة الفلكية إذا علمت أن زاوية سمته (ْ‪)90‬‬
‫وارتفاعه الزاوي (ْ‪)75‬؟‬
‫‪ .14‬كيف تتكون أطوار القمر؟ هل أن ظلمة جزء من القمر في بعض أطواره‬
‫ناتجة عن حجب ضوء الشمس من قبل األرض؟‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ .15‬ملاذا نرى وجها واحدا للقمر؟‬
‫‪ .16‬في أي يوم من الشهر القمري يحصل الخسوف؟ وفي أي يوم يحصل‬
‫الكسوف؟‬
‫‪ .17‬ورد في املصادر أن الشمس كسفت يوم توفي إبراهيم إبن النبي (ص)‪ ،‬وورد‬
‫في بعض املصادر أن تاريخ الوفاة كان يوم ‪ 18‬ربيع األول‪ .‬فهل يصح هذا‬
‫ً‬
‫التاريخ إذا علمنا وقوع الكسوف فعال ؟ ملاذا‬
‫‪ .18‬هل يغطي الخسوف كل البقاع التي يرى منها القمر؟ ملاذا؟‬
‫‪ .19‬هل يغطي الكسوف كل البقاع التي ترى منها الشمس؟ ملاذا؟‬
‫ً‬
‫‪ .20‬أيهما يستغرق زمنا أطول الخسوف أم الكسوف؟ ملاذا؟‬
‫‪ .21‬ما هي دورة الساروس؟ هل يمكن استخدامها لتقدير أوقات حصول‬
‫الخسوف والكسوف؟‬
‫‪ .22‬ما هي الحركة التراجعية للكواكب؟ هل تحصل مع الشمس والقمر؟ ملاذا؟‬

‫‪67‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫حملة اترخيية عن تطور عمل الفكل‬

‫‪68‬‬
‫الفكل ما قبل التأأري‬
‫تركت لنا الشعوب القديمة تصوراتها التي تبدو لنا اليوم مضحكة أو عجيبة‬
‫عن السماء وأجرامها‪ ،‬حيث كان التخيل البدائي قد اخترع هذه الصور‪ .‬فقد تصور‬
‫الهنود القدماء األرض قوقعة عظيمة تحملها أربعة أفيال عمالقة تقف على ظهر‬
‫سلحفاة‪ .‬وعلى الرغم من بدائية هذا التصور إال أنه ال يخلو من ٍ‬
‫معان ومعارف‬
‫قيمة أهمها الشعور بكروية األرض وتحدب سطحها وإال ملا اختار الهنود القوقعة‪.‬‬
‫والثاني معرفة أن اليابسة محاطة باملاء من جميع أطرافها‪ .‬ولعل أن في اختيار‬
‫ً‬
‫السلحفاة فرضا يقصد منه تفسير قلة حصول الهزات األرضية!!‬
‫وبالجملة فإن عقائد اإلنسان القديمة تجاه األرض والسماء وما فيها من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أجرام كثيرة كانت منبعثة من تصوراته التي تتأثر تأثرا مباشرا باألشياء املحيطة به و‬
‫بخبراته اليومية ومعارفه التي تتراكم لديه على مديات األجيال املتتابعة‪ .‬لذلك نقول‬
‫أن اكتشاف اإلنسان للعلم والطرائق العلمية الصحيحة الكتشاف العالم لم يكن‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أمرا سهال ومباشرا‪ ،‬بل مر بمراحل وتحوالت كثيرة حتى اهتدى مؤخرا إلى ما يبدو أنه‬
‫السبيل الصحيح الرشيد ملعرفة العالم‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق باألجرام السماوية فإن القدماء قد جعلوا لها صفات معنوية‬
‫ومادية مختلفة‪ .‬وقد كانت الكواكب والنجوم تعبد في مرحلة من مراحل تطور الوعي‬
‫اإلنساني‪ .‬هذا ما تثبته املخلفات املوروثة من معتقدات ومن أعمال أدبية أو فنية‬
‫كثيرة و أشير لذلك عن قوم سيدنا إبراهيم في سورة األنعام حيث يذكر أن إبراهيم‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪ ‬قبل أن ُيكلف بالرسالة تفكر بالنجم وبالشمس وبالقمر حتى إذا لم يجدها شيئا‬
‫ووجدها مخلوقات زائلة إهتدى إلى اإليمان باهلل الذي ليس كمثله ش يء‪ ،‬يقول هللا‬
‫سبحانه‬
‫ََ‬ ‫ال َه َذا َرّبي َف َل َّما َأ َف َل َق َ‬
‫ال ال أ ِح ُّب اآلفلين‪ .‬فل َّما َرأى‬
‫َ َ َّ َ َّ َ َ م َّ‬
‫الل ميل َرأى َك مو َك ابا َق َ‬ ‫‪‬فلما جن علي ِه‬
‫َ ََّ‬ ‫َّ ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫َ مَ‬ ‫ّ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ال َه َذا َربي فل َّما أف َل ق َ‬
‫ّ‬ ‫غا َق َ‬
‫مَ ََ َ ا‬
‫ال ل ِئن ل مم َي مه ِد ِني َرِبي ألكونن ِمن القو ِم الض ِالين‪ َ.‬فلما‬ ‫ِ‬ ‫القمر ب ِاز‬

‫‪69‬‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َََ م َ‬
‫ال َيا ق موم إ ِني َبر ٌ‬ ‫َ َ ّ َ َ َمَ ََ‬ ‫َا َ‬
‫س َبازغة ق َ‬ ‫َّ‬
‫َرأى الش مم َ‬
‫يء ِم َّما تش ِركون‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ال هذا َربي هذا أكبرفل َّما أفلت ق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫الفكل عند العراقيني القدماء‬


‫شكل (‪ )1-3‬الزقورة التي استخدمها الع راقيون القدماء لرصد السماء‬

‫لقد كشفت التنقيبات اآلثارية وتراجم األلواح الطينية البابلية عن تراث ضخم في‬
‫مجال األرصاد الفلكية الدقيقة‪ ،‬واتضح بما ال يقبل الشك أن البابليين وخاصة على‬
‫العصر السلوقي المتأخر (‪ 310‬ق‪.‬م ‪75 -‬م) ‪ Seleucid era‬قد اعتنوا بعلم الفلك عناية‬
‫فائقة وكانت لديهم مؤسسة حكومية ضخمة ممولة من قبل الدولة تعمل على تسجيل‬
‫األرصاد الفلكية لمواقع الكواكب والشمس والقمر والنجوم وباقي األجرام السماوية التي تراها‬
‫العين يومياً‪ .‬وكان اللوح الطيني يحتوي على معلومات تتضمن تاريخ ومكان الرصد واسم‬
‫يدون المعلومات على اللوح الطيني األولي‬
‫الراصد واسم مساعده‪ ،‬واسم الكاتب الذي ّ‬
‫واسم الناسخ الذي ينقل المعلومات من اللوح األولي إلى اللوح النهائي واسم المدقق الذي‬
‫يتولى تدقيق النسخ والتأكد من صحته‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫وقد ترجم لنا جزءاً كبي اًر من هذا التراث العلمي الذي حفظته تلك األلواح مؤرخ علم‬
‫الفلك القديم األستاذ أوتو نويجي باور ‪ Otto Neugobauer‬في ثالث مجلدات كبيرة‬
‫بعنوان ‪ Astronomical Cuneiform Texts‬كما أرخ هذا العالم الجليل ألعمال البابليين‬
‫وغيرهم في علم الفلك في كتبه األخرى وأهمها ‪A History of Ancient Mathematical‬‬
‫‪ Astronomy‬الذي يقع في ثالث مجلدات أخرى‪.‬‬

‫الشكل (‪ )2-3‬تقويم فلكي بابلي‬

‫وقد كان من مهام المؤسسة الفلكية البابلية إصدار التقاويم الفلكية لسنتين أو أكثر‬
‫مقدماً‪ ،‬والتي تحتوي عادة على إحداثيات الشمس والقمر والكواكب السيارة‪ ،‬وبدايات‬
‫األشهر القمرية وخسوف القمر وكسوف الشمس المتوقعة خالل الفترة التي يغطيها التقويم‪،‬‬
‫وهذا هو في الحقيقة ما تحتويه التقاويم الفلكية المعاصرة وأهمها التقويم الفلكي البريطاني‬
‫‪ -‬األمريكي المشترك والمسمى "المناخ ‪. "Almanac‬‬

‫ومن الجدير بالمالحظة أن التنظيم المتبع في التقويم الفلكي العالمي اآلن هو نفسه‬
‫الذي كان متبعاً عند البابليين‪ ،‬إذ أنهم جعلوا جزءاً من التقويم يتضمن جداول تعين‬
‫إحداثيات األجرام السماوية وتسمى الجداول األرصادية ‪ Observational tables‬يلحق‬
‫به جزء آخر يكون على ألواح أخرى ويسمى النص اإلجرائي ‪ procedure text‬وهو‬
‫الجزء الذي يتم فيه شرح العمليات الحسابية المعتمدة الستخراج األرقام التي تتضمنها‬
‫الجداول األرصادية‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫كانت التقاويم الفلكية البابلية تؤدي وظيفتين في آن واحد‪:‬‬

‫األولى هي وظيفة عملية تختص بتحديد أحوال الجو والفصول ومواسم الزراعة‬
‫واألمطار وتحديد المواقيت واألعياد الوطنية والدينية وجباية األموال وصرف الرواتب إلى‬
‫الجند وموظفي الدولة و األحوال الشخصية وغير ذلك من الفعاليات التي تتأثر بالمواقيت‪.‬‬

‫أ ّما الوظيفة الثانية التقاويم الفلكية البابلية فقد كانت استخدامها في التنجيم للتنبؤ‬
‫بمصائر وأحوال الرعاة (الملوك) والرعية‪ .‬وتقول المصادر أن الكلدان كانوا بارعين في‬
‫التنجيم براعة نادرة حتى أنهم كانوا يعرفون أحوال المولود في بطن أمه بداللة النجوم(‪.)1‬‬

‫وقد برع البابليون في التعامل مع األعداد وكانت نظرية العدد عندهم متطورة على‬
‫ما يظهر من خالل الدراسات المعاصرة التي جرت على النصوص الرياضية‪ ،‬وأنواع‬
‫التمارين المعطاة للطلبة والتي تؤكد اعتمادهم خوارزميات محددة لحل المسائل العددية‪،‬‬
‫وهذا ما تشير إليه الدراسات الجديدة بشأن علم الرياضيات البابلي‪.‬‬

‫لقد اعتمد البابليون النظام الستيني في تمثيل األعداد ولهذا النظام فائدة كبيرة في‬
‫التعبير عن الكميات الهندسية نظ اًر ألنه يتوافق معها تماماً إذ أن الدائرة تقسم إلى ‪360‬‬
‫درجة والدرجة إلى ‪ 60‬دقيقة والدقيقة إلى ‪ 60‬ثانية وهكذا‪ .‬والرقم ‪ 60‬يقبل القسمة على ‪1‬‬
‫و ‪ 2‬و ‪ 3‬و‪ 4‬و ‪ 5‬و ‪ 6‬و ‪ 10‬و ‪ 12‬و ‪ 15‬و ‪ 20‬و ‪ 30‬وعلى نفسه بدون باقي بينما‬
‫ال تقبل العشرة التي هي أساس النظام العشري القسمة إال على ‪ 2‬و ‪ 5‬ونفسها فقط‪.‬‬
‫لذلك فقد أتاح النظام الستيني مرونة أعلى للبابليين للتعامل مع األرقام الناتجة عن‬
‫األرصاد الفلكية والحسابات الفلكية‪.‬‬

‫لقد حدد البابليون فترة الشهر القمري االقتراني والشهر القمري النجومي‪ ،‬بدقة كبيرة‬
‫تتفق مع التحديد المعاصر حتى المرتبة السادسة وهذه هي ‪ 29.530594‬يوم والفترة‬
‫المقبولة حالياً هي ‪ 29.530590‬يوم‪ .‬كما عرفوا السنة الشمسية ومدتها بوجوه عديدة‪،‬‬
‫والسنة الفصلية ومدتها والسنة اإلقترانية ومدتها والسنة النجومية ومدتها‪ ،‬ورغم ما تذكره‬

‫)‪ (1‬أنظررسائل إخوان الصفا ج‪.4‬‬

‫‪72‬‬
‫المصادر من أن البابليين لم تكن لديهم نظرية كوكبية ‪ Planetary Theory‬رياضية‬
‫بحسب الرأي الذي طرحه نويجي باور وآخرين إال أن وجود هذا الكم الهائل من األرقام‬
‫والحسابات األرصادية لهو دليل واضح على أن البابليين كانوا والبد أصحاب نظرية‬
‫كوكبية متقدمة قد يمكن االستدالل على معالمها من خالل دراسة أكثر عمقاً ومتابعة لعلم‬
‫الفلك الرياضي البابلي فضالً عن هذا فإن وجود جداول بابلية تحتوي على مدة دوران‬
‫الكواكب (عدا األرض) حول الشمس قضية محيرة حقاً! فهل كان لدى البابليين نظرية‬
‫حساب قائمة على مركزية الشمس أيضاً؟‪.‬‬

‫الفكل عند املرصيني القدماء‬


‫وجد الباحثون في المصريات القديمة آثا اًر لرسومات دالة على تصورات المصريين‬
‫يشبه المصريون السماء المعطاءة ببقرة‬‫القدماء للسماء وما تحويه ففي أحد الرسومات ّ‬
‫عظيمة حّليت بطنها بالنجوم ويقف تحتها اإلله " شو" (إله الفضاء) يرفعها بذراعيه (أنظر‬
‫الشكل ‪.)3-3‬‬

‫شكل (‪ )3-3‬صورة السماء عند اْلصريين تمثلها بقرة عظيمة‬

‫‪73‬‬
‫شكل (‪ )4-3‬اإلله شو يرفع السماء‬

‫أما فيما يخص معرفة المصريين القدماء بالنجوم وحركاتها فإن من المؤكد أنهم‬
‫استطاعوا تمييز الكوكبات النجمية التي جعلوها ستاً وثالثين كوكبة‪ ،‬لكل منها حارس‬
‫يحرسها ويهيمن على عشرة أيام من أيام السنة المصرية التي قرروها ‪ 360‬يوماً‪ .‬لذلك‬
‫صاروا يضيفون األيام الخمسة إلى عداد أيام السنة ويجعلونها عيداً‪.‬‬

‫وقد مكنت مراقبة الكوكبات من وضع جداول تبين مواعيد ظهورها وتحديد مواقعها‬
‫على مدار الزمن‪ .‬وقد ربط المصريون بين مولد فيضانات النيل وشروق نجم الشعرى‬
‫وذلك في ‪ 19‬تموز (يوليو) من كل عام‪ ،‬وقد اتخذوا من موقع الشعرى اليمانية دليالً لهم‬
‫في بناء الهرم وتوجيهه‪ .‬فالشعرى اليمانية التي تظهر في الجنوب يواجهها أحد وجوه الهرم‬
‫األكبر (هرم خوفو)‪ ،‬بينا جعل الوجه اآلخر للهرم يواجه نجم القطب بحيث إذا سقط‬
‫الضوء القادم من نجم الشعرى على وجه الهرم التقت األشعة القادمة منه مع األشعة‬
‫القادمة من نجم القطب (من الشمال) في الحجرة الملكية الموجودة داخل الهرم‪ .‬وحين‬
‫يلتقي الشعاعين يبدأ فيضان النيل في ذلك األسبوع‪.‬‬

‫أما بالنسبة لقياس الزمن فقد استخدم المصريون القدماء المزاول الشمسية‪ .‬كما‬
‫استخدموا الساعات المائية وهي عبارة عن أحواض مثقبة يتسرب الماء منها إلى الخارج‬
‫ويعرف منها ما مضى من ساعات الليل بقياس مستوى الماء الخارج‪ .‬وقد عثر اإلثاريون‬

‫‪74‬‬
‫على جداول فلكية في قبور الملوك يظهر فيها وقت عبور بعض النجوم لخط الزوال‪.‬‬
‫وعموماً لم تكن إنجازات المصريين القدماء في علم الفلك بالقدر الذي اجتهد به البابليون‪،‬‬
‫والذي يعزى ربما إلى عدم شيوع التعامل بالتنجيم عند المصريين القدماء‪ ،‬فقد كانوا هم‬
‫أكثر اهتماماً بالسحر والكيمياء وقد تفوقوا في هذا المضمار‪ .‬على عكس ما كان عليه‬
‫الحال عند البابليين وما كان من معرفتهم الواسعة بالتنجيم‪ .‬فإن التنجيم كان عامالً رئيساً‬
‫في تطوير األرصاد الفلكية‪ ،‬وأدواتها كما هو مثبت في تاريخ هذا العلم‪ .‬ومما يؤكد‬
‫اهتمام المصريين بالسحر وتفوقهم فيه أن هللا سبحانه وتعالى بعث موسى وأخاه هارون‬
‫ق َما ِفي‬
‫عليما السالم مؤيدين منه بقوة إلهية تغلبت على ما كان لدى سحرة الفرعون‪َ .‬وأَْل ِ‬
‫اح ٍر َوال ُيْفلِ ُح َّ‬
‫الس ِ‬
‫احُر َح ْي ُث أ ََتى (طـه‪)69:‬‬ ‫ف ما صَنعوا ِإَّنما صَنعوا َكي ُد س ِ‬ ‫ِِ‬
‫َيمين َك َتْل َق ْ َ َ ُ َ َ ُ ْ َ‬

‫الفكل يف الصني والهند القدمية‬


‫تكاد املصادر العلمية تجمع على أن الفلك في بالد الهند والسند هو وليد‬
‫فتوح االسكندر املقدوني وما نقله إليهم من معلومات فلكية ذات أصول يونانية‬
‫وبابلية‪ .‬فلم يكن للهنود في األزمنة املبكرة خبرة ُتذكر في مجال علم الفلك إذ أن كل‬
‫معلوماتهم كانت محصورة في أدوار الشمس والقمر واملشتري والتي كانت تلزمهم‬
‫ألغراض التوقيت الزمني‪ .‬ولقد وجد أن هنالك عدد كبير من املصطلحات‬
‫املستخدمة في الهندسة والفلك والتنجيم ذات أصول إغريقية‪ ،‬انتقلت إلى اللغة‬
‫السنسكريتية‪.‬‬
‫وقد عرف الهنود كروية األرض وكونها قائمة في الفضاء دون استناد إلى ش يء‪.‬‬
‫ً‬
‫لكنهم أيضا كانوا يقولون بأن الهواء يدفع الكواكب للحركة‪ُ .‬ويذكر أن الهنود عرفوا‬
‫حركة الترنح في محور دوران األرض حول نفسها وهذا ما يسمى مبادرة االعتدالين‪.‬‬
‫إذ وجدوا أن مقدار الترنح يعدل ‪ 1.5‬درجة في القرن الواحد‪ ،‬وهذه النتيجة قريبة‬
‫من تلك التي وجدها بطليموس‪ .‬وقد كان للهند في القرن الثامن امليالدي علم فلك‬

‫‪75‬‬
‫متطور كما يظهر من القصص املروية عن زيارات الفلكيين الهنود لدواوين الخلفاء‬
‫العباسيين وخاصة زيارة سيدهانا ‪ Sindhanta‬الشهيرة إلى ديوان املأمون وما أمر به‬
‫الخليفة العباس ي من ترجمة كتاب السندهند الكبير الذي إعتبره الفلكيون العرب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املسلمون (إلى جانب كتاب بطليموس املجسطي) أساسا رئيسا لعلم الفلك العربي‬
‫اإلسالمي‪ .‬لكن من الجدير بالذكر أن الهند استثمروا املعلومات الفلكية في التنجيم‬
‫فقد برعوا فيه وأبدعوا أيما إبداع ويذكر أبو الريحان البيروني في كتابه (التفهيم‬
‫ألوائل صناعة التنجيم) وفي كته األخرى الكثير من املعلومات عن أعمال الهند بهذا‬
‫الصدد‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أما في الصين فقد كان علم الفلك متطورا على ما يبدو أكثر كثيرا مما كان‬
‫للهند‪ ..‬وربما ُيعزى ذلك إلى عالقة الفلك بالدين لدى الصين‪ ،‬فقد كانت مراصدهم‬
‫معابد مقدسة وكانت األدوات واألجهزة الفلكية أدوات طقوس دينية امتازت بجمال‬
‫ً‬
‫فائق ودقة صنع راقية وقد تميزوا بذلك فضال عن تميزهم بتوثيق الحوادث‬
‫الفلكية‪.‬‬
‫وقد ارتبط الفلك عند الصين بالتنجيم‪ .‬وكان كونفوشيوس (نبي الصين)‬
‫ً‬
‫الذي عاش للفترة (‪479-551‬ق‪.‬م) قد وضع كتابا في التنجيم بعنوان (املتغيرات)‬
‫فضال عن املعلومات التنجيمية وطرق‬ ‫ً‬
‫وهو يحوى على أسرار ومعلومات فلكية‬
‫الكشف عن املستقبل‪ .‬وأهم ما يسجل للصين توثيقهم األحداث الفلكية وتسجيل‬
‫مشاهداتهم بصورة منتظمة‪.‬‬
‫ً‬
‫ُويذكر أن الصين اكتشفوا مبكرا مجموعة أقمار املشتري قبل ألفي سنة من‬
‫اكتشاف غاليلو لها عام ‪1610‬م‪ .‬كما يذكرون أنهم اكتشفوا البقع الشمسية‬
‫حيث ورد ذكرها في حوليات أسرة هان (‪206‬ق‪.‬م‪1900-‬م)‪ .‬كما ُيذكر أن الصين‬
‫اهتموا بتوثيق حوادث الخسوف والكسوف حيث إنهم سجلوا خالل الفترة (‪11‬‬
‫ق‪.‬م‪1900-‬م) ما يزيد على ‪ 1600‬كسوف و ‪ 1100‬خسوف و‪ 200‬حالة‬

‫‪76‬‬
‫احتجاب الكواكب خلف القمر‪ .‬ولعل من أهم توثيقاتهم الفلكية تسجيلهم لحادث‬
‫ظهور املستعر األعظم في برج الثور عام ‪1054‬م‪ .‬كما أنهم سجلوا انفجارات نجمية‬
‫مماثلة في السنوات ‪1006‬م و ‪1572‬م و ‪1604‬م على التوالي‪ .‬ومن التسجيالت‬
‫الشهيرة توثيقهم لدورات مذنب هالي حيث ذكرت تلك الوثائق مرور املذنب في سماء‬
‫األرض ‪ 29‬مرة منذ عام ‪ 240‬ق‪.‬م إلى ‪1910‬م‪ .‬وهذا يعني أنهم لم يضيعوا فرصة‬
‫واحدة ملشاهدة املذنب طوال تلك الفترة!‬
‫أما بالنسبة للتقاويم فقد توصل الفلكيون الصينيون إلى وضع تقويم رسمي‬
‫لألمبراطورية الصينية وكان على درجة عالية من الدقة فقد حسبوا أن طول السنة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هو ‪ 365.25‬يوما بالضبط‪ ،‬ثم وجدوا أن طول السنة هو ‪ 365.2425‬يوما ولذلك‬
‫قاموا بإصالح التقويم وذلك قبل اإلصالح الغريغوي بمدة ‪ 383‬سنة‪ .‬وفي عام‬
‫ً‬
‫‪ 1608‬حددوا طول السنة الشمسية بمدة ‪ 365.242190‬يوما‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد استخدم الصينيون القدماء الساعات املائية ملعرفة الوقت ليال‪ .‬أما في‬
‫النهار فقد استخدموا املزاول الشمسية‪ .‬كما وضعوا خرائط دقيقة لنجوم السماء‬
‫ّ‬
‫وتصور هذه‬ ‫منها (خارطة شوتسو) للنجوم وهي منحوتة على الحجر عام ‪1247‬م‪،‬‬
‫ً‬
‫الخارطة مواقع ‪ 1434‬نجما بدرجة عالية من الدقة كما تبين حدود املجرة‪ .‬أما‬
‫بالنسبة إلى املراصد الفلكية الصينية فإن أقدمها هو منصة قويبيا التي بنيت عام‬
‫‪1279‬م‪ .‬وقد استخدم الصينيون آلة ذات الحلق الضخمة لتحديد احداثيات‬
‫األجرام السماوية ومما يذكر ان الصين ال زالت تحتفظ بمرصدها الرئيس ي (مرصد‬
‫بكين) الذي عمل ملدة ‪ 2000‬سنة مع كثير من أجهزته‪.‬‬
‫الفكل عند اليوانن والرومان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اهتم اإلغريق منذ القرن السادس قبل امليالد بالفلك واعتبروه علما نظريا‬
‫ً‬
‫بعيدا عن التجربة بل يعتمد على النظم الهندسية وحساب املثلثات السطحية‬
‫والكروية‪ .‬وقد أفاد اإلغريق من علوم البابليين وعلوم املصريين في الفلك‬

‫‪77‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والرياضيات كثيرا وإن لم يذكروها ولم يكونوا أمناء قي نقلها بل إنتحلوا كثيرا منها‪.‬‬
‫لكنهم دون شك أضافوا الى هذه العلوم الكثير وكانوا حلقة جديدة في تطور املعرفة‬
‫العلمية فوضعوا نظرية مركزية األرض وفسروا بذلك الحركة اليومية لألجرام‬
‫السماوية كالشمس والقمر والكواكب السيارة‪ .‬كما قاموا بحساب محيط األرض‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر هنا أن أغلب التراث اليوناني هو عبارة عن قصاصات أو أخبار‬
‫مجتزئة وردت في الكتب‪.‬‬
‫ومن أوائل الفالسفة اإلغريق الذين اهتموا بالفلك الفيلسوف اليوناني‬
‫طاليس ‪ Thales‬الذي عاش بين (‪ )562-640‬ق‪.‬م‪ ،‬والذي يعتبر من القدماء‬
‫السبعة ومؤسس ي علم الطبيعة‪ ،‬وقد نبغ طاليس في علوم متعددة منها الفلك‬
‫وحركة النجوم والتنبؤ بكسوف الشمس‪.‬‬
‫في القرن السادس قبل امليالد ظهر املدرسة الفيثاغورية التي أسسها‬
‫الفيلسوف الرياضياتي فيثاغورس ‪ Pythagoras‬والذي ولد في جنوب إيطاليا عام‬
‫ّ‬
‫‪ 580‬ق‪.‬م وتوفي عام ‪ 500‬ق‪.‬م‪ ،‬وكان هذا الرجل كثير األسفار تعلم في بابل ومصر‬
‫واطلع على التراث العلمي للحضارتين البابلية واملصرية‪ .‬وقد وضع فيثاغورس نظرية‬
‫دقيقة تربط بين األعداد والحركات الطبيعية وله مساهمات كثيرة في التنجيم‬
‫وأحكام النجوم‪ .‬كما ّبين فيثاغورس أن القمر جسم صلب يشبه األرض‪ ،‬وإليه‬
‫ً‬
‫تنسب نظرية املثلث القائم الزاوية لكنها بابلية األصل كما ثبت ذلك مؤخرا‪.‬‬
‫ّأما بارمنيدس ‪ ،Parmenides‬وهو مؤسس املدرسة اإليلية‪ ،‬فقد افترض أن‬
‫األرض كروية وأن الكون مرتب على شكل طبقات متحدة املركز حول األرض‪.‬‬
‫‪Plato‬‬ ‫ومن علماء الفلك النظريين اإلغريق املشهورين الفيلسوف أفالطون‬
‫(‪ 317-425‬ق‪.‬م) الذي افترض أن السماء كرة مادية على شكل جرس من‬
‫الكريستال ملقى على األرض املسطحة‪ ،‬وقال بكروية األرض وقد وصف أفالطون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حركة األجرام السماوية وصفا دقيقا‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫نظرية أأرسطو الفلكية‬
‫الفيلسوف الشهير أرسطو طاليس (‪ 322-384‬ق‪.‬م) هو أشهر العلماء‬
‫والفالسفة االغريق وله آراء كثيرة في الفلك ويمكن القول أن آراء أرسطو جاءت‬
‫ً‬
‫تجميعا وتلخيصا للنظرة السائدة على عصره إلى السماء‪ .‬وسوف نركز هنا على‬
‫أرسطو دون أن يعني ذلك بالضرورة أنه الوحيد الذي مثل الفلك اليوناني ودون أن‬
‫يعني ذلك أن هذه األفكار هي خالصة له‪ .‬فقد تقبل أرسطو نظرية مركزية األرض‬
‫وقال بكرويتها‪ ،‬وأورد أدلة كثيرة على ذلك‪.‬‬

‫قامت نظرية أرسطو في مسائل الفلك ورؤيته للسماء على ثالثة مباديء أو مسلمات هي‪:‬‬

‫الشكل (‪ )5-3‬نظرية أرسطو في توزيع الكواكب على كرات‬

‫‪ .1‬مركزية األرض‪ :‬أي اعتبار األرض مرك اًز للعالم كله تدور حولها جميع‬
‫األجرام السماوية‪.‬‬

‫‪ .2‬أن جميع الحركات السماوية هي حركات دائرية كاملة ومنتظمة‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫‪ .3‬أن األجرام السماوية هي من طبيعة خاصة مختلفة عن طبيعة ما على‬
‫األرض (تحت فلك القمر على وجه الدقة) وهي سرمدية ال تتعرض للتغير‬
‫أو الفساد‪.‬‬

‫لقد ر ّسخ أرسطو النظرية الكوكبية البدائية املعتمدة على مبدأ مركزية‬
‫األرض فقال بأن األرض تقع في مركز العالم فيما تكون الشمس والقمر والكواكب‬
‫الخمسة املعروفة على عهده (وهي عطارد والزهرة واملريخ واملشتري وزحل) متحيزة في‬
‫كرات أثيرية شفافة متمركزة بعضها فوق البعض اآلخر‪ .‬وقد قام بترتيب الكواكب‬
‫على أبعادها عن الشمس بحسب مدد دوراتها الظاهرية في دائرة البروج‪ .‬فالقمر هو‬
‫أقرب األجرام إلى األرض ألنه األسرع فيما جاء زحل أبعدها ألنه األبطأ‪( ،‬أنظر‬
‫الجدول ‪ .)3-2‬وقد احتاج أرسطو إلى وجود الكرات لتثبيت األجرام السماوية فيها‬
‫ً‬
‫ومنعها من السقوط نحو األرض‪ ،‬فضال عن تبرير دورانها الظاهري حول األرض‪،‬‬
‫ولهذا الغرض إحتاج أرسطو إلى ‪ 55‬كرة أثيرية‪ .‬كما وجد ضرورة أن تكون هذه‬
‫الكرات شفافة لتفسير رؤية األجرام متفرقة أو مجتمعة في قبة السماء‪ .‬ولقد‬
‫أضاف أرسطو إلى نموذجه هذا كرة ثامنة هي كرة النجوم الثابتة‪ .‬وتصور أرسطو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لهذه الكرات محركا هو الفلك املحيط الذي يديرها جميعا‪.‬‬
‫معضةل احلركة الرتاجعية وتغري السطوع‬
‫استطاعت النظرية األرسطية تفسير الحركة الظاهرية للشمس والقمر‬
‫والحركة اليومية لنجوم القبة السماوية والحركة املستقيمة للكواكب السيارة‪ .‬لكنها‬
‫لم تستطع تفسير الحركة التراجعية للكواكب التي شرحناها في الفصل الثاني‪ .‬كما‬
‫أن نظرية أرسطو لم تتمكن من تفسير التغير الواضح في سطوع الكواكب خالل‬
‫دورانها في البروج‪ .‬فقد كان هذا التغير غير مبررا بضوء التصور اإلرسطي الذي كان‬
‫قائما على األفالك الدائرية التامة‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫وكان من أبرز علماء الفلك المميزين عند اليونان‬

‫أرستارخوس (‪ 230-310‬ق‪.‬م)‬

‫ولعله أول من قال بدوران األرض حول الشمس واعتبرها مركز الكون‪ .‬وكثيرا‬
‫ما يرد هذا في كتب الفلك لكن الحقيقة أن من ذكر ذلك عن أرستارخوس هو‬
‫بطليموس وال يوجد دليل موثق على أن أرستارخوس نفسه قال بذلك‪ .‬لكنه افترض‬
‫ً‬
‫أيضا أن الكواكب السيارة تدور حول األرض‪ ،‬لكن أفكاره هذه ضاعت في خضم‬
‫هيمنة أفكار أرسطو وفلسفته‪.‬‬
‫هيبارخوس (‪ 120-190‬ق‪.‬م)‬

‫ولعل أشهر علماء الفلك اإلغريق الذين ظهروا بعد أرسطو الرياضياتي‬
‫والراصد الفلكي الفذ أرستارخوس‪ ،‬الذي قيل أنه اكتشف ترنح محور دوران األرض‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من خالل مالحظته حركة دائرة البروج لكن هذا ليس صحيحا تماما ألن البابليين‬
‫كانوا قد عرفوا هذه الظاهرة قبله وحسبوا مقدار الترنح الزاوي كما سجلوا ذلك‬
‫على األلواح الطينية‪ .‬إال أن هيبارخوس ربما صحح قياس البابليين ّ‬
‫وحسنه‪.‬‬
‫نظرية بطلميوس يف أأفالك التدوير‬
‫وقد بلغ علم الفلك عند اإلغريق أوجه وقمة تطوره على يد الفلكي‬
‫والرياضياتي الشهير كالوديوس بطلميوس القلوذي االسكندراني (‪165-85‬م)‪ .‬وهو‬
‫عالم مصري من أصل يوناني ولد في صعيد مصر نهاية القرن األول امليالدي‪ .‬لقد‬
‫تمكن هذا العالم من أن يرقى بعلم الفلك إلى مستوى جديد من خالل نظرياته‬
‫الفلكية الهندسية التي استطاع التحقق من الكثير من معطياتها من خالل الرصد‪.‬‬
‫ّ‬
‫فقد ألف بطلميوس العديد من الدراسات عن تشكيالت النجوم الثابتة ووضع‬
‫جداول بموقعها‪ .‬ودرس علوم البابليين وأرصادهم التي حصل عليها واستخدم‬
‫األدوات الفلكية كاإلسطرالب لقياس ارتفاع النجوم والكواكب وتحديد مساراتها‪،‬‬
‫ولعل أشهر كتبه هو كتاب املجسطي ‪ Almagest‬أو األعظم الذي اشتمل على كافة‬
‫‪81‬‬
‫املواضيع الهندسية والفلكية‪ .‬وقد ُترجم كتابه هذا إلى العربية واعتمده الفلكيون‬
‫العرب املسلمين‪.‬‬
‫ملا وجد بطليموس أن نظرية أرسطو في الكرات السماوية ال تتفق مع تفاصيل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫األرصاد الفلكية وبخاصة الحركة التراجعية للكواكب وضع نموذجا معدال يعتمد‬
‫مركزية األرض للعالم كأساس‪ .‬وقد احتوى هذا النموذج على ثالثة مفاهيم أساسية‬
‫ً‬
‫ربما كان اثنان منها قديما واآلخر جديد اخترعه بطليموس على ما يبدو‪ .‬وهذه‬
‫املفاهيم الثالثة هي‪:‬‬
‫فلك التدوير‪ Epicycle :‬وهو فلك دائري الشكل يدور فيه الكوكب‪.‬‬

‫الفلك الحامل‪ Deferent :‬وهو فلك يحمل فلك التدوير (بما فيه الكوكب) يدور‬
‫حول األرض في مسار ال يشترط أن يكون بسرعة ثابتة‪.‬‬

‫التعديل‪ Equant :‬وهو نقطة مناظرة للنقطة الالمركزية التي تقع فيها األرض‬
‫(أنظر الشكل ‪ )21-1‬ومنها تكون سرعة الكوكب ثابتة على مساره طالما كان في‬
‫االستقامة‪.‬‬

‫الشكل (‪ )6-3‬نظرية مركزية األرض بحسب بطلميوس‬

‫‪82‬‬
‫وهكذا صارت الكواكب هذه املرة محمولة على أفالك خاصة بها سميت‬
‫وكل من هذه األخيرة محمول على فلك آخر سمي الفلك الحامل كما‬ ‫أفالك التدوير ٌ‬
‫في الشكل (‪. )6-3‬‬
‫ً‬
‫وبموجب نظرية بطلميوس أصبح تفسير الحركة التراجعية للكواكب ممكنا‬
‫باعتبار أن الكواكب في حركتها على أفالك التدوير تبدو في حركتها املستقيمة عندما‬
‫ً‬
‫يكون اتجاه حركتها متوافقا مع اتجاه حركة الفلك الحامل حتى إذا صارت إلى موضع‬
‫على الفلك الحامل عند نقطة انعكاس اتجاه دورانها صارت في الثبات ثم تبدأ حركتها‬
‫ً‬
‫في التراجع عندما يكون اتجاه سيرها في فلك التدوير معاكسا التجاه حركة الفلك‬
‫الحامل حتى إذا صارت إلى موضع تنعكس فيه اتجاه حركتها مرة ثانية صارت في‬
‫الثبات لالستقامة‪ ،‬ثم تستقيم‪ ،‬وهكذا دواليك‪ .‬ومن الواضح أن حركة الشمس‬
‫والقمر تكون على فلك واحد فال حاجة بها إلى أفالك تدوير لعدم وجود حركة‬
‫تراجعية لها‪.‬‬
‫ولكي يفسر بطلميوس حركة كوكبي عطارد والزهرة اشترط أن يكون مركز‬
‫فلك التدوير لكل منهما يمتد على استقامة واحدة بين األرض و الشمس على الدوام‬
‫وبذلك استطاع أن يفسر وجود هذين الكوكبين معظم األوقات قريبين من الشمس‪.‬‬
‫وقد ضمن بطلميوس كتابه املجسطي ‪ Almajest‬هذه النظرية وغيرها من‬
‫املسائل الفلكية‪ .‬ويحتوي كتاب املجسطي على ‪ 13‬مقالة تبحث في املسائل‬
‫األساسية لعلم الفلك على عصره اختصر فيها علوم من سبقوه وأضاف إليها ما‬
‫وجده هو‪ .‬وقد قام بطليموس بحساب أبعاد الشمس والقمر والكواكب بحسب‬
‫فترات دورانها في دائرة البروج‪ ،‬وكما ذكرنا األقرب هو األسرع‪ ،‬وذلك هو القمر يليه‬
‫ً‬
‫عطارد فالزهرة والشمس ثم املريخ واملشتري وأخيرا زحل‪ .‬وقد استنتج بطليموس من‬
‫هذا الحساب أن بعد القمر بداللة نصف قطر األرض هو ‪ 59‬مرة أما كرة النجوم‬
‫الثوابت فقد قدر بعدها ‪ 20000‬مرة قدر قطر األرض‪ .‬ونحن اليوم نعلم أن فترات‬
‫دوران الشمس والقمر والكواكب في دائرة البروج صحيحة ألنها حقائق رصدية أما‬
‫‪83‬‬
‫أبعاد هذه األجرام بحساب فهي اليوم خاطئة بالطبع ألن نظرية بطليموس خاطئة‬
‫ً‬
‫تماما‪.‬‬
‫الفكل عند العرب واملسلمني‬
‫إذا كان اليونان والرومان هم ورثة علوم البابليين والمصريين ومطوروها فإن العرب‬
‫المسلمين أصبحوا دون شك ورثة علوم اليونان والهند‪ .‬والفارق بين الحالين‪ ،‬كما يبدو ذلك‬
‫واضحاً من خالل التاريخ المسجل‪ ،‬أن اليونان كانوا كثي اًر ما ينتحلون أعمال غيرهم‬
‫وي نسبونها ألنفسهم على حين أن هذه الظاهرة لم تكن شائعة عند العرب المسلمين بل لقد‬
‫حفظ المسلمون لليونان ولغيرهم من األمم حقوقهم التاريخية في الملكية الفكرية لألعمال‬
‫الجليلة‪ ،‬بل لقد اعتبروهم أساتذة لهم ومعلمين‪ ،‬وتشهد على هذا القول أعمال إبن سينا‬
‫والفارابي وإبن رشد وغيرهم ممن نقلوا عن اليونان وشرحوا ألعمالهم‪ .‬فكثير من أعمال‬
‫اليونان لم تعرف لألوربيين أنفسهم إال من خالل النص العربي الذي حفظه العرب وحفظوا‬
‫إسم صاحبه بكل أمانة‪ ،‬بينما لم تحفظ لنا كتب اليونان إال أشياء يسيرة جداً من إنجازات‬
‫البابليين والمصريين القدماء وبدالً عن ذلك نسبوها ألنفسهم وما عرفناه مؤخ اًر عن أعمال‬
‫البابليين والمصريين القدماء كشفته التنقيبات اآلثارية‪.‬‬

‫عاش قدماء العرب في شبه جزيرة العرب‪ ،‬وكانت طبيعة الحياة في بيئتهم تتطلب‬
‫االرتحال الدائم طلباً للماء والكأل فضالً عن رحالتهم التجارية من الجزيرة إلى الشام وإلى‬
‫ليال‪ .‬لذلك كانوا في‬
‫اليمن‪ ،‬ونظ اًر لشدة الحر في صحاريهم فقد كانت معظم تنقالتهم تتم ً‬
‫حاجة لمعرفة النجوم الثابتة ومواقعها ليهتدوا بها في مسيرهم وكان من الضروري عندهم‬
‫تمييز النجوم الثوابت عن الكواكب السيارة المتحركة حركات ذاتية لكي تكون الثوابت‬
‫مثابات سماوية تهديهم السبيل‪.‬‬

‫كما كان العرب بحاجة إلى معرفة الفلك لعالقته باألنواء (األحوال الجوية)‬
‫الفصلية‪ ،‬من أمطار ورياح وبرد وحر‪ ،‬وهي ضرورية لحياتهم أيضاً‪ ،‬ويمكن القول أن‬
‫معظم المعارف الفلكية لعرب الجزيرة هي ما اكتسبوه من تراث البابليين وما انتقل إليهم‬
‫من معارف اليونان والروم والفرس والهند‪ ،‬وربما لم يضف عرب الجزيرة قبل اإلسالم شيئاً‬

‫‪84‬‬
‫كثي اًر إلى هذه المعارف بل هم قد حرصوا على توثيقها سجعاً وشع اًر لتتناقلها األلسن جيالً‬
‫بعد جيل‪.‬‬

‫الفكل عند العرب بعد السالم‬


‫لم يكن للعرب المسلمين في العقود األولى من عهد اإلسالم متسع للبحث والدراسة‬
‫خاصة وأنهم كانوا مشغولين بالجهاد والفتح‪ ،‬إال أن قيام الدولة األموية في الشام واستقرار‬
‫األمور أتاح فرصة لالنفتاح على حضارة الرومان فضالً عن ما أوجدته فتوح المشرق‬
‫لخراسان والهند والصين من نوافذ جديدة على حضارات أخرى‪ .‬ويذكر أن خالد بن يزيد‬
‫بن معاوية بن أبي سفيان (المتوفى سنة ‪85‬هـ‪704/‬م) كان شغوفاً بالعلم والمعرفة‪ ،‬ويقال‬
‫أنه رفض تولي الخالفة بعد أبيه النشغاله بالعلم‪ .‬وربما كانت على عهده أول الترجمات‬
‫العربية لكتب اليونان حيث تذكر المصادر أنه أمر بترجمة عدد من الكتب الفلكية والطبية‬
‫وكان شغوفاً بالكيمياء فترجمت له أعمال في الكيمياء‪.‬‬

‫إال أن النهضة العلم ية الحقيقية بدأت في العصر العباسي ومن المؤكد أن أبو‬
‫جعفر المنصور كان مهتماً بعلوم الفلك لشغفه بصناعة التنجيم‪ ،‬إذ عرف عنه تقريب‬
‫المنجمين واستشارتهم في كثير من األمور وكان لديه عدد من المنجمين منهم نوبخت‬
‫الفارسي وماشاء هللا اليهودي وإبراهيم بن حبيب الفزاري وعمر بن فرخان الطبري‪ ،‬ويذكر‬
‫البيروني في كتاب (اآلثار الباقية عن القرون الخالية) أن أبا جعفر المنصور أمر هؤالء‬
‫المنجمين باختيار طالع حسن للشروع في بناء مدينة بغداد‪ .‬فوضع هؤالء خارطة تنجيمية‬
‫(أو ما يسمى النصبة الفلكية) واقترحوا بدء العمل يوم ‪ 15‬ربيع الثاني سنة ‪145‬هـ‪ .‬كما‬
‫أمر المنصور أبو يحيى البطريق بترجمة كتاب "المقاالت األربع" لبطليموس وهي في‬
‫أحكام النجوم‪ ،‬وفي الوقت نفسه فإن المنصور أمر بترجمة الكتاب المعروف "السند هند"‬
‫وهو كتاب العالم الرياضياتي الهندي برهمكيت الذي كتبه للملك فياكهرمكة عام‬
‫‪7‬هـ‪628/‬م‪ .‬وكان لهذا الكتاب أثر كبير في تطور المعارف العربية في الفلك وحركات‬
‫الكواكب والنجوم وقياس هذه الحركات وحسابها‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫ويذكر أن محمد بن إبراهيم الفزاري ألّف عدة كتب في الفلك منها كتاب "العقيدة"‬
‫في علوم النجوم" وكتاب "المقياس للزوال" وكتاب "الزيج على سني العرب" وكتباً أخرى‬
‫حول اإلسطرالب‪ .‬كما قام يعقوب بن طارق المتوفى عام ‪179‬هـ‪796/‬م بتصميم عدة‬
‫فترجم كتاب‬ ‫ويقال أنه استفاد كثي اًر من معلومات الحكماء الهنود‪،‬‬ ‫جداول فلكية‪،‬‬
‫"األركند” وكتاب "تركيب األف الك " واألركند هو زيج (أي تقويم فلكي يتضمن جداول كثيرة‬
‫الحسابون‬
‫ّ‬ ‫تشتمل على بيان حركات الشمس والقمر والكواكب السيارة يومياً)‪ .‬وقد كان‬
‫الذين يعملون في ضبط التقاويم والمنجمون والفلكيون على السواء بحاجة إلى هذه األزياج‬
‫الفلكية‪.‬‬
‫ُ‬
‫ومن االزياج التي ألفت على مذهب السند هند " زيج السند هند الكبير"‬
‫البراهيم الفزاري‪ ،‬كما قام الخوارزمي في بداية القرن الثالث الهجري بوضع "زيج‬
‫السند هند الصغير" حيث اعتمد فيه أوساط السند هند‪ ،‬وخالفه في التعاديل‬
‫وامليول‪ ،‬فجعل تعاديله على مذهب الفرس وميل الشمس على مذهب بطليموس‪،‬‬
‫ً‬
‫وبقي زيج الخوارزمي مستعمال لقرون عديدة‪ .‬أخذت دراسات علم الفلك االتجاه‬
‫الصحيح على عهد املأمون بن هارون الرشيد (ت ‪218‬هـ‪833/‬م) حيث دعم هذا‬
‫الخليفة العلم وأمد العلماء باملال الالزم إلجراء دراساتهم وأبحاثهم كما شجع ترجمة‬
‫ً‬
‫الكتب من اللغات السريانية واليونانية والفارسية والهندية‪ ،‬وكان مولعا بعلم‬
‫الفلك وأمر ببناء املرصد املأموني شرق بغداد وجهزه بما يحتاج من أدوات للرصد‬
‫الفلكي‪ .‬ويقال أن املأمون كان يحضر بعض مجالس العلم في هذا املرصد‪ .‬وقد‬
‫أصبح علم الفلك في ذلك العصر مثار اهتمام ّ‬
‫علية القوم‪ .‬ومن أشهر إنجازات عهد‬
‫املأمون في الفلك قياس محيط األرض‪ ،‬وهذا ما سوف نبينه في الفصل الثالث إن‬
‫شاء هللا‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫الشكل (‪ )7-3‬لوحة تمثل علماء فلك مسلمين مع آالتهم‬

‫ومن مشاهير الفلكيين على عهد املأمون أوالد موس ى بن شاكر الثالثة وسند‬
‫بن علي الذي كان يرأس الهيئة العلمية لديوان الخالفة وأحمد بن عبدهللا املروزي‬
‫وخالد بن عبد امللك ويحيى بن أبي منصور املنجم وعلي بن عيس ى وأبو اسحق‬
‫الكندي وعلي بن البحتري وعبد امللك املروزي‪ .‬ومن املترجمين حسنين بن اسحق‬
‫وثابت بن قرة وله مساهمات جليلة في الفلك والرياضيات‪.‬‬
‫ولعل ما يلفت النظر العدد الكبير ألسماء النجوم والكوكبات العربية األصل‬
‫مما يؤكد دور العرب واملسلمين في علم الفلك‪ .‬ولكي نبين ذلك أدرجنا في الجدول (‪-1‬‬
‫ً‬
‫‪ )2‬عددا من النجوم والكوكبات واملنازل بأسمائها العربية األصلية واالسم املقابل‬
‫ً‬
‫املعتمد حاليا في اللغة اإلنكليزية‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫إن من يطلع بعمق على مساهمات العرب واملسلمين في علم الفلك ليجد قدرا‬
‫ً‬
‫كبيرا من األعمال الجليلة قام بها عرب مسلمون أو مسلمون من أمم أخرى عاشوا‬
‫ً‬ ‫في كنف الحضارة العربية ّ‬
‫وتربوا على أصولها وإن تحقيق هذه اإلنجازات تاريخيا‬
‫ً‬
‫وعلميا ال زال حتى اآلن في بدايته‪.‬‬
‫جدول (‪ )1-3‬أسماء بعض النجوم والكوكبات والمنازل‬

‫اإلسم باألنجليزي‬ ‫اإلسم العربي‬ ‫اإلسم باألنجليزي‬ ‫اإلسم العربي‬

‫‪Al debaran‬‬ ‫الدبران‬ ‫‪Ruckbah‬‬ ‫الركبة‬

‫‪Mirzam‬‬ ‫المرزم (مرزم الجبار)‬ ‫‪Acarnar‬‬ ‫آخر النهر‬

‫‪Dabeh‬‬ ‫سعد الذابح‬ ‫‪Algol‬‬ ‫الغول‬

‫‪Duhr‬‬ ‫ظهر األسد‬ ‫‪Algenib‬‬ ‫الجنب‬

‫‪El Nasl‬‬ ‫النصل‬ ‫‪Caph‬‬ ‫الكف الخضيب‬

‫‪El Nath‬‬ ‫الناطح‬ ‫‪Atair‬‬ ‫النسر الطائر‬

‫‪Alnasl‬‬ ‫النصل‬ ‫‪Fomalhut‬‬ ‫فم الحوت‬

‫‪Markab‬‬ ‫منكب الفرس‬ ‫‪Deneb‬‬ ‫الذنب‬

‫‪Betelgause‬‬ ‫بيت القوس‬ ‫‪Rigil‬‬ ‫الرجل‬

‫‪Regulus‬‬ ‫رجل األسد‬ ‫‪Achernar‬‬ ‫آخر النهر‬

‫‪Nihal‬‬ ‫النهار‬ ‫‪Seif‬‬ ‫سيف الجبار‬

‫‪Sadr‬‬ ‫صدر الدجاجة‬ ‫‪Alasha‬‬ ‫اللطخة‬

‫‪Enif‬‬ ‫أنف الفرس‬ ‫‪Sheratan‬‬ ‫الشرطان‬

‫‪Al Kaid‬‬ ‫القائد‬ ‫‪Schedir‬‬ ‫الصدر‬

‫‪88‬‬
‫ومن أشهر أعالم العرب املسلمين في علم الفلك والهيئة السماوية املشرقيين‪:‬‬
‫أبو معشر الفلكي (‪189‬هـ‪805/‬م‪273-‬هـ‪886/‬م)‬

‫أبو الحسين عبدالرحمن بن عمر الصوفي (ت ‪375‬هـ‪986/‬م)‬

‫محمد بن جابر بن سنان البتّاني (ت ‪317‬هـ‪939/‬م)‬

‫أبو الوفا البوزجاني (‪328‬هـ‪940/‬م‪989/378-‬م)‬

‫ويجن بن رستم الكوهي (ت هـ‪ /‬م)‬

‫علي بن يونس المصري(ت هـ‪ /‬م)‬

‫الحسن ابن الهيثم (‪354‬هـ‪965/‬م‪430-‬هـ‪1039/‬م)‬

‫أبو الريحان البيروني(ت‪440‬هـ‪) /‬‬

‫عبدالرحمن الخازني (ت ‪550‬هـ‪1155/‬م)‬

‫كمال الدين بن يونس الموصلي (ت ‪639‬هـ‪1242/‬م)‬

‫البديع االسطرالبي (ت ‪543‬هـ ‪1140 /‬م)‬

‫نصير الدين الطوسي (‪672‬هـ‪1274/‬م)‬

‫أولغ بك (‪841‬هـ‪1437/‬م)‬

‫غياث الدين الكاشي (ت ‪838‬هـ‪1434/‬م)‬

‫أبن الشاطر (‪777‬هـ‪1375/‬م)‬

‫السهل االسطرالبي النيسابوري‬

‫بهاء الدين العاملي (ت ‪1031‬هـ‪1920/‬م)‬

‫ومن علماء الفلك العرب املسلمين في األندلس واملغرب‪:‬‬


‫مسلمة المجريطي (ت ‪398‬هـ‪1008/‬م)‬

‫‪89‬‬
‫أحمد بن محمد النقاش (ت ‪493‬هـ‪1100/‬م)‬

‫إبراهيم بن يحيى الزرقالي (ت ‪479‬هـ‪1087/‬م)‬

‫جابر بن أفلح االشبيلي (ت ‪540‬هـ‪1145/‬م)‬

‫أبو اسحق البطروجي (ت ‪586‬هـ‪1190/‬م)‬

‫ابن البناء المراكشي (‪729‬هـ‪1329/‬م)‬

‫إن أهم ما يميز الفترة العربية اإلسالمية في تاريخ علم الفلك أنها اعتمدت األرصاد‬
‫الفلكية لنقد النظرية الفلكية واختبارها‪ ،‬كما طورت خالل هذه الفترة الكثير من األجهزة‬
‫الفلكية الالزمة للرصد‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫عمل الفكل احلديث‬

‫‪91‬‬
‫في نهاية القرن الخامس عشر امليالدي انتقل مشعل الحضارة من يد العرب‬
‫املسلمين إلى يد األوروبيين‪ ،‬وذلك بعد أن تضاءلت املساهمات العلمية للعرب‬
‫ً‬
‫واملسلمين عموما وضعف دورهم الحضاري واستبد ملوكهم وسالطينهم بالحكم ‪،‬‬
‫وبدأ زحف الخراب على العمران‪ .‬ودخل العرب واملسلمون في نفق مظلم الزالوا فيه‬
‫حتى هذا اليوم‪ .‬وفيما يلي سنعرض بإيجاز ألهم املنجزات العلمية التي أدت إلى‬
‫حصول تحول جديد في آفاق علم الفلك كان بمثابة التوطئة التاريخية لحصول‬
‫تحول نوعي في التعامل مع السماء وأجرامها‪.‬‬
‫وكما سنرى في ثنايا املوضوع فإن التحوالت العظيمة التي حصلت في علم‬
‫الفلك إرتكزت على عاملين أساسيين‪ ،‬األول‪ :‬هو إعتماد التجريب واألرصاد الفعلية‬
‫ً‬
‫دليال لقيادة النظرية‪ ،‬وهذه هي املنهجية العلمية الصحيحة التي كانت املرحلة‬
‫العربية االسالمية قد أسست لها وركزت دعائمها‪ .‬والثاني هو مراجعة النظرية‬
‫البطليمية والنقود التي وجهها إليها الفلكيون العرب واملسلمون‪ ،‬ومن أهمها نقد ابن‬
‫الشاطر الدمشقي‪ .‬وكان الفلكيون العرب قد قاموا بإعداد الكثير من التقاويم‬
‫الفلكية القائمة على حساب األرصاد الذي يختلف عن الحساب النظري‪ .‬فعندما‬
‫بدأ الفلكيون األوربيون أمثال تايكو براهي ويوهان كبلر وغاليليو غاليلي في نهاية‬
‫القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر امليالديين في سبر السماء كانت بين‬
‫أيديهم كثير من أعمال وأرصاد وتقاويم الفلكييين العرب واملسلمين‪ ،‬والبد وأنهم‬
‫ً‬
‫إعتمدوها دليال لتطوير أعمالهم‪.‬‬
‫(‪)1543- 1472‬م‬ ‫نيكولس كوبرنيكوس‬
‫تمثلت أبرز إنجازات علم الفلك في الفترة الحديثة بإعالن كوبرنيكوس أن‬
‫الشمس هي مركز حركات الفلك الكوكبية‪ .‬فوضع النموذج الكوكبي الذي يعتمد‬
‫"مركزية الشمس" ‪ Heliocentric model‬الذي كان ابن الشاطر الدمشقي قد‬
‫توصل إليه قبل ذلك‪ .‬وبموجب هذا النموذج صارت الكواكب بما فيها األرض تدور‬

‫‪92‬‬
‫حول الشمس في مدارات دائرية وتتوزع في أبعادها حول الشمس بحسب مدة دورانها‬
‫في أفالكها‪ ،‬وكما يلي‪ :‬عطارد الزهرة األرض املريخ املشتري وزحل‪ .‬فيما يدور القمر‬
‫حول األرض في مدار مستقل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فضال عن ما ورد أعاله فإن كوبرنيكوس قال أيضا بدوران األرض حول نفسها‬
‫فسر بطريقة جديدة الحركة اليومية للشمس حول األرض‪ .‬وبموجب هذا‬ ‫وبالتالي ّ‬
‫ً‬
‫النموذج صارت الشمس مركزا للنظام الشمس ي الكوكبي وبذلك استطاع أن يقدم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تفسيرا بسيطا للحركة التراجعية للكواكب في مداراتها دون حاجة إلى نظريات أفالك‬
‫التدوير املعقدة‪ .‬لكن كوبرنيكوس تصور أن مدارات الكواكب حول الشمس هي‬
‫مدارات دائرية منتظمة فأوقعته في مشكلة عدم توافق الحسابات املدارية مع نتائج‬
‫األرصاد الفلكية لحركات الكواكب‪ .‬كما كان من الصعب على الناس العلماء منهم‬
‫والعامة أن يتصوروا وجودهم على أرض متحركة لذلك لم يلق نموذج كوبرنيكوس‬
‫الترحاب الواسع في األوساط العلمية‪.‬‬

‫الشكل (‪ )1-4‬نموذج كوبرنيكوس للنظام الشمس ي‬

‫‪93‬‬
‫تفسري حراكت الكواكب وفق نظرية كوبرنيكوس‬
‫وقد استطاع كوبرنيكوس أن يفسر ا لحركة التراجعية للكواكب من الناحية المفاهيمية‬
‫الصرفة وليس من الناحية الرصدية الدقيقة‪ .‬وهذا التفسير يقوم على فكرة تسابق األرض‬
‫في مدارها حول الشمس مع الكوكب فبالنسبة للمريخ نجده أبطأ من األرض في دورانه‬
‫حول الشمس لذلك فإن األرض حين تلحق به يبدو وكأنه يتباطأ حتى إذا أدركته بدا وكأنه‬
‫في الثبات حتى إذا سبقته صار في الرجوع حتى إذا دارت وعبرته بدا متراجعاً حتى إذا‬
‫صارت األرض إلى بداية النصف الثاني من مدارها صار المريخ في الثبات لالستقامة ثم‬
‫يستأنف المريخ حركته العادية متحركاً من الغرب إلى الشرق‪.‬‬

‫الشكل (‪ )2-4‬تفسيرالحركة التراجعية‬

‫‪94‬‬
‫حركة الكواكب اخلارجية‬
‫يقصد بالكواكب الخارجية تلك التي تقع مداراتها خارج مدار األرض وهذه هي‬
‫وتعرف مواقع الكواكب بمقدار‬‫املريخ واملشتري وزحل واورانوس ونبتون وبلوتو‪ّ .‬‬
‫الزاوية التي يصنعها الخط الواصل بين األرض والكوكب مع الخط الواصل بين‬
‫األرض والشمس‪ .‬وتسمى هذه الزاوية االستطالة ‪ ، Elongation‬ويرمز لها بالحرف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ . E‬فإذا كان الكوكب مقترنا بالشمس تماما فإن ْ‪ ، E=0‬ويقال عندئذ أن الكوكب هو‬
‫في اإلقتران ‪ Conjunction‬وفي مثل هذا املوقع يطلع الكوكب ويغرب مع الشمس وال‬
‫ً‬
‫نتمكن من رؤيته‪ .‬أما إذا كان الكوكب مقابال للشمس فإن ْ‪ ،E=180‬ويقال عندئذ‬
‫أن الكوكب هو في التقابل ‪ . Opposition‬وكما هو األمر في حالة البدر فإن الكوكب‬
‫في هذا املوقع يطلع من الشرق عند غروب الشمس ويقطع خط الزوال عند‬
‫منتصف الليل ليغرب مع انبثاق الفجر‪.‬‬
‫وللكواكب الخارجية دورين اقترانيين‪ :‬األول شمس ي ‪ Synodic‬وهي الفترة بين‬
‫اقترانين (أو تقابلين) متتاليين للكوكب مع الشمس‪ .‬والثاني نجمي ‪ Sidereal‬وهي‬
‫الفترة بين اقترانين متواليين للكوكب مع نجم معين‪.‬‬
‫حركة الكواكب ادلاخلية‬
‫ً‬
‫أما بالنسبة للكواكب الداخلية ‪ ،‬ونظرا ألن كوكبي عطارد والزهرة ال يمكنهما‬
‫أن يكونا في أي وقت من األوقات في وضع التقابل مع الشمس بالنسبة لألرض (ألن‬
‫مداريهما يقعان داخل مدار األرض) فإن لهذين الكوكبين وضعي اقتران ‪ ،‬يسمى‬
‫األول اإلقتران الداخلي ‪ Inferior Conjunction‬وهو الوضع الذي يكون فيه‬
‫ً‬
‫الكوكب مقترنا مع الشمس في موضع أقرب ما يكون من األرض‪ .‬أي يكون الكوكب‬
‫بين األرض والشمس‪ .‬والوضع الثاني يسمى االقتران الخارجي ‪Superior‬‬
‫ً‬
‫‪ ، Conjunction‬وهو الوضع الذي يكون فيه الكوكب مقترنا بالشمس في موقع أبعد‬
‫ما يكون عن األرض‪ ،‬أي تكون الشمس بين األرض والكوكب‪ .‬أنظر الشكل(‪.)2-4‬‬

‫‪95‬‬
‫الشكل (‪ )2-4‬االقتران الداخلي والخارجي لكوكب الزهرة‬

‫وبسبب موقع كوكبي عطارد والزهرة من الشمس فإن الراصد الذي على‬
‫األرض ال يراهما إال قريبين من الشمس عند استطالة شرقية ‪Eastern‬‬
‫ً‬
‫‪ Elongation‬واستطالة غربية ‪ Western Elongation‬فيظهر كل منهما عادة‬
‫كنجمة صباح ‪ Morning Star‬و نجمة مساء ‪ .Evening Star‬وتبلغ االستطالة‬
‫العظمى لكوكب عطارد ‪ 26‬درجة بينما تكون االستطالة العظمى لكوكب الزهرة ‪46‬‬
‫ً‬
‫درجة‪ .‬ومن املعلوم أن كوكب الزهرة يظهر أكثر سطوعا من كوكب عطارد ويمكث في‬
‫السماء بعد الغروب وقبل الشروق لفترة أطول من مكث عطارد‪ .‬وال يقطع أي من‬
‫هذين الكوكبين كرة السماء‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫شكل (‪ )3-4‬االستطالة العظمى لكوكب الزهرة‬

‫يظهر الرصد الفكي لكوكبي عطارد والزهرة ظهورهما بأطوار ‪ Phases‬مماثلة‬


‫ألطوار القمر وسبب ذلك كونهما كوكبان داخليان وال تحصل هذه الظاهرة مع بقية‬
‫الكواكب‪.‬‬
‫تعتبر األرض نفسها بالنسبة لراصد على سطح أي من الكواكب التي بعدها في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫البعد عن الشمس كوكبا داخليا مثل كوكب املريخ ومظهرها وحركتها ستكون مثل‬
‫مظهر عطارد والزهرة وحركتهما‪.‬‬
‫ادلور النجمي وادلور الاقرتان‬
‫تختلف أدوار الكواكب بحسب بعدها عن الشمس‪ .‬ويتزايد الدور كلما بعد‬
‫ً‬
‫الكوكب عن الشمس‪ .‬وحينما نرصد كوكبا نراه يدور في دائرة البروج دورة كاملة‬
‫ّ‬
‫وتعرف بأنها‬ ‫خالل مدة معينة وتسمى هذه املدة الدور النجمي ‪Sidereal Period‬‬
‫الفترة بين اقترانين متتالين للكوكب مع نجم ما‪ .‬إال أن الكوكب في دورانه هذا في دائرة‬
‫ً‬
‫البروج يمكن أن يقترن بالشمس أيضا‪ ،‬وتسمى الفترة بين اقتترانين متتاليين للكوكب‬
‫مع الشمس الدور االقتراني ‪ Synodic Period‬وفيما يكون الدور النجمي أكبر كلما‬

‫‪97‬‬
‫بعد الكوكب عن الشمس فإن الدور النجمي يعتمد على موقع الكوكب من األرض‪.‬‬
‫ويمكن ايجاد العالقة بين الدورين كما يلي‪:‬‬
‫‪Pi‬‬ ‫إذا كان الدور النجمي لكوكب داخلي هو‪ Pi‬فإن هذا الكوكب يقطع ما‬
‫‪ 360/‬درجة كل يوم‪ .‬وإذا كان الدور النجمي لكوكب خارجي هو ‪ Po‬فإن هذا‬
‫الكوكب يقطع ما ‪ 360/ P o‬درجة كل يوم‪ .‬والفرق بين هاتين السرعتين هو سرعة‬
‫الكوكب في الدور االقتراني ‪ S‬أي أن‬
‫‪360 360 360‬‬
‫‪−‬‬ ‫=‬
‫‪Pi‬‬ ‫‪Po‬‬ ‫‪S‬‬
‫وهذا يعني أن‬

‫‪1 1 1‬‬
‫= ‪−‬‬
‫‪Pi Po S‬‬
‫واألن لو أننا اعتبرنا األرض هي الكوكب الخارجي أي كانت ‪ Po=1‬فإن عالقة‬
‫الدور اإلقتراني للكوكب مع الدور النجمي تعطى حسب العالقة‪:‬‬
‫‪1 1‬‬
‫‪= −1‬‬
‫‪S Pi‬‬
‫أما إذا نظرنا إلى كوكب خارجي فإن الدور االقتراني لهذا الكوكب سوف ّ‬
‫يعرف‬
‫بداللة الدور النجمي له كما يلي‪:‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪=1−‬‬
‫‪S‬‬ ‫‪Po‬‬
‫ومن هاتين العالقتين يمكننا حساب الدور االقتراني للكواكب وهذا مبين في‬
‫الجدول التالي‪:‬‬

‫‪98‬‬
‫جدول (‪ )1-4‬الدورين االقتراني والنجمي للكواكب‬

‫الدور االقتراني‬ ‫الدور النجمي‬ ‫الجرم‬


‫باأليام‬ ‫باأليام‬

‫‪29.5‬‬ ‫‪27.3‬‬ ‫القمر‬

‫‪116‬‬ ‫‪88‬‬ ‫عطارد‬

‫‪584‬‬ ‫‪225‬‬ ‫الزهرة‬

‫‪---‬‬ ‫‪365.25‬‬ ‫الشمس‬

‫‪780‬‬ ‫‪687‬‬ ‫المريخ‬

‫‪399‬‬ ‫‪4332‬‬ ‫المشتري‬

‫‪378‬‬ ‫‪10761‬‬ ‫زحل‬

‫‪369.7‬‬ ‫‪30685‬‬ ‫اورانوس‬

‫‪367.5‬‬ ‫‪60195‬‬ ‫نبتون‬

‫‪366.7‬‬ ‫‪90471‬‬ ‫بلوتو‬

‫(‪)1601-1546‬م ‪:‬‬ ‫اتيكو برايه‬


‫لذلك انبرى تايكو براهي للقيام بمجهود عمالق استغرق أكثر من عشرين عاماً‬
‫وأنفق خالله ملك الدانمارك فريدريك الثاني طناً من الذهب على تمويل األبحاث‪ ،‬كما‬
‫يقول براهي نفسه‪ .‬إنصبت جهود ب ارهي على رصد حركات الكواكب السيارة والشمس‬
‫والقمر رصداً دقيقاً مستعيناً بما توفر لديه من أجهزة القياس والرصد التي أبدعها أو‬

‫‪99‬‬
‫طورها العرب المسلمون ومستعيناً بأدق األرصاد العربية اإلسالمية‪ ،‬والتي حفظتها األزياج‬
‫التي كانت بين يديه‪ ،‬للمقارنة وكدليل إلى أعمال الرصد‪.‬‬

‫يدون األرصاد بعد تدقيقها‬


‫وكان عمل براهي منظماً تنظيماً عالياً‪ ،‬إذ أنه كان ّ‬
‫بأكثر من طريق أحياناً‪ ،‬وذلك ألنه لم يكن يملك تلسكوباً فالتلسكوب لم يكن قد أستخدم‬
‫بعد‪ ،‬بل كانوا يستعملون أنابيب طويلة مطلية باللون األسود على سطحها الداخلي‪ .‬ولم‬
‫يكتف براهي بالتدوين حسب‪ ،‬بل كان يتحرى الفرص الفلكية ويغتنمها كلما الحت له‪.‬‬
‫ففي عام ‪1572‬م وعندما تمكن من رؤية النجم المتفجر ‪ Supernova‬بالعين المجردة‬
‫طبعاً‪ ،‬برهن براهي من خالل مالحظة عدم حركة هذا الجرم بالنسبة إلى خلفية القبة‬
‫السماوية مثل حركة الكواكب األخرى والمذنبات‪ ،‬أنه أبعد بكثير من الكرات المفترضة‬
‫التي تدور عليها الكواكب‪ .‬وفي عام ‪ 1577‬ظهر مذنب ساطع‪ ،‬فانبرى براهي الثبات أن‬
‫هذا المذنب ال بد من أن يكون قد مر عبر العديد من الكرات البلورية التامة المزعومة‪.‬‬

‫ومع أدراك تايكو براهي لمزايا نموذج كوبرنيكوس إال أنه لم يقتنع بصحته‪ ،‬وسبب‬
‫ذلك ظهور تناقض واضح بين ما يتوقعه نموذج كوبرنيكوس وما تم رصده فعالً من‬
‫مواقع للكواكب السيارة والشمس والقمر خالل عشرين عاماً من العمل الدؤوب‪ .‬لذلك‬
‫اعتقد تايكو براهي أن جميع الكواكب عدا األرض تدور حول الشمس فيما تدور هذه‬
‫الشمس بكواكبها جميعاً حول األرض‪ ،‬وبذلك كان تايكو براهي آخر العمالقة الذين آمنوا‬
‫بمركزية األرض في الكون‪.‬‬

‫يوهانس كبلر (‪)1630-1571‬م‪:‬‬


‫ً‬
‫كان يوهان كبلر مساعدا لتايكو براهي يعمل معه في مرصده‪ ،‬وبذلك ورث‬
‫كبلر جميع اإلنجازات األرصادية لتايكو براهي فعكف على دراسة مسار كوكب املريخ‬
‫ً‬
‫محاوال وضع نموذج هندس ي لحركة هذا الكوكب حول الشمس‪ .‬الحظ كبلر أن‬
‫جداول رصد حركة الكواكب تبين أن للكوكب سرعة عظمى في مداره يبلغها في وقت‬
‫معين وسرعة صغرى يبلغها في وقت آخر‪ .‬ثم الحظ أن الفرق بين الوقتين هو نصف‬
‫مدة دور الكوكب وبذلك إكتشف أن نموذج املسار االهليجي (وليس الدائري) هو‬
‫‪100‬‬
‫الذي يحقق النتائج األرصادية بدقة كبيرة‪ ،‬بحيث تقع الشمس في إحدى بؤرتي‬
‫اإلهليج‪ .‬ثم قام كبلر بحساب أقطار هذه املدارات‪ .‬وملا كانت أشكالها الصحيحة‬
‫إهليجية وليست دائرية لذلك فإن لها قطرين مختلفين‪ ،‬ومركز اإلهليج هو النقطة‬
‫التي تقع عند تقاطع املحورين‪ .‬ويسمى الكبير منها نصف املحور األكبر ‪Semi-major‬‬
‫‪ axis‬بينما يسمى الصغير نصف املحور األصغر ‪( ،Semi-minor axis‬أنظر‬
‫الشكل‪.)3-4‬‬

‫شكل (‪ )3-4‬اْلدارات اإلهليجية للكواكب‬

‫ثم استطاع كبلر تعميم هذا االستنتاج على مسارات الكواكب السيارة‬
‫األخرى بما في ذلك األرض‪ .‬فاتضحت الصورة عنده‪ .‬لذلك وضع كبلر قانونه األول‬
‫الذي يقرر بأن‪:‬‬
‫" تدور الكواكب في مدارات إهليجيية تقع الشمس في إحدى بؤرتيها "‪.‬‬

‫ثم راجع كبلر دراسة سرعة الكواكب في مداراتها فوجد أن سرعها تتغير من‬
‫موقع إلى آخر بحسب بعدها أو قربها من البؤرة التي تقع فيها الشمس‪ ،‬وهنا بحث‬
‫كبلر عن ثابت يجمع بين املتغيرين‪ ،‬السرعة واملسافة فوجد من خالل دراسته‬
‫‪101‬‬
‫لهندسة اإلهليج أن هذا الثابت هو املساحة التي يمسحها الخط الواصل بين‬
‫الكوكب والشمس‪ .‬وبذلك صاغ القانون الثاني لحركة الكواكب‪:‬‬
‫" يمسح الخط الواصل بين الكوكب والشمس مساحات متساوية في أزمنة‬
‫متساوية"‪.‬‬

‫وهذا يعني أن سرعة الكواكب تتزايد كلما اقتربت من الشمس‪ .‬وسمي هذا‬
‫قانون كبلرالثاني‪ .‬أنظر الشكل (‪ )4-3‬حيث فيه املساحات ‪ A ,B, C‬متساوية رغم‬
‫اختالف شكلها‪.‬‬

‫الشكل (‪ )4-4‬قانون كبلرالثاني‬

‫وبعد دراسة وتحليل النتائج األرصادية تبين له أن هنالك عالقة مباشرة بين‬
‫ا‬
‫زمن الدور والبعد‪ ،‬فقال‪ " :‬يتناسب مربع زمن دورة الكوكب حول الشمس تناسبا‬
‫ا‬
‫طرديا مع مكعب نصف املحورالكبير" وسمي هذا االكتشاف قانون كبلرالثالث‪.‬‬
‫وصفت هذه القوانين الثالثة املتكاملة حركة الكواكب حول الشمس وفق‬
‫املنظور الجديد القائل بمركزية الشمس بشكل أصبحت فيه الحسابات تطابق‬

‫‪102‬‬
‫األرصاد الفلكية إلى درجة كبيرة‪ .‬بذات الوقت الذي ّ‬
‫فسرت فيه الحركات التراجعية‬
‫للكواكب دون ما حاجة إلى وجود أفالك التدوير‪.‬‬
‫إن لقوانين كبلر هذه فائدة عظيمة في الحسابات الفلكية ويمكن القول أن‬
‫اكتشاف هذه القوانين كان مفتاح التقدم الهائل الذي شهده علم الفلك الحديث‬
‫بل وعلم امليكانيك والحركة بشكل عام إذ أن هذه االكتشافات مهدت السبيل أمام‬
‫نيوتن الكتشاف قانون الجذب العام‪.‬‬
‫ً‬
‫ولكي نبين جانبا من أهمية قوانين كبلر هذه نقول أن أي راصد بسيط‬
‫يستطيع باستخدام قانون كبلر الثالث حساب بعد أي جرم سماوي يدور حول‬
‫ً‬
‫الشمس إذا عرف مدة دورانه حولها‪ .‬فلو رصدنا مثال حركة بلوتو لوجدنا أنه يقطع‬
‫ً‬
‫دائرة البروج في مدة قدرها ‪ 248‬سنة أرضية‪ .‬وطبقا لقانون كبلر الثالث يكون‪:‬‬
‫مكعب نسبة بعد الكوكب عن الشمس إلى بعد األرض عنها مساوية إلى مربع نسبة‬
‫زمن دورة الكوكب حول الشمس إلى زمن دورة األرض حولها‪ .‬وهذا يعني أن‪:‬‬
‫‪(a Au /1Au)3= (P year/1year)2‬‬

‫أي أن مربع زمن دورة الكوكب ‪ P‬محسوبة بالسنين تساوي مكعب بعده عن‬
‫ً‬
‫الشمس محسوبا بالوحدات الفلكية‪:‬‬
‫)‪P2 (in years) = a3 (in astronomical units‬‬
‫وكمثال لتطبيق هذا القانون نذكر أن زمن دور كوكب بلوتو هو حوالي ‪248‬‬
‫سنة لذا فإن‬
‫‪a = 39.5 Au‬‬

‫أي أن بعد بلوتو عن الشمس هو حوالي ‪ 40‬مرة بقدر بعد األرض عن‬
‫الشمس‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫(‪)1642-1564‬‬ ‫غاليليو غالييل‬
‫بعد أن ظهرت قوانين كبلر الوظعية والتي جاءت من الناحية األساسية‬
‫مؤيدة ملبدأ مركزية الشمس والتي نقضت بالتالي أسس الؤية األرسطية للعالم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫جملة‪ ،‬طرح الفلكيون تساؤال مهما عن مصداقية الفلسفة األرسطية بما يخص‬
‫الحركة الطبيعية للكواكب وأسبابها الحقيقية‪ .‬فأخذ غاليليو غاليلي اإليطالي على‬
‫ً‬
‫عاتقه مهمة دراسة الحركة الطبيعية مبتدءا بدراسة السقوط الحر لألجسام نحو‬
‫األرض‪ .‬ولقد مهدت أعمال غاليلو غاليلي وتجاربه العملية لوضع علم الحركة على‬
‫أسس صحيحة ودقيقة قائمة على الحساب الرياض ي‪ ،‬وفي الوقت الذي لم يتم‬
‫غاليليو غاليلي وضع الصياغات الرياضية ملعادالت الحركة إال أن دراسته للحركة‬
‫وفق املنهج التجريبي وتدوينه للمشاهدات مكنته من إيجاد العالقات بين املتغيرات‬
‫الحركية وبذلك تمكن من معرفة " تسارع الجاذبية األرضية" عندما الحظ أن‬
‫ً‬
‫جميع األجسام تسقط بنفس العجلة نحو األرض مهما كانت كتلها‪ ،‬خالفا ملا كان‬
‫يراه أرسطو من أن حركة السقوط الحر لألجسام نحو األرض تعتمد على كتل تلك‬
‫األجسام‪.‬‬
‫وقد كانت معاناة غاليليو كبيرة خالل جهده للوصول إلى هذه الحقيقة‪ .‬تلك‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫املعاناة التي اتخذت جانبا ماديا متمثال في كيفية متابعة حركة األجسام الساقطة‬
‫ً‬
‫وصعوبة قياس األزمنة على فترات صغيرة جدا إذ ما يلبث غاليليو أن يترك الجسم‬
‫يسقط حتى يجد أنه قد وصل األرض حتى لو كان موقع إسقاطه هو قمة برج بيزا‪.‬‬
‫ً‬
‫لكن غاليليو استطاع حل هذه املعضلة بحيلة "السطوح اْلائلة" فبدال من‬
‫اإلسقاط الحر للكرات الصلبة نحو األرض مباشرة عمد غاليليو إلى دحرجتها على‬
‫سطوح مائلة‪ ،‬وبها استطاع السيطرة على سرعة حركة األجسام نحو األرض‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن غاليليو لم يكن أول من إكتشف حركة السقوط‬
‫الحر لألجسام وقال بأن جميع األجسام تسقط بنفس السرع نحو األرض إذا كانت‬

‫‪104‬‬
‫الجبائي (ت ‪915‬م) بحسب ما ذكر‬ ‫في الفراغ بل قالها قبله أملتكلم املعتزلي أبو علي ّ‬
‫الحسن إبن متويه النجراني في كتاب (التكرة في أحوال الجواهر واألعراض) كما كان‬
‫ً‬
‫هبة هللا بن ملكا البغدادي (ت ‪1165‬م) قد أشار الى ذلك أيضا وقام بتحليل حركة‬
‫السقوط الحر في الفراغ على نحو مستفيض في كتابه (املعتبر في الحكمة)‪.‬‬
‫كما درس غاليليو الحركة االهتزازية الطبيعية املتمثلة بحركة البندول‬
‫‪ ،Pendulum‬وهو عبارة عن ثقل معلق بخيط مثبت في سقف‪ .‬فوجد غاليليو أن‬
‫مربع زمن الذبذبة ‪( P‬النقلة الكاملة من موضع استقرار الثقل إلى أقص ى ازاحة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يمينا وشماال ثم العودة إلى موضع االستقرار) يتناسب طرديا مع طول الخيط ‪.l‬‬
‫وبالصيغة الرياضية يعني هذا أن‬

‫‪P2  l‬‬
‫ّأما اإلضافة العمالقة لغاليليو غاليلي فقد كانت باستخدامه املنظار"‬
‫التلسكوب" ‪ Telescope‬في مراقبة األجرام السماوية ‪ ،‬إذ كانت املراقبة وأعمال‬
‫ً‬
‫الرصد تتم على العهود التي سبقته بالعين املجردة‪ .‬ولعل غاليليو كان محظوظا إذ‬
‫وجه منظاره إلى كوكب املشتري فاكتشف أن هناك أربعة أقمار تدور حوله ولوال أنه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نظر إلى كوكب املشتري بالذات ملا وجد اختالفا كبيرا ذا قيمة بين ما يراه بذلك‬
‫املنظار البسيط وما تراه العين املجردة‪ .‬ولعل هذا هو السبب في عدم استعمال‬
‫املنظار ملراقبة السماء قبل غاليليو فقد كان املنظار يصنع في بلجيكا وهولندا‬
‫ويستخدم من قبل البحارة األوروبيين‪ .‬أن هذه اللحظة تمثل مثابة مهمة في تاريخ‬
‫العلم والتكنولوجيا إذ نقل استخدام املنظار املعرفة الفلكية نقلة نوعية وكمية‬
‫ً‬
‫وفتح آفاقا جديدة للتعامل مع الكون‪.‬‬
‫ً‬
‫الحظ غاليليو أن على سطح القمر جباال وتضاريس مماثلة لتلك التي على‬
‫ً ً‬
‫سطح األرض‪ ،‬فاستنتج أن القمر ما هو إال كرة صخرية وليس جرما أثيريا يكتنفه‬
‫ً‬
‫الغموض‪ ،‬وملا نظر إلى الشمس رأى على سطحها بقعا قاتمة (تسمى اآلن الكلف‬

‫‪105‬‬
‫ً‬
‫الشمس ي ‪ )Sunspots‬تبدل مواقعها يوما بعد يوم مما يدل على أن الشمس ليست‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جرما مطلقا بل تشوبها بقع وهي في حالة تبدل ‪ .‬ومن خالل مالحظة تبدل مواقع‬
‫البقع استدل غاليليو أن الشمس تدور‪.‬‬
‫ً ً‬
‫ثم راقب غاليليو كوكب زحل واكتشف أنه ليس قرصا تاما بل تشوبه كتلة‬
‫دائرية عند أطرافه ‪ ...‬ولم يستطع منظاره املتواضع أن يكشف عن حلقات زحل‪،‬‬
‫التي عرفها أول مرة الفيزيائي الهولندي كرستيان هايغنز‪ .‬كما عرف غاليليو أن‬
‫ً‬
‫لكوكب الزهرة أطوارا مماثلة ألطوار القمر ‪ ...‬ومن خالل مراقبته هذه األطوار علم‬
‫أن الزهرة تدور حول الشمس‪.‬‬
‫ّأما في الجانب املعنوي فقد كانت معاناة غاليليو غاليلي مع رجال الكنيسة‬
‫كبيرة إذ كانوا يؤمنون بأن األرض هي مركز الكون وأن الشمس وبقية األجرام‬
‫السماوية تدور حولها‪ ،‬فعانى من ذلك األمريين‪.‬إذ وقع في صراع مع رجال الكنيسة‬
‫ُ‬
‫خاصة وأنه قد جهد في سبيل نشر آرائه وانتهج في كتاباته أسلوب أفالطون وهو‬
‫محاورة معلم حصيف (يمثله هو) وشخص ال يؤمن بنظام كوبرنيكوس سماه‬
‫ً‬
‫سبليمسيو ويرمز (طبقا ملنتقديه) إلى البابا‪ ...‬لذلك حاكمته الكنيسة وأكرهته على‬
‫التنازل عن ما كان قد أعلنه من آن األرض تدور حول الشمس ثم حكمت عليه‬
‫الكنيسة باإلقامة الجبرية في منزله‪ .‬ولم تعترف الكنيسة الكاثوليكية بأنها أخطأت‬
‫بإدانة غاليليو إال منذ عهد قريب وذلك عام ‪1992‬م‪.‬‬
‫(‪1727 -1642‬م)‬ ‫احسق نيوتن‬
‫لعل أهم ما أنجزه هذا الرجل الحصيف هو اختراعه لحسبان "التفاضل والتكامل"‪.‬‬
‫وذلك أن كثي اًر من األفكار العلمية الصحيحة لن تجد طريقها إلى التحقيق الفعلي وتفصح‬
‫عن مضامينها إال إذا اتخذت الصيغة الرمزية الصحيحة وهي الصيغة الرياضية‪ ،‬فهذه‬
‫الصيغة هي التي تمنح المفهوم أفقاً واسعاً إذ تطلقه من عقال التصور المجسد المحدود‬
‫إلى فضاء التجريد الواسع‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫قوانني نيوتن يف احلركة‪ :‬القانون ا ألول‪ :‬قانون الاس مترارية‬
‫" الجسم الساكن يبقى ساكناً والمتحرك يستمر في حركته بسرعة ثابتة وعلى خط‬
‫مستقيم مالم تؤثر عليه قوة خارجية"‪.‬‬

‫يعرف لنا هذا القانون صيغة الحركة الحرة خارج تأثير القوى‪ .‬فهو يصف حالة أي‬
‫جسم مهما كانت حالته الحركية بالميل إلى البقاء على الحالة التي هو عليها دون تغيير‪.‬‬
‫كما يؤشر القانون أن فعل القوة هو تغيير الحالة الحركية لألجسام‪.‬‬

‫القانون الثاني‪ :‬القوة‬

‫" القوة هي المعدل الزمني لتغير الزخم "‪.‬‬

‫هذا القانون وكما هو واضح من منطوقه هو تعريف للقوة تعريفاً ميكانيكياً بداللة‬
‫تغير الزخم‪ .‬وزخم الجسم كما هو معروف هو حاصل ضرب كتلته في سرعته‪.‬‬

‫يمكن صياغة هذا القانون رياضياً بالصيغة التالية‪:‬‬

‫‪dp‬‬
‫= ‪Fa‬‬
‫‪dt‬‬
‫ولما كانت‬

‫‪dr‬‬
‫‪p = mv = m‬‬
‫‪dt‬‬
‫فإن‬

‫‪d 2r‬‬
‫‪Fa = m 2‬‬
‫‪dt‬‬
‫حيث أننا اعتبرنا الكتلة كمية ثابتة ال تعتمد على الحالة الحركية للجسم‪.‬‬

‫وباعتبار أن التسارع هو المعدل الزمني لتغير السرعة‬

‫‪107‬‬
‫‪dv d 2 r‬‬
‫=‪a‬‬ ‫‪= 2‬‬
‫‪dt dt‬‬
‫فإن القانون الثاني لنيوتن يكتب بالصيغة الجبرية كما يلي‬

‫‪Fa = ma‬‬
‫حيث أن هو التسارع ‪ a‬الذي يكتسبه الجسم عند فعل القوة ‪. Fa‬‬

‫القانون الثالث‪:‬‬

‫" لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ويعاكسه في االتجاه "‬

‫يعرف لنا كيفية حصول التوازن الميكانيكي‪ ،‬وذلك بنشوء رد فعل‬


‫وهذا القانون ّ‬
‫موازن لكل فعل‪.‬‬

‫شكلت هذه القوانين منظومة نيوتن الحركية (الكايناماتيكية ‪.)Kinematical‬‬


‫ّ‬
‫قانون نيوتن يف اجلاذبية‬
‫قدم نيوتن تعريفاً للقوة‬
‫هذه القوانين تتكامل مع وجود توصيف رياضياتي للقوة وقد ّ‬
‫الجاذبية بين األجسام في الكون بقانونه في الجاذبية الذي ينص على‪:‬‬

‫" كل جسمين في الكون يجذب أحدهما اآلخر بقوة تتناسب طردياً مع حاصل‬
‫ضرب كتلتيهما وعكسياً مع مربع المسافة بين مركزيهما "‪.‬‬

‫وبالصيغة الجبرية يكتب هذا القانون كما يلي‪:‬‬

‫‪Gm1m2‬‬
‫= ‪Fg‬‬
‫‪r2‬‬
‫حيث أن‪ m1 :‬و‪ m2‬هما كتلتي الجسمين و‪ r‬هي المسافة بين مركزيهما و‪ G‬هو‬
‫ثابت الجاذبية المسمى ثابت نيوتن ومقداره ‪. 6.67×10-11 nt.m2/kg2‬‬

‫لم يقل لنا نيوتن في هذا القانون من أين تنشأ هذه القوة وما سرها‪ .‬لكنه قرر كيف‬
‫تتصرف القوة كمياً في الطبيعة‪ .‬ومن المعروف أن هذه القوة العجيبة هي التي تحكم‬

‫‪108‬‬
‫الكون إجماالً على النطاق الواسع‪ .‬مداها ال نهائي وال يحدها شيء وليس باإلمكان إلغاءها‬
‫إال موضعياً‪ .‬هذه القوة هي التي تحرك الكواكب في مداراتها وهي التي تنشأ النجوم من‬
‫السحابات الغازية الخفيفة ثم توقدها من بواطنها إذ توفر الضغط الالزم لتوّقد االندماج‬
‫الهيدروجيني‪ ،‬وهي التي تنشيء المجرات من السدم الكونية العمالقة‪ .‬وهذه القوة هي التي‬
‫ستحدد مصير الكون في النهاية‪.‬‬

‫إن هذا القانون ومعه قوانين نيوتن الثالث في الحركة تستطيع تفسير جميع‬
‫الحركات الطبيعية الناشئة عن فعل قوى الجاذبية الكونية‪ .‬إذ يكفي لمعرفة مسار أي‬
‫جسم أو منظومة أجسام في الكون معرفة الشروط االبتدائية ‪ Initial Conditions‬للحالة‬
‫وبعدها يصبح تصرف المنظومة معلوماً كنتيجة لحل المعادالت التفاضلية التي تقررها‬
‫قوانين نيوتن‪ .‬وذلك وفقاً للمعادلة التفاضلية‪:‬‬

‫أي أننا ينبغي أن نجد حل المعادلة التفاضلية التالية‪:‬‬

‫‪d2r k‬‬
‫‪2‬‬
‫‪− 2 =0‬‬
‫‪dt r‬‬

‫‪d 2 r GmM‬‬
‫= ‪m 2‬‬
‫‪dt‬‬ ‫‪r2‬‬

‫حيث أن‬

‫‪k = GM‬‬

‫‪109‬‬
‫إن الحل العام لهذه املعادالت التفاضلية هو بالضرورة أحد القطوع‬
‫املخروطية املعروفة‪ ،‬الدائرة أو االهليلج (املسمى القطع الناقص) أو القطع املكافيء‬
‫أو القطع الزائد‪ .‬ومن الجدير بالذكر أن الحلول املضبوطة املمكنة عادة هي ملسألة‬
‫منظومة تتألف من جسمين فقط أما إذا زاد عدد الجسيمات في املنظومة عن ذلك‬
‫يبيا‪ .‬لذلك يعتمد ّ‬‫ً‬ ‫ً‬
‫الحسابون أساليب‬ ‫فإن الحل ال يمكن أن يكون مضبوطا بل تقر‬
‫ً‬
‫وطرائق خاصة للتقريب ‪ Approximation‬للحصول على النتائج وقد تطورت مؤخرا‬
‫ً‬
‫البرمجيات الحاسوبية التي تتعامل بطرق التقريب كثيرا‪ ،‬مما مكننا الحصول على‬
‫نتائج أكثر دقة‪.‬‬
‫مركز الكتةل جلسمني‬
‫إن القوة المشتركة بين جسمين ذوي كتلتين مختلفتين ‪ M1‬و ‪ M2‬تقرر كيفية‬
‫حركتهما‪ .‬وعموماً يمكن القول أن وجود أي جسمين في القضاء سيدفع كالً منهما‬
‫للدوران حول مركز الكتلة (أو مركز الجاذبية) بينهما‪ .‬ويتقرر مركز الكتلة ‪Center of‬‬
‫‪ mass‬بنسبة الكتلتين والمسافة بينهما‪.‬‬

‫فلو كان لدينا جسمين كتلة أحدهما ‪ m1‬واآلخر ‪ m2‬والمسافة بينهما ‪ r‬فإن عزم‬
‫الجسم األول يساوي عزم الجسم الثاني‪ .‬أي أن‪:‬‬

‫‪m1 x1 = m2 x2‬‬
‫حيث أن ‪ x1‬هي بعد الجسم األول عن مركز الكتلة‪ x2 .‬هي بعد الجسم الثاني‬
‫عن مركز الكتلة‪.‬‬

‫ومن الواضح أن‬

‫‪x1 + x2 = r‬‬
‫‪110‬‬
‫لذلك يكون‬

‫‪m2‬‬
‫= ‪x1‬‬ ‫‪x2‬‬
‫‪m1‬‬

‫أي أن‪:‬‬
‫‪m2‬‬
‫= ‪x1‬‬ ‫‪r‬‬
‫‪m1 + m2‬‬

‫كذلك فإن‪:‬‬
‫‪m1‬‬
‫= ‪x2‬‬ ‫‪r‬‬
‫‪m1 + m2‬‬

‫وبتطبيق هذا على منظومة األرض والقمر فإن لدينا‪:‬‬

‫‪m1 = 61024 kg‬‬

‫‪m2 = 7.3  1022 kg‬‬

‫‪r  384  106m‬‬

‫لذا فإن‬

‫‪7.3  1022  384  106‬‬


‫= ‪x1‬‬ ‫‪= 4615.8 km‬‬
‫‪6.073 1024‬‬

‫‪111‬‬
‫‪6  1024  384  106‬‬
‫= ‪x2‬‬ ‫‪= 379  103 km‬‬
‫‪6.073 10‬‬ ‫‪24‬‬

‫أي أن األرض والقمر يدوران حول نقطة تقع داخل كرة األرض بمسافة تبعد‬
‫حوالي ‪ 4615‬كيلومتر عن مركزها ‪ ،‬وتبعد عن مركز القمر بمسافة ‪379000‬‬
‫كيلومتر‪ .‬ولو طبقنا هذا الحساب على حالة الشمس واألرض لوجدنا أن مركز‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الكتلة يقع قريبا من مركز الشمس نفسها‪ .‬وهكذا نقول مجازا أن األجسام الصغيرة‬
‫تدور حول مراكز األجسام الكبيرة‪.‬‬
‫‪Acceleration of Gravity‬‬ ‫تسارع اجلاذبية‬
‫ملا كانت األرض في حالة تجاذب متبادل بينها وبين األجسام التي عليها وكافة‬
‫األجسام الكونية خارجها فإن قانون نيوتن الثالث يقرر أن قوة التجاذب هذه‬
‫متساوية في املقدار ومتعاكسة في االتجاه‪.‬‬
‫أي‪:‬‬

‫‪F12 = -F21‬‬

‫وبحسب قانون نيوتن الثاني فإن وجود قوة خارجية يؤدي إلى اكتساب‬
‫الجسم للتسارع‪ .‬وهذا يعني أن‪:‬‬
‫‪Gm1m2‬‬
‫= ‪F12‬‬ ‫‪= m1a1‬‬
‫‪r2‬‬
‫بتأثير الجاذبية‬ ‫‪m1‬‬ ‫حيث أن ‪ a1‬هو مقدار التسارع الذي تكتسبه الكتلة‬
‫املتبادلة مع الكتلة ‪ m2‬وهذا هو‪:‬‬

‫‪112‬‬
‫‪Gm2‬‬
‫= ‪a1‬‬
‫‪r2‬‬
‫ً‬
‫قدره‪:‬‬ ‫كذلك فإن الكتلة ‪ m2‬تكتسب تسارعا باتجاه ‪m1‬‬

‫‪Gm1‬‬
‫= ‪a2‬‬
‫‪r2‬‬

‫يعني هذا أننا إذا اعتبرها ‪ m‬هي كتلة أي جسم على األرض و ‪ M‬كتلة األرض‬
‫ً‬
‫فإن الجسم الساقط من ارتفاع ‪ h‬عن سطح األرض يكتسب تسارعا قدره‪:‬‬
‫‪GM‬‬
‫= ‪am‬‬
‫‪(R + h )2‬‬
‫ً‬
‫حيث أن ‪ R‬هي نصف قطر األرض‪ .‬بينما تكتسب األرض تسارعا قدره‪:‬‬
‫‪Gm‬‬
‫= ‪aM‬‬
‫‪( R + h )2‬‬
‫‪GM‬‬ ‫ً‬ ‫‪Gm‬‬
‫فإننا نقول أن األجسام‬ ‫اصغر كثيرا من‬ ‫وملا كانت‬
‫) ‪(R + h‬‬‫‪2‬‬
‫‪( R + h )2‬‬
‫تسقط على األرض وال نقول أن األرض تسقط على األجسام‪.‬‬
‫ولو اعتبرنا ‪ h<< R‬فإن جميع األجسام القريبة من سطح األرض تسقط عليها‬
‫بتسارع قدره‪:‬‬
‫‪GM‬‬
‫=‪g‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪= 9 .8 m / s 2‬‬
‫‪R‬‬
‫ويسمى هذا "تسارع الجاذبية األرضية"‪ .‬وكما هو واضح فإن هذا هو مقدار‬
‫ثابت ال يعتمد على كتلة الجسم الساقط بل على ارتفاعه فقط عن سطح األرض‪.‬‬
‫والقيمة املعطاة هنا هي مقدارالتسارع األرض ي عند مستوى سطح البحر‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫‪Orbital Velocity‬‬ ‫الرسعة املدارية‬
‫جسما بسرعة أفقية فإنه سيطير مسافة ّ‬‫ً‬
‫ثم يقع على األرض ثانية‪.‬‬ ‫لو القينا‬
‫وتعتمد املسافة التي يقطعها الجسم على سرعته االبتدائية‪ .‬ولو أننا استهدفنا أن‬
‫ً‬
‫نحصل دائما على املدى األقص ى لوجب علينا أن نثبت زاوية اإلطالق عند ‪ 45‬درجة‪.‬‬
‫ً‬
‫وعندئذ نحصل دوما على مدى أكبر كلما ازدادت السرعة االبتدائية للجسم‪ .‬وهكذا‬‫ٍ‬
‫ً‬
‫يمكن أن نستمر في هذا التمرين حتى يكون الجسم قد أفلت من األرض واتخذ مدارا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حولها كما مبين في الشكل (‪ .)5-4‬في هذه الحالة التي يتخذ فيها الجسم مدارا دائريا‬
‫ً‬
‫ثابتا حول األرض تكون القوة املركزية الناتجة عن رد الفعل الحركي على التغير‬
‫املستمر في اتجاه الحركة مساوية لقوة الجذب املركزية‪.‬‬

‫الشكل (‪ )5-4‬مدارات ممكنة‬


‫أي أن‬

‫‪mv 2‬‬ ‫‪GmM‬‬


‫=‬
‫‪R + h ( R + h) 2‬‬

‫ومنها نجد السرعة املدارية للجسم الدائر حول األرض‪ ،‬وهي‬

‫‪114‬‬
‫‪GM‬‬
‫=‪v‬‬
‫‪R+h‬‬

‫من هذا القانون يمكن حساب السرعة املدارية لألجرام القريبة من سطح‬
‫ً‬
‫األرض أي التي يكون ارتفاعها صغيرا باملقارنة مع نصف قطر األرض‪ .‬فلو أهملنا في‬
‫القانون وعوضنا عن كتلة األرض ونصف قطرها لوجدنا أن السرعة املدارية هي‬
‫‪ 7.92‬كيلومتر في الثانية وهذه هي نفسها السرعة االبتدائية التي لو قذف بها أي‬
‫ً‬
‫جسم من على سطح األرض التخذ مدارا حولها‪.‬‬
‫ومن هذا نستطيع حساب دور الجرم كما يلي‬

‫)‪2 ( R + h‬‬
‫=‪P‬‬
‫‪GM‬‬
‫)‪( R + h‬‬
‫وهذا يعني أن‬

‫‪4 2 ( R + h) 3‬‬
‫= ‪P‬‬
‫‪2‬‬

‫‪GM‬‬
‫من املفيد مقارنة هذه الصيغة ملربع زمن الدورة مع قانون كبلر الثالث‪!!.‬‬
‫يمكن وضع مفهوم السرعة الدورانية بضوء مبدأ الطاقة الكلية حيث نقول‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أن الجسم املقذوف يتخذ مدارا دائريا حول املركز الجاذب نصف قطره ‪ r‬عندما‬
‫ً‬
‫تكون الطاقة امليكانيكية الكلية له صفرا‪ .‬أي‬
‫‪1‬‬ ‫‪GMm‬‬
‫= ‪E tot‬‬ ‫‪mv 2 −‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪r‬‬

‫‪115‬‬
‫ووفق هذه القاعدة‪ ،‬إذا كانت ‪ Etot<0‬فإن املدار الذي يتخذه الجسم سيكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اهليجيا مغلقا (قطع ناقص) ‪ Ellipse‬أو دائرة‪َّ .‬أما إذا قذفنا الجسم بسرعة اكبر أي‬
‫كانت ‪ Etot>0‬فإنه سيتحرك على مدار مفتوح قطع مكافئ ‪.Parabola‬‬
‫‪Satellites Orbits‬‬ ‫مدارات ا ألمقار الصناعية‬
‫من املعروف أن األقمار الصناعية ُتطلق ألغراض مختلفة‪ .‬فمنها ماهو‬
‫ألغراض املسح الفضائي بأنواعه املختلفة‪ ،‬ومنها ما هو ألغراض مراقبة األحوال‬
‫الجوية‪ ،‬ومنها ماهو ألغراض االتصاالت والبث التلفزيوني وغيرها‪ .‬وتصمم مدارات‬
‫األقمار الصناعية بما يتناسب مع الغرض منها‪ .‬وهذه التصاميم تتقرر بموجب‬
‫السرعة املطلوبة للقمر الصناعي واتجاه حركته وذلك يتحدد بموجب املهمة‬
‫ً‬
‫املخصص لها‪ .‬وعادة تكون مدارات األقمار الصنعية السريعة واطئة جدا بينما‬
‫تكون مدارات األقمار البطيئة عالية‪ .‬ولكن من املؤكد أن األقمار ذوات املدارات‬
‫ً‬
‫الواطئة تتعرض إلى اعاقة كبيرة من الغالف الجوي مهما كان رقيقا وبالتالي تسهم‬
‫هذه االعاقة في تقليص سرعة القمر الصنعي وبالتالي سقوطه‪ .‬أي أن األقمار ذوات‬
‫املدارات الواطئة تكون ذات أعمار قصيرة‪ .‬وهنالك نوعين أساسيين من املدارات‬
‫هما‪:‬‬
‫المدارات القطبية ‪Polar Orbits‬‬

‫وهي التي تختص بها أقمار املسح الفضائي‪ ،‬وتكون مصممة بحيث يدور القمر‬
‫الصناعي في مدار شبه دائري في مستوي يمر بالقطبين الشمالي والجنوبي بحيث‬
‫يؤدي دوران القمر حول األرض ودوران األرض حول نفسها الى مسح سطح األرض‬
‫خالل عدد من الدورات تعتمد على السرعة املدارية للقمر الصناعي ومدى حقل‬
‫النظر ‪ Field of View‬ويمكن التحكم بالسرعة املدارية من خالل تحديد ارتفاع‬
‫ً‬
‫معين للقمر الصناعي‪( ،‬أنظر الشكل ‪ ،) 6-4‬فإذا أريد للقمر أن يكون سريعا تطلب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ذلك أن يكون ارتفاعه واطئا‪ .‬أما إذا أريد أن يكون زمن املسح طويال أمكن وضع‬

‫‪116‬‬
‫عال‪ .‬لكن املدار الواطئ مشاكله فالقمر الصناعي الواطي‬‫القمر الصناعي في مدار ٍ‬
‫ً‬
‫سوف يعاني من تأثيرات الهواء عليه وهذه‪ ،‬وإن كانت قليلة‪ ،‬إال أنها ستؤثر كثيرا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫على مدار القمر وتجعله يتقلص سريعا حتى يسقط القمر أرضا‪.‬‬

‫الشكل(‪ )6-4‬مدارقطبي‬

‫المدارات االستوائية‬
‫وهي التي تكون موازية لخط االستواء السماوي وأهم هذه املدارات ما كان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫متزامنا أو ثابتا‪.‬‬
‫المدارات الثابتة ‪Geostationary Orbits‬‬
‫ً‬
‫وتسمى أيضا اْلدارات اْلتزامنة ‪ ،Geosynchronous Orbits‬وهذه تختص بها‬
‫أقمار اإلتصاالت والبث الفضائي حيث ُيراد وضع القمر الصناعي ليكون سمت‬
‫نقطة ثابتة على األرض ال يبارحها‪ .‬أي أن يمتلك سرعة دورانية مساوية لسرعة‬

‫‪117‬‬
‫دوران األرض حول نفسها‪ .‬ومن الواضح أن كل مدار متزامن يجب أن يكون استوائيا‬
‫ً‬
‫ولكن ليس كل مدار استوائي سيكون متزامنا بالضرورة‪.‬‬

‫الشكل (‪ )7-4‬اْلدارات االستوائية‬

‫ويمكن حساب ارتفاع المدار الثابت باستخدام قانون كبلر الثالث كما يلي‪:‬‬

‫‪4 2 ( R + h) 3‬‬
‫= ‪T2‬‬
‫‪GM‬‬
‫إذ يمكننا التعويض عن‬

‫‪M = MEarth = 6 x 1024 kg, G = 6.67 x 10-11 N kg2 / m2‬‬


‫وكذلك‬

‫‪T = 24 h = 86 400 s = 8.64 x 104 s‬‬

‫لنحصل بعد الحساب على‬

‫‪R + h = 42300Km‬‬
‫أي أن ارتفاع المدار الثابت هو بحدود ‪ 36300‬كيلومتر‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫‪Escape velocity :‬‬ ‫رسعة الفالت‬
‫ً‬
‫إذا قذفنا جسما بسرعة بشكل افقي موازي لسطح األرض فإن هذا الجسم‬
‫سيتمكن من االفالت من جاذبية األرض تماما ويستمر في حركته إلى املاالنهاية إذا‬
‫امتلك سرعة إبتدائية معينة تسمى سرعة االفالت ‪ .Escape Velocity‬ويمكن‬
‫حسابها باعتبار أن هذه السرعة تتحقق عند تحول الطاقة الحركية للجسم‬
‫املقذوف املنطلق بسرعة ‪ ‬إلى طاقة كامنة عند موقع يبعد ‪ r‬من وحدات املسافة‬
‫عن مركز الجسم‪ .‬أي أن‪:‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪GmM‬‬
‫= ‪m 2‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪r‬‬

‫وهذا يعني أن‪:‬‬

‫‪2GM‬‬
‫=‪‬‬
‫‪r‬‬
‫تطبيقات‪:‬‬

‫يمكن االستفادة من هذه القوانين البسيطة لحساب كميات مفيدة وحل مسائل عديدة‬
‫منها‪ :‬مثال ‪:1‬‬

‫احسب سرعة اإلفالت من سطح الشمس‪ ،‬علماً أن كتلة الشمس هي ‪21030‬‬


‫ثم قارن ذلك مع سرعة اإلفالت من‬ ‫‪8‬‬
‫كيلوغرام‪ .‬ونصف قطرها هو ‪ 6.510‬متر ّ‬
‫األرض‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫‪2GM‬‬
‫=‪‬‬
‫‪r‬‬

‫في هذا القانون ستكون ‪ r‬هي نصف قطر الشمس وذلك ألننا نريد تحصيل‬
‫سرعة اإلفالت عن السطح فقط‪.‬‬
‫لذا فإن‬

‫‪2  6.67  10 −11  2  10 30‬‬


‫=‪‬‬
‫‪6.5  10 8‬‬
‫‪ 617 m/s‬‬

‫َّأما سرعة اإلفالت من سطح األرض فهي‪:‬‬


‫‪2  6.67  10−11  6  1024‬‬
‫=‪‬‬
‫‪6.4  106‬‬
‫‪= 11.2103 m/s = 11.2 km/s‬‬

‫وهكذا يمكن حساب سرعة اإلفالت من سطح أي جرم آخر‪ .‬والقانو أعاله‬
‫يمكن تبسيطه كما يلي‪:‬‬
‫‪M‬‬
‫‪ (in km / s) = 11.2 ‬‬
‫‪r‬‬

‫حيث أن ‪ M‬هي كتلة الجرم بوحدات كتلة األرض و‪ r‬هي نصف قطر الجرم‬

‫‪120‬‬
‫كيف تتحمك رسعة الافالت اب ألغلفة الغازية للنجوم والكواكب‬
‫ً‬
‫إن مثل هذه املعلومات مهمة جدا ملعرفة حركة األجسام واملوائع قرب سطح‬
‫ً‬
‫الجرم السماوي‪ .‬فإذا كانت سرعة اإلفالت صغيرة لجرم معين استنتجنا مقدما أنه‬
‫ً‬ ‫ً ً ً‬
‫لن يمتلك غالفا جويا نظرا ألن جزيئات الغازات املحيطة به سوف تهرب تدريجيا إلى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الفضاء الخالي‪ .‬لكن جرما مثل الشمس يمتلك سرعة إفالت عالية نسبيا يحتفظ‬
‫ببنيته الغازية وعن الحرارة العالية والطاقة الحركية الكبيرة التي تمتلكها جزيئات‬
‫الغاز التي على سطحه‪.‬‬
‫والعالقة بين معدل سرعة الجزئ ‪ u‬ودرجة الحرارة ‪ T‬هي‪:‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪mu 2 = kT‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬
‫حيث أن ‪ m‬هي كتلة الجزيء‪ .‬و ‪ k‬هي ثابت بولتزمان و ‪ T‬درجة الح اررة بالكلفن‪.‬‬

‫لذلك تكون معدل سرعة الجزئ هي‪:‬‬

‫‪3kT‬‬
‫=‪u‬‬
‫‪m‬‬
‫ويمكن كتابة القانون أعاله بصور مبسطة كما يلي‬

‫‪T‬‬
‫= ) ‪u (in km / s‬‬
‫‪m‬‬
‫حيث أن ‪ T‬هي درجة ح اررة السطح بالكلفن و ‪ m‬هي كتلة جزيئة الغاز بالكيلوغرام‪.‬‬

‫نوكد هنا أن ‪ u‬هي معدل سرعة الجزيئات أي سرعة الغالبية منها‪ ،‬ويعني هذا‬
‫أن هنالك قليل من الجزيئات التي تمتلك سرعات هي أعلى من ‪ u‬وهنالك جزيئات‬
‫ذوات سرع أقل من‪ . u‬لذلك فإنه حتى وإن كانت سرعة االفالت ‪ ‬أقل من ‪ u‬فإن‬
‫ً‬
‫تسربا من الغالف الجوي يتوقع حصوله لكن بمعدل واطيء‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫مثال ‪ :2‬احسب درجة حرارة جو الشمس الالزمة إلفالت الهيدروجين ‪ H‬من‬
‫ً‬
‫جو الشمس‪ .‬علما أن كتلة ذرة الهيدروجين هي ‪ 1.6710-27‬كيلوغرام وأن ثابت‬
‫بولتزمان هو ‪ 1.3810-23‬جول‪/‬كلفن‪.‬‬
‫الحل ‪:‬‬

‫‪ esc. = 617103 m/s‬‬


‫(‬ ‫)‬
‫‪2‬‬
‫‪.  10−27  6.7  103‬‬
‫‪mu 2 167‬‬
‫=‪T‬‬ ‫=‬
‫‪3k‬‬ ‫‪.  10−23‬‬
‫‪3  138‬‬
‫‪= 1.5107 K‬‬

‫أي ‪ 15‬مليون درجة كلفن‪.‬‬

‫مثال ‪ :3‬إذا كانت سرعة اإلفالت للقمر هي ‪ 2.4‬كيلو متر‪/‬ثا ودرجة حرارة‬
‫سطحه هي ‪ 375‬كلفن‪ .‬فهل يمكن أن يحتفظ بغالف جوي من الهيدروجين؟‬
‫الحل ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫= ‪K.E‬‬ ‫‪kT = 7.7  10 −21‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3kT‬‬
‫=‪u‬‬ ‫‪= 96 .4  10 3 m / s‬‬
‫‪m‬‬

‫وبما أن هذا اكبر من سرعة اإلفالت فإن القمر لن يستطيع االحتفاظ بغالف‬
‫ً‬
‫جوي سميك‪ .‬ولكن نظرا لقرب هذا الرقم من سرعة اإلفالت فإن القمر يحتفظ‬
‫ً‬
‫بغالف جوي رقيق جدا مؤلف من النيون والهليوم‪.‬‬
‫لقد اكتشف نيوتن املتغيرات األساسية لقوة الجاذبية األرضية وتلك هي كتل‬
‫األجسام واملسافة بينها‪ ،‬ثم عمم هذه القوة على مجمل الكتل في الكون فتوصل إلى‬

‫‪122‬‬
‫صياغة حركة األجرام السماوية حول مراكز الكتلة‪ ،‬وحقق من خالل ذلك قوانين‬
‫كبلر الثالثة في حركة الكواكب السيارة‪ .‬والتي كان كبلر من استنتجها من خالل‬
‫األرصاد الفلكية الصرف دون اشتقاقات رياضية‪..‬وبقيت مفاهيم نيوتن سائدة‬
‫ألكثر من مائتي سنة حتى جاءت نظرية النسبية آلينشتين في بداية القرن العشرين‬
‫بمفاهيم بديلة أكثر دقة‪ .‬لقد مكنت قوانين نيوتن في الحركة والجاذبية الكونية‬
‫الفلكيين من التعامل مع املنظومة الشمسية كمنظومة فيزيائية ذات أسس وأصول‬
‫حركية معروفة وبالتالي قابلة للحساب الدقيق مما مكنهم من اكتشاف كوكبين هما‬
‫اورانوس ونبتون عن طريق التوقع الذي يفض ي به الحساب‪ .‬كما تخضع الكواكب‬
‫فيما بينها إلى قوى تجاذب تبادلية تؤدي إلى التأثير على حركتها تأثيرات طفيفة لكنها‬
‫محسوبة وقابلة للرصد الفلكي‪ .‬هذه التأثيرات الطفيفة تسمى ‪Perturbations‬‬
‫يمكننا حسابها من خالل قوانين امليكانيك السماوي ‪Celestial Mechanics‬‬
‫املتقدمة حاليا تقدما كبيرا‪ ،‬خاصة بعد تطوير البرامجيات الحسابية واستخدام‬
‫الحواسيب الكبيرة‪ .‬ولكن من الجدير بالذكر هنا أن معظم مدارات الكواكب تكاد‬
‫ً‬
‫تكون دائرية حيث أن مقدار التفلطح في مداراتها قليل جدا ال يكاد ُيذكر (أنظر‬
‫جدول الخواص املدارية للكواكب في امللحق)‪ .‬وهذه قضية تعتبر غير مفهومة حتى‬
‫اآلن‪ .‬لذلك تبقى النظرية الكوكبية ‪ Planetary Theory‬من الناحية العملية نظرية‬
‫تعتمد على كثير من الجوانب الوضعية‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫الفصل اخلامس‬
‫رصد السامء‬

‫‪124‬‬
‫قياس املسافات الفلكية بطريقة اختالف املنظر‬
‫هناك بعض النجوم قريبة منا على األرض حيث يحتاج الضوء املنبعث منها‬
‫ً‬
‫لبضع سنوات حتى يصلنا إلى األرض أما البعض األخر من النجوم فهي بعيدة جدا‬
‫لدرجة تفوق الخيال‪ .‬وسنناقش هنا طريقة مباشرة لتعين أبعاد النجوم عن األرض‬
‫تدعى بطريقة اختالف اْلنظر النجمي ‪ ،Stellar Paralax‬والطريقة مبينة في الشكل‬
‫(‪.)1-5‬‬

‫شكل(‪ )1-5‬قياس أبعاد النجوم بطريقة اختالف اْلنظر‬

‫حيث يتم رصد أحد النجوم ‪ C‬من النقطة ‪ A1‬على األرض وتؤخذ له صورة‬
‫فوتوغرافية فيبدو النجم القريب ‪ C‬بمحاذاة أحد النجوم البعيدة وليكن ‪D‬‬
‫وعندما تدور األرض نصف دورة على مدارها حول الشمس فتصل إلى النقطة‬
‫املقابلة ‪ A2‬أي بعد ستة أشهر‪ ،‬يتم رصد نفس النجم القريب ‪ C‬مرة أخرى وتؤخذ‬
‫له صورة فوتوغرافية جديدة فنجد انه ال ُيرى في مكانه األصلي‪ ،‬وإنما ُيرى في مكان‬

‫‪125‬‬
‫ً‬
‫آخر يبتعد مسافة ما عن املكان الذي ُرصد منه سابقا‪ ،‬أي بمحاذاة أحد النجوم‬
‫البعيدة وليكن ‪ T‬وبسبب البعد الكبير للنجم ‪ D‬فإن الراصدين عند النقطتين‬
‫‪ A2,A1‬سوف يرقبان النجم ‪ C‬سيكون باتجاه ‪ A1D‬ومن ناحية أخرى فإن الراصد‬
‫‪ A2‬يرى النجم القريب ‪ C‬باتجاه‪ ، A2T‬ويصنع زاوية ‪ α‬مع االتجاه ‪ A1D‬ما بين‬
‫املستقيمين ‪ A2C‬و ‪ . A1C‬ولقد اتفق الفلكيون على أن تدعى الزاوية التي يحصرها‬
‫عند النجم نصف قطر مدار األرض حول الشمس بزاوية اختالف اْلنظر ‪Parallax‬‬
‫‪ ) P( angle‬حيث‬
‫‪‬‬
‫=‪P‬‬
‫‪2‬‬
‫ً‬
‫وعادة تكون ‪ P‬صغيرة جدا فتقاس بالثواني القوسية‪ ،‬وعليه فإنه يمكن‬
‫حساب بعد النجم القريب عن الشمس (‪ ،)d‬ونصف قطر مدار األرض ‪ r‬كما يلي‪:‬‬
‫‪r‬‬
‫= )‪tan( P‬‬
‫‪d‬‬
‫ً‬
‫وإذا كانت الزاوية صغيرة جدا فإن ظل الزاوية يساوي جيب نفس الزاوية‬
‫ً‬
‫تقريبا ويساوي الزاوية نفسها مقاسه بزاوية نصف قطرية‪ ،‬أي أن‪:‬‬
‫)‪tan (p) ≈ sin(p) ≈ p (radian‬‬

‫ولذا فإن‬
‫‪r‬‬ ‫‪r‬‬
‫=‪d‬‬ ‫=‬
‫)‪p(radian‬‬ ‫‪1 1‬‬ ‫‪‬‬
‫( ‪( p" x x ) 0‬‬ ‫)‬
‫‪60 60 1800‬‬

‫أي أن‬
‫‪1 AU  60  60  180 206265 AU‬‬
‫=‪d‬‬ ‫=‬
‫"‪3.14 p‬‬ ‫"‪p‬‬

‫‪126‬‬
‫ً‬
‫الحظ أيضا أن وحدة قياس املسافة ‪ d‬هنا هي الوحدة الفلكية‬
‫‪ Astronomical Unit‬ومقدارها متوسط املسافة بين األرض والشمس‪.‬‬
‫إذا كانت زاوية اختالف املنظر("‪ )1‬فإن بعد النجم عن الشمس يصبح‬
‫ً‬
‫‪ 206265‬وحدة فلكية‪ ،‬ونظرا للبعد الكبير للنجوم فإن الوحدة الفلكية ال تصلح‪،‬‬
‫ُ‬
‫ولذلك تستخدم وحدة قياس أكبر منها تدعى البارسك ‪ Parsec‬أو (الفرسخ النجمي)‪،‬‬
‫ومقدارها ‪ 206265‬وحدة فلكية‪ً ،‬‬
‫وبناء على ذلك فإن بعد النجوم يعطي بالعالقة‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫=‪d‬‬ ‫)‪( parsc‬‬
‫"‪p‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫كما تستخدم أحيانا وحدة أخرى لقياس األبعاد النجمية تدعى بالسنة‬
‫الضوئية )‪ ،(Light year‬وهي املسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة‪ ،‬والفرسخ‬
‫النجمي يعادل ‪ 3.26‬سنة ضوئية‪.‬‬
‫يالحظ بأن زاوية اختالف املنظر تتناقص مع زيادة بعد النجم (‪ .)d‬ويمكن‬
‫ً‬
‫قياس زوايا حتى "‪ 0.01‬والتي تناظر أبعادا نجمية تصل إلى (‪ )100‬فرسخ نجمي أي‬
‫(‪ )326‬سنة ضوئية‪ .‬وعلى كل حال فهناك جزء ضئيل من النجوم املتواجدة على‬
‫أبعاد )‪ (20‬فرسخ نجمي لها زاوية اختالف منظر كبيرة والتي يمكن قياسها بدقة‬
‫تصل إلى ‪ 10%‬أو أفضل من ذلك‪ .‬ولذلك تستخدم طرق أخرى غير مباشرة لحساب‬
‫ً‬
‫أبعاد النجوم البعيدة جدا‪.‬‬
‫حاشية (‪)1-4‬‬
‫وحدات قياس اْلسافات الفلكية‬

‫علــى األرض نقــيس المســافات بوحــدات مناســبة وهــي المتــر والكيلــومتر والميــل وللمســافات‬
‫الصــغيرة كأبعــاد األثــاث مــثالً نســتخدم المليمت ـ ارت والســنتيمترات‪ .‬لكننــا حــين نتعامــل مــع الكواكــب‬
‫والنجوم ال نجد وحدات القياس هذه مناسبة للتعبير عن المسافات الفلكية‪ .‬لذلك إتخذ الفلكيـون مـن‬
‫بعـ ـ د األرض ع ــن الش ــمس وال ــذي يبل ــغ ‪ 150‬ملي ــون كيل ــومتر بالتقري ــب وح ــدة للتعبي ــر ع ــن أبع ــاد‬

‫‪127‬‬
‫الكواكـب وسـميت هـذه وحدددة فلكيددة )‪ .Astronomical Unit (Au‬ولكـن الفلكيـين أدركـوا أن‬
‫ـدار‬
‫هــذه الوحــدة ليســت مناس ــبة للتعبيــر عــن أبع ــاد النجــوم حيــث تصــبح الوح ــدة الفلكيــة عنــدها مق ـ ً‬
‫ض ــئيل‪ .‬ل ــذلك لج ــأوا إل ــى التعبي ــر ع ــن المس ــافات الهائل ــة ب ــين النج ــوم باس ــتخدام السدددنة الضدددوئية‬
‫‪ Light year‬وهــذه هــي المســافة التـ ي يقطعهــا الضــوء فــي ســنة كاملــة وقــدرها ‪ 63420‬وحــدة‬
‫فلكية‪ .‬وهنالك وحدة أكبر يستعملها الفلكيون على وجه الخصوص وهي الفرسددخ الفلكددي‪Parsec‬‬
‫وقدرها ‪ 3.26‬سنة ضوئية وتقـاس المسـافات الكونيـة بماليـين الف ارسـخ ‪ .Megaparsec‬فيمـا يلـي‬
‫عالقة هذه الوحدات ببعضها‪:‬‬

‫‪ 1‬مليمتر= ‪ 10-3‬متر‬

‫‪1‬سنتيمتر= ‪ 10-2‬متر‬
‫‪ 1‬كيلومتر= ‪ 1000‬متر‬

‫‪ 1‬وحدة فلكية = معدل بعد األرض عن الشمس = ‪ 1.496×1011‬متر‬


‫‪ 1‬سنة ضوئية =المسافة التي يقطعها الضوء في سنة = ‪ 9.46×1015‬متر‬

‫= ‪ 6.342×104‬وحدة فلكية‬

‫‪ 1‬فرسخ فلكي = ‪ 206264‬وحدة فلكية‬

‫= ‪ 3.261‬سنة ضوئية‬

‫= ‪ 3.085×1016‬متر‬

‫مثال‪ :‬إذا كانت زاوية اختالف املنظر ألقرب النجوم إلينا وهو نجم ألفا‬
‫قنطورس تبلغ "‪ 0.763‬فما هو بعده عن األرض؟‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬
‫=‪d‬‬ ‫=‬ ‫‪= 1.31 par sec = 4.27 Light year‬‬
‫‪p" 0.763‬‬

‫الحظ أن بعد النجم في العادة يدل على املسافة بين مركز النجم ومركز‬
‫الشمس‪ ،‬وفي األوقات التي نستعمل فيها هذا البعد للداللة على املسافة بين مركز‬
‫النجم ومركز األرض فإن الفرق بين االثنين هو نصف قطر مدار األرض‪ ،‬وهذا‬

‫‪128‬‬
‫الفرق ال قيمة له باملقارنة مع األبعاد النجمية‪ .‬وفي خالل عملية قياس زاوية اختالف‬
‫املنظر يجب إجراء بعض التصحيحات على القراءات نتيجة تأثير حركة النجم أو‬
‫حركة املشاهد أو نتيجة انكسار الضوء بواسطة الغالف الجوي لألرض‪ .‬وخالل‬
‫الستة شهور املنصرمة بين املشاهدات ربما تكون النجوم قد تحركت من مكانها‬
‫بالنسبة للنجوم األخرى كما أن املنظومة الشمسية باإلضافة للمشاهد ربما تكون‬
‫قد غيرت مكانها‪ .‬ومعظم هذه التصحيحات تؤخذ أتوماتيكيا بعين االعتبار عند‬
‫قياس زاوية اختالف املنظر حيث أن من املعروف أن الشمس وما يتبعها من األجرام‬
‫السماوية تتحرك بسرعة ‪ 250‬كم في الثانية باتجاه نجم النسر الواقع ‪.Vega‬‬

‫أأهجزة الرصد الفلك‬


‫دور العرب واملسلمني يف تطوير ا ألهجزة الفلكية‬
‫إن أهم ما يميز املساهمات العلمية العربية اإلسالمية انتهاج سبيل التجريب‬
‫واألرصاد وسيلة لتنمية املعرفة وتطويرها‪ ،‬لذلك حرص العرب املسلمون على‬
‫تطوير اآلالت الالزمة لتحقيق أفضل األرصاد وأدقها على عهدهم‪ .‬ولقد ساهمت‬
‫هذه اآلالت في تطوير نوعية الرصد الفلكي في مرحلة العرب املسلمين وما بعدها‬
‫حيث أخذ األوربيون ناصية العلم‪.‬‬
‫وإلى جانب ما قام به الفلكيون العرب املسلمون من ابتكار وتطوير وتصنيع‬
‫لآلالت الفلكية فإنهم ألفوا الكتب والرسائل التي توضح استخدام اآلالت الفلكية‪،‬‬
‫ومن ذلك كتاب الخازن املسمى "كتاب اآلالت العجيبة" وغيره‪.‬‬
‫وفيما يلي وصف مقتضب ألهم األجهزة واآلالت الفلكية التي ابتكرها أو‬
‫طورها العرب املسلمون‪:‬‬

‫‪129‬‬
‫‪ -1‬اْلزولة الشمسية‪Sundial :‬‬
‫ً‬
‫وهي آلة هندسية يعرف بها الوقت نهارا‪ ،‬تتألف من شاخص وقاعدة‪ .‬ويتخذ‬
‫ً‬
‫الشاخص أشكاال عديدة فهو في بعضها كالعصا الصغيرة وفي أخرى خيط يصل بين‬
‫سطحين وفي أخرى ثقب يمر منه شعاع‬
‫الشمس‪ّ .‬أما القاعدة فهي الصفيحة التي‬
‫يجلس عليها الشاخص وتكون مقسمة إلى‬
‫دوائر وأرباع وخطوط ّ‬
‫تعين األوقات‪ .‬ولكل‬
‫مزولة عالمات تحدد كيفية توجيهها من‬
‫الشمس والجهات األربع‪.‬واملزاول على‬
‫نوعين‪ :‬ثابتة‪ :‬وهي على أنواع عديدة منها‬
‫األفقية والعمودية‪ ،‬والكروية واالستوائية‪.‬‬
‫ومتنقلة‪ :‬وهي على أنواع مختلفة وأحجام‬
‫مختلفة‪ ،‬ومنها ما يمكن طيه وحمله في‬
‫الشكل (‪)2-5‬مزولة شمسية قابلة‬
‫الجيب‪.‬‬
‫للطي‬
‫تتمثل مساهمة العرب المسلمين باألساس في تطوير المزاول وتمكينها من تأشير‬
‫الوقت الشمسي الظاهري بدقة كبيرة‪ ،‬وذلك من خالل فهمهم للمثلثات الكروية التي وجدوا‬
‫منها قانون المزولة والذي هو‪ :‬ظا (زاوية خيال الشاخص) = ظا (زاوية الساعة) ‪ +‬جا‬
‫(عرض المكان)‬

‫‪130‬‬
‫الشكل (‪ )3-5‬مزاول شمسية من أنواع مختلفة‬

‫وقد سميت املزاول بهيئاتها فمنها ما يسمى الحافر والحلزون واالسطوانة‬


‫واملخروط وساق الجرادة‪ ...‬وغيرها‪ .‬واليوم تصنع املزاول الشمسية من قبل مصانع‬
‫وورش أوربية وأمريكية وتباع إلى من يريد اقتناءها بأسعار جيدة‪ .‬كما تشكلت‬
‫جمعيات عاملية لهواة املزاول الشمسية وأهمها الجمعية البريطانية للمزاول‬
‫الشمسية ‪ .British Sundial Society‬وإليك بعض‬
‫العناوين املفيدة على االنترنت في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪http://astrowww.astro.indiana.edu/perso‬‬
‫‪nnel/rberring/sundial‬‬

‫‪http://www.sundialsoc.org.uk/‬‬

‫‪http://www.sundials.co.uk/index.htm‬‬

‫‪ -2‬اإلسطرالب‪:‬‬

‫وهو آلة عجيبة‪ ،‬يبدو أن البابليين ابتكروها‬


‫ملعرفة ارتفاع األجرام السماوية وعروض الكواكب‪ .‬وقام‬
‫الشلك (‪ )4-5‬الاسطرلب‬ ‫اليونان بتطويرها وسموها "اإلسطرالب" ومعناه “مرآة‬

‫‪131‬‬
‫النجوم" ويذكر أن أرستارخوس اليوناني استعمل اإلسطرالب في رصد النجوم كما‬
‫أن هيبارخوس صنع إسطرالبا في القرن الثاني قبل امليالد‪.‬‬
‫وقد اهتم الفلكيون العرب المسلمون باإلسطرالب وطوروه ليكون آلة على درجة عالية من‬
‫اء عديدة حتى أصبح جها اًز معقداً ودقيقاً‪ ،‬ويحتاج إلى خبرة واسعة‬
‫الدقة فأضافوا إليه أجز ً‬
‫للتمكن من استعماله‪.‬‬

‫من أول صناع اإلسطرالب المسلمين أبو عيسى اإلسطرالبي وإبراهيم بن حبيب الفزاري‬
‫الذي ألف كتاب "العمل باإلسطرالب" والذي له الفضل في اختراع اإلسطرالب المسطح‬
‫وذات الحلق‪ .‬ومن أدق الصناع المعروفين أحمد بن محمد النقاش‪.‬‬

‫‪ -3‬الحك‪:‬‬
‫ً‬
‫وكانت تسمى " الحقة " أو "بيت اإلبرة" وتسمى حاليا " البوصلة "‪ .‬وهي عبارة‬
‫عن مغناطيس مستقيم يرتكز من وسطه على محور شاقولي بحيث يكون حر‬
‫الحركة في املستوى األفقي‪ ،‬ويرتكز املغناطيس فوق لوحة أفقية مدرجة على مدى‬
‫دائرة كاملة أي ‪ 360‬درجة‪ .‬تؤشر اإلبرة املغناطيسية إلى اتجاه الشمال املغناطيس ي‬
‫ً‬
‫دائما ومنه يمكن معرفة االتجاهات األخرى‪ .‬وقد استخدم العرب "الحك" في املالحة‬
‫ً‬
‫البحرية وطوروها باعتماد تقسيمات اكثر دقة سموها األخنان‪ ،‬ساعدتهم كثيرا في‬
‫ً‬
‫سبر البحار واملحيطات‪ .‬فقد قسموا دائرة األفق إلى ‪ 32‬قسما كل قسم سموه "‬
‫خن "‪ ،‬وكل واحد منها يشير إلى ناحية من نواحي السفينة وفي الوقت نفسه يشير إلى‬
‫موقع معين في األفق‪ .‬كأن يكون مطلع (شروق) أو مغرب (غروب) نجم معين من‬
‫النجوم الالمعة في بروج معروفة‪ .‬فاعتبروا نجم القطب الشمالي يشير إلى الشمال‬
‫وقطب سهيل يشير إلى الجنوب ومطلع الفرقدين والنعش والناقة تشير إلى اتجاهات‬
‫شرق الشمال والنسر الطائر إلى الشرق‪ ،‬ومطلع الجوزاء والتير واإلكليل إلى جنوب‬
‫الشرق ومطلع القرب إلى الجنوب الشرقي‪ ،‬ومطلع الحمارين وسهيل والسلبار إلى‬
‫شرق الجنوب ويشير مغرب السلبار والحمارين إلى غرب الجنوب‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫الشكل (‪ )5-5‬األخنان العربية‬

‫كما تم تقسيم كل خن إلى سبعة أصابع وسموا اإلصبع ترفا‪ ،‬وكل أربعة أصابع‬
‫ذبان" وعلى هذا يكون‪:‬‬
‫تسمى " ّ‬
‫الخن = ‪ 11.25 = 32 ÷ 360‬درجة‪.‬‬

‫اإلصبع = ‪ 1.6 = 7 ÷ 11.25‬درجة‬

‫الذبان = أربع أصابع = ‪ 6.4‬درجة‬

‫إن أصل نظام األخنان غير معروف لكن متابعة ما كتب عنه في كتب املالحة‬
‫العربية تؤكد أن نظام نشأ وتطور في منطقة البحر العربي واملحيط الهندي وذلك‬
‫يظهر من خالل النجوم املعتمدة كمثابات في شروقها وغروبها‪ ،‬مما يؤكد استقاللية‬

‫‪133‬‬
‫هذا النظام عن النظم األوروبية وقد ذكر البحار العربي املاهر ابن ماجد ذلك في‬
‫كتابه املعروف "الفوائد في أصول علم البحروالقواعد"‪.‬‬
‫‪ -4‬ذات الحلق‪:‬‬

‫وهي من اآلالت الفلكية املهمة‪ ،‬وتتألف من‬


‫سبع حلقات معدنية متداخلة قابلة للدوران‬
‫حول محاور مختلفة لتمثل حركة األجرام‬
‫ُ‬
‫السماوية حول األرض‪ ،‬إذ أنها تعتبر في هذا‬
‫ً‬
‫النموذج مركزا للكون‪ .‬وباإلمكان بناء نموذج آخر‬
‫ً‬
‫آللة ذات الحلق موافقا لنموذج مركزية الشمس‬
‫وذلك باستبدال موقع األرض مع الشمس ورفع‬
‫حلقة القمر وجعلها حول األرض‪.‬‬

‫الشكل(‪ )6-5‬ذات الحلق‬ ‫‪ -7‬ذات السمت واالرتفاع‪:‬‬

‫وهذه اآللة اخترعت من قبل علماء‬


‫الفلك العرب املسلمين وهي عبارة عن نصف‬
‫حلقة دائرية يتصل بها سطح من سطوح‬
‫اسطوانة األضالع قطرها يساوي قطر الحلق‬
‫ُيعرف بها السمت وزاوية ارتفاع الشمس عن‬
‫ذلك الوقت‪.‬‬
‫‪ -9‬ذات الشعبتين‪:‬‬

‫وهي ثالث مساطر مثبتة على كرس ي‬


‫مسطح يتم بها معرفة ارتفاع الجرم‬
‫الشكل (‪ )7-5‬ذات السمت‬
‫واالرتفاع‬ ‫السماوي‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫‪ -11‬ذات الربع أو الربعية‪:‬‬

‫آلة على شكل ربع دائرة مدرجة بمقياس‬ ‫وهي‬


‫للدرجات مرسوم على طرف قوسها كما يرسم على‬
‫القوس أرقام تدل على الوقت أثناء النهار ويرسم على‬
‫الجزء الوسطي من الربعية خطوط تدل على حركة‬
‫الشمس والقمر‪.‬‬
‫الشكل(‪ )8-5‬ذات الربع‬

‫تعلق الربعية بشكل رأس ي وذلك بواسطة ثقل رصاص ي مربوط بخيط وتستخدم‬
‫كتاب زوايا االرتفاع واالنخفاض لألجرام السماوية بدقة‪ .‬وهنالك أنواع كثيرة من‬
‫الربعيات‪.‬‬

‫‪ -12‬السدسية‪:‬‬

‫وهي آلة تستخدم ألغراض قياس الزوايا الفلكية ومنها يكن حساب األحجام‬

‫شكل(‪ )9-5‬السدسية‬
‫الزاوية لألجرام السماوية وبالتالي معرفة أبعادها عن طريق حساب اختالف املنظر‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫ظهور التلسكوابت‬
‫كان التجار األوربيون يعرفون األنبوب الذي يحتوي على قطعتين من الزجاج‬
‫محدبتين عند طرفيه‪ ،‬واحدة كبيرة ورقيقة توضع في مقدمة األنبوب واألخرى‬
‫ً‬
‫صغيرة وسميكة ينظرون من خاللها بعيدا ليروا السفن القادمة من عمق البحر‪.‬‬
‫ُوينسب اختراع التلسكوب إلى رجل هولندي إسمه هانس لبرهي (املتوفى ‪ )1619‬رغم‬
‫ادعاء رجلين هولنديين آخرين بالحق نفسه‪.‬‬
‫ولربما كان غاليليو غاليلي االيطالي هو أول من وجه تلسكوبه البسيط إلى‬
‫ً‬
‫السماء بهدف استكشافها‪ .‬وقد كان تلسكوبه بسيطا ًً ال تتعدى كفاءته كفاءة‬
‫هاو معاصر‪ ،‬لكن غاليليو‬
‫تلسكوب أي ٍ‬
‫بذلك التلسكوب البسيط زعزع أركان‬
‫املفاهيم األرسطية التي كانت سائدة على‬
‫عصره عن األرض والسماء‪ .‬فقد اكتشف‬
‫غاليليو وجود أربعة أقمار تدور حول‬
‫كوكب املشتري‪ ،‬كما اكتشف البقع‬
‫الشمسية واستدل منها على دوران‬
‫ً‬
‫الشمس حول نفسها‪ .‬كما اكتشف أن لكوكب الزهرة أطوالرا شبيهة بأطوار القمر‪،‬‬
‫كما اكتشف غاليليو بذات التلسكوب حلقات كوكب زحل‪.‬‬
‫يستطيع الفلكيون بفضل التلسكوبات رصد أجرام ال ترى بالعين املجردة‪.‬‬
‫فعلى الرغم من أن أبصارنا ُت ّ‬
‫عد كشافات ال مثيل لها‪ ،‬فإنها تعجز عن رؤية األجرام‬
‫ً‬
‫الخافتة جدا‪ ،‬كما تعجز عن رؤية التفاصيل الدقيقة للمصادر الضوئية النائية‪.‬‬
‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬إننا أعجز من أن نقرأ صحيفة عادية مثبتة على جدار في‬
‫حجرة معتمة‪ ،‬على حين تتغلب التلسكوبات على هذه الصعوبات عن طريق تجميع‬
‫قدر أكبر من الضوء الذي تجمعه العين‪ ،‬وكذلك عن طريق زيادة املقدرة على تمييز‬
‫‪136‬‬
‫التفاصيل‪ .‬نسمي الخاصة األولى "قدرة التجميع" ‪ّ ،Collecting Power‬أما الخاصة‬
‫الثانية فتسمى "قدرة الفصل (التمييز)" ‪.Resolving Power‬‬
‫التلسكوبات الكاسرة‪:‬‬
‫يتألف التلسكوب الكاسر من أنبوب وعدسة في مقدمته تسمى العدسة‬
‫الشيئية ‪ Objective‬ألنها توجه نحو الش يء املراد رصده‪ ،‬وأخرى في مؤخرة األنبوب‬
‫تسمى العدسة العينية ‪ ، Eye piece‬ينظر من خاللها عبر أنبوب التلسكوب إلى‬
‫ً‬
‫األشياء‪ .‬أنظر الشكل(‪ .)11-5‬وسمي هذا التلسكوب كاسرا ألنه يكسر األشعة‬
‫الداخلة إليه ويجمعها في نقطة تسمى البؤرة ‪. Focus‬‬

‫الشكل (‪ )11-5‬التلسكوب العاكس‬

‫تعتمد قدرة التلسكوب في تقريب املناظر على الخواص الهندسية للعدسات‬


‫التي يتألف منها كالبعد البؤري وقطر العدسة‪ .‬فكلما كان البعد البؤري للعدسة‬
‫الشيئية كبيرًا إستطاع التلسكوب تقريب األجسام األبعد‪ .‬ولكنه كلما ّ‬
‫قرب األجسام‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫األبعد كلما تطلب ذلك أن يكون قطر العدسة الشيئية كبيرا وذلك لضرورة توفير‬
‫أكبر قدر ممكن من الضوء لتوضيح صورة املنظر وإال فإن الصورة ستبدو معتمة‪.‬‬
‫تكون املسافة بين العدسة الشيئية والعدسة العينية في التلسكوبات الكاسرة‬
‫متغيرة ويتم ضبطها بحسب بعد املنظر‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫للتلسكوبات الكاسرة عيوب أهمها ظهور دوائر لونية تحيط بحدود األجسام‬
‫املنظورة وهذا ناتج عن تحلل الضوء األبيض عند مروره خالل العدسة إلى عناصره‬
‫ً‬
‫اللونية وهذا هو ما يسمى الزيغ اللوني‪ .‬فضال عن هذا فإن ثقل العدسات الكبيرة‬
‫ً‬
‫يجعل تثبيتها صعبا يحتاج إلى نظام اسناد ميكانيكي معقد‪ .‬لهذه األسباب وغيرها‬
‫فقد تم اختراع التلسكوبات العاكسة‪ .‬يبين الشكل(‪ )12-5‬صورة ألكبر تلسكوب كاسر‬
‫ً‬
‫في العالم تستعمل فيه عدسة قطرها متر واحد (أي ‪ 40‬إنشا) وذلك في جامعة‬
‫شيكاغو‪.‬‬

‫الشكل (‪ )12-5‬تلسكوب جامعة شيكاغو الكاسر‬

‫التلسكوبات العاكسة‬
‫ً‬
‫تستخدم معظم التلسكوبات الحديثة املرايا بدال من العدسات للتخلص من‬
‫عيوب التلسكوبات الكاسرة‪ .‬فيتم بوساطة مرآة مقعرة تجميع الضوء ومن ثم‬

‫‪138‬‬
‫تركيزه في نقطة‪ .‬وقد تستخدم في هذه النقطة مرآة ثانوية محدبة (أو مقعرة) تعمل‬
‫على إنعكاس الضوء لرؤيته من قبل الراصد خالل مجموعة عدسية صغيرة‪ .‬أنظر‬
‫الشكل(‪.)13-5‬‬

‫الشكل (‪ )13-5‬التلسكوب العاكس‬

‫وتصنع املرايا من الزجاج بعد صقله وتلميعه حتى يغدو ذا شكل منحن‬
‫ً‬
‫بطبقة رقيقة من األملنيوم أو بعض املواد العاكسة جيدا للضوء‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أملس‪ ،‬ثم يطلى‬
‫تتمفصل معظم التلسكوبات حول محاور استناد متينة‪ ،‬تسمح بمتابعة‬
‫األجرام السماوية إبان حركتها في كبد السماء‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن تحريك أطنان‬
‫عديدة من املعدن والزجاج بدقة عالية يتطلب عناية فائقة في اإلنشاء والتصميم‪،‬‬
‫ناهيك أنه يجب أن تحافظ العدسات واملرايا على شكلها الدقيق دون أن يعتريها أي‬
‫تشوه أو انزياح عن مواضعها النسبية‪ ،‬وذلك للحصول على أخيلة صافية وغير‬ ‫ّ‬
‫مشوهة‪ .‬يشكل هذا األمر العقبة الرئيسية في بناء تلسكوب كبير‪ ،‬ذلك أن املرايا‬
‫ّ‬
‫والتشوه لدى انزياحها عن أماكنها‪ .‬لكن ثمة‬ ‫والعدسات الكبيرة يعتريها االنحناء‬
‫طريقة للتغلب على هذه الصعوبة في التلسكوبات العاكسة تتمثل في استعمال عدة‬
‫ً‬
‫مرايا صغيرة لتجميع الضوء وتركيزه وضبط كل مرآة منها على حدة‪ .‬فبدال من‬
‫استخدام تلسكوب بمرآة كبيرة واحدة تستخدم عدة مرايا صغيرة‪ .‬تسمى‬
‫التلسكوبات العاكسة من هذا النوع التلسكوبات العاكسة املتعددة املرايا ‪(Multi-‬‬
‫)‪ .Mirror Telescope‬وأحدها مثبت على قمة جبلية في جنوب أريزونا‪ ،‬وتستخدم‬

‫‪139‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فيه ست مرايا قطر كل منها ‪ 1.8‬مترا (أي ‪ 72‬إنشا) فتعمل بذلك عمل تلسكوب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عاكس ذي مرآة وحيدة قطرها ‪ 4.5‬مترا (أي ‪ 176‬إنشا)‪ .‬وتضبط اتجاهات هذه‬
‫املرايا الست بفضل منبع ليزري يقيس ميالن كل مرآة وموضعها بدقة فائقة‪ .‬فإذا‬
‫ً‬
‫حصل أي خلل في توضع إحدى املرايا جرى ضبط األمور آليا بحيث يكون الصورة‬
‫الناتج عن املرايا الست في أوضح صورة له‪.‬‬
‫التلسكوبات الراديوية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نسمي ضوءا مرئيا تلك األطوال املوجية التي تتحسس بها أبصارنا‪ ،‬وهي‬
‫ليست إال شكل من أشكال اإلشعاع الكهرومغناطيس ي‪ .‬إال أن الكثير من األجرام‬
‫ً‬
‫الفلكية يبث أمواجا ال تتحسس بها أبصارنا‪ ،‬ولذلك فقد ابتكر الفلكيون وسائل‬
‫ً‬
‫لرصد أمثال تلك األجرام‪ .‬فالسحب الغازية الباردة في الفضاء البينجمي مثال ال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ُتصدر إال القليل من الضوء املرئي‪ ،‬في حين أنها تثبت قدرا هائال من األمواج‬
‫الراديوية‪ ،‬وهي األمواج التي نستمع بواسطتها إلى املذياع ونرى الصور على شاشة‬
‫التلفزيون‪ .‬وقد تم معرفة هذه األمواج في القرن التاسع عشر وتم تطوير‬
‫ً‬
‫استخداماتها بشكل واسع في القرن العشرين‪ .‬وملا عرف الفلكيون أن هنالك أجراما‬
‫سماوية تبعث مثل هذه األمواج إتجهوا إلى تطوير ما يعرف اآلن التلسكوبات‬
‫ً‬
‫الراديوية وصار الفلكيون يستخدمونها على نطاق واسع نظرا لسعة النطاق‬
‫الراديوي في الطيف الكهرومغناطيس ي مقارنة مع النطاق املرئي من هذا الطيف‪.‬‬

‫الشكل (‪ )14-5‬التلسكوب الراديوي‬

‫‪140‬‬
‫توجد في العالم تلسكوبات راديوية ضخمة‪ ،‬بل توجد اآلن شبكات عظيمة من‬
‫هذه التلسكوبات تسنتخدم لرصد االشارات القادمة من املجرات البعيدة وعلى‬
‫نطاق واسع من األطوال املوجية‪ُ .‬ويظهر الشكل (‪ )15-5‬أهم هذه الشبكات‬
‫العاملية‪.‬‬

‫الشكل (‪ )15-5‬حقل من التلسكوبات الراديوية‬

‫تلسكوبات األشعة تحت الحمراء والسينية‬


‫ً‬ ‫وباملثل ُ‬
‫فسحب الغبار في الفضاء باردة جدا بحيث تعجز عن إصدار ضوء‬
‫مرئي‪ ،‬إال أنها تشع طاقة على هيئة أشعة تحت حمراء‪ ،‬يرصدها الفلكيون‬
‫بتلسكوبات األشعة السينية لرصد الغازات الحارة التي تتراكم حول الثقوب‬
‫السوداء‪ .‬إن الغاية من استخدام تلسكوبات األشعة تحت الحمراء والتلسكوبات‬
‫الراديوية وتلسكوبات األشعة السينية مماثلة للغاية املرجوة من التلسكوبات‬
‫ُ‬
‫البصرية أال وهي تجميع اإلشعاعات وكشف التفاصيل‪ .‬وتستعمل تقنية األلوان‬
‫الزائفة على نطاق واسع إلظهار نتائج الرصد باألطوال املوجية غير املرئية‪ .‬ويستعمل‬
‫ً‬
‫الفلكيون اللون األحمر للداللة على املناطق األشد إصدارا لألمواج الراديوية‪،‬‬

‫‪141‬‬
‫ً‬
‫ويستعملون اللون األصفر للداللة على املناطق األقل إشعاعا‪ّ ،‬أما املناطق خافتة‬
‫اإلصدار الراديوي فيستعملون إلظهارها اللون األزرق‪ .‬فلو استطعنا رؤية األمواج‬
‫الراديوية لبدت لنا املناطق امللونة باألحمر أشد املناطق سطوعا ‪ّ ،‬أما املناطق‬
‫ً‬
‫امللونة باألزرق فتكون أقلها سطوعا‪ .‬ويمكن تطبيق تقنية مماثلة إلظهار األجرام‬
‫السماوية التي تبث إشعاعات عند أطوال موجية أخرى‪.‬‬
‫تواجه التلسكوبات التي تعمل باألشعة تحت الحمراء‪ ،‬أو األشعة فوق‬
‫ً‬
‫البنفسجية‪ ،‬أو األشعة السينية عائقا آخر‪ :‬فمعظم اإلشعاع الذي تبحث عنه هذه‬
‫التلسكوبات ال يتمكن من اختراق الغالف الجوي األرض ي‪ ،‬فالغازات في الغالف‬
‫الجوي األرض ي كاألوزون وثنائي أكسيد الكربون وبخار املاء تمتص األشعة تحت‬
‫الحمراء واألشعة فوق البنفسجية واألطوال املوجية القصيرة‪ .‬على سبيل املثال‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يمتص بخار املاء وثنائي أكسيد الكربون امتصاصا كامال تقريبا اإلشعاع تحت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫األحمر ذا الطول املوجي ‪ 50‬ميكرومترا‪ .‬ومع هذا فإن بعضا من اإلشعاع تحت‬
‫األحمر يخترق الغالف الجوي من مناطق ضيقة في األطوال املوجية تعرف باسم‬
‫الن وافذ الجوية ‪.Atmospheric windows‬‬

‫الشكل (‪ )16-5‬امتصاص وتشتت األشعة تحت الحمراء‬

‫‪142‬‬
‫النوافذ الطيفية اجلوية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من املعروف أن الغالف الجوي لألرض يمتص قدرا كبيرا من األشعاعات‬
‫الكهرومغناطيسية التي تمر من خالله‪ .‬ويعتمد مقدار االمتصاص على الطول‬
‫ً‬
‫املوجي لإلشعاع كما يعتمد أيضا على اإلرتفاع عن سطح األرض‪ .‬ويوضح الشكل (‪-5‬‬
‫‪ )35‬هذه العالقة بين الطول املوجي ومقدار االمتصاص لنصف الشدة لكل‬
‫كيلومتر من االرتفاع في جو األرض‪ .‬ويالحظ أن هنالك أطوال موجية معينة يكون‬
‫ً‬
‫عندها االمتصاص قليال‪ ،‬أي أن االشعاعات عند هذه األطوال املوجية تكون ذات‬
‫نفاذية عالية‪ .‬تسمى هذه األنطقة املوجية الن وافذ الجوية ‪Atmospheric‬‬
‫‪ .Windows‬ويقوم مصمموا األجهزة واملجسات الطيفية بمراعات هذه النوافذ‬
‫الجوية‪ .‬يالحظ أن معظم اشعاعات اكس وجاما واألشعة الفوق بنفسجية والتي هي‬
‫اشاعات مضرة بالحياة عى سطح األرض‪ ،‬يتم امتصاصها في طبقات الجو مما يحول‬
‫دون وصولها إلى األرض والحاق الضرر بالحياة التي عليها‪ .‬ولهذا السبب ذاته يحتاج‬
‫الفلكيون إلى ارسال املراصد الفلكية التي تتحرى الكشف عن االشعاعات القصيرة‬
‫إلى الفضاء‪ .‬مثال ذلك تلسكوب جاندرا لتحسس أشعة إكس‪.‬‬

‫الشكل( ‪ ) 17 - 5‬الن وافذ الجوية‬

‫‪143‬‬
‫ً‬
‫وهكذا فاإلشعاع الذي يقع طول موجته بين ‪ 8‬و ‪ 15‬ميكرومترا ال يحدث له‬
‫امتصاص شديد‪ .‬فإذا رغب الفلكيون في رصد األجرام السماوية عند األطوال‬
‫املوجية املحتجزة بفعل الغالف الجوي األرض ي فما عليهم إال اللجوء إلى وضع‬
‫تلسكوب في الفضاء بحيث يتم التحكم فيه من على سطح األرض‪.‬‬
‫التلسكوابت الفضائية‬
‫هنالك عدد من املراصد الفلكية تدور حول األرض لخدمة الفلكيين‪ ،‬وقد‬
‫الصنعى وعلى متنه تلسكوب‬‫مض ى على بعضها عشرات السنين‪ .‬فقد ُأطلق القمر ُّ‬
‫األشعة فوق البنفسجية الدولي ‪ IUE‬عام ‪ ،1978‬وما زال يقوم بمهمته خير قيام‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ّأما التلسكوبات األخرى فهي أقصر عمرا؛ فالقمر الصنعي ‪ IRAS‬الذي خصص‬
‫لرصد األشعة تحت الحمراء التي تعجز عن اختراق الغالف الجوي األرض ي‪ ،‬يتطلب‬
‫الهليوم السائل للحفاظ على تجهيزاته باردة لتحقيق الحساسية العظمى‪ .‬وقد ُبني‬
‫بالتعاون بين الواليات املتحدة األمريكية وبريطانيا وهولندا‪ .‬قام هذا القمر‬
‫لسحب الغاز والغبار في الفضاء‪،‬‬ ‫بالتحليق ملدة طويلة وزودنا بصور رائعة ُ‬
‫واكتشف ظواهر تدل على تكون النجوم في مجرات نائية لم يكن الفلكيون يحلمون‬
‫بالحصول عليها قبل إطالقه‪ .‬يشار هنا إلى أن الكثير من صور هذا الكتاب قد‬
‫التقطها القمر الصنعي ‪ .IRAS‬على أي حال فإن ‪ IRAS‬اآلن في سبات عميق بعد أن‬
‫استنفد محلول التبريد املؤلف من الهليوم السائل‪ .‬وقد يأتي يوم يعاد فيه إمداده‬
‫من جديد بوساطة مركبة فضائية‪ ،‬وعندها سيتابع مهمات جديدة‪ .‬وفي هذه‬
‫األثناء يجري رصد مناطق من األطوال املوجية ال يمكن أن ترصد من األرض‪ ،‬مثل‬
‫جزء الطيف الكهرومغناطيس ي الواقع في منطقة األشعة السينية‪.‬‬
‫يقوم األوزون واألكسجين في الغالف الجوي األرض ي بامتصاص األشعة‬
‫السينية‪ .‬ولرصد منابع األشعة السينية الكونية تولى فريق من الفلكيين في أملانيا‬
‫وبريطانيا والواليات املتحدة األمريكية إطالق قمر رونتجن ـ سات ‪ ROSAT‬لرصد‬

‫‪144‬‬
‫األشعة السينية‪ ،‬والذي سمي نسبة إلى الفيزيائي األملاني رونتجن مكتشف هذه‬
‫ً‬
‫األشعة‪ .‬سيقوم ‪ ROSAT‬بمسح السماء باحثا عن منابع األشعة السينية كالنجوم‬
‫املتفجرة ودراستها‪ ،‬إضافة إلى رسم خرائط ملنابع األشعة السينية فيها‪ .‬ويعد‬
‫ُ‬
‫‪ ROSAT‬أحدث مرصد فلكي أطلق للبحث عن األشعة السينية‪ ،‬ومن بين مراصد‬
‫أخرى أصغر منه أطلقتها ‪-‬للغاية نفسها‪ -‬دول كثيرة من مثل بريطانيا والواليات‬
‫املتحدة األمريكية واليابان‪.‬‬
‫يعد تلسكوب هابل الفضائي )‪ (HST‬حتى اآلن أكثر التلسكوبات الفضائية‬
‫ً‬
‫طموحا على اإلطالق من بين التلسكوبات الكثيرة التي تدور حول األرض؛ فقد ُ‬
‫صمم‬
‫للرصد في املجال املرئي وفي مجال األشعة فوق البنفسجية‪ .‬ويبلغ قطر مرآته ‪2.4‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مترا (أي حوالي ‪ 94‬إنشا) وهو يوجه الضوء الذي يجمعه إلى جملة أجهزة قياس‪.‬‬
‫ويشتمل على آلتي تصوير الكترونيتين خصصت إحداهما اللتقاط صور للمجاالت‬
‫الشاملة اإلجمالية‪ ،‬واألخرى اللتقاط الصور الفضائية الكبيرة املقياس‪ ،‬وقد أرسل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حتى اآلن صورا مبهرة حقا‪ .‬ويحمل تلسكوب هابل مقياسين للتحليل الطيفي لتحليل‬
‫ً‬
‫الضوء الوارد من النجوم واملجرات‪ ،‬ومقياسا للشدة الضوئية (فوتومتر) ألخذ‬
‫قياسات دقيقة لسطوع النجوم ذات الخرج الضوئي املتغير‪.‬‬
‫ومع أن تلسكوب هبل قد تعرض في بادئ األمر لعدة مشاكل‪ ،‬وعلى الرغم من‬
‫بعض التشوهات التي سببتها مرآة التلسكوب القاصرة‪ ،‬فقد تمكن تلسكوب هبل‬
‫الفضائي من التقاط صور من الفضاء كشفت النقاب عن تفاصيل كانت خفية على‬
‫التلسكوبات املنتشرة على سطح األرض بسبب ضبابية الغالف الجوي األرض ي‪ّ .‬أما‬
‫وقد أصلح رواد الفضاء الخلل في مرآة تلسكوب هبل فإن بإمكاننا التقاط صور أشد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وضوحا وأكثر دقة لألجرام األكثر بعدا‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫الشكل ( ‪ ) 18 - 5‬تلسكوب شاندرا الفضائي‬

‫مقارنة بني املراصد الفضائية واملراصد ا ألرضية‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫من املؤكد أن التلسكوبات الفضائية قد دشنت عهدا جديدا في علم الفلك‪.‬‬
‫وسيتم في املستقبل املنظور تطوير تلسكوبات فضائية جديدة توضع في مدارات‬
‫حول األرض لتقوم برصد الفضاء وتمدنا باملعلومات عنه‪ .‬ومن املفيد معرفة ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬إن التلسكوبات الفضائية هي أكثر كفاءة من التلسكوبات األخرى‪.‬‬

‫‪ .2‬لكن التلسكوبات الفضائية أكثر كلفة من التلسكوبات األخرى‪.‬‬

‫‪ .3‬تتطلب التلسكوبات الفضائية تقنيات فضائية لوضعها في مداراتها‪ .‬ولذلك فإن‬


‫تعرضها لمخاطر الفضاء يجعلها عرضة للعطب والخلل‪.‬‬

‫‪ .4‬يتطلب تصليح التلسكوب الفضائي توفير كادر صيانة فضائي وهذا أمر‬
‫مكلف جداً‪.‬‬

‫‪ .5‬ولهذه األسباب تكون أعمار التلسكوبات الفضائية قصيرة (بضع سنوات) فيما‬
‫تكون التلسكوبات األرضية قادرة على العمل لعشرات السنين‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫الضوء والاشعاع‬
‫ادلراسات الطيفية‬
‫الضوء واإلشعاعات الكهرومغناطيسية هي الوسيلة الوحيدة التي تصلنا مع العالم الخارجي‬
‫فبواسطة الضوء وبقية اإلشعاعات الكهرومغناطيسية الواصلة إلى األرض تمكن الناس من‬
‫معرفة الكثير عن األجرام السماوية‪ .‬أحجامها‪ ،‬أبعادها‪ ،‬حركاتها‪ ،‬ح اررتها‪ ،‬تركيبها‬
‫الكيمياوي‪.‬‬

‫الطيف الكهرومغناطيسي‪:‬‬
‫بحسب النظرية املوجية يتألف الضوء (وكافة اإلشعاعات‬
‫الكهرومغناطيسية) من اضطراب مجالين متعامدين على بعضهما‪ :‬أحدهما مجال‬
‫كهربائي واآلخر مجال مغناطيس ي‪.‬‬
‫وقد برهن ماكسويل أن اضطراب املجال املغناطيس ي بصورة دورية يولد‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مجاال كهربائيا متعامدا عليه والعكس صحيح أيضا‪.‬‬
‫إن للموجة الكهرومغناطيسية ثالث متغيرات أساسية هي‪ :‬طول املوجة‬
‫وترددها وسعتها‪.‬‬
‫إن طول اْلوجة‪ :‬هو املسافة بين قمتين متتاليتين أو قاعين متتاليين للموجة‬
‫ً‬
‫وتقاس عادة بوحدات االنجستروم ويعدل ‪10-8‬سم أو بالنانومتر ويعدل ‪ 10-7‬سم أو‬
‫باملايكرومتر ويعدل ‪10-4‬سم‪.‬‬
‫أما تردد اْلوجة‪ :‬فهو عدد القمم أو القيعان املارة من نقطة معينة في الثانية‬
‫الواحدة‪ .‬وتقاس بوحدات مقلوب الزمن أي ثا‪ 1-‬وهو الهرتز ‪.Hertz‬‬
‫َّأما سعة اْلوجة‪ :‬فهي اإلزاحة العظمى للمجال (الكهربائي أو املغناطيس ي)‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫الشكل (‪ )19-5‬المجال الكهرومغناطيسي‬

‫يرتبط طول املوجة وترددها وسرعتها بعالقة واحدة تجمعهم‪َّ .‬أما سرعة‬
‫املوجات الكهرومغناطيسية فهي واحدة مهما اختلفت تردداتها أو أطوالها أو‬
‫سعاتها‪ ،‬ومقدارها بالتقريب ‪ 300000‬كيلومتر في الثانية أي ‪ 3108‬متر‪/‬ثا‪ .‬وهذه هي‬
‫نفسها سرعة الضوء‪.‬‬
‫سرعة املوجة = طول املوجة × التردد‬
‫وبالرموز نكتب‪:‬‬

‫‪c=λν‬‬
‫حيث أن ‪ c‬هي سرعة الموجة و ‪ λ‬هو طولها و ‪ ν‬هو ترددها‪.‬‬

‫نالحظ أنه إذا ازداد الطول الموجي قل تردد الموجة والعكس صحيح حتى تكون ‪c‬‬
‫ثابتة لجميع الترددات واألطوال الموجية كما ذكرنا‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫الشكل(‪ )20-5‬الشكل اْلثالي للموجة الجيبية‬

‫تصنيف الطيف الكهرومغناطيسي‬


‫ً‬
‫نظريا يمكن للموجة الكهرومغناطيسية أن تكون بأي طول كان من الصفر إلى‬
‫املاالنهاية‪( .‬وكذا الحال بالطبع بالنسبة إلى تردد املوجة)‪ .‬إال أن األمواج‬
‫الكهرومغناطيسية املعروفة تتوزع على مدى محدد من األطوال) املوجبة‬
‫(والترددات) تتراوح ما بين ‪100‬كيلومتر ألطولها و‪ 10-5‬أنجستروم ألقصرها وقد تم‬
‫تقسيم هذا الطيف الواسع إلى أنطقة معرفة لها خواص معلومة مميزة وكما يلي‪:‬‬

‫الشكل (‪ )21-5‬الطيف الكهرومغناطيس ي‬

‫• أشعة جاما )‪ (0.1-10-5‬أنجستروم‪.‬‬

‫• أشعة أكس )‪ (100-0.1‬أنجستروم‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫• أشعة فوق بنفسجية )‪ (2000-100‬أنجستروم‪.‬‬

‫• األشعة المرئية )‪ (7000-4000‬أنجستروم‪.‬‬

‫• األشعة تحت الحمراء )‪.(1mm - 1000‬‬

‫• أشعة المايكروويف )‪.(10cm-1mm‬‬

‫• األشعة الراديوية أكثر من‪.10cm‬‬

‫يتضح من هذا ضيق نطاق األشعة المرئية إذ أنها ال تشكل إال مساحة ضيقة جداً‬
‫على الطيف الكهرومغناطيسي الواسع‪ ،‬أنظر الشكل (‪.)21-5‬‬

‫الرتكيب اذلري وا ألطياف‬


‫خالل القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وجد الكيميائيون أن املواد يمكن‬
‫تقسيمها إلى عناصر ومركبات‪ .‬فالعناصر هي عوامل أساسية ال يمكن اختزالها إلى ما‬
‫هو أبسط منها (أنظر الجدول الدوري للعناصر الطبيعية)‪ .‬وفي الطبيعة يتوفر ‪92‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عنصرا طبيعيا أبسطها هو عنصر الهيدروجين ‪ H‬ثم الهيليوم ‪ He‬وهكذا‪.‬وأغلب‬
‫املواد التي نتعامل معها في حياتنا اليومية هي ليست العناصر األساسية بل هي‬
‫مركبات مؤلفة من هذه العناصر‪ .‬فاملاء هو مركب من عنصري الهيدروجين‬
‫واألكسجين والجزئية هي أبسط وحدة بناية للمركب‪ ،‬وفيها تتحقق الصفات التي‬
‫للمركب نفسه‪ .‬أما الذرة فهي العنصر األولي الذي يحمل خواص العنصر‪ ..‬وتتألف‬
‫املركبات باجتماع الذرات وتألفها باألوامر لتكوين الجزيئات التي هي الوحدات‬
‫األساسية للمركب‪.‬‬
‫النموذج الذري‬

‫في بداية القرن العشرين تمكن الفيزيائيون من كشف أسرار الذرات فبعد أن‬
‫كانت الذرة في مفاهيم القرن التاسع عشر كرة مصمتة غير قابلة لالنقسام تبين أنها‬
‫ً‬
‫مؤلفة من شحنة موجبة وشحنات سالبة (اإللكترونات) وقد وضع ثمسون نموذجا‬

‫‪150‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ذريا يجعل الشحنة املوجبة كال مجتمعا في حيز قطره بحدود ‪ 10-8 cm‬هو النواة‬
‫تنغرز فيه اإللكترونات يساوي مجموع مقدار الشحنة املوجبة التي في النواة‪ .‬وكيما‬
‫ً‬
‫يتم التحقيق من حجم النواة املوجبة قام اللورد رذرفورد بتجربته الشهيرة مسلطا‬
‫ً‬
‫سيال من الجسيمات املوجبة الشحنة وهي املعروفة بجسيمات ألفا على صفيحة‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫رقيقة جدا على الذهب‪ .‬فكانت النتيجة أن عددا كبيرا من جسيمات ألفا استطار في‬
‫ً‬
‫اتجاهات مختلفة في توزيع زاوي يوحي أن حجم الجزء املوجب من الذرة صغير جدا‬
‫‪ ..‬وقد تبين من خالل التحليالت التي تلت التجربة أن الجزء املوجب في الذرة يحتل‬
‫ً‬
‫حيزا قطره ال يتجاوز ‪ .10-12cm‬أي ‪ 1/10000‬من قطر الذرة‪ .‬وبداللة الحجم يعني‬
‫هذا أن حجم الجزء املوجب هو جزء من مليون مليون جزء من حجم الذرة‪.‬‬
‫فرضية بالنك‪ :‬من أجل أن يتمكن ماكس بالنك من تفسير تصرف اإلشعاع‬
‫الحراري علة مدى األطوال املوجية املختلفة إفترض أن اإلشعاع يتألف من رزم‬
‫كمومية لكل منها طاقة مقدارها‬
‫‪E = h‬‬
‫حيث أن ‪ h‬هو مقدار ثابت سمي ثابت بالنك و ‪ ν‬هو تردد اإلشعاع‪ .‬وقد أعم‬
‫ألبرت أينشتاين هذه العالقة لتشمل الضوء املرئي وغيره‪.‬‬

‫الشكل (‪)22-5‬‬

‫‪151‬‬
‫إن انتقال اإللكترون من مدار آلخر حول النواة يغير من طاقته امليكانيكية‬
‫الكلية‪ .‬وملا كانت هذه الطاقة تتوزع على مقادير مخصوصة تتناسب مع املدارات‬
‫املخصوصة لإللكترون‪ ،‬فإن كمية الطاقة التي يمتصها اإللكترون في حالة انتقاله‬
‫ً‬
‫إلى مدار أعلى والطاقات التي يبعثها عند انتقاله إلى مدارات أدنى تكون قيما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مخصوصة عادة وال تكون طيفا مستمرا بل هي على الحقيقة خطوط طيفية محددة‬
‫عرفها مقدار الفرق بين طاقة اإللكترون في املدار الذي انتقل منه واملدار الذي‬‫ُي ّ‬
‫انتقل إليه‪ .‬وهذه القيمة تحددها العالقة‬
‫‪ 1‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪E f − Ei = E = hcR‬‬ ‫‪− ‬‬
‫‪n‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ f ni ‬‬

‫هذه الطاقة هي بالضبط طاقة الفوتون الذي يتم امتصاصه أو بعثه من الذرة‪.‬‬
‫حيث أن‬

‫‪ nf‬هو‬ ‫‪ R= 1.097×107m-1‬هو ثابت ريدبرج‪ ni .‬هو المستوى األعلى و‬


‫المستوي األدنى‬

‫وباستخدام فرضية بالنك نجد أن تردد المنبعث هو‬


‫‪ 1‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪ = cR‬‬ ‫‪− ‬‬
‫‪‬‬
‫‪ n f ni ‬‬
‫وبداللة الطول الموجي للضوء المنبعث يكون‬

‫‪1‬‬ ‫‪ 1‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪= R‬‬ ‫‪− ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪n‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ f ni ‬‬

‫‪152‬‬
‫الشكل (‪ )23-5‬السالسل الطيفية‬

‫وهكذا تتضح الصورة أمامنا اآلن ونفهم منشأ السالسل التي في الشكل (‪-5‬‬
‫‪ )23‬إذ أن انتقال اإللكترون من أي مدار إلى املدار األول أي الذي له ‪ n=1‬سيؤدي‬
‫إلى انبعاث عدة أطوال موجبة واملجموعة املؤلفة من هذه األطوال املوجبة تسمى‬
‫سلسلة أليمان‪ ..‬أما انتقال اإللكترون من أي مدار إلى املدار الثاني أي الذي له ‪n=2‬‬
‫ً‬
‫فإنه سيؤدي إلى انبعاث عدة أطوال موجية أيضا تؤلف سلسلة تختلف عن األولى‬
‫وهذه تسمى سلسلة باملر‪ ..‬وهكذا فإن مستقر سلسلة باشن هو املدار الذي له‬
‫‪ n=3‬ومستقر سلسلة بالكت هو ‪ .n=4‬ويرمز إلى الخطوط الطيفية املختلفة في كل‬
‫سلسلة بالحروف اليونانية… ‪ ‬فيسمى الخط األول منها ‪ α‬والثاني ‪ β‬والثالث ‪γ‬‬
‫وهكذا‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫الشكل ( ‪ )24-5‬طيف ذرة الهيدروجين‬

‫الشكل (‪ )26-5‬طيف الهيليوم‬


‫المطياف ‪:Spectrometer‬‬
‫يتألف الضوء املنبعث عن األجسام الساخنة من مختلف األطوال املوجية‬
‫ويمكن تفريق األطوال املوجية التي تقع ضمن النطاق املرئي إلى مركباتها باستخدام‬
‫املطياف‪.‬‬
‫ويتألف املطياف البسيط من ثالثة أجزاء رئيسية وهي‪ :‬اْلسدد واْلوشور أو‬
‫محزز الحيود (وهو شريحة زجاجية حفرت عليها أخاديد مستقيمة متوازية‬
‫ً‬
‫بمسافات صغيرة جدا بينها)‪ .‬وتلسكوب بسيط‪ ،‬انظر الشكل (‪ )28-5‬حيث يقوم‬
‫املسدد بتجميع الضوء املنبعث عن املصدر وتسديده إلى املوشور (أو محزز الحيود)‬
‫الذي يقوم بدوره بتحليل الضوء إلى عناصره التي يتألف منها‪ ،‬وذلك بكسرها بزوايا‬
‫مختلفة تتناسب مع أطوالها املوجية (أو تردداتها)‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫الشكل (‪ )27-5‬الطيف المرئي‬

‫ولغرض رؤية الطيف الخارج من املوشور (أو محرز الحيود) فإن من‬
‫الضروري استخدام تلسكوب بسيط يعمل على تمييز عناصر الطيف وتقريبها‬
‫ً‬
‫لنتمكن من رؤيتها بوضوح وفي العادة يكون الضوء املرئي مؤلفا من ترددات كثيرة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫جدا تؤلف طيفا مستمرا إال أن باإلمكان تمييز سبعة أنطقة بسبعة ألوان هي ألوان‬
‫الطيف املعروفة‪ :‬األحمر والبرتقالي واألصفر واألخضر واألزرق والنيلي والبنفسجي‪.‬‬

‫شكل (‪ )28-5‬اْلطياف البسيط‬

‫‪155‬‬
‫أأنواع الطيف‬
‫‪ .1‬الطيف المستمر ‪Continuous Spectrum‬‬

‫ويظهر كنطاق واسع من األلوان املختلفة من األحمر حتى البنفسجي متصلة‬


‫ببعضها‪ .‬ويمكن إنتاج هذا النوع من األطياف بتسخين املواد الصلبة السائلة‬
‫والغازية تحت ضغوط وكثافات عالية‪.‬‬
‫‪ .2‬الطيف الخطي البّراق ‪Bright-Line Spectrum‬‬
‫ً‬
‫ويظهر كخطوط براقة ساطعة عند مواقع معينة وعلى خلفية مظلمة تماما‬
‫وينتج هذا النوع من الطيف عند تسخين الغازات تحت ضغط منخفض‪ .‬ويمكن‬
‫ً‬
‫إنتاجه أيضا في األنابيب التي تحتوي على غازات بضغوط مختلفة وتحت فروق جهد‬
‫كهربائية عالية‪.‬‬
‫إن الطيف الخطي الساطع يعكس مكونات الغاز‪ ،‬ولكل غاز طيف معين‬
‫يمثل "البصمة ‪ ”Signature‬التي يمكن بها التعرف على وجود الغاز في خليط من‬
‫الغازات‪.‬‬
‫‪ .3‬الطيف الخطي المعتم ‪Dark-Line Spectrum‬‬

‫وهو طيف امتصاص يتم عند مرور الضوء خالل الغازات الباردة عند‬
‫ضغوط منخفضة‪ .‬فعند تمرير ضوء الشمس االعتيادي خالل بخار الصوديوم‬
‫ً‬
‫البارد نسبيا يظهر خطان معتمان أحدهما عند ‪ 1=5896A‬واآلخر عند‬
‫‪.2=5890A‬‬
‫وعند هذه املواقع بالضبط تظهر خطوط صفراء براقة عند حرق ملح‬
‫الطعام (كلوريد الصوديوم) على مصباح بنزن‪ .‬مما يعني أن ملح الطعام ُيظهر خطي‬
‫انبعاث للصوديوم عند حرقه ُويظهر خطي امتصاص عند املوقعين نفسيهما عند‬
‫مرور الضوء االعتيادي خالل بخاره البارد‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫الشكل (‪ )29-5‬أنواع الطيف وكيفية تولدها‬

‫قانون فين ‪Wein's Law :‬‬

‫لو أننا سخنا أية مادة فلزية فوق لهب قوي ومباشر فإننا سنرى أن املادة‬
‫ثم إذا ما زادت حرارتها أكثر أصبحت صفراء‪ّ ،‬‬
‫ثم إذا زادت حرارتها‬ ‫تصبح حمراء‪ّ ،‬‬
‫أكثر أصبحت زرقاء داكنة‪ ،‬هذه الحاالت يعبر عنها قانون فين ‪ Wein‬الذي يقرر‬
‫" يتناسب الطول الموجي عند الطاقة العظمى المنبعثة عن جسم ساخن عكسياً‬
‫مع درجة حرارة الجسم"‪.‬‬

‫أي‬
‫‪0.29‬‬
‫= ‪max‬‬ ‫‪cm‬‬
‫‪T‬‬
‫‪290  105‬‬
‫=‬ ‫‪A‬‬
‫‪T‬‬

‫‪157‬‬
‫حيث أن ‪ T‬هي درجة حرارة الجسم بوحدات كلفن و ‪ max‬الطول املوجي الذي‬
‫تنبعث عنده أقص ى طاقة‪.‬‬
‫ويعني هذا القانون أن لون الجسم الساخن يعتمد على درجة حرارته‪ .‬وعلى‬
‫حين يحتوي طيف اإلشعاعات الصادرة عن الجسم الساخن على كافة األطوال‬
‫املوجبة املمكنة إال أن اكبر طاقة منبعثة في وحدة الزمن تكون عند طول موجي‬
‫معين‪ ،‬وهذا الطول املوجي نفسه هو الذي يحدد لون الجسم الساخن‪.‬‬

‫الشكل (‪ )30-5‬قانون فين‬

‫هذه الخاصية وهذا القانون له تطبيق مباشر في معرفة درجة حرارة النجوم‬
‫إذ يمكن بمعرفة الطول املوجي ‪ max‬عن طريق التحليل الطيفي حساب درجة حرارة‬
‫النجم‪ ،‬أنظر الشكل (‪.)30-5‬‬
‫قانون ستيفان ‪ -‬بولتزمان‪:‬‬
‫يبحث هذا القانون صفة أخرى من صفات األجسام الساخنة إذ يقدم لنا‬
‫العالقة بين الطاقة الكلية املنبعثة من الجسم الساخن على مختلف األطوال‬
‫املوجية ودرجة حرارة الجسم‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫يقرر قانون ستيفان ‪ -‬بولتزمان أن الطاقة الكلية املنبعثة من جسم ساخن‬
‫درجة حرارته ‪ T‬في الثانية الواحدة لكل وحدة مساحة هي‪:‬‬
‫‪Utot=T4‬‬

‫حيث ‪ ‬هي ثابت ستيفان وقيمته ‪ = 5.67  10-8 K-4. m-2. s-1‬‬
‫ً‬
‫وإذا كان الجسم كرويا كما هي الحالة التقريبية للنجوم فإن الطاقة‬
‫السطحية للنجم ستكون ‪ ، 4R2‬لذا فإن الطاقة الكلية املنبعثة في وحدة الزمن من‬
‫الجسم الكروي (النجم) ستكون‪:‬‬
‫‪L = 4R2 Utot.‬‬

‫‪= 4 R2T4‬‬

‫تسمى هذه الكمية نورانية الجسم ‪ .Luminosity‬وهي في حقيقتها القدرة‪.‬‬

‫أما السطوع ‪ Brightness‬فهو مقدار الطاقة الكلية الواصلة الى املشاهد على‬
‫ً‬
‫مسافة ‪ d‬من الضوء مصدر وتساوي مقدار السطوع مقسوما على مربع املسافة‬

‫‪B=L/d2‬‬

‫النطاق‬ ‫الطول الموجي(سم)‬ ‫الطاقة )‪(eV‬‬ ‫حرارة الجسم )‪(K‬‬

‫راديوي‬ ‫‪> 10‬‬ ‫‪< 10-5‬‬ ‫‪< 0.03‬‬

‫مايكرويف‬ ‫‪10 - 0.01‬‬ ‫‪10-5 - 0.01‬‬ ‫‪0.03 – 30‬‬

‫تحت األحمر‬ ‫‪0.01 - 7 x 10-5‬‬ ‫‪0.01 - 2‬‬ ‫‪30 – 4100‬‬

‫‪159‬‬
‫‪7 x 10-5 - 4 x‬‬
‫مرئي‬ ‫‪2-3‬‬ ‫‪4100 – 7300‬‬
‫‪10-5‬‬

‫فوق بنفسجي‬ ‫‪4 x 10-5 - 10-7‬‬ ‫‪3 - 103‬‬ ‫‪7300 - 3 x 106‬‬

‫أشعة اكس‬ ‫‪10-7 - 10-9‬‬ ‫‪103 - 105‬‬ ‫‪3 x 106 - 3 x 108‬‬

‫أشعة جاما‬ ‫‪< 10-9‬‬ ‫‪> 105‬‬ ‫‪> 3 x 108‬‬

‫جدول (‪ )1-5‬درجة الحرارة والطول اْلوجي للضوء اْلنبعث‬

‫ظاهرة دوبلر‬
‫ً‬
‫لوحظ أن تردد األمواج الضوئية (والصوتية أيضا) الواصلة إلى مستقبل‬
‫ً‬
‫يزداد عندما يكون املصدر مقتربا من املشاهد‪ .‬فيما وجد أن التردد يقل عندما يكون‬
‫ً‬
‫املصدر مبتعدا عن املشاهد‪ .‬وقد سميت هذه الظاهرة بتأثير أو ظاهرة دوبلر‪.‬‬

‫الشكل (‪ )31-5‬ظاهرة دوبلر‬

‫‪160‬‬
‫وبداللة الطول املوجي يعني هذا أن الطول املوجي ملصدر ضوئي مقترب من‬
‫املشاهد (الكاشف) يزداد بينما يقل الطول املوجي الذي يستلمه املشاهد عندما‬
‫ً‬
‫يكون املصدر مبتعدا عنه‪ .‬وتنطبق هذه الظاهرة على جميع االشعاعات‬
‫ً‬
‫الكهرومغناطيسية والصوتية أيضا‪.‬‬

‫الشكل (‪ )32-5‬ظاهرة دوبلر‬

‫إن مقدار الفرق في الطول الموجي يتناسب طردياً مع سرعة الجسم‪ .‬ويقرر قانون‬
‫دوبلر أن‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫‪v‬‬
‫=‬
‫‪e‬‬ ‫‪c‬‬
‫حيث أن ‪ =r-e‬هو الفرق بين الطول املوجي املقاس على األرض‬
‫‪ received‬والطول املوجي األصلي للمصدر ‪ emitted‬و ‪ c‬هي سرعة الضوء‪.‬‬
‫وبذلك يمكن إيجاد سرعة الجسم من العالقة‪:‬‬
‫‪‬‬
‫=‪‬‬ ‫‪c = zc‬‬
‫‪e‬‬
‫حيث يسمى املعامل ‪ z‬معامل انحراف دوبلر ‪.Doppler Shift Parameter‬‬
‫ويكون هذا املعامل أقل من واحد في العادة إال أنه يكون أكبر من واحد للمجرات‬
‫البعيدة واألجرام السماوية التي تسمى الكوازارات والتي تقع على الحافات البعيدة‬
‫ً‬
‫جدا للكون‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫الشكل (‪ )33-5‬انحراف خطوط الطيف بتأثيردوبلر‬
‫ً‬
‫إن ظاهرة دوبلر هذه تؤدي إلى ظهور طيف النجم مزاحا إلى جهة اللون‬
‫األحمر (وهي الحالة الغالبة في الكون) عند مقارنته مع طيفه العناصر نفسها التي‬
‫يحتويها النجم على األرض‪ .‬ويسمى هذا انزياح دوبلر األحمر ‪ ،Doppler Redshift‬أو‬
‫االنزياح األحمر ‪ Redshift‬باالختصار‪ .‬إال أن الحالة العامة هو حصول انزياح إلى‬
‫ً‬
‫جهة اللون األزرق من الطيف وهذا يحصل عندما يكون النجم مقتربا من الراصد‬
‫(األرض) وهي حالة نادرة ويسمى هذا االنزياح األزرق ‪Blueshift‬‬

‫إن لظاهرة دوبلر تطبيقات مباشرة في معرفة سرعة األجرام السماوية واتجاه‬
‫ً‬
‫حركتها أيضا‪ .‬فإذا كان االنزياح نحو الجهة الحمراء من الطيف قلنا أن الجرم‬
‫ً‬
‫يتحرك مبتعدا عنا‪َّ ،‬أما إذا كان االنزياح الطيفي نحو الجهة الزرقاء من الطيف قلنا‬
‫ً‬
‫أن النجم يتحرك مقتربا منا‪ .‬وكما أسلفنا فإن السرعة يتم حسابها باستخدام‬
‫ً‬
‫قانون دوبلر املذكور آنفا‪ .‬مما يجدر ذكره هنا أن ادوين هابل اكتشف توسع الكون‬
‫من خالل أرصاده التي بينت تباعد املجرات عن بعضها البعض‪ ،‬وقاده ذلك إلى‬
‫وضع قانون لسرعة تباعد املجرات‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫ّ‬
‫كما أن هذه الظاهرة مكنت الفلكيين من حساب سرعة دوران النجوم حول‬
‫ً‬
‫محاورها من خالل رصد الفرق في الطول املوجي لطرفي النجم الدوار‪ .‬فضال عن‬
‫ّ‬
‫ذلك فإن تقنيات جديدة وظفت ظاهرة دوبلر الكتشاف منظومات شمسية جديدة‪.‬‬
‫تأأثري زميان‬
‫الحظ زيمان أن الخطوط الطيفية للضوء الصادر عن مصدر تنشطر الى‬
‫أكثر من خط عند وضع املصدر تحت تأثير مجال مغناطيس ي‪ .‬وقد تم تفسير ذلك‬
‫ً‬
‫الحقا أن هذا التفرع ناتج عن تأثير املجال املغناطيس ي في املدارات اإللكترونية وهو‬
‫داللة للزخم الزاوي املداري لإللكترونات في الذرة‪ .‬وقد تم حساب األطوال املوجية‬
‫ً‬
‫الناتجة في هذا التفرع بدقة عالية جدا‪ ،‬وتعتبر من مفاخر دقة ميكانيك الكم‪.‬‬
‫ويستفاد من هذه الظاهرة ملعرفة شدة املجال املغناطيس ي في النجوم التي تبعد عنا‬
‫آالف السنين الضوئية‪.‬‬

‫الشكل (‪ )34-5‬تأثيرزيمان‬

‫‪163‬‬
‫الفصل السادس‬
‫الشمس والقمر‬

‫‪164‬‬
‫ً‬
‫هي كرة غازية ملتهبة تبلغ كتلتها ‪ 2  1030‬كيلوغراما (أي حوالي ‪ 333‬ألف مرة‬
‫ً‬
‫قدر كتلة األرض) ويبلغ قطرها ‪ 1400000‬كيلو مترا (أي حوالي ‪110‬مرات قدر‬
‫قطر األرض)‪ .‬وبذلك يكون حجم الشمس ‪ 1300000‬مرة قدر حجم األرض‪ .‬وهذا‬
‫يعني أن معدل كثافتها هو ‪ 1.42‬غم‪/‬سم‪( 3‬أي مرة ونصف قدر كثافة املاء‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تقريبا)‪ ،‬ونقول معدل الكثافة نظرا ألن جسم الشمس ليس متجانسا تماما بل‬
‫تزداد كثافته كلما اتجهنا نحو املركز‪.‬‬
‫ً‬
‫تبلغ درجة حرارة سطح الشمس حوالي ‪ 6000‬درجة مطلقة تقريبا‪ّ .‬أما في‬
‫مركزها فتبلغ درجة الحرارة حوالي ‪ 15‬مليون درجة مطلقة‪ .‬وتبلغ جاذبية الشمس‬
‫‪ 28‬مرة قدر جاذبية األرض ّأما سرعة اإلفالت عن سطح الشمس فتبلغ ‪ 618‬كيلو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مترا ‪ /‬ثانية‪ .‬وهذه كمية كبيرة قياسا بتلك التي لألرض والبالغة ‪ 11‬كيلو متر ‪/‬‬
‫ثانية‪.‬‬
‫قياس قطر الشمس‬
‫إذا ُعلمت املسافة بين األرض والشمس فإن باإلمكان حساب قطر الشمس‬
‫بمعرفة قطرها الزاوي الذي يمكن قياسه بوسائل بسيطة من األرض‪.‬‬
‫يبلغ القطر الزاوي للشمس من األرض حوالي نصف درجة ( ‪ 0.5 = ‬درجة)‬
‫وباستخدام العالقة‪:‬‬
‫نسبة القطر الحقيقي إلى محيط دائرة املنظور = نسبة القطر الزاوي إلى‬
‫‪ 360‬درجة‬
‫ومحيط دائرة املنظور في هذه الحالة هو محيط مدار األرض حول الشمس‬
‫ً‬
‫(على التقريب باعتباره دائرة) وذلك مقداره ‪ 950‬مليون كيلومتر تقريبا‪.‬‬
‫ومنها نجد أن‪ :‬القطر الحقيقي للشمس = ‪ 1400000‬كيلومتر بالتقريب‬

‫‪165‬‬
‫أي أن قطر الشمس هو أكثر من مليون وثلث املليون كيلو متر وهذا يزيد‬
‫على ثالثة أضعاف املسافة بين األرض والقمر‪.‬‬
‫كتةل الشمس‬
‫يمكن حساب كتلة الشمس من معلوماتنا عن زمن دورة األرض حولها دورة‬
‫ً‬
‫كاملة وذلك قدره ‪ 365.2422‬يوما ومعرفة واملسافة بين األرض والشمس البالغة‬
‫‪ 1.496108‬كيلو متر‪ .‬وباستخدام قانون كبلر الثالث الذي ينص على أن مربع زمن‬
‫ً‬
‫دورة الكوكب حول الشمس يتناسب طرديا مع مكعب متوسط بعده عنها‪ ،‬نستطيع‬
‫حساب كتلة الشمس (أنظر الحاشية ‪ ) 1-6‬لنجد أنها حوالي ‪ 2×1030‬كيلوغرام‪.‬‬
‫حاشية (‪)1-6‬حساب كتلة الشمس باستخدام قانون كبلر الثالث‬

‫من قانون كبلر الثالث نعلم أن‬

‫‪4 2 R 3‬‬
‫= ‪T‬‬
‫‪2‬‬
‫‪GM‬‬
‫حيث أن ‪ 365.2422 = T‬يوم = ‪ 3.157107‬ثانية‪.‬‬

‫ومنه نجد أن‪:‬‬

‫=‪M‬‬
‫(‬
‫‪4 2 1.496  1011‬‬ ‫)‬‫‪3‬‬

‫(‬
‫‪6.67  10 −11  3.157  10 7‬‬ ‫)‬
‫‪= 1.991030kg‬‬

‫وهذا يعني أن كتلة الشمس تبلغ ‪ 334‬ألف مرة قدر كتلة األرض‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫تسارع اجلاذبية عىل سطح الشمس‬
‫ً‬
‫علمنا أن كتلة الشمس تبلغ ‪ 21030‬كيلوغرام تقريبا وأن قطرها يبلغ‬
‫ً‬
‫‪ 1.4106‬كيلو متر تقريبا‪ .‬فمن هذه املعلومات نستطيع حساب تسارع الجاذبية‬
‫على سطح الشمس (أنظر الحاشية ‪ ) 2-4‬حيث نجد أنه بحدود ‪ 269‬متر‪( /‬ثانية)‪2‬‬

‫وهذا هو حوالي ‪ 27.5‬مرة قدر الذي على سطح األرض‪ .‬أما سرعة االفالت فهي ‪614‬‬
‫كيلومتر في الثانية‪ .‬ولغرض إعطاء القارئ فكرة عن ما تعنيه هذه األرقام نقول أن‬
‫ً‬
‫لتر املاء الذي يزن على األرض ‪ 1‬كغم سيزن على سطح الشمس ‪ 27.5‬كغم تقريبا‪.‬‬
‫وهكذا نرى أن الحبيبات القريبة من سطح الشمس تتعرض إلى قوة جذب هائلة‬
‫مقارنة بالتي تتعرض لها تلك األجسام قرب سطح األرض‪ .‬وهذا مع يفسر احتفاظ‬
‫ً‬
‫الشمس بمادتها الغازية رغم أن معدل كثافتها أقل كثيرا من كثافة مادة األرض!!‪.‬‬
‫حاشية(‪ )2-6‬حساب التسارع الثقالي وسرعة االفالت على سطح الشمس‬

‫من معلوماتنا التي تعلمناها عن قوانين نيوتن نعرف أن الصيغة الرياضية للتسارع الثقالي‬
‫هي‬
‫‪GM‬‬
‫=‪g‬‬
‫‪R2‬‬

‫حيث أن ‪ G‬هو ثابت الجاذبية ‪ M ،‬كتلة الجرم و ‪ R‬هي نصف قطره ‪ ،‬لذا فإن التسارع‬
‫الثقالي على سطح الشمس هو‪:‬‬

‫‪6.6  10 −11  2  1030‬‬


‫=‬
‫) ‪(7  10‬‬
‫‪8 2‬‬

‫‪= 269m / s‬‬

‫أما سرعة اإلفالت عن سطح الشمس فيمكن حسابها كاآلتي‪:‬‬


‫ّ‬
‫‪2GM‬‬
‫= ‪Vescape‬‬ ‫‪= 614 km / s‬‬
‫‪R‬‬

‫‪167‬‬
‫دوران الشمس حول نفسها‬
‫الحظ غاليليو غاليلي عند رصده للشمس وجود بقع سود على سطحها‬
‫ً‬
‫(سميت الحقا البقع الشمسية) وبتكرار املالحظة وجد أن هذه البقع تتحرك من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اليسار إلى اليمين فاستنتج بعد طول املراقبة أن الشمس ليست جسما ساكنا بل‬
‫هي تدور حول نفسها‪ ،‬لكن دورانها هذا ليس كدوران األجسام الصلبة لكونها كتلة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫غازيه‪ ،‬فهي تدور دورة كاملة عند القطبين مرة كل ‪ 30‬يوما أرضيا فيما يدور خط‬
‫ً‬
‫إستوائها دورة واحدة كل ‪ 25‬يوما‪.‬‬
‫بنيان الشمس‬
‫قلنا أن الشمس هي عبارة عن كتلة غازية هائلة تتألف في معظمها من‬
‫الهيدروجين حيث يشكل ما نسبته ‪ %70‬من كتلة الشمس وغاز الهيليوم الذي‬
‫نسبته ‪ %27‬بينما يتألف باقي مادة الشمس من عناصر أخرى تشمل الليثيوم‬
‫والبريليوم والبورون والكربون والنتروجين واألوكسجين‪ ...‬الخ‪ .‬ونسبتها الكلية ‪%3‬‬
‫ً‬
‫من مادة الشمس‪ .‬ويمكن القول إجماال أن جوف الشمس يتألف مما يلي‪:‬‬
‫اللب ‪ :Core‬ويؤلف النواة املركزية للشمس‪ .‬وفي هذه املنطقة تكون كثافة‬
‫ً‬
‫الغازات عالية جدا (حوالي ‪ 160‬غم‪/‬سم‪ )3‬وتبلغ درجة الحرارة بحدود ‪ 15‬مليون‬
‫درجة مطلقة وتحدث التفاعالت النووية حيث يندمج نوى ذرات الهيدروجين‬
‫(البروتونات) وتتحول إلى نوى ذرات الهيليوم مطلقة كمية كبيرة من الطاقة ومولده‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ضغطا داخليا يجعل الشمس تتوازن ميكانيكيا وتحافظ على هيكلها العام‪.‬‬
‫الطبقة اإلشعاعية ‪ :Radiative Zone‬تحيط باللب طبقة غازية باردة ذات‬
‫كثافة أقل وهي بهذا تعمل على عزل اللب وحفظ حرارته بذات الوقت الذي تؤدي‬
‫إلى نقل الطاقة املتولدة في اللب إلى الخارج بطريق اإلشعاع‪ .‬وتحتل منطقة اإلشعاع‬
‫هذه النطاق من ‪ 0.25‬إلى ‪ 0.85‬من نصف قطر الشمس‪ .‬وتبلغ كثافة الغازات‬

‫‪168‬‬
‫فيها من ‪ 34‬غم‪/‬سم‪ 3‬قرب حافة اللب حتى ‪0.01‬غم‪/‬سم‪ 3‬على الحافة الخارجية‬
‫للطبقة نفسها‪.‬‬

‫الشكل(‪ )6-6‬تركيب الشمس‬

‫الطبقة الحملية ‪ :Conductive Zone‬وهو الغالف الذي يلي الطبقة‬


‫اإلشعاعية ويمتد حتى ‪ 0.85‬من نصف قطر الشمس‪ .‬وتنتقل الحرارة فيه عن‬
‫طريق الحمل بواسطة تيارات غازية دوارة‪.‬‬
‫الكرة اْلنيرة‪ :‬طبقة الفوتوسفير ‪ Photosphere‬وهي الطبقة املرئية التي‬
‫تظهر لنا من األرض صفراء اللون وتفصل سطح الشمس عن غالفها الخارجي‪ .‬يبلغ‬
‫سمك هذه الطبقة بحدود ‪ 300‬كيلومتر‪ .‬وقد سميت بهذا االسم ألن الفوتونات‬
‫املتولدة في باطن الشمس تفلت منها حال وصولها إليها‪ .‬تبلغ حرارة هذه الكرة حوالي‬
‫‪ 5800‬كلفن‪.‬‬
‫الغالف الجوي للشمس‬
‫وينقسم إلى ثالث مناطق‪:‬‬
‫الطبقة القالبة ‪Reversing layer‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪169‬‬
‫وتقع فوق طبقة الفوتوسفير مباشرة ويبلغ سمكها حوالي ‪1600‬كم‪،‬‬
‫ً‬
‫وكثافتها قليلة جدا وتبلغ درجة حرارتها عند سطحها العلوي حوالي ‪ 7500‬كلفن‪.‬‬
‫الكرة اللونية ‪The Chromo- sphere‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫وهي الطبقة الوسطى في الغالف الجوي للشمس تبلغ درجة حراراتها حوالي‬
‫ً‬
‫مليون درجة كلفن‪ ،‬ويكون فهيا ذرات الهيدروجين متأينة تماما‪.‬‬
‫ي ‪The corona‬‬ ‫جـ‪ -‬اإلكليل الشمس‬
‫وهي الطبقة الخارجية التي ال ترى بالعين مباشرة إال أثناء الكسوف الكلي‪.‬‬
‫ً‬
‫يبلغ سمكها بحدود ‪ 1.6‬مليون كيلو متر‪ .‬تكون كثافة الغازات فيها قليلة جدا وتبلغ‬
‫درجة حرارتها اكثر من مليون درجة كلفن‪.‬‬
‫املظاهر الشمس ية‬
‫تتميز الشمس ببعض املظاهر التي تختص بها ومن أهم هذه املظاهر البقع‬
‫الشمسية والتأجج الشمس ي والشواظ والحبيبات الشمسية والشعيرات الشمسية‪.‬‬
‫وفيما يلي شرح موجز لهذه املظاهر للتعرف على أسبابها واالطالع على تصرفها‪.‬‬
‫البقع الشمسية ‪:Sun Spots‬‬
‫ً‬
‫وتسمى أيضا الكلف الشمس ي لشبهها بالكلف الذي يظهر في الوجه‪ .‬وهي‬
‫بقع داكنة تظهر بأحجام مختلفة على سطح الشمس تنتج عن االختالف في درجات‬
‫ً‬
‫حرارة سطح الشمس‪ ،‬حيث تبدو املناطق الحارة جدا على كرة الشمس براقة المعة‬
‫على حين تظهر املناطق األقل حرارة معتمة‪.‬‬
‫يمكننا مشاهدة البقع الشمسية من خالل مرشحات معتمة خاصة بالرصد‬
‫الشمس ي وال يمكن بالطبع رؤيتها بغير هذه الوسيلة وذلك لشدة بريق ضوء الشمس‬
‫الذي يؤدي إلى إحراق شبكية العين في حالة النظر املباشر إليها لبضع دقائق‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫يتفاوت عدد البقع الشمسية بحسب السنوات ما بين ‪ 50‬بقة إلى ‪500‬‬
‫ً‬
‫بقعة‪ .‬وقد لوحظ أن لهذه البقع دورة أمدها بحدود ‪ 11‬عاما يتزايد فيها عددها‬
‫ً‬
‫خالل هذه املدة ليمكث نحوا من ‪ 100‬يوم ثم يبدأ العدد بالتناقص فتختفي كثير‬
‫من البقع الشمسية ثم تظهر ثانية بعد ‪ 11‬سنة أخرى‪ .‬وتسمى هذه "دورة البقع‬
‫الشمسية"‪.‬‬

‫الشكل (‪ )7-6‬دورة البقع الشمسية‬

‫كما لوحظ أن للبقع الشمسية حركة دورية ما بين خطي عرض ‪ .30‬إذ‬
‫تكون في بدء دورتها عند هذين املوقعين ثم تتجه نحو خط االستواء الشمس ي‬
‫لتصطف عنده نحو نهاية أمد الدورة‪.‬‬
‫ُيعزى ظهور البقع الشمسية إلى تركيز املجال املغناطيس ي للشمس عند‬
‫مناطق معينة حيث تبلغ شدته حوالي ‪ 5000‬ضعف املجال املغناطيس ي األرض ي‪.‬‬
‫ً‬
‫ونظرا ألن جسم الشمس يتألف من جسيمات مشحونة متحركة بسرعة عالية‪،‬‬
‫ً‬
‫ونظرا لتحكم املجال املغناطيس ي بمسارات هذه الشحنات املتحركة فإن البقع‬
‫ذوات الحرارة الواطئة ال بد أن تظهر عندما يكون هنالك عدم تجانس في توزيع‬
‫خطوط القوى املغناطيسية على سطح الشمس‪ّ .‬أما بالنسبة إلى تعليل دورة البقع‬

‫‪171‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الشمسية فهو أمر ال زال مبهما حيث أنه مماثل تماما لدورة املجال املغناطيس ي‬
‫األرض ي وانقالب األقطاب املغناطيسية لألرض كل ‪ 5000‬سنة‪ .‬وال تزال األبحاث‬
‫جارية ملعرفة سر ذلك‪.‬‬
‫ي ‪Prominence‬‬ ‫الشواظ الشمس‬
‫ً‬
‫وهي السنة من اللهب الوردي املندفع بعيدا عن سطح الشمس على شكل‬
‫أقواس ومنحنيات ملسافة مئات آالف الكيلومترات‪ .‬وتتكون هذه األلسنة امللتهبة من‬
‫ً‬
‫غازات ساخنة جدا‪ ،‬وتتشكل بهذه سحب غازية متوهجة تنشأ عن الكرة اللونية‪.‬‬
‫وذلك عندما يخفض الحقل املغناطيس ي للشمس من تدفق الحرارة إلى منطقة ما‪.‬‬
‫فالشواظ في الهيئة أبرد من الغاز املحيط به وهذا يعني ‪-‬حسب القانون العام‬
‫للغازات‪ -‬أن يكون الضغط داخله أقل من الضغط خارجه‪ .‬وثم يحجز الغاز‬
‫الخارجي املار غاز الشواظ األقل برودة وإذا كانت الظروف مالئمة فقد يستمر هذا‬
‫الغاز البارد املحتبس في سجنه املغناطيس ي بالتوهج ألسابيع عديدة‪.‬‬
‫‪Solar Flares‬‬ ‫التأجج الشمس ي‬
‫تحصل بجوار البقع الشمسية انفجارات عنيفة للغاية تستمر لبضع‬
‫ً‬
‫دقائق ثم تختفي تدريجيا خالل ساعات وتكون هذه السحب الوهاجة أصغر من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الشواظ الشمس ي وأقل ارتفاعا لكنها أكثر عنفا وتبلغ درجة حرارتها بحدود ‪100‬‬
‫مليون كلفن‪ ،‬وتعود أهميتها إلى أنها تبعث إشعاعات في منطقة األشعة السينية‬
‫والفوق البنفسجية وكذلك في نطاق األمواج الراديوية مما يؤدي إلى التأثير على‬
‫املوجات الراديوية في األرض واملجال املغناطيس ي األرض ي‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫الشكل (‪ )8-6‬التأجج الشمس ي‬

‫إن هذه السحب املتوهجة هي مصدر الحبيبات املشحونة املتأنية التي تندفع‬
‫مع الرياح الشمسية فتؤثر في املجال املغناطيس ي لألرض وتسبب ظهور الشفق‬
‫القطبي ‪.Aurora‬‬
‫الرياح الشمسية‪Solar Wind :‬‬

‫إن درجة حرارة اإلكليل الشمس ي العالية تكتسب ذرات غازات الهيدروجين‬
‫والهيليوم فيه طاقة حركية كبيرة يجعلها تتمكن من اإلفالت من جاذبية الشمس‬
‫وعندئذ تنساب هذه الذرات في الفضاء الخارجي على هيئة رياح مؤلفة من‬ ‫ٍ‬
‫الهيدروجين و الهيليوم تسمى الرياح الشمسية‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫الشكل (‪ )9-6‬الرياح الشمسية تضرب األرض‬

‫عند مرور األيونات التي تمثل الرياح الشمسية باألرض فإنها تولد تيارات كهربائية في‬
‫غالفها الجوي العلوي لتدور حول القطبين املغناطيسيين الشمالي والجنوبي فتندفع‬
‫اإللكترونات نحو أسفل خطوط الحقل املغناطيس ي وتتحلزن اإللكترونات املتحركة‬
‫حول خطوط الحقل فترتطم بجزيئات النتروجين واألوكسجين فتستثار الغازات‬
‫الجوية نتيجة لهذه االرتطامات ومن ثم ترتفع إلكترونات ذراتها إلى مدارات أعلى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ولدى هبوط اإللكترونات عائدة إلى مداراتها الدنيا تطلق ضوءا جميال يسمى‬
‫الشفق القطبي ‪.Aurora‬‬
‫نورانية الشمس‬
‫النورانية ‪ Luminosity‬هي كمية الطاقة التي يشعها الجسم في وحدة الزمن‪،‬‬
‫وهذه هي القدرة ‪ ،Power‬وتقاس عادة بوحدات الواط ‪ .Watt‬وهكذا نتعامل مع‬
‫املصابيح العادية فنقول أن قدرة هذا املصباح هي ‪ 100‬واط وذاك املصباح قدرته‬
‫ً‬
‫‪ 200‬واط‪ .‬وبالنسبة لألجسام تتناسب النورانية مع طردا مع مساحته السطحية‬
‫ومع القوة الرابعة لدرجة حرارته‪ .‬ومقدار نورانية الشمس هو ‪ 4×1026‬واط‪ .‬وهذا‬
‫ً‬
‫مقدار كبير جدا بالقياس إلى أي مصدر طاقة أرض ي‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫ونحن على األرض ال نقيس في الواقع نورانية الشمس بل سطوعها والسطوع‬
‫‪ Brightness‬هو النورانية مقسومة على املساحة السطحية وتقاس بالواط على‬
‫املتر املربع‪ .‬ومن املعروف أن سطوع الجسم يقل كلما ابتعدنا عنه‪ .‬وكأن الطاقة‬
‫ً‬
‫تتوزع على أسطح كرات متمركزة حول بعضها البعض‪ .‬ويتناسب السطوع عكسيا‬
‫مع مربع البعد‪ .‬ومقدار سطوع الشمس عند األرض هو حوالي ‪ 1400‬واط لكل متر‬
‫مربع‪ ،‬ويسمى هذا الثابت الشمس ي ‪ .Solar Constant‬وهو يقاس بأجهزة خاصة‬
‫تسمى املجسات الضوئية‪.‬‬
‫مصدر طاقة الشمس‬
‫ظن األقدمون أن الشمس هي كتلة هائلة من الفحم املتوقد يشتعل على مر‬
‫الزمن لتدفئة األرض‪ .‬لكن هذا التصور غير عملي من حيث أن كتلة من الفحم‬
‫بقدر كتلة الشمس لن تستمر أكثر من خمسة آالف سنة وتتحول بعد ذلك إلى‬
‫رماد‪.‬‬
‫وفي نهاية القرن التاسع عشر اقترح هلمهولتز وكلفن نظرية تعتمد على‬
‫التقلص الجذبي ‪ Gravitational Contraction‬لكتلة الشمس إذ يتحرر بموجب‬
‫ً‬
‫هذا النموذج قدر من الطاقة الجذبية الكامنة متحوال إلى طاقة حرارية لتؤلف‬
‫طاقة الشمس‪ .‬لكن هذا النموذج هو اآلخر لم يفلح في تفسير طاقة الشمس ألن‬
‫الطاقة الجذبية الكامنة في كتلة الشمس ال تستطيع تحويل الطاقة املرسلة من‬
‫الشمس باملعدل الحالي ألكثر من عشرين مليون سنة‪ .‬وإذا ما عرفنا أن عمر‬
‫الشمس يزيد على ‪ 4500‬مليون سنة حتى اآلن علمنا ملاذا ال يصلح نموذج‬
‫هلمهولتز ‪ -‬كلفن لتفسير مصدر طاقة الشمس‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫مصدر طاقة الشمس‬ ‫حاشية (‪)3-6‬‬

‫خالل الثالثينات من القرن العشرين اقترح الفيزيائيان اوبنهايمر وبيتا نموذجاً تندمج‬
‫بموجبه أربع بروتونات (نوى ذرات الهيدروج ين ) لتكوين ذرة هيليوم واحدة‪ .‬وخالل هذه العملية‬
‫تتحرر طاقة قدرها ‪ 4.210-5‬من كل عملية اندماج‪ .‬وبافتراض أن ‪ %10‬فقط من كتلة‬
‫الشمس يشارك في عمليات االندماج النووي وأن ‪ %0.7‬من هذه الكمية تتحول فعالً إلى طاقة‬
‫ح اررية وضوئية‪ .‬وباستخدام عالقة التكافؤ بين الطاقة والكتلة التي وجدها ألبرت آينشتين‬

‫‪E=mc2‬‬

‫فإن مجموع الطاقة المتولدة سيكون‪:‬‬

‫‪ = 1.261051 erg‬‬

‫ولما كانت كمية الطاقة المنبعثة من الشمس في الثانية الواحدة هي‪:‬‬

‫‪L = 4  1033 erg/s‬‬


‫‪E‬‬ ‫فإن عمر الشمس سيكون‪:‬‬
‫=‪t‬‬
‫‪L‬‬

‫‪= 3.151017s‬‬

‫‪ 1010 year‬‬

‫أي أن الطاقة المتحررة عن طريق االندماج النووي لنوى ذرات الهيدروجين في باطن‬
‫الشمس تكفي لتمويل طاقتها لمدة عشر مليارات سنة وهذه مدة معقولة جداً‪ .‬لذلك إذا كان عمر‬
‫الشمس حالياً هو بحدود ‪ 4500‬مليون سنة فإن من المتوقع أن تستمر الشمس في نشاطها هذا‬
‫لمدة ‪ 5500‬مليون سنة أخرى قادمة‪ ،‬إال أن يشاء هللا أم اًر آخر ال نعلمه‪.‬‬

‫إال أن اكتشاف عمليات االندماج النووي والقدر الهائل من الطاقة الكامنة‬


‫في القوى النووية والتي يمكن تحريرها خالل اندماج النوى الخفيفة مثل‬

‫‪176‬‬
‫الهيدروجين لتشكيل نوى أثقل مثل الهيليوم‪ ،‬أكد إمكانية أن يكون االندماج‬
‫ً‬
‫النووي مصدرا للطاقة املتولدة في باطن الشمس‪ .‬إلى جانب ذلك فإن االندماج‬
‫النووي في باطن الشمس يولد الضغط الالزم لتحقيق التوازن الهيدروستاتيكي‬
‫والذي يمنع من انهيار الشمس وتكويرها بسبب تجاذب أجزائها بعضها إلى البعض‬
‫اآلخر‪.‬‬
‫مصري الشمس‬
‫الشمس هي دعامة الحياة على األرض وبدونها تصبح الحياة مستحيلة‪ .‬هذه‬
‫الشمس عمرها اآلن بحدود ‪ 4.5‬مليار سنة وتقدر الدراسات الفلكية أنها ستستمر‬
‫على هذه الحال ‪ 5‬مليارات أخرى من السنين‪ .‬وفي آخر عمر الشمس سوف ُيستنفذ‬
‫الوقود النووي األساس ي وهو الهيدروجين في داخلها وتهمد االنفجارات النووية‬
‫العنيفة الناتجة عن اندماج الهيدروجين والتي تحصل اآلن في باطنها‪ ،‬ولذلك‬
‫تنخفض درجة حرارتها السطحية وعند ذلك ستتغلب قوى التجاذب الثقالي بين‬
‫أجزائها على الضغط الداخلي الذي يسندها فتنكمش على نفسها‪ .‬لكنها ما أن‬
‫تنكمش حتى ترتفع درجة حرارتها وفق ُّ‬
‫السنة املعتادة للغازات وتتزايد درجة حرارة‬
‫باطنها بقدر كبير يجعل الظروف مناسبة إلندماج نوى ذرات الهليوم املتوفرة في‬
‫باطنها‪ ،‬متحولة على األغلب إلى نوى ذرات الكربون‪ .‬وبذلك تبدأ دورة جديدة من‬
‫ً‬
‫التفاعالت النووية اإلندماجية األكثر عنفا فيتولد داخل الشمس ضغط هائل‬
‫يدفعها إلى االنتفاخ هذه املرة فيزداد حجم الشمس آالف املرات لتبتلع كوكبي عطارد‬
‫ً‬
‫والزهرة وحتى يبلغ سطحها قريبا من األرض‪ .‬وعند هذا تكون حرارة سطحها قد‬
‫عندئذ‬
‫ٍ‬ ‫انخفضت بسبب التمدد الهائل ويتحول لونها إلى األحمر الوردي‪ ،‬وتسمى‬
‫عمالق أحمر‪ . Red Giant‬يقول تعالى‪:‬‬
‫ِّ‬
‫الد َه ِّ‬
‫ان‪‬‬ ‫‪َ ‬فِّإ َذا ْان َشَّق ِّت َّ‬
‫(الرحمن‪)37:‬‬ ‫الس َماء َف َك َان ْت َوْرَد ًة َك ّ‬

‫‪177‬‬
‫ثم يحصل لها انكماشات وانتفاخات حتى ُيستنفذ معظم الهليوم داخلها‪.‬‬
‫وهنا تهمد اإلندماجات النووية وال يبقى في أتون الشمس ما يمنع أجزائها من‬
‫االنكماش واالجتماع فتحصل املرحلة األخيرة لها وذلك باالنكماش العظيم ألجزائها‬
‫البعض على البعض اآلخر ونسمي هذه املرحلة التكوير‪ ،‬حيث تتحول الشمس إلى‬
‫جرم صغير قطره أقل من قطر كرة األرض إذ يبلغ بحدود ‪ 5000‬كيلومتر! وتسمى‬
‫الشمس عند هذه الحالة قزم أبيض ‪ ،White Dwarf‬ويبقى جزء من غالف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الشمس الخارجي يذهب مبتعدا في الفضاء مؤلفا ما ُيسمى السديم الكوكبي‬
‫‪ .Planetary Nebula‬تذكرنا هذه الحالة بقوله تعالى‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫(التكوير‪)1:‬‬ ‫س ك ّ ِو َرت)‬
‫(إذا الش ْم ُ‬
‫ِ‬
‫فالتكوير في اللغة ضم الش يء بعضه إلى بعض ويكون في دور‪ .‬وفي حالة تكورّ‬
‫ً‬
‫الشمس إلى حالة القزم األبيض تزداد سرعة دورانها املحورية كثيرا‪.‬‬
‫وتبقى الشمس على هذه الحالة املستقرة إلى ماشاء هللا لها إن بقي الكون على‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حاله‪ ،‬تشع ضوءا أبيض خافتا‪ ،‬ال يكاد يرى من مكان بعيد‪ .‬واملعروف أن النجوم‬
‫ذوات الكتل املقاربة لكتلة الشمس هي التي تتحول إلى أقزام بيض وقليل منها ما‬
‫يتحول إلى قزم أبيض مستقر إذ أن الكثير من األقزام البيض ربما طرأت عليه‬
‫تحوالت أخرى أدت إلى استمراره على حالة من الالإستقرار‪ .‬لكن شمسنا هذه تؤول‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ْ ُ َ‬
‫س ت ْج ِري ِمل ْس َت َق ّ ٍر ل َها‬ ‫إلى قزم أبيض مستقر‪ .‬قال هللا تعالى في الكتاب العزيز‪ :‬والشم‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫ذ ِل َك ت ْق ِد ُير ال َع ِز ِيز ال َع ِل ِيم‪(ّ ‬يـس‪)38:‬‬

‫‪178‬‬
‫جدول (‪ )1-6‬معلومات عامة عن الشمس‬

‫‪ 6.96105‬كيلو متر‬ ‫نصف القطر‬

‫‪ 1.991030‬كيلو غرام‬ ‫الكتلة‬

‫‪ 1.4‬غم‪/‬سم‪3‬‬ ‫معدل الكثافة‬

‫‪ 618‬كيلو متر ‪ /‬ثا‬ ‫سرعة اإلفالت‬

‫‪ 5‬أمثال الذي لألرض تقريباً‬ ‫المجال المغناطيسي‬

‫‪ 25.4‬يوماً (عند خط االستواء)‬ ‫سرعة الدوران حول المحور‬

‫‪ 7.25‬درجات‬ ‫ميل محور الدوران على الدائرة الكسوفية‬

‫‪ 5780‬كلفن‬ ‫درجة ح اررة السطح‬

‫‪ 1368‬جول ‪ /‬متر‪/2‬ثا‬ ‫الثابت الشمسي‬

‫‪ 3.831026‬جول ‪ /‬ثا‬ ‫النورانية‬

‫‪ 15106‬درجة مطلقة‬ ‫درجة ح اررة اللب‬

‫القمر‬
‫القمر هو أقرب األجرام السماوية إلينا‪ ،‬وهو الجرم السماوي الوحيد الذي‬
‫نستطيع أن نرى تضاريسه بالعين املجردة‪ ،‬والقمر هو تابع لألرض يدور حولها في‬
‫مدار اهليجي دورة كاملة كل شهر‪ .‬وكان وال يزال محط اهتمام اإلنسان‪ ،‬فهو الجرم‬
‫األهم بالنسبة لألرض بعد الشمس‪ ،‬يض يء الليل األدهم ويحرك ماء البحار‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واملحيطات مدا وجزرا‪ ،‬لكنه يتميز بانعدام الفعالية على سطحه فضال عن انعدام‬
‫ً ً‬
‫الغالف الجوي مما جعله عاملا ميتا خال من الحركة منذ أول نشأته‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫الشكل (‪ )10-6‬صورة القمرفي طورالبدر‬

‫يدور القمر حول األرض في مدار اهليجي ويبلغ متوسط بعده عنها بحدود‬
‫‪384000‬كم وتبلغ كتلة القمر حوالي ‪ 0.01‬من كتلة األرض ومعدل كثافته هي‬
‫‪ 3.34‬غم‪/‬سم‪ 3‬مما يدل على احتوائه على لب كثيف‪ .‬وتبلغ سرعة االفالت عن‬
‫سطحه ‪2.4‬كم‪/‬ثا‪.‬‬
‫وصف القمر‬
‫المظاهر السطحية‪:‬‬

‫يالحظ الراصد أن سطح القمر يتميز بوجود مناطق قائمة مستوية على حين‬
‫تظهر املناطق الساطعة مغطاة بحفر دائرية كبيرة تسمى الفوهات البركانية‪ ،‬ولهذه‬
‫الفوهات حواف مرتفعة‪ ،‬ويتراوح قطر هذه الفوهات ما بين سنتيمتر واحد إلى‬
‫‪ 240‬كيلو متر كفوهة كالفيوس‪ ،‬وتتوافر مراكز بعض الفوهات الضخمة على‬
‫قمم جبلية‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫ا‬
‫تسمى املناطق القائمة الضخمة بحورا ‪ ،Maria‬إال أنها بحار خالية من املاء‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تماما ولم يكن فيها يوما أي قطرة ماء إال أن الفلكيين القدامى أسموها بذلك ظنا‬
‫ا‬ ‫ً‬
‫منهم أنها بحور فعال‪ .‬وتسمى املناطق املحيطة بالبحار القمرية هضابا ‪،highlands‬‬
‫ويتفاوت سطوع البحور والهضاب الختالف أنواع الصخور التي تتركب منها‪،‬‬
‫فالبحور القمرية تتألف من صخور بازلتية قاتمة غنية بالحديد واملغنيسيوم‬
‫وسليكات التيتانيوم‪ّ ،‬أما الهضاب القمرية فتتألف بشكل رئيس ي من معدن‬
‫األنورثوسيت وهو نوع من الصخور الغنية بالكالسيوم وسليكات األملنيوم‪ ،‬وصخور‬
‫ً‬
‫الهضاب القمرية أقل كثافة من صخور البحار القمرية وأقدم عمرا منها‪ ،‬وتكثر‬
‫الفوهات البركانية في الهضاب القمرية حتى يتداخل بعضها مع بعض ويمكن‬
‫للراصد باستخدام مرقب بسيط مالحظة هذه الخاصية على سطح الهضاب‪ ،‬فيما‬
‫ً‬
‫تكون الفوهات البركانية في البحور القمرية قليلة جدا وصغيرة‪ .‬كما يتبين للراصد‬
‫ً‬
‫أيضا وجود أخاديد قمرية ‪ Rilles‬يبدو أنها نشأت نتيجة تدفق حمم بركانية‬
‫قديمة‪ ،‬كما تنتشر أخاديد مستقيمة على سطح القمر ويبدو أنها نشأت عن تشقق‬
‫القشرة الخارجية‪.‬‬
‫بنية القمر‬
‫ً‬
‫تغطي سطح القمر عموما تربة غبارية ناعمة سمكها بضع سنتيمترات تكونت‬
‫من فتات الصخور والنيازك الساقطة على سطحه‪ ،‬وهنالك الصخور النارية‬
‫ً‬
‫(البازلتية) التي نتجت عن الالفا البركانية التي بردت تدريجيا بعد ظهورها إلى سطحه‬
‫وهي طبقة رمادية من أصل بركاني‪ ،‬وهنالك نوع آخر من الصخور تدعى بريشيا‬
‫‪ Breceia‬وهي بيضاء اللون مكونة من الكربونات املعدنية تكونت بالتحام أجزاء‬
‫صغيرة من الصخور القديمة بعوامل الضغط الناتج عن تصادمات النيازك‪.‬‬
‫ويبين التحليل الكيماوي لصخور وتربة القمر ما يلي‪ :‬أن نسب الوفرة الطبيعية‬
‫لنظائر بعض العناصر الموجودة في القمر مشابهة لنسبها في صخور األرض‪ .‬وأن نسب‬
‫الوفرة الطبيعية لنظائر األوكسجين هي نفسها التي في تربة األرض مما يدل على أن‬

‫‪181‬‬
‫القمر واألرض قد تكونا من نفس المادة وفي نفس الموقع من المنظومة الشمسية‪ .‬كما أن‬
‫نسب الوفرة الطبيعية لنظائر العناصر المتطايرة (كاليود مثالً) أقل مما هي على األرض‪،‬‬
‫وربما يعزى ذلك إلى تطايرها من سطح القمر لعدم وجود ضغط جوي‪ .‬وقد وجد بطريقة‬
‫التأريخ النووي أن عمر الصخور القمرية هو حوالي ‪ 3.7‬مليار سنة‪ .‬وهذا أقل من عمر‬
‫صخور األرض بقليل‪.‬‬

‫طبقات القمر‬
‫كشف التحليل الزلزالي أن القمر يتألف من ثالث طبقات هي‪:‬‬
‫‪ .1‬القشرة‪ Crust: :‬ويبلغ سمكها في الوجه املواجه لألرض حوالي ‪65‬كم‬
‫بينما يبلغ ذلك في منطقة الوجه املعاكس ‪150‬كم‪ .‬وتتركب القشرة من صخور‬
‫سيليكانية غنية نسبية باألملنيوم وفقره بالحديد‪.‬‬
‫‪ .2‬الوشاح‪ Mantle :‬ويبلغ سمكها بحدود ‪ 900‬كيلو متر وتتألف من‬
‫طبقتين‪ :‬طبقة الليثوسفير‪ :‬وهي غالف صلب يبلغ سمكه حوالي ‪ 700‬كم‬

‫الشكل (‪ )11-6‬طبقات القمر‬

‫‪182‬‬
‫طبقة األسثينوسفير‪ :‬وهي غالف شبه مصهور يعتقد أنه غني بالحديد‪ .‬ويبلغ‬
‫سمكه حوالي ‪ 200‬كم‪.‬‬
‫‪ .3‬اللب‪ Core:‬ويبلغ سمكه حوالي ‪ 500‬كم وهو أقل كثافة من لب األرض‪،‬‬
‫ً‬
‫وليس للقمر لب منصهر ودرجة حرارة لب القمر أقل كثيرا من حرارة لب األرض‬
‫الختالف كتلته‪.‬‬
‫يبلغ معدل كثافة مادة القمر حوالي ‪ 3.3‬غم‪/‬سم‪ 3‬وهذه أقل من معدل‬
‫كثافة األرض البالغة حوالي ‪ 5‬غم‪/‬سم‪.3‬‬
‫الغالف اجلوي للقمر‬
‫ال يحجب سطح القمر أية سحب غبارية أو ضباب‪ ،‬كما ال يشير تحليل ضوء‬
‫الشمس املنعكس عن سطحه إلى وجود أي أثر للغازات‪ ،‬مما يعني انعدام الغالف‬
‫ً‬
‫الغازي للقمر‪ ،‬لذلك فإن درجة الحرارة على سطح القمر ترتفع ارتفاعا غير عادي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خالل النهار وتنخفض انخفاضا شديدا خالل الليل دون أن تهب أية رياح في أي‬
‫ً‬
‫وقت‪ ،‬لذلك يتبع القمر تحت سماء مظلمة هادئا بال حراك‪.‬‬
‫يعزى انعدام الغالف الجوي للقمر إلى سببين‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫برودة باطن القمر مما جعل النشاط البركاني فيه معدوما ونظرا ألن النشاط‬
‫البركاني هو من أهم مصادر تكوين الغالف الغازي وتجديده‪ ،‬فإن انعدام هذا‬
‫النشاط على القمر إنما يؤدي إلى انعدام غالفه الغازي‪.‬‬
‫ّ‬
‫وحتى لو تكون للقمر في بدء نشأته غالف غازي فإن ضعف جاذبية سطحه‬
‫كانت ستؤدي بالضرورة إلى عدم بقاء مثل هذا الغالف مدة طويلة‪ ،‬إذ أن الغازات‬
‫املحيطة بالقمر كانت ستتسرب إلى الفضاء الخارجي بسبب ضعف جاذبيته‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫وهكذا يمكن القول أن آثار أقدام رواد الفضاء الذي زاروا القمر عام‬
‫‪ 1969‬ستبقى في أماكنها دون أي تغيير ملاليين السنين ما لم تسقط عليها شهب‬
‫السماء متغير من مالمحها‪.‬‬
‫منشأأ القمر‬
‫كان لعلماء الفلك قبل رحالت أبولو ‪ Apollo‬االستكشافية ثالث نظريات‬
‫حول نشأة القمر‪ ،‬وهذه هي‪:‬‬
‫‪ .1‬نظرية األسر‪:Capture Theory‬‬
‫ً ّ‬ ‫ً‬
‫وتتلخص هذه النظرية بافتراض أن القمر كان كوكبا صغيرا تشكل في نفس‬
‫ً‬
‫الوقت الذي تشكلت به كواكب املنظومة الشمسية ونظرا لقرب هذا الكوكب‬
‫ً‬
‫الصغير من األرض فقد أسرته جاذبية األرض وجعلته تابعا لها‪.‬‬
‫‪ .2‬نظرية التوائم ‪:Twin Formation Theory‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وهذه النظرية تفترض نشوءا اقترانيا للقمر مع األرض من السحابة الغازية‬
‫التي تألفت منها كواكب املنظومة الشمسية‪.‬‬
‫‪ .3‬نظرية االنفصال ‪:Separation Theory‬‬
‫وهذه النظرية تذهب إلى أن األرض في أول نشوءها كانت كرة لينة منصهرة‬
‫تدور بسرعة فتشكل من دورانها السريع انتفاخ في سطحها ما لبث أن انفصل عنها‬
‫ً‬
‫وأصبح تابعا لها في مدار حولها‪.‬‬
‫إن لهذه النظريات الثالث تنبؤات مختلفة حول بنية القمر‪ ،‬فلو كان القمر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ُ‬
‫كوكبا ثم اسر بجاذبية األرض القتض ى ذلك أن يكون تركيبة مختلفا تماما عن‬
‫ً‬
‫تركيب األرض‪ ،‬ولو كان القمر واألرض توأمين فإن تركيبهما ال بد وأن يكون متشابها‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تماما‪ّ .‬أما لو كان القمر يوما جزءا من األرض فال بد أن يكون تركيب القمر مطابقا‬
‫لتركيب األرض‪.‬‬
‫‪184‬‬
‫لقد كشفت األبحاث التي جرت حول العينات التي جلبتها رحالت برنامج أبولو‬
‫ً‬
‫االستكشافية أن بعض العناصر في تربة القمر وصخوره مماثلة تماما لتلك التي في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قشرة األرض على حين أن عناصر أخرى وجدت مختلفة اختالفا جذريا‪ ،‬وعلى‬
‫سبيل املثال وجد أن تربة القمر غنية بالعناصر ذوات درجات االنصهار العالية‬
‫كالذهب فيما خلت مادة صخوره من املواد ذوات درجات االنصهار الواطئة كاملاء‪.‬‬
‫ً‬
‫فضال عن ندرة الحديد في صخور القمر مقارنة بصخور األرض‪.‬‬
‫ً‬
‫أكدت هذه الوقائع أن أيا من النظريات الثالثة سالفة الذكر ال تقدم صورة‬
‫صحيحة من نشأة القمر مما حمل علماء جيولوجيا القمر على التفكير بفرضيات‬
‫بديلة‪ ،‬وبحسب أحدث هذه الفرضيات يكون القمر قد نشأ عن أنقاض تطايرت‬
‫من األرض نتيجة اصطدام جرم سماوي بحجم كوكب املريخ مع األرض الفتية التي‬
‫كان عمرها وقد ذاك حوالي ‪ 2‬مليار سنة وتال االصطدام انصهار الجرم الصادم‬
‫وتبخر كميات هائلة من صخور سطح األرض ما لبث أن اندفعت إلى الفضاء‬
‫ً‬
‫وبصورة سحابة متوهجة‪ ،‬ولدى تبرد الشظايا أدت الثقالة دورا أساسيا في تجميع‬
‫تلك الشظايا لتكوين القمر الذي نراه اليوم‪.‬‬
‫إن نظرية الوالدة العنيفة هذه تفسر عدة أمور غريبة تتعلق بخواص تربة‬
‫القمر إذ أن التصادم العنيف يؤدي إلى تبخير املواد ذوات درجات االنصهار الواطئة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ويبددها مخلفا وراءه قليال من املاء والعناصر ذوات درجات االنصهار العالية‪ ،‬وقد‬
‫أظهرت نماذج املحاكاة الحاسوبية لحادثة كهذه أن الصخور السطحية فقط هي‬
‫التي ستتطاير تاركة لب األرض الحديدي دون أذى مما يفسر ندرة عنصر الحديد في‬
‫الصخور القمرية‪ّ ،‬أما املدار الذي تتخذه تلك الصخور والشظايا املتطايرة‬
‫واملتجمعة على بعضها البعض فيعتمد على متغيرات زوايا التصادم والحركات‬
‫(الزخوم) وال عالقة لها حينئذ بمستوى خط االستواء األرض ي‪ّ ،‬أما التشابه امللحوظ‬
‫ً‬
‫في تربة القمر وصخوره مع تربة وصخور األرض فمرده أن جزءا من مادة القمر‬

‫‪185‬‬
‫ً‬
‫مصدرها األرض وما تطاير من شظايا عن قشرتها بينما يكون االختالف مردودا إلى‬
‫مادة الجرم الصادم‪.‬‬
‫ً‬
‫كما أن هذه النظرية نفسها تفسر أيضا سبب اختالف محور دوران األرض‬
‫ً‬
‫حول نفسها بشدة (‪ 23.5‬درجة) خالفا لحالة الكواكب عطارد والزهرة واملشتري‬
‫ُ‬
‫وأماله بمقدار‬ ‫وزحل باعتبار أن التصادم العنيف قد زحزح األرض عن محور دورانها‬
‫محسوس‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫الفصل السابع‬
‫ا ألرض‬

‫‪187‬‬
‫ا ألرض وحراكهتا‬
‫لم يكن اإلنسان ليعلم بشكل األرض وال بحركاتها إال بعد عشرات آالف‬
‫السنين من وجوده عليها‪ .‬فقد تصور اإلنسان األرض مساحة مسطحة ممتدة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫امتدادا ال نهائيا‪ .‬ثم وبعد أن اكتشف سعة املناطق التي تغطيها املياه وإحاطتها‬
‫باألرض من كل جهة توجه إليها‪ ،‬ظن اإلنسان أن األرض طافية على سطح ذلك‬
‫البحر املحيط‪ .‬وظنه أنها قبة إنما جاء من مالحظته تحدب سطحها‪ .‬أما حركات‬
‫األرض فلم يعرف بها الساكن على سطحها إال منذ عهد قريب‪ ،‬وذلك ألن مساحة‬
‫األرض كبيرة وكتلتها عظيمة مما يجعل قصورها الذاتي (املمانعة التي يبديها الجسم‬
‫ً‬
‫لتغيير حالته الحركية) كبيرا ‪ ،‬وهذا مما يمنع حصول تغيرات مفاجئة وسريعة في‬
‫حركات األرض‪ ،‬لتبدو مستقرة هادئة وادعة بمن فيها وعليها‪.‬‬
‫فيما يلي من الفقرات‬
‫ً‬
‫سنقدم عرضا للمعارف‬
‫املعاصرة عن شكل األرض وعن‬
‫حركاتها موضحين في الوقت‬
‫نفسه‪ ،‬ما أمكننا ذلك‪ ،‬وسائل‬
‫التوصل إلى هذه املعارف‪.‬‬
‫كروية األرض‬
‫األرض جسم كروي‬
‫الشكل بالتقريب ولو ظن‬
‫البعض أنها جسم بيضوي لكان‬
‫الشكل (‪ )1-7‬األرض كما تبدو من الفضاء‬ ‫في ذلك بعض املبالغة‪ ،‬فهي على‬
‫ً‬
‫الحقيقة كرة مفلطحة قليال‬
‫عند محيط استوائها‪ .‬لذلك صار لألرض قطبان أحدهما شمالي واآلخر جنوبي‪،‬‬

‫‪188‬‬
‫ولكي نعرف مقدار التفلطح على حقيقته نقول أن املسافة من مركز األرض إلى أحد‬
‫ً‬
‫قطبيها تبلغ ‪ 6357‬كيلومترا فيما تبلغ املسافة من املركز إلى محيط استوائها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ 6378‬كيلومترا أي بفارق مقداره ‪ 21‬كيلومترا وهذا يشكل ما نسبته ‪ %0.3‬فقط‪،‬‬
‫وهذه نسبة ضئيلة‪.‬‬
‫ولم يكن من السهل أن يؤمن الناس بكروية األرض لوال أن قامت أدلة كثيرة‬
‫ً‬
‫على ذلك‪ ،‬ينسبها املؤرخون إلى أرسطو طاليس وهي ليست جميعا له‪ .‬فإن األمم‬
‫القديمة استدلت على كروية األرض من ظواهر الخسوف‪ ،‬ففيها يسقط ظل األرض‬
‫ً‬
‫على القمر وبذلك تبينوا شكلها‪ .‬فضال عن دليل تقوس سطح األرض امللحوظ‬
‫ً‬
‫بداللة ظهور أشرعة السفن للناظرين بعيدا في البحر قبل ظهور أجسامها‪ .‬وقد‬
‫ً‬
‫تمكن اإلنسان مؤخرا من تصوير األرض من خارجها في الفضاء وهي على ما ترى في‬
‫ً‬
‫الشكل (‪ )1-7‬شبه كرة تامة التدوير‪ .‬ورغما عن ذلك فإن بعض الجهال ال زالوا‬
‫يعتقدون أن األرض مسطحة كقرص‪.‬‬
‫قياس حميط ا ألرض‬
‫حساب اليونان‪:‬‬
‫ً‬
‫وهو أول حساب مشار إليه في الوثائق التاريخية املتوفرة حاليا‪ .‬إذ ُيذكر أن‬
‫ايراتوسثينس(‪ 194-276‬ق‪.‬م) ‪ Eratosthenes‬الذي كان يعمل في مصر عام ‪200‬‬
‫ً‬
‫قبل امليالد‪ ،‬الحظ اختفاء ظل الشاخص القائم عموديا على األرض في مدينة‬
‫أسوان وقت الظهيرة في يوم ‪ 21‬حزيران (أي وقت االنقالب الصيفي)(‪ ، )1‬بينما وجد‬
‫أن ظل أي شاخص آخر قائم على األرض في مدينة اإلسكندرية وفي الوقت نفسه‬
‫يصنع زاوية قدرها ‪ 7‬درجات مع العمود القائم‪ .‬وهذا يعني أن أشعة الشمس‬

‫)‪ (1‬ويقال أنه كان ينظرفي بئرعميقة فوجد صورة الشمس في قعرها فعلم أن الشمس صارت عمودية على‬
‫ذلك اْلوقع‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫ً‬
‫تسقط عمودية تماما على سطح األرض في مدينة أسوان يوم ‪ 21‬حزيران بينما‬
‫تميل بزاوية قدرها ‪ 7‬درجات مع العمود على سطح األرض في مدينة اإلسكندرية‬
‫(أنظر الشكل ‪.)2-7‬‬

‫الشكل (‪ )2-7‬قياس ايراتوسيثينس ملحيط األرض‬

‫وبافتراضه أن األرض كروية أصبح من السهل حساب محيط األرض بداللة‬


‫ّ‬
‫املسافة بين اإلسكندرية وأسوان وزاوية ميل أشعة الشمس‪ .‬وملا كانت املسافة بين‬
‫ً‬
‫املدينتين هي ‪ 5000‬إستاديا تقريبا ومحيط األرض هو ‪ 360‬درجة فإن‪:‬‬

‫‪ 5000‬إستاديا‬ ‫تقابل‬ ‫‪ 7.2‬درجة‬

‫(محيط األرض)‬ ‫تقابل‬ ‫‪ 360‬درجة‬

‫= ‪ 250000‬إستاديا‬ ‫محيط األرض‬ ‫إذن‬


‫ً‬
‫واألستاديا هي وحدة طول تعدل برأي بعض مؤرخي العلم ‪ 157.2‬مترا وبرأي آخرين‬
‫ً‬
‫تعدل ‪ 166.7‬مترا‪ .‬فإذا أخذنا بالرأي األول فإن محيط األرض يكون‬
‫‪ 39300000‬كيلومتر‪ .‬أما إذا أخذنا بالرأي الثاني فإن محيط األرض يكون‬
‫‪ 41750000‬متر‪ .‬وفي كال الحالين يكون العمل املنسوب إلى أيراتوسثينس عمل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫دقيق جدا‪ ،‬إذ أن محيط األرض يقاس في الوقت الحاضر ‪ 40072‬كيلو مترا‪ .‬إال أن‬
‫بعض املصادر الحديثة تقلل من أهمية املساهمة الحقيقية لعمل ايراتوسثينس إذ‬

‫‪190‬‬
‫ً‬
‫تذكر أنه كان مقصورا على قياس ظل العمود وقت االنقالب الصيفي في مدينة‬
‫اإلسكندرية ولم يحسب هو محيط األرض‪.‬‬
‫قياس بعثة المأمون‪:‬‬

‫أخذت دراسات علم الفلك االتجاه الصحيح على عهد املأمون بن هارون‬
‫الرشيد (ت ‪218‬هـ‪833/‬م) حيث دعم هذا الخليفة العلم وأمد العلماء باملال‬
‫الالزم إلجراء دراساتهم وأبحاثهم كما شجع ترجمة الكتب من اللغات السريانية‬
‫ً‬
‫واليونانية والفارسية والهندية‪ ،‬وكان مولعا بعلم الفلك وأمر ببناء املرصد املأموني‬
‫شرق بغداد وجهزه بما يحتاج من أدوات للرصد الفلكي‪ .‬ويقال أن املأمون كان‬
‫يحضر بعض مجالس العلم في هذا املرصد‪ .‬وقد أصبح علم الفلك في ذلك العصر‬
‫علية القوم‪ .‬ومن أشهر إنجازات عهد املأمون في الفلك قياس محيط‬ ‫مثار اهتمام ّ‬
‫األرض‪ .‬فقد أرسل املأمون بعثة علمية (يقال أنها ضمت أبناء موس ى بن شاكر‬
‫املنجم ويقال غيرهم) إلى برية جبل سنجار غربي مدينة املوصل بالعراق‪ ،‬فقامت‬
‫هذه البعثة بقياس ميل نجم القطب الشمالي عن األفق من موقع معين فوجدوه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ 35‬درجة‪ ،‬فضربوا وتدا في ذلك املوقع‪ .‬ثم تحركوا شماال من موقع الوتد بعد أن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ربطوا حبال فيه‪ .‬وظلوا يمشون شماال ويربطون الحبال إلى أن أصبحت زاوية ميل‬
‫نجم القطب تزيد درجة واحدة عن املوقع األول (أي أصبحت ‪ 36‬درجة) ‪ ،‬ثم كرروا‬
‫ً‬
‫القياس إلى جهة الجنوب من املوقع األول ولفترة درجة واحدة أيضا… ثم قاسوا طول‬
‫الحبال التي تعدل درجة واحدة من درجات محيط األرض فكان متوسط طول‬
‫الحبال هو ‪ 56.6‬ميل عربي‪ .‬وبذلك وجدوا أن محيط األرض (‪ 360‬درجة) يكون‬
‫ً‬
‫حوالي ‪ 20400‬ميل عربي وملا كان امليل العربي يساوي ‪ 1973.2‬مترا‪ ،‬لذلك فإن‬
‫محيط األرض وفق هذا الحساب يكون ‪ 40252.8‬كيلو متر‪ .‬وهذا التقدير أقرب‬
‫إلى الصحة من قياسات اليونان‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫دوران األرض حول الشمس‬
‫ً‬
‫تدور األرض حول الشمس دورة واحدة خالل مدة قدرها ‪ 365‬يوما وربع‬
‫اليوم بالتقريب‪ .‬وخالل هذه الفترة تمر على األرض الفصول األربعة‪ .‬ولم يكن الناس‬
‫ليؤمنوا أن األرض تدور حول الشمس بسهولة ويسر وذلك لظنهم أن حركة األرض‬
‫ستؤدي إلى اضطراب ما عليها كما تضطرب األشياء على سطح السفن عندما تمخر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عباب البحار‪ .‬لذلك فقد تأخر إدراك اإلنسان هذه الحقيقة وقتا طويال‬
‫األدلة على دوران األرض حول الشمس‬

‫‪ .1‬ظاهرة اختالف المنظر‪ :Parallax :‬وقد تم شرح هذه الظاهرة في الفصل الرابع‪.‬‬

‫‪ .2‬زيغ ضوء النجوم‪ :‬اكتشف برادلي أن الضوء القادم من النجوم يعاني تزّيحاً بسبب‬
‫حركة األرض حول الشمس‪ .‬وهذه الظاهرة مماثلة لحالة حركة قطرات المطر الساقطة‬
‫عمودياً على سطح األرض‪ .‬حيث تظهر هذه‬
‫القطرات لشخص يسير بسرعة معينة ساقطة‬
‫بصورة مائلة بزاوية تتناسب طردياً مع سرعة‬
‫إن نفس الظاهرة تحصل لضوء‬ ‫الشخص‪.‬‬
‫النجوم الساقط علينا عمودياً من القبة‬
‫السماوية‪ ،‬مما يؤدي إلى ظهور النجوم التي‬
‫تقع على استقامة الخط العمودي المقام على‬
‫مستوي الدائرة الكسوفية تزيغ عن مواقعها في‬
‫دائرة صغيرة جداً لتدور دورة واحدة في السنة‪.‬‬

‫دوران أألرض حول نفسها‬


‫تدور األرض حول محور لها يمر بمركزها‪ ،‬ومدة دورانها هذه هي ‪ 24‬ساعة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تماما وهذه املدة هي اليوم الشمس ي ويمكن قياسها عمليا بين عبورين للشمس‬
‫ً‬
‫لخط الزوال (أي وقوعها فوق سمت الراصد تماما) أو بين غروبين متتاليين (وهذا‬

‫‪192‬‬
‫هو اإلصطالح اإلسالمي) أما لو أننا رصدنا عبور نجم ما لخط الزوال وقسنا املدة‬
‫الزمنية بين عبورين متتاليين لوجدنا أن هذه املدة هي ‪ 23‬ساعة و ‪ 56‬دقيقة‬
‫بالتقريب‪ .‬وتسمى هذه املدة اليوم النجومي ‪ ،Sidereal Day‬وهي املدة الالزمة لكي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يقابل موقع ما على سطح األرض موقعا معينا (موقع أي نجم) في كرة السماء مرتين‬
‫متتاليتين‪.‬‬
‫من الدالئل العملية املباشرة على دوران األرض حول نفسها حركة بندول‬
‫فوكو ‪ .Focault Pendulum‬فهذا البندول الفرنس ي إخترعه جين برنارد فوكو عام‬
‫‪1851‬م‪ ،‬وهو عبارة عن كتلة كبيرة معلقة بخيط (أو سلك) طويل من سقف‬
‫ً‬
‫مرتفع‪ ،‬بحيث يكون احتكاك الخيط عند نقطة التعليق قليل جدا (شبه معدوم)‬
‫ً‬
‫ليتحرك البندول حركة شبه حرة جيئة وذهابا‪ .‬وبسبب القصور الذاتي الذي تملكه‬
‫كرة البندول لعظم كتلتها‪ ،‬فإنها تتحرك بزخم يجعلها تحافظ على خط مسارها دون‬
‫تغيير‪ .‬فإن كانت نقطة التعليق حرة فإن الكرة لن تغير إتجاه مسارها ولن تتأثر‬
‫بحركة األرض‪ .‬وفيما تدور األرض تؤشر حركة البندول التغير الحاصل في إتجاه‬
‫البندول نفسه نسبة إلى األرض تحته ( أو حركة األرض تحته نسبة إلى إتجاه‬
‫حركته)‪ .‬هذه الحركة النسبية تؤكد دوران األرض حول نفسها‪ .‬وتتوفر في العديد من‬
‫جامعات العالم ومتاحفه الكبيرة نماذج لهذا البندول‪.‬‬
‫إن توالي الليل والنهار على األرض لهو دليل على دورانها حول نفسها‪ ،‬وإن كان‬
‫ً‬
‫إدراك اإلنسان لهذه الحقيقة قد جاء متأخرا على الرغم من وجود إشارات قرآنية‬
‫َْ‬
‫عديدة تستفز اإلنسان إلى التفكر في هذه الظاهرة وأولها قوله تعالى‪(ِ :‬إ َّن ِفي خل ِق‬
‫اب)(آل عمران‪.)190:‬‬ ‫َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫اخ ِت ِ َّ ْ َ َّ َ‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ‬
‫الف اللي ِل والنه ِار آليات ألولي األلب ِ‬ ‫ضو‬ ‫ات واألر ِ‬
‫السماو ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ ّ ُ َ ّ ُ َّ ْ َ َ َ َّ‬
‫الن َهار َو ُي َك ّو ُر َّ‬
‫الن َه َار َعلى‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫ِ‬ ‫ات واألرض ِبالح ِق يك ِور الليل على ِ‬ ‫وقوله تعالى‪(:‬خلق ال َّس َماو ِ‬
‫َ‬ ‫َّ ْ َ َ َّ َ َّ ْ َ ْ َ ُ‬
‫س َوالق َم َر ك ٌّل َي ْج ِري أل َج ٍل ُم َس ّم ًى )(الزمر‪ :‬من اآلية‪)5‬‬ ‫اللي ِل وسخر الشم‬

‫‪193‬‬
‫طلبه َحِّثيثاً وا َّ‬
‫لش ْم َس َواْلَق َم َر‬ ‫وقوله تعالى‪  :‬ي ْغ ِّشي اللَّْي َل النَّ َه َار َي ْ‬
‫َ‬
‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫ين‪‬‬‫َّللا َر ُّب اْل َعاَلم َ‬
‫ك َّ‬‫وم م َس َّخ َرات ِّبأ َْم ِِّّره أَال َله اْل َخْلق َواأل َْمر تََب َار َ‬ ‫ُّ‬
‫َوالنج َ‬
‫(ألعراف‪ :‬من اآلية‪)54‬‬

‫ترحن حمور ا ألرض‬


‫ذكرنا أن األرض جسم كروي الشكل ذي انبعاج بسيط عن خط االستواء‬
‫ويبلغ قطر األرض عند القطبين ‪ 12715‬كيلو متر ويكون عن خط االستواء‬
‫‪ 12756‬كيلو متر‪ .‬وتقع الشمس والقمر كليهما (مع مالحظة ميل مدار القمر‬
‫بخمس درجات) في املستوي الكسوفي ‪ Ecliptic Plane‬الذي يميل على املستوى‬
‫االستوائي بمقدار ‪ 23.5‬درجة‪ .‬لهذا السبب تتعرض األرض إلى قوة جذب خاصة‬
‫ً‬
‫من الشمس والقمر تشد محور دورانها ليصبح عموديا على مستوى الدائرة‬
‫الكسوفية‪( ،‬أي تعمل على سحب مواقع القطبين السماويين إلى مواقع القطبين‬
‫البروجيين)‪ .‬إال أننا نعلم أن تدوير محور دوران جسم دوار يالقي مقاومة كبيرة‬
‫ً‬
‫وذلك بسبب اتجاه العزم الدوراني الذي يكون منطبقا على محور الدوران (وبامكانك‬
‫التأكد من ذلك بمحاولة بتدوير محول عجلة دراجة هوائية دائرة بسرعة كبيرة إذ‬
‫ستالقي مقاومة واضحة)‪ ،‬ونتيجة لهذه املقاومة يدور محور الدوران على محيط‬
‫دائرة صغيرة يتناسب قطرها مع مقادير العزم الدوراني للجسم الدائرة والقوة‬
‫الخارجية املسلطة التي تحاول تدوير املحور‪ ،‬ولهذا السبب يتعرض محور دوران‬
‫تغير تدريجي طويل األمد على محيط دائرة مركزها القطب‬ ‫األرض حول نفسها إلى ّ‬
‫البروجي ويسمى هذا التغير الدوري ترنح محور األرض ‪.Precession‬‬

‫‪194‬‬
‫الشكل (‪ )3-7‬ترنح محوراألرض‬

‫ّأما الفترة الدورية للترنح فهي بحسب االرصادات الحالية ‪ 25725‬سنة‪،‬‬


‫وعلى الرغم من طول هذه الفترة الزمنية إال أن لها تأثيرات ملحوظة عند رصد قبة‬
‫ً‬
‫السماء على مدى زمني طويل نسبيا‪ ،‬ففي عام ‪ 1155‬ق‪.‬م كان القطب السماوي‬
‫ً‬
‫الشمالي متجها إلى نجم ‪ Kochab‬على حين أنه كان على عهد املصريين القدماء في‬
‫ً‬
‫حدود سنة ‪ 2700‬ق‪.‬م متجها إلى نجم ثوبان ‪ Thuban‬في كوكبه التنين ‪،Draco‬‬
‫وبعد ‪ 13000‬سنة من اآلن سيتجه القطب السماوي الشمالي إلى نجم النسر‬
‫وعندئذ سيظهر النجم القطبي الحالي بميل قدره ‪ 13‬درجة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الواقع ‪Vega‬‬
‫ً‬
‫واآلن إذا كان قطبا السماء غير ثابتين تماما فإن األمر هو كذلك بما يتعلق‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بخط االستواء السماوي أيضا‪ ،‬وملا كان خط االستواء السماوي موازيا لخط‬
‫استواء األرض فإن هذا معناه تغير نقطتي تقاطع املستوي الكسوفي مع مستوي‬
‫االستواء وبالتالي تغير مواقع االعتدالين (الربيعي والخريفي) واالنقالبين (الصيفي‬
‫والشتوي) وهذا يعني تغير أوقات الفصول األربعة على مناطق األرض املختلفة‪،‬‬
‫ومقدار هذا التغير هو ‪ 5‬ثانية قوسية لكل سنة‪ ،‬أي حوالي درجة واحدة على مدى‬
‫متوسط عمر اإلنسان‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫الشكل (‪ )4-7‬يوضح دوران محوراألرض خالل ‪ 25725‬سنة‬

‫وتقول أغلب املصادر الغربية أن هيبارخوس ‪ Hipparchus‬كان أول من‬


‫اكتشف ترنح االعتدالين هذا قبل حوالي ‪ 2000‬عام إال أن الكشوفات اآلثارية‬
‫الرقم الطينية الفلكية البابلية تؤكد بما ال يقبل الشك‬ ‫والدراسات التي جرت على ُّ‬
‫أن البابليين الحظوا هذه الظاهرة وسجلوا لها في سجالتهم ‪ .‬ويؤثر ترنح االعتدالين‬
‫هذا في تحديد موقع الشمس على دائرة البروج إذ يعني ترنح االعتدالين دوران البروج‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫دورة كاملة كل ‪ 25725‬سنة ‪ ،‬أي أن الدائرة البروجية تتحرك برجا كامال كل‬
‫‪ 2000‬عام بالتقريب‪.‬‬
‫وهنا ال بد من اإلشارة إلى أن تحديد موقع نقطة االعتدال الربيعي في برج‬
‫الحمل إن هو إال أمر اصطالحي تم تحديده على وقت البابليين قبل أكثر من ألفي‬
‫سنة‪ّ ،‬أما اآلن فإن الشمس تطلع وقت االعتدال الربيعي في برج الحوت وستتحول‬
‫إلى برج الدلو في حدود عام ‪2700‬م‪.‬‬
‫‪196‬‬
‫ً‬
‫ّأما االنقالب الصيفي فيحصل اآلن والشمس في برج الجوزاء وقد كان سابقا‬
‫في برج السرطان واالنقالب الشتوي يحصل والشمس في برج القوس (وكان يحصل‬
‫ًً‬
‫سابقا والشمس في برج الجدي‪ ،‬أي عمودية على برج الجدي)‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد اعتبر الفلكيون هذا الترنح االعتدالي دليال على خطأ التنجيم فاألبراج‬
‫التي يتحدث عنها املنجمون هي ما كانت عليه في السابق (قبل عام ‪450‬م) ّأما اآلن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫فإنها وال بد قد أزحيت برجا كامال وزيادة‪.‬‬
‫إن ظاهرة ترنح االعتدالين هذه تؤدي إلى تغير مواقع األجرام السماوية‪ ،‬وإن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الخارطة السماوية وفقا لذلك تتغير تغيرا بطيئا‪ ،‬لذلك اتفق الفلكيون عند‬
‫ً‬
‫الحديث عن مواقع األجرام السماوية على تعيينها وفقا لفترة أمدها ‪ 50‬سنة‪ ،‬وفيها‬
‫تكون مواقع األجرام الثابتة وهي القبة السماوية ثابتة بإحداثيات تلك الفترة ونحن‬
‫اآلن نغادر إحداثيات الفترة ‪ 1950‬إلى إحداثيات الفترة ‪ 2000‬التي ستعتمد ملدة‬
‫‪ 50‬سنة قادمة‪.‬‬
‫ً‬
‫نظرا لتعقيد الحركات السماوية وتغير مستوى استواء األرض والتغيرات‬
‫الحاصلة في مدار القمر حولها فإن حركة ترنح محور دوران األرض حول نفسها‬
‫ً‬
‫ليس حركة منتظمة تماما بل هي متأرجحة ‪ Oscillating‬وبالتالي فإن دوران املحور‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ال يصنع دائرة كاملة مطلقا إال أن هذه التأثيرات قليلة جدا وتأثيرها ال يكون إال على‬
‫ً‬
‫مدى زمني طويل جدا ُيعد بمئات آالف وماليين السنين‪.‬‬
‫مكوانت ا ألرض‬
‫الماء واليابسة‬
‫يغطي املاء حوالي ‪ %76‬من مساحة سطح األرض على هيئة بحار ومحيطات‪.‬‬
‫أكبر البحار هو البحر األبيض املتوسط‪ ،‬وأكبر املحيطات هو املحيط الهاديء‪.‬‬
‫ً‬
‫وتعج هذه املساحة الهائلة من املياه بالحياة بمختلف أشكالها وليس غريبا القول أن‬

‫‪197‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫البحار أغنى كثيرا من اليابسة كما ونوعا‪ .‬وتلعب هذه املساحة الهائلة من املياه دورا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كبيرا في شخصية األرض الكونية‪ ،‬فليس معروفا حتى اآلن أية كواكب أخرى تحوي‬
‫ً‬
‫مياها سطحية‪.‬‬
‫التكوين الداخلي لألرض‬
‫أجريت دراسات سيزمولوجية معمقة على باطن األرض ويقرر العلماء أن‬
‫باطن األرض مؤلف من الطبقات التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬القشرة ‪:Crust‬‬
‫وتشمل على سطح األرض الخارجي الصلب وقيعان البحار واملحيطات ويبلغ‬
‫سمكها ‪ 5‬كيلو مترات تحت قاع البحر ّأما في املناطق القارية فإن سمكها يبلغ ‪48‬‬
‫ً‬
‫كيلو مترا‪.‬‬
‫‪ .2‬الوشاح ‪:Mantle‬‬
‫ً‬
‫ويمتد حتى ‪ 2880‬كيلو مترا تحت سطح األرض وهي مكونة من السيليكات‬
‫الغنية باملغنيسيوم والحديد‪ .‬ويسمى الحد الفاصل بين القشرة والوشاح حاجز‬
‫املوهو‪.‬‬
‫‪ .3‬اللب ‪ :Core‬ويقسم إلى قسمين‬
‫أ‪ -‬اللب الخارجي ‪:Outer Core‬‬
‫يتراوح عمقه ما بين ‪5100-2900‬كم ويعتقد بأنه مكون من النيكل‬
‫والحديد في حالة سائلة والذي يؤدي دورانه إلى توليد املجال املغناطيس ي لألرض‪.‬‬
‫‪Inner Core‬‬ ‫ب‪ -‬اللب الداخلي‬
‫وهو كروي الشكل نصف قطره حوالي ‪1280‬كم ويعتقد بأنه مكون من‬
‫الحديد والنيكل في حالة صلبة‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫يدل وجود املعادن الثقيلة في لب األرض على أنها كانت منصهرة في وقت سابق‬
‫ثم حصل أن بردت بسبب تسرب الحرارة إلى الفضاء الخارجي وتجمدت املواد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املنصهرة تدريجيا وترسبت العناصر األثقل أوال ثم األخف فاألخف عبر عملية‬
‫تفاضلية ‪ .Differential Process‬وتزداد درجة حرارة باطن األرض كلما توغلنا‬
‫داخلها بمعدل درجة واحدة لكل ‪ 30‬متر‪.‬‬
‫تبلغ كثافة القشرة األرضية ‪3.0‬غم‪/‬سم‪ 3‬وكثافة طبقة الوشاح ‪3.5‬‬
‫غم‪/‬سم‪ّ ،3‬أما اللب فتبلغ كثافته ‪15‬غم‪/‬سم‪ .3‬أما متوسط الكثافة فيبلغ‬
‫‪5.5‬غم‪/‬سم‪.3‬‬

‫الشكل (‪ )5-7‬التركيب الجيولوجي لألرض مع تركيب الغالف الجوي‬

‫املناطق الزمنية عىل سطح ا ألرض‬


‫لغرض تحديد املواقع على سطح األرض بدقة تم تعريف خطوط للطول هي‬
‫دوائر عظمى تصل ما بين القطبين الشمالي والجنوبي‪ .‬وتم االصطالح على تعريف‬
‫مثابة الصفر بالخط املار بقرية كرينج جنوب غربي العاصمة البريطانية لندن‪،‬‬
‫ً‬
‫وسمي خط كرينج‪ .‬وتم االتفاق أيضا على أن يكون هنالك ‪ 360‬خط‪ 180 ،‬منها‬

‫‪199‬‬
‫شرق كرينج ويرمز لها بالحرف ‪ E‬و‪ 180‬أخرى غرب كرينج‪ ،‬ويرمز لها بالحرف ‪.W‬‬
‫ّ‬
‫أي أن كل خط طول إنما يولف درجة قوسية واحدة‪ .‬وملا كان طول اليوم الشمس ي‬
‫هو ‪ 24‬ساعة فإن املسافة الزمنية بين خطين متتاليين هي ‪ 4‬دقائق‪ .‬أي أن عبور‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الشمس ‪ 15‬خطا طوليا يتم خالل ساعة واحدة‪ .‬لذلك تمت اإلفادة من خطوط‬
‫ً‬
‫الطول هذه لتقسيم العالم إلى مناطق زمنية ‪ ،Time Zones‬كل منها تمثل ‪ 15‬خطا‬
‫ً‬
‫طوليا أي فرق زمني قدره ساعة واحدة‪ .‬لذلك أصبح توقيت كرينج مثابة للتوقيت‪.‬‬
‫وبموجبه يتم تعريف التوقيت الدولي ‪.Universal Time‬‬
‫لكن تحديد أي موقع على سطح األرض يحتاج إلى بعد آخر لتعريفه‪ .‬لذلك تم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تقسيم كرة األرض إلى خطوط عرض جملتها ‪ 180‬خطا‪ 90 ،‬خطا منها شمال خط‬
‫االستواء ويرمز لها بالحرف ‪( N‬أي شمال) و‪ 180‬أخرى جنوب خط االستواء ويرمز‬
‫لها بالحرف ‪( S‬أي جنوب)‪ .‬وبهذا تكون املثابة الصفرية لخطوط العرض هي خط‬
‫االستواء‪ .‬كما تم تسمية خط العرض ‪ 23.5‬شمال الذي تشرق الشمس عنده يوم‬
‫االنقالب الصيفي مدار السرطان ألن الشمس تكون في ذلك الوقت في أول برج‬
‫السرطان‪ .‬وسمي خط العرض ‪ 23.5‬جنوب الذي تشرق الشمس عنده يوم‬
‫االنقالب الشتوي مدارالجدي ألن الشمس تكون فيه في أول برج الجدي‪.‬‬
‫وبالخالصة يتم تحديد أي موقع على سطح األرض بداللة رقمين أحدهما‬
‫لخط الطول ‪ Longitude‬واآلخر لخط العرض ‪ ،Latitude‬واليك أمثلة منها في‬
‫الجدول (‪ .)1-7‬ولقد أمكن باستخدام التقنيات الفضائية اآلن تخصيص منظومة‬
‫كاملة من األقمار الصنعية ألغراض املالحة تسمى ‪Global Positioning System‬‬
‫تجوب الفضاء من أجل مساعدة املركبات والسفن والطائرات في البر والبحر والجو‪.‬‬
‫ويمكن اآلن باستخدام جهازصغير بحجم الكف‪ ،‬يلتقط اإلشارات من األقمار‬
‫الصنعية‪ ،‬أن يحدد موقعك على األرض وبدقة عالية أينما كنت‪ .‬فال تحتاج لدليل‬
‫في مجاهل الصحراء بعد اآلن إذا امتلكت مثل هذا الجهاز وخارطة دقيقة‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫جدول (‪ )1-7‬خطوط الطول والعرض لمدن مشهورة‬

‫خط العرض‬ ‫خط الطول‬ ‫المدينة‬

‫‪21°26`N‬‬ ‫‪39°49`E‬‬ ‫مكة المكرمة‬

‫‪31°47`N‬‬ ‫‪35°13`E‬‬ ‫القدس الشريف‬

‫‪30° 3`N‬‬ ‫‪31°15`E‬‬ ‫القاهرة‬

‫‪38°55`N‬‬ ‫‪77° 0`W‬‬ ‫واشنطن‬

‫‪35°40`N‬‬ ‫‪139°45`E‬‬ ‫طوكيو‬

‫‪48°52`N‬‬ ‫‪2°20`E‬‬ ‫باريس‬

‫‪55°45`N‬‬ ‫‪37°42`E‬‬ ‫موسكو‬

‫‪33°55`S‬‬ ‫‪151°10`E‬‬ ‫سدني‬

‫الغالف الغازي ل ألرض‬


‫يتضح للباحث الجاد أن األرض قد خلقت بعناية بالغة جعلها خالقها تتمتع‬
‫بصفات أساسية تتوفر معها شروط الحياة املتطورة واملتنوعة عليها‪ .‬ويلعب الغالف‬
‫ً‬
‫الجوي لألرض دورا بالغا في تهيئة الشروط الالزمة لديمومة الحياة على األرض‬
‫وحفظها من األخطار املحدقة بها من السماء‪.‬‬
‫يحيط باألرض غالف جوي مميز يؤدي بشكل أساس ي وظيفتين هما‪ :‬امداد‬
‫ً‬
‫الكائنات الحية بما تحتاجه من غازات حيث يعمل كخزان كبير جدا لهذه الغازات‪.‬‬
‫والناتجة هي املحافظة على التوازن الحراري بين الليل والنهار وجعل الفرق بين درجة‬
‫ً‬
‫الحرارة في الليل والنهار قليال بما يتناسب مع احتماله من قبل الكائنات الحية‪.‬‬
‫والغالف الغازي األرض ي (الهواء) يتألف من نسب حجمية متناسبة وكما يلي‬
‫النتروجين ‪ %78‬واألكسجين ‪ %21‬ثاني أكسيد الكربون وبخار املاء واألرغون‬
‫واألوزون حوالي ‪.%1‬‬
‫‪201‬‬
‫ً‬
‫ولعل سؤاال يبرز في أهمية غاز النتروجين الذي يبدو من غير وظيفة‪،‬‬
‫والحقيقة أن هذا الغاز يعمل على تلطيف الجو من خالل تقليص قابلة األوكسجين‬
‫ً‬
‫على األكسدة‪ ..‬فلو كانت نسبة األكسجين كبيرة لحصلت األكسدة سريعا‪ .‬وملا‬
‫أمكن احتفاظ الكائنات الحية بحيويتها‪.‬‬
‫ويمكن تقسيم الغالف الجوي إلى أربع طبقات رئيسية هي‪:‬‬
‫التروبوسفير ‪Troposphere‬‬

‫وتمتد من سطح األرض حتى ارتفاع ‪11‬كم وفيها تحدث معظم تقلبات‬
‫الطقس وفيها تنخفض درجة الحرارة مع اإلرتفاع بمعدل ‪ 6‬درجة إلى ‪ 7‬درجة مئوية‬
‫لكل كيلو متر‪.‬‬
‫‪Stratosphere‬‬ ‫‪ .2‬الستراتوسفير‬
‫وتعرف بالطبقة الهادئة وتمتد من ارتفاع ‪ 11‬كيلو متر حتى ارتفاع ‪ 50‬كيلو‬
‫متر فوق سطح البحر‪ ،‬وحرارتها ثابتة في املناطق السفلى منها وتزداد مع االرتفاع‪،‬‬
‫وتصلح هذه الطبقة للطيران التجاري‪ ،‬ويقل بخار املاء فيها‪ ،‬ويتكون غاز األوزون‬
‫بكثرة في مناطقها العليا باتحاد ثالث ذرات أوكسجين مع بعضها‪.‬‬
‫‪ .3‬طبقة اْليزوسفير ‪Mesosphere‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتمتد من ‪ 50‬كيلو مترا حتى ‪ 85‬كيلو مترا فوق سطح البحر وتتميز‬
‫بتناقص مضطرد في درجات الحرارة مع االرتفاع حتى تصبح درجة الحرارة أعلى‬
‫الطبقة بحدود ‪ 90‬درجة مئوية تحت الصفر‪ ،‬وهذه هي أقل درجة حرارة في الغالف‬
‫الجوي‪.‬‬
‫‪ .4‬األيونوسفير ‪Ionosphere‬‬
‫وسمكها يتراوح ما بين ‪ 80‬إلى ‪ 700‬كيلو متر وتحتوي على كميات وفيرة من الذرات املتأنية بسبب‬
‫األشعة فوق البنفسجية واألشعة السينية القادمة من الشمس التي تؤين ذرات الغالف الغازي‪ .‬وتتميز هذه‬
‫الطبقة بأنها تعكس االشعاعات الراديوية‪ ،‬مما يساعد على نقل األمواج الراديوية على األرض‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫طبقة األكسوسفير ‪Exosphere‬‬

‫تبدأ هذه الطبقة عند الحدود العليا لأليونوسفير وتمتد نحو حتى ارتفاع‬
‫‪ 35000‬كيلو متر‪ .‬وتتميز هذه الطبقة بقلة كثافة الهواء فيها بشكل يجعل‬
‫ً‬
‫جزئياته تتحرك مسافات كبيرة جدا قبل أن تتصادم مع بعضها‪ ،‬وفي الحدود العليا‬
‫من هذه الطبقة تتمكن جزئيات الغالف الجوي من اإلفالت إلى الفضاء الخارجي‪،‬‬
‫فتبتعد إلى غير رجعة‪.‬‬
‫وبالجملة يمكن القول أن الغالف الجوي الفعال يمتد إلى ارتفاع بحوالي ‪200‬‬
‫ً‬
‫كيلومتر‪ ،‬بعدها تكون كثافة الهواء قليلة جدا‪ .‬يولد عمود الهواء املتمثل بالغالف‬
‫ً‬
‫الجوي لألرض ضغطا على سطح األرض يبلغ حوالي ‪ 1‬كيلوغرام لكل سنتيمتر مربع‬
‫عند سطح البحر‪ .‬ويقل الضغط الجوي مع االرتفاع‪.‬‬
‫تطور الغالف الغازي ل ألرض‬
‫كان الغالف الغازي لألرض في أول عهد تكوينها يتألف من الغازات الخفيفة‬
‫الشائعة في النظام الشمس ي وهي غازات الهيدروجين والهيليوم وامليثان واألمونيا‬
‫وبخار املاء ‪ .‬لكن معظم هذه الغازات الخفيفة هربت من جو األرض بفعل ارتفاع‬
‫درجة الحرارة وضعف جاذبية األرض حيث تبلغ سرعة االفالت عن سطحها بحدود‬
‫‪ 11‬كيلومتر في الثانية‪.‬‬
‫لكن البراكين التي كانت نشطة على سطح األرض زودتها بغالف جوي جديد‬
‫غني ببخار املاء ويتألف من ثاني أوكسيد الكربون وثاني أوكسيد الكبريت ومركبات‬
‫ً‬
‫النتروجين‪ .‬وحين بردت األرض تدريجيا تكاثفت كيات الهائلة من بخار املاء وتحولت‬
‫إلى بحار ومحيطات تغطي أكثر من ثالثة أرباع سطح األرض‪ .‬وهكذا ذابت كميات‬
‫كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون وثاني أوكسيد الكبريت في تلك املياه‪ .‬كما اتحد قسم‬
‫منها مع الصخور‪ .‬أما بالنسبة لألوكسجين الذي كان يخرج من البراكين فإنه سرعان‬
‫ً‬
‫ما كان يتحد مع املعادن األخرى التي في قشرة األرض مكونا األكاسيد املختلفة‪ .‬وقد‬

‫‪203‬‬
‫أدت األشعة لكونية من تحرير النتروجين من املركبات الكيمياوية التي تحتويه‬
‫وبالتالي أدى ذلك إلى زيادة نسبته في الغالف الغازي وقيامه بتثبيط معدالت‬
‫األكسدة‪ .‬مما أتاح للجزء املتبقي من األوكسجين بتزويد التكوين النبتي واألشنات‬
‫الهائلة في البحار واملحيطات بالطاقة وهذه بدورها صارت تنتج األوكسجين في‬
‫عمليات التركيب الضوئي‪ .‬هذه الوفرة األوكسجينية أدت إلى تكوين طبقة من غاز‬
‫األوزون وهو عبارة عن جزيئات ثالثية من األوكسجين‪ .‬فقامت طبقة األوزون بتقليل‬
‫كثافة األشعة الكونية وباتالي توفير الحماية الالزمة للنشاط الخلوي الحيوي‪ .‬مما‬
‫أدى إلى انتشار الحياة النباتية على سطح األرض وتطورها بشكل سريع‪ .‬وعلى هذا‬
‫يعتقد علماء البيئة أن معظم األوكسجين املتوفر في جو األرض هو نتاج لتطور‬
‫الحياة على سطح األالض‪ ،‬وليس العكس كما يظن املرء ألول وهلة‪.‬‬
‫ينطبق الوصف آنف الذكر على ما حصل للغالف الغازي لكوكبي املريخ‬
‫والزهرة‪ .‬ولهذا السبب نجد أنه في كال الحالين لدينا وفرة كبيرة في غاز ثاني أوكسيد‬
‫الكربون‪ .‬ولربما كان قرب الزهرة من الشمس سببا في هروب جزيئات بخار املاء من‬
‫جوها مما أدى بالتالي إلى غياب املحيطات على سطحها‪ .‬أما بالنسبة للمريخ فلربما‬
‫كانت النسبة القليلة من املياه املتوفرة فيه قد غارت إلى أعماقه لبرودة سطحه‬
‫حيث ال تتحقق دورة للمياه عليه كما هو الحال على األرض‪.‬‬
‫فضائل الغالف الغازي ل ألرض‬
‫ً‬
‫إن للغالف الجوي الذي يحيط باألرض فوائد مهمة جدا هي في معظمها‬
‫تستهدف حماية األرض من أخطار الفضاء وهذا دليل على العناية اإللهية باألرض‬
‫بسبب كونها مهد الحياة‪ . .‬وتتلخص هذه من هذا إلى أن الغالف الجوي يحفظ‬
‫األرض من املخاطر التالية‪:‬‬
‫(الكسف) الحارقة وذلك بتبخير معظم‬‫حماية األرض ومن عليها من النيازك ِ‬
‫كتلتها في الغالف الجوي بسبب االحتكاك مع جزيئات الهواء‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫املسببة‬ ‫‪X-‬‬ ‫حفظ األرض من أخطار األشعة الفوق البنفسجية وأشعة‬
‫للسرطان وذلك بامتصاصها في طبقة األوزون‪.‬‬
‫حفظ األرض من خطر الرياح الشمسية التي هي أيونات سريعة قاتلة‪ ،‬وذلك‬
‫بواسطة املجال املغناطيس ي لألرض‪.‬‬
‫ً‬
‫حفظ حرارة األرض من التبدد ليال بحبس األشعاعات تحت الحمراء‪ .‬وإال‬
‫ً‬
‫لكان الفرق بين حرارة الليل والنهار كبير جدا وال يطاق‪.‬‬
‫نشر ضوء الشمس لتمكين الكائنات من إبصار األشياء بيسر‪.‬‬
‫وقد أشار سبحانه وتعالى إلى إلى دور النهار في نشر ضوء الشمس في اآليات‬
‫التالية‪:‬‬

‫الها‪( ‬الشمس‪)3-1:‬‬‫الن َهار إ َذا َج َ‬ ‫اها* َو مال َق َمرإ َذا َت َ‬


‫الها* َو َّ‬ ‫الش ممس َوض َح َ‬ ‫َ َّ‬
‫[و‬
‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫وذلك أن النهار هو الذي يجلي الشمس أي ينشر ضوءها بوجود الغالف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الجوي وبدونه ستبدو الشمس للناظر قرصا ابيض مائال إلى الصفرة‪ ،‬ويبدو‬
‫ً‬
‫الفضاء مظلما‪ .‬فاألصل في الكون الظلمة‪ .‬وفي هذا السياق يمكن أن نفهم معنى‬
‫قوله تعالى‪:‬‬
‫م‬ ‫َّ م َ م َ م َّ َ َ‬ ‫ٌ َ‬
‫ّ(يـس‪)37:‬‬ ‫الن َه َارف ِإذا ه مم مظ ِلمون‪‬‬ ‫‪َ ‬و َآية لهم الليل نسلخ ِمنه‬
‫حيث استخدم هللا تعالى لفظة (نسلخ) ألن الغالف الجوي رقيق إذ يبلغ‬
‫سمكه بحدود ‪ 200‬كيلومتر فقط‪ ،‬بينما قطر األرض هو بحدود ‪ 12000‬كيلومتر‪.‬‬
‫والسلخ في اللغة فصل الجلد الرقيق عن البدن السميك‪ .‬وهكذا هو ألمر حين ينتزع‬
‫ضوء النهار من جو األرض بغياب الشمس‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫لون السامء‬
‫وجد الفيزيائي رايلي أن جزئيات النتروجين واألكسجين في الهواء هي املسؤولة‬
‫عن لون السماء‪ .‬ذلك أنه وجد أن نسبة الضوء املتشتت في الغالف الجوي لألرض‬
‫ً‬
‫تتناسب عكسيا مع القوة الرابعة للطول املوجي‪ ،‬أي كلما قصر الطول املوجي كان‬
‫مقدار التشتت أعظم‪ ،‬وملا كان أقصر طول موجي في النطاق املرئي هو األزرق‪ ،‬فإن‬
‫هذا اللون يعاني أعظم تشتت لذلك تظهر السماء الصافية زرقاء‪.‬‬
‫ّأما عند غروب الشمس فإن السماء تبدو حمراء جهة الغروب خاصة‪،‬‬
‫وسبب ذلك أن الضوء القادم من الشمس يقطع مسافة كبيرة خالل الغالف‬
‫ً‬
‫الجوي الذي ُيشتت اللون األزرق بينما يكون اللون األحمر األقل تشتتا وبالتالي يمر‬
‫من الغالف الجوي دون أن يتشتت‪ .‬لذلك تظهر السماء حمراء وقت الغروب‪.‬‬
‫ً‬
‫والغالف الجوي هو املسؤول أيضا عن ظاهرة ضوء الشفق عند الفجر قبل‬
‫شروق الشمس وبعد الغروب‪.‬‬
‫ظاهرة البيت الزجايج وارتفاع درجة حرارة ا ألرض‬
‫من املعروف أن وجود ثاني أوكسيد الكربون في الغالف الجوي لألرض يؤدي‬
‫إلى حبس االشعاعات الحرارية النافذة إليها من الشمس‪ .‬وسبب ذلك هو أن حجم‬
‫جزيئة ثاني أوكسيد الكربون قريب من الطول املوجي لإلشعاعات الحرارية‪ .‬وكلما‬
‫ارتفعت نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو تزايدت قدرته على حبس‬
‫االشعاعات الحرارية ‪ .‬كما أن هنتالك غازات أخرى يدخل فيها مركبات الكربون‬
‫ً‬
‫والفلور وتسمى جميعا املركبات الكلورية الفلورية الكربونية ‪Chloro-Floro-‬‬
‫‪ Carbon‬ويرمز لها مركبات ‪ CFC‬هذه املركبات تسبب حبس االشعاعات الحرارية‬
‫في جو األرض مما يؤدي إلى حصول ما يسمى ظاهرة البيت الزجاجي ‪Green House‬‬
‫‪ ، Effect‬وذلك ألن البيوت الزجاجية ُتحدث نفس التأثير‪ .‬مما يؤدي بالتالي إلى‬
‫ارتفاع معدل درجة حرارة األرض والقضاء على كثير من األنشطة الحياتية‪ ،‬النباتية‬
‫‪206‬‬
‫ً‬
‫والحيوانية‪ ،‬عليها‪ .‬فضال عن ذلك فن هذه املركبات تؤدي إلى تخريب طبقة األوزون‪.‬‬
‫وفعال فقد أدى تزايد استخدام مركبات ‪ CFC‬إلى إحداث ثقب في طبقة األوزون‬ ‫ً‬
‫فوق منطقة القطب الجنوبي‪ .‬مما أدى إلى تزايد نسبة حصول سرطانات الجلد في‬
‫استراليا ونيوزيلندة‪.‬‬
‫لذلك قامت جهود دولية من أجل تقليص انتاج في جميع أنحاء العالم ‪CFC‬‬
‫ً‬
‫وفعال أثمرت هذه الجهود عن نتائج طيبة على صعيد ترميم جزئي لطبقة األوزون‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لكن ما يراد عمله على صعيد حماية بيئة األرض كثير جدا قياسا بما هو متحقق‪.‬‬
‫وسبب تدهور البيئة هو على الحقيقة اساءة الناس إليها من خالل جشعهم‬
‫ً‬
‫االستهالكي الشنيع واملتصاعد دائما وفق التربية الرأسمالية التي تحرص عليها‬
‫الرأسمال الجشع الذي ال يهتم إال بتراكم األرباح وتحقق دورة رأس املال بمعدالت‬
‫أعظم باستمرار‪ .‬وهذا الهوس املادي الشيطاني لن يقود إال إلى الهالك والدمار ألن‬
‫االستهالك هو طلب الهالك‪ .‬كما أن اإلستغفار هو طلب املغفرة وكما أن االستغناء‬
‫هو طلب الغنى‪.‬‬
‫تأأثري الغالف اجلوي عىل مواقع ا ألجرام الساموية‬
‫ً‬
‫نظرا ألن للغالف الجوي كثافة تتزايد كلما اقتربنا من سطح األرض فإنه يعمل‬
‫كوسط له معامل انكسار متغير يتزايد كلما اقتربنا من سطح األرض‪ ،‬وهذا يعني أن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مسار الضوء خالل الغالف الجوي سيكون منحنيا وليس خطا مستقيما مما يؤدي‬
‫بالنتيجة إلى ظهور األجرام السماوية في غير مواقعها األصلية‪ ،‬ولهذا السبب ذاته‬
‫تظهر الشمس في األفق قبيل وقتها بدقيقتين وثلث الدقيقة‪ .‬وكذا بالنسبة لوقت‬
‫ً‬
‫غروبها فهي تتأخر دقيقتين وثلثا أيضا‪ ،‬مما يعني أن النهار في العادة يزيد بفترة ‪4‬‬
‫ُ‬
‫دقائق وثلثي الدقيقة عن وقته الحقيقي‪ .‬هذه املالحظة مهمة جدا ًً لتحديد األوقات‬
‫الشرعية‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫اجملال املغناطييس ل ألرض‬
‫تتصرف األرض جملة وكأنها قضيب مغناطيس ي أو كأن بداخلها قضيب‬
‫مغناطيس ي يمتد من الشمال إلى الجنوب بميل قدره ‪ 12‬درجة على محور دورانها‪،‬‬
‫ويعود أصل هذا املجال إلى وجود تيارات للحديد املنصهر املتأين في لبها الخارجي‪.‬‬
‫ً‬
‫والذي يخضع لحركة تدوير سريعة جدا‪ ،‬ناشئة عن دوران األرض حول نفسها‪،‬‬
‫مما يؤدي إلى تولد تيارات كهربائية كبيرة‪ .‬وبحسب قانون أمبير في املغناطيسية فإن‬
‫حركة التيارات الكهربائية تولد بالضرورة مجاالت مغناطيسية تتناسب شدتها مع‬
‫شدة التيار الكهربائي‪ .‬وهذا ما يحصل في باطن األرض‪.‬‬
‫إن املجال املغناطيس ي يتغير مع الزمن ُويعتقد بأن املجال املغناطيس ي األرض ي‬
‫ً‬
‫يغير اتجاهه من الشمال إلى الجنوب وبالعكس كل خمسة آالف سنة تقريبا‪ .‬ويقال‬
‫أن تغير املجال املغناطيس ي يحصل خالل فترة قصيرة إذ ينكمش املجال املغناطيس ي‬
‫إلى نقطة الصفر ثم يندفع ثانية وقد تغيرت األقطاب املغناطيسية أحدها مكان‬
‫ً‬
‫الثاني‪ .‬وال أحسب هذا حاصال إال إذا توقفت التيارات األيونية الساخنة في باطن‬
‫األرض وحصل مثل هذه الظاهرة أمر عجيب‪ .‬وفي الحقيقة ال يعرف لهذه الظاهرة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫سببا واضحا حتى اآلن‪.‬‬
‫ويمتد املجال املغناطيس ي األرض ي خالل النصف املحيط بها ليؤلف حزامين‬
‫مانعين من الجسيمات املؤينة ذات الطاقة العالية القادمة من الشمس‪ ،‬والتي‬
‫ً‬
‫تسمى الرياح الشمسية‪ ،‬فيجرفانها عن مساراتها حفظا لألرض من األذى الذي‬
‫يمكن أن تسببه هذه الرياح الشمسية‪ .‬وتسمى هذه األحزمة أحزمة فان ألن ‪Van‬‬
‫‪ ، Allen Belts‬ويوجد أولها (الداخلي) على بعد ‪ 3200‬كيلو متر واآلخر(الخارجي)‬
‫على بعد ‪ 16000‬كيلو متر من سطح األرض‪ .‬توفر هذه األحزمة حماية لألرض من‬
‫َ َ َّ َّ َّ َ َ ُّ م َ َ َ‬
‫صاب َ‬
‫يح‬ ‫شر الجسيمات املتأينة وأذاها‪ .‬يقول هللا تعالى‪ :‬وزينا السماء الدنيا ِبم ِ‬
‫م‬ ‫م‬ ‫م ا َ َم‬
‫َو ِحفظا ذ ِل َك تق ِديرال َع ِز ِيزال َع ِل ِيم‪( ‬فصلت‪ :‬من اآلية‪.)12‬‬

‫‪208‬‬
‫فهذه األحزمة هي من الحفظ الذي قدره هللا تعالى لألرض‪.‬‬

‫الشكل (‪ )9-7‬أحزمة فان ألن‬

‫وتدور الجسيمات املحتجزة في حزامي فان ألن بشكل حلزوني مع خطوط‬


‫ً‬
‫املجال املغناطيس ي لألرض وفي هذه الحالة تكتسب تسارعا يؤدي إلى ظهور ضياء‬
‫يسمى الشفق القطبي ‪ Aurora‬والذي ينتج عن توهج جزيئات الهواء املتأينة عندما‬
‫تتفاعل معها الدقائق املشحونة لتظهر بألوان زاهية جميلة على شكل (ستائر)‬
‫عمودية على سطح األرض وكأنها أعمدة نور نازلة من السماء‪ .‬ويشاهد الشفق‬
‫القطبي بوضوح في مناطق العروض العليا‪ .‬وفي املناطق القطبية الجنوبية‪.‬‬

‫الشكل(‪ )10-7‬صورة توضح الشفق القطبي‬

‫‪209‬‬
‫الفصل الثامن‬
‫كواكب املنظومة الشمس ية‬

‫‪210‬‬
‫مدارات الكواكب‬
‫تتألف املنظومة الشمسية من الشمس واألجرام التي تطوف حولها‪ .‬وأهم‬
‫هذه األجرام الكواكب السيارة التسعة وهذه الكواكب مرتبة بحسب بعدها عن‬
‫الشمس هي‪ :‬عطارد‪ ،‬الزهرة‪ ،‬األرض‪ ،‬املريخ‪ ،‬املشتري‪ ،‬زحل‪ ،‬اورانوس‪ ،‬نبتون‪،‬‬
‫ً‬
‫وبلوتو‪ .‬وتشتمل املنظومة الشمسية أيضا على كويكبات ومذنبات وأقمار الكواكب‬
‫وغبار كوني وغازات‪ .‬هذه هي أفراد األسرة الشمسية املعروفة اآلن‪ .‬بعض هذه‬
‫الكواكب كرات صخرية جرداء وبعضها اآلخر مكون من جليد في معظمه‪ ،‬والغالف‬
‫ً‬
‫الجوي لبعضها رقيق بارد جدا لذا تتبلور الغازات املوجودة وتبدو كالثلج على‬
‫سطوحها‪ ،‬ولبعضها غالف جوي ذي قوام سميك متماسك‪ .‬وهناك على املريخ‬
‫يظهر بركان خامد فوق صحراء‪ ،‬وعلى اورانوس بحر محيط عمقه آالف األميال‬
‫تجيش تحت سحب سامة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إن ملعظم الكواكب السيارة أجراما مرافقة أصغر منها حجما تدور حولها‬
‫ا‬
‫وتسمى أقمارا أو توابع ‪ ، Satellites‬فاألرض لها قمر واحد وللمريخ قمران‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وللمشتري خمسة وعشرون قمرا‪ ،‬ولزحل ثمانية عشر قمرا‪ ،‬والورانوس خمسة‬
‫ً‬
‫عشر قمرا‪ ،‬ولنبتون ثمانية أقمار‪ ،‬ولبلوتو قمر واحد‪ ،‬وأما عطارد والزهرة فلم‬
‫ً‬
‫يكتشف لهما أقمار لحد اآلن‪ .‬ويالحظ أن كتل األقمار عادة تكون أصغر كثيرا من‬
‫كتل الكواكب التي تدور حولها باستثناء قمر األرض الذي تبلغ كتلته ‪ 0.012‬من‬
‫كتلة األرض وقمر بلوتو الذي تبلغ كتلته ‪ 0.2‬من كتلة الكوكب‪.‬‬
‫تدور جميع كواكب األسرة الشمسية في مدارات إهليجية (قطع ناقص‬
‫‪ )Ellipse‬تقع الشمس في إحدى بؤرتيها ‪ ،‬أنظر الشكل(‪ .)1-8‬ملدارات الكواكب‬
‫نقطتان أحدهما يكون فيها الكوكب على أبعد ما يكون من الشمس وتسمى هذه‬
‫نقطة األوج ‪ Aphelion‬والثانية يكون فيها الكوكب على أقرب ما يكون من الشمس‬
‫وتسمى هذه نقطة الحضيض ‪. Perihelion‬‬

‫‪211‬‬
‫الشكل (‪ )1-8‬اْلدارات اإلهليجية للكواكب‬

‫ال تدور الكواكب حول الشمس في مستوي واحد بل تدور في مستويات‬


‫متفاوتة لكن معظم هذه املستويات تميل عن فلك البروج ( وكذلك عن الدائرة‬
‫الكسوفية ‪ )Ecliptic‬بضع درجات قليلة (أنظر الشكل ‪ .)1-8‬لذا يرى الراصد‬
‫الحركة الظاهرية للكواكب واقعة ضمن نطاق ضيق هو أشبه بممر على كرة‬
‫السماء يبدأ من الشرق وينتهي في الغرب‪.‬‬
‫تخضع جميع الكواكب واألقمار في ضبط حركاتها حول الشمس إلى قوانين‬
‫ً‬
‫كبلر الوارد ذكرها سابقا‪ .‬وتكون سرعة الكوكب أعظم ما تكون في نقطة الحضيض‬
‫ً‬
‫وتكون على أقل ما تكون في نقطة األوج‪ .‬وعموما تكون سرع الكواكب القريبة من‬
‫الشمس أكبر من سرع الكواكب البعيدة عنها‪ .‬لذلك تكون فترة دوران الكواكب‬
‫ً‬
‫البعيدة عن الشمس أطول كثيرا من فترة دوران الكواكب القريبة منها‪ ،‬أنظر‬
‫الجدول (‪ )2‬في امللحق‪.‬‬
‫‪212‬‬
‫تصنيف الكواكب و حركهتا‬
‫تصنف الكواكب بحسب مواضعها من األرض والشمس إلى صنفين‪:‬‬
‫الكواكب الداخلية‪ Inferior Planets :‬عطارد والزهرة‪.‬‬
‫الكواكب الخارجية‪ Superior Planets :‬وهي املريخ واملشتري وزحل واورانوس‬
‫نبتون وبلوتو‪.‬‬
‫ً‬
‫وتصنف الكواكب بحسب حجومها وكتلها إلى صنفين أيضا وهما‪:‬‬
‫الكواكب األرضية‪ Terrestrial Planets :‬وهي الكواكب الشبيهة باألرض من‬
‫حيث و حجومها وكتلها وتركييبها وهي‪ :‬عطارد والزهرة واألرض واملريخ وبلوتو‪.‬‬
‫ّ‬
‫(اْلشترية)‪ Jovian Planets :‬وهي الكواكب الشبيهة‬ ‫الكواكب العمالقة‬
‫باملشتري من حيث حجومها وكتلها وتركيبها‪ ،‬وهي‪ :‬املشتري وزحل واورانوس ونبتون‪.‬‬
‫ُيظهر الرصد الفكي لكوكبي عطارد والزهرة ظهورهما بأطوار ‪ Phases‬مماثلة‬
‫ألطوار القمر وسبب ذلك كونهما كوكبان داخليان وال تحصل هذه الظاهرة مع بقية‬
‫الكواكب‪.‬‬

‫‪Bode Series‬‬ ‫متسلسلة بود‬


‫الحظ بود أن توزيع الكواكب السيارة حول الشمس يتبع بالتقريب متسلسلة‬
‫مميزة إذا ما كتبت أبعاد الكواكب باوحدات الفلكية‪ .‬فلو أننا كتبنا املتسلسلة‬
‫التالية‬
‫‪384‬‬ ‫‪192‬‬ ‫‪96‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬

‫ثم لو أضفنا لكل رقم من هذه المتسلسلة العدد ‪ 4‬لوجدنا‬

‫‪388‬‬ ‫‪196‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪213‬‬
‫ثم لو قسمنا كل رقم منها على ‪ 10‬لوجدنا ما يلي‬

‫‪38.8‬‬ ‫‪19.6‬‬ ‫‪10.0‬‬ ‫‪5.2 2.8‬‬ ‫‪1.6‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪0.4‬‬

‫عرفت هذه األرقام بإسم متسلسلة بود‪.‬‬

‫واآلن لو قارنا أبعاد الكواكب السيارة بالوحدة الفلكية لوجدنا مايلي‬

‫بلوتو‬ ‫نبتون‬ ‫اورانوس‬ ‫المشتري زحل‬ ‫األرض المريخ‬ ‫عطارد الزهرة‬

‫‪39.53 30.06 19.16 9.53‬‬ ‫‪5.20‬‬ ‫‪1.52‬‬ ‫‪1.0 0.72 0.38‬‬


‫يتضح من املقارنة أن هنالك تطابق متقارب بين أرقام متسلسلة بود وأبعاد‬
‫الكواكب‪ ،‬ما خال كوكبي نبتون وبوتو إذ يبدو أنهما يشذان عن القاعدة‪ .‬ومن‬
‫الطريف أن نشير إلى أن املوقع الخامس في متسلسلة بود يحتوي الرقم ‪ 2.8‬وعلى‬
‫هذا البعد من الوحدات الفلكية يكون متوسط بعد حزام الكويكبات‪ .‬وال يوجد أي‬
‫تفسير مقبول للمصادفة التي تقدمها متسلسلة بود حتى اآلن‪ ،‬لكن من املمكن أن‬
‫ً‬
‫يكتشف الفيزيائيون قانونا دفينا تم بموجبه توزيع الكواكب حول الشمس‪.‬‬

‫عطارد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عطارد هو أصغر كواكب املنظومة الشمسية حجما وكتلة باستثناء بلوتو‬
‫كما أنه أقرب الكواكب إلى الشمس‪ .‬يبعد عطارد عن الشمس باملتوسط مسافة‬
‫ً‬
‫مقدارها ‪ 57.9‬مليون كم تقريبا‪ ،‬ويبلغ قطره حوالي ‪ 4880‬كم‪ ،‬أي حوالي ‪0.38‬‬
‫من قطر األرض َّأما كتلته فهي بالتقريب ‪ 20/1‬في كتلة األرض‪ ،‬وكثافته مساوية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تقريبا لكثافة األرض أي حوالي ‪5.5‬غم‪/‬سم‪ .3‬وهو أسرع الكواكب حركة حول‬
‫الشمس إذ يبلغ معدل سرعته املدارية ‪ 48‬كم ‪/‬ساعة‪ ،‬ويمتاز هذا الكوكب بعدم‬
‫وجود توابع له‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫إن مدار كوكب عطارد مفلطح بدرجة كبيرة وذلك يعني تفاوت مسافتي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الحضيض واألوج تفاوتا كبيرا حيث تبلغ مسافة الحضيض ‪ 46‬مليون كيلومتر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تقريبا بينما تبلغ مسافة األوج ‪ 70‬مليون كيلومتر تقريبا‪ .‬ويميل مدار عطارد على‬
‫ً‬
‫مستوي الدائرة الكسوفية بزاوية مقدارها ‪ 7‬درجات تقريبا ‪.‬‬
‫حركته‬
‫يدور عطارد حول نفسه ببطء شديد حيث يبلغ الزمن الالزم لدورة واحدة‬
‫كاملة حول محوره ‪ 58.646‬يوم أي ما يعادل ثلثي مدة دورته حول الشمس والتي‬
‫ً‬
‫أمدها ‪ 87.969‬يوما‪ ،‬أي أنه يدور حول نفسه ثالث مرات كلما دار حول الشمس‬
‫دورتين كاملتين‪.‬‬
‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫إن الدوار الغريب لعطارد حول نفسه يكسبه يوما شمسيا طويال جدا (وهو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الفترة بين شروقين للشمس متتاليين) يصل إلى ‪ 176‬يوما أرضيا‪.‬‬

‫ال‬ ‫السن‬ ‫السن‬


‫سنة األولى‬ ‫الثانية‬
‫ة ا‬ ‫ا‬ ‫ة الثالثة‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ليوم ‪206‬‬ ‫ا‬
‫ليوم ‪103‬‬
‫ليوم ‪30‬‬ ‫ليوم ‪118‬‬ ‫ليوم ‪191‬‬

‫اليوم‬
‫اليو‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫‪88‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫م ‪44‬‬ ‫لشمس‬ ‫ليوم ‪0‬‬ ‫ليوم ‪132‬‬ ‫لشمس‬ ‫لشمس‬ ‫ليوم ‪176‬‬
‫منتص‬
‫ا‬ ‫ف الليل‬ ‫ا‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫لظهر‬ ‫لظهر‬
‫به حول‬ ‫الشكل (‪ )4-7‬يدوركوكب ليوم‬
‫يدور‪59‬‬ ‫‪162‬حول نفسهليومثالث‬
‫‪ 147‬دورات في ليوم ‪74‬‬
‫الوقت الذي ليوم‬ ‫عطارد‬
‫الشمس دورتين‬

‫سطح عطارد‬
‫سطح عطارد يشبه سطح القمر حيث أن العديد من الحمم البركانية‬
‫املتجمدة تمأل الكثير من الفوهات البركانية املوجودة عليه وتؤدي إلى تشويه‬

‫‪215‬‬
‫ً‬
‫سطحه‪ ،‬وهناك أيضا منحدرات شاهقة تشكلت عندما انزاحت القشرة وهذه تمتد‬
‫ملئات الكيلومترات على سطحه‪ ،‬وأن هذه املنحدرات تكونت خالل برودة سطح‬
‫الكوكب وتقلصه‪ ،‬وإن سطحه شبيه بتفاحة جافة فقدت نضارتها‪ ،‬وأن لكوكب‬
‫عطارد مظاهر تضاريسية غريبة تقع عند حافة الكوكب البعيدة عن حوض‬
‫كالوريس‪ ،‬يعتقد أنها نشأت عن أمواج زلزالية تولدت بفعل التصادم الذي أدى إلى‬
‫تكوين حوض كالوريس‪ ،‬حيث عندما انتشرت هذه األمواج حول عطارد تقاربت عند‬
‫حافته البعيدة رافعة بذلك الصخور‪.‬‬
‫غالفه اجلوي‬
‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يمتلك كوكب عطارد غالفا جويا رقيقا جدا يتألف من الهيدروجين والهليوم‬
‫الذي اصطاده الكوكب مما تقذف به الشمس بين حين وآخر ويبلغ الضغط الجوي‬
‫على سطح عطارد ‪ 10-8‬وهذا شبه فراغ‪ .‬ويعزى غياب الغالف الجوي لكوكب‬
‫ً‬
‫عطارد إلى ضئالة جاذبيته وإرتفاع حرارة سطحه مما ُيكسب جزيئات الغازات سرعا‬
‫علية تمكنها من االفالت من الكوكب‪.‬‬
‫درجة حرارته‬
‫ً‬
‫إن سطح عطارد يعتبر من أشد سطوح كواكب املجموعة الشمسية حرارة‬
‫وذلك لقربه الشديد من الشمس‪ ،‬حيث أن درجة حرارته تقارب حوالي (‪600‬‬
‫ً‬
‫كلفن) عند خط استوائه أي حوالي (‪ْ 427‬م) َّأما درجة الحرارة ليال فهي أبرد درجة‬
‫حرارة سطح في املجموعة الشمسية حيث أنها تهبط إلى‪ 100‬كلفن (‪ 173‬مئوية‬
‫تحت الصفر)‪ .‬وإن سبب هذا التفاوت الكبير في الحرارة هو قربه من الشمس‬
‫وعدم وجود غالف جوي له‪ ،‬وعلى الرغم من ارتفاع درجة الحرارة عند خط‬
‫ً‬
‫استوائه فإن قطبيه باردان جدا‪ ،‬حيث أن أشعة الشمس تسقط عليهما بزاوية‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مائلة جدا حيث أن القطبين ال يستقبالن إال قدرا قليال من الطاقة الحرارية وإن‬

‫‪216‬‬
‫انعدام الغالف الغازي ساعد على عدم توزيع الحرارة لذا يظهر القطبان وكأنهم‬
‫مكسوان بجليد‪.‬‬
‫جماهل املغناطييس‬
‫ً‬
‫املجال املغناطيس ي لكوكب عطارد ضعيف جدا حيث أنه يعادل ‪ 0.01‬من‬
‫شدة املجال املغناطيس ي لألرض‪ .‬واملعروف أن كوكب عطارد يدور حول نفسه ببطء‬
‫وإن حجمه صغير‪ ،‬لذا يعتقد العلماء أن كوكب عطارد يفتقد عنصرين أساسيين‬
‫لتوليد الحقل املغناطيس ي القوي‪ ،‬ويعتقد أن املجال املغناطيس ي الضعيف لعطارد‬
‫ناتج عن التيارات الكهربائية املحتثة املتولدة عندما يقطع كوكب عطارد الرياح‬
‫الشمسية )‪ (Solar Wind‬أثناء حركته حول الشمس‪.‬‬
‫رصد كوكب عطارد‬
‫ً‬
‫يظهر كوكب عطارد عند النظر إليه من األرض بواسطة التلسكوب مائال إلى‬
‫االصفرار وربما أمكن رؤيته بالعين املجردة في سماء صافية وحالكة السواد حين‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يكون الكوكب عاليا‪ ،‬ونظرا ألن مداره حول الشمس يقع داخل مدار األرض‪ ،‬فإن‬
‫ً‬
‫هذا الكوكب ُيرى دائما في مواضع قريبة من الشمس‪ ،‬أي أن عطارد ُيرى في جهة‬
‫املشرق قبيل الشروق ُونطلق عليه نجم الصباح أو يرى من جهة الغرب بعيد‬
‫الغروب ُويطلق عليه نجم املساء‪.‬‬
‫إن رصد عطارد في غاية الصعوبة ّ‬
‫ألنه ال يظهر إال لوقت قصير فوق األفق‬
‫ً‬
‫وألنه قريب من األفق فإن ضباب األرض يؤثر على رصده كثيرا‪.‬‬

‫الزهرة‬
‫كوكب الزهرة هو ثاني كوكب من حيث بعده عن الشمس وهو أقرب الكواكب‬
‫إلى األرض وهو يشبه كوكب األرض‪ ،‬فالزهرة مماثلة من حيث الحجم لألرض ولكنها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تختلف اختالفا كبيرا عن األرض من حيث خصائص السطح والغالف الجوي‪،‬‬
‫‪217‬‬
‫ً‬
‫والزهرة كوكب ساطع جدا بسبب إنعكاسيته العالية التي تبلغ ‪ %76‬والناتجة عن‬
‫غالفه الجوي السميك ويعتبر أسطع الكواكب التي نشاهدها في السماء عندما يكون‬
‫ً‬
‫بدرا‪.‬‬
‫يبعد كوكب الزهرة عن الشمس ‪ 108‬مليون كيلومتر(أي ‪ 0.72‬وحدة‬
‫ً‬
‫فلكية) وحجمه نفس حجم األرض تقريبا فقطره يبلغ حوالي (‪12110‬كم) (‪0.95‬‬
‫من قطر األرض) ولذلك يعرف كوكب الزهرة باسم توأم األرض‪ .‬وإن كتلته (‪× 4.87‬‬
‫ً‬
‫‪ 1024‬كيلو غرام)‪ ،‬وكثافته ‪ 5.24‬غم‪/‬سم‪ ،3‬ونظرا ألن الزهرة أقرب إلى‬
‫الشمس من األرض لذا فإن سرعتها املدارية أكبر من سرعة األرض املدارية وتبلغ ‪35‬‬
‫كم ‪ /‬ساعة‪ ،‬وليس كوكب الزهرة توابع‪.‬‬
‫الغالف اجلوي للزهرة‬
‫يتركب الغالف الجوي للزهرة من ‪ %96‬من ثاني أو كسيد الكاربون‪ ،‬وقد‬
‫ُعرف ذلك من دراسة طيفه وهناك إضافة إلى ثاني أوكسيد الكربون أن ‪ %35‬من‬
‫غالف الكوكب تألف من غاز األوزون ومن كميات قليلة من بخار املاء وغازات أخرى‬
‫وإن سمك الغالف الجوي للزهرة يبلغ حوالي ‪ 80‬كم‪.‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫عال جدا ويبلغ ‪ 100-90‬مرة بقدر‬ ‫أما ضغط الغالف الجوي للزهرة فهو ٍ‬
‫الضغط الجوي لألرض‪ ،‬وهذا يمنع أجهزة اإلرسال للسفن الفضائية من العمل‬
‫على سطحه‪ ،‬وتعمل الغيوم على عكس نسبة كبيرة من أشعة الشمس الساقطة‬
‫على الكوكب‪ ،‬وتتألف الغيوم من قطرات من حامض الكبريتيك أو شوائب دخانية‬
‫من أصل بركاني‪.‬‬
‫درجة حرارته‬
‫إن وجود الغاز الكثيف املكون من غاز ثاني أكسيد الكربون يحفظ سطح‬
‫ً‬
‫الكوكب على درجات حرارة عالية جدا‪ ،‬حيث يعمل الغالف الجوي عمل البيوت‬

‫‪218‬‬
‫الزجاجية ويقوم بحفظ الطاقة الشمسية التي تخترق الغالف بداخله مما يؤدي إلى‬
‫رفع درجة حرارة السطح وتتراوح درجة حرارة سطح الزهرة بين ‪420‬م‪ °‬إلى ‪520‬م‪.°‬‬
‫دوران الزهرة‬
‫إن كوكب الزهرة يدور حول نفسه ببطء حيث يستغرق مدة ‪ 225‬يوم حتى‬
‫ً‬
‫تنجز دورة واحدة‪ ،‬وإنه يدور تراجعيا أي باتجاه عقارب الساعة على عكس دوران‬
‫الكواكب األخرى‪ ،‬وقد اكتشفت هذه الخاصية عن طريق الرصد الراداري للكوكب‪.‬‬
‫إن الدوران البطيء والتراجعي للزهرة جعل الفلكيين يفترضون أنه تعرض بعد‬
‫والدته بزمن قصير للصدم بنواة كوكبية هائلة مما خفض سرعته ّ‬
‫ثم جعله يدور‬
‫باتجاه معاكس‪.‬‬
‫ً ً‬
‫إن هذا الدوران البطيء جعل اليوم الشمس ي على الكوكب طويال جدا ويقارب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ 117‬يوما أرضيا وإن الشمس تشرق عليه من الغرب وتغرب في الشرق نتيجة‬
‫لدوران الكوكب التراجعي‪.‬‬

‫الشكل (‪ )5-8‬دوران كوكب الزهرة حول نفسه وحول الشمس‬

‫‪219‬‬
‫رصد كوكب الزهرة‬
‫الزهرة من أجمل كواكب املنظومة الشمسية تظهر ببياضها البراق الناصع في‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫العشيات بعد الغروب أو تظهر فجرا قبيل الشروق‪ ،‬وفي كال الحالين تمكث في‬
‫ً‬
‫السماء وقتا يعتمد على مقدار استطالتها الشرقية والغربية‪.‬‬
‫أأطوار الزهرة‬
‫لكوكب الزهرة أطوار مثل أطوار القمر تنشأ بسبب موقعه من األرض‬
‫والشمس وتعتمد على مقدار استطالته والشكل التالي يوضح ذلك‪.‬‬

‫الشكل(‪ )6-8‬أطواركوكب الزهرة وموضعه من األرض والشمس‬

‫‪220‬‬
‫املري‬
‫املريخ هو الكوكب الرابع من حيث بعده عن الشمس ويقع بين األرض‬
‫ً‬
‫واملشتري ويقترب من األرض كثيرا كل حوالي (‪ 15‬سنة) حتى تصبح املسافة بينهم‬
‫(‪ 55‬مليون كم)‪ .‬وعند مقارنة كوكب املريخ بكوكبي عطارد والزهرة نجد أن املريخ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أكثر شبها باألرض علما أن قطره ال يتجاوز نصف قطر األرض وكتلته تقارب ُعشر‬
‫كتلتها ومعدل كثافته ‪ 3.96‬غم‪/‬سم‪ 3‬وسرعة االفالت من الجاذبية (‪ 5‬كم‪/‬ثا)‪.‬‬
‫حركته‬
‫يدور كوكب املريخ حول الشمس في مدار اهليجي حيث يبلغ بعده عندما يكون‬
‫ً‬
‫في الحضيض (‪ )250‬مليون كيلومترا وعندما يكون في األوج حوالي (‪ )270‬مليون‬

‫الشكل (‪ )7-8‬صورة لكوكب اْلريخ‬

‫‪221‬‬
‫ً‬
‫كيلومترا ومتوسط بعده عن الشمس هو (‪ )1.52‬وحدة فلكية وفترة دورانه حول‬
‫الشمس هي(‪ 687‬يوم)‪ ،‬أما فترة الدوران حول محوره فهي(‪ 24‬ساعة‪ 37 ،‬دقيقة‪،‬‬
‫‪ 22.6‬ثانية) وهي عكس عقارب الساعة من الغرب إلى الشرق وإن معدل سرعته‬
‫املدارية ‪ 24‬كم‪/‬ساعة‪.‬‬
‫سطح املري‬
‫تدل الصور المأخوذة من الم اركب الفضائية أن الكوكب ذا لون مائل للحمرة‪ ،‬وإن‬
‫سطحه يحتوي على مساحات فسيحة وهي الصحاري ولونها أحمر كلون الصدأ وتغطي‬
‫طبقة رقيقة من أكسيد الحديد‪ ،‬وينتشر على السطح الكثير من األحجار والصخور وهناك‬
‫قنوات طويلة وهي على األرجح كانت ودياناً مائية يوماً ما في سالف العصور‪ ،‬وسطح‬
‫الكوكب مليء بالفوهات البركانية العميقة الناتجة عن النيازك‪.‬‬

‫ا‬
‫الشكل (‪ )8-8‬الوهاد الكبيرة على سطح اْلريخ ربما كانت أنهارا‬

‫‪222‬‬
‫وعلى طول خط االستواء يمتد الصدع املريخي العظيم وتوجد القلنسويتين‬
‫القطبيتين لكوكب املريخ وهما منطقتان متجمدتان تتغير مساحتهما خالل دورة‬
‫الفصول املريخية‪ .‬وهناك صحاري شاسعة ذوات كثبان تنقلها الرياح املريخية من‬
‫موقع إلى آخر‪ ،‬وعند خط العرض املتوسط يبدو النجد الهائل املعروف باسم‬
‫انتفاخ ثارسيس ‪ Tharsis bulge‬تعلوه فوهات بركانية يظهر اثنان منها في شكل‬
‫أدناه‪ ،‬وهناك أخرى تعرف باسم اوْلبس مونس ‪ Olympus Mons‬يصل ارتفاعها‬
‫ً‬
‫إلى ما يقرب ‪ 16‬ميال‪ .‬ويعتقد علماء الجيولوجيا أن منطقة ثارسيس تتكون من‬
‫مادة حارة تدفقت من أعماق باطن الكوكب ودفق بالسطح نحو األعلى لدى اقترابها‬
‫منه ّ‬
‫ثم ما لبث أن اندفعت عبر قشرة الكوكب مكونة براكين‪.‬‬

‫شكل (‪ )9-8‬يوضح هضبة ثارسيس‬

‫وإن أغرب امل ظاهر الطبيعية التي كشفتها مركبة الفضاء فايكنغ على املريخ‬
‫هي وجود آثار واضحة للقنوات الضخمة ومجاري األنهار‪ .‬ومن هذه املظاهر نستنتج‬
‫أن املياه السائلة قد تدفقت على سطحه في غابر الدهور رغم عدم وجود املياه‬
‫السطحية في الوقت الحالي‪ ،‬حيث أن بعض املناطق املنخفضة تشمل على رواسب‬

‫‪223‬‬
‫متكتلة ومتشققة تبدو كأنها ترسبات تكونت في قاع تجمع مائي هائل وأنه بسبب‬
‫التبخر اختفيت هذه مياه‪.‬‬
‫الغالف اجلوي للمري‬
‫للمريخ غالف جوي رقيق نسبياً وذلك لجاذبيته القليلة ويبلغ الضغط الجوي على‬
‫سطحه ‪ 0.006‬من الضغط الجوي عند سطح البحر على األرض‪ .‬وعموماً فإن جو‬
‫المريخ يتألف من ‪ %95‬غاز ثاني أوكسيد الكربون‪ ،‬وغاز النتروجين بنسبة ‪ %2.7‬و‬
‫غاز األركون بنسبة ‪ %1.6‬كما توجد غازات أخرى كاالوكسجين وبخار الماء بنسبة أقل‬
‫من ‪ .%1‬وبسبب ميالن محوره على مستوى مداره فإن ظاهرة الفصول األربعة تحصل‬
‫على كوكب المريخ لكن بفترات أطول‪.‬‬

‫أأمقار املري‬
‫للمريخ قمران صغيران هما فوبوس ‪ Phobos‬وديموس ‪ Deimos‬وقد سميا‬
‫بهذا االسم نسبة إلى اله الخوف والفزع وقد تم اكتشافهما عام ‪ ،1877‬وكل منهما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أصغر كتلة من قمر األرض كثيرا وشكلهما بيضوى تقريبا‪ .‬وقطر فوبوس ‪27‬‬
‫كيلومتر أما قطر ديموس فال يزيد على خمسة عشر كيلو متر‪ .‬وديموس هو القمر‬
‫الخارجي للكوكب ويدور حول املريخ خالل ‪ 30‬ساعة و ‪ 18‬دقيقة وفوبوس هو‬
‫القمر الداخلي ويأخذ في الدوران حول املريخ ‪ 7‬ساعات و ‪ 39‬دقيقة وهو يطلع من‬
‫الشرق ويغيب في الغرب‪َّ ،‬أما فوبوس فإنه يطلع من الغرب ويغيب في الشرق‪ .‬ومن‬
‫خالل املعلومات الواصلة من املركبات الفضائية تبين أن القمرين لهما نفس الشكل‬
‫ً‬
‫وأن فوبوس أكبر من ديموس‪ ،‬وأنهما مظلمين جدا ومقدار انعكاس الضوء حوالي‬
‫‪ %2‬وهذا أقل بكثير من نسبة انعكاس الضوء عن قمرنا على األرض وهي ‪ . %7‬و ال‬
‫يوجد على أي من القمرين نشاط بركاني‪ ،‬وإنهما ربما تكونا في حزام الكويكبات‬
‫واصطادهما املريخ‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫احلياة عىل سطح املري‬
‫تدور تساؤالت عدة بين العلماء حول مسألة إن كانت هناك أي نوع من الحياة‬
‫على سطح املريخ‪ ،‬حيث أن الظواهر الغريبة التي الحظها الفلكيون على سطح املريخ‬
‫مثل وجود الكتل الجليدية وانتشار األخاديد التي تشبه الوديان ومكونات الجو‬
‫عليه‪ ،‬جعل الناس يظنون أن باإلمكان وجود كائنات ذكية عليه‪ ،‬فأرسلت املركبات‬
‫العديدة إلى املريخ وتمكنت من الهبوط عليه وقامت بعمل دراسات عديدة على تربته‬
‫وجوه وكذلك قامت بعمل تجارب بيولوجية وتم الحصول من هذه التجارب على‬ ‫ّ‬
‫بعض العمليات الحيوية التي موجودة على األرض ولكن هذه التجارب ال زالت تحت‬
‫الدراسة والنتائج غير كافية الثبات ذلك‪ .‬إال أن املرجح عدم وجود حياة متطورة على‬
‫ً‬
‫سطح املريخ وربما تم اكتشاف آثار للحياة تحت السطح مستقبال‪.‬‬
‫دراسة كوكب املري‬
‫أرسلت املركبات مارس ‪ ،2‬مارس ‪ ،3‬مارس ‪ ،5‬مارس ‪ ،6‬من قبل االتحاد‬
‫السوفييتي في السنوات ‪ 1973 ،1971‬وحتى عام ‪ 1988‬وأرسلت املركبات‬
‫الفضائية األمريكية مارينر وفايكنج في األعوام ‪1975 ،1971 ،1969 ،1965‬‬
‫وأن أشهر مشروع الكتشاف سطح املريخ هو مشروع باثنايندر املريخ الذي اعدته‬
‫وكالة الفضاء األمريكية ‪ NASA‬فقد تم اطالق مركبة فضاء متقدمة في ديسمبر‬
‫‪ 1996‬وبعد سبعة أشهر هبطت املركبة على سطح املريخ في تموز ‪ .1997‬وجميع‬
‫هذه املركبات تستهدف انجاز دراسات معمقة لهذا الكوكب املثير‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫الشكل (‪ )10-8‬سطح اْلريخ وترى عليه العربة التي‬
‫ا‬
‫أرسلت مؤخرا الستكشافه‬
‫ً‬
‫إن درجة الحرارة على هذا الكوكب منخفضة جدا حيث أنها ال تزيد عند خط‬
‫استوائه عن درجة تجمد املاء عن الظهيرة‪َّ ،‬أما في الليل فتنخفض إلى ما دون‬
‫الصفر املئوي ومعدل الحرارة ال يتعدى (‪ 218‬كلفن)‪ .‬إن املاء املوجود على سطح‬
‫املريخ معظمه متجمد وهو محتبس َّأما تحت السطح أو في القطبين كجليد صلب‪.‬‬
‫ً‬
‫يعتقد أن كوكب املريخ لم يكن جافا فهناك الكثير من القنوات تشير إلى أن‬
‫املاء كان يتدفق فيها ولكن انخفاض الضغط الشديد وقلة سرعة اإلفالت جعل‬
‫ً‬
‫جزيئات املاء تنفلت من سطحه وتتبخر بسهولة نظرا النعدام القوى الخارجية عليه‬
‫وإن هذه القنوات دليل على أن الكوكب في ماضيه كان أعلى حرارة وغالفه الجوي‬
‫كان أشد كثافة‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫املشرتي‬

‫الشكل (‪ )11-8‬صورة لكوكب اْلشتري‬

‫ً‬
‫املشتري هو أضخم كوكب في املجموعة الشمسية وهو خامس الكواكب بعدا‬
‫عن الشمس‪ ،‬وهو ثاني كوكب يقع خارج مدار األرض وقطره يبلغ ‪ 11‬مرة أكبر من‬
‫قطر األرض وكتلته ‪ 318‬مرة أكبر من كتلة األرض وكثافته ‪ 1.33‬غم‪/‬سم‪ ، 3‬أي‬
‫ً‬
‫أنها أعلى من كثافة املاء قليال‪ .‬تبلغ سرعة اإلفالت من سطحه هي ‪ 60‬كم‪/‬ثا و يبعد‬
‫عن الشمس أكثر من خمس مرات قدر بعد األرض عنها (‪ 5.2‬وحدة فلكية) وفترة‬
‫دورانه حول الشمس حوالي ‪ 12‬سنة (‪ )11.86‬سنة‪ .‬أما دورته حول نفسه فهي‬
‫بحدود ‪ 10‬ساعات ( بالدقة ‪ 9‬ساعات و‪ 54‬دقيقة) ‪ ،‬ويميل محور دورانه حول‬
‫‪227‬‬
‫نفسه على دائرة استوائه بمقدار ‪ 3‬درجات و‪ 7‬دقائق‪ .‬واملشتري مغطى بحزم كثيفة‬
‫ملونة‪ ،‬وهو يبدو للمشاهد بالعين املجردة كقرص أصفر المع يتحرك ببطء في‬
‫ً‬
‫منطقة البروج‪ .‬وباإلمكان مشاهدته كل ليلة ملدة ستة أشهر تقريبا خالل السنة‪.‬‬
‫وعند مشاهدته من خالل التلسكوب تظهر عليه خطوط مضيئة يندرج لونها من‬
‫األصفر الباهت إلى األحمر القاني َّأما في أقص ى شماله وجنوبه فإنه محاط باألحزمة‬
‫التي تكون مظلمة بعض الش يء ويندرج لونها من البني إلى األزرق املعتم‪.‬‬
‫الغالف اجلوي للمشرتي‬
‫يتميز كوكب املشتري باحتوائه على سحب مضيئة ملونة‪ ،‬وحزم داكنة‬
‫موازية لخط استوائه‪ .‬ويتكون الغالف الجوي للمشتري من أبخرة كثيفة تكون في‬
‫األغلب من الهيدروجين (بنسبة‪ )%82‬والهيليوم (بنسبة ‪ )%17‬وغازات أخرى مثل‬
‫األمونيا وامليثان وبخار املاء بنسبة (‪ )%1‬إضافة إلى العناصر الصلبة املوجودة في‬
‫الجو‪.‬‬
‫ً‬
‫في أعماق املشتري يكون الضغط الجوي مرتفع جدا بحيث يعمل على تحول‬
‫تلك الغازات إلى الحالة السائلة‪ .‬وهنالك منطقة مميزة في جو املشتري تسمى البقعة‬
‫العظمى الحمراء ‪ The Great Red Spot‬وتقع في نصفه الشمالي وهي بيضوية‬
‫الشكل يبلغ طولها ‪ 48‬ألف كيلومتر وعرضها ‪ 24‬ألف كيلومتر ولونها يتأرجح ما‬
‫بين الوردي والبرتقالي وال تغير وضعها بل تدور مع الكوكب‪ُ .‬ويعتقد أنها نظام من‬
‫العواصف الشديدة في جو املشتري‪.‬‬
‫حلقات املشرتي‬
‫ظن الفلكيون أن كوكب زحل هو الكوكب الوحيد الذي فيه حلقات إال أنه في‬
‫ً‬
‫عام ‪ 1977‬تم اكتشاف حلقات حول كوكب اورانوس أيضا‪ .‬وفي عام ‪ 1979‬قامت‬
‫املركبة الفضائية فويجر بالدوار حول املشتري‪ ،‬وأظهرت الصور املأخوذة من‬

‫‪228‬‬
‫املركبة أن للمشتري حلقة واحدة ولكنها رقيقة ويعتقد أنها مؤلفة في جسيمات‬
‫دقيقة من غبار صخري ال يبرح مداره بفعل قوة الجذب الثقالي الهائلة للمشتري وإن‬
‫ً‬
‫هذه الجسيمات صغيرة جدا حيث أن اإلشعاع الصادر عن الشمس واالصطدام‬
‫بالغازات املحتسبة في الحقل املغناطيس ي للمشتري تؤثر فيها بقوى احتكاك حيث‬
‫تجعلها تنحرف إلى داخل الغالف الجوي للكوكب وتمتزج مع دوامة الغاز وتغيب عن‬
‫النظر‪.‬‬
‫أأمقار املشرتي‬
‫ً‬
‫للمشتري أقمار كثيرة وكل عام يكتشف الفلكيون أقمارا جديدة‪ ،‬أربعة منها‬
‫كبيرة يمكن رؤيتها بالتلسكوب العادي وتعرف بأقمار غاليليو حيث تم اكتشافها من‬
‫قبله عام ‪ 1610‬ميالدية‪ ،‬وهي (آيو‪ ،‬أوروبا‪ ،‬غانيميد‪ ،‬وكاليستو)‪ ،‬وقطر غانيميد‬
‫أكبر من قطر عطارد‪ ،‬فهو أكبر قمر في النظام الشمس ي‪ .‬تدور أقمار املشتري ضمن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املستوى االستوائي للكوكب مكونة قرصا مسطحا أقرب ما يكون إلى نظام شمس ي‬
‫مصغر‪ ،‬وإن القمر آيو هو القمر األقرب إلى املشتري من بين أقمار غاليليو لذا فإنه‬
‫عرضة لقوة جذبه مدية كبيرة تولدها ثقالة املشتري وأن أيو يتعرض إلى قوة جذب‬
‫ً‬
‫ثقالية قوية من أوربا أيضا‪ ،‬حيث تتسبب هذه القوة في فتل آيو من طرف إلى طرف‬
‫وكذلك تجبره على تغيير شكل مداره باستمرار‪.‬‬
‫مصدعة حيث تبدو خطوط طويلة ونحيلة‬ ‫ّ‬ ‫َّأما قمر أوروبا يبدو وكأنه بيضة‬
‫تحزز سطحه واملادة البيضاء هي قشرة من جليد واملادة الحمراء هي ماء غني‬
‫باملعادن تسرب إلى السطح في خالل الصدوع وتجمد‪ ،‬وال توجد فوهات بركانية‬
‫عليه‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫الشكل(‪ )12-8‬يبين أقماراْلشتري األربعة التي تسمى أقمارغاليليو‬

‫َّأما قمري غانيميد وكاليستو فإنهما يبدوان شبيهين بقمرنا‪ ،‬ولونهما بني رمادي‬
‫ومغطيان بفوهات بركانية تكونت خالل املراحل املتأخرة في تكونها‪ ،‬وإن سطحها‬
‫مكونان من جليد‪ ،‬وقد استنتج الفلكيون من الكثافة الوسطية ألقمار غاليليو أن‬
‫ً‬
‫باطنها مكون من مواد صخرية‪َّ ،‬أما باقي أقمار املشتري فهي أصغر حجما بكثير من‬
‫أقمار غاليليو‪.‬‬

‫زحل‬
‫ً‬
‫زحل هو ثاني أكبر كوكب من كواكب املجموعة الشمسية حجما‪ ،‬وهو أبعد‬
‫الزحل أي البطء‪ .‬وهذا‬‫الكواكب التي عرفها األقدمون‪ .‬واسم زحل مشتق من ّ‬
‫الكوكب واضح للعين املجردة‪ ،‬وهو سادس كوكب من حيث البعد عن الشمس‬
‫ويبعد عنها أكثر من تسع مرات ونصف بعد األرض عنها‪ ،‬ومرتين قدر بعد املشتري‬
‫عنها‪.‬‬
‫يتميز كوكب زحل بجماله إذ يمكن مشاهدته باملراقب البصرية البسيطة‬
‫بحلقاته الساطعة التي تحيط به‪ ،‬وهو كوكب غازي حجمه اكبر من حجم األرض‬
‫بحوالي ‪ 750‬مرة ( يبلغ قطره ‪ 60.268‬كيلو متر) ‪ ،‬وكتلته قدر كتلة األرض ‪95‬‬
‫مرة (‪ 5.68×1026‬كيلو غرام)‪ ،‬وكثافته ‪ 0.7‬غم‪/‬سم‪ ،3‬أي أنه أقل كثافة من‬
‫املاء‪ .‬أما سرعة االفالت من على سطحه فتبلغ ‪ 36‬كم‪/‬ثا‪.‬‬
‫‪230‬‬
‫حركته‬
‫يتحرك كوكب زحل في فلك أهليجي حول الشمس يميل على الدائرة‬
‫الكسوفية بزاوبة مقدارها ‪2‬درجة و‪ 29‬دقيقة‪ ،‬ويتم مداره حول الشمس في ما‬
‫ً‬
‫يقرب من ثالثين سنة (‪ 29‬سنة و ‪ 166‬يوما)‪ .‬إن حركته املحورية شبيهة بكوكب‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫املشتري ّ‬
‫ألنه ليس جسما صلبا‪ ،‬لذلك تكون سرعته عند خط استوائه اكبر من‬
‫سرعته عند قطبيه وتبلغ مدة دورانه حول نفسه ‪ 10‬ساعات و ‪ 39‬دقيقة أي أن‬
‫يومه أطول من يوم املشتري‪ .‬يميل محور دورانه حول نفسه على مستوى مداره‬
‫حول الشمس بزاوية مقدارها ‪ 26‬درجة و‪ 45‬دقيقة‪.‬‬

‫الشكل(‪ )13-8‬الكوكب زحل‬

‫‪231‬‬
‫غالفه اجلوي وسطحه‬
‫يتكون الغالف الجوي لزحل بالدرجة األولى من غاز الهيدروجين واملركبات‬
‫الغنية بالهيدروجين كما هو الحل في كوكب املشتري حيث أن هذان الكوكبان‬
‫العمالقان يتشابهان في التركيب‪ ،‬ويتميزان بغالف جوي ثقيل ونطاقات من الغيوم‪.‬‬
‫يطلق زحل طاقة اكبر مما يكسبه من الشمس وهذا يعني أن هناك ح اررة تبعث‬
‫ويعتقد الفيزيائيون الفلكيون أن ح اررة زحل ناتجة عن انكماشه المستمر‬ ‫من داخله‪،‬‬
‫البطيء‪.‬‬

‫إن الغالف الجوي لزحل بارد جداً بحيث يكفي لتجميد غاز األمونيا وتحويله إلى‬
‫جسيمات سحابية تغطي الطبقات األعمق من غالفه الجوي‪ .‬وألن كوكب زحل بعيد عن‬
‫الشمس لذا تكون درجة ح اررة سطحه منخفضة وتقدر بحوالي ‪ 170‬درجة مئوية تحت‬
‫الصفر‪ ،‬لذا يحتفظ زحل بغازي الهيدروجين والهليوم منذ لحظة تكونه‪.‬‬

‫حلقاته‬
‫لكوكب زحل أربع حلقات تحيط به دون أن تالمسته‪ ،‬وكان أول من شاهد‬
‫حلقاته هو غاليليو وقد بانت تلك الحلقات مثل (قبضتين) على طرفي الكوكب‪ ،‬فلم‬
‫يستطع غاليليو تمييزها بوضوح‪ .‬ولكن في عام ‪ 1659‬الحظ العالم الهولندي‬
‫هايجنز أن الحلقات منفصلة ومحيطة به‪ .‬وتقع هذه الحلقات بموازاة الدائرة‬
‫االستوائية للكوكب والتي تميل بزاوية قدرها ‪ 26.5‬درجة على الدائرة الكسوفية‪.‬‬
‫ً‬
‫إن حلقات زحل رقيقة جدا وعريضة‪ ،‬ويمكن رؤية حلقات داخلية باهتة أكثر‬
‫ً‬
‫اقترابا من زحل‪ ،‬وحلقات خارجية باهتة مبتعدة عن الكوكب ويفصل بين الحلقتين‬
‫حاجز في الفراغ املظلم يسمى فراغ كاسيني وفي عام ‪ 1838‬رصد العالم الفلكي‬
‫يوهان جال حلقة ثالثة في الفراغ الكائن بين الحلقتين وإن لهذه الحلقات مركز‬
‫واحد هو الكوكب نفسه‪ .‬وإن هذه الحلقات بعضها المع وبعضها معتم وأشدها‬
‫ً‬
‫ملعانا في الوسط‪.‬‬
‫‪232‬‬
‫يعتقد العلماء أن حلقات زحل هي عبارة عن باليين األقمار الجليدية الرقيقة‬
‫تدور في فلكه أو ربما تكون مواد لقمر لم يتكون بعد أو بقايا أحد األقمار املنفجرة‬
‫وهي في طور التكوين‪.‬‬
‫أأمقار زحل‬
‫ً‬
‫لزحل ثمانية عشر قمرا بعضها محدب مستطيل ويبلغ طوله ضعف عرضه‪.‬‬
‫وهذه األقمار معروفة منذ زمن طويل أكبرها‪ ،‬وأسطعها القمر تيتان ‪ Titan‬حيث أن‬
‫حجمه يضاهي حجم كوكب عطارد وكتلته تعادل حوالي ضعف كتلة قمرنا (‪1.83‬‬
‫من كتلة قمرنا) ويدور حول زحل في مدة ‪ 16‬يوم‪ ،‬وأهم مميزاته أنه يحتوي على‬
‫غالف جوي معظمه من غاز امليثان‪ .‬وتجرى وكالة الفضاء األمريكية (ناسا) متابعة‬
‫ودراسة مستمرة على هذا القمر في محاولة لفهم تكوينه وبالتالي التوصل لفهم‬
‫كيفية تكوين األقمار األخرى‪.‬‬

‫أأورانوس‬
‫ّ‬
‫هو الكوكب السابع من حيث البعد عن الشمس وال يرى بالعين املجردة إال‬
‫بصعوبة إذا ُعرف مكانه‪ ،‬فهو ثالث كوكب عمالق بعد املشتري وزحل في املنظومة‬
‫الشمسية‪ ،‬إذ يبلغ قطره ‪ 4‬مرات قدر قطر األرض‪ .‬تم اكتشافه عام ‪ 1781‬على يد‬
‫العالم الفلكي وليم هرشل وكان الكتشافه أثر كبير على علم الفلك‪ ،‬وذلك ألن‬
‫بناء على حسابات نظرية صرف مما عزز الثقة بامليكانيك‬ ‫تقدير وجوده جاء ً‬
‫ً‬
‫السماوي‪ .‬تبلغ كتلته أكثر من ‪ 14‬ضعفا من كتلة األرض حوالي (‪8.66×1025‬‬
‫كغم) وكثافته قريبة من كثافة املاء‪ ،‬يبعد عن الشمس حوالي ‪ 20‬مرة قدر بعد‬
‫األرض عنها‪ .‬تبلغ سرعة االفالت على سطحه ‪21‬كم‪/‬ثا‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫حركته‬
‫يدور كوكب اورانوس حول الشمس في مدار اهليجي يميل على الدائرة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الكسوفية بزاوية صغيرة جدا قدرها ‪ 46‬دقيقة قوسية تقريبا‪ .‬ويتم مداره في ‪84‬‬
‫سنة و ‪ 4‬أيام‪ .‬يتميز كوكب اورانوس عن الكواكب األخرى بأن محور دورانه يقع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تقريبا في مستوى فلكه‪ ،‬أي أن خط استوائه يتعامد تقريبا على مستوى فلكه‪،‬‬
‫ً‬
‫أنظر الشكل (‪ .)23-4‬ولهذا يقع ضوء الشمس أحيانا بصورة عمودية على أحد‬
‫قطبيه‪ .‬تبلغ مدة دورانه حول نفسه حوالي‪ 16‬ساعة‪.‬‬

‫الشكل (‪ )14-8‬دوران اورانوس حول نفسه وحول الشمس‬

‫غالفه اجلوي ودرجة احلرارة السطحية‬


‫إن الغالف الجوي لكوكب اورانوس يتكون معظمه من الهيدروجين والهليوم‬
‫اضافة إلى قليل من غاز األمونيا وامليثان‪ ،‬إن درجة حرارة هذا الكوكب منخفضة إذ‬
‫تبلغ ‪ 200‬درجة مئوية تحت الصفر لذا تبقى األمونيا في حالة تجمد‪ .‬يتميز هذا‬
‫الكوكب بلونه األزرق املخضر‪ ،‬والذي سببه أشعة الشمس التي تتخلل إلى أعماق‬
‫ً‬
‫الغالف الجوي لهذا الكوكب وهناك ضوء أحمر يظهر أيضا‪ ،‬ولكن األزرق واألخضر‬
‫هو املنعكس إلى الفضاء‪ ،‬وهذا اللون ناتج عن وجود غاز امليثان في الغالف الجوي‬
‫للكوكب‪.‬‬
‫‪234‬‬
‫أأمقار اورانوس‬
‫ً‬
‫لكوكب اورانوس خمسة عشر قمرا تدور في أفالك حول الكوكب من الشرق‬
‫إلى الغرب وتقع في املستوى األستوائي للكوكب ‪،‬أشهر أقماره املعروفة حتى اآلن‬
‫ُ‬
‫خمسة هي‪ :‬أبرون وتيتانيا‪ ،‬وهما أكبر أقماره وأرييل وأمبريل‪ ،‬وأصغر الخمسة هو‬
‫القمر ميراندا الذي يمتاز بالتضاريس التي تظهر على سطحه‪ّ .‬أما األقمار األخرى‬
‫ً‬
‫فهي صغيرة تم اكتشافها مؤخرا من قبل سفينة فايكنج الفضائية‪.‬‬

‫نبتون‬
‫هذا هو الكوكب الثامن من كواكب املنظومة الشمسية‪ ،‬وهو ال يرى بالعين‬
‫ً‬
‫املجردة ألن ضوئه ضعيف‪ ،‬فهو بعيد جدا ولم تكن تتوفر معلومات عن هذا‬
‫الكوكب حتى سنة ‪ 1989‬حيث قامت مركبة فويجير (‪ )2‬بالحصول على بعض‬
‫املعلومات عنه‪ .‬وكان كوكب نبتون قد اكتشف عام ‪ 1864‬من قبل الفلكي األملاني‬
‫يوهان جال‪ .‬حيث الحظ هذا أن كوكب اورانوس غير منتظم في حركته وأنه ينحرف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫انحرافا غريبا في مداره ويتحرك بشكل أسرع من الالزم فأستنتج أن هناك كوكب‬
‫ً‬
‫آخر قريبا منه وأن جاذبيته تؤثر عليه وقام برصد ذلك الكوكب املجهول وتمكن من‬
‫تحديد مكانه واكتشافه‪.‬‬
‫إن كوكب نبتون بعيد عن الشمس إذ يبلغ يبعد عنها ‪ 30‬مرة قدر بعد األرض‬
‫عنها‪ .‬ويدور حولها في مدة مقدارها(‪ 165‬سنة) في مدار شبه دائري يميل على‬
‫مستوى البروج بأقل من درجتين‪ .‬تبلغ كتلتة نبتون حوالي‪ 17‬مرة قدر كتلة األرض‬
‫ويبلغ قطره ‪ 3.8‬مرة قدر قطر األرض وكثافته (‪ 1.6‬غم‪/‬سم‪ .)3‬وتبلغ فترة دورانه‬
‫حول نفسه ‪ 18‬ساعة وتبلغ سرعة االفالت عن سطحه ‪ 24‬كم‪/‬ثا‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫الشكل (‪ )15-8‬صورة حديثة لكوكب نبتون‬

‫غالفه اجلوي ودرجة حرارة سطحه‬


‫إن الغالف الجوي لكوكب نبتون شبيه بالغالف الجوي للكواكب الثالثة المشتري‬
‫وزحل واورانوس حيث أن له جواً كثيفاً يبلغ سمكه (‪ 3240‬كم) يتكون من الهيدروجين‬
‫والهليوم ونسبة قليلة من الميثان واألمونيا المتجمد‪ ،‬وإن هذا الكوكب بعيد عن الشمس‬
‫كثي اًر لذا تبلغ درجة ح اررة سطحه حوالي ‪ 220‬م تحت الصفر مما جعل كل الغازات‬
‫الموجودة على هذا الكوكب في حالة انجماد دائم‪.‬‬

‫أأمقاره‬
‫كشفت املركبة الفضائية فويجر ‪ 2‬عام ‪ 1989‬أن لكوكب نبتون ثمانية‬
‫أقمار بعد أن كان الناس يعرفون أن له قمرين فقط هما‪:‬‬
‫تريتون )‪ :(Triton‬وهو أكبر من قمرنا بكثير إذ يقرب حجمه من حجم كوكب‬
‫املريخ وله غالف جوي سميك من غاز امليثان‪ .‬ويدور حول نبتون في مدة ‪ 6‬أيام‪.‬‬
‫ودورانه معاكس لدوار بقية األقمار ويميل بحوالي ‪ 20‬درجة عن الدائرة االستوائية‬

‫‪236‬‬
‫ً‬
‫لنبتون مما جعل الفلكيين يعتقدون بأنه كان واحدا من الكويكبات الكبيرة أسره‬
‫نبتون حينما صارا قريبين من بعضهما‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نيريد )‪ (Nereid‬وهو أصغر حجما من ترايتون كثيرا‪ ،‬ويدور حول نبتون في‬
‫ً‬
‫مدة سنة أرضية‪ .‬ويالحظ أن فلك نيريد ليس دائريا بل بيضوي الشكل لذلك فهو‬
‫تارة يقترب من الكوكب ومرة أخرى يبتعد‪ .‬كما لوحظ أن أتجاه دوران هذين‬
‫القمرين متعاكس‪ .‬أما بقية األقمار فهي صغيرة‪.‬‬

‫بلوتو‬
‫كان كوكب بلوتو يعتبر الكوكب التاسع واألخير من كواكب املنظومة‬
‫الشمسية لكن االتحاد الفلكي العاملي أخرجه من قائمة الكواكب وجعله في قائمة‬
‫الكويكبات إذ أنه أصغر من قمر األرض ‪ ،‬وهو ذو مدار شاذ يتداخل مع مدار‬
‫ً‬
‫نبتون‪ .‬وقد اكتشف هذا الجرم عام ‪ 1930‬بعد بحث استمر عشرين عاما‪ .‬أن‬
‫املعلومات عن كتلة الكوكب وكثافته ال زالت غير دقيقة وذلك لصغر حجم هذا‬
‫الكوكب وبعده الشاسع عن األرض حيث أن قطره يتراوح بين (‪ 2000‬كم إلى‬
‫‪ 3000‬كم) ّأما كتلته فهي حوالي ‪ 0.002‬من كتلة األرض أي أنها أقل من كتلة‬
‫قمرنا وكثافته تتراوح ما بين ‪ 0.8‬غم‪/‬سم‪ 3‬وهي أصغر كثافة لكوكب في املنظومة‬
‫الشمسية‪ .‬متوسط بعده عن الشمس حوالي ‪ 49‬مرة قدر بعد األرض عنها‪.‬‬
‫حركته‬
‫ً‬
‫عال جدا فهو يبتعد عن الشمس‬ ‫يتحرك بلوتو ضمن فلك ذي تمايز مركزي ٍ‬
‫بمقدار ‪ 7.38×109‬كيلومتر عندما يكون في األوج و ‪ 4.4×109‬كيلومتر عندما يكون في‬
‫الحضيض‪ .‬وإنه عندما يكون في الحضيض يتوغل في فلك نبتون فيصبح أقرب إلى‬
‫الشمس من نبتون‪ .‬وتبين الصورة هذه الحالة كما حصلت في السنوات األخيرة‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫ُويتم الكوكب دورته حول الشمس بمدة ‪ 247.4‬سنة‪ .‬إن لهذا الكوكب حركة‬
‫ً‬
‫محورية سريعة جدا حيث يدور حول نفسه ليكمل دورة واحدة كل ‪ 6‬ساعة‪ ،‬و ‪24‬‬
‫ً‬
‫دقيقة ويعتقد العلماء أن هذا الكوكب ربما كان قمرا من أقمار نبتون‪ .‬ولربما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حصلت عودته إلى نبتون يوما عندما يقترب منه فيأسره ثانية‪ .‬ويعتقد الفلكيون أن‬
‫هناك كوكب آخر وراء بلوتو على بعد ‪ 100‬وحدة فلكية يطلق عليه اسم ‪(X-‬‬
‫)‪ ، planet‬والسبب في هذا االعتقاد أن كتلة الكوكب بلوتو لم تحل جميع االشكاالت‬
‫التي تسبب االضطراب ملسار نبتون وهذا يدل على وجود كوكب آخر يؤثر عليه‪.‬‬

‫الشكل (‪ )16-8‬تداخل مداربلوتو مع مدارنبتون‬

‫غالفه اجلوي ودرجة حرارته السطحية‬


‫ً‬
‫إن كوكب بلوتو بارد جدا نظر لبعده عن الشمس حيث تتراوح درجة الحرارة‬
‫السطحية ‪ 230‬درجة مئوية تحت الصفر‪ ،‬وإن انخفاض درجة الحرارة جعل‬
‫جميع الغازات املوجودة في حالة انجماد‪ .‬إن الكوكب مغطى بطبقة كثيفة في غاز‬
‫امليثان واألمونيا والجليد‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫أأمقاره‬
‫ليس لبلوتو سوى قمر واحد هو كارون ‪ ، Charon‬ويبلغ قطره حوالي‬
‫ً‬
‫‪1200‬كم ويعتبر هذا التابع عمالقا بالنسبة لكوكبه ‪ .‬يدور كارون حول مركز الثقل‬
‫ً‬
‫املشترك مع بلوتو بسرعة عالية جدا القترابه الشديد من الكوكب ويتم دورته‬
‫ً‬
‫في‪ 6.39‬يوما وهي نفس الفترة التي يحتاجها بلوتو ليكمل دورة كاملة حول نفسه‪.‬‬
‫ً‬
‫ولهذا السبب يبقى هذا القمر ثابتا في سماء بلوتو فال يغيب ويرى من جهة واحدة‬
‫من الكوكب وال يرى من الجهة األخرى‪.‬‬

‫أأس ئةل الفصل الثامن‬


‫‪ .1‬صف الحركة العامة لعطارد والزهرة على مدار السنة كما تراها من‬
‫األرض‪.‬‬

‫‪ .2‬هل يمكن لكوكب عطارد أن يوجد عند خط الزوال؟‬

‫‪ .3‬ما هو االقتران الداخلي وما االقتران الخارجي؟‬

‫‪ .4‬لماذا تحتفظ الشمس بغالف جوي رغم ح اررتها العالية؟‬

‫‪ .5‬مم تتألف الشمس؟ وكيف عرفنا ذلك؟‬

‫‪ .6‬لماذا ال تنهار الشمس اآلن ومتى يمكن أن يحصل ذلك؟‬

‫‪ .7‬لماذا يتحتم إن يكون باطن الشمس حا اًر جداً؟‬

‫‪ .8‬ما هي كرة الضوء‪ ،‬والكرة اللونية‪ ،‬واإلكليل الشمسي؟‬

‫‪ .9‬ما المقصود بالنشاط الشمسي أو الفاعلية الشمسية؟‬

‫‪.10‬لماذا تبدو البقع الشمسية عاتمة؟‬

‫‪239‬‬
‫‪.11‬ما هو الدور الذي تؤديه الفعالية المغنطيسية في النشاط‬
‫الشمسي؟‬

‫‪.12‬ما هي الدورة الشمسية؟‬

‫‪ .13‬ما هي الفترة بين العدد األقصى للبقع الشمسية؟ وبماذا تختلف عن فترة‬
‫الدورة الشمسية الكاملة؟‬

‫‪.14‬لماذا ال يصح أن يكون مصدر طاقة الشمس عملية كيميائية كاحتراق‬


‫الهيدروجين واألكسجين لتكوين الماء؟‬

‫‪ .15‬ما هو مصير الشمس بحسب النظريات المعاصرة؟‬

‫‪.16‬لماذا تظهر فوهات كثيرة على سطح القمر وال تظهر أمثالها‬
‫على سطح األرض؟‬

‫‪.17‬لماذا يعتقد الفلكيون أن القمر كان جزءاً من األرض؟‬

‫‪.18‬هل لعطارد غالف جوي؟ ولماذا؟‬

‫‪.19‬بم يشبه سطح عطارد؟ ولماذا هو كذلك؟‬

‫‪.20‬ما هو الشذوذ في دوران الزهرة حول الشمس؟‬

‫‪.21‬هل يمكننا رؤية سطح الزهرة؟ ولماذا؟‬

‫‪.22‬ما هو الغاز الغالب في الغالف الجوي للزهرة؟ وكيف عرفه‬


‫الفلكيون؟‬

‫‪.23‬ما سبب شدة ح اررة الزهرة؟‬

‫‪.24‬صف بعض مظاهر سطح المريخ‬

‫‪.25‬بم يشبه الغالف الجوي لكوكب المريخ؟‬

‫‪.26‬مم تتألف القالنس القطبية المريخية؟‬

‫‪240‬‬
‫ماء كان يجري‬ ‫‪.27‬ما الدليل على أن المريخ احتوى في ٍ‬
‫زمن ما ً‬
‫على سطحه؟‬

‫‪.28‬ما هي المواد الغازية األساسية التي يتكون منها كوكبا‬


‫المشتري وزحل؟‬

‫‪.29‬ما سبب ضخامة الكواكب الخارجية؟‬

‫‪.30‬ماذا يشبه كوكب المشتري؟‬

‫‪.31‬ما هي البقعة الحمراء العظمى؟‬

‫‪.32‬هل للمشتري وزحل سطوح صلبة؟‬

‫‪.33‬ما نوع الحركة والفعالية الجوية التي تالحظ في المشتري؟‬

‫‪.34‬كيف يعرف علماء الفلك محتوى الكواكب الخارجية؟‬

‫‪.35‬مم تتكون حلقات زحل؟ وكيف يعرف علماء الفلك ذلك؟‬

‫‪.36‬ما سبب زرقة أورانوس ونبتون؟‬

‫‪.37‬ما هي الظاهرة غير االعتيادية الخاصة بمحور دو ارن‬


‫أورانوس؟‪ .‬ما الذي يفسر هذه الخصوصية؟‬

‫‪.38‬ما لغرابة في دوران بلوتو وقمره كارون؟‬

‫‪241‬‬
‫الفصل التاسع‬
‫أأجرام أأخرى‬

‫‪242‬‬
‫الكويكبات‬

‫الشكل (‪ )1-9‬الكويكبات‬
‫ً‬
‫الحظ الفلكيون أن الكواكب بين املشتري واملريخ تختفي تماما فرغم أن‬
‫قانون تيتوس ـ بود يقرر وجود كوكب على مسافة ‪ 2.8‬وحدة فلكية عن الشمس إال‬
‫أن الفلكيين لم يجدوا أي كوكب هنا‪ .‬لكنهم اكتشفوا مجموعة هائلة من الكويكبات‬
‫سابحة في الفضاء في مدارات اهليجية حول الشمس‪ ،‬وقد تمكن الفلكيون من‬
‫دراسة حركة وتركيب هذه الكويكبات الصغيرة الحجم بقياسهم سطوعها الضوئي‬
‫في نطاق األشعة تحت الحمراء‪ ،‬وقياس اقطارها الزاوية لتحديد حجومها‪ ،‬كما‬
‫واستخدموا التحليل الطيفي لألشعة املنعكسة عن سطوحها حيث تعطي معلومات‬
‫عن تركيبها الكيميائي‪ ،‬كذلك فإن الفلكيين قد تمكنوا من معرفة الكثير عن تركيب‬
‫الكويكبات من خالل التحليل املباشر للنيازك ‪ . Meteorites‬تبلغ كتلة الكويكبات‬
‫مجتمعة حوالي ‪ %0.04‬من كتلة األرض ويقدر الفلكيون عددها بحوالي ‪ 30‬ألف‬
‫ً‬
‫كويكبا‪ ،‬أكبرها هو سيرس ‪.Ceres‬‬

‫‪243‬‬
‫مدارات الكويكبات‬
‫تدور جميع الكويكبات حول الشمس في مدارات اهليجية باتجاه معاكس‬
‫ً ً‬
‫لدوران عقرب الساعة ولبعضها مدارات مفلطحة تفلطحا كبيرا حيث تبلغ استطالة‬
‫املدار (الالمركزية) ما بين ‪ 0.1‬و ‪ ،0.3‬مثال ذلك مدار الكويكب إيكاروس الذي‬
‫يقترب حضيضه من الشمس أكثر من اقتراب كوكب عطارد منها‪ .‬وتتوزع على غير‬
‫انتظام في املنطقة الواقعة ما بين ‪ 2.2‬إلى ‪ 3.3‬وحدة فلكية عن الشمس‪ .‬ويتفاوت‬
‫ً‬
‫ميل مستوى مداراتها على الدائرة الكسوفية ما بين صفر إلى ‪ 20‬درجة‪ .‬ونظرا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لتباعدها عن بعضها البعض حاليا فإن فرصة تصادمها أصبحت قليلة جدا ًُ‪.‬‬
‫وربما حصل أن مرت بعض الكويكبات بقرب أحد الكواكب فصادها‪ .‬وبهذا الصدد‬
‫يعتقد الفلكيون أن قمري املريخ فوبوس وديموس هما كويكبين أسرها الكوكب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قديما‪ .‬ويؤكد ذلك أن شكلهما غير منتظم وحجمهما صغير‪ .‬ونظرا ألن أشكال‬
‫الكويكبات غير منتظمة عادة فإنها تغير سطوعها بسبب دورانها حول نفسها‪.‬‬

‫الشكل (‪ )2-9‬حزام الكويكبات‬

‫‪244‬‬
‫كويكبات ثنائية‬
‫ً‬
‫كثيرا ما تساءل الفلكيون عن احتمالية وجود ثنائي يتألف من كويكبين يور‬
‫أحدهما حول اآلخر وفي عام ‪ 1989‬اكتشف بالصدفة غير املقصودة مرصد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أريسبو الراديوي ثنائيا كويكبيا هما عبارة عن صخرتين بعد كل منهما حوالي ‪15‬‬
‫كيلومتر‪ ،‬تدوران حول بعضهما في دور مقداره ‪ 4‬ساعات‪ ،‬وهذا الثنائي الكويكبي‬
‫إسمه تاوتاتس ‪.Toutatis‬‬
‫الرتكيب الكمييايئ للكويكبات‬
‫دلت الدراسات الطيفية والكيميائية على أن حوالي ‪ %75‬من الكويكبات‬
‫تحتوي على مواد كربونية عضوية معقدة التركيب‪ .‬وأن حوالي ‪ %5‬منها تتألف من‬
‫الحديد والنيكل والباقي من الكويكبات يتألف من السيليكات‪.‬‬
‫أأصل الكويكبات‬
‫يعتقد البعض أن الكويكبات نشأت عن انفجار كوكب كان يقع بين املريخ‬
‫واملشتري‪ .‬لكن الدراسات التي أجريت على الظروف املمكنة ملثل هذا االنفجار‬
‫وحساب كتلة الكويكبات أدت إلى استبعاد هذا الرأي‪ .‬وذلك ألن كتلة الكوكبات‬
‫مجتمعة ال تزيد على ثمانية أجزاء من عشرة آالف جزء من كتلة األرض‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والرأي السائد حاليا يقرر أن الكويكبات كتل متناثرة موجودة أصال منذ‬
‫نشأة النظام الشمس ي‪ ،‬وقد مرت عليها فترة جعلتها تتصادم مع بعضها البعض‬
‫بسبب جذب كوكب املشتري لها مما جعلها تتناثر وقد سقط قسم كبير منها على‬
‫الكواكب املجاورة بشكل نيازك وكان لألرض في سالف األزمان حصة من ذلك‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫املذنبات‬
‫وهي أجرام سماوية المعة ذات ذيل طويل يمتد ملسافة كبيرة‪ ،‬وقد ظن‬
‫ً‬
‫ارسطو أنها تنشأ بسبب الظواهر الجوية‪ ،‬وكان ظهور املذنبات قديما يثير الرعب في‬
‫ً‬
‫قلوب الناس ويعتبرونها نذيرا بالحرب والدمار‪ .‬وينفي العلم مثل هذه التشاؤم وقد‬
‫أثبت تايكو براهي عام ‪1577‬م أن املذنبات هي أجرام سماوية تدور حول الشمس‬
‫في مدارات مفلطحة ذات تمايز مركزي كبير‪ ،‬وتميل مستويات مداراتها على الدائرة‬
‫ً ً‬
‫الكسوفية بزوايا مختلفة اختالفا كبيرا‪ .‬تكون كتلة املذنبات صغيرة عادة إذ ال تكاد‬
‫تبلغ بحدود جزء من ‪ 100‬مليون جزء من كتلة القمر‪.‬‬
‫قام أدموند هالي بمراجعة سجالت ظهور املذنبات فوجد أن خصائص‬
‫ً‬
‫املذنبات التي ظهرت في السنوات ‪ 1530‬و ‪ 1607‬و ‪ 1682‬متشابهة تماما‪ .‬لذلك‬
‫ً‬
‫اقترح أنه نفس املذنب وأن له زمن دوري قدره ‪ 76‬سنة تقريبا‪ .‬ومن خالل قانون‬
‫ً‬
‫كبلر الثالث يمكن أن نتبين أن املحور الكبير ملداره يبلغ ‪ 18‬وحدة فلكية تقريبا‪.‬‬

‫الشكل (‪ )3-9‬الخوف من اْلذنبات‬

‫‪246‬‬
‫ً‬
‫لذلك توقع أدموند هالي أن يظهر املذنب عام ‪ 1758‬ميالدية وفعال ظهر‬
‫ً‬
‫املذنب قريبا من ذلك الوقت (في الحقيقة عام ‪1759‬م) ولكن هالي كان قد مات‬
‫ً‬
‫(توفي عام ‪ ،)1742‬وتكريما لهذا الفلكي سمي املذنب باسمه مذنب هالي ‪Haley's‬‬
‫‪ Comet‬واملعروف أن آخر مرة رأينا فيها هذا املذنب كانت في نيسان عام ‪1986‬م‬
‫وقد تمكن عدد كبير من الناس من مشاهدته‪.‬‬
‫تركيب املذنبات‬
‫ً‬
‫عندما يكون املذنب بعيدا عن األرض في الفضاء فإنه ال ُيرى لكن حين يقترب‬
‫منها فإنه ُيرى بوضوح لذلك تمكن الفلكيون من دراسة املذنبات عند اقترابها من‬
‫الشمس وتبين لهم أنها تتألف من ثالثة أقسام هي‪:‬‬
‫‪ .1‬النواة‪Nucleus :‬‬

‫وتمثل الجزء الصلب من املذنب وتتألف من جزيئات متجمدة من املاء وثاني‬


‫أوكسيد الكربون والنشادر وامليثان ويبلغ قطرها بضعة كيلو مترات وربما احتوت‬
‫على مواد نيزكية معدنية‪.‬‬

‫الشكل (‪ )4-9‬أجزاء اْلذنب‬

‫‪247‬‬
‫‪.2‬الشوشة (الرأس)‪Coma :‬‬

‫وتتكون عادة عندما يقترب املذنب من مدار املريخ وتتألف من غيمة كروية‬
‫الشكل من غازات متألقة نتيجة تبخر الغازات املتجمدة في النواة بفعل أشعة‬
‫الشمس ويبلغ قطر الشوشة هذه حوالي ‪ 100000‬كيلو متر وتشير الدراسات‬
‫الطيفية إلى احتواءها على جزيئات بسيطة مثل املاء وعلى جزيئات معقدة مثل‬
‫األمونيا‬
‫‪ -3‬الذيل‪Tail :‬‬
‫ً‬
‫ويتكون عندما يقترب املذنب كثيرا من الشمس حيث يتبخر جزء كبير من‬
‫طبقاته الخارجية بفعل االشعاعات والرياح الشمسية الساخنة حيث تندفع أجزاء‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫منه بعيدا عن النواة مكونة ذيال متوهجا يتجه عكس اتجاه الشمس ويمتد الذيل‬
‫بفعل ضغط الرياح الشمسية وضغط الضوء ماليين الكيلومترات في الفضاء‪.‬‬
‫ً‬
‫وعادة يكون للمذنب ذيلين‪ :‬األول الذيل األيوني ولونه يميل إلى الزرقة ينتج بسبب‬
‫تصادم الرياح الشمسية مع الذرات والجزيئات في الشوشة إذ تنفصل عنها‬
‫الكتروناتها وتصبح الذرات موجبة الشحنة مثارة في مستويات عالية فتتأثر باملجال‬
‫املغناطيس ي للشمس‪ ،‬وعندما تعود لإلتحاد مع الكتروناتها ينبعث منها الضوء‬
‫األزرق‪ .‬ويتألف الذيل األيوني عادة من غاز أول أوكسيد الكاربون وثاني أوكسيد‬
‫الكاربون والنتروجين الجزيئي‪ .‬ويتخلل الذيل مجال مغناطيس ي يؤثر في اتجاه‬
‫األيونات وبالتالي يحدد اتجاه الذيل‪.‬‬
‫وهناك ذيل ثاني ويدعى الذيل الغباري ولونه مائل إلى الصفرة‪ ،‬ويتألف من‬
‫جسيمات غبارية من مادة السيليكات عادة‪ ،‬حيث تصدم الفوتونات الضوئية مع‬
‫الغبار في الشوشة وتدفعه بقوة خلف املذنب وأثناء حركة املذنب في مداره حول‬
‫الشمس تتطاير منه كميات كبيرة من األتربة والغبار مؤلفة جداول أو أنشوطة‬
‫واسعة وأثناء دوران األرض حول الشمس تمر من خالل هذه الجداول مرة واحدة في‬

‫‪248‬‬
‫السنة على األقل فتقع دقائق الغبار على األرض محترقة في الغالف الجوي مؤلفة‬
‫ً‬
‫بذلك شالال من األنوار الشهبية وتسمى هذه الظاهرة الزخات الشهبية‪Meteor ،‬‬
‫‪ ،Showers‬وتنسب هذه الزخات إلى األبراج التي تظهر وكأنها قادمة منها…فيقال‬
‫زخة شهب األسديات‪ Leonids‬التي تبدو قادمة من برج األسد وزخة شهب‬
‫البرشاويات نسبة إلى كوكبه برشاوس‪.‬‬

‫الشكل (‪ )5-9‬اْلذنب هيل‪-‬بوب ويرى بوضوح ذيليه‬

‫مدارات املذنبات‬
‫ً‬
‫للمذنبات مدارات ذات استطالة كبيرة جدا‪ ،‬لذلك فإن مدة دورانها حول‬
‫ً‬
‫الشمس كبيرة عادة‪ .‬فبعضها يظهر في السماء خالل عشرات السنين كمذنب هالي‬
‫وبعضها يدور في آالف السنين كمذنب هيل‪-‬بوب‪ .‬وهنالك نوع آخر من املذنبات وهي‬
‫الزائرة تأتي مرة واحدة لتدور حول الشمس وتعود أدراجها إلى عمق الفضاء الكوني‬
‫فال ترجع إلى النظام الشمس ي مرة ثانية‪ .‬وتكون مدارات املذنبات على نوعين‪ :‬األولى‬
‫ً‬
‫مفتوحة‪ :‬وهي التي تزور الشمس مرة واحدة ال تعود بعدها أبدا‪ .‬والثانية مغلقة‪:‬‬
‫وهذه هي التي تكرر زياراتها على فترات دورية شبه منتظمة‪ .‬وتكون املذنبات الدورية‬

‫‪249‬‬
‫على نوعين‪ :‬قصيرة الدور مثل مذنب هالي الذي يبلغ دوره بحدود ‪ 76‬سنة‪ .‬و طويلة‬
‫الدور حيث يبلغ دورها آالف وعشرات اآلف السنين مثل مذنب هيل‪-‬بوب الذي‬
‫ظهر في السماء عام ‪.1996‬‬
‫مصدر املذنبات‬
‫يعتقد الفلكيون أن مصدر املذنبات قصيرة الدور هو حزام كيوبر الذي يقع‬
‫على بعد ‪ 100‬وحدة فلكية عن الشمس‪ .‬حيث يحتوي هذا الحزام على مئات‬
‫الكسف الصغيرة ومن هذه الكسف املذنبات نفسها‪ .‬ولكن ما هو مصدر‬ ‫ماليين ِ‬
‫املذنبات الطويلة الدور؟‬
‫من خالل مراقبة المذنبات التي تظهر حسابات مدااتها أنها طويلة الدور يتبين أن معدل‬
‫نصف قطر المحور األعظم لمداراتها اإلهليجية المفلطحة تفلطحاً كبي اًر هو بحدود‬
‫‪ 50000‬وحدة فلكية‪ .‬ويعني هذا بحسب قانون كبلر الثالث أن معدل دورها هو بحدود‬
‫‪ 10‬ماليين سنة‪ .‬ونظ اًر ألن المذنبات تقضي معظم وقتها في حضيضها الذي يبعد بحدود‬
‫‪ 100000‬وحدة فلكية عن الشمس حيث تكون سرعاتها هناك بطيئة جداً فال تكاد تقطع‬
‫في اليوم الواحد بضعة ألف كيلومتر‪ ،‬فإن تجمعاً كبي اًر للمذنبات يفترض ووده على هذا‬
‫البعد حيث تتألف هنالك سحابة سميت سحابة أوورت نسبة إلى جان أوورت الذي إقترح‬
‫وجودها عام ‪ .1950‬لكن يبقى السؤال قائماً وهو من أين أتت هذه السحابة وكيف‬
‫تكونت؟؟‪.‬‬

‫هنالك عدة إجابات مقترحة لهذا السؤال بعضها يقرر أن سحابة أووت ولدت أصالً‬
‫على حافة النظام الشمسي على بعد ‪ 100‬وحدة فلكية لكنها ما برحت تتباعد ألسباب‬
‫جذبية تتعلق بالدور الجذبي لكوكب المشتري وبقية الكواكب العمالقة التي قامت بدور‬
‫الطرد الجاذبي للمذنبات بعيداً عن النظام الشمسي‪ .‬ولكن هنالك أيضاً آراء أخرى عديدة‬
‫ولم تزل الدراسات بهذا الصدد بحاجة إلى كثير من األرصاد والحقائق الفلكية لكي يتم فهم‬
‫أصل ومصدر المذنبات‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫الشكل (‪ )6-9‬سحابة أووت وحزام كيوبر‬

‫مصائر املذنبات‬
‫ينفث املذنب إلى الفضاء الخارجي حوالي ‪ 100‬مليون طن من الغازات‬
‫ً‬
‫واألتربة كلما دار دورة جديدة حول الشمس‪ ،‬وهذه الكمية تؤلف جزءا من ألف‬
‫ً‬
‫جزء من كتلة املذنب‪ .‬كما يحصل أحيانا أن تتفتت نواة املذنب إلى أجزاء عدة‬
‫املدية للشمس أو الكواكب السيارة الكبيرة كما حصل ملذنب‬ ‫بسبب التأثيرات ّ‬
‫ً‬
‫ويست عام ‪ 1976‬حيث تفتت نواته إلى أكثر من ‪ 4‬أجزاء عند مروه قريبا من‬
‫الشمس‪ .‬وما حصل كذلك ملذنب شوماخر ـ ليفي عام ‪ 1996‬قبيل ارتطامه بكوكب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املشتري‪ .‬لذلك فإن عمر املذنبات يكون قصير نسبيا‪ .‬وعموما يمكن القول أن‬
‫هنالك ثالث مصائر للمذنبات وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬التبدد والتفتت إلى أجزاء صغيرة‪.‬‬

‫‪ .2‬االصطدام مع الشمس أو الكواكب ‪ .‬وهذا ما حصل لمذنب شوماخر‪ -‬ليفي‬


‫الذي اصطدم مع كوكب المشتري عام ‪ ،1996‬بعد أن تفتت إلى ‪ 9‬قطع‪.‬‬

‫‪ .3‬االنفالت من المنظومة الشمسية والهرب إلى الفضاء الخارجي‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫الشهب والنيازك‬
‫الشهب ‪ Meteors‬هي ومضات ضوئية تظهر فجأة في السماء نتيجة ملرور‬
‫ِكسف ‪ Meteoroids‬صلبة خالل الغالف الجوي لألرض فترتفع درجة حرارتها نتيجة‬
‫احتكاكها بالغالف الجوي فيتبخر معظمها وقد يبقى منها ش يء يسقط على األرض‬
‫ً‬
‫وعندئذ يسمى هذا الجزء الباقي نيزكا‪ .‬وتترك النيازك عند سقوطها على األرض‬
‫ُ‬
‫حفرا ًً تتفاوت في اتساعها بحسب كتلة النيزك الساقط‪.‬‬

‫الشكل (‪ )7-9‬حفرة نيزكية قطرها ‪ 1‬كيلومتر‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫يتفاوت حجم وكتلة الكسف املوجودة في الفضاء تفاوتا كبيرا وتختلف‬
‫ً‬
‫مصادرها أيضا‪ .‬فمنها ما هو حبات رمل ومنها ما هو حصوات وأحجار صغيرة وهذه‬
‫ً‬
‫تكون عادة من مخلفات املذنبات تتركها على خط مسارها عند مرورها قريبا من‬
‫مدار األرض‪ .‬فإذا مرت األرض بش يء منها ظهرت في السماء شهب كثيرة‪ .‬ويحصل‬
‫ذلك في بعض أيام السنة فتظهر زخات من الشهب كأنها صادرة من موقع أو برج‬
‫ً‬
‫معين في السماء‪ ،‬وقد ذكرنا ذلك آنفا عند الحديث عن املذنبات‪.‬‬
‫ً‬
‫أما النيازك فإنها على األرجح بقايا ِكسف أكبر حجما نتجت عن تصادم‬
‫كواكب أو كويكبات مع بعضها البعض‪ .‬وهنالك ثالثة أنواع من النيازك‪:‬‬

‫‪252‬‬
‫‪ .1‬النيازك الحديدية ‪ :‬وتتألف من ‪ %90‬من الحديد و‪ %9‬من النيكل وآثار لعناصر‬
‫أخرى‪ .‬ويمكن تشخيصها بسهولة من خالل كثافتها العالية ومنظرها المعدني‪.‬‬

‫النيازك الصخرية ‪ :‬وهي قليلة الكثافة عادة‪ .‬تتألف في معظمها من السليكات‬ ‫‪.2‬‬
‫وتحتوي على نسبة ‪ %2‬من الكربون‪.‬‬

‫النيازك الصخرية الحديدية‪ :‬وتتألف من خليط من الحبيبات السليكاتية والحديد‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫الشكل () نوعان من النيازك‪ ،‬إلى اليمين حديدي والى اليسارصخري كاربوني‬

‫نموذج مصغر للمنظومة الشمسية‬ ‫حاشية (‪)1-9‬‬

‫لكي نتصور األبعاد واألحجام في النظام الشمسي يمكننا بناء نموذج مصغر قابل‬
‫للتصور‪ .‬فلو مثلنا األرض بكرة قطرها ‪1‬سنتيمتر أي بحجم حبة الحمص‪ ،‬فإن الشمس ستكون‬
‫عبارة عن كرة قطرها ‪ 116‬سنتيمتر‪ .‬وستجلس األرض (حبة الحمص) على بعد ‪ 125‬مت اًر عن‬
‫الشم س وعل بعد قدم واحد من حبة الحمص سيبدو القمر بحجم حبة العدس ‪ .‬أبعد كوكب في‬
‫المنظومة الشمسية فسيكون على بعد ‪ 5‬كيلومتر عن الشمس‪ .‬مما يعني أننا نستطيع تمثيل‬
‫المنظومة الشمسية وفق هذا المقياس كقرص قطره ‪ 10‬كيلومترات في وسطه كرة الشمس بقطر ‪1‬‬
‫متر تقريباً‪ ،‬ويقع أقرب كوكب اليها وهو عطارد على بعد ‪ 50‬متر ثم كوكب الزهرة على بعد ‪87‬‬
‫مت اًر‪ .‬أما كوكب المريخ فسيكون على بعد مائتي متر عن الشمس‪ .‬وسيكون هنلك حزام من‬
‫الهباءات الصغيرة يتوزع في المنطقة التي تبعد مابين ‪ 400-300‬متر عن الشمس‪ ،‬وهي‬
‫مجموعة الكويكبات‪ .‬أما كوكب المشتري فإنه سيكون على بعد ‪ 650‬مت اًر ثم زحل على بعد يقرب‬
‫من ‪ 1200‬متر‪ ،‬فكوكب اورانوس على بعد ‪ 2400‬متر وكوكب نبتون على بعد أربعة كيلومترات‬
‫إال ربعاً‪ .‬وأخي اًر كوكب بلوتو الصغير سيبدو كحبة السمسم على بعد ‪ 5‬كيلومرات عن الشمس‪.‬‬
‫هكذا ستبدو المنظومة الشمسية مليئة بالفراغ!‬

‫‪253‬‬
‫تكوين النظام الشميس‬
‫كما أسلفنا فإن املنظومة الشمسية تتألف من الشمس والكواكب التسعة‬
‫التي تدور حولها واألقمار التابعة لتلك الكواكب‪ .‬كما تضم املنظومة الشمسية‬
‫مجموعة الكويكبات التي بين املريخ واملشتري و كثير من املذنبات الدورية كمذنب‬
‫هالي والزائرة التي تظهر فجأة‪ .‬وهنالك عدد من املالحظات األساسية التي يمكن‬
‫تأشيرها بشأن الصفات التكوينية والحركية ملكونات املنظومة الشمسية واهم هذه‬
‫املالحظات ما يلي‪:‬‬
‫إن كل كوكب من الكواكب يبدو منعزال في الفضاء في حيزه الذي هو فيه‬
‫ً‬
‫ويبدو كأنه تكون لوحده معزوال عن بقية الكواكب‪.‬‬
‫ً‬
‫إن مدارات معظم الكواكب قريبة جدا من الشكل الدائري (عدا مداري‬
‫عطارد وبلوتو املفلطحين)‪.‬‬
‫ً‬
‫إن جميع مدارات الكواكب تقع في مستوي واحد تقريبا‪.‬‬
‫إن إتجاه دوران الكواكب حول الشمس هو نفس اتجاه دوران الشمس حول‬
‫نفسها‪.‬‬
‫إن إتجاه دوران الكواكب حول نفسها هو نفس اتجاه دوران الشمس حول‬
‫نفسها (عدا كوكب الزهرة الذي يدور بالعكس وأورانوس)‪.‬‬
‫إن إتجاه دوران معظم األقمار حول كواكبها هو نفس اتجاه دوران الكواكب‬
‫حول الشمس (عدا ترايتون قمر الكوكب نبتون)‪.‬‬
‫من الناحية التكوينة تتمايز الكواكب إلى صنفين‪ :‬كواكب أرضية ذات تكوين‬
‫مشابه لتكوين األرض‪،‬وكواكب مشتروية مماثلة في تكوينها لكوكب املشتري‪.‬‬
‫يظهر أن مجموعة الكويكبات مؤلفة من أجرام قديمة التكوين وتتميز بميزات‬
‫تكوينة خاصة‪ .‬أما من حيث الحركة املدارية فهي مماثلة للكواكب‪.‬‬
‫‪254‬‬
‫تتألف املذنبات من مواد بدائية كالتلج ودقائق الغبار والغازات ومداراتها ال‬
‫تماثل مدارات الكواكب بل هي كثيرة التفلطح كما أنها ال تقع بالضرورة في املستوي‬
‫االستوائي للشمس‪.‬‬

‫تؤشر هذه املالحظات أن النظام لشمس ي هو تكوين على درجة راقية من‬
‫التطور‪ ،‬وأن هذا التكوين قد تألف في وقت واحد وفق نظم تكوينية متكاملة‪ .‬وعلى‬
‫الرغم من قدم التفكير في أصل النظام الشمس ي فإن النظرية الكاملة التي تفسر‬
‫جميع خصائصه الزالت بعيدة املنال‪ .‬وهنالك نظريتان في الوقت الحاضر أحدهما‬
‫ً‬
‫قديمة أصبحت جزءا من التاريخ واألخرى حديثة لكنها تحتاج إلى كثير من التطوير‪.‬‬
‫النظرية السدميية‬
‫في عام ‪ 1796‬وصف بيير البالس انكماش كتلة سديمية مؤلفة من غازات‬
‫ً‬
‫وأتربة وتحولها إلى قرص‪ .‬وأثبت رياضيا أن السرعة الدورانية ملثل هذه الكتلة‬
‫السديمية سوف تتزايد كلما إنكمش حجمها‪ .‬وعلى أساس هذه الفكرة حاول‬
‫إيمانويل كانت تفسير نشأة النظام الشمس ي من سحابة سديمية هائلة ربما كان‬
‫قطرها آالف املاليين من الكيلومترات إنكمشت فتكون في مركزها كتلة كبيرة من‬
‫املادة‪ .‬ثم صارت تنكمش باستمرار ومع انكماشها تزايدت درجة حرارتها حتى صارت‬
‫كما هي عليه الشمس‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫الشكل (‪ )7-9‬تكوين النظام الشمس ي وفق النظرية السديمية‬

‫وقد رصد الفلكيون حديثا أحد النجوم وهو بيتا بكتورس وكما يتضح من‬
‫الشكل(‪ )7-9‬فإن هذا النجم هو في طور التكوين يحف به قرص سديمي هائل‬
‫ً‬
‫ساخن‪ .‬وهذا ماجعل البعض يعتبره تأكيدا أرصاديا للنظرية السديمية‪.‬‬

‫الشكل (‪ )8-9‬نجم بيتا بكتورس‬

‫‪Condensation theory‬‬ ‫نظرية التكاثف‬


‫لذلك تم تعديل النظرية السديمية وفق منظور جديد وذلك بافتراض أن‬
‫مادة السديم تتألف من كتل ترابية وثلجية مجهرية يكن أن تصبح نواة لتكاثف‬

‫‪256‬‬
‫ً‬
‫املادة السديمية عليها وحيثما يكون التكاثف أعظما يكون النجم األولي الذي يتطور‬
‫الحقا إلى نجم كامل (أو الشمس) أما في املناطق األخرى فتتألف كويكبات صغيرة‪.‬‬
‫ً‬
‫ونظرا للجاذبية العالية التي في املركز حيث يكون النجم فإن اتجاه دوران الكواكب‬
‫ً‬
‫يكون بنفس اتجاه دوران النجم‪ .‬ووفقا لهذه النظرية ينشأ النظام الكوكبي عبر ثالث‬
‫مراحل‪ :‬حيث تتألف في املرحلة األولى نوى تجميع تكون بمثابة نقاط تتكدس عليها‬
‫ً‬
‫املادة تدريجيا‪ .‬وهكذا تتجمع املادة حتى يتألف جرم قطره بضع مئات من‬
‫الكيلومترات‪ .‬وفي نهاية هذه املرحلة تكون املنظومة الشمسية مؤلفة من نجم أولي في‬
‫املركز تحف به ماليين الكواكب الصغيرة التي هي أشبه بأقمار تطوف ول الشمس في‬
‫مدارات شبه دائرية وتسبح في بحر من األتربة والغازات التي تمأل املسافات البينية‪.‬‬
‫ً‬
‫وفي املرحلة الثانية تتجمع هذه األقمار على بعضها البعض لتؤلف كتال أكبر‬
‫وأكبر‪ .‬وبالتالي تتزايد شدة مجالها الجاذبي فتعمل عندئذ على جذب الكتل األخرى‬
‫إليها‪ .‬وهكذا تزداد كتلها ويكبر حجمها‪.‬‬
‫وفي املرحلة الثالثة تحصل تصادمات كثيرة بين الكواكب بسبب انجذاب‬
‫الكسف الصغيرة وهذه الكسف‬ ‫بعضها إلى البعض اآلخر مما يؤلف عددا كبيرا من ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تجذبها الكواكب إليها مرة ثانية إال أن عددا قليال منها يستطيع االفالت فيبقى في‬
‫ً‬
‫أفالك شبه دائرية حول الشمس مؤلفا حزام الكويكبات الذي بين املريخ واملشتري‪.‬‬
‫وبموجب هذه النظرية وخالل ‪ 100‬مليون سنة يكون النظام الشمس ي األولي قد‬
‫تكون من شمس اولية وتسع كواكب وعشرات األقمار الدائرة حول الكواكب‪.‬‬ ‫ّ‬

‫يعزو أصحاب هذه النظرية عدم وجود بقية من الغازات واألتربة التي تكون‬
‫عنها النظام الشمس ي إلى أن النشاط الشمس ي املميز الذي شهدته الشمس في أول‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫عهدها قد ولد عصفا قويا من الرياح جعل الغازات واألتربة املتبقية بين الكواكب‬
‫تندفع إلى مسافات بعيدة خارج النظام الشمس ي لتؤلف املادة البينجمية‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫وتفسر نظرية التكاثف التوزيع التفاضلي للمادة في النظام الشمس ي على‬
‫أسس التوزيع الحراري التي كانت في القرص السديمي الشمس ي‪ ،‬وهنالك كثير من‬
‫الفرضيات والتخمينات في هذا الجانب‪ .‬كما تفسر النظرية وجود املذنبات بطريق‬
‫مماثل‪.‬‬

‫الشكل (‪ )9-9‬مراحل تكوين النظام الشمس ي وفق نظرية التكاثف‬


‫ً‬
‫عموما يمكن القول أن النظرية املتكاملة التي تفسر نشوء النظام الشمس ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الزالت غير متوفرة وإن مزيدا من الدراسات واألبحاث مطلوب فعال لغرض وضع‬
‫تصور متكامل عن نشأة النظام الشمس ي‪ .‬ولعلنا في هذا الصدد نحتاج إلى نظرية‬
‫جديدة في الجاذبية تعني هذه املرة بتقديم صورة دقيقة عن تصرف الجاذبية‬

‫‪258‬‬
‫ً‬
‫الضعيفة جدا‪ ،‬وحيث كانت نظرية النسبية العامة قد قدمت تفسيرها الدقيق‬
‫للجاذبية واختلفت مع التصور النيوتني في تفسير الظواهر الحركية الحرة في‬
‫األنطقة الجاذبية الشديدة فإن من األرجح أن نحتاج إلى نظرية جديدة تضم‬
‫ً‬
‫تصحيحا لنظرية نيوتن في األنطقة الجاذبية الضعيفة‪ ،‬وذلك ألن نظرية التكاثف‬
‫التي ذكرناها ال تفسر املدارات شبه الدائرية التي تدور فيها الكواكب‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫الفصل العارش‬
‫نظم مشس ية أأخرى‬

‫‪260‬‬
‫من املعروف أن شمسنا ليست الوحيدة في هذا الكون بل هي واحدة من‬
‫ماليين املاليين من الشموس التي تتوزع في هذا الكون‪ .‬فالنجوم التي نراها في السماء‬
‫هي ليست إال شموس بعيدة‪ ،‬بعضها مثل شمسنا وأخرى أكبر منها وأخرى أصغر‬
‫منها‪ .‬لكنها جميعا شموس تحرق الهيدروجين والهليوم عبر عمليات االندماج النووي‬
‫لتنتج الطاقة‪ .‬والدارس الباحث في كيفية نشأت هذه النجوم يرى أنها جميعا تتبع‬
‫ً‬
‫سياقا عاما واحدا في النشأة والتطور‪ .‬لكنها تختلف قليال أو كثيرا في املصير‪ .‬لذلك‬
‫البد للباحث ن أن يستنتج أن هنالك منظومات شمسية مماثلة ملنظومتنا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الشمسية‪ ،‬فيها كواكب تختلف قليال أو كثيرا عن كواكب منظومتنا الشمسية‪.‬‬
‫لكننا هنا ينبغي أن نضع في حسباننا حقيقتين أساسيتين‪ :‬األولى هي أن الهيدروجين‬
‫ً‬
‫هو العنصر األكثر شيوعا في الكون حيث تبلغ نسبته بحدود ‪ %76‬يليه الهليوم‬
‫الذي تبلغ نسبته حوالي ‪ %23‬بينما تؤلف بقية العناصر األثقل من الهليوم نسبة ال‬
‫تزيد على ‪ .%1‬والحقيقة الثانية هي أن جميع العناصر األثقل من الهليوم تتكون في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫باطن النجوم الكبيرة حيث يتم تركيبها تباعا من العناصر الخفيفة بدءا من‬
‫الهيدروجين والهليوم من خالل عمليات االندماج النووي املتواصلة التي‬
‫تسمىعمليات التخليق النووي ‪ .Neucleothynsis‬مما يعني أن مقومات الحياة لن‬
‫تتوفر في أي من نجوم الجيل األول إذ البد أن تتوفر عناصر مهمة كالكربون‬
‫واألوكسجين والنتروجين والفسفور لتكوين أوليات املواد العضوية الالزمة‬
‫للمركبات الحيوية‪.‬‬
‫وإذا ما علمنا أن في الكون ما اليقل عن مائة ألف مليون مجرة وأن في كل‬
‫ً‬
‫مجرة ما ال يقل عن مائة ألف مليون شمس‪ ،‬فإن من املعقول جدا أن نتوقع وجود‬
‫عدد كبير من املنظومات الشمسية في هذا الكون الهائل‪ .‬بالتأكيد فإن نجوم هذه‬
‫املنظومات يجب أن تكون من الجيل الثاني على األقل إذا كانت كوكبها لتتألف من‬
‫مواد غير الهيدروجين والهليوم‪ .‬وفي حالة كونها من الجيل األول فإنها ال يمكن أن‬
‫ً‬
‫تؤلف إال ثنائيات أو ثالثيات نجمية وهذا النوع من التراكيب النجمية شائع أيضا في‬

‫‪261‬‬
‫الكون‪ .‬ومن خالل معرفتنا بعالقة الكتلة وسرعة االندماجات النووية وبالتالي‬
‫أعمار النجوم يمكننا القول أنه البد وأن نشأت في العصور األولى لحياة الكون نجوم‬
‫عمالقة أحرقت الهيدروجين والهليوم والكربون بسرعة لتكوين العناصر األثقل‪.‬‬
‫لم يكن استكشاف النجوم البعيدة ممكنا إال خالل العقود األخيرة‪ .‬وقد‬
‫مكننا تطور التقنيات البصرية وتقنيات التحليل الطيفي من تحقيق انجازات كبيرة‬
‫ُ‬
‫على صعيد اكشاف منظومات شمسية أخرى‪ .‬وخالل السنوات العشر املاضية تم‬
‫اكتشاف ما يزيد على ‪ 100‬منظومة شمسية‪ .‬وجميع هذه املنظومات تابعة بالطبع‬
‫ً‬
‫إلى مجرتنا‪ ،‬ألن استكشاف نجوم املجرات األخرى ال زال أمرا بعيد املنال‪.‬‬

‫طرق اكتشاف الكواكب يف نظم مشس ية أأخرى‬


‫يمكن القول أن تقنيات استكشاف الكواكب خارج منظومتنا الشمسية ال‬
‫زالت في بدايتها‪ .‬ومن الطبيعي أن يتم أوال استكشاف الكواكب عظيمة الكتلة التي‬
‫هي من عيار كوكب املشتري (ولذا تسمى هذه بالكواكب املشتروية ‪.)Jovian Planets‬‬
‫وهنالك عدة طرق الكتشاف الكواكب خارج منظومتنا الشمسية وأهمها هي‪:‬‬
‫طريقة تحليل طيف دوبلر‪Doppler Spectroscopy :‬‬
‫ً‬
‫وهي الطريقة األكثر شيوعا‪ .‬وتعتمد على مبدأ أن النجم الذي تدور حوله‬
‫ً‬
‫كواكب ذوات كتل كبيرة نسبيا تتولد له حركة ذاتية تتمثل بدورانه حول مركز‬
‫الكتلة املشترك‪ .‬ومن خالل دراسة طيف النجم وتحليل الخطوط الطيفية ومقادير‬
‫ازاحاتها الدوبلرية يمكن للباحث أن يحسب سرعة دوران النجم حول مركز الكتلة‬
‫ومنه يمكن حساب كتلة الجسم الثاني املخفي‪ .‬وقد تمكن الفلكيون من حساب‬
‫ً‬
‫سرعات بطيئة نسبيا بحدود ‪ 3‬متر في الثانية‪ .‬وهذا يعني امكانية اكتشاف كوكب‬
‫كتلته التقل عن ‪ 33‬مرة قدر كتلة األرض يدور حول شمس مماثلة لشمسنا‪.‬‬

‫‪262‬‬
‫طريقة تغير سطوع النجم‪Transit Photometry :‬‬

‫وتعتمد هذه الطريقة على قياس التغير الدوري في سطوع النجم عند مرور‬
‫الكوكب أمامه ومنه نستطيع تقدير حجم الكوكب ومن ذلك نستطيع حساب كتلة‬
‫الكوكب‪ .‬ومن مثالب هذه الطريقة ان الكواكب التي لها فترة دوران تزيد على‬
‫السنتين ال يمكن كشفها بهذه الطريقة ألن إمكانية انتظامها على خط واحد مع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مجال النظر ضعيف جدا‪ .‬فضال عن ذلك فإن ميل مستوي مدار الكوكب يؤثر في‬
‫دقة القياس وفي بعض الحاالت يصعب اكتشاف الكوكب إذا كان ميل مستوي‬
‫ً‬
‫مداره كبيرا‪.‬‬
‫الطريقة األسترومترية‪Astrometry :‬‬

‫وتعتمد على قياس تغير دوري في موقع النجم نتيجة لتأثير كوكب مرافق له‬
‫يدور حوله‪ .‬ويقاس التغير في موقع النجم بامللي ثانية قوسية‪ .‬فإذا كان التغير في‬
‫املوقع بمقدار ‪ 2‬ملي ثانية قوسية فإن ذلك معناه وجود كوكب كتلته ‪ 6.6‬قدر‬
‫كتلة األرض يدور حول نجم بمثل كتلة الشمس ويبعد ‪ 10‬بارسك من األرض‪.‬‬
‫ً‬
‫ويستطيع تلسكوب كيك أن يقيس تغيرا في مواقع النجوم بمقدار ‪ 20‬مايكروثانية‬
‫قوسية‪ .‬وهذا يعني أنه يستطيع الكشف عن كوكب كتلته ‪ 66‬مرة قدر كتلة األرض‬
‫يدور حول نجم مثل شمسنا يبعد عنا مسافة قدرها ‪ 10‬بارسك في مدار مثل مدار‬
‫األرض عنها‪.‬‬
‫طريقة تغير الدور النبض ي‪:‬‬
‫وتعتمد هذه الطريقة على قياس التغير الدوري في دور نبض البلسارات‪.‬‬
‫وهذه هي ن جوم ميتة وبقايا انفجار السوبرنوفا‪ .‬ومثل هذه الكواكب الناشئة من‬
‫ً‬
‫رماد السوبرنوفا قليل جدا‪.‬‬
‫ً‬
‫يبين الشكل (‪ )1-10‬رسما بيانيا لبعض الكواكب املكتشفة وفيه تظهر‬
‫العالقة بين كتلة الكواكب وأبعادها عن النجوم التي تتبع لها‪ .‬من املتوقع أن‬
‫‪263‬‬
‫تتصاعد وتيرة البحث عن كواكب جديدة في منظومات نجمية أخرى داخل مجرتنا‬
‫ومن املتوقع أن يتم اكتشاف كواكب جديدة ذوات كتل مماثلة لكتلة أرضنا‪ ،‬حيث‬
‫يجري اآلن تطوير الكثير من التقنيات الجديدة كما يجري االعداد الطالق أقمار‬
‫صناعية خالل األعوام القادمة مخصصة ملهمات البحث عن منظومات شمسية‬
‫جديدة واستكشاف امكانية وجود حياة في مناطق أخرى من الكون‪.‬‬

‫احلياة خارج ا ألرض‬


‫أأوليات احلياة عىل ا ألرض‬
‫يعتقد معظم الباحثين في شوؤن الحياة والبيئة اليوم أن الحياة على األرض‬
‫بدأت من تفاعالت كيميائية بين جزيئات معقدة سادت جو األرض وسطحها في‬
‫بداية عهدها‪ .‬ويعود تاريخ هذا االعتقاد إلى عهد تشارلز دارون على األقل‪ ،‬وقد تعزز‬
‫هذا االعتقاد عام ‪ 1953‬عندما قام ستانلي ميلر (أيام كان طالب دراسات عليا في‬
‫جامعة شيكاغو) وأستاذه البروفسور هارولد يوري بتجربة بهذا الشأن‪ .‬فقد مأل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ميلر ويوري دورقا زجاجيا معقما باملاء والهيدروجين وامليثان واألمونيا‪ ،‬وهي غازات‬
‫كان يعتقد بوجودها في الغالف الجوي األرض ي الفتي‪ .‬ثم مررا شرارة كهربائية عبر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫هذا املزيج فولدت الشرارة ضوءا مرئيا وإشعاعا فوق البنفسجي مما أدى الى حدوث‬
‫تفاعالت كيميائية في مزيج املاء والغاز‪ .‬ثم قاما بتحليل املزيج بعد أسبوع فوجدا فيه‬
‫جزيئات عضوية مختلفة‪ ،‬إضافة إلى خمسة أحماض أمينية تستخدم لصنع‬
‫البروتينات‪ .‬وكان استنتاجهما أن بعض املحتويات في املزيج هي محتويات ضرورية‬
‫ً‬
‫للحياة تولدت تلقائيا على ظهر األرض‪.‬‬
‫وقد حمل نجاح تجربة ميلر ويوري باحثين آخرين على إجراء تجارب مماثلة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أكثر تعقيدا؛ فقام الكيميائي األمريكي سيدني فوكس مثال بتجارب على جزيئات‬
‫عضوية معقدة كتلك املتولدة في تجربة ميلر ويوري‪ ،‬فسخنها ّ‬
‫وبردها في املاء فتمكن‬
‫من تخليق جدائل بروتينية تدعى أشباه البروتينات ‪ ،Proteinoids‬بل إنه توصل إلى‬
‫‪264‬‬
‫ً‬
‫نتائج أكثر أهمية؛ إذ بين أن أشباه البروتينات هذه كونت تلقائيا قطيرات شبيهة‬
‫بالخاليا‪ ،‬إال أنها تفتقد القدرة على التكاثر‪ ،‬كما أنها تخلو من أية بنية معقدة كتلك‬
‫التي نشهدها في الخاليا الحية‪ ،‬لكنها مع ذلك تكشف النقاب عن إمكان قيام املادة‬
‫ً‬
‫العضوية تلقائيا بتكوين بنية لها‪ ،‬وعزل هذه البنية عن املحيط من حولها‪ ،‬وهي‬
‫أمور يحتمل حدوث مثيل لها في الكائنات الحية األولى‪.‬‬

‫الشكل (‪ )2-10‬جهازميلرـ يوري‬

‫وقد وجد أن من املمكن توفير حاجات الكائنات الحية من الطاقة عن طريق‬


‫تجارب على غرار تجارب ميلر ـ يوري؛ فقد أثبت الكيميائي البيولوجي السيريالنكي‬
‫سيرل بونامبيوما إمكان تركيب الـ ‪ ATP‬مباشرة من مركبات مماثلة لتلك املتولدة في‬
‫تجربة ميلر ويوري‪ ،‬ومن ثم إمكان تحقيق خطوة أخرى إضافية في خلق مادة حية‬
‫من مادة غير حية‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫ً‬
‫ملاذا إذن ال نشهد أمورا كهذه تجري في حياتنا اليومية على األرض؟ إن أحد‬
‫أسباب ذلك هو احتواء غالفنا الجوي على األوكسجين الذي يقوم بمهاجمة‬
‫الجزيئات العضوية فيفتتها‪ .‬وهكذا فإن غياب األوكسجين الذي ساد الفترة األولى‬
‫من تاريخ األرض‪ ،‬وهو ما جرى التحقق منه بتحليل الصخور القديمة‪ ،‬ربما كان له‬
‫دور حاسم في تطور الحياة على ظهر األرض‪.‬‬
‫تتكون لدى العلماء الذين يدرسون منشأ الحياة على سطح األرض قناعة‬
‫أكيدة أن مواد كتلك املتولدة في تجربة ميلر ويوري كانت موجودة على األرض في‬
‫بداية تكونها‪ .‬فإن أحد مصادر املادة العضوية هو املادة البينجمية‪ ،‬حيث أن الكثير‬
‫من السحب البينجمية يشتمل على مزيج غني من الجزيئات العضوية‪ ،‬بما في ذلك‬
‫الجزيئات التي هي أسالف األحماض األمينية‪ .‬وملا كانت املجموعة الشمسية قد‬
‫ً‬
‫تكونت من سحب كهذه‪ ،‬فال بد إذا من وجود الجزيئات العضوية املعقدة على‬
‫ً‬
‫األرض أو قريبا منها منذ والدة األرض‪ .‬وحتى لو حدث تدمير لهذه الجزيئات خالل‬
‫تكون األرض‪ ،‬فإن جزيئات أخرى جديدة يمكن أن تكون قد انتقلت إلى سطحها‬
‫بفعل النوى الكوكبية نتيجة ارتطامها العنيف واملتكرر بها‪ .‬وفي الحقيقة فإن‬
‫الشهب العقيدية الكربونية – التي قد تكون شظايا من مخلفات النوى الكوكبية‬
‫ً‬
‫القديمة – غنية باملادة العضوية‪ ،‬بل إن بعضها يحتوي على أحماض أمينية‪ .‬وأخيرا‬
‫ً‬
‫فقد برهن بعض العلماء تجريبيا على أن انضغاط الغازات وارتفاع درجة حرارتها‬
‫الناتج عن ارتطام النوى الكوكبية باألرض يمكن أن يكون له أثر مماثل لعمليات‬
‫التفريغ الكهربائي التي استخدمها ميلر ويوري لتكوين املواد العضوية املركبة‪ .‬ومن‬
‫ثم فعلماء الفلك على ثقة بأن الجزيئات العضوية كانت منتشرة على األرض في غابر‬
‫الزمن‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬إذا افترض املرء وجود املادة العضوية على األرض في بداية‬
‫عهدها (سواء تولدت هذه املادة بفعل البرق أو باإلشعاع فوق البنفسجي أو قصف‬
‫النوى الكوكبية) فإن مراحل كثيرة يتعين اجتيازها لنقلها من قطيرات مملوءة‬

‫‪266‬‬
‫ً‬
‫باألحماض األمينية وموجودة في البحر البدائي إلى خاليا حية‪ .‬فالبنى املتخلقة مثال‬
‫ينبغي أن تكون قادرة على التكاثر‪ ،‬وهي سمة لم نشهدها في أي من التجارب املتعلقة‬
‫ً‬
‫بمنشأ الحياة‪ .‬لذلك تبقى هذه املسألة غير مفهومة علميا حتى اآلن‪.‬‬
‫تتضاعف الخاليا هذه األيام باستخدام جزيئة ‪ DNA‬مضاعفة التسلسل‪.‬‬
‫على أن بعض الباحثين يعتقدون بأن أشكال الحياة األولى استخدمت الجزيئة‬
‫ً‬
‫األبسط أي الحامض الريبي النووي ‪ Ribose Nucleic Acid‬أو ‪ RNA‬اختصارا‪ .‬وقد‬
‫برهن علماء الكيمياء الحيوية أنه إذا توافرت املواد الكيميائية املناسبة (والسيما‬
‫أنزيمات معينة) فإن ‪ RNA‬يمكنها أن تتضاعف بغياب الخاليا الحية‪ .‬كما اكتشفوا‬
‫جزيئات أخرى كثيرة ذات بنية أبسط بكثير من بنية ‪ RNA‬يمكنها أن تتضاعف‪ ،‬إال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أن هذا التضاعف ال يتعدى في معناه – حتى اليوم – تضاعفا "ميكانيكيا"‪ ،‬بمعنى‬
‫أنه إذا وضعت جزيئات كهذه في محلول حاو على املواد األولية الضرورية فإنها تولد‬
‫ً‬
‫نسخا هي صورة طبق األصل عنها‪ ،‬بل إن إحدى عمليات تهاجن الجزيئات ال تقتصر‬
‫على التضاعف فقط بل قد "تطفر" أبعد من ذلك إلنتاج سالالت محسنة‪ .‬ومع هذا‬
‫فإن متطلبات توليد الحياة بالشكل الذي نعهده هي كبيره وبعيدة املنال‪ .‬ونذكر على‬
‫سبيل املثال أن أشكال الحياة البسيطة ينبغي أن تكون قادرة على تكوين خاليا‬
‫تعمل بشكل جماعي‪.‬‬
‫نشوء الاكئنات احلية املعقدة‬
‫يغلب على الظن أن الحياة الخلوية البدائية على األرض كانت أبسط بكثير‬
‫ً‬
‫من حياة الخاليا التي نشهدها اليوم‪ .‬فالخاليا البدائية كانت تفتقر مثال إلى النوى –‬
‫وهي حالة ال نجدها اليوم إال في البكتيريا وفي أنواع معينة من الطحالب‪ .‬تسمى‬
‫الخاليا من هذا النوع نوى طليعية ‪ ،Prokaryotes‬وقد يكون ما حدث هو اندماج‬
‫هذه النوى الطليعية مع خاليا أخرى فأفادت من ذلك كلتا الخليتين‪ ،‬إذ سمح لهما‬
‫بالتكاثر والنمو بسرعة أكبر‪ .‬فإذا اتحدث على سبيل املثال خلية جيدة االختزان‬

‫‪267‬‬
‫ً‬
‫للطاقة بخلية جيدة التكاثر تولدت خلية أكثر تعقيدا‪ .‬من مثل هذه البدايات‬
‫البسيطة ربما نشأت حقيقيات النوى ‪( eukaryotes‬أي الخاليا ذات النوى)‪ ،‬تلتها‬
‫ً‬
‫املتعضيات متعددة الخاليا‪ .‬أما الخاليا اليوم فإن ملعظمها غشاء معقدا يمسك بها‬
‫ً‬
‫جميعا بحيث يسمح للغذاء بالدخول وللفضالت باإلنطراح‪ .‬أضف إلى هذا أن‬
‫معظم الخاليا غير البكتيريا وبعض الطحالب هي ذات نوى تختزن املعلومات‬
‫الوراثية‪ ،‬وكذلك الحبيبات الخيطية ‪ mitochondria‬وهي أجسام دقيقة داخل‬
‫الخلية تحول الغذاء إلى طاقة تستفيد الخلية منها‪.‬‬
‫إن من شأن التعقيد املطرد للكائنات متعددة الخاليا أن يتيح لها في بعض‬
‫ً‬
‫الحاالت استثمار مصادر غير متاحة للكائنات األبسط‪ ،‬فمثال املتعض ي القادر على‬
‫التحرك من وسط تغذية فقير إلى وسط أغنى يمكنه التكاثر بنجاح أكبر من كائن‬
‫ساكن ال يتحرك‪ .‬وهكذا فإن اشتراك مزايا التكاثر هذه مع متغيرات البيئة قادت إلى‬
‫هذا التنوع العجيب في الحياة الذي نشهده اليوم‪ .‬والواقع أن هذه املزية التكاثرية‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(االنتخاب الطبيعي)‪ ،‬مضافا إليها الطفرات العشوائية‪ ،‬تؤدي دورا حاسما في نشوء‬
‫وارتقاء بعض األنواع األعلى رتبة‪ ،‬كما أوضح ذلك تشارلز دارون ‪Charles Darwin‬‬
‫عام ‪ 1859‬في كتابه البارز في أصل األنواع واالنتخاب الطبيعي‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هذه العمليات املتقدمة كلها‪ ،‬برغم كونها افتراضية‪ ،‬تحمل عددا كبيرا من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫العلماء على االعتقاد بأن الحياة على ظهر األرض بدأت تلقائيا أو طبيعيا‪ .‬ومع هذا‬
‫فإن بعض العلماء ال يقرون بذلك‪ ،‬فيعتقد البعض أن الحياة بدأت خارج كوكب‬
‫األرض ثم انتقلت إلى األرض إما بالصدفة أو عن عمد‪.‬‬
‫نظرية النشأأة اخلارجية‬
‫ثمة اعتقاد بأن الحياة األرضية انطلقت من متعضيات خارج كوكب األرض في‬
‫ً‬
‫مكان ما من الكون‪ .‬تسمى هذه النظرية أحيانا بنظرية النشأة الخارجية‪ .‬وبحسب‬
‫هذه النظرية‪ ،‬فإن أشكال الحياة البسيطة (ولعلها البكتيريا) انحرفت من موضع‬

‫‪268‬‬
‫ً‬
‫نشأتها عبر الفضاء إلى األرض‪ .‬فمثال قد تكون بذرة بكتيريا من كوكب ناء قد‬
‫التصقت بجسيمات غبارية أثارتها الرياح أو الثورانات البركانية حتى بلغت أعلى‬
‫الغالف الجوي للكوكب‪ ،‬ومن ثم انتقلت هذه الجسيمات إلى الفضاء مسوقة‬
‫بضغط اإلشعاع الصادر عن النجوم أو الرياح النجمية إلى مكان آخر‪ .‬وعلى الرغم‬
‫ً‬
‫من أن الفضاء وسط غير مالئم أبدا ألشكال الحياة املتطورة‪ ،‬فإن بإمكان‬
‫ً‬
‫املتعضيات البسيطة أن تبقى على قيد الحياة مددا طويلة إذا كانت دفينة في‬
‫حبيبات الغبار أو محمية بوسيلة ما‪ .‬ثم انتهى املطاف بهذه الحبيبات إلى املنظومة‬
‫الشمسية حيث أصبحت رهينة الثقالة األرضية‪ .‬وبتهاوي هذه الحبيبات على سطح‬
‫األرض أصابها الغبار فبث الحياة في كوكبنا‪.‬‬
‫ولنظرية النشأة الخارجية وجه يغري بالقبول‪ ،‬فهي تبين أن أصولنا تحدرت‬
‫من مكان ما في الكون‪ ،‬وهي نظرية شاع انتشارها في مطلع هذا القرن‪ ،‬غير أن نقادها‬
‫يشيرون إلى أنها ال تبسط في الواقع مسألة نشأة الحياة‪ ،‬وإنما تنقلها إلى مكان آخر‬
‫ليس إال‪ .‬أضف إلى ذلك أنها تتطلب نقل الحياة إلى األرض‪ ،‬وهي رحلة تحف بها‬
‫ً‬
‫املخاطر حتى للبكتيريا‪ .‬وهكذا فقد زهد الناس بهذه النظرية تدريجيا‪.‬‬
‫احلياة خارج ا ألرض‬
‫شغل هذا املوضوع أفكار الناس آلالف السنين‪ .‬فقد أشار أفالطون وأرسطو‬
‫إلى أن األرض هي املقر الوحيد للحياة‪ ،‬وسادت هذه النظرة خالل القرون الوسطى‬
‫ً‬
‫بأكملها تقريبا‪ .‬أما اليوم فقد تأثر الناس بأفالم الخيال العلمي وبالكتب التي تؤلف‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬ومن ثم فهم ال يجدون صعوبة البتة في االعتقاد بوجود حياة خارج‬
‫كوكب األرض‪ .‬أما إذا استعرضنا الحقائق‪ ،‬فليس ثمة دليل على وجود الحياة‬
‫ً‬
‫هناك‪ ،‬علما بأن هذا ال ينفي وجود حياة ما خارج كوكبنا‪ ،‬وإنما يشير إلى أننا نجهل‬
‫ً‬
‫األمر‪ .‬فهل يمكننا‪ ،‬دون توفر الدليل‪ ،‬أن نقول كالما ذا معنى حول الحياة في الكون‬
‫خارج كوكبنا األرض ي؟‬

‫‪269‬‬
‫هل حنن وحيدون يف الكون؟‬
‫هل توجد أشكال أخرى للحياة في الكون؟ هل يوجد في مكان ما على ُبعد مئات‬
‫ً‬
‫السنين الضوئية من األرض "طالب غريب" يقرأ كتابا يبحث في إمكان وجود حياة‬
‫ً‬
‫على كواكب أخرى كاألرض؟ ال يعرف العلماء جوابا عن تساؤالت كهذه‪ ،‬وهم‬
‫منقسمون بهذا الشأن إلى فئتين‪ ،‬تعتقد إحداهما (ولنطلق عليها اسم "أنصار‬
‫العوالم الكثيرة") بوجود ماليين الكواكب املأهولة في مجرة درب التبانة وحدها‪ ،‬بل‬
‫إن الكثير من هذه الكواكب تعيش فيها حضارات متطورة‪ .‬أما الفئة األخرى (ولنطلق‬
‫عليها اسم "أنصار العالم الفريد") فترى أننا الوحيدون في هذا الكون الذين‬
‫يتمتعون بحياة ذكية‪ .‬وسنتناول فيما يلي كيف برزت وجهتا النظر هاتان‪.‬‬
‫دعاوى أأنصار العوامل الكثرية‬
‫يعتمد أنصار العوالم الكثيرة على وجهة النظر التالية‪ :‬إن الكواكب الشبيهة‬
‫باألرض كثيرة‪ .‬أما وقد تكونت الحياة على سطح األرض‪ ،‬فمن الغرابة بمكان عدم‬
‫وجودها في مكان آخر‪ .‬وفي الحقيقة فإنه لو وجدت حياة في جزء بسيط من هذه‬
‫ً‬
‫الكواكب‪ ،‬فإن احتمال وجود حضارات متقدمة سيكون قائما‪ .‬قد يقود النقاش هنا‬
‫ً‬
‫إلى تقدير منقوص جدا للحقيقة حول عدد الكواكب الصالحة للعيش فيها‪ ،‬ألن‬
‫ً‬
‫الكواكب األخرى قد تحتوي أنماطا قد تكون قادرة على الحياة في بيئات ال تحتمل‬
‫املتعضيات األرضية العيش فيها‪ .‬وتوطئة الستنتاج عدد تلك الكواكب‪ ،‬فلتبدأ‬
‫ً‬
‫بتقدير عدد الكواكب الشبيهة باألرض في مجرة درب التبانة‪ ،‬نتساءل أوال عن عدد‬
‫النجوم الشبيهة بالشمس في مجرة درب التبانة‪ ،‬مقتصرين على أمثال هذه النجوم‬
‫فقط‪ ،‬ذلك ألن النجوم الساطعة بلون أزرق تحرق وقودها بسرعة‪ ،‬وفي هذه الحالة‬
‫سيكون مصيرها االنفجار على هيئة مستعرات عظمى ‪ Supernova‬قبل أن تتاح‬
‫الفرصة الكافية لتطور الحياة فيها‪ ،‬بخالف النجوم الحمراء الداكنة التي تكون‬
‫باردة‪ ،‬األمر الذي يستدعي أن تكون الكواكب متاخمة لها إلى حد يجعل الظروف‬

‫‪270‬‬
‫الحرارية دافئة بما يكفي لقيام نوع من الحياة يحاكي الحياة على سطح األرض‪.‬‬
‫وضمن إطار هذا التقييد ألنواع النجوم‪ ،‬وجد أن ‪ %10‬من نجوم مجرة درب‬
‫التبانة هي نجوم شبيهة بالشمس‪ ،‬من إجمالي عددها الذي يقارب ‪ 1110‬نجم‪.‬‬
‫نتساءل اآلن كم من هذه النجوم ذات كواكب شبيهة باألرض؟‬
‫تشتمل مجموعتنا الشمسية على كوكبين من أصل تسعة يمكن أن تستقر‬
‫فيهما حياة كالتي نعرفها‪ .‬وهذان الكوكبان هما األرض واملريخ‪ .‬وإذا كنا متحفظين‬
‫فيما يتعلق بمجموعات أخرى‪ ،‬وفرضنا أن احتمال استمرار الحياة في الكواكب‬
‫الدائرة حول النجوم الشبيهة بشمسنا هو واحد من عشرة فإن الـ ‪ %10‬من الـ‬
‫‪ 1010‬نجم الشبيهة بشمسنا يضع أمانا ‪ 109‬كوكب صالح للحياة‪.‬‬
‫ً‬
‫فكم كوكبا من هذا العدد توجد عليه حياة فعلية؟‬
‫تعتمد اإلجابة عن هذا التساؤل على درجة سهولة تكون الحياة‪ ،‬وهي سهولة‬
‫تشير تجربة ميلر – يوري على أن درجة احتمالها عالية‪ ،‬على حين يرى بعض‬
‫ً‬
‫الفلكيين أنه احتمال منخفض جدا‪ .‬وفي هذا السياق شبه عالم الفيزياء الفلكية‬
‫ً‬
‫البريطاني فرد هويل ‪ Fred Hoyle‬احتمال منشأ الحياة تلقائيا بعاصفة تهب على‬
‫ساحة مليئة بالخردة املعدنية وغيرها فتتجمع منه بالصدفة طائرة جامبو ‪747‬‬
‫بكامل معداتها!! وتكمن الصعوبة في تقدير ذلك االحتمال في أنها تعتمد على حالة‬
‫فريدة من الحياة أال وهي حياتنا على وجه األرض‪ .‬ومع ذلك فإذا اعتمدنا األرض‬
‫ً‬
‫معيارا‪ ،‬فإن سرعة تطور الحياة على سطحها‪ ،‬وكذلك نجاح تجربة ميلر – يوري‪،‬‬
‫فإن احتمال نشأة الحياة بهذه الصورة احتمال كبير ربما يصل إلى واحد من مائة‪،‬‬
‫ً‬
‫وليس واحدا من مليون‪ .‬فإذا سلمنا بهذا االحتمال فإننا نجد أن عدد العوالم التي‬
‫يمكن أن تنشأ فيها حياة في مجرتنا هو ‪.109×0.01=107‬‬

‫‪271‬‬
‫نخطو اآلن خطوة أخرى فنتساءل‪:‬‬

‫مك عدد احلضارات املتقدمة اليت ميكن أأن توجد يف الكواكب اليت عىل‬
‫ظهرها حياة؟‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إن فرض نشأة حياة أعلى يمكن أن تكون كبيرة جدا أو صغيرة جدا‪ .‬وهنا‬
‫ً‬
‫أيضا يقف العلماء حائرين‪ .‬فحتى لو نشأت الحياة بنجاح‪ ،‬فإنها قد تنمحق بفعل‬
‫ارتطام الكويكبات‪ ،‬وهب أنها تمكنت من استحداث تقنية عالية‪ ،‬وكانت في الوقت‬
‫ذاته متعجلة وغير مدروسة‪ ،‬فقد تدمر الحياة ذاتها بفعل التلوث أو الحرب النووية‬
‫أو نتيجة كوارث أخرى‪ ،‬وعندها سيكون احتمال تطوير حضارة تقنية كاحتمال‬
‫الواحد من عشرة آالف‪ .‬وهكذا نجد أن عدد الحضارات املتقدمة في مجرتنا هو‪:‬‬
‫‪107 × 0.0001=1000‬‬

‫وإذا أخذنا بعين االعتبار وجود مليارات املجرات األخرى‪ ،‬فإنه يبدو أن‬
‫احتمال بعيد‪ .‬وكان أول من تقدم بما‬‫ٌ‬ ‫احتمال وجودنا وحيدين في هذا الكون‬
‫عرضناه من نقاش الفلكي األمريكي فرانك دريك ‪ Frank Drake‬الذي أشار إلى أن‬
‫بإمكان املرء أن يحصل على تقدير عدد الحضارات خارج أرضنا بحساب احتماالت‬
‫حدوث كل شرط الزم لها‪ .‬وتسمى املعادلة الناتجة "معادلة دريك" نسبة إليه‪.‬‬
‫ً‬
‫ولسوء الحظ فإن دقة االحتماالت مجهولة تماما‪ ،‬فلربما كانت الكواكب‬
‫الشبيهة باألرض على سبيل املثال أقل بكثير مما قدرناه‪ ،‬وربما قادت الظروف‬
‫ً‬
‫السائدة فيها إلى نشأة أشكال حياة مغايرة تماما لتلك التي على ظهر األرض بحيث‬
‫يتعذر علينا تمييز الحياة هناك‪ .‬أضف إلى هذا أنه حتى لو نشأت أشكال حياة‬
‫مماثلة لشكل حياتنا في مكان آخر‪ ،‬فإن املدة الزمنية املتاحة لنا لالتصال بأصحابها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ستكون ضئيلة جدا بحيث تضيع الفرصة سدى‪ .‬ولنضرب على ذلك مثال‪ ،‬فلو‬
‫وجدت حضارة على املريخ منذ عهد قريب ال يتعدى مئة عام خلت‪ ،‬فإن اتصالنا‬
‫دمرت هذه‬ ‫بالراديو بهذه الحضارة لم تكن متاحة‪ ،‬ولو حدث خالل تلك الفترة أن ّ‬

‫‪272‬‬
‫الحضارة نفسها بشكل من األشكال‪ ،‬فهذا يعني أننا فقدنا أمل االتصال بها إلى األبد‪.‬‬
‫وهكذا نرى أن الجواب الذي تعطيه "معادلة دريك" مفعم باالرتيابات‪ .‬ومع ذلك‬
‫فإنه في أسوأ الحاالت توحى املعادلة بوجود العديد من الحضارات غير حضارتنا في‬
‫هذا الكون‪ .‬وإذا افترضنا وجود هذه الحضارات فلنا أن نتساءل عن أقربها إلينا‪.‬‬
‫يمكننا تقدير ذلك البعد كما يلي‪:‬‬
‫‪N‬‬ ‫لنفترض أن مجرة درب التبانة تشتمل على عدد من الحضارات قدره‬
‫ً‬
‫مبعثرة فيها عشوائيا‪ ،‬بإمكاننا حساب املسافة الوسطى الفاصلة بين هذه‬
‫الحضارات ونرمز لها بـ ‪ r‬كما يلي‪ :‬تصور إننا رسمنا كرة نصف قطرها ‪ r/2‬حول كل‬
‫ً‬
‫عالم متحضر‪ ،‬عندها يمأل عدد من الكرات مساويا لـ ‪ N‬حجم درب التبانة أي إن‪:‬‬
‫‪4  r ‬‬ ‫‪4 3‬‬
‫‪3‬‬

‫=‪  N‬‬ ‫‪R‬‬


‫‪3  2‬‬ ‫‪3‬‬
‫حيث افترضنا للسهولة أن مجرة درب التبانة هي كرة نصف قطرها ‪ .R‬وبهذا نجد‪:‬‬

‫‪2R‬‬
‫=‪r‬‬
‫‪N 1l 3‬‬
‫ولحساب ‪ ،r‬ومن ثم إليجاد بعد جوارنا عنا‪ ،‬نضع قيمة ‪ R‬والتي نأخذها مساوية‬
‫‪ 40000‬سنة ضوئية‪ ،‬و‪ ،N=1000‬كما وجدنا من عدد الحضارات التقنية‪ .‬وهكذا نجد‬
‫أن قيمة ‪ r‬تساوي ‪ 8000‬سنة ضوئية‪ .‬اي أن أية اشارة نرسلها إلى أقرب حضارة سوف‬
‫تستغرق ‪ 16000‬سنة لكي نحصل على جوابها‪ .‬يتضح في ضوء ذلك أنه حتى لو وجد‬
‫هذا العدد الكبير من الحضارات في مجرتنا فإنها متباعدة عن بعضها بمسافات شاسعة‪،‬‬
‫األمر الذي يجعل إمكان تبادل المعلومات معها أم اًر بعيد المنال‪.‬‬

‫أأنصار العامل الفريد‬


‫يرى أنصار العالم الفريد أننا الوحيدون في مجرة درب التبانة الذين نمتلك‬
‫حياة متطورة‪ ،‬ويعتمدون في نظرتهم هذه على السرعة التي انتشر بها الجنس‬

‫‪273‬‬
‫البشري في أنحاء األرض‪ ،‬وعلى املقدرة الكامنة النتشاره في مجرة درب التبانة‪ .‬يدعي‬
‫ّأنصار العالم الفريد أن حضارة سابقة أتقنت غزو الفضاء سوف تحتاج إلى بضعة‬
‫آالف من السنين حتى تستعمر مجموعات كوكبية مجاورة ملوطنها األصلي ولسوف‬
‫تتمكن هذه الحضارة من غزو املجرة بأكملها خالل بضعة ماليين من السنين‪،‬‬
‫ويضيفون بأنه ما إن يحدث هذا االستعمار فإن الحضارة تغدو بسرعة على تماس‬
‫مع الحضارات األخرى‪ ،‬إما بالوسائل املباشرة أو من خالل االتصاالت الراديوية‪ .‬وملا‬
‫كنا ال نشهد اتصال حضارات أخرى بنا‪ ،‬فإن ذلك دليل على انعدام وجود حضارة‬
‫قريبة منا‪ ،‬ومن ثم فنحن على األرجح وحيدون في مجرة درب التبانة‪ ،‬أو قد نكون‬
‫وحيدين مع حضارات أخرى قليلة ال يتجاوز عددها عدد أصابع اليد‪ .‬ومع هذا فإن‬
‫حجج أنصار العالم الفريد شبيهة بحجج أنصار العوالم املتعددة من حيث أنها‬
‫ً‬
‫تستند إلى العديد من الفرضيات التي تفتقر إلى دليل‪ .‬فهي تفترض مثال ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬إن معظم الحضارات تسعى إلى االستعمار‪.‬‬

‫‪ .2‬إنها تسعى إلى االتصال بالغير‪.‬‬

‫‪ .3‬إنها برعت في تقنيات االتصاالت واالنتقال عبر الفضاء بين النجوم‪.‬‬

‫البحث عن احلياة خارج كوكبنا‬


‫هل يوجد دليل على الحياة في هذا الكون خارج كوكبنا؟‬
‫الجواب حتى اآلن هو ال‪ .‬إال أنه كما قال الفلكي البريطاني السير مارتن ريس‬
‫ً‬
‫‪" Sir Martin Rees‬إن غياب الدليل ليس دليال للغياب"‪ .‬فحتى لو كان الكون يعج‬
‫بالحياة‪ ،‬فإننا لم نتمكن حتى اآلن إال من دراسة جزء صغير منه‪ :‬بضع بقع على‬
‫سطح القمر وبقعتين على املريخ (وذلك باستخدام مركبات فضائية غير مأهولة)‪،‬‬
‫إضافة إلى بضع شظايا كويكبية التقطت على سطح األرض‪ .‬إن افتقار القمر إلى‬

‫‪274‬‬
‫الغالف الجوي وإلى املاء‪ ،‬بل وإلى الفلزات التي تحتبس املاء‪ ،‬يجعله غير مالئم للحياة‬
‫البتة‪ .‬ولذا فإن الفلكيين يستبعدون وجود حياة على سطحه‪ ،‬في حين أن املريخ يبدو‬
‫أكثر مالءمة؛ فبيئته برغم أنها قاسية تشبه بيئة األرض وتختلف عن بيئات‬
‫الكواكب األخرى جميعها‪ .‬وقد أثبتت التجارب املخبرية أن بعض البكتيريا واألشنات‬
‫األرضية يمكنها أن تعيش في ظروف جو املريخ‪ ،‬برغم عجزها عن التكاثر أو النمو‬
‫هناك‪ .‬أضف إلى هذا أن الصور الفوتوغرافية امللتقطة تبين بوضوح أن بيئة املريخ‬
‫كانت أقل جفاء في املاض ي؟ فقد وجد أنه خالل حقبة ماضية كان املاء يجري عليه‪،‬‬
‫ً‬
‫غالف جوي أشد‬ ‫ٍ‬ ‫األمر الذي يشير إلى وجود شروط مناخية أكثر دفئا‪ ،‬وإلى وجود‬
‫كثافة في املاض ي السحيق‪ .‬ومع هذا فقد ثبت عام ‪ 1976‬عن طريق مركبتي الفضاء‬
‫فايكنح اللتين هبطتا على سطح املريخ خلوه من أي أثر للحياة‪ ،‬بل ومن أي مركبات‬
‫كربونية عضوية‪.‬‬
‫حبوث راديوية عن حضارات أأخر‬
‫أما وقد فشلنا في العثور على أثر للحياة في جوارنا‪ ،‬وبالنظر إلى صعوبة‬
‫التحري عن ذلك مباشرة في املواقع النائية عنا‪ ،‬فقد انصرف عدد من الفلكيين‬
‫للبحث عن إشارات راديوية قادمة من حضارات أخرى‪ .‬قد تكون هذه اإلشارات‬
‫الراديوية إذاعات موجهة إلينا عن عمد‪ ،‬وقد تكون مجرد اتصاالت موجهة إلى غيرنا‬
‫فنسترق السمع إليها‪ .‬بدأ تنصت الفلكيين لإلشارات الراديوية القادمة من العوالم‬
‫األخرى في الستينيات من القرن العشرين ضمن مشروع عرف باسم مشروع أوزما‬
‫‪ Ozma‬الذي قام برصد اإلصدارات الراديوية من العديد من مجموعات النجوم‬
‫املجاورة لنا‪ ،‬على أمل التقاط إشارات مغايرة لإلشارات الناشئة عن عمليات‬
‫طبيعية‪ .‬وثمة مشروعات أحدث للتنصت إلى خارج األرض تعرف باسم ‪( SETI‬وهو‬
‫لفظ منحوت من العبارة اإلنكليزية ‪،Search for Extraterrestrial Intelligence‬‬
‫ً‬
‫تستخدم فيها أجهزة استقبال تمسح آليا ماليين األطوال املوجبة بهدف التقاط‬

‫‪275‬‬
‫إشارات قادمة من حضارات أخرى‪ .‬وفي الحقيقة فإن بعض األساليب املقترحة‬
‫تعتمد التوليف على أكثر من مئة مليون قناة راديوية‪.‬‬
‫ً‬
‫إن البحث عن اإلشارات ليس باألمر السهل أبدا؛ فحتى لو وجدت هذه‬
‫ً‬
‫اإلشارات فإنها ستكون ضعيفة جدا‪ ،‬ودفينة في اإلشعاع الكوني‪ .‬ولذا يتخير‬
‫الفلكيون بعناية األطوال املوجية التي يرصدونها‪ .‬فعلى سبيل املثال تتداخل األمواج‬
‫ً‬
‫الراديوية الطويلة جدا مع األمواج الصادرة عن الغاز البينجمي الذي تصدره‬
‫املجرات بشدة‪ .‬ومن شأن هذا اإلصدار أن يطغى على كل اإلشارات ذات الطول‬
‫املوجي الكبير باستثناء تلك ذات القدرة العالية‪.‬‬
‫ً‬
‫لكن ثمة مأخذا على محاوالت البحث تلك‪ ،‬وهي أنه ربما كانت الحضارات‬
‫األخرى ال تهتم ببث اإلشارات الراديوية‪ .‬فقد يؤثر أصحابها االنصات مثلنا‪ .‬إال أنه‬
‫إذا كانت الحضارات األخرى مماثلة لحضارتنا‪ ،‬فمما ال شك فيه أنها تبث إشاراتها‬
‫عن غير عمد على مدى واسع من األطوال املوجية‪ .‬فمحطات التلفاز ورادارات‬
‫ً‬
‫الدفاع الجوي على سبيل املثال تثبت إشارات راديوية بقدرة عالية جدا يمكن‬
‫كشفها على ُبعد عدة سنين ضوئية عن األرض‪ .‬كذلك فقد جرى عام ‪ ،1974‬إبان‬
‫االحتفال بافتتاح التلسكوب الراديوي الضخم ‪ Arecibo‬في بروتوريكو‪ ،‬بث إشارات‬
‫راديوية باتجاه العنقود الكروي ‪ .M13‬ويبعد هذا العنقود عنا أكثر من ‪20000‬‬
‫سنة ضوئية‪ ،‬ومن ثم فإن اإلشارة املبثوثة ما زالت في طريقها إلى ذلك الحشد‪.‬‬
‫هذا وقد أدت الصعوبات التي صاحبت هذه البحوث الراديوية إلى حمل‬
‫العلماء على النظر في طرائق أخرى للبحث عن الحياة خارج نطاق كوكبنا األرض ي‪.‬‬
‫وتركز إحدى هذه الطرق على البحث عن غازات غير متوقعة في الغالف الجوي‬
‫لكوكب – غازات يمكن أن تصدر عن كائنات حية‪.‬‬
‫وفي أواخر الستينيات من هذا القرن نبه الكيميائي البريطاني جيمس لفلوك‬
‫إلى أن العديد من الغازات التي تؤلف غالفنا الجوي سوف تختفي إذا توقفت‬

‫‪276‬‬
‫ً‬
‫الكائنات الحية عن تجديدها‪ .‬فاألوكسجين مثال غاز فعال يتحد بسهولة بالصخور‬
‫ً‬
‫قائال إن وجود غازات كهذه في الغالف الجوي‬ ‫السطحية‪ .‬ويمض ي الكيميائي لفلوك‬
‫ً‬
‫لكوكب لهو دليل على وجود الحياة فيه‪ .‬ومن هنا فبدال من البحث عن إشارات‬
‫راديوية أو إرسال عربات فضائية غير مأهولة لسبر سطح الكوكب‪ ،‬فقد يجد‬
‫ً‬
‫الفلكيون دليال على وجود الحياة خارج األرض بتحلل الضوء القادم إليهم من‬
‫الغالف الجوي للكوكب‪ .‬ولسوء الحظ لم نتمكن حتى اآلن من رصد أي كوكب خارج‬
‫نطاق منظومتنا الشمسية‪ ،‬ومع هذا فقد أوحت مالحظات لفلوك بطرائق أخرى‬
‫ً‬
‫مختلفة جدا عن سابقاتها‪.‬‬
‫‪Gaia‬‬ ‫فرضية غااي‬
‫في عام ‪ 1974‬أشار لفلوك وعالم األحياء الدقيقة األمريكي لن مارغولس إلى‬
‫أن الحياة تشكل "كأل أكبر" مع الكوكب فيتعايشا بالتكافل‪ ،‬وأطلقا على اقتراحهما‬
‫هذا اسم فرضية غايا‪ .‬وقد اختار هذا االسم نسبة إلى غايا إلهة األرض عند اإلغريق‪.‬‬
‫ً‬
‫وبمقتض ى هذه الفرضية ال تستجيب الحياة لبيئتها وحسب‪ ،‬وإنما تغير فعال‬
‫من طبيعة الغالف الجوي للكوكب ودرجة حرارته لتجعلها أكثر مالءمة‪ .‬وكما ذكرنا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫آنفا‪ ،‬فإن من املؤكد أن الحياة النباتية قد فعلت ذلك تماما على األرض‪ .‬فقد جعلت‬
‫ً‬
‫عملية التخليق الضوئي في النبات جو األرض غنيا باألوكسجين‪ ،‬فكان بمنزلة حجاب‬
‫يقي سطح األرض من اإلشعاع فوق البنفسجي الخطر على الحياة‪ .‬وباملثل فإن‬
‫بإمكان النبات أن يغير من درجة حرارة الكوكب من خالل مفعول الدفيئة‪ ،‬فإذا كان‬
‫الكوكب شديد البرودة‪ ،‬فإن عملية التركيب الضوئي في النبات ستتباطأ‪ ،‬وستتحول‬
‫كمية أقل من ثنائي أكسيد الكربون إلى أوكسجين‪ّ .‬أما إذا ازداد مقدار ‪ CO2‬فإن‬
‫الكوكب سيسخن وسيساعد ذلك على نمو النبات‪ .‬وباملقابل فإذا ارتفعت درجة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حرارة الكوكب كثيرا‪ ،‬فإن نمو النبات سيحدث بكثافة وينمو نموا جنونيا وسيولد‬

‫‪277‬‬
‫لك الكثير من األوكسجين‪ ،‬األمر الذي يقلل من وفرة ‪ CO2‬ومن ثم يخفف من‬
‫التسخين نتيجة مفعول الدفيئة‪.‬‬
‫كما اقترح كل من لفلوك ومارغولس أن مظاهر أخرى للبيئة كالرطوبة‬
‫وملوحة املحيطات وسوية البحار‪ ،‬بل وحتى تكوينات الصفائح‪ ،‬يمكن أن تتحكم بها‬
‫ً ً‬
‫الكائنات الحية حتى تتالءم مع تكاثرها وتنسجم معه انسجاما تاما‪ .‬إن الربط بين‬
‫ً‬
‫الكائنات الحية والوسط الذي تعيش فيه فكرة تستحق االهتمام حقا؛ فهي تكاد‬
‫ً ً‬
‫تجل من الكوكب كائنا حيا‪ .‬ولكن ما مدى صحة فرضية غايا؟ إن بعض جوانب هذه‬
‫الفرضية ال غبار عليه‪ ،‬إال أن العديد من العلماء يشككون في بعض ما تذهب إليه‬
‫ً‬
‫وال سيما في تلك اإلدعاءات األكثر تطرفا فيها كالتحكم بتكتونيات الصفائح على‬
‫سبيل املثال‪ .‬ومما ال شك فيه أن الكائنات الحية تؤثر وتتحكم بالبيئة التي تعيش‬
‫فيها‪ ،‬وال شك أن ثمة روابط بين الحياة والعالم املادي بقيت غائبة عن األذهان‪.‬‬
‫ولعل إحدى هذه الروابط هي جذورها في علم الكونيات‪ ،‬وهي رابطة تعرف باسم‬
‫"املبدأ اإلنساني"‪.‬‬
‫‪Anthropic Principle‬‬ ‫املبد أأ النسان أأو مبد أأ التسخري‬
‫استعرض الفيزيائي روبرت ديك من جامعة برنستون عام ‪ 1961‬بعض‬
‫حوادث التوافق الكونية‪ .‬فقد أشار (ديك) أن عمر الكون‪ ،‬على سبيل املثال قريب‬
‫من عمر نجوم كالشمس‪ ،‬وأضاف إن هذا التوافق في الواقع ال يثير الدهشة‪ ،‬بل هو‬
‫ضرورة‪ .‬وأشار إلى أن الحياة تتطلب الكربون والسيليكون والحديد‪ ،‬وهي مواد‬
‫تصنعها النجوم ذات الكتل الضخمة‪ .‬وهكذا فإن نشأة الحياة تتطلب مرور زمن‬
‫كاف لتصنع العناصر الثقيلة ثم لتثبتها في الفضاء إثر انفجار مستعر فائق‪ .‬ثم إنه‬
‫ٍ‬
‫ً‬
‫ال بد من انقضاء زمن آخر حتى تلتحق هذه املواد بالسحب البينجمية وتكون نجوما‬
‫ً‬
‫جديدة‪ .‬وال تصبح الحياة ممكنة إال في هذا الجيل الثاني من النجوم حصرا‪ .‬وهكذا‬
‫فقد استنتج (ديك) أن الحياة الذكية مستحيلة في كون ال يتجاوز عمره بضعة‬

‫‪278‬‬
‫آالف من السنين‪ .‬وأضاف أن الحياة تتطلب النجوم‪ ،‬ومن ثم فهي موجودة في أماكن‬
‫ً‬
‫من الكون حديثة نسبيا وهي أماكن لم تستفد فيها النجوم وقودها بالكامل‪ .‬وعليه‬
‫ً‬
‫فإن وجود الراصد الذكي بحد ذاته في الكون يتطلب أن يكون ُعمر الكون محصورا‬
‫ضمن حدود معينة‪.‬‬
‫وفي العام ‪ 1974‬خطا الفيزيائي البريطاني براندون كارتر بأفكار ديك خطوة‬
‫إلى األمام‪ ،‬فاقترح مبدأ عرف باسم اْلبدأ اإلنساني ‪ Anthropic Principle‬مؤداه‬
‫أن ما نتوقع رصده مقيد بالشروط الالزمة لوجودنا كراصدين‪ .‬وقد بين كثير من‬
‫العلماء منذ طرح املبدأ اإلنساني مدى حاجة الكون إلى التوليف الدقيق في بدء‬
‫ً‬
‫تكوينه لكي يغدو مالئما للحياة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إذن فوجود الحياة على األرض مشروط شرطا سببيا بوجود الكون كله‬
‫وبالصيغة التي تقررت له منذ اللحظات األولى لالنفجار العظيم‪ .‬هكذا نأتي اآلن‬
‫ً‬
‫وبعد خمسة عشر مليار سنة من والدة الكون لنكشف علميا أن اللحظات التي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نعيشها اآلن مرتبطة ارتباطا وثيقا باللحظات األولى لذلك االنفجار‪.‬‬
‫هذا الترابط القائم بين عالم الذرات وعالم املجرات‪ ،‬رغم سعة األبعاد‬
‫واختالف الكتل والحركات وتباعد األزمنة بين الثواني األولى واألخيرة له مضامين‬
‫كبيرة‪ ،‬لعل أهمها أن هذا الكون بسياقاته التي سار عليها وبهيئته الحالية هذه‬
‫وتكوينه هذا شرط ضروري والزم لوجود اإلنسان‪ .‬وملا كان اإلنسان هو الكائن‬
‫ً‬
‫العاقل الوحيد املعروف حتى اآلن في هذا الكون‪ ،‬فإن الكون البد أن يكون مخلوقا‬
‫من أجل أن يوجد اإلنسان‪ ،‬أي من أجل اإلنسان‪ ( .‬لو أننا اكتشفنا مخلوقات ذكية‬
‫ً‬
‫أخرى في الكون فإن االستنتاج يبقى ساريا لكننا سنقول عندها إن الكون وجد من‬
‫أجل أن تكون فيه حياة ذكية وفي كل هذه األحوال فالنتيجة واحدة)‪.‬‬
‫سمي هذا الكشف العظيم " املبدأ اإلنساني ‪، " Anthropic Principle‬‬
‫لكنني أفضل تسميته بالعربية " مذهب التسخير " فالقصد في مذهب التسخير‬

‫‪279‬‬
‫اإلسالمي هو نفسه الذي في هذا املبدأ اإلنساني‪ ،‬وقد تزايد االهتمام بهذا املبدأ‬
‫خالل النصف الثاني من العقد املاض ي‪ ،‬وقدم فيه العديد من أساطين الفيزياء‬
‫النظرية والكونية آراءهم ومفاهيمهم حول هذه املسألة‪ ،‬وبأزاء ذلك انقسمت‬
‫عشيرة الفيزيائيين إلى مذهبين‪:‬‬
‫أصحاب اْلذهب األول‪ :‬وهؤالء يقررون أن مضمون الترابط القوي بين ثوابت‬
‫ومتغيرات الكون التي أدت بالنتيجة إلى توفير الظروف الكونية "الطبيعية " لتكون‬
‫ً‬
‫مناسبة لوجود اإلنسان‪ .‬وفق هذا التأويل يكون الكون قد تم تفصيله أصال ألجل‬
‫االستيطان البشري‪ ،‬وإن قوانين الفيزياء والظروف األولية قد تراكبت بالطريقة التي‬
‫تؤمن الوجود الالحق للمخلوقات الحية‪ .‬وقد سمى براندن كارتر هذا "مذهب‬
‫التسخيرالقوي‪." Strong Anthropic Principle‬‬
‫من الفيزيائيين القائلين بهذا املذهب جوزيف سيلك الذي أثبت أن هنالك‬
‫كتلة حرجة للمجرة تتمكن عندها أن تتحول إلى نجوم‪ ،‬وفي نهاية األمر إلى كواكب‬
‫سيارة وإلى بيئة مالئمة لتطور الحياة‪ .‬كما يؤيد الفيزيائي العتيد جون ويلر مذهب‬
‫التسخير القوي فيقول‪" :‬وما فائدة وجود الكون دون إدراك ذلك الكون؟ "‪ .‬أما جون‬
‫بارو فإنه يعيد تأكيد املبدأ القائل بأن وجودنا هو املسؤول بمعنى ما عن الهيكل‬
‫ً‬
‫الخاص جدا للكون إذ يقول‪ :‬إن االرصادات في العالم الطبيعي رغم كونها متطلبات‬
‫ملحوظة‪ ،‬فإنها ترى بهذا التصور على أنها نتائج محتمة لتواجدنا نحن‪.‬‬
‫أصحاب اْلذهب الثاني‪ :‬وهم يقرون بأن الحقائق الدالة على تراكب‬
‫الصدف العديدة لتحقيق بنية الكون على هذه الصورة تنفي وجود الصدفة‬
‫ً‬
‫أساسا‪ ،‬لكنهم يعتبرون الفترة التي وجدت فيها الحياة على األرض هي حالة (حظ‬
‫سعيد للغاية) إذ يقول بول ديفز في مناقشته ملوضوعة فرد هويل " لو لم تكن‬
‫الحالة كما كانت عليه فينبغي أن ال نكون هنا ملناقشة هذا املوضوع‪ ،‬وإنها أحد‬
‫األمثلة العتبارنا محظوظين بصورة استثنائية لوجودنا في كون ذي هيكل يعتمد‬

‫‪280‬‬
‫بدقة عالية على الثوابت الطبيعية "‪ .‬ولقد سمى براندن كارتر هذا "مذهب التسخير‬
‫الضعيف ‪."Weak Anthropic Principle‬‬
‫يتضح من هذا أن مذهب التسخير الضعيف ليس إال محاولة لتأجيل كافة‬
‫الصدف التي كان يؤمن بها علماء الطبيعة وجمعها في صدفة واحدة هي صدفة‬
‫وجودنا في حقبة زمانية معينة من عمر الكون‪.‬‬
‫في كل األحوال فإن مبدأ التسخير يشير الى وجود قصد وغاية من خلق هذا‬
‫الكون ووجود كوكب واحد على األقل ينتمي الى منظومة شمسية فيه يتمتع‬
‫بالخصائص الالزمة لنشوء وتطور الحياة عليه‪ .‬إال أن االعتراض على وجود القصد‬
‫والغاية يأتي من فرضية األكوان املوازية ‪ Multiverse‬حيث يدعي أن وجود أكوان‬
‫أخرى كثيرة بمواصفات أخرى ينفي القصد والغاية مثلما ينفي وجود قصد وغاية‬
‫ً‬
‫ايضا لوجود قشرة محار على شاطئ أحد البحار‪ .‬لكن هذه املحاججة تبطل في حال‬
‫أن قلنا بأن الذي قصد وجود حياة ذكية على األرض إنما هو الخالق ّ‬
‫القيوم الذي‬
‫يتولى كل ش ئ في الكون من خالل ضبطها بقوانين هو استسنها وفي جملتها قوانين‬
‫نشوء الحياة نفسها وتطور العالم وكائناته‪ .‬وبالنتيجة فاإليمان هو تسليم فمن شاء‬
‫فليؤمن ومن شاء فليكفر‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫املالحق‬

‫‪282‬‬
‫الجدول ( ‪ :)1‬ثوابت فيزيائية وفلكية‬

‫ثوابت فيزيائية‬ ‫اْلقدار‬


‫سرعة الضوء‬ ‫‪2.9979245108m/s≈ 3105km/s‬‬

‫ثابت الجاذبية‬ ‫‪6.6725910-11m3-kg-1-s-2‬‬

‫ثابت بالنك‬ ‫‪6.6260810-34 joule-s‬‬

‫كتلة ذرة الهيدروجين‬ ‫‪1.673510-27kg‬‬

‫كتلة اإللكترون‬ ‫‪9.109410-31kg‬‬

‫ثابت ستيفان‬ ‫‪5.670510-8 watts-m-2-deg-4‬‬

‫ثابت قانون فين‬ ‫‪0.28978 cm/deg‬‬

‫ثوابت فلكية‬
‫الوحدة الفلكية‬ ‫‪1.4959787061011m‬‬

‫السنة الضوئية‬ ‫‪9.46051015m =6.324104AU‬‬

‫الفرسخ الفلكي‬ ‫‪3.08561016m=3.0856781013km‬‬

‫‪=206265AU‬‬

‫السنةالفصلية الفلكية‬ ‫‪ 365.256366‬يوم‪=3.155815107s‬‬

‫كتلة األرض‬ ‫‪5.9741024kg‬‬

‫كتلة الشمس‬ ‫‪1.9891030kg‬‬

‫نصف قطر األرض االستوائي‬ ‫‪6378.0km‬‬

‫‪283‬‬
‫نصف قطر الشمس‬ ‫‪6.96108 m=6.96105km‬‬
‫سطوعية الشمس‬ ‫‪3.831026 watts‬‬
‫نصف قطر القمر‬ ‫‪1.738103 km‬‬
‫كتلة القمر‬ ‫‪7.3481022 kg‬‬

‫الجدول ( ‪ :) 2‬الخصائص الفيزيائية للكواكب‬

‫الكوكب‬ ‫نصف القطر(األرض=‪)1‬‬ ‫الكتلة (األرض=‪)1‬‬ ‫معدل الكثافة‬


‫عطارد‬ ‫‪.382‬‬ ‫‪0.055‬‬ ‫‪5.43‬‬

‫الزهرة‬ ‫‪.949‬‬ ‫‪0.815‬‬ ‫‪5.25‬‬

‫األرض‬ ‫‪1.00‬‬ ‫‪1.00‬‬ ‫‪5.25‬‬

‫املريخ‬ ‫‪.533‬‬ ‫‪0.107‬‬ ‫‪3.93‬‬


‫املشتري‬ ‫‪11.19‬‬ ‫‪317.9‬‬ ‫‪1.33‬‬

‫زحل‬ ‫‪9.46‬‬ ‫‪95.18‬‬ ‫‪0.71‬‬

‫أورانوس‬ ‫‪3.98‬‬ ‫‪14.54‬‬ ‫‪1.24‬‬


‫نبتون‬ ‫‪3.81‬‬ ‫‪17.13‬‬ ‫‪1.67‬‬

‫بلوتو‬ ‫‪.176‬‬ ‫‪0.00256‬‬ ‫‪2.14‬و ‪ 1.89‬بين‬

‫‪284‬‬
‫الجدول ( ‪ :)3‬الخصائص المدارية للكواكب‬

‫الكوكب‬ ‫البعد عن الشمس‬ ‫الدور‬

‫‪AU‬‬ ‫)‪(106km‬‬ ‫سنة‬ ‫يوم‬

‫عطارد‬ ‫‪0.387‬‬ ‫‪57.9‬‬ ‫‪0.2409‬‬ ‫)‪(87.97‬‬

‫الزهرة‬ ‫‪0.723‬‬ ‫‪108.2‬‬ ‫‪0.6152‬‬ ‫)‪(224.7‬‬

‫األرض‬ ‫‪1.00‬‬ ‫‪149.6‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫)‪(365.26‬‬

‫املريخ‬ ‫‪1.524‬‬ ‫‪227.9‬‬ ‫‪1.8809‬‬ ‫)‪(686.98‬‬

‫املشتري‬ ‫‪5.203‬‬ ‫‪778.3‬‬ ‫‪11.8622‬‬ ‫)‪(4332.59‬‬

‫زحل‬ ‫‪9.539‬‬ ‫‪1427.0‬‬ ‫‪29.4577‬‬ ‫)‪(10759.22‬‬

‫أورانوس‬ ‫‪19.19‬‬ ‫‪2869.6‬‬ ‫‪84.014‬‬ ‫)‪(30685.4‬‬

‫نبتون‬ ‫‪30.06‬‬ ‫‪4496.6‬‬ ‫‪164.793‬‬ ‫)‪(60189‬‬

‫بلوتو‬ ‫‪39.53‬‬ ‫‪5900‬‬ ‫‪247.7‬‬ ‫)‪(90465‬‬

‫جدول رقم(‪ )6‬أسطع عشرين نجماً في السماء‬

‫القدر‬ ‫البعد بالسنين‬ ‫الكوكبة‬ ‫اسم النجم‬


‫الضوئية‬
‫الظاهر‬
‫ي‬
‫‪1.46-‬‬ ‫‪8.48‬‬ ‫الكلب األكبر‬ ‫الشعرى اليمانية ‪Sirius‬‬

‫‪0.72-‬‬ ‫‪224‬‬ ‫السفينة‬ ‫سهيل ‪Canopus‬‬

‫‪0.04-‬‬ ‫‪32.96‬‬ ‫العواء‬ ‫ّ‬


‫السماك الرامح ‪Arcturus‬‬

‫‪0.01-‬‬ ‫‪4.25‬‬ ‫قنطورس‬ ‫رجل قنطورس ‪Rigil Cen‬‬

‫‪285‬‬
‫‪0.03‬‬ ‫‪24‬‬ ‫القيثارة‬ ‫النسر الواقع ‪Vega‬‬

‫‪0.08‬‬ ‫‪40‬‬ ‫ممسك األعنة‬ ‫العيوق ‪Capella‬‬

‫‪0.12‬‬ ‫‪819.2‬‬ ‫الجبار‬ ‫رجل الجبار‬

‫‪0.38‬‬ ‫‪11.2‬‬ ‫الكلب األصغر‬ ‫الشعرى الشامية ‪Procyon‬‬

‫‪0.46‬‬ ‫‪86.4‬‬ ‫النهر‬ ‫آخر النهر ‪Achernar‬‬

‫‪0.50‬‬ ‫‪1024‬‬ ‫الجبار‬ ‫بيت القوس ‪Betelgause‬‬

‫‪0.61‬‬ ‫‪304‬‬ ‫قنطورس‬ ‫حضار ‪Hadar‬‬

‫‪0.77‬‬ ‫‪16‬‬ ‫العقاب‬ ‫الطير ‪Altair‬‬

‫‪0.85‬‬ ‫‪60.8‬‬ ‫الثور‬ ‫الدبران ‪Aldebaran‬‬

‫‪0.96‬‬ ‫‪608‬‬ ‫العقرب‬ ‫قلب العقرب ‪Antares‬‬

‫‪0.98‬‬ ‫‪214.4‬‬ ‫العذارء‬ ‫ّ‬


‫السماك األعزل ‪Spica‬‬

‫‪1.14‬‬ ‫‪32‬‬ ‫الجوزاء‬ ‫التوأم املؤخر ‪Pollux‬‬

‫‪1.16‬‬ ‫‪19.2‬‬ ‫الحوت‬ ‫فم الحوت ‪Famulhut‬‬

‫‪1.25‬‬ ‫‪8640‬‬ ‫الدجاجة‬ ‫الذنب ‪Deneb‬‬

‫‪1.25‬‬ ‫‪384‬‬ ‫الصليب الجنوبي‬ ‫ميموزا‬


‫ُ‬
‫‪1.28‬‬ ‫‪489‬‬ ‫الصليب الجنوبي‬ ‫نعيم‬

‫‪286‬‬
‫جدول(‪ )7‬مواقع المنازل العربية‬

‫اْلطلع اْلستقيم‬ ‫اْلوقع بالدرجات‬ ‫البرج‬ ‫اْلنزلة‬

‫‪0051.428-0000.000‬‬ ‫‪12.857 -00.000‬‬ ‫الحمل‬ ‫الشرطين‬

‫‪0142.856 -0051.428‬‬ ‫‪25.714-12.857‬‬ ‫الحمل‬ ‫البطين‬

‫‪0234.284 -0142.856‬‬ ‫‪08.571 -25.714‬‬ ‫الحمل – الثور‬ ‫الثريا‬

‫‪0325.712 -0234.284‬‬ ‫‪21.428 -08.571‬‬ ‫الثور‬ ‫الدبران‬

‫‪0417.140 -0325.712‬‬ ‫‪04.285-21.428‬‬ ‫الثور‬ ‫الهقعة‬

‫‪0508.568 -0417.140‬‬ ‫‪17.142 -04.285‬‬ ‫الثور‪-‬الجوزاء‬ ‫الهنعة‬

‫‪0600.000 -0508.568‬‬ ‫‪30.000 -17.142‬‬ ‫الجوزاء‬ ‫الذراع‬

‫‪0651.428 -0600.000‬‬ ‫‪12.857 -00.000‬‬ ‫السرطان‬ ‫النثرة‬

‫‪0742.856 -0651.428‬‬ ‫‪25.714 -12.857‬‬ ‫السرطان‬ ‫الطرفة‬

‫‪0834.284 -0742.856‬‬ ‫‪08.571 -25.714‬‬ ‫السرطان‪-‬األسد‬ ‫الجبهة‬

‫‪0925.712 -0834.284‬‬ ‫‪21.428 -08.571‬‬ ‫األسد‬ ‫الزبرة‬

‫‪1017.140 -0925.712‬‬ ‫‪04.285 -21.428‬‬ ‫األسد‪-‬السنبلة‬ ‫الصرفة‬

‫‪1108.568 -1017.140‬‬ ‫‪17.142 -04.285‬‬ ‫السنبلة‬ ‫العواء‬

‫‪1200.000 -1108.568‬‬ ‫‪30.000 -17.142‬‬ ‫السنبلة‬ ‫السماك‬

‫‪1251.428 -1200.000‬‬ ‫‪12.857 -00.000‬‬ ‫اْليزان‬ ‫الغفر‬

‫‪1342.856 -1251.428‬‬ ‫‪25.714 -12.857‬‬ ‫اْليزان‬ ‫الزبانى‬

‫‪1434.284 -1342.856‬‬ ‫‪08.571 -25.714‬‬ ‫اْليزان‪-‬العقرب‬ ‫األكليل‬

‫‪1525.712 -1434.284‬‬ ‫‪21.428 -08.571‬‬ ‫العقرب‬ ‫القلب‬

‫‪1617.140 -1525.712‬‬ ‫‪04.285 -21.428‬‬ ‫العقرب‪-‬القوس‬ ‫الشولة‬

‫‪1708.568 -1617.140‬‬ ‫‪17.142 -04.285‬‬ ‫القوس‬ ‫النعائم‬

‫‪287‬‬
‫‪1800.000 -1708.568‬‬ ‫‪30.000 -17.142‬‬ ‫القوس‬ ‫البلدة‬

‫‪1851.428 -1800.000‬‬ ‫‪12.857 -00.000‬‬ ‫الجدي‬ ‫سعد الذابح‬

‫‪1942.856 -1851.428‬‬ ‫‪25.714 -12.857‬‬ ‫الجدي‬ ‫سعد بلع‬

‫‪2034.284 -1942.856‬‬ ‫‪08.571 -25.714‬‬ ‫الجدي‪-‬الدلو‬ ‫سعدالسعود‬

‫‪2125.712 -2034.284‬‬ ‫‪21.428 -08.571‬‬ ‫الدلو‬ ‫سعداألخبية‬

‫‪2217.140 -2125.712‬‬ ‫‪04.285 -21.428‬‬ ‫الدلو‪-‬الحوت‬ ‫مقدم الدلو‬

‫‪2308.568 -2217.140‬‬ ‫‪17.142 -04.285‬‬ ‫الحوت‬ ‫مؤخرالدلو‬

‫‪2400.000 -2308.568‬‬ ‫‪30.000 -17.142‬‬ ‫الحوت‬ ‫بطن الحوت‬

‫‪288‬‬
‫مرسد ابملصطلحات الواردة يف الكتاب‬

‫‪Van Allen radiation belts‬‬ ‫أحزمة فان آلن اإلشعاعية‬


‫‪Rilles‬‬ ‫أخاديد‬
‫‪Geocentric‬‬ ‫أرض ي املركز‬
‫)‪Cosmic background radiation(CBR‬‬ ‫إشعاع الخلفية الكوني‬
‫‪Cosmic rays‬‬ ‫أشعة كونية‬
‫‪Phases‬‬ ‫أطوار‬
‫‪Recombination‬‬ ‫إعادة اتحاد‬
‫‪Event horizon‬‬ ‫أفق الحدث‬
‫‪Cosmic horizon‬‬ ‫األفق الكوني‬
‫‪Horizon‬‬ ‫أفق‬
‫‪Galilean satellites‬‬ ‫أقمار غاليليو‬
‫‪Corona‬‬ ‫اإلكليل الشمس ي‬
‫‪Solar flare‬‬ ‫ألسنة لهب شمسية‬
‫‪Electron‬‬ ‫إلكترون‬
‫‪Angstrom unit‬‬ ‫األنكستروم‬
‫‪Hydorgen burning‬‬ ‫احتراق الهيدروجين‬

‫‪289‬‬
Reddening ‫احمرار‬
Occultation ‫استتار‬
Greatest elongation ‫االستطالة العظمى‬
Nova ‫مستعر‬
Equinox ‫االعتدال الربيعي أوالخريفي‬
Vernal equinox ‫االعتدال الربيعي‬
Conjunction ‫اقتران‬
Emission ‫انبعاث‬
Tidalbulge ‫انتفاخ مدي‬
Conservation of angular momentum ‫انحفاظ االندفاع الزاوي‬
Conservation of energy ‫انحفاظ الطاقة‬
Curvature of space ‫انحناء الفضاء‬
Nuclear fusion ‫اندماج نووي‬
Gravitational redshift ‫انزياح أحمر ثقالي‬
Blueshift ‫انزياح أزرق‬
Redshift ‫االنزياح األحمر‬
Doppler shift ‫انزياح دوبلر‬
Fission ‫انشطار‬
Diffraction ‫حيود‬

290
Big bang ‫االنفجار العظيم‬
Solstice( winter and summer) )‫االنقالب (الشتوي والصيفي‬
Refraction ‫انكسار‬
Parsec ‫ فرسخ فلكي‬،‫بارسك‬
Mare ‫بحر‬
Maria ‫بحور‬
Proton ‫بروتون‬
Green house effect ‫تأثيرالبيت الزجاجي‬
Ionization ُّ
‫تأيين‬،‫تأين‬
Dispersion
ّ
‫تبدد‬،‫تبديد‬
Scattering ‫تشتت‬،‫تبعثر‬
Triangulation ‫تثليث‬
Infrared ‫تحت أحمر‬
Nucleosynthesis ‫تخليق نووي‬
Bipolar flow ‫تدفق ثنائي القطب‬
Frequency
ّ
‫تواتر‬،‫تردد‬
Precession ‫ترنح‬
Acceleration ‫تسارع‬
Mainsequence ‫التسلسل الرئيس ي‬

291
Inflation ‫تضخم‬
Photo dissociation ‫تفكك ضوئي‬
Fluorescence ُ
‫تفلور‬
Opposition ‫تقابل‬
Plate tectonics ‫تكتونيات الصفائح‬
Negtive curvature ّ
‫تكور(انحناء) سالب‬
Reflector ‫تلسكوب عاكس‬
Refractor ‫تلسكوب كاسر‬
Hydrostatic equilibrium )‫توازن (هيدروستاتي‬
Siderealtime ‫التوقيت النجمي‬،‫التوقيت الفلكي‬
Universaltime ‫توقيت غرينتش‬،‫التوقيت العاملي‬
Dynamo ‫توليد الحقول املغنطيسية‬
Convection ‫تيارات الحمل‬
Hubble constant ‫ثابت هابل‬
Gravity ‫الجاذبية‬
Blackhole ‫ثقب أسود‬
Eclipsing binary ‫الثنائي الكسوفي‬
Spectroscopic binary ‫ثنائي طيفي‬
X-ray binaries ‫ثنائيات األشعة السينية‬

292
Visible binary ‫ثنائية نجمية مرئية‬
Neap tide ‫جزر محاقي‬
Molecule ‫جزيئة‬
Alpha particle ‫جسيم ألفا‬
State Excited ‫حالة ُمثارة‬
Obscuration ‫احتجاب‬،‫حجب‬
Angular size ‫الحجم الزاوي‬
Chandrasekhar limit ‫حد شاندراسيخار‬
Retrograde motion ‫حركة تراجعية‬
Asteroid belt ‫حزام الكويكبات‬
Local Supercluster ‫عنقود فائق محلي‬
Cluster ‫عنقود‬
Perihelion ‫الحضيض الشمس ي‬
Earth’s magnetic field ‫الحقل املغناطيس ي األرض ي‬
Magneticfield ‫حقل مغناطيس ي‬
Lunar eclipse ‫خسوف‬
Celestial equator ‫خط االستواء السماوي‬
Equator ‫خط االستواء‬
Parallax ‫خط اختالف املنظر‬

293
Magnetic lines of force ‫خطوط القوة املغنطيسية‬
Zodiac ‫دائرة البروج‬
Minuteofarc ‫دقيقة قوسية‬
Sidereal period ‫دور فلكي‬
Period ‫دور‬
Synchronous rotation ‫دوران متزامن‬
Solar cycle ‫الدورة الشمسية‬
Atom ّ
‫ذرة‬
Tail ‫ذيل‬
Spectrograph ‫راسم الطيف‬
Meteorite ‫نيزك‬
Resonance ‫ تجاوب‬،‫رنين‬
Solarwind ‫الريح الشمسية‬
Azimuth َّ ‫زاوية‬
‫السمت‬
ُ
Meteor shower ‫زخة شهب‬
Angular momentum
ّ ‫الزخم‬
‫الزاوي‬
Oort cloud ‫سحابة أورت‬
Interstellar cloud ‫سحابة بينجمية‬
Magellanic clouds ‫سحابتي ماجالن‬

294
Carb nebula ‫سديم السرطان‬
Solar nebula ‫سديم شمس ي‬
Reflection nebula ‫سديم عاكس‬
Planetary nebula ‫سديم كوكبي‬
Dark nebula ‫سديم معتم‬
Nebula ‫سديم‬
Escape velocity ‫سرعة اإلفالت‬
Recession velocity ‫سرعة االنحسار‬
Luminosity ‫سطوع‬
Zenith ّ
‫السمت‬
Light year ‫سنة ضوئية‬
Aurora ‫الشفق القطبي‬
Heliocentric ‫شمس ي املركز‬
Meteor ‫شهاب‬
Prominece ‫الشواظ الشمس ي‬
Radiation pressure ‫ضغط اإلشعاع‬
Degeneracy pressure ‫ضغط التوالد‬
Energy ‫طاقة‬
Wavelength ‫طول املوجة‬

295
Emission line spectrum ‫طيف إنبعاث خطي‬
ّ
Absorption line spectrum ‫طيف امتصاص خطي‬
Electromagnetic spectrum ‫طيف كهرومغناطيس ي‬
Visible spectrum ‫طيف مرئي‬
Continuous spectrum ‫طيف مستمر‬
Spectrum ‫طيف‬
Transit ‫عابر‬،‫عبور‬
Gravitational lens ‫عدسة ثقالية‬
Period-luminosity relation ‫عالقة الدور والسطوع‬
Spectroscopy ‫علم األطياف‬
Cosmology ‫علم الكونيات‬
Redgiant ‫عمالق أحمر‬
Giant ‫عمالق‬
Radioactive element ‫عنصر مشع‬
Globular cluster ‫عنقود كروي‬
Supercluster ‫عنقود مجري فائق‬
Galactic cluster ‫عنقود مجري‬
Open cluster ‫عنقود مفتوح‬
Star cluster ‫عنقود نجمي‬

296
Ozone ‫غاز األوزون‬
Degenerate gas ‫غاز متوالد‬
Solar nebula hypothesis ‫فرضية السديم الشمس ي‬
Differentiation ‫فصل‬
Lobes ‫فصوص‬
Curveds pace ‫الفضاء املحدب‬
Ecliptic ‫الدائرة الكسوفية‬
Epicycle ‫فلك التدوير‬
Photon ‫فوتون‬
Ultraviolet ‫فوق بنفسجي‬
ُ
Crater ‫فوهة‬
Wien’s law ‫قانون فين‬
Hubble law ‫قانون هابل‬
Opacity ‫قتامة‬
َ
Magnitude ‫ق ْدر‬
Accretion disk ‫قرص التنامي‬
Disk ‫قرص‬
White dwarf ‫قزم أبيض‬
Black dwarf ‫قزم أسود‬

297
Brown dwarf ‫قزم بني‬
Dwarf ‫قزم‬
Crust ‫قشرة‬
Inertia ‫قصور‬
South celestial pole ‫القطب السماوي الجنوبي‬
North celestial pole ‫القطب السماوي الشمالي‬
Celestial pole ‫القطب السماوي‬
Polarity ‫قطبية‬
Satellite )‫قمر(تابع‬
Differential gravitational force ‫القوة الثقالية التفاضلية‬
Weak force ‫القوة الضعيفة‬
Electroweak force ‫قوة كهروضعيفة‬
Electromagnetic force ‫قوة كهرومغناطيسية‬
Nuclear force ‫قوة نووية‬
Fundamental forces ‫القوى األساسية‬
Tidal braking ‫كبح مدي‬
Mass ‫كتلة‬
Critical density ‫الكثافة الحرجة‬
Density ‫كثافة‬

298
Chromosphere ‫الكرة اللونية‬
Magnetosphere ‫الكرة املغنطيسية‬
Photosphere ‫الكرة املنيرة‬
Solar eclipse ‫كسوف‬
Annular eclipse ‫الكسوف الحلقي‬
Total eclipse ‫كسوف كلي أو خسوف كلي‬
Eclipse ‫الكسوف‬
Sunspot ‫ بقعة شمسية‬،‫كلف شمس ي‬
Quasar )‫كوازار(شبه نجم‬
Terrestrial planet ‫كوكب أرض ي‬
Outer planet ‫كوكب خارجي‬
Inferior planet ‫كوكب داخلي‬
Planet ‫كوكب‬
Constellation ‫كوكبة‬
Closed universe ‫كون مغلق‬
Open universe ‫كون مفتوح‬
Flat universe ‫كون منبسط‬
Universe ‫الكون‬
Asteroid ‫كويكب‬

299
Outer core ‫لب خارجي‬
Flare ‫لسان لهب‬
Celestial sphere ‫الكرة السماوية‬
Dark matter ‫املادة الخفية‬
Antimatter ‫املادة املضادة‬
Interstellar matter ‫مادة بينجمية‬
Exclusion principle ‫مبدأ اإلستثناء‬
Anthropic principle )‫املبدأ اإلنساني (مبدأ التسخير‬
Cosmological principle ‫املبدأ الكوني‬
Ionized ‫ مؤين‬،‫متأين‬
Barred spiral galaxy ّ
‫مجرة حلزونية عصوية‬
Spiral galaxy ‫مجرة حلزونية‬
Milky Way galaxy ّ ‫م‬
‫جرة درب التبانة‬
Irregular galaxy ّ
‫مجرة غير منتظمة‬
Galaxy ‫مجرة‬
LocalGroup ‫املجموعة املحلية‬
Supernova remnant ‫مخلفات املستعر الفائق‬
Tides ‫املد والجزر‬
Orbit ‫ فلك‬،‫مدار‬

300
Comet ‫مذنب‬
Supernova ‫مستعر فائق‬
Enegylevel ‫مستوى طاقة‬
Resolving power )‫مقدرة الفصل (تمييز‬
Interfermoeter ‫مقياس التداخل‬
Quantized ‫مكمم‬
Convection zone ‫منطقة حملية‬
Solar System ‫املنظومة الشمسية‬
Electromagnatic wave ‫موجة كهرومغناطيسية‬
Eclipse seasons ‫موسما الكسوف‬
Megaparsec ‫ ميغافرسخ فلكي‬،‫ميغا بارسك‬
Declination ‫ميل‬
Atmospheric window ‫النافذة الجوية‬
Nanometer ‫نانومتر‬
Protostar ‫نجم أولي‬
Morning Star ‫نجم الصباح‬
EveningStar ‫نجم املساء‬
Binary Star ‫نجم ثنائي‬
Cepheid Star ‫نجم قيفاوي‬

301
Variable star ‫نجم متغير‬
Millisecond pulsar ‫نجم ّنباض ميلي ثانية‬
Pulsar ‫نجم ّنباض‬
Neutron star ‫نجم نيوتروني‬
Star ‫نجم‬
Semimajor axis ‫نصف املحور الكبير‬
Schwarzchild radius ‫نصف قطر شوارتزشلد‬
Grand Unification theories(GUT’s) ‫النظريات املوحدة الكبرى‬
Aphelion ‫نقطة األوج‬
Model ‫نموذج‬
Nucleus ‫نواة‬
Meteoroid ‫نيزك‬
Neutron ‫نيوترون‬
Neutrinos ‫نيوترينوات‬
Halo ‫هالة‬
Highlands ‫هضاب القمر‬
Astronomical unit(AU) ‫الوحدة الفلكية‬
Heliumflash ‫ومضة الهيليوم‬
Scintillation ‫وميض‬

302
Solar day ‫يوم شمس ي‬
Sidereal day ‫يوم نجمي‬

303
‫عنوان البريد اإللكتروني للمؤلف‬

‫‪baseltaie@gmail.com‬‬
‫قناة اليوتيوب للمؤلف‬
‫‪(170) Basil Altaie - YouTube‬‬

‫‪304‬‬

You might also like