You are on page 1of 5

‫المحاضرة الثانية عشرة‬

‫قصيدة المتنبي‬

‫((الخيل والليل))‬

‫واحـر قلبـاه ممـن قلبـه شـبـم " " ومن بجسمي وحالـي عنـده‬
‫سقم‬
‫ما لي أكتم حبا قـد بـرى جسـدي " " وتدعي حب سيـف الدولـة‬
‫األمـم‬

‫إن كـان يجمعنـا حـب لغـرتـه " " فليـت أنـا بقـدر الحـب نقتـسـم‬

‫يا أعدل النـاس إال فـي معاملتـي " " فيك الخصام و أنت الخصم‬
‫والحكـم‬

‫أعيذهـا نظـرات منـك صـادقـة " " أن تحسب الشحم فيمـن شحمـه‬
‫ورم‬

‫انا الذي نظـر األعمـى إلـى ادبـي " " و أسمعت كلماتي مـن بـه‬
‫صمـم‬

‫انام ملء جفونـي عـن شواردهـا " " ويسهر الخلـق جراهـا و‬
‫يختصـم‬

‫الخيـل والليـل والبيـداء تعرفنـي " " والسيف والرمح والقرطاس و‬


‫القلـم‬

‫يـا مـن يعـز علينـا ان نفارقهـم " " وجداننا كـل شـيء بعدكـم عـدم‬
‫**************************‬

‫حياة الشاعر‬
‫هو أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي ‪,‬ولد في مدينه الكوفة (في العراق)‬
‫‪,‬في محله كنده سنه ‪ 303‬هجريه [‪519‬م]‪.‬‬
‫كان واسع اإلطالع بالعربية شعراً ونثرا ‪.‬عاش طفولته في زمن مضطرب‬
‫في نهاية الخالفة العباسية‪ .‬وإذا كان المتنبي قد عاش فترة انهيار الحضارة‬
‫العربية اإلسالمية فقد جعله ذلك يسعى إلنقاذ روح هذه الحضارة ومن‬
‫خالل شعره‪ .‬أعتقل وأودع السجن في العام ‪333‬هـ [‪539‬م] حين أتهم‬
‫بإدعاء النبوة بسبب أبيات قالها ثم أطلق سراحه أثر تدخل أحد األمراء‪.‬‬
‫تزوج في العام ‪335‬هـ[‪590‬م] على األرجح من شامية أنجب منها ولده‬
‫الوحيد محسد‪ .‬أستمر باالنتقال بين الشام ومرر إلى أن أستقر به المقام في‬
‫حلب عند أميرها سيف الدولة الحمداني الذي جعله شاعره المفضل سجل‬
‫مفاخر ومعارك هذا القائد العربي إلى أن أوقع الحاسدون بينه وبين سيف‬
‫الدولة فسافر المتنبي وقلبه مليء باألسى عام ‪393‬هـ[‪599‬م] إلى دمشق ثم‬
‫إلى مرر حيث أترل بحاكمها كافور اإلخشيدي‪ .‬ولما لم يجد عند كافور‬
‫المكانة التي تليق به والتي وعد بها رحل هاربا من مرر إلى نجد ثم إلى‬
‫الكوفة التي بلغها في ‪391‬هـ [‪533‬م]‪.‬توجه بعد ذلك إلى بغداد ومنها سافر‬
‫إلى بالد فارس حيث ورل أرجان بشيراز في عام ‪399‬هـ [‪539‬م] حيث‬
‫مدح عضد الدولة البويهي الذي أجزل العطاء اليه‪ .‬توجه في نفس العام إلى‬
‫بغداد ثم منها إلى الكوفة حيث قتل في الطريق إليها عند دير العاقول على‬
‫يد أقارب رجل يدعى ضبة كان المتنبي قد هجاه‪ .‬قتل مع المتنبي أبنه‬
‫المحسد وكل من كان معه من خدم ومرافقين وتناثرت كتبه وأوراقه وبينها‬
‫ديوان أبي تمام شاعر المتنبي المفضل‪.‬‬

‫مالمح شخصية المتنبي‪:‬‬

‫‪ .1‬واسع الثقافة‪.‬‬
‫‪ .3‬فارس طموح‪.‬‬
‫‪ .3‬قوي الشخرية‪.‬‬
‫‪ .9‬حريص على كرامته‪.‬‬
‫‪ .9‬معتز بنفسه‪.‬‬
‫‪.3‬اشتهر بفن الفخر‪.‬‬
‫*********************************‬
‫الخصائص الفنية ألسلوب المتنبي‪:‬‬
‫‪ -1‬قوة األلفاظ وجزالة العبارة‪.‬‬
‫‪ -3‬روعة الرور ومزج األفكار‪.‬‬
‫‪ -3‬عمق المعاني وترابطها‪.‬‬
‫‪ -9‬االعتماد على التحليل والتعليل‪.‬‬
‫‪ -9‬االستعانة بالمحسنات غير المتكلفة‪.‬‬

‫تحليل القصيدة‬
‫‪ - 1‬وا حر قلباه ممن قلبه شيّم ومن بحالي وجسمي عنده سقم‬
‫يا لقلبي الذي يحترق من شدة حب سيف الدولة الذي ال ينبض قلبه بالحب ‪ ,‬برغم ما‬
‫أقاسي من آالم وما أرابني من علل‪.‬‬
‫‪ - 3‬مالي أكتم حبا قد برى جسدي وت ّدعي حب سيف الدولة األمم‬
‫وإ ّني ألعجب من استمراري في كتمان حبي الرادق لسيف الدولة ‪ ,‬والذي أضعف‬
‫جسمي‪ ,‬في الوقت الذي يتظاهر بحبه اآلخرون رياء ونفاقا‪.‬‬
‫‪ - 3‬إن كان يجمعنا حب لغرته فليت أ ّنا بقدر الحب نقتسم‬
‫هو وأعداءه يشتركان فيحب سيف الدولة‪ ,‬لكن حبه رادق بينما حبهم نفاق ورياء‪,‬‬
‫كم أتمنى أن كل محب يظفر من رضاه وعطاياه بقدر الحب الرادق الذي يكنه له‪,‬‬
‫فهو يجزل العطاء لهم ويبخل بالعطاء عليه‪.‬‬

‫‪ - 9‬يا أعدل الناس إال ّ في معاملتي فيك الخرام وأنت الخرم والحكم‬
‫أيها األمير الذي عرف بالعدل واإلنراف أرجو أن يشملني عدلك وإنرافك وأنت‬
‫موضوع النزاع وخرمي في القضية وقد انحزت ألعدائي ‪ ,‬وما حيلتي وأنت‬
‫راحب األمر وبيدك الحكم‪.‬‬
‫‪ - 9‬أعيدها نظرات منك رادقة أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم‬
‫أناشد كأن ال يختلط عليك األمر ‪ ,‬فتظن أنّ حب المنافقين رادقا‪ ,‬وبذلك تكون كمن‬
‫ظن أن الورم في جسم اإلنسان سمنة وعالمة قوة‪.‬‬
‫‪ - 3‬وما انتفاع أخي الدنيا بناظره إذا استوت عنده األنوار والظلم‬
‫وما فائدة العين لإلنسان إذا لم يستطع أن يفرق بين النور والظالم؟ ( أي يجب أن‬
‫تميز بيني وبين غيري ممن يبلغ درجتي كما تميز بين النور والظلمة‪ ,‬فال ينبغي أن‬
‫يستويا في عيني اإلنسان المبرر‪.‬‬
‫‪ - 9‬أنا الذي نظر األعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به رمم‬
‫أن األعمى رغم أنه ال يبرر ولكنه أبرر أدبي‪ ,‬وكذلك األرم فقد سمع شعري ‪.‬‬
‫وهذا يعني أنّ شعره سار في آفاق البالد واشتهر حتى تحقق عند األعمى واألرم‬
‫أدبه‪ ,‬فرآه األعمى وسمعه األرم‪.‬‬
‫‪ - 8‬أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويخترم‬
‫أنا أنام ملء جفوني عن شارد الشعر ال أحفل بها ألني أدركها متى شئت بسهولة ‪,‬‬
‫أما غيري من الشعراء فإنهم يسهرون ألجلها ويتعبون ويخترمون وينازع بعضهم‬
‫بعضا على ما يظفرون به منها لعزته‬
‫‪ - 5‬الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم‬
‫الليل يعرفني لكثرة سراي فيه ‪ ,‬والخيل تعرفني لتقدمي في ركوبها وفروسيتها ‪,‬‬
‫والبيداء لمداومتي قطعها واستسهالي رعابها ‪ ,‬والسيف والرمح يشهدان بحذقي في‬
‫الضرب بهما ‪ ,‬والقراطيس تشهد إلحاطتي بما فيها ‪ ,‬والقلم عالم بإبداعي فيما أقيده‬
‫‪.‬‬
‫يا من يعز علينا أن فارقهم وجداننا كل شيء بعدكم عدم‬
‫أيها األمير الحبيب إنّ فراقكم يرعب ويشق علينا ‪ ,‬وكل شيء بعدكم ال‬
‫قيمة له‬

You might also like