You are on page 1of 19

‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬

‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطارجرائم األعمال‬
‫‪the change of characteristic the legal element in the context of‬‬
‫‪business offenses‬‬

‫بوزيدي إلياس * (أستاذ محاضر "أ")‬


‫لقب وإسم املؤلف‪ 1‬الرتبة العلم‬
‫الج ‪-‬زائر‬
‫البلد‬ ‫مغنية ‪-‬‬
‫الجامعة‬ ‫املركز الجامعي‬
‫الكلية‪-‬‬
‫‪Bouzidi.droit@gmail.com‬‬
‫تاريخ النشر‪2023/01/15 :‬‬ ‫تاريخ االرسال‪ 2020/09/30 :‬تاريخ القبول ‪2022/11/19 :‬‬

‫ملخص ‪:‬‬
‫يعبر عن الركن الشرعي في الجريمة بمبدأ " ال جريمة وال عقوبة وال تدابير أمن إال بنص‬
‫قانوني"‪ ،‬ويعني هذا املبدأ أن املشرع هو الذي يحتكر سلطتي التجريم والعقاب في املجتمع‪،‬‬
‫ويمنع على القاض ي استعمال التفسير الواسع في امليدان الجنائي ويفرض عليه إتباع قواعد‬
‫التفسير ّ‬
‫الضيق‪.‬‬
‫يتميز بها القانون الجنائي لألعمال‪ ،‬فقد تغيرت سياسة‬ ‫وبالنظر إلى الخصائص التي ّ‬
‫وتغيرت معها مالمح النصوص الجزائية‪ ،‬حيث أن الركن الشرعي للجريمة‬ ‫املشرع التجريمية‪ّ ،‬‬
‫تحول في مالمحه عن االطار العام‪ ،‬وذلك باالعتماد على آلية التفويض التشريعي في جرائم‬
‫األعمال من جهة‪ ،‬وعلى آلية التفسير املرن لنصوص جرائم األعمال‪.‬‬
‫وانطالقا من أن آلية التفويض التشريعي في جرائم األعمال وآلية التفسير املرن‬
‫لنصوص جرائم األعمال التي تعد استثناء من القواعد العامة التي تحكم القانون الجنائي‪،‬‬
‫ُ‬
‫فإن اإلشكالية التي تثار تتمثل في ضوابط وحدود االعتماد على هاتين اآلليتين كخاصيتين‬
‫ُلتغير مالمح الركن الشرعي في جرائم األعمال؟‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية ‪ :‬الركن الشرعي‪ ،‬جرائم األعمال‪ ،‬التفويض التشريعي‪ ،‬التفسير‪.‬‬
‫*املؤلف املرسل ‪ :‬بوزيدي إلياس‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪The legal element of crime is expressed in the principle “no crime, no‬‬
‫‪punishment and no security measures except by legal text”. This principle means‬‬
‫‪that the legislator is the one who monopolizes the powers of criminalization and‬‬

‫‪247‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
265 ‫ – ص‬247 ‫ص‬ ّ
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

punishment in society, and prohibits the judge from using a broad interpretation
in the penal field and obliges him to follow the rules of narrow interpretation.
Given the characteristics that characterize business criminal law, the policy
of criminal law has changed, and the characteristics of penal texts have changed
with it, as the legal corner of crime has shifted in its characteristics of the general
framework, in relying on the mechanism of legislative delegation in business
offenses on the one hand, and on the flexible interpretation mechanism for texts
relating to business crime.
And on the basis of the fact that the mechanism of legislative delegation in
business offenses and the mechanism for flexible interpretation of the texts of
business offenses, which are an exception to the general rules governing criminal
law, the problem arises the regulations and limits on the use of these two
mechanisms as characteristics that modify the characteristics of the legal element
in business offenses?
Keywords: The legal element, business offenses, legislative delegation,
interpretation.

:‫مقدمة‬
‫ُي عبر عن الركن الشرعي في الجريمة بمبدأ " ال جريمة وال عقوبة وال تدابير أمن إال بنص‬
،‫ ويعني هذا املبدأ أن املشرع هو الذي يحتكر سلطتي التجريم والعقاب في املجتمع‬،"‫قانوني‬
‫لذلك فضرورة النص على الجريمة والعقوبة في الجانب االقتصادي أمر يفرضه مبدأ‬
.‫الشرعية مما أدى إلى عدم خروج القانون الجنائي عن ذلك‬
‫إن أول نتيجة ملبدأ الشرعية هي أن القوانين وحدها قادرة على تحديد العقوبات‬
ّ
‫ وأن الحق في سن القوانين الجزائية ال يمكن أن يخول إال للمشرع الذي‬،‫بالنسبة لكل جريمة‬
.‫ُيمثل كل املجتمع املرتبط بالعقد االجتماعي‬
‫ إذ‬.‫إن الغ اية من هذا املبدأ تتمثل في حماية الفرد من املشرع ومن القاض ي على السواء‬
‫ ألنه يقصر سلطته على التشريع للمستقبل فيكون الفرد على ّبينة من‬،‫يحميه من املشرع‬
‫ ولوال هذا املبدأ‬،‫التصرفات املجرمة التي يعاقب عليها القانون فيجتنبها ويسلم من العقاب‬
‫ وذلك بأن يضمن‬،‫ألمكن للمشرع أن يصدر قانونا يعاقب على أفعال ارتكبت قبل نشره‬
248 2022 ‫ ديسمبر‬.02‫ العدد‬-07 ‫املجلد‬- ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫تعرض الفرد‬‫القانون نصا يقض ي بسريانه بأثر رجعي‪ ،‬وال تخفى خطورة هذه الحالة التي ّ‬
‫للعقاب على تصرفات كانت مباحة وقت ارتكابها‪.‬‬
‫ويحميه من القاض ي ألن قانونية الجريمة والعقاب يغل يده من اعتبار فعل ما جريمة‬
‫إذا لم ينص عليه القانون‪ ،‬كما يمنعه من الحكم بأية عقوبة لم ينص عليها القانون للجريمة‬
‫املعروضة عليه‪.1‬‬
‫ُ‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬إن القاض ي ُملزم بالفصل في جميع القضايا التي تعرض عليه وليس له‬
‫االمتناع عن ذلك بدعوى عدم وجود النص القانوني أو غموضه‪ ،‬إذ وظيفته هذه تتطلب منه‬
‫تفسير القانون بشكل يمكنه من إيجاد الحلول املناسبة للقضية املعروضة عليه‪ ،‬فيلتجئ إلى‬
‫القياس عند انعدام النص وتكملته إن كان ناقصا‪ ،‬والبحث عن غاية املشرع إن كان النص‬
‫غامضا‪.‬‬
‫ومبدأ قانونية الجريمة والعقوبة يمنع القاض ي من استعمال هذه الوسائل في امليدان‬
‫الجنائي ويفرض عليه إتباع قواعد التفسير ّ‬
‫الضيق‪.‬‬
‫ّ‬
‫والتغير وعدم االستقرار إضافة إلى التعقيد‬ ‫إن امليدان االقتصادي يتميز بالحركية‬
‫والتشعب والذي يتطلب دراية فنية‪ ،‬وهو األمر الذي أرغم املشرع على التنازل عن صالحيته‬
‫وامتيازات سلطته وذلك بمقتض ى التفويض الصادر عنه‪.‬‬
‫يتميز بها القانون الجنائي لألعمال‪ ،‬فقد تغيرت سياسة‬ ‫وبالنظر إلى الخصائص التي ّ‬
‫وتغيرت معها مالمح النصوص الجزائية‪ ،‬حيث أن الركن الشرعي للجريمة‬ ‫املشرع التجريمية‪ّ ،‬‬
‫تحول في مالمحه عن اإلطار العام‪ ،‬وذلك باالعتماد على آلية التفويض التشريعي في جرائم‬
‫األعمال من جهة‪ ،‬وعلى آلية التفسير املرن لنصوص جرائم األعمال‪.‬‬
‫وانطالقا من أن آلية التفويض التشريعي في جرائم األعمال وآلية التفسير املرن‬
‫لنصوص جرائم األعمال التي تعد استثناء من القواعد العامة التي تحكم القانون الجنائي‪،‬‬
‫ُ‬
‫فإن اإلشكالية التي تثار تتمثل في ضوابط وحدود االعتماد على هاتين اآلليتين كخاصيتين‬
‫ُلتغير مالمح الركن الشرعي في جرائم األعمال؟‪.‬‬
‫ومن أجل دراسة هذه اإلشكالية سنعتمد على املنهج الوصفي التحليلي وذلك بتحليل‬
‫بعض النصوص القانونية‪ ،‬كما استعملنا في بعض النقاط التي تستلزم املقارنة مع النظم‬
‫القانونية الفرنسية املنهج املقارن‪.‬‬

‫‪249‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫وللجابة على هذه اإلشكالية‪ ،‬تم التعرض إلى ضوابط التفويض التشريعي في جرائم‬
‫األعمال وتطبيقاته (املطلب األول)‪ ،‬وإلى ضوابط تفسير نصوص جرائم األعمال (املطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬ضوابط التفويض التشريعي في جرائم األعمال وتطبيقاته‬
‫تفوض‬‫وتغير جريمة األعمال‪ ،‬فقد ُفرض واقع على السلطة التشريعية أن ّ‬ ‫نظرا لسرعة ّ‬
‫بعض السلطات في مجال تشريع األعمال للسلطة التنفيذية‪ ،‬بما ُيعرف بفكرة أو مبدأ‬
‫التفويض التشريعي‪ ،‬الذي يعد من أهم خصائص الركن الشرعي في جرائم األعمال‪.‬‬
‫وعليه سنتطرق إلى معالجة مبدأ التفويض التشريعي في جرائم األعمال (الفرع األول)‬
‫وإلى تطبيقات التفويض التشريعي في القانون الجنائي لألعمال (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مبدأ التفويض التشريعي في جرائم األعمال‬
‫وبشكل عام‪ ،‬فإن التفويض في االختصاص بصورة عامة " أن يعهد صاحب االختصاص‬
‫األصيل إلى شخص آخر أو هيئة أخرى‪ ،‬بممارسة بعض اختصاصاته وفقا للشروط‬
‫الدستورية أو القانونية أو الالئحية املقررة لذلك‪ ،"2‬ويعرف االختصاص بأنه القدرة القانونية‬
‫على التعبير عن إرادة إحدى السلطات العامة تعبيرا قانونيا"‪.3‬‬
‫وبناءا على هذه املعطيات‪ ،‬ونظرا لسرعة وتغير جرائم األعمال ومن أجل حماية‬
‫السياسة االقتصادية للدولة‪ ،‬فإن الواقع فرض على السلطة التشريعية أن تفوض بعض‬
‫صالحياتها في مجال القانون الجنائي لألعمال إلى السلطة التنفيذية كخصوصية تميز جرائم‬
‫األعمال‪.‬‬
‫يقصد بالتفويض التشريعي "منح بعض من اختصاصات السلطة التشريعية إلى‬
‫السلطة التنفيذية‪ ،‬حيث تتمثل هذه االختصاصات في عملية سن القوانين‪ ،‬ويعد التفويض‬
‫التشريعي استثناء على مبدأ الفصل بين السلطات"‪.4‬‬
‫وهكذا يقوم البرملان املختص دستوريا بوضع التشريعات‪ ،‬بتفويض بعض اختصاصاته‬
‫التشريعية بموضوعات محددة وملدة محددة إلى السلطة التنفيذية استنادا إلى نص صريح‬
‫يرد في الدستور يجيز التفويض‪ ،‬فتكتسب القرارات الصادرة من السلطة التنفيذية استنادا‬
‫إلى قانون التفويض خصائص وقوة العمل التشريعي بعد إقرارها من قبل البرملان‪.‬‬
‫ومن ثم يترتب أن يكون شكل التفويض كتابة ال شفاهة‪ ،‬وحلول السلطة التنفيذية‬
‫محل السلطة التشريعية في مباشرتها بعض سلطاتها التشريعية في الحدود التي يبينها قانون‬
‫التفويض‪ ،‬واكتساب قراراتها خصائص وقوة العمل التشريعي‪.5‬‬

‫‪250‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫واملالحظ أنه ال يقتض ي التفويض عدم وجود السلطة التشريعية في كل األحيان‪ ،‬بل‬
‫تكون قائمة وموجودة ولكن يمكن أن يصدر البرملان قانونا تفويضيا للسلطة التنفيذية‪،‬‬
‫للقيام بالدور التشريعي‪.6‬‬
‫وقد يحصل التفويض التشريعي في الظروف االستثنائية كحالة الحرب والحالة‬
‫فوض السلطة التشريعية السلطة‬ ‫االستثنائية‪ ،‬كما قد يحصل في الظروف العادية ُ‬
‫فت ّ‬
‫التنفيذية في إصدار أنظمة لها قوة القانون‪ ،‬على ان يكون هذا التفويض محددا في نطاقه‬
‫وزمانه‪ ،‬وان ال يؤدي إلى املس اس بالحرية الشخصية‪ .‬إذ ال يراد به إنشاء الجرائم وإنما تحديد‬
‫التجريم وفق النص املفوض‪ ،‬بل تحديد عناصر التجريم أو بعضها بعد ان تحدد العقوبة‬
‫بنص القانون‪.‬‬
‫ومع ذلك فإ ن التفويض التشريعي ليس وسيلة تشريعية معتادة‪ ،‬وإنما يعد أسلوبا‬
‫استثنائيا يجب حصره في أضيق الحدود‪ ،‬فهو بمثابة التخاذل والتنحي من قبل السلطة‬
‫التشريعية عن جزء من اختصاصاتها لصالح السلطة التنفيذية‪ ،‬بما ال يتفق مع مبدأ الفصل‬
‫بين السلطات‪ ،‬وملا فيه من تهديد للحقوق والحريات الفردية‪.7‬‬
‫إذا كانت تقنية التفويض خاضعة للطار العام الذي يحدده النص التشريعي‪ ،‬إال أنها ال‬
‫تتضمن خرقا ملبدأ الشرعية‪ .‬بل أكثر من ذلك إذا كان األصل في القانون الجزائي العام أن‬
‫تتضمن القاعدة الجزائية املوضوعية شقين متالزمين‪ :‬أولهما شق التجريم‪ ،‬والذي ينصب‬
‫أساسا على وصف دقيق ملاديات الفعل اإلجرامي ايجابيا كان أو سلبيا‪ ،‬أما الشق الثاني فهو‬
‫شق الجزاء‪ ،‬والذي يتضمن تنصيصا على العقوبة أصلية كانت أو تكميلية أو تدبير احترازي‪.‬‬
‫إال أن املشرع في إطار جرائم األعمال لم يلتزم بهذه املعايير األصولية للقاعدة الجزائية‬
‫املوضوعية‪ ،‬فهو ينص على العقاب ويفوض مسألة بيان وتحديد عناصر تكييف الفعل‬
‫اإلجرامي إلى السلطة اإلدارية ( التنفيذية)‪ ،‬األمر الذي جعل فصال فعليا بين شقي التجريم‬
‫والجزاء‪ ،‬ولقد أطلق الفقه على هذه التقنية املستحدثة بالنص الجزائي على بياض أو التجريم‬
‫على بياض » ‪. « criminalité en blanc‬‬
‫وتبعا لذلك تقوم السلطة اإلدارية ( التنفيذية) بإصدار نصوص تطبيقية كأن تكون‬
‫قرارات أو مناشير بموجبها تتولى ملئ النصوص الجزائية على بياض‪.8‬‬
‫باعتبار أن هذا التفويض ال يقصد منه تجريم أفعال لم يجرمها نص تشريعي بقدر ما‬
‫يقصد به تحديد عناصر الجريمة من حيث نطاق التجريم في أدق عناصره‪ ،‬فيبقى النص‬
‫التشريعي املفوض هو األصل‪ ،‬والواقع أنه من مقتضيات مبدأ الشرعية ضرورة وضوح‬

‫‪251‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫نصوص قانون العقوبات مع تحديد األفعال املجرمة والعقوبات تحديدا واضحا‪ ،‬ومن ثمة‬
‫يعتبر منافيا ملبدأ الشرعية استخدام صيغ أو عبارات مطاطة‪.9‬‬
‫ّ‬
‫وال تكتسب القاعدة على بياض صفتها اإللزامية إال إذا تحقق العنصر الذي يشكل شق‬
‫التجريم‪ ،‬فقد تبقى كل النصوص املذكورة والتي جاءت بطريقة التجريم على بياض‪ ،‬في حالة‬
‫عدم تدخل السلطة املختصة بوضع العناصر املكونة للتجريم دون أي أثر قانوني‪.10‬‬
‫وحتى يكون التفويض صحيح ومنتج ألثاره‪ ،‬يجب أن تكون العقوبة املنصوص عليها في‬
‫التفويض مطابقة لشكل وموضوع التفويض‪ ،‬فال يمكن للسلطة التنفيذية إنشاء عقوبة أو‬
‫عدم تطبيق عقوبة مقررة في التفويض التشريعي أو تتجاوز العقوبة الحد األقص ى أو تخفض‬
‫أقل من الحد األدنى املنصوص عليه في التفويض‪ ،‬أو تقوم السلطة التنفيذية بوقف تنفيذ‬
‫العقوبة رغم أن التفويض يمنع وقفها‪.11‬‬
‫ّ‬
‫بيد أنه يتعين أال نخلط بين "القاعدة الجزائية املجزأة" وبين "القاعدة على بياض"‪ ،‬ففي‬
‫هذه األخيرة يكتفي املشرع بتحديد شق الجزاء في النص الجزائي‪ ،‬ويحيل في نفس الوقت إلى‬
‫قانون آخر لتحديد شق التجريم‪ ،‬الذي ال يكون قد وجد لحظة وضع القاعدة على بياض‪.‬‬
‫أما القاعدة الجزائية املجزأة أو املوزعة فهي أن تتجزأ القاعدة الجنائية بين أكثر من‬
‫نص‪ ،‬حيث تحتوي نصوص على أحد شقي القاعدة الجنائية‪ ،‬إما شق التجريم فقط أو شق‬
‫الجزاء‪ ،‬بينما أحالت إلى نصوص أخرى نافذة وحالة ومحددة لبيان الشق اآلخر‪ .‬وهكذا تكون‬
‫القاعدة الجنائية موزعة على أكثر من نص‪ ،‬حيث يستأثر نص بتحديد التجريم ونص آخر‬
‫بتحديد الجزاء‪.12‬‬
‫موزعة‪ ،‬بعد‬ ‫وفي آخر املطاف تتحول القاعدة الجنائية على بياض إلى قاعدة جنائية ّ‬
‫صدور القانون الحقا‪ ،‬فضال عن أن القانون الالحق غالبا ما يكون من النصوص التنظيمية‪،‬‬
‫التي تضطلع بها الجهة اإلدارية املختصة علما ودراية‪ ،‬باعتباره من الشؤون التقنية والفنية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تطبيقات النصوص على بياض في القانون الجنائي لألعمال‬
‫تتجلى سلطة التنظيم بنشاط النصوص على بياض‪ ،‬حيث تقتض ي الخبرة الفنية التي‬
‫يتطلبها عالم األعمال إصدار نصوص تنظيمية من السلطة التنفيذية‪ ،‬كاملجال الجمركي‪،‬‬
‫واالستهالك‪ ،‬والبيئة‪ ،‬والنقد والقرض‪...‬وغيرها‪.‬‬
‫وعلى سبيل املثال اعتمد املشرع الجزائري على هذه التقنية في املادة ‪ 82‬من القانون ‪-03‬‬
‫‪ 10‬املتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية املستدامة‪ ،13‬والتي عاقبت في فحواها كل من‬
‫يستغل مؤسسة لتربية حيوانات من أصناف غير أليفة دون الحصول على رخصة بغرامة من‬

‫‪252‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫‪ 10.000‬دج إلى ‪ 100.000‬دج‪ ،‬وأحالت بدورها من خالل املادة ‪ 43‬في فقرتها الثانية من نفس‬
‫القانون إلى التنظيم‪ ،‬من أجل تحديد كيفيات وشروط منح الترخيص‪.‬‬
‫وفي مجال قانون االستهالك رقم ‪ 03-09‬املتعلق بحماية املستهلك وقمع الغش‪ ،14‬حيث‬
‫نصت املادة ‪ 8‬منه على أنه " يمكن إدماج املضافات الغذائية في املواد الغذائية املوجهة‬
‫لالستهالك البشري والحيواني‪ .‬تحدد شروط وكيفيات استعمالها وكذا الحدود القصوى‬
‫املرخص بها عن طريق التنظيم "‪ .‬واملادة ‪ 10‬من نفس القانون التي تنص على أنه " يتعين على‬
‫كل متدخل احترام إلزامية أمن املنتوج الذي يضعه لالستهالك‪ -...‬يحدد القواعد املطبقة في‬
‫مجال أمن املنتوجات عن طريق التنظيم"‪ .‬وفي األخير جاءت املادة ‪ 73‬من نفس القانون‪ ،‬والتي‬
‫تقض ي بعقوبة الغرامة التي قدرها ‪200.000‬دج إلى ‪500.000‬دج‪ ،‬لكل من يخالف إلزامية أمن‬
‫املنتوج املنصوص عليها في املادة ‪ 10‬من هذا القانون‪.‬‬
‫ولتوضيح السلوك املادي لهذه الجرائم‪ ،‬صدر املرسوم التنفيذي رقم ‪ 203-12‬املتعلق‬
‫بالقواعد املطبقة في مجال أمن املنتوجات‪ ،15‬وقد أشار إلى أنه يجب أن تستجيب السلعة أو‬
‫الخدمة بمجرد وضعها رهن االستهالك للتعليمات التنظيمية املتعلقة بها‪ ،‬في مجال أمن‬
‫وصحة املستهلكين وحمايتهم‪.‬‬
‫وفي نفس املجال‪ ،‬نصت املادة ‪ 13‬من القانون ‪ 03-09‬على إلزامية الضمان والخدمة ما‬
‫بعد البيع‪ ،‬بقولها " يستفيد كل مقتن ألي منتوج‪...‬من الضمان بقوة القانون"‪ .‬ثم جاءت املادة‬
‫‪ 75‬لتعاقب على مخالفة ذلك بغرامة من ‪100.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‪ .‬غير أن األحكام‬
‫التوضيحية لفكرة إلزامية الضمان‪ ،‬وردت في نص تنظيمي‪ ،‬وهو املرسوم التنفيذي رقم ‪-13‬‬
‫‪ 327‬الذي يحدد شروط وكيفيات وضع ضمان السلع والخدمات حيز التنفيذ‪ ،16‬وعاقبت‬
‫باإلحالة إلى القانون " كل إخالل بأحكام هذا املرسوم يعاقب عليه وفقا ألحكام القانون رقم‬
‫‪...03-09‬أعاله السيما املادتان ‪ 75‬و‪."76‬‬
‫كذلك في مجال إلزامية إعالم املستهلك نصت املادة ‪ 17‬من القانون ‪ 03-09‬على أنه"‬
‫يجب على كل متدخل أن يعلم املستهلك بكل املعلومات املتعلقة باملنتوج الذي يضعه‬
‫لالستهالك‪ ،‬بواسطة وسم ووضع العالمات أو أية وسيلة أخرى مناسبة‪ .‬تحدد شروط‬
‫وكيفيات تطبيق أحكام هذه املادة عن طريق التنظيم"‪ .‬ثم حددت املادة ‪ 78‬من نفس القانون‬
‫العقوبات املقررة عند مخالفة إلزامية وسم املنتوج بغرامة من ‪100.000‬دج إلى‬
‫‪1.000.000‬دج‪ .‬بل أكثر من ذلك صدر املرسوم التنفيذي رقم ‪ 378 -13‬املتعلق بإعالم‬

‫‪253‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫املستهلك‪ ،17‬ومن خالله تم توضيح العديد من االلتزامات املستوجب اشتمال املنتوج عليها‪،‬‬
‫فنص على البيانات اإللزامية للوسم‪.‬‬
‫وكذلك بخصوص تحديد قواعد ومبادئ شفافية ونزاهة املمارسات التجارية التي تقوم‬
‫بين األعوان االقتصاديين وبين هؤالء املستهلكين صدر القانون ‪ ،02-04‬الذي يحدد القواعد‬
‫املطبقة على املمارسات التجارية‪ .18‬إذ أن من خالل املادة ‪ 38‬منه التي تعاقب على كل ممارسة‬
‫تجارية غير نزيهة وممارسة تعاقدية تعسفية‪ ،‬بغرامة من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 5.000.000‬دج‪.‬‬
‫ردفا على ذلك‪ ،‬جاءت املادة ‪ 30‬من القانون ‪ 02-04‬لتشير على أن السلوك اإلجرامي‬
‫املكون للسلوك اإلجرامي يتم صدوره عن طريق التنظيم‪ ،‬والتي تقض ي بأنه يمكن تحديد‬
‫العناصر األساسية للعقود عن طريق التنظيم‪ ،‬وكذلك منع العمل في مختلف أنواع العقود‬
‫ببعض الشروط التي تعتبر تعسفية‪ .‬ولتكملة القاعدة الجنائية الواردة في املادة ‪ 38‬من‬
‫القانون ‪ 02-04‬صدر املرسوم التنفيذي ‪ 19 306-06‬الذي يحدد السلوك املادي للجريمة‪،‬‬
‫وأشار هذا املرسوم إلى البنود األساسية للعقود‪ ،‬البنود التعسفية‪ ،‬لجنة البنود التعسفية‪،‬‬
‫وأضاف العقوبات الناجمة عن ذلك‪ ،‬في املادة ‪ 17‬منه باإلحالة إلى القانون ‪ 02-04‬السالف‬
‫الذكر‪.‬‬
‫كذلك بخصوص املادة ‪ 36‬من القانون ‪ 02-04‬التي تقرر عقوبة الغرامة من ‪20.000‬دج‬
‫إلى ‪200.000‬دج كل مخالفة ألحكام املادة ‪ 22‬من نفس القانون‪ ،‬واعتبرتها ممارسة ألسعار غير‬
‫شرعية‪ ،‬والتي تنص " كل بيع لسلع أو تأدية خدمات‪ ،‬ال تخضع لنظام حرية األسعار وال يمكن‬
‫أن تتم إال ضمن احترام نظام األسعار املقننة طبقا للتشريع املعمول به"‪ .‬فاملشرع هنا لم‬
‫يحدد نطاق ومحل جريمة ممارسة أسعار غير شرعية‪ ،‬تاركا للسلطة التنفيذية املتمثلة في‬
‫وزير التجارة صالحية تصنيف وتحديد السلع والخدمات التي تخضع لنظام األسعار املقننة‪.‬‬
‫وفي املجال الجمركي‪ ،‬قد أشارت املادة ‪ 30‬من قانون الجمارك‪ 20‬على أنه " يحدد رسم‬
‫النطاق املكاني بقرار من وزير املكلف باملالية"‪ .‬ومن خالل هذا التحديد يتسع النطاق املكاني‬
‫أو يضيق‪ ،‬حسب وزير املالية‪ ،‬وعلى إثره يتوسع أو يضيق نطاق التجريم‪.‬‬
‫وكذلك املادة ‪ 29‬من نفس القانون في فقرتها األخيرة‪ ،‬خولت للوزراء املكلفين باملالية‬
‫والدفاع الوطني والداخلية بالتدخل عن طريق قرار وزاري بتمديد عمق املنطقة البرية من‬
‫النطاق الجمركي‪.‬‬
‫ونفس األمر بالنسبة للبضائع املهربة‪ ،‬فقد نصت املادة ‪ 226‬من نفس القانون على‬
‫تحديد البضائع الحساسة القابلة للتهريب‪ ،‬بقائمة يحددها قرار مشترك من الوزير املكلف‬

‫‪254‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫باملالية ووزير التجارة‪ .‬والشك أن البضائع تعتبر محل مهم في الجريمة‪ ،‬وبالتالي للوزيران‬
‫املكلفان إصدار هذا القرار‪ ،‬الذي يتحكم في مدى تجريم هذه الجريمة ضيقا واتساعا‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬ضوابط تفسير نصوص جرائم األعمال‬
‫يترتب على مبدأ الشرعية في الجرائم والعقوبات نتيجة‪ ،‬تتعلق بتفسير النصوص‬
‫املنظمة للتجريم‪ ،‬إذ يفرض هذا املبدأ قيودا على عملية التفسير مرتبطة بضوابطه‪ ،‬حتى ال‬
‫يؤدي التوسع في التفسير إلى الخروج عن نطاق النص‪ ،‬وخلق جرائم ال يتضمنها‪ .‬وعلى هذا‬
‫األساس كانت القاعدة التي تحكم التفسير "التفسير الضيق لنصوص التجريم والعقاب"‪.21‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ُ ،‬يطرح التساؤل الذي مفاده هل يمكن أن ينطبق هذا األمر على‬
‫نصوص جرائم األعمال؟‪.‬‬
‫إن التفسير هو محاولة مالئمة النصوص الجنائية التي هي بطبيعتها عامة ومجردة على‬
‫الوقائع التي تحدث بالنظر إلى كل واقعة على حدة‪ ،‬فإذا كان املشرع هو الذي يضع النصوص‬
‫الجنائية‪ ،‬فان القاض ي هو من يقع عليه عبئ تطبيقها‪ ،‬وبالتالي فان من واجب القاض ي النظر‬
‫فيما إذا كانت الوقائع التي ارتكبت تندرج تحت نص من النصوص الجنائية النافذة‪.‬‬
‫بل يعد التفسير هو البحث عن املعنى الحقيقي للنص بحيث يمكن تطبيق هذا النص‬
‫املجرد على الوقائع املادية‪ .‬ألن كل قاعدة قانونية ال بد لها من تفسير ليس فقط تلك القواعد‬
‫املبهمة أو التي يشوبها لبس أو غموض‪ ،‬بل كل قاعدة قانونية جنائية البد لها من شرح‬
‫وتفسير‪ ،‬حتى أنه ال يمكن وجود قضاء " ‪ " jurisprudence‬بدون تفسير‪.‬‬
‫ثم إن للقانون الجنائي طبيعة في التفسير خاصة باملقابلة مع القانون املدني أو التجاري‬
‫مثال‪ ،‬ألنه من املعروف أن في هذه القوانين ليس هناك ما يمنع من األخذ بالتفسير الواسع أو‬
‫القياس على النصوص‪ .‬ولكن الحال يختلف في القانون الجنائي ألن الحريات العامة لألفراد‬
‫كثيرا ما تتعارض مع ضرورات الدفاع االجتماعي أو النظام العام‪.22‬‬
‫وهكذا البد أن ال يقع االنحراف بالنص بأن يؤدي إلى استحداث جرائم أو عقوبات‬
‫جديدة لم يضعها املشرع‪ ،‬ومنها أتت القاعدة التي تحظر على القاض ي الجنائي استعمال‬
‫القياس‪ ،‬بمعنى أنه إذا عرضت واقعة على القاض ي املذكور تتضمن فعال أو امتناع ال يشملهما‬
‫املشرع بالتجريم‪ ،‬ال يمكن له أن يستعمل القياس بشأنهما على وقائع مشابهة مجرمة‪ ،‬مهما‬
‫كانت خطورتها اإلجرامية ملموسة‪ ،‬ومثال ذلك ال يمكن تجريم إخفاء األشياء املتحصلة من‬
‫مخالفة قياسا على تجريمهما في الجناية أو الجنحة‪.23‬‬

‫‪255‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫لقد تم صياغة مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بهدف مكافحة السلطة اإلنشائية في‬
‫املسائل الجنائية‪ .‬لقد تطور السياق القضائي‪ ،‬وكان البد من تخفيف جمود املبدأ‪ ،‬وهو ما تم‬
‫فعله‪ ،‬ولكن يبقى دائما مبررا على أن الحريات الفردية تبقى دائما ذات أولوية‪ ،‬ويجب على‬
‫القاض ي الجنائي أال يحل محل املشرع إلنشاء معيار جنائي بحجة التفسير‪.24‬‬
‫في مجال القانون الجنائي لألعمال‪ ،‬تتجاهل الغرفة الجنائية ملحكمة النقض الفرنسية‬
‫املبادئ وتخلط األدوار من خالل تفسير القانون على نطاق واسع أو حتى مخالفة القانون‪،‬‬
‫تعيد كتابته وتتصرف مثل املشرع بينما تدافع عن نفسها ضده‪ .‬بل أكثر من ذلك‪ ،‬إن القرارات‬
‫األخيرة تشير إلى تفاقم االنزالق الذي يتميز من ناحية‪ ،‬بتشويه نص التجريم‪ .‬ومن ناحية‬
‫أخرى‪ ،‬من خالل إنشاء نظام خاص بالتقادم‪.25‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القاض ي وتفسير نصوص جرائم األعمال‬
‫ودقيقا‪ ،‬يجب على القاض ي تطبيقه بدقة‪ .‬وإذا كان نص‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واضحا‬ ‫عندما يكون القانون‬
‫مقيدا حتى ال يوسع نطاق‬ ‫ً‬ ‫تفسيرا‪ ،‬فيجب على القاض ي أن يتخذ ً‬
‫نهجا‬ ‫ً‬ ‫التجريم يستدعي‬
‫النص‪ .26‬ولكن غموض وعدم دقة النصوص الجزائية في القوانين الحديثة‪ ،‬يؤدي إلى اختراق‬
‫هذا املطلب بشكل خطير‪ ،‬حيث أنها تفتح أبواب التفسير الواسع‪ ،‬مما يجعل القاض ي ّ‬
‫سيد‬
‫التجريم‪.‬‬
‫يجب دعوة املشرع إلى صرامة كبيرة في صياغة النصوص الجزائية‪ ،‬حتى ال يحاول‬
‫القاض ي الجنائي سد الثغرات في القانون‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن وضوح ودقة القانون الجنائي ال يمنع‬
‫ّ‬
‫د(الضيق) ومن السماح‬ ‫محكمة النقض من تحرير نفسها من التزامها القانوني بالتفسير ّ‬
‫املقي‬
‫لنفسها بقراءة شخصية للجرائم‪ ،‬مما يؤدي بها على أقل تقدير لتفسير مرن للعناصر املكونة‬
‫للجريمة‪ ،‬وفي أسوأ األحوال لتشويه التجريم بالكامل‪.27‬‬
‫أوال‪ -‬القاض ي والتفسيراملرن لجرائم األعمال‬
‫ال يمكن للقاض ي أن يلجأ إلى تفسير مرن لنص التجريم إال عندما يكون لصالح املتهم‪،‬‬
‫وهذه هي الفرضية الوحيدة املتوافقة مع مبدأ الشرعية‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬ال يجوز أن‬
‫يتجاوز القاض ي بت فسيره توقعات املشرع‪ ،‬ويشدد من العقوبة الجزائية‪ ،‬وبالتالي ينتهك‬
‫الحريات الفردية‪ .‬إن القضاء في القانون الجنائي لألعمال يكشف عن هذا االتجاه املقلق‬
‫للغرفة الجنائية‪ ،‬بتجديد صياغة العناصر املكونة للجرائم بهدف تسهيل ممارسة املتابعة‪.28‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬تقدم جريمة إساءة استعمال أموال الشركة نماذج متعددة للسلطة‬
‫املمنوحة للقضاء‪ .‬حيث من أجل تكوين الجريمة‪ ،‬يفترض توافر أربعة عناصر مكونة لها‪،‬‬

‫‪256‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫تتمثل في فعل االستعمال‪ ،‬وتعارضه مع مصلحة الشركة‪ ،‬وتحقيقه بهدف شخص ي وسوء نية‪.‬‬
‫وهكذا يتم تصور فعل االستعمال بصفة موسعة من خالل القضاء الذي يعتبر إمكانية تحقق‬
‫الجريمة سواء بالفعل أو االمتناع‪ ،‬وهذا املعنى ال ينشأ بشكل طبيعي من ألفاظ النص‬
‫القانوني‪ ،‬ولكن يمكن تصوره‪.29‬‬
‫هناك انتقاد يتعلق باالنتقاص القضائي لدور عنصر القصد الذي يتطلبه القانون‪،‬‬
‫حيث يتضمن نص التجريم دليال مزدوجا على اكتمال الجريمة‪ :‬قصد عام يتحقق بتوافر‬
‫سوء النية‪ ،‬وقصد خاص يشكل الباعث ويتمثل في تحقيق املصلحة الشخصية‪.‬‬
‫بالتأكيد‪ ،‬في القرارات الحديثة قد توسع القضاء في تفسيره للمصلحة الشخصية‪،‬‬
‫وحاجة الغرفة الجنائية إلى القصد الخاص املتمثل في تحقيق املصلحة الشخصية‪ .30‬لكن هذا‬
‫التذكير هو في الواقع خدعة تحت األنظار ألن محكمة النقض الفرنسية راضية عن افتراض‬
‫املصلحة الشخصية‪.31‬‬
‫في الواقع‪ ،‬تؤكد محكمة النقض الفرنسية أنه في حالة األموال التي يقتطعها خفية‬
‫مدير الشركة‪ ،‬ولم يثبت أن األموال املحولة من خزينة الشركة قد تم استخدامها ملصلحة‬
‫الشركة وحدها‪ ،‬فمن الضروري أن نستنتج أنه قد اقتطعها ملصلحته الشخصية‪.32‬‬
‫لقد تجسد افتراض املسؤولية أو اإلدانة من خالل تعميمه في القانون الجنائي لألعمال‪،‬‬
‫ً‬
‫غالبا ما يختزل القضاة العنصر املتعمد في العثور على العنصر املادي باألخذ بعين االعتبار‬
‫صفة الفاعل( مدير الشركة أو أمين الخزينة‪ .)...‬حقيقة ال يؤدي افتراض اإلدانة إلى إزالة‬
‫عنصر القصد‪ ،‬وهو ما يسمح للغرفة الجنائية بشكل مصطنع لالحتماء بموجب مبدأ‬
‫الشرعية‪ ،‬لكن هذا يحول توقعات القانون‪ ،‬مما يجعل حدود القمع غير مؤكدة للغاية‪ ،‬ألن‬
‫تركها بهذه الطريقة تؤدي إلى تعسف القاض ي‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن هذه االفتراضات تؤدي إلى قلب عبء اإلثبات الذي يعود‬
‫بالفائدة لالدعاء العام‪ ،‬الذي يتم تقليل عبء اإلثبات عليه‪ ،‬ولكنه يضر باملتقاضين الذين‬
‫يجب أن يثبتوا حسن نيتهم‪ .‬إن هذه االفتراضات التي وضعها القضاء تعدل القواعد اإلجرائية‬
‫وتشدد القمع الجزائي بما يتعارض مع روح القانون‪.33‬‬
‫ثانيا‪ -‬القاض ي والتفسيراملؤدي إلى تشويه تجريم األعمال‬
‫ً‬
‫يؤدي التفسير أحيانا إلى تشويه الجريمة‪ ،‬هذه الفرضية تم توضيحها من خالل النزاع‬
‫املتعلق بإساءة استعمال أموال الشركة التي تم تنفيذها في السياق العام التفاقيات التنفيذ‬

‫‪257‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫املتتالية‪ :‬اتفاقية املساعدة التي تمنح الحق في املكافأة السنوية‪ .34‬أو عقد التأمين الذي أبرمه‬
‫املدير لصالحه مما أدى إلى دفع أقساط متتالية من قبل الشركة‪.35‬‬
‫وأكدت هنا الغرفة الجنائية أن "إساءة استعمال أموال الشركة هي جريمة فورية يتم‬
‫تقادمها خالل كل إساءة استعمال ملمتلكات الشركة"‪ ،‬مما يسمح لها بتغيير نقطة بداية فترة‬
‫التقادم‪ .‬يقود هذا املنطق القضاء إلى تشويه الجريمة من خالل الخلط بين ماديتها وآثارها‪.‬‬
‫إن الجوهر املادي للجريمة هو الذي يسمح من خالل الكشف الخارجي عن القصد‬
‫الجنائي‪ ،‬بتاريخ يوم ارتكاب الجريمة‪ .‬في هذه الحالة‪ ،‬مادية الجريمة هو التوقيع على‬
‫االتفاقات املتنازع عليها‪ ،‬فالدفع هو فقط طريقة لتنفيذ االتفاقات املبرمة ً‬
‫سابقا‪.36‬‬
‫تخلق املحكمة خلط بين وجود الجريمة وآثارها من خالل اعتبار أن الدفع هو الواقعة‬
‫ّ‬
‫املنشأة لجرائم التكرار‪ ،‬مما يمكنها من تأجيل التقادم‪.‬‬
‫حقيقة أن األصل أن يبدأ حساب مدة التقادم من يوم ارتكاب الجريمة‪ ،‬غير أن ثمة‬
‫حاالت خاصة يؤجل فيها بدء حساب مدة التقادم‪ ،‬وجريمة التعسف في استعمال ممتلكات‬
‫الشركة واحدة من هذه الجرائم نظرا ملا يكتنفها من خفية وسرية‪ ،‬إذ كثيرا ما يلجأ الجاني إلى‬
‫مزورة مما يجعل اكتشاف األركان املكونة للجريمة أمرا صعبا‪.‬‬ ‫حسابات خفية وفواتير ّ‬
‫ومن جانب آخر‪ ،‬يكون الجناة في مثل هذه الجرائم في وضعية مالئمة داخل الشركة‬
‫تسمح لهم بتغطية التصرفات التدليسية‪.37‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن إساءة استعمال ممتلكات الشركة يتم تقادمها بفعل اإلساءة التي يرتكبها‬
‫املدير على ممتلكات الشركة أو االئتمان أو السلطات أو األصوات‪ .‬وتتحقق الجريمة بمجرد‬
‫ارتكابها الذي يتم بتوقيع العقد بغض النظر عن آثاره‪.‬كما يجب التأكيد على أن القانون ال‬
‫يعاقب على املحاولة في حاالت إساءة استعمال ممتلكات الشركة‪ ،‬وهو ما يظهر أنه بمجرد‬
‫الفعل التعسفي فقط الذي يتعارض مع مصلحة الشركة ويتم ملصلحة شخصية‪.‬‬
‫الخلططط الططذي أحدثتططه الغرفططة الجنائيططة لططيس حياديططا‪ ،‬لهططا هططدف دقيططق للغايططة‪ ،‬إذ يسططمح‬
‫مطرة أخطرى بتنظطيم نظطام خطاص للتقطادم الطذي يعطد مطن أصطل قضطائي بالكامطل‪ ،‬وهطو مبطدأ قابططل‬
‫للنقاش‪.38‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬القاض ي والنظام الخاص للتقادم في جرائم األعمال‬

‫‪258‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫يقصد بتقادم الجريمة بأنها مض ي مدة زمنية يحددها القانون تبدأ من تاريخ ارتكاب‬
‫الجريمة دون أن يتخذ أي إجراء من إجراءات الدعوى العمومية‪ ،‬مما يترتب على مرور هذه‬
‫املدة انقضاءها‪.39‬‬
‫إن التقادم يعد سبيال عالجيا لظاهرة اإلجرام داخل املجتمع‪ ،‬لذلك رأى البعض قيام‬
‫فكرة التقادم على أساس تحقيق التوازن بين املصالح‪ ،‬إذ يجب تغليب املصلحة العامة ومنه‬
‫االستقرار القانوني يسمو على العدالة‪ .40‬كما قد يؤدي مرور الزمن إلى انطماس أدلة اإلثبات‪،‬‬
‫وتصبح داللتها أمام القضاء أقل يقينا ألنها إما فقدت قيمتها أو اختفت‪.‬‬
‫وفقا للقواعد العامة للتقادم في قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬فإنه يتم احتساب مدة‬
‫ّ‬
‫التقادم من يوم وقوع الجريمة سواء علم بها أو لم يعلم‪ ،41‬على أال ُيحتسب يوم وقوع‬
‫الجريمة‪ ،42‬أما إذا اتخذت إجراءات في تلك الفترة فال يسري هنا التقادم إال من تاريخ آخر‬
‫إجراء طبقا للمادة ‪ 7‬وما يليها من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫وتب دأ مدة التقادم في وقت واحد بالنسبة إلى جميع املساهمين في الجريمة‪ ،‬مهما كان‬
‫نشاط أحدهم قد توقف قبل تمام الجريمة‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة إلى التحريض‪.43‬‬
‫وبخصوص الجرائم الوقتية‪ ،‬وهي الجرائم التي تبدأ وتنتهي بمجرد إتيان السلوك‬
‫اإلجرامي‪ ،‬فتبدأ مدة التقادم في السريان من يوم وقوع الجريمة‪ ،‬ويتم تحديد هذا اليوم من‬
‫خالل تاريخ ارتكاب الجريمة‪ ،‬والذي يكون بتمامها وليس من تاريخ ارتكاب السلوك اإلجرامي‪.44‬‬
‫وهذا كأصل عام‪ ،‬إال أنه وجب التفرقة بين الجرائم االيجابية والجرائم السلبية‪:‬‬
‫فالجرائم االيجابية إذا كانت من جرائم السلوك والنتيجة‪ ،‬تحسب املدة من تاريخ وقوع‬
‫النتيجة غير املشروعة‪ ،‬باعتبارها املكملة لعناصر الجريمة‪ .‬أما إذا كانت من جرائم السلوك‬
‫املجرد تحسب املدة من تاريخ ارتكاب السلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫أما الجرائم السلبية‪ ،‬تكمن التفرقة فيها بين جرائم االرتكاب باالمتناع أو الترك والتي‬
‫تحسب فيها مدة التقادم من تاريخ وقوع النتيجة‪ ،‬إذ أن تحقق النتيجة أمر الزم للعقاب‪ .‬أما‬
‫إذا كانت الجريمة تقع باالمتناع عن القيام بااللتزام الذي فرضه القانون على الجاني‪ ،‬يبدأ‬
‫التقادم من تاريخ االمتناع والذي يكون من اليوم التالي النتهاء املدة املقررة ملباشرة االلتزام‬
‫املفروض على الجاني‪.‬‬
‫أما بخصوص الجرائم املستمرة‪ ،‬وهي التي يستمر فيها السلوك وال ينتهي فعله بل يمتد‬
‫ملدة معينة حتى يضبط فيها املجرم وهو يمارس سلوكه متلبسا بالجرم‪ ،‬فتحقق عناصر‬

‫‪259‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫الجريمة يقتض ي فترة زمنية أطول‪ ،‬بحيث تقبل النتيجة اإلجرامية بطبيعتها االستمرار بقدر‬
‫استمرار الزمن‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬جنحة إخفاء األشياء املسروقة‪.‬‬
‫ففيما يتعلق بسريان مدة التقادم فيها‪ ،‬فإنه يبدأ من اليوم التالي النتهاء حالة‬
‫مزور‪ ،‬بحيث ال تبدأ‬‫محرر ّ‬‫االستمرار‪ ،45‬وأما بخصوص جرائم التزوير‪ ،‬ومثال ذلك استعمال ّ‬
‫فيه مدة التقادم إال من تاريخ اكتشافه وقبل الحكم في الدعوى العمومية‪ ،‬وال تكتمل مدة‬
‫التقادم إال بانقضاء اليوم األخير منها‪ ،‬هذا ما لم يتخذ بشأنها أي إجراء تحقيق أو متابعة‪ ،‬ألن‬
‫اتخاذ أي منهما‪ ،‬يعني قطع التقادم‪ ،‬أي البدء في حساب مدته من جديد‪ ،‬ابتداء من تاريخ آخر‬
‫إجراء قطع التقادم دون احتساب املدة السابقة عليه‪ ،‬ألن قطع التقادم يقصد به إلغاء الفترة‬
‫السابقة عن آخر إجراء‪ ،‬وبداية حساب املدة كاملة ابتداء من تاريخ آخر إجراء‪ .46‬أما حالة‬
‫الجريمة السلبية التي تقوم عند امتناع الشخص عن القيام بواجب لم يحدد له القانون فترة‬
‫معينة‪ ،‬بل يظل مستمرا على عاتقه حتى يؤديه‪ ،‬ومثال ذلك امتناع التبليغ عن املواليد‬
‫والوفيات‪.‬‬
‫أما بخصوص الجرائم املتتابعة‪ ،‬وهي الجرائم التي تتكون من عدة أفعال متماثلة من‬
‫حيث الركن املادي واملعنوي‪ ،‬أو من حيث طبيعة الحق أو املصلحة املعتدى عليها أو من حيث‬
‫وحدة الغرض‪ ،‬إذ يتم تنفيذها تحقيقا ملشروع إجرامي واحد‪ .‬ففي هذا النوع من الجرائم يبدأ‬
‫سريان تقادم الدعوى العمومية من اليوم املوالي آلخر فعل من أفعال التنفيذ‪ ،‬وأن مسألة‬
‫تكييف األفعال على أنها مترابطة وتعد جريمة واحدة‪ ،‬فهي مسألة تكييف قانوني تخضع‬
‫لرقابة املحكمة العليا‪.‬‬
‫وبخصوص جرائم االعتياد‪ ،‬وهي الجرائم التي يستوجب القانون لقيامها تكرار الفعل‬
‫املادي‪ ،‬إذ ال يكفي وقوعه مرة واحدة لقيام هذه الجريمة‪ ،‬فمن املقرر أن العادة تتحقق بوقوع‬
‫الفعل مرتين على األقل‪ .47‬ورغم االختالف الفقهي حول تقادم الدعوى العمومية الناشئة عن‬
‫جرائم االعتياد‪ ،‬إال أن الرأي الراجح يرى أن املدة املسقطة للدعوى العمومية تبدأ من اليوم‬
‫التالي آلخر فعل يدخل في تكوين الجريمة‪.‬‬
‫ليس هناك شك في أن الجرائم التي تنطوي على إساءة استعمال أموال الشركة تعد‬
‫جريمة فورية‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬هذا هو الحل الذي تم تأكيده صراحة من قبل محكمة‬
‫النقض الفرنسية‪ .48‬والذي ينتج عن ذلك أن الدعوى العمومية تتقادم من تاريخ ارتكاب‬
‫االستعمال التعسفي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬رفضت الغرفة الجنائية هذا الحل بحزم بالتطبيق على إساءة‬
‫استعمال أموال الشركة العتباره من قبل القضاء تطبيقا لجريمة خيانة األمانة‪.49‬‬

‫‪260‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫ُوي فسر ذلك‪ ،‬على اعتبار أن طبيعة جريمة إساءة استعمال أموال الشركة وجريمة‬
‫خيانة األمانة يمكن ملرتكب األفعال إخفاؤها في كثير من األحيان‪ ،‬ولهذا السبب قررت الغرفة‬
‫الجنائية تأجيل نقطة بداية الدعوى العمومية من يوم اكتشاف الجريمة‪ ،‬حتى ال يتمكن‬
‫إفالت الجاني من املتابعة‪ ،‬على اعتبار أنه في غالب األحيان يكون سهل إخفاء فعله‪ .‬وهكذا تم‬
‫في جريمة خيانة األمانة‪ 50‬تطبيق هذا الحل على جريمة إساءة استعمال أموال الشركة‪.51‬‬
‫وبناء على ماسبق‪ ،‬وبتفسير غير قانوني‪ ،‬أنشأت الغرفة الجنائية ملحكمة النقض‬
‫الفرنسية نظاما خاصا للتقادم‪ ،‬السيما في جريمة إساءة استعمال أموال الشركة‪ ،‬حيث تم‬
‫إستبعاد أحكام قانون اإلجراءات الجزائية ألنها تقوض الهدف الذي حدده القضاة ألنفسهم‪،‬‬
‫واملتمثل في تأجيل حدود التقادم املسقط‪ .‬بالرغم من أن القانون ينص على بداية التقادم من‬
‫يوم ارتكاب الجريمة‪ ،‬أي من تاريخ ارتكاب الركن املادي‪.‬‬
‫تحت الذريعة النبيلة للبحث عن فعالية العدالة الجنائية‪ ،‬ومكافحة املمارسات‬
‫الخفية‪ ،‬تعد جريمة إساءة استعمال أموال الشركة جريمة باطنية ملا يكتنفها من خفية‬
‫وسرية‪ .52‬ومن ثم‪ ،‬فان التقادم يبدأ حسابه من اليوم الذي ظهرت فيه الجنحة وأمكن إثباتها‬
‫في ظروف تسمح بممارسة الدعوى العمومية‪.53‬‬
‫وبالرغم من ذلك ترفض محكمة النقض الفرنسية‪ 54‬أن تحيل إلى املجلس الدستوري‬
‫مسألة دستورية التقادم لجريمة إساءة استعمال أموال الشركة‪ ،‬وذلك بحجة عدم استناد‬
‫التقادم على أي مبدأ أساس ي أو أي قاعدة ذات قيمة دستورية‪ ،‬وأن القواعد املتعلقة بنقطة‬
‫انطالقها وتأثير الترابط تفي بمبدأ قابلية التنبؤ‪ ،‬وذلك من حيث أنها قديمة ومعروفة وثابتة‬
‫وقائمة على معايير دقيقة وموضوعية‪ ،‬وهذه القواعد تتوافق مع مبدأ الشرعية‪ ،‬طاملا أن‬
‫الحق في االنتصاف الفعال أمام القضاء مضمون‪.‬‬
‫ويرى البعض‪ 55‬أن الفقه الجنائي البد أن يدين هذا املوقف على أساس املبادئ‬
‫األساسية للقانون الجنائي التي تجاهلتها الغرفة الجنائية بانتظام‪ .‬وإذا كانت األسباب التي تم‬
‫التذرع بها مفهومة‪ ،‬واملتمثلة في خصوصية جرائم األعمال‪ ،‬وضعف نصوص التجريم‪،‬‬
‫والبحث عن فعالية العدالة الجنائية‪ ،‬فال يمكنها في حد ذاتها أن تسمح للقاض ي باستبدال‬
‫املشرع‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫يتميز بها القانون الجنائي لألعمال‪ ،‬فقد تغيرت سياسة‬ ‫وبالنظر إلى الخصائص التي ّ‬
‫وتغيرت معها مالمح النصوص الجزائية‪ ،‬حيث أن الركن الشرعي‬ ‫املشرع التجريمية‪ّ ،‬‬

‫‪261‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫للجريمة تحول في مالمحه عن اإلطار العام‪ ،‬وذلك باالعتماد على آلية التفويض التشريعي‬
‫في جرائم األعمال من جهة‪ ،‬وعلى آلية التفسير املرن لنصوص جرائم األعمال‪ ،‬وقد خرجنا‬
‫من البحث بالتوصيات واملقترحات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كان املؤسس الدستوري الجزائري لم يأخذ بفكرة التفويض التشريعي باملعنى‬
‫والضوابط السابقة على غرار الدساتير السابقة‪ ،‬وإنما أخذ بفكرة سلطة التشريع بأوامر‬
‫وسلطة التنظيم‪ .‬ولذا نقترح في هذا الصدد بتدخل املؤسس الدستوري إلى إدراج نص في‬
‫الدستور يمنح الحق للسلطة التشريعية املتمثلة في البرملان بمنح تفويض للسلطة التنفيذية‬
‫بجزء من اختصاصاتها‪ ،‬وهذا راجع لالختصاص األصيل للسلطة التشريعية‪.‬‬
‫أضف إلى ذلك أن األوامر تعتبر انحراف في مبدأ الشرعية من الجهة املصدرة لألوامر‪،‬‬
‫فهي صادرة عن السلطة التنفيذية‪ ،‬مع العلم أن هذه األخيرة ال تمثل عامة الشعب‪ ،‬عكس‬
‫السلطة التشريعية التي تستمد قوتها من طرف الشعب بأكمله‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن من أهم خصائص جرائم األعمال النص فيها على اتساع الجانب‬
‫التنظيمي خصوصا في مواد املخالفات‪ ،‬إذ أن مبدأ الشرعية أصبح ال يستلزم أن تكون كل‬
‫جريمة والعقوبة املقررة بقانون‪ ،‬وإنما بناء على نص قانوني‪ ،‬صادر من سلطة مختصة‪ ،‬وال‬
‫يقتض ي ذلك أن تكون السلطة التشريعية‪ ،‬بل حتى السلطة التنظيمية‪ ،‬مادام ذلك بنص‬
‫دستوري وفي حدود معينة‪.‬‬
‫بل أكثر من ذلك‪ ،‬فإن السلطة التنظيمية في مجال جرائم األعمال‪ ،‬سلطة مكملة‬
‫للبرملان ال غنى عنها فيما يصدره من قواعد تجريمية عامة‪ ،‬لضمان تنفيذ تلك القواعد‪ ،‬عن‬
‫طريق املراسيم التنفيذية‪ ،‬إذ تعتبر هذه املجاالت مجال املتخصصين من املهن‪.‬‬
‫‪ -‬إن أهم نتيجة تترتب على مبدأ الشرعية في الجرائم والعقوبات‪ ،‬تتعلق بتفسير‬
‫النصوص املنظمة للتجريم‪ ،‬إذ يفرض هذا املبدأ قيودا على عملية التفسير مرتبطة‬
‫بضوابطه‪ ،‬حتى ال يؤدي التوسع في التفسير إلى الخروج عن نطاق النص‪ ،‬وخلق جرائم ال‬
‫الضيق لنصوص‬ ‫ّ‬ ‫يتضمنها‪ ،‬وعلى هذا األساس كانت القاعدة التي تحكم التفسير " التفسير‬
‫التجريم والعقاب"‪.‬‬
‫ولقد قطع القضاء شوطا كبيرا في مستوى التوسع في فهم الركن املادي لجرائم األعمال‪،‬‬
‫وهذا الرتباطه بمسألة التخصص القضائي‪ .‬ولذا نقترح في هذا الصدد إلى تجنب اعتماد‬
‫العمومية من املشرع في األلفاظ في القانون الجنائي لألعمال‪ ،‬وهذا بهدف تجنب النتيجة‬

‫‪262‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫املتوخاة من توسع القضاة في التفسير في غالبية الحاالت‪ ،‬حتى ال يتحول االستثناء إلى‬
‫القاعدة‪.‬‬
‫‪ -‬كما نقترح من جهة أخرى‪ ،‬أن يأتي التعديل التشريعي بغرض إصالح نظام التقادم في‬
‫جرائم األعمال من أي وقت مض ى‪ ،‬بحيث يجب أن يحترم واحد كل منهم حدود اختصاصه‪،‬‬
‫وذلك بأن يقوم املشرع بوضع معيار جنائي واضح ودقيق‪ ،‬ويقوم القاض ي بتطبيقه بدقة‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ 1‬أحمد الخمليش ي‪ ،‬شرح القانون الجنائي‪ ،‬القسم العام‪ ،‬دار نشر املعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،1985 ،‬ص‪.227.‬‬
‫‪ 2‬علي عبد هللا جاسم العرادي‪ ،‬تفويض االختصاص التشريعي‪ ،‬دراسة تأصيلية تحليلية في الدستور البحريني والدساتير املقارنة‪،‬‬
‫ط‪ ،1.‬معهد البحرين للتنمية السياسية‪ ،‬البحرين‪ ،2019 ،‬ص‪.18.‬‬
‫‪ 3‬محمد فتوح محمد عثمان‪ ،‬التفويض في االختصاصات اإلدارية‪ ،‬دار املنار‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،1986 ،‬ص‪.59.‬‬
‫‪ 4‬خليفي محمد‪ ،‬النظام القانوني للتفويض اإلداري في الجزائر‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أبو بكر‬
‫بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬الجزائر‪ ،2008-2007 ،‬ص‪.27.‬‬
‫‪ 5‬علي عبد هللا جاسم العرادي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.19-18.‬‬
‫‪ 6‬بوش ي يوسف‪ ،‬األحكام املوضوعية العامة في القانون الجنائي االقتصادي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،2018‬ص‪.157.‬‬
‫‪ 7‬بن فريحة رشيد‪ ،‬خصوصية التجريم والعقاب في القانون الجنائي لألعمال‪ ،‬جرائم الشركات التجارية نموذجا‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬الجزائر‪ ،2017-2016 ،‬ص ص‪.59-58.‬‬
‫‪ 8‬إيهاب الروسان‪ ،‬خصائص الجرائم االقتصادية‪ :‬دراسة في املفهوم واألركان‪ ،‬دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬جوان‬
‫‪ ،2012‬ص ص‪83-80.‬؛ عباس عبد الرزاق مجلي السعيدي‪ ،‬ضوابط استحداث النص الجزائي الخاص‪ :‬دراسة تحليلية مقارنة‪،‬‬
‫املركز العربي للدراسات والبحوث العلمية للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،2018 ،‬ص‪.92.‬‬
‫‪ 9‬بن قري سفيان‪ ،‬إزالة تجريم قانون األعمال‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي‬
‫وزو‪ ،‬الجزائر‪ ،2019-2018 ،‬ص‪.20.‬‬
‫‪ 10‬بوش ي يوسف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.188.‬‬
‫‪ 11‬محمود محمد عبد العزيز الزيني‪ ،‬جرائم التسعير الجبري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2004 ،‬ص‪.146.‬‬
‫‪ 12‬بوش ي يوسف‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.188 .‬‬
‫‪ 13‬القانون ‪ 10-03‬املؤرخ في ‪ 19‬جويلية ‪ ،2003‬املتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية املستدامة‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،43‬املؤرخة في ‪20‬‬
‫يوليو سنة ‪.2003‬‬
‫‪ 14‬القانون ‪ 03-09‬املتعلق بحماية املستهلك وقمع الغش‪ ،‬املؤرخ في ‪ 15‬فبراير ‪ ،2009‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،15‬املؤرخة في ‪ 08‬مارس ‪.2009‬‬
‫‪ 15‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 203-12‬املؤرخ في ‪ 6‬مايو ‪ ،2012‬يتعلق بالقواعد املطبقة في مجال أمن املنتوجات‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪،28‬‬
‫املؤرخة في ‪ 9‬مايو ‪.2012‬‬
‫‪ 16‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 327-13‬املؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ،2013‬يحدد شروط وكيفيات وضع ضمان السلع والخدمات حيز التنفيذ‪،‬‬
‫ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،49‬املؤرخة في ‪ 02‬أكتوبر ‪.2013‬‬
‫‪ 17‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 378 -13‬املؤرخ في ‪ 9‬نوفمبر ‪ ،2013‬يحدد الشروط والكيفيات املتعلقة بإعالم املستهلك‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪،58‬‬
‫املؤرخة في ‪ 18‬نوفمبر ‪.2013‬‬
‫‪ 18‬القانون رقم ‪ 02-04‬املؤرخ في ‪ 23‬يونيو سنة ‪ ،2004‬يحدد القواعد املطبقة على املمارسات التجارية‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،41‬املؤرخة في‬
‫‪ 27‬يونيو سنة ‪.2004‬‬

‫‪263‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
‫ص ‪ – 247‬ص ‪265‬‬ ‫ّ‬
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

‫‪ 19‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 306 -06‬املؤرخ في ‪ 10‬سبتمبر ‪ ،2006‬يحدد العناصر األساسية للعقود املبرمة بين األعوان االقتصاديين‬
‫واملستهلكين والبنود التي تعتبر تعسفية‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،56‬املؤرخة في ‪ 11‬سبتمبر سنة ‪.2006‬‬
‫‪ 20‬القانون ‪ 07-79‬املؤرخ في ‪ 21‬يوليو ‪ ،1979‬املتضمن قانون الجمارك‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،30‬املؤرخة في ‪ 24‬يوليو ‪ ،1979‬املعدل واملتمم‬
‫بالقانون رقم ‪ 04 -17‬املؤرخ في ‪ 16‬فبراير ‪ ،2017‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،11‬املؤرخة في ‪ 19‬فبراير ‪.2017‬‬
‫‪ 21‬بوش ي يوسف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.219.‬‬
‫‪ 22‬محمد الرازقي‪ ،‬محاضرات في القانون الجنائي‪ ،‬القسم العام‪ ،‬دار الكتاب الجديد املتحدة‪ ،‬ط‪ ،3.‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2002 ،‬ص‪.40.‬‬
‫‪ 23‬فريد السموني‪ ،‬فؤاد أنوار‪ ،‬املختصر املفيد في القانون الجنائي العام‪ ،‬محاضرات منشورة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬املحمدية‪ ،‬املغرب‪ ،2014-2013 ،‬ص‪.23.‬‬
‫‪24 Corinne Mascala, Le dérapage de l'interprétation jurisprudentielle en droit pénal des affaires, Recueil Dalloz, paris,‬‬

‫‪France, 2004, p.3050.‬‬


‫‪25 Ibid.‬‬

‫‪26 M.-L. Rassat, Droit pénal général, Ellipses, 2004, p. 125 s.‬‬

‫‪27 Corinne Mascala, op.cit, p.3050.‬‬

‫‪28 Ibid.‬‬

‫‪29 Cass. crim. 28 janv. 2004, Rev. sociétés 2004, p. 722 , obs. Bouloc ; J.-F. Barbièri, L'abus de biens sociaux par‬‬

‫‪abstention, Bull. Joly juin 2004, § 171.‬‬


‫‪30 Cass. crim. 5 mai 2004, Dr. soc. 2004, comm. n° 157.‬‬

‫‪31 Cass. crim. 1er mars 2000, D. 2000, AJ p. 214 , obs. Lienhard ; Rev. science crim. 2000, p. 839 , obs. Renucci ; Rev.‬‬

‫‪sociétés 2000, p. 576 , obs. Bouloc.‬‬


‫‪32 Cass. crim. 9 juill. 1998, Rev. sociétés 1998, p. 821 , obs. Bouloc ; D. 1999, Somm. p. 159 , obs. Segonds.‬‬

‫‪33 Corinne Mascala, op.cit, p.3051.‬‬

‫‪34 Cass. crim. 8 oct. 2003, D. 2003, AJ p. 2695 , obs. Lienhard ; Rev. sociétés 2004, p. 155 , obs. Bouloc.‬‬

‫‪35 Cass. crim. 16 juin 2004, BRDA 17/04, n° 3, p. 2.‬‬

‫‪36 Corinne Mascala, op.cit, p.3051.‬‬

‫‪ 37‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ ،‬ج‪ ،2.‬دار هومه‪ ،‬ط‪ ،13.‬الجزائر‪ ،2012 ،‬ص‪.224.‬‬
‫‪38 Corinne Mascala, op.cit, p.3051.‬‬

‫‪ 39‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬التعليق املوضوعي على قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬مصر‪ ،2002 ،‬ص‪.110.‬‬
‫‪ 40‬نبيل صقر‪ ،‬التقادم في التشريع الجزائري‪ ،‬ط‪ ،1.‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،2012 ،‬ص‪.122.‬‬
‫‪ 41‬املادة ‪ 7‬من األمر ‪ 155-66‬املؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪ ،1966‬املتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬املعدل واملتمم‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ ،48‬املؤرخة‬
‫في ‪ 10‬يونيو ‪.1966‬‬
‫‪ 42‬املادة ‪ 726‬ق‪.‬ا‪.‬ج‪.‬‬
‫‪ 43‬احمد فتحي سرور‪ ،‬الوسيط في قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،1985 ،‬ص‪.149.‬‬
‫‪ 44‬عبد الرحمن خلفي‪ ،‬اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري واملقارن‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،2017 ،‬ص‪282.‬؛ عبد هللا أوهايبيه‪،‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص‪.128.‬‬
‫‪ 45‬عبد الرحمن خلفي‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪282.‬؛ عبد هللا أوهايبيه‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.128.‬‬

‫عبد هللا أوهايبيه‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.128.‬‬ ‫‪46‬‬

‫عبد الحكم فودة‪ ،‬انقضاء الدعوى الجنائية وسقوط عقوبتها‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص‪.114.‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪264‬‬ ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ‪-‬املجلد ‪ -07‬العدد‪ .02‬ديسمبر ‪2022‬‬
265 ‫ – ص‬247 ‫ص‬ ّ
‫تغيرمالمح الركن الشرعي في إطار جرائم األعمال‬ ‫بوزيدي إلياس‬

48 Crim. 8 oct. 2003, no 0281.471 , Bull. crim. no 184, D. 2003. AJ. 2695, obs. A. Lienhard , Rev. sociétés 2004. 155,

note B. Bouloc , JCP 2004. II. 10028, note M. Jacopin, Dr. sociétés 2004, no 68, note R. Salomon.
49 V. J. LARGUIER, Le point de départ de la prescription en matière d'abus de biens sociaux, Mélanges Secrétan, 1964,

p. 159.
50 arrêt du 4 janvier 1935,Gaz. Pal. 1935. 1. 353.

51 Crim. 7 déc. 1967, Bull. crim. no 321, D. 1968. 617, note J.-M. R.

52 S. Jacopin, note sous Cass. crim. 8 oct. 2003, JCP 2004, II, 10028.

53 (Cass. crim., 10 août 1981, Bull. crim., n° 244 ; Rev. sociétés 1983, p. 363, note B. Bouloc.

54 Cass., ass. plén., 20 mai 2011, nos 11-90.025 , 11-90.032 e t 11-90.033 , Dalloz actualité, 24 mai 2011, obs.

Lienhard.
55 Corinne Mascala, op.cit, p.3052.

265 2022 ‫ ديسمبر‬.02‫ العدد‬-07 ‫املجلد‬- ‫مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬

You might also like