You are on page 1of 13

‫‪ISSN : 2353-0472‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬

‫‪EISSN : 2600-6405‬‬ ‫املجلد‪ ،3‬العدد‪( ،5‬جانفي‪)2015‬‬

‫الوسائل التعليمية عبرالتاريخ‬

‫األستاذ‪ :‬ونوقي عبد القادر‬


‫جامعة الجلفة‬

‫ملخص‪:‬‬
‫منذ ظهور اإلنسان على األرض‪ ،‬وهو يبحث عن وسيلة يتعلم بها كيف يتكيف‬
‫ويتفاعل مع محيطه‪ ،‬فاحتلت الوسائل التعليمية التي بلغها مركزا هاما بعده‪ ،‬ألن تواجد‬
‫اإلنسان والظروف القاسية التي أحاطت به آنذاك جعلته يفكر في الوسائل التي تحميه‬
‫من بيئته ‪ ،‬و من هنا برزت أهمية هذه الوسائل في بقائه‪ ،‬والتي كان توظيفها غاية لسد‬
‫احتياجاته‪.‬‬
‫ومن خالل مقالنا هذا سنتطرق إلى الجذور التاريخية للوسائل التعليمية ومدى‬
‫استخدامها من طرف اإلنسان في عملية التعلم‪.‬‬

‫‪Résumé‬‬
‫‪La recherche des moyens didactiques était l’objectif de‬‬
‫‪l’homme dès son apparition, et cela afin de s’adapter et interférer‬‬
‫‪dans son milieu. Ces moyens ont occupés une place prépondérante,‬‬
‫‪car la rudesse de l’environnement ou vivait l’homme l’a poussé à se‬‬
‫‪prémunir, d’où la nécessité de ces moyens, et leur maniement à sa‬‬
‫‪survie.‬‬
‫‪Nous allons aborder Dans notre recherche la genèse des‬‬
‫‪moyens didactiques et leur utilisation par l’homme dans l’opération‬‬
‫‪de l’apprentissage.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ISSN : 2353-0472‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬
‫‪EISSN : 2600-6405‬‬ ‫املجلد‪ ،3‬العدد‪( ،5‬جانفي‪)2015‬‬

‫تعد الحواس التي أودعها هللا تعالى في اإلنسان من أعظم آيات هللا الدالة على‬
‫عظمته‪ ،‬ويؤكد القران الكريم على استخدام الحواس للتدبر والتأمل والتعلم في أكثر من‬
‫آية‪ ،‬ألن الحواس أبواب التعلم لدى اإلنسان إن استغلها في ميادين العلم واملعرفة‪ ،‬وحتى‬
‫تصل املعلومة من املرسل إلى املستقبل أو من املعلم إلى املتعلم وجب استغالل هذه‬
‫الحواس لترسيخ املعلومة وتسهيل االتصال‪ ،‬وبالتالي الوصول إلى الهدف التعليمي‬
‫بسهولة‪ ،‬وال يتحقق توظيف هذه الحواس ما لم تستخدم الوسائل التعليمية التي تتجلى‬
‫أهميتها في كونها تخاطب العقل عن طريق الحواس‪ ،‬ألنها تجعل التعلم حيا محسوسا‪.‬‬
‫بما أننا نعيش في عصر التجدد والتغير املتسارع‪ ،‬وحيثما نظرنا وجدنا‬
‫االختراعات واالبتكارات تحيط بنا وبالتالي أصبح تدفق املعلومات ال متناهي وعلى اإلنسان‬
‫إدراك كل ذلك وبشكل سريع‪ ،‬وهنا أصبح على اإلنسان أن يواكب عصر املعلومة بش يء‬
‫من الفطنة والذكاء‪ ،‬فكانت للوسائل التعليمية الدور الفعال في ذلك‪ ،‬فأصبحت‬
‫الوسائل التعليمية ضرورة حتمية بعدما كانت دربا من الترفيه‪ ،‬وباعتبار أن للوسائل‬
‫التعليمية جذور تاريخية قديمة‪ ،‬قدم اإلنسان على األرض‪ ،‬فقد علم هللا سيدنا آدم ذلك‬
‫الفن الذي وضح له الكيفية التي يواري بها سوءة أخيه‪ ،‬وهو ما يعرف باملحاكاة‪ ،‬ليأتي‬
‫بعده كل األنبياء واملرسلين مستغلين الوسائل التعليمية في إيصال رسائلهم السماوية‬
‫وغرس مكارم األخالق في نفوس وعقول الناس‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت والوسائل التعليمية‬
‫تتطور إلى ما وصلت عليه اليوم باستخدام ما يعرف بتكنولوجيا التعليم أو تقنيات‬
‫التعلم‪ ،‬وهو ما يعرف بالثورة التكنولوجية املتسارعة التي نعيشها اليوم بوسائل‬
‫وأساليب لم تقتصر على خدمة اإلنسان فحسب‪ ،‬بل تعدت إلى زيادة معارفه ومعلوماته‬
‫ورفع مستوى قدراته وكفاءته ومهاراته ومسايرة تطورات العلم والتكنولوجية الجديدة‪.‬‬
‫‪ -/1‬مفهوم الوسائل التعليمية‪:‬‬
‫لقد عرف املفهوم التقليدي للوسائل التعليمية على أنها املواد واألدوات‬
‫واألجهزة أو قنوات االتصال التي تنقل أو تنتقل بواسطتها املعرفة للدارسين‪ ،‬إال أن‬
‫املفهوم الحديث للوسائل التعليمية شمل على جميع جوانب نقل املعرفة تخطيطا‬
‫وتطبيقا وتقويما ملواقف تعليمية صالحة وقادرة على تحقيق األهداف التعليمية‪ ،‬وذلك‬
‫باستخدام أفضل الطرائق لتعديل بيئة املتعلم‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار جميع العناصر‬
‫املتداخلة واملتشابكة واملترابطة بل املتكاملة للنظام التعليمي‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ISSN : 2353-0472‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬
‫‪EISSN : 2600-6405‬‬ ‫املجلد‪ ،3‬العدد‪( ،5‬جانفي‪)2015‬‬

‫عرفت بربارا ماتيرو‪ 1‬الوسائل التعليمية بأنها‪ :‬جميع الوسائل املستخدمة‬


‫بغرض التعليم‪ ،‬و يقترب هذا التعريف من التعريف األوسع الذي قدمه روميسوزوكي‬
‫والذي ال يتضمن فقط وسائل االتصاالت االلكترونية‪ ،‬بل أيضا أدوات مثل الشرائح‪،‬‬
‫الصور األشكال التي يقوم بها املحاضر‪ ،‬املخططات واألشياء الحقيقية‪ ،‬والنشرات التي‬
‫تقوم باستخدامها في عملية التعليم املدروسة‪.‬‬
‫يرى اإلمام الغزالي أن الوسائل التعليمية ليست شيئا إضافيا يساعد على‬
‫الشرح والتوضيح‪ ،‬بل هي جزء ال يتجزأ من عملية التعليم التي يجب أن تشترك فيها‬
‫األيدي و الحواس لتكون ناجحة و مالئمة‪.2‬‬
‫حددت لجنة التطوير التربوي اإلداري األردنية مفهوم الوسائل التعليمية بأنها‪:‬‬
‫مواد وأدوات وأجهزة تعليمية مالئمة للمواقف التعليمية املطروحة التي يستخدمها كل‬
‫ّ‬
‫من املعلم أو ملتعلم لنقل محتوى تعليمي أو معرفي أو الوصول إليه ‪ -‬عملية التعلم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتعليم – بخبرة ومهارة في جو مشوق لتحقق تعلما أفضل في وقت أقصر و لعدد أكبر‬
‫و جهد أقل و بكلفة أرخص‪3.‬‬

‫الوسائل التعليمية وسائط تربوية يستعان بها عادة إلحداث عملية التعلم‪،‬‬
‫فاملدرسة واملعلم والكلمة امللفوظة والكتاب والصورة والشريحة والفيلم والخبير وغيرها‬
‫تعد كلها على هذا األساس وسائل تعليمية هامة لتوجيه التربية الرسمية‪4.‬‬

‫الوسيلة التعليمية هي عبارة عن تركيبة تضم كال من املادة التعليمية أو‬


‫املحتوى واإلدارة واملتعلم والجهاز الذي يتم من خالله عرض هذا املحتوى بحيث تعمل‬
‫على خلق كفء للوسيلة التعليمية‪5.‬‬

‫وقد عرفها عبد الحافظ سالمة بأنها‪ :‬مجموعة أجهزة وأدوات ومواد يستخدمها‬
‫املعلم لتحسين عملية التعليم والتعلم بهدف توضيح املعاني وشرح األفكار‪.6‬‬
‫‪ -/2‬تسميات أخرى للوسائل التعليمية‪:‬‬
‫لقد أطلق على الوسائل التعليمية املستخدمة في التعليم تسميات متعددة‬
‫ويعود هذا إلى تطور الوسائل نفسها ‪ ،‬وإلى اختالف املربين في إلحاحهم على وظيفة دون‬
‫أخرى ومن التسميات الشائعة‪7 :‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ISSN : 2353-0472‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬
‫‪EISSN : 2600-6405‬‬ ‫املجلد‪ ،3‬العدد‪( ،5‬جانفي‪)2015‬‬

‫وسائل اإليضاح‪ ،‬وسائل اإليضاح السمعية والبصرية‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫ب‪ -‬الوسائل املعينة على التدريس ‪ ،‬معينات التدريس ‪ ،‬املعينات الوسيطية‪.‬‬
‫ت‪ -‬تكنولوجيا التعليم أو التدريس‪ :‬وتأتي هذه التسمية من الطبيعة التقنية‬
‫املركبة التي تتكون منها هذه الوسائل وتستخدم في التربية‪.‬‬
‫ث‪ -‬الوسائل االختيارية (اإلغنائية)‪ ،‬حيث تستعمل هذه الوسائل كأنشطة إضافية‬
‫إلغناء الخبرات املنهجية للتالميذ أو ملجرد الترفيه وقضاء الوقت‪.‬‬
‫ج‪ -‬الوسائل األساسية ‪ :‬وهي التي يجب استخدامها لتحقيق األهداف التربوية‬
‫للمنهج‪.‬‬
‫ح‪ -‬الوسائل املعيارية ‪ :‬وهي التي تمثل جزءا ال يتجزأ من املواقف مثل ‪ :‬الصور‬
‫والخرائط واألشياء الحقيقية حيث يطلب من املتعلم وصف نهر أو بحر أو واد‬
‫أو سلسلة جبلية أو تفسير أو تحديد مكان أو خاصية أو مفهوم أو تطوير فكرة‬
‫أو نموذج على غرار الواقع‪.‬‬
‫خ‪ -‬الوسائل الوسيطة‪ :‬وهي تدل على ما يستعمله املعلم أو املتعلم نفسه للمعاونة‬
‫في إحداث التعلم بمعنى أنها ليست جزءا من التعلم نفسه وإنما هي معينة له‬
‫ووسيطة‪.‬‬
‫د‪ -‬وسائل تكنولوجيا التعليم ‪ :‬هذه التسمية إشارة إلى كافة الوسائل التي يمكن‬
‫االستفادة منها في إنتاج العملية التربوية سواء كانت تكنولوجية كالكمبيوتر‬
‫واألفالم أو بسيطة كالسبورة والرسوم التوضيحية أم بيئية حقيقية كاملعارض‬
‫واآلثار‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التعليمية وتقنيات التعليم تتلخص في‬ ‫ونشير هنا إلى وجود فروق بين الوسائل‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ونظرياته ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفعلي في‬ ‫عمليا في الواقع‬ ‫نظمي ملبادئ التعليم‬ ‫أن تقنيات التعليم هي "تطبيق‬
‫ّ‬
‫البشرية املشاركة في ّ‬
‫عملية التعليم‬ ‫ّ‬ ‫ميدان التعليم‪ ,‬أي ّأنها تفاعل منظم بين العناصر‬
‫حل مشكالت‬ ‫ّ‬
‫التعليمية أو ّ‬ ‫التعليمية‪ ،‬وذلك بهدف تحقيق األهداف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملواد‬ ‫واألجهزة‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التعليم‪ ,‬إال أن الوسائل تمثل جزءا من منظومة تقنيات التعليم‪ ,‬وأحد عناصرها‪ ،‬لهذا‬
‫ّ‬
‫التعليمية"‪8.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫فإن مصطلح ّ‬ ‫ّ‬
‫عمومية وشموال من مصطلح الوسائل‬ ‫تقنيات التعليم أكثر‬

‫‪11‬‬
‫‪ISSN : 2353-0472‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬
‫‪EISSN : 2600-6405‬‬ ‫املجلد‪ ،3‬العدد‪( ،5‬جانفي‪)2015‬‬

‫‪ -/3‬الوسائل التعليمية في عهد األنبياء واملرسلين‪:‬‬


‫‪ -/1-3‬الوسائل التعليمية في عهد أبينا ادم عليه السالم‪:‬‬
‫تعد قصة مقتل قابيل ألخيه هابيل في عهد سيدنا آدم عليه السالم‪ ،‬أول وسيلة‬
‫تعلم تستعمل في البشرية‪ ،‬حيث بعث هللا سبحانه وتعالى غرابا يتشاجر مع أخر وملا قتله‬
‫بدأ في عملية حفر فى األرض ثم دفنه‪ ،‬في الوقت الذي كان قابيل مندهش لجثة أخيه‬
‫هابيل ولم يعرف كيف يتصرف‪ ،‬فتعلم قابيل من الغراب كيف يدفن أخاه فدفنه‬
‫‪،‬وكانت تلك أول وسيلة عملية لتعليم الدفن‪ ،‬وقد تم ذكر هذا القصة في سورة املائدة‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ َ هُ ُ‬
‫ض ِل ُي ِرَي ُه ك ْيف ُي َو ِاري َس ْو َءة‬
‫ِ‬ ‫َّللا غ َر ًابا َي ْب َحث ِفي األ ْر‬ ‫من القران الكريم ‪ ،‬قال تعالى‪ ( :‬فبعث‬
‫ص َب َح منَ‬‫ال َيا َو ْي َل َتى َأ َع َج ْز ُت َأ ْن َأ ُكو َن مث َل هذا الغ َراب فأ َوار َي َس ْو َءة أخي فأ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َأ ِخ ِيه َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النادم َ‬
‫ين )‪9.‬‬ ‫ه‬
‫ِ ِ‬
‫‪ -/2-3‬الوسائل التعليمية في عهد سيدنا موس ى عليه السالم‬
‫إن املتبع لحياة سيدنا موس ى عليه السالم سيجد أن في عهده استعملت‬
‫الوسائل التعليمية وكانت وسائل إيضاحية وحاملة للعلم واملعرفة استخدمها األنبياء‬
‫والرسل لتعليم الناس دينهم ودنياهم و من ذلك " األلواح"‪.‬‬
‫ً ُ َ‬ ‫ًَ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ َ‬
‫قال هللا تعالى‪َ ( :‬وك َت ْب َنا ل ُه ِفي األل َو ِاح ِم ْن ك ِ ّل ش ْي ٍء َم ْو ِعظة َوت ْف ِصيال ِلك ِ ّل ش ْي ٍء‬
‫اس ِق َين )‪.10‬‬ ‫َ ُ ْ َ ُ ه َْ ُ َ ْ َ َ َْ ُ ُ َ ْ َ َ ُ ُ ْ َ َ ْ َ‬
‫فخذها ِبقو ٍة وأم ْر قومك يأخذوا ِبأحس ِن َها سأ ِريكم دار الف ِ‬
‫و قد استعملت وسائل أخرى للتعلم في عصر سيدنا موس ى عليه السالم‪ ،‬فقد‬
‫كان يعلم أهله في أماكن مفتوحة وتعليم مباشر وهو ما يعرف اليوم بالتعليم الالصفي‬
‫أي التعليم خارج جدران القاعات‪ ،‬والوسيلة كانت عملية فعندما قال له بنوا إسرائيل‬
‫أرنا هللا جهرة فأخذهم إلى الجبل وكانت الوسيلة التعليمية هنا وسيلة عملية لتعليم‬
‫ً‬ ‫وس ى َلن ُّن ْؤم َن َل َك َح هتى َن َرى ه َ‬
‫َّللا َج ْه َرة‬ ‫اإليمان باهلل تعالى‪ ،‬قال هللا تعالى َ(وإ ْذ ُق ْل ُت ْم َيا ُم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ََ َ َْ ُ ُ ه َ ُ ََ ُ ْ َ ُ‬
‫نظ ُر َ‬
‫ون) ‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫اعقة وأنتم ت‬‫فأخذتكم الص ِ‬
‫‪ -/3.3‬الوسائل التعليمية في عهد سيدنا عيس ى عليه السالم‪:‬‬
‫ونجد استخدام الوسائل التعليمية أيضا في عهد سيدنا املسيح عيس ى عليه‬
‫السالم‪ ،‬الذي كان معلم الخلق‪ ،‬فكانت مواعظه لجميع الناس‪ ،‬وكان لديه املقدرة على‬
‫شفاء الناس‪ ,‬وإحياء املوتى بإذنه هللا تعالى‪ ،‬وكانت وسائل في استخدام أسلوب ضرب‬
‫‪12‬‬
‫‪ISSN : 2353-0472‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬
‫‪EISSN : 2600-6405‬‬ ‫املجلد‪ ،3‬العدد‪( ،5‬جانفي‪)2015‬‬

‫األمثال للناس ليعلمهم‪ ,‬بل وكان يدعى باملعلم من قبل تالميذه‪ ,‬وقد استعمل املائدة التي‬
‫ال ع َ‬ ‫َ‬
‫يس ى‬ ‫نزلت عليه من السماء كوسيلة ليثبت لتالميذه قدرة هللا تعالى‪ ,‬قال تعالى‪ ( :‬ق َ ِ‬
‫َ ً‬ ‫ْ ُ َ َْ َ ه ُ ه َه َ َْ ْ ََ ْ َ َ َ ً َ ه َ َ ُ ُ َ َ ً َ‬
‫يدا أل هوِل َنا َو ِآخ ِرنا َو َآية ِم ْن َك‬ ‫ابن مريم اللهم ربنا أن ِزل علينا ما ِئدة ِمن السم ِاء تكون لنا ِع‬
‫الر ِاز ِق َين )‪ ،12‬كما أن استعمال سيدنا عيس ى عليه السالم الطين‬ ‫َو ْار ُز ْق َنا َو َأ ْن َت َخ ْي ُر ه‬
‫كوسيلة ليشكل بها الطير ثم ينفخ فيها بإذن ربه فتصبح كائن حي‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ال ه ُ‬ ‫قال هللا تعالى‪ْ ( :‬إذ َق َ‬
‫يس ى ْاب َن َم ْرَي َم اذك ْر ِن ْع َم ِتي َعل ْي َك َو َعل ٰى َو ِال َد ِت َك‬
‫َّللا َيا ع َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ ه ُّ َ ُ ْ ُ ُ ُ َ ّ ُ ه َ ْ َ ْ َ َ ْ ً َ ْ َ ه ْ ُ َ ْ َ َ ْ ْ َ‬
‫اب َوال ِحك َمة َوا هلت ْو َراة‬ ‫وح القد ِس تك ِلم الناس ِفي امله ِد وكهال و ِإذ علمتك ال ِكت‬ ‫ِإذ ْ أيدتك ِبر ِ‬
‫الط ْير بإ ْذني َف َت ُنف ُخ ف َيها َف َت ُكو ُن َط ْي ًرا بإ ْذني َو ُت ْبرئُ‬‫ه‬ ‫َ َ ْ َ ُْ ُ َ ّ َ ََْ‬
‫الط ِين كهيئ ِة‬ ‫َو‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫اإل ِنجيل و ِإذ تخلق ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ ْ َ َ َ ْ َْ َ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ ْ َ ْ َ ٰ ْ َ ْ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ‬
‫نك ِإذ ِج ْئ َت ُهم‬ ‫األكمه واألبرص ِب ِإذ ِني و ِإذ تخ ِرج املوتى ِب ِإذ ِني و ِإذ كففت ب ِني ِإسرا ِئيل ع‬
‫ال هالذ َ‬
‫ين َك َف ُروا م ْن ُه ْم إ ْن َٰه َذا إال س ْح ٌر ُّمب ٌ‬ ‫ََّْ َ َ‬
‫ين )‪13.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ات فق َ ِ‬ ‫ِبالب ِين ِ‬
‫وقد حمل الرهبان عن املسيح املعلم وسائله في التدريس‪ ،‬إذ كانوا يعتمدون‬
‫على إلقاء دروسهم على الطالب في بيئات حية ويستخدمون الوسائل‪ ،‬التي تساعد التعلم‬
‫إلى اكتشاف‪ ،‬ومنهم الراهب (كونتيان) الذي استخدم طريقة التعلم باللعب وكان يقوم‬
‫بنحت العظام على شكل حروف ويعطيها لألطفال ليلعبوا بها ويتعلموا الهجاء‪.‬‬
‫‪ -/4.3‬الوسائل التعليمية في عهد سيد املرسلين محمد صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫إن الباحث في السنة النبوية ليجد أنها تحفل بالقيم التربوية والتعليمية ومن ذلك‬
‫استخدام الرسول صلى هللا عليه وسلم لكل وسيلة بصرية وسمعية من املمكن أن‬
‫تساعد على زيادة الفهم وتأكيد املعنى وتثبيت املعلومة‪ ،‬وتحقيق الهدف املطلوب‪ ،‬ومع‬
‫استخدام الرسول عليه الصالة والسالم للوسيلة املناسبة للموقف التعليمي يجب‬
‫اعتبار الجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬إن البيئة في عهد الرسول صلى هللا عليه وسلم لم تكن تساعد على توفير الكثير‬
‫من الوسائل التعليمية ومع ذلك فقد استخدم الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫حسب اإلمكانيات املتاحة‪.‬‬
‫‪ .2‬أن الرسول صلى هللا عليه وسلم كان أميا ال يقرأ و ال يكتب‪.‬‬
‫‪ .3‬أن معظم الصحابة رضوان هللا عليهم أميون‪.14‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ISSN : 2353-0472‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬
‫‪EISSN : 2600-6405‬‬ ‫املجلد‪ ،3‬العدد‪( ،5‬جانفي‪)2015‬‬

‫و هناك بعض النماذج التي استخدمها الرسول صلى هللا عليه وسلم كوسائل‬
‫في التعليم نذكر منها‪:‬‬
‫أ‪.‬القصة‪ :‬نجد القصة في القرآن والسنة النبوية الشريفة بكثرة‪ ،‬وهي من‬
‫الوسائل التعليمية التي تم استخدامها كقصص األنبياء و ما ورد في السنة النبوية فكان‬
‫خير البشر يقصها على صحابته من أجل اإلتعاض والتعلم‪ ،‬فالرسول (‪ )‬لم يكن ينطق‬
‫عن الهوى فقصصه كانت موعظة ومنهاجا يتعلموا به املسلمون و يحذو على حذو‬
‫البخار ّي ومسلم من حديث عبدهللا‬ ‫السلف ليكونوا خير خلف‪ ،‬ومن أمثلة ذلك فقد روى ُ‬
‫ُ‬ ‫ه‬
‫الخطاب (رض ي هللا ْ‬
‫سمعت رسو َل هللا (‪ )‬يقول‪ " :‬انطلق ثالثة‬ ‫عن ُهما) قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫بن ُعمر بن‬
‫نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم املبيت إلى غار فدخلوه‪ ،‬فانحدرت صخرة من الجبل‬
‫فسدت عليهم الغار‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنه ال ينجيكم من هذه الصخرة إال أن تدعوا هللا بصالح‬
‫أعمالكم‪ .‬فقال رجل منهم‪ :‬اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران‪ ،‬وكنت ال أغبق قبلهما أهال‬
‫وال ماال (أي‪ :‬ال أقدم في الشراب قبلهما أحدا)‪ ،‬فنأى بي طلب الشجر يوما فلم أرح عليهما‬
‫حتى ناما‪ ،‬فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين‪ ،‬فكرهت ان أوقظهما وأن أغبق قبلهما‬
‫أهال أو ماال فلبثت والقدح على يدي انتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية‬
‫يتضاغون عند قدمي (أي يصيحون من الجوع)‪ ،‬فاستيقظا فشربا غبوقهما‪ .‬اللهم إن‬
‫كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة‪ ،‬فانفرجت شيئا‬
‫ال يستطيعون الخروج منه‪ .‬فقال اآلخر‪ :‬اللهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إلي‪،‬‬
‫وفي رواية‪ :‬كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء‪ ،‬فأردتها على نفسها فامتنعت‪ ،‬حتى‬
‫أملت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين‬
‫نفسها ففعلت‪ ،‬حتى إذا قدرت عليها وفي رواية ‪:‬فلما قعدت بين رجليها قالت‪ :‬اتق هللا وال‬
‫تفضن الخاتم إال بحقه‪ ،‬فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي‬
‫أعطيتها‪ .‬اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه‪ ،‬فانفرجت‬
‫الصخرة غير أنهم ال يستطيعون الخروج‪ .‬وقال الثالث‪ :‬اللهم إني استأجرت أجراء‬
‫وأعطيتهم أجرهم‪ ،‬غير رجل واحد‪ ،‬ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه‬
‫األموال‪ ،‬فجاءني بعد حين فقال‪ :‬يا عبد هللا ِ ّأد إلي أجري‪ ،‬فقلت‪ :‬كل ما ترى من أجرك من‬
‫اإلبل والبقر والغنم والرقيق فقال‪ :‬يا عبد هللا ال تستهزئ بي! فقلت‪ :‬ال استهزئ بك‪،‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ISSN : 2353-0472‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬
‫‪EISSN : 2600-6405‬‬ ‫املجلد‪ ،3‬العدد‪( ،5‬جانفي‪)2015‬‬

‫فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا‪ .‬اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج‬
‫عنا ما نحن فيه‪ ،‬فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون "‪.‬‬
‫فكانت هذه القصة بمثابة درسا لصحابة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن عمل‬
‫الخير في السراء ابتغاء مرضاة هللا سينجي صاحبه في الضراء‪.‬‬
‫اإلشارة باألصابع‪ :‬جاءت السنة النبوية حافلة باألحاديث الدالة على‬ ‫ب‪.‬‬
‫استخدام الرسول(‪ )‬أصابعه في تعليم أصحابه لتحقيق هدفا تعليميا ومن هذه‬
‫األحاديث‪ :‬قال صلى هللا عليه و سلم‪ " :‬وهللا ما الدنيا في اآلخرة إال مثل ما يجعل أحدكم‬
‫إصبعه هذه في اليم فلينظر بم ترجع" رواه مسلم‪.‬‬
‫و قال عليه الصالة والسالم " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا " و أشار بالسبابة‬
‫والوسطى وفرج بينهما‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬
‫وقال أيضا عليه الصالة والسالم " بعثت أنا والساعة كهذه من هذه أو كهاتين "‬
‫وقرن بين السبابة والوسطى‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬
‫عن زينب بنت جحش رض ي هللا عنها أن رسول هللا (‪ )‬دخل عليها يوما فزعا يقول‬
‫" ال إله إال هللا ويل للعرب من شر قد اقترب‪ ،‬فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه‬
‫" وحلق بأصبعيه اإلبهام والتي تليها‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬
‫وعن الرسول (‪ )‬قال‪ " :‬املؤمن للمؤمن كالبيان يشد بعضه بعضا‪ ،‬وشبك بين‬
‫أصابعه "‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬
‫اإلشارة باليد‪ :‬قال رسول هللا (‪" :)‬يقبض العلم ويظهر الجهل وكثرة‬ ‫ت‪.‬‬
‫الهرج‪ ،‬قيل يا رسول هللا وما الهرج؟ فقال‪ :‬هكذا بيده فحرفها كأنه يريد القتل"‪ .‬رواه‬
‫البخاري‪.‬‬
‫استخدام الحص ى‪ :‬عن بريدة رض ي هللا عنه قال‪ :‬قال النبي (‪" :)‬هل‬ ‫ث‪.‬‬
‫تدرون ماهذه وهذه ؟ ورمى بحصاتين قالوا هللا ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪ :‬هذا األمل وذاك‬
‫األجل"‪ .‬رواه الترمذي‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ISSN : 2353-0472‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬
‫‪EISSN : 2600-6405‬‬ ‫املجلد‪ ،3‬العدد‪( ،5‬جانفي‪)2015‬‬

‫عن أبى سعيد الخدري قال‪ :‬دخلت على رسول هللا (‪ )‬فى بيت بعض نسائة‪ ,‬فقلت‬
‫يا رسول هللا أي املسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال‪ :‬فأخذ كفا من حص ى فضرب‬
‫به األرض‪ ,‬ثم قال‪" :‬هو مسجدكم هذا‪ ,‬ملسجد املدينة"‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫استخدام العصا ‪ :‬عن أبي سعيد الخدري أن النبي (‪" )‬غرز بين يديه‬ ‫ج‪.‬‬
‫غرزا‪ ،‬ثم غرز إلى جنبه آخر ثم غرز الثالث فأبعد ثم قال‪ :‬هل تدرون ما هذا؟ قالوا هللا‬
‫ورسوله أعلم ‪ ،‬قال‪ :‬هذا اإلنسان وهذا أجله‪ ،‬وهذا أمله‪ ،‬يتعاطى اآلمل واآلجل يختلجه‬
‫دون ذلك"‪ .‬رواه أحمد‪.‬‬
‫الرسم على األرض‪ :‬عن ابن مسعود رض ي هللا عنه قال‪ :‬خط النبي‬ ‫ح‪.‬‬
‫(‪" )‬خطا مرعا وخط خطا في الوسط خارجا منه‪ ،‬وخط خطوطا صغارا الى هذا الذي في‬
‫الوسط من جانبه‪ ،‬فقال‪ :‬هذا اإلنسان وهذا أجله محيط به أو قد أحاط به وهذا الذي‬
‫هو خارج أمله‪ ،‬وهذه الخطوط الصغار األعراض‪ ،‬فان أخطأه هذا نهشه هذا‪ ،‬وإن أخطأه‬
‫هذا نهشه هذا"‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬
‫التوضيحات العملية لرسول هللا (‪ )‬في العبادات‪ :‬استخدم‬ ‫خ‪.‬‬
‫الرسول (‪ )‬بعض األعمال واملهارات التي تحتاج إلى تدريب حركي عملي منها‪:‬‬
‫الوضوء‪ :‬قيامه عليه الصالة والسالم بالوضوء أمام أصحابه وقوله‪" :‬هكذا‬
‫الوضوء‪ ،‬فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم"‪ .‬رواه أبو داود‪.‬‬
‫الصالة‪ :‬أداء الرسول الكريم الصالة أمام الصحابة‪ :‬وقال‪" :‬يأيها الناس‪ ,‬إني‬
‫وضعت هذا لتأتموا بي‪ ,‬ولتعلموا صالتي"‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫الحج‪ :‬لقد علم الرسول عليه الصالة والسالم الناس منساك الحج عمليا وقال‬
‫لهم‪" :‬لتأخذوا مناسككم فاني ال أدري لعلي ال أحج بعد حجتي هذه"‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫في ضوء ما سبق يتبين لنا أن الرسول (‪ )‬استخدم وسائل بصرية‪ ،‬مع الوسائل‬
‫السمعية في الشرح والتفسير‪ ،‬كما انه عليه الصالة والسالم حرص على عنصري‬
‫التشويق وإثارة الدافعية‪ ،‬فعندما يرمي بحصاة بعيدا ثم يرمي بأخرى أقرب منها فان هذا‬
‫يثير التساؤالت في نفوس صحابته كقوله هل تدرون ما مثل هذا وهذه؟ ليلقي إليهم في‬
‫النهاية املفهوم ليستقر في الفؤاد واضحا جليا‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ISSN : 2353-0472‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬
‫‪EISSN : 2600-6405‬‬ ‫املجلد‪ ،3‬العدد‪( ،5‬جانفي‪)2015‬‬

‫‪ -/4.3‬الوسائل التعليمية في الحضارة اإلسالمية‪:‬‬


‫لقد ترك املسلمون بصمتهم في العلوم بمختلف أنواعها‪ ،‬فنجد عظماء‬
‫املسلمون قد أسهموا بعبقرية في تراكمية العلوم سواء باالبتكار أو بالتطوير‪ ،‬وفي مجال‬
‫الوسائل التعليمية وإضافة ملا سبق الحديث عنه عن أشرف البشر رسول هللا عليه‬
‫الصالة والسالم وما تركه لألمم في تعاليمه الراقية‪ ،‬نجد أن عجلة التطوير واإلنتاج في‬
‫هذا املجال لم تتوقف فقد أسهم علماء مسلمين في هذا الصدد بل وأبدعوا‪ ،‬فها هو‬
‫الحسن بن الهيثم (‪1039-965‬م) استعمل الطريقة العلمية في إثبات أفكاره ونظرياته في‬
‫علم الضوء والبصريات والعدسات‪ ،‬والطريقة العلمية تعتمد على االستقراء والقياس‬
‫واملشاهدة والتجربة والتمثيل واملشاهدة والتجربة من أرقى أنواع الوسائل التعليمية‬
‫قدرة في توصيل األفكار بشكل حس ي‪.‬‬
‫ونجد اإلدريس ي (‪ )1166-1099‬صاحب خارطة العالم املشهورة التي كانت‬
‫فتحا في علم الجغرافيا‪ ،‬هذا باإلضافة إلى العديد من الخرائط التي حواها كتابه املشهور‬
‫(املشتاق)‪ ،‬وبهذا املؤلف فتح املجال أمام استعمال الرسم املصور كأداة دعم وتوضيح‬
‫للمعالم‪ ،‬ثم أخذ علماء التربية في الغرب هذا العلم و أولوه اهتماما كبيرا وطوروا‬
‫موضوعاته وأضافوا عليها الكثير‪ ،‬وقد كانت بحوث هؤالء املسلمين لو وضعت موضعها‬
‫الصحيح من البحث أن تحدث أثر كبيرا في العملية التربوية قبل أن تأتينا أراء "روسو" و‬
‫"بستالوزي" و"فروبل" و"هربارت" و"جون ديوي"‪.15‬‬
‫‪ -/5.3‬الوسائل التعليمية في النهضة الحديثة‪:‬‬
‫ونقصد بها هنا نهضة أوربا بعد الثورة الفرنسية‪ ،‬والتي يرجع الفضل األول فيها‬
‫للتراث العربي واإلسالمي الذي قاموا بترجمته‪.‬‬
‫فنجد إيراسمون (‪1546‬م) الذي دعا املعلمين إلى صناعة الحروف الهجائية‬
‫من الحلوى‪ ،‬لتشويق األطفال‪ ،‬وإثارة دافعيتهم نحو التعلم‪.‬‬
‫ثم مونتيني (‪ )1592‬دعا إلى توظيف الزيارات امليدانية في التعلم حيث يتعلم‬
‫الطفل عن طريق الخبرة املباشرة‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ISSN : 2353-0472‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬
‫‪EISSN : 2600-6405‬‬ ‫املجلد‪ ،3‬العدد‪( ،5‬جانفي‪)2015‬‬

‫و كومينوس (‪1670‬م) نادي بالتعلم عن طريق الحواس وذلك باستخدام‬


‫األشياء الحقيقية والصور التوضيحية "العالم املرئي في صور" ليكون مثاال حيا للكتاب‬
‫املدرس ي املزود بالصور كوسيلة تعليمية مهمة في التدريس‪.‬‬
‫جون جاك روسو (‪1778‬م) نقد طرائق التدريس املعتمدة على التلقين‪ ،‬ودعا‬
‫الى التعليم عن طريق الخبرة املباشرة القائمة على االشياء املحسوسة‪.‬‬
‫جون بستالوزي (‪1800‬م) الذي مركزا على التعليم عن طريق الحواس‪ ،‬إذ‬
‫اعتقد ان الكلمات تكون ذات معنى إذا كانت ذات صلة بأشياء حقيقية‪ ،‬وبالنسبة له‬
‫يجب أن ينتقل التعليم من االشياء املادية املحسوسة إلى األمور اللفظية غير املحسوسة‬
‫(املجردة)‪.‬‬
‫هربارت يوهان فريدريتش (‪1841‬م) الذي دعا إلى أن الخبرة تبدأ باإلدراك‬
‫الحس ي باألشياء‪ ،‬وفرويل (‪1853‬م) إذ استخدم ألعابا كثيرة منها‪ :‬املكعبات والكرات‬
‫والطين والصور واللعب بالرمل والحياكة والنسيج والفالحة وغيرها من النشاطات التي‬
‫تستخدم في تدريس تالمذة رياض األطفال‪ ،‬كما أكد أهمية الرحالت والزيارات ومالحظة‬
‫الطبيعة مباشرة مع ضرورة استخدام األجهزة لتوضيح بعض املفاهيم‪.16‬‬
‫وفي عام ‪ 1908‬م استعمل مصطلح التعليم املرئي أما جهاز الصور املتحركة‬
‫فيعد من أول الوسائل السمعية البصرية‪ ،‬وفي ‪ 1910‬م تم طبع أول كتالوج لألفالم‬
‫التعليمية في مدرسة روستر الحكومية في نيويورك‪.‬‬
‫وفي الحرب العاملية األولى (‪ )1918-1914‬ظهر التصوير السينمائي ملا يقوم به‬
‫املدرب وعرضه على آالف الجنود‪ ،‬واستخدمت امللصقات الجدارية (البوسترات)‪،‬‬
‫وباكتشاف الكهرباء ظهر الكثير من أجهزة اإلسقاط الضوئي التعليمية واملسجالت‬
‫السمعية وفي عام ‪ 1926‬م وضع " سكنر" أصول التعليم املبرمج‪17 .‬‬

‫و مع مطلع القرن ‪ 21‬اليوم‪ ،‬ومع انتشار التكنولوجيا السمعية والبصرية‪،‬‬


‫أصبح الحاسوب و لواحقه أهم وسائل التعليم‪ ،‬فاستخدام الحاسوب بشكل واسع في‬
‫السنوات األخيرة شمل بعض املجاالت في التعليم على رغم أنه أصبح من الصعب‬
‫االستغناء عنه في املجال العلمي أو التجاري أو الصناعي أو الهندس ي إال أن في التعليم‬
‫يمكن عرض مجاالت استعماله في ما يلي‪:‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ISSN : 2353-0472‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬
‫‪EISSN : 2600-6405‬‬ ‫املجلد‪ ،3‬العدد‪( ،5‬جانفي‪)2015‬‬

‫‪ ‬حفظ البيانات الخاصة بالطلبة‪ ،‬بحيث يتم تصنيفهم كاالسم وتاريخ امليالد‬
‫والعنوان واملقررات والدرجات التي حصل عليها كل طالب‪.‬‬
‫‪ ‬تنظيم املكتبات في حصر احتياجات املكتبة من الكتب و املراجع املختلفة‬
‫والحصول على البيانات الخاصة بكل متعامل مع املكتبة و إدارة تسيير العمل‬
‫ً‬
‫في املكتبة فتصبح بنكا للمعلومات باستخدام عمليات االسترجاع للمعلومات‬
‫فيحصل الطالب على ما فاتهم من محاضرات سابقة التسجيل‪.‬‬
‫‪ ‬عرض بعض األفالم التعليمية و الشرائح على شاشة الجهاز و االستفادة منه‬
‫في تقديم خبرات تعليمية للطالب‪18.‬‬

‫خالصة‪:‬‬
‫وفي األخير يمكننا القول بأنا الوسائل التعليمية ومن خالل مراحلها التاريخية‬
‫استطاعت أن تكون سندا لتطور البشرية و منارة للعلم واملعرفة‪ ،‬فبواسطتها استطاع‬
‫أنبياء هللا صلوات هللا عليهم أن ينيرو للناس طريقهم هلل سبحانه وتعالى‪ ،‬وبالوسائل‬
‫التعليمية استطاع إنسان اليوم مواكبة عصره بكل تحدياته العلمية والتكنولوجية‪ ،‬لهذا‬
‫كان لزاما علينا أن نتتبع تطورات ومراحل وأشكال هذه الوسائل وأهميتها في ترسيخ العلم‬
‫و نشر املعرفة لإلنسانية‪.‬‬
‫الهوامش واملرجعية‪:‬‬
‫‪ - .1‬بربارا ماتيرو وآخرون‪ ،‬األساليب اإلبداعية في التدريس الجامعي‪( ،‬ترجمة حسين‬
‫عبد اللطيف بعارة‪ ،‬ماجد محمد الخطايبة)‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬األردن‪،2002 ،‬‬
‫ص‪.259.‬‬
‫‪ - .2‬بشير عبد الرحيم كلوب‪ ،‬التكنولوجيا في عملية التعليم والتعلم‪ ،‬دار الشروق‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬األردن‪ ،1993 ،‬ص‪.107.‬‬
‫‪ - .3‬بشير عبد الرحيم كلوب‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.108.‬‬
‫‪ - .4‬حمدان محمد زياد‪ ،‬الوسائل التعليمية مبادئها وتطبيقاتها‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫ط‪ .1‬لبنان‪ ،1981 ،‬ص‪.31.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ISSN : 2353-0472‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬
‫‪EISSN : 2600-6405‬‬ ‫املجلد‪ ،3‬العدد‪( ،5‬جانفي‪)2015‬‬

‫‪ - .5‬مصطفى عبد السميع محمد وآخرون‪ ،‬االتصال والوسائل التعليمية‪ ،‬مركز‬


‫الكتاب لنشر ‪ ،‬ط‪ ،1‬األردن‪ ،2001 ،‬ص‪.40.‬‬
‫‪ - .6‬عبد الحافظ محمد سالمة‪ ،‬الوسائل التعليمية واملنهج‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪ ،1‬األردن‪،‬‬
‫‪ ،2000‬ص‪.111.‬‬
‫‪ - .7‬مصطفى عبد السميع محمد و آخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.‬ص(‪.)51-50‬‬
‫‪ - .8‬عبد الرحيم دفع السيد‪ ،‬املناهج من منظور عام ومعاصر‪ ,‬مكتبة الرشد‪،‬‬
‫السعودية‪،2006 ،‬ص‪.160‬‬
‫‪ .9‬سورة املائدة‪ ،‬اآلية ‪.31‬‬
‫‪ - .10‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية ‪.145‬‬
‫‪ .11‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.55‬‬
‫‪ - .12‬سورة املائدة‪ ،‬اآلية ‪.114‬‬
‫‪ - .13‬سورة املائدة‪ ،‬اآلية ‪.110‬‬
‫‪ - .14‬عبد اللطيف بن حسين فرج‪ ،‬التدريس الفعال‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬ط‪ ،1‬األردن‪،2009 ،‬‬
‫ص‪.110.‬‬
‫‪ - .15‬خضير عباس جري‪ ،‬التقنيات التربوية (تطورها‪ ،‬تصنيفاتها‪ ،‬أنواعها‪ ،‬اتجاهاتها)‪،‬‬
‫دار الكتب‪ ،‬ط‪ ،1‬بغداد‪ ،‬العراق‪ ،2010 ،‬ص‪.31.‬‬
‫‪ - .16‬خضير عباس جري‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.32.‬‬
‫‪ - .17‬يامنة اسماعيلي‪ ،‬عواطف مام‪ ،‬دور الوسائل التعليمية في إثراء املوقف التعليمي‬
‫بالجامعة‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،2010 ،‬ص‪.321.‬‬
‫‪ - .18‬محمد عبد الباقي أحمد‪ ،‬املعلم والوسائل التعليمية‪ ،‬املكتب الجامعي الحديث‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2003 ،‬ص‪.57.‬‬

‫‪20‬‬

You might also like