Professional Documents
Culture Documents
د.
عمرو عوده.
اسم عىل آخر ورقة اختبار يل ي ركبت الطائرة يف 2017/9/29واآلن أكتب
ُ
هنا يف تاري خ ،2024/1/24ست سنوات ونصف انتهتُ ،عمر طويل،
ولكنه مض ،مض ّ ّ
وف اللحظة ي الطريق هذا قطع وبعد اآلن فيه، ما بكل
أن أيّّ الياكم والليال ّ الت أنظر فيها خلف فأجد الكثي من ر ر
واأليام؛ أشعر ي ر ي ي
عز وجل ال معت له أو هو بعيد رب ّ حديث أقوله ال يبدأ وينته بالثناء عىل ّ
ي ي
شء فأنا ّ
كل أقول عندما وكرمه، بلطفه عن حقيقة ما حدثُ ،ك ّل شء ّ
مر
ي ي
لتقصيي ولكن هذا الذي جرى؛ قلت ّ
ر بكل ي أقصدها تماما وإن لم أشعر بها
الليال أصعب ف وجدته ء، ش ل فما ب من نعمة فمنه ،كان مع ف ُك ّ
ي ي ّ ي ُي ي ي
ورقت وكنت وفرغتها ف ر وأحلك الظروف ،وجدته ف كل معلومة تذكرتها ّ ّ
ي ي ي
وليال الخوف ،وجدته يف ي ليال الحزن ي أظنت ال أذكرها ،وجدته يف ي ليلتها
ِّ ُ ر ُ
أمش فيها وحدي وأقلب نظري يف السماء ،وجدته يف ي الت كنت ليال التيه ي ي
ً ر ّ
باستخفاف -وعلمت يقينا ي ال بشقاوب
ي - وفعلته أفعله ال أن أمرب
ي ء ش
ي كل
ّ ً ّ ّ
خيا قط ولكنه حليم أنه لو يؤاخذ اإلنسان بكل ما كسب فلن يرى اإلنسان ر
ُ
وف الغربة فوقها ،أنت تعيش أسماء هللا وصفاته ودود،،ف الدراسة ي ي كريم
بشكل أقرب ،ترى أثرها ف ك ّل شء ،سبحانه وبحمده قد ر ُ
سي ورزق ووفق ي ي
ً كثيا ً ً
وحفظ؛ فالحمد هلل حمدا ر ً
طيبا مباركا فيه.. وأعىط ِ
ّ ُ
التخرج فال ُيمكن تجاوز األهل! عطاء األهل ال حد له ،فرحهم لك ّ وإذا ذ ِكر
أتعجب وحرصهم عليك لن يفوقه شء ،ولهذا وبصدق فإنت وإن كنت ّ
ي ي
نفش ال أشعر بذلك القدر إال وأنا اإلنجاز بهذا الفرح هذا ل من فرحهم ُك ّ
ي
ً ّ
لفرح ،أو عىل األقل أسديت لهم ولو شيئا ي يكف ي هذا فرحهم أن أنت أجد ي
ر ّ ّ
تدفعت إل االجتهاد يف ي الت كانت األشياء ُ ي معنويا ،،وال أخفيك فإن من
الت السنوات الطويلة الماضية أنت ُكنت أريد المحافظة عىل تلك العبارة ر
ي ي
سألوب "كيف االمتحان" فأجيب " الحمد إذا لهم امتحان لأقولها بعد ُك ّ
ي ُ
هلل ممتاز" ،ك ّل ذلك التعب واالضطراب يكون هذا جوابه؟ نعم بهذه
هما البساطة؛ لن أتركهم يفعلوا من أجىل ما يفعلونه ُث ّم أضيف لهم ًّ
ي
عز وجل أن يّس هذا األمر ل ولم يجعل در ر ّ وهنا أحمد هللا ّ ُ ً
است ي ي ا، جديد
باف عمري ر ف إضافيا عليهم وأسأله أن ُي ّتم فضله هذا ّ
عىل ّ هما وغربت ّ ر
ي ي ي ّ ي
فقي.. خي ر إل من ر ّ
فإب لما أنزل ي وعمرهم ي
حبة وكذلك ال ُيمكن تجاوز أصحاب الرحلة ،األصحاب الذين كانوا مثل ّ
ً ّ ّ ر ُ ّ ر ُ
الت تكّس بها مرارة األيام ،واإلنسان كان يظل خائفا من لحظة السكر ي
ّ ّ ُ
غالب دمعته إذا ما تذكرها؛ واآلن يشعر أن خوفه كان يف الفراق هذه وي ِ ِ
ّ وأن ّ ّ ّ
الكثي من ر تمزقه يفوق ما كان يظنه ،ال أخفيك فأنا أعرف محله
اليع يف وجيد ف التسطيح وهذا ُي ربف مساحة لطيفة وخفيفة ّ األصدقاء ّ
ي ي
الوقت نفسه ،وهذا التسطيح يتجاوزه اإلنسان مع ق ّلة ،وهذه الق ّلة تحتلّ
ِ ِ
ً ً ر ًّ ر ّ ُج ّ
ه ي ا؛ اسم ا اسم اآلن أش ي ر ف وتأب
ي ي ا د جي أعرفها الت ي ة ل الق
ِ هذه قلبه، ل
ّ ر ً ُّ ُ تصي األشياء منك ً ُ ّ
لحما ودما ثم تيع!؟ وأن من تمزق اإلنسان؛ أسهل أن ر
ُ
اسلت ليلة ي ر الذي لصاحت ي رسالة سأترك المقال نهاية وف
ي .. ع ي ت لها أن
التخرج؛ ومن مثله.. ّ
ُ َّ ًّ ً ّ ّ
أكاديميا وورقة تعلق عىل الحائط يعت إنجازا ي كان وإن ه فإن التخرج بذاته أما
ّ
سم؛ إال أن هذه السنوات قد فعلت يف اإلنسان وحرف ونقطة قبل ا ي
ّ
ينبع له أن يكون نفسه ،ولكن ي هأظن الكثي ،وليس هو نفسه قبلها ،وال ر
أظن حصيلة التجارب بجانب هذه الشهادة تفوق قيمتها بذاتها وال أخفيك ّ
رر فإن ّ ّ
الكثي داخل اإلنسان وخفضت ورفعت يف عينه ر ت ن وب هدمت ام األي
الكثي ،سنوات الجامعة هذه قيمتها بالنسبة يل تفوق ارتباطها بالجامعة، ر
الزمانية ،نحن نعيش يف الزمن، ّ الفيةيهمت هو ر المكاب ،ما ّ ّ أقصد االعتبار
ي ي
ه أنا؟، ولما أنا من : ة الكبي األسئلة ابة بو هذه السنوات طرقت فيها ّ
ي ر
ر ّ
الحقيف ،وعيه بذاته ووعيه ي اإلنسان عقل وعي ل تشك سنوات بداية
ّ
سلت وما هو ما اإلنسان ف ع باألشياء من حوله ،وال أخف عليك فقد ّ
تجم
ي ي ي
إيجاب وهذا ليس وقتهما كالهما.. ّ هو
ي
التخرج فيه حالة إرباك يشعر بها الشخص نفسه ،نعم ّ ّ
للتخرج ،هذا نعود
ً ّ
الناس ُ ِّ ُ ُ
ويعتيونه إنجازا هناك حالة من اإلرباك تحيط بهذا الذي ُيصفق له
ويمكنك أن تشاهد هذا اإلرباك يف وجوه أصحاب هذا اإلنجاز، كبياُ ،
رً
ّ ّ ُ
وبالرغم من اختالف األسباب؛ إذ كل إنسان وهناك يف صدره حاجة ،فإنه
ً ّ ُيمكن أن ُي ر
ّ
التخرج أحيانا يكون هو بنفسه فهم هذا اإلرباك عي ّبوابة أن
ولكنه كذلك يرميك ف حياة ُم ّ ّ التخرج نعم ُ
ّ
تشعبة ي شهادة، عطيك ي عبء،
ال تدري ف أي ُطرقها ستمض ،وأريد أن نتجاوز فكرة الشهادة ر
الت
ي ي ر ُ ي
أحك عن شعور اإلنسان ستحتاج إل شهادات أخرى حت ترى ،ولكن ي
ّ ُ
ضبابية ،ترميك الشهادة المضطرب بسبب إقباله عىل مجهول تام وطرق
يف مساحة عليك أن تختار فيها؛
الت يحتاجها الطريق وضيبة الفقد ر
الت
ُ
الكلفة ر ل وف ُك ّل اختيار يجب ّ
تحم
ي ّ ُ ّ ي ُ ي
ّ ّ
يمتلكها كل اختيار يف الحياة ،فكما نقلنا وأكدنا فإن كل اختيار يستبعد
اختيارا آخر؛ وهذا بذاته شعور بالفقد ال ُيمكن القفز عنه وال فائدة من
ً
انتظار غيابه..
يف التخرج أنت تنتقل إل مرحلة جديدة ،وهذا االنتقال ربي شكل حياة
التمزق ال بأس به ،وإذا أضفت إل ّ قدرا من وحياة أخرى يحمل ف داخله ً
ّ ُ ًّ ً ّ ُ ي
شء يظل معلقا وإل "أن تضح لّ ك فإن ا فلسطيني كونك ّ
العادي ّ
التخرج
ي
كثية القضية ر ُ ّ ّ
الت عقدها ر ي هذه داخل ف ي ة شخصي والتفكي بحلول ر األمور"
حقيف ،وال أريد التطويل يف الحديث ر ّ ّ
معنوي وواقعها صعب؛ يكون انتحار
ي ُ
ّ ّ ر
ألنت ال أ ِحب اللعب عىل هذه المساحة ،وألن أي معاناة "فلسطينيت" يي عن
شت مقارنة والكل يصيبه منه -ال ر ئ ّ وألم ُيصيب اإلنسان بسبب االحتالل -
فية غزة اليوم ،،وعىل المستوى الشخض ُمدرك منذ ر بتضحيات أهل ّ
ِ ي
ُ ّ
قصية للحظة ما بعد التخرج وما تحمله من صعوبة ،ويبّس يب - ليست ر
ّ
سبقوب بأنهم كانوا ي والبشارة تحتمل الفرح أو الحزن -بشكل متواتر من
ّ ّ ّ
بكثي مما اعتقدوا ،،و لهذا شء ولكنهم اكتشفوا أنه أسوأ ر ي الواقع أن يظنون
طاقت ودائماً ر ر ً ُ
ي كنت أحيانا عندما أسيسل مع أفكاري أجد األمر أكي من
تكون مساحة المجهول هذه مساحة خصبة لتحزين الشيطان وتخويفه،
ُّ ُ ً ّ
يمض مع هذا الظالم ولكن كلها طرق ي ا أحيان اإلنسان فإن وال أخفيك
شء له معت؛ غي ش ّ
تنته بك إل ي ي عية وال مظلمة ر
عقدة لن يجد لها اإلنسان ً ّ ُ ّ
دواء سوى التسليم هذه المساحات الغيبية الم
تمر عي الصي ،ولكن ما معت اإليمان؟! إذا وإن كان ف هذا التسليم مرارة ّ
ي
غابت عن اإلنسان أسماء هللا الحست وصفاته العليا يف مثل هذه األوقات
عز وجل "الهادي"؟ وماذا ُيريد أين اسم هللا ّ فمت يستحضها؟ ّ المظلمة ر
خي ُ ُ ُ ر
اإلنسان أكي من أن يهدى؟ يهدى قلبه وي هدى إل الطريق الذي فيه ر
أش تستطيع ر ف الشيطان يرميها ة ّ
سوداوي قة وأي فكرة ّ
ضي لدينه ودنياهّ ،
ي ي
ر ُ
عز وجل"الواسع"!،،يا واسع… مساحات مفيقات الصمود أمام اسم هللا ّ
ّ ُ ّ ُ
الحقيقية وتكشف اإلنسان أمام المعاب
ي هذه مثل تختي والضباب رقالط
فإن من أخطر األشياء ر ّ
الت يفعلها اإلنسان يف حياته :أن ي نفسه ،وال أخفيك
ّ ُ ُّ يربط ّ
تحركه برؤية خطوات الطريق كلها قبل أن يبدأ به ،الطرق كما دلت
التجربة ال تكشف لك ما فيها إال بعد قطعك للخطوة المتاحة أمامك ،ومن
ّ خطوة إل خطوة ّ
يتكون الطريق ،أما جلسة االنتظار والشلل هذه فإنها
ّ ّ ُ ر ُ
شء يتحرك ،فيكون سكونه تراجع ،،أسمع بف اإلنسان مكانه وبينما كل ي ت ي
أذب:
اآلن الدكتور أحمد عبد المنعم يهمس يف ي
ناء عىل األسباب غي ُب ً
دايما متصور إنه مفيش حاجة هتحصل ر
انت ليه ً ُ ِّ
الىل قدامك؟
ي
ر
أين هللا؟!
وقوله:
َ ّ َّ ر
:
ال بتجيلك أختار اي؟ ومعرفش أعمل إي،
ي كري الف
ِ لل الش حالة الش ب
وممكن أضيع،
هللا!؟الهوا ؟ فأين ُ هو أنت ف ر
ي
ً
أكي ،وأذكر شيئا ُرّبما فيه دافع عندي لدخول المرحلة القادمة، أهدأ اآلن ر
الغرفة والطالب أو بشكل ر ّ ُ
أكي ِ أنت أشعر باالكتفاء من جو وهو ً ببساطة ي
ُ ّ
روح" أي مللت وتعبت إل حد بعيد ،أريد ي صدقا وكما نقول "فرفطت
أكي رحابة ،مساحة ُينتقل فيها من محاولة ترميم الخروج إل مساحة ر
ُ ُ ر ُ ر
غيها،ي رنش ت أو ح صلِ ت أو غت
ي ت أكي أشياء بناء محاولة إل داخلها من فس الن
ّ
الضيقة إل مساحة السمو بالذات الواسعة، ّ من مساحة تحقيق الذات
ّ ر ّ ر
وبي خارجها لدينا ر -ة النفسي كيبت
ي تر في رة متجذ الت صارتوبي الغرفة -ي
ر
حديث طويل إن شاء هللا رنيكه لمكانه الذي أعرفه..