You are on page 1of 8

‫حرف ونقطة‬

‫د‪.‬‬

‫عمرو عوده‪.‬‬
‫اسم عىل آخر ورقة اختبار يل‬ ‫ي‬ ‫ركبت الطائرة يف ‪ 2017/9/29‬واآلن أكتب‬
‫ُ‬
‫هنا يف تاري خ ‪ ،2024/1/24‬ست سنوات ونصف انتهت‪ُ ،‬عمر طويل‪،‬‬
‫ولكنه مض‪ ،‬مض ّ‬ ‫ّ‬
‫وف اللحظة‬ ‫ي‬ ‫الطريق‬ ‫هذا‬ ‫قطع‬ ‫وبعد‬ ‫اآلن‬ ‫فيه‪،‬‬ ‫ما‬ ‫بكل‬
‫أن أيّ‬‫ّ‬ ‫الياكم والليال ّ‬ ‫الت أنظر فيها خلف فأجد الكثي من ر‬ ‫ر‬
‫واأليام؛ أشعر‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫عز وجل ال معت له أو هو بعيد‬ ‫رب ّ‬ ‫حديث أقوله ال يبدأ وينته بالثناء عىل ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫شء فأنا‬ ‫ّ‬
‫كل‬ ‫أقول‬ ‫عندما‬ ‫وكرمه‪،‬‬ ‫بلطفه‬ ‫عن حقيقة ما حدث‪ُ ،‬ك ّل شء ّ‬
‫مر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫لتقصيي ولكن هذا الذي جرى؛‬ ‫قلت‬ ‫ّ‬
‫ر‬ ‫بكل ي‬ ‫أقصدها تماما وإن لم أشعر بها‬
‫الليال‬ ‫أصعب‬ ‫ف‬ ‫وجدته‬ ‫ء‪،‬‬ ‫ش‬ ‫ل‬ ‫فما ب من نعمة فمنه‪ ،‬كان مع ف ُك ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ُي ي‬ ‫ي‬
‫ورقت وكنت‬ ‫وفرغتها ف ر‬ ‫وأحلك الظروف‪ ،‬وجدته ف كل معلومة تذكرتها ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وليال الخوف‪ ،‬وجدته يف‬ ‫ي‬ ‫ليال الحزن‬ ‫ي‬ ‫أظنت ال أذكرها‪ ،‬وجدته يف‬ ‫ي‬ ‫ليلتها‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ر ُ‬
‫أمش فيها وحدي وأقلب نظري يف السماء‪ ،‬وجدته يف‬ ‫ي‬ ‫الت كنت‬ ‫ليال التيه ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫باستخفاف‪ -‬وعلمت يقينا‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫بشقاوب‬
‫ي‬ ‫‪-‬‬ ‫وفعلته‬ ‫أفعله‬ ‫ال‬ ‫أن‬ ‫أمرب‬
‫ي‬ ‫ء‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫كل‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خيا قط ولكنه حليم‬ ‫أنه لو يؤاخذ اإلنسان بكل ما كسب فلن يرى اإلنسان ر‬
‫ُ‬
‫وف الغربة فوقها‪ ،‬أنت تعيش أسماء هللا وصفاته‬ ‫ودود‪،،‬ف الدراسة ي‬ ‫ي‬ ‫كريم‬
‫بشكل أقرب‪ ،‬ترى أثرها ف ك ّل شء‪ ،‬سبحانه وبحمده قد ر‬ ‫ُ‬
‫سي ورزق ووفق‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫كثيا ً‬ ‫ً‬
‫وحفظ؛ فالحمد هلل حمدا ر ً‬
‫طيبا مباركا فيه‪..‬‬ ‫وأعىط ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫التخرج فال ُيمكن تجاوز األهل! عطاء األهل ال حد له‪ ،‬فرحهم لك‬ ‫ّ‬ ‫وإذا ذ ِكر‬
‫أتعجب‬ ‫وحرصهم عليك لن يفوقه شء‪ ،‬ولهذا وبصدق فإنت وإن كنت ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫نفش ال أشعر بذلك القدر إال‬ ‫وأنا‬ ‫اإلنجاز‬ ‫بهذا‬ ‫الفرح‬ ‫هذا‬ ‫ل‬ ‫من فرحهم ُك ّ‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫لفرح‪ ،‬أو عىل األقل أسديت لهم ولو شيئا‬ ‫ي‬ ‫يكف‬ ‫ي‬ ‫هذا‬ ‫فرحهم‬ ‫أن‬ ‫أنت أجد‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تدفعت إل االجتهاد يف‬ ‫ي‬ ‫الت كانت‬ ‫األشياء ُ ي‬ ‫معنويا‪ ،،‬وال أخفيك فإن من‬
‫الت‬ ‫السنوات الطويلة الماضية أنت ُكنت أريد المحافظة عىل تلك العبارة ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫سألوب "كيف االمتحان" فأجيب " الحمد‬ ‫إذا‬ ‫لهم‬ ‫امتحان‬ ‫ل‬‫أقولها بعد ُك ّ‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫هلل ممتاز"‪ ،‬ك ّل ذلك التعب واالضطراب يكون هذا جوابه؟ نعم بهذه‬
‫هما‬ ‫البساطة؛ لن أتركهم يفعلوا من أجىل ما يفعلونه ُث ّم أضيف لهم ًّ‬
‫ي‬
‫عز وجل أن يّس هذا األمر ل ولم يجعل در ر‬ ‫ّ‬ ‫وهنا أحمد هللا ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫است‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ا‪،‬‬ ‫جديد‬
‫باف عمري‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫إضافيا عليهم وأسأله أن ُي ّتم فضله هذا ّ‬
‫عىل‬ ‫ّ‬ ‫هما‬ ‫وغربت ّ‬ ‫ر‬
‫ي ي ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬
‫فقي‪..‬‬ ‫خي ر‬ ‫إل من ر‬ ‫ّ‬
‫فإب لما أنزل ي‬ ‫وعمرهم ي‬
‫حبة‬ ‫وكذلك ال ُيمكن تجاوز أصحاب الرحلة‪ ،‬األصحاب الذين كانوا مثل ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ُ ّ ر ُ‬
‫الت تكّس بها مرارة األيام‪ ،‬واإلنسان كان يظل خائفا من لحظة‬ ‫السكر ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫غالب دمعته إذا ما تذكرها؛ واآلن يشعر أن خوفه كان يف‬ ‫الفراق هذه وي ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫وأن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكثي من‬ ‫ر‬ ‫تمزقه يفوق ما كان يظنه‪ ،‬ال أخفيك فأنا أعرف‬ ‫محله‬
‫اليع يف‬ ‫وجيد ف التسطيح وهذا ُي ربف مساحة لطيفة وخفيفة ّ‬ ‫األصدقاء ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الوقت نفسه‪ ،‬وهذا التسطيح يتجاوزه اإلنسان مع ق ّلة‪ ،‬وهذه الق ّلة تحتلّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ًّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ُج ّ‬
‫ه‬ ‫ي‬ ‫ا؛‬ ‫اسم‬ ‫ا‬ ‫اسم‬ ‫اآلن‬ ‫أش‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫وتأب‬
‫ي ي‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫جي‬ ‫أعرفها‬ ‫الت‬ ‫ي‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫الق‬
‫ِ‬ ‫هذه‬ ‫قلبه‪،‬‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ً ُّ ُ‬ ‫تصي األشياء منك ً‬ ‫ُ ّ‬
‫لحما ودما ثم تيع!؟ وأن‬ ‫من تمزق اإلنسان؛ أسهل أن ر‬
‫ُ‬
‫اسلت ليلة‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫الذي‬ ‫لصاحت‬ ‫ي‬ ‫رسالة‬ ‫سأترك‬ ‫المقال‬ ‫نهاية‬ ‫وف‬
‫ي‬ ‫‪..‬‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫لها أن‬
‫التخرج؛ ومن مثله‪..‬‬ ‫ّ‬
‫ُ َّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أكاديميا وورقة تعلق عىل الحائط‬ ‫يعت إنجازا‬ ‫ي‬ ‫كان‬ ‫وإن‬ ‫ه‬ ‫فإن‬ ‫التخرج بذاته‬ ‫أما‬
‫ّ‬
‫سم؛ إال أن هذه السنوات قد فعلت يف اإلنسان‬ ‫وحرف ونقطة قبل ا ي‬
‫ّ‬
‫ينبع له أن يكون نفسه‪ ،‬ولكن‬ ‫ي‬ ‫ه‬‫أظن‬ ‫الكثي‪ ،‬وليس هو نفسه قبلها‪ ،‬وال‬ ‫ر‬
‫أظن حصيلة التجارب بجانب هذه الشهادة تفوق قيمتها بذاتها وال أخفيك‬ ‫ّ‬
‫رر‬ ‫فإن ّ‬ ‫ّ‬
‫الكثي داخل اإلنسان وخفضت ورفعت يف عينه‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫وب‬ ‫هدمت‬ ‫ام‬ ‫األي‬
‫الكثي‪ ،‬سنوات الجامعة هذه قيمتها بالنسبة يل تفوق ارتباطها بالجامعة‪،‬‬ ‫ر‬
‫الزمانية‪ ،‬نحن نعيش يف الزمن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الفية‬‫يهمت هو ر‬ ‫المكاب‪ ،‬ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫أقصد االعتبار‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ه‬ ‫أنا؟‪،‬‬ ‫ولما‬ ‫أنا‬ ‫من‬ ‫‪:‬‬ ‫ة‬ ‫الكبي‬ ‫األسئلة‬ ‫ابة‬ ‫بو‬ ‫هذه السنوات طرقت فيها ّ‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫الحقيف‪ ،‬وعيه بذاته ووعيه‬ ‫ي‬ ‫اإلنسان‬ ‫عقل‬ ‫وع‬‫ي‬ ‫ل‬ ‫تشك‬ ‫سنوات بداية‬
‫ّ‬
‫سلت وما‬ ‫هو‬ ‫ما‬ ‫اإلنسان‬ ‫ف‬ ‫ع‬ ‫باألشياء من حوله‪ ،‬وال أخف عليك فقد ّ‬
‫تجم‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫إيجاب وهذا ليس وقتهما كالهما‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫هو‬
‫ي‬

‫التخرج فيه حالة إرباك يشعر بها الشخص نفسه‪ ،‬نعم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للتخرج‪ ،‬هذا‬ ‫نعود‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الناس ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ويعتيونه إنجازا‬ ‫هناك حالة من اإلرباك تحيط بهذا الذي ُيصفق له‬
‫ويمكنك أن تشاهد هذا اإلرباك يف وجوه أصحاب هذا اإلنجاز‪،‬‬ ‫كبيا‪ُ ،‬‬
‫رً‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وبالرغم من اختالف األسباب؛ إذ كل إنسان وهناك يف صدره حاجة‪ ،‬فإنه‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُيمكن أن ُي ر‬
‫ّ‬
‫التخرج أحيانا يكون هو بنفسه‬ ‫فهم هذا اإلرباك عي ّبوابة أن‬
‫ولكنه كذلك يرميك ف حياة ُم ّ‬ ‫ّ‬ ‫التخرج نعم ُ‬
‫ّ‬
‫تشعبة‬ ‫ي‬ ‫شهادة‪،‬‬ ‫عطيك‬ ‫ي‬ ‫عبء‪،‬‬
‫ال تدري ف أي ُطرقها ستمض‪ ،‬وأريد أن نتجاوز فكرة الشهادة ر‬
‫الت‬
‫ي‬ ‫ي ر ُ‬ ‫ي‬
‫أحك عن شعور اإلنسان‬ ‫ستحتاج إل شهادات أخرى حت ترى‪ ،‬ولكن ي‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ضبابية‪ ،‬ترميك الشهادة‬ ‫المضطرب بسبب إقباله عىل مجهول تام وطرق‬
‫يف مساحة عليك أن تختار فيها؛‬
‫الت يحتاجها الطريق وضيبة الفقد ر‬
‫الت‬
‫ُ‬
‫الكلفة ر‬ ‫ل‬ ‫وف ُك ّل اختيار يجب ّ‬
‫تحم‬
‫ي‬ ‫ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يمتلكها كل اختيار يف الحياة‪ ،‬فكما نقلنا وأكدنا فإن كل اختيار يستبعد‬
‫اختيارا آخر؛ وهذا بذاته شعور بالفقد ال ُيمكن القفز عنه وال فائدة من‬
‫ً‬
‫انتظار غيابه‪..‬‬

‫يف التخرج أنت تنتقل إل مرحلة جديدة‪ ،‬وهذا االنتقال ربي شكل حياة‬
‫التمزق ال بأس به‪ ،‬وإذا أضفت إل‬ ‫ّ‬ ‫قدرا من‬ ‫وحياة أخرى يحمل ف داخله ً‬
‫ّ ُ ًّ‬ ‫ً ّ ُ‬ ‫ي‬
‫شء يظل معلقا وإل "أن تضح‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ك‬ ‫فإن‬ ‫ا‬ ‫فلسطيني‬ ‫كونك‬ ‫ّ‬
‫العادي‬ ‫ّ‬
‫التخرج‬
‫ي‬
‫كثية‬ ‫القضية ر ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت عقدها ر‬ ‫ي‬ ‫هذه‬ ‫داخل‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ة‬ ‫شخصي‬ ‫والتفكي بحلول‬ ‫ر‬ ‫األمور"‬
‫حقيف‪ ،‬وال أريد التطويل يف الحديث‬ ‫ر ّ‬ ‫ّ‬
‫معنوي‬ ‫وواقعها صعب؛ يكون انتحار‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫ألنت ال أ ِحب اللعب عىل هذه المساحة‪ ،‬وألن أي معاناة‬ ‫"فلسطينيت" ي‬‫ي‬ ‫عن‬
‫شت مقارنة‬ ‫والكل يصيبه منه‪ -‬ال ر ئ‬ ‫ّ‬ ‫وألم ُيصيب اإلنسان بسبب االحتالل ‪-‬‬
‫فية‬ ‫غزة اليوم‪ ،،‬وعىل المستوى الشخض ُمدرك منذ ر‬ ‫بتضحيات أهل ّ‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ُ ّ‬
‫قصية للحظة ما بعد التخرج وما تحمله من صعوبة‪ ،‬ويبّس يب ‪-‬‬ ‫ليست ر‬
‫ّ‬
‫سبقوب بأنهم كانوا‬ ‫ي‬ ‫والبشارة تحتمل الفرح أو الحزن‪ -‬بشكل متواتر من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بكثي مما اعتقدوا‪ ،،‬و لهذا‬ ‫شء ولكنهم اكتشفوا أنه أسوأ ر‬ ‫ي‬ ‫الواقع‬ ‫أن‬ ‫يظنون‬
‫طاقت ودائماً‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫كنت أحيانا عندما أسيسل مع أفكاري أجد األمر أكي من‬
‫تكون مساحة المجهول هذه مساحة خصبة لتحزين الشيطان وتخويفه‪،‬‬
‫ُّ ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫يمض مع هذا الظالم ولكن كلها طرق‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫أحيان‬ ‫اإلنسان‬ ‫فإن‬ ‫وال أخفيك‬
‫شء له معت؛‬ ‫غي ش ّ‬
‫تنته بك إل ي‬ ‫ي‬ ‫عية وال‬ ‫مظلمة ر‬
‫عقدة لن يجد لها اإلنسان ً‬ ‫ّ ُ ّ‬
‫دواء سوى التسليم‬ ‫هذه المساحات الغيبية الم‬
‫تمر عي الصي‪ ،‬ولكن ما معت اإليمان؟! إذا‬ ‫وإن كان ف هذا التسليم مرارة ّ‬
‫ي‬
‫غابت عن اإلنسان أسماء هللا الحست وصفاته العليا يف مثل هذه األوقات‬
‫عز وجل "الهادي"؟ وماذا ُيريد‬ ‫أين اسم هللا ّ‬ ‫فمت يستحضها؟ ّ‬ ‫المظلمة ر‬
‫خي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫اإلنسان أكي من أن يهدى؟ يهدى قلبه وي هدى إل الطريق الذي فيه ر‬
‫أش تستطيع‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫الشيطان‬ ‫يرميها‬ ‫ة‬ ‫ّ‬
‫سوداوي‬ ‫قة‬ ‫وأي فكرة ّ‬
‫ضي‬ ‫لدينه ودنياه‪ّ ،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫عز وجل"الواسع"!‪،،‬يا واسع… مساحات مفيقات‬ ‫الصمود أمام اسم هللا ّ‬
‫ّ ُ ّ‬ ‫ُ‬
‫الحقيقية وتكشف اإلنسان أمام‬ ‫المعاب‬
‫ي‬ ‫هذه‬ ‫مثل‬ ‫تختي‬ ‫والضباب‬ ‫رق‬‫الط‬
‫فإن من أخطر األشياء ر‬ ‫ّ‬
‫الت يفعلها اإلنسان يف حياته‪ :‬أن‬ ‫ي‬ ‫نفسه‪ ،‬وال أخفيك‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫يربط ّ‬
‫تحركه برؤية خطوات الطريق كلها قبل أن يبدأ به‪ ،‬الطرق كما دلت‬
‫التجربة ال تكشف لك ما فيها إال بعد قطعك للخطوة المتاحة أمامك‪ ،‬ومن‬
‫ّ‬ ‫خطوة إل خطوة ّ‬
‫يتكون الطريق‪ ،‬أما جلسة االنتظار والشلل هذه فإنها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫شء يتحرك‪ ،‬فيكون سكونه تراجع‪ ،،‬أسمع‬ ‫بف اإلنسان مكانه وبينما كل ي‬ ‫ت ي‬
‫أذب‪:‬‬
‫اآلن الدكتور أحمد عبد المنعم يهمس يف ي‬
‫ناء عىل األسباب‬ ‫غي ُب ً‬
‫دايما متصور إنه مفيش حاجة هتحصل ر‬
‫انت ليه ً ُ ِّ‬
‫الىل قدامك؟‬
‫ي‬
‫ر‬
‫أين هللا؟!‬
‫وقوله‪:‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ر‬
‫‪:‬‬
‫ال بتجيلك أختار اي؟ ومعرفش أعمل إي‪،‬‬
‫ي‬ ‫كري‬ ‫الف‬
‫ِ‬ ‫لل‬ ‫الش‬ ‫حالة‬ ‫الش‬ ‫ب‬
‫وممكن أضيع‪،‬‬
‫هللا!؟‬‫الهوا ؟ فأين ُ‬ ‫هو أنت ف ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫أكي‪ ،‬وأذكر شيئا ُرّبما فيه دافع عندي لدخول المرحلة القادمة‪،‬‬ ‫أهدأ اآلن ر‬
‫الغرفة والطالب أو بشكل ر‬ ‫ّ ُ‬
‫أكي‬ ‫ِ‬ ‫أنت أشعر باالكتفاء من جو‬ ‫وهو ً ببساطة ي‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫روح" أي مللت وتعبت إل حد بعيد‪ ،‬أريد‬ ‫ي‬ ‫صدقا وكما نقول "فرفطت‬
‫أكي رحابة‪ ،‬مساحة ُينتقل فيها من محاولة ترميم‬ ‫الخروج إل مساحة ر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫ر‬
‫غيها‪،‬‬‫ي ر‬‫نش‬ ‫ت‬ ‫أو‬ ‫ح‬ ‫صل‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫أو‬ ‫غت‬
‫ي‬ ‫ت‬ ‫أكي‬ ‫أشياء‬ ‫بناء‬ ‫محاولة‬ ‫إل‬ ‫داخلها‬ ‫من‬ ‫فس‬ ‫الن‬
‫ّ‬
‫الضيقة إل مساحة السمو بالذات الواسعة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫من مساحة تحقيق الذات‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫وبي خارجها لدينا‬ ‫ر‬ ‫‪-‬‬‫ة‬ ‫النفسي‬ ‫كيبت‬
‫ي‬ ‫تر‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫رة‬ ‫متجذ‬ ‫الت صارت‬‫وبي الغرفة ‪ -‬ي‬
‫ر‬
‫حديث طويل إن شاء هللا رنيكه لمكانه الذي أعرفه‪..‬‬

‫فإن من األشياء ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫اقتحام‬
‫ٍ‬ ‫إل‬ ‫تحتاج‬ ‫الت‬
‫ي‬ ‫الدوافع‬ ‫عن‬ ‫ثت‬ ‫تحد‬ ‫أنت‬
‫وبما ي‬
‫الطب من واقع ممارسته‪ُ ،‬معظم المكتوب عنه والموصوف به هو‬ ‫وكتابة؛ ِ‬
‫ّ‬ ‫الدراسة والشكوى ‪ -‬ر‬ ‫ِّ‬
‫كبي منها‪ ،-‬وأسمع‬ ‫ه حق يف جزء ر‬ ‫ي ي‬‫والت‬ ‫من مساحة‬
‫ّ‬ ‫ّ ُ ّ‬
‫المتحدث؛ ُيقال أن العمل‬ ‫فية العمل أشياء متضاربة تختلف بنفسية‬ ‫عن ر‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ً‬ ‫بؤسا ً‬ ‫أكي ً‬ ‫ر‬
‫وتعبا وأحيانا أكي جماال وأرحم من الدراسة‪ ،‬وال يخف عىل أحد‬
‫ّ‬
‫للتعرض لألذى ويحتاج اإلنسان إل‬ ‫ّ‬ ‫أن التعامل مع البّس هو ّبوابة ضخمة‬
‫خطية‪ -‬إل‬ ‫ر‬ ‫المسلم ‪-‬وهذه مساحة‬ ‫سعة صدر عالية‪ ،‬ويحتاج الطبيب ُ‬
‫ُّ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫البعد األخروي يف عمله كله وب هذا يمكن‬ ‫ُمتابعة ّنيته وتعديلها واستحضار ُ‬
‫الكثي‬
‫ر‬ ‫كبية بخطوات قليلة وبدون هذا ُيمكن أن يحرق‬ ‫أن يقطع مسافات ر‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫من نفسه ُ‬
‫وعمره بقليل من المادة ‪-‬وك ّل المادة قليل‪ ،-‬وبمناسبة ذكر‬
‫والنية‪ ،‬فنحن نحتاج إل شء من الكالم الثقيل الذي لم ّ‬
‫نتعود‬ ‫المسلم ّ‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫ّ ُ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ّ‬
‫عليه‪ ،‬نحتاجه ألن األمة تحتاجنا‪ ،‬تحتاجنا كلنا‪ ،‬كل واحد ومن مكانه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ُ‬
‫سلم ما استطاع وكان للعدو حيث يحذر‬ ‫كثية ولو خذل كل م ِ‬ ‫والثغرات ر‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫فإننا سنقفز قفرة كبية بأنفسنا كأفراد ّ‬
‫ستعمل وال‬ ‫وكأمة‪ ،‬ولهذا نرجو أن ن‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫نستبدل وأن ُيعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا… ولهذا كله ال ُمشكلة يف‬
‫اكتشاف هذا العالم بجنونه وجماله وبؤسه‪ ،‬وإل وقتها وفيه وبعده؛ أرجو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بنفسية تندهش بما يستحق االندهاش‪،،‬‬ ‫يتحرك اإلنسان‬ ‫أن‬

‫ولنفش‪ ،‬وكانت الشكوى‬ ‫ي‬ ‫لصاحت ومن مثله‬


‫ي‬ ‫كالم‪ ،‬أقول‬
‫أنه ي‬ ‫وقبل أن ي‬
‫ر‬
‫الطريق‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫الكثي من الشعور خالل‬ ‫ر‬ ‫شء من الروح والنفس وفقدان‬ ‫بموت ي‬
‫النفس بل وأنا اليوم من ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ًّ ّ ُ‬
‫أكي‬ ‫الكثي من الندبات داخل‬ ‫ر‬ ‫جيدا أن هناك‬ ‫أعلم‬
‫ّ‬
‫الناس ِدراية بها؛ ولكن ما حيلة اإلنسان!؟ ال أخفيك فنحن قوم ال نملك‬
‫ومثىل‬ ‫فر‪،‬‬
‫ُ‬
‫بالك‬ ‫كتابنا‬ ‫ف‬ ‫اليأس‬ ‫ن‬ ‫طلق وقد ُقض األمر و ر‬
‫اقي‬
‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫رفاهية اليأس الم‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫أكي من آية إحياء األرض بعد موتها؟ الذي أحياها‬ ‫ومثلك عىل ماذا يعيش ر‬
‫قادر عىل إحياء ُك ّل موات ف نفوسنا؛ فال نملك إال أن ُنحاول ّ‬
‫لعل رحمة‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫تيل؛ فال تبتئس‪..‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل ّ‬


‫وصل اللهم وسلم عىل نبيبنا محمد‬ ‫العالمي‬
‫ر‬ ‫رب‬
‫وآله‪..‬‬

You might also like