You are on page 1of 8

‫الحمد هلل رب العالمين ‪ .

‬اللهم لك الحمد على‬


‫نعمة اإلسالم وااليمان ‪ .‬وأشهد أن ال إله إال هللا‬
‫وحده ال شريك له ‪ .‬وأشهد أن محمدا عبده‬
‫ورسوله‪ .‬اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬

‫أما بعد أيها‬


‫المسلمون‬

‫ان‬
‫ض َ‬‫يقول هللا تعالى في محكم آياته ‪َ ( :‬ش ْه ُر َر َم َ‬
‫ُأ‬
‫الَّ ِذي ْن ِز َل ِفي ِه ْالقُرْ آنُ ُه ًدى لِل َّن ِ‬
‫اس َو َب ِّي َنا ٍ‬
‫ت ِم َن‬
‫ان َف َمنْ َش ِهدَ ِم ْن ُك ُم ال َّشه َْر َف ْل َيصُمْ هُ)‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫رْ‬‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫ه‬
‫ُدَ‬ ‫ْ‬
‫ال‬
‫‪،‬البقرة ‪185‬‬
‫إخوة اإلسالم‬

‫إن من نعم هللا تعالى على عباده‪ ،‬أن جعل لهم‬


‫مواسم عظيمة للخيرات‪ ،‬تكثر فيها الطاعات ‪،‬‬
‫و ُتغفر فيها السيئات و ُتضاعف فيها الحسنات‪،‬‬
‫وتتنزل فيها الرحمات‪ ،‬ومن أج ِّل هذه المواسم‬
‫وأكرمها شهر رمضان المبارك‪ ،‬فهو شهر‬
‫البركات والخيرات‪ ،‬وشهر الصيام والقيام‪،‬‬
‫وشهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران‪،‬‬
‫وشهر الجود والكرم والبذل واإلحسان‪ .‬فكيف‬
‫نستقبل شهر رمضان ؟ ‪ ،‬نستقبل شهر رمضان‬
‫أوال‪ :‬بالدعاء أن يبلغنا هللا شهر رمضان ‪ ،‬فقد‬
‫كان السلف الصالح يدعون هللا أن يبلغهم‬
‫رمضان‪ ،‬وأن يتقبله منهم‪ .‬وفي مسند أحمد (َأنَّ‬
‫ان ِإ َذا َرَأى ْال ِهالَ َل‬
‫ال َّن ِبيَّ ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪َ -‬ك َ‬
‫َقا َل ‪ « :‬اللَّ ُه َّم َأ ِهلَّ ُه َع َل ْي َنا ِب ْاليُمْ ِن َواِإلي َم ِ‬
‫ان‬
‫ُّك هَّللا ُ » ‪ ،‬ونستقبل‬
‫َوال َّسالَ َم ِة َواِإلسْ الَ ِم َربِّى َو َرب َ‬
‫شهر رمضان ‪ :‬بالحمد والشكر على بلوغه‪ ،‬فكم‬
‫من أناس صاموا شهر رمضان في العام‬
‫الماضي وهم اآلن يرقدون تحت التراب‬
‫ينتظرون دعوة صالحة ‪،‬ولو قيل ألحدهم ماذا‬
‫تتمنى؟ ‪ ،‬لقال‪ :‬صيام ولو ساعة من شهر‬
‫رمضان ‪ ،‬ونستقبل شهر رمضان ‪ :‬بالفرح‬
‫واالبتهاج ‪ ،‬فقد ثبت عن رسول هللا أنه كان يبشر‬
‫فعنْ َأ ِبى‬
‫أصحابه بمجيء شهر رمضان ‪َ { :‬‬
‫ه َُري َْر َة َقال َقا َل َرسُو ُل هَّللا ِ ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬
‫ان َش ْه ٌر‬
‫ض َ‬‫ُي َب ِّش ُر َأصْ َحا َب ُه « َق ْد َجا َء ُك ْم َش ْه ُر َر َم َ‬
‫ص َيا َم ُه ُي ْف َت ُح ِفي ِه َأب َْوابُ‬
‫ض هَّللا ُ َع َل ْي ُك ْم ِ‬ ‫ك ا ْف َت َر َ‬
‫ار ٌ‬
‫ُم َب َ‬
‫ْال َج َّن ِة َوي ُْغ َل ُق ِفي ِه َأب َْوابُ ْال َج ِح ِيم َو ُت َغ ُّل ِفي ِه‬
‫ف َشه ٍْر َمنْ ح ُِر َم‬ ‫اطينُ ِفي ِه َل ْي َل ٌة َخ ْي ٌر ِمنْ َأ ْل ِ‬ ‫ال َّش َي ِ‬
‫َخي َْر َها َف َق ْد ح ُِر َم »‪[ } .‬أخرجه أحمد]‪ .‬ونستقبل‬
‫شهر رمضان ‪ :‬بعقد العزم الصادق على اغتنامه‬
‫‪،‬وعمارة أوقاته باألعمال الصالحة‪ ،‬فمن صدق‬
‫هللا صدقه هللا‪ ،‬وأعانه على الطاعة ‪،‬ويسر له‬
‫سبل الخير‪ ،‬ومن أعظم الخسران‪ ،‬وأكبر‬
‫الحرمان ‪،‬أن يدرك المرء هذا الشهر الكريم‬
‫المبارك‪ ،‬فال تغفر له فيه ذنوبه‪ ،‬وال تحط فيه‬
‫خطاياه؛ لكثرة إسرافه وعدم توبته‪ ،‬وتركه‬
‫اإلقبال على هللا ّ‬
‫عز وجل في هذا الشهر الكريم‬
‫المبارك‪ ،‬باإلنابة ‪،‬والرجوع ‪،‬والتضرع‪،‬‬
‫والخشوع‪ ،‬والتوبة واالستغفار‪ ،‬فيدخل عليه هذا‬
‫الشهر الكريم ويخرج‪ ،‬وهو مستمر في غيه‬
‫ُقبل على ربِّه ّ‬
‫عز‬ ‫‪،‬ومتماد في تقصيره‪ ،‬غير م ِ‬
‫وجل ‪ ،‬وعن جابر بن عبد هللا ‪ :‬أن النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم رقى المنبر‪ ،‬فلما رقى الدرجة‬
‫األولى قال‪“ :‬آمين”‪ .‬ثم رقى الثانية‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫“آمين”‪ ..‬ثم رقى الثالثة‪ :‬فقال‪“ :‬آمين”‪ .‬فقالوا ‪ :‬يا‬
‫رسول هللا! سمعناك تقول‪“ :‬آمين” ثالث مرات؟‬
‫قال‪“ :‬لما رقيت الدرجة األولى جاءني جبريل‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬شقي عبد أدرك‬
‫رمضان فانسلخ منه ولم يغفر له‪ .‬فقلت‪ :‬آمين‪ .‬ثم‬
‫قال‪ :‬شقي عبد أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخاله‬
‫َ‬
‫ذكرت‬ ‫الجنة‪ .‬فقلت‪ :‬آمين‪ .‬ثم قال ‪ :‬شقي عبد‬
‫عنه ولم يصل عليك‪ .‬فقلت‪ :‬آمين” صحيح األدب‬
‫للبخاري‬

‫أيها المسلمون‬

‫ونستقبل شهر رمضان ‪:‬بالعلم والفقه بأحكام‬


‫الصيام‪ ،‬فيجب على المؤمن أن يعبد هللا على‬
‫علم‪ ،‬ليكون صومه صحيحا مقبوال عند هللا –‬
‫ونستقبل شهر رمضان ‪:‬بالعزم على ترك اآلثام‬
‫والسيئات والتوبة الصادقة من جميع الذنوب‪،‬‬
‫واإلقالع عنها وعدم العودة إليها‪ ،‬فهو شهر‬
‫التوبة فمن لم يتب في شهر رمضان فمتى‬
‫يتوب؟! ‪ ،‬قال هللا – تعالى ‪َ ” :-‬و ُتوبُوا ِإ َلى هَّللا ِ‬
‫ُون ” [النور‪:‬‬ ‫َج ِمي ًعا َأ ُّي َه ْالمُْؤ ِم ُن َ‬
‫ون َل َعلَّ ُك ْم ُت ْفلِح َ‬
‫‪ ، ]31‬ونستقبل شهر رمضان ‪:‬بفتح صفحة‬
‫جديدة بيضاء مشرقة مع‪ :‬هللا سبحانه وتعالى‬
‫بالتوبة الصادقة‪، .‬وفتح صفحة بيضاء مع‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم بطاعته فيما أمر‬
‫واجتناب ما نهى عنه وزجر‪ -.‬وفتح صفحة‬
‫بيضاء مع الوالدين واألقارب‪ ،‬واألرحام‬
‫والزوجة واألوالد بالبر والصلة‪ -.‬وفتح صفحة‬
‫بيضاء مع المجتمع الذي نعيش فيه بأن نكون‬
‫عبادا صالحين ونافعين فخير الناس أنفعهم‬
‫للناس ‪ ،‬ونستقبل شهر رمضان ‪ :‬باإلخالص هلل‬
‫ان َيرْ جُو لِ َقا َء‬‫– تعالى – قال تعالى ‪َ ( :‬ف َمنْ َك َ‬
‫َر ِّب ِه َف ْل َيعْ َم ْل َع َماًل َ‬
‫صالِ ًحا َواَل ُي ْش ِركْ ِب ِع َبادَ ِة َر ِّب ِه‬
‫َأ َح ًدا) (‪)110‬الكهف ‪ ،‬فاإلخالص روح‬
‫الطاعات‪ ،‬ومفتاح لقبول الباقيات الصالحات‪،‬‬
‫وسبب لمعونة وتوفيق رب الكائنات‪ ،‬وعلى قدر‬
‫النية واإلخالص والصدق مع هللا تكون معونة‬
‫هللا لعبده‬

You might also like