Professional Documents
Culture Documents
إن الحمد هلل ،نحمده ونستعينه ،ونستغفره ونستهديه ،ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ،ومن سيئات أعمالنا ،من يهد هللا فال مضل له،
ومن يضلل فال هادي له ،وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،وصفيه وخليله ،وأمينه على
وحيه ،وخيرته من خلقه ،صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه أئمة الهدى ،ومصابيح الدجى ،ومن تبعهم وبهم اقتدى ،وسلم تسليما
كثيرا إلى يوم الدين.
َّللاَ َح َّق تُقَاتِ ِه َو َال ت َ ُموت ُ َّن ِإ َّال َوأ َ ْنت ُ ْم ُم ْس ِل ُمونَ )[آل عمران.]102 : (يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َ َمنُوا اتَّقُوا َّ
َّللاَ الَّذِي ت َ َ
سا َءلُونَ سا اء َواتَّقُوا َّ ث مِ ْن ُه َما ِر َج ااال َكث ا
ِيرا َونِ َ اس اتَّقُوا َربَّ ُك ُم الَّذِي َخلَقَ ُك ْم مِ ْن نَ ْف ٍس َواحِ دَةٍ َو َخلَقَ مِ ْن َها زَ ْو َج َها َوبَ َّ
(يَا أَيُّ َها النَّ ُ
علَ ْي ُك ْم َرقِيباا)[النساء.]1 : بِ ِه َو ْاْل َ ْر َح َ
ام إِ َّن َّ
َّللاَ َكانَ َ
سولَهُ فَقَ ْد فَازَ فَ ْو ازا صلِحْ لَ ُك ْم أ َ ْع َمالَ ُك ْم َويَ ْغف ِْر لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم َو َم ْن يُطِ ِع َّ
َّللاَ َو َر ُ سدِيداا * يُ ْ (يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َ َمنُوا اتَّقُوا َّ
َّللاَ َوقُولُوا قَ ْو اال َ
عظِ ي اما)[اْلحزاب.]71-70 : َ
أما بعد:
فيا عباد هللا :احمدوا هللا -عز وجل -واشكروه إذ بلغكم شهر رمضان المبارك ،هذا الشهر الذي طالما انتظره المؤمنون
الصادقون ،وطالما حن إليه عباد هللا المتقون.
إن إدراك هذا الشهر المبارك نعمة عظمى ،ومنة كبرى.
إنه بحق غنيمة عظيمة للمسلم الذي يرغب في زيادة رصيده من اْلعمال الصالحة ،والقربات النافعة ،واْلجور العظيمة.
إنه فرصة غالية ،وفرصة نفيسة للمقصرين والمسرفين على أنفسهم بالذنوب والمعاصي -من أمثالنا -فرصة لهم في تكفير
السيئات ،ومحو الخطيئات ،وإقالة العثرات.
هذا شهر رمضان ،شهر التنافس في اْلعمال الصالحة ،فهنيئا لنا جميعا ببلوغه وإدراكه.
ولربنا -سبحانه وتعالى -الحمد والشكر إذ بلغنا إياه ،ونحن في أمن وأمان ،وسالمة وإسالم ،وصحة وعافية واستقرار.
لربنا الحمد والشكر ،إذ مد في أعمارنا؛ حتى أدركنا شهر رمضان المبارك.
أيها اإلخوة المسلمون :كيف ال يكون هذا الشهر غنيمة عظيمة ،ومنة جسيمة ،امتن هللا بها علينا ،وهو شهر تتوالى فيه آالء هللا،
وتتابع فيه أفضاله وألطافه لعباده المؤمنين الصائمين؟
صيامه إيمانا واحتسابا؛ سببا لمغفرة الذنوب.
وقيام لياليه إيمانا واحتسابا؛ سببا لتكفير السيئات ،ومحو الخطايا واآلثام.
فيه ليلة خير من ألف شهر ،من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
كيف ال يكون هذا الشهر غنيمة عظيمة ،والعبادة في إحدى لياليه خير من عبادة ألف شهر ،من عبادة 83سنة؟!.
ثم ان هذا الصيام يشفع لصاحبه الصائم يوم القيامة ،في وقت رهيب عظيم ،شديد حره ،العبد يحتاج فيه إلى كل مثقال ذرة من
عمل صالح ،يأتي الصيام في ذلك اليوم العظيم الرهيب ،فيقول" :أي رب ،منعته الطعام والشراب ،فشفعني فيه ،فيشفع الصيام
فيه".
كيف ال يفرح المسلم بشهر رمضان ،وهو يسمع هللا -عز وجل -يقول" :كل عمل ابن آدم له يضاعف الحسنة بعشر أمثالها ،إلى
أضعاف كثيرة ،إال الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".
ولهذا يفرح الصائمون يوم قدومهم على ربهم -عز وجل -إذ يجد الصائم جزاء صومه مدخرا موفرا عند رب كريم ،أحسن ما
يكون ،وأحوج ما يكون إليه العبد.
فالحمد هلل حمدا كثيرا طيبا مباركا ،نسأل هللا -عز وجل -الذي بلغنا أوله أن يبلغنا آخره،
أيها اإلخوة المسلمون :إن الصوم الذي يجب أن نكون عليه ليس هو مجرد االمتناع عن اْلكل والشرب والجماع ،وإنما يجب أن
تصوم كذلك جوارحنا عن كل ما يغضب هللا ويسخطه" :إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الحرام ،وال يكن يوم
صومك ويوم فطرك سواء".
"إذا كان يوم صوم أحدكم فال يرفث وال يصخب ،فإن سابه أحد أو قاتله فليقل :إني صائم".
"من لم يدع قول الزور ،والعمل به ،والجهل ،فليس هلل حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".
أيها اإلخوة الصائمون :ما صام حقا من صام عن اْلكل والشرب ،وترك لعينيه العنان تسرحان في النظر إلى الحرام،
ما صام -أيها اإلخوة في هللا :-من صام عن اْلكل والشرب ،وأجرى العنان للسانه ،يرتع في الكالم المحرم من السب والسخرية،
واالستهزاء ،والغيبة والنميمة ،والكذب وقول الزور ،وغير ذلك من اْلقوال المحرمة ،والصفات الذميمة.
ما صام -أيها اإلخوة في هللا :-من صام عن اْلكل والشرب ،وقد ترك المجال ْلذنه تتلقف كل كالم محرم ،وحديث باطل ،بل
وتستلذ به وتطرب -عياذا باهلل -من حياة الضياع والخسران ،وتضييع اْلوقات الثمينة.