الحمد هلل الذي أنزل على عبده الكتاب ليكون للعالمين نذيرا وأرسل رسوله شاهدا ومبشرا ونذيرا
. ،وداعيا إلى هللا بإذنه وسراجا
منيرا .واشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له تعالى عما يقول الظالمون علوا ً كبيرا وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله بعثة بالحق إلى الخلق كافة نذيرا وبشيرا .فاللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحابته أجمعين والتابعين لهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أيها المومنون والمؤمنات ها هو شهر القرآن قد نزل بنا ،وها هو شهر الرحمة والبركة قد اضلنا ها هو شهر رمضان المبارك الذي خصه المولى عز وجل بخصائص كبرى وفضائل عظمى ،من أجلها أنه أنزل فيه كتابة العزيز القرآن العظيم .قال هللا "تعالى :شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ولقد كان نزل القرآن على قسمين :أنزله هللا جملة واحدة ،وذالك من اللوح المحفوظ في السماء السابعة إلى بيت العزة في السماء الدنيا وذلك في ليلة القدر المباركة كما قال عز من قائل ":انا أنزلناه في ليلة القدر" والقسم الثاني:انزله هللا منجما مفرقا على نبينا .محمد صلى هللا عليه وسلم .في ثالث وعشرين سنة القرآن الكريم أيها اإلخوة هو حبل هللا المتين ونوره المبين وهو الذكر الحكيم والصراط المستقيم والعروة الوثقى وهو العصمة الواقية ،والنعمة الباقية والحجة البالغة والداللة الدامغة ،انزله هللا ليكون منهج حياة ،يهذب النفوس ويزكيها ،ويقوم األخالق .ويعليها ،يقود من اتبعه إلى سعادة الدارين وينجيه من شقاوة الحياتين القرآن الكريم هو دستور ونظام ،وهو شريعة إلى أهل األرض وهو الضياء والنور ،وبه النجاة من الغرور ،وفيه شفاء لما في .الصدور ،من تمسك به فقد هدي،ومن عمل به فقد فاز أيها المومنون ،في رمضان يجتمع الصوم والقرآن فتدرك المؤمن الصادق شفاعتان ،يشفع له القرآن لقيامه ،ويشفع له الصيام لصيامه .قال صلى هللا عليه "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ،يقول الصيام:اي يارب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ،ويقول القرآن:رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان "رواه اإلمام أحمد .وعن أبي امامة رضي هللا عنه .قال:سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول:اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا ألصحابه"رواه مسلم وإن المؤمن ليجتمع له في شهر رمضان جهادان :جهاد بالنهار على الصيام وجهاد بالليل على القيام ،فمن جمع بين هذين الجهادين ووفى بحقوقهما وصبر عليهما وفي أجره بغير حساب أيها المسلمون ،لقد كان السلف الصالح عليهم من هللا الرضوان يكثرون من ختم القرآن ،فإذا جاء رمضان ازدادوا من ذلك لشرف الزمان ،وكان جبريل عليه السالم يلقى رسول هللا في كل ليلة من رمضان ،فيدارسه القرآن .وفي آخر عام من حياة سيد األنام عارضه جبريل القرآن مرتين على التمام .وكان عمر قد أمر أبي بن كعب وتميما الداري ان يقوم بالناس في شهر رمضان ،فكان القارئ يقرأ بالمأتين في ركعة حتى كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام ،وما كانوا ينصرفون إال عند الفجر فاللهم انا نسألك أن تردنا إلى كتابك ردا جميال وأن ترزقنا حالوة قراءته وتالوته آناء الليل وأطراف النهار وان ترزقنا العمل به والوقوف عند أوامره ونواهيه امين والحمد هلل رب العالمين