You are on page 1of 9

‫النقد الشكالني‪:‬‬

‫‪ -1‬مدرسة الشكالنيين الروس (التحفيز أنموذجا)‪:‬‬

‫دافع البحث بالشكالني الروسي توماشفسكي ‪ Tomachevski‬إلى "االهتمام بالحصول على‬


‫أدى ُ‬
‫وحدات بسيطة وغير قابلة للتقسيم"‪ ،1‬فتوصل بذلك إلى أن "كل جملة تملك حافزها الخاص"‪ ،2‬وهذا‬
‫معناه أنها "أصغر جسيمات المادة الموضوعاتية"‪ ،3‬وبهذا طور الشكالنيون الروس مفهوم الحافز في‬
‫تنظيراتهم وتطبيقاتهم للحكاية‪ ،‬وعرفوه على "أنه التفسير‪...‬الال أدبي ‪ Extra-literary‬لبناء الحبكة"‪،4‬‬
‫فالرواية تسرد في تسلسل زمني‪ ،‬وتكون بذلك مجرد حافز؛ لنها تأخذ أحداثها وتعيد توظيفها‪ ،‬وهذه‬
‫الحوافز تؤدي إلى تغيير الوضع في القصة كوفاة البطل أو حلول الليل مثال عنده‪ ،‬لنها كلها حوافز‬
‫"عنصر من عناصر الثر الدبي قابل للعزل‪ ،‬دون النظر إلى وظيفته في‬
‫ا‬ ‫بالنسبة لتوماشفسكي‪ ،‬وتعد‬
‫النص"‪.5‬‬

‫لهذا اهتم الشكالنيون الروس بهذا المفهوم الرتباطه بمجال الرواية ارتباطا وثيقا‪ ،‬وسنقف هنا عند‬
‫مفهوم التحفيز عند كل من شلوفسكي وتوماشفسكي‪ ،‬باعتبارهما من أكثر الشكالنيين الروس اهتماما‬
‫بهذا المصطلح‪ ،‬فالتحفيز عند شلوفسكي هو "اكتشاف النساق المختلفة التي تستعمل خالل بناء‬
‫المبنى ( البناء ‪ /‬المتدرج ‪ /‬التوازي ‪ /‬التأطير ‪ /‬التعداد‪ ،)...‬ويقودنا إلى االختالف فيما بين عناصر‬
‫بناء عمل ما‪ ،‬والعناصر التي تشكل مادته‪ :‬المتن الحكائي ‪ /‬اختبار الدوافع ‪ /‬الشخصيات ‪ /‬الفكار"‪6‬؛‬
‫أي أن التحفيز هنا مقترن بالمتن الحكائي من جهة وبالنسق الحكائي من جهة أخرى‪ ،‬لنه يرى أسبقية‬
‫المبنى الحكائي والبناء على المادة‪ ،‬إذ يفرق بين المبنى الحكائي والمتن الحكائي من خالل التحفيز‪،‬‬
‫أي قد يكون هذا الحافز نفسيا كرواية ما تعالج قصة حب مثال‪ ،‬كوجود عراقيل تعترض حب شخصين‪،‬‬
‫ليكون "التحفيز في هذه الحالة تحفي از سيكولوجيا يدور حول تصوير مشاعر الحب لشخصية تجاه‬
‫"تطوير لصياغة لسانية في النص‬
‫ا‬ ‫الخرى"‪ ،7‬كأن تقوم االستعارة أو الكناية بدور الحافز‪ ،‬لنهما يعدان‬
‫الروائي"‪. 8‬‬

‫‪9‬‬
‫كما أن الشخصيات الروائية حسب تودوروف عندما تقوم بوظائف ما‪ ،‬وعندما تنشئ عالقات فيما‬
‫بينها فذلك يقوم بناء على حوافز تدفعها لفعل ما تفعل‪ ،‬لن "العالقات القائمة والمتغيرة بين‬
‫الشخصيات في العمال السردية تبدو متعددة"‪ ،9‬ولذا فمن الصعوبة فصل دراسة الشخصيات‬
‫والعالقات فيما بينها عن الحوافز‪.‬‬

‫أما بالنسبة للشكالني الروسي توماشفسكي فـ "نظام الحوافز الذي يرتبط ارتباطا قويا بشخصية‬
‫معينة تسمى مميزات ‪ Caractéristique‬تلك الشخصية"‪ ،10‬ويفهم من المميزات الحوافز التي تحدد‬
‫نفسية الشخصية ومزاجها‪ ،‬فدعوة شخصية باسم خاص تشكل العنصر البسط في التمييز مثال‪ ،‬وقد‬
‫قام "بدراسة أصغر وحدة تركيبية بالرغم من أنه يسميها حاف از ويجعلها متطابقة مع الجملة"‪ ،11‬ليخرج لنا‬
‫بتصنيف جديد للمحموالت تبعا للحدث الموضوعي الذي تصفه‪ ،‬من خالل تمييزه بين أغراض ذات‬
‫مبنى وأغراض ال مبنى لها‪ ،‬فالولى خاضعة للترتيب الزمني ومبدأ السببية‪ ،‬في حين ال تخضع الثانية‬
‫للترتيب الزمني ومبدأ السببية‪.‬‬

‫فالرواية والقصة والملحمة تعتبر غرضا ‪ ،Thème‬وكل غرض حسبه يتألف من وحدات غرضية‬
‫كبرى‪ ،‬هذه الوحدات الغرضية الكبرى بدورها تتألف من وحدات غرضية صغرى غير قابلة للتجزئة‬
‫لنها هي "الجمل التي يتألف منها الحكي"‪ ،12‬ويشكل الغرض وحدة ما حسب توماشفسكي‪ ،‬فمن خالل‬
‫"السيرورة الفنية تتمازج الجمل المفردة فيما بينها حسب معانيها‪ ،‬محققة بذلك بناء محددا تتواجد فيه‬
‫متحدة بواسطة فكرة أوغرض مشترك"‪ ،13‬لن الغرض مؤلف من عناصر غرضية صغيرة وضعت في‬
‫نظام معين وتحققها يكون حسب نمطين اثنين‪:‬‬

‫‪ -‬النمط األول‪ :‬المبنى الحكائي ‪ : Fable‬حيث قد تصاغ الحكاية وفق ترتيب زمني خاضع لمبدأ‬
‫السببية‪ ،‬وهذا النوع يجسد "سردا عاديـا للحـدث‪ ،14‬لن مسألة الترتيب بالنسبة للزمن مهمة جدا‪ ،‬وأي‬
‫زمن ال يخلو من ماض ومضارع ومستقبل‪ ،‬ويعد الحاضر فاصال بينهما فهو إذن "مجموع الحداث‬
‫المتصلة فيما بينها‪ ،‬والتي تكون مادة أولية للحكاية"‪ ،15‬أي أنه متعلق بالقصة كما حدثت‪ ،‬وهذه‬
‫العمال ذات مبنى "تخضع لمبدأ السببية فتراعي نظاما وقتيا معينا ‪ ،16 "Cronologie‬وتكون مجموع‬
‫الحداث فيها متصلة فيما بينها ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪-‬النمط الثاني‪ :‬المتن الحكائي ‪: Sujet‬وتمثل أعمال ال مبنى لها لنها "تعرض دون اعتبار‬
‫زمني‪ ،‬أي في شكل تتابع ال يراعي أية سببية داخلية"‪ ،17‬فهو القصة ذاتها بالطريقة التي تعرض على‬
‫المستوى الفنين حيث يعمد السارد إلى التقديم والتأخير دون التقيد بالتسلسل الزمني‪ ،‬فهو "يمثل صياغة‬
‫فنية تامة"‪ ،18‬لنها خاصة بنظام ظهور هذه الحداث في الحكي ذاته‪ ،‬و "الذي يتألف من نفس‬
‫الحداث‪ ،‬و يراعي نظام ظهورها في الثر الدبي"‪.19‬‬

‫فالغرض عند توماشفسكي إذن يتألف من وحدات غير قابلة للتفكك‪ ،‬وصوال إلى جملة غرضية‬
‫يسميها الحوافز‪ ،‬لن مفهومه عنده "مفهوم شامل يوحد المادة اللغوية للعمل الدبي"‪ ،20‬فكل جملة‬
‫تتضمن في العمق حافزها الخاص بها‪ ،‬ليظهر بذلك المتن الحكائي لمجموعة من الحوافز المتتابعة‬
‫زمنيا عكس المبنى الحكائي والذي يظهر كمجموعة من الحوافز ذاتها‪ ،‬لكنها مرتبطة حسب التتابع‬
‫الذي يفرضه العمل الدبي‪.‬‬

‫‪ -2‬أنواع الحوافز‪ :‬هناك نوعان من الحوافز المتعارضة‪ ،‬حيث يرى توماشفسكي أن بعض هذه‬
‫الحوافز أساسية لدرجة أنها "إذا سقطت من الحكي تختل القصة"‪ ،21‬في حين نجد بعضها اآلخر غير‬
‫ضروري للمتن الحكائي‪ ،‬حتى إن "سقط أحدهم فإن القصة تبقى محتفظة بانسجامها"‪ ،22‬الولى يسميها‬
‫الحوافز المشتركة‪ ،‬ويرى أنها أساسية فقط بالنسبة للمتن الحكائي أما الثانية فيسميها الحوافز الحرة‬
‫ويرى أنها أساسية فقط بالنسبة للمبنى الحكائي‪.‬‬

‫أ_ الحوافز المشتركة‪ :Les motifs associes:‬ال يمكن االستغناء عن الحوافز المشتركة كون‬
‫حذفها "يمس رابط السببية الذي يوحد الحدث"‪ ،23‬حيث ال يمكن أن توجد دون أن يكون الرابط السببـي‬
‫قد أتلف‪ ،‬فهو "الحافز الذي تتطلبه الحكاية أو القصة"‪ ،24‬وتكمن أهمية هذه الحوافز بالنسبة للمتن‬
‫الحكائي‪ ،‬لنه "ال يمكن حذفها دون أن تتأثر الروابط السببية التي تنظم الحداث"‪.25‬‬

‫ب_ الحوافز الحرة‪ :Les motifs libres:‬وهي تلك الحوافز التي "يمكن االستغناء عنها دون‬
‫اإلخالل بالتتابع الزمني والسببـي لألحداث"‪ ،26‬لنها تقوم بالدور المهيمن في تحديد بناء العمل الدبي‬
‫من خالل المبنى الحكائي‪ ،‬ونستطيع إبعادها دون أن نحرف التتابع الكرونولوجي والسببي لألحداث‬
‫كأن تكـون منسية مثال‪ ،‬ومع ذلك ال يتأثر تتـابع السرد لن "تجاهلها [يمكن أن يتم] دون أن يتحطم مع‬

‫‪11‬‬
‫ذلك تتابع الحكي"‪ ،27‬فهو إذن حافز غير أساسي من وجهة نظر الحكاية أو القصة أو الرواية‪،‬‬
‫وأهميتها تكمن فقط في كونها "المسؤولة عن الصياغة الفنية للقصة"‪ 28‬بالنسبة للمبنى الحكائي فقط‪.‬‬

‫كما يقسم توماشفسكي الحوافز وفق الفعل الموضوعي لقسمين‪:‬‬

‫ج_ الحوافز الديناميكية‪ :‬هي عنده تلك الحوافز "التي تغيـر وضعيـة مـا"‪ ،29‬كدخول شخصية ما جديدة‬
‫مجرى الحك ي‪ ،‬كونها تؤدي إلى تعقيد أحداث الرواية وإشكالها‪ ،‬أو العكس كموت شخصية ما قد تؤدي‬
‫إلى تغيير روابط الحدث‪ ،‬فهي حوافز تعمل على تغيير وضعية ما في العمل الدبي‪ ،‬لنها بالنسبة‬
‫للمتن الحكائي تعد حوافز مركزية ومحركة ومسؤولة "عن تغيير الوضـاع في الحـكي"‪.30‬‬

‫د _ الحوافز القارة ‪ :‬وهي حوافز ال تغير الوضاع في الحكي‪ ،‬بل وظيفتها تقتصر على التمهيد لتغيير‬
‫الوضعية كحافز سحب السكين بالنسبة لحافز االعتداء والقتل مثال‪ ،‬ومنه فجميع الحوافز الحرة هي‬
‫حوافز قارة‪ ،‬لكن العكس غير صحيح كحافز السكين عندما َيدخل مجال القارئ البصري فهو حافز قار‬
‫ويعد في نفس الوقت حافز مشترك‪ ،‬لنه ضروري إلتمام عملية القتل مثال وبالنسبة للمبنى الحكائي‬
‫تعد الحوافز القارة حوافز أساسية‪ ،‬كالوصف مثال يدخل في خانة الحوافز القارة كوصف المكان‬
‫والطبيعة ووصف الشخصيات‪.‬‬

‫‪ -3‬التحفيز‪:La motivation:‬‬

‫يرى الشكالني توماشفسكي أن إدراج أي حافز جديد أساسي في صلب القصة‪ ،‬يجب أن يكون‬
‫مرتبطا بشرط القبول بالنسبة لإلطار العام للقصة‪ ،‬فالتهيؤ المعتمد من طرف الكاتب هنا إلظهار حافز‬
‫جديد يسمى التحفيز‪ ،‬فهو "نظام النساق الذي يبرر إدراج حوافز معينة‪ ،‬أو إدراج مجموعاتها"‪،31‬‬
‫وبهذا صنفت التحفي ازت وفق طبيعتها أو خاصيتها في العمل الدبي كاآلتي‪:‬‬

‫رد في القصة بشكل‬


‫أ‪ -‬التحفيز التأليفي‪ :Compositionnelle:‬ومعناه أن كل حافز ال َي ُ‬
‫اعتباطي‪ ،‬لن دوره يكمن في "اقتصاد وصالحية الحوافز"‪ ،32‬فالمؤثثات‪ les accessoires‬وأفعال‬
‫الشخصيات تستعمل من طرف المتن الحكائي‪ ،‬والحوافز التي تصفها هي الحوافز المستقلة‪ ،‬كونها‬
‫تمثل "الشياء الموضوعة في المجال البصري للقارئ"‪ ،33‬وتعد أولى مراحل التحفيز التأليفي كوجود‬
‫المسدس مثال‪ ،‬لنه ضروري إلتمام عملية القتل‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ويلزم أن يكون التحفيز التأليفي منسجما وديناميكي مع المتن الحكائي‪ ،‬كانسجام ضوء القمر مع‬
‫مشهد الحب مثال وانسجام الظلمة مع مشهد الموت‪ ،‬ويسمي توماشفسكي هذه الحالة "الطبيعـة‬
‫المـنسجمـة"‪ ،34‬لنها تكون في شكل أنساق وصف وفعل‪ ،‬ولها "وظيفة أو عالقة بما يأتي من‬
‫القصة"‪ ،35‬وهناك كذلك حافز الطبيعة الالمنسجمة‪ ،‬ويسميه توماشفسكي "حـافز الطبيعـة الالمبالية"‪،36‬‬
‫كمرافقة مشهد الموت مثال سماع أغنية رومنسية‪ ،‬والحالة الثالثة تسمى التحفيز المزيف كأن يترك‬
‫الكاتب القارئ يفترض حال مزيفا‪ ،‬ويكون الحل غير ما خطر بباله‪.‬‬

‫عنى بحافز الوهم الواقعي‪ ،‬حيث يوهم الكاتب المتلقي‬


‫ب‪ -‬التحفيز الواقعي‪ :Realiste:‬فهو ُي َ‬
‫أن أحداث الرواية حقيقية في الواقع المعيش‪ ،‬ومنه "فكل حافز من هذا النمط يدرج في شكل حافز‬
‫محتمل الوقوع"‪ ،37‬بالنسبة للوضعية المعنية‪ ،‬وهذا اعتقاد من القراء بحقيقة المحكي لن "الوهم الواقعي‬
‫يكتسي شكل مطلب احتمال"‪ ،38‬فهناك من القراء من يمكن أن يحمل على االقتناع بأن الشخصيات‬
‫الروائية موجودة في الواقع‪ ،‬وهذا اعتقاد منهم بحقيقة المحكين فـ "الشعور باالحتمال ‪ ...‬أمـر بالغ القوة‬
‫لدى القارئ الساذج"‪ ،39‬لنه رغم علم القارئ بالخاصية اإلبداعية للعمل الروائي مثال‪ ،‬إال أنه يطالب‬
‫بنوع من التطابق مع الواقع‪ ،‬ويدخل في تشكيل هذا النوع من التحفيز التشكيالت السطورية والشعبية‬
‫والخرافية والتاريخية ‪ ...‬لكي "تظهر في وسط شعبي يؤمن بوجود واقعي لهذه الخرافات أو‬
‫الساطير"‪ ،40‬لن إدراج مادة غير أدبية في عمل أدبي ما كالغراض التي لها داللة واقعية خارج‬
‫التصميم الفني‪ ،‬ويفهم هذا أكثر من زاوية التحفيز الواقعي في العمل الدبي‪ ،‬فهو مرتبط بوجوب‬
‫"توفر العمل الحكائي على درجة معقولة من اإليهام بأن الحدث محتمل الوقوع"‪. 41‬‬

‫فهناك أشياء من الخيال توهم بما هو واقعي‪ ،‬وهذا النوع من التحفيز يتغذى إما من الثقة الساذجة‬
‫للقارئ‪ ،‬أو من متطلب الوهم‪ ،‬ومنه فالنقاد الحداثيون يرون أن "التحفيز الواقعي والتفصيالت غير‬
‫الجوهرية ما هما إال تقليدان منحا المسرودات معقولية"‪.42‬‬

‫ج‪ -‬التحفيز الجمالي‪ :Esthétique:‬إن إدخال أي حافز إلى العمل الدبي ال يكون وال يتحقق‬
‫إال بتراضي بين الوهم الواقعي ومتطلبات البناء الجمالي‪ ،‬لن "كل ما يقتبس من الواقع قد ال يتالءم‬
‫بالضرورة مع العمل الدبي"‪ ،43‬فاقتران التحفيز الجمالي بالنماط الواقعية الواردة في النص الروائي‪،‬‬
‫يتم تبريره جماليا حتى وإن لم يتم تبريرها واقعيا‪ ،‬و"كل حافز واقعي يجب أن يبرر من وجهة‬

‫‪13‬‬
‫جمالية"‪ ،44‬وشرط إدراج المادة الواقعية في النص الروائي التالحم معه وليس التنافر؛ لن إدراج أي‬
‫حافز واقعي يجب أن يكون بكيفية خاصة في بناء العمل الدبي‪ ،‬ويجب أن يكون مبر ار من وجهة‬
‫جمالية‪ ،‬و"جميع الحوافز التي تجعل الحدث في نطاق المحتمل ينبغي أن تراعي في الوقت نفسه‬
‫مقتضيات البناء الجمالي في الحكي"‪ ،45‬ليصبح بهذا التحفيز موضوعا بالغ الهمية في عدد كبير‬
‫من النظريات الدبية‪.‬‬

‫‪ 4‬تحفيز الشخصية‪:‬‬

‫تعد الشخصية الحكائية "نوعا من الدعائم الحية لمختلف الحوافز"‪ ،46‬لن هناك نظام من الحوافز‬
‫يرتبط بشخصية ما يسمى المميزات‪ ،‬كوصف الشخصية مثال‪ ،‬حيث "يعد وصف الشخصية نسقا‬
‫المَق َن َعة التي تكون قناعا لقيم داللية معينة وهذه المميزات هي "الحوافز‬ ‫‪47‬‬
‫للتعرف عليها" ‪ ،‬كالشخصية ُ‬
‫التي تحدد نفسية الشخصية ومزاجها"‪ ،48‬لن الشخصية التي تتلقى الصيغة االنفعالية الشد قوة‬
‫وظهو ار تسمى البطل‪ ،‬وبالنسبة لتوماشفسكي ليس ضروري لصياغة المتن الحكائي‪ ،‬كونه نظام من‬
‫الحوافز و"الحكاية كمنظومة من الحوافز يمكنها االستغناء عن البطل وعن مالمحه المميزة"‪ ،49‬لتقوم‬
‫الشخصية بدور خيط مرشد يسمح باالسترشاد بين ركام من الحوافز وبدور وسيلة مساعدة لتصنيف‬
‫وتنظيم الحوافز المختلفة‪ ،‬لتكون "العالقة االنفعالية بالبطل ناتجة عن البناء الجمالي للعمل الدبي"‪.50‬‬

‫ومنه نقول أن دراسة الحوافز عند الشكالنيين الروس تعد البداية الفعلية لدراسة بنية الحكي بشكل‬
‫عام‪ ،‬ليأتي بعد ذلك الشكالني الروسي ف‪ .‬بروب بأنموذجه الوظيفي‪ ،‬ليرى "أن داخل كل جملة يمكن‬
‫لكل كلمة أن تطابق حاف از مختلفا"‪ ،51‬ثم قيام الناقد الفرنسي ج‪.‬غريمـاس ‪ J. Greimas‬بإعادة هذا‬
‫التعارض وتعميق دراساتهم السابقة‪ ،‬للوصول "بالتحليل إلى حد الوحدات المعنوية ‪Sème‬؛ أي إلى‬
‫الصناف الداللية‪ ،‬حيث يشكل الوصل بمعنى الكلمة"‪ ،52‬ورأى بذلك ضرورة إدخال وتقييم وتصنيف‬
‫المحموالت‪ ،‬مسلمين بذلك بأصناف جديدة تحقق التقابل القار والحركي‪ ،‬تبعا الشتمالها على المعنم‬
‫الحركي‪ ،‬لن "السيميمات المحمولة قادرة على توفير معلومات سواء منها على الحالة [الصفة] أو‬
‫على اإلجراءات [الفعل] التي تخص الفاعلين"‪ ،53‬ليطبق بهذا مفهوم المحمول السردي على الوحدات‬
‫المعجمية لجملة ما‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫هوامش المحاضرة‪:‬‬

‫‪ -1‬تزفيتان تودوروف‪ :‬مفاهيم سردية‪ ،‬تر‪ :‬عبد الرحمان مزيان‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ -4‬ديفيد بشبندر‪ :‬نظرية األدب المعاصر‪ ،‬تر‪ :‬عبد المقصود عبد الكريم‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص‪.110‬‬
‫‪ -5‬إبراهيم محمود خليل‪ :‬النقد األدبي الحديث‪ ،‬من المحاكاة إلى التفكيك‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪ ،2003 ،‬ص‪.176‬‬
‫‪ -6‬مراد عبد الرحمن مبروك‪ :‬آليات المنهج الشكلي في نقد الرواية العربية المعاصرة‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2002 ،‬ص‪.48‬‬
‫‪ -7‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.48‬‬
‫‪ -8‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫‪ -9‬عبد العالي بوطيب‪ :‬مستويات دراسة النص الروائي‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،1999 ،‬ص‪.52‬‬
‫‪ -10‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫‪ -11‬تزفيتان تودوروف‪ :‬مفاهيم سردية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪ -12‬حميد لحمداني‪ :‬بنية النص السردي من منظور النقد األدبي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،1990 ،‬‬
‫ص‪.21‬‬
‫‪ -13‬الشكالنيون الروس‪ :‬نظرية المنهج الشكلي (نصوص الشكالنيين الروس)‪ ،‬تر‪ :‬إبراهيم الخطيب‪ ،‬الشركة المغربية‬
‫للناشرين المتحدين‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،‬مؤسسة األبحاث العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،1982 ،‬ص‪.180‬‬
‫‪ -14‬إبراهيم محمود خليل‪ :‬النقد األدبي الحديث‪ ،‬من المحاكاة إلى التفكيك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫‪ -15‬حميد لحمداني‪ :‬بنية النص السردي من منظور النقد األدبي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -16‬الشكالنيون الروس‪ :‬نظرية المنهج الشكلي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.179‬‬
‫‪ -17‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.179‬‬
‫‪ -18‬حميد لحمداني‪ :‬بنية النص السردي من منظور النقد األدبي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫‪ -19‬عبد هللا إبراهيم‪ :‬معرفة اآلخر (مدخل إلى المناهج الحديثة)‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،1996 ،‬‬
‫ط‪ ،2‬ص‪.14‬‬
‫‪ -20‬الشكالنيون الروس‪ :‬نظرية المنهج الشكلي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪ -21‬حميد لحمداني‪ :‬بنية النص السردي من منظور النقد األدبي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -22‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪15‬‬
‫‪ -23‬مراد عبد الرحمن مبروك‪ :‬آليات المنهج الشكلي في نقد الرواية العربية المعاصرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪ -24‬رامان سلدن‪ :‬النظرية األدبية المعاصرة‪ ،‬تر‪ :‬جابر عضفور‪ ،‬دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،1998‬ص‪.33‬‬
‫‪ -25‬عبد هللا إبراهيم‪ :‬معرفة اآلخر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ -26‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ -27‬مراد عبد الرحمن مبروك‪ :‬آليات المنهج الشكلي في نقد الرواية العربية المعاصرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪ -28‬حميد لحمداني‪ :‬بنية النص السردي من منظور النقد األدبي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -29‬مراد عبد الرحمن مبروك‪ :‬آليات المنهج الشكلي في نقد الرواية العربية المعاصرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫‪ -30‬حميد لحمداني‪ :‬بنية النص السردي من منظور النقد األدبي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -31‬الشكالنيون الروس‪ :‬نظرية المنهج الشكلي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫‪ -32‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫‪ -33‬مراد عبد الرحمن مبروك‪ :‬آليات المنهج الشكلي في نقد الرواية العربية المعاصرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫‪ -34‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪ -35‬حميد لحمداني‪ :‬بنية النص السردي من منظور النقد األدبي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -36‬مراد عبد الرحمن مبروك‪ :‬آليات المنهج الشكلي في نقد الرواية العربية المعاصرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪ -37‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪ -38‬الشكالنيون الروس‪ :‬نظرية المنهج الشكلي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.196‬‬
‫‪ -39‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪ -40‬مراد عبد الرحمن مبروك‪ :‬آليات المنهج الشكلي في نقد الرواية العربية المعاصرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ -41‬حميد لحمداني‪ :‬بنية النص السردي من منظور النقد األدبي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ -42‬وا الس مارتن‪ :‬نظريات السرد الحديثة‪ ،‬تر‪ :‬حياة جاسم محمد‪ ،‬المجلس األعلى للثقافة‪ ،‬الكويت‪ ،1998،‬ص‪.85‬‬
‫‪ -43‬الشكالنيون الروس‪ :‬نظرية المنهج الشكلي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪ -44‬مراد عبد الرحمن مبروك‪ :‬آليات المنهج الشكلي في نقد الرواية العربية المعاصرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ -45‬حميد لحمداني‪ :‬بنية النص السردي من منظور النقد األدبي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ -46‬الشكالنيون الروس‪ :‬نظرية المنهج الشكلي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.204‬‬
‫‪ -47‬مراد عبد الرحمن مبروك‪ :‬آليات المنهج الشكلي في نقد الرواية العربية المعاصرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ -48‬الشكالنيون الروس‪ :‬نظرية المنهج الشكلي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.204‬‬
‫‪ -49‬تزفيتان تودوروف‪ :‬األدب والداللة‪ ،‬تر‪ :‬محمد نديم خشفة‪ ،‬مركز اإلنماء الحضاري‪ ،‬حلب‪ ،‬سوريا‪،1996 ،‬‬
‫ص‪.55‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -50‬الشكالنيون الروس‪ :‬نظرية المنهج الشكلي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.207‬‬
‫‪ -51‬تزفيتان تودوروف‪ :‬مفاهيم سردية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ -52‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ -53‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫‪17‬‬

You might also like