You are on page 1of 4

‫المقياس‪ :‬النقد السيميائي‬ ‫د‪ .

‬مباركية عيسى‬
‫التخصص‪ :‬نفد ومناهج ـ ليسانس‬ ‫كلية اآلداب واللعات‬
‫المستوى‪ :‬السداسي الخامس‬ ‫قسم اللغة واألدب العربي‬
‫المحاضرة رقم ‪:01‬‬
‫عنوان المحاضرة‪ :‬السيميائية المصطلح والمفهوم‬
‫وقد ظهرت كشكل واضح ادلعامل مع اللغوي‬ ‫تعد الدراسة السيميائية مثرة من مثار القرن العشرين‪،‬‬
‫السويسري "فرديناند دي سويسر"‪ ،‬ومعاصره العامل األمريكي "شارلز ساندرس بَتس"‪ ،‬كما ال ديكن أن ننكر يف‬
‫ىذا اجملال جهود العرب ودراستهم ادلعمقة اليت استفاد منها رواد السيميائية ادلعاصرون لدرجة أن البعض قد رأى‬
‫أن ادلعاصرين قد نظروا يف معطيات الًتاث العريب ونقلوا عنو كثَتا‪ ،‬ابتداء من االسم الذي أطلق على ىذا العلم‪،‬‬
‫مربرين ذلك بالتشابو الواضح بُت اللفظتُت‪ :‬السيميائية و ‪ ،sémiologie‬مرورا بالكثَت من مقوالهتم وآرائهم‬
‫يف العالمة والداللة والتأويل وغَت ذلك‪ ،‬ولعل الوقوف على بعض ادلفاىيم ذلذا ادلصطلح سواء من الناحية اللغوية‬
‫واالصطالحية سيزيل الغموض عنو‪.‬‬
‫‪1‬ـ المفهوم اللغوي ‪:‬‬
‫حُت نتصفح ادلعاجم اللغوية لنحدد مفهوم "السيمياء"‪ ،‬صلد أن ىذه اللفظة مشتقة من اجلذر اللغوي (‬
‫وسوم الفرس جعل عليو السيمة‬
‫س‪،‬و‪،‬م)‪ ،‬فقد ورد يف لسان العرب البن منظور ‪" :‬السيمة والسيمياء العالمة‪َ ،‬‬
‫ويقول اجلوىري السومة بالضم العالمة‪ ،‬جتعل على الشاة" ‪ ، 1‬وال يبتعد أصحاب ادلعجم الوسيط عن ابن منظور يف‬
‫‪2‬‬
‫حتديدىم دلدلول ىذه ادلادة فنجدىم يقولون‪" :‬فالن اختذ مسة ليعرف هبا ‪"....‬‬
‫وما ديكن أن نستشفو من ىذين التعريفُت أن لفظة السيمياء ال خترج عن معٌت العالمة ‪.‬وحيضر ىذا ادلعٌت يف‬
‫آيات عدة من القرآن الكرمي ‪ ،‬فنذكر منها ‪ :‬قولو تعاىل ‪" :‬سيماىم يف وجوىم من أثر السجود" سورة الفتح اآلية‬
‫‪29‬‬
‫وقولو أيضا ‪" :‬يعرف اجملرمون بسيماىم فيؤخذ بالنواصي واألقدام" سورة الرمحان اآلية ‪41‬‬
‫وقولو أيضا ‪" :‬ونادى أصحاب األعراف رجاال يعرفوهنم بسيماىم" سورة األعراف اآلية ‪48‬‬
‫وتصب كل ألفاظ ىذه ادلادة اللغوية يف سياق داليل واحد وىو العالمة‪ ،‬ولعلها الداللة االصطالحية ذاهتا اليت‬
‫حتملها كلمة "سيمياء"‪.‬‬
‫‪2‬ـ المفهوم االصطالحي ‪ :‬تنح در كلمة سيميولوجيا من "األصل اليوناين ‪ Simon‬الذي يعٍت العالمة‬
‫‪ sociologi:‬علم االجتماع ‪،‬‬ ‫‪ logos ،‬الذي يعٍت خطاب‪ ،‬والذي صلده مستعمال يف كلمات مثل‬
‫‪ Biologie‬علم اإلحياء ‪ .. .،‬وبامتداد اكرب لكلمة ‪ logos‬تعٍت العلم ‪ ...‬فيصبح تعريف السيميولوجيا على‬

‫‪1‬‬
‫النحو اآليت‪ :‬علم العالمات"‪ 3‬وقد محل ىذا العلم منذ أ‬
‫نشتو األوىل بُت هنايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن‬
‫ىم ‪ :‬السيميولوجيا ‪ la sèmiologie‬والسيميائية ‪ la sèmiotiique‬على يدي‬ ‫العشرين تسميتُت سلتلفتُت ا‬
‫العامل اللغوي السويسري فرديناند دي سويسر‪ ،‬واألمريكي شارلز سندرس بَتس‪ ،‬اللذين بشرا مبيالد ىذا العلم‪.‬‬
‫وعن ىذا صلد "فرديناند دي سويسر" يقول‪" :‬نستطيع أن نتصور علما يدرس حياة الدالئل يف صلب احلياة‬
‫ونقًتح تسمية‬ ‫االجتماعية وقد يكون قسما من علم النفس االجتماعي وبالتايل قسما من علم النفس العام‪،‬‬
‫‪ sèmiologie‬سيميولوجيا‪ ،‬أي علم الدالئل وىي كلمة مشتقة من اليونانية ‪ sèmion‬مبعٌت دليل‪ ،‬ولعلو‬
‫سيمكننا من أن نعرف شلا تتكون الدالئل والقوانُت اليت تسَتىا ‪ ،4"...‬وعليو فالسيميولوجيا بذلك ىي علم‬
‫العالمات‪ ،‬وىو العلم الذي اقًتحو "فرديناند دي سويسر" كمشروع مستقبلي لتعميم علم اللسانيات الذي جاء‬
‫بو‪ .‬كما جاء األمريكي "شارل ساندرس بَتس " لَتبط ىذا العلم بادلنطق يف نفس الفًتة اليت كان خيطط فيها‬
‫"سويسر" للخروج بو‪ ،‬حىت اختلط على الدراسُت يف حتديد من األسبق منهما يف اخلروج بالفكرة‪ ،‬وقد خرج‬
‫"بَتس" بتصور آخر ذلذا العلم أطلق عليو كما سبق وقلنا تسمية سيميوطبقا ‪ sèmiotics‬الذي ال ينفصل عن‬
‫ادلنطق وعن ىذا يقول ‪..." :‬ليس ادلنطق مبفهوم ه العام إال امسا آخر للسيميوطبقا‪ ،‬والسيميوطبقا نظرية شبو‬
‫ضرورية أو نظرية شكلية للعالمة"‪.5‬‬
‫‪ ،‬وقد اقتصرت دراستو على‬ ‫وادلعٌت يف ىذا أن ادلنطق يتجلى يف العالمة من خالل العالقة بُت الدال وادلدلول‬
‫اجلانب التطبيقي‪ ،‬يف حُت صلد "سويسر" ركز على اجلانب النظري‪.‬‬
‫أما عن االختالف يف التسمية (سيميولوجيا ‪/‬سيميوطيقا) ‪( ،‬سوسَت ‪/‬بَتس) فيمكن القول بأن‪" :‬األوروبيُت‬
‫يفضلون مفردة السيميولوجيا التزاما منهم بالتسمية السويسرية‪ ،‬أما األمريكيون فيفضلون السيميوطيقا اليت جاء هبا‬
‫ادلفكر والفيلسوف األمريكي "شارل ساندرس يَتس"‪. 6‬‬
‫وعلى الرغم من اختالف ادلنطلقات االبستمولوجية فإن السيميائية عامة ال خترج عن كوهنا ‪" :‬معرفة للعالمات‪،‬‬
‫ونظرية عامة للتمثيل العالمي‪ ،‬يف كل صوره وجتلياتو عند احليوان أو البشر" ‪ .7‬كما صلد الناقد اجلزائري "قدور عبد‬
‫اهلل ثاين " يعرف السيمياء بأهنا "علم اإلشارة الدالة‪ ،‬مهما كان نوعها أو أصلها‪ ،‬وأن النظام الكوين بكل ما فيو‬
‫من إشارات ورموز ىو نظام ذو داللة‪ ،‬والسيمياء ختتص بدراسة بنية ىذه اإلشارات وعالقتها يف ىذا الكون‪ ،‬وكذا‬
‫توزيع وظائفها الداخلية واخلارجية"‪.8‬‬

‫‪3‬ـ المصطلح بين الترجمة والتعريب‪:‬‬

‫شلا الشك فيو أن قضية ادلصطلح من القضايا الشائكة اليت تطرح يف ميدان السيميائيات إذ أننا صلد ىذا ادلصطلح‬
‫"إال أن أشهرىا على اإلطالق مها‬ ‫وقع فيما يسمى بفوضى ادلصطلح أو ما يسمى بالتعددية ادلصطلحية‬

‫‪2‬‬
‫(‪ ) sèmioloogie‬الفرنسي‪ ،‬و )‪( semiotics‬االصلليزي"‪ ،9‬فهما مصطلحان مًتادفان‪ ،‬أو ديكننا القول‬
‫بأهنما وجهان لعملة واحدة‪ ،‬ومو ضوعهما " ىو دراسة العالمات وأنساقها‪ ،‬سواء كانت ىذه العالمات لغوية أم‬
‫غَت لغوية يف نطاق احلياة االجتماعية"‪.10‬‬

‫والتعدد يف ادلصطلح كان أثناء نقلو إىل العربية فًتجم بـ‪( :‬الدال ئلية‪ ،‬علم األدلة ‪ ،‬علم الدالئل‪ ،‬علم السيمياء‪،‬‬
‫اإلشارات‪ ،‬علم الرموز‪،‬‬ ‫السيميائيات‪ ،‬علم العالمات‪ ،‬علم الداللة‪ ،‬علم ادلعٌت‪ ،‬علم دراسة ادلعٌت‪ ،‬علم‬
‫السيميولوجيا والسيمالوجيا‪ ،‬السيميوطيقا‪ ،‬والسيماتيك)‪.‬‬

‫فقد فضل "عبد ادللك مرتاض" تسمية (السيميائية) ويظهر ذلك جليا من خالل كتبو اليت محلت ىذا ادلصطلح‬
‫دون غَته‪ ،‬من ذلك ‪ :‬كتابو ادلوسوم بـ (ألف ليلة وليلة‪ :‬حتليل سيميائي حلكاية مجال بغداد‪ /‬مقامات السيوطي‬
‫حتليل سيميائي وغَتىا من ادلؤلفات األخرى)‪.‬‬

‫(سيميائية) من خالل مؤلفو‪( :‬السيميائية أصوذلا وقواعدىا ‪،‬‬ ‫وكذا "رشيد بن مالك" يستخدم ىذا ادلصطلح‬
‫وكتابو‪ :‬مقدمة يف السيميائية السردية) ‪" ،‬وقد ترجم "الطيب البكوش" ادلصطلح إىل العربية باسم "الدالئلية" وذلك‬
‫يف ترمجتو لكتاب مفاتيح األلسنية جلورج مونان (تونس ‪.11")1981‬‬

‫وصلد الدكتور "صالح فضل وعبد اهلل الغذامي" يفضالن االسم األجنيب "السيميولوجيا" ويف ىذا الصدد صلد‬
‫"صالح فضل" يقول‪ " :‬نرى من األفضل إطالق االسم الغريب عليو ألن النقل أوىل من االشتقاق يف استحداث‬
‫األمساء اجلديدة إذا كان ىذا االشتقاق سيؤدي اىل اخللط‪.12"...‬‬

‫إىل‬ ‫أما "ناصر حامد أبو زيد" و "سيز قاسم" فيستخدمان مصطلح (السيميوطيقا) يف كتابتهما‪( :‬مدخل‬
‫السيميوطيقا‪ :‬حول بعض ادلفاىيم واألبعاد)‪.‬‬

‫وصلد "عبد السالم ادلسدي" يفضل تسمية (علم العالمات) حسب ما صلده يف كتابو (األسلوبية واألسلوب)‪،‬‬
‫وغَتىا من الًتمجات األخرى‪.‬‬

‫ووفقا دلا سبق نرى أن ىذا ادلصطلح وقع فيما يسمى بالفوضى واالضطراب ادلصطلحي‪ ،‬وعدم اتفاق الباحثُت‬
‫حول مصطلح واحد‪ ،‬فكل باحث يفضل تسمية معينة كما رأينا‪ ،‬شلا أدى ىذا االضطراب إىل قلق ادلتلقي العريب‬
‫دلثل ىذه النظريات الوافدة من الغرب‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫اإلحاالت ‪:‬‬

‫‪1‬ـ ابن منظور ‪ :‬لسان العرب‪ ،‬مادة (س‪،‬و‪،‬م) ‪،‬اجمللد‪، 3‬دار صادر‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1997 ،1‬ص ‪.372 :‬‬

‫‪2‬ـ رلمع اللغة العربية‪ :‬ادلعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الدعوة ‪،‬مصر‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪،‬ص‪.358.357 :‬‬

‫‪3‬ـ توسان برنار‪ :‬ما ىي السيميولوجيا‪ ،‬تر‪ :‬زلمد نظيف ‪،‬إفريقيا الشرق‪ ،‬ادلغرب‪ ،‬ط‪ ،2000 ،2‬ص‪.09:‬‬

‫‪4‬ـ فرديناند دي سويسر‪ :‬زلاضرات يف األلسنية العامة‪ ،‬تر‪ :‬صاحل القرمادي وآخرون‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬دط‪،‬‬
‫‪ ،1985‬ص‪.37:‬‬

‫‪5‬ـ فيصل األمحر‪ :‬معجم السيميائيات‪ ،‬الدار العربية للعلوم‪ ،‬منشورات االختالف‪،‬اجلزائر ‪ ،‬ط ‪. 2010 ،1‬ص‬
‫‪.17‬‬

‫‪6‬ـ ميجان الرويلي وسعد البازعي‪ :‬دليل الناقد األديب ‪،‬ادلركز الثقايف األديب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ادلغرب‪ ،‬ط‪،2002 ،3‬‬
‫ص‪.177:‬‬

‫‪7‬ـ سيزا قاسم ونصر حامد أبو زيد‪ :‬السيميوطيقا حول بعض ادلفاىيم و األبعاد‪ ،‬نقال عن كتاب أنظمة العالمات‬
‫يف اللغة واألدب والثقافة‪ ،‬ومدخل إىل السيميوطيقا‪ ،‬إلياس العصرية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،1987 ،1‬ص‪.351:‬‬

‫‪ 8‬ـ قدور عبد اهلل ثاين‪ :‬سيميائية الصورة‪ ،‬دار الغرب‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬ص‪.52 :‬‬

‫‪9‬ـ فيصل األمحر‪ :‬معجم السيمائيات‪،‬ص‪.17 :‬‬

‫‪ ،‬رللة اإلبراىيمي لآلداب والعلوم‬ ‫‪10‬ـ مباركية عيسى‪" :‬اخلطاب النقدي السيميائي لدى عبد ادلالك مرتاض"‬
‫اإلنسانية‪ ،‬جامعة برج بوعريريج ‪ ،‬رللد ‪ ،2‬ع‪ ،1‬جانفي ‪ ،2021‬ص‪.405:‬‬

‫‪11‬ـ عصام خلف كامل‪ :‬االجتاه السيميولوجي ونقد الشعر‪ ،‬دار فرحة للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،‬ط ‪ ،1‬دت‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.23‬‬

‫‪12‬ـ صالح فضل‪ :‬نظرية البنائية يف النقد األديب‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،1998 ،1‬ص‪.297:‬‬

‫‪4‬‬

You might also like