You are on page 1of 4

‫محاضرات في مقياس المناهج النقدية الغربية‬

‫األستاذ‪ /‬عدنان فوضيل‬ ‫ماستر‪ 2‬أدب‪ /‬مج‪1‬‬

‫المحاضرة الرابعة المنهج السيميائي‬

‫ظهرت السيميولوجيا مع كل من فردينان دي سوسور وشارلز ساندرس بيرس‪،‬‬


‫وإذا كان تشارلز ساندرس بيرس رائدا للسيميوطيقا االنجليزية فإن سوسور هو‬
‫رائد السيميولوجيا الفرنسية‪ ،‬ولقد حاول البعض أن يفرق بين المصطلحين‪،‬‬
‫فهناك من يرى ّ‬
‫أن " السيميولوجيا تعنى بدراسة نظام محدد من أنظمة‬
‫التوصيل‪ ،‬من خالل عالماته وإشاراته ودراسة الدالت والمعاني أينما وجدت‪،‬‬
‫وعلى الخصوص في النظام اللغوي‪.،‬‬

‫أما السيميوطيقا فتهتم بدراسة االتصال والداللة عبر أنظمة العالمات في علوم‬
‫مختلفة‪ ،‬وفي تطبيقاتها وممارستها الخيالية‪ ،‬فهي تتخصص في االتصال اآللي‪،‬‬
‫واالتصال الحيواني‪ ،‬وتصل إلى أكثر انظمة االتصال االنساني تعقيدا وتركيبا‪،‬‬
‫لغة األساطير‪ ،‬واللغة الشعرية مثال‪ ،‬مستعملة في هذه المجاالت المختلفة علوم‬
‫اللغويات‪ ،‬واألنثروبولوجيا‪ ،‬والمنطق‪ ،‬والفلسفة واأللسنية‪.‬‬

‫درس سوسور العالمة اللغوية ووضع خواصها األساسية‪ ،‬ورأى أنها تندرج‬
‫يقر ّ‬
‫أن العلم سيشهد نشأة‬ ‫ضمن منظومة أكبر هي العالمات بصفة عامة‪ ،‬وبهذا ّ‬
‫علم كبير لينظم العالمات المختلفة‪ ،‬ليعد علم اللغة جزء منه ويخضع لقوانينه‪،‬‬
‫ومنه يعد المنهج السيميائي من إفرازات النظرية اللسانية المعاصرة‪ ،‬وهو منهج‬
‫يقوم على الوصف والتحليل‪ ،‬وصار من المناهج األكثر انتشارا في الساحة‬
‫النقدية العالمية‪ ،‬ورغم هذا التالقح مع المنهج اللساني‪ ،‬إالّ ّ‬
‫ان السيميائية عرفت‬
‫استقالليتها من اللسانيات‪ ،‬وأصبح لها مجالها الخاص عب توظيفها آلليات‬
‫خاصة بها في مقاربة النصوص‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ /1‬المفهوم‪:‬‬

‫عرف السيميائية بقوله‪ :‬هي " حياة العالمات‬


‫يعتبر فردينان دي سوسور ّأول من ّ‬
‫داخل المجتمع"‪ ،‬ليأتي بعده األمريكي شارلز ساندرس بيرس ليفتح أفق الدرس‬
‫السيميائي نحو شياعة العالمة الثقافية‪ ،‬ومنه يمنحها تعريفا شاسعا بقوله‪ " :‬أنها‬
‫شيء يمثل شخص ما لشيء ما"‪ ،‬فاتحا بهذا دالالت شاسعة للعالمة السيميائية‪.‬‬

‫‪ /2‬مقوالت السيميائية‪:‬‬

‫‪ ‬العالمة‪:‬‬
‫تعتبر مفهوما أساسيا ويمكن أن تكون طبيعية‪ ،‬اصطالحية‪ ،‬عرفية‪ ،‬ولقد‬
‫درس سوسور العالمة اللغوية ووضع خصائصها األساسية ورأى أنها‬
‫تندرج ضمن منظومة أكبر هي العالمات بصفة عامة‪.‬‬
‫جاء بعدها بيرس وقام بتحليل أنواع العالمات المختلفة عن طريق التمييز‬
‫بين مستوياتها‪:‬‬
‫‪ ‬العالمة األيقونية‪:‬‬
‫وهي العالمة التي تحيل إلى الشيء الذي تشير إليه بفضل صفات تمتلكها‬
‫تتمثل في عالقة تشابه بي المصورة والمشار إليه‪ ،‬مثل ( الصور‪،‬‬
‫الرسوم البيانية‪ ،‬الخرائط‪ ،‬المجسمات)‪ ،‬فاأليقونة تشبه ما تشير إليه‪.‬‬
‫‪ ‬العالمة االشارية‪:‬‬
‫وهي التي بينها وبين مدلولها تالزم مشهود‪ ،‬وهو العالمة التي تدل على‬
‫الشيء وفقا سببية منطقية كدليل ( الدخان على وجود النار)‪.‬‬
‫‪ ‬العالمة االصطالحية‪:‬‬
‫وهي ما اتفق عليه مجموعة من الناس بناء على مصطلح معين وليس‬
‫بينها وبين ما تدل عليه أي محاكاة‪ ،‬مثال ( إشارات المرور)‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫فاللغة هي مجموعة من الرموز‪ ،‬ومنه شمل الدرس السيميولوجي كل‬
‫العالمات الثقافية كا ( عالمات المأكل‪ ،‬اللباس‪...‬وغيرها)‪.‬‬

‫‪ /3‬اتجاهات السيميائيات‪:‬‬

‫‪ ‬سيميائية الداللة‪ :‬ويتزعمها روالن بارت‪ ،‬وتختص في دراسة األنظمة‬


‫الدالة من خالل التركيز على الثنائيات اللسانية (اللغة‪/‬الكالم‪،‬‬
‫الدال‪/‬المدلول‪.)....‬‬
‫‪ ‬سيمياء التواصل‪ :‬ويتزعمها كل من جورج مونان و بويسنس‪ ،‬وتقوم‬
‫على مبدأ ّ‬
‫أن وظيفة اللسان هي التواصل‪.‬‬
‫‪ ‬سيمياء الثقافة‪ :‬ومن أعالمها نجد‪ :‬يوري لوتمان‪ ،‬امبرتو إيكو‪ ،‬وهذا‬
‫التوجه يرتكز على اعتبار كل الظواهر الثقافية موضوعات تواصلية‬
‫وأنساقا داللية‪.‬‬

‫‪ /4‬أبعاد المنهج السيميولوجي‪:‬‬

‫‪ ‬يعتبر أحد الباحثين ّ‬


‫أن النص في البحث السيميولوجي مجاال للفعل‬
‫اإلنساني‪ ،‬يتمتع بحركية دؤوبة وفاعلية مستمرة ومتشظية‪ ،‬ويفهم من هذا‬
‫الطرح ّ‬
‫أن النصوص صالحة في كل األزمنة‪ ،‬ألنه يحمل دالالت متعددة‬
‫وحده فقط المتلقي من يمنحه تلك الدالالت‪ ،‬فالمتلقي المعاصر يمكنه أن‬
‫يمنح لنص قديم دالالت جديدة مغايرة لدالالته زمن انتاجه‪.‬‬
‫‪ ‬يتداخل النص حسب السيميائية في تفاعل مع المتلقين المختلفي األهواء‬
‫والمنابع والمشارب‪ ،‬وهذا يعني ّ‬
‫أن النص مهما كانت انتماءاته الثقافية‪،‬‬
‫فإنه يقبل التأويل من طرف متلق من ثقافة مغايرة‪.‬‬
‫‪ ‬يعتمد التحليل السيميولوجي للنصوص على‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬التحليل المحايث‪ :‬أي البحث عن الشروط الداخلية وإبعاد كل ما هو‬
‫خارجي‪.‬‬
‫‪ -‬التحليل البنيوي‪ :‬عبر إدراك المعاني داخل النص (نظام العالقات)‪.‬‬
‫‪ -‬تحليل الخطاب‪ :‬البحث في القدرات الخطابية (قدرة بناء نظام إلنتاج‬
‫األقوال)‪.‬‬

‫منه نستنتج أن البحث السيميولوجي يستعين بكل المناهج النسقية السابقة له من‬
‫أجل بناء مقاربة دقيقة تعينه على استقراء النصوص‪ ،‬وكشف عمل العالمات‬
‫داخله‪.‬‬

‫‪4‬‬

You might also like