You are on page 1of 60

‫الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعميـ العالي و البحث العممي‬

‫جامعة قاصدي مرباح ػ ورقمة ػ‬

‫كمية اآلداب و المغات‬

‫قسـ المغة واألدب العربي‬

‫القضايا النقدية في كتاب النقد األدبي في األندلس عصر‬

‫المرابطيف والموحديف ( ‪ 479‬ىػ ‪ 646 -‬ىػ)‬

‫لمدكتور شريؼ عالونو‬


‫مذكرة تخرج مقدمة لنيؿ شيادة الماستر في النقد األدبي و مصطالحاتو‬
‫تخصص‪ :‬نقد أدبي و مصطالحاتو‬
‫إشراؼ الدكتور‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬
‫دحو‬
‫حسيف ّ‬ ‫جمعة نعامي‬
‫نوقشت يوم‪ 25 :‬ماي ‪2017‬م‬
‫من طرف المجنة‪:‬‬

‫رئيسا‬ ‫أستاذة بجامعة ورقمة‬ ‫د‪ .‬أحالـ معمري‬


‫مناقشا‬ ‫أستاذة بجامعة ورقمة‬ ‫د‪ .‬أحالـ بف الشيخ‬
‫مشرفا‬ ‫أستاذ بجامعة ورقمة‬ ‫د‪ .‬حسيف دحو‬
‫الموسـ الجامعي ‪1437:‬ىػ ‪ 1438-‬ىػ ‪2017-2016 /‬ـ‬
‫اإلهداء‬
‫أْذي ثًشح جٓذي ‪:‬‬

‫‪ ‬إنى سٔح جذي انفبضم يذًذ سدًّ هللا‪.‬‬


‫‪ ‬إنى سٔح خبنزً انغبنٍخ آيُخ سدًٓب هللا‪.‬‬
‫‪ ‬إنى يٍ ادزشقذ كبنشًعخ نزٍُش دسثً أيً انذجٍجخ دفظٓب هللا‪.‬‬
‫‪ ‬إنى أثً انغبنً أطبل هللا فً عًشِ‪.‬‬
‫‪ ‬إنى إخٕرً ٔأخٕارً ٔأٔالدٍْ كم ٔادذ ثبسًّ‪.‬‬
‫‪ ‬إنى أخٕانً ٔ خبالرً ٔأعًبيً ٔعًبرً‪.‬‬
‫‪ ‬إنى كم األصذقبء ٔ انصذٌقبد ٔأخص ثبنزكش‪:‬‬
‫دًضح ‪ ،‬عجذ انقبدس ‪ ،‬صكشٌبء ‪ ،‬دًٍذح ‪ ،‬كهثٕو‪ ،‬صهٍذخ‪ ،‬فبطًخ ‪،‬أسًبء‪ ،‬إًٌبٌ‪،‬‬
‫شٓشح‪ ،‬عبئشخ‪ٔ ،‬فبء‪ ،‬سبسح‪.‬‬

‫‪ٔ ‬إنى كم يٍ ٌعشفًُ يٍ قشٌت أٔ يٍ ثعٍذ‪.‬‬


‫‪ٔ ‬أعززس نًٍ نى أركشِ ُْب ٔنكٍ انقهت ال ٌُسبِ‪.‬‬

‫جًعخ‬
‫شكر و عرفان‬

‫انذًذ هلل انزي ثُعًزّ رزى انصبنذبد ٔصم هللا عهى سٍّذَب يذًذ ٔعهى آنّ ٔصذجّ‬

‫انكشاو‪ ،‬أٔال ٔقجم كم شًء أشكش هللا ّ‬


‫عض ٔج ّم عهى رٕفٍقّ نً إلرًبو ْزا انجذث ٔ‬

‫ثعذ‪:‬‬

‫إٌ انقهى نٍعجض أٌ ٌسطش أسًى عجبساد انشكش ٔانزقذٌش نكم يٍ كبٌ نّ انفضم فً‬

‫ي ّذ ٌذ انعٌٕ يٍ قشٌت أٔ ثعٍذ فً سجٍم إَجبص ْزا انجذث انًزٕاضع‪ٔ ،‬أخص‬

‫ثبنشكش انجضٌم األسزبر انًششف انذكزٕس دسٍٍ ددّٕ عهى رٕجٍٓبرّ َٔصبئذّ انزً‬

‫ق ّذيٓب نً‪ٔ ،‬عهى صجشِ ٔرعبَّٔ يعً‪ ،‬كًب أشكش كال يٍ عجذ انسزبس ٔ صكشٌبء‬

‫ٔأشكش كم أسبرزرً ثقسى انهغخ ٔاألدة انعشثً ثجبيعخ قبصذي يشثبح ٔسقهخ ‪.‬‬

‫ٔشكشا‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫االىداء‬

‫الشكر والعرفان‪.‬‬

‫فيرس الموضوعات‪.‬‬

‫‪01‬‬ ‫المقدمة‪.‬‬

‫‪05‬‬ ‫المدخل‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬قضية مفيوم الشعر‪.‬‬

‫‪15‬‬ ‫المبحث الثاني‪:‬قضية المفظ والمعنى‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬قضية القدماء والمحدثين‪.‬‬

‫‪24‬‬ ‫المبحث الرابع ‪ :‬السرقة األدبية الشعرية‪.‬‬

‫‪25‬‬ ‫‪ .1‬السرقة الممدوحة‪.‬‬

‫‪28‬‬ ‫‪ .2‬السرقة المذمومة‪.‬‬

‫‪32‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬أثر البيئة في الشعر‪.‬‬

‫‪37‬‬ ‫الخاتمة‪.‬‬

‫‪41‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‪.‬‬

‫‪44‬‬ ‫الممخص بالمغة العربية‪.‬‬

‫‪46‬‬ ‫الممخص بالمغة الفرنسة‪.‬‬

‫‪48‬‬ ‫الممخص بالمغة اإلنجميزية‪.‬‬


‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫سيد الخمق وأشرف المرسمين أما بعد‪:‬‬


‫بسم اهلل الرحمن الرحيم والصالة والسالم عمى ّ‬

‫عرف النقد العربي عدة تطورات أسيمت بشكل أو بأخر في نضجو من مرحمة إلى‬
‫أخرى‪ ،‬منذ العصر الجاىمي حيث كان النقد بسيطا يعتمد عمى الذوق الفطري فقط غير معمل‬
‫وجزئي‪ ،‬وصوال إلى العصر العباسي الذي بمغت فيو الحضارة العربية ذروتيا بسبب انفتاحيا‬
‫عمى الثقافات األخرى و حدوث تمازج بينيا ‪،‬ىذا األخير تولد عنو ظيور حركة أدبية ونقدية‬
‫كبيرة‪ ،‬حيث بمغ النقد األدبي مرحمة النضوج فتعددت مشاربو وتوسعت مباحثو‪ ،‬ولمعت فيو‬
‫العديد من األسماء‪ ،‬أمثال‪ :‬الجاحظ واألمدي وابن طباطبا وغيرىم‪ ،‬كما خمف العديد من‬
‫المؤلفات النقدية حممت في طياتيا دراسات وآراء نقدية حول عدة قضايا بارزة مثل‪ :‬مفيوم‬
‫الشعر‪ ،‬المفظ والمعنى القديم والحديث‪ ،‬السرقات الشعرية وغيرىا‪ ،‬ىذه القضايا التي ظمت‬
‫لمعديد من العصور محو ار لمدراسة والبحث ‪ ،‬وقد رافقت ىذه الحركة النقدية في المشرق‬
‫العربي مثيمتيا في المغرب العربي ‪ ،‬ولو كانت متأخرة قميال إال أنيا استطاعت أن تترك أثرىا‬
‫في النقد العربي حيث كانت تارة متأثرة بالمشارقة ‪ ،‬وتارة أخرى تأثر المغاربة بالمنطق‬
‫اليوناني األرسطي‪ ،‬في حين اختار تيار آخر بناء نظرية نقدية مغربية خاصة وخالصة من‬
‫كال التيارين السابقين‪ ،‬وقد عالج النقاد المغاربة مختمف القضايا التي عالجيا المشارقة قبميم‬
‫وجددوا فييا من مختمف الزوايا‪ ،‬وامتدت حركة النقد األدبي من المغرب إلى األندلس وشيدت‬
‫ازدىا ار كبي ار خاصة في عصر المرابطين والموحدين ‪ ،‬ومن ىذا ارتئينا أن يكون موضوع‬
‫بحثنا حول القضايا النقدية في األندلس في عصر المرابطين والموحدين من خالل كتاب النقد‬
‫األدبي في األندلس في عصر المرابطين والموحدين لمدكتور شريف عالونو تحت العنوان‬
‫التالي‪:‬‬

‫القضايا النقدية في كتاب النقد األدبي في األندلس عصر المرابطيف والموحديف لمدكتور‬
‫شريؼ عالونو (‪479‬ىػ ‪646-‬ىػ)‪.‬‬

‫ومن أسباب اختيارنا لمموضوع‪:‬‬

‫ز‬
‫مقدمة‬

‫‪ ‬تسميط الضوء عمى النقد األندلسي باألدوات البحثية واإلجرائية ألنو جزء من تراثنا العربي‬
‫لم يحضى بما حضي بو النقد المشرقي‪.‬‬
‫‪ ‬إبراز النقد األندلسي واعادة بعثو واحيائو‪ ،‬والمساعدة عمى انتشاره من خالل االطالع‬
‫عمى أىم أعالمو والمؤلّفات فيو‪.‬‬
‫األندلسية التي تعاني من قمة الدراسات‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬التشجيع عمى ولوج ميدان الدراسات النقدية‬
‫األكاديمية في حقّيا‪.‬‬
‫الممحة في دراسة النقد العربي القديم خاصة نقدنا المغربي واألندلسي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬رغبتنا‬
‫وقادت ىذه األسباب إلى طرح اإلشكالية الكبرى التالية ‪:‬‬

‫ماىي تصورات نقاد األندلس في عصر المرابطيف والموحديف حوؿ أىـ القضايا النقدية‬
‫المطروحة آنذاؾ؟‬

‫وتتفرع عن ىذه اإلشكالية إشكاليات ىي‪:‬‬

‫‪ o‬ماىي اإلضافة التي قدميا نقاد األندلس في ذلك العصر؟‬


‫‪ o‬ماىي أىم العوامل التي ساعدت في نضج النقد األندلسي في ذلك العصر؟‬
‫‪ o‬ىل كانت القضايا النقدية التي عالجيا النقاد في عصر المرابطين والموحدين ىي نفسيا‬
‫عند النقاد المشارقة؟‬
‫وما جرني إلى اتباع الخطة التالية مادة الكتاب‪:‬‬

‫مقدمة‪ :‬تناولنا فييا لمحة عامة عن النقد العربي القديم مرو ار بالنقد في العصر العباسي‬
‫‪ّ ‬‬
‫وصوال إلى النقد في المغرب امتدادا إلى النقد في األندلس‪.‬‬
‫‪ ‬مدخل‪ :‬يصور الحياة الفكرية واألدبية في األندلس في عصر المرابطين والموحدين‪.‬‬
‫ثم قسمنا البحث إلى خمسة مباحث كانت عناوينيا كاآلتي‪:‬‬

‫قضية مفيوم الشعر‪.‬‬


‫‪ ‬المبحث األول‪ّ :‬‬

‫ح‬
‫مقدمة‬

‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬قضية المفظ والمعنى‪.‬‬


‫قضية القدماء والمحدثين‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث الثالث‪ّ :‬‬
‫األدبية الشعرّية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫قضية السرقة‬
‫‪ ‬المبحث الرابع‪ّ :‬‬
‫قضية أثر البيئة في الشعر‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث الخامس‪ّ :‬‬
‫وصمنا إلييا خالل البحث‪.‬‬
‫وختمنا البحث بخاتمة تحوي أىم النتائج التي تَ ّ‬
‫واعتمدنا كميج في معالجة ىذه القضايا عمى المنيج التاريخي وذلك من خالل اداتي المقارنة‬
‫والتحميل ثم استخراج النتائج‪.‬‬
‫البحثية جممة من الصعوبات‪ ،‬إذ ال يخمو أي بحث من الصعوبات‬
‫ّ‬ ‫وقد اعترت مسيرتنا‬
‫لكنيا ال تثنيو عن متابعة مسيرتو واتمام بحثو‪ ،‬ومن أىم‬
‫التي تعيق طريق الباحث‪ّ ،‬‬
‫الصعوبات التي واجيتنا نذكر‪:‬‬
‫‪ o‬طبيعة الموضوع وسعتو وتشعبو‪.‬‬
‫‪ o‬قمّة الدراسات األكاديمية حول النقد األندلسي‪.‬‬
‫‪ o‬قمّة المصادر والمراجع حول الموضوع‪.‬‬
‫وىناك صعوبات كانت نتيجة لمظروف الشخصية‪.‬‬
‫قد اعتمدنا عمى جممة من المصادر والمراجع إلنجاز ىذا العمل منيا ‪:‬‬
‫‪ ‬كتاب النقد االدبي في االندلس عصر المرابطين والموحدين شريف عالونة ‪.‬‬
‫‪ ‬كتاب منياج البمغاء وسراج االدباء حازم القرطاجني‪.‬‬
‫‪ ‬كتاب العمدة في محاسن الشعر ونقده البن رشيق القيرواني‪.‬‬
‫‪ ‬كتاب الذخيرة في محاسن اىل الجيزة البن بسام الشنتريني‪.‬‬
‫وفي األخير ال يسعنا إال أن نشكر األستاذ المشرف عمى مجيوداتو المبذولة إلتمام البحث‪،‬‬
‫وتوجيياتو ونصائحو‪.‬‬
‫تخ‪2017/05/20:‬‬

‫جمعة نعامي‬

‫ط‬
‫مدخل‬
‫المدخل‬

‫الحركة الفكرية واألدبية في األندلس في عصر المرابطيف والموحديف‬

‫يتخذ بحثنا ىذا من األندلس في عصر المرابطين والموحدين إطا ار مكانيا وزمنيا‬
‫لمدراسة ‪ ،‬ولمحديث عن الحركة الفكرية واألدبية والنقدية عامة؛ يجب أوال الحديث عن‬
‫مجاالت الحياة المختمفة ‪ :‬السياسية واالقتصادية واالجتماعية ‪،‬ألنو ال يمكن دراسة األدب‬
‫منعزال عن بقية تمك المجاالت التي كانت سببا رئيسيا في إنتاجو‪ ،‬لذلك ارتأينا أن نقدم لمحة‬
‫وجيزة عن البيئة األندلسية في كل عصر من عصور الدراسة؛ ألن لكل عصر مميزاتو‪،‬‬
‫اشتير المرابطون بالشدة والغمظة وكانوا في بادئ عيدىم بالحكم قوما ذوي جيالة ‪ ،‬فقد سعوا‬
‫إلى تحطيم جميع العموم والفنون والحضارة التي وصل إلييا العرب في األندلس قبل حكميم‬
‫وقاموا بمطاردة العمماء والشعراء‪ ،‬لكن بعد ما استقر حكميم باألندلس تخموا عن شدتيم‬
‫وجيميم‪ ،‬وعني المرابطون بإقامة حضارتيم‪ ،‬فشيدوا المساجد واألسوار العالية والبروج وأقاموا‬
‫القصور والقالع‪ ،‬وباالنتقال إلى عصر الموحدين نالحظ أيضا عدم اىتماميم بالعمم‬
‫تغيرت نظرتيم لمحياة ‪ ،‬و بدأوا بتشجيع‬
‫والحضارة في أوائل عيدىم بالحكم‪ ،‬لكن سرعان ما ّ‬
‫مختمف العموم ‪ ،‬وازدىرت الصناعة والزراعة والتجارة في أنحاء األندلس كافة ‪ ،‬وعم الرخاء‬
‫وانتشرت المعاىد والمدارس وتطورت مظاىر الحضارة ‪ ، 1‬وبالعودة لمحديث عن الحركة‬
‫الفكرية واألدبية في عصر المرابطين والموحدين ‪ ،‬فقد ارتبطت في عصر المرابطين بموقف‬
‫الحكام والوالة بالدرجة األولى فقد كان لو تأثير واضح عمى اإلنتاج األدبي والنقدي‪ ،‬ومن‬
‫الحكام الذين قاموا بتشجيع األدب ونشره نجد األمير إبراىيم بن يوسف بن تاشفين‪ ،‬فابن‬
‫خفاجة ( ت ‪ 533‬ىـ ) يذكر في مقدمة ديوانو أنو عزف عن نظم الشعر زمنا طويال ‪ ،‬لوال‬
‫تشجيع األمير إبراىيم وحثّو عمى قولو‪ ، 2‬ويقول الفتح بف خاقاف ( ت ‪ 529‬ىـ) في صدر‬

‫‪-1‬ينظر‪ :‬يوسف أشباخ‪ ،‬تاريخ األندلس في عصر المرابطين والموحدين ‪ ،‬ج‪ ،2‬ترجمة وتعميق محمد عبد اهلل‬
‫عنان‪،‬المركزلقومي لمترجمة ‪ ،‬القاىرة ‪2011 ،‬م‪،‬ص ‪.252-250‬‬
‫‪-2‬ينظر ‪:‬شريف عالونو‪ ،‬النقد األدبي في األندلس عصر المرابطين والموحدين‪ ،‬ط‪ ،1‬و ازرة الثقافة ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪ 2005‬م ‪،‬ص ‪.15‬‬
‫‪5‬‬
‫المدخل‬
‫وجده‬
‫كتابو ( قالئد العقيان) ‪ « :‬ولـ يزؿ شخص األدب وىو متوار ‪ ،‬وزنده غير وار ‪ّ ،‬‬
‫عاثر ومنيجو داثر‪ ،‬إلى أف أراد اهلل إعالف اسمو ‪ ،‬واحياء رسمو وانارة أفقو ‪ ،‬واعادة‬
‫رونقو ‪ ،‬فبعث مف األمير األجؿ أبي إسحؽ إبراىيـ بف يوسؼ بف تاشفيف ‪ ،‬خمّدا اهلل ممكو‬
‫ووليا‪ ،‬ألبس الدنيا جماال ‪،‬‬
‫وسميا ّ‬
‫ّ‬ ‫حميا ‪ ،‬وىمى عمى األمة‬
‫لمبة المجد ّ‬
‫عميا غدا ّ‬
‫‪ ،‬ممكا ّ‬
‫وجدد ألىميا آماال‪ ،1»..‬وقد اجتمع ألمراء وحكام المرابطين في حاضرتيم عدد من ال ّكتاب‬
‫والشعراء وىو دليل عمى وجود حركة أدبية وشعرية في األندلس في عصرىم حيث يقول عبد‬
‫الواحد المراكشي ( ت ‪ 647‬ىـ ) في حديثو عن األمير إبراىيم بن يوسف بن تاشفين‪« :‬‬
‫واجتمع لو والبنو مف أعياف الكتّاب وفرساف البالغة ما لـ يتّفؽ اجتماعو في عصر مف‬
‫فممف كتب ألمير المسمميف يوسؼ بف أبو بكر المعروؼ بابف القصيرة‪ ،‬أحد‬
‫األعصار ّ‬
‫السبؽ في البالغة ‪ ،‬ثـ كتب لو والبنو بعد أبي بكر ىذا‬
‫رجاؿ الفصاحة‪ ،‬والحائز قصب ّ‬
‫الوزير األجؿ أبو محمد بف عبدوف»‪.2‬‬

‫وفي عصر الموحدين شيدت الحركة الفكرية واألدبية ازدىا ار كبي ار ‪ ،‬خصوصا وقد حظيت‬
‫بعناية أمراء الموحدين الذين كانوا أنفسيم من العمماء ومحبي العمم ‪ ،‬وقد عمموا عمى تشجيع‬
‫دية‬
‫الموح ّ‬
‫ّ‬ ‫العمماء واألدباء والشعراء‪ ،‬ونذكر منيم بن تومرت ( ت ‪ 524‬ىـ) مؤسس الدولة‬
‫يقرب العمماء إليو‬
‫وقد كان من المتبحرين في العمم‪ ،‬وكان عبد المؤمن بن عمي محبا لمعمم ّ‬
‫ويشجعيم وكان‪ «:‬يستدعييـ مف البالد إلى الجوار بحضرتو‪ ،‬ويجري عمييـ األرزاؽ‬
‫ويظير التنويو بيـ و اإلعظاـ ليـ»‪.3‬‬
‫الواسعة ُ‬

‫ومن أجل تصوير الحركة الفكرية واألدبية في األندلس في عصر المرابطين والموحدين‪،‬‬
‫سنعرض لمحة وجيزة عن الحياة الثقافية في العصرين ومنو سوف نذكر جممة من الكتّاب‬

‫‪-1‬الفتح ابن خاقان‪ :‬قالئد العقيان ومحاسن األعيان ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬حسين خريوش‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة المنار ‪ ،‬الزرقاء‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪1989‬م‪،‬ص ‪.45‬‬

‫‪-2‬عبد الواحد المراكشي‪ :‬المعجب في تمخيص أخبار المغرب‪ ،‬تح‪ :‬محمد سعيد العريان ‪،‬القاىرة ‪ ، 1963 ،‬ص ‪.236‬‬
‫‪-3‬عبد الواحد المراكشي‪ ،‬المعجب في أخبار أىل المغرب‪،‬ص ‪.269‬‬
‫‪6‬‬
‫المدخل‬
‫والمؤلفين والمؤلفات في مختمف العموم مثل‪ :‬الدين‪ ،‬الفقو‪ ،‬الدراسات المغوية‪ ،‬الفمسفة‪ ،‬الطب‪،‬‬
‫الرياضيات‪....‬ألخ‪ ،‬ومنيا‪:‬‬

‫‪ ‬العموم الدينية والفقيية ‪:‬‬


‫عياض‬
‫‪ ‬كتاب (ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعالم مذىب مالك) لمقاضي ّ‬
‫( ت ‪544‬ىـ)‪.‬‬
‫المذىب في معرفة أعيان عمماء المذىب) البن فرجون ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬كتاب ( الديباج‬
‫‪ ‬كتاب ( الصمة) البن بشكوال ( ت ‪ 578‬ىـ)‪.‬‬
‫لمضبي ( ت ‪ 599‬ىـ )‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المتمبس)‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬كتاب ( بغية‬
‫أما في عصر الموحدين ظير عمماء كثيرون في الفقو والتفسير والقراءات منيم‪:‬‬
‫‪ ‬أبو عبد اهلل محمد بن عمي بن العابد االنصاري ‪ ،‬ألف كتاب في تفسير الكتاب‬
‫العزيز‪.‬‬
‫المجودون ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القراء‬
‫الدباج‪ ،‬من ّ‬
‫‪ ‬أبو الحسن عمي بن جابر ّ‬
‫الحق بن عبد الرحمن االشبيمي‪ ،‬من عمماء الحديث‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬أبو محمد عبد‬
‫الفخار عمي بن إبراىيم‪.‬‬
‫‪ ‬ابن ّ‬
‫وفي الدراسات المغوية نجد‪:‬‬

‫‪ -‬كتاب ( نفخ الطّيب ) البن سعيد المغربي ( ت ‪ 685‬ىـ)‪.‬‬


‫مضاء القرطبي (ت ‪ 592‬ىـ)‪.‬‬
‫‪ -‬ابن ّ‬
‫دحية الكالبي‪.‬‬
‫‪ -‬أبو الخطّاب عمر بن الحسن بن ّ‬

‫‪ ‬الفمسفة ‪:‬‬
‫‪ -‬أبو بكر بن باجة ( ت ‪ 533‬ىـ)‪.‬‬
‫‪ -‬ابن طفيل ( ت ‪ 588‬ىـ)‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫المدخل‬
‫‪ -‬ابن رشد ( ت ‪ 595‬ىـ)‪.‬‬
‫‪ ‬الطب ‪:‬‬
‫‪ -‬ابن زىر أبي العالء زىر بن عبد الممك بن زىر ( ت ‪ 525‬ىـ)‪.‬‬
‫‪ -‬حفيده أبو بكر بن محمد بن أبي مروان عبد الممك بن زىر( ت ‪595‬ىـ)‪.‬‬
‫‪ ‬في عمم النبات‪:‬‬
‫الرومية اإلشبيمي ( ت ‪ 637‬ىـ)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬ابن‬
‫‪ -‬ابن البيطار المالقي( ت ‪ 646‬ىـ)‪.‬‬
‫‪ ‬في الرياضيات‪:‬‬
‫‪ -‬عمي بن خمف بن غالب األنصاري‪.‬‬
‫أما عن الحركة األدبية والشعرية في األندلس في عصر المرابطين والموحدين‪ ،‬فنجد‬
‫مجموعة من الشعراء البارعين في عصر المرابطين منيم‪:‬‬
‫‪ -‬ابن عبدون التجيبي( ت ‪ 520‬ىـ)‪.‬‬
‫‪ -‬ابن حميدس الصقمّي ( ت ‪ 527‬ىـ)‪.‬‬
‫‪ -‬ابن الزقّاق البمنسي( ت ‪ 530‬ىـ)‪.‬‬
‫‪ -‬األعمى التطيمي( ت ‪ 542‬ىـ )‪.‬‬
‫أما في عصر الموحدين فقد اىتم الشعراء باألدب شع ار ونث ار ‪ ،‬وكانوا يمنحون‬
‫التحفيزات لمشعراء ويقيمون الندوات الشعرية ‪ ،‬ومن أىم الشعراء نذكر‪:‬‬

‫‪ -‬محمد بن غالب البمنسي( ت ‪ 572‬ىـ)‪.‬‬


‫‪ -‬أبو الحسن عمي بن حزمون ( ت ‪ 614‬ىـ)‪.‬‬
‫أما في النثر فنجد من الكتّاب المشيورين ‪:‬‬
‫‪ -‬أبي عبد بن السيد البطميوسي ( ت ‪ 521‬ىـ)‪.‬‬
‫األبار( ت ‪ 658‬ىـ)‪.‬‬
‫‪ -‬ابن ّ‬
‫‪ -‬ابن بشكوال( ت ‪ 578‬ىـ )‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫المدخل‬
‫‪ -‬ال ّشقندي ( ت ‪ 629‬ىـ )‪.‬‬
‫‪ -‬أبي المطرف بن عميرة ( ت ‪ 658‬ىـ)‪.‬‬
‫‪ -‬صفوان بن ادريس التجيبي( ت ‪ 598‬ىـ)‪.‬‬
‫الجنان ( ت ‪ 650‬ىـ) ‪.‬‬
‫‪ -‬ابن ّ‬
‫أما في النقد والتراجم و السير و المقامات والرسائل فنجد من األسماء‪:‬‬
‫‪ -‬الفتح بن خاقان ( ت ‪ 529‬ىـ) صاحب كتابي ( قالئد العقيان) و( مطمع األنفس‬
‫)‪.‬‬
‫‪ -‬ابن بسام ( ت ‪ 542‬ىـ ) صاحب موسوعة الذخيرة ‪.‬‬
‫المزومية ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السرقسطي ( ت ‪ 538‬ىـ) صاحب المقامات‬
‫‪ -‬محمد بن يوسف ّ‬
‫األبارالقضاعي صاحب كتاب تحفة القادم ‪.‬‬
‫‪ -‬ابن ّ‬
‫‪ -‬أبو الحسن عمي بن سعيد( ت ‪ 685‬ىـ) صاحب كتاب المغرب في حمى‬
‫المغرب‪.1‬‬
‫ومن خالل ما تم عرضو حول الحركة األدبية في األندلس خاصة في عصر‬
‫الموحدين نرى أنيا كانت مزدىرة فقد ترك لنا المألفون في ىذا العصر العديد من المؤلفات‬
‫التي كانت مصدر إليام لمن جاء بعدىم حتى عصرنا ىذا‪.‬‬

‫‪-1‬ينظر ‪ :‬شريف عالونو‪ ،‬ص‪.26 -16‬‬

‫‪9‬‬
‫المبحث األول‬
‫المبحث األول‪:‬‬
‫قضية مفيوم الشعر‬

‫قضية مفيوـ الشعر‪:‬‬

‫تعد قضية مفيوم الشعر من القضايا النقدية‪ ،‬التي شغمت النقاد العرب في محاولة‬
‫منيم إلعطاء مفيوم أو تعريف مناسب لمشعر‪،‬ومن بين ىؤالء النقاد جميعا؛ نجد قدامة بف‬
‫جعفر‬

‫قدم مفيوما أو تعريفا لمشعر غمب عمى كل التعاريف حيث يقول‪ « :‬قوؿ‬
‫( ت ‪ 337‬ىـ) قد ّ‬
‫موزوف مقفى داؿ عمى معنى »‪1‬؛ فالشعر عند قدامة كالم ذا وزن وقافية يدل عمى معنى‪،‬‬
‫وىو عند ابف فارس(ت‪395‬ىـ)‪ « :‬كالـ موزوف مقفى دؿ عمى معنى ويكوف أكثر مف‬
‫بيت‪ ...‬ألنو جائز اتفاؽ سطر واحد بوزف يشبو وزف الشعر عف غير قصد »‪ ،2‬فابن فارس‬
‫يرى أن الشعر كالم موزون ومقفى ودال عمى معنى لكن يشترط أن يقع في أكثر من بيت‬
‫ويبرر رأيو بأنو يمكن أن يقع اتفاق سطر واحد موزون مثل الشعر ولكن يكون ذلك بغير‬
‫قصد‪ ،‬أما النقاد األندلسيين خاصة في عصر المرابطين والموحدين‪ ،‬فقد اختمفت آراءىم حول‬
‫مفيوم الشعر‪ ،‬إذ يقول ابف رشيؽ القيرواني( ت ‪ 436‬ىـ)‪«:‬الشعر يقوـ بعد النية مف أربعة‬
‫أشياء وىي‪ :‬المفظ والوزف والمعنى والقافية‪ ،‬وىذا ىو حد الشعر»‪.3‬‬

‫من خالل تحميل ىذا القول‪ ،‬يتبدى لنا أن الشعر عند ابن رشيق يرتكز عمى ثالثة‬
‫عناصر وىي‪:‬‬

‫‪-1‬قدامة بن جعفر ‪ :‬نقد الشعر ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬س‪.‬أ‪.‬نيباكر ‪،‬مطبعة بريل ‪،‬ليدن (؟)‪،‬ص‪.2‬‬
‫‪-2‬احمد بن فارس ‪:‬الصاحبي في فقو المغة العربية وسنن العرب في كالميم ‪،‬تحقيق السيد احمد صقر ‪،‬مصر ‪1977،‬م ‪،‬‬
‫ص ‪465‬‬
‫‪-3‬ابن رشيق القيرواني ‪ :‬العمدة في صناعة الشعر ونقده ‪ ،‬تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد ‪،‬ط‪ ، 3‬مطبعة السعادة‬
‫‪،‬القاىرة ‪ 1963،‬م‪/1،‬ص ‪99‬‬
‫‪11‬‬
‫المبحث األول‪:‬‬
‫قضية مفيوم الشعر‬

‫❶النية‪:‬ويراد بيا الموىبة التي يمتمكيا قائل الشعر‪ ،‬أي قدرة الشاعر عمى قول الشعر‪ ،‬وال‬

‫يتأتى لو ذلك إال من خالل اكتسابو ممكة لغوية‪ ،‬فيحشد لقول الشعر مجموعة من األلفاظ‬
‫والمعاني في ذىنو ويتخير منيا ما يتناسب مع موضوعو ـ‬

‫❷مكونات الشعر‪ :‬يرتكز الشعر عند ابن رشيق عمى أربعة عناصر أساسية وىي‪:‬‬

‫أ‪ -‬المفظ‪ :‬تعتبر األلفاظ ىي القالب الشكمي لمشعر‪ ،‬فعمى الشاعر أن يتخير المفظ الجيد‬
‫الذي يتناسب مع المعنى المقصود‪ ،‬ويجب أن تكون األلفاظ المنتقاة متناسبة مع‬
‫المعنى‪ ،‬من حيث بالغتيا ودقتيا وجماليا غير بعيدة أو شاذة عن المعنى المراد‪،‬‬
‫ألن األلفاظ تحمل المعاني وعمى قدر المعنى يجب أن يكون المفظ‪ ،‬فالمعنى الشريف‬
‫يحممو المفظ الشريف‪ ،‬والمعنى الضعيف يحممو المفظ الضعيف‪.‬‬
‫ب‪ -‬الوزف‪:‬يأتي الوزن عند ابن رشيق في المرتبة الثانية بعد اختيار المفظ‪ ،‬ألن الشعر‬
‫يعتمد عمى اإليقاع‪ ،‬وال يتحقق اإليقاع إال باختيار األلفاظ المناسبة‪ ،‬فالشاعر بعد‬
‫اختيار األلفاظ يختار من البحور ما يتالءم مع موضوعو‪ ،‬فالوزن الجيد تسحر بو‬
‫ويسيِّل عمى المتمقي حفظ‬
‫األلباب وتطرب لو اآلذان ويحب المتمقي إعادة سماعو‪ُ ،‬‬
‫الشعر‪.‬‬
‫ج‪ -‬المعنى‪ :‬يأتي المعنى ثالث العناصر في ترتيب مكونات الشعر‪ ،‬وليس ىذا الترتيب‬
‫اعتباطيا بل جعمو ابن رشيق عمى ىذا النحو عمدا‪ ،‬إذ يأتي المعنى بعد اختيار‬
‫األل فاظ والوزن ألن األلفاظ الجيدة ذات اإليقاع الحسن الجذاب‪ ،‬تجعل المعنى يقع في‬
‫نفس السامع أو المتمقي فيعمل ذىنو في تحميمو واكتشاف خباياه والوصول إلى ما‬
‫أراده الشاعر وبيذا تتحقق العالقة بين الشاعر والمتمقي‪ ،‬والمعاني ال يمكن لممتمقي‬
‫الوصول ألييا إال إذا عبر عنيا الشاعر بألفاظ تكون عمى قدرىا‪ ،‬ألن المعاني‬

‫‪11‬‬
‫المبحث األول‪:‬‬
‫قضية مفيوم الشعر‬

‫متصورات ذىنية واأللفاظ المعبرة عنيا ىي انعكاس ليا فالواقع والمفظ والمعنى وجيان‬
‫لعممة واحدة‪.‬‬
‫د‪ -‬القافية‪ :‬ىي آخر العناصر مرتبة في مكونات الشعر وال يستقيم الشعر إال بيا‪ ،‬وليذا‬
‫يجب أن تكون خالية من الزحافات والعمل حتى ال يكون الوزن مختال وركيكا وال‬
‫يستيوي المتمقي‪.‬‬

‫❸حد الشعر‪ :‬ىو عند ابن رشيق توفر العناصر األربعة المكونة لمشعر وىي‪ :‬األلفاظ‪،‬‬

‫الوزن‪ ،‬المعنى‪ ،‬القافية مرتبة بيذا الترتيب‪.‬‬

‫إذا فمفيوم الشعر عند ابن رشيق يقوم عمى ثالثة عناصر وىي‪ :‬النية‪ ،‬ومكونات الشعر‪،‬‬
‫وحد الشعر‪.‬‬

‫أما الرندي( ت ‪ 685‬ىـ) فيضيف قائال‪« :‬الشعر ما نظـ بالقصد مف الكالـ عمى‬
‫وزف معموـ وقافية مقترحة‪ ،‬وقد يأتي مف الكالـ ما ىو عمى وزف الشعر وليس بشعر‪،‬‬
‫ألنو خرج اتفاقا ال قصدا»‪.1‬‬

‫فيو من خالل قولو ىذا‪ ،‬يتضح أنو يضع لمفيوم الشعر ثالثة شروط ىي‪:‬‬

‫أ‪ -‬القصد‪ :‬وىو النية لقول الشعر فيناك من الناس من يقول كالما مثل الشعر وال يقصد‬
‫بو شعرا‪.‬‬
‫ب‪ -‬الوزف المعموـ ‪ :‬ويقصد بو أحد البحور الشعرية المشيورة في نظم األشعار‪ ،‬فيختار‬
‫الشاعر الوزن الذي يتناسب مع موضوعو‪.‬‬
‫ج‪ -‬القافية المقترحة‪ :‬القافية ىي شيء اختياري بالنسبة لمشاعر‪ ،‬فيختار القافية التي‬
‫تتناسب مع موضوعو وألفاظو والوزن‪.‬‬

‫‪-1‬أبو البقاء الرندي ‪:‬الوافً فً نظم القوافً ‪ /‬مٌكروفٌلم ‪،‬ورقة ‪. 98‬‬


‫‪11‬‬
‫المبحث األول‪:‬‬
‫قضية مفيوم الشعر‬

‫ويشترط الرندي الوزن المعموم والقافية المقترحة ألنو يوجد من الكالم ماىو عمى وزن‬
‫الشعر وليس بشعر‪ ،‬مثل النظم واألراجيز التي يعمد إلييا في الشعر التعميمي قصد تسييل‬
‫حفظ العموم‪ ،‬ألن ىذا النوع من الكالم يأتي متفقا عميو وال يقصد بو الشعر ‪.‬‬

‫أما حازـ القرطاجني( ت ‪ 684‬ىـ) في تعريفو لمشعر فيذىب إلى أعمق مما ذىب‬
‫إليو سابقيو من خالل قولو‪« :‬الشعر كالـ موزوف ومقفى مف شأنو أف يحبب لمنفس ما‬
‫قصد تحبيبو إلييا‪ ،‬ويكره إلييا ما قصد تكرييو‪ ،‬لتحمؿ بذلؾ عمى طمبو أو اليرب منو‪ ،‬بما‬
‫يتضمف مف حسف تخييؿ لو‪ ،‬ومحاكاة مستقمة بنفسيا أو متصورة بحسف ىيئة تأليؼ‬
‫الكالـ‪ ،‬أو قوة صدقو‪ ،‬أو قوة شيرتو‪ ،‬أو بمجموع ذلؾ‪ ،‬وكؿ ذلؾ يتأكد بما يقترف بو مف‬
‫إغراب‪ ،‬فإف االستغراب والتعجب حركة لمنفس‪ ،‬إذا اقترنت بحركتيما الخيالية قوي انفعاليا‬
‫وتأثرىا»‪.1‬‬

‫من خالل التعريف السابق لحازم القرطاجني لمشعر‪ ،‬نالحظ أنو يتشاطر الجزء األول‬
‫منو مع قدامو بف جعفر في قولو‪« :‬الشعر كالـ موزوف ومقفى»‪ ،‬ثم يحدد حازم وظيفة‬
‫الشعر وىي عنده التحبيب والتنفير‪ ،‬أي أن الشاعر عند قولو الشعر إذا شاء من خاللو حبب‬
‫النفوس إليو وجذبيا وذكر ما تحبو وتطيب بو‪ ،‬وعمل إقناع الناس بما يريد‪ ،‬وان شاء من‬
‫خالل شعره كره إلى النفوس ما أراد تكرييو‪ ،‬فالشاعر من خالل شعره لو دور كبير في‬
‫المجتمع فيو يستطيع استغالل شعره وذلك من خالل غرس القيم األخالقية واالجتماعية‬
‫الحميدة‪ ،‬أو من خالل حث الناس عمى االبتعاد عن القيم الذميمة‪ ،‬وبيذا تحمل النفوس عمى‬
‫طمبو أو اليرب منو وال يتحقق لو ذلك إال بإتباعو جممة من العناصر متفرقة أو مجتمعة‬
‫كانت قد ذكرىا حازم في تعريفو لمشعر سنأتي عمى شرحيا كاآلتي‪:‬‬

‫‪-1‬حازم القرطاجنً ‪ :‬منهاج البلغاء وسراج االدباء ‪،‬تحقٌق وتقدٌم محمد الحبٌب خوجة‪،‬ط ‪ ، 1‬دار المغرب اإلسالمً‬
‫‪،‬بٌروت ‪،1986،‬ص ‪،71‬‬
‫‪11‬‬
‫المبحث األول‪:‬‬
‫قضية مفيوم الشعر‬

‫أوال‪ -‬حسف التخييؿ‪ :‬يعتبر الخيال أىم العوامل في الشعر‪ ،‬ولذلك عمى الشاعر اختيار‬
‫مجموعة من الصور الخيالية تجعل المتمقي يعمل فكره لحل شفراتيا والوصول إلى مقاصد‬
‫الشاعر‪ ،‬مستعمال أقصى ما يمكن من االستعارات والمجازات والصور البيانية والبالغية في‬
‫تركيبة من األلفاظ والمعاني ال تتأتى لممتمقي بسيولة‪ ،‬بل عميو القراءة مرات ومرات ليغوص‬
‫في تحميميا وىنا تتحقق جمالية اإلبداع ‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬المحاكاة‪ :‬المحاكاة مصطمح جديد في النقد العربي‪ ،‬وقد استمده حازم من أرسطو‪،‬‬
‫حيث قسميا إلى قسمين ىما‪:‬‬

‫‪ .1‬محاكاة مستقمة‪ :‬وىي أن يحاكي الشاعر صورة لم تكن موجودة من قبل بل صنعيا‬
‫ىو في ذىنو فيحاكييا كما ىي‪ ،‬أي يحاول التعبير عنيا بألفاظ مناسبة ليا‬
‫تماما‪،‬ونقميا إلى المتمقي في صورة يمكنو فيميا‪.‬‬
‫‪ .2‬محاكاة متصورة‪ :‬ويقصد بيا حازم أن يحاكي الشاعر الواقع ولكن بصورة فنية‬
‫جمالية يستطيع من خالليا أن يشد المتمقي إليو‪.‬‬
‫وال تتحقق ىذه المحاكاة المتصورة إال من خالل‪ :‬حسن ىيئة تأليف الكالم أي اخراج‬
‫الكالم في أحسن تركيبة وأحسن صورة بمجموع األلفاظ والمعاني المتالئمة مع بعضيا‬
‫البعض‪ ،‬أو قوة صدق الكالم أي يجب أن يكون الكالم صادقا معب ار عمى حقيقة ما في نفس‬
‫الشاعر وصادقا في نقل واقع المجتمع ومعب ار عن حالو‪ ،‬ألن الشاعر إذا كان صادقا يؤثر‬
‫في المتمقي حتى وان كان الصدق في أمر غير محبب إليو‪ ،‬ويعد حازم أول من دعا إلى‬
‫الصدق في الشعر ألن العرب كانت تؤثر قوليا المأثور أن (أعذب الشعر أكذبو)‪ ،‬أو قوة‬
‫شيرتو أي شيرة الكالم أو شيرة قائمو ألن ىناك معاني مشيورة يتداوليا الشعراء بينيم وكمما‬
‫استعمميا الشاعر قوي شعره وتقبمو الناس واشتير بينيم‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫المبحث األول‪:‬‬
‫قضية مفيوم الشعر‬

‫وىذه العناصر من حسن ىيئة تأليف الكالم وقوة صدقو وقوة شيرتو‪ ،‬تتحقق بيا‬
‫المحاكاة المتصورة متفرقة كانت أو مجتمعة معا‪ ،‬وىذه العناصر ال تتأكد ىي في حد ذاتيا‬
‫إال من خالل ما يقترن بيا من إغراب ألن االستغراب والتعجب من حركات النفس أي‬
‫انفعاالتيا ومشاعرىا‪ ،‬واذا اقترنت حركات النفس ىذه بحركتيا الخيالية قوي انفعاليا وتأثرىا‪،‬‬
‫أي كمما اقترنت البواعث والمييآت وىي الصور الخيالية الموجودة في الذىن بالمشاعر‬
‫واالنفعاالت كمما كان تأثير الشعر أكبر في النفوس‪.‬‬

‫إذن فحازم من خالل تعريفو لمشعر يؤكد عمى وظيفة الشعر؛ وىي التحبيب والتنفير‬
‫باالعتماد عمى بعض العناصر منيا الخيال والمحاكاة واالعتماد عمى البواعث والمييآت‬
‫واالنفعاالت والمشاعر‪.‬‬

‫ومن خالل ما تم عرضو من آراء بعض نقاد األندلس في عصر المرابطين والموحدين‬
‫حول قضية مفيوم الشعر أو تحديد تعريفو‪ ،‬نالحظ أنيم جميعا يؤكدون عمى ضرورة الوزن‬
‫والقافية كأساس لمشعر أو كشيء يميزه عن النثر‪ ،‬كذلك المفظ والمعنى‪ ،‬أما ما أضافو ىؤالء‬
‫فيو النية والقصد‪ ،‬الخيال‪ ،‬المحاكاة‪ ،‬الصدق‪ ،‬الشيرة‪ ،‬التأثير‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫قضٌة اللفظ والمعنى‬ ‫المبحث الثانً ‪:‬‬

‫قضية المفظ والمعنى‪:‬‬

‫تعد قضية المفظ والمعنى من القضايا النقدية البارزة في النقد العربي القديم‪ ،‬حيث‬
‫يقول ابف طباطبا( ت ‪322‬ىػ) في ىذه القضية « والكالـ الذي ال معنى لو كالجسد الذي ال‬
‫روح فيو‪ ،‬كما قاؿ بعض الحكماء‪ :‬لمكالـ جسد وروح‪ ،‬فجسده النطؽ وروحو معناه»‪ ،1‬فقد‬
‫جعل ابن طباطبا المعاني من األلفاظ بمنزلة الروح من الجسد‪ ،‬ونحى نحوه ابف رشيؽ‬
‫القيرواني حيث يقول‪ « :‬المفظ جسـ وروحو معناه وارتباطو بو كارتباط الروح بالجسـ‬
‫يضعؼ بضعفو‪ ،‬ويقوى بقوتو فإذا سمـ المعنى واختؿ بعض المفظ كاف نقصا لمشعر وىجنا‬
‫لو‪ ...‬و كذلؾ إف ضعؼ المعنى واختؿ بعضو كاف المفظ مف ذلؾ أوفر حظ‪ .. ..‬فإف اختؿ‬
‫كمّو وفسد بقي المفظ مواتا ال فائدة منو »‪ ، 2‬فابن رشيق يشبو المعاني واأللفاظ بالروح‬
‫يبين أن أي اختالل في المفظ مثل اإلعاقة في الجسم‪ ،‬ينقص من الشعر‪ ،‬أما‬
‫والجسد‪ ،‬ثم ّ‬
‫ميتا ال فائدة منو‪ ،‬وقد تناول نقاد األندلس ىذه القضية‬
‫اختالل المعنى وىو الروح يجعل المفظ ّ‬
‫بالدراسة أيضا‪ ،‬خاصة في عصر المرابطين والموحدين وسنعرض بالتحميل جممة من اآلراء‬
‫النقدية األندلسية في ىذه القضية‪ ،‬إذ يقول ابف السراج الشنتريني‪«:‬البالغة ألفاظ ومعاف‬
‫ىي مف األلفاظ بمنزلة الروح مف الجسد‪ ،‬وال تتـ البالغة إال بصحتيما»‪.3‬‬
‫يرى ابن السراج الشنتريني أن البالغة عبارة عن ألفاظ ومعان‪ ،‬بحيث تكون ىذه‬
‫المعاني بمنزلة الروح من الجسد‪ ،‬أي أن المعاني ىي من تكسب األلفاظ الحياة وتكتب ليا‬
‫االستمرار فيما وجيان لعممة واحدة‪ ،‬ويقول أيضا أن البالغة ال تتم إال بصحتيما وعميو‬
‫يجب أن يكون ىناك تالءم بينيما‪ ،‬فعمى قدر المعنى يكون المفظ‪.‬‬

‫‪-1‬ابن طباطبا العلوي ‪ :‬عٌار الشعر ‪،‬تحقٌق ‪:‬طه الحاجري وزغلول سالم ‪ ،‬شركة فن الطباعة ‪ ،‬القاهرة ‪،1956 ،‬ص‬
‫‪.17‬‬
‫‪-2‬ابن رشٌق القٌروانً ‪ :‬العمدة ‪،‬ج‪،1‬ص ‪.111‬‬
‫‪-3‬حممد رضوان الداية ‪ :‬تاريخ النقد االديب يف االندلس ‪،‬ط ‪ ،2‬مؤسسة الرسالة ‪،‬بريوت‪،1891،‬ص ‪.444‬‬
‫‪18‬‬
‫قضٌة اللفظ والمعنى‬ ‫المبحث الثانً ‪:‬‬

‫ويقول في موضع آخر في نفس القضية‪« :‬واألولى أف نعطي كؿ واحد حقو‪ ،‬وال‬
‫يحرـ مف الفضؿ قسطو‪ ،‬فقد قيؿ‪ :‬البميغ يحوؾ الكالـ عمى حسب المعاني‪ ،‬ويحيؾ األلفاظ‬
‫عمى قدر المعاني»‪.1‬‬
‫يدعو ابن السراج من خالل قولو السابق‪ ،‬إلى ضرورة إعطاء كل واحد حقو ويقصد‬
‫المفظ والمعنى‪ ،‬فإن كان أحدىما جيدا حق إنصافو واإلشادة بو‪ ،‬ثم يستشيد بقول أن البميغ‬
‫يحوك الكالم عمى حسب المعاني‪ ،‬أي أن الشاعر البميغ ىو الذي ينسج األلفاظ عمى حسب‬
‫المعاني التي يريدىا فتكون األلفاظ مساوية لممعاني ال تزيد عنيا فيكون ىناك تكمف وال تقل‬
‫عنيا فتكون ضعيفة ويقل شأنيا‪ ،‬ويقول يحيك األلفاظ عمى قدر المعاني أي يجمع األلفاظ‬
‫بعضيا إلى بعض مثمما يجمع الخياط قطع الثوب ويخيطيا لتعطي في النياية ثوبا جميال‬
‫ومتناسقا‪ ،‬كذلك ىو الحال بالنسبة لمشاعر يجمع األلفاظ مع بعضيا في ت اركيب متناسبة مع‬
‫المعاني التي في ذىنو‪ ،‬فينتج في األخير قصيدة جميمة متناسبة من حيث األلفاظ والمعاني‬
‫متناسقة األوزان والقوافي‪ ،‬واذا كانت كذلك حظيت باىتمام كبير لدى المتمقين‪ ،‬وذاع صيتيا‬
‫واشتير قائميا‪.‬‬
‫من خالل ما تم عرضو من آراء البن السراج الشنتريني يمكننا أن نستخمص موقفو‬
‫من ىذه القضية حيث نرى أنو ال ينتصر ألحدىما عمى حساب األخر وانما يقف موقفا‬
‫وسطيا ويدعو إلى ضرورة إعطاء كل منيما حقو‪.‬‬
‫أما حازم القرطاجني فيضيف قائال‪« :‬لقد تبيف أف أفضؿ المواد المعنوية في الشعر ما‬
‫صدؽ وكاف مشتيرا‪ ،‬وأحسف األلفاظ ما عذب ولـ يبتذؿ في االستعماؿ‪ ،‬وكالمنا ليس‬
‫‪2‬‬
‫واجبا عمى الشاعر لزومو بؿ مؤث ار حيث يمكف ذلؾ»‬
‫من خالل تحميمنا ليذا القول يتبين موقف حازم من قضية المفظ والمعنى وىو ينقسم إلى‬
‫قسمين ىما‪:‬‬

‫‪-1‬المرجع نفسه ‪،‬نفس الصفحة‪.‬‬


‫‪-2‬حازم القرطاجين ‪:‬منهاج البلغاء ‪،‬ص ‪.92‬‬
‫‪19‬‬
‫قضٌة اللفظ والمعنى‬ ‫المبحث الثانً ‪:‬‬

‫‪ )1‬ما يخص المعنى‪ :‬يرى حازم أن أفضل المعاني ما صدق وكان مشتيرا‪ ،‬وسنشرح ذلك‬
‫كاآلتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬صدؽ المعاني‪ :‬يفضل حازم من المعاني ما كان صادقا‪ ،‬معب ار عن تجربة الشاعر‬
‫الحياتية أو تجارب عايشيا في مجتمعو‪ ،‬بعيدة عن الكذب أو ما يتناقل الناس من‬
‫أساطير وخرافات‪ ،‬كذلك من المعاني الصادقة ما يؤثر في الناس ويجعميم يبحثون‬
‫عن الحقيقة فميل حازم إلى التصديق ظاىر وىنا يقول محمد التجاني محجوبي‪«:‬‬
‫وحيف يتساءؿ حازـ في قيمة الصدؽ والكذب في ذاتو كوسيمة ال مفر منيا في‬
‫إحداث التأثير التخييمي المنشود نجده‪،‬ال يخفي ميمو إلى التصديؽ‪ ،‬دفعا لشبية‬
‫تغميب الكذب عمى الشعر‪ ،‬وىو لذلؾ ال يجد شؾ في( أف المعاني الصادقة ىي‬
‫أفضؿ ما يستعمؿ في الشعر ألنيا تحرؾ النفوس إلى ما يراد منيا‪ ،‬تحريكا أشد مف‬
‫تحريؾ األقاويؿ البادية الكذب‪ ،‬فميست تحرؾ األقاويؿ الكاذبة إال حيث يكوف في‬
‫الكذب بعض خفاء‪ ،‬أو حيث يحمؿ النفس شدة ولعيا بكالـ لفرط ما أبدع فيو‪ ،‬عمى‬
‫االنقياد لمقتضاه‪ ،‬واف كاف مما يكره أو يصدؽ الحظ عميو‪ ،‬ومع ىذا فتحريكيا دوف‬
‫تحريؾ األقاويؿ الصادقة إذا تساوى فييما الخياؿ وما يعضده مما داخؿ الكالـ‬
‫وخارجو‪ ،‬فتحريؾ الصادقة عاـ فييا قوي‪ ،‬وتحريؾ الكاذبة خاص فييا ضعيؼ‪ ،‬وما‬
‫عـ التحريؾ فيو وقوي كاف أخمؽ بأف يجعؿ عمدة في االستعماؿ حيث يتأتى »‪،1‬‬
‫فمن خالل ىذا القول الذي أدرجو محمد التجاني محجوبي في رسالتو يظير جميا ما‬
‫قصد حازم القرطاجني بفكرة المعاني الصادقة فيو ينفي عمى الشعر صفة الكذب‬
‫ويحرره منيا التي لطالما وصف بيا من خالل قول العرب أن أعذب الشعر أكذبو‪،‬‬
‫فحازم يرى أن المعاني الصادقة ىي أفضل ما يحرك النفوس ويؤثر فييا‪ ،‬ألن‬
‫تحريكيا عام وقوي بعكس المعاني الكاذبة فإن تحريكيا خاص ضعيف‪ ،‬ولذلك يفضل‬
‫استعمال المعاني الصادقة في الشعر‪.‬‬

‫‪ٌ-1‬نظر ‪:‬محمد التجانً محجوبً ‪ :‬القضاٌا النقدٌة عند فالسفة االندلس ‪،‬رسالة ماجستٌر ‪،‬جامعة باتنة ‪، 1229/1228،‬‬
‫ص‪.177‬‬
‫‪12‬‬
‫قضٌة اللفظ والمعنى‬ ‫المبحث الثانً ‪:‬‬

‫ب‪ -‬المعاني المشيورة‪ :‬وىي المعاني التي تداوليا الشعراء بينيم حتى أصبحت واضحة‬
‫لدى المتمقين ومشيورة بين الشعراء‪ ،‬يقول الدكتور مصطفى عميان عبد الرحيم ‪...(:‬‬
‫ومن نماذجو قول محمد بن عبد الواحد البغدادي الدرامي‪:‬‬
‫بيض السواعد أطواقا عمى العنؽ‬ ‫وال منيت بتوديع وقد جعموا‬
‫فقولو‪ :‬بيض السواعد أطواقا عمى العنق ىو معنى مشيور‪ ،1‬فالمعاني المشيورة‬
‫قد تكون معاني نادرة ولكن لكثرة تداوليا أضحت عادية‪ ،‬وقد تكون اشتيرت ألن‬
‫قائميا مشيور‪ ،‬أو لقوتيا وتأثيرىا في النفوس‪.‬‬
‫‪ )2‬ما يخص األلفاظ‪ :‬يفضل حازم في األلفاظ صفتين ىما‪:‬‬
‫أ‪ -‬العذوبة‪ :‬إن األلفاظ العذبة تؤثر في النفس وتبعث فييا التوق إلى إعادة سماعيا‪،‬‬
‫ألن وقعيا عمى األذانأطرب وأحسن‪ ،‬ومتى كان المفظ رقيقا عذبا جميال حسن‬
‫اإليقاع كان وقعو في النفس أطيب وأثره عميق‪.‬‬
‫ب‪ -‬عدـ االبتذاؿ في االستعماؿ‪ :‬عمى الشاعر اختيار األلفاظ الجديدة التي لم ينتشر‬
‫استعماليا بين الشعراء وليست معروفة عند المتمقين‪ ،‬فيجب عمى الشاعر ابتكار‬
‫األلفاظ بشرط أال تكون ألفاظا نادرة‪ ،‬مع الموائمة بين ىذه األلفاظ ومعانييا حتى‬
‫يجد الشاعر لشعره القبول لدى المتمقين‪.‬‬
‫وبعد حديث حازم عن ىذه الصفات التي يجب توفرىا في األلفاظ والمعاني يقول بأنو ال يمزم‬
‫الشاعر التقيد بيا وانما يمكنو األخذ بيا إذا كان ذلك ممكنا‪ ،‬ألن الشاعر يعرف كيف يختار‬
‫ما يناسبو من األلفاظ والمعاني لموضوعو وال ريب إن استفاد من آراء اآلخرين من العامة أو‬
‫النقاد وأىل االختصاص‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق يتبين موقف حازم القرطاجني من قضية المفظ والمعنى فيو ال‬
‫يفضل أحدىما عمى األخر وانما فضل أن تكون في كل منيا بعض الصفات كنا قد فصمنا‬
‫فييا سابقا‪.‬‬

‫‪ٌ-1‬نظر ‪ :‬مصطفى علٌان عبد الرحٌم ‪،‬تٌارات النقد االدبً فً االندلس فً ق ‪ 5‬هـ‪ /‬ط » ‪ /‬مؤسسة الرسالة ‪،‬بٌروت ‪،‬‬
‫‪، 1981‬ص ‪.112‬‬
‫‪11‬‬
‫قضٌة اللفظ والمعنى‬ ‫المبحث الثانً ‪:‬‬

‫إذن من خالل عرض اآلراء السابقة لبعض النقاد األندلسيين في عصر المرابطين‬
‫والموحدين نمحظ أن موقفيم من ىذه القضية ( المفظ والمعنى) واضح فيم ال يفضمون‬
‫أحدىما عمى األخر بل يشترطون صحتيما وسالمتيما‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫قضية القدماء والمحدثين‬ ‫المبحث الثالث‪:‬‬

‫قضية القدماء والمحدثيف‪:‬‬

‫القدماء والمحدثين من القضايا النقدية التي شيدت جدال كثي ار بين النقاد العرب‬
‫أدى إلى تعدد اآلراء‪ ،‬بين مؤيد لمقديم وآخر لمحديث‬
‫القدماء‪ ،‬حيث حظيت باىتمام كبير ّ‬
‫وأخر متوسط بينيما ‪ ،‬وتعود جذور ىذه القضية إلى العصر العباسي حين انفتح العرب‬
‫عمى غيرىم من األمم وتمازجت الثقافات‪ ،‬وأخذ الشعر ينيل من ذلك االمتزاج وتعددت‬
‫األغراض والمواضيع وثار الشعراء عمى األغراض القديمة وىجروا المقدمات الطممية‬
‫وتوجيوا إلى وصف األبنية والمجالس واألمراء والخمريات‪ ،‬فمن النقاد المشارقة الذين أولوا‬
‫شار‬
‫ىذه القضية بالدراسة األصمعي ( ت ‪ 214‬ىـ) وىو أحد عمماء المغة يقول‪ « :‬ب ّ‬
‫لفضمتو عمى كثير منيـ»‪ ، 1‬فاألصمعي ال‬
‫خاتمة الشعراء‪ ،‬واهلل لوال أف أيامو تأخرت ّ‬
‫يفضل بشار لتأخر زمانو وىو من الشعراء المحدثين‪ ،‬إذا نستنتج أن األصمعي ال يفضل‬
‫جيدا‪ ،‬أما ابف قتيبة ( ت‪ 276‬ىـ) فيقف من قضية القدماء‬
‫المحدثين ولو كان شعرىم ّ‬
‫فضل أحدىا عن اآلخر بل يعطي كال منيا حقّو حيث يقول‬
‫والمحدثين موقفا معتدال فال ُي ّ‬
‫‪ «:‬ولـ أسمؾ فيما ذكرتو مف شعر كؿ شاعر مختا ار لو سبيؿ مف قمّد‪ ،‬أو استحسف‬
‫لتقدمو‪ ،‬وال إلى المتأخر‬
‫المتقدـ منيـ بعيف الجاللة ّ‬
‫ّ‬ ‫باستحساف غيره‪ ،‬وال نظرت إلى‬
‫منيـ بعيف االحتقار لتأخره‪ ،‬بؿ نظرت بعيف العدؿ لمفريقيف‪ ،‬وأعطيت كال حظّو‪ ،‬ووفرت‬
‫عميو حقّو»‪.2‬‬

‫بينما يقف ابن طباطبا( ت ‪322‬ىـ) منصفا لممحدثين من خالل قولو‪ «:‬أكثر مف‬
‫وتقدـ زمانو‪ ،‬واال فيذا الشعر أولى‬
‫ّ‬ ‫يستحسف الشعر عمى حسب شيرة الشاعر‬
‫تقدمو»‪.3‬‬
‫باالستحساف واالستجادة مف كؿ شعر ّ‬

‫‪-1‬أبو الفرج االصفياني ‪ ،‬األغاني ‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،‬بيروت ‪،‬ط ‪1955 ،3‬م ‪ ،‬ص ‪. 141-137‬‬
‫‪-2‬ابن قتيبة ‪ ،‬الشعر والشعراء ‪ ،‬ط ‪،1‬دار احياء العموم ‪،‬بيروت ‪ 1984،‬م ‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪-3‬ابن طباطبا‪،‬عيار الشعر ‪ ،‬تح ‪ ،‬طو الحاجري وزغمول سالم ‪ ،‬شركة فن الطباعة ‪ ،‬القاىرة ‪1956 ،‬م ‪،‬ص ‪. 76‬‬
‫‪11‬‬
‫قضية القدماء والمحدثين‬ ‫المبحث الثالث‪:‬‬

‫من خالل عرض األراء السابقة وتحميميا نستنتج أن آراء النقاد المشارقة حول قضية‬
‫القدماء والمحدثين عمى ثالث وجوه وىي‪:‬‬

‫‪ ‬الرأي األول متعصب لمقدماء ومنتصر ليم‪.‬‬


‫‪ ‬الرأي الثاني متوسط بين القدماء والمحدثين‪.‬‬
‫‪ ‬الرأي الثالث منتصر لممحدثين‪.‬‬
‫ونجد البيئة األندلسية قد عالجت ىذه القضية أيضا‪ ،‬وسنستجمي آراء النقاد في‬
‫األندلس في عصر المرابطين والموحدين حول ىذه القضية‪ ،‬ونبدأ مع ابن بسام ( ت‬
‫‪542‬ىـ ) حيث يقول‪ « :‬وقد مجت األسماع ‪ (:‬يا دار مية بالعمياء فالسند)‪ ،‬وممت‬
‫الطباع ‪ (:‬لخولة أطالؿ ببرقة ثيمد)‪ ،‬ومحت ‪( :‬قفا نبؾ) في المتعمميف ‪ ،‬ورجعت عمى‬
‫ابف حجر بمالئمة المتكمفيف‪ ،‬فأما ( أمف أـ أو في) فعمى آثار مف ذىب العفا‪ ،‬أما أف‬
‫يصـ صداىا ويسأـ مداىا؟»‪.1‬‬

‫نمحظ من ىذا القول أن ابن بسام قد ثار عمى الشعر الجاىمي وأصحاب المعمقات‬
‫فيقول بأن األسماع ضجرت من ترديد (يا دار مية )‪ ،‬وممت الطباع (لخولة أطالل) ‪،‬‬
‫وكرىنا من ترديد (قفا نبك) عمى أسماع المتعممين ‪ ،‬ثم يدعو متسائال أما آن أن يصم‬
‫صداىا أي يخرس صوتيا ويسأم مداىا أي يندثر تأثيرىا‪ ،‬وبيذا ىو يدعو لمتجديد في‬
‫الشعر والتخمي عمى التراث القديم ‪ ،‬نظ ار لطبيعة األندلس الخالبة ذات الرياض والبساتين‬
‫فكيف لو وىو في زمانو ىذا أن يتقيد بالمقدمات الطممية التي تصف الصحراء والوحوش‬
‫وىي بيئة غير بيئتو‪.‬‬

‫ثم يعزز وجية نظره ىذه بقولو‪ « :‬وكـ مف نكتة أغفمتيا الخطباء ‪ ،‬ورب متردـ‬
‫غادرتو الشعراء ‪ ،‬واإلحساف غير محصور‪ ،‬وليس الفضؿ عمى زمف مقصور‪ ،‬وعزيز‬

‫‪-1‬ابن بسام الشنتريني‪ ،‬ذخيرة في محاسن أىل الجزيرة‪ ،‬تحقٌق لطفً عبد البدٌع الهٌئة المصرٌة العامة للكتاب ‪،1975‬‬
‫القسم ‪ ، 2‬المجمد‪ ،1‬ص ‪. 13‬‬
‫‪15‬‬
‫قضية القدماء والمحدثين‬ ‫المبحث الثالث‪:‬‬

‫عمى الفضؿ أف ينكر ‪ ،‬تقدـ بو الزماف أو تأخر ‪ ،‬ولحى اهلل قوليـ‪ :‬الفضؿ لممتقدـ‪ ،‬فكـ‬
‫دفف مف إحساف‪ ،‬وأخمؿ مف فالف ‪ ،‬ولو اقتصر المتأخروف عمى كتب المتقدميف‬
‫ولضاع عمـ كثير‪ ،‬وذىب أدب غزير»‪.1‬‬

‫حيث يقول بأن ىناك كم من خطبة أغفمتيا الخطباء أي نسوىا ولم يذكروىا في خطبيم‪،‬‬
‫ثم يقول بأن بيت عنترة التالي‪:‬‬

‫أـ ىؿ عرفت الدار بعد توىـ‬ ‫ىؿ غادر الشعراء مف متردـ‬

‫ليس أحسن الشعر أو ما قيل في الشعر‪ ،‬بل يوجد ما ىو أحسن منو في شعر المتأخرين‬
‫بعده ألن اإلحسان غير محصور‪ ،‬والفضل ليس مقصور عمى زمن معين من األزمان ‪،‬وال‬
‫يمكن إنكار فضل من أحسن من الشعراء سواء تقدم بو الزمن أو تأخر‪ ،‬ثم ينفي ويدحض‬
‫قول الذين يحصرون الفضل عمى المتقدمين‪ ،‬ألن من يقولون ىذا؛ يدفنون ويغيبون الكثير‬
‫من الشعر الحسن و يغمرون وينسون من الشعراء من أحسنوا و أجادوا‪ ،‬ثم يقول بأنو لو‬
‫اقتصر المتأخرون من الشعراء عمى كتب المتقدمين فقط لضاع الكثير من العمم وذىب‬
‫من األدب أكثره وأغزره ‪ ،‬ولذلك يجب أيضا االعتماد عمى شعر المتأخرين وأدبيم ألن فيو‬
‫من الجيد ما ليس يوجد في كتب المتقدمين‪.‬‬

‫ثم يبين ابن بسام منيجو في ترتيب الشعراء وذكرىم في كتابو الذخيرة حيث يقول‪« :‬‬
‫وقد أذكر الرجؿ لنباىة ذكره‪ ،‬ال لجودة شعره وأقدـ اآلخر الشتيار إحسانو مع تأخر‬
‫زمانو»‪ ، 2‬أي أن معياره ليس الجودة أو الزمن بل النباىة واإلحسان‪.‬‬

‫أما الرندي فيقول ما قالو سابقوه ومعاصروه‪«:1‬أف المتأخر ربما بمغ بشرؼ االطالع‬
‫مالـ يبمغ المتقدـ بفضؿ االختراع »‪ ، 2‬أي يمكن لممتاخر ان يبمغ مكانة لم يبمغيا المتقدم‬
‫بما أخترع وذلك بكثرة اطالعو وعممو وأدبو‪.‬‬

‫‪-1‬المصدر نفسو ‪ ،‬نفس الصفحة ‪.‬‬


‫‪-2‬ابن بسام ‪ ،‬الذخيرة ‪ ،‬ق‪ ، 2‬م‪ ، 1‬ص ‪.23‬‬
‫‪16‬‬
‫قضية القدماء والمحدثين‬ ‫المبحث الثالث‪:‬‬

‫أما حازم القرطاجني فيو ال يأخذ بمقياس الزمن وال يرى فرق بين المتقدمين والمتأخرين‬
‫بفعل الزمن‪" ،‬ويرى أن من يذىب إلى تفضيل المتقدمين عمى المتأخرين بفعل الزمن ‪:‬‬
‫« فميس ممف تجب مخاطبتو في ىذه الصناعة ألنو قد يتأخر أىؿ زماف عف أىؿ زماف ‪،‬‬
‫ثـ يكونوف أشعر منيـ لكوف زمانيـ يحوش عمييـ مف أقناص المعاني بسفوره ليـ عف‬
‫أشياء لـ تكف في الزماف األوؿ ‪ ،‬ولتوفر البواعث فيو عمى القوؿ وتفرغ الناس لو »‪،4"3‬‬
‫فيو ىنا ال يركز عمى معيار الزمن وانما يركز عمى العمل األدبي وبواعثو و مييآتو‪ ،‬التي‬
‫يمكن أن تكون متوفرة في زمن دون آخر‪ ،‬وقد يكون أىل زمان أشعر من أىل زمان‬
‫تقدميم‪ ،‬ألن زمانيم توفر عمى أشياء لم تكن موجودة في زمن آخر وأبان ليم عنيا‪.‬‬

‫إذن فحازم ال يؤمن بمقياس الزمن أي التقدم والتأخر وانما يرى أن لكل زمن مميزاتو التي‬
‫يكشف عنيا ألىمو فقط‪ ،‬ويركز عمى العمل األدبي وبواعثو‪.‬‬

‫بينما ابف سعيد األندلسي فنظرتو لمقدماء والمحدثين نظرة معتدلة ومتوسطة حيث يقول‪:‬‬
‫«وهلل در قائؿ ‪ :‬إف المتقدميف بنوا فأوثقوا‪ ،‬واف المتأخريف زينوا فنمقوا‪ ،‬ورأيت في‬
‫رسالة ‪ :‬وأف لكؿ زماف ما يميؽ بو مف البياف ‪،‬وفي أخرى ‪ :‬الناس في أزمانيـ أشبو‬
‫بآبائيـ »‪ ،5‬فابن سعيد ال يغمط القدماء حقيم ويقول بأنيم بنوا فأوثقوا؛ أي أسسوا لمشعر‬
‫من جيد معانييم وألفاظيم وطريقتيم في نظمو واعتمادىم لعمود الشعر كمنياج سار عميو‬
‫بقية الشعراء من بعدىم ‪ ،‬وال المتأخرين حقيم ويقول بأنيم زينوا فنمقوا؛ أي أنيم أبدعوا في‬
‫نظم الشعر باستخدام األلفاظ والمعاني الجديدة واستعماليم لممحسنات البديعية ‪ ،‬و كأن‬
‫أحدىم يكمل األخر ‪ ،‬ثم يقول بأن لكل زمن ما يميق بو من البيان أي لكل زمان لغتو‬
‫الخاصة بو‪.‬‬

‫‪-1‬ينظر‪ :‬شريف عالونة ‪ ،‬النقد االدبي في االندلس عصر المرابطين والموحدين ‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪-2‬أبو البقاء الرندي ‪ ،‬الوافد في نظم القوافي ‪ /‬ميكروا فيمم ‪ ،‬ورقة ‪. 3‬‬
‫‪-3‬ينظر ‪ :‬شريف عالونة ‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪-4‬حازم القرطاجني ‪ ،‬منياج البمغاء ‪ ،‬ص ‪. 378‬‬
‫‪-5‬ابن سعيد االندلسي ‪ ،‬المرقصات والمتربات ‪ ،‬نشر دار حمد و محيو ‪ 1973 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪17‬‬
‫قضية القدماء والمحدثين‬ ‫المبحث الثالث‪:‬‬

‫ثم يقول في موضع آخر‪ :‬ليس الفضل مخصوصا بعصر دون عصر‪ ،‬بل لكل أوان‬
‫فضمو مدى الدىر‪ ،‬وليس ذا اتصاف من عمل بقـول عنترة ‪ (:‬ىل غادر الشعراء من‬
‫متردم ) بل بقول أبي تمام ‪:‬‬

‫حياضؾ منو في العصور الذواىب‬


‫ُ‬ ‫ولو كاف يفنى الشعر أفنتو ما قرت‬

‫‪1‬‬
‫سحائب منػػػو أُعقبػػػػت بػػػػػسحائب‬
‫ُ‬ ‫صوب العقُػػػػػػوؿ إذا انجمػػػػػػت‬
‫ُ‬ ‫ولك ّنو‬

‫فالفضل عنده ليس محصور عمى زمن معين ألن لكل عصر فضمو وال ينكر ىذا‬
‫الفضل بل يبقى مدى الدىر ويقول يجب أال يعتبر بيت عنترة ىو األفضل وال يتم العمل‬
‫بو فقط بل يجب االستشياد بقول أبي تمام السابق‪.‬‬

‫ومن خالل ما تم عرضو من آراء لمنقاد األندلسيين نرى بأنيم ال يتعصبون لمقديم وال‬
‫لمحديث وال يقفون من الحديث موقف ريب‪ ،‬بحيث يتخذ بعضيم من الزمن معيا ار لمتفاضل‬
‫مثل ابن بسام ومنيم من ال يعتمد عميو ويرى بأن العمل األبي ولغتو ىو األساس مثل‬
‫حازم القرطاجني و الرندي ومنيم من يرى أن لكل زمان فضمو‪.‬‬

‫‪-1‬ابن سعيد االندلسي ‪ ،‬رايات المبرزين وغايات المميزين ‪ ،‬تح ‪ :‬عبد المتعال القاضي ‪،‬لجنة احياء التراث اإلسالمي ‪،‬‬
‫‪1973‬م ‪ ،‬ص‪.32‬‬ ‫القاىرة ‪،‬‬

‫‪18‬‬
‫المبحث الرابع‬
‫قضٌة السرقة األدبٌة الشعرٌة‬ ‫المبحث الرابع‪:‬‬

‫قضية السرقة األدبية الشعرية‪:‬‬

‫تعد قضية السرقة األدبية الشعرية خاصة؛ من أبرز قضايا النقد العربي القديم وأكثرىا‬
‫جدال عمى اإلطالق‪ ،‬فقد لفتت عناية النقاد المشارقة في العصر العباسي؛ خاصة بعد ظيور‬
‫الشعر المجدد الذي أخذ حي از نقديا شاسعا‪ ،‬ونشأت الخصومة بين القدماء والمحدثين‪ ،‬فكثر‬
‫الحديث عن السرقة وتعددت معانييا ومصطمحاتيا‪ ،‬لنجد منيا االنتحال واالجتالب في‬
‫لتناول ىذه‬ ‫الشعر الجاىمي‪ ،‬األخذ‪ ،‬التكرار‪ ،‬النسخ ‪...‬الخ‪ ،‬و الذي دفع النقاد العرب‬
‫القضية ىو حرصيم عمى تأصيل الشعر العربي ورد السرقات إلى أصحابيا‪ ،‬حيث نسبت‬
‫السرقة إلى شعراء كبار من مثل أبي تمام‪ ،‬وقد طالت السرقة تارة المعاني وأخرى األلفاظ أو‬
‫االثنين معا‪ ،‬وكذلك األوزان والقوافي‪ ،‬وممن تناول ىذه القضية قصدا أو بغير قصد في‬
‫تقدـ في‬
‫مؤلفاتيم نجد الجاحظ (ت ‪ 255‬ىـ) حيث يقول ‪« :‬وال يعمـ في األرض شاعر ّ‬
‫تشبيو مصيب تاـ‪ ،‬وفي معنى غريب عجيب‪ ،‬أو في معنى شريؼ كريـ‪ ،‬أو في بديع‬
‫مخترع‪ ،‬إال وكؿ مف جاء مف الشعراء مف بعده أو معو‪ ،‬إف ىو يعد عمى لفظو فيسرؽ‬
‫يدعيو بأسره‪ ،‬فإنو ال يدع أف يستعيف بالمعنى‪ ،‬ويجعؿ نفسو شريكا فيو‪،‬‬
‫بعضو أو ّ‬
‫كالمعنى الذي تتنازعو الشعراء فتختمؼ ألفاظيـ‪ ،‬وأعاريض أشعارىـ‪ ،‬وال يكوف أحد منيـ‬
‫أحؽ بذلؾ المعنى مف صاحبو‪ .‬إال ما كاف مف عنترة في صفة الذباب‪ ،‬فإنو وصفو فأجاد‬
‫وصفو فتحامى معناه جميع الشعراء فمـ يعرض لو أحد منيـ»‪.1‬‬
‫ويعرف اآلمدي(ت ‪370‬ىـ) السرقة أيضا بقولو‪« :‬أف السرقة إنما ىي في البديع المخترع‬
‫الذي يختص بو الشاعر‪ ،‬ال في المعاني المشتركة بيف الناس التي ىي جارية في‬
‫عاداتيـ‪ ،‬ومستعممة في أمثاليـ ومحاوراتيـ‪ ،‬مما ترتفع الظ ّنة فيو عف الذي يورده أف‬
‫يقاؿ‪ :‬إنو أخذه مف غيره»‪.2‬‬

‫‪-1‬أبوعثمان عمر ابن بحر الجاحظ‪ ،‬الحيوان‪ :‬تح وشر‪ :‬عبد السالم محمد ىارون‪ ،‬شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي‬
‫وأوالده‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪1965 ،02‬م‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.312 ،311‬‬
‫‪-2‬أبو القاسم الحسن ابن بشر اآلمدي‪ ،‬الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري‪ ،‬تح‪ :‬السيد أحمد صقر‪ ،‬دار المعارف‪،‬‬
‫القاىرة‪ ،‬مصر ط‪2006 .5‬م ‪.‬ج‪.1‬ص ‪.346‬‬
‫‪12‬‬
‫قضٌة السرقة األدبٌة الشعرٌة‬ ‫المبحث الرابع‪:‬‬

‫وقد ألقت قضية السرقات بظالليا عمى النقد في بالد المغرب واألندلس وحظيت‬
‫باىتمام ن قادىا‪ ،‬وتعددت أراء النقاد حوليا‪ ،‬وكثرت مصطمحاتيا‪ ،‬وفي ىذا الصدد يعرف ابن‬
‫رشيق القيرواني السرقة بمصطمح االصطراف فيقول‪« :‬االصطراؼ ىو أف يعجب الشاعر‬
‫ببيت مف الشعر فيصرفو إلى نفسو‪ ،‬فأف صرفو إليو مف جية المثؿ فيو اجتالب‪ ،‬و‬
‫ادعاه جممة فيو االنتحاؿ‪ ...‬واف كاف الشعر لشاعر أخذه منو غمبة فتمؾ‬
‫استمحاؽ‪ ،‬واف ّ‬
‫اإلغارة والغصب‪ ...‬فإف كانت السرقة فيما دوف البيت فذلؾ ىو االىتداـ‪ ...‬فإف تساوى‬
‫المعنياف دوف المفظ وخفي األخذ فذلؾ النظر والمالحظة‪ ،‬وكذلؾ إف تضادا ود ّؿ أحدىما‬
‫حوؿ المعنى مف نسيب إلى مديح فذلؾ‬
‫عمى اآلخر‪ ،‬ومنيـ مف يجعؿ ىذا ىو اإللماـ‪ ،‬فإف ّ‬
‫االختالس‪ ،‬ويسمى أيضا نقؿ المعنى ‪،‬فإف أخذ بنية الكالـ فقط فتمؾ الموازنة‪ ،‬فإف جعؿ‬
‫ضدىا فذلؾ ىو العكس ‪ ...‬و أف ألّؼ البيت مف أبيات قد رّكب بعضيا مف‬
‫مكاف كؿ لفظة ّ‬
‫بعض فذلؾ ىو االلتقاط والتمفيؽ‪ ...‬ومف ىذا الباب كشؼ المعنى‪ ،‬و المجدود مف الشعر‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وسوء اإل تّباع وتقصير اآلخذ عف المأخوذ منو»‪.‬‬
‫من خالل القول السابق البن رشيق نمحظ أنو جمع جل مصطمحات السرقة ووضح كيف‬
‫تكون طرقيا‪.‬‬
‫وامتد البحث في ىذه القضية حتى عصر المرابطين والموحدين في األندلس‪ ،‬وسنرى موقفيم‬
‫من ىذه القضية فيما يمي‪:‬‬
‫أشار النقاد في ىذه الحقبة إلى نوعين من السرقة أو كما يسمييا البعض األخذ وىما‪:‬‬

‫‪ .1‬السرقة الممدوحة‪ :‬وتكون في المعاني المشيورة والمشتركة واأللفاظ الشائعة‪ ،‬كقول‬

‫محمد بن عبد الواحد البغدادي الدارمي‪:‬‬


‫بيض السواعد أطواقا عمى العنؽ‬ ‫وال منيت بتوديع وقد جعموا‬

‫‪1‬‬
‫ابن رشيق القيرواني‪ .‬العمدة‪.‬ج‪ . 2‬ص‪.283‬‬
‫‪11‬‬
‫قضٌة السرقة األدبٌة الشعرٌة‬ ‫المبحث الرابع‪:‬‬

‫وقولو‪( :‬بيض السواعد أطواقا عمى العنق) معنى مشيور‪ ،‬ومنو قول القائل وىي‬
‫أبيات يتداوليا القوالون‪:‬‬
‫أىال لمف ألـ يخف عيدا وميثاقا‬ ‫مشتاقػػة طرقػػة بالميػؿ مشتاقػا‬
‫‪1‬‬
‫بيض السواعد لألعناؽ أطواقػا‬ ‫ياليؿ عرس عمى خميف قد جعال‬
‫وقد تكون السرقة ممدوحة في المعاني غير المشتركة أو المشيورة‪ ،‬لكن بشرط‬
‫تحسينيا وتجويدىا يقول حازـ القرطاجني‪..« :‬أما القسـ الثاني‪ ،‬و ىي المعاني التي‬
‫قمّت في أنفسيا‪ ،‬أو باإلضافة إلى كثرة غيرىا‪ ،‬فما كاف بيذه الصفة فال تسامح في‬
‫التعرض إلى شيء منو غال بشروط‪ :‬منيا أف يركب الشاعر المعنى عمى معنى‬
‫أحؽ بو مف‬
‫آخر‪ ،‬ومنيا أف يزيد عميو زيادة حسنة‪ ،‬ومنيا أف ينقمو إلى موضع ّ‬
‫الموضع الذي ىو فيو‪ ،‬ومف ذلؾ أف ينقمو ويسمؾ بو ضد ما سمؾ بو األوؿ‪ ،‬ومف‬
‫ذلؾ أف يركب عميو عبارة أحسف مف األولى‪.2»...‬‬
‫بتحميل القول السابق؛ نجد أن حازم يقسم المعاني إلى قسمين‪ :‬قسم أول لم نذكره‪،‬‬
‫وقسم ثاني ىو قسم المعاني غير المشتركة والمتداولة بين الشعراء‪ ،‬إذ يقول بقمتيا في‬
‫ذاتيا‪ ،‬أو بالنسبة لغيرىا من المعاني المشيورة‪ ،‬وىذه المعاني يقول حازم ال يمكن‬
‫أخذىا إال بشروط‪ ،‬وىذه الشروط اتفق حوليا أغمب النقاد وىي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ )1‬الزيادة‪ :‬وتكون عمى نوعين وىما‪:‬‬
‫أ‪ -‬الزيادة في المعنى‪ :‬وتكون ىذه الزيادة حسنة كأن يركب الشاعر إلى المعنى‬
‫معنى آخر فينتج معنى جديد‪ ،‬يقول ابف بساـ‪ «:‬وىذه الزيادة يغتفر بيا ذنب‬
‫‪3‬‬
‫اآلخذ وربما فاز اآلخذ وكاف بو أولى»‪.‬‬
‫‪ -‬ويمكن أخذ المعنى واطالتو بشرط تجويده ألن في تطويل المعنى دليل عمى قدرة‬
‫الشاعر يقول ابف بساـ‪«:‬وقد تقدم القول من تخيل حذاق الصناعة في أخذ‬

‫‪-1‬ابن بسام‪،‬الذخٌرة‪،‬مق‪،1‬م‪،1‬ص‪.85-81‬‬
‫‪-2‬حازم القرطاجني ‪ ،‬منياج البمغاء ‪،‬ص ‪.193‬‬
‫‪-3‬الرندي ‪،‬الوافي في نظم القوافي ‪،‬ص‪.91‬‬
‫‪11‬‬
‫قضٌة السرقة األدبٌة الشعرٌة‬ ‫المبحث الرابع‪:‬‬

‫المعاني‪ ،‬أن تترك القافية والوزن‪ ،‬وكذلك يجب أن يقصد إلى التطويل إذا قصر‬
‫المتقدم‪ ،‬أال ترى إلى قول أبي عامر حين سمع الرمادي يقول‪:‬‬
‫غداة النوى عف لؤلؤ كاف كامنا‬ ‫ولػو أر أحػمى تبسـ أعيف‬
‫فقال أبو عامر‪:‬‬
‫الػى كاشحينا ما القمػوب كواتػـ‬ ‫ولما فشا بالدمع مػف سػر وجػدنا‬
‫ليشجى بما تطوى عذوؿ والئػـ‬ ‫امػرنا بإمسػاؾ الدمػوع جػفوننػػا‬
‫خػالؿ مػاقيػنا آلؿ تػػػػػػػػػػػوائػـ‬ ‫فظمت دموع العيف حيرى كأنيػػػا‬
‫فنظمػػو بيف المحػػػاجر نػػػاظػـ‬ ‫أبى دمعنا يجري مخافة شػػامػػت‬
‫تبسمف حتى ما تروؽ المباسػػـ‬ ‫وراؽ اليوى منا عيػوف كريمػػة‬
‫‪1‬‬
‫فقام بيذا التركيب ما نسيت لو حيمة التطويل»‪.‬‬
‫‪ -‬ويمكن أخذ المعنى وايجازه؛ وىو اختصار المعنى أو القول في أقل من المعنى‬
‫األول وأكثر دقة ومثال ذلك‪:‬‬
‫قول بشر بن أبي خازم‪:‬‬
‫وقصر مبتغوىا عف مداىا‬ ‫إذا ما المكرمات رفعف يومػا‬
‫سما أوس إلييا فاحتواىػا‬ ‫وضاقت أذرع المتريف عنيا‬
‫الشماخ بيذا المعنى في عبارة أحسن وأوجز حيث يقول‪:‬‬
‫فجاء ّ‬
‫‪2‬‬
‫تمقػػػػاىػا ُعػرابػػػػة باليمػػػػػػػيف‬ ‫إذا مػػػػا رايػػػػػة ُرفػػػػػعت لمجػػػػد‬
‫ويمكن أخذ المعنى وتوضيحو أكثر وتجميتو وكشفو يقول ابن سعيد األندلسي في ىذا‪:‬‬
‫حسنو‪ ،‬أو أبرزه بعد غموضو‪ ،‬فاستحقّو‪ ،‬وعند‬
‫«وفييا كثير مما تقدـ إليو‪ ،‬فزاد فيو أو ّ‬
‫‪3‬‬
‫االمتحاف يظير النقص والرجحاف»‬
‫ب‪ -‬الزيادة في المفظ‪:‬‬
‫كما في قول ابن حميدس في وصف فرس سابق‪:‬‬

‫‪-1‬ابن بسام ‪.‬الذخيرة ‪،‬ق‪،1‬م‪، 1‬ص ‪.276‬‬


‫‪ٌ-2‬نظر‪:‬شرٌف عالونة‪،‬النقد االدبً فً االندلس عصر المرابطٌن والموحدٌن‪،‬ص ‪.161‬‬
‫‪3‬‬
‫المبرزين‪،‬ص ‪.100‬‬
‫‪-‬ينظر ‪:‬ابن سعيد االندلسي ‪ ،‬رايات ّ‬
‫‪11‬‬
‫قضٌة السرقة األدبٌة الشعرٌة‬ ‫المبحث الرابع‪:‬‬

‫تمر بيا غدا‬ ‫ترى اليوـ أشباحا ُ‬ ‫كأف لو في االذاف عينا بصيرة‬
‫ولػػو مر في آثػػارىف مقػػػػػيدا‬ ‫ُيقيد بالسبؽ األوابد وكناتػػػيا‬
‫مأخوذ من قول امرئ القيس ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫بمنجرد قيد األوابد ىيكؿ‬ ‫وقد أغتدي والطير في وكناتيا‬
‫يرى صاحب المطرب أن ابن حميدس‪« :‬أخذ المعنى فممكو‪ ،‬واستوجبو بزيادة فيو‬
‫‪2‬‬
‫عمى مبتكره‪ ،‬واستحقّو‪ ،‬وزيادتو عميو قولو‪ :‬ولو مر في آثارىف مقيد»‪.‬‬
‫‪ )2‬نقؿ المعنى‪ :‬ويكون ذلك بنقل المعنى من موضع إلى موضع آخر أحسن منو‪ ،‬أو‬
‫من غرض إلى غرض آخر‪ ،‬أو من صفة إلى أخرى كقول امرئ القيس‪:‬‬
‫تعالوا إلى أف يأتي الصيد نحطب‬ ‫إذا ما ركبنا قاؿ ولداف أىمنا‬
‫فنقمو ابن مقبل إلى صفة القدح فقال‪:‬‬
‫مترح‬
‫ُ‬ ‫وذمي الحياة كؿ عيش‬ ‫إذا مت فانعيػػػػػني بػػما أنا أىمػػو‬
‫يممػػح‬
‫ُ‬ ‫المستكف ُة‬
‫بدا والعيوف ُ‬ ‫ص ّؾ صكة‬
‫خروج مػػف الغمى إذا ُ‬
‫ونقمو ابن المعتز إلى صفة جارح فقال‪:‬‬
‫فيو إذا جمى الصيد واضطرب‬ ‫وقػػد وثػؽ القػػوـ لو بػما طمب‬
‫‪3‬‬
‫عروا سكػاكيػػنيـ مف القػػػرب‬
‫ومن أمثمتو أيضا قول عنترة‪:‬‬
‫ىزجػا كفػعؿ الشارب المتػردـ‬ ‫وخال الذباب بيا يغني وحده‬
‫فعؿ المكب عمى الزناد األجذـ‬ ‫غردا يحػؾ ذراعػو بذراعػو‬
‫ونقل ذو الرمة معنى الصفة من يدي الذباب إلى رجبي الجندب‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫إذا تجاذب مف برديو ترنيـ‬ ‫كأف رجميو رجال مقطؼ عجؿ‬
‫‪4‬‬
‫( فأحسن األخذ وكأنو لم يعرض لعنترة في معناه)‪.‬‬

‫‪-1‬ينظر ‪:‬شريف عالونو‪ ،‬النقد األدبي في األندلس عصر المرابطين والموحدين ‪،‬ص‪.162‬‬
‫‪-2‬أثٕ انخطبة عًش اثٍ انذسٍ اثٍ ددٍخ ‪،‬انًطشة يٍ اشعبس انًغشة‪،‬رذقٍق إثشاٍْى االثٍبسي ٔصيالئّ‪1954،‬و‪ ،‬ص‪.56‬‬
‫‪ -3‬أثٕ عجٍذ انجكشي االَٔجً ‪،‬سًظ نآلنئ فً ششح يقبل انقبنً ‪،‬رخ عجذ انعضٌض انًًًٍُ ‪،‬ط انقبْشح ‪1936‬و‪،‬ص‪.167‬‬
‫‪-4‬ابن بسام ‪ ،‬الذخيرة ‪،‬ق‪،2‬م‪،2‬ص ‪.702‬‬
‫‪11‬‬
‫قضٌة السرقة األدبٌة الشعرٌة‬ ‫المبحث الرابع‪:‬‬

‫‪ )3‬قمب المعنى‪ :‬وىو أن يأخذ الشاعر المعنى ويسمك بو ضد ما سمك بو صاحبو‪،‬‬


‫براعتو وحسن ذكائو وتصرفو‪ ،‬كقول أبي نخميو‪:‬‬ ‫فتظير‬
‫ولكف بعض الذكر أنبو مف بعض‬ ‫و نبيت مف ذكري وما كاف خامال‬
‫أخذه أبو تمام فكشف معناه وحسنو بالصناعة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫بييما وال أرضى مف األرض مجيال‬ ‫لقد زدت أوضاحي امتدادا ولـ أكف‬
‫‪1‬‬
‫أغػػػر فػػأوفػت بػػي أغػػػر محجػػػال‬ ‫جسػػػاميا‬
‫ُ‬ ‫ولػػػكف أياد صادفتػػػني‬
‫ومن أمثمتو أيضا عند ابن بسام‪ ،‬قول بن شرف‪:‬‬
‫كيػؼ استقر بيا مف كثرة القمؽ‬ ‫عجبت منو وأحشائي منازلو‬
‫وقمب ىذا المعنى أبو بكر بن تقي فقال‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫كػػي ال ينػػاـ عمػػى وسػػاد خػافؽ‬ ‫أبعدتػػػو عف أضمػػع تشتاقػػو‬
‫ففي بيت ابن شرف يتعجب كيف الحبيب لم يفارق قمبو رغم القمق الذي يساوره‬
‫‪،‬اما أبو بكر ابن التقي فقمب المعنى حيث قال بانو ابعد الحبيب عنو رغم شوقو اليو بحجة‬
‫ان قمبو الخافق سيزعجو‪.‬‬
‫من خالل ما تم عرضو؛ من أراء وشواىد حول وسائل السرقة الممدوحة وشروطيا‬
‫التي وضعيا حازم ويجمع عمييا أغمب النقاد في عصر المرابطين والموحدين في األندلس‪،‬‬
‫نمحظ أنيا تنحصر في ثالثة شروط لنقل المعنى وىي‪ :‬أوال الزيادة بنوعييا‪ :‬الزيادة في‬
‫المعنى والزيادة في المفظ‪ ،‬وثانيا نقل المعنى‪ ،‬والشرط الثالث قمب المعنى‪.‬‬
‫‪ .1‬السرقة المذمومة‪ :‬وتكون في أخذ الشاعر القول بمفظو ومعناه‪ ،‬وىذا دليل عمى‬
‫عجز الشاعر وقصوره‪ ،‬ويقبح ىذا األخذ عند النقاد‪ ،‬ومن أمثمتو‪ ،‬كما يقول ابن فتوح‪:‬‬
‫فغدوت تسحب ذيمو متبخت ار‬ ‫خمع الجماؿ عميؾ ثوب بيائو‬
‫صبح جرى فيو دجى فتحي ار‬ ‫فكأف خدؾ و الع ّذ ار بصحػػنو‬
‫قال ابن بسام‪ (:‬ما أقبح ىذا األخذ‪ ،‬فإنو لفظ تميم بن المعز‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬

‫‪ٌ-1‬نظر‪ :‬تٌارات النقد االدبً فً االندلس فً القرن ‪5‬هـ ‪،‬ص ‪.115‬‬


‫‪-2‬ينظر‪ :‬شريف عالونة‪ ،‬النقد األدبي في األندلسي عصر المرابطين والموحدين ص ‪.165‬‬
‫‪15‬‬
‫قضٌة السرقة األدبٌة الشعرٌة‬ ‫المبحث الرابع‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫ومشى الدجى في صبحو فتحي ار‬ ‫فأباف عذري فيو حتى عذ ار‬
‫‪ -‬ويقبح أخذ القول بمعناه ولفظو ووزنو وقافيتو( كقول ابن بسام البغدادي‪:‬‬
‫أف نجوـ المػػػيؿ ليست تغور‬ ‫ال أظػػمػـ المػػػيؿ وال أدعػػي‬
‫طاؿ واف جادت فميمي قصير‬ ‫ليمي كما شاءت فإف لـ تجد‬
‫يقول ابن بسام أن ىذين البيتين مأخوذين من قول أبي عمي بن خميل حيث يقول‪:‬‬
‫أف نجػػوـ المػػػيؿ ليست تزوؿ‬ ‫ال أظمػػـ المػػػيؿ وال أدعػي‬
‫‪2‬‬
‫جاءت واف ضنت فميمي طويؿ‬ ‫ليمي كما شاءت قصير إذا‬
‫ويقول ابن بسام في ىذا‪« :‬وىذه السرقة‪ ،‬كما قاؿ بديع الزماف في التنبيو عمى‬
‫الخوارزمي في بيت أخذ وزنو ومعناه وبعض لفظو‪ :‬ولعمري ما ىذه سرقة‪ ،‬إنما ىي‬
‫مكابرة محضة‪ ،‬وأحسب أف قائمو لو سمع ىذا لقاؿ‪ :‬ىذه بضاعتنا ردت إلييا‪،‬‬
‫فحسبت أف ربيعة بف مكدـ وعتبة بف الحارث ما كانا يستحالف مف النيب ما‬
‫‪3‬‬
‫استحمو إنما كانا يأخذاف جمو‪ ،‬وىذا الفاضؿ أخذه كمو»‪.‬‬
‫‪ -‬وتكون السرقة مذمومة في أخذ المعاني النادرة والعقيمة‪ ،‬ألن الشاعر إذا أخذىا ال‬
‫يستطع الزيادة عمييا أو تحسينيا أو تمطيفيا يقول حازم في ىذا‪« :‬ىي المرتبة‬
‫العميا في الشعر مف جية استنباط المعاني‪ ،‬مف بمغيا فقد بمغ الغاية القصوى‬
‫مف ذلؾ‪ ،‬ألف ذلؾ يدؿ عمى نفاذ خاطره‪ ،‬وتوقد فكره حيث استنبط معنى غريبا‪،‬‬
‫سرً لطيفا‪ ...‬والمعاني التي بيذه الصفة تسمى‬
‫واستخرج مف مكامف الشعر ّا‬
‫العقـ‪ ،‬ألنيا ال تمقح وال تحصؿ عنيا نتيجة‪ ،‬وال يقتدح منيا ما يجري مجراىا‬
‫مف المعاني‪ .‬فمذلؾ تحاماىا الشعراء‪ ،‬وسمّموىا ألصحابيا‪ ،‬عمما منيـ أف مف‬
‫‪4‬‬
‫تعرض ليا مفتضح»‪.‬‬

‫‪-1‬ابن بسام‪ ،‬الذخيرة ‪،‬ق‪ ،1‬م‪ ،2‬ص‪.772‬‬


‫‪ٌ -2‬نظر‪ :‬شرٌف عالونه ‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫‪-3‬الذخيرة ‪ :‬ق‪، 1‬م‪،2‬ص‪.774‬‬
‫‪-4‬منياج البمغاء‪،‬ص ‪.196-192‬‬
‫‪16‬‬
‫قضٌة السرقة األدبٌة الشعرٌة‬ ‫المبحث الرابع‪:‬‬

‫يرى حازم أن ليذه المعاني مرتبة عميا في الشعر ألنو ال يمكن ألي شاعر‬
‫استنباطيا إال إذا كان متوقد الذىن‪ ،‬برع الصنعة‪ ،‬ولذلك تجنب الشعراء أخذىا‬
‫ومن أخذىا وقع في شرك السرقة‪.‬‬
‫ثم يضيف حازم إمكانية أخذ ىذه المعاني بشرط اإلضافة إلييا إضافة حسنة‬
‫فيقول‪« :‬وأما مف نقؿ المعنى النادر مف غير زيادة فذلؾ مف أقبح السرقات‪،‬‬
‫ألنو تعرض لسرقة ما ال يخفى عمى أحد أنو سرقة»‪ ،1‬ويضيف ابن بسام قائال‪:‬‬
‫قصر‪ ،‬إال أف يزيد زيادة تظير»‪.2‬‬
‫«ال يكاد يتناوليا حاذؽ إال ّ‬
‫‪ -‬وقد يسرق الشاعر معنى من المعاني الخاصة غير المشتركة أو المتداولة بين‬
‫الناس‪ ،‬كقول الشاعر‪:‬‬
‫داني جناحيو مف الطور فمر‬ ‫إذا الكراـ ابتدروا الباع ابتدر‬
‫فقد سرق أبو الطيب ىذا المعنى وذلك في قولو‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫كما نفضت جناحييا العقاب‬ ‫ييز الجيش حولؾ جانبيو‬
‫‪ -‬وقد يسرق الشاعر المعنى فيفسده‪ ،‬أو يقصر فيو بحيث يكون أقل من المعنى‬
‫األول‪ ،‬وىذه السرقة مذمومة لدى النقاد‪.‬‬

‫من خالل ما سبق من عرض لمشواىد وآراء النقاد نستنتج المواضع التي تذم فييا السرقة‪ ،‬إذا‬
‫كانت‪:‬‬
‫‪ ‬المعاني نادرة وعقيمة‪.‬‬
‫‪ ‬المعاني من المعاني الخاصة غير المشتركة والمتداولة بين الناس‪.‬‬
‫‪ ‬أخذت المعاني ولم يتوفق اآلخذ في الزيادة إلييا وتجويدىا‪.‬‬

‫‪ -1‬منياج البمغاء ‪ ،‬ص‪.195‬‬


‫‪-2‬الذخيرة ‪،‬ق‪،2‬م ‪، 2‬ص‪.705‬‬
‫‪-3‬تيارات النقد األدبي في األندلس في ق‪5‬ىـ‪،‬ص‪.431‬‬
‫‪17‬‬
‫قضٌة السرقة األدبٌة الشعرٌة‬ ‫المبحث الرابع‪:‬‬

‫‪ ‬أخذت المعاني وقصر فييا سواء من ناحية عدم تساوي المعنيين أو من ناحية‬
‫إفسادىا‪.‬‬
‫‪ ‬إذا أخذ القول بمفظو ومعناه أو بمعناه دون لفظو‪.‬‬
‫‪ ‬إذا أخذ القول بمفظو ومعناه وقافيتو ووزنو‪.‬‬

‫مما سبق طرحو وتحميمو؛ ومن خالل ما تم عرضو من آراء نقدية وشواىد شعرية‪،‬‬
‫حول قضية السرقات األدبية في عصر المرابطين والموحدين‪ ،‬نستنتج أن أغمب نقاد ىذا‬
‫العصر يجمعون عمى وجود سرقات شعرية‪ ،‬لكنيم فصموا في نوعين من السرقة وىما‪:‬‬
‫‪ .1‬السرقة الممدوحة‪ :‬واشترطوا ليا شروط‪ ،‬وحددوا ليا وسائل‪ ،‬كنا قد حصرنا في ثالثة‬
‫عناصر وىي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الزيادة بنوعييا‪ :‬الزيادة في المفظ‪ ،‬والزيادة في المعنى بأشكاليا‪.‬‬
‫ب‪ -‬نقل المعنى‪ :‬من موضع إلى آخر‪ ،‬أو من صفة إلى أخرى‪.‬‬
‫ج‪ -‬قمب المعنى‪ :‬وىو أن يسمك بو اآلخذ ضد ما سمك بو صاحبو‬
‫‪ .2‬السرقة المذمومة‪ :‬وحددوا ليا موطن وىي‪:‬‬
‫أ‪ -‬إذا كانت المعاني مأخوذة بمفظيا ومعناىا أو بمعناىا فقط‪ ،‬فال يجوز أخذىا‪.‬‬
‫ب‪ -‬إذا كانت المعاني مأخوذة بمفظيا ومعناىا ووزنيا وقافيتيا‪ ،‬فال يجوز أخذىا‪.‬‬
‫ج‪ -‬إذا كانت المعاني المأخوذة من المعاني الخاصة غير المشتركة أو المتداولة‬
‫بين الناس فال تصح سرقتيا‪.‬‬
‫د‪ -‬إذا كانت المعاني نادرة وعقيمة فال يمكن أخذىا‪.‬‬
‫ه‪ -‬إذا أخذت المعاني ولم يتوفق اآلخذ في الزيادة إلييا وتجويدىا‪ ،‬فال يصح‬
‫أخذىا‪.‬‬
‫صر فييا سواء من ناحية عدم تساوي المعنيين أو من‬
‫و‪ -‬إذا أخذت المعاني وقُ ّ‬
‫ناحية إفسادىا‪ ،‬فال تجوز أخذىا‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫قضٌة السرقة األدبٌة الشعرٌة‬ ‫المبحث الرابع‪:‬‬

‫وىم بوضعيم ليذه الشروط لم يخرجوا عن النقاد القدامى أمثال الجاحظ واألمدي‬
‫وابن طباطبا‪ ،‬الذين يرون أنو يمكن األخذ في المعاني المشتركة‪ ،‬أو يمكن األخذ أيضا إذا‬
‫أستطاع الشاعر الزيادة التي تضفي عمى المعنى شيئا جديدا‪ ،‬وال يمكن األخذ في المعاني‬
‫النادرة والعقيمة‪ ،‬أو كما يقول اآلمدي في البديع المخترع‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫المبحث الخامس‬
‫أثر البيئة في الشعر‬ ‫المبحث الخامس‪:‬‬

‫أثر البيئة في الشعر‪:‬‬

‫يقال إن األدب انعكاس لمواقع االجتماعي‪ ،‬فيو يصور حياة الفرد بكل ما فييا من‬
‫أفراح واحزان ومختمف المظاىر األخرى ‪ ،‬فالشاعر ابن بيئتو ومجتمعو يتأثر بيا ويؤثر عمييا‬
‫‪،‬فيحاول نقميا في شعره‪.‬‬

‫‪ ‬والمتتبع لتراثنا العربي يمحظ اىتمام النقاد العرب بدراسة أثر البيئة عمى االبداع الفني ‪،‬‬
‫وبما أن األدب انعكاس لمواقع بكل مؤثراتو االجتماعية والبيئية والعرقية‪ ،‬فقد كان الشعر‬
‫ديوان العرب‪ ،‬فقد كان يدون كل حياتيم أفراحيم وأحزانيم ومآثرىم‪ ،‬باإلضافة بيئتيم‬
‫الطبيعية‪ ،‬فنمحظ في الشعر العربي منذ الجاىمية وصف الشعراء لمعالقات االجتماعية‪،‬‬
‫ووصف األشخاص كوصف المحبوبة واالبن‪ ،‬ووصف الوحوش واألوابد في الصحراء‪،‬‬
‫كذلك وصف الديار والبكاء عمى األطالل‪ ،‬ووصف الطبيعة‪ ،‬إذا فالشعر العربي كان‬
‫صورة لمبيئة العربية بكل ما فييا‪ ،‬طبيعيا واجتماعيا وثقافيا‪ ،‬ولقد أولى النقاد العرب‬
‫القدامى أىمية ألثر البيئة في الشعر فحاولوا دراسة ىذا األثر‪ ،‬خاصة في العصر‬
‫العباسي بعد أن أصبح ىذا األثر واضحا جميا في الشعر العربي ‪ ،‬بوصف الشعراء‬
‫لمجالس األمراء ووصف العمران والحواضر بعد أن كان العرب في الخيام أصبحوا في‬
‫القصور ذات الزخارف و التصاميم الرائعة ‪ ،‬والحدائق الغناء ‪ ،‬وانعكس التغير الذي‬
‫حدث في البيئة العباسية عمى الشعر العربي‪ ،‬ومن النقاد الذين اىتموا بيذه القضية ابف‬
‫سالـ الجمحي في كتابو ( طبقات فحول الشعراء ) حين قسم الشعراء حسب األقاليم إلى‬
‫‪1‬‬
‫أما الجاحظ فقد «جعؿ كثرة الشعر وقمّتو تعتمد عمى ما‬
‫شعراء المدن وشعراء القرى ‪َّ ،‬‬
‫قسـ اهلل مف الحظوظ والغرائز والبالد واألعراؽ»‪ ، 2‬فالجاحظ من خالل القول السابق‬
‫يشير إلى ما أتى بو تين في ثالثيتو فيما يخص الجنس أو العرق‪ ،‬والبيئة‪ ،‬ىذا بالنسبة‬
‫لمنقاد المشارقة ‪ ،‬أما بالنسبة لنقاد المغرب واألندلس فقد أولوا اىتماما كبي ار بيذه القضية‬

‫‪ -1‬ينظر‪:‬شريف عالونة ‪ ،‬النقد االدبي في االندلس عصر المرابطين والموحدين ‪،‬ص ‪.227‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسو‪،‬ص‪.228‬‬
‫‪11‬‬
‫أثر البيئة في الشعر‬ ‫المبحث الخامس‪:‬‬
‫نظ ار لطبيعة بالد المغرب واألندلس الخالبة والحضارة العربية في ىذه البالد التي ولع‬
‫الشعراء بالتغني بيا وانعكست البيئة في أشعارىم‪ ،‬ومن النقاد المغاربة الذين اىتموا بأثر‬
‫الشعر عبد الكريـ النيشمي (‪ 405‬ىـ) حيث يقول‪ «:‬وقد تختمؼ‬ ‫اختالف البيئة‬
‫الم قامات واألزمنة والبالد ‪ ،‬فيحسف في وقت ماال يحسف في وقت آخر‪ ،‬و يستحسف‬
‫‪...‬وربما استعممت في بمد ألفاظ ال‬
‫ّ‬ ‫عند أىؿ بمد ما ال يستحسف عند أىؿ بمد غيره‬
‫تستعمؿ كثي ار في غيره كاستعماؿ أىؿ البصرة بعض كالـ أىؿ فارس في أشعارىـ‬
‫ونوادر حكاياتيـ»‪ ، 1‬فالنيشمي يرى أن اختالف المكان والزمان يؤثر عمى أذواق الناس‬
‫‪ ،‬ويؤثر في الشعر أيضا فيختمف المفظ ويستحسن في زمن ما وعند أىل بمد ما ويستيجن‬
‫في زمن آخر وعند أىل بمد آخر‪.‬‬
‫‪ ‬و باالنتقال إلى عصر المرابطين والموحدين في األندلس نمحظ اىتمام النقاد بأثر البيئة‬
‫في الشعر في ىذه الفترة أيضا‪ ،‬حيث يقول ابف خفاجة وىو أحد شعراء األندلس‬
‫بخصوص ىذا « إكثار الرجؿ في شعره مف وصؼ زىرة‪ ،‬ونعت شجرة ‪ ،‬و جرية ماء ‪،‬‬
‫ورّنة طائر ما ىو إال ألنو كاف جانحا إلى ىذه الموصوفات‪ ،‬لطبيعة فطر عمييا وحيمة‪،‬‬
‫واما ألف الجزيرة كانت داره ومنشأ قراره‪ ...‬فمـ يعدـ ىنالؾ‪ ،‬مف ذلؾ‪ ،‬ما يبعث مع‬
‫حب ذلؾ األمر وصار قولو‬
‫الساعات أنسو‪ ،‬ويحرؾ إلى القوؿ نفسو‪ ،‬حتى غمب عميو ُّ‬
‫فيو عف كمؼ‪ ،‬ال عف تكمّؼ »‪.2‬‬
‫فابن خفاجة يرى بأن توظيف الشاعر لمطبيعة في شعره راجع إلى الفطرة التي جبل‬
‫عمييا‪ ،‬أو ألن في بيئتو التي نشأ فييا ما يبعث عمى استئناسو ويدفعو إلى قول الشعر ‪،‬‬
‫وتصنع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حبو ليا عن طبع ال عن تكمّف‬
‫فيصبح قولو من كثرة ّ‬

‫ويتحدث حازـ القرطاجني عن أثر البيئة في الشعر فيقول أن الشعر‪ « :‬يختمؼ‬


‫بحسب اختالؼ األمكنة ‪ ،‬وما يوجد فييا مما مف شأنو أف يوصؼ‪ ...‬و لذا نجد بعض‬

‫‪-1‬ابن رشيق القيرواني‪ ،‬العمدة في محاسن الشعر وأدبو ونقده‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.58‬‬
‫‪ -2‬أبو إسحاق إبراىيم ‪،‬ابن خفاجة‪ ،‬دٌٕاٌ ‪،‬رذقٍق سٍذ غبصي ‪،‬يُشئخ انًعبسف اإلسكُذسٌخ ‪1970‬و ‪،‬ص‪.296‬‬
‫‪11‬‬
‫أثر البيئة في الشعر‬ ‫المبحث الخامس‪:‬‬
‫الشعراء يحسف في وصؼ الوحش‪ ،‬وبعضيـ يحسف في وصؼ الروض‪ ...‬عمى قدر‬
‫قوة ارتساـ نعوت الشيء في خياالتيـ بكثرة ما ألفوه وما تأمموه »‪ ، 1‬يرى حازم من‬
‫خالل القول السابق‪ :‬أن الشعر يختمف حسب اختالف األمكنة؛ وحسب ما يوجد فييا مما‬
‫من شأنو أن يحرك نفس الشاعر ويدفعو إلى قول الشعر‪ ،‬فيحسن بعض الشعراء في‬
‫وصف الوحوش ألن بيئتيم تتوفر عمى ىذه الموصوفات‪ ،‬ويحسن بعضيم في وصف‬
‫الروض ألن بيئتيم خالبة فييا من الرياض والبساتين ما يدفع الشاعر لوصفو‪ ،‬ووصفيم‬
‫مخيالت الشعراء لكثرة‬
‫ىذا يعتمد عمى مدى قوة ارتسام صور تمك الموصوفات في ّ‬
‫احتكاكيم واستئناسيم بيا‪.‬‬

‫لما كان الشعر‬


‫ثم يتحدث حازم عن أثر البيئة في مييئات الشعر وبواعثو فيقول‪ّ « :‬‬
‫ال يتأتّى نظمو إال بحصول ثالثة أشياء‪ ،‬وىي ‪ :‬المييئات واألدوات والبواعث‪ ،‬وكانت ىذه‬
‫المييئات تحصل من جيتين‪:‬‬

‫طيبة المطاعم‪ ،‬أنيقة المناظر‪ ،‬ممتعة‬


‫‪ -1‬النشء في بقعة معتدلة اليواء‪ ،‬حسنة الوضع‪ّ ،‬‬
‫من كل ما لؤلغراض اإلنسانية بو عمقة‪.‬‬
‫‪ -2‬والترعرع بين الفصحاء األلسنة المستعممين لؤلناشيد المقيمين لؤلوزان»‪.2‬‬
‫المييئات تحصل من جيتين‪:‬‬
‫ّ‬ ‫حيث يقول أن ىذه‬

‫أوليا‪ :‬توفر البيئة الطبيعية؛ أي النشوء في بيئة أي ذات ىواء معتدل وموقع جغرافي جيد‪،‬‬
‫طيب‪ ،‬خالبة المناظر‪ ،‬وكمما توفرت لمشاعر ىذه‬
‫طيبة المطاعم؛ أي ذات ماء وأكل ّ‬
‫ّ‬
‫المييئات في بيئتو كان أقدر عمى قول الشعر وتأتى لو من غير عناء‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪-1‬حازم القرطاجني ‪ ،‬منياج البمغاء وسراج األدباء‪ ،‬ص‪.375‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسو ‪،‬ص ‪.36‬‬
‫‪11‬‬
‫أثر البيئة في الشعر‬ ‫المبحث الخامس‪:‬‬
‫ثانييا‪ :‬توفر البيئة الثقافية‪ ،‬وىو الترعرع بين فصحاء الكالم‪ ،‬العارفين باألوزان والحافظين‬
‫لمشعر‪ ،‬ونشوء الشاعر بين ىؤالء يضمن لو اختيار الحسن من األلفاظ والمعاني واستقامة‬
‫وزنو‪.‬‬

‫من خالل عرض وتحميل آراء حازم حول أثر البيئة في الشعر نمحظ أن اختالف الشعر‬
‫مييئات الشعر التي قسميا‬
‫يرجع إلى اختالف األمكنة وما توفر فييا‪ ،‬باإلضافة إلى اختالف ّ‬
‫حازم إلى البيئة الطبيعية والبيئة الثقافية‪.‬‬

‫و يرى بعض نقاد األندلس أن لمشعر عامل وراثي‪ ،‬وعامل الوراثة من العوامل البيئية‬
‫التي ليا تأثير عمى إنتاج الشعر‪ ،‬فيرى ابف بساـ أن عامل الوراثة عامل ميم في جودة‬
‫‪1‬‬
‫قدمت ذكر بني‬
‫اإلنتاج األدبي حيث يقول عن الوزير الكاتب يوسف بن محمد بن الجد ‪ّ « :‬‬
‫الجد‪ ،‬وذكرت أنيـ كانوا صدور رتب‪ ،‬وبحور أدب ‪ ،‬توارثوه نجيبا عف نجيب‪ ،‬كالرمح‬
‫أنبوبا عف أنبوب مع اشتيارىـ بصحبة السمطاف ‪ ،‬وشرفيـ عمى وجو الزماف »‪.2‬‬

‫ويضيف ابن بسام متحدثا عن اشتيار أىل بمد ما بجودة الشعر واألدب عن غيرىم‬
‫؛حيث يرى أن ذلك راجع إلى اختالف أعراقيم وأجناسيم‪ ،‬فيقول في أىل قرطبة وصفاتيم‬
‫بأنيم‪ « :3‬أكثر أىؿ بالد ىذا األفؽ مف أشراؼ عرب المشرؽ افتتحوىا‪ ،‬و سادات أجناد‬
‫الشاـ والعراؽ نزلوىا ‪،‬فبقي النسؿ فييـ بكؿ إقميـ عمى عرؽ كريـ ‪ ،‬فال يكاد بمد منيا‬
‫يخمو مف كاتب ماىر‪ ،‬وشاعر قاىر » ‪.4‬‬

‫فاختالف الجنس والعرق من العوامل البيئية المؤثرة في إنتاج الشعر‪ ،‬فاشتيار أىل‬
‫قرطبة بالشعر واألدب راجع إلى أصل أعراقيم فيم من أشراف عرب المشرق من سادات‬
‫الشام والعراق الذين افتتحوىا‪.‬‬

‫‪-1‬ينظر‪ :‬شريف عالونو‪ ،‬النقد األدبي في األندلس عصر المرابطين والموحدين‪ ،‬ص‪.231‬‬
‫‪-2‬ابن بسام‪ ،‬الذخيرة في محاسن أىل الجزيرة ‪،‬ق‪،2‬م‪ ،1‬ص‪.556‬‬
‫‪-3‬ينظر‪ :‬شريف عالونو‪،‬النقد االدبي في االندلس عصر المرابطين والموحدين ‪,‬ص‪.232‬‬
‫‪-4‬ابن بسام ‪،‬الذخيرة ‪ ،‬ق‪،1‬م‪،1‬ص ‪.33‬‬
‫‪11‬‬
‫أثر البيئة في الشعر‬ ‫المبحث الخامس‪:‬‬
‫من خالل ما تم تحميمو من آراء لمنقاد في األندلس في عصر المرابطين والموحدين‬
‫نرى أن ىناك مجموعة من العوامل البيئية المؤثرة في إنتاج الشعر وىي‪:‬‬

‫‪ ‬اختالف األزمنة واألمكنة وما يوجد فييا يؤثر عمى أذواق الناس‪.‬‬
‫‪ ‬توظيف الشاعر لمبيئة في شعره راجع إلى الفطرة‪ ،‬أو إلى حتمية توفر البيئة عمى‬
‫مييئات الشعر وبواعثو‪.‬‬
‫‪ ‬اختالف مييئات الشعر من حيث‪ :‬توفر البيئة الطبيعية‪ ،‬وتوفر البيئة الثقافية‪.‬‬
‫‪ ‬اختالف األجناس واألعراق من العوامل البيئية المؤثرة في انتاج الشعر‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمة‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫الحمد هلل الذي تتم بفضمو الصالحات‪ ،‬ىا قد وصمنا إلى نياية بحثنا ىذا الذي عالجنا‬
‫من خاللو القضايا النقدية في األندلس في عصر المرابطين والموحدين من خالل كتاب النقد‬
‫األدبي في األندلس لمدكتور شريف عالونو ‪ ،‬وحين معالجة ىذه القضايا النقدية الحظنا ان‬
‫أن جممة القضايا النقدية التي عالجيا النقاد في ىذا العصر‪ ،‬قد تطرق إلييا قبميم النقاد‬
‫المشارقة ‪ ،‬وقد نظر إلييا نقاد المغرب واالندلس من زوايا مختمفة ومتعددة ‪ ،‬ومن القضايا‬
‫التي توصمنا إلييا من خالل الكتاب نذكر‪:‬‬

‫‪ ‬قضية مفيوم الشعر‪.‬‬


‫‪ ‬قضية المفظ والمعنى‪.‬‬
‫‪ ‬قضية القدماء والمحدثين‪.‬‬
‫‪ ‬قضية السرقات األدبية الشعرية‪.‬‬
‫‪ ‬قضية أثر البيئة في الشعر‪.‬‬
‫ومن خالل دراستنا وتحميمنا لجممة القضايا السابقة توصمنا إلى النتائج التالية ‪:‬‬
‫لقضية مفيوم الشعر‪ :‬توصمنا إلى أن نقاد األندلس في عصر المرابطين‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬بالنسبة‬
‫القضية من جوانب مختمفة ‪ ،‬واستنتجنا أنيم‪:‬‬
‫ّ‬ ‫والموحدين قد تناولوا ىذه‬
‫‪ -‬يؤكدون عمى ضرورة الوزن والقافية كأساس لمشعر يميزه عن النثر‪.‬‬

‫‪ -‬يؤكدون أيضا عمى ضرورة المفط والمعنى فال يخمو أي شعر منيما‪.‬‬

‫‪ -‬يميمون إلى إبراز وظيفة الشعر من خالل وضعيم لمجموعة من الوسائل ىي‪:‬القصد‬
‫النية‪ ،‬الخيال‪ ،‬المحاكاة‪ ،‬التأثير‪ ،‬الصدق‪.‬‬
‫و ّ‬

‫‪ ‬أما بالنسبة لقضية المفظ والمعنى‪ :‬فقد استنتجنا أن النقاد في عصر المرابطين والموحدين‬
‫فضموا أحدىما عن اآلخر‪ ،‬لكن يشترطون صحتيما وسالمتيا‪ ،‬فحازم يفضل المعاني‬
‫لم ُي ّ‬

‫‪17‬‬
‫الخاتمة‬
‫السراج فيقول بضرورة إعطاء كل‬
‫المشيورة والصادقة واأللفاظ العذبة والبسيطة‪ ،‬أما ابن ّ‬
‫واحد حقّو‪.‬‬
‫‪ ‬أما بالنسبة لقضية القدماء والمحدثين‪ :‬توصمنا إلى أن النقاد في عصر دراستنا لم يقفوا‬
‫ضد الحديث‪ ،‬وال إلى جانب القديم‪ ،‬بل تباينت آراءىم إلى ثالثة آراء حول ىذه‬
‫متعصبين ّ‬
‫أن‪:‬‬
‫القضية وىي ّ‬
‫ّ‬
‫‪-‬ىناك من يتّخذ من الزمن معيا ار لمتّفاضل مثل‪ :‬ابن بسام‪.‬‬

‫‪-‬ىناك من ال يعتمد عمى الزمن بل يرى في العمل األدبي ولغتو أساسا لمتفاضل مثل‪:‬‬
‫الرندي‪.‬‬
‫القرطاجني وأبو البقاء ّ‬
‫ّ‬ ‫حازم‬

‫‪-‬ىناك من ال يعتمد ال عمى الزمن وال عمى العمل األدبي بل يرى أن لكل زمان فضمو‪.‬‬

‫لقضية السرقة األدبية الشعرّية‪ :‬فقد استنتجنا أن النقاد في عصر المرابطين‬


‫ّ‬ ‫‪ ‬أما بالنسبة‬
‫والموحدين‪ ،‬لم يحيدوا عن الفيم العام ليذه القضية‪ ،‬لكنيم فصموا في نوعين من السرقة‬
‫ىما‪:‬‬
‫‪ .3‬السرقة الممدوحة‪ :‬واشترطوا ليا شروط‪ ،‬وحددوا ليا وسائل‪ ،‬كنا قد حصرنا في ثالثة‬
‫عناصر وىي‪:‬‬
‫د‪ -‬الزيادة بنوعييا‪ :‬الزيادة في المفظ‪ ،‬والزيادة في المعنى بأشكاليا‪.‬‬
‫ه‪ -‬نقل المعنى‪ :‬من موضع إلى آخر‪ ،‬أو من صفة إلى أخرى‪.‬‬
‫و‪ -‬قمب المعنى‪ :‬وىو أن يسمك بو اآلخذ ضد ما سمك بو صاحبو‪.‬‬
‫‪ .4‬السرقة المذمومة‪ :‬وحددوا ليا موطن وىي‪:‬‬
‫أ‪ -‬إذا كانت المعاني مأخوذة بمفظيا ومعناىا أو بمعناىا فقط‪ ،‬فال يجوز أخذىا‪.‬‬
‫إذا كانت المعاني مأخوذة بمفظيا ومعناىا ووزنيا وقافيتيا‪ ،‬فال يجوز أخذىا‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫ج‪ -‬إذا كانت المعاني المأخوذة من المعاني الخاصة غير المشتركة أو المتداولة بين‬
‫الناس فال تصح سرقتيا‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الخاتمة‬
‫د‪ -‬إذا كانت المعاني نادرة وعقيمة فال يمكن أخذىا‪.‬‬
‫ه‪ -‬إذا أخذت المعاني ولم يتوفق اآلخذ في الزيادة إلييا وتجويدىا‪ ،‬فال يصح أخذىا‪.‬‬
‫صر فييا سواء من ناحية عدم تساوي المعنيين أو من ناحية‬
‫و‪ -‬إذا أخذت المعاني وقُ ّ‬
‫إفسادىا‪ ،‬فال يجوز أخذىا‪.‬‬
‫وىم بوضعيم ليذه الشروط لم يخرجوا عن النقاد القدامى أمثال الجاحظ واألمدي‬
‫وابن طباطبا‪ ،‬الذين يرون أنو يمكن األخذ في المعاني المشتركة‪ ،‬أو يمكن األخذ أيضا إذا‬
‫أستطاع الشاعر الزيادة التي تضفي عمى المعنى شيئا جديدا‪ ،‬وال يمكن األخذ في المعاني‬
‫النادرة والعقيمة‪ ،‬أو كما يقول اآلمدي في البديع المخترع‪.‬‬
‫‪ ‬أما بالنسبة لقضية أثر البيئة في الشعر فقد توصمنا إلى النتائج التالية‪:‬‬
‫أن ىناك مجموعة من العوامل البيئية المؤثرة في إنتاج الشعر وىي‪:‬‬
‫‪ ‬اختالف األزمنة واألمكنة وما يوجد فييا يؤثر عمى أذواق الناس‪.‬‬
‫‪ ‬توظيف الشاعر لمبيئة في شعره راجع إلى الفطرة‪ ،‬أو إلى حتمية توفر البيئة عمى‬
‫مييئات الشعر وبواعثو‪.‬‬
‫‪ ‬اختالف مييئات الشعر من حيث‪ :‬توفر البيئة الطبيعية‪ ،‬وتوفر البيئة الثقافية‪.‬‬
‫‪ ‬اختالف األجناس واألعراق من العوامل البيئية المؤثرة في انتاج الشعر‪.‬‬
‫ومن خالل ما تم تقديمو من نتائج حول مجموعة القضايا النقدية التي تمت معالجتيا‬
‫في عصر المرابطين والموحدين يمكننا القول بأنو كان لمنقد األدبي حظ وافر من الدراسة‬
‫والبحث والتحميل من طرف النقاد قديما‪.‬‬
‫قصرنا فذلك‬
‫وىذا ىو قصار جيدنا وما توصمنا إليو‪ ،‬فإن اجتيدنا فذلك توفيق من اهلل‪ ،‬وان ّ‬
‫لتشعب الموضوع و سعتو‪.‬‬
‫وفي األخير نسأل اهلل أن يكون بحثنا ىذا نافعا لؤلجيال بعدنا‪،‬ومثريا لتراثنا األدبي‬
‫التوفيق‪.‬‬ ‫ولي‬
‫ّ‬ ‫واهلل‬ ‫المزيد‬ ‫ونسألو‬ ‫ونشكره‬ ‫اهلل‬ ‫ونحمد‬ ‫األندلسي‪،‬‬

‫‪19‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬
‫المصدر‪:‬‬
‫شريف عالونة‪ :‬كتاب النقد االدبي في االندلس عصر المرابطين والموحدين‪،‬ط‪، 1‬و ازرة‬
‫الثقافة عمان ‪ ،‬األردن ‪ 2005 ،‬م ‪.‬‬
‫المراجع‪:‬‬
‫‪ ‬ابن بسام ‪ ،‬الذخيرة ‪ ،‬تحقيق لطفي عبد البديع الييئة المصرية العامة لمكتاب ‪،1975‬‬
‫ق‪،2‬م‪.2‬‬
‫‪ ‬ابن بسام الشنتريني ‪.‬الذخيرة‪ .‬تحقيق احسان عباس ‪،‬دار المعارف الثقافية بيروت‬
‫‪ 1978،‬م‪،1‬القسم‪.1‬المجمد ‪.1‬‬
‫‪ ‬ابن بسام‪ ،‬الذخيرة في محاسن أىل الجزيرة ‪،‬تحقيق لطفي عبد البديع الييئة المصرية‬
‫العامة لمكتاب ‪،1975‬ق‪،2‬م‪.1‬‬
‫‪ ‬ابن بسام‪ ،‬الذخيرة ق‪ ،1‬م‪.2‬‬
‫‪ ‬ابن بسام‪،‬الذخيرة‪،‬ق‪،4‬م‪.1‬‬
‫‪ ‬ابن خاقان أبو نصر الفتح ابن محمد‪ :‬قالئد العقيان ومحاسن األعيان‪ ،‬تحقيق ‪:‬‬
‫حسين خريوش‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة المنار ‪ ،‬الزرقاء‪ ،‬األردن‪1989 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬ابن خفاجة ‪ ،‬أبو إسحاق إبراىيم ‪ ،‬ديوان ‪،‬تحقيق سيد غازي ‪،‬منشئة المعارف‬
‫اإلسكندرية ‪1970‬م‪.‬‬
‫‪ ‬ابن دحية‪ ،‬أبو الخطاب عمر ابن الحسن‪ ،‬المطرب من اشعار المغرب‪،‬تحقيق إبراىيم‬
‫االبياري وزمالئو‪1954،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬ابن رشيق القيرواني ‪:‬العمدة في صناعة الشعر ونقده ‪ ،‬تحقيق محمد محي الدين عبد‬
‫‪،‬القاىرة ‪ 1963،‬م‪،‬ج‪.1‬‬ ‫الحميد ‪،‬ط‪ ، 3‬مطبعة السعادة‬
‫‪ ‬ابن رشيق القيرواني‪ .‬العمدة‪.‬ج‪. 2‬‬

‫‪51‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪ ‬ابن سعيد االندلسي ‪ ،‬المرقصات والمتربات ‪ ،‬نشر دار حمد و محيو ‪ 1973 ،‬م ‪،‬‬
‫ص ‪.3‬‬
‫‪ ‬ابن سعيد االندلسي ‪ ،‬رايات المبرزين وغايات المميزين ‪ ،‬تح ‪ :‬عبد المتعال القاضي‬
‫‪،‬لجنة احياء التراث اإلسالمي ‪ ،‬القاىرة ‪1973،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬ابن طباطبا العموي‪ ،‬عيار الشعر‪ ،‬تح‪ ،‬طو الحاجري وزغمول سالم‪ ،‬شركة فن‬
‫الطباعة‪ ،‬القاىرة‪1956 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬ابن قتيبة ‪ ،‬الشعر والشعراء ‪ ،‬ط ‪،1‬دار احياء العموم ‪،‬بيروت ‪ 1984،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬أبو البقاء الرندي‪ ،‬صالح ابن يزيد‪ :‬الوافي في نظم القوافي ‪ /‬ميكروفيمم‪.‬‬
‫‪ ‬أبو الفرج االصفياني ‪ ،‬األغاني ‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،‬بيروت ‪،‬ط ‪1955 ،3‬م ‪.‬‬
‫‪ ‬أبو عبيد البكري االونبي ‪،‬سمط لآللئ في شرح مقال القالي ‪،‬تح عبد العزيز الميمني‬
‫‪،‬ط القاىرة ‪1936‬م‪.‬‬
‫‪ ‬احمد بن فارس ‪:‬الصاحبي في فقو المغة العربية وسنن العرب في كالميم ‪،‬تحقيق‬
‫السيد احمد صقر ‪،‬مصر ‪1977،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬احمد رضوان الداية‪ :‬تاريخ النقد االدبي في االندلس ‪،‬ط‪ ،2‬مؤسسة الرسالة‬
‫‪،‬بيروت‪1981،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬اآلمدي‪ ،‬أبو القاسم الحسن بن بشر‪ ،‬الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري‪ ،‬تح‪ :‬السيد‬
‫أحمد صقر‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر ط‪2006 .5‬م ‪،‬ج‪.1‬‬
‫‪ ‬الجاحظ‪ ،‬أبو عثمان عمرو بن بحر‪ ،‬الحيوان‪ :‬تح وشر‪ :‬عبد السالم محمد ىارون‪،‬‬
‫شركة مكتبة ومطبعة مصطفى الحمبي وأوالده‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪1965 ،02‬م‪ ،‬ج‪.3‬‬
‫‪ ‬حازم القرطاجني‪ :‬منياج البمغاء وسراج االدباء ‪،‬تحقيق وتقديم محمد الحبيب‬
‫خوجة‪،‬ط‪ ، 3‬دار المغرب اإلسالمي ‪،‬بيروت ‪1986،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الشريف عالونة ‪ ،‬النقد االدبي في االندلس عصر المرابطين والموحدين ‪،‬ط‪،1‬و ازرة‬
‫الثقافة عمان –األردن ‪2005،‬م‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪ ‬شكري عزيز ماضي‪ ،‬محاضرات في نظرية األدب‪،‬دار البعث لمطباعة والنشر ‪،‬‬
‫قسنطينة الجزائر‪،‬ط‪ ،1‬سنة ‪1984‬م‪.‬‬
‫‪ ‬عبد الواحد المراكشي‪ :‬المعجب في تمخيص أخبار المغرب‪ ،‬تح‪ :‬محمد سعيد العريان‬
‫‪،‬القاىرة ‪1963 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬قدامة بن جعفر ‪:‬نقد الشعر ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬س‪.‬أ‪.‬نيباكر‪،‬مطبعة بريل ‪،‬ليدن (؟)‪.‬‬
‫‪ ‬محمد التجاني محجوبي ‪:‬القضايا النقدية عند فالسفة االندلس ‪،‬رسالة ماجستير‬
‫‪،‬جامعة باتنة ‪2009/2008،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬مصطفى عميان عبد الرحيم ‪،‬تيارات النقد االدبي في االندلس في ق ‪ 5‬ىـ‪ /‬ط‬
‫مؤسسة الرسالة ‪،‬بيروت ‪1984،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬يوسف أشباخ‪ ،‬تاريخ األندلس في عصر المرابطين والموحدين ‪ ،‬ج‪ ،2‬ترجمة وتعميق‬
‫محمد عبد اهلل عنان‪،‬المركز القومي لمترجمة ‪ ،‬القاىرة ‪2011 ،‬م‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫الملخص‬
:‫الممخػص‬
‫يتناول البحث القضايا النقدية في عصر المرابطين والموحدين من خالل كتاب النقد األدبي في‬
‫ وييدف البحث إلى الوقوف عمى‬، ‫األندلس عصر المرابطين والموحدين لمدكتور شريف عالونو‬
:‫ ومن جممة القضايا المعالجة في البحث نذكر‬،‫تصورات النقاد لتمك القضايا النقدية في األندلس‬
.‫ أثر البيئة في الشعر‬، ‫ القدماء والمحدثون‬،‫ السرقة الشعرّية‬،‫ المفظ والمعنى‬،‫مفيوم الشعر‬
: ‫الكممات المفتاحيّة‬
، ‫ البيئة‬،‫ المحدثون‬،‫ القدماء‬،‫ المعنى‬،‫ المفظ‬،‫ الشعر‬،‫ الموحدون‬،‫ المرابطون‬،‫ األندلس‬،‫ القض ايا‬،‫النقد‬
. ‫السرقة‬
Résumé
Cette recherche port la question monétaire à l’époque de unitarienne et stationné dans le livre critique
littéraire à l’époque Andalouse stationnée le D Sharif Alaonah.
Recherche vise à tenir sur l’évolution de ces critiques questionnes monétaires en Andalouse permet les
questionnes traiter utiliser le concept de poème et le sens mot nouille de vol. les anciens unitarien et
l’impact de l’environnement sur le poème.

Mots clé:
Critique, monétaire, Andalouse, poème, poème, les anciens unitarien, le sens mot.

Abstract
This research deal with monetary issues in the era of almoravid and Almohaden through the book of
literary criticism in Andalusia, the era of the Almoravid and the unites of Dr.SherifnAlawneh.
The aim of research is to identify the critics perception of these critical issues in Andalusia Among the
issues dealt with in the research are the concept of poetry ,Poetry ,ancient and modern ,the effect of
the environment in poetry
Keywords:
Criticism, issues, Andalusia, Almohaden, poetry, word, meaning, ancient, modernists, environment,

theft.

You might also like