Professional Documents
Culture Documents
11
-1مفهوم) السيميائيات:
المتداول بين الدارسين المتخصصين ان السميائية كعلم ومنهج نقدي انه حديث النشأة وه و مس تمد االص ول من
علوم معرفية سابقة له في الظهور خاصة اللسانيات الذي ارسى اص ولها السويس ري ق د يس اعد دوسوس ير في
عمق القرن العشرين 20ويشير به مطلقا عليه مص طلح الس يميولوجيا وق د أخ ذ م ا اص طلح علي ه بالس يميائية
زوايا نظر عديدة ......فكثرت الرؤى وتع ددت ح ول التس ميات ":أعام ل ف اخوري كم ا ي ذكر أن محم ود ج اد
يحص ر لن ا م ا يق ارب عن ألس نة اص وات دال ة للمص طلح في الس يمياء والس مية والس يميائية والس يميوطيقا
والسيميولوجيا والرموزية " 1وهذا ما اوقع الباحث في فوضى مصطلحية وعليه سنحاول اي راد اب رز التعريف ات
التي خصت بها السيميائية .
أ/لغة:
اذا عدنا الى المع اجم العربي ة نج د مص طلح الس يمياء في لس ان الع رب ":الس يمياء العالم ة :مش تقة من الفع ل
'سام'الذي هو مقل وب 'س م'وهي في الص ورة "فعلى"ي دل على ذل ك ق ولهم الس مة ف ان اص لها ":س مى"اذ جع ل
"سمة"().....قولهم:سوم فرسه :أي جعل عليه السمة وقيل:الخيل المسومة هي ال تي عليه ا الس يمة والس ومة هي
العالمة".2
نجد كذلك":السيمياء العالمة ويقال:من سيمائهم تعرفونهم أي من عالمات وجوههم تعرفونهم .3
وفي قاموس المحيط ورد ":السومة بالضم والسمة والسيما والسيمياء بكسرهن :العالمة وسوم الف رص تس ويما
أي جعل عليه سمة. 4
وفي هذا الدليل ان العرب قد عرفوا لفظا يلتقي في داللته ,ومفهومه مع المعنى العربي للسيميائية وان لم يتطور
هذا المفهوم الى علم واضح له ضوابطه وقوانين ه الخاص ة ,حيث تع رض العلم اء في ابح اثهم الع رب للعالم ة
اللغوية باعتبارها اداة للتواصل ونقل المعارف.
كذلك ورد مصطلح السيمياء في القرأن الكريم في عدة مواضيع نذكر منها:
قوله تعالى":يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم ال يسألون الناس الحافا "
5
6
قوله تعالى":ونادى اصحاب اعراف رجاال يعرفونهم بسيماهم قالوا اغنى عنكم جمعهم ما كنتم تستكبرون"
7
قوله تعالى":سيماهم في وجوههم من أثر السجود"
قوله تعالى":ولو نشاء الريناكم فلتعرفنهم بسيماهم ولتعرفهم في لمن القول وهللا يعلم اعمالهم "
8
1
.فيصل االحمر-معجم السيميائيات – الدار العربية للعلوم ناشرون منشورات االختالف – الطبعة -1الجزائر 2010-1431ص 18
2
.المرجع نفسه ص 30,29
3
.امل عبد العزيز محمود-االداء -القاموس العربي الشامل – دار راتب الجامعية ,الطبعة ,1بيروت ,1997ص 311
4
.الفيروز اباء ,القاموس المحيط ,مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع التراث-ط -2لبنان 14426ه 2005-م ,ص 1124
5
.القران الكريم – سورة البقرة – االية 272
6
.القران الكريم – سورة االعراف – االية 47
7
.القران الكريم – سورة الفتح – االية 29
8
.القران الكريم – سورة محمد – االية 31
9
.القران الكريم – سورة الرحمان – االية 40
10
.ابريك بوسينس –السيميولوجيا والتواصل – فر،جواد بيبنس ،رؤية للنشر والتوزيع –القاهرة ،ط-2017- 2ص03
12
ب/اصطالحا:
تع ددت واختلفت التس ميات لعلم الس يمياء ,فهن اك من يطل ق علي ه(:س يميولوجيا,س يمياء,علم
العالمات,السيميائية ,العالماتية,نظرية االشارة,وعليه فالتعريفات متعددة منها:
ففي الفك ر الع ربي المح دث باعتباره ا أي الس يمياء وردت الي ه عن طري ق الترجم ة والمناقف ة واالطالع على
االنتاجات المنشورة في اوروبا والتلميذة على يد اساتذة السيميولوجيا في جامعات العرب فنجد ان:
صالح فضل:حدد مفهوم السيميولوجيا بأنها ":العلم الذي يدرس االنظمة الرمزية في كل االشارات الدالة وكيفية
هذه االدلة"1:وهنا نالحظ انه يشترط في االشارات ان تكون ذات داللة الن السيميائيات تدرس داللة هذه االشارات.
اما سعيد علوش فهو يعرف السيمياء بقوله":هي دراسة لكل مظاهر الثقافة ,كما لو كانت انظمة للعالمة اعتم ادا
على افتراض ظاهر الثقافة كأنظمة عالمات في الواقع ."2فنالحظ انه ربطهم ا بالثقاف ة ومظاهره ا بالنس بة
للناقد الجزائري قدور عبدهللا الث اني فق د ع رف الس يمياء بانه ا ":علم االش ارة الدال ة مهم ا ك ان نوعه ا او
اصلها ()........وان النظام الكوني بكل مافيه من اشارات ورموز هو نظام ذو داللة ,والسيمياء تختص بدراسة
بنية هذه االشارات وعالقتها في هذا الك ون ,وك ذا توزي ع وظائفه ا الداخلي ة والخارجي ة ,3فنالح ظ ان ه وس ع
مصطلح السيمياء في كونه علم يختص بدراسة االشارات المختلفة.
ويبدو من التعاريف السابقة ان السيمياء علم يهتم بالعالمة وه و اتف اق عن د الجمي ع ,أم ا مض مونه فه و دراس ة
االنظمة الرمزية والعالماتية عند كل من صالح فضل وسعيد علوش.
كانت هذه اهم االراء التي دارت حول مصطلح السيمياء عند العرب ,فالسيمياء علم واس ع ال يمكن االله ام بك ل
جوانبه .
هذا وفي الفكر الغربي ش اح مص طلح الس يمياء او م ا يع رف ب"علم العالم ات " من ذ منتص ف الق رن التاس ع
عشر .
وبداية القرن العشرين كونه علم يدرس انظمة الرمزية وقد بشر به العالم اللغوي فرديناند دوسوسير الذي اطل ق
عليه اسم السيميولوجيا حيث قال":اللغة نظام من العالمات تعبر عن افكار",4ونفهم من ه ذا الق ول ان اللغ ة عالم ة
واداة للتواصل بين افراد المجتمع.
وفي تعريفه لهذا العلم يقول":السيميولوجيا تعنى بالعلم الذي يبحث عن انظمة العالمات لغوية كانت ام ايقون ة ام
حركية ,وبالتالي اذا كانت اللسانيات تدرس االنظمة اللغوية فان الس يميولوجيا تبحث في العالم ات غ ير اللغوي ة
التي تنشأ في حضن المجتمع ".5
اما تشارل بيرس فأطلق على هذا العلم اسم –الس يميوطيقا-حيث ق ال ":ليس باس تطاعي ان ادرس أي ش يء في
هذا الكون ,كالرياضيات ,واالخالق والميتافيزيقا,والجاذبي ة االرض ية والديناميكي ة ()........وعلم الفل ك ,وعلم
النفس,وعلم الص وتيات ,وعلم االقتص اد(,)....وعلم القي اس والم وازين اال على ان ه نظ ام س يميولوجي",6
فالسيمياء تبعا لرؤيت ه هي العلم ال ذي يض م جمي ع العل وم االنس انية والطبيعي ة وم ا يلفت االنتب اه من خالل
التعريفين السابقين هو االختالف في تسمية مصطلح السيمياء فدوسوسير اطل ق علي ه اس م الس م الس يميولوجيا
بينما تشارل بيرس اطلق عليه السم السيميوطيقا ولعل االختالف في التسمية يعود الى اق تران ك ل مص طلح من
المصطلحين السابقين لمدرسة معينة.
نستنتج من خالل ما اوردناه انفا ان السيميائية كعلم ونظرية العالمات فهي تختص بدراس ة الرم وز واالش ارات
سواء أكانت لغوية او غير لغوية .
1
.فيصل االحمر – معجم السيميائيات – الدار العربية للعلوم ,ناشرون منشورات االختالف – الجزائر – ط 1سنة 1431ه 2016/م ص 14
2
.المرجع نفسه ص18
3
.قدور عبد هللا الثاني – سيميائية الصورة – دارالغرب للنشر والتوزيع – الجزائر ,ط ,2005, 1ص 52
4
.ان اينوواخرون ,السيميائية ,االصول ,القواعد والتاريخ ,رشيد بن مالك ,عز الدين مناصرة ,دار مجدالوي – عمان – ط 2008, 1ص 33
5
.فرديناند دوسسوسير – محاضرات في االلسنة العامة -يوسف غازي ,مجيد النصر ,المؤسسة الجزائرية للطباعة –ط ,1986 – 1ص 72
6
.محمود احمد دراسة ,مفاهيم في الشعرية " دراسات في النقد العربي القديم " – دار جرير -عمان – ط , 2010 , 1ص69
13
عموما فهي واسعة النطاقات ايمكن احتوائها بكل جوانبها ,وهي كما قال عنها البحث سعيد بنكراد ":ليست سوى
تساؤالت تخص الطريقة التي ينتج بها االنسان سلوكاته أي معايينة ,وهي ايضا الطريقة ال تي تس تهلك به ا ه ذه
المعاني".1
االصول المعرفية للسيمياء:
لم يكن علم السيمياء وليد العصر الحديث ,كما يزعم بعض هم ب ل ه و ق ديم النش أة ,فق د اهتم الق دامى من ع رب
وعجم بهذا الجانب من علوم اللسانيات منذ اكثر من الفي سنة وهذا ما يجعلنا نفصل في خلفياتها بين:
/1السيميائيات عند الغرب :
أ/اليونان :كونهم اكبر الفالسفة اذ تسائلوا في الوجود والمعرفة,حيث يتوالى الذكر ان االعمال الفلسفية القديمة قد
اهتمت بتركيز الجهود على دراسة العالمات ,هاته االخيرة التي انفصلت عن الطبيعة الموحشة واكتس بت ثقاف ة
التساؤل والتأمل والتفكيروالتفلسق ,فنجد افالطون قد وض ف للدالل ة على فن االقن اع وأك د ان لالش ياء ج وهرا
ثابتا وان الكلمة أداة للتوصيل,وبذلك يكون بين الكلمة ومعناها تالؤم طبيعي بين الدال والمدلول.
أ/أ:االغريق :مع المذرسة الشكلية المستمدة من الكلمة اليونانية أي بحث التي تقوم على مبدأ الشك ,والق ول ب ان
حواسنا تخوننا ,ومن روادها نجد الفيلسوف ايندموس ال ذي بحث في تحلي ل العالم ات دون توض يح ص نفها أي
دون ان ي بين ان ك انت لغوي ة ام غ ير لغوي ة ,واب رزت أن العالم ات ليس بالض رورة ان تك ون واض حة
التجلي ,ولو كانت كذلك لتراءت للجميع.
أ/ب:الطب االمبريقي:فقد كان اسم الس يميولوجيا يطل ق على المبحث الط بي ال ذي يختص ب التعرف على ان واع
االمراض وأعراضها وامارتها 2وقد كان يعتمد على التجربة في اكتساب المعرفة ومن روادها :
-سكتوس امبريكوس:القرن الثاني للميالد حيث صنف العالمات الخفية.
-جا ليتوس :القرن الثالث للميالد اذ وضع بين العالمة داال ومدلوال .3
أ/ج:الرواقيون :حيث كان لهم سبق الحضور في دراسة العالمة ,والق ول بانه ا ثنائي ة الح د دال وم دلول حيث
انهم ":اول من قال بان العالمة داال ومدلوال
وقد تطور للعالمة من خالل ثالثة ابعاد":
-التعبير او الجانب المادي من العالمة.
-المحتوى او ما يعبر عنه وله شكل غير ملموس .
-المرجع او الشيء الذي تحيل اليه العالمة وله شكل ملموس .
4
14
جون لوك1704-1632:له دراسة بعنوان "مقال حول الفهم البشري" الذي اورد فيها مصطلح وداللتها شابهت
ما جاء به افالطون.1
نجد كذلك الفيلسوف االلماني هوسرل من خالل دراسة له كانت بعنوان :سيميائيات
السيميائيات عند العرب :
تؤكد جل الدراسات التي مست تراث العالم العربي ان الع رب ق د عرف وا م ا يطل ق ويص طلح علي ه في زمانن ا
الحداثي السيميولوجيا ,كما ابرزت ان االفك ار المعرفي ة عن د العلم اء الع رب الق دامى ك انت ج د عميق ة القيم ة
س اهمت بارس اء اص ول وقواع د لغ ة عربي ة خالص ة .....ومن منطلقه ا ظه رت العدي د من العل وم بمس ميات
اصطالحية مختلفة نسبت الى القرب منها السيميائية رغم ان العرب ك ان لهم س بق الخ وض فيه ا ض من اط ار
خارج عن المألوف ,ودون االشارة لها بنق اط واض حة حيث ك انت تل ك االش ارات رغم التبع ثر الحاص ل فيه ا
مندرجة ضمن مختلف اهم العلوم مثل :علم النحو,علم البالغة,علم التفسير,والتصوف.....
وفيما يلي سنحاول ايراد اهم االشارات السيميائية عند العرب القدامى:
أ/الجاحظ:من خالل خوضه في الدراسات اللغوية متطرقا لتعريف اللغة على انها وس يلة اتص ال ونق ل المعرف ة
بين الناس من منطلق طبيعتهم القائمة على حاجة بعضهم الى بعض مبرزا من جانب اخر وظيفتها فهي االنتقال
من "معرفة الحواس الى معرفة العقول."2باالض افة الى تطرق ه الى مس ألة االش ارة وعالقته ا باللف ظ م برزا
الص لة التالزمي ة بينهم ا اذ يق ول ":الدال ة باللف ظ فام ا االش ارة فبالي د وب الرأس,وب العين والح اجب
3
().........واالشارة واللفظ شريكان ,ونعم العون هي له"......
وكل هذا االنشاء داللة التي تعد مرادفة للبيان الكاشف لنا غموضا م ا س واء أك ان مطروح ا في ق الب لغ وي أو
4
خالف ذلك اذ يقول ":ومتى دل الشيء على معنى ,فقد اخبر عنه ,وان كان صامتا واشار اليه وان ك ان س اكنا"
اي ان الداللة تتم سواء باللفظ ام بغير اللفظ,النها تؤدي الى المع نى وه ذا باعتب ار ان الس يميائيات ت درس
العالمات اللغوية (المنطوقة والمكتوبة)او غير اللغوية (االشارات والرموز)
ب/الجرجاني:بصفته بالغي بالدرجة االولى ,المع روف بنظري ة النظم ال تي تح دث فيه ا عن اعتباطي ة العالم ة
اللغوية ,ومنه ذلك ايراده بان الفاظ اللغة عالمات دالة على مع اني ,بحيث يمكن اس تبدال عالم ة اخ رى للت دليل
على نفس المعنى"5فعبد القاهر الجرجاني جعل اللفظ مراد للسمة.
كما تحدث عن تغيير الداللة هذه االخيرة الغير متعلقة فقط بالشكل بل ت رجيح االهتم ام االك بر للس ياقات كونه ا
ت ؤدي للكش ف عن دالالت خفي ة ,وص نف لن ا الكالم الى ض ربين":م ا يص ل الى الغ رض بدالل ة اللف ظ
وح ده().....ض رب اخ ر انت ال تص ل من ه الى الغ رض وح ده ,ولكن ي دلك اللف ظ على معن اه ال ذي يقتض يه
موضوعه في اللغة":اي صنف يفهم من خالل اللفظ وح ده ,وص نف اخ ر يفهم من خالل معن اه ال ذي ي اتي عن
طريق الصور البيانية.
ج/الغزالي وابن سينا :من الفالسفة والمفكرين الذين بحثوا في الداللة ف:
ابو حامد الغزالي :تطرق لمسألة الدال والدلول والدالل ة "مكون ات الدالل ة" وفي حديث ه عن المعرف ة يق ول":ان
لالشياء وجودا في االعيان ووجودا في اللسان ووجودا في االذهان,اما الوجود في االعيان فهو الوجود االص لي
الحقيقي ,والوجود في االذهان هو الوجود العلمي الصوري والوجود في اللسان هو الوجود اللفظي الدليلي .6
وللتوضيح اكثر نشرح قوله بما يقابله من مصطلحات حداثية :
مراتب الداللة:
-وجود في االعيان :المرجع (دي سوسير)الموضوع(بيرس).
-وجود في االذهان:المدلول (دي سوسير)المؤول(بيرس).
1
.ينظر – المرجع نفسه ص 26
2
.فيصل االحمر – معجم السيميائيات – ص 32
3
.المرجع نفسه ص 33,32
4
.نفسه ص33
5
.م ,ن ص33
6
.فيصل االحمر – معجم السيميائيات ص33
15
-وجود في اللسان :الدال(دي سوسير)الممثل(بيرس).
بحيث ان العالقة بينهما متطابقة باالزمنة يقتضي بعضها وجود بعض.
اما ابن سينا فله نفس الفكرة التي تبناها الغزالي حول مكونات الداللة حيث يقول ابن سينا":ان االنس ان ق د اوتي
ق وة حس ية ,ترتس م فيه ا ص ور االم ور الخارجي ة ().....فترتس م فيه ا ارتس اما ثاني ا ثابت ا وان غ ابت عن
الحس...ومعنى داللة اللفظ ان يكون اذا ارتسم في الخيال مسموع اسم ارتسم في النفس معنى فتع رف النفس ان
1
هذا المسموع لهذا الفهوم فكلما اورد الحس الى النفس التفت الى معناه".
هذه من اهم االراء حول جذور علم السيمياء عند العرب,حيث نجدها تلتص ق احيان ا بعل وم الس حر والطلمس ات
ال تي تعتم د احيان ا على اس رار الح روف والرم وز والتخطيط ات الدال ة ,واحيان ا تلتص ق بالس يمياء وعلم
الداللة ,واحيانا بالمنطق وعلم التفسير والتأويل.
المدارس اللسانية واتجاهاتها:
/1االتجاه الفرنسي :مع النموذج السويسري:
سيمياء فرديناند دي سوسير:ان بدايات التلميح األولى للسيميائية ك انت م ع اللس اني السويس ري "دي سوس ير "
من خالل تصوره واستخدم بع ده مص طلح الس يميولوجيا حيث ق ال":من الممكن ان يتص ور علم ا ي درس حي اة
2
الدالئل في صلب الحياة االجتماعية وقد يكون قسما من علم النفس العام وتقترح قسيمته اي علم الدالئل".
وقد اهتم دي سوسير –االشارات اللس انية (كالكلم ات) ض من دراس اته اللغوي ة معرف ا اللغ ة بانه ا منظوم ة من
العالمات االدلة المعبرة عن فكرها وعليه حدد نطاق العالمة بان ج دلها ثنائي ة متكون ة من دال وه و "مجموع ة
االصوات القابلة للتقطيع اي الصورة السمعية" 3ومدلول هو":المفهوم الذي او المعنى الذي يشير اليه الدال"4وهو
الموضح في الشكل التالي:
الدال
المدلول
-الرسم البياني 1-1نموذج االشارة السويسري
اذ يراه ا – اي ال دال والم دلول -وجه ات الص فحة واح دة مرتبط ات ارتباط ا ك امال ال يقب ل الفص ل بينهم ا
حيث":يش دد دي سوس ير على ان الص وت والفك رة او ال دال والم دلول ال يفترق ان كم ا ه و ح ال وجهي
الورقة ,ويقول انهما يرتبطان ارتباطا حميميا في الفكر بواسطة صلة رابطة يستدعي كل منهما االخر".5
ففي س ياق الكالم ال يوج د عالم ة او اش ارة ص وتا دون فح وى والعكس ص حيح ,وه ذا م ا يمكن ان نفس ر ب ه
نموذجه فالسهمين هم ا دالل ة على التفاع ل بين ال دال والم دلول الغ راض تحليلي ة .......وعموم ا فالعالم ة اة
االشارة في النموذج السويس ري ":هي الك ل ال ذي ينتج من الجم ع بين ال دال والم دلول وتس مى العالق ة بينهم ا
االشتراكية.6
وفي ذات السياق يشدد سوسير على اعتباطية االشارة خاصة الص لة بين ال دال والم دلول فه و يراه ا اعتباطي ة
دون ارتباط فطري او اسامي بين صوت او شكل الكلمة ,والمفهوم الذي ت ردع الي ه":االش ارات المس تخدمة في
الكتابة اعتباطية ومثال ذلك ان الحرف "ت" ال عالقة له بالصوت الذي يدل عليه".7
ويقول دي سوسير " :لو كان دور الكلمات تمثيل افاهيم محددة مسبقا الستطعنا ان نجد لكل افه وم مع ادال دقيق ا
كأن تكون هي نفسها فهي لغتين مختلفتين لكن ليس االمر كذلك .8
1
.المرجع نفسه ص37
2
بجاية 1
التحليل السيميائي للنص السردي – رواية احالم مستغانمي " االسود يليق بك " انموذجا مذكرة ماجيستر " ادب جزائري " عاصمة عبد الرحمان
2015,2014.ص 06
3
.المرجع نفسه ص 14
4
.نفسه ص 14
5
.دانيال تشاندلز – اسس السيميائية – تر :طالل وهبة ,مراجعة :ميشال زكريا –مركز دراسات الوحدة العربية للتوزيع ,ط, 1بيروت 2008ص 4 51
6
.المرجع نفسه ص 54
7
.دانيال تشاندلز – اسس السيميائية – ص 58
8
.المرجع نفسه ص 61
16
لكن م ا يع اب علي ه :سوس ير-ه و حص ره للعالم ة في اط ار ثن ائي ق ائم على ال دال والم دلول وانق ل بعض
المؤشرات الضرورية في التحليل كالرمز وااليقون ة فنج د كال من :تش ارلز اوغ دت و ايف ور ويتش اره ينتق دان
سوسير في كتابهما " معنى النه اهمل كليا االشياء التي تنوب عنها االشارات . "1كذلك غيره ا من النق اد ال ذين
عادوا بعدها ايقنوا عليه انه في نموذجه انفصل عن السياق االجتم اعي ,باالض افة البع اده المرج ع الي ه اي ان ه
بتر النص عن سياقه التاريخي".2
/2االتجاه االمريكي:
نجده مع – تشارلز سندرس بيرس1914-1837الذي جعل من السيميائيات فعليا علما قائما بذات ه فهي بالنس بة
ل ه علم االش ارة ال ذي يض م جمي ع العل وم االنس انية والطبيعي ة ,حيث يق ول " :لم يكن بوس عي ان ادرس اي
شيءسواء تعلق االم ر بالرياض يات او الميتافيزيق ا ,او الجاذبي ة او الدينامكي ة الحراري ة او علم البص ريات ,او
الكيمياء او علم التشريح المقارن او علم الفلك او علم النفس او االقتصاد اال من زاوي ة نظ ر س يميائية " ,3فق د
درس بيرس االفاق اللغوية وغير اللغوية اي دراسة االنظمة الخطابية رغم تعددها وتباينها كأنظمة داللي ة غ ير
متناهية وهذا ما يسميه بيرس " بالسيميوزيس" . 4
على عكس سوس ير ال ذي ي رى ان اللغ ة ملك ة اجتماعي ة فنج دها ق د اختلف ا في االس م فسوس ير يس ميها
السيميولوجيا ,وبيرس السيميوطيقا.
ان نظام بيرس السيميائي يقوم على ثالثية مثل لها بما اطلق عليه ":المثلث السيميائي السويسري"
تاويل االشارة
الموجودة الممثل
أ/الممثل:الشكل الذي تتخذه االشارة وهو ليس بالضرورة ماديا مع انه يعتبر عادة كذلك يس ميه بعض المنظ رين
حامل االشارة .5
ب/تاويل االشارة :وهو ليس مؤوال ,انما المعنى الذي تحدثه االشارة.6
ج/الموجودة:هي شيء يتخطى وجوده االشارة التى يرجع اليها المرجع اليه. 7
حيث بيرس ":تعني االشارة (....باعتبارها ممثال ) شيئا الى شخص ما ,اي تولد في فكرة معادال او ربما اشارة
اكثر تطورا اطل ق على االش ارة ال تي تتول د تس ميه تاوي ل االش ارة االولى ,تن وب االش ارة عن ش يء م ا عن
موجودة تنوب عن موجودة بجميع نواحيها .انما تتول د ترج ع الى فك رة م ا اطل ق عليه ا احيان ا تس مية ارض ية
الممثل".8
وهاته العناصر الثالثية بالغة اجلل لوصف االشارة كونها تجمع اي االشارة بين ما هو ممثل "الموجودة" وكيفية
تمثيله "الممثل" وكيفية تأويله "تأويل االشارة " ويس عى ب يرس لتفاع ل بين ثالثي ة نموذج ه " الممث ل الموج ودة
تاويل االشارة ب :سيرورة المعنى"...وبه ذا يك ون ب يرس ق د خ الف النم وذج السويس ري لالش ارة المؤلف ة من
ثنائية " الدال والمدلول" والعالمة عند بيرس قائمة على الشكل التالي وتسمى بمقوالت الوجود:
1
.نفسه ص 63
2
.ينظر – دانيال تشاندلز – اسس السيميائية ص 63
3
التحليل السيميائي للنص السردي ,رواية احالم مستغانمي " االسود يليق بك" انموذجا – مذكرة ماجيستر " ادب جزائري" جامعة عبد الرحمان – بجاية 1
,2015/2014 –.ص 08
4
.السيميوزيس مصطلح اتى به بيرس لوصف عملية تفسر العالقات على انها تشير الى اشياءها وهو يعني السيرورة الداللية
5
.دانيال تشاندلز – اسس السيميائية – ترجمة :طالل وهبة ,ص 69
6
.المرجع نفسه ً69
7
.نفسه ص 69
8
.م ,ن ص69,70
17
االوالنية :وهي مقولة االحساس.
الثانيانية :وهي مقولة الوعي المذكر فيه.
الثالثانية :وهي بحسب بيرس واقعية باشتراكها مع بعضها اي ال يقبل الفصل .
/2مفهوم الخطاب:
الخطاب مصطلح حداثي متعدد االستعماالت تاريخيا في سياق مجاالت عدة ,وبالتالي ال يمكن حصره في مع نى
واحد ,ومحاولة اعط اء مفه وم ل ه تحيله ا الى الول وج للمراج ع والق واميس وح تى الى المص طلحات النقيض ة
له ,ذلك ما يستبدي لنا االختالط في استعماالته الخاصة والعامة على حد سواء مبرزا التذبذب الحاصل في ه ك ل
من خالل التشبع التاريخي له.
-وعليه سنحاول فيما يلي ايراد أبرزالتعريفات التي خص بها .
أ/لغة :تحيل لفظة – خطاب -في المعاجم اللغوية العربية الى عدة معان منها :
-في الكافي لمحمد باشا نجد " :الخطاب مصدر خاطب المواجهة بالكالم ويقابله ا الج واب ,الرس الة والخطاب ة
مصدر خطب :عمل الخطيب وحرفت ه والخطب مص در خطب :الح ال والش أن :ق ال فم ا خطبكم ايه ا المرس لون
"1االمر الشديد يكثر فيه التخاطب ,وعلى استعماله االمر العظيم المك روه ( ,ج) خط وب ,الخطب ة :مص در
خطب ما يخاطب به من الكالم ."2
وفي معجم المصطلحات العربية الخطاب :الرسالة نص مكتوب ينقل من المرسل الى مرسل اليه يتضمن ع ادة
ابناء ال تخص سواهما ثم انتقل مفهوم الرسالة من مجرد كتاب ات تض منيه الى جنس ادبي ق ريب من المق ال في
االداب الغربية سواء كتب نظما او نثرا ,او من المقامة في االدب العربي ."3
وفي معجم الوسيط ( :خاطبة) مخاطبة ,وخطابا :كلمة وحادث ة وخاطب ة :وج ه الي ه كالم ا والخط اب والكالم ,
وفي القران الكريم :فقال اكفليها وعزني في الخطاب. 4
جاء في " :لسان العرب في مادة ( خ ط ب ) قوله :خطب الخط اب :الش ان او االم ر ص غر او عظم ,وقب ل
هو سبب االمر ....والخطاب ,االمر الذي تقع فيه المخاطبة والشأن والحال ....والخطاب والمخاطبة مراجع ة
الكالم ,وقد خاطبه بالكالم مخاطبة وخطابا ,وهما يتخاطبان ."5
هذا وقد وردت كلمة خطاب في القران الكريم باشتقاقات كثيرة نذكر منها :
6
قوله تعالى ":وشددنا ملكه واتيناه الحكمة وفصل الخطاب "
7
قوله تعالى ":رب السموات واالرض وما بينهما الرحمان ال تملكون منه خطابا "
8
قوله تعالى ":وال تخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقون"
9
قوله تعالى " :واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سالما "
اما في المعاجم االجنبية فان الخطاب " :مصطلح السني حديث يعني في الفرنسية وفي االنجليزية ويعني حديث
,محاضرة ,خطاب خاطب ,حاضر القى محاضرة ,وتحدث الي ".10
ثم اتسعت داللة الخطاب بحيث اصبح متعدد الدالالت ,ويترجم ذلك اتساع الحقول المعرفية التي اصبح يستخدم
فيها ,هذا ما يكشف عن الوعي المتقدم بالنسبة للخطاب وضرورة اشراته في عملية انتاج المعنى والداللة .
1
.القران الكريم – سورة الذاريات
2
.محمد باشا – الكافيا معجم حديث -شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ,بيروت ,1992,ص 414
3
.مجدي وهبة – معجم المصطلحات العربية في اللغة واالدب ص 10
4
مجمع اللغة العربية – المعجم الوسيط – القاهرة – مطبعة ,ج ,1960, 1مادة (خطب) االية من سورة ص 29
5
.ابن منظور -لسان العرب – مادة "خطب" ,ج , 4مكتبة دار المعارف ( د,ط) –مصر,1979 -ص 134
6
.القران الكريم – سورة ص – االية 20
7
.القران الكريم – سورة النبا – االية 37
8
.القران الكريم – سورة هود – االية 37
9
.القران الكريم –سورة الفرقان – االية 63
10
.الياس انطون الياس -قاموس الياس العصري ,دار الجليل بيروت 1972 ,ص 191
18
ب /اصطالحا :مصطلح الخطاب من المصطلحات التي ولجت الدراس ات االدبي ة والنقدي ة الحديث ة واص بحت
االك ثر ت داوال ل دى المعاص رين وه ذا م ا ادب ال رحم تعاريف ه تبع ا لق د اخالت ه م ع بقي ة المف اهيم في مختل ف
االتجاهات على حد سواء فنجد انه :
يعرف انه " :الكالم الموجه الى متلف يقصد االقناع والتاثير او المشاركة الكالمية بين طرفي االتص ال ح وارا
او مشافهة او كتاب ة للت اثير واالقن اع وتحقي ق مقاص د االتص ال ويقابل ه في االص طالح الغ ربي ويع ني ح ديث
وخطاب موجه,ومحاضرة ومقالة ورسالة .1
اما عبد القادر شرشال يتصرف الى ان الخطاب يدل على ":معنى طريق صرفي ثم المحادثة والتواصل كما دل
على تشكيل عفة معنوية سواء أكانت شفهية اة مكتوبة عن نكرة ما "2منذ القرن 17م
وكلمة حسب ما اورده عمار بلحسن عن كلمة الالتينية بمعاني الح ديث ,المح اورة البي ان او الخطب ة ....وابت د
من نهاية القرن 17م اصبحت تعني كتابة تعليمية وعرضا ونحليال منهجيا لموضوع او تعبيرا عن فكر ....فهو
عملية فكرية ,تجري عن طريق عمليات مندرج ة ومتتابع ة " ليس تنر" بواس طة مجموع ة من الكلم ات والجم ل
تتحقق عن طريق الكفاية الخطابية ."3
ويردف فيصل االحمر في تعريفه للخطاب انه " :محادثة خاصة ذات طبيعة شكلية التعب ير الش كلي ونس ق عن
االفكار بالكالم او بالكتابة يشمل تعبيرا عن االفكار في شكل خطبة ديني ة او رس الة بحث ......الخ ".4فبحس ب
التعريف ان لسبب استعمال مصطلح الخطاب بصفة عامة على انه محادثة او الغاء خطبة .
من جانب اخر يذهب كل من فاليري ليته ومايكل شورت في محاولة التعريف بين مفهومي الخطاب والنص الى
ان الخطاب ":اتصال لغوي يعت بر ص فقة بين المتكلم والمس تمع ونش اطا متب ادال بينهم ا وتتوق ف ص يغته على
غرضه االجتماعي ."5فهي طرح واضح واش ارة الى ان طبيع ة الخط اب بين االلس ن المتلقي ة والمتلقي ة يك ون
حسب الوظيفة التواصلية له .
ويعرف الخطاب كذلك باعتباره " :ممارسات تصيغ االشياء التي تتحدث عنها بطريقة منظم ة " .من التعري ف
6
نستوعب ان الخطاب ينصرف الى الملمة مجموعة االفكار والمفردات المبعثرة والمشتتة ثم التعبير عنها بطريقة
منظمة .
ومن الج انب االلس ني فيع رف الخط اب على ان ه ":ش بكة متفاعل ة من الم واد المتموض عة بعض ها الى ج انب
البعض االخر ,بفضل عالئق هي نفسها محل التفاعل "7وعليه فان الخطاب حصيلة التراكمات الملفوضية.
هناك من يرى تعريف الخطاب من خالل ربطه لمصطلح النص متلم ا فع ل البحث ان غريم اس وك ورتيس حين
اورد ضمن المعجم الس يميائي مص طلحي الخط اب والنص م ترادفين ووف ق مع نى اح ادي موح د للدالل ة على
احكام سينيائية غير لسانية .
وفي ذات السياق –اي ربط الخطاب بالنص – يعرف الخطاب على انه " :مجموعة من النصوص ذات العالقة
المشتركة اي انه تتابع مترابط من صور االستعمال النص ي يمكن الرج وع الي ه في وقت الح ق واذا ك ان ع الم
النص هو الموازي المعرفي للمعلومات المنقولة والمنشطة بعد االق تران في ال ذاكرة من خالل اس تعمال النص,
فان عالم الخطاب هو جملة احداث الخطاب ذات العالقات المش تركة في جماع ة لغوي ة او مجتم ع م ا ......او
جملة الهموم المعرفية التي جرى التعبير عنها في اطار ما .8 ".
الخطاب عند الغرب :
اذا كان مصطلح الخطاب قد استخدم في الماضي لداللة على الصياغة الشكلية للكالم او الكتابة بش كل ع ام فان ه
قد اكتسب خالل العقود االربعة االخيرة من القرن العشرين ع ددا من ال دالالت الجدي دة االض افية ال تي زاحمت
1
.محمود مكاشة – خطاب السلطة االعالمي – االكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي –ط -1القاهرة -2005ص 12
2
.عبد القادر شرشال – تحليل الخطاب االدبلي وقضايا النص – منشورات مختبر الخطاب االدبي – دار االديب – الجزائر -2006ص 14
3
.عمار بلحسن –الخطاب – مادة ,القاموس العربي لعلم االجتماع –جامعة وهران – وحدة البحث في االنثرولوجيا ,االجتماعية والثقافية ,مخبر السيميولوجيا ,االدب والفن 1990 ,ص 4 01
4
.فيصل االحمر – معجم السيميائيات – ص 158
5
.المرجع نفسه ص 160
6
.نفسه ص 161
7
.م.ن ص 164
8
.روبرت دي بوجراند – النص والخطاب – االجراء ترجمة :تمام حسن ,عالم الكتب ,ط ,1998, 1ص 06
19
داللته السابقة والسبب االساسي في تنوع هذه المعاني والدالالت هي اهتمام النق اد والدارس ين الغ رب من خالل
االبحاث والدراسات االلسنية الحديثة التي تاثرت بها نظرية االدب والنقد االدبي .
هذا وقد ظهر مصطلح " الخطاب" في حقل الدراسات اللغوية في الغرب ونما وتط ور في ظ ل التف اعالت ال تي
عرفتها هذه الدراسات والسيما بظهور كتاب فرديناند دي سوسير ( )1875,1913م محاضرات في اللسانيات
العامة الذي يعد مؤسسا العصر باكمله من الدرس اللساني ,فالخطاب عن د سوس ير م رادف للكالم فه و يت وافر
على عناصر فيزيائية من موجات صوتية وعناصر فيزيولوجية كتصويت وعناصر نفس ية تتمث ل في المتص ور
الذهني والص ورة الس معية ,1والخط اب لدي ه ت رادف الكالم ويع ارض اللغ ة ك انت ه ذه المقدم ة في اللس انيات
الحديث ة مبعث االنطالق في تخص يب مفه وم الخط اب ل دى الكث ير من اللس انين على زي ادتهم زيلل غ ,ه اريس (
, )1909,1982ففي بحثه المعنون ب"تحليل الخطاب" .2
قال ابن الخطاب ":ملفوظ طويل او هو متتالية من الجمل يتك ون من مجموع ة متعلق ة يمكن من خالله ا معاين ة
بنية سلسلة من العناصر بواسطة المنهجية التوزيعية وبشكل يجعلنا نضل في مجال لساني محض ".
وقد سعى –هارييس-بمقتضى هذا التعريف الى تط بيق تص وره الت وزيعي على الخط اب ,ه ذا التص ور ال ذي
يرفض ان تتالف العناصر او متتاليات الجمل التي يتالف منها الخطاب بشكل اعتباطي .
اذا كان هارييس يؤكد على وجود الخطاب هنا بنظام متتالية من الجم ل تق دم بني ة الملف وظ ف ان ايمي ل بنفينس ت
1966قد رفض النظر الى الخطاب من زاوية الجملة التي تطرا اليها ه ذا الب احث بوص فها "تح دد الخط اب "
ومن هنا جاء تعريفه للخطاب بانه ":ملفوظ منظورا اليه من زاوية اليات وعملي ات اش تغلته في التواص ل " او
بوصفه بتعبير اخر اكثر اتساعا كل تلفظ يفترض متكلما او مستمدا وهدف االول التاثير عن الثاني بطريق ة م ا
. "3
فالخطاب عنده هو قول يفترض متكلما او مخاطبا ويتضمن رغبة االول بالت اثير في الث اني بش كل من االش كال
وهذا يشمل الخطاب الشفهي بكل انواعه ومستوياته ومدوناته الخطي ة ,ويش مل الخط اب الخطي ال ذي يس تعير
وسائل الخطاب الشفهي وغاياته كالرسائل والمذكرات والمسرحيات والمؤلفات التعلمية اي كل خطاب يتوجه به
شخص الى شخص اخر .
اما تودوروف فقد كان شفويا بنقل حصيلة االنتاج ات االلس نية بح ق الخط اب الى دائ رة العم ل االدبي فق ال ان
الخطاب هو " :مجموعة البنيات اللفظية التي تعمل في كل عم ل ادبي " . 4ام ا الدراس ات االس لوبية فق د اهتمت
بتحري الخصائص اللغوية التي يتحول بها الخطاب عن سياقه االخباري الى وظيفته التاثيرية والجمالية ."5
1
.ينظر سعيد يقطين – تحليل الخطاب الروائي ( الزمن ,السرد ) – الثقافة العربية – د,ط,بيروت ,1997-ص 22
2
.المرجع نفسه ص 17
3
.نفسه ص 19
4
.تودوروف الشعرية ,ترجمة :شكري المبحوث ,رجاء بن سالمة – الدار البيضاء – د,ط – د,ت-ص 16
5
نظال الشمالي :الرواية والتلريخ ,بحث في مستويات الخطاب في الرواية التاريخية العربية ,جدار الكتاب العالمي للنشر والتوزيع – ط3 . 2008- 1
.ص 34
6
نظال الشمالي :الرواية والتلريخ ,بحث في مستويات الخطاب في الرواية التاريخية العربية ,جدار الكتاب العالمي للنشر والتوزيع – ط . 2008- 1ص1
34
20
ونجد اول من وضع مخططا لعملية التواص ل ه و روم ان جاكبس ون ( )1896,1983ال ذي ي رى ب ان ":ك ل
رسالة لغوية ال تتحقق اال من خالل تحليل الوظائف ,ليست التي تتحكم في عملية التخاطب .7
الرسالة
الخطاب
فالخطاب عنده هو الرسالة التي يبثها المبدع " المخاطب الى النتلقي "المخاطب " عن طري ق قن اة االتص ال ,
وتخضع هذه الرسالة الى شفرة مشتركة بين المبدع والمتلقي ,الن المبدع هو الذي يركب الرسالة والمتلقي ه و
الذي يفككها اي يمارس عليها القراءة .
الخطاب عند العرب :
لق د تع ددت المف اهيم الخاص ة بالخط اب عن د النق اد والدارس ين الغ رب ذل ك ب اختالف تخصص اتهم وتع دد
مجاالتهم ,اما في ننتااااىت العربية النقدية االدبية فنجد العديد من المحاوالت الدراسية فيه .
فنجد محمد الصغير يرى ان مصطلح الخطاب يرتبط بفن الخطاب ة في النص وص التراثي ة فالخطاب ة في مي دان
النثر بمنزلة القصد في ميدان الوزن فهي االطار المثالي الذي تجلى فيه البالغ ة النثري ة ,ومن ثم ف ان الخط اب
"الجاحظ"تكلم في بعض النصوص عن الخطابة والسياق فهو يقصد البالغة وليس هذا معناه انه ال يف رق بينهم ا
لكنه يتصور العالقة بينهما على هذا الشكل ال اكثر ."2
من ناحية اخرى ورد كذلك اسم مفعول "المخاطب " عند النجاة للداللة على طرق الخط اب االخ ر ال ذي يوج ه
المرسل كالمه اليه ,وذلك عند حديثهم عن المضمرات ,اذ يقول ابن يعيش في شرحه "والمضمرات ال ليس فيها
فاستفتت عن الصفات ان االحوال المقترفة بها ق د تغ ني عن الص فات واالح وال المقترن ة به ا ,حض ور المتكلم
والمخاطب والمشاههدة." 3وه ذا التص نيف ي وحي ب ان مفه وم الخط اب ينحص ر في ناحيت ه الش كلية بدالل ة
االهتمام بتصنيف االداة اللغوية المستعملة التي تشير الى طرفه االخر .
كما نجد االمدي في تقديم تعريف واضح وجلي للخطاب قائال ":اللفظ المتواضع عليه المقصود به افه ام من ه و
دري د مص و اح اب فه ظ الخط يغه لف ةص ا من ناحي ه ,ام منهي لفهم
فعل :خاطب ,يخاطب ,خطابا ,ومخاطبة .....وهذا يدل على توجيه الكالم لمن يفهم فع ل من دالل ة على الح دث
المجرد فمن الزمن الى الداللة االسمية ,فاصبح في عرف االصوليين يدل على ما خوطب وهو الكالم ."4
وقد انتقل هذا الى الدراسات اللغوية الحديثة عند العرب فقد اختلف الب احثون في تحدي د مفه وم الخط اب بنش اته
شان المصطلح المنقول من ثقافة الى ثقافة اخرى ,يساعد على هذا عوامل كث يرة منه ا تع دد التخصص ات ال تي
ينتسب اليها الباحثون.
ومن المحدثين نجد محمد الخطابي باعتم اده على اراء (غ ان دي ك) واطروحت ه في انس جام الخط اب من خالل
كتابه سنة 1977م يؤسس لخطابه النقدي ويعرض من خالله مظاهر الخط اب وطبيعت ه وانس جامه ,كم ا تجلت
في اعمال "فان ديك" وهي تقوم على الشكل الذاتي :الخط اب ويتف رع الى وظيف تين :داللي ة وتداولي ة ,وتج ري
الوظيفة الداللية للعناصر االتية :التراب ط واالنس جام والبني ات الكلي ة ,ام ا الوظيف ة التداولي ة فتح وي الس ياقات
واالفعال الكالمية ,تداوليات الخطاب واالفعال الكالمية الكلية .
وانا نور الدين احمد كاحد الباحثين في مجال الخطاب فيعرفه ان ه":انج از في الزم ان والمك ان ويقتض ي لقيام ه
شروط اهمها المخاطب والمخاطب وتحدد كيان الخطاب مكونات تعلن عن حدوث ه وهي االص وات والمف ردات
(الكلمات) والتراكيب والداللة والتداول ".5
7
.عبد الرزاق الورثاني :مفهوم االسلوبية عند جاكبسون –مجلة القلم – العدد , 10تونس ,1977ص 113
2
ص1 محمد صغير بناني – النظريات اللسانية والبالغية واالدبية عند الجاحظ من خالل البيان والتبين – ديوان المطبوعات الجامعية –الجزائر ,1994,
228.
3
.ارسطو ,طاليس الخطابة ,تر :عبد الرحمان بدوي – مكتبة النهضة المصرية –القاهرة .1983,ص 36
4
.المرجع نفسه ص36
5
.نضال الشمالي ,الرواية والتاريخ بحث في مستويات الخطاب في التاريخية العربية – جدار للكتاب العالمي للنشر والتوزيع ,ط.2008 ,1ص 1 40
21
وكذا من منطلق ان الخطاب يستمد وجوده من نظامه الداخلي الممثل في اللغة فيراه ج ابر عص فور على ان ه ":
الطريقة التي تتشكل بها الجمل نظاما متتابعا تسهم بع في نسق كل متعبر متحد الخواص او على نحو يمكن معه
ان تتالف الجمل في خطاب يعينه (تشكل خطابا اوسع ينطوي على اكثر من نص مف رد ,وق د يوص ف الخط اب
بان ه مجموع ة دال ة من اش كال االداء اللفظي تنتجه ا مجموع ة من العالق ات او يوص ف بان ه مس اق العالق ات
1
المتعينة التي تستخدم لتحقيق اغراض معينة "
هذا ويعرف سعد مصلوح الخطاب فيقول ":الخطاب ه و رس الة موجه ة من المنش ئ الى المتلقي تس تخدم فيه ا
نفس الشفرة اللغوية المش تركة بينهم ا ,ويقتض ي ذل ك ان يك ون كالهم ا على علم بمجم وع االنم اط والعالق ات
الصوتية والصرفية والنحوية والداللية التي يكون نظام اللغة اي (الشفرة ) المشتركة وهذا النظ ام يلي متطلب ات
عملية االتصال بين اف راد الجماع ة اللغوي ة وتتش كل عالقات ه من خالل ممارس تهم كاف ة ال وان النش اط الف ردي
واالجتماعي في حياتهم ". 2
هذا ومن جانب اخر هناك من يربط تريف الخطاب بمنتجه وهدفه من طرحه كونه هو الحامل لالفكار ووجهات
نظر في قوالب ذات بناء استداللي وفق مقدمات ونتائج وامثال الرواوي بقورة.
وعليه فمن مجمل التعريفات نستدرك ان الدراسات العربي ة ك انت وفي ة الص طالحات الخط اب ال تي ق رت في
الثقافة العربية ولم تخرج عنه ا ,وه ذا ولم تتم يز اي ة محاول ة في الخ روج عن النق د االلس ني او البع د الفلس في
للخطاب .
الخطاب الروائي :
لقد اختلفت وجهات النظر في اعطاء مفهوم للمصطلح " الخطاب الروائي " فنجد اراء متباينة لكنها تصب كله ا
في مفهوم الخطاب وربطه بعنصر الحكي.
ينطلق سعيد يقطين في حديثه عن الخطاب الروائي بضرورة الحديث عن الخطاب الحكائي والسردي اوال ك ون
الخطاب الروائي يندرج ضمن هذا المقام ,ويرجع ذلك للطابع المنهجي ال تي تفرض ه الدراس ة الن تس مية ن وع
الخطاب المنشغل عليه متص لة اساس ا ب الحكي ,ويتن اول الموض وع من خالل تقس يمين :القص ة والخط اب /
القصة والخطاب والنص ,فالخطاب الروائي عنده يتمثل في " :الطريق التي تقدم بها المادة الحكائية في الرواية
وقد تكون المادة واحدة لكن ما يتغير هو الخطاب في محاولة كتابتها ونظمها ,فلو اعطين ا لمجموع ة من الكت اب
الروائين مادة قابلة الن تحكى وحددنا له ا س لفا شخص ياتها واح داثها المركزي ة ,وزمانه ا وفض ائها لوج دناهم
يقدمون لنا خطابات تختلف باختالف اتجاهاتهم وموقفهم وان كانت القصة التي يعالجون واحدة ."3
فالمادة الحكائية حسب سعيد يقطين تتمثل في كل من الشخصيات واالح داث والزم ان والمك ان فهي تع د الم ادة
االصلية التي يتحقق بها العم ل الحك ائي وال روائي ,وتع د القاع دة اساس ية ال تي من خالله ا يتأس س الخط اب
الروائي.
كما نجد ايضا موريس جان لوفيف الذي يرى على غرار ب اقي النق اد ويح دد المص طلح الجدي د "الخط اب" فال
نج ده يقيم تم اثال معين ا بين الكالم او الملف وظ والخط اب او توس يعا لح دودها يجعل ه يتج اوز الجمل ة ,ويعت بر
الخطاب شيئا مستقال بخصائصه ومميزاته يظه ر ه ذا كلي ا عن دما يتح دث عن الخط اب االدبي وب األخص عن
الخطاب الحكائي فلوفيق نجده يقترح تقسيما بين الخطاب والحكي او القصة والخطاب ,بل نجده يتح دث بص فة
عامة عن خطاب الحكي فينطلق من خالل التمييزات التي نج دها عن د ت ودوروف وجن ييت فيب دا به ذا الخط اب
بجعل ه يس توعب الس رد , "4فيق ول ":الحكي ه و ك ل خط اب ي دفعنا الى اس تدعاء ع الم م درك كواق ع م ادي او
روحي ,وهذا العالم يقع في مكان او زم ان مح ددين ,وه و يعكس غالب ا فك را مح ددا لش خص او مجموع ة من
االشخاص بما فيه ا ال راوي" ,من خالل ه ذا الق ول يتض ح ان الخط اب ه و الم يزة ال تي توص لنا لفهم الع الم
1
.جابر عصفور – عصر البنيوية من ليفي شتراوس الى فوكو – دار االفاق العربية -د.ط بغداد . 1985ص 269
2
1, نور الدين السد – االسلوبية وتحليل الخطاب -دراسة في النقد العربي الحديث " تحليل الخطاب الشعري والسردي" ج – 2دار هومة -الجزائر
, 1997.ص 74
3
.سعيد يقطين – تحليل الخطاب الروائي – الزمن ,السرد ,التبتير /الثقافة العربية د,ط –بيروت, 1997 -ص07
4
.ينظر المرجع نفسه ص 33,34
22
المفترض ,فاستدعاء عالم مدرك كواقع مادي يجعل العالم يتح دد من خالل فك ر مح دد لش خص او مجموع ة
اشخاص بما فيها الراوي .
اما الناقدة بمعنى العيد فقد تناولت الخطاب الروائي بالمنهج البنيوي في عدة دراسات لها فنقول ":ان النظر الى
الخطاب الروائي باعتباره نظاما بنائيا مغلق يعني تقديم معرفة به في حدود الوظائفية التي تشكل نظامه السردي
اي يعني بالتركيز البنائي انطالقا من اعتبار النص كونا من االشارات تعادل في مكونات العالم ال روائي دوره ا
الوظائفي وتحدد بالتالي هوية الشخصية بوظيفتها في العالقات البنائية ".
وهي في ذلك تنهج نهج بروب في مفهومه للوظيفة وفي كتابها تقنيات السرد الروائي تتن اول الخط اب ال روائي
كبنية كلية تجمع عناصرها البنائية معتمدة على المقوالت السردية التي وض عها ت ودوروف فتنقس م الرواي ة الى
قصة وخطاب ,ثم تحلل مكونات كل منها " .وفي الحالتين تسير وفق الوجهة التي رسمتها بنفس ها وبن اءا على
ذلك تشيد بالمنهج البنيوي رغم طابعها العام والسريع اذ تراه قد اتخذ مكانة ضمن الدراسات االدبية التي تكش ف
مم يزات الش كل االدبي والبني ات الداخلي ة مح ددا طبيعته ا العلمي ة الخاص ة ,ومج ال البح وث األنطولوجي ة
واالساطير في مقدمتها النقد االدبي .
فالخطاب الروائي العربي ببنياته ودالالته على اعتبار ان ه يتح دد اساس ا في لغ ة ال راوي وحوارات ه ويتع دد في
مستويات الحكي التي تعيش صورة االنا واالخر من خالل المعطى االجتماعي وما يوجد فيه من وقائع واحداث
تصنع شكل الحياة ومضمونها المعاش في االطار الواقعي العام .
ودراستنا للخط اب ال روائي س تكون من خالل بني ات مختلف ة تتص ف بالتراب ط واالتس اق والتكام ل في مج رى
عملية الحكي مشكلة نسقا بنائيا له خصائصه الداللية وهذه الدراسة النقدية تهتم بالبن اء ال داخلي للنص ال روائي
اعتمادا على التحليل السيميائي مع ما يمنحه لنا نص رواية "الرماد الذي غسل الماء
23