You are on page 1of 130

‫جمهورية العراق‬

‫وزارة التربية‬
‫المديرية العامة للمناهج‬

‫القرآن الكريم‬
‫والتربية اإلسالمية‬
‫إعدادي‬
‫ّ‬ ‫لل�صف الرابع ال‬

‫ت�أليف‬
‫جلنة متخ�ص�صة يف وزارة الرتبية‬

‫‪ 1445‬هـ ‪ 2023 /‬م‬ ‫الطبعة ال�سابعة‬


‫الم�شرف العلمي على الطبع‬
‫د‪ .‬كريم عبد الح�سين حمود‬
‫الم�شرف الفنـــي على الطبع‬
‫خليل محمد خليل‬

‫ت�صميم‬
‫خليل محمد خليل‬

‫‪2‬‬
‫ب�سم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫مـقــدمــــة‬
‫رب العالمين الذي أ�نـار قلوب عباده المتقين بنور كتابه المبين‬ ‫الحمد هلل ‪ ،‬ثم الحمد هلل ّ‬
‫وال�صالة وال�سالم على خاتم الأنبيـاء و�أ�شرف المر�سلين‪ .‬نبينا الأمين محمد الذي �أر�سله‬
‫اهلل هادي ًا ومب�شر ًا ونذير ًا وعلى آ�لـه الطيبين الطاهرين و�صحبه المنتجبيـن‪.‬‬
‫و�أما بعـد‪:‬‬
‫فال يخفى على مدر�سي التربية الإ�سـالمية ومـدر�ساتهـا ‪ ،‬ما للدين الإ�سـالمي‪،‬‬
‫ديننـا الـقويم ‪ ،‬الذي انه�ض �شعوب ًا‪ ،‬و�ش ّيد ح�ضارة االمة‪ ،‬من �أثر كبير في حياة الفرد‬
‫والمجتمع‪ .‬فهو الدعـامة الروحيـّة التي يقـوم عليها تقـدمهما و�سعادتهما‪.‬‬
‫وهو الأ�سا�س والركن الركيـن الذي ُيعتمد عليه للنهـو�ض بالحياة في تفا�صيلها‬
‫ومفا�صلها كافـة‪.‬‬
‫ولأن مادة التـربية الإ�سـالمية هي ال�سبيـل الأمثـل لتر�سيخ �أركان هـذا الدين العظيم‬
‫وقـيمه ال�ساميـة من خـالل العمليـة التربـويـة‪ ،‬فـقـد �سعت وزارة التربيـة �إلى الإعتناء‬
‫بالتربية الإ�سالميـة مـادة وكتابـ ًا‪ ،‬لجعلها �أي�سـر تنـاو ًال‪ ،‬و�أقـل تعـقيـد ًا‪ ،‬و�أكثر قبـو ًال‬
‫ونفعــا‪� ،‬إذ ن�ضع بين �أيديكم كتب التربية الإ�سالمية للمرحلة الإعدادية في ح ّلة جديدة‬
‫فيها من الإغناء‪ ،‬والإثراء والتي�سير وبمايتنـا�سب مع احتياجـات طلبتنا الأعزاء وميولهم‬
‫ويرتبـط بواقع الحيـاة‪.‬‬
‫لذا فـقـد دمجت مــادتا الـقـر�آن الـكـريم والتربيـة الإ�سالميـة‪ ،‬في كتاب واحـد ُمي�سر في‬
‫خم�س وحدات �ض ّمت كل وحدة منها مباحث رئي�سة كان في الر�أ�س منها التبـارك بالقـر�آن‬
‫الكريم الذي ت ّم الإعتنـاء التـام بانتـقـاء ن�صو�ص �شريفـة منه منا�سبة للمرحلة العمريـة ثم‬
‫الإيتـاء بمعاني الكـلمات‪ ،‬فالـتف�سيـر العـام‪ ،‬فملخ�ص لأهم مـايـر�شد �إليه الن�ص‪ ،‬ف�ضال عن‬
‫المناق�شة‪.‬‬
‫وقد �أعقب ذلك درو�س في الحديث النبوي ال�شريف‪ ،‬وق�ص�ص من القر�آن الـكـريم‪،‬‬
‫والأبحـاث‪ ،‬ث ّم التهذيـب‪ ،‬وقد أ�كـدت المحاور جميع ًا الأ�س�س القويمـة لبنـاء ال�شخ�صيـة‬

‫‪3‬‬
‫الإ�سالميـة ال�سويـة الملتـزمـة بمبـادىء الإ�سالم العظيم وقيمـه‪ ،‬البعيدة من روح التطرف‬
‫المقيت‪.‬‬
‫�إننا نرجو �إخواننا و�أخواتنا مدر�سي المادة �إغناء مباحث كتب التربية الإ�سالمية‬
‫بالتو�ضيح والتعليـق و�ضرب الأمثلة من حياتنا وواقعنا قـدر مايتـطلب الأمـر‪ ،‬مع‬
‫�ضرورة االلتزام با�ضفاء الهيبة والوقـاراللذين يتنا�سبان ومكانة التربيـة الإ�سالمية‪،‬‬
‫و�شرف الغاية المرجوة منها‪.‬‬
‫ونختتم بالإ�شارة �إلى �أننا الندعي الكمال بعملنا هـذا‪ ،‬فهو خ�ص�صية هلل مالك الملك‬
‫العظيم‪ ،‬ولذلك ن�سعـد بمالحظاتكم و�آرائكم لالرتقاء به‪.‬‬
‫رب غيره والخير �إال خيره �أن يجعل عملنــا هذا خال�صا لوجهه الكريم‪،‬‬‫وندعو من ال ّ‬
‫فهو نعم المولى‪ ،‬ونعم الن�صير‪.‬‬
‫اللجنة‬

‫‪4‬‬
‫ﭑ ﭒﭓﭔ‬
‫الوحدة االولى‬
‫�أحكام التالوة‬
‫تفخيم الراء وترقيقها‬
‫�أو ًال ‪ -‬التفخيم‪:‬‬
‫وهو ت�سمين الحرف وتغليظه‪ ,‬وترد الراء مفخمة في الحاالت الآتية‪:‬‬
‫‪ -1‬اذا كانت م�ضمومة مثل قوله تعالى‪ :‬ﭽﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭼ‬
‫(الحجر‪ )2 :‬فالراء في كلمتي ( ُر َّبما) و (كف ُروا) مفخمة لكونها م�ضمومة‪.‬‬
‫‪ -2‬اذا كانت الراء مفتوحة‪ ,‬مثل قوله تعالى ﭽ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﭼ‬
‫(الكهف‪ )٥٣ :‬فالراء في كلمة (ر�أى) و (النار) مفخمة لأنها مفتوحة‪.‬‬
‫‪ -3‬اذا كانت الراء �ساكنة وقبلها حرف م�ضموم ‪ ,‬مثل قوله تعالى‪ :‬ﭽﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬
‫ر�ضة) �ساكنة وقبلها حرف م�ضموم‪.‬‬ ‫ﯹ ﭼ (البقرة‪ )٢٢٤ :‬فالراء في كلمة ( ُع َ‬
‫‪ -4‬اذا كانت الراء �ساكنة وقبلها حرف مفتوح‪ ,‬مثل قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﭼ‬
‫(�آل عمران‪ )37 :‬فالراء في كلمة (مريم) �ساكنة وقبلها حرف مفتوح‪.‬‬
‫‪� -5‬إذا كانت الراء �ساكنة وقبلها ك�سر عار�ض‪ ,‬مثل قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﭼ (النور‪ )٥0:‬فالراء في كلمة (ا ْرتابوا)‬
‫�ساكنة وقبلها حرف �ساكن وهو الميم في كلمة (�أ ْم) ونتيجة اللتقاء ال�ساكنين (الميم‬
‫والراء) ك�سر ال�ساكن الأول وهو حرف (الميم) �أي � ّأن الك�سر قبل الراء لي�س من‬
‫�أ�صل الكلمة بل نتيجة اللتقاء �ساكنين‪.‬‬
‫‪� -6‬إذا كانت الراء �ساكنة وقبلها ك�سر �أ�صلي وبعدها �أحد حروف اال�ستعالء (خ�ص‬
‫�ضغط قظ) مثل قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮏ ﮐ ﮑﭼ (الفجر‪ )١٤ :‬فالراء في كلمة‬

‫‪5‬‬
‫(مر�صاد) �ساكنة وقبلها حرف مك�سور ك�سر ًا �أ�صلي ًا وبعدها �أحد حروف اال�ستعالء‪.‬‬
‫‪� -7‬إذا كانت الراء �ساكنة �سكون ًا عار�ضاَ للوقف وقبلها �ساكن (عدا الياء) وقبل ال�ساكن‬
‫حرف م�ضموم �أو مفتوح‪ ,‬مثل قوله تعالى ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ (ال�شورى‪)٥٣ :‬‬
‫وقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭼ (القدر‪ ,)١ :‬فالراء في كلمتي (الأمور) و‬
‫(القَدر) �ساكنة وقبلها حرف �ساكن وقبل ال�ساكن (حرف م�ضموم) في الآية الأولى‬
‫و (حرف مفتوح) في الآية الثانية‪.‬‬
‫‪� -8‬إذا كانت �ساكنة وقبلها ك�سر �أ�صلي مف�صول عنها مثل قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﭼ (الإ�سراء‪ .)٢٤ :‬فالراء في كلمة (ا ْرحمهما) �ساكنة وقبلها‬
‫(رب)‪.‬‬
‫حرف مف�صول عنها في كلمة �أخرى وهو حرف (الباء) في كلمة ِّ‬
‫‪� -9‬إذا كانت �ساكنة وقبلها ك�سر عار�ض مو�صول‪ ,‬مثل قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨ ﭩ ﭼ (الفجر‪ )٢٨ :‬عند الإبتداء بها‪.‬‬
‫ثانياً ‪ -‬الترقيق‪:‬‬
‫وهو تنحيف الحرف‪ ،‬وترد الراء مرققة في الحاالت الآتية‪:‬‬
‫‪� -1‬إذا كانت مك�سورة مثل قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ (ال�شعراء‪)٩١ :‬‬
‫فالراء الم�شددة في كلمة ( ُب ِّرزت) مك�سورة‪.‬‬
‫‪� -2‬إذا كانت �ساكنة وقبلها ك�سر �أ�صلي ولم ي�أت بعدها حرف ا�ستعالء‪ ،‬مثل قوله تعالى‬
‫ﭽ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﭼ (المائدة‪ )٤٨ :‬فالراء في كلمة (�شِ رعة)‬
‫�ساكنة وقبلها حرف مك�سور ك�سر ًا �أ�صلي ًا ولم ي�أت بعدها حرف ا�ستعالء‪.‬‬
‫‪� -3‬إذا كانت الراء �ساكنة �سكونا عار�ضا وقبلها (ياء) �ساكنة مثل قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﯧ‬
‫ﯨ ﯩ ﯪﭼ (الحج‪.)٦٣ :‬‬
‫‪� -4‬إذا كانت الراء �ساكنة �سكونا عار�ضا وقبلها �ساكن (عدا الياء) وقبل ال�ساكن ك�سر‪،‬‬
‫مثل قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭑﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭼ (‪� :1‬ص)‪ ،‬كما في كلمة (ﭕ) عند‬
‫الوقف عليها‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫تطبيقات على �أحكام الراء‬
‫بين حكم الراء من حيث التفخيم والترقيق في الآيات القر�آنية الآتية مع ذكر ال�سبب‪:‬‬

‫‪ -1‬ﭽ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﭼ (النب�أ‪) ٤٠ :‬‬

‫‪ -2‬ﭽﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ‬

‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﭼ (الكهف‪)٥٨ :‬‬

‫‪ -3‬ﭽﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭼ (الأنبياء‪)٢٨ :‬‬

‫‪ -4‬ﭽﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﭼ (النور‪)٥٥ :‬‬

‫‪ -5‬ﭽﮔ ﮕ ﮖ ﭼ (البقرة‪)١١٥ :‬‬

‫‪ -6‬ﭽ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﭼ (الإ�سراء‪)١٠٢ :‬‬

‫‪ -7‬ﭽ ﮍ ﮎ ﮏﭼ (�سب�أ‪)١٨ :‬‬

‫‪ -8‬ﭽ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭼ (الفجر‪)٥ :‬‬

‫‪ -9‬ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬

‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ (قري�ش‪)٤ – ١ :‬‬

‫‪ -10‬ﭽﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬

‫ﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮡﮢﮣﮤﮥ‬

‫ﮦ ﮧ ﮨ ﭼ (الفيل‪)٥ - ١ :‬‬

‫‪7‬‬
8
‫الوحدة االولى‬
‫الدر�س االول‪ :‬من القر�آن الكرمي‬
‫من �سورة ي�س (‪1‬ـ‪)32‬‬
‫�آيات احلفظ (‪)11-1‬‬

‫ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭶﭷ‬
‫ﭸﭹﭺ ﭻ ﭼﭽﭾ ﭿ ﮀﮁﮂﮃ‬
‫ﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ‬
‫ﮒﮓﮔ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ‬
‫ﮝ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ ﮧ‬
‫ﮨﮩ ﮪﮫ ﮬﮭﮮﮯﮰ ﮱﯓﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯭ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛ‬
‫ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭣ ﭤﭥﭦ‬
‫ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭮ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ‬
‫ﭶﭷﭸﭹ ﭺ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫ﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮢﮣﮤﮥﮦ‬
‫ﮧﮨﮩ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ‬
‫ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯟﯠ‬
‫ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯨﯩﯪﯫ ﯬﯭ‬

‫‪9‬‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﭑﭒﭓﭔﭕ‬
‫ﭖﭗﭘ ﭙﭚﭛﭜ ﭝﭞﭟﭠﭡ ﭢ ﭣﭤﭥ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫ﭵﭶﭷﭸ ﭹﭺﭻﭼ ﭽﭾﭿ ﮀﮁﮂﮃ‬
‫صدق اهلل العلي العظيم‬ ‫ﮄﮅﮆﮇ ﮈ‬

‫معاني الكلمات‬

‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫جمع ُغ ّل وهو القيد الذي يو�ضع يف اليد‪.‬‬ ‫�أغال ًال‬
‫غ�ض الب�رص‪.‬‬
‫رافعون الر�ؤو�س مع ّ‬ ‫مقمحون‬
‫ال�س ّد‪ :‬احلاجز واملانع بني ال�شيئني‪.‬‬ ‫�سد ًا‬
‫كتاب ب ِّينٍ وا�ضح (اللوح المحفوظ)‪.‬‬ ‫�إمام مبني‬
‫عزّزه‪ :‬قواه و�ش ّد من �أزره‪.‬‬ ‫فعززنا‬
‫ت�شاءمنا‪ .‬والتطري‪ :‬الت�شا�ؤم‪.‬‬ ‫تطرينا‬
‫ميتون الحراك لهم‪.‬‬ ‫خامدون‬
‫الأمم‬ ‫القرون‬

‫ﭬﭭ‬
‫ي�س‪ :‬الحروف المقطعة في �أوائل بع�ض ال�سور الكريمة هي للتنبيه على �إعجاز‬
‫القر�آن‪ .‬ومعنى (ي�س)‪ :‬يا �إن�سان في لغة طي‪ ،‬وقيل هو ا�سم من �أ�سماء النبي‬
‫(�ص) بدليل قوله بعده‪( :‬انك لمن المر�سلين)‪ ،‬وقيل ال يعلمها �إال اهلل‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭶﭷﭸ‬
‫يق�سم اهلل تعالى بالقر�آن المحكم بما فيه من الأحكام والحكم والحجج‪� ،‬إنك �أيها‬
‫الر�سول لمن المر�سلين بوحي اهلل �إلى عباده‪ ،‬على طريق م�ستقيم معتدل‪ ،‬وهو‬
‫الإ�سالم‪.‬‬

‫ﭹﭺ ﭻ ﭼ‬
‫رب العزة ج َّل وعال‪ ،‬العزيز في ملكه‪ ،‬الرحيم بخلقه‪.‬‬
‫�إن هذا القر�آن هوتنزيل من ّ‬

‫ﭽﭾ ﭿ ﮀﮁﮂﮃﮄ‬
‫لتنذر يا محمد بهذا القر�آن الذين ما جاءهم ر�سول وال كتاب‪ ،‬فهم ب�سبب ذلك‬
‫�ساهون عن الهدى والإيمان‪ ،‬يتخ ّبطون في ظلمات ال�شرك وعبادة االوثان‪.‬‬

‫ﮅﮆﮇﮈﮉ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ‬
‫ﮔ ﮕﮖﮗﮘ‬
‫لقد وجب العذاب على �أكثر ه�ؤالء الكافرين بعد �أن عر�ض عليهم الحق فرف�ضوه‪،‬‬
‫فهم ال ي�صدقون باهلل وال بر�سوله واليعملون ب�شرعه‪� .‬إنّا جعلنا ه�ؤالء الكفار كمن‬
‫ُجعل في �أعناقهم �أغال ًال‪ ،‬وجمعت �أيديهم ب�أعناقهم تحت �أذقانهم‪ ،‬فا�ضطروا �إلى‬
‫رفع ر�ؤو�سهم �إلىال�سماء‪ ،‬فهم مغلولون عن كل خير‪.‬‬

‫ﮙﮚﮛﮜﮝ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ‬
‫وجعلنا من �أمام الكافرين �سد ًا ومن ورائهم �س ّد ًا‪ ،‬ف�أعمينا �أب�صارهم ب�سبب‬
‫كفرهم وا�ستكبارهم فهم ب�سبب ذلك ال يب�صرون �شيئ ًا �أ�ص ًال‪.‬‬

‫ﮦ ﮧﮨﮩ ﮪﮫ ﮬﮭﮮ‬
‫ي�ستوي عند ه�ؤالء الكفار المعاندين تحذيرك يا ر�سول اهلل لهم و�إنذارك وتخويفك‬
‫لهم وعدمه‪ ،‬فهم الي�صدقون وال ي�ؤمنون فقد عميت قلوبهم عن اتباع الحقّ ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬

‫�إنما ينفع �إنذارك يا محمد من �آمن بالقر�آن وعمل بما فيه من �أحكام‪ ،‬وخاف اهلل‬
‫من دون �أن يراه‪ ،‬فب�ش ّره بمغفرة من اهلل لذنوبه‪ ،‬وثواب منه في الآخرة على‬
‫�أعماله ال�صالحة‪ ،‬وهو دخول الجنة‪.‬‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬﯭ‬
‫�إنا نحن نحيي الأموات جميعا ببعثهم يوم القيامة‪ ،‬ونكتب ما عملوا من الخير‬
‫وال�ش ِّر‪ ،‬و�آثارهم التي كانوا �سبب ًا فيها في حياتهم وبعد مماتهم من خير‪ ،‬كالولد‬
‫ال�صالح‪ ،‬والعلم النافع‪ ،‬وال�صدقة الجارية ومن �ش ّر‪ ،‬كال�شرك والع�صيان‪ .‬وكل‬
‫�شيء �أح�صيناه في كتاب وا�ضح هو �أُ ُّم الكتب‪ ،‬و�إليه مرجعه‪ ،‬وهو اللوح المحفوظ‪،‬‬
‫فعلى العاقل محا�سبة نف�سه ليكون قدوة في الخير في حياته وبعد مماته‪.‬‬
‫ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜﭝ‬
‫ﭞﭟﭠﭡﭢ ﭣ ﭤﭥ‬
‫وا�ضرب ـ �أيها الر�سول ‪-‬لم�شركي قومك مث ًال يعتبرون به لعلهم يتعظون‪ ،‬وهو‬
‫ق�صة �أهل القرية‪ ،‬حين ذهب �إليهم المر�سلون‪� ،‬إذ �أر�سلنا �إليهم ر�سولين لدعوتهم‬
‫�إلى الإيمان باهلل وترك عبادة غيره‪ ،‬فكذب �أهل القرية الر�سولين‪ ،‬فقويناهما‬
‫بر�سول ثالث‪ ،‬فقال الثالثة لأهل القرية‪� :‬إنا �إليكم ‪� -‬أيها القوم ‪ -‬مر�سلون‪.‬‬

‫ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭮ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ‬
‫فقال �أهل القرية للمر�سلين‪ :‬ما �أنتم �إال �أنا�س مثلنا‪ ،‬وما �أنزل الرحمن �شيئ ًا من‬
‫الوحي‪ ،‬وما �أنتم ‪� -‬أ ّيها ال ُّر�سل ‪ � -‬اَّإل تكذبون‪.‬‬

‫ﭶﭷﭸﭹ ﭺ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ‬
‫قال المر�سلون م�ؤكدين‪ :‬ربنا الذي �أر�سلنا يعلم �إنا �إليكم لمر�سلون‪ ،‬وما علينا‬
‫�إال تبليغ الر�سالة بو�ضوح‪ ،‬وال نملك هدايتك‪ ،‬فالهداية بيد اهلل وحده‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ‬
‫قال �أهل القرية‪� :‬إنا تَ�شاءمنا بكم‪ ،‬لئن لم تكفوا عن دعوتكم لنا لنقتلنكم رمي ًا‬
‫بالحجارة ولي�صيبنّكم منا عذاب �أليم موجع‪.‬‬
‫ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫قال المر�سلون‪ :‬لي�س �ش�ؤمكم ب�سبب‪ ،‬و�إنما ب�سببكم‪ ،‬وبكفركم‪ ،‬وع�صيانكم‪،‬‬
‫و�سوء �أعمالكم‪� .‬أ�إن وعظتم بما فيه خيركم ت�شاءمتم وتوعدتمونا بالرجم‬
‫والتعذيب؟ بل �أنتم قوم عادتكم الإ�سراف في الع�صيان والتكذيب‪.‬‬
‫ﮝﮞﮟﮠﮡ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ‬
‫ﮩ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯ‬
‫وجاء من مكان بعيد في المدينة (انطاكية) رجل م�سرع (حين علم �أن �أهل القرية‬
‫ه ّموا بقتل ال ُّر�سل �أو تعذيبهم)‪ ،‬قال‪ :‬ياقوم اتبعوا المر�سلين �إليكم من اهلل‪،‬‬
‫اتبعوا الذين اليطلبون منكم �أموا ًال على الإيمان‪ ،‬وهم على هدى وب�صيرة فيما‬
‫يدعونكم �إليه من توحيد اهلل تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬
‫ﮰﮱﯓﯔﯕ ﯖﯗﯘﯙ‬
‫وك�أن القوم �س�ألوا الرجل‪ :‬هل ت�ؤمن بما يقولون ف�أجابهم‪ّ � :‬أي �شيء يمنعني من‬
‫�أن �أعبد اهلل الذي خلقني‪ ،‬و�إليه ت�صيرون جميع ًا؟‬

‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫ﯦﯧ ﯨﯩﯪﯫ ﯬﯭﯮﯯ ﯰﯱ ﯲ‬
‫ﯳﯴ‬
‫�أ�أعبد من دون اهلل �آلهة �أخرى ال تملك من الأمر �شيئ ًا‪� .‬إن يردني الرحمن ب�سوء‬
‫فهذه الآلهة ال تملك دفع ذلك وال منعه‪ ،‬وال ت�ستطيع �إنقاذي مما �أنا فيه ؟ �إني �إن‬
‫فعلت ذلك لفي خط�أ وا�ضح ظاهر‪( .‬وبعدن�صحه وتذكيره �أعلن �إ�سالمه) قائ ًال‪:‬‬
‫�إني �آمنت بربكم فا�ستمعوا �إلى ما قلته لكم‪ ،‬و�أطيعوني بالإيمان‪ .‬فلما قال ذلك‬
‫وثب �إليه قومه وقتلوه‪ ،‬ف�أدخله اهلل الجنة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬
‫فلما مات قيل له‪ :‬ادخل الجنة مع ال�شهداء الأبرار‪.‬‬

‫ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ‬
‫قال‪ :‬وهو في النعيم والكرامة‪ :‬ياليت قومي يعلمون بغفران ر ِّبي لي و�إكرامه‬
‫�إياي‪ ،‬ب�سبب �إيماني باهلل و�صبري على طاعته‪ ،‬واتباع ر�سله‪.‬‬

‫ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭙﭚﭛﭜ ﭝﭞﭟﭠ‬


‫ﭡ ﭢ ﭣﭤﭥﭦﭧ ﭨ‬
‫وما احتاج �أمر �إهالك الكافرين �إلى �إنزال ُجن ٍد من ال�سماء لعذابهم‪ ،‬بعد قتلهم‬
‫الرجل النا�صح لهم وتكذيبهم ر�سلهم‪ ،‬وما كنا منزلين المالئكة‪ ،‬بل نبعث عليهم عذاب ًا‬
‫يدمرهم‪ ،‬وما كان هالكهم � اَّإل ب�صيحة واحدة‪ ،‬ف�إذا هم م ّيتون لم تبقَ منهم باقية‪.‬‬

‫ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫ياح�سرة العباد وندامتهم يوم القيامة �إذا عاينوا العذاب‪ ،‬ما ي�أتيهم من ر�سول‬
‫من اهلل تعالى �إال كانوا به ي�ستهزئون وي�سخرون‪.‬‬

‫ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄﮅﮆﮇ ﮈ‬
‫�ألم ي َر ه�ؤالء الم�ستهزئون ويعتبروا بمن قبلهم من الأمم التي �أهلكناها‪� ،‬إنهم ال‬
‫يرجعون �إلى هذه الدنيا‪ .‬وما ك ّل هذه الأمم التي �أهلكناها وغيرهم‪ � ،‬اّإل مح�ضرون‬
‫جميع ًا عندنا يوم القيامة للح�ساب والجزاء‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫الن�ص‬
‫�أبرز ماير�شد �إليه ّ‬
‫‪1-1‬ابتد�أت ال�سورة الكريمة بالق�سم بالقر�آن العظيم على �صحة الوحي ‪ ،‬و�صدق‬
‫ر�سالة محمد (�صلى اهلل عليه و�آله و�صحبه و�سلم) ت�أكيد ًا لعظمة القر�آن الكريم‪.‬‬
‫رب العزة‪ .‬هو �إنذار لمن نزل بينهم‪ ،‬مع �أنهم �ساهون‬ ‫‪2-2‬هذا القر�آن تنزّل من ّ‬
‫غافلون عن الهدى‪ ،‬متمادون في غ ّيهم و�شركهم‪.‬‬
‫‪3-3‬ولأنهم كذلك فقد حقّ عليهم العذاب ووجب‪ ،‬فجعل اهلل �أمام الكافرين �س ّد ًا‬
‫ومن خلفهم �س ّد ًا و�أعمى �أب�صارهم ب�سبب كفرهم‪.‬‬
‫‪�4-4‬إن اهلل �سبحانه هو يحيي الموتى ببعثهم يوم القيامة للح�ساب‪.‬‬
‫‪�5-5‬إن اهلل �سبحانه ي�ضرب الأمثال للنا�س‪ ،‬ومن ذلك مثل �أهل القرية التي‬
‫�سخرت وا�ستهز�أت بالر�سل الذين تعاقبوا عليها لهداية قومها‪ ،‬ولكن‬
‫�أهل القرية ظلوا على �شركهم وعنادهم و�إنكارهم الحقَّ ‪ ،‬حتى �أنهم‬
‫قتلوا �أحد النا�صحين لهم ممن �أعلن �إ�سالمه ودعاهم �إلى الإيمان‪.‬‬
‫‪� 6-6‬إن الكافرين م�صيرهم واحد وهوالهالك فالعذاب‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪1-1‬في �أول هذه ال�سورة يق�سم اهلل تعالى بالقر�آن الكريم‪ ،‬وفي �آيات من �سور‬
‫�أخرى يق�سم ‪� -‬سبحانه‪ -‬ب�أ�شياء عـديدة‪ .‬تتب ْع ذلك‪ ،‬واكتب مقالة ق�صيرة‬
‫في هذا ال�ش�أن‪.‬‬
‫‪�2-2‬ساقت ال�سورة ق�صة �أهل القرية الذين كذبوا الر�سل ‪ .‬حدثنا عن قرية �أخرى‬
‫ركب �أهلها العناد نف�سه‪ ،‬تحدث عن ق�صة تلك القرية الأخرى‪ ،‬م�شير ًا �إلى‬
‫ال�سورة والآيات ذات العالقة‪.‬‬
‫‪3-3‬التط ّير �أمر مكروه في الإ�سالم‪ .‬حدثنا عنه وعن جذوره قبل الإ�سالم‪ ،‬مع‬
‫الإر�شاد �إلى الآيات التي تنهى عنه‪.‬‬
‫‪4-4‬هناك �أكثر من �آية ت�شير �إلى عجز الأ�صنام والأوثان والمعبودات من دون‬
‫اهلل عن رفع ال�ضرر عن االن�سان �أو تقديم الخير والعون له‪ .‬قدم جدو ًال بهذه‬
‫الآيات وموا�ضعها من ال�سور‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫الدر�س الثاين‪ :‬من احلديث النبوي ال�رشيف‬
‫من �صفات امل�ؤمن‬

‫(لل�شرح والحفظ)‬ ‫قال ر�سول اهلل (�ص)‬

‫اج ُ�شوا‪َ ،‬وال َت َب َاغ ُ�ضوا‪َ ،‬وال َتدَا َب ُروا‪َ ،‬وال َي ِب ْع َب ْع ُ�ض ُك ْم‬ ‫ا�س ُدوا‪َ ،‬وال َت َن َ‬
‫((ال َت َح َ‬
‫الل ِإ� ْخ َواناً‪ .‬ا ْل ُم ْ�س ِل ُم �أَ ُخو ا ْل ُم ْ�س ِل ِم‪ ،‬ال َي ْظ ِل ُمهُ‪،‬‬
‫عَ َلى َب ْي ِع َب ْع ٍ�ض‪َ ،‬و ُكو ُنوا ِع َبا َد َهّ ِ‬
‫‪،‬وال َي ْخ ُذ ُلهُ‪َ ،‬وال َي ْك ِذ ُبهُ‪َ ،‬وال َي ْح ِق ُر ُه‪ .‬ال َّت ْق َوى هَ ا هُ َنا َ‬
‫‪-‬و ُي ِ�شي ُر‬ ‫وال ي�سلمه َ‬
‫ال�ش ِ ّر َ�أنْ َي ْح ِق َر َ�أ َخا ُه ا ْل ُم ْ�س ِل َم‪ُ .‬ك ُّل‬
‫ات‪ِ -‬ب َح ْ�س ِب ا ْم ِر ٍئ ِمنَ َّ‬ ‫ِ�إلى َ�ص ْد ِرهِ َث َ‬
‫الث َم َّر ٍ‬
‫ا ْل ُم ْ�س ِل ِم عَ َلى ا ْل ُم ْ�س ِل ِم َح َرا ٌم‪َ :‬د ُمهُ‪َ ،‬و َما ُلهُ‪َ ،‬و ِع ْر ُ�ضهُ)) �صدق ر�سول اهلل (�ص)‬

‫معاني الكلمات‬

‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫تمني زوال نعمة الآخرين �أو ال�سعي في �إزالتها‪.‬‬ ‫الح�سد‬
‫هو �أن يزيد �أحد في ثمن ال�سلعة‪ ،‬حين ينادي عليها في‬
‫ال�سوق‪ ،‬وال رغبة له في �شرائها بل يق�صد �أن يخدع غيره‬ ‫النج�ش‬
‫فيدفعه ل�شرائها بثمن �أعلى‪.‬‬
‫هو �أن ُيعر�ض الإن�سان عن �صاحبه ويهجره‪.‬‬ ‫التدابر‬
‫اليتركه مع من ي�ؤذيه وال فيما ي�ؤذيه‪.‬‬ ‫الي�سلمه‬
‫هو عدم الم�ساعدة عند الحاجة �إليها ‪.‬‬ ‫الخذالن‬
‫�أن يتعامل الم�سلم مع الم�سلم بال�صدق واجتناب الكذب‪.‬‬ ‫ال يكذبه‬
‫ال ي�صغر من �ش�أنه‪.‬‬ ‫ال يحقره‬
‫مخافة اهلل وفعل ما �أمر به واجتناب نواهيه‪.‬‬ ‫التقوى‬
‫ِب َح ْ�س ِب ا ْمرِئٍ م َِن َّ‬
‫ال�ش ِّر �أي يكفيه من ال�ش ِّر‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫�رشح احلديث ال�رشيف‬
‫ي�ؤكد ر�سول اهلل (�ص) في هذا الحديث �أهمية الأخوة بين �أبناء الأمـة الواحدة‪ ،‬و�إتبـاع‬
‫الدين الواحد‪ ،‬بل بين الأ�سرة الإن�سانية‪.‬‬
‫هذ ِه الأخوة منطقية وطبيعية فالنا�س كلهم لآدم و �آدم من تراب‪ ...‬ف�ض ًال عن‬
‫ذلك فرابطة ا لإيمان من �أقوى الروابط‪ ،‬لذا فالم�ؤمنون �إخوة قال تعالى‪ :‬ﭽ ﯜ‬
‫ﯝ ﯞ ﭼ (الحجرات ‪.)10‬‬
‫والواجب على الم�ؤمنين �أن يكونوا كالبنيان المر�صو�ص ي�ش ُّد بع�ضه بع�ض ًا‪،‬‬
‫وكالج�سد الواحد �إذا ا�شتكى منه ع�ضو تداعى له �سائر الج�سد بال�سهر والحمى وقد‬
‫ت�ضمن الحديث ال�شريف المقومات الأ�سا�سية للأخوة فنادى بالآتي‪:‬‬

‫‪ -1‬اجتناب الح�سد‪ :‬فمن مقت�ضيات الأخوة عدم التحا�سد بين الم�سلمين‪ ،‬فالفقير ال‬
‫ينقم على الغني لعلمه � ّأن ال ّرزاق هو اهلل‪ ،‬وال�ضعيف اليح�سد القوي‪ ،‬وكذا المر�ؤو�س‬
‫اليح�سد رئي�سه بل على العك�س يجب �أن يعينه ويع�ضده في �أمور الخير‪ ،‬قاطعا بذلك‬
‫طريق الح�سد‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭼ (الن�ساء‪)54:‬‬
‫فالح�سد الذي هو تمني زوال نعمة الآخرين مذموم‪ ،‬ووجه ذمه وقبحه‪� :‬أنه اعترا�ض‬
‫على �إرادة اهلل تعالى ومعاندة له؛ �إذ �إنه �سبحانه وتعالى �أنعم على غيره‪.‬‬
‫ولي�س من الح�سد تمني الح�صول على ماح�صل عليه المح�سود وال�سعي في تحقيق‬
‫ذلك (فهذا َح َ�سن) وال�سيما �إن كان في الأمور الدينية‪ ،‬فالر�سول (�ص) تمنى ال�شهادة‬
‫في �سبيل اهلل‪.‬‬
‫والر�سول (�ص) قال‪( :‬الح�سد �إال في اثنتين‪ :‬رجل �آتاه اهلل ما ًال ف�سلطه على هلكته في‬
‫الحقِّ ‪ ،‬ورجل �آتاه اهلل حكمة فهو يق�ضي بها ويع ّلمها)‪.‬‬
‫اما الأمور الدنيوية‪ ،‬فالح�سد مذموم والح�سن فيه �إذا اقترن بتمني زوال نعمة‬
‫الآخرين‪.‬‬

‫‪ -2‬اجتناب التناج�ش‪� :‬أمر الر�سول (�ص) ب�أن اليخدع الم�سلم �أخاه الم�سلم‪ ،‬و�صورة‬

‫‪17‬‬
‫هذا الخداع ان يح�ضر الى ال�سلعة التي ُينادى ببيعها ويزيد في �سعرها ولي�س ق�صده‬
‫ال�شراء و�إنما يق�صد رفع ثمنها فقط‪ ،‬في�ضطر الراغب في ال�شراء الى دفع ثمن �أعلى‬
‫غ�ش �أي�ضا قال (�ص) (من غ�شنا فلي�س‬ ‫لي�شتريها فهذا الخداع محرم �إجماع ًا وهو ّ‬
‫منا) وهكذا فالواجب على الم�سلم اجتناب التعامل بالغ�ش واالحتيال‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﭼ ( فاطر ‪)43/‬‬
‫وقد يكون هذا االحتيال باالتفاق مع البائع في�شتركان في الإثم وقد يفعله الناج�ش‬
‫من تلقاء نف�سه فيكون وزره عليه‪ .‬و�إذا كان النج�ش من المكر ال�س ِّيئ الذي ال يحيق �إال‬
‫ب�أهله؛ �إذ �إن فيه ال�ضرر على الآخرين فقد حرمته ال�شريعة كما حرمت �أي�ضا جميع‬
‫�أنواع التعامل الذي ينطوي على ال�ضرر بالآخرين ومن ذلك مانراه في ال�سوق �أحيانا‬
‫من تكدي�س ال�سلع واحتكارها خفية لدى بع�ض الباعة‪ ،‬وكذلك قيام بع�ض الباعة بخلط‬
‫الجيد بالرديء من الب�ضاعة �إلى غير ذلك فهذا ك ّله حرام وخروج عن �أخالق ال�شريعة‬
‫الإ�سالمية وواجباتها‪.‬‬
‫والقائم بمثل هذه الأمور عا�ص هلل ور�سوله و�آثم على فعله وهو �إن�سان ا�شترى حطام‬
‫الدنيا وعر�ضها وزيفها ومغرياتها وعاف الآخرة ونعيمها‪.‬‬

‫‪ -3‬اجتناب التباغ�ض والتدابر‪ :‬و�أراد الر�سول الأعظم (�ص) �أي�ضا �أن ت�سود المحبة‬
‫المجتمع و�أن يتعا�ضد الم�سلمون في كل الظروف والأحوال و�أن تنح�سر الأنانية‬
‫والبغ�ضاء عنهم وتنتهي من م�شاعرهم و�سلوكهم والنهي عن التباغ�ض والتدابر يعني‬
‫نهي ًا عن الأ�سباب الم�ؤدية �إليهما‪ ،‬ومن هذه الأ�سباب الح�سد والنج�ش‪ ،‬و�شرب الخمر‬
‫ولعب القمار‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭼ‬
‫(المائدة ‪)91/‬‬
‫ف�شرب الخمر ولعب القمار كما في الآيه الكريمة �سببان من �أ�سباب العداوة والكراهية‬
‫لما ينتج عنهما من الفتن وال�شرور والنزاع و�إن تنازع م�سلم مع م�سلم �آخر فال يجوز‬
‫�أن يتماديا في القطيعة‪ ،‬وعليهما �أن ي�سعيا في ال�صلح قال (�ص)‪ ( :‬ال يح ُّل لم�سلم �أن‬
‫يهجر �أخاه الم�سلم فوق ثالث ليال يلتقيان فيعر�ض هذا ويعر�ض هذا وخيرهما الذي‬
‫‪18‬‬
‫يبد�أ بال�سالم )‪.‬‬
‫‪ -4‬اجتناب البيع على بيع الآخرين‪ :‬هو �أن يعر�ض بائع على �شخ�ص يريد �شراء �سلعة‬
‫من غيره �أن يبيعه بثمن �أقل من الذي اتفق عليه مع البائع الأول فهو بذلك يف�سد على‬
‫البائع الأول بيعه ليبيع هو بدال منه‪ .‬وقد نهى ر�سول اهلل (�ص) في حديثه �أن ي�ؤدي‬
‫التناف�س بين البائعين �إلى طعن ك ّل منهما الآخر ب�إغراء الم�شترين بما ي�ضر بع�ضهم‬
‫بع�ض ًا في�ؤدي ذلك في النهاية �إلى ال�شحناء والنزاع‪ .‬فالبيع على البيع ال ي�صدر �إال‬
‫ممن �ضعف �إيمانه‪.‬‬
‫‪ -5‬الأخوة بين الم�سلمين‪� :‬أمرنا ر�سول اهلل (�ص) ب�أن نكون �أخوة مت�آلفين فال ظلم بيننا‬
‫وال تخاذل وال احتقار من �أحدنا للآخر وال انق�سام �إلى فئات تتناحر بينها‪ .‬ارادنا �أخوة‬
‫نترك التع�صب للون �أو الجن�س وننبذ االرتماء في �أح�ضان �أعداء الإ�سالم والحذر كل‬
‫الحذر من المبادئ الملحدة �شرقيتها وغربيتها‪ ،‬فهي والإ�سالم على طرفي نقي�ض‬
‫تماما‪ .‬والحديث ي�ش ّدد على الأخ ّوة؛ لأنها �سبيل قويم لال�ستقرار وال�صفاء وال�سعادة‬
‫والبعد منها �سبيل �إلى الفرقة وال�ضياع والتمزق‪ .‬ومن ركائز ومقومات هذه الأخوة‬
‫التي �أمر بها ر�سول اهلل (�ص) في الحديث ال�شريف اجتناب ظلم الم�سلمين بالقول �أو‬
‫ب�سب �أو طعن �أو لعن �أو فح�ش �أو �إيذاء �أو �شهادة زور‪ .‬وكذا اجتناب ال�سخرية‬ ‫بالفعل ّ‬
‫واال�ستهزاء والغيبة والتنابز بالألقاب؛ لأن المقيا�س الذي يتفا�ضل به الم�سلمون هو‬
‫التقوى‪ ،‬ورب محتقر هو عند اهلل �أف�ضل ممن احتقره‪ ،‬ومن مقت�ضيات الأخوة عدم‬
‫االعتداء على الم�سلمين‪ ،‬بالقتل �أو ال�ضرب‪ ،‬وعلى �أموالهم بال�سرقة �أو الغ�ش‪ ،‬وعلى‬
‫�أعرا�ضهم بالإهانه �أو التدني�س �أو الإيذاء ب� ّأي �شكل كان‪.‬‬
‫� ّإن قيمة الم�سلم بالتقوى‪ ،‬ولي�س في كثرة ماله �أو ن�سبه �أو منظره �أو قوته �إنما‬
‫قيمته في �أعماله النافعة والتقوى م�صدر �صالح الفرد‪ ،‬و�صالح الفرد موكل ب�صالح‬
‫�سريرته و�صالح ال�سريرة يكت�سب بح�سب ال�صلة باهلل تعالى وذلك بالمداومة على‬
‫الطاعات واجتناب المعا�صي والمحرمات‪ ،‬فال�سريرة القوية هي م�صدر كل فعل خ ّير‬
‫قال ر�سول اهلل ‪ّ �( :‬إن اهللَ الينظر �إلى �صوركم وال �إلى �أج�سادكم ولكن ينظر �إلى قلوبكم‬
‫و�أعمالكم)‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫�أهم ماير�شد �إليه الحديث ال�شريف‬

‫�أ‪ .‬الأخ ّوة هي الرباط الأمثل الذي ي�ش ُّد الم�سلمين بع�ضهم �إلى بع�ض ويخلق‬
‫‪ -‬من بعد ‪ -‬وحدة �إجتماعية متينة‪.‬‬
‫ب ‪ .‬الخلق والف�ضيلة هما ال�سياج المتين للأخوة بين �أبناء الأمة الواحدة‬
‫ويجب اجتناب كل ما من �ش�أنه �أن ي�ضعف هذه الأخوة كالح�سد والتناج�ش‬
‫والتباغ�ض والتدابر واالحتقار‪.‬‬
‫جـ‪ .‬مقيا�س التفا�ضل في الإ�سالم التقوى ولي�س �شيئ ًا �آخر‪.‬‬
‫قال تعالى ﭽﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﭼ (الحجرات‪.)13‬والم�سلمون �سوا�سية‬
‫ك�أ�سنان الم�شط‪.‬‬
‫د‪ .‬ومن مقت�ضيات الأخوة اجتناب طعن الم�سلم لأخيه في عر�ضه �أو ماله �أو‬
‫دمه‪ ،‬بل ينبغي �صيانة هذه الأخوة ب�صيانة هذه الركائز البانية للفرد وللأ�سرة‬
‫الم�سلمة‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬ما معنى ( التناج�شوا) الواردة في الحديث النبوي ال�شريف؟‬
‫‪ -2‬ما الحكمة في نهي ر�سول اهلل (�ص) عن الح�سد والنج�ش والتدابر‬
‫والتباغ�ض؟‬
‫‪ -3‬ما مقيا�س التفا�ضل في الإ�سالم؟ ا�ست�شهد لذلك بما تحفظ من القر�آن‬
‫الكريم‪.‬‬
‫‪ -4‬الح�سد نوعان مذموم ومحمود‪ ،‬و�ضحهما ذاكر ًا الحديث النبوي في بيان‬
‫الح�سد المحمود‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫الدر�س الثالث‪ :‬من ق�ص�ص القر�أن‬
‫نبي اهلل يعقوب (عليه ال�سالم)‬
‫ُّ‬
‫قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﭼ (البقرة‪.)١٣٢ :‬‬
‫من هو يعقوب؟‬
‫هو يعقوب بن �إ�سحاق بن �إبراهيم خليل اهلل و�إليه ينت�سب جميع �أنبياء بني ا�سرائيل‪.‬‬
‫ما�سبب ت�سميته بـ يعقوب‪:‬‬
‫ولدته �أمه مع �أخ له فكانا‪ ،‬تو�أمين فولد �أخوه �أو ًال وتاله يعقوب‪ ،‬ف�سمي يعقوب؛ النه‬
‫خرج يعقب �أخاه‪.‬‬
‫بماذا لقب يعقوب؟ وما معنى ذلك‬
‫لقب يعقوب (عليه ال�سالم) بـ «�إ�سرائيل ومعنى �إ�سرائيل عبد اهلل؛ ل ّأن (�إ�سرا) هو‬
‫عبد و(�إيل) هو اهلل ع ّز وجل‪.‬‬
‫كان يعقوب (عليه ال�سالم) يخدم في بيت المقد�س وكان �أول من يدخل و�آخر من‬
‫يخرج وكان ي�سرج القناديل‪.‬‬
‫و�صيا �أوالدهما بالتوحيد ونبذ ال�شرك‬‫يذكر اهلل �سبحانه وتعالى � ّأن نبيين كريمين قد ّ‬
‫(ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) (البقرة‪.)132‬‬
‫لقد كان يعقوب (ع) منذ والدته �صاحب �سماحة وخُ لق كريم وحلم ودين وكان م�ؤمن ًا‬
‫لطيف الوجه رقيق القلب �أ ّما تو�أمه فكان مغرم ًا بال�صيد و�صار يغار من يعقوب (عليه‬
‫ال�سالم)‪ ،‬مما جعل والديه يخافان على يعقوب منه فن�صحاه بالذهاب �إلى خاله في العراق‬
‫وهناك تزوج ابنتي خاله (�أختين) وقد كان ذلك جائزا في �شريعتهم فلما جاء الإ�سالم‬
‫ح ّرم الجمع بين الأختيـن‪ ،‬حفاظا على المـودة والمحبة بينهما‪ ،‬فولدت �إحداهما يو�سف‬
‫وبنيامين‪ ،‬وولدت الأخرى ع�شرة �أبناء‪ .‬فكان ليعقوب (ع) اثنا ع�شر ولد ًا ذكر ًا وكان‬
‫يو�سف �أجمل �أوالد يعقوب و�أ�شدهم طاعة لأبيه وكان يعقوب يحب ولده يو�سف الذي‬
‫لم ي�صبر على فراقه �أو البعد عنه لهذا ح�سده �أخوته وكادوا له و�أبعدوه من �أبيه الذي‬
‫بالغ في حبه فحزن يعقوب على ولده يو�سف حزن ًا �شديد ًا حتى �أ�صبح م�ضرب ًا للمثل في‬

‫‪21‬‬
‫كف ب�صره من كثرة البكاء ‪ .‬وبعد �صبر جميل ال�شكوى‬ ‫بكائه‪ ،‬وعـ ّد من البكائين حتى َّ‬
‫فيه جمع اهلل يعقوب بولده يو�سف (ع) الذي جعله اهلل نبيا و�آتاه ملك ًا و�سلطة ولقد كان‬
‫يعقوب (ع) طوال �سنوات غياب ولده يو�سف عنه وعلى الرغم من �شدة حزنه �صابرا‬
‫�آم ًال �أن يجمعه اهلل به حتى كانوا ي�سخرون من طول �أمله بعد كل تلك ال�سنين فكان (عليه‬
‫ال�سالم) يجيبهم �أنه اليي�أ�س من رحمة اهلل اال الكافرون‪.‬‬
‫نحن ن�ؤمن ب� ّأن اهلل �سبحانه وتعالى يختبر دائم ًا �صبر العبد و�إيمانه ولربما خ�ص‬
‫�أولياءه ور�سله بذلك �أكثر‪ ،‬لما لهم من كرامة لديه وما به من رحمة نحوهم‪ ،‬اما المذنبون‬
‫الآثمون فان اهلل �سبحانه يمهلهم الى يوم القيامة‪ ،‬وي�ؤخر عقوبتهم ليزدادوا �إثما فيزداد‬
‫عذابهم يوم الينفع فيه مال والبنون ونحن نعلم � ّأن اهلل (�سبحانه وتعالى) يثيب العبد على‬
‫�صبره وبلواه ولقد نال يعقوب �أخير ًا ثواب �صبره بلقاء ولده الحبيب يو�سف الذي �أكرمه‬
‫اهلل �سبحانه وتعالى وفرج عنه و�أخرجه من الع�سر �إلى الي�سر‪.‬‬

‫وفاة يعقوب‬
‫توفي يعقوب (ع) في م�صر وعمره مئة و�أربعون عام ًا فحمله يو�سف (ع) ودفنه في‬
‫فل�سطين بجانب �إبراهيم و�إ�سحاق (ع)‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫�أهم الدرو�س والعبر في ق�صة نبي اهلل يعقوب (ع)‬

‫‪ -1‬ان �أهم دعامة في الإن�سان الم�ؤمن هو ال�صبر حتى عدها اهلل �سبحانه‬
‫وتعالى من �أف�ضل درجات الإيمان‪ .‬فيجب على الإن�سان �أن ي�صبر على البالء‬
‫والم�صائب‪.‬‬
‫يتوجه �إلى اهلل �سبحانه وتعالى في طلب الحاجة و�أن‬‫‪ -2‬يجب على الإن�سان �أن ّ‬
‫ي�شكو همه هلل وحده‪.‬‬
‫‪ -3‬وجوب الإبتعاد من الح�سد ‪.‬‬
‫‪ -4‬طاعة الوالدين تع ّد �سبب ًا رئي�س ًا في محبتهم للأبناء‪ .‬فكان ذلك �أحد �أ�سباب‬
‫محبة يعقوب (ع) لولده يو�سف �أكثر من �سواه‪.‬‬
‫‪ -5‬يعقوب (ع) يفتقد حبيبه وابنه وفلذة كبده يو�سف (ع) �أربعين عام ًا‪ ،‬في�صبر‬
‫وال ي�شكو �إلى �أح ٍد و�إنما ي�شكو �إلى اهلل‪:‬‬
‫ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﭼ‬
‫[يو�سف‪. ]86:‬‬
‫‪ -6‬عدم الي�أ�س من رحمة اهلل‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬ما ن�سب يعقوب ؟ ولماذا �سمي بهذا اال�سم وما معناه؟‬
‫‪ -2‬كم ولد ًا كان ليعقوب (ع) ؟‬
‫‪ -3‬من �أحب �أوالده �إليه ولماذا؟‬
‫‪ -4‬لماذا ذهب يعقوب �إلى العراق؟‬
‫‪ -5‬ما عمر يعقوب حين توفي ؟ واين دفن ؟‬

‫‪23‬‬
‫الإ�سالم وبناء االن�سان‬ ‫الدر�س الرابع‪:‬‬

‫في القر�آن الكريم حوار بديع بين اهلل تعالى والمالئكة يك�شف لنا عن الغاية التي من‬
‫�أجلها خلق اهلل الإن�سان‪ .‬ومعرفة هذه الغاية هي الو�سيلة �إلى معرفة الأ�س�س التربوية‬
‫التي �أقام عليها الإ�سالم بناء ال�شخ�صية الإن�سانية‪.‬‬
‫�إن هذه الأ�س�س هي العوامل الفعالة في �إعداد الإن�سان الجيد الذي يجعله �صالحا كل‬
‫ال�صالحية لتحقيق الأهداف والغايات التي من �أجلها خلقه اهلل‪.‬‬
‫والحوار الذي ن�شير �إليه قوله تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫( البقرة ‪)30/‬‬ ‫ﭭﭮ ﭼ‬

‫ان هذا الحوار يك�شف ب�إيجاز �أمور ًا منها‪:‬‬


‫أ� ‪� -‬أن اهلل خلق الإن�سان ليكون خليفة في الأر�ض‪.‬‬
‫ب‪� -‬أن في الإن�سان ا�ستعداد آ� لأن يكون من �أهل الخير وال�صالح‪ ،‬ومن �أهل ال�شر‬
‫والف�ساد‪ ،‬ا�ستعداد ًا للترقي الى اح�سن تقويم‪ ،‬وللتدني الى �أ�سفل �سافلين‪.‬‬
‫و�إعداد االن�سان الن يكون خليفته في الأر�ض يتطلب‪:‬‬
‫او ًال‪ :‬التربية العقلية‪:‬‬
‫التي ترتفع به �إلى الم�ستوى الذي يمكنّه من �إعمار الأر�ض‪ ،‬وا�ستثمار كل هذه النعم‬
‫التي �أنعم اهلل بها عليه‪ ،‬وكل هذه الكائنات التي �سخّ رها له لينتفع بها ﭽ ﰄ ﰅ ﰆ‬
‫ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﭼ (الجاثية‪)13 /‬‬
‫وج َه َد الر�سول الكريم‬
‫والتربية العقلية والإعداد الذهني قد تكفّلهما القر�آن العظيم َ‬
‫(�ص) في تعليم النا�س الكتاب والحكمة بهدف �إخراجهم من الظلمات والجهل �إلى نور‬
‫المعرفة‪.‬‬
‫التب�صر‬
‫ّ‬ ‫والإعداد الذهني كما يقوم على التعليم‪ ،‬يقوم �أي�ضا على دفع العقل الى‬

‫‪24‬‬
‫والتد ّبر و�إلى التفكير‪ .‬وبهذا يح�صل الإن�سان على الحقائق العلمية الجديدة التي تعلي‬
‫من قدر الإن�سان وترفع من م�ستوى الحياة‬
‫ومن �أجل القيمة الثقافية التي يح�صل الإن�سان عليها من التعلم �أو من �إدامة النظر‬
‫في الأ�شياء والتفكير فيها‪ ،‬قرر القر�آن الكريم � َّأن الإيمان باهلل �صحة عقلية‪ ،‬والكفر مر�ض‬
‫�أو �آفة عقلية‪ ،‬وع ّلل القر�آن الكريم ذلك با�ستعمال بع�ض النا�س �أدوات التفكير من �سمع‬
‫وب�صر وقدرات ذهنية‪ ،‬وعدم ا�ستعمال �آخرين لهذه االدوات‪.‬‬
‫و�إن �إعمار الكون وا�ستثمار مافيه من موارد طبيعية و ب�شرية اليتم � اّإل من طريق‬
‫تنمية القدرات الذهنية والعقلية وهذا الأمر محل اعتبار من القر�آن الكريم‪ .‬ن ّبه النا�س‬
‫عليه في �أكثر من منا�سبة‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬

‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟﭠﭡﭢﭣ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ ﭯﭰ‬
‫ﭱﭲﭳﭴﭵ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ‬
‫( البقرة ‪)164 /‬‬
‫�أي ي�ستعملون �آلة التفكير وهي العقل‪ ،‬وقال تعالى في �ش�أن �أولئك الذين الي�ستثمرون‬
‫عقولهم بعد �أن �أراهم اهلل �آياته الباهرة في الآفاق وفي �أنف�سهم قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﭼ‬
‫( ف�صلت‪) ٥٣ /‬‬

‫‪25‬‬
‫والقر�آن الكريم اليقف في تنمية العقل والذهن عند تعليم الكتاب والحكمة‪� ،‬أو النظر‬
‫في الأنف�س والآفاق و�إنما يزيد عليها �شيئا �آخر هو التاريخ الب�شري الذي يحكي لنا‬
‫تجارب الأمم الأخرى‪� .‬إن هذا التاريخ يدلنا على �سنن اهلل التي ال تتبدل‪ ،‬وعلى الظواهر‬
‫االجتماعية التي تختلف با�ستمرار‪ ،‬ومن هنا تظهر قيمة الق�ص�ص القر�آني في الك�شف عن‬
‫تلك ال�سنن وعن هذه الظواهر‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﭼ (البقرة‪ .)٢٦٩ :‬هنا العلم ال�صحيح يكون‬
‫�صفة محكمة في النف�س حاكمة على الإرادة وتوجيهها نحو العمل ومتى كان العمل‬
‫�صادر ًا عن العلم ال�صحيح كان هو العمل ال�صالح النافع الم�ؤدي �إلى ال�سعادة‪.‬‬
‫والمراد ب�إيتائه الحكمة من ي�شاء‪� :‬إعطا�ؤه العقل النافع ل�صاحبه‪ ،‬فالعقل من �أعظم‬
‫نعم اهلل على الإن�سان و�أنفعها و�أجداها لديه‪ ،‬ميزَّه اهلل به‪ ،‬وخ�صه بوظائفه به يميز الخبيث‬
‫من الطيب والخير من ال�ش ِّر‪ ،‬والف�ضيلة من الرذيلة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬التربية الخلقية‪:‬‬


‫�إن �إعداد الإن�سان �أن يقيم حقا في الأر�ض‪ ،‬ويحقق عد ًال بين النا�س يتطلب �أي�ضا تربية‬
‫خلقية ت�ساعده من خالل �إيمانه بالإ�سالم وقيمه من ممار�سة الحياة وا�ستثمارها اف�ضل‬
‫ا�ستثمار‪ ،‬وتحول بينه وبين الإنزالق الى المهاوي والرذائل المتمثلة في الظلم والبغي‬
‫والعدوان‪ ،‬وفي الخيانة واتباع الأهواء وتلبية ال�شهوات‪.‬‬
‫� ّإن الإن�سان ‪ -‬بموجب وثيقة اال�ستخالف ‪ -‬هو �سيد هذه الأر�ض‪ ،‬و�صالحها وف�سادها‬
‫منوط ب�صالحه وف�ساده‪ ،‬ف�إذا �صلحت النف�س الإن�سانية �أ�صلحت ك ّل �شيء ت�أخذ به وتتولى‬
‫�أمره ‪ ،‬و�إذا ف�سدت �أف�سدت ك ّل �شيء كذلك‪.‬‬
‫والتربيتان العقلية والخلقية هما اللتان تخلقان وتحددان البعد االجتماعي للإن�سان‪،‬‬
‫فترتفعان بالإن�سان عن الم�ستوى الحياتي والغريزي للحيوان‪.‬‬
‫�إن التنمية العقلية قد ي�صاحبها �ش ٌّر �أحيانا‪ ،‬ولكن التنمية الأخالقية هي التي تجعل‬
‫ال�ضمير م�ستمد ًا قوته من المبادئ الدينية‪.‬‬
‫و� ّإن ال�ضمير حين ي�شت ّد ويقوى يوجه كل �شيء �إلى الم�صلحة الب�شرية‪ ،‬وتحقيق الخير‬
‫العام ‪ ،‬فال خوف‪� ،‬إذن؛ على المجتمع من االنحراف ب�سبب مايحققه له الرقي والرفاه‬
‫االقت�صادي من قوة وترف مادام ال�ضمير الذي تربى في ح�ضن التنمية الأخالقية هو‬

‫‪26‬‬
‫الحكم الذي يكبح جماح ال�شر‪ ،‬ويطلق عنان الخير م�ستمد ًا مفاهيمه من جوهر �إيجابية‬
‫اال�سالم الحنيف‪.‬‬
‫�إن الأخالق قوة �إيجابية في المجتمع‪ .‬وهي التي تخطط للأفراد �سبل التعامل مع النا�س‬
‫على �أ�سا�س من المبادئ والمعايير ال�سلوكية ‪ ،‬ال�شيء �أف�ضل من التربية الخلقية في بناء‬
‫الأفراد وبناء ال�شعوب‪.‬‬
‫ومن هنا كانت عناية اال�سالم بالتربية الأخالقية بالغة الأهمية‪ ،‬حتى �أن القر�آن اختارها‬
‫�صفة مالزم ًة للر�سول الكريم (�ص) �إذ جاء فيه ﭽﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﭼ (القلم ‪.)4/‬‬
‫يح�سن اهلل خلقه (اللهم كما‬
‫وكان يدعو به الر�سول ربه ‪ -‬وهو القدوة الح�سنة ‪ -‬ان ِّ‬
‫ح�سنت خَ لقْي ِّ‬
‫فح�سن خُ لقُي) كما �أنه (�ص) ربط بين االيمان والأخالق الح�سنة؛ �إذ قال‬ ‫َّ‬
‫(�أكمل الم�ؤمنين �إيمانا �أح�سنهم �أخالقا)‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬ما الغايات التي من �أجلها خلق اهلل الإن�سان؟‬
‫‪ -2‬كيف دفع القر�آن الكريم �إلى التربية العقلية والإعداد الذهني؟‬
‫‪ -3‬ان التربية العقلية والخلقية هما اللتان تخلقان البعد االجتماعي لالن�سان‪،‬‬
‫و�ضح ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬لماذا كانت عناية الإ�سالم بالتربية الأخالقية بالغة الأهمية؟‬

‫‪27‬‬
‫الدر�س اخلام�س‪ :‬ال�شكـــر‬

‫�أ�صل ال�شكر هو االعتـراف ب�إنعـام المنعم على وجه الخ�ضوع له والــذلّ‪ ،‬وهو عرفـان‬
‫النعمة من المنعم‪ ،‬وحمده عليها‪ ،‬وا�ستعمالها في مر�ضاته‪ .‬وهو من �صفات الخلق النبيل‪،‬‬
‫و�سمات ِّ‬
‫الطي َبة والتوا�ضع‪ ،‬ومن موجبات ازدياد النِّعم وا�ستدامتها‪.‬‬
‫وال�شكر واجب مقد�س لمن يتف�ضل علينا من المخلوقين‪ ،‬فكيف هو واجبنا تجاه‬
‫الخالق المنعم‪ ،‬الذي ال تح�صى نَعما�ؤه ومن الي�شكر الخلق الي�شكر اهلل‪ ،‬وعلينا �أن‬
‫نعلم �أن اهلل غني عن �شكرنا‪ ،‬لكن هذا ال�شكر يعود �أجره لنا‪ ،‬العترافـنا بنعم اهلل الإلهيـة‪،‬‬
‫وا�ستعمالها في طاعته ور�ضاه‪ ،‬وفي ذلك �سعادتنا وازدهار حيـاتنا‪.‬‬
‫لذلك دعت ال�شريعة الإ�سالمية �إلى التخ ّلق بال�شكر‪ ،‬والتحلي به في الكتاب وال�سنة‪:‬‬
‫ق ـ ــال تعال ـ ـ ــى‪ :‬ﭽﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﭼ (البقرة‪.)152 :‬‬
‫(�سب�أ‪.)15 :‬‬ ‫وقال عـ ّز وج ّل‪ :‬ﭽ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭼ‬
‫وقال تعال ـ ـ ــى‪ :‬ﭽ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭼ‬
‫(ابراهيم‪.)7:‬‬
‫(�سب�أ‪.)13 :‬‬ ‫وقال تعال ـ ـ ـ ــى‪ :‬ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﭼ‬
‫وقال ر�سول اهلل (�ص)‪:‬‬
‫«الطاعم ال�شاكـر له من الأجـر‪ ،‬ك�أجـر ال�صائـم ال ُمحتَ�سب‪ ،‬وال ُمعافى ال�شاكر له‬
‫من الأجر ك�أجر المبتلى ال�صابر‪ ،‬وال ُمعطى ال�شاكر له من الأجر ك�أجر المحروم‬
‫القانع»‪.‬‬
‫وعنه ‪�( -‬ص )قوله‪:‬‬
‫(�أَ َّن َر ُجـ ًال َر أَ�ى َكلبـًا َي�أْ ُك ـ ُل ال َّثـ َرى م َِن ال َع َط ِ�ش‪َ ،‬ف َ أ�خَ ـ َذ ال َّر ُجـ ُل خُ فَّـ ُه؛ َف َج َعـ َل َيغْـرِفُ َلـ ُه‬
‫ِبـ ِه َحتَّى �أَ ْر َوا ُه فَ�شَ ـكـ َ َر اهلل َلـ ُه؛ َف�أَ ْدخَ ـ َل ُه َ‬
‫الجنَّـ َة)‪.‬‬
‫لذا وجب �شكر اهلل على كل نعمة ب�أن نحمد اهلل ع ّز وج ّل عليها‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫كما وجب �شكر اهلل حين ترى من ابتاله اهلل‪ ,‬قال الإمام الباقر (ع)‪« :‬تقول ثالث م ّرات‬
‫�إذا نظرت الى ال ُمب َت َلى من غير �أن تُ�سمعه‪ :‬الحمد هلل الذي عافـاني مما ابتالك به‪ ،‬ولو �شـاء‬
‫فعل‪ .‬قال‪ :‬من قال ذلك لم ي�صبه ذلك البالء �أبد ًا»‪.‬‬
‫و�إن إ�كـرام اهلل تعالى النا�س بالنعم هـو ابتـالء ي�ستوجب ال�شكـر والطاعـة قـال‬
‫تعالى‪ :‬ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﭼ‬
‫(الفجر‪.)١٥ :‬‬
‫ال�ص ْبر‪.‬‬ ‫فالبالء ‪ :‬االخْ تِبار بالخير لي َت َب َّين ال�شُّ كر‪ ،‬وبال�شَّ ر ْ‬
‫ليظهر َّ‬

‫�أق�سام ال�شكر‪:‬‬

‫ينق�سم ال�شكر على ثالثة �أق�سام‪� :‬شكر القلب‪ .‬و�شكر الل�سان‪ .‬و�شكر الجوارح‪ .‬ذلك‬
‫�أنه متى امتلأت نف�س الإن�سان وعيـ ًا و�إدراك ـ ًا بع َِظـ ِم نِعم اهلل تعالى‪ ،‬وجزيل �آالئه عليه‪،‬‬
‫فا�ضت على الل�سان بالحمد وال�شكر للمنعم الوهاب‪.‬‬
‫ومتى تجاوبت النف�س والل�سان بال�شكــر‪ ،‬ت�أثرت به الجوارح‪ ،‬ف�أ �صبحت تُعرب عن‬
‫�شكرها هلل (عز وجل) بانقيادها وا�ستجابتها لطاعته‪.‬‬
‫من �أجل ذلك اختلفت �صور ال�شكر‪ ،‬وتنوعت �أ�ساليبه‪:‬‬
‫أ� ‪ -‬ف�شكر الـقـلب‪ :‬هو ت�ص ّور النعمة‪ ،‬و�أنها من اهلل تعالى‪.‬‬
‫ب ‪ -‬و�شكر الل�سان‪ :‬حمد المنعم والثنـاء عليه‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬و�شكر الجوارح‪ :‬بالتذلل والخ�ضوع هلل المنعم العظيم الذي تف�ضل على المخلوقات‬
‫وق�سم �أرزاقها‪ ،‬وبهذا ال�شكر يزداد الإن�سان قرب ًا �إلى اهلل تعالى فال يفرح بالدنيا‬ ‫كلها ّ‬
‫ومافيها من عطايا‪.‬‬
‫و�شكر الجوارح يكون في �إعمالها في طاعة اهلل‪ ،‬والتح ّرج بها عن معا�صيه‪ :‬كا�ستعمال‬
‫وغ�ضها عن المحارم‪ ،‬وا�ستعمال الل�سان في ح�سن‬ ‫العين في مجاالت التب�صر واالعتبار‪ّ ،‬‬
‫المقال‪ ،‬وتعففه عن الفح�ش‪ ،‬والبذاء‪ ،‬وا�ستعمال اليد في الم�آرب المباحة‪ ،‬وكفّها عن‬
‫الأذى وال�شرور‪.‬‬
‫وهكذا يجدر ال�شكر على ك ّل نعمة من نعم اهلل تعالى‪ ،‬بما يالئمها‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫من �صور ال�شكر ومظاهره‪:‬‬
‫ف�شكر المال‪� :‬إنفاقه في �سبيل طاعة اهلل ومر�ضاته‪.‬‬
‫و�شكر العلم‪ :‬ن�شره و�إذاعة مفاهيمه النافعة‪.‬‬
‫و�شكر الجاه‪ :‬منا�صرة ال�ضعفاء والم�ضطهدين‪ ،‬وانقاذهم من ظالماتهم‪ .‬ومهما بالغ‬
‫المرء في ال�شكر‪ ،‬فانه لن ي�ستطيع �أن يوفي النعم �شكرها الحق‪� ،‬إذ ال�شكر نف�سه من‬
‫مظاهر نعم اهلل وتوفيقـه‪ ،‬لذلك يعجز الإن�ســان عن �أداء واقع �شكرها‪ :‬كما قال ال�صادق‬
‫(ع) «�أوحى اهلل (عز وجل) الى مو�سى (ع)‪ :‬يا مو�سى ا�شكرني حقَّ �شكري‪ .‬فقال‪ :‬يا‬
‫علي‪ .‬قال‪:‬‬ ‫رب وكيف �أ�شكرك حق �شكرك‪ ،‬ولي�س من �شكر �أ�شكرك به‪ � ،‬اّإل و�أنت �أنعمت به ّ‬
‫يا مو�سى الآن �شكرتني حين علمت �أن ذلك مني»‪.‬‬
‫فمن خ�صائ�ص النفو�س الكريمة عرفان النـعم ‪ ،‬و�شكر م�سديها‪ ،‬وك ّلما تعاظمت‬
‫النِعم‪ ،‬كانت �أحقّ بالعرفان‪ ،‬و�أجدر بال�شكـر الجزيل‪ ،‬حتى تجازي النعم الإلهية التي‬
‫يق�صر الإن�سان عن �إح�صائها و�شكرها‪.‬‬
‫فك ّل نظـرة تنظرها العين‪� ،‬أو كلمة ينطق بها الفـم‪� ،‬أو ع�ضو تحركه الإرادة‪� ،‬أو َنف ٍَ�س‬
‫ِنح ر ّبانية عظيمة‪ ،‬ال يق ّدر حقّها � اّإل المحرومون منها‪.‬‬
‫يردده المرء‪ ،‬كلها م ٌ‬
‫ولئن وجب ال�شكر للمخلوق فكيف بالمنعم الخالق‪ ،‬الذي ال تح�صى نعما�ؤه وال تق ّدر �آال�ؤه‪.‬‬
‫وال�شكر بعد هذا من موجبات الزلفى والر�ضا من المولى (عز وجل)‪ ،‬وم�ضاعفة‬
‫نعمه و�آالئه على ال�شكور‪.‬‬
‫�أما كفران النعم‪ ،‬ف�إنه من �سمات النفو�س اللئيمة الو�ضيعة‪ ،‬ودالئل الجهل بقيم النعم‬
‫و�أقدارها‪ ،‬و�ضرورة �شكرها‪.‬‬
‫وقد �أخبر القر�آن الكريم‪� :‬أن كفران النعم هو �سبب دمار الأمم ومحق خيراتها‪:‬‬
‫ﭽﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷﭸ‬
‫ﭹ ﭼ (النحل‪.)112 :‬‬
‫و�سئل الإمام ال�صادق (ع)‪ :‬عن قول اهلل عز وجل‪:‬‬
‫ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﭼ (�سب�أ‪)19 :‬‬
‫فقال‪ :‬ه�ؤالء قوم كانت لهم قرى مت�صلة‪ ،‬ينظر بع�ضهم �إلى بع�ض‪ ،‬و�أنهار‬
‫جارية‪ ،‬و�أموال ظاهرة‪ ،‬فكفروا نِع َم اهلل (عز وجل)‪ ،‬وغ ّيروا ما ب�أنف�سهم من عافية‬
‫‪30‬‬
‫اهلل‪ ،‬فغير اهلل ما بهم من نعمة‪ ،‬و�إن اهلل ال يغير ما بقوم‪ ،‬حتى يغيروا ما ب�أنف�سهم‪،‬‬
‫ف�أر�سل اهلل عليهم �سي ًال مدمر ًا‪،‬ف�أغرق ب�ساتينهم ودورهم‪،‬وذهب ب�أموالهم‪ ،‬و�أبدلهم‬
‫مكان ب�ساتينهم الغنّاء‪ ،‬ب�ساتين قاحلة جرداء ذات �أكل ُم ٍّر‪،‬و�شيء من اال�شجار التي‬
‫الينتف ُع بثمرها ك�شجر الأثل وال�سدر وكان هذا الجزاء والعقاب ب�سبب كفرهم‪.‬‬
‫لذا وجب �شكر اهلل تعالى على نعمه في حين �أن �شكر اهلل تعالى يجب �أن يكون �شكر ًا‬
‫عملي ًا وذلك بح�سن الت�صرف في نعمه ب�أن ن�ستعملها فيما ير�ضيه ال ب�شيء مما ي�سخطه‪،‬‬
‫و�أن يكون ممتث ًال لأوامره‪ ،‬م�سارع ًا في طاعاته‪ ،‬مجتنب ًا نواهيه‪ ،‬حافظ ًا لحدوده‪ ،‬غيور ًا‬
‫على دينه وحرماته‪ ،‬معظم ًا لر�سوله‪ ،‬مقتدي ًا به في كل ما ي�أتي ويذر‪ ،‬و�أن يقوم بجميع‬
‫�أنواع الجهاد الم�ستطاعة لقمع المفتري على اهلل ور�سوله‪ ،‬وتوقير دينه‪ ،‬و�إعالء كلمته‪.‬‬

‫كيف نتحلى بال�شكر‪:‬؟‬


‫‪ - 1‬التفكر فيما �أغدقه اهلل على عباده من �صنوف النعم‪ ،‬و�ألوان الرعاية واللطف‪.‬‬
‫‪ - 2‬ترك التط ّلع �إلى المترفين وال ُمن ّعمين في و�سائل العي�ش‪ ،‬وزخارف الحياة‪ ،‬والنظر‬
‫�إلى الب�ؤ�ساء والمعوزين‪ ،‬ومن هو دون الناظر في م�ستوى الحياة والمعا�ش‪.‬‬
‫‪ - 3‬تذ ّكر االن�سان الأمرا�ض‪ ،‬وال�شدائد التي �أنجاه اللهّ منها بلطفه‪ ،‬ف�أبدله بال�سقم �صحة‪،‬‬
‫وبال�شدة رخا ًء و�أمن ًا‪.‬‬
‫‪ - 4‬الت�أمل في محا�سن ال�شكر‪ ،‬وجميل �آثاره في زيادة المنعم‪ ،‬وازدياد نعمه‪ ،‬و�آالئه‪،‬‬
‫وفي م�ساوئ كفران النعم واقت�ضائه مقت المنعِم وزوال نعمه‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫ع ِّرف ال�شكر‪ ،‬وبين كيف يكون �شكر اهلل تعالى ؟‬ ‫‪.1‬‬
‫ما �أق�سام ال�شكر؟‬ ‫‪.2‬‬
‫كيف نتحلى بال�شكر؟‬ ‫‪.3‬‬
‫ماجزاء البطر وعدم �شكر النعم؟ ا�ست�شهد على ذلك ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪31‬‬
‫لئن �شكرتم الزيدنكم‬
‫قال ر�سول اهلل ‪�( -‬ص)‪:‬‬
‫« �إِ َّن َثال َث ًة فِي َبنِي إِ� ْ�س َرائِي َل أَ� ْب َر َ�ص َو�أَ ْق َر َع َو َ أ� ْع َمى‪َ ،‬ف�أَ َرا َد اللهَّ ُ َ�أ ْن َي ْب َت ِل َي ُه ْم‪َ ،‬ف َب َعثَ ِ�إ َل ْي ِه ْم‬
‫َمل ًكا ‪َ ،‬ف أَ�تَى الَْ أ ْب َر َ�ص‪َ ،‬فقَا َل‪ :‬أَ� ُّي �شَ ْي ٍء �أَ َح ُّب �إِ َل ْي َك ؟‬
‫َّا�س‪َ .‬قا َل‪َ :‬ف َم َ�س َح ُه‪،‬‬ ‫َقا َل‪َ :‬ل ْو ٌن َح َ�س ٌن‪َ ،‬وجلْ ٌد َح َ�س ٌن‪َ ،‬و َي ْذ َه ُب َعنِّي ا َّلذِي َق ْد َق ِذ َرنِي((( الن ُ‬
‫َف َذ َه َب َع ْن ُه َق َذ ُر ُه ‪َ ،‬و أُ� ْعطِ َي َل ْونًا َح َ�سنًا َو ِجلْ ًدا َح َ�سنًا‪.‬‬
‫َقا َل ‪َ :‬ف أَ� ُّي ا ْل َم ِال �أَ َح ُّب �إِ َل ْي َك ؟ َقا َل‪ِ :‬الْ إ ِب ُل‪َ .‬ف ُ أ� ْعطِ َي نَا َق ًة ُع�شَ َرا َء‪َ ،‬فقَا َل‪َ :‬با َر َك اللهَّ ُ َل َك فِي َها‪.‬‬
‫َف أَ�تَى الَْ أ ْق َر َع َفقَا َل‪ :‬أَ� ُّي �شَ ْي ٍء َ أ� َح ُّب ِ�إ َل ْي َك ؟‬
‫َقا َل‪� :‬شَ َع ٌر َح َ�س ٌن‪َ ،‬و َي ْذ َه ُب َعنِّي َه َذا ا َّلذِي َق ْد َق ِذ َرنِي الن ُ‬
‫َّا�س‪.‬‬
‫َقا َل‪َ :‬ف َم َ�س َح ُه‪َ ،‬ف َذ َه َب َع ْن ُه‪َ ،‬و ُ�أ ْعطِ َي �شَ َع ًرا َح َ�سنًا‪َ .‬قا َل‪َ :‬ف�أَ ُّي ا ْل َم ِال أَ� َح ُّب ِ�إ َل ْي َك؟ َقا َل‪:‬‬
‫ا ْل َب َق ُر‪َ ،‬ف أُ� ْعطِ َي َب َق َر ًة َحا ِملاً ‪َ ،‬فقَا َل‪َ :‬با َر َك اللهَّ ُ َل َك فِي َها‪.‬‬
‫َف�أَتَى الَْ أ ْع َمى َفقَا َل‪� :‬أَ ُّي �شَ ْي ٍء َ�أ َح ُّب ِ�إ َل ْي َك؟ َقا َل‪ َ :‬أ� ْن َي ُر َّد اللهَّ ُ �إِ َل َّي َب َ�صرِي َف ُ�أ ْب ِ�ص َر ِب ِه الن َ‬
‫َّا�س‪.‬‬
‫َف َم َ�س َح ُه‪َ ،‬ف َر َّد اللهَّ ُ إِ� َل ْي ِه َب َ�ص َر ُه‪َ .‬قا َل‪َ :‬ف�أَ ُّي ا ْل َم ِال �أَ َح ُّب إِ� َل ْي َك؟ َقا َل‪ :‬ا ْل َغ َن ُم‪َ .‬ف�أُ ْعطِ َي �شَ ا ًة َوا ِل ًدا‪،‬‬
‫َف أُ� ْنت َِج َه َذانِ َو َو َّل َد َه َذا‪َ ،‬ف َك َان ِل َه َذا َوا ٍد ِم ْن الْ إِ ِبلِ‪َ ،‬و ِل َه َذا َوا ٍد ِم ْن ا ْل َب َقرِ‪َ ،‬و ِل َه َذا َوا ٍد ِم ْن ا ْل َغ َن ِم‪.‬‬
‫ِين‪َ ،‬ق ْد ا ْنق ََط َع ْت‬ ‫ُث َّم إِ� َّن ُه �أَتَى الملك �إلى َالْ أ ْب َر َ�ص فِي ُ�صو َر ِت ِه َو َه ْي َئ ِتهِ‪َ ،‬فقَا َل‪َ :‬ر ُج ٌل م ِْ�سك ٌ‬
‫ِب َي ا ْلحِ َبا ُل فِي َ�س َفرِي‪َ ،‬فلاَ َبلاَ َغ لِي ا ْل َي ْو َم إِ� اَّل ِباللهَّ ِ ُث َّم ِب َك‪ ،‬أَ� ْ�س�أَ ُل َك ِبا َّلذِي �أَ ْع َط َاك ال َّل ْو َن‬
‫ا ْل َح َ�س َن َوا ْل ِجلْ َد ا ْل َح َ�س َن َوا ْل َما َل َبعِي ًرا أَ� َت َب َّل ُغ َع َل ْي ِه فِي َ�س َفرِي‪َ .‬فقَا َل‪ :‬ا ْل ُح ُقوقُ َكثِي َرةٌ‪َ .‬فقَا َل‬
‫َّا�س‪َ ،‬فقِي ًرا َف�أَ ْع َط َاك اللهَّ ُ ؟ َفقَا َل ِ�إ َّن َما َو ِر ْث ُت َه َذا‬ ‫َل ُه‪َ :‬ك�أَنِّي �أَ ْع ِرف َُك‪ ،‬أَ� َل ْم َت ُك ْن َ أ� ْب َر َ�ص َي ْق َذ ُر َك الن ُ‬
‫ا ْل َما َل َكا ِب ًرا َع ْن َكا ِب ٍر(((‪َ .‬فقَا َل‪ :‬إِ� ْن ُكن َْت َكا ِذ ًبا َف َ�ص َّي َر َك اللهَّ ُ إِ� َلى َما ُكن َْت‪.‬‬
‫َو�أَتَى الَْ أ ْق َر َع فِي ُ�صو َر ِت ِه َفقَا َل َل ُه ِم ْث َل َما َقا َل ِل َه َذا‪َ ،‬و َر َّد َع َل ْي ِه ِم ْث َل َما َر َّد َع َلى َه َذا‪.‬‬
‫َفقَا َل‪� :‬إِ ْن ُكن َْت َكا ِذ ًبا َف َ�ص َّي َر َك اللهَّ ُ إِ� َلى َما ُكن َْت‪.‬‬
‫(‪ )1‬قذره‪ :‬ا�ستقذروه وابتعدوا عنه‪.‬‬
‫ِين َو ِر ُثو ُه ِم ْن آ� َبا ِئ ِه ْم َك ِب ًريا‬ ‫َ‬
‫ِين َو ِر ُثو ُه ِم ْن �أ ْج َدادِي ا َّلذ َ‬
‫(‪ )2‬كابرا عن كابر يعني ‪َ :‬و ِر ْثته َع ْن �آ َبائِي ا َّلذ َ‬
‫َع ْن كبري‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫�أَتَى الَْ أ ْع َمى فِي ُ�صو َر ِت ِه َو َه ْي َئ ِت ِه َفقَا َل‪َ :‬ر ُج ٌل م ِْ�سكِي ٌن‪َ ،‬وا ْب ُن َ�س ِبيلٍ‪ ،‬ا ْنق ََط َع ْت ِب َي ا ْلحِ َبا ُل‬
‫فِي َ�س َفرِي‪َ ،‬فلاَ َبلاَ َغ لِي ا ْل َي ْو َم إِ� اَّل ِباللهَّ ِ ُث َّم ِب َك‪� ،‬أَ ْ�س أَ� ُل َك ِبا َّلذِي َر َّد َع َل ْي َك َب َ�ص َر َك �شَ ا ًة أَ� َت َب َّل ُغ ِب َها‬
‫فِي َ�س َفرِي‪َ .‬فقَا َل‪َ :‬ق ْد ُكن ُْت �أَ ْع َمى َف َر َّد اللهَّ ُ إِ� َل َّي َب َ�صرِي‪َ ،‬فخُ ْذ َما �شِ ئ َْت‪َ ،‬و َد ْع َما �شِ ئ َْت‪َ ،‬ف َواللهَّ ِ‬
‫اَل �أَ ْج َه ُد َك ا ْل َي ْو َم �شَ ْي ًئا �أَخَ ْذ َت ُه للِهَّ ِ(((‪.‬‬
‫َفقَا َل‪� :‬أَ ْم�سِ ْك َما َل َك‪َ ،‬ف إِ� َّن َما ا ْب ُتلِي ُت ْم‪َ ،‬ف َق ْد ُر ِ�ض َي َعن َْك َو ُ�سخِ َط َع َلى َ�صاحِ َب ْي َك»‪.‬‬
‫ابرز ماتر�شد �إليه الق�صة‪:‬‬
‫‪ّ � .1‬أن الدنيا دار امتحان‪ ،‬و�إنما �أوجدنا اهلل فيها ليبتلينا‪ ،‬قال �سبحانه‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭼ (الملك‪.)٢ - ١ :‬‬
‫‪ّ � .2‬أن المالئكة يت�شكلون‪ ،‬وهذا ورد كثير ًا في ال�سنة‪.‬‬
‫‪ .3‬الترفق والتلطف في معاملة �أهل البالء‪ ،‬فه�ؤالء الثالثة مما زاد البالء عليهم ا�شمئزاز‬
‫النا�س‪ .‬ومن ر�أى مبتلى يقول‪« :‬الحمد هلل الذي عافاني مما ابتالك به وف�ضلني على‬
‫كثير ممن خلق تف�ضي ًال»‪ ،‬ولكن ينبغي �أن الي�سمعه لئال يجرحه‪.‬‬
‫‪� .4‬أن يحر�ص الإن�سان على �أن يكون ممن تدعو له مالئكة الرحمن‪ ،‬فلقد دعا الملك له�ؤالء‬
‫الثالثة بالبركة في المال فبارك اهلل لهم في �أموالهم‪.‬‬
‫‪ .5‬وجوب االعتراف بنعم اهلل وتف�ضله علينا‪ ،‬و�شكره ب�أداء حقها من ال�صدقة وغيره‪.‬‬
‫المناق�شة‬

‫‪ .1‬ما �أهم العِبر من الق�صة؟‬


‫‪ .2‬ال�شكر ُيربي النعم ويزيدها‪� ،‬أين م�صداق ذلك في الق�صة؟‬

‫(‪� )3‬أي ‪ :‬اَل أَ� ْح َمدك َع َلى َت ْرك �شَ ْيء حَ ْ‬


‫تتَاج �إِ َل ْي ِه ِم ْن َم يِال ‪ .‬وهذا كرم ق َّل مثلُه ‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫الوحدة الثانية‬
‫الدر�س الأول‪ :‬من القر�آن الكرمي‬
‫من �سورة ي�س االيات (‪33‬ـ‪)58‬‬

‫�آيات احلفظ (‪)40-33‬‬

‫ﭽﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮙﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ‬
‫ﮧﮨﮩﮪ ﮫﮬﮭﮮﮯ‬
‫ﮰﮱﯓ ﯔﯕ ﯖﯗﯘﯙﯚ ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ‬
‫ﯪ ﯫﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬ ‫ﯧﯨ ﯩ‬
‫ﯱ ﯲﯳﯴﯵ ﯶ ﯷﯸﯹ ﯺ ﯻﯼ‬
‫ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖﭗﭘ ﭙﭚ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ‬
‫ﭱﭲ ﭳ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ‬
‫ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮇﮈ ﮉﮊ‬
‫ﮋ ﮌﮍﮎ ﮏﮐﮑﮒﮓ ﮔﮕﮖ‬
‫ﮗﮘ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮠﮡﮢﮣﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬

‫‪34‬‬
‫ﮱﯓ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯚﯛﯜ‬
‫ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯥﯦ ﯧﯨ‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﯶﯷﯸﯹ ﯺ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ‬
‫ﰂﰃﰄ ﰅﰆﰇﰈﰉ ﰊﰋﰌﰍ‬
‫ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭗﭘﭙﭚ ﭛﭜﭝ‬
‫ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭥﭦﭧﭨﭩ‬
‫صدق اهلل العلي العظيم‬ ‫ﭪﭫﭬﭭﭼ‬

‫معاني الكلمات‬

‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫القاحلة الجرداء‬ ‫الأر�ض الميتة‬
‫ننزع ونخرج منه النهار اخراجا‬ ‫ن�سلخ منه النهار‬
‫داخلون في الظالم‬ ‫مظلمون‬
‫قدرنا �سيره في منازل وم�سافات‬ ‫قدرناه منازل‬
‫كعود عذق النخلة العتيق‬ ‫كالعرجون القديم‬
‫مدار طريق �شبه م�ستدير‬ ‫فلك‬
‫ال�سفن‬ ‫الفُلك‬
‫من القبور‬ ‫من الأجداث‬
‫ي�سرعون في الخروج‬ ‫ين�سلون‬
‫متنعمون متلذذون‬ ‫فاكهون‬

‫‪35‬‬
‫المعنى العام‬

‫ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮐ ﮑﮒﮓ‬
‫ﮔﮕﮖﮗﮘ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞ‬
‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ومن الآيات الباهرة‪ ،‬والعالمات الظاهرة الدالة على قدرة اهلل على البعث‬
‫والن�شور‪ :‬هذه الأر�ض الميتة التي النبات فيها‪� ،‬أحييناها بالمطر‪ ،‬و�أخرجنا‬
‫منها �أنواع النبات مما ي�أكل النا�س والأنعام‪ ،‬ومن �أحيا الأر�ض بالنبات �أحيا‬
‫الخلق بعد الممات‪ ،‬وجعلنا في هذه الأر�ض ب�ساتين من نخيل و�أعناب‪ ،‬وفجرنا‬
‫من عيون الماء ماي�سقيها ‪ ,‬كل ذلك لي�أكل العباد من ثمره‪ ،‬مما عملته �أيديهم مما‬
‫غر�سوه وزرعوه‪� .‬أفال ي�شكرون الخالق على ما �أنعم به عليهم‪.‬‬

‫ﮩﮪ ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯔﯕ‬


‫ﯖﯗ‬
‫تنزّه اهلل العظيم الذي خلق الأ�صناف جميعا من �أنواع نبات الأر�ض‪ .‬ومن �أنف�سهم‬
‫ذكورا و�إناثا " ومما ال يعلمون من مخلوقات اهلل العجيبة الأخرى‪.‬‬

‫ﯘﯙﯚ ﯛﯜﯝ ﯞﯟﯠﯡ‬


‫وعالمة �أخرى دالة على توحيد اهلل وكمال قدرته‪ ،‬هذا الليل نف�صله عن النهار ‪،‬‬
‫فاذا النا�س داخلون في الظالم‪.‬‬

‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫و�آية �أخرى لهم ال�شم�س تجري لم�ستقر لها التتعداه والتق�صر عنه‪ .‬وهذا الجري‬
‫والدوران بانتظام‪ ,‬وبح�ساب دقيق هو تقدير الإله العزيز الذي ال يغالب‪ ،‬العليم‬
‫الذي اليغيب عن عمله �شيء‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ‬
‫والقمر �آية في خلقه‪ ,‬قدرناه منازل في كل ليلة‪ ,‬يبد�أ هالال �ضئيال حتى يكمل‬
‫قمرا م�ستديرا‪ ,‬ثم يرجع �ضئيال مثل عذق النخلة المتقو�س في الرقة واالنحناء‬
‫وال�صفرة لقدمه ويب�سه‬

‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰃﰄ‬
‫لكل من ال�شم�س والقمر‪ ,‬والليل والنهار وقت قدره اهلل له اليتعداه ‪ ،‬فال يمكن‬
‫لل�شم�س �أن تلحق القمر فتمحو نوره �أو تغ ّير مجراه‪ ،‬واليمكن لليل �أن ي�سبق‬
‫النهار‪ ،‬فيدخل عليه قبل انق�ضاء وقته‪ ,‬وك ٌل من ال�شم�س والقمر والكواكب في‬
‫فلك يجرون‪,‬‬

‫ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭙ‬
‫ودليل لهم وبرهان على �أن اهلل وحده الم�ستحق للعبادة‪ّ � ،‬أن اهلل تعالى حمل من‬
‫نجا من ولد �آدم في �سفينة نوح (ع) المملوءة ب�أجنا�س المخلوقات‪ ،‬ال�ستمرار‬
‫الحياة بعد الطوفان‪.‬‬

‫ﭚ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠ‬
‫وخلقنا لهم من مثل �سفينة نوح‪ ،‬ال�سفن العظيمة التي يركبونها ويبلغون عليها‬
‫�أق�صى البلدان‪.‬‬

‫ﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭧ ﭨﭩﭪ‬
‫ولو �أردنا �إغراقهم في البحر فال مغيث لهم وال منقذ‪.‬‬

‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ‬
‫�إال �أن نرحمهم فننجيهم ونمتعهم �إلى �أجل ووقت محدد‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫ﭲ ﭳ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ‬
‫و�إذا قيل للم�شركين احذروا عذاب الآخرة و�أهوالها‪ ,‬و�أحوال الدنيا وعقابها‪,‬‬
‫رجاء رحمة اهلل‪� ,‬أعر�ضوا ولم يجيبوا �إلى ذلك‪.‬‬

‫ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮇﮈ ﮉ‬
‫وما ي�أتي ه�ؤالء الم�شركين عالمة من العالمات الوا�ضحة على �صدق الر�سول‪,‬‬
‫� اّإل �أعر�ضوا عنها ولم ينتفعوا بها‪.‬‬

‫ﮊﮋ ﮌﮍﮎ ﮏﮐﮑﮒﮓ ﮔﮕﮖﮗ‬


‫ﮘ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮠﮡﮢ‬
‫واذا قيل للكافرين‪� :‬أنفقوا ببع�ض ما�أعطاكم اهلل من ف�ضله على الفقراء‬
‫والم�ساكين‪ ,‬قالوا �أنطعم من لو �شاء اهلل �أطعمه ؟ ما �أنتم �أيها الم�ؤمنون – �إال‬
‫في �ضالل ظاهر‪.‬‬

‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ‬
‫ويقول ه�ؤالء الكفار‪ :‬متى يكون يوم القيامة؟ ومتى يكون البعث �إن كنتم �صادقين‬
‫فيما تقولونه عنه‪.‬‬

‫ﮫﮬﮭ ﮮﮯﮰﮱﯓ ﯔ‬
‫ماينتظر ه�ؤالء الم�شركون � اّإل �صيحة واحدة ت�أخذهم فجاة‪ ,‬وهم يخت�صمون في‬
‫معامالتهم و�أ�سواقهم و�ش�ؤون حياتهم‪ ,‬فيموتون في �أماكنهم‪.‬‬

‫ﯕﯖﯗﯘﯙ ﯚﯛﯜ‬
‫فال ي�ستطيع ه�ؤالء الم�شركون �أن يو�صي بع�ضهم بع�ضا ب�أمر من الأمور‪ ,‬وال‬
‫ي�ستطيعون الرجوع الى �أهلهم ومنازلهم بل يموتون في �أ�سواقهم وموا�ضعهم‬

‫‪38‬‬
‫ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯥﯦ ﯧ‬
‫ونفخ في القرن النفخة الثانية‪ ,‬فتر ّد �أرواحهم الى �أج�سادهم‪ ,‬ف�إذا هم من‬
‫قبورهم يخرجون م�سرعين‪.‬‬

‫ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫ﯵﯶ‬
‫قال المكذبون بالن�شور نادمين‪ :‬يا هالكنا من �أخرجنا من قبورنا ؟ فيقال لهم‬
‫هذا ماوعد به الرحمن و�أخبرعنه المر�سلون ال�صادقون‪.‬‬

‫ﯷﯸﯹ ﯺ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ‬
‫�أي �إن ّ امر بعثتهم لي�س اكثر من �صيحة واحدة‪ ،‬ف�إذا هم جميع ًا عندنا حا�ضرون‪.‬‬

‫ﰂﰃﰄ ﰅﰆﰇﰈﰉ ﰊﰋﰌﰍ‬


‫في ذلك اليوم يتم الح�ساب بالعدل‪ ,‬فال تظلم نف�س �شيئا بنق�ص ح�سناتها �أو‬
‫زيادة �سيئاتها‪ ،‬وال تجزون �إال بما كنتم تعملون في الدنيا‪.‬‬

‫ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭗﭘﭙﭚ ﭛﭜﭝ‬


‫ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ان �أهل الجنة في ذلك اليوم م�شغولون عن غيرهم ب�أنواع النعيم‪ ،‬يتفكرون‬
‫ويتلذذون بما �أنعم اهلل عليهم هم و�أزواجهم متنعمون بالجلو�س على �أ�سرة‬
‫مزينة‪ ,‬تحت الظالل الوارفة‪ ,‬ولهم في الجنة �أنواع الفواكه اللذيذة‪ ،‬ولهم ك ّل‬
‫مايطلبون من �أنواع النعيم‪.‬‬

‫ﭨﭩﭪﭫﭬﭭ‬
‫ولهم نعيم �آخر �أكبر حين يكلمهم ر ُّبهم الرحيم بهم بال�سالم عليهم‪ ,‬ومن ذلك‬
‫تح�صل لهم ال�سالمة التامة من الوجوه جميعا‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الن�ص‬
‫�أهم ماير�شد �إليه ّ‬

‫‪ -1‬الآيات الدالة على قدرة اهلل على البعث والن�شور كثيرة‬


‫‪ -2‬اهلل �سبحانه خلق كل �شيء وكلها �أدلة وبراهين على القدرة والوحدانية‬
‫ك�إخراج الزروع‪ .‬والثمار‪ ,‬وتعاقب الليل والنهار‪ ،‬وال�شم�س والقمر‬
‫يجريان بقدرة الواحد القهار‪.‬‬
‫‪ -3‬تظل �شبهات الم�شركين قائمة‪ ,‬وقد ر ّد عليها القر�آن الكريم بالأدلة القاطعة‬
‫والبراهين ال�ساطعة‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬اذكر الآيات الباهرة‪ ،‬والعالمات الظاهرة الدالة على كمال قدرة اهلل‬
‫ووحدانيتهِ‪.‬‬
‫‪ -2‬اذكر معدد ًا ب�أ�سلوب �أدبي نعم اهلل م�ستفيدا من الآيات ‪. 40-33‬‬
‫‪ -3‬في ر�أيك ما الأ�سباب التي تجعل الكافرين – دائما – معر�ضين على وجه‬
‫التكذيب واال�ستهزاء؟‬
‫‪ -4‬تتّبع مراحل عذاب اهلل للم�شركين‪.‬‬
‫‪ -5‬تح ّدث عن نعيم �أهل الجنة الذي يرفل فيه الم�ؤمنون ال�صادقون ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫الدر�س الثاين‪ :‬من احلديث النبوي ال�رشيف‬
‫احرتام العمل وتقومي اليد العاملة‬

‫(لل�شرح والحفظ)‬

‫قال ر�سول اهلل (�ص)‬


‫(( َما �أَ َك َل �أَ َح ٌد َط َعا ًما َق ُّط َخ ْي ًرا ِمنْ أَ�نْ َي أْ� ُك َل ِمنْ عَ َم ِل َيدِهِ َو ِ�إنَّ َن ِب َّي هَّ ِ‬
‫الل دَا ُو َد‬
‫�صدق ر�سول اهلل (�ص)‬ ‫عَ َل ْي ِه ال�سَّلاَ م َكانَ َي�أْ ُك ُل ِمنْ عَ َم ِل َيدِهِ ))‬

‫معاني الكلمات‬

‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫ظرف مبني ال�ستغراق نفي الما�ضي‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫قط‬
‫كناية عن الك�سب النا�شىء عن �أي عمل �سواء �أكان باليد �أم بغيرها‪.‬‬ ‫من عمل يد ِه‬
‫�أحد �أنبياء اهلل من بني �إ�سرئيل‪.‬‬ ‫داود‬

‫�شرح الحديث‬
‫الحديث �إلى �أن خي َر ك�سب الإن�سان الذي ي�ستفيد منه ماكان نتيجة عمل يده‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -1‬ي�شير‬
‫وحين يقول الر�سول (�ص) (من عمل يده) فلأن �أغلب الأعمال بها‪ ،‬فالذي يح�صل من‬
‫ك�سب النظر للمحافظة على المال ورعايته عمل‪ ،‬ومنح العلم ون�شره بين النا�س عمل‪،‬‬
‫وكل ك�سب حالل خال�ص خال من الغ�ش هو عمل‪ ،‬ن�صت عليه قواعد ال�شرع ورفعت‬
‫من �ش�أنه قال ر�سول (�ص) ((رحم اهلل امرء ًا عمِل عمال ف�أتقنه))‪.‬‬
‫نبي اهلل داود ي�أكل من عمل يده �أعطاه للمثل ال�صالح وتنفيذا له وقد �سجل النبي‬
‫وكان ّ‬
‫(�ص) هذا الت�صرف الحميد و�أبرزه للم�سلمين لالقتداء به وال�سير على منواله ببذل‬
‫الجهد وا�ستثمار الطاقات واالمكانات‪ .‬وكان داود ذا جاه وثروة و�سلطان ونبوة‪،‬‬
‫ومع ثرائه و�سعة ملكه �ضرب مث ًال �أعلى للحداد ال�صانع الماهر‪ ،‬واختار �أن ي�أكل‬
‫‪41‬‬
‫و�صنع يده؛ �إذ كان ي�صنع الدروع من الحديد ويبيعها العن فاقة �أو‬
‫من عرق جبينه ُ‬
‫حاجة‪ ،‬وهوبهذا يحثُّ على العمل وك�سب الرزق من الطرق الم�شروعة‪ ،‬قال تعالى‬
‫متحدثا عنه ﭽ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭼ (�سب�أ‪10‬ـ ‪.)11‬‬
‫‪ -2‬وحين خ�ص النبي (داود) (ع) بالذكر‪ ،‬فلأنّه كان غني ًا وفي ذلك بيان لقيمة العمل‪،‬‬
‫وتكريم للعاملين‪ ،‬وتف�ضي ًال لهم على من �آثروا الراحة والدعة والخمول‪ ،‬وقد جاء‬
‫هذا التف�ضيل والتكريم في �شخ�ص (داود) عليه ال�سالم لأنه على الرغم من غناه‬
‫و�سعة ملكه لم يكن النبي داود (ع) الوحيد بين االنبياء الذي كان يك�سب من عمل‬
‫يده فالكثير منهم ي�شاركونه في ذلك‪ ،‬فالنبي (زكريا) (ع) كان يعمل نجارا يك�سب‬
‫رزقه الحالل بجهده وعرقه‪ .‬وي�ؤكد ذلك قول الر�سول (�ص) (كان زكريا (ع) نجارا)‬
‫فالنجارة �صنعة فا�ضلة الت�سقط المروءة‪ .‬وقد ا�شتغل نبينا محمد (�ص) بالتجارة في‬
‫مال خديجة قبل بعثته ليعي�ش من ربحها‪ ،‬كل ذلك دليل على �أن الأنبياء قد ع ّدوا العمل‬
‫جزء ًا متمما لدعوتهم في �إ�صالح المجتمع وانت�شاله من ظواهر التخلف والف�ساد‬
‫والبطالة‪.‬‬
‫‪ -3‬ومن لم ي�ستعن بالك�سب الحالل فقد �آثر الك�سل والخمول‪ ،‬و�أ�صابه الفقر‪ ،‬و�سي�ؤدي‬
‫ذلك الى ذهاب مروءته و�ضعف �إيمانه وا�ستخفاف النا�س به‪ ،‬قال ر�سول اهلل (�ص )‪:‬‬
‫((لَ ْن َي�أْخُ َذ أَ� َح ُد ُك ْم �أحبل ُه‪َ ,‬ف َي ْ�أت َِي ِب ُح ْز َم ِة من َح َط ٍب َع َلى َظ ْه ِرهِ‪َ ,‬ف َي ِبي َع َها‪َ ,‬ف َي ُك َّف اللهَّ ُ ِب َها‬
‫َأ‬
‫َّا�س‪ َ ,‬أ� ْع َط ْو ُه َ�أ ْو َم َن ُعو ُه))‪ ،‬وبذلك يوجه الر�سول (�ص)‬ ‫َو ْج َهه‪ ,‬خَ ْي ٌر َل ُه ِم ْن أَ� ْن َي ْ�س أَ� َل الن َ‬
‫النا�س جميعا �إلى العمل الحالل ويح ّثهم عليه قدر ا�ستطاعتهم‪ ،‬و�أن اليبالوا بنوع‬
‫العمل ومايتطلبه من تحمل الم�شاق والمتاعب في �سبيل التعفف والقناعة والتنزّه عن‬
‫ال�س�ؤال‪ .‬فلو جاء المرء بحزمة من حطب بعد �أن تحمل م�شاق قطعها‪ ،‬وباعها وانتفع‬
‫بثمنها وقنع بما ح�صل‪ ،‬لهو �أف�ضل له من �أن يمد ي ّده �إلى النا�س‪ .‬فكل عمل و�إن كان‬
‫قليل المورد كـ (االحتطاب) مثال‪ ،‬خير من �س�ؤال النا�س الذي يريق ماء الوجه ّ‬
‫ويحط‬
‫من الكرامة‪.‬‬
‫وال يقت�صر التجاء االن�سان الى ذل ال�س�ؤال على �سقوط قدره بين النا�س في الدنيا‬
‫فح�سب‪ ،‬وانما يح�شر يوم القيامه ذليال حقير ًا‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫لذا من واجب الإن�سان �أن ي�سعى ليكت�سب ويح�صل على المال‪ ،‬وال عذ َر ‪� -‬إذا كان‬
‫قادر ًا‪ -‬في ترك العمل بحجة �أن اهلل قد كتب عليه الفقر �أو �أن ظروف الحياة القا�سية‬
‫تقف عقبة في وجهه من دون ال�سعي والعمل‪.‬‬
‫النبي (�ص) � ّأن محبة اهلل تتحقق للم�ؤمن اذا احترف لنف�سه حرفة �أو عمل‬
‫وقد ب ّين ّ‬
‫عمال مهما كان �صغيرا فقال (�ص)‪�( :‬إن اهلل يحب العبد الم�ؤمن المحترف الحليم)‬
‫و�إن العمل عبادة فمن اتجه اليه والتزمها فان اهلل يغفر ذنبه ويمحو �سيئاته‪ ،‬قال‬
‫كال من عمل يده �أم�سى مغفورا له) فالعمل تهذيب‬ ‫ر�سول اهلل (�ص) (من ام�سى اّ‬
‫للنف�س وتطهير لل�ضمير‪ ،‬و�صحة للبنية ونفع المجتمع‪ ،‬ولي�س كالعمل مق ٍّو للج�سد‪،‬‬
‫وحافظ لكيان الأمة من التخلف والتدهور واالنهيار‪.‬‬

‫اهم ماير�شد اليه الحديث‬


‫‪ -1‬ك ُل قادر على العمل مطالب في �شريعة الإ�سالم �أن ي�سعى �سعيه و�أن ي�أخذ‬
‫مكانه في موكب العاملين غير م�ستنكف عن ال�صغير من الأعمال؛ لأن العمل‬
‫واجب على كل من �أراد العي�ش الكريم‪ ،‬فالعمل مهما كان �ش�أنه �صغير ًا‪،‬‬
‫خير من التواكل والبطالة لأنه ي�شغل الجوارح ويحفظ ماء الوجه من ذ ّل‬
‫ال�س�ؤال‪.‬‬
‫‪ -2‬الإ�سالم دين الإن�سانية كلها‪ ،‬و�شريعته �شريعة النا�س جميعا دون تمييز‬
‫بين فرد و�آخر‪ .‬ولكن مما يرفع منزلة المرء عند اهلل تعالى وفي المجتمع‬
‫االن�ساني هو ماتك�سبه يده فمن �سعى وعمل تقدم وارتفع‪ ،‬ومن ك�سل‬
‫وتهاون فلنف�سه مااختار‪ :‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬
‫ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﭼ (النجم ‪)41-39‬‬
‫ولهذا كان العمل في اال�سالم �شرفا وواجب ًا �إن�ساني ًا‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ -3‬العمل تكريم للإن�سان وارتفاع ب�ش�أنه‪ ،‬فاذا قعد الم�سلم عن العمل بغير عذر‬
‫م�شروع كان كالمتخلف عن دعوة �إلى الجهاد في �سبيل اهلل‪.‬‬
‫‪ -4‬العمل �ضرب من العبادة‪ ،‬و� ّإن الإن�سان ماخُ لِق �إال ليعمل ف�إذا عبد اهلل فهو‬
‫عامل و�إذا �سعى في رزقه فهو عابد لذلك نجد جميع �أنبياء اهلل كانوا يعملون‪.‬‬
‫‪ -5‬لي�س للعمل ومجاالته حدود في �شريعة الإ�سالم‪ ،‬فكل عمل يحفظ كرامة‬
‫الإن�سان ويحقق غاية فيها نفع‪ ،‬ولي�س فيها �ضرر بغيره والخروج به عن‬
‫�أوامر اهلل‪ ،‬هو عمل مباح يذهب فيه المرء ك ّل مذهب‪ ،‬وللعمل قيمة عليا‪.‬‬
‫‪ -6‬كلما �ألجم الإن�سان نف�سه عن الإنحراف‪ ،‬وفطمها عن الدنيا‪ ،‬ارتفع ثوابه‬
‫وعظم �أجره مرات لأن المرء يلتجىء �إلى اهلل ب�صدق العبادة‪ ،‬وخال�ص‬
‫العمل‪ ،‬وكريم ال�سعي فمن خالل هذا كله يحفظ المرء كرامته ويمنع نف�سه‬
‫ذ ّل ال�س�ؤال و�إراقة ماء الوجه‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬حثّ الإ�سالم على العمل‪ .‬اذكر �آية قر�آنية كريمة وحديثا نبويا �شريفا في‬
‫هذا المعنى‪.‬‬
‫خ�ص القر�آن الكريم داود عليه ال�سالم بالذكر من بين �سائر الأنبياء‬‫‪ -2‬لماذا ّ‬
‫الذين عا�شوا من ك�سب �أيديهم ؟‬
‫‪ -3‬متى تتحقق محبة اهلل للم�ؤمنين ؟‬
‫‪ -4‬مامنافع العمل للفرد والمجتمع ؟‬
‫‪ -5‬هل يقت�صر العمل على اليد فقط ؟ و�ضح ذلك‪.‬‬
‫‪ -6‬ما �أثر �س�ؤال الإن�سان في الحياة الدنيا ؟ وكيف ي�أتي يوم القيامة؟‬

‫‪44‬‬
‫الدر�س الثالث‪ :‬من ق�ص�ص القر�آن‬
‫نبي اهلل هود (ع)‬
‫ُّ‬

‫ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﭼ‬
‫االعراف (اآلية‪)65:‬‬ ‫ن�سبه‪:‬‬
‫هود بن عبد اهلل بن رباح بن الخلود من ولد �سام بن نوح (عليه ال�سالم)‪.‬‬
‫بعث اهلل الى قوم عاد نبيهم الكريم هود ًا (ع) وكانوا ي�سكنون الأحقاف ‪ -‬منطقة‬
‫االحقاف تقع في �شمال ح�ضرموت ومو�ضع بالدهم اليوم رمال لي�س فيها ب�شر �أو زرع‪..‬‬
‫وقد ذكر القر�آن الكريم ا�سم النبي هود �سبع مرات وهونبي عربي‪.‬‬
‫ﭽﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ (االحقاف ‪)21-‬‬
‫وكانوا ذوي ب�سطة في الخلق‪ ،‬و�أولي قوة وبط�ش �شديد وكان لهم تقدم ورقي في‬
‫المدنية والح�ضارة‪ ،‬ولهم بالد عامرة وارا�ض ٍ خ�صبة ذات جنات ونخيل وزروع‬
‫ومقام كريم قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭼ (الفجر)‪.‬‬
‫كان قوم هود (عليه ال�سالم) طوال الأج�سام �أقوياء البدن وكانت م�ساكنهم الرفيعة‬
‫ذات عماد وهو ماتعتمد عليه الأبنية‪ ،‬ويتمتعون بثروة طائلة ويتنعمون بعي�ش رغيد وحياة‬
‫رافهة ف�أبطرتهم النعمة‪ ،‬وغرتهم القوة‪ ،‬وتمادوا في الظلم والف�ساد وكانوا يمار�سون‬
‫القمع بعنف اعتزاز ًا بقوتهم و�سطوتهم‪.‬‬
‫� ّإن القوة والنِعم �أ�صابتهم بالغرور والبالء واال�ستعالء وراحوا يتباهون نا�سين �أو‬
‫متنا�سين ب�أن الإن�سان الذي اليملك لنف�سه موتا وال حياة وال بعثا وال ن�شورا ب�أنه مخلوق‬
‫�ضعيف �أمام اهلل تعالى‪.‬‬
‫� ّإن النعم الإلهية �إذا تي�سرت للم�ؤمن العاقل انتفع بها وبذلها في �سبيل الخيرات‬
‫وازداد �شكرا للمنعم و�إخال�صا له‪ ،‬و�إذا تي�سرت للإن�سان الجاهل طغى بها وبغى و�أف�سد‬
‫لقد حذرهم هود (ع) كثيرا وطلب �إليهم الرجوع �إلى اهلل المنعم وح َّذرهم من مغبة‬
‫الع�صيان وعبادة الأوثان واقتراف الم�آثم‪ ،‬ولكنهم �أ�صروا على عِنادهم فما كان من اهلل‬

‫‪45‬‬
‫العزيز �إ ّال �أن يهلكهم وي�ستخلف غيرهم في الأر�ض‪.‬‬
‫�أدى نبي اهلل هود (عليه ال�سالم) ر�سالته على الوجه الأكمل واحتمل في �سبيلها �أنواع‬
‫ال�شدائد وتعر�ض ل�شتى التهم الكاذبة واالعترا�ضات ال�ساذجة لقد اتهموا هود ًا (عليه‬
‫ال�سالم) بال�سفاهة وخفة العقل وذلك لأنه يخالف ر�أيهم الفا�سد وكانوا يظنون �أنه كاذب‬
‫ويل�صقون به الكذب‪.‬‬
‫كانت اعترا�ضاتهم واهنة التعتمد على دليل فقد اعتر�ضوا على ب�شرية النبي ومن�ش�أ‬
‫هذا االعترا�ض هو تخيلهم �أن الر�سول يجب �أن يكون من جن�س �أرفع و�أعلى‪.‬‬
‫ولقد بلغوا من العناد واللجاج والكذب في �سوق اعترا�ضاتهم �أن ادعوا � َّأن نبيهم لم‬
‫ي�أتِ بحجة وا�ضحة وداللة كافية على �صحة مايدعو اليه ‪ -‬ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ‬
‫(هود ‪ )53‬ولكن ال�س َّر في هذا الكذب قد بان بقولهم ‪ -‬ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ‬
‫ﰍ ‪ -‬اذ كيف ي�ستجيبون لما يخالف �أهواءهم الفا�سدة وعقولهم المتحجرة‪.‬‬
‫�أ ّما االتهام بال�سفاهة والكذب فاجاب عنها بقوله‪ :‬ﭽﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﭼ‬
‫(الأعراف‪.)٦٧ :‬‬
‫ففي قوله‪ :‬ﭽ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭼ (الأعراف‪ )٦٨ :‬رد لكال االعترا�ضين وهو �أنه‬
‫نا�صح ولي�س ب�سفيه‪� ،‬أمين ولي�س بكاذب‪.‬‬
‫� ّإن من مميزات �أنبياء اهلل ور�سله هو الكفاح وتحدي الأعداء وال�شجاعة في �أمر التبليغ‬
‫من دون �أن يت�سرب الخوف الى قلوبهم‪ ،‬وهذا مان�شاهده في موقف نبي اهلل هود مع طغاة‬
‫قومه‪ ،‬معلنا براءته من �آلهتهم التي زعموا �أنها م�سته ب�سوء �أفقده عقله‪ ،‬وخاطبهم ب�أنه‬
‫اليخ�شى �أذاهم ومكرهم على الرغم من جبروتهم و�شدة بط�شهم‪ ،‬قال �سبحانه وتعالى‬
‫وا�صف ًا هذا الموقف ال�شجاع والحالة الروحية ال�سامية ﭽ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡﭼ (هود‪.)٥٤ :‬‬
‫ومن �أعظم �آيات الأنبياء �أن يكون الر�سول وحده فيقول لهم }كيدوني {فال ي�ستطيع‬
‫واحد منهم �ض َّره وكذلك قال نوح لقومه ﭽ ﭥ ﭦ ﭧﭼ (يون�س ‪)71-‬‬
‫ومثل هذا القول الي�صدر �إال ممن هو واثق بن�صر اهلل وب�أنه يحفظه منهم ويع�صمه من‬
‫�أذاهم وهذا هو منطق نبينا محمد }�ص{ فيما حكاه قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﰆ ﰇ ﰈ‬
‫ﰉ ﭼ (الأعراف‪.)195 :‬‬

‫‪46‬‬
‫قال هود (ع) مخاطبا قومه‪ :‬ﭽ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬
‫ﯹ ﯺﭼ (هود‪ ،)٥٢:‬وفي هذا �أ�سوة لك ّل م�صلح �إلهي‪ ،‬فعليه �أن يدخل من‬
‫باب التذكير بالنعم المرجوة‪ ،‬ثم الوعد بالمزيد من النعم الذي هو رهن الى اهلل‪.‬‬
‫لقد امتاز بال�صالبة في الموقف‪ ،‬وعدم التردد والم�ساومة مع الأعداء في الق�ضايا‬
‫المهمة التي تت�صل بالمبد أ� والعقيدة وال�سر في هذا الحزم هو توكله على اهلل تعالى‪:‬‬
‫ﭽﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭼ (هود‪.)٥٦ :‬‬
‫وهذه الخ�صائ�ص بارزة في حياة الأنبياء كافة‪ ,‬وال �سيما الخاتم }�ص{ الذي �أمره‬
‫اهلل �أن يقول‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭼ (الكافرون)‪.‬‬
‫يت�ضح من الق�صة �أن الغنى والثروة والقوة من نعم اهلل �سبحانه‪ ,‬التي ي�ستوجب‬
‫�شكرها وا�ستعمالها في ما ير�ضي اهلل تعالى وا�ستثمارها في ك ّل مايعود على الفرد‬
‫ورقي وتقدم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والمجتمع من خير‬
‫وقد ي�ساء ا�ستعمال هذه النعم‪ ،‬باتخاذها و�سائل الى اللهو والعبث واال�ستغالل‬
‫واال�ستعالء على الآخرين وا�ستعبادهم والبط�ش بهم وال �شك في �أن َم ْن يفعل ذلك فم�صيره‬
‫�إلى الهالك والزوال مهما تعاظمت قوته‪ ،‬و�صفحات التاريخ ‪-‬القديم والحديث‪ -‬مملوءة‬
‫بال�شواهد على النهاية الم�أ�ساوية للأمم الطاغية (ومنهم قوم هود) قال �أمير الم�ؤمنين‬
‫علي بن �أبي طالب (ع)‪:‬‬
‫ّ‬
‫( فاعتبروا بما �أ�صاب الم�ستكبرين من قبلكم من ب�أ�س اهلل و�صوالته‪ ،‬ووقائعه‬
‫ومثالت(((‪ ،‬واتعظوا بمثاوي((( خدودهم‪ ،‬وم�صارع جنوبهم)‪.‬‬
‫فقد �أهلك اهلل قوم هود �إذ تلبدت ال�سماء بالغيوم فقالوا هذه غيوم تحمل لنا ال�سحاب‬
‫ف�أجابهم هود (ع) بل هو العذاب الذي �أنكرتم وقوعه وا�ستعجلتموه‪ ،‬ف�أر�سل اهلل عليهم‬
‫ريح ًا تهلك كل �شيء �سبع ليالٍ وثمانية �أيام‪ .‬و�أتبعهم لعنة واعتزل هود (ع) ومن معه‬
‫من الم�ؤمنين في حظيرة فلم ي�صبهم عذاب اهلل ب�شيء و�إنما يدخل عليهم منها ما تل ُّذ به‬
‫�أنف�سهم‪ ،‬فتحملهم ثم تدق اعناقهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬المثالت‪ :‬العقوبات‪.‬‬


‫(‪ )2‬مثاوي خدودهم ‪ -‬موا�ضع خدودهم من االر�ض بعد الموت‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫�أهم الدرو�س والعبر‬
‫‪ -1‬المثابرة والتحمل في طريقة الدعوة‪ ،‬ومواجهة تكذيب القوم وعنادهم‬
‫بعزم ال يلين‪ ،‬وثقة باهلل التتزعزع‪.‬‬
‫‪ -2‬الترغيب في الإيمان عن طريق التذكير بنعم اهلل‪.‬‬
‫‪ -3‬ال�صالبة في الموقف‪ ،‬وعدم التردد والم�ساومة مع الأعداء في الق�ضايا‬
‫المهمة التي تت�صل بالمبد أ� والعقيدة‪.‬‬
‫‪ -4‬الغنى والثروة والقوة من نعم اهلل �سبحانه‪ ،‬التي ي�ستوجب �شكرها‬
‫وا�ستعمالها في ماير�ضي اهلل وا�ستثمارها في كل مايعود على الفردوالمجتمع‬
‫من خير ونفع وتقدم‪.‬‬
‫‪� -5‬أهمية اال�ستغفار و�أنه �سبب من �أ�سباب د ِّر الأرزاق والرحمة والمغفرة‬
‫والر�ضوان‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬تحدث عن قوم عاد‪.‬‬
‫‪ -2‬تعددت �أ�ساليب نبي اهلل هود (ع) لقومه ب ّين ذلك‪.‬‬
‫‪� -3‬أ�ص ّرت عاد على الكفر وجابهت هود ًا‪ ،‬ب ّين الو�سائل‪ ،‬ثم تحدث عن جحودهم‪.‬‬
‫‪ -4‬اذكر �أهم ما تر�شد اليه �سيرة نبي اهلل هود (ع)‪.‬‬
‫‪ -5‬بين كيفية معاملة نِعم اهلل ؟‬
‫‪ -6‬و�ضح عاقبة قوم هود‪.‬‬
‫‪ -7‬ما الذي ح َّل بنبي اهلل هود (ع) والم�ؤمنين عند حلول عذاب اهلل ؟‬

‫‪48‬‬
‫الدر�س الرابع‪:‬‬
‫�أو ًال‪ :‬لعن اهلل املت�شبهات بالرجال واملت�شبهني بالن�ساء‬

‫الإن�سان في نظر الإ�سالم كائن �سبق تكريمه عملية �إيجاده وخلقه وذلك عندما �أخبر‬
‫اهلل �سبحانه وتعالى مالئكته �أنه جاعل في الأر�ض خليفة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭼ (البقرة‪ )30/‬وقد الزمه هذا التكريم الإلهي‬
‫في عملية الخلق �إذ خلقه اهلل‪ ،‬فقال تعالى‪ :‬ﭽ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫ﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮜﮝﮞﮟ‬
‫ﮠ ﭼ (اال�سراء ‪)70/‬‬
‫وا�ستمر هذا اللطف الرباني في ح�سن خلقه وجمال تكوينه فقال تعالى‪ :‬ﭽ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭼ (التين‪ )4/‬ومن الوا�ضح ان هذا التكريم ال�سابق على �إيجاد‬
‫الإن�سان والم�صاحب لذلك الإيجاد اليخت�ص بالرجل فقط و�إنما هو �شامل للرجل والمر�أة‬
‫على ح ّد �سواء‪ ،‬والح�صيلة من ك ّل الذي ذكرناه � ّأن التكريم لهذا المخلوق ذكره وانثاه‬
‫من �أخ�ص خ�صائ�صه و�أو�ضح مميزاته و�شكله وطبائعه تتنا�سب ودوره في الحياة‪.‬‬
‫وجعل له حرية التقرير وتحديد الم�صير �إذ اليعقل �أن يجتمع قهره وق�سره على م�صيره‬
‫معظم ًا والحقيقة التي الب َّد من ك�شفها لأبنائنا ب�شبابه و�شاباته مايراد‬
‫مع كونه مك ّرم ًا ّ‬
‫لهم من تدمير في خَ لقهم و�أخالقهم بعد �أن غدا معظم ال�شباب في ذاته وفي كثير من‬
‫جوانب �شخ�صيته �سلعة خا�ضعة للمقايي�س التي تخ�ضع لها �أية �سلعة ا�ستهالكية تعر�ض‬
‫في الحوانيت �أو على الأر�صفة ف�أنت ترى المر�أة في �صفحات الإعالم كما ترى الرجل‬
‫ب�شكل الدمى وب�صورة مقززة بعيدة من القيم الإ�سالمية والعربية والإن�سانية‪ .‬فارتفعت‬
‫تلك الأ�صوات الحاقدة على الإ�سالم العزيز من بع�ض الم�ست�شرقين الكفرة والإلحاديين‬
‫و�أذنابهم منادين بالم�ساواة ثم الغاء ماخ�ص به اهلل كل مخلوق والهدف هو الق�ضاء على‬
‫وال فهل تخنث الرجال �سمة ح�ضارية ؟! وما‬ ‫البقية الباقية في المجتمعات الإ�سالمية‪ .‬اّ‬
‫الذي يتبقى من كرامة الرجل وهيبته و�أنت تراه قد ارتدى قالدة او �سوار ًا‪.‬‬
‫وق�ص ال�شعر بطريقة الرجال هو تحرير من‬ ‫وهل ارتداء المراة ربطة العنق والبنطال ّ‬
‫قيود مفرو�ضة؟! لقد قال ر�سول اهلل (�ص)‪( :‬لعن اهلل المخنثين من الرجال والمترجالت‬
‫من الن�ساء)‪.‬‬
‫يريد الإ�سالم للإن�سان ك ّل احترام و�أن يخرج بزيه الطبيعي �سواء في ذلك الرجال‬
‫�أو الن�ساء و�أن ال يتزين الرجل بزي المر�أة وال المر�أة ب ـ ــزي الــرجل وفي الحــديث‪:‬‬
‫‪49‬‬
‫"ل َع َن ر�سول اهلل(�ص) الرجل يلب�س لب�سة المر�أة والمر�أة تلب�س لب�سة الرجل"‪.‬‬
‫�أين يكمن الجمال؟‬
‫ت�سعى ك ّل امر�أة للح�صول على الجمال وتبذل الأموال الطائلة �سعي ًا خلفه‪ ،‬وتتناف�س‬
‫ال�شركات في خداعها‪ ،‬وتجري الم�سكينة الهثة خلفه متنا�سية �أن حقيقة الجمال تكمن‬
‫في جمال الروح‪ ،‬فجمال الوجه زائـل اليدوم ومع الأيام تذبل تلك الوجنات الجميلة‬
‫وتغـور تلك العيون واليبقى من الجمال �شيء‪� ،‬إذن‪ ،‬كيف يح�صل الإن�سان على جمال دائم‬
‫اليزول‪� ،‬إن ذلك يكمن في جمال الروح الدائم الذي اليزول فكم من امر�أة جميلة الوجه‬
‫الترى من جمالها �شيئ ًا وت�شمئز نف�سك منها‪ ،‬لب�شاعة �سلوكها وقبح جوهرها‪ ،‬وكم من‬
‫ومحط �إعجاب الجميع بح�سن خلقها وعفتها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫امر�أة لي�ست بجميلة الوجه هي مثل �أعلى‬
‫وكم من رجل و�سيم يعجبك لأول وهلة وما �أن تتعرف حقيقته حتى ي�سقط من عينيك‪،‬‬
‫فجمال كل امراة يكمن في عفتها وحيائها و�أدبها‪ ،‬ورحم اهلل القائل‪:‬‬
‫زينة البنت الأدب البح�سن �أو ذهب‬
‫فتلك هي التي يطمئن الرجل لها ويفخـر �أن تكون زوجته‪ ،‬في�أمن على عر�ضه وبيته‬
‫و�أوالده‪ ،‬أَ�ما و�سامة الرجل فتكمن في مواقفه ودينه وخلقه وح�سن تعامله البع�ضالته‬
‫المفتولة و�شاربه‪ ،‬فكم من الذكور من تراهم وت�أ�سف على �أحوالهم‪ ،‬ممن اليمتلكون َغيرة‬
‫على �أعرا�ضهم وممن ينتهكون الحرمات ويقذفون المح�صنات ويرتدون مات�شمئز منه‬
‫النفو�س‪ ،‬علينا �أن ن�سعى �إلى جمال دائم اليزول يبقى حتى بعد رحيلنا من عالم الدنيا‬
‫الزائل حين يذكرنا النا�س بالفخر واالعتزاز ويرافقنا �شيء واحد في ذلك القبر المظلم‬
‫يوم يبلى الج�سد وتنال ح�شرات الأر�ض من �أج�سادنا‪ ،‬يبقى العمل ال�صالح �شفيع ًا لنا في‬
‫�آخرتنا ويبقى عبق طهر �أرواحنا ذكرى تخلدنا في غيابنا‪.‬‬
‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬ما نظر الإ�سالم بمن يت�شبه بالن�ساء ؟ ثم بين ر�أيك في ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬جمال المر�أة في ح�شمتها‪ ،‬فما ر�أيك بمن تبتذل نف�سها وتعر�ض مفاتنها؟‬
‫‪ -3‬مار�أيك في �أن تقلد المر�أة الرجل في م�شيته و�ضحكته ولب�سه؟‬
‫‪ -4‬هل الحرية تدعو �إلى الإن�سالخ عن الفطرة وعن القيم ؟ ناق�ش ذلك‪.‬‬
‫‪ -5‬ماالجمال الدائم الذي البد من �أن ن�سعى اليه ؟ ولماذا؟‬

‫‪50‬‬
‫الدر�س الرابع‪:‬‬
‫ثانياً‪ :‬البلوغ والطهارة‬
‫البلوغ‪:‬‬
‫البلوغ في اللغة‪ :‬معناه الو�صول �إلى ال�شيء‪ ،‬تقول بلغت المكان‪� ،‬أي �إذا و�صلت‬
‫�إليه‪ ،‬وفي �إ�صطالح الفقهاء‪ :‬هو ال�سن التي يكون فيها الم�سلم مكلف ًا بما فر�ضه اهلل عليه‪.‬‬
‫كال�صالة وال�صوم والحج‪ ،‬فهذه الأمور ال تجب على الم�سلم وال يحا�سب عليها � اّإل �إذا‬
‫و�صل �إلى �سن التكليف‪ ،‬لكننا �أمرنا بتعليم من هو دون �سن البلوغ بال�صالة وتدريبه‬
‫على ال�صوم‪.‬‬
‫الطهارة‪:‬‬
‫الطهارة في اللغة‪:‬‬
‫النظافة �أو النزاهة عن الأقذار‪.‬‬
‫وفي اال�صطالح‪ :‬النظافة عن النجا�سة �أو النظافة عن حدث �أو خبث‪.‬‬
‫والطهارة �شرط ل�صحة ال�صالة وهي مفتاحها‪ ،‬قال (�ص)‪( :‬مفتاح ال�صالة‪ :‬الطهور)‬
‫والأثر المترتب على الطهارة �أنه اليجوز �أداء ال�صالة �أو لم�س القر�آن من دونها‪.‬‬
‫�أق�سام الطهارة‪:‬‬
‫تنق�سم الطهارة على ق�سمين الأول الطهارة ال�صغرى‪ ،‬والثانية الطهارة الكبرى‪.‬‬
‫الطهارة ال�صغرى‪:‬‬
‫وا�سمها الخا�ص الو�ضوء‪.‬‬
‫والموجب للو�ضوء‪� ،‬أي الأ�سباب التي يبطل الو�ضوء ب�سببها هي الحدث الأ�صغر‬
‫(كالبول والغائط والريح وفقدان الوعي والنوم‪...‬الخ)‪.‬‬
‫وفرائ�ض الو�ضوء هي غ�سل الوجه وغ�سل اليدين �إلى المرفقين وم�سح الر�أ�س وغ�سل‬
‫�أو م�سح القدمين (بح�سب تف�سير علماء الم�سلمين)‪ ،‬وهذه الفرائ�ض الأربع‪� ،‬أجمع عليها‬
‫العلماء لقوله تعالى‪:‬‬
‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭼ (المائدة‪.)6/‬‬

‫‪51‬‬
‫�أما النية في ابتداء الو�ضوء ف�أكثر العلماء قالوا ب�أنها فر�ض من فرائ�ض الو�ضوء‪،‬‬
‫وقال بع�ضهم �إنها ُ�سنة‪ .‬و�سنن الو�ضوء‪ :‬ت�سمية اهلل تعالى في ابتدائه وال�سواك‬
‫والم�ضم�ضة واال�ستن�شاق‪ .‬وم�سح الأذن وتخليل اللحية لمن كانت لحيته كثة‪ ،‬وتخليل‬
‫�أ�صابع اليدين والقدمين‪.‬‬
‫ونواق�ض الو�ضوء منها ما هو مختلف فيه‪ ،‬والمتفق عليه من نواق�ض الو�ضوء هو‬
‫كل ما يخرج من ال�سبيلين من بول وغائط وريح �أو الإغماء �أو النوم‪� .‬أما المختلف فيه‪،‬‬
‫فهو م�س المر�أة وخروج الدم من غير ال�سبيلين‪.‬‬
‫الطهارة الكبرى‪:‬‬
‫وا�سمها الخا�ص الغ�سل والموجب للغ�سل‪� ،‬أي الأ�سباب التي يجب الغ�سل ب�سببها‬
‫هي الحدث الأكبر �أي الجنابة‪ ،‬والحي�ض والنفا�س‪ ،‬وي�سن الغ�سل للجمعة والعيدين‬
‫والإحرام‪� ،‬سواء �أكان الإحرام للحج �أم العمرة‪ ،‬ومن العلماء من قال ب�أن فر�ض الغ�سل‬
‫هو غ�سل �سائر البدن‪.‬‬
‫كيفية الغ�سل‪:‬‬
‫�أن يبد�أ المغت�سل فيغ�سل يديه ويزيل النجا�سة �إن كانت على بدنه‪ ،‬ثم يفي�ض الماء على‬
‫ر�أ�سه ثم على �سائر ج�سده‪ .‬وي�شترط النية للغ�سل في بدايته‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫م�س القر�آن بال طهارة؟‬
‫‪ -1‬هل يجوز �أداء ال�صالة �أو ّ‬
‫‪ -2‬ع ّرف ك ًال من البلوغ والطهارة ا�صطالح ًا‪.‬‬
‫‪ -3‬ما فرائ�ض ك ّل من الو�ضوء والغ�سل؟‬
‫‪ -4‬ما اختالف الطهارة ال�صغرى عن الطهارة الكبرى؟ وما ا�سم ك ّل منهما؟‬
‫‪ -5‬اذكر �سنن الو�ضوء‪.‬‬
‫‪ -6‬ماذا ي�شترط في بداية الغ�سل؟‬

‫‪52‬‬
‫املحبــة‬
‫َّ‬ ‫الدر�س اخلام�س‪:‬‬

‫هي قوت القلوب‪ ،‬وغذاء الأرواح‪ ،‬وهي الحياة التي َمن ُحرمها‪ ،‬فهو في جملة‬
‫الأموات‪ ،‬وهي النور الذي من فقده‪ ،‬فهو في بحار الظلمات‪ ،‬وهي ال�شفاء الذي َم ْن َعدِمه‬
‫ح َّلت به الأ�سقام‪ ،‬وهي اللذة التي من لم يظفر بها فعي�شه كله هموم و�آالم‪ ،‬لذلك قال‬
‫(�ص)‪:‬‬
‫أحب �إليه مما‬ ‫((ثالث من ُك َّن فيه‪ ،‬وجد بهن حالوة الإيمان‪� :‬أن يكون اهلل ور�سوله � َّ‬
‫حب المرء ال يح ّبه �إال هلل ‪ ،‬و�أن يكره �أن يعود في الكـفــر‪ ،‬بعــد �إذ �أنقذه اهلل‬ ‫�سواهما‪ ،‬و�أن ُي َّ‬
‫منه‪ ،‬كما يكـره �أن ُيلقى في النار))‪.‬‬
‫محبة اهلل تعالى‪ :‬ف�إذا عرف الإن�سان ربه �أحبه‪ ،‬ثم ا�ستقام على �أمره‪ ،‬وعمل ال�صالحات‪،‬‬
‫ابتغاء وجهه الكريم‪ ،‬عندئذ يجد حالوة الإيمان‪ ،‬و�إذا ذاق هذه الحالوة‪� ،‬أ�صبح �شغله‬
‫ال�شاغـل‪ ،‬التقرب من المحبوب‪ ،‬يقول اهلل تعالى فيما رواه النبي �صلى اهلل عليه و�آله‬
‫و�صحبه و�سلم عن ربه‪َ (( :‬ما َيزَا ُل َع ْبدِي َي َت َق َّر ُب إِ� َل َّي ِبال َّن َوا ِف ِل َحتَّى أُ�حِ َّب ُه َف�إِ َذا أَ� ْح َب ْب ُت ُه‬
‫ُكن ُْت َ�س ْم َع ُه ا َّلذِي َي ْ�س َم ُع ِب ِه َو َب َ�ص َر ُه ا َّلذِي ُي ْب ِ�ص ُر ِب ِه َو َي َد ُه ا َّلتِي َي ْبطِ ُ�ش ِب َها َو ِر ْج َل ُه ا َّلتِي‬
‫ا�س َت َعا َذنِي َ ألُعِي َذ َّن ُه))‪.‬‬ ‫َي ْم�شِ ي ِب َها َو ِ�إ ْن َ�س�أَ َلنِي َ ألُ ْعطِ َي َّن ُه َو َلئ ِِن ْ‬
‫كثيرون هم الذين ي ّدعون محبة اهلل ور�سوله‪ ،‬وال تجد في �أعمالهم ما ُيثبت ذلك؛ لأن‬
‫�شرط �صحة المحبة المتابعة التي الب َّد فيها من ال�صدق والإخال�ص‪ ،‬لذلك طولب الم َّدعون‬
‫ب�إقامة الدليل على �صحة دعواهم قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼﭼ (�آل عمران‪.)٣١ :‬‬
‫فجعل اهلل تعالى اتّباعهم لر�سوله (�ص) عالمة على �صدق محبته هلل‪ ،‬وجعل حبهم له‬
‫م�شروط ًا باتباعه‪ ،‬وهذا يد ّل على �أن المحبة م�ستلزمة للمتابعة‪.‬‬
‫ف�إن لم يتحقق االتباع والطاعة يكون مدعي المحبة كاذب ًا في دعواه محبة اهلل ويكون‬
‫من الكافرين‪ ،‬ي�ؤكد ذلك قول اهلل تعالى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ (�آل عمران‪.)32 :‬‬
‫‪53‬‬
‫محبة اهلل �أ�صل ومن فروعها‪:‬‬
‫‪ -1‬محبة النبي �صلى اهلل عليه و�آله و�صحبه و �سلم‪ ،‬فلي�س لأحد من ف�ضل علينا بعد اهلل‬
‫تعالى في هدايتنا‪ ،‬و�سعادتنا من ر�سولنا �صلى اهلل عليه و�آله و�صحبه و�سلم‪ .‬قال‬
‫تعالى‪:‬‬
‫ﭽﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﭼ (التوبة‪.)١٢٨ :‬‬
‫لذلك قُرنت محبة الر�سول (�ص) بمحبة اهلل تعالى في معظم �آيات القر�آن‪ ،‬وفي ال�سنة‬
‫المطهرة‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬

‫ﭽﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜﭼ (التوبة‪.)٢٤ :‬‬

‫ون �أَ َح َّب إِ� َل ْي ِه ِم ْن َوا ِل ِد ِه َو َو َل ِد ِه َوالن ِ‬


‫َّا�س‬ ‫وفي الحديث‪(( :‬ال ُي�ؤْ ِم ُن �أَ َح ُد ُك ْم َحتَّى أَ� ُك َ‬
‫�أَ ْج َمع َ‬
‫ِين ))‪.‬‬
‫بل �إن �إر�ضاء اهلل‪ ،‬هو عين �إر�ضاء ر�سول اهلل (�ص)‪ ،‬و�إر�ضاء ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه‬
‫و�آله و�سلم هو عين �إر�ضاء اهلل‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭼ (التوبة‪)٦٢ :‬‬
‫هكذا ب�ضمير المفرد ‪ ..‬ولم يقل " ير�ضوهما " ب�ضمير المثنى‪ ،‬وكذلك طاعة ر�سول‬
‫اهلل (�ص) هي عين طاعة اهلل تعالى‪� ،‬إذ يقول‪:‬‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭼ‬
‫(الن�ساء‪)80:‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ -2‬محبة �آل بيت ر�سول اهلل (�ص) العترة الطاهرة الذين طهرهم اهلل من كل رج�س بقوله‬
‫تعالى‪:‬‬
‫ﭽﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﭼ‬
‫(االحزاب‪)33 :‬‬
‫و قال تعالى‪:‬‬
‫(ال�شورى‪)23:‬‬ ‫ﭽﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭼ‬
‫وكما ارتبط حب ر�سول اهلل بحب اهلل تعالى يرتبط حب اهلل ور�سوله بحب �آل بيت‬
‫ر�سول اهلل ي�ؤكد ذلك قول ر�سول اهلل (�ص)‪ :‬من �أحبني و�أحب هذين و�أباهما و�أمهما‬
‫كان معي في درجتي يوم القيامة) المـودة لر�سـول اهلل (�ص) و �أهل بيتـه الأطهـار تتحقق‬
‫بمعرفة حقهم والإقتداء بهم‪.‬‬
‫‪ -3‬محبة �أ�صحاب ر�سول اهلل (�ص) الذين عزروه‪ ،‬ون�صروه‪ ،‬واتبعوا النور الذي �أنزل‬
‫معه‪ ،‬والذين جاهدوا معه حقّ الجهاد‪ ،‬وبذلوا من �أجل انت�شار الحقِّ كل غالٍ ورخي�ص‪،‬‬
‫ونف�س ونفي�س‪� ،‬أمثال عمار ويا�سر و�سمية وبالل و�أبي ذر وغيرهم من �صحابة ر�سول‬
‫اهلل (�ص) الكرام ممن �صدح بالحق ّ ولم َ‬
‫يخ�ش في اهلل لومة الئم وجاهد مع ر�سول اهلل‬
‫ون�صره ون�صر اال�سالم‪.‬‬
‫‪ -4‬محبة الم�ؤمنين‪ :‬تلك المحبة التي ت�ؤلف القلوب‪ ،‬وتوحد ال�صفوف‪ ،‬وتبني المجتمعات‪،‬‬
‫وت�صنع المعجزات‪ ،‬وقد �ش ّبه النبي (�ص) مجتمع الم�ؤمنين في توادهم‪ ،‬وتعاطفهم‪،‬‬
‫وتراحمهم بالج�سد الواحد‪� ،‬إذا ا�شتكى منه ع�ضو‪ ،‬تداعى له �سائر الج�سد بال�سهر‬
‫والحمى‪ ،‬وهم كالبنيان المر�صو�ص‪ ،‬ي�ش ُّد بع�ضه بع�ض ًا‪ ،‬وهم بع�ضهم لبع�ض‪،‬‬
‫ن�صح ٌة متوا ُّدون‪ ،‬ولو ابتعدت منازلهم‪ ،‬في حين المنافقون بع�ضهم لبع�ض‪ ،‬غ�ش�ش ٌة‬
‫متحا�سدون ولو اقتربت منازلهم‪.‬‬
‫حب الم�ؤمنين عالمة كافية على �صحة‬ ‫لذلك‪ ..‬يجب � اّأل نعجب �إذا جعل النبي (�ص) ّ‬
‫الإيمان‪ ،‬و�صدقه‪ ،‬بل جعل محبة الم�ؤمنين �شرط ًا وحيد ًا لوجود الإيمان في الرجل‬
‫فقال‪(( :‬والذي نف�سي بيده‪ ،‬ال تدخلوا الجنة حتى ت�ؤمنوا وال ت�ؤمنوا حتى تحا ُّبوا))‪.‬‬
‫وقال (�ص)‪(( :‬ال ي�ؤمن �أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنف�سه))‪ ،‬فالمراد ب�أحدكم‬
‫في الحديث‪ :‬كل الم�سلمين في كل الع�صور‪ ،‬وكل الأم�صار‪ ،‬والمراد بالأخ في الحديث‬
‫‪55‬‬
‫من له �أخوة الإ�سالم مطلق ًا‪ ،‬فالم�سلمون على اختالف �شعوبهم‪ ،‬وقبائلهم‪ ،‬وديارهم‪،‬‬
‫و�أل�سنتهم‪ ،‬و�ألوانهم ومذاهبهم هم �أ�سرة واحدة‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬

‫ﭽ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﭼ‬
‫(الحجرات‪)١٠ :‬‬

‫ومن ثمار المحبة بين الم�ؤمنين �إذن‪ ،‬التراحم ‪ ،‬والتعاون ‪ ،‬والت�ضامن ‪ ،‬والتكافل‬
‫والإيثار ‪ ،‬والعي�ش ب�سالم و�أمان فقد �أمر اهلل الم�ؤمنين بالتعاون فيما بينهم ‪� ،‬إال �أنه‬
‫قيد التعاون ب�أن يكون تعاون ًا على الب ِّر والتقوى ‪ ،‬ال تعاون ًا على الإثم والعدوان ‪.‬‬

‫ﭽ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ‬
‫(المائدة‪)٢ :‬‬ ‫ﯼﯽﯾﭼ‬

‫المناق�شة‬

‫‪ -1‬كيف تح�صل حالوة الإيمان؟ ا�ست�شهد بحديث‪.‬‬


‫‪ -2‬بماذا �ش َبه ر�سول اهلل (�صلى اهلل عليه و�آله و�صحبه و�سلم) الم�ؤمنين في‬
‫توادهم‪.‬‬
‫‪ -3‬كيف تثبت محبة اهلل تعالى ؟‬
‫‪ -4‬ما الذي ا�شترطه ر�سول اهلل لح�صول الإيمان؟‬
‫‪ -5‬ما ثمار المحبة بين الم�ؤمنين ؟‬
‫‪ -6‬ا�ست�شهد ب�آيه وحديث يدالن على وجوب حب �آل بيت ر�سول اهلل (�ص)‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الوحدة الثالثة‬
‫الدر�س الأول‪ :‬من القر�آن الكرمي‬
‫من �سورة ي�س (‪)83- 59‬‬

‫�آيات احلفظ من (‪)83-77‬‬

‫ﭽﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬
‫ﮞﮟﮠﮡ ﮢﮣﮤﮥﮦ‬
‫ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ‬
‫ﮱ ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯚ‬
‫ﯛﯜﯝﯞﯟ ﯠ ﯡﯢﯣ‬
‫ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴﯵﯶﯷ ﯸﯹﯺﯻ ﯼﯽﯾ ﯿ‬
‫ﰀﰁ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ‬
‫ﭛ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭥﭦ‬
‫ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲﭳﭴﭵﭶ ﭷﭸﭹﭺﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬

‫‪57‬‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓﯔﯕﯖ ﯗﯘﯙﯚﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯨﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯳ‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﭼ‬
‫صدق اهلل العلي العظيم‬

‫معاني الكلمات‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫خلق ًا �أو جماعة عظيمة من النا�س‪.‬‬ ‫جب ًّال‬
‫نمنعهم من الكالم‪.‬‬ ‫نختم على �أفواههم‬
‫ي�ستحقّ العذاب‪.‬‬ ‫يحقّ القول‬
‫�شديد الخ�صومة‪.‬‬ ‫خ�صيم‬
‫قديمة جد ًا‪،‬بالية �أ�شد البلى‪.‬‬ ‫رميم‬
‫قيل‪:‬الملك العظيم التام‪ ،‬وقيل‪ :‬الوجه الباطن من العالم‬ ‫ملكوت‬

‫المعنى العام‪:‬‬
‫بعد �أن ب ّين اهلل تعالى حال ال�سعداء‪ ،‬ذكر حال الأ�شقياء‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ﭮﭯ ﭰﭱﭲ‬
‫�أي امتازوا من الم�ؤمنين‪ ،‬يامع�شر الكفرة المجرمين‪ ،‬وانف�صلوا عنهم ‪.‬‬

‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ويقول اهلل تعالى‪ -‬توبيخ ًا وتذكير ًا‪�-‬ألم � ِ‬
‫أو�صكم و�آمركم يابني �آدم على �أل�سنة‬
‫ر�سلي‪ � ،‬اّألتعبدوا ال�شيطان وال تطيعوه‪� ،‬إنه لكم عدو ظاهر العداوة‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫و�أمرتكم بعبادتي وحدي‪ ،‬فعبادتي وطاعتي هي الدين القويم المو�صل لمر�ضاتي‬
‫و جنّاتي‪.‬‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ولقد �أ�ض ّل ال�شيطان عن الحقّ منكم خلق ًا كثير ًا‪� ،‬أفما كان لكم عقل‪�-‬أيها‬
‫الم�شركون ‪ -‬ينهاكم عن اتباع ال�شيطان‪.‬‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ‬
‫هذه جهنم التي كنتم توعدون بها في الدنيا عقاب ًا على كفركم‪ ،‬وتكذيبكم ُر�سل‬
‫اهلل تعالى‪.‬‬

‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ‬
‫فذوقوا حرارتها وقا�سوا �أنواع عذابها اليوم ب�سبب كفركم في الدنيا‪.‬‬

‫ﮠﮡ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ‬
‫اليوم ‪ -‬يوم القيامة ‪ -‬نطبع على �أفواه الم�شركين فال ينطقون‪ ،‬و تنطق عليهم‬
‫�أيديهم و�أرجلهم معترفة ب�أعمالهم القبيحة ‪.‬‬
‫ﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯓﯔﯕﯖ‬
‫ولو ن�شاء لطم�سنا على �أعينهم ب�أن نذهب �أب�صارهم‪ ،‬كما ختمنا على �أفواههم‪،‬‬
‫ف�أ�سرعوا �إلى ال�صراط ليجوزوه‪ ،‬فكيف يتحقق لهم ذلك وقد طم�ست �أب�صارهم؟‪.‬‬

‫ﯗﯘﯙ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯠ ﯡ‬
‫ولو �شئنا لغ ّيرنا خلقهم و�أقعدناهم في �أماكنهم‪ ،‬فال ي�ستطيعون �أن يالحظوا‬
‫�أمامهم‪ ،‬وال يرجعوا وراءهم‪.‬‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ومن طال عمره حتى يهرم نُعده �إلى الحالة التي ابتد أ� فيها‪ ،‬حالة �ضعف العقل‬
‫و�ضعف الج�سد‪� ،‬أفاليعقلون � ّأن َم ْن فعل هذا بهم قادر على بعثهم؟‬

‫‪59‬‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫ﯼﯽﯾ ﯿﰀﰁ‬
‫ي�صح �أن يكون �شاعر ًا‪ ،‬وما هذا الذي جاء به‬
‫وما علمنا محمد ًا (�ص) ال�شعر‪ ،‬وما ّ‬
‫� اّإل ذكر يتذكر به �أولو الألباب‪ ،‬وقر�آن ب ّين الداللة بين الحق والباطل‪ ،‬وا�ضحة‬
‫حي القلب م�ستنير الب�صيرة‪ .‬ويحقّ‬ ‫�أحكامه وحِ َكمه و مواعظه‪ ،‬لِينذر من كان ّ‬
‫العذاب على الكافرين باهلل‪.‬‬

‫ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ‬
‫ﭫﭬ‬
‫�أولم ي َر الخلق �أنّا خلقنا من �أجلهم �أنعام ًا ذللناها لهم‪ ،‬فهم مالكون �أمرها؟‬
‫و�سخرناها لهم فمنها ما يركبون في الأ�سفار‪ ،‬ويحملون عليها الأثقال‪ ،‬ومنها‬
‫ما ي�أكلون‪ ،‬ولهم فيها منافع �أخرى كاالنتفاع ب�أ�صوافها و�أوبارها و�أ�شعارها‬
‫�أثاث ًا ولبا�س ًا‪ ،‬وي�شربون �ألبانها‪� ،‬أفال ي�شكرون اهلل الذي �أنعم عليهم بهذه النعم؟‬

‫ﭭ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ‬
‫واتّخذ الم�شركون من دون اهلل �آله ًة يعبدونها يرجون ن�صرها لهم و انقاذهم من‬
‫عذاب اهلل‪.‬‬

‫ﭵﭶ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼ‬
‫ال ت�ستطيع تلك الآلهة ن�صر عابديها و ال �أنف�سهم ين�صرون‪ .‬والم�شركون و�آلهتهم‬
‫جميع ًا مح�ضرون في العذاب‪.‬‬

‫ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫فال يحزنك ‪�-‬أيها الر�سول ‪ -‬كفرهم وتكذيبهم لك و ا�ستهزا�ؤهم بك‪� .‬إنا نعلم ما‬
‫يخفون وما يظهرون و�سنجازيهم على ذلك عقاب ًا �شديد ًا‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓ‬
‫�أو لم ي َر الإن�سان الكافر ابتداء خلقه منذ كان نطفة م ّرت ب�أطوار حتى كِب َر‪ ،‬فاذا‬
‫هو كثير الخ�صام والجدال ؟‬

‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫و�ضرب هذا الكافر مث ًال بالعظم البالي‪ ،‬م�ستبعد ًا على اهلل �إعادةخلق الإن�سان‬
‫بعد موته وفنائه‪ ،‬ون�سي �أنّا �أن�ش�أناه‪ ،‬فقال َم ْن ُيحيي العظام البالية المتفتتة؟‬

‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬
‫قل له‪ :‬يحييها الذي خلقها �أول م ّرة‪ ،‬وهو بك ّل خلقه عليم‪ ،‬اليخفى عليه �شيء‪.‬‬

‫ﮭﮮﮯﮰ ﮱ ﯓﯔﯕﯖ ﯗﯘﯙ‬


‫الذي �أخرج لكم من ال�شجر الأخ�ضر الرطب نار ًا محرقة‪ ،‬فاذا �أنتم من‬
‫ال�شجرتوقدون النار‪ ،‬فهو القادر على �إخراج ال�ضد من ال�ضد‪ ،‬وفي ذلك دليل‬
‫على وحدانية اهلل وعظيم قدرته‪ ،‬ومن ذلك �إخراج الموتى من قبورهم �أحياء‪.‬‬

‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﯧ ﯨﯩ‬
‫�أو لي�س الذي خلق ال�سموات و الأر�ض وما فيهما بقادر على �أن يخلق مثلهم‪،‬‬
‫فيعيدهم كما بد�أهم؟‬
‫بلى‪� .‬إنه قادر على ذلك وهو الخلاّ ق لجميع المخلوقات‪ ،‬العليم بكل ما خلق‬
‫ويخلق ‪ ،‬ال يخفى عليه �شيء‪.‬‬

‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ‬
‫�إنما �أمره �سبحانه وتعالى �إذا �أراد �شيئ ًا �أن يقول له (كن) فيكون‪ ،‬ومن ذلك‬
‫الإماتة والإحياء‪ ،‬والبعث والن�شور‬

‫‪61‬‬
‫ﯵﯶﯷ ﯸﯹ ﯺﯻ ﯼﯽ‬
‫فتنزّه اهلل تعالى وتق ّد�س عن العجز وال�شرك‪ :‬فهو المالك لك ِّل �شيء المت�صرف‬
‫في �ش�ؤون خلقه بال منازع �أو ممانع‪ ،‬وقد ظهرت دالئل قدرته‪ ،‬وتمام نعمته‪،‬‬
‫و�إليه ترجعون للح�ساب و الجزاء‪.‬‬
‫الن�ص‬
‫ما ير�شد �إليه ّ‬
‫الفجار وما لهم من الخزي ‪.‬‬
‫‪ -1‬ب ّين اهلل حال الأ�شقياء ّ‬
‫الن�ص يظهر �أدلة على البعث بعد الموت ث ّم الح�ساب و الجزاء‪.‬‬
‫‪ّ -2‬‬
‫‪-3‬الر ّدعلىالكفارالقائلينب�أنمحمد ًا(�ص)�شاعر‪،‬و�إنما�أتىبهمنقبيلال�شعر‪.‬‬
‫الن�ص عظم نِع ِم الخالق ممثلة بالأنعام والفوائد العظيمة التي تجنى‬
‫‪� -4‬أظهر ّ‬
‫منها‪.‬‬
‫الن�ص �إلى �ش ّدة خ�صومة الكافرين لربهم و�إنكارهم قدرته وتكذيبهم‬
‫‪� -5‬أ�شار ّ‬
‫البعث والن�شور‪.‬‬
‫‪ّ � -6‬إن قدرة اهلل تعالى الحدود لها‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪( -1‬قال من يحيي العظام وهي رميم) هذه الآية نزلت في �أحد عتاة الكفار الذي‬
‫جاء بعظم رميم‪ ،‬وفتته في وجه النبي الكريم‪ ...‬ابحث عن الق�صة و�أوردها‬
‫كاملة‪.‬‬
‫‪� -2‬أ�ض ّل ال�شيطان خلق ًا كثير ًا من النا�س و �أغواهم عن �سلوك طريق الحق‪.‬‬
‫‪-‬بر�أيك ‪ -‬ما �أبرز و�سائل ال�شيطان‪،‬معتمد ًا على الن�ص القر�آني‪ ،‬وما يحدث‬
‫في مجتمعنا الإ�سالمي؟‬
‫‪ -3‬كيف يمكنك الدفاع عن نبيك محمد (�ص) �أمام قول الكفار �إنه �شاعر‪ ،‬في‬
‫محاولة منهم نزع النبوة عنه (�ص)‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫الدر�س الثاين‪ :‬من احلديث النبوي ال�رشيف‬
‫�أكرب الكبائر‬

‫(لل�شرح والحفظ)‬

‫قال ر�سول اهلل (�ص)‬


‫هلل‪َ .‬قال‪ :‬ال ْإ�ش َر ُ‬
‫اك‬ ‫(�أَال �أُ َن ِ ّب ُئ ُك ْم ِب َ�أ ْك َب ِر ال َك َبا ِئ ِر ؟ َثال ًثا‪ .‬قلنا‪َ :‬بلى َيا َر ُ�سول ا ِ‬
‫وق ال َوا ِل َد ْي ِن‪َ ،‬و َكانَ ُم َّت ِك ًئا فجل�س‪َ ،‬ف َقال‪� :‬أَال َو َق ْو ُل ال ُّز ِ‬
‫ور‪،‬‬ ‫هلل‪َ ،‬و ُع ُق ُ‬ ‫ِبا ِ‬
‫و�شهاد ُة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته �سكت)‪.‬‬
‫�صدق ر�سول اهلل (�ص)‬

‫معاني الكلمات‬

‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫الذنوب الكبيرة‬ ‫الكبائر‬
‫�أن تجعل مع اهلل اله ًا �آخر‬ ‫الإ�شراك‬
‫�إغ�ضابهما وعدم العطف عليهما وع�صيان �أوامرهما الم�شروعة‬ ‫عقوق الوالدين‬
‫ال�شهادة بالباطل‪.‬‬ ‫�شهادة الزور‬

‫�شرح الحديث ال�شريف‬


‫‪ -1‬يحذرنا النبي (�ص) ارتكاب الذنوب �صغيرها وكبيرها‪ ،‬وفي هذا الحديث ال�شريف‬
‫ح ّدد الر�سول ذنوبا كبار ًا وح َّذر ارتكابها‪ ..‬و�أولها الإ�شراك باهلل‪:‬‬
‫وهو �أن يجعل الم�شرك مع اهلل �إلها �آخر غير اهلل �سبحانه‪ ..‬وهذا ذنب كبير ومع�صية‬
‫التغتفر‪ ،‬ف�شعار الإ�سالم‪ ،‬و�أهم �أركانه‪ :‬ال�شهادة ب�أن (ال �إله � اّإل اهلل و�أن محمد ًا ر�سول‬
‫اهلل)‪ ..‬فال يوجد غير اهلل �إله‪ ..‬وعقاب الم�شرك باهلل‪ ..‬النار‪ ،‬وقال تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﭼ (الن�ساء ‪)48/‬‬

‫‪63‬‬
‫فاهلل �سبحانه وتعالى واحد �أحد لي�س له �شريك في ملكه قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭖ ﭗ ﭼ (االخال�ص‪.)2-1/‬‬
‫ولو كان معه �شريك لف�سد الكون قال تعالى‪ :‬ﭽ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ‬
‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﭼ (الأنبياء‪.)٢٢ :‬‬
‫وي ّدعي بع�ض الم�شركين جه ًال وتجني ًا �أن هلل �سبحانه ابن ًا ‪ ..‬فيرد عليهم �سبحانه‪:‬‬
‫ﭽ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ (الم�ؤمنون ‪.)91/‬‬

‫والإ�سالم الحنيف يدعو الم�سلم �إلى الت�أمل والنظر في نف�سه وفي كل ما يحيط به من‬
‫مخلوقات لينتهي بتفكيره �إلى �أن اهلل هو الخالق للكون وما فيه‪ ..‬ومن عرف نف�سه عرف‬
‫ربه واهلل �سبحانه يريد من الإن�سان �أن يتطلع �إلى �أ�سرار الخلق ون�شاة الكون ونظامه‬
‫ليدرك علة الخلق وغاياته‪ .‬فيهتدي بالنتيجة �إلى معرفة الخالق‪.‬‬
‫فخلق الكون ودقة نظامه وتدبير �أمره و�أمر الكائنات فيه‪ ،‬من �أعظم الأدلة على‬
‫وحدانية ال�صانع‪� ،‬إذ اليعقل �أن ت�صدر الكائنات عن �أكثر من مد ّبر ثم ت�أتي كلها متنا�سقة‬
‫متما�سكة ت�سعى �إلى غاية واحدة من دون خلل �أو تناق�ص‪ .‬والب�شر بال�شك‪ .‬عاجزون عن‬
‫�إدراك ذات اهلل المنزهة عن ال�شَ بيه والمثل‪ .‬فحوا�س الب�شر كلها عاجزة عن معرفة الكثير‬
‫من الأ�شياء المحيطة بالإن�سان نف�سه و�إدراكها على الرغم من ب�ساطتها ووجودها‪ .‬فهذه‬
‫الحوا�س �إذن‪� ،‬أ�ضعف من �أن تعرف ذات اهلل المنزهة التي ال�شبيه لها‪.‬‬
‫�أ ّما �صفات اهلل تعالى فهي معروفة ومعلومة‪� ،‬أر�شد �إليها القر�آن الكريم‪ ،‬كالقدرة‬
‫وال�سمع‪ ،‬والب�صر وغيرها من ال�صفات‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﭼ (ي�س‪.)82/‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭼ (اال�سراء ‪.)1/‬‬

‫وهذه ال�صفات موجودة في اهلل تعالى بالكيفية التي تليق بمقامه تبارك وتعالى‪.‬‬
‫ومن الكبائر التي �أ�شار �إليها الحديث ال�شريف‪ :‬عقوق الوالدين‪ ..‬فكما �أن الكفر‬

‫‪64‬‬
‫�إنكار للفطرة االن�سانية والطبيعة الب�شرية الم�ؤمنة بخالقها فكذا عقوق الوالدين �إنكار‬
‫لإح�سان الوالدين وحقهما الطبيعي في الرعاية والكفالة من الأبناء‪ .‬ف�إنكار هذا الحق‪:‬‬
‫عقوق وكبيرة من الكبائر‪.‬‬
‫النبي (�ص) فقال‪� :‬أبايعك على الهجرة‪� ،‬أبتغي الأجر من اهلل‬
‫روي �أنه �أقبل رجل الى ّ‬
‫حي؟) فقال نعم بل كالهما‪ ،‬قال‪( :‬فتبتغي الأجر‬‫تعالى قال (�ص)‪( :‬فهل من والديك �أح ٌد ّ‬
‫من اهلل تعالى ؟) قال نعم‪ ،‬قال‪( :‬فارجع �إلى والديك ف�أح�سن �صحبتهما) واهلل عز وجل‬
‫�أمر الم�سلم بعبادته‪� ،‬أو ًال والإح�سان للوالدين ثاني ًا‪ ..‬قال �سبحانه‪ :‬ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮧﮨﮩ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮰﮱﯓ ﯔﯕ‬
‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ ( اال�سراء‪)24-23/‬‬
‫والر�سول (�ص) �أمر الم�سلمين في هذا الحديث ال�شريف وفي �أحاديث كثيرة بب ّر‬
‫الوالدين قال (�ص)‪�( :‬أف�ضل الأعمال ب ُّر الوالدين) وقال (�ص)‪ :‬في حديث �آخر عندما‬
‫أحب �إلى اهلل عز وجل ؟‪ .‬قال (ال�صالة في وقتها) قال ثم �أي؟ قال‬
‫�س�أله رجل‪ّ � :‬أي العمل � ُّ‬
‫(بر الوالدين) قال ثم �أي ؟ قال (الجهاد في �سبيل اهلل)‪ .‬فالوالدان يربيان االبن ويتعبان‬
‫وي�شقيان من �أجله ويتحمالن �صنوفا مرة في �سبيل تربيته وتعليمه وتقويمه والأخذ‬
‫بيده حتى يكبر ويبلغ‪ ..‬فالجدير باالبن �أن يجازي الإح�سان بالإح�سان‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟﭼ (الن�ساء‪.)36/‬‬
‫والكبيرة الثالثة التي �أوردها الحديث ال�شريف (�شهادة الزور)‬
‫فالر�سول (�ص) كان يتحدث وهو متكئ‪ ،‬فلما قالها اعتدل في جل�ست ِه تنبيه ًا على‬
‫خطورة �شهادة الزور و�إثمها وقبحها ثم كررها مرار ًا‪� ..‬أمام الم�سلمين ت�أكيد ًا‪ ،‬وزيادة‬
‫في التنبيه على �إثمها وخطورة نتائجها على الأمة‪ .‬ف�إنها مقرونة بال�شرك باهلل وعقوق‬
‫الوالدين‪ ..‬لما فيها من �إيذاء للم�سلمين وت�ضليل للحاكم ون�شر للف�ساد‪ .‬و�شاهد الزور‬
‫في النار؛ لأن فعله ذنب كبير يجافي العدل الذي نادى به الإ�سالم مرار ًا وتكرار ًا َّ‬
‫وحذر‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽ ﯭ ﯮ ﯯﭼ (الحج‪.)30/‬‬

‫‪65‬‬
‫و�شهادة الزور تعني ظلم الم�سلم وانتهاك حقوقه‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﭼ (هود‪)18 /‬‬

‫وقال (�ص)‪( :‬الم�سلم �أخو الم�سلم ال يظلمه)‪ ،‬وقال (�ص) �أي�ض ًا‪( :‬الظلم ظلمات يوم القيامة)‪.‬‬
‫�أهم ماير�شد اليه الحديث ال�شريف‬
‫‪ .1‬ال�شرك باهلل ذنب ال يغتفر وعاقبته وخيمة جد ًا فهو محبط لكل عمل و�إن كان‬
‫�صالح ًا والجنة محرمة على الم�شرك‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﭼ (المائدة‪.)72 :‬‬
‫‪ .2‬عقوق الوالدين ‪� -‬أحدهما �أو كالهما ‪ -‬من الكبائر ‪ -‬وب ّرهما واجب فر�ضه‬
‫اهلل تعالى و�أمر به و�شدد عليه ر�سول اهلل (�ص) وذكره في �أحاديث كثيرة‪..‬‬
‫�إذ جعل الر�سول ب َّر الوالدين بمنزلة الهجرة‪ ،‬والجهاد في �سبيل اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪� .3‬شهادة الزور‪ :‬ظلم وبهتان‪ ،‬ت�ؤدي �إلى الف�ساد و�إلى الت�ضليل و�إلى �ضياع‬
‫الحق و�إ�شاعة الفو�ضى‪ ،‬و�إنها لكبيرة من الكبائر التي �شدد الر�سول الأعظم‬
‫(�ص) في النهي عنها‪ ،‬ت�شديد ًا كبير ًا‪.‬‬
‫المناق�شة‬
‫‪� .1‬أخبرنا نبينا محمد (�ص) ب�أكبر الكبائر‪ ،‬عددها مرتبة كما وردت في الحديث‬
‫ال�شريف‪.‬‬
‫أحب الأعمال �إلى اهلل �سبحانه وتعالى‪ ،‬في � ّأي منزلة جعل‬
‫‪ .2‬ب ُّر الوالدين من � ّ‬
‫الر�سول (�ص) هذه ال�صفة ؟‬
‫‪� .3‬شهادة الزور من الكبائر التي �شدد الر�سول الأعظم (�ص) في النهي عنها‬
‫ت�شديد ًا كبير ًا فما معناها؟ و�إلى � ّأي �شيء ت�ؤدي ؟‬
‫‪ .4‬هناك �أحاديث �أخرى لر�سول اهلل (�ص) في بيان الكبائر ابحث عنها واكتبها‪،‬‬
‫ثم لخّ �ص الكبائر الواردة في �أحاديثه (�ص)‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫الدر�س الثالث‪ :‬من ق�ص�ص القر�آن‬
‫نبي اهلل �إليا�س (ع)‬

‫ﭽﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬﯭ ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﭑ‬
‫ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭼ‬
‫(ال�صافات ‪)132-123‬‬
‫ﭽ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﭼ (الأنعام‪.)85-‬‬
‫� ّإن اليا�س (ع) من ذرية �إبراهيم الخليل وينتهي ن�سبه �إلى هارون (ع) �أخي مو�سى‬
‫(ع) لم ي�ستجب �إلى دعوته من قومه �إال القليل‪ .‬و�أ�ص َّر �أكثرهم على �شركهم وعلى تكذيبه‬
‫ولم يكترثوا لأقواله ون�صائحه‪ ،‬الأمر الذي عر�ضهم ل�سخط العزيز الجبار ووعيده‬
‫}ف�إنهم لمح�ضرون { فيمثلون �أمام محكمة اهلل تعالى‪.‬‬
‫نبي اهلل �إليا�س (ع) �أن ي�ستثير عقولهم ويفتح عيونهم على ق�ضية مهمة ووا�ضحة‪،‬‬ ‫�أراد ّ‬
‫وهي �أن الم�ستحق للعبادة‪ ،‬هو من بيده زمام الخلق والتدبير‪ ،‬واهلل تعالى وحده من‬
‫الرب المدبر لأمر الخلق �أجمعين‪.‬‬ ‫يملك هذين الأمرين‪ ،‬فهو �أح�سن الخالقين‪ ،‬وهو ّ‬
‫لقد �ضل �أهل القرية بعبادتهم ل�صنمهم (بعل) ك ّل �ضالل؛ لأنهم اتخذوه �إله ًا يعبدونه‬
‫وربا يرجونه ويتو�سلون اليه فتراهم يقدمون �إليه القرابين والنذور‪ ..‬وي�سعون اليه‬
‫بمر�ضاهم راجين منه لهم ال�شفاء‪ ..‬وكان �أهل القرية يرون � ّأن �صنمهم (بعال) ال يجلب‬
‫لهم خيرا وال يدفع عنهم ال�شر‪ ،‬لكنهم ي�ص ّرون على عبادته �إ�صرار ًا بعد ان زين لهم‬
‫ال�شيطان �سوء ظنهم فر�أوه ح�سنا‪ ..‬وبا�سم هذا ال�صنم (بعل) �سميت مدينتهم (بعلبك)‬
‫بال�شام‪ ،‬و�شاء اهلل �سبحانه ان ينقذ �أهل هذه القرية من �ضاللها البعيد‪ ،‬ف�أر�سل اليهم نبيا‬
‫كريما هو (�إليا�س) وهو كما ذكرنا من �سبط هارون اخي مو�سى عليهما ال�سالم ﭽ ﯟ‬
‫ﯠ ﯡ ﯢﭼ (ال�صافات‪ )١٢٣ :‬الكرام الذين �أر�سلهم اهلل لهداية النا�س‪،‬‬
‫ف�أقب ــل عل ــى قومـ ــه يبلغهم ر�سال ــة ر ّبه‪ ،‬وخـ ـ َّوفهم من اهلل؛ لأنهم يعبدون غيره فقال لهم‬
‫}�أال تتقون{ وراح �إليا�س (ع) ينكر على قومه عبادتهم ال�صنم الأ�صم وتركهم عبادة اهلل‬
‫الخالق الكريم فقال ﭽ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﭼ لكن �أكثر قوم �إليا�س‬
‫لم ي�صدقوه ولم ي�ؤمنوا به فكذبوه وماداموا كذبوا نبيهم }ف�إنهم لمح�ضرون{ ف�سوف‬
‫‪67‬‬
‫تح�ضرهم الزبانية في النار يوم القيامة‪ ،‬لينالوا العذاب والعقاب الذي ي�ستحقون‪.‬‬
‫لكن عباد اهلل المخل�صين وهم الم�ؤمنين منهم الذين ا�ستجابوا لر�سولهم‪ ،‬ف�إنهم نجوا‬
‫يكتف المكذبون من قوم �إليا�س (ع) بتكذيبه‪ ،‬بل انهم عزموا على قتله‬ ‫من العذاب ولم ِ‬
‫فهرب منهم واختفى عنهم وانطلق هاربا من قومه حتى لج�أ �إلى كهف في الجبل ف�أقام‬
‫فيه ب�ضع ع�شرات من الليالي‪ ،‬وحيدا تغمره رحمة ربه‪ ،‬ويفي�ض عليه لطفه‪ .‬ولما �أ ّدى‬
‫�إليا�س ر�سالة ر ّبه �إلى قومه‪ ،‬و�صبر على تكذيبهم �إياه وعزمهم على قتله‪ ..‬اكرمه اهلل خير‬
‫�إكرام‪ ،‬ف�أثنى عليه ثناء ح�سن ًا يجري على ل�سان من ي�أتي بعده الى يوم الدين‪ ،‬و�سجل‬
‫�سبحانه وتعالى هذا الثناء الح�سن في كتابه العزيز فقال ﭽﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭼ‬
‫(ال�صافات‪� )130/‬سالم من اهلل عليه وعلى الذين �آمنوا به‪.‬‬
‫اهم الدرو�س والعبر‬
‫‪ -1‬يجب على الإن�سان �أن ينير عقله وقلبه ويبحث على َم ْن بيده زمام الأمور‬
‫فيعبد الخالق مدبر هذا الكون والموجودات‪.‬‬
‫‪ -2‬تقوية عقيدة التوحيد والإيمان باهلل �سبحانه وتعالى واالبتعاد من الأفكار‬
‫البالية وعبادة غير اهلل �سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫‪ -3‬الذي يعاقب هو اهلل �سبحانه وتعالى وهو منجي الم�ؤمنين وان الذين‬
‫يريدون �إلحاق الأذى بالم�ؤمنين م�صيرهم الى النار ‪.‬‬
‫‪ -4‬ال�صبر على االبتالء والعذاب‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬ما ن�سب �إليا�س (ع)؟‬
‫‪ -2‬لماذا �أ�ص َّر قوم �إليا�س (ع) على عبادة (بعل) مع علمهم ب�أنه الي�ض ّر وال‬
‫ينفع؟‬
‫‪ -3‬لمن يكون التو�سل للخالق �أم للمخلوق‪ ،‬ولماذا ؟‬
‫‪ -4‬اكتب الآية التي تحدثت عن نبي اهلل �إليا�س (ع)‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫حرمة تكفري امل�سلم‬ ‫الدر�س الرابع‪:‬‬

‫وف�ضله على كثير من‬ ‫الإ�سالم دين الرحمة والإن�سانية ولقد ك ّرم اهلل تعالى الإن�سان ّ‬
‫مخلوقاته و�سخّ ر له مافي الكون ينتفع به‪ ،‬ومن جملة تكريم اهلل تعالى للإن�سان �أن اهلل‬
‫تعالى �أمر بحفظ النف�س الإن�سانية و�أمر بالق�صا�ص على من يزهق نف�سـا خلقها اهلل بغير‬
‫ذنب‪ ،‬ثم جاءت ال�سنة النبوية تحذرنا �آف ــة عظيمة وخطرة ت�ستبيح حرمة ما �أ مر اهلل‬
‫بحفظه �إذ ابتدعها �أعداء الإ�سالم �أال وهي التكفير‪ ،‬فقد قال (�ص)‪( :‬كفوا عن �أهل ال �إله‬
‫�إال اهلل التكفروهم بذنب فمن كفّر �أهل ال �إله � اّإل اهلل فهو �إلى الكفر �أقرب)‪ ،‬وقال (�ص)‬
‫يح َتنَا َف ُه َو ا ْل ُم ْ�س ِل ُم ‪َ ،‬ل ُه َما َلنَا َو َع َل ْي ِه َما‬‫ا�س َت ْق َبل ِق ْب َل َتنَا‪َ ،‬و أَ� َكل َذ ِب َ‬
‫�أي�ض ًا‪َ :‬م ْن َ�ص َّلى َ�ص َال َتنَا‪َ ،‬و ْ‬
‫َع َل ْينَا) �إن خطورة التكفير تكمن في ا�ستباحة حرمة الم�سلم‪ ،‬ودمه وماله وعر�ضه‪ .‬في‬
‫وقت ع�صم اهلل ور�سوله دماء من قال ال �إله � اّإل اهلل‪.‬‬
‫َّا�س َحتَّى َيقُو ُلوا ال �ِإ َل َه ِإ� اَّل اللهَّ ُ ‪َ ،‬ف َم ْن َقا َل ‪ :‬ال �ِإ َل َه‬ ‫قال (�ص) َقا َل ‪�ِ :‬إنِّي �أُ ِم ْر ُت َ�أ ْن أُ� َقا ِت َل الن َ‬
‫�إِ َّال اللهَّ ُ َف َق ْد َع َ�ص َم ِمنِّي َنف َْ�س ُه َو َما َل ُه َحتَّى َيلْقَى اللهَّ َ َت َعا َلى‪.‬‬
‫�أي من قال ال �إله �إال اهلل فقد ع�صم دمه وماله حتى يلقى اهلل فيكون ح�سابه على اهلل‬
‫تعالى‪ ،‬لكن ه�ؤالء المتطرفين راحوا يكفّرون بح�سب �أهوائهم ون�سوا ان اهلل تعالى رقيب‬
‫عليهم �سيحا�سبهم على جرمهم ‪ ،‬وت�شويههم للإ�سالم‪ ،‬الذي تجلى لالن�سانية في �صورة‬
‫(ال �إله � اّإل اهلل) التي �صدح بها وارث ابراهيم (ع) خاتم النبيين و�سيد المر�سلين ومظهر‬
‫دين التوحيد الر�سول محمد(�ص) بقوله‪( :‬يا �أيها النا�س‪ :‬قولوا ال �إله اّال اهلل تفلحوا)‪.‬‬
‫بها ابتد أ� �شعار التوحيد وال�سالم والم�ؤاخاة فكان النا�س كما قال �أمير الم�ؤمنين‬
‫علي بن ابي طالب (ع) (�صنفان �إما �أخ لك في الدين �أو نظير لك في الخلق) فبعد �شهادة‬ ‫ّ‬
‫ال اله اال اهلل جاءت ال�شهادة والإقرار لمحمد بن عبد اهلل (�ص) بالر�سالة الإلهية لتنطلق‬
‫رحلة الت�سليم والإيمان نحو اهلل �سبحانه وتعالى ويقف الإ�سالم في مواجهة ال�شرك‬
‫والإلحاد و�أ�صحاب ال�سلطة والجاه من طواغيت الأر�ض‪.‬‬
‫فبهاتين ال�شهادتين تتحقق وحدة العقيدة الإ�سالمية في �أ�سا�سيها الأوليين وهما‬
‫توحيد اهلل والت�سليم بالر�سالة الإلهية فتقوم العالقة الإن�سانية على �أ�سا�س هذه العقيدة‬
‫في الحقوق والواجبات وحفظ الحرمات‪ ،‬فعن ر�سول اهلل (�ص) قال‪( :‬ك ّل الم�سلم على‬

‫‪69‬‬
‫الم�سل ِم حرام دمه وماله عر�ضه)‪.‬‬
‫ح�صن الإ�سالم الم�سلم وبذلك تتم الحجة‬ ‫من هنا تعرف ‪ -‬عزيزي الطالب ‪ -‬كيف َّ‬
‫ال�شرعية على �إ�سالم من نطق بال�شهادتين ويحرم حينئذ نفي �أ�صل الإ�سالم عنه وتكفيره‬
‫في العقيدة و�إن �صدر منه مايخالف �أحكام الإ�سالم التف�صيلية و�ضمن الحقوق التي‬
‫�أوجبها اهلل والدين له في حقن وحرمة دمه وماله وعر�ضه‪.‬‬
‫فال يجوز رميه بالكفر‪ ،‬و� َّإن من ج ّوز تكفيره ممن �أراد تفتيت وحدة الم�سلمين وتمزيق‬
‫�شملهم فلقد احتمل بذلك زور ًا وبهتان ًا‪ .‬كما قال ر�سول اهلل (�ص)‪.‬‬
‫ثم قال (�ص) (من قذف م�ؤمنا بكفر فهو كقاتله ومن قتل نف�سا ب�شيء عذبه اهلل بما‬
‫قتل) من هذا الموروث الر�سالي الذي اتفقت عليه المذاهب الإ�سالمية م�ؤكدة عدم �أحقية‬
‫�أ ّيه جهة بتغيير �أو تالعب به بزيادة �أو نق�ص �أو تحريف‪.‬‬
‫فكيف يحق لمن يدعي الإ�سالم �أن يكفّر الآخرين الذين يجمعهم جميعا قول ال اله‬
‫اال اهلل �أو يظلهم الإ�سالم‪ ،‬فاال�سالم دين المحبة وال�سالم ي�سعى لإ�سعاد الب�شرية جمعاء‬
‫فمن يدعي الإ�سالم اليمكن �أن يخالف �أوامره بتكفير �أخيه فكما قال (�ص) (الم�سلم �أخو‬
‫الم�سلم اليظلمه وال يخذله)‪.‬‬
‫ف� ّإن من ي�سعى لتكفير الم�سلمين‪� ،‬أو يبيح قتلهم فهو �إلى الكفر �أقرب كما ب ّينا في‬
‫�أحاديث ر�سول اهلل (�ص) �سابق ًا؛ �إذ �إنّه ي�شوه الإ�سالم ويمزق �شمل الم�سلمين و�سيبوء‬
‫بغ�ضب اهلل العلي العظيم‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪1-1‬ما الح�صانة التي يتمتع بها من قال ال �إله � اّإل اهلل ؟‬
‫‪2-2‬اذكر الأحاديث التي تب ّين حرمة تكفير الم�سلم لأخيه الم�سلم ‪.‬‬
‫‪3-3‬هل يحقّ لنا تكفير من نطق بال�شهادتين وخالف حكم ًا من �أحكام الإ�سالم‪،‬‬
‫ولماذا ؟‬
‫‪4-4‬اذكر الآية الكريمة التي تب ّين �أثر القتل في المجتمع‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫الـــريــــاء‬ ‫الدر�س اخلام�س‪:‬‬

‫�إن حقيقـة الرياء من الر�ؤية الب�صرية‪ ،‬وذلك ب�أن ي�ؤدي المرائي العادات �أمام النا�س‬
‫لكي ُيـرى �أنه يعمل العمل الذي هو من العبادة‪� ،‬إما �صالة ‪� ،‬أو تالوة ‪� ،‬أو ذكر ًا ‪� ،‬أو‬
‫حج ًا ‪� ،‬أو جهاد ًا‪� ،‬أو امتثال �أمر‪� ،‬أو اجتناب نهي‪ ،‬ونحو ذلك ‪ ،‬ال لطلب ما عند‬
‫�صدقة‪� ،‬أو ّ‬
‫اهلل ‪ ،‬ولكن من اجل �أن يراه النا�س على ذلك‪ ،‬فيثنـوا عليه بـه‪ .‬هـذا هو الرياء‪ ،‬وقد يكون‬
‫الرياء في �أ�صل العقيدة (الإ�سالم) كرياء المنافـقين‪.‬‬
‫والرياء م�صدر راءى يرائي مراءاة ورياء‪ ،‬وهو �أن ُيري النا�س �أنه يعمل عمال على‬
‫�صفة‪ ،‬وهو ي�ضمر في قلبه �صفة �أخرى‪ ،‬فهو م�ستحق للذم والعقاب‪ ،‬وال ثواب له �إال فيما‬
‫خل�صت فيه النية هلل تعالى‪.‬‬
‫وحقيقة الرياء طلب ما في الدنيا بادعاء العبادة‪ ،‬والغاية منه طلب المنزلة في قلوب‬
‫النا�س‪.‬‬
‫والرياء خلق ذميم‪ ،‬وهو من �صفات المنافقين‪ ،‬قال تعـالى‪:‬‬

‫ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﭼ‬
‫(الن�ساء ‪)142 :‬‬
‫وفي خبر الذين هم �أول من ت�س ّعر بهم النار يوم القيامة‪ ،‬وهم‪ « :‬رجل قاتل في الجهاد‬
‫حتى قتل‪ ،‬ليقال‪ :‬جريء‪ ،‬ورجل تع ّلم العلم وع ّلمه وقر�أ القر�آن ليقال‪ :‬عالم وقارئ‪ ،‬ورجل‬
‫ت�صدق ليقال‪ :‬جواد »‪.‬‬
‫�أق�سام الرياء‪:‬‬
‫‪ - 1‬الرياء بالعقيدة‪ :‬ب�إظهار الإيمان و�إخفاء الكفر‪ ،‬وهذا هو النفاق وهو �أ�شدها منكر ًا‬
‫وخطر ًا على الم�سلمين‪ ،‬لخفاء كيده‪ ،‬وت�ستّره بظالم النفاق‪.‬‬
‫‪ - 2‬الرياء بالعبادة مع �صحة العقيدة‪ :‬وذلك بممار�سة العبادات �أمام ملأ النا�س ‪ ،‬مراءاة‬
‫لهم‪ ،‬ونبذها في الخلوة وال�س ّر‪ ،‬كالتظاهر بال�صالة ‪ ،‬وال�صيام ‪ ،‬و�إطالة الركوع‬

‫‪71‬‬
‫وال�سجود والت�أنّي بالقراءة والأذكار وارتياد الم�ساجد‪ ،‬و�شهود الجماعة‪ ،‬ونحوه‬
‫من �صور الرياء‪ ،‬في �صميم العبادة �أو مكمالتها‪ ،‬وهنا يغدو المرائي �أ�ش ّد �إثم ًا من‬
‫تارك العبادة‪ ،‬ال�ستخفافه باهلل ع ّز وج ّل‪ ،‬وخداعه النا�س‪.‬‬
‫‪ - 3‬الرياء بالأفعال‪ :‬كالتظاهر بالخ�شوع‪ ،‬وتطويل اللحية‪ ،‬وو�سم الجبهة ب�أثر ال�سجود‪،‬‬
‫وارتداء المالب�س الخ�شنة ونحوه من مظاهر الزهد والتق�شف الزائفة‪.‬‬
‫‪ - 4‬الرياء بالأقوال‪ :‬كالت�شدق بالحكمة‪ ،‬والمراءاة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪،‬‬
‫والتذكير بالثواب والعقاب كذب ًا وخداع ًا‪.‬‬
‫من دواعي الرياء‪:‬‬
‫حب الجاه‪ ،‬وهو من �أهم �أ�سباب المراءاة ودواعيه‪.‬‬ ‫‪ُّ - 1‬‬
‫‪ - 2‬خوف النقد‪ ،‬وهو دافع على المراءاة بالعبادة‪ ،‬و�أعمال الخير‪ ،‬خ�شية من الذ ِّم والنقد‪.‬‬
‫‪ - 3‬الطمع‪ ،‬وهو من محفزات الرياء و�أهدافه التي ي�ستهدفها الطامعون‪� ،‬إ�شباع ًا‬
‫لأطماعهم‪.‬‬
‫‪ - 4‬الت�ستر‪ :‬وهو باعث على تظاهر المجرمين بمظاهر ال�صالح المزيفة‪� ،‬إخفا ًء لجرائمهم‪،‬‬
‫وت�ستر ًا عن الأعين‪.‬‬
‫وال ريب في �أن تلك الدواعي هي من مكايد ال�شيطان‪ ،‬و�أ�شراكه الخطيرة التي ي�أ�سر‬
‫بها النا�س‪ ،‬من ِ�ضعاف الإيمان‪.‬‬
‫ولهذا ينبغي للم�سلم البعد من الرياء والحذر من الوقوع فيه‪ ،‬وهناك �أمور تعين على‬
‫البعد منه‪.‬‬
‫كيفية البعد من الرياء‪:‬‬
‫‪ - 1‬تقوية الإيمان في القلب‪ ،‬ليعظم خوف العبد من ر ِّبه؛ ويعر�ض ع ّمن �سواه؛ ولأن قوة‬
‫الإيمان في القلب من �أعظم الأ�سباب التي يع�صم اهلل بها العبد من و�ساو�س ال�شيطان‪،‬‬
‫ومن االنقياد ل�شهوات النف�س‪.‬‬
‫‪ - 2‬االلتجاء �إلى اهلل تعالى ودعاء المرء �أن يعيذه اهلل تعالى من �ش ّر نف�سه ومن �شرور‬
‫ال�شيطان وو�ساو�سه‪ ،‬و�أن يرزقه الإخال�ص في جميع �أعماله‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ - 3‬تذكر العقوبات الأخروية العظيمة التي ُيجزى بها المرائي‪ ،‬ومن �أعظمها �أنه من �أول‬
‫من ت�س ّعر بهم النار يوم القيامة‪.‬‬
‫‪ - 4‬معرفة � ّأن نظرة النا�س وا�ستحقارهم للمرائي؛ لأنه ي�ضيع ثواب عمله الذي هو �سبب‬
‫لفوزه بالجنة ونجاته من عذاب القبر و�شدائد القيامة وعذاب النار من �أجل مدح‬
‫النا�س والح�صول على منزلة عند المخلوقين‪ ،‬فهو يبحث عن ر�ضا المخلوق بمع�صية‬
‫الخالق‪.‬‬
‫‪ - 5‬الحر�ص على عدم الوقوع في الرياء‪ ،‬وذلك بالحر�ص على �إخفاء العبادات الم�ستحبة‪،‬‬
‫ودفع الرياء عندما يخطر بالقـلب‪ ،‬وبالبعد من مجال�سة المداحين و�أهل الرياء‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك‪.‬‬

‫والب ّد من التنبيه على م�س�ألة يح�سن التنبيه عليها �أنه ال يجوز للم�سلم �أن يرمـي م�سلـما‬
‫�آخ َر بالرياء‪ ،‬ف�إن الرياء من �أعمال القلوب وال يعلمه � اّإل علاّ م الغيوب‪ ،‬واتهام الم�سلمين‬
‫بالرياء هو من �أعمال المنافقين‪.‬‬
‫ولقد �أ�ساء �أهل الرياء والنفاق �إلى الإ�سالم‪ ،‬لذا على الم�سلم حين يرى �سوء ت�صرفاتهم‬
‫� اّأل ين�سبها �إلى الإ�سالم والين�سب ه�ؤالء الأدعياء �إلى الم�سلمين فالإ�سالم خُ لقُ والتزام‬
‫وقيم عليا البلحية ك ّثة �أو جبهة مو�سومة‪ ،‬واهلل �سبحانه وتعالى بريء من ه�ؤالء الأدعياء‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬ما معنى الرياء ؟‬
‫‪ -2‬ما الفرق بين الرياء وال�سمعة ؟‬
‫‪ -3‬ما �أق�سام الرياء؟‬
‫‪ -4‬ما دواعي الرياء؟‬
‫‪َ -5‬م ْن �أول من ت�س ّعر بهم النار؟‬
‫‪ -6‬هل يجوز اتهام النا�س بالرياء ؟ ولماذا؟‬
‫‪ -7‬المرا�ؤون ي�ش ّوهون الإ�سالم‪ ،‬فهل تجوز ن�سبتهم �إلى الإ�سالم‬
‫والم�سلمين؟‬

‫‪73‬‬
‫الوحدة الرابعة‬
‫الدر�س االول‪ :‬من القر�آن الكرمي‬
‫من �سورة �سب�أ (‪)23 -1‬‬

‫�آيات الحفظ (‪)6-1‬‬

‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ ﭩﭪﭫﭬﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ‬
‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ‬
‫ﮡﮢﮣ ﮤ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪ‬
‫ﮫﮬ ﮭﮮﮯﮰ ﮱ ﯓﯔﯕﯖ‬
‫ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛﯜﯝ ﯞﯟﯠﯡ ﯢ‬
‫ﯣ ﯤﯥﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪﯫ ﯬﯭﯮﯯ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ‬
‫ﭚﭛﭜﭝ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ‬
‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ‬

‫‪74‬‬
‫ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛﯜ ﯝﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤﯥ ﯦﯧ‬
‫ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ‬
‫ﯴﯵ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻ ﯼﯽﯾﯿ ﰀ‬
‫ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ‬
‫ﰎ ﰏﰐ ﰑﰒﰓﰔ ﭑﭒ ﭓ ﭔﭕ‬
‫ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ‬
‫ﭥﭦﭧ ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ‬
‫ﭯ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ‬
‫ﮒﮓﮔﮕﮖ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜ‬
‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﮩ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯞﯟﯠﯡ‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫ﯼﯽﯾ ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ‬
‫ﰊ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ‬
‫صدق اهلل العلي العظيم‬

‫‪75‬‬
‫معاني الكلمات‬

‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫يدخل‪.‬‬ ‫يلج‬
‫ي�صعــد‪.‬‬ ‫يعرج‬
‫اليغيب واليخفى عليه‪.‬‬ ‫اليعزب عنه‬
‫ظانين عجزنا عن �إدراكهم‪.‬‬ ‫معاجزين‬
‫عذابا �شديدا‪.‬‬ ‫رجزا‬
‫قـ ُ ّطعتم و�صرتم ترابا‪.‬‬ ‫مزقتم‬
‫به جنون‪.‬‬ ‫به جنة‬
‫�أمامهم‪.‬‬ ‫بين �أيديهم‬
‫نخ�سف بهم الأر�ض نجعل الأر�ض تغور بهم‪.‬‬
‫قطعا‪.‬‬ ‫ك�سفا‬
‫راجع �إلى ر ّبه مطيع‪.‬‬ ‫منيب‬
‫رجعي معه الت�سبيح‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أ� ّوبي معه‬
‫دروع ًا وا�سعة كاملة‪.‬‬ ‫�سابغات‬
‫�أحكم �صنعتك في ن�سج الدروع‪.‬‬ ‫ال�سرد‬
‫ق ِّدر في ّ‬
‫م�سيرها من ال�صباح الى الزوال يقطعه الراكب في �شهر‪.‬‬ ‫غد ّوها �شهر‬
‫وم�سيرها من الزوال �إلى الغروب يقطعه الراكب في �شهر‪.‬‬ ‫ورواحها �شهر‬
‫معدن النحا�س الذائب‪.‬‬ ‫عين القطر‬
‫يمل عن طاعته ويخالفه‪.‬‬ ‫يزغ منهم‬
‫ق�صور ‪� ،‬أو م�ساجد‪.‬‬ ‫محاريب‬
‫مج�سمة‪.‬‬
‫�صور َّ‬ ‫تماثيل‬
‫ق�صاع كِبار والق�صعة‪ :‬ال�صحن الكبير للطعام‪.‬‬ ‫جفان‬
‫كالجوابي‪ ،‬جمع جابية‪ ،‬وهي الحو�ض الكبير‪.‬‬ ‫كالجواب‬
‫ثابتات‪.‬‬ ‫را�سيات‬

‫‪76‬‬
‫ح�شرة الأَ َر َ�ضة التي ت�أكل الخ�شب‪.‬‬ ‫دابة الأر�ض‬
‫ع�صاه‪.‬‬ ‫من�س�أته‬
‫�سقط‪.‬‬ ‫خ ّر‬
‫عالمة دالة على قدرة اهلل تعالى‪.‬‬ ‫�آية‬
‫ب�ستانان‪.‬‬ ‫جنتان‬
‫�سيل المطر ال�شديد ‪� ،‬أو ال�س ّد ‪ ،‬وال َعرِم‪ ،‬جمع َعرِمة‪ :‬وهي �س ّد‬ ‫�سيل العرم‬
‫يعتر�ض الوادي ويم�سك الماء �إلى وقت الحاجة‪.‬‬
‫م�أكول م ّر‪.‬‬ ‫�أُ ُكـل خمط‬
‫�شجر �صحراوي الثمر له‪.‬‬ ‫�أثل‬
‫نبق‪.‬‬ ‫�سِ در‬
‫ق ّدرنا فيها ال�سير جعلناه على مراحل متقاربة‪.‬‬
‫فرقناهم‪.‬‬ ‫مزّقناهم‬
‫معين‪.‬‬ ‫ظهير‬
‫فُـزِّع عن قلوبهم �أزيل عنها الفزع �أي الخوف‪.‬‬

‫المعنى العام‬
‫ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜ ﭝﭞﭟﭠ ﭡ ﭢ‬
‫تبد أ� ال�سورة بحمد اهلل والثناء على اهلل ب�صفاته التي ك ُّلها �أو�صاف كمال‪ ،‬وبنعمه‬
‫الظاهرة والباطنة‪ ،‬الدينية والدنيوية‪ ،‬الذي له ملك ما في ال�سموات وما في‬
‫الأر�ض‪ ،‬وله الثناء التام في الآخرة‪ ،‬وهو الحكيم في فعله‪ ،‬الخبير ب�ش�ؤون خلقه‪.‬‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ‬
‫ﭵﭶ‬
‫اهلل تعالى علي ٌم بكل �شيء يعلم كل ما يدخل في الأر�ض من قطرات الماء‪ ،‬وما‬
‫يخرج منها من النبات والمعادن والمياه‪ ،‬وما ينزل من ال�سماء من الأمطار‬
‫والمالئكة والكتب‪ ،‬وما ي�صعد �إليها من المالئكة و�أفعال الخلق‪ .‬وهو الرحيم‬
‫بعباده فال يعجل العقوبة لمن ع�صى‪ ،‬الغفور لذنوب التائبين �إليه المتوكلين عليه‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ‬
‫ﮇﮈﮉ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫وقال الكافرون المنكرون للبعث‪ :‬ال ت�أتينا القيامة‪ ،‬ف�أخبرهم ‪�-‬أيها الر�سول‪:-‬‬
‫بلى وربي لت�أتينَّكم‪ ،‬ولكن ال يعلم وقت مجيئها �أحد �سوى اهلل علاّ م الغيوب‪ ،‬الذي‬
‫ال يغيب عنه وزن نملة �صغيرة في ال�سموات والأر�ض‪ ،‬وال �أ�صغر من ذلك وال‬
‫�أكبر �أال و�إن كل �شيء مكتوب في كتاب وا�ضح‪ ،‬وهو اللوح المحفوظ‪ :‬ليثيب‬
‫الذين �ص َّدقوا باهلل‪ ،‬وا َّت َبعوا ر�سوله‪ ،‬وعملوا ال�صالحات‪� .‬أولئك لهم مغفرة‬
‫لذنوبهم ورزق كريم‪ ،‬وهو الجنة‪.‬‬

‫ﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮭﮮﮯﮰ ﮱ‬
‫والذين �سعوا في ال�ص ِّد عن �سبيل اهلل وتكذيب ر�سله و�إبطال �آياتنا مخالفين‬
‫�أوامر اهلل مغالبين �أمره‪� ،‬أولئك لهم �أ�سو�أ العذاب و�أ�شده �أل ًما‪.‬‬

‫ﯔﯕﯖﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛﯜﯝ ﯞﯟﯠ‬


‫ﯡﯢ ﯣ‬
‫ويعلم الذين أُ�عطوا العلم �أن القر�آن الذي �أُنزل �إليك من ر ّبك هو الحقّ ‪ ،‬وير�شد‬
‫�إلى طريق اهلل والى ك ِّل خير‪ ،‬فاهلل تعالى هوالعزيز الذي ال يغ َلب وال يمانع‪ ،‬بل‬
‫قهر كل �شيء وغلبه‪ ،‬المحمود في �أقواله و�أفعاله و�شرعه‪.‬‬

‫ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫�أما الذين �أغلقت عقولهم ي�سخرون من الن ّبي (�ص) فيقول بع�ضهم لبع�ض‬
‫ب�سخرية‪ :‬هل ندلكم على رجل يق�صدون (محمد ًا) (�ص) يخبركم �أنكم بعد �أن‬
‫تبلى �أج�سامكم تحت التراب ‪� ،‬إنكم �ستُحيون وتُبعثون من قبوركم؟ قالوا ذلك مِن‬
‫�شدة �إنكارهم للبعث والن�شور ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ‬
‫فقالوا �إن هذا الرجل اختلق على اهلل كذب ًا �أم به جنون‪ ،‬فهو يتكلم بما ال يدري؟‬
‫ور ّد القر�آن الكريم عليهم ‪ :‬لي�س الأمر كما قال الكفار‪ ،‬بل محمد (�ص) �أ�صدق‬
‫ال�صادقين‪ .‬والذين ال ي�صدقون بالبعث وال يعملون من �أجله �سينالهم العذاب‬
‫الدائم في الآخرة وال�ضالل البعيد من ال�صواب في الدنيا‪.‬‬

‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁ‬
‫�أفلم ي َر ه�ؤالء الكفار الذين لم يح�سنوا ا�ستخدام عقولهم التي وهبها اهلل لهم‪،‬‬
‫والذين ال ي�ؤمنون بالآخرة عظيم قدرة اهلل فيما بين �أيديهم وما خلفهم من ال�سماء‬
‫والأر�ض مما يبهر العقول‪ ،‬و�أنهما قد �أحاطتا بهم؟ ولو �شاء اهلل لخ�سف بهم‬
‫الأر�ض ف�ضاعوا في �شقوقها ي�صطرخون واليملكون النجاة‪ ،‬ولو �شاء اهلل لأنزل‬
‫عليهم نيزكا �أو �شهابا �أو �صاعقة تمزقهم فالي�ستطيعون تو�صية وال �إلى �أهلهم‬
‫يرجعون‪ ،‬كما فعل بقوم �شعيب‪ ،‬فقد �أمطرت ال�سماء عليهم نا ًرا ف�أحرقتهم‪� .‬إن‬
‫في ذلك عبرة لمن يعتبر فليرجع ك ّل عبد �إلى ر ّبه بالتوبة‪ ،‬ويق َّر له بالتوحيد‪،‬‬
‫ويخل�ص له في العبادة‪.‬‬

‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫في هذه الآيات ذِك ٌر لدواد و�سليمان (ع) وف�ضل اهلل عليهما و�شيء مما وهبه اهلل‬
‫لهما من نبوة ومن المعجزات فقد جعل اهلل تعالى الجبال والطير تردد الت�سبيح‬
‫مع داود‪ ،‬وم ّكنه من �إذابة الحديد وعمل الدروع لجي�شه فكان الحديد كالعجين‬
‫يت�صرف فيه كيف ي�شاء‪.‬‬

‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫�أن اعمل ياداود درو ًعا تامات و�أحكم �صنعتك في عمل الدروع‪ ،‬واعمل يا داود‬
‫�أنت و�أهلك بطاعة اهلل‪ ،‬فاهلل تعالى بما تعملون ب�صير ال يخفى عليه �شيء منها‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫و�سخَّ راهلل تعالى ل�سليمان الريح تجري طوع �أمره فجعلها تتجه نحو المكان‬
‫الذي يريده والذي ي�ستغرق �شهرا في الذهاب و�شهرا في الإياب على وفق‬
‫م�صلحة تح�صل من غدوها ورواحها‪ ،‬و�أ�سا َل اهللُ تعالى له النحا�س كما ي�سيل‬
‫والجن‬
‫ّ‬ ‫الماء‪ ،‬يعمل به ما ي�شاء‪ ،‬و�سخَّ ر له من ّ‬
‫الجن من يعمل بين يديه ب�إذن ر ّبه‬
‫الجن ومنهم الم�ؤمن ومنهم الكافر‪،‬‬
‫هم من خلق اهلل تعالى ورد ذكرهم في �سورة ّ‬
‫ومن يخالف منهم �أمراهلل تعالى الذي �أمره به من طاعة �سليمان نذقه من عذاب‬
‫النار الم�ستعرة‪.‬‬

‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬
‫يعمل الجن ل�سليمان (عليه ال�سالم) ما ي�شاء من م�ساجد للعبادة وق�صور‪،‬‬
‫وتماثيل من نحا�س وزجاج‪ ،‬و�أحوا�ض يجتمع فيها الماء‪ ،‬وقدور ثابتات ال‬
‫تتحرك من �أماكنها لعظمهن‪ ،‬وقال اهلل تعالى يا �آل داود‪ :‬اعملوا �شكر ًا هلل على‬
‫ما �أعطاكم‪ ،‬وذلك بطاعته وامتثال �أمره‪ ،‬وقليل من عباد اهلل من ي�شكر اهلل كثير ًا‪،‬‬
‫وكان داود و�آله من ه�ؤالء القليل الذين ي�شكرون اهلل على نعمه‪.‬‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ‬
‫ﰆﰇﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏﰐ ﰑﰒﰓ‬
‫الجن في عملهم ال�شاق هذا حتى بعد موت �سليمان (ع) فلما ق�ضى اهلل‬ ‫لقد بقي ّ‬
‫الجن بموته وماد َّلهم على موته �إ ّال ح�شرة الأ َر َ�ض ُة‬
‫على �سليمان بالموت لم يعلم ّ‬
‫ت�أكل ع�صاه التي كان متك ًئا عليها‪ ،‬فوقع �سليمان على الأر�ض‪ ،‬عند ذلك علمت‬
‫الجن �أنهم لو كانوا يعلمون الغيب ما �أقاموا في العذاب المذ ِّل والعمل ال�شاق‬
‫ل�سليمان؛ ظنا منهم �أنه من الأحياء‪ .‬وفي الآية �إبطال العتقاد بع�ض النا�س �أن‬
‫الجن يعلمون الغيب �إذ لو كانوا يعلمون الغيب لعلموا وفاة �سليمان (ع)‪ ،‬ولما‬ ‫ّ‬
‫�أقاموا في العذاب المهين والعمل ال�شاق‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫لقد كانت مملكة �سب أ� في جنوب "اليمن" مملكة عظيمة ُعملت فيها ال�سدود ومن‬
‫�أ�شهرها �سد م�أرب وفي ق�صة �أهل �سب أ� التي يذكرها القر�آن الكريم عِبرة وعظة‪،‬‬
‫فقد كانوا في رخاء من العي�ش ورغـد وهناء‪،‬وكانت ب�ساتينهم على يمين ال�س ّد‬
‫و�شماله تبدو الت�صالها ك�أنها ب�ستان عظيمة وفيها مال ّذ وطاب من الأثمار‪.‬‬
‫ف�أمرهم اهلل ب�شكره على نعمه؛ ف�إن بلدتهم كريمة التربة ح�سنة الهواء‪ .‬عامر ًة‬
‫بالخيرات‪.‬‬

‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭰﭱﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁﮂ ﮃ‬
‫ف�أعر�ضوا عن �أمر اهلل و�شكره وكذبوا ال ُّر�سل و�أكثروا المعا�صي وان�صرفوا‬
‫�إلى الملذات‪ ،‬ف�أر�سل اهلل تعالى عليهم ال�سيل الجارف ال�شديد الذي خ َّرب ال�سد‬
‫و�أغرق الب�ساتين‪ ،‬وب َّدلناهم بجنتيهم المثمرتين جنتين ذوات َْي �أكل خمط وهو‬
‫الثمر الم ّر الكريه الطعم‪ ،‬و�أ ْثل وهو �شجر ال ثمر له‪ ،‬وقليل من �شجر ال َّن ْبق‬
‫كثير ال�شوك‪ .‬ذلك التبديل من خير �إلى �ش ّر ب�سبب كفرهم‪ ،‬وعدم �شكرهم ِن َع َم‬
‫الجحود المبالغ في الكفر‪ ،‬يجازى‬ ‫اهلل‪ ،‬وما نعاقب بهذا العقاب ال�شديد � اّإل َ‬
‫بفعله مثال بمثل‪.‬‬

‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ‬
‫ﮑﮒﮓﮔﮕ‬
‫لقد كانت بين �أهل �سب�أ وهم "باليمن"‪ -‬وموا�ضع التجارة قرى ظاهرة قوية‬
‫ال�سلطان مت�صلة ُيرى بع�ضها من بع�ض‪ ،‬ي�سيرون فيه �آمنين للتجارة وجعلنا‬
‫ال�سير فيها �سير ًا ال م�شقة فيه‪ ،‬وقلنا لهم‪� :‬سيروا في تلك القرى في � ِّأي وقت‬
‫�شئتم من ليل �أو نهار‪� ،‬آمنين ال تخافون عد ًّوا‪ ،‬وال جوع ًا وال عط�ش ًا‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮟﮠﮡ‬
‫ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ولكنهم لم يقنعوا بهذه التجارة القريبة المنال فبطروا معي�شتهم وطلبوا‬
‫التجارة البعيدة فبطغيانهم م ُّلوا الراحة والأمن ورغد العي�ش‪ ،‬وقالوا‪ :‬ربنا‬
‫اجعل قُرانا متباعدة؛ ليبعد �سفرنا بينها‪ ،‬فال نجد قرى عامرة في طريقنا‪،‬‬
‫فظلموا �أنف�سهم وتفرقوا في البالد البعيدة وتمزق ُملكهم بانهيار �سد م�أرب‬
‫و�صاروا �أحاديث للنا�س‪� ،‬إن فيما ح َّل "ب�سب�أ" َلعبرة لكل �ص َّبار على المكاره‬
‫وال�شدائد‪� ،‬شكور لنعم اهلل تعالى‪.‬‬
‫ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯔﯕ ﯖ‬
‫ولقد ظن �إبلي�س ظنًا غير يقين �أنه �سي�ضل بني �آدم و�أنهم �سيطيعونه في مع�صية‬
‫اهلل‪ ،‬فلقد ا�ست�سلم �أولئك القوم لغواية ال�شيطان ف�ص َّدق ظنه عليهم‪ ،‬ف�أطاعوه‬
‫وع�صوا ربهم‪ ،‬با�ستثناء فريق من الم�ؤمنين باهلل لم يكن با�ستطاعة ال�شيطان �أن‬
‫يغويهم‪ ،‬ف�إنهم ثبتوا على طاعة اهلل‪.‬‬
‫ﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ‬
‫ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫وما كان لإبلي�س على ه�ؤالء الكفار مِ ن �سلطان يجبرهم على الكفـر‪ ،‬ولكن حكمة‬
‫اهلل اقت�ضت ت�سويله لبني �آدم‪ :‬ليظهر ما علمه اهلل تعالى �سبحانه في الأزل؛‬
‫وليميز َمن ي�ص ِّدق بالبعث والثواب والعقاب ممن هو في �شك من ذلك‪ .‬وربك‬
‫على ك ّل �شيء حفيظ اليغيب والي�ضيع عنه �شيء‪ ،‬يحفظه ويجازي عليه فجعل‬
‫اهلل جزاء العمل ال على مايعلمه م�سبقا‪.‬‬
‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫ﯼﯽﯾ ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ‬
‫قل ‪�-‬أيها الر�سول‪ -‬للم�شركين‪ :‬ادعوا الذين زعمتموهم �شركاء هلل فعبدتموهم‬
‫من دونه من الأ�صنام والمالئكة والب�شر‪ ،‬واق�صدوهم في حوائجكم‪ ،‬ف�إنهم‬
‫لن يجيبوكم‪ ،‬فهم ال يملكون وزن نملة �صغيرة في ال�سموات وال في الأر�ض‪،‬‬
‫ولي�س لهم ِ�ش ْركة فيهما‪ ،‬ولي�س هلل من ه�ؤالء الم�شركين معين على خلق �شيء‪،‬‬
‫بل اهلل ‪� -‬سبحانه وتعالى‪ -‬هو المتف ّرد بالإيجاد‪ ،‬فهو الذي ُي ْع َب ُد وحده‪ ،‬وال‬
‫ي�ستحق العبادة �أحد �سواه‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫وال تنفع �شفاعة ال�شافع عند اهلل تعالى � اّإل لمن �أذن له‪ .‬ومن عظمته وجالله ع َّز‬
‫وجل �أنه �إذا تك ّلم �سبحانه بالوحي ف�سمع �أهل ال�سماوات كالمه �أُرعدوا من‬
‫الهيبة‪ ،‬كالمغ�شي عليهم‪ ،‬ف�إذا زال الفزع عن قلوبهم �س�أل بع�ضهم ً‬
‫بع�ضا‪ :‬ماذا‬
‫قال ربكم؟ قالت المالئكة‪ :‬قال الحق‪ ،‬وهو الإذن بال�شفاعة ل َم ْن ي�ستحقها واهلل‬
‫العلي بذاته‪ ،‬الكبير على كل �شيء‪.‬‬
‫تعالى هو ُّ‬
‫اهم ماتر�شد اليه الآيات‬
‫‪ -1‬وجوب حمد اهلل تعالى و�شكره بالقلب والل�سان والجوارح ‪.‬‬
‫‪ -2‬ال يحمد في الدنيا والآخرة � اّإل اهلل �سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫‪ -3‬بيان علم اهلل تعالى بك ّل �شيء الظواهر والبواطن في كل خلقه‪.‬‬
‫‪ -4‬وجوب توحيد اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ّ � -5‬إن اهلل تعالى هو عالم الغيب وفي ذلك �إبطال دعوى الم�شعوذين وال�سحرة‪،‬‬
‫ومن يدعي العلم بالغيب عن طريق الجن‪.‬‬
‫‪ -6‬بيان ما كان الم�شركون عليه من ا�ستهزاء وتكذيب و�سخرية بالنبي (�ص)‪.‬‬
‫‪ -7‬لفت الأنظار �إلى قدرة اهلل تعالى المحيطة بالإن�سان فهو قادر على �أن يغ ّير‬
‫َ‬
‫فليخ�ش اهلل تعالى ويرهبه في�ؤمن به ويعبده ويوحده‪.‬‬ ‫حاله من حال �إلى حال‬
‫‪ -8‬بيان �إكرام اهلل تعالى لآل داود وما وهب داود و�سليمان (ع) من الآيات‪.‬‬
‫‪� -9‬ضرورة �صنع ال�سالح و�آالت الحرب لغر�ض الجهاد في �سبيل اهلل والتهي�ؤ‬
‫لمواجهة الأعداء‪.‬‬
‫‪ -10‬وجوب اتقان العمل ‪.‬‬
‫‪ -11‬وجوب ال�شكر على النعم‪ ،‬و�أهم ما يكون به ال�شكر ال�صالة والإكثار منها‪.‬‬
‫‪ -12‬التحذير من الإعرا�ض عن دين اهلل ف�إنه متى ح�صل لأمة‪ ،‬نزلت بها ال ِنقَم‬
‫و�سلبها اهلل النعم‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ -13‬التحذير من كفر النعم بالإ�سراف فيها و�صرفها في غير مر�ضاة اهلل عز‬
‫وجل‪.‬‬
‫‪ -14‬ف�ضيلة ال�صبر وال�شكر وعلو �ش�أن ال�صبور ال�شكور‪.‬‬
‫‪ -15‬التحذير من االغترار بالدنيا �أي من طول العمر و�سعة الرزق و �سالمة البدن‪.‬‬
‫‪ -16‬التحذير من ال�شيطان ووجوب االعتراف بعداوته‪ ،‬ومعاملته معاملة العدو‬
‫فال يقبل كالمه وال ي�ستجاب لندائه وال يخدع بتزيينه للقبيح وال�شر‪.‬‬
‫‪ -17‬بيان جزاء �أولياء الرحمن �أعداء ال�شيطان‪ ،‬وجزاء �أعداء الرحمن �أولياء‬
‫ال�شيطان‪.‬‬
‫‪ -18‬التحذير من اتباع الهوى واال�ستجابة لل�شيطان ف�إن ذلك ي�ؤدي بالعبد‬
‫�إلى �أن ي�صبح وهو يرى الأعمال القبيحة ح�سنة ويومها يحرم هداية اهلل فال‬
‫يهتدي �أبد ًا وهذا ينتج عن �إدمان المعا�صي والذنوب‪.‬‬
‫‪ -19‬تقرير البعث والجزاء و�أن كل �شيء مث ّبت في كتاب وهو اللوح المحفوظ‪.‬‬
‫‪ّ � -20‬إن ال�شفاعة هلل تعالى وللنبيين ولمن ارت�ضاهم اهلل ‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫ظن ابلي�س على جميع النا�س؟ وما ظنه ؟‬ ‫‪ -1‬هل ي�صدق ّ‬
‫‪ -2‬ماعاقبة البطر ؟ ا�ست�شهد بق�صة من ال�سورة‪.‬‬
‫‪ -3‬ما الذي �سخّ ره اهلل تعالى لداود و�سليمان ؟‬
‫‪ -4‬ما الذي د ّل على موت نبي اهلل �سليمان (ع) ؟ وعالم يد ّل ذلك ؟‬
‫‪ -5‬عدد �أهم ماير�شد �إليه الن�ص ‪.‬‬
‫‪ -6‬من الم�ستحق للحمد في الدنيا والآخرة ؟‬
‫الن�ص الدال على وجوب �إتقان العمل؟‬
‫‪ -7‬ما ّ‬

‫‪84‬‬
‫الدر�س الثاين‪ :‬من احلديث النبوي ال�رشيف‬
‫طرق النجاة‬

‫(لل�شرح)‬

‫قال ر�سول اهلل (�ص)‬


‫يوم‬
‫رب ِ‬ ‫رب ال ُدنيا ن َّف َ�س اهلل ع ْن ُه ُكرب ًة من ُك ِ‬
‫ؤمن ُكرب ًة من ُك ِ‬
‫( َمنْ ن َّف َ�س عن م� ٍ‬
‫ي�س َر اهللُ عليه في ال ُدنيا والآخرةِ ‪ ،‬ومن �س َت َر‬ ‫القيام ِة ‪ ،‬ومن ي�سَّ َر على ُمع�س ٍر َّ‬
‫عون العب ِد ما كان العب ُد في‬ ‫م�سلماً �ست َر ُه اهلل في ال ُدنيا والآخرةِ ‪ ،‬واهلل في ِ‬
‫يلتم�س فيه علماً َ�س َه َل اهلل ل ُه به طريقاً �إلى‬ ‫ُ‬ ‫�سلك طريقاً‬
‫عون �أخي ِه ‪ ،‬و َمنْ َ‬ ‫ِ‬
‫ويتدار�سونه‬
‫ُ‬ ‫بيوت اهلل يت ُلون َ‬
‫كتاب اهلل‬ ‫بيت من ِ‬ ‫اجتمع قو ٌم في ٍ‬
‫َ‬ ‫الجن ِة ‪ ،‬وما‬
‫َ‬
‫بينهم �إال نزلتْ عليهم ال�سكين ُة ‪ ،‬وغ�شي ُتهم الرحم ُة ‪ ،‬وحف ُتهم المالئك ُة ‪،‬‬
‫وذك َرهُ م اهلل فيمن عن َد ُه ‪ ،‬ومن �أبط�أ ب ِه ع َم ُله لم ُي�سرع به ن�س ُبهُ)‬
‫�صدق ر�سول اهلل (�ص)‬

‫معاني الكلمات‬

‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫�أزال وف َّرج‪.‬‬ ‫نفَّ�س‬
‫هو المعترف باهلل �سبحانه ومالئكته وكتبه ور�سله واليوم‬
‫الآخر والقدر خيره و�ش ّره �إعتراف ًا حقيقي ًا الي�شوبه ّ‬
‫�شك �أو‬ ‫الم�ؤمن‬
‫يعتريه فتور ‪.‬‬
‫الكربة‪ :‬ال�شدة والغم والحزن‪.‬‬ ‫ُكربة‬
‫�سهل وخفف‪.‬‬ ‫ي�سر‬
‫َّ‬
‫الع�سر ال�ضيق وال�ش َّدة وال�صعوبة وهو �ض َّد الي�سر‪.‬‬ ‫مع�سر‬
‫غطى و�أخفى العيب‪.‬‬ ‫�ستر‬
‫م�ساعدة ون�صرة‪.‬‬ ‫عون‬

‫‪85‬‬
‫�سار في طريق‪.‬‬ ‫�سلك طريق ًا‬
‫يطلب ويريد‪.‬‬ ‫يلتم�س‬
‫الطم�أنينة والهدوء وزوال الرعب‪.‬‬ ‫ال�سكينة‬
‫�أحاطت بهم ودارت حولهم‪.‬‬ ‫حفتهم‬
‫�شملتهم وعمتهم‪.‬‬ ‫غ�شيتهم‬
‫من �أخَّ ره عمله ال�سيىء لم ينفعه في الآخرة �شرف الن�سب‪.‬‬ ‫�أبط أ� به عمله‬
‫ا�شتراك من جهة الأبوين �أو القرابة‪.‬‬ ‫الن�سب‬
‫�شرح الحديث ال�شريف‬
‫يعامل اهلل �سبحانه النا�س على قدر ما يعاملون هم غيرهم ف� ْإن رفق الم�ؤمن ب�أخيه‬
‫رفق اهلل به‪ .‬قال ر�سول اهلل (�ص)‪( :‬من اليرحم النا�س ال يرحمه اهلل) فالذي �ضاقت‬
‫عليه الحياة وطغت عليه الأزمات يحتاج الى �أية م�ساعدة من �أخوانه الم�ؤمنين تعينه‬
‫وتف ّرج �ضيقه وتذهب كربته وتخفّف عنه �أزمته‪ .‬وفي مثل هذه الأمور يظهر دور الم�سلم‬
‫ال�صادق في �إيمانه في�سارع �إلى تخفيف �ألم �أخيه وحرجه‪ ..‬بالمال‪ ..‬وبالكلمة الطيبة‬
‫والرعاية الأخوية له ولأبنائه و�أ�سرته‪ .‬ف�إذا ما عمل الم�ؤمن ذلك خفّف اهلل عنه ُكرب يوم‬
‫القيامة و�أهوالها و�شدائدها‪.‬‬
‫وقد ي�ضطر الم�سلم �إلى االقترا�ض (اال�ستدانة) من �أخيه الم�سلم‪ ،‬وقد يعجز‬
‫المقتر�ض عن �إيفاء الدين في وقته في�ؤخره ب�سبب �ضيق حاله‪ .‬فكم هو رائع �أن يتنازل‬
‫الدائن لأخيه المدين عن بع�ض الدين �أو ك ّله �أو يمهله‪� ،‬أو في الأقل يفرقه (يق�سطه)‬
‫عليه تفريج ًا �أو تخفيف ًا عن �أخيه الم�سلم فاهلل عز وجل يي�سر عليه في الدنيا والآخرة قال‬
‫(�ص)‪( :‬من �أنظر مع�سر ًا �أو و�ضع عنه �أظ ّله اهلل في ظ ّله يوم ال ظ ّل � اّإل ظ ّله) والإن�سان‬
‫غير مع�صوم من الخط�أ‪ ،‬ف�إذا ز َّل فيجب على الم�سلم �ستر �أخيه الم�سلم‪ ..‬بل يجب التطوع‬
‫لإر�شاده فقد يكون في ذلك فر�صة له للعودة �إلى ال�صواب والر�شاد فاهلل �سبحانه وتعالى‬
‫ال يريد �أن ت�شيع الفاح�شة بين الم�ؤمنين قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ‬
‫(النور‪.)19/‬‬ ‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﭼ‬

‫‪86‬‬
‫(هذا �إذا كان الإن�سان �صاحب الز ّلة من �أهل الحياء) �أما �إذا كان فاح�ش ًا متعمد‬
‫المع�صية مجاهر ًا بفعلته فال يجوز �ستره وال �س ّيما لتحذير الم�ؤمنين من �ش ّره‪ .‬وجزاء‬
‫من �ستر الم�سلم �أن اهلل ي�ستر عيوبه في الدنيا والآخرة‪ ،‬قال (�ص)‪( :‬ال ي�ستر عبد عبد ًا‬
‫في الدنيا � اّإل �ستره اهلل يوم القيامة) يهيئ له الظرف الذي يمنع النا�س من الإطالع على‬
‫ما يجب � اّأل يعلمه عنه �أحد‪ .‬وفي يوم القيامة يغفر له ذنوبه ويتجاوزها في�ستر بذلك‬
‫عليه‪ .‬وهكذا ما دام الإن�سان ممتلئ القلب بالود طاهر النف�س‪ ،‬عامر ال�شعور بالخير ُمعين ًا‬
‫للنا�س قدر ما ي�ستطيع ف� ّإن اهلل يعينه على ق�ضاء حوائجه ورغباته ال�شريفة‪.‬‬
‫ولما كان العلم هو العامل الأ�سا�سي في تعرف الخير ومحاولة التمر�س به‪ ..‬وهو‬
‫ويو�ضح �شريعة اهلل له‪ .‬وبالعلم‬
‫الذي ُيهذب العقول والنفو�س ويرفع مكانة العبد عند اهلل ّ‬
‫ترتقي الأمم وت�سعد الأوطان وترتقي ال�شعوب ذرى المجد‪ ،‬ومن دونه يكون التخبط‬
‫وال�ضالل‪ ..‬لهذا كله‪ :‬ق ّدر الم�سلمون العلم حقَّ قدره ف�أقبلوا عليه ب�شغف وحما�س‪،‬‬
‫والقر�آن الكريم يح ُّثهم على ذلك ويطلب المزيد‪ ..‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﭼ (الزمر‪)9 :‬‬

‫وفي الأثر‪( :‬اطلب العل َم من المه ِد �إلى ال ّلحدِ)‪ .‬فالإ�سالم �إذن‪� ،‬أراد العلم و�شجع عليه‪،‬‬
‫(طلب العل ِم فري�ض ٌة على ك ِّل م�سل ٍم)‪.‬‬
‫بل فر�ض على الم�سلمين طلب العلم‪ ،‬قال (�ص)‪ُ :‬‬
‫وكانت م�ساجد الم�سلمين تغ�ص بطالب العلم‪ ..‬يعكفون على كتاب اهلل و�سنّة نبيه‪.‬‬
‫بالدر�س والتتبع حتى نبغ منهم رجال �أغنوا هذه الأمة والح�ضارة الإن�سانية بفي�ض غزير‬
‫من علوم ال�شريعة والفقه والهند�سة والكيمياء والريا�ضيات والطب والتاريخ والفلك‬
‫وغيرها‪ ،‬وال �شك في �أَن العلم الذي يحثّ الإ�سالم على طلبه هو العلم النافع الديني والدنيوي‬
‫الذي يغر�س الإيمان في القلوب ويهدي لل�صالح ويحقق النفع للنا�س‪ .‬و�أولها كتاب اهلل‬
‫م�صدر ك ّل العلوم ومجمعها‪ .‬ولذا فالذين يتدار�سون كتاب اهلل ويتفقهون في ن�صو�صه‬
‫و�أحكامه وعدهم اهلل بتكريم وتعظيم ال تطيق العقول ت�صوره‪ .‬فتنزل ال�سكينة في قلوبهم‪.‬‬
‫فتم أل جوانحهم بال�سعادة وتزيل القلق والتعب الروحي منهم فالرحمة الإلهية تغ�شاهم‪.‬‬
‫وتغ�س ُل �آثامهم وتمحو ذنوبهم‪ ،‬وقد �أثبت القر�آن الكريم ح�ضور المالئكة لال�ستماع في‬
‫مجل�س القر�آن فالمالئكة يحيطون بهم ويفعمون ج ّوهم نور ًا و�أن�س ًا‪ .‬واهلل �سبحانه يباهي‬
‫به�ؤالء الم�ؤمنين مالئكته ويذكرهم بالخير والثناء؛ لأَنهم عرفوا طريقهم و�سيطروا على‬

‫‪87‬‬
‫�أهوائهم فما �أطيب مجال�سهم‪ ،‬مجل�س العلم‪ ،‬مجل�س كتاب اهلل الكريم‪.‬‬
‫الإيمان والعمل ال�صالح‪ ،‬هما طريق النجاة وهما �سبيل العبور �إلى الجنة والخال�ص‬
‫من النار‪ .‬قال رجل لر�سول اهلل (�ص)‪ :‬قل لي في الإ�سالم قو ًال ال �أ�سال عنه �أحد ًا غيرك‬
‫قال‪( :‬قل �آمنت باهلل‪ ،‬ثم ا�ستقم) فالعبرة في تقويم الإ�سالم بالإيمان والعمل ال بالأمل‬
‫فمن اليعمل ال�صالحات التي �أمر اهلل بها والتي ت�ؤدي �إلى �إ�صالح نف�سه‪ ،‬ونفع النا�س‪ .‬فال‬
‫يغني عنه في الآخرة ن�سبه واليغني عنه �أي�ض ًا ا ّدعا�ؤه الإ�سالم فقط‪.‬‬
‫والذي يعتمد على ن�سبه فقط ويظن �أَنه بن�سب ِه تعلو مكانته عند اهلل ‪-‬فقد �أخط�أ‪-‬‬
‫و�أ�ضاع عمره بما الينفع و�صدق اهلل العظيم �إذ يقول‪:‬‬

‫ﭽﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﭼ (الم�ؤمنون‪.)102-101/‬‬

‫وبهذا فال تفاخر بالجن�سيات وال بالع�صبيات وال تمايز بالألوان‪.‬و�إنما التفا�ضل‬
‫بالتقوى والعمل ال�صالح‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫�أهم ما ير�شد �إليه الحديث ال�شريف‬
‫�أ‪ -‬يجب على الم�سلمين كافة التعاون على الخير وتفريج بع�ضهم كرب بع�ض‬
‫وتي�سير �أمورهم المعا�شية فيما بينهم‪ ،‬و�ستر عوراتهم‪ ،‬وق�ضاء حوائجهم‬
‫وبهذا يتقرب الم�سلم �إلى اهلل ويك�سب محبته وتوفيقه‪.‬‬
‫ب‪ -‬الإ�سالم دين العلم‪ ،‬نا�شد الم�سلمين وكرر المنا�شدة في طلب العلم‪ ،‬لما فيه‬
‫من خير وقوة للفرد والأمة‪.‬‬
‫جـ‪ -‬حثَّ الر�سول (�ص) على تالوة القر�آن الكريم ومدار�سته واال�ستفا�ضة في‬
‫علمه‪ ..‬فهو م�صدر كل خير وهو الآمر بكل معروف والناهي عن كل منكر‪..‬‬
‫وفيه الهداية وفيه البركة‪.‬‬
‫د‪ .‬الم�سلمون �سوا�سية ك�أ�سنان الم�شط و�إن �أكرمهم عند اهلل اتقاهم‪ ،‬فبالتقوى‬
‫والعمل ال�صالح تعلو قيمة المرء عند اهلل تعالى فيرفع منزلته عنده‪ ،‬فالتقوى‬
‫والعمل ال�صالح ميزان التفا�ضل عند اهلل تعالى‪ ..‬وهذا الميزان هو الذي‬
‫تنهار �أمامه االعتبارات الأخرى من ن�سب �أو مال كثير‪� ،‬أو لون �أو غير ذلك‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪� .1‬إن الإن�سان غير مع�صوم من الخط�أ‪ ،‬فما واجب الم�سلم تجاه �أخيه �إذا ز َّل‬
‫�أو �أخط�أ؟‬
‫‪ .2‬بالعلم ترتقي الأمم ذرى المجد وت�سعد الأوطان‪ .‬ب ّين موقف الإ�سالم من‬
‫العلم؟‬
‫‪ .3‬التقوى والعمل ال�صالح �أ�سا�س التفا�ضل‪� ،‬أين تجد هذا المعنى في الحديث‬
‫النبوي ال�شريف؟‬

‫‪89‬‬
‫الدر�س الثالث‪ :‬من ق�ص�ص القر�آن‬
‫نبي اهلل �إدري�س (ع)‬
‫ُّ‬
‫قال تعالى‪ :‬ب�سم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫ﭽ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﭼ‬
‫(مريم‪)٥٧ - ٥٦ :‬‬

‫ﭽ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫(الأنبياء‪)٨٦ - ٨٥ :‬‬ ‫ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﭼ‬
‫�س ّمي نبي اهلل �إدري�س(ع) لكثرة درا�سته‪ .‬وقد كان خياط ًا ويقال �إنه �أ ّول من خاط‬
‫الثياب ولب�سها‪� .‬إذ كانت النا�س قبله تلب�س الجلود‪.‬‬
‫�أخذ يدعو النا�س ويعظهم وينور قلوبهم من خالل ما اهتدى �إليه من معرفة اهلل‪ .‬حتى‬
‫جعله اهلل �سبحانه نبي ًا فظ ّل يعبده ويدعو �إلى عبادته‪.‬‬
‫كان في بدء نبوة �إدري�س (ع) ملك جبار ظالم وكان يتنزه فم ّر بب�ستان و�أعجب ُه ما في‬
‫الب�ستان من �أ�شجار وثمار ونباتات وكان هذا الب�ستان لرجل من الم�ؤمنين‪ .‬فطمع الملك‬
‫الظالم بذلك الب�ستان وطلب الى �صاحبه �أن يعطيه �إياه فقال الم�ؤمن � َّإن (عيالي �أحوج‬
‫اليه منك) غ�ضب الملك كثير ًا وح ّدث امر�أته بذلك وكانت قا�سية القلب وقالت له �س�أعطيك‬
‫حجة لتقتل الرجل ف�أر�سلت جماعة من �أ�صحابها الكافرين و�أمرتهم ب�أن ي�شهدوا على‬
‫الم�ؤمن �أمام الملك ب�أنه على غير دين الملك ف�شهدوا على ذلك فقتله الملك و�سلب �أر�ضه‪.‬‬
‫كان اهلل يرى وي�سمع فغ�ضب للم�ؤمن و�أوحى اهلل تعالى الى �إدري�س (ع) �أن �أحمل‬
‫ر�سالتي �إذا ر�أيت عبدي الجبار وقل له‪� :‬أما ر�ضيت ب�أن قتلت عبدي الم�ؤمن حتى �أخذت‬
‫وعذبت عياله من بعده �أما وعزتي وجاللي لأنتقمن له منك في الآجل ولأ �سلبنَّك‬ ‫َ‬ ‫�أر�ضه‬
‫ملكك في العاجل‪.‬‬
‫حمل �إدري�س (ع) ر�سالة اهلل �إلى الملك الظالم فغ�ضب وه َّدد �إدري�س (ع) بالقتل‬
‫التخ�ش من ر�سالة �إدري�س ف�سوف �أر�سل من يقتله لتبطل‬ ‫َ‬ ‫فقالت زوجة الملك المجرمة‪:‬‬
‫تلك الر�سالة حينها خرج �إدري�س (ع) من القرية مع جماعة من �أ�صحابه وعند ال�سحر‬
‫ناجى ربه �سبحانه ودعاه وا�ستجاب اهلل دعاءه ووعده ب�أن ينتقم من الملك وزوجته‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫ونتعلم من هذه الق�صة در�س ًا �أن اهلل الين�سى ك ّل ظالم م�ستب ّد يتك ّبر على عباد اهلل‬
‫فيكون م�صيره العقاب ال�شديد‪.‬‬

‫�أهم الدرو�س والعبر في ق�صة نبي اهلل �إدري�س (ع)‬

‫‪ -1‬يحثّ اهلل �سبحانه وتعالى على �أهم خ�صلة يجب �أن يتح ّلى بها الإن�سان‬
‫ويلتزمها وهي العمل‪ ،‬حتى لو كان �شاق ًا وي�أمر اهلل الجميع �أن ي�ؤدوا �أعمالهم‬
‫إخال�ص ففيه عزتهم وارتفاع مكانتهم ويغنيهم عن الحاجة �إلى النا�س‬ ‫ب�أمانة و� ٍ‬
‫و�س�ؤالهم‪.‬‬
‫نبي اهلل �إدري�س (ع) كان يعمل‬ ‫‪ -2‬جميع الأنبياء (ع) كانوا �أ�صحاب عمل وهاهو ّ‬
‫خياط ًا‪.‬‬
‫‪ -3‬يجب على الإن�سان �أال يطمع ب�شيء اليملكه وال يغت�صب �أموال الآخرين بالقوة‬
‫والجبروت‪ ،‬في�ؤدي ذلك �إلى القتل والجريمة وفي النهاية يكون م�صيره �إلى‬
‫النار‪.‬‬
‫‪� -4‬أن يعلم الإن�سان �أن اهلل �سبحانه وتعالى رقيب يعلم ما ن�س ُّر وما نعلن من �أعمال‪،‬‬
‫فيجب ان َنز َِن �أعمالنا و�أقوالنا وجعلها في مر�ضاة اهلل �سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وحب التملكمنالآفاتالتيت�ؤديب�صاحبها �إلىالعقوبةالإلهية‪.‬‬ ‫‪-5‬الطمعوالج�شع ّ‬

‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬لماذا �سمي �إدري�س بهذا اال�سم؟ وما كانت مهنته؟‬
‫‪ -2‬لماذا طلب الملك الى �صاحب الب�ستان �أن يعطيه �إياه؟ وماكان ر ّد الرجل‬
‫الم�ؤمن؟‬
‫‪َ -3‬م ْن الذي طلب الى الملك اغت�صاب الب�ستان؟‬
‫‪ -4‬لماذا عاقب اهلل �سبحانه الملك على فعلتهِ؟‬

‫‪91‬‬
‫الدر�س الرابع‪ :‬حقوق الإن�سان يف الإ�سالم‬

‫الإن�سان هو اللبنة اال�سا�سية في المجتمع‪ ،‬وعليه يتوقف �صالح المجتمع وف�ساده‬


‫ومن هنا عني الإ�سالم بالفرد كثيرا ف�شرع له حقوقه التي تحفظ كيانه و�صالحه و�أمنه‪،‬‬
‫وعالج ذلك ب�شمول وعمق‪ ،‬و�أحاط كل ذلك ب�ضمانات كافية لحماية تلك الحقوق وقد‬
‫�شرعت هذه الحقوق قبل �أكثر من �أربعة ع�شر قرنا ً‪ ،‬ومن هذه الحقوق‪:‬‬
‫حق الحياة‬ ‫�أو ًال‪ُّ :‬‬
‫إ�سالمي محفوظة وم�صونة‪� ،‬صغير ًا كان �أم‬
‫ّ‬ ‫�إن حياة الإن�سان في ظ ّل الت�شريع ال‬
‫كبير ًا ذكر ًا كان �أم �أنثى اليجوز االعتداء عليها �إال بالحق قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫(اال�سراء ‪)33 /‬‬ ‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫﭼ‬
‫وقال تعالى‪:‬‬
‫ﭽﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫(المائدة ‪)32/‬‬ ‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭼ‬
‫وقال تعالى‪:‬‬
‫ﭽﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫(الن�ساء‪)٩٣ :‬‬ ‫ﮝﮞﮟﮠ ﮡﮢﭼ‬
‫وقال ر�سول اهلل (�ص)‪( :‬لزوال الدنيا �أهون على اهلل من قتل رجل م�سلم)‬
‫والم�سلم وغيره �سواء في ا�ستحقاق الحياة وحرمة الدم ما لم يكن معلنا حربه على‬
‫الإ�سالم والم�سلمين‪.‬‬
‫قال (�ص)‪( :‬من قتل رج ًال من �أهل الذمة لم يجد ريح الجنة ‪،‬و�إن ريحها ليوجد من‬
‫م�سيرة �سبعين عام ًا )‬
‫بل بلغ به الأمر �أنه توعد من ي�ؤذي �أهل الذمة ب�أن يكون (�ص) هو الخ�صيم يوم‬
‫القيامة‪� ،‬إذ يقول‪( :‬من �آذى ذميا كنت خ�صمه يوم القيامة) و�إِنما �شرع الق�صا�ص ت�أمين ًا‬
‫‪92‬‬
‫لحياة النا�س و�سالمتهم ‪ ،‬وهذا هو معنى قوله �سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﭼ (البقرة‪)179 /‬‬

‫ثانياً‪ُّ :‬‬
‫حق الحرية‬
‫يولد الإن�سان حر ًا بفطرته والحرية حقٌّ مالزم له لي�س لأحد �أن يعتدي عليه �أو �أن‬
‫ينتق�ص منه � اّإل بحقه على � اّأل تتجاوز على حقوق الآخرين فمتى تجاوزت على حقوق‬
‫غيرك انتهت الحرية ال�شخ�صية‪ ،‬وقال عمر بن الخطاب (ر�ض)‪( :‬متى ا�ستعبدتم النا�س‪،‬‬
‫وقد ولدتهم �أمهاتهم �أحرار ًا) ولهذا الحق تطبيقات كثيرة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬حرية العقيدة‬
‫� ّإن اهلل تعالى ارت�ضى لعبادة اال�سالم‪.‬‬
‫قال تعالـى ‪ :‬ﭽ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭼ (ال عمران‪)19 /‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﭽﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﭻﭼ (ال عمران‪)85/‬‬
‫يرت�ض اهلل �سبحانه وتعالى �أن يكون الإ�سالم مبني ًا على الإكراه �إذ يقول‪:‬‬
‫ولم ِ‬
‫ﭽ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﭼ ( البقرة‪)256 /‬‬
‫ولم يرت�ض لعباده �أن يكون �إيمانهم مبنيا على تقليد الآباء والأجداد‪:‬‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭼ (البقرة ‪)170 /‬‬
‫وقال تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ‬
‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐﭼ (ال�شورى‪)15 /‬‬

‫‪93‬‬
‫ولم ي�شتبك الم�سلمون في القتال مع الكفار � اّإل بعد �أن و�صل ه�ؤالء ح ّد ًا �أ�صبح ينذر‬
‫الم�سلمين بالخطر في عقيدتهم ووجودهم وحين وقف قادة الكفر لي�صدوا هذا الدين‬
‫الجديد ولم ي�شتبكوا في القتال مع �أهل الكتاب � اّإل بعد خيانتهم وغدرهم‪ ،‬بل لقد �أمرنا‬
‫اهلل ب� اَّأل نجادلهم � اّإل بالتي هي �أح�سن ‪،‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙﭼ ( العنكبوت‪)46/‬‬
‫و�أمرنا �أن نعد َل مع النا�س جميع ًا حتى مع الأعداء و�إن كانوا كفار ًا قال اهلل‪:‬‬
‫ﭽ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﭼ (المائدة ‪)8/‬‬
‫و�أمرنا ب�ضمان حرية اعتقاد النا�س في ظل اال�سالم قال اهلل تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ ( الكافرون ‪)6/‬‬

‫‪ -2‬حرية الر�أي‪:‬‬
‫ويق�صد بها ان للإن�سان الحقّ في �أن ُيح ّكم عقله في مايعر�ض له من الم�سائل المختلفة‬
‫�سواء �أكانت علمية �أم اجتماعية فال ينقاد �إال لما ي�ؤيده الدليل ال�صحيح والبرهان الوا�ضح‬
‫وهي نتيجة من نتائج حرية العقيدة ما لم يكن المرء حر الفكر‪ .‬ولحرية الر�أي‬
‫تطبيقات عديدة في مجاالت متنوعة �سواء �أكانت في �ش�ؤون االن�سان الخا�صة �أم في‬
‫ال�ش�ؤون العامة ك�إبداء الم�شورة تطبيق ًا لأمر اهلل تعالى‪ :‬ﭽ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ (ال‬
‫عمران‪ )159/‬و�إبداء الر�أي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال النبي (�ص)‪:‬‬
‫(من ر�أى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم ي�ستطع فبل�سانه‪ ،‬فان لم ي�ستطع فبقلبه‪ ،‬وذلك‬
‫�أ�ضعف الإيمان) وكذلك �إ�سداء الن�صيحة قال (�ص) (الدين الن�صيحة)‪.‬‬
‫ومن التطبيقات الأخرى لحرية الر�أي انتخاب القادة والحكام و�أمثالها ك�أع�ضاء‬
‫المجال�س النيابية واختيارهم‪ ،‬فللمكلف ان ي�شترك في ذلك و�أن يراقب �أعمالهم وير�شدهم‬
‫الى الطريق الأقوم‪.‬‬
‫اتق اهلل يا �أمير‬
‫روي انه كان بين عمر (ر�ض) ورجل كالم في �شيء فقال له الرجل‪ِ :‬‬
‫اتق اهلل ؟ فقال عمر (ر�ض)‬‫الم�ؤمنين‪ ..‬فقال بع�ض الحا�ضرين‪� :‬أتقول لأمير الم�ؤمنين ِ‬
‫دعوه فليقلها لي ِن ْع َم ما قال‪ ،‬الخير فيكم �إن لم تقولوها وال خير فينا �إن لم ن�سمعها‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫‪ -3‬حرية العمل والت�صرف‪:‬‬
‫ويق�صد بها ان لكل مواطن الحق في �أن يختار العمل المنا�سب له مادام ذلك العمل‬
‫غير محظور �أو م�ؤ ٍّد �إلى المع�صية فله �أن يبيع �أو ي�شتري �أو يت�صرف في الأموال �أو‬
‫يزاول حرفة �أو يتعلم علم ًا �أو يتمتع بالطيبات والمتع المباحة ولي�س لأحد �أن يحول بينه‬
‫وبين ممار�سة هذا الحق �إال عند تجاوزه الحدود الم�شروعة في ذلك العمل والت�صرف‪،‬‬
‫فيبيع وي�شتري مث ًال دون ربا �أو غ�ش �أو احتيال �أو احتكار ويتزوج زواج ًا م�شروع ًا ممن‬
‫ي�شاء �إذا توافرت ال�شروط وانتفت الموانع‪ ..‬وهكذا‪.‬‬
‫والعمل �أمر مهم ال ت�ستقيم حياة االن�سان من دونه بل ان اال�سالم قد فر�ض العمل‬
‫على النا�س لأنه و�سيلة للبقاء فال حياة دون العمل قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ (التوبه‪)105 /‬‬
‫الرزق بعمل اليد كل ذلك مما جاءت به‬
‫الحرف واكت�ساب ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبين � َّأن العمل واحتراف‬
‫ال�شريعة الإ�سالمية وانه من �شيم الأنبياء والمر�سلين �سواء �أكان هذا العمل زراعة �أم‬
‫تجارة �أم حرفة �أم وظيفة‪.‬‬
‫نبي اهلل داود‬
‫قال (�ص)‪( :‬ما �أكل �أحد طعاما قط خيرا من �أن ي�أكل من عمل يده‪ ،‬و�إن ّ‬
‫(طلب الحالل واجب على ك ّل م�سلم)‪ ،‬وكذلك في‬ ‫كان ي�أكل من عمل يده)‪ .‬وفي الأثر ُ‬
‫المحترف)‪ .‬والعم ُل المطلوب في الإ�سالم هو العمل ال�صحيح‬
‫َ‬ ‫ؤمن‬
‫حب الم� َ‬
‫الأثر (� َّإن اهلل ُي ُ‬
‫الخالي من المع�صية والذنوب و� اّإل فهو حرام كالغ�صب والقمار وال�سرقة واالحتكار‬
‫واال�ستغالل والعدوان والغ�ش‪.‬‬
‫‪ -4‬حرية ال�سكن‪:‬‬
‫يتمتع الفرد في ظ ّل الت�شريع اال�سالمي بحرية ال�سكن �إذ جعل لم�سكن الفرد حرمة‬
‫عند الآخرين محفوظة فال يدخل �أحد في م�سكن �أحد � اّإل ب�إذنه ور�ضاه‪.‬‬
‫قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬
‫ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﱁ ﱂﱃ ﱄ ﱅ ﱆ‬
‫ﱇ ﱈ ﱉ ﱊﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐﱑ ﱒ ﱓ‬
‫ﱔﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱠ (النور ‪)28-27 /‬‬
‫وقال الر�سول الكريم (�ص)‪( :‬اال�ستئذان ثالث ًا ف�أن �أُذن لك و� اّإل فارجع)‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫ثالثاً‪ :‬حق الم�ساواة‬
‫ويق�صد به ان النا�س �سوا�سية في الحقوق والتكاليف العامة تمحى بينهم الفوارق‬
‫فال يمتاز بع�ضهم من بع�ض بغنى �أو جاه �أو �سلطان او ن�سب‪ ،‬فهم �أخوة و�إنما يح�صل‬
‫التفا�ضل بينهم بالتقوى والعمل ال�صالح‬
‫قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ (الحجرات‪)13 /‬‬
‫وقال النبي (�ص)‪( :‬الم�سلمون تتكاف�أُ دما�ؤهم)‪ .‬وقال (كلكم لآدم و�آدم من تراب)‬
‫وفي الأثر‪( :‬النا�س �سوا�سي ٌة ك�أ�سنان الم�شط)‪.‬‬
‫وقال لأ�سامة بن زيد حين جاء ي�شفع في امر�أة وجب عليها ح ُّد ال�سرقة‪�( :‬أت�شف ُع‬
‫في ح ّد من حدود اهلل ؟ � ّإن بني �إ�سرائيل كانوا �إذا �سرق فيهم ال�شريف تركوه واذا �سرق‬
‫فيهم ال�ضعيف �أقاموا عليه الح ّد ‪ -‬واهلل لو � ّأن فاطمة بنت محمد �سرقت لقطعت يدها)‬
‫وحا�شاها (ع) �إنما �أراده ر�سول اهلل (�ص) مث ًال لبيان �أهمية العدل والم�ساواة مهما عظم‬
‫�شرف من عليه الحق‪ .‬فالنا�س في ظ ّل الت�شريع الإ�سالمي مت�ساوون �أمام الق�ضاء وفي‬
‫فر�ص العمل وفي التكاليف العامة والواجبات‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬حق التعليم والتربية‬
‫ويق�صد به ان للفرد الحق في ان يتعلم من العمل مايفيده في الدنيا والآخرة‪.‬‬
‫فقد كفل الإ�سالم للمواطنين حقّ التعليم والتربية ال�صالحة فجعلها حقّ الأوالد على‬
‫�آبائهم‪ ،‬ثم جعل طلب العلم فري�ضة على ك ّل م�سلم وم�سلمة‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﯳ ﯴ‬
‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﭼ (الزمر ‪)9/‬‬
‫وقال (�ص) (طلب العلم فري�ضة على ك ّل م�سلم )‬
‫خام�ساً‪ :‬حق التملك‬
‫ويق�صد به ان للفرد حق تملك الأموال على �سبيل اال�ستخالف فيها عن اهلل تعالى مادام‬
‫ذلك حا�صال في طريق م�شروع كالتجارة والزراعة وال�صناعة والعمل واالرث وغير ذلك‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫فقد عب ّرت الآيات القر�آنية الكريمة في كثير من الموا�ضع عن �إ�ضافة الأموال‬
‫�إلى النا�س‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ‬
‫(المعارج) (‪.)25-24‬‬
‫وجعل لتلك الملكية حرمة فال يجوز لأح ٍد �أن يحرم �آخر من ماله ب�إتالف �أو غ�صب �أو‬
‫عدوان‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﭼ (البقرة‪)188/‬‬

‫وقال (�ص)‪ّ �( :‬إن دماءكم و�أموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في �شهركم هذا‬
‫نف�س من ُه)‪.‬‬ ‫في بلدكم هذا) وقال (�ص)‪( :‬اليح ُّل مال امرىء م�سلم � اّإل ِ‬
‫بطيب ٍ‬

‫حق الأمن والكرامة‪:‬‬ ‫�ساد�ساً‪ُّ :‬‬


‫وكما حمى الإ�سالم الفرد من الإعتداء على حياته وج�سمه وعر�ضه حمى كرامته من‬
‫�أن تُم�س �أو تثلم اوتذ َّل وعزته من �أن تُهان‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﭼ (اال�سراء ‪)70/‬‬
‫وهو و�صف ينطبق على جميع بني �آدم رجاال ون�سا ًء �صغار ًا وكبار ًا م�سلمين وغير‬
‫م�سلمين‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﭼ (المنافقون ‪)8/‬‬
‫فالم�سلم يجب �أن يكون عزيز ًا فال يذ ّل لكي يكون قادر ًا على حم ِل الر�سالة التي لن‬
‫ي�صلح لحملها � اّإل الح ّر العزيز الكريم والخير في الذليل المهين‪ .‬ومن هنا نجد الت�شريع‬
‫إ�سالمي يربي في الم�سلم معاني العزة كما �أراد اهلل فاليخ�ضع لأحد �أو يذ ّل له‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫قال تعالى مخاطبا الم�ؤمنين‪ :‬ﭽ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔﭼ (�آل عمران‪)139/‬‬
‫وقال في و�صفهم ‪ :‬ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﭼ (�آل عمران ‪)146/‬‬
‫�أما غير الم�سلمين فقد ظفروا برعاية الإ�سالم لهم فحفظت كرامتهم في المجتمع‬
‫تم�س باذى في عقيدة �أو عبادة �أو عمل مادام ذلك ال يتعار�ض مع النظام العام في‬ ‫ولم ّ‬
‫المجتمع الإ�سالمي ولي�س فيه مع�صية �أو مخالفة للآداب العامة وقد �أو�صى الر�سول‬
‫الكريم (�ص) بغير الم�سلمين خير ًا كما م َّر بنا‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬ك ّرم اهلل تعالى االن�سان‪ ،‬ا�ست�شهد ب�آية على ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬قتل النف�س �إثم عظيم تحدث عن ذلك م�ست�شهد ًا بالآيات القر�آنية الكريمة‬
‫والأحاديث النبوية ال�شريفة التي تحرمه‪.‬‬
‫‪ -3‬ما موقف الإ�سالم من �أهل الذمة الذين ال يقاتلون الم�سلمين؟‬
‫‪ -4‬الحرية حقٌّ من حقوق الإن�سان‪ ،‬فهل لها �ضوابط؟ ومتى تنتهي الحرية‬
‫ال�شخ�صية؟‬
‫‪ -5‬ا�ست�شهد ب�آيات القر�آن الكريم على حرية العقيدة‪.‬‬
‫‪ -6‬ظفر غير الم�سلمين كما ظفر الم�سلمون بحق الأمن والكرامة‪ ،‬تحدث عن‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫احليــــاء‬ ‫الدر�س اخلام�س‪:‬‬

‫الحياء هو الخلق الذي يجعل الإن�سان يترك القبيح من الأفعال والأقوال‪ ،‬ويمنعه من‬
‫التق�صير في حقِّ اهلل المتف�ضل المنعم �سبحانه‪ ،‬ويمنع من التق�صير في حقِّ كل �صاحب‬
‫حقّ ‪َ .‬قا َل َر ُ�سو ُل ا ِهلل (�ص) ‪:‬‬
‫( ِإ� َّن َر َّب ُك ْم َع َّز َو َج َّل َح ِي ٌّي َكرِي ٌم‪َ ،‬ي ْ�ستَحِ ي ِم ْن َع ْبـ ِد ِه ِإ� َذا َر َف َع َي َد ْي ـ ِه �ِإ َل ْي ِه أَ� ْن َي ُر َّد ُه َمـا‬
‫ِ�ص ْف ًرا)‪ .‬الحياء من �صفات اهلل العظيم الجليل‪ ،‬فكيف بالمخلوق ال�ضعيف كيف له �أن‬
‫يتمادى و�أال يتحلى بالحياء مع هوانه و�ضعفه‪.‬‬
‫ف�إذا ا�ستحيا الإن�سان من اهلل ومن خلق اهلل ومن الم�ؤمنين‪ ،‬ف�إنه لن يرتكب عم ًال‬
‫محظور ًا �أبد ًا‪.‬‬
‫ونتيجة لذلك �سيكون الأمن في قلبه‪ ،‬وذلك نتيجة لخوفه من اهلل تبارك وتعالى‪،‬‬
‫و�سيكون الأمن في المجتمع‪ ،‬لأن كل �إن�سان ي�ستحيي من �أن يع�صي اهلل تبارك وتعالى‪،‬‬
‫و�أن يراه اهلل تبارك وتعالى على مع�صية وهو خالٍ وحده‪ ،‬فكيف يفعلها جهار ًا �أمام النا�س‪،‬‬
‫فال يع�صي اهلل جهر ًة �إال من �سلخ ربقة الحياء وثوبه منه‪.‬‬
‫� ّإن �أ�صحاب الفطرة ال�سليمة يت�صفون بالحياء‪ ,‬ويتحرجون من فعل ماال ينبغي فعله‬
‫نقي‬‫حي ال�ضمير‪ ،‬طاهر النف�س‪ُّ ,‬‬ ‫فيك�سوهم الخجل والعفة‪ ,‬ومن كان هذا �سلوكه فهو ُّ‬
‫المعدن‪.‬‬
‫فالحياء هنا �أ�شبه بحاجز يعتر�ض دربك الخاطىء حينما ته ّم النف�س الأمارة بال�سوء‬
‫بالم�شي في �أوحال كل ما هو قبيح وذميم ومرفو�ض وبذيء‪.‬‬
‫فالحياء خلق عظيم جاء به ال�شرع‪ ،‬وهو من الأخالق الرفيعة التي �أمر بها الإ�سالم‪،‬‬
‫و�أقرها‪ ،‬ورغَّب فيها‪ .‬لذلك قال عليه ال�صالة وال�سالم‪َّ �( :‬إن ِل ُك ِّل دِينٍ خُ لُ ًقا َوخُ لُقُ الْ إِ ْ�سلاَ ِم‬
‫ا ْل َح َيا ُء)‪ .‬وات�صف به النبي (�ص) المو�صوف بمكارم الأخالق‪ ,‬كما قال عز وجل‬
‫ﭽﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ (القلم‪( )4:‬وقد �أمرنا اهلل تعالى باتباع �سيرته المطهرة‬
‫قال اهلل تعالى) ﭽ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﭼ (الأحزاب‪ )٢١ :‬فلنا في الر�سول‬
‫(�ص)�أ�سوة ح�سنة‪ ,‬فقد قال �أبو �سعيد الخدري ر�ضي اهلل عنه‪َ ( :‬ك َان ال َّن ِب ُّي (�ص)‪� :‬أَ�شَ ّد‬
‫َح َيا ًء م َِن ا ْل َع ْذ َرا ِء فِي خِ ْد ِر َها‪َ ,‬ف ِ�إ َذا َر َ أ�ى �شَ ْي ًئا َي ْك َر ُه ُه َع َر ْفنَا ُه فِي َو ْج ِههِ)‪.‬‬
‫والحياء قرين الإيمان‪� ،‬إذ قال ر�سول اهلل (�ص)‪( :‬ا ْل َح َيا ُء َو ِالْ إي َم ُان ُق ِرنَا َجمِي ًعا ‪َ ,‬ف ِ إ� َذا‬
‫‪99‬‬
‫ُر ِف َع أَ� َح ُد ُه َما ُر ِف َع الْ آخَ ُر)‪ .‬وال�س ّر في كون الحياء من الإيمان‪َّ � :‬أن ك ًال منهما يدعو �إلى‬
‫الخير وي�صرف عن ال�ش ِّر‪ ،‬فالإيمان يبعث الم�ؤمن على فعل الطاعات وترك المعا�صي‬
‫الرب والتق�صير في �شكره‪.‬‬ ‫والمنكرات‪ .‬والحياء يمنع �صاحبه من التهاون في حقِّ ِّ‬
‫ويمنع �صاحبه كذلك من فعل القبيح �أو قوله اتقاء الذم والمالمة‪.‬‬
‫والى ال�ضد من الحياء البذاءة والوقاحة والفح�ش فالحياء خلق رفيع يمنع الإن�سان‬
‫عن االت�صاف بالأخالق الو�ضيعة‪ ,‬وعن ال�سمعة ال�شائنة‪ ,‬وعن الأقوال الفاح�شة‪ ,‬وعن كل‬
‫معا�ص �أو �آثام �أو �سوء‬
‫ما ال ير�ضاه الطبع ال�سوي‪ .‬ف� َّإن المرء �إذا فقده فعل ما �شاء من ٍ‬
‫يخ�ش في ذلك لوم الئم‪.‬‬ ‫خلق‪ ,‬ولم َ‬
‫والحياء ينق�سم بح�سب جهته ِعلى‪:‬‬
‫الحياء من اهلل‪:‬‬
‫وهو �أعظم الحياء‪ ,‬ويكون ب�أال يقابل العبد �إح�سان اهلل ونعمته بالإ�ساءة والكفر‬
‫والجحود والطغيان‪ ،‬و�أال يت�ضجر عند البالء فين�سى نِعم اهلل و �إح�سانه ورحمته به‪ ،‬و�أن‬
‫يلتزم �أوامره �سبحانه وتعالى ونواهيه و�أن يخاف منه حقّ الخوف‪ ،‬وال يتولد هذا الحياء‬
‫�إ ّال حين يطالع العبد ِن َع َم اهلل عليه‪ ،‬ويتف ّكر فيها‪ ،‬ويدرك تمامها و�شمولها‪ ،‬ثم يراجع نف�سه‬
‫بعد ذلك ويحا�سبها على الخلل والزلل والتق�صير‪ ،‬وقد قال ب�شر الحافي‪( :‬لو تفكر النا�س‬
‫في عظمة اهلل تعالى لما ع�صوه)‪.‬‬
‫فيكون الحياء من اهلل‪ :‬باتباع الأوامر واجتناب النواهي‪ .‬قال ر�سول اهلل (�ص)‪:‬‬
‫(ا�ستحيوا من اهلل حق الحياء) قالوا‪ :‬يا ر�سول اهلل �إنا ن�ستحي والحمد هلل‪ ,‬قال‪ :‬لي�س ذلك‬
‫ولكن من ا�ستحيا من اهلل حقّ الحياء فليحفظ الر�أ�س وما وعى‪ ,‬وليحفظ البطن وما حوى‪،‬‬
‫وليذكر الموت والبلى‪ ,‬ومن �أراد الآخرة ترك زينة الدنيا‪ ,‬فمن فعل ذلك فقد ا�ستحيا من‬
‫اهلل حقّ الحياء‪.‬‬
‫والحياء الذي �أراده ر�سول اهلل وا�س ٌع �شامل فحين �أمر بالحياء قالوا (�إنا ن�ستحي‬
‫والحمد هلل)‪� :‬أجابوا بذلك؛ لأنهم ق�صدوا �أنه ترك القبيح فقط بل �أو�سع من ذلك فبين‬
‫�شروط الحياء الحقّ وهي‪:‬‬
‫‪�( .1‬أن يحفظ الر�أ�س وما وعى) �أي‪ :‬ما َج َم َع من الأع�ضاء‪ :‬العقل والب�صر وال�سمع‬

‫‪100‬‬
‫والل�سان‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿﭼ (الإ�سراء‪:‬‬
‫تمدن عينيك �إلى الحرام‬
‫‪ )٣٦‬لذا وجب �أن تكون الجوارح ملتزمة خلق الحياء فال ّ‬
‫واليدك �إلى الحرام والت�ستمع �إلى الحرام والتفكر في فعل الحرام فذلك هو حفظ‬
‫الر�أ�س وماوعى‪.‬‬
‫‪( .2‬وليحفظ البطن وما حوى) �أي يحفظ بطنه‪ ,‬ومايتبعه عن الحرام‪ ,‬فيحفظ بطنه من‬
‫�أن يدخله طعام حرام‪� ,‬أو من مال حرام‪ .‬فالبدن ينبت ويقوى من الطعام‪ .‬واهلل تعالى‬
‫ع ّز وج ّل ال يقبل من عبده �أن يتقوى على طاعته بطعام حرا ٍم‪ ,‬وال ب�شراب حرام؛ لأن‬
‫طيب ال يقبل � اّإل طيب ًا‪.‬وكل مانبت من الحرام النار �أولى به‪.‬‬
‫اهلل ٌ‬
‫‪( .3‬وليذكر الموت والبلى) � ْأن يذكر الموت دائم ًا؛ لأن الإن�سان في هذه الدنيا لي�س‬
‫بمخلدٍ‪ ,‬قال تعالى ‪ :‬ﭽ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ (الرحمن‪ .)26 :‬ومن تذكر الموت والعاقبة‬
‫ابتعد من المعا�صي‪.‬‬
‫‪( .4‬ومن �أراد الآخرة ترك زينة الدنيا)‪ ،‬فمغريات الدنيا كثيرة ومن �أراد الفوز بدار‬
‫القرار ترك زينة الدنيا ونعيمها الزائل بالزهد عنها؛ لأنه ترك ماال ينفع في الآخرة ‪.‬‬
‫�أمال بما عند اهلل من نعيم دائم ومقيم‪.‬‬
‫الحياء من مالئكة اهلل ور�سوله (�ص)‪:‬‬
‫فمن المعلوم �أن اهلل قد جعل علينا مالئكة يتعاقبون بالليل والنهار‪ .‬وهناك مالئكة‬
‫ي�صاحبون �أهل الطاعات‪ ,‬كالخارج في طلب العلم‪ ,‬والمجتمعين في مجال�س الذكر‪,‬وغير‬
‫ذلك‪.‬‬
‫و�أي�ض ًا هناك مالئكة ال يفارقوننا وهم الحفظة والكتبة ي�سجلون �أعمالنا ﭽﭿ ﮀ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﭼ (االنفطار‪.)١١ - ١٠ :‬‬
‫فعلى الم�ؤمن‪� ،‬إذن‪� ،‬أن ي�ستحيي من المالئكة الكرام‪ ،‬و�أن ي�ستحيي من ر�سول اهلل‬
‫(�ص) الذي �أكمل تبليغ الدين و ُبعث ِل ُيتمم مكارم الأخالق ‪،‬فكيف تطلب �شفاعته يوم‬
‫ت�ستح منه في الدنيا ‪ ،‬والحياء من ر�سول اهلل (�ص ) يكون بالتزام �أوامره‬
‫القيامة و�أنت لم ِ‬
‫ت�ستح منه‬
‫واجتناب نواهيه فكيف تطلب �شفاعة ر�سول اهلل (�ص) يوم القيامة وانت لم ِ‬
‫بارتكابك مايخالف �أوامره‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫الحياء من النا�س‪:‬‬
‫ف� ّإن العبد �إذا ا�ستحيا من َر ّبه حقَّ الحياء انعك�س ذلك عليه بالتخلق ب�أخالق النف�س‬
‫الكريمة في �سلوكه اليومي‪ ,‬وعالقاته بالآخرين‪ ,‬فيجتنب عمل القبيح �أمامهم كما اجتنب‬
‫القبيح �أمام اهلل‪ ،‬ويكون قريب ًا من ال�صدق واال�ستقامة مع اهلل ومع النف�س ومع النا�س‪.‬‬
‫ومن �أ�سباب هذا الحياء مجال�سة �أهل الحياء‪ ,‬ف�صحبة ال�صالحين تمنع من اقتراف‬
‫المعا�صي‪.‬‬
‫وهذا النوع من الحياء هو �أ�سا�س مكارم الأخالق‪ ,‬ومنبع كل ف�ضيلة؛ لأنه يترتب عليه‬
‫القول الطيب‪ ,‬والفعل الح�سن‪ ,‬والعفة والنزاهة‪ ...‬والحياء من النا�س قد يكون �صاحبه‬
‫ي�ستحيي من اهلل �أوال و النا�س ثانيا‪ ,‬فال ي�أتي بالفعل القبيح والمنكر خوف ًا من اهلل تعالى‬
‫ٍ‬
‫�أو ًال‪ ,‬ثم اتقاء مالمة النا�س وذ ِّمهم ثانيا ً‪ .‬فهذا ي�أخذ �أجر حيائه كام ًال؛ لأنه ا�ستكمل‬
‫الكف عن القبائح التي ال ير�ضاها الدين وال�شرع‬ ‫الحياء من جميع جهاته‪� ,‬إذ ترتّب عليه ّ‬
‫والتي يذ ّمه عليها الخلق‪ .‬وهذا �أح�سن الحياء و�أكمله و�أت ّمه‪.‬‬
‫وبع�ض النا�س يترك القبائح والرذائل حيا ًء من النا�س‪ ,‬و�إذا غاب عنهم لم يتح ّرج‬
‫من فعل القبيح‪ .‬وهذا النوع من النا�س عنده حيا ٌء‪ ,‬ولكنه حيا ٌء ناق�ص �ضعيف يحتاج �إلى‬
‫عالج وتذكير بعظمة ربه وجالله‪ ,‬فهو �أحقُّ �أن ي�ستحيي الخلق منه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫الحياء من النف�س‪:‬‬
‫وهو حياء النفو�س العزيزة من �أن تَر�ضى لنف�سها مايجلب لها االنتقا�ص والعار‬
‫�أوماي�شينها وي�سيء �إليها‪.‬‬
‫فيكون الإن�سان ذا �سمعة كريمة وم�شرفة‪ ،‬في بيته ومجل�سه وعمله‪ ,‬فال يتحدث‬
‫بالذي يكون بينه وبين �أهله‪� ،‬أو عن ما�ضيه القبيح وما كان فيه من الآثام والمعا�صي‪،‬‬
‫بل يحر�ص على تزكية نف�سه وتنقيتها وحملها على �أعمال الخير وال�صالح في ك ّل موطنٍ ‪,‬‬
‫فتكون نف�سه على �أفعاله هي الرقيب الزاجر عن فعل ال�سوء‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫المناق�شة‬
‫‪ .1‬ما خُ لُق الإ�سالم ؟‬
‫‪ .2‬كيف يكون الحياء من اهلل تعالى؟‬
‫‪ .3‬ما المق�صود بالحياء؟ وهل حثّ عليه ر�سول اهلل (�ص)؟ ا�ست�شهد بحديث‬
‫نبوي �شريف‪.‬‬
‫بين معنى ذلك‪.‬‬
‫‪ .4‬الحياء من اهلل يكون ب�أمور منها �أن تحفظ الـر�أ�س وماحوى ‪ّ ،‬‬
‫بالحياء؟و�ضح ذلك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .5‬ماعالقة تذكر الموت‬
‫‪ .6‬الحياء من اهلل يكون ب�أمور منها �أن تحفظ البطن وماحوى‪ ،‬فما معنى ذلك؟‬
‫‪ .7‬ما�أثر الحياء من اهلل في الأخالق؟‬
‫‪ .8‬كيف يرتبط الحياء والإيمان ؟‬
‫‪ .9‬ممن يكون الحياء؟‬

‫‪103‬‬
‫الوحدة الخامسة‬
‫الدر�س الأول‪ :‬من القر�آن الكرمي‬
‫فـــاطـر الآيات من (‪)26 –1‬‬
‫�آيات الحفظ من (‪)6 -1‬‬

‫ﭽﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ‬
‫ﰇ ﰈ ﰉ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮭﮮ ﮯﮰﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ‬

‫‪104‬‬
‫ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ‬
‫ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫﭬ ﭭﭮﭯﭰﭱ ﭲﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶﭷﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬
‫ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉﮊﮋﮌ ﮍﮎﮏ ﮐﮑﮒ ﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ‬
‫ﮮ ﮯ ﮰﮱﯓ ﯔﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ‬
‫ﰃﰄﰅ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ‬
‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇﮈﮉ ﮊ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﭼ‬
‫صدق اهلل العلي العظيم‬

‫‪105‬‬
‫معاني الكلمات‬

‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫مبدع‪.‬‬ ‫فاطر‬
‫فكيف ت�صرفون عن توحيده‪.‬‬ ‫ف�أنى ت�ؤفكون‬
‫ال�شيطان‪.‬‬ ‫الغرور‬
‫تهلك نف�سك‪.‬‬ ‫تذهب نف�سك‬
‫ندامات �شديدة‪.‬‬ ‫ح�سرات‬
‫بعث الموتى من القبور‪.‬‬ ‫الن�شور‬
‫ال�شرف والمنعة‪.‬‬ ‫العزة‬
‫يدركون‪.‬‬ ‫يمكرون‬
‫يف�سد‪.‬‬ ‫يبور‬
‫�شديد العذوبة‪.‬‬ ‫فرات‬
‫�شديد الملوحة‪.‬‬ ‫�أجاج‬
‫جواري‪ ،‬تمخر المياه فت�شقها‪.‬‬ ‫مواخر‬
‫ق�شرة النواة الرقيقة‪.‬‬ ‫قطمير‬
‫نف�س �أثقلتها الذنوب‪.‬‬ ‫مثقلة‬
‫ذنوبها التي �أثقلتها‪.‬‬ ‫حملها‬
‫�شدة الحر‪.‬‬ ‫الحرور‬
‫بالكتب المنزلة‪.‬‬ ‫بالزبر‬
‫فكيف �إنكاري عليهم بالتدمير لهم‪.‬‬ ‫فكيف كان نكير‬

‫‪106‬‬
‫المعنى العام‬

‫ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮨﮩ‬
‫ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫الثناء على اهلل ب�صفاته التي ك ُّلها �أو�صاف كمال‪ ،‬وبنعمه الظاهرة والباطنة‪،‬‬
‫الدينية والدنيوية‪ ،‬خالق ال�سماوات والأر�ض ومبدعهما‪ ،‬جاعل المالئكة ر�سال‬
‫�إلى َمن ي�شاء من عباده‪ ،‬وفيما �شاء من �أمره ونهيه‪ ،‬ومِن عظيم قدرة اهلل �أن جعل‬
‫المالئكة �أ�صحاب �أجنحة مثنى وثالث ورباع تطير بها؛ لتبليغ ما �أمر اهلل به‪،‬‬
‫يزيد اهلل في خلقه ما ي�شاء‪ّ � .‬إن اهلل على ك ّل �شيء قدير‪ ،‬ال ي�ستع�صي عليه �شيء‪.‬‬

‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ‬
‫ﯭﯮ ﯯ‬
‫ما يفتح اهلل للنا�س من رزق ومطر و�صحة وعلم وغير ذلك من النعم‪ ،‬فال �أحد يقدر‬
‫على �أن يم�سك هذه الرحمة‪ ،‬وما يم�سك منها فال �أحد ي�ستطيع �أن ير�سلها بعده‬
‫�سبحانه وتعالى‪ .‬وهو العزيز القاهر لكل �شيء‪ ،‬الحكيم الذي ير�سل الرحمة‬
‫ويم�سكها على َوفْق حكمته‪.‬‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ‬
‫يا �أيها النا�س اذكروا نعمة اهلل عليكم بقلوبكم و�أل�سنتكم وجوارحكم‪ ،‬فال خالق‬
‫لكم غير اهلل يرزقكم من ال�سماء بالمطر‪ ،‬ومن الأر�ض بالماء والمعادن وغير ذلك‪.‬‬
‫ال �إله �إال هو وحده ال �شريك له‪ ،‬فكيف ت ُْ�ص َرفون عن توحيده وعبادته؟‬
‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫و�إن يكذبك قومك ‪�-‬أيها الر�سول‪ -‬فقد ُك ِّذب ر�س ٌل ِمن قبلك‪ ،‬و�إلى اهلل ت�صير‬
‫الأمور في الآخرة‪ ،‬فيجازي كل واحد بما ي�ستحق‪ .‬وفي هذا ت�سلية للر�سول‬
‫(�ص)‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ﭺﭻﭼ ﭽ‬
‫يا �أيها النا�س �إن وعد اهلل بالبعث والثواب والعقاب حقٌّ ثابت‪ ،‬فال تخدعنَّكم‬
‫الحياة الدنيا ب�شهواتها ومطالبها‪ ،‬وال يخدعنَّكم باهلل ال�شيطان‪� .‬إن ال�شيطان‬
‫لبني �آدم عدو‪ ،‬فاتخذوه عد ًّوا وال تطيعوه‪� ،‬إنما يدعو �أتباعه �إلى ال�ضالل؛‬
‫ليكونوا من �أ�صحاب النار الموقدة‪.‬‬

‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮊﮋ‬
‫الذين جحدوا �أن اهلل هو وحده الإله الحق وجحدوا ما جاءت به ر�سله لهم عذاب‬
‫�شديد في الآخرة‪ ،‬والذين �ص َّدقوا اهلل ور�سوله وعملوا ال�صالحات لهم عفو من‬
‫ربهم وتجاوز عن ذنوبهم بعد �سترها عليهم‪ ،‬ولهم �أجر كبير‪ ،‬وهو الجنة‪.‬‬

‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫�أفمن ز َّين له ال�شيطان �أعماله ال�سيئة من معا�صي اهلل والكفر وعبادة ما دونه‬
‫من الآلهة والأوثان فر�آه ح�سنًا جميال ك َمن هداه اهلل تعالى‪ ،‬فر�أى الح�سن ح�سنًا‬
‫وال�سيئ �سي ًئا؟ ف�إن اهلل ي�ض ُل َم ْن ي�شاء من عباده‪ ،‬ويهدي من ي�شاء‪ ،‬فال ُت ْهلك‬
‫نف�سك حزنًا على كفر ه�ؤالء ال�ضالين‪� ،‬إن اهلل عليم بقبائحهم و�سيجازيهم عليها‬
‫�أ�سو أ� الجزاء‪.‬‬

‫ﮪﮫﮬ ﮭﮮ ﮯﮰﮱ ﯓﯔﯕﯖﯗﯘ‬


‫ﯙﯚ ﯛ ﯜ‬
‫واهللُ هو الذي �أر�سل الرياح فتحرك �سحا ًبا‪ ،‬ف�سقناه �إلى بلد جدب‪ ،‬فينزل الماء‬
‫ف�أحيينا به الأر�ض بعد ُي ْب�سها فتخ�ضر بالنبات‪ ،‬مثل ذلك الإحياء يحيي اهلل‬
‫الموتى يوم القيامة‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬
‫من كان يطلب عزة في الدنيا �أو الآخرة فليطلبها من اهلل‪ ،‬وال تُنال � اّإل بطاعته‪،‬‬
‫فلله العزة جمي ًعا‪ ،‬فمن اعت ّز بالمخلوق �أذ َّله اهلل‪ ،‬ومن اعت ّز بالخالق �أعزّه اهلل‪،‬‬
‫�إليه �سبحانه ي�صعد ذكره والعمل ال�صالح يرفعه‪ .‬والذين يكت�سبون ال�سيئات لهم‬
‫عذاب �شديد‪ ،‬ومكر �أولئك َي ْهلك و َيف ُْ�سد‪ ،‬وال يفيدهم �شي ًئا‪.‬‬

‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬
‫ﰉ ﰊ ﰋ ﰌﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘﰙ‬
‫ﰚ ﰛﰜ ﰝﰞ‬
‫واهللُ خلق �أباكم �آدم من تراب‪ ،‬ثم جعل ن�سله من �ساللة من ماء مهين‪ ،‬ثم جعلكم‬
‫رجاال ون�سا ًء‪ .‬وما تحمل من �أنثى وال ت�ضع � اّإل بعلمه‪ ،‬وما يع َّمر من ُم َع َّمر‪،‬‬
‫فيطول عمره‪ ،‬وال ُي ْنقَ�ص من عمره � اّإل في كتاب عنده‪ ،‬وهو اللوح المحفوظ‪ ،‬قبل‬
‫�أن تحمل به أ� ُّمه وقبل �أن ت�ضعه‪ .‬قد �أح�صى اهلل ذلك كله‪ ،‬وعلمه قبل �أن يخلقه‪،‬‬
‫ال ُيزاد فيما كتب له وال ُي ْنقَ�ص‪� .‬إن خَ لْقكم و ِعلْم �أحوالكم وكتابتها في اللوح‬
‫المحفوظ �سهل ي�سير على اهلل‪.‬‬

‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭﭮ‬
‫وما ي�ستوي البحران‪ :‬هذا عذب �شديد العذوبة‪�َ ،‬س ْه ٌل مروره في الحلق يزيل‬
‫العط�ش‪ ،‬وهذا ملح �شديد الملوحة‪ ،‬ومن ك ّل من البحرين ت�أكلون �سم ًكا طر ًّيا‬
‫�شهي َّ‬
‫الطعم‪ ،‬وت�ستخرجون زينة هي الل�ؤل ؤ� وال َم ْرجان َتلْ َب�سونها‪ ،‬وترى ال�سفن‬ ‫َّ‬
‫فيه ت�شقُّ المياه؛ لتبتغوا من ف�ضله من التجارة وغيرها‪ .‬وفي هذا داللة على‬
‫قدرة اهلل ووحدانيته‪ ،‬ولعلكم ت�شكرون هلل على هذه النعم التي �أنعم بها عليكم‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ‬
‫ﮇﮈﮉﮊﮋﮌ ﮍ‬
‫واهللُ يدخل من �ساعات الليل في النهار‪ ،‬فيزيد النهار ب َق ْدر ما نق�ص من الليل‪،‬‬
‫و ُيدخل من �ساعات النهار في الليل‪ ،‬فيزيد الليل ب َق ْدر ما نق�ص من النهار‪ ،‬وذلل‬
‫ال�شم�س والقمر‪ ،‬يجريان لوقت معلوم‪ ،‬ذلكم الذي فعل هذا هو اهلل ربكم له الملك‬
‫كله‪ ،‬والذين تعبدون من دون اهلل ما يملكون مِن قطمير‪ ،‬وهي الق�شرة الرقيقة‬
‫البي�ضاء تكون على النَّواة‪.‬‬

‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ‬
‫ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫�إن تدعوا ‪�-‬أيها النا�س‪ -‬هذه المعبودات من دون اهلل ال ي�سمعوا دعاءكم‪ ،‬ولو‬
‫�سمعوا على �سبيل الفر�ض ما �أجابوكم‪ ،‬ويوم القيامة يتبر�ؤون منكم‪ ،‬وال �أحد‬
‫يخبرك ‪�-‬أيها الر�سول‪� -‬أ�صدق من اهلل العليم الخبير‪.‬‬

‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫يا �أيها النا�س �أنتم المحتاجون �إلى اهلل في ك ّل �شيء‪ ،‬ال ت�ستغنون عنه طرفة عين‪،‬‬
‫الغني عن النا�س وعن ك ّل �شيء من مخلوقاته‪ ،‬الحميد في ذاته‬ ‫وهو �سبحانه ُّ‬
‫و�أ�سمائه و�صفاته‪ ،‬المحمود على نعمه؛ ف�إن كل نعمة بالنا�س فمنه‪ ،‬فله الحمد‬
‫وال�شكر على ك ِّل حال‪.‬‬

‫ﮱﯓ ﯔﯕﯖ ﯗ‬
‫�إن ي� أش� اهلل يهل ُّكم �أيها النا�س‪ ،‬وي�أت بقوم �آخرين يطيعونه ويعبدونه وحده‪.‬‬

‫ﯙﯚﯛﯜﯝ‬
‫وما �إهالككم والإتيان بخلق �سواكم على اهلل بممتنع‪ ،‬بل ذلك على اهلل �سهل ي�سير‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ‬
‫نف�س مث َق َلة بالخطايا َمن‬
‫وال تحمل نف�س مذنبة ذنب نف�س �أخرى‪ ،‬و�إن ت َْ�س�أل ٌ‬
‫يحمل عنها من ذنوبها لم تجد من َيحمل عنها �شي ًئا‪ ،‬ولو كان الذي �س�ألتْه ذا‬
‫قرابة منها من �أب �أو �أخ ونحوهما‪� .‬إنما تح ِّذر ‪�-‬أيها الر�سول‪ -‬الذين يخافون‬
‫عذاب ربهم بالغيب‪ ،‬و أ� َّدوا ال�صالة حق �أدائها‪ .‬ومن تطهر من ال�شرك وغيره‬
‫من المعا�صي ف�إنما يتط ّهر لنف�سه‪ .‬و�إلى اهلل �سبحانه م�آل الخالئق وم�صيرهم‪،‬‬
‫فيجازي كال بما ي�ستحق‪.‬‬

‫ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜ ﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ‬
‫ﭿ ﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅ‬
‫وما ي�ستوي الأعمى عن دين اهلل‪ ،‬والب�صير الذي �أب�صر طريق الحقَّ واتبعه‪ ،‬وما‬
‫ت�ستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان‪ ،‬وال الظ ّل وال الريح الحارة‪ ،‬وما ي�ستوي‬
‫�أحياء القلوب بالإيمان‪ ،‬و�أموات القلوب بالكفر‪� .‬إن اهلل ُي�سمع َمن ي�شاء �سماع‬
‫َف ْهم و َقبول‪ ،‬وما �أنت ‪�-‬أيها الر�سول‪ -‬بم�سمع َمن في القبور‪ ،‬فكما ال تُ�سمع‬
‫الموتى في قبورهم فكذلك ال تُ�سمع ه�ؤالء الكفار لموت قلوبهم‪� ،‬إن �أنت � اّإل نذير‬
‫لهم غ�ضب اهلل وعقابه‪� .‬إنا �أر�سلناك بالحق‪ ،‬وهو الإيمان باهلل و�شرائع الدين‪،‬‬
‫مب�ش ًرا بالجنة َمن �ص َّدقك وعمل بهديك‪ ،‬ومحذر ًا َمن ك َّذبك وع�صاك النار‪ .‬وما‬
‫من �أمة من الأمم � اّإل جاءها نذير يحذرها عاقبة كفرها و�ضاللها‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑﮒ‬
‫و�إن يكذبك ه�ؤالء الم�شركون فقد ك َّذب الذين مِن قبلهم ر�سلهم الذين جا�ؤوهم‬
‫بالمعجزات الوا�ضحات الدالة على نبوتهم‪ ،‬وجا�ؤوهم بالكتب المجموع فيها‬
‫كثير من الأحكام‪ ،‬وبالكتاب المنير المو�ضح لطريق الخير وال�شر‪.‬‬

‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫ثم �أخَ ذْت الذين كفروا ب�أنواع العذاب‪ ،‬فانظر كيف كان �إنكاري لعملهم وحلول‬
‫عقوبتي بهم؟‬

‫�أهم ماتر�شد �إليه الآيات‬


‫‪ -1‬وجوب حمد اهلل تعالى و�شكره على �إنعامه‪.‬‬
‫‪ -2‬تقرير الر�سالة والنبوة لمحمد (�ص) ب�إخباره �أنه جاعل المالئكة ر�س ًال‬
‫وجاعل لهم �أجنحة‪.‬‬
‫‪ -3‬وجوب اللجوء �إلى اهلل تعالى في طلب الخير ودفع ال�ض ِّر ف�إنه بيده خزائن‬
‫ك ّل �شيء‪.‬‬
‫‪ -4‬وجوب ذكر النعم ليكون ذلك حافز ًا على �شكرها بطاعة اهلل ور�سوله‪.‬‬
‫‪ -5‬تقرير التوحيد بالأدلة العقلية التي ال تر ّد‪.‬‬
‫‪ -6‬العجب من حال الم�شركين يق ّرون بانفراد اهلل تعالى بخلقهم ورزقهم‬
‫ويعبدون معه غيره‪.‬‬
‫‪ -7‬ت�سلية الر�سول (�ص) ويدخل فيها ك ّل دعاة �إلى الحق �إذا ك ّذبوا و�أوذوا‬
‫فعليهم �أن ي�صبروا‪.‬‬
‫‪ -8‬التحذير من االغترار بالدنيا �أي من طول العمر و�سعة الرزق و�سالمة البدن‬
‫فدوام الحال من المحال‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫‪ -9‬التحذير من ال�شيطان ووجوب االعتراف بعداوته‪ ،‬ومعاملته معاملة العدو‬
‫فال يقبل كالمه وال ي�ستجاب لندائه وال يخدع بتزيينه للقبيح وال�شر‪.‬‬
‫‪ -10‬عملية �إحياء الأر�ض بعد موتها دليل وا�ضح على بعث النا�س �أحياء بعد‬
‫موتهم‪.‬‬
‫‪ -11‬تقرير �صفات الكمال هلل تعالى من الملك والقدرة والعلم‪ ،‬والخبرة التامة‬
‫الكاملة وبك ّل �شيء‬
‫‪ -12‬بيان فقر العباد �إلى ربهم وحاجتهم �إليه و�إزالة فقرهم و�س ّد حاجتهم‬
‫يكون باللجوء �إليه‬
‫‪ -13‬بيان عدالة اهلل تعالى يوم القيامة‪.‬‬
‫‪ -14‬بيان �صعوبة الموقف في عر�صات القيامة وال �سيما عند و�ضع الميزان‬
‫ووزن الأعمال‪.‬‬
‫‪ -15‬الإنذار والتخويف من عذاب اهلل ال ينتفع به غير الم�ؤمنين ال�صالحين‪.‬‬
‫‪ -16‬تقرير حقيقة وهي �أن من عمل �صالح ًا فلنف�سه ومن �أ�ساء فعليها‪.‬‬
‫‪ -17‬ا�ستح�سان �ضرب الأمثال ‪.‬‬
‫‪ -18‬الكفار عمي ال ب�صيرة لهم‪ ،‬و�أموات ال حياة فيهم‪ ،‬والدليل عدم انتفاعهم‬
‫بحياتهم وال ب�أ�سماعهم وال ب�أب�صارهم والي�ستوون مع الم�ؤمنين‪.‬‬
‫‪ -19‬تقرير نبوة الر�سول محمد (�ص) وت�أكيد ر�سالته‪.‬‬
‫‪ -20‬بيان �سنة اهلل في المكذبين الكافرين وهي �أخذهم عند حلول �أجلهم‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬يزيد اهلل في الخلق ماي�شاء‪ ،‬ا�ست�شهد من �سورة فاطر على ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬رحمة اهلل و�سعت كل �شي فهل هناك من يمنعها ؟‬
‫‪ -3‬تح ّد ث عن �آيات اهلل في خلقه التي وردت في ال�سورة‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫الدر�س الثاين‪ :‬من احلديث النبوي ال�رشيف‬
‫رعاية اليتيم‬

‫(لل�شرح والحفظ)‬

‫قال ر�سول اهلل (�ص)‬


‫أَ� َنا َو َكا ِف ُل ا ْل َي ِتي ِم ِفي ا ْل َج َّن ِة هَ َك َذا ‪َ ،‬و�أَ َ�شا َر ِبال�سَّ بَّا َب ِة َوا ْل ُو ْ�س َطى َو َف َّر َج َب ْي َن ُه َما‪.‬‬
‫�صدق ر�سول اهلل (�ص)‬

‫معاني الكلمات‬

‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫القائم ب�أمره‪.‬‬ ‫كافل اليتيم‬
‫�إ�صبعان من �أ�صابع اليد فال�سبابة تلي الإبهام‪ ،‬والو�سطى‪:‬‬
‫ال�سبابة والو�سطى‬
‫الإ�صبع الثالث في اليد‪.‬‬
‫بـاعد بينهما‪.‬‬ ‫فـ ّرج بينهما‬

‫�شرح الحديث ال�شريف‬


‫�سن الـ ُر�ش ِد والبـلوغ �صار محتاج ًا �إلى‬
‫�إذا فق َد الطف ُل �أباه وهو لم ي�ص ْل بع ُد �إلى ِّ‬
‫م�ساعد ِة غيره ورعايته والأخذ بيد ِه لذلك حثّ الإ�سالم الحنيف على رعاية اليتامى‬
‫وتعوي�ضهم من �آبائهم والقيـا ِم على �ش�ؤونهم‪.‬‬
‫فالقيام على �أمر يتيم‪ ،‬وتربيته ورعايته والحنو عليه مدخل �صاحبه الجنة‪� ..‬أ�شار �إلى‬
‫ذلك حديث �سيد الكائنات محمد (�ص) ‪.‬‬
‫فاليتيم مق�صو�ص الجناح ال حول له وال قوة في هذه الحياة يقف بين متطلباتها تائها‬
‫حائرا فاقد ًا ال�سبيل �إلى ما فيه منعته وثباته‪ ..‬وهنا يبرز دور الم�سلمين للأخذ بيده‬
‫وكفالتــه‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟﭠﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭼ (البقرة‪)177/‬‬
‫�إذ �إن تـرك اليتيم بال رعاية وال معا�ضدة ي�ؤدي �إلى تحطيم كيانه‪ ،‬ودفعه �إلى المزالق‬
‫والمخاطر التي ربما تخلقُ منه مع الأيـام �إن�سان ًا محطم ًا ومعوج ًا وناقما وفاقد ًا لمكانتـه‬
‫في الحياة‪ ..‬والثواب عند اهلل ثابت ٌلمن كفل يتيم ًا قريب ًا �أو بعيد ًا‪ ..‬اذ الكـل م�سلمون‪..‬‬
‫والم�سلمون �إخـوة‪ ،‬قال (�ص)‪( :‬الم�سلم �أخو الم�سلم)‪.‬‬
‫وكفالة اليتيم معناهـا‪ :‬الت�ضامن ب�أروع �صورة بين الم�سلمين وهي �سبيل التواد‬
‫والرحمة والقوة والوحدة بينهم‪ ،‬تلك الركائز التي هي الأ�سا�س الثابت لمجتمع يريد‬
‫كرامة الفرد وي�ش ّده �إلى �إخوانه الم�سلمين الذين َو�صفهم ر�سول اهلل (�ص) بالج�سد‬
‫اح ِم ِهم َو َت َع ُاط ِف ِهم ك َم َثـ ـ ِل ا ْل َج َ�س ِد‬
‫الواحد فقال (�ص)‪َ ( :‬م َث ُل ا ْل ُم ْ�ؤ ِم ِنيـ َـن فِي ت ـ َ َوا ِّدهِ م َو َت َر ُ‬
‫ال�س َهـ ِر َوا ْل ُح َّمى) وفوق هذا‪ ،‬فرعايـ ُة اليتيم‬ ‫إِ� َذا ا�شْ َت َكى ِم ْن ُه ُع ْ�ض ٌو تَـ َدا َعى َل ُه َ�سا ِئ ُر ا ْل َج َ�س ِد ِب َّ‬
‫�صورة مثلى للإن�سانية الخيـّرة‪ ،‬المتخل�صة من الأنانيــة الذاتيــة‪ ،‬وهي �إيثار وعطف‬
‫ومروءة‪ ..‬واهلل �سبحانه وتعالى ي�أمرنا بمراعاة اليتيم في �أدق التفا�صيل قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﭼ (ال�ضحى‪.)9/‬‬
‫وكفالة اليتيم تكون بتولي رعايته وتربيته وتعليمه وحفظ �أمواله والتخفيف عنه‬
‫وموا�ساته ومعاملته باللين واللطف والرحمة والن�صيحة‬
‫وكافـ ُل اليتيم رفيـقُ النبـي (�ص) في الجنـّة‪ ..‬يقـرب منه ويجال�سه بح�ضرته وي�أن�س‬
‫بمعا�شرتـه‪ ،‬وهذا مفاد من مفهوم هذا الحديث ال�شريف‪ ،‬غير ان ك ّل واحد منهما على‬
‫درجتـه في الجنة‪� ،‬إذ اليبلغ درجة الأنبياء غيرهم‪ ..‬واليبلغ درجة �سيد الأنبيــاء والمر�سلين‬
‫(محمد) (�ص)‪� ،‬أحد من الأنبيــاء‪.‬‬
‫وهكذا تتبين المنزلة ال�سامية في الإ�سالم للقائم على رعاية اليتيـم‪ ..‬فعمله رحمة‬
‫وعطف‪ ..‬ولذلك كان جدير ًا بهذه المنزلة‪ ..‬فهل جزاء الراحمين � اّإل الرحمة‪..‬‬
‫قال(�ص)‪( :‬من اليرحم النا�س اليرحمه اهلل)‪.‬‬
‫فرحمة اليتيم بـ ٌّر‪،‬والب ُّر جـزا�ؤه ما قال تعالى في و�صف الأبـرار‪.‬‬
‫ﭽﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬

‫‪115‬‬
‫ﭕﭖﭗ ﭘﭙﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞﭟﭠﭡﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ (الإن�سان ‪.)8- 5 /‬‬
‫وقال تعالى في جزاء ه�ؤالء الأبرار‪:‬‬
‫ﭽ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﭼ (الإن�سان‪)12 /‬‬
‫ـون في القيا ِم ب�أموره وال�سعي في م�صالحِ ه من �إطعامه وك�سوته‬ ‫�إن كفالة اليتيم تك ُ‬
‫وتنميـة ماله �إن كان له مال‪ ،‬و�إن كان ال مال له �أنفقَ عليه وك�ساه ابتغاء‪ ،‬وجه اهلل تعالى‬
‫وال تقت�صر رعاية اليتيم وكفالته على تقديم العون المادي له‪ ،‬بل الب ّد من تقديم العون‬
‫المعنوي �أي�ض ًا‪..‬‬
‫ويتجلى ذلك في �إر�شاده �إلى ال�سلوك القويم ومراعاة م�شاعره والحنو عليه ‪،‬وتعليمه‬
‫العلم النافع وعلوم الدين الإ�سالمي خا�صة فعلوم الإ�سالم منبع لكل العلوم والف�ضائل‬
‫ومكارم الأخالق‪ .‬وهي الهداية للإن�سان التائه في هذه الحياة‪.‬‬
‫وقد روي عن النبي (�ص)‪�( :‬أنا �أول من يفتح باب الجنة ف�إذا امر�أة تبادرني‪ ،‬ف�أقول‬
‫من �أنت؟ فتقول‪� :‬أنا �أمر�أة قائمة على �أيتام لي) وقوله (�ص)‪ :‬تبادرني �أي لتدخل معي‪،‬‬
‫�أو في �أثري‪ ،‬دليل على علـ ِو منزلة القائم برعاية اليتيم‪.‬‬
‫وقد روي عن النبي (�ص) �أي�ض ًا قوله‪( :‬ال�ساعي على الأرملة والم�ساكين كالمجاهد‬
‫في �سبيل اهلل‪ .‬و�أح�سبه قال وكالقائم الذي اليفتر وكال�صائم الذي اليفطر)‪.‬‬
‫وهـكذا فالإ�سالم (بكل ما جاء فيه) واحة ظليـلة‪ ،‬يعي�ش في كـنفها الظامئون �إلى‬
‫الهدى‪ ..‬ويفيء �إليها المحتاجون والمحرومون‪ .‬فيجدون الرحمة والعون والتكافل‪..‬‬
‫ف�شعار الم�سلمين التقوى‪ ..‬ومن �أجلها يعملون كل ف�ضيلة‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ (الح�شر‪.)18/‬‬
‫فبتقواهم يقدمون الخير والعون ليكون ذلك �شافعا ونافعا لهم في غـدهم‪ .‬هذه �سمة‬
‫المتقين وطبيعتهم لأنهم كما يد ّل ذلك مفهوم االية الكريمة‪ -‬يخافون يوم الح�ساب‬
‫ويطمعون في ر�ضا اهلل عنهم‪ ..‬وال�صدقـة ورعاية اليتيم من �أبرز �سمات التقوى‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫اهم ماير�شد اليه الحديث ال�شريف‬
‫يحث الر�سول (�ص) على رعاية اليتيـم وكفالته ماديـ ًا ومعنويـ ًا وعلى الأخ ـ ِذ‬ ‫‪ُّ .1‬‬
‫بيده وهدايتـه‪ ..‬فاليتيم فاقـ ٌد للمعيل وغير قادر على ك�سب رزقه‪ .‬والب ّد‬
‫للم�سلم من �أن يكفـل مثل هذا رحمة و�شفقة وامتثا ًال لأمر اهلل‪ .‬ومن َرحِ َم‬
‫النا�س َرحِ َم ُه اهلل‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ .2‬لكافـل اليتيم منزلة عالية عند اهلل‪ ،‬فهو في الجنة من المكرمين المقربين‬
‫الذين ُي�سعدهم الحظ باالقتراب من النبي (�ص) ومجال�سته واللقاء به‪.‬‬
‫‪ .3‬في كفالة اليتيم ق�ضاء على الف�ساد والإنحراف الخُ لُــقي وق�ضا ٌء على الت�شرد‬
‫والت�سول والجريمة‪ ..‬وغير ذلك من الأمرا�ض االجتماعيـة الفتاكـة التي‬
‫يجب اجتثاثها من المجتمع الإ�سالمي‪.‬‬
‫‪ .4‬رعاية اليتيم تخلقُ المحبة والعطف والرحمة والتما�سـك بين �أبناء الأمة‬
‫الإ�سالمية‪ ،‬وتق�ضي على الكثير من عـوامل ال�ضعف والتفكـك‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬ما منزلة كافل اليتيم عند اهلل تعالى ؟‬
‫‪ -2‬ما عالقة كفالة اليتيم وال�سعي على الأرملة بالت�ضامن االجتماعي بين‬
‫الم�سلمين؟‬
‫‪ -3‬في كفالة اليتيم ق�ضاء على كثير من الأمرا�ض االجتماعية‪ .‬و�ضح ذلك من‬
‫خالل �شرح الحديث النبوي ال�شريف‪.‬‬
‫‪ -4‬كيف تكون كفالة اليتيم؟‬

‫‪117‬‬
‫الدر�س الثالث‪ :‬من ق�ص�ص القر�آن‬
‫نبي اهلل ذو الكفل (ع)‬
‫ُّ‬
‫قال تعالى‪:‬‬

‫ﭽ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﭼ (�ص‪)٤٨ :‬‬

‫لما كبر نبي اهلل (الي�سع) عليه ال�سالم فكر �أن يختار رج ًال ي�ستخلفه على النا�س‪ ،‬وقرر‬
‫�أن يجعله يعمل عليهم في حياته‪ ،‬ليرى كيف يعدل بينهم وال يظلم عنده �أحد‪ ،‬فقال الي�سع‪:‬‬
‫لو �أني �أ�ستخلف رج ًال على النا�س يعمل عليهم في حياتي‪ ،‬حتى �أنظر كيف يعمل ثم دعا‬
‫الي�سع النا�س وجمعهم ذات يوم وقال لهم‪ :‬من يتقبل مني بثالثة �أ�ستخلفه و�أ�صغى النا�س‬
‫الحا�ضرون لي�سمعوا هذه ال�شروط الثالثة التي تجعل القادر عليها خليفة بعد الي�سع وفي‬
‫اثناء حياته �أي�ض ًا‪ .‬فقال الي�سع‪ :‬ي�صوم النهار ويقوم الليل‪ ،‬وال يغ�ضب‪.‬‬
‫ما �أجملها من �شروط‪ ،‬وما �أ�سماها لكن ما �أثقلها‪ ،‬فمن ذا الذي يقدر �أن ي�صوم كل‬
‫�أيام العام‪ ،‬ومن ذا الذي ي�ستطيع �أن يق�ضي ليله كله في ال�صالة والعبادة‪.‬‬
‫ثم من ذا الذي يطيق ال�صبر فال يغ�ضب �أبد ًا‪� .‬إنه طلب �أ�شبه بالمحال ف�سكت النا�س‬
‫ولم يجيبوا‪ ،‬لكن رج ًال منهم متوا�ضع الهيئة فقير الحال‪ ،‬تزدريه العين اذا وقفت عليه‪،‬‬
‫قام من مكانه وقال للي�سع بكل ثقة وتوا�ضع ‪� -‬أنا‪ ،‬فتح النا�س �أعينهم ولم يكادوا‬
‫ي�صدقون �آذانهم‪ ،‬لكن الي�سع �س�أل الرجل المتوا�ضع ك�أنه يريد �أن يت�أكد من قوله وعزمه‪:‬‬
‫�أنت ت�صوم النهار وتقوم الليل‪ ،‬وال تغ�ضب ؟‬
‫فقال الرجل المتوا�ضع بثقة ظاهرة‪ :‬نعم‪.‬‬
‫ثم رد الي�سع ذلك الرجل في ذلك اليوم‪ ،‬وتفرق النا�س وفي اليوم الثاني فعل الي�سع‬
‫مثلما فعل �أم�س‪ ،‬وقال كما قال �أم�س‪ .‬فقام �إليه الرجل نف�سه بعد �أن �سكت الحا�ضرون‬
‫كلهم وقال‪� :‬أنا‪.‬‬
‫وهنا ا�ستخلفه الي�سع وجعله يعمل في �أمور النا�س وهو يراقب عدله فيهم ورفقه‬
‫بهم يوم ًا بعد يوم‪ .‬لكن �إبلي�س اغتاظ غيظ ًا �شديد ًا فح ّر�ض ال�شياطين على الرجل ال�صائم‬
‫القائم الكاظم غيظه �أبد ًا‪ .‬قال �إبلي�س لل�شياطين ي�ؤزهم على فتنته‪ :‬عليكم بالرجل الم�ؤمن‬
‫ف�أقبل ال�شياطين على الرجل ال�صالح‪ ،‬وحاولوا معه كل حيلهم و�إِغوائهم ‪ .‬لكنه ظل كما‬

‫‪118‬‬
‫هو �صائم ًا قائم ًا كاظم ًا لغيظه وهنا �صاح �إبلي�س‪:‬‬
‫دعوني و�إياه‬
‫ثم انطلق ليفتن الرجل ويغويه‪ ،‬وكان الرجل ال�صالح ال ينام �إال في وقت القيلولة‬
‫من ظهيرة كل يوم ‪ ،‬وال ينام فيما عدا ذلك‪ ،‬فجاءه �إبلي�س في هذا الوقت نف�سه وقد تمثل‬
‫في �صورة �شيخ كبير فقير‪ ،‬فدق الباب على الرجل ال�صالح وهو في نومه ‪ ،‬فقال الرجل‬
‫ال�صالح‪:‬‬
‫من هذا ؟‬
‫قال‪� :‬إبلي�س المتنكر‪:‬‬
‫�شيخ كبير مظلوم‪.‬‬
‫فقام الرجل ال�صالح‪ ،‬وفتح الباب و�أدخل ال�شيخ ف�أخذ هذا يق�ص عليه حكاية كاذبة‬
‫فيقول‪:‬‬
‫‪� -‬أن بيني وبين قومي خ�صومة‪ ،‬و�أنهم ظلموني‪ ،‬و�أنهم فعلوا بي كذا وكذا وظل �إبلي�س‬
‫اللعين يطيل في الحديث ويكثر من الكالم حتى فات وقت القيلولة كله‪ ،‬واقترب‬
‫الم�ساء ‪ .‬فقال الرجل ال�صالح لل�شيخ المزيف وهو ال يعلم من �أمره �شيئ ًا‪:‬‬
‫‪ -‬اذا رحت ف�إني �آخذ لك بحقك‪.‬‬
‫وم�ضى الرجل ال�صالح الى مجل�سه في الم�ساء وانتظر ال�شيخ‪ ،‬فلم يره بين النا�س‪،‬‬
‫وفي �صباح اليوم التالي جل�س الرجل ال�صالح يحكم بين النا�س ويق�ضي في �أمورهم‪،‬‬
‫وهو ينتظر مجيء ال�شيخ �إليه لكنه لم ي�أت‪ ..‬وعندما رجع الرجل ال�صالح وذهب لينام‬
‫قيلولته‪ ،‬جاءه ال�شيخ نف�سه‪ ،‬وكرر عليه اليوم ذات ما قاله بالأم�س‪ ،‬ف�س�أله الرجل‬
‫ال�صالح عن ال�سبب الذي منعه من المجيء كما وعده‪ ،‬فقال �إبلي�س المتنكر بهيئة‬
‫�شيخ كبير‪:‬‬
‫‪� -‬إن قومي �أخبث قوم‪ ،‬اذا عرفوا �أنك قاعد للق�ضاء و�أردنا المجيء �إليك قالوا لي‪ :‬نحن‬
‫نعطيك حقك‪� ،‬أما اذا ذهبت من مجل�سك ف�إنهم يجحدوني‪ ..‬ينكرون حقي‪ ،‬فقال له‬
‫الرجل ال�صالح خير ًا‪ ،‬و�أمره �أن ي�أتيه عندما يجل�س في الم�ساء للق�ضاء‪ .‬ولم ي�ستطع‬
‫الرجل ال�صالح النوم في هذا اليوم �أي�ض ًا‪ ،‬ثم كرر �إبلي�س الخبيث مكره ولم ي�أته في‬
‫الم�ساء �أي�ض ًا ثم قال الرجل ال�صالح لبع�ض �أهله بعد �أن �أخذه النعا�س و�أ�ض ّر به‪ :‬ال‬

‫‪119‬‬
‫تدعوا �أحد ًا يقترب من هذا الباب حتى �أنام‪ ،‬ونام الرجل وقت القيلولة‪ ،‬لكنه فوجئ‬
‫بال�شيخ يدخل عليه بعد �أن دق عليه الباب من الداخل‪ ،‬فتعجب الرجل ال�صالح‪ ،‬ف�صاح‬
‫علي �أحد ؟‬
‫على بع�ض �أهله‪ :‬وقال �ألم �آمرك ب�أال يدخل ّ‬
‫فقال له �أحد �أهله‪� :‬أما من قبلي ‪ ،‬واهلل لم ي�أتك �أحد‪ ،‬فانظر من �أين �أتاك‪ ،‬فقام الرجل‬
‫ال�صالح الى بابه فوجده مقف ًال كما قفله بنف�سه‪ ،‬وال�شيخ معه داخل البيت‪ ،‬ف�أدرك في‬
‫الحال �أنه �إبلي�س جاء ليغويه‪ ،‬فقال له‪� :‬أعدو اهلل �إبلي�س؟‬
‫فقال �إبلي�س اللعين‪ :‬نعم‪� ،‬أعييتني في كل �شيء‪ ،‬ففعلت كل ما ترى لأغ�ضبك‪ ،‬ولهذا‬
‫�سمى اهلل هذا الرجل ال�صالح ذا الكفل لأنه تكفل ب�أمر فوفّى به‪.‬‬
‫قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﭼ (الأنبياء‪)٨٥ :‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬ما ال�شروط التي ا�شترطها نبي اهلل (الي�سع) للذي ي�ستخلفه‪ ،‬و�ضح ذلك؟‬
‫‪َ -2‬م ْن الذي جاء �إلى ذي الكفل في �أوقات القيلولة‪ .‬ولماذا؟‬
‫‪َ -3‬م ْن الذي دخل الى ذي الكفل وكيف؟‬
‫‪-4‬بماذا و�صف اهلل �سبحانه وتعالى ذا الكفل ؟ اذكر الآية الكريمة‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫اثر اخلمر واملخدرات‬ ‫الدر�س الرابع‪:‬‬

‫اثر الخمر والمخدرات في المجتمع‬


‫الخمر هو كل ما �أفقد االن�سان وعيه و�صوابه‪� ،‬إذ يختل به العقل واالتزان مما ي�ؤدي‬
‫�إلى �أن ينقاد الإن�سان ب�سهولة �إلى ارتكاب الفواح�ش والمنكرات قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟﭼ (المائدة ‪)90/‬‬

‫�إن �أثر الخمر ونتائج تعاطيها ال�سيئة في �أخالق الأمة �أبل ُغ منه في الأفراد �إذ تنت�شر‬
‫الفواح�ش والرذائل وت�ضعف الف�ضيلة وتنهزم الأخالق الحميدة �أمام الأخالق المنحلة‪,‬‬
‫فالخمرة و�سيلة الرتكارب الحرام قال ر�سول اهلل (�ص)‪( :‬ثالثة الينظر اهلل اليهم يوم‬
‫القيامة‪ ،‬العاقُ لوالديه‪ ،‬والمدمن الخمر والمنان بما �أعطى) فالخمر ُة أ� ُّم الفواح�ش‬
‫و�أكب ُر الكبائر‪ ،‬فالخمرة تبعد �شاربها من ذكر اهلل الذي هو من �صميم الدين وعن �إقامة‬
‫ال�صالة التي تنهى عن الفح�شاء والمنكر ف�إذا �صدت عن ذكر اهلل وعن ال�صالة بت�أثير‬
‫�شرب الخمر ا�ستوطن فيها ال�ش ُر لزوال الرادع الذي يردع النف�س عنه وهو خ�شية اهلل‬
‫وخوف عقابه‪ ،‬فتنقاد �إلى الحرام ومهما تعددت �أ�سماء الخمر واختلفت‪ ،‬فالم�سمى واحد‬
‫والحكم معلوم هو الحرمة وقد تنوعت انواع الخمور والم�سكرات في ع�صرنا الحالي‬
‫تنوعا بالغا وتعددت ا�سما�ؤها (عربية و�أجنبية) قال ر�سول اهلل‪( :‬لي�شربن نا�س من امتي‬
‫الخمر ي�سمونها بغير ا�سمها)‪ ،‬وقال ر�سول (�ص)‪( :‬كل م�سكر خمر وكل خمر حرام)‪.‬‬
‫� َّإن من �أعظم الجرائم ومن �أكبر الم�شكالت التي تف�شت في مجتمعاتنا والتي عر�ضت‬
‫ديننا وقيمنا وامننا و�أموالنا لل�ضياع ولل�سفك واالن�سالخ هو ماتف�شى في مجتمعاتنا‬
‫من �شرب الخمر وتعاطي المخدرات �إنها م�صيبة نكراء‪ ،‬وجريمة �شنعاء فتكت ب�شبابنا‬
‫و�أذهبت اموالنا و�أهدرت دماءنا وزعزعت �أمننا و�سكينتنا‪ ،‬كانت الخمرة وكل م�سكر‪،‬‬
‫ت�سمى عند العرب في الجاهلية ( أ� ُّم الخبائث) ال ي�شربها عقال�ؤها وال يتعاطاها حكما�ؤهم‪،‬‬

‫‪121‬‬
‫حر َّمها كثير على نف�سه كحاتم الطائي وحمزة بن عبد المطلب‪.‬‬
‫وكانت ت�سمى عند العرب في الجاهلية (ال�سفيهة ‪ ،‬والم�ؤذية والقبيحة والمكروهة)‬
‫فلما جاء الإ�سالم حر َّمها اهلل تعالى في القر�آن الكريم ثم حر َّمها ر�سوله الكريم (�ص)‬
‫في �سنته و�شارب الخمر كعابد الوثن فقال (�ص) (من مات وهو مدمن الخمر لقي اهلل‬
‫وهو كعابد وثن ) وقال (�ص)‪( :‬لعن اهلل الخمر و�شاربها و�ساقيها وبائعها ومبتاعها‬
‫وعا�صرها ومعت�صرها وحاملها والمحمولة اليه) وقال (�ص)‪( :‬اجتنبوا الخمر ف�أنها‬
‫مفتاح كل �شر‪ ،‬وقد ُ�سئل الإمام جعفر ال�صادق (ع)‪ :‬عن �أكثر المعا�صي �ضرر ًا‪ :‬الزنا‪،‬‬
‫القتل‪� ،‬شرب الخمر ف�أجاب‪� :‬شارب الخمر يفعل كل هذه المعا�صي)‪.‬‬
‫�إن �أ�ضرار الخمر وبيلة وم�صائبها كثيرة وعواقبها �أليمة وعر�ضت ال�شباب لالنحراف‬
‫وال�ضياع ‪.‬‬
‫ومن �أ�ضرار الم�سكرات والمخدرات‪:‬‬
‫‪ -1‬انها محاربة ومع�صية هلل تعالى‪ ،‬فمن تناول �شيئا منها �أو جلب �شيئا منها لغيره �أو‬
‫ر َّوج لها �أوا�ستح�سنها �أو�سكت عن مروج لها فقد بارز اهلل بالمحاربة وا�ستوجب لعنة‬
‫اهلل وغ�ضبه عليه‪.‬‬
‫‪َّ � -2‬إن فيها �إذهاب ًا للعقل الذي هو �أعظم نعمة �أنعم اهلل تعالى بها على االن�سان‪ ،‬فالذي‬
‫�أذهب عقله ف�أ�ضاع لبه‪ ،‬فهو في م�سلك البهيمة‪ ،‬اليدرك �شيئا‪ ،‬قلت قيمته‪ ،‬وال حياة‬
‫وال مروءة والدين والخير فيه‪.‬‬
‫‪َّ � -3‬إن في �شرب الم�سكر ب�أنواعه وتعاطي المخدرات �سفك ًا للدماء وهتكا للأعرا�ض‬
‫و�إهدار ًا للأموال‪ ،‬و�إ�ضاعة للأرواح �إذ تجعل �شاربها ومتعاطيها كالبهيمة اليميز بين‬
‫الحالل والحرام وال�صواب والخط أ� فيرتكب المعا�صي والجرائم بال وعي‪.‬‬
‫‪ -4‬ان في �شرب الم�سكرات وتعاطي المخدرات‪� ،‬ضياع ًا للأمة و�إهدار ًا لقوتها وم�ستقبلها‪،‬‬
‫ف�ضياع �أكثر �شبابنا ب�سبب هذه الخبيثة‪ ،‬فلقد امتلأت بهم ال�سجون والمقابر‪.‬‬
‫‪ -5‬تفتيت الأيدي العاملة وقدرتها مما ي�ؤدي �إلى تفكك المجتمع وانهيار اقت�صاده‬
‫وان�شغال �أبنائه عن بناء المجتمع ودعم اقت�صاده‪.‬‬
‫‪ -6‬للخمر �أ�ضرار �صحية ال ح�صر لها منها‪ :‬ت�شمع الكبد‪ ،‬ومر�ض االيدز‪ ،‬و�أمرا�ض‬
‫‪122‬‬
‫االلتهاب الرئوي‪ ،‬و�سوء اله�ضم‪ ،‬وال�صرع‪ ،‬والقلق‪ ،‬وال�سهر واالرتباك‪ ،‬والأمرا�ض‬
‫النف�سية والع�صبية‪.‬‬
‫‪ -7‬ي�ؤدي �شرب الخمر �إلى انهيار الأ�سرة وتفكيكها‪ ،‬فكم من طالق �أدى �إلى انهيار‬
‫الأ�سرة وانحراف الأبناء ب�سبب ت�صرفات الزوج الواقع تحت وط�أة ت�أثير الم�سكر‬
‫�أو المخدرات‪.‬‬
‫‪� -8‬إ�ضعاف ال�شباب عن ت�أدية واجبه في بناء الوطن والدفاع عنه و�إلهائهم عن دورهم‬
‫في الأمور الحياتية والوطنية‪ ،‬وقد �سعى �أعداء الإ�سالم لن�شر الم�سكرات والمخدرات‬
‫للق�ضاء على الإ�سالم وقيمه‪.‬‬
‫‪ -9‬ت�ؤدي الم�سكرات والمخدرات �إلى �إ�ضعاف الأمة في قوتها الع�سكرية واالقت�صادية‬
‫وال�صناعية‪ ،‬اما الأ�سباب التي �أدت �إلى انت�شار الخمر والم�سكرات في المجتمع فهي‪:‬‬
‫�أ‪ -‬االبتعاد من ال�صالة و�ضعف مراقبة اهلل تعالى‪ ،‬فمن اليراقب اهلل‪ ،‬ي�ضيعه اهلل واليحفظه‬
‫ومن اليحفظه اهلل فقد هلك‪.‬‬
‫ب‪� -‬سوء التربية البيتية‪ ،‬ف� ّإن م�س�ؤولية الأب والأم كبيرة‪ ،‬فال�شاب الذي تربى على واقع‬
‫ه�ش ينق�صه الوازع الديني والأخالقي الي�ستبعد منه �أن يقدم على �شرب الخمر‪.‬‬
‫جـ‪ -‬فراغ القلوب من طاعة اهلل تعالى ومن ذكره ومن محبته يقودها الى ال�شيطان‪.‬‬
‫د‪ -‬قرناء ال�سوء الذين خدعوا �شبابنا و�صوروا لهم الدين انه تخلف ورجعية وتزمت‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬تعاطي العقاقير التي تحتوي ن�سبة من المخدر على �أنها تهدئ الأع�صاب وتريح البال‬
‫مما ي�ؤدي �إلى �إدمان هذه العقاقير التي تقود الى تعاطي المخدرات والم�سكرات التي‬
‫غالب ًا ما ي�ؤدي الى الأمرا�ض الخطرة منها االيدز ثم الموت‪.‬‬
‫و‪ -‬و�سائل الإعالم الهدامة التي تقود ال�شباب �إلى تعاطي المخدرات‪.‬‬
‫ولكل ما تقدم ذكره فقد حرم اهلل �سبحانه وتعالى �شرب الم�سكر بكل �أنواعه وما يقع‬
‫في حكمه كالمخدرات‪.‬‬
‫وان التدخين من الممار�سات الخاطئة التي يغتر بها ال�شباب الطائ�ش من دون وعي‬
‫للآثار الخطرة الناجمة عنه فهو ممار�سة �سلبية ت�ؤثر في �صحة الغدد وطاقتها ف�ض ًال‬
‫عما ي�صاحب التدخين من انبعاث رائحة كريهة في الفم والمالب�س ف�ض ًال عن الأخطار‬

‫‪123‬‬
‫ال�صحية للتدخين فهو �سبب رئي�س في �أمرا�ض القلب والرئة وت�صلب ال�شرايين‪ ،‬وفيه‬
‫تبذير للأموال بال نفع وال فائدة وفيه �أذى للنف�س وللآخرين وكل �أذى قد ح َّرمه اهلل تعالى‪.‬‬
‫فيا طلبتنا و�أوالدنا الأعزاء لتكن عقولكم واعية ومتفهمة خطورة الأمر وب�شاعته‬
‫ف�إنكم بناة الم�ستقبل و�أمل الأمة المن�شود فال تكونوا فري�سة �سهلة تجتذبها المحرمات‬
‫ويحركها قرناء ال�سوء ومن يتاجر ب�أرواح النا�س من �أعداء الإ�سالم؛ ل ّأن الثمن الذي‬
‫�ستدفعونه من وراء االنقياد لكل محرم ثمن غالٍ هو حياتكم و�شرفكم و�سمعتكم ومن َث َّم‬
‫دينكم و�أمتكم‪.‬‬

‫المناق�شة‬
‫‪ -1‬كيف ت�ؤثر الم�سكرات والمخدرات في اقت�صاد المجتمع؟‬
‫‪� -2‬أدرك العرب قبل اال�سالم خطورة الخمر وم�ضارها فاطلقوا عليها ت�سميات‬
‫عديدة اذكر هذه الت�سميات‪.‬‬
‫‪ -3‬ما الأ�ضرار ال�صحية الناجمة من �شرب الم�سكرات والمخدرات؟‬
‫‪ -4‬اذكر الأحاديث ال�شريفة التي وردت في تحريم الخمر والتعامل بها‪.‬‬
‫‪ -5‬بم �أجاب االمام ال�صادق (ع) عندما �سئل عن �أكثر المعا�صي �ضررا؟‬
‫‪ -6‬اذكر ا�ضرار الم�سكرات والمخدرات‪.‬‬
‫‪ -7‬هل ي�أثم من يبيع الخمر و�إن كان الي�شربها؟ عزز �إجابتك بحديث �شريف‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫التهذيب‬ ‫الدر�س اخلام�س‪:‬‬

‫�أو ًال‪ :‬حقوق �أهل العلم‬


‫�إن المعلم هو بمنزلة الأب وهو الأخ الكبير‪ ،‬وهو ال�شمعة المتوقدة التي تحترق‬
‫لت�ضيء الطريق للطلبة‪ ،‬والمعلم هو النبع ال�صافي الذي طالما �شرب منه وروي طالب‬
‫العلم والمعرفة‪ ،‬لذا علينا له حقوق وجب مراعاتها‪.‬‬
‫فالأ�ساتذة المخل�صون‪ ،‬المتحلون بالإيمان والخلق الكريم‪ ،‬لهم مكانة �سامية‪ ،‬وف�ضل‬
‫كبير على المجتمع‪ ،‬بما ي�سدون �إليه من جهود م�شكورة في تربية �أبنائهم‪ ،‬وتثقيفهم‬
‫بالعلوم والآداب‪ .‬فهم رواد الثقافة‪ ،‬ودعاة العلم‪ ،‬وبناة الح�ضارة‪ ،‬وموجهو الجيل الجديد‪.‬‬
‫لذلك كان للأ�ساتذة على طالبهم حقوق جديرة بالرعاية واالهتمام‪ .‬و�أول حقوقهم على‬
‫الطالب‪� ،‬أن يوقروهم ويحترموهم احترام الآباء‪ ،‬مكاف�أة لهم على ت�أديبهم‪ ،‬وتنويرهم‬
‫تعظم معلمك �أكثر‬‫بالعلم‪ ،‬وتوجيههم وجهة الخير وال�صالح‪ .‬فقد قيل لال�سكندر‪ :‬انك ّ‬
‫من تعظيمك لأبيك!!! فقال‪ :‬لأن �أبي �سبب حياتي الفانية‪ ،‬وم�ؤدبي �سبب الحياة الباقية‪.‬‬
‫وقال ال�شاعر‪:‬‬
‫ق ــم للمعل ـ ــم و ّفـ ــه التبجيـ ــال *** كاد المعلم �أن يكون ر�سوال‬
‫�أر�أيت �أكرم �أو �أجل من الذي *** يبني وين�شئ �أنف�س ًا وعقوال‬
‫لقد كان التلميذ والطالب في الما�ضي يعرف حقَّ معـلمه‪ ،‬فيقف �إذا م َّر به‪ ،‬ويبد�أ‬
‫بتحيته‪ ،‬ويحمل كتبه‪ ،‬وال يجل�س حتى يجل�س وال يقاطع حديثه‪ ،‬ويعترف بف�ضله ويعامله‬
‫بمنتهى الأدب واالحترام ويتحمل غ�ضبه وت�أنيبه لأنه يعلم �أَن ذلك لم�صلحتهِ‪.‬‬
‫ومن حقوق الأ�ساتذة على الطالب‪ :‬تقدير جهودهم ومكاف�أتهم عليها بال�شكر الجزيل‪،‬‬
‫وجميل الحفاوة والتكريم‪ ،‬واتباع ن�صائحهم العلمية‪ ،‬كا�ستيعاب الدرو�س و�إنجاز‬
‫الواجبات المدر�سية‪ .‬والت�سامح والتغا�ضي عما يبدر منهم من �صرامة �أو غلظة ت�أديبية‪،‬‬
‫ت�سعى الى تثقيف الطالب وتهذيب �أخالقه‪.‬‬
‫ولعل �أروع ماقيل في حقوق المعلمين على طلبتهم‪ ،‬قول االمام علي بن الح�سين زين‬
‫العابدين (ع)‪:‬‬

‫‪125‬‬
‫«وحق �ساي�سك بالعلم‪ :‬التعظيم له‪ ،‬والتوقير لمجل�سه‪ ،‬وح�سن اال�ستماع اليه‪،‬‬
‫والإقبال عليه‪ ،‬و�أال ترفع عليه �صوتك‪ ،‬وال تجيب �أحد ًا ي�س�أله عن �شيء حتى يكون هو‬
‫الذي يجيب‪ .‬وال تُح ّدث في مجل�سه �أحد ًا‪ ،‬وال تغتاب عنده �أحد ًا‪ ،‬و�أن تدفع عنه �إذا ذكر‬
‫عندك ب�سوء‪ ،‬وان ت�ستر عيوبه‪ ،‬و ُتــظهر مناقبه وال تجال�س له عدو ًا‪ ،‬وال تعاد له ول ّي ًا‪ .‬ف إِ�ذا‬
‫فعلت ذلك‪� ،‬شهد لك مالئكة اهلل ب�أنك ق�صدته‪ ،‬وتع ّلمت علمه هلل جل ا�سمه‪ ،‬ال للنا�س»‪.‬‬
‫ومعنى ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬ان تقدم االحترام والتقدير لمعلمك‪.‬‬
‫‪ -2‬ح�سن اال�ستماع اليه واالنتباه لما يقول والعمل بتوجيهاته‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم رفع ال�صوت في ح�ضرته �أو عند الحديث اليه‪.‬‬
‫‪ -4‬عدم اغتيابه �أو ذكره ب�سوء‪.‬‬
‫‪ -5‬اظهار مكارم �أخالقه‪.‬‬
‫‪� -6‬ستر عيوبه‪.‬‬
‫‪ -7‬رف�ض �أي �إ�ساءة توجه اليه والدفاع عنه‬
‫وفي الوقت نف�سه على المعلم �أن يحفظ لنف�سه مقامه وهيبته فيترفع عن الدنايا فهو‬
‫المثل والقدوة التي تحتذى‪ ،‬لذا وجب على المعلم �أي�ضا �أن ي�صلح �أخطاءه‪ ،‬و�أن يعامل‬
‫طلبته بكل رفق فيك�سب حبهم واحترامهم‪.‬‬
‫حقوق الطالب‬
‫لطالب العلم ف�ضلهم وكرامتهم‪ ،‬باجتهادهم في تح�صيل العلم‪ ،‬وحفظ تراثه‪ ،‬وبناء‬
‫المجتمع وبناء م�ستقبلهم فبالعلم ترتقي ال�شعوب وتزدهر البلدان ويرتفع قدر المتعلم‬
‫ومكانته في المجتمع وبالعلم يجد المرء فر�صة لحياة كريمة وك�سب �أف�ضل عمن �سواه‬
‫من غير المتعلمين‬
‫فتفتح له �آفاق وا�سعة ي�سعد بها من �أجل ذلك‪ ،‬نوهت �أحاديث �أهل البيت (ع) بف�ضل‬
‫طالب العلم‪ ،‬و�شرف �أقدارهم وجزيل �أجرهم‪.‬‬
‫قال ر�سول اللهّ (�ص)‪« :‬طالب العلم بين الجهال كالحي بين الأموات»‪.‬‬
‫وقال ر�سول اللهّ (�ص)‪« :‬من �سلك طريق ًا يلتم�س فيه علم ًا‪� ،‬سهل اللهّ له به طريق ًا الى الجنة»‪.‬‬
‫ومن الوا�ضح �أن تلك الخ�صائ�ص الرفيعة‪ ،‬والمزايا الم�شرفة‪ ،‬ال ينالها اال طالب‬

‫‪126‬‬
‫العلم المخل�صون‪ ،‬الم�سارعون الى طلبه والى تزكية نفو�سهم وتهذيب �أخالقهم‪ ،‬فاذا ما‬
‫تجردوا من تلك الخ�صائ�ص والغايات‪ ،‬حرموا تلك الم�آثر الخالدة‪ ،‬ولم يجنوا �إال الم�آرب‬
‫المادية الزائلة‪.‬‬
‫وهاك مجم ًال من حقوق الطالب‪:‬‬
‫‪ - 1‬يجدر ب�أولياء الطالب والمعنيين بتربيتهم وتعليمهم‪� ،‬أن يختاروا لهم �أ�ساتذة‪،‬‬
‫متحلين بااليمان وح�سن الخلق‪ ،‬ليكونوا قدوة �صالحة و�أنموذج ًا ح�سن ًا لتالمذتهم‪.‬‬
‫فالطالب �شديد الت�أثر والمحاكاة لأ�ساتذته ومربيه‪ ،‬و�سرعان ما تنعك�س في نف�سه‬
‫�صفاتهم و�أخالقهم‪ ،‬ومن هنا وجب اختيار المدر�سين المت�صفين باال�ستقامة وال�صالح‪.‬‬
‫‪ - 2‬ومن حقوق الطالب‪� :‬أن ي�ست�شعروا من �أ�ساتذتهم اللطف واال�شفاق‪ ،‬فيعاملونهم‬
‫معاملة الأبناء‪ ،‬ويتفادون احتقارهم وا�ضطهادهم؛ لأن ذلك يحدث ر ّد فعل �س ّيئ‬
‫فيهم‪ ،‬يو�شك �أن ينفرهم من تح�صيل العلم‪ .‬لذلك كان من الحكمة في تهذيب الطالب‬
‫وت�شجيعهم على الدر�س‪ ،‬مكاف�أة المح�سن بالمدح والثناء‪ ،‬وزجر المق�صر منهم‬
‫بالت�أنيب والتقريع‪ ،‬الذي ال يجرح العاطفة وال يهدر الكرامة ويحدث ر ّد فعل في‬
‫الطالب‪.‬‬
‫انظر كيف يو�صي االمام زين العابدين بالمتعلمين‪ ،‬في ر�سالته الحقوقية‪ ،‬فيقول‬
‫عليه ال�سالم‪:‬‬
‫«و�أما حق رعيتك بالعلم‪ ،‬ف أَ�ن تعلم �أن اهلل عز وجل �إنما جعلك ق ّيم ًا لهم فيما �آتاك من‬
‫العلم‪ ،‬وفتح لك من خزائنه‪ ،‬ف�إن �أح�سنت في تعليم النا�س ولم تخرق بهم‪ ،‬ولم ت�ضجر‬
‫عليهم‪ ،‬زادك اللهّ من ف�ضله‪ ،‬و�إن �أنت منعت النا�س علمك �أو خرقت بهم عند طلبهم العلم‬
‫منك‪ ،‬كان حق ًا على اللهّ (عز وجل) �أن ي�سلبك العلم وبهاءه‪ ،‬وي�سقط من القلوب محلك»‪.‬‬
‫‪ - 3‬يجدر بالأ�ساتذة �أن يراعوا ا�ستعداد الطالب وم�ستواهم الفكري‪ ،‬فيتدرجوا به في‬
‫مراقي العلم بح�سب طاقته وم�ؤهالته الفكرية‪ ،‬فال يكلفوهم ما ي�سمو على �أفهامهم‪،‬‬
‫وتق�صر عنه مداركهم‪..‬‬
‫‪ - 4‬ويحق للطالب على �أ�ساتذتهم �أن يتعاهدوهم بالتوجيه والإر�شاد‪ ،‬في المجاالت‬
‫العلمية وغيرها من �آداب ال�سيرة وال�سلوك‪ ،‬لين�ش�أ الطالب ن�ش�أة مثالية‪ ،‬ويكونوا‬
‫�أنموذج ًا رائع ًا في اال�ستقامة وال�صالح‪ .‬وتهذيب ال�ضمير‪ ،‬والتو�صل الى �شرف‬
‫طاعة اهلل تعالى ور�ضاه‪ .‬وك�سب ال�سعادة الأبدية الخالدة‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫‪� -5‬أن اليبخلوا عليهم بالعلم والتوجيه‪ ،‬و�أن يعاملوهم بالعدل‪ ،‬بعيدا من المحاباة لقرابة‬
‫�أو معرفة �أو انتماء‪.‬‬
‫‪� -6‬أن يحافظ المربي على هيبته ومكانته كونه القدوة والمثل الأعلى لطالبه‪.‬‬
‫ف�إن لم ي�س َع الطالب لتلك الغايات ال�سامية‪ ،‬كان مادي ًا هزيل الغاية والم�أرب‪ ،‬لم‬
‫ي�ستثمر العلم ا�ستثمار ًا واعي ًا ولم ي�سخره لنفعه‪.‬‬
‫المناق�شة‬
‫‪ .1‬تحدث عن معلم �أثر في نف�سك عندما كنت في االبتدائية وب ِّين �سبب حبك‬
‫وتعلقك به‪.‬‬
‫‪ .2‬ما واجبات المتعلمين تجاه ا�ساتذتهم؟‬
‫‪ .3‬العالقة الطيبة بين اال�ستاذ وطلبته هي �سر نجاح الطرفين‪.‬‬
‫‪� .4‬ضمت ر�سالة الحقوق للإمام زين العابدين (ع) مجموعة كبيرة من الحقوق‪.‬‬
‫اكتب بحث ًا في �أحد هذه الحقوق م�ست�شهد ًا بما في الر�سالة‪.‬‬

‫ثانياً‪( .1 :‬من الق�ص�ص) ِنعم الخلـيل‬


‫عن �أبي عبداهلل جعفر ال�صادق (عليه‏ال�سالم) عن �آبائه( عليهم ال�سالم) قال‪ :‬ل ّما جـاء‬
‫المر�سلـون �إلى �إبـراهيـم جـاءهم بالعـجـل فـقـال‪ :‬كلوا‪ ،‬فـقـالوا‪ :‬ال ن�أكل حتى تخبرنا ما‬
‫ثمنه؟ فقال‪� :‬إذا �أكـلـتـم فـقـولـوا‪ :‬ب�سم اهلل‪ ،‬و�إذا فـرغتـم فـقـولوا‪ :‬الحمد هلل‪ ،‬قال‪ :‬فالتفـت‬
‫جبرئيـل �إلى �أ�صحـابـه‪ ،‬وكــانـوا �أربعـة وجـبـرئيــل رئـي�سهـم‪ ،‬فـقـال‪ :‬حـقٌّ هلل‏ �أن يتّـخذ ه‬
‫خلي ًال‪.‬‬
‫المناق�شة‬
‫‪ .1‬ما الثمن الذي طلبه نبي اهلل �إبراهيم (عليه ال�سالم) ؟‬
‫‪ .2‬ما�سبب قول جبرئيل (عليه ال�سالم) (حـقٌّ هلل �أن يتّـخذ ه خلي ًال)؟‬
‫‪ .3‬في القر�آن الكريم و�صف لنبي اهلل �إبراهيم (ع) ابحث عنه ثم اكتب ال�صفة‪.‬‬
‫‪ .4‬في الق�صة �آداب علينا مراعاتها دائما‪ ،‬فما هي؟‬

‫‪128‬‬
‫‪ .2‬المنّ على اهلل‬
‫ُيروى � ّأن عالما �أتى عابدا فقال له‪ :‬كيف �صالتك ؟ فقال‪ :‬ت�س�ألني عن �صالتي و�أنا �أعبد‬
‫اهلل منذ كذا وكذاواني لأ�صلي حتى تتورم قدماي! فقال‪ :‬كيف بكا�ؤك ؟ فقال‪� :‬إنّي لأبكي‬
‫حتّى تجري دموعي‪ ،‬فقال له العالم‪ :‬فكيف ذكرك للموت فقال‪ :‬ما ارفع قدما وال �أ�ضع‬
‫�أخرى �إال ر�أيت �أني ميت فقال له العالم‪ :‬ف� ّإن �ضحكك و�أنت خائف من اهلل �أف�ضل من بكائك‬
‫و�أنت مد ّل على اهلل‪ّ � ،‬إن المد ّل ال ي�صعد من عمله �شيء‪ .‬والمدل على اهلل هو من يعجبه عمله‬
‫ويمن به على اهلل فقال العابد للعالم �أو�صني ف�إني �أراك حكيما فقال ازهد في الدنيا وال‬
‫تنازع �أهلها فيها وكن فيها كالنحلة �إن �أكلت �أكلت طيبا و�إن و�ضعت و�ضعت طيبا و�إن‬
‫وقعت على عود لم تك�سره‪.‬‬
‫المناق�شة‬
‫‪ .1‬ما الحكمة التي ت�ست�شفها من الق�صة؟‬
‫‪ .2‬مامعنى الرياء ؟‬
‫‪ .3‬مامعنى المدل؟ وماجزاء عمله؟‬
‫‪ .4‬ما الذي عناه العالم بو�صيته كن كالنحلة؟‬

‫‪129‬‬
‫املحتويات‬
‫ال�صفحة‬ ‫املو�ضوع‬
‫‪3‬‬ ‫المـقــدمــــة‬
‫‪5‬‬ ‫�أحكام التالوة‬
‫‪8‬‬ ‫بيان تعريف الم�صطلحات‬
‫‪9‬‬ ‫الوحدة الأولى‬
‫‪9‬‬ ‫الأول‪ :‬من �سورة ي�س (‪1‬ـ‪)32‬‬ ‫الدر�س‬
‫‪16‬‬ ‫الثاين‪ :‬من �صفات امل�ؤمن‬ ‫الدر�س‬
‫‪21‬‬ ‫نبي اهلل يعقوب (ع)‬ ‫الثالث‪ُّ :‬‬ ‫الدر�س‬
‫‪24‬‬ ‫الرابع‪ :‬الإ�سالم وبناء االن�سان‬ ‫الدر�س‬
‫‪28‬‬ ‫اخلام�س‪ :‬ال�شكـــر‬ ‫الدر�س‬
‫‪34‬‬ ‫الوحدة الثانية‬
‫‪34‬‬ ‫الأول‪ :‬من �سورة ي�س االيات (‪33‬ـ‪)58‬‬ ‫الدر�س‬
‫‪41‬‬ ‫الثاين‪ :‬احرتام العمل وتقومي اليد العاملة‬ ‫الدر�س‬
‫‪45‬‬ ‫نبي اهلل هود (ع)‬
‫الثالث‪ُّ :‬‬ ‫الدر�س‬
‫‪49‬‬ ‫الرابع‪ :‬لعن اهلل املت�شبهات بالرجال واملت�شبهني بالن�ساء‬ ‫الدر�س‬
‫‪53‬‬ ‫املحبــة‬
‫َّ‬ ‫اخلام�س‪:‬‬ ‫الدر�س‬
‫‪57‬‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪57‬‬ ‫الأول‪ :‬من �سورة ي�س (‪)83- 59‬‬ ‫الدر�س‬
‫‪63‬‬ ‫الثاين‪� :‬أكرب الكبائر‬ ‫الدر�س‬
‫‪67‬‬ ‫الثالث‪ :‬نبي اهلل �إليا�س (ع)‬ ‫الدر�س‬
‫‪69‬‬ ‫الرابع‪ :‬حرمة تكفري امل�سلم‬ ‫الدر�س‬
‫‪71‬‬ ‫اخلام�س‪ :‬الـــريــــاء‬ ‫الدر�س‬
‫‪74‬‬ ‫الوحدة الرابعة‬
‫‪74‬‬ ‫االول‪ :‬من �سورة �سب أ� (‪)23 -1‬‬ ‫الدر�س‬
‫‪85‬‬ ‫الثاين‪ :‬طرق النجاة‬ ‫الدر�س‬
‫‪90‬‬ ‫نبي اهلل �إدري�س (ع)‬
‫الثالث‪ُّ :‬‬ ‫الدر�س‬
‫‪92‬‬ ‫الرابع‪ :‬حقوق الإن�سان يف الإ�سالم‬ ‫الدر�س‬
‫‪99‬‬ ‫اخلام�س‪ :‬احليــــاء‬ ‫الدر�س‬
‫‪104‬‬ ‫الوحدة الخام�سة‬
‫‪104‬‬ ‫الدر�س الأول‪ :‬من �سورة فـــاطـر الآيات من (‪)26 –1‬‬
‫‪114‬‬ ‫الدر�س الثاين‪ :‬رعاية اليتيم‬
‫‪118‬‬ ‫الدر�س الثالث‪ :‬نبي اهلل ذو الكفـــل (ع)‬
‫‪121‬‬ ‫الدر�س الرابع‪� :‬أثر اخلمر واملخدرات‬
‫‪125‬‬ ‫الدر�س اخلام�س‪ :‬التهذيب‬
‫‪130‬‬ ‫املحتويات‬

‫‪130‬‬

You might also like