Professional Documents
Culture Documents
وزارة التربية
المديرية العامة للمناهج
القرآن الكريم
والتربية اإلسالمية
إعدادي
ّ لل�صف الرابع ال
ت�أليف
جلنة متخ�ص�صة يف وزارة الرتبية
ت�صميم
خليل محمد خليل
2
ب�سم اهلل الرحمن الرحيم
مـقــدمــــة
رب العالمين الذي أ�نـار قلوب عباده المتقين بنور كتابه المبين الحمد هلل ،ثم الحمد هلل ّ
وال�صالة وال�سالم على خاتم الأنبيـاء و�أ�شرف المر�سلين .نبينا الأمين محمد الذي �أر�سله
اهلل هادي ًا ومب�شر ًا ونذير ًا وعلى آ�لـه الطيبين الطاهرين و�صحبه المنتجبيـن.
و�أما بعـد:
فال يخفى على مدر�سي التربية الإ�سـالمية ومـدر�ساتهـا ،ما للدين الإ�سـالمي،
ديننـا الـقويم ،الذي انه�ض �شعوب ًا ،و�ش ّيد ح�ضارة االمة ،من �أثر كبير في حياة الفرد
والمجتمع .فهو الدعـامة الروحيـّة التي يقـوم عليها تقـدمهما و�سعادتهما.
وهو الأ�سا�س والركن الركيـن الذي ُيعتمد عليه للنهـو�ض بالحياة في تفا�صيلها
ومفا�صلها كافـة.
ولأن مادة التـربية الإ�سـالمية هي ال�سبيـل الأمثـل لتر�سيخ �أركان هـذا الدين العظيم
وقـيمه ال�ساميـة من خـالل العمليـة التربـويـة ،فـقـد �سعت وزارة التربيـة �إلى الإعتناء
بالتربية الإ�سالميـة مـادة وكتابـ ًا ،لجعلها �أي�سـر تنـاو ًال ،و�أقـل تعـقيـد ًا ،و�أكثر قبـو ًال
ونفعــا� ،إذ ن�ضع بين �أيديكم كتب التربية الإ�سالمية للمرحلة الإعدادية في ح ّلة جديدة
فيها من الإغناء ،والإثراء والتي�سير وبمايتنـا�سب مع احتياجـات طلبتنا الأعزاء وميولهم
ويرتبـط بواقع الحيـاة.
لذا فـقـد دمجت مــادتا الـقـر�آن الـكـريم والتربيـة الإ�سالميـة ،في كتاب واحـد ُمي�سر في
خم�س وحدات �ض ّمت كل وحدة منها مباحث رئي�سة كان في الر�أ�س منها التبـارك بالقـر�آن
الكريم الذي ت ّم الإعتنـاء التـام بانتـقـاء ن�صو�ص �شريفـة منه منا�سبة للمرحلة العمريـة ثم
الإيتـاء بمعاني الكـلمات ،فالـتف�سيـر العـام ،فملخ�ص لأهم مـايـر�شد �إليه الن�ص ،ف�ضال عن
المناق�شة.
وقد �أعقب ذلك درو�س في الحديث النبوي ال�شريف ،وق�ص�ص من القر�آن الـكـريم،
والأبحـاث ،ث ّم التهذيـب ،وقد أ�كـدت المحاور جميع ًا الأ�س�س القويمـة لبنـاء ال�شخ�صيـة
3
الإ�سالميـة ال�سويـة الملتـزمـة بمبـادىء الإ�سالم العظيم وقيمـه ،البعيدة من روح التطرف
المقيت.
�إننا نرجو �إخواننا و�أخواتنا مدر�سي المادة �إغناء مباحث كتب التربية الإ�سالمية
بالتو�ضيح والتعليـق و�ضرب الأمثلة من حياتنا وواقعنا قـدر مايتـطلب الأمـر ،مع
�ضرورة االلتزام با�ضفاء الهيبة والوقـاراللذين يتنا�سبان ومكانة التربيـة الإ�سالمية،
و�شرف الغاية المرجوة منها.
ونختتم بالإ�شارة �إلى �أننا الندعي الكمال بعملنا هـذا ،فهو خ�ص�صية هلل مالك الملك
العظيم ،ولذلك ن�سعـد بمالحظاتكم و�آرائكم لالرتقاء به.
رب غيره والخير �إال خيره �أن يجعل عملنــا هذا خال�صا لوجهه الكريم،وندعو من ال ّ
فهو نعم المولى ،ونعم الن�صير.
اللجنة
4
ﭑ ﭒﭓﭔ
الوحدة االولى
�أحكام التالوة
تفخيم الراء وترقيقها
�أو ًال -التفخيم:
وهو ت�سمين الحرف وتغليظه ,وترد الراء مفخمة في الحاالت الآتية:
-1اذا كانت م�ضمومة مثل قوله تعالى :ﭽﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭼ
(الحجر )2 :فالراء في كلمتي ( ُر َّبما) و (كف ُروا) مفخمة لكونها م�ضمومة.
-2اذا كانت الراء مفتوحة ,مثل قوله تعالى ﭽ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﭼ
(الكهف )٥٣ :فالراء في كلمة (ر�أى) و (النار) مفخمة لأنها مفتوحة.
-3اذا كانت الراء �ساكنة وقبلها حرف م�ضموم ,مثل قوله تعالى :ﭽﯵ ﯶ ﯷ ﯸ
ر�ضة) �ساكنة وقبلها حرف م�ضموم. ﯹ ﭼ (البقرة )٢٢٤ :فالراء في كلمة ( ُع َ
-4اذا كانت الراء �ساكنة وقبلها حرف مفتوح ,مثل قوله تعالى :ﭽ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﭼ
(�آل عمران )37 :فالراء في كلمة (مريم) �ساكنة وقبلها حرف مفتوح.
� -5إذا كانت الراء �ساكنة وقبلها ك�سر عار�ض ,مثل قوله تعالى :ﭽ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ
ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﭼ (النور )٥0:فالراء في كلمة (ا ْرتابوا)
�ساكنة وقبلها حرف �ساكن وهو الميم في كلمة (�أ ْم) ونتيجة اللتقاء ال�ساكنين (الميم
والراء) ك�سر ال�ساكن الأول وهو حرف (الميم) �أي � ّأن الك�سر قبل الراء لي�س من
�أ�صل الكلمة بل نتيجة اللتقاء �ساكنين.
� -6إذا كانت الراء �ساكنة وقبلها ك�سر �أ�صلي وبعدها �أحد حروف اال�ستعالء (خ�ص
�ضغط قظ) مثل قوله تعالى :ﭽ ﮏ ﮐ ﮑﭼ (الفجر )١٤ :فالراء في كلمة
5
(مر�صاد) �ساكنة وقبلها حرف مك�سور ك�سر ًا �أ�صلي ًا وبعدها �أحد حروف اال�ستعالء.
� -7إذا كانت الراء �ساكنة �سكون ًا عار�ضاَ للوقف وقبلها �ساكن (عدا الياء) وقبل ال�ساكن
حرف م�ضموم �أو مفتوح ,مثل قوله تعالى ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ (ال�شورى)٥٣ :
وقوله تعالى :ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭼ (القدر ,)١ :فالراء في كلمتي (الأمور) و
(القَدر) �ساكنة وقبلها حرف �ساكن وقبل ال�ساكن (حرف م�ضموم) في الآية الأولى
و (حرف مفتوح) في الآية الثانية.
� -8إذا كانت �ساكنة وقبلها ك�سر �أ�صلي مف�صول عنها مثل قوله تعالى :ﭽ ﯙ ﯚ
ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﭼ (الإ�سراء .)٢٤ :فالراء في كلمة (ا ْرحمهما) �ساكنة وقبلها
(رب).
حرف مف�صول عنها في كلمة �أخرى وهو حرف (الباء) في كلمة ِّ
� -9إذا كانت �ساكنة وقبلها ك�سر عار�ض مو�صول ,مثل قوله تعالى :ﭽ ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨ ﭩ ﭼ (الفجر )٢٨ :عند الإبتداء بها.
ثانياً -الترقيق:
وهو تنحيف الحرف ،وترد الراء مرققة في الحاالت الآتية:
� -1إذا كانت مك�سورة مثل قوله تعالى :ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ (ال�شعراء)٩١ :
فالراء الم�شددة في كلمة ( ُب ِّرزت) مك�سورة.
� -2إذا كانت �ساكنة وقبلها ك�سر �أ�صلي ولم ي�أت بعدها حرف ا�ستعالء ،مثل قوله تعالى
ﭽ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﭼ (المائدة )٤٨ :فالراء في كلمة (�شِ رعة)
�ساكنة وقبلها حرف مك�سور ك�سر ًا �أ�صلي ًا ولم ي�أت بعدها حرف ا�ستعالء.
� -3إذا كانت الراء �ساكنة �سكونا عار�ضا وقبلها (ياء) �ساكنة مثل قوله تعالى :ﭽ ﯧ
ﯨ ﯩ ﯪﭼ (الحج.)٦٣ :
� -4إذا كانت الراء �ساكنة �سكونا عار�ضا وقبلها �ساكن (عدا الياء) وقبل ال�ساكن ك�سر،
مثل قوله تعالى :ﭽ ﭑﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭼ (� :1ص) ،كما في كلمة (ﭕ) عند
الوقف عليها.
6
تطبيقات على �أحكام الراء
بين حكم الراء من حيث التفخيم والترقيق في الآيات القر�آنية الآتية مع ذكر ال�سبب:
-2ﭽﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ
ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﭼ (الكهف)٥٨ :
-9ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ
ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ (قري�ش)٤ – ١ :
-10ﭽﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ
ﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮡﮢﮣﮤﮥ
ﮦ ﮧ ﮨ ﭼ (الفيل)٥ - ١ :
7
8
الوحدة االولى
الدر�س االول :من القر�آن الكرمي
من �سورة ي�س (1ـ)32
�آيات احلفظ ()11-1
ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭶﭷ
ﭸﭹﭺ ﭻ ﭼﭽﭾ ﭿ ﮀﮁﮂﮃ
ﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ
ﮒﮓﮔ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ
ﮝ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ ﮧ
ﮨﮩ ﮪﮫ ﮬﮭﮮﮯﮰ ﮱﯓﯔ
ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ
ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ
ﯭ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛ
ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭣ ﭤﭥﭦ
ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭮ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ
ﭶﭷﭸﭹ ﭺ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ
ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ
ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ
ﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮢﮣﮤﮥﮦ
ﮧﮨﮩ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯟﯠ
ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯨﯩﯪﯫ ﯬﯭ
9
ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ
ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﭑﭒﭓﭔﭕ
ﭖﭗﭘ ﭙﭚﭛﭜ ﭝﭞﭟﭠﭡ ﭢ ﭣﭤﭥ
ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
ﭵﭶﭷﭸ ﭹﭺﭻﭼ ﭽﭾﭿ ﮀﮁﮂﮃ
صدق اهلل العلي العظيم ﮄﮅﮆﮇ ﮈ
معاني الكلمات
معناها الكلمة
جمع ُغ ّل وهو القيد الذي يو�ضع يف اليد. �أغال ًال
غ�ض الب�رص.
رافعون الر�ؤو�س مع ّ مقمحون
ال�س ّد :احلاجز واملانع بني ال�شيئني. �سد ًا
كتاب ب ِّينٍ وا�ضح (اللوح المحفوظ). �إمام مبني
عزّزه :قواه و�ش ّد من �أزره. فعززنا
ت�شاءمنا .والتطري :الت�شا�ؤم. تطرينا
ميتون الحراك لهم. خامدون
الأمم القرون
ﭬﭭ
ي�س :الحروف المقطعة في �أوائل بع�ض ال�سور الكريمة هي للتنبيه على �إعجاز
القر�آن .ومعنى (ي�س) :يا �إن�سان في لغة طي ،وقيل هو ا�سم من �أ�سماء النبي
(�ص) بدليل قوله بعده( :انك لمن المر�سلين) ،وقيل ال يعلمها �إال اهلل.
10
ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭶﭷﭸ
يق�سم اهلل تعالى بالقر�آن المحكم بما فيه من الأحكام والحكم والحجج� ،إنك �أيها
الر�سول لمن المر�سلين بوحي اهلل �إلى عباده ،على طريق م�ستقيم معتدل ،وهو
الإ�سالم.
ﭹﭺ ﭻ ﭼ
رب العزة ج َّل وعال ،العزيز في ملكه ،الرحيم بخلقه.
�إن هذا القر�آن هوتنزيل من ّ
ﭽﭾ ﭿ ﮀﮁﮂﮃﮄ
لتنذر يا محمد بهذا القر�آن الذين ما جاءهم ر�سول وال كتاب ،فهم ب�سبب ذلك
�ساهون عن الهدى والإيمان ،يتخ ّبطون في ظلمات ال�شرك وعبادة االوثان.
ﮅﮆﮇﮈﮉ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ
ﮔ ﮕﮖﮗﮘ
لقد وجب العذاب على �أكثر ه�ؤالء الكافرين بعد �أن عر�ض عليهم الحق فرف�ضوه،
فهم ال ي�صدقون باهلل وال بر�سوله واليعملون ب�شرعه� .إنّا جعلنا ه�ؤالء الكفار كمن
ُجعل في �أعناقهم �أغال ًال ،وجمعت �أيديهم ب�أعناقهم تحت �أذقانهم ،فا�ضطروا �إلى
رفع ر�ؤو�سهم �إلىال�سماء ،فهم مغلولون عن كل خير.
ﮙﮚﮛﮜﮝ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ
وجعلنا من �أمام الكافرين �سد ًا ومن ورائهم �س ّد ًا ،ف�أعمينا �أب�صارهم ب�سبب
كفرهم وا�ستكبارهم فهم ب�سبب ذلك ال يب�صرون �شيئ ًا �أ�ص ًال.
ﮦ ﮧﮨﮩ ﮪﮫ ﮬﮭﮮ
ي�ستوي عند ه�ؤالء الكفار المعاندين تحذيرك يا ر�سول اهلل لهم و�إنذارك وتخويفك
لهم وعدمه ،فهم الي�صدقون وال ي�ؤمنون فقد عميت قلوبهم عن اتباع الحقّ .
11
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
�إنما ينفع �إنذارك يا محمد من �آمن بالقر�آن وعمل بما فيه من �أحكام ،وخاف اهلل
من دون �أن يراه ،فب�ش ّره بمغفرة من اهلل لذنوبه ،وثواب منه في الآخرة على
�أعماله ال�صالحة ،وهو دخول الجنة.
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ
ﯫ ﯬﯭ
�إنا نحن نحيي الأموات جميعا ببعثهم يوم القيامة ،ونكتب ما عملوا من الخير
وال�ش ِّر ،و�آثارهم التي كانوا �سبب ًا فيها في حياتهم وبعد مماتهم من خير ،كالولد
ال�صالح ،والعلم النافع ،وال�صدقة الجارية ومن �ش ّر ،كال�شرك والع�صيان .وكل
�شيء �أح�صيناه في كتاب وا�ضح هو �أُ ُّم الكتب ،و�إليه مرجعه ،وهو اللوح المحفوظ،
فعلى العاقل محا�سبة نف�سه ليكون قدوة في الخير في حياته وبعد مماته.
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜﭝ
ﭞﭟﭠﭡﭢ ﭣ ﭤﭥ
وا�ضرب ـ �أيها الر�سول -لم�شركي قومك مث ًال يعتبرون به لعلهم يتعظون ،وهو
ق�صة �أهل القرية ،حين ذهب �إليهم المر�سلون� ،إذ �أر�سلنا �إليهم ر�سولين لدعوتهم
�إلى الإيمان باهلل وترك عبادة غيره ،فكذب �أهل القرية الر�سولين ،فقويناهما
بر�سول ثالث ،فقال الثالثة لأهل القرية� :إنا �إليكم � -أيها القوم -مر�سلون.
ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭮ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ
فقال �أهل القرية للمر�سلين :ما �أنتم �إال �أنا�س مثلنا ،وما �أنزل الرحمن �شيئ ًا من
الوحي ،وما �أنتم � -أ ّيها ال ُّر�سل � -اَّإل تكذبون.
ﭶﭷﭸﭹ ﭺ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ
قال المر�سلون م�ؤكدين :ربنا الذي �أر�سلنا يعلم �إنا �إليكم لمر�سلون ،وما علينا
�إال تبليغ الر�سالة بو�ضوح ،وال نملك هدايتك ،فالهداية بيد اهلل وحده.
12
ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ
قال �أهل القرية� :إنا تَ�شاءمنا بكم ،لئن لم تكفوا عن دعوتكم لنا لنقتلنكم رمي ًا
بالحجارة ولي�صيبنّكم منا عذاب �أليم موجع.
ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ
قال المر�سلون :لي�س �ش�ؤمكم ب�سبب ،و�إنما ب�سببكم ،وبكفركم ،وع�صيانكم،
و�سوء �أعمالكم� .أ�إن وعظتم بما فيه خيركم ت�شاءمتم وتوعدتمونا بالرجم
والتعذيب؟ بل �أنتم قوم عادتكم الإ�سراف في الع�صيان والتكذيب.
ﮝﮞﮟﮠﮡ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ
ﮩ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯ
وجاء من مكان بعيد في المدينة (انطاكية) رجل م�سرع (حين علم �أن �أهل القرية
ه ّموا بقتل ال ُّر�سل �أو تعذيبهم) ،قال :ياقوم اتبعوا المر�سلين �إليكم من اهلل،
اتبعوا الذين اليطلبون منكم �أموا ًال على الإيمان ،وهم على هدى وب�صيرة فيما
يدعونكم �إليه من توحيد اهلل تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ﮰﮱﯓﯔﯕ ﯖﯗﯘﯙ
وك�أن القوم �س�ألوا الرجل :هل ت�ؤمن بما يقولون ف�أجابهمّ � :أي �شيء يمنعني من
�أن �أعبد اهلل الذي خلقني ،و�إليه ت�صيرون جميع ًا؟
ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ
ﯦﯧ ﯨﯩﯪﯫ ﯬﯭﯮﯯ ﯰﯱ ﯲ
ﯳﯴ
�أ�أعبد من دون اهلل �آلهة �أخرى ال تملك من الأمر �شيئ ًا� .إن يردني الرحمن ب�سوء
فهذه الآلهة ال تملك دفع ذلك وال منعه ،وال ت�ستطيع �إنقاذي مما �أنا فيه ؟ �إني �إن
فعلت ذلك لفي خط�أ وا�ضح ظاهر( .وبعدن�صحه وتذكيره �أعلن �إ�سالمه) قائ ًال:
�إني �آمنت بربكم فا�ستمعوا �إلى ما قلته لكم ،و�أطيعوني بالإيمان .فلما قال ذلك
وثب �إليه قومه وقتلوه ،ف�أدخله اهلل الجنة.
13
ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ
فلما مات قيل له :ادخل الجنة مع ال�شهداء الأبرار.
ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ
قال :وهو في النعيم والكرامة :ياليت قومي يعلمون بغفران ر ِّبي لي و�إكرامه
�إياي ،ب�سبب �إيماني باهلل و�صبري على طاعته ،واتباع ر�سله.
ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ
ياح�سرة العباد وندامتهم يوم القيامة �إذا عاينوا العذاب ،ما ي�أتيهم من ر�سول
من اهلل تعالى �إال كانوا به ي�ستهزئون وي�سخرون.
ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ
ﮄﮅﮆﮇ ﮈ
�ألم ي َر ه�ؤالء الم�ستهزئون ويعتبروا بمن قبلهم من الأمم التي �أهلكناها� ،إنهم ال
يرجعون �إلى هذه الدنيا .وما ك ّل هذه الأمم التي �أهلكناها وغيرهم � ،اّإل مح�ضرون
جميع ًا عندنا يوم القيامة للح�ساب والجزاء.
14
الن�ص
�أبرز ماير�شد �إليه ّ
1-1ابتد�أت ال�سورة الكريمة بالق�سم بالقر�آن العظيم على �صحة الوحي ،و�صدق
ر�سالة محمد (�صلى اهلل عليه و�آله و�صحبه و�سلم) ت�أكيد ًا لعظمة القر�آن الكريم.
رب العزة .هو �إنذار لمن نزل بينهم ،مع �أنهم �ساهون 2-2هذا القر�آن تنزّل من ّ
غافلون عن الهدى ،متمادون في غ ّيهم و�شركهم.
3-3ولأنهم كذلك فقد حقّ عليهم العذاب ووجب ،فجعل اهلل �أمام الكافرين �س ّد ًا
ومن خلفهم �س ّد ًا و�أعمى �أب�صارهم ب�سبب كفرهم.
�4-4إن اهلل �سبحانه هو يحيي الموتى ببعثهم يوم القيامة للح�ساب.
�5-5إن اهلل �سبحانه ي�ضرب الأمثال للنا�س ،ومن ذلك مثل �أهل القرية التي
�سخرت وا�ستهز�أت بالر�سل الذين تعاقبوا عليها لهداية قومها ،ولكن
�أهل القرية ظلوا على �شركهم وعنادهم و�إنكارهم الحقَّ ،حتى �أنهم
قتلوا �أحد النا�صحين لهم ممن �أعلن �إ�سالمه ودعاهم �إلى الإيمان.
� 6-6إن الكافرين م�صيرهم واحد وهوالهالك فالعذاب.
المناق�شة
1-1في �أول هذه ال�سورة يق�سم اهلل تعالى بالقر�آن الكريم ،وفي �آيات من �سور
�أخرى يق�سم � -سبحانه -ب�أ�شياء عـديدة .تتب ْع ذلك ،واكتب مقالة ق�صيرة
في هذا ال�ش�أن.
�2-2ساقت ال�سورة ق�صة �أهل القرية الذين كذبوا الر�سل .حدثنا عن قرية �أخرى
ركب �أهلها العناد نف�سه ،تحدث عن ق�صة تلك القرية الأخرى ،م�شير ًا �إلى
ال�سورة والآيات ذات العالقة.
3-3التط ّير �أمر مكروه في الإ�سالم .حدثنا عنه وعن جذوره قبل الإ�سالم ،مع
الإر�شاد �إلى الآيات التي تنهى عنه.
4-4هناك �أكثر من �آية ت�شير �إلى عجز الأ�صنام والأوثان والمعبودات من دون
اهلل عن رفع ال�ضرر عن االن�سان �أو تقديم الخير والعون له .قدم جدو ًال بهذه
الآيات وموا�ضعها من ال�سور.
15
الدر�س الثاين :من احلديث النبوي ال�رشيف
من �صفات امل�ؤمن
اج ُ�شواَ ،وال َت َب َاغ ُ�ضواَ ،وال َتدَا َب ُرواَ ،وال َي ِب ْع َب ْع ُ�ض ُك ْم ا�س ُدواَ ،وال َت َن َ
((ال َت َح َ
الل ِإ� ْخ َواناً .ا ْل ُم ْ�س ِل ُم �أَ ُخو ا ْل ُم ْ�س ِل ِم ،ال َي ْظ ِل ُمهُ،
عَ َلى َب ْي ِع َب ْع ٍ�ضَ ،و ُكو ُنوا ِع َبا َد َهّ ِ
،وال َي ْخ ُذ ُلهَُ ،وال َي ْك ِذ ُبهَُ ،وال َي ْح ِق ُر ُه .ال َّت ْق َوى هَ ا هُ َنا َ
-و ُي ِ�شي ُر وال ي�سلمه َ
ال�ش ِ ّر َ�أنْ َي ْح ِق َر َ�أ َخا ُه ا ْل ُم ْ�س ِل َمُ .ك ُّل
اتِ -ب َح ْ�س ِب ا ْم ِر ٍئ ِمنَ َّ ِ�إلى َ�ص ْد ِرهِ َث َ
الث َم َّر ٍ
ا ْل ُم ْ�س ِل ِم عَ َلى ا ْل ُم ْ�س ِل ِم َح َرا ٌمَ :د ُمهَُ ،و َما ُلهَُ ،و ِع ْر ُ�ضهُ)) �صدق ر�سول اهلل (�ص)
معاني الكلمات
معناها الكلمة
تمني زوال نعمة الآخرين �أو ال�سعي في �إزالتها. الح�سد
هو �أن يزيد �أحد في ثمن ال�سلعة ،حين ينادي عليها في
ال�سوق ،وال رغبة له في �شرائها بل يق�صد �أن يخدع غيره النج�ش
فيدفعه ل�شرائها بثمن �أعلى.
هو �أن ُيعر�ض الإن�سان عن �صاحبه ويهجره. التدابر
اليتركه مع من ي�ؤذيه وال فيما ي�ؤذيه. الي�سلمه
هو عدم الم�ساعدة عند الحاجة �إليها . الخذالن
�أن يتعامل الم�سلم مع الم�سلم بال�صدق واجتناب الكذب. ال يكذبه
ال ي�صغر من �ش�أنه. ال يحقره
مخافة اهلل وفعل ما �أمر به واجتناب نواهيه. التقوى
ِب َح ْ�س ِب ا ْمرِئٍ م َِن َّ
ال�ش ِّر �أي يكفيه من ال�ش ِّر.
16
�رشح احلديث ال�رشيف
ي�ؤكد ر�سول اهلل (�ص) في هذا الحديث �أهمية الأخوة بين �أبناء الأمـة الواحدة ،و�إتبـاع
الدين الواحد ،بل بين الأ�سرة الإن�سانية.
هذ ِه الأخوة منطقية وطبيعية فالنا�س كلهم لآدم و �آدم من تراب ...ف�ض ًال عن
ذلك فرابطة ا لإيمان من �أقوى الروابط ،لذا فالم�ؤمنون �إخوة قال تعالى :ﭽ ﯜ
ﯝ ﯞ ﭼ (الحجرات .)10
والواجب على الم�ؤمنين �أن يكونوا كالبنيان المر�صو�ص ي�ش ُّد بع�ضه بع�ض ًا،
وكالج�سد الواحد �إذا ا�شتكى منه ع�ضو تداعى له �سائر الج�سد بال�سهر والحمى وقد
ت�ضمن الحديث ال�شريف المقومات الأ�سا�سية للأخوة فنادى بالآتي:
-1اجتناب الح�سد :فمن مقت�ضيات الأخوة عدم التحا�سد بين الم�سلمين ،فالفقير ال
ينقم على الغني لعلمه � ّأن ال ّرزاق هو اهلل ،وال�ضعيف اليح�سد القوي ،وكذا المر�ؤو�س
اليح�سد رئي�سه بل على العك�س يجب �أن يعينه ويع�ضده في �أمور الخير ،قاطعا بذلك
طريق الح�سد.
قال تعالى :ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭼ (الن�ساء)54:
فالح�سد الذي هو تمني زوال نعمة الآخرين مذموم ،ووجه ذمه وقبحه� :أنه اعترا�ض
على �إرادة اهلل تعالى ومعاندة له؛ �إذ �إنه �سبحانه وتعالى �أنعم على غيره.
ولي�س من الح�سد تمني الح�صول على ماح�صل عليه المح�سود وال�سعي في تحقيق
ذلك (فهذا َح َ�سن) وال�سيما �إن كان في الأمور الدينية ،فالر�سول (�ص) تمنى ال�شهادة
في �سبيل اهلل.
والر�سول (�ص) قال( :الح�سد �إال في اثنتين :رجل �آتاه اهلل ما ًال ف�سلطه على هلكته في
الحقِّ ،ورجل �آتاه اهلل حكمة فهو يق�ضي بها ويع ّلمها).
اما الأمور الدنيوية ،فالح�سد مذموم والح�سن فيه �إذا اقترن بتمني زوال نعمة
الآخرين.
-2اجتناب التناج�ش� :أمر الر�سول (�ص) ب�أن اليخدع الم�سلم �أخاه الم�سلم ،و�صورة
17
هذا الخداع ان يح�ضر الى ال�سلعة التي ُينادى ببيعها ويزيد في �سعرها ولي�س ق�صده
ال�شراء و�إنما يق�صد رفع ثمنها فقط ،في�ضطر الراغب في ال�شراء الى دفع ثمن �أعلى
غ�ش �أي�ضا قال (�ص) (من غ�شنا فلي�س لي�شتريها فهذا الخداع محرم �إجماع ًا وهو ّ
منا) وهكذا فالواجب على الم�سلم اجتناب التعامل بالغ�ش واالحتيال.
قال تعالى :ﭽ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﭼ ( فاطر )43/
وقد يكون هذا االحتيال باالتفاق مع البائع في�شتركان في الإثم وقد يفعله الناج�ش
من تلقاء نف�سه فيكون وزره عليه .و�إذا كان النج�ش من المكر ال�س ِّيئ الذي ال يحيق �إال
ب�أهله؛ �إذ �إن فيه ال�ضرر على الآخرين فقد حرمته ال�شريعة كما حرمت �أي�ضا جميع
�أنواع التعامل الذي ينطوي على ال�ضرر بالآخرين ومن ذلك مانراه في ال�سوق �أحيانا
من تكدي�س ال�سلع واحتكارها خفية لدى بع�ض الباعة ،وكذلك قيام بع�ض الباعة بخلط
الجيد بالرديء من الب�ضاعة �إلى غير ذلك فهذا ك ّله حرام وخروج عن �أخالق ال�شريعة
الإ�سالمية وواجباتها.
والقائم بمثل هذه الأمور عا�ص هلل ور�سوله و�آثم على فعله وهو �إن�سان ا�شترى حطام
الدنيا وعر�ضها وزيفها ومغرياتها وعاف الآخرة ونعيمها.
-3اجتناب التباغ�ض والتدابر :و�أراد الر�سول الأعظم (�ص) �أي�ضا �أن ت�سود المحبة
المجتمع و�أن يتعا�ضد الم�سلمون في كل الظروف والأحوال و�أن تنح�سر الأنانية
والبغ�ضاء عنهم وتنتهي من م�شاعرهم و�سلوكهم والنهي عن التباغ�ض والتدابر يعني
نهي ًا عن الأ�سباب الم�ؤدية �إليهما ،ومن هذه الأ�سباب الح�سد والنج�ش ،و�شرب الخمر
ولعب القمار.
قال تعالى :ﭽﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭼ
(المائدة )91/
ف�شرب الخمر ولعب القمار كما في الآيه الكريمة �سببان من �أ�سباب العداوة والكراهية
لما ينتج عنهما من الفتن وال�شرور والنزاع و�إن تنازع م�سلم مع م�سلم �آخر فال يجوز
�أن يتماديا في القطيعة ،وعليهما �أن ي�سعيا في ال�صلح قال (�ص) ( :ال يح ُّل لم�سلم �أن
يهجر �أخاه الم�سلم فوق ثالث ليال يلتقيان فيعر�ض هذا ويعر�ض هذا وخيرهما الذي
18
يبد�أ بال�سالم ).
-4اجتناب البيع على بيع الآخرين :هو �أن يعر�ض بائع على �شخ�ص يريد �شراء �سلعة
من غيره �أن يبيعه بثمن �أقل من الذي اتفق عليه مع البائع الأول فهو بذلك يف�سد على
البائع الأول بيعه ليبيع هو بدال منه .وقد نهى ر�سول اهلل (�ص) في حديثه �أن ي�ؤدي
التناف�س بين البائعين �إلى طعن ك ّل منهما الآخر ب�إغراء الم�شترين بما ي�ضر بع�ضهم
بع�ض ًا في�ؤدي ذلك في النهاية �إلى ال�شحناء والنزاع .فالبيع على البيع ال ي�صدر �إال
ممن �ضعف �إيمانه.
-5الأخوة بين الم�سلمين� :أمرنا ر�سول اهلل (�ص) ب�أن نكون �أخوة مت�آلفين فال ظلم بيننا
وال تخاذل وال احتقار من �أحدنا للآخر وال انق�سام �إلى فئات تتناحر بينها .ارادنا �أخوة
نترك التع�صب للون �أو الجن�س وننبذ االرتماء في �أح�ضان �أعداء الإ�سالم والحذر كل
الحذر من المبادئ الملحدة �شرقيتها وغربيتها ،فهي والإ�سالم على طرفي نقي�ض
تماما .والحديث ي�ش ّدد على الأخ ّوة؛ لأنها �سبيل قويم لال�ستقرار وال�صفاء وال�سعادة
والبعد منها �سبيل �إلى الفرقة وال�ضياع والتمزق .ومن ركائز ومقومات هذه الأخوة
التي �أمر بها ر�سول اهلل (�ص) في الحديث ال�شريف اجتناب ظلم الم�سلمين بالقول �أو
ب�سب �أو طعن �أو لعن �أو فح�ش �أو �إيذاء �أو �شهادة زور .وكذا اجتناب ال�سخرية بالفعل ّ
واال�ستهزاء والغيبة والتنابز بالألقاب؛ لأن المقيا�س الذي يتفا�ضل به الم�سلمون هو
التقوى ،ورب محتقر هو عند اهلل �أف�ضل ممن احتقره ،ومن مقت�ضيات الأخوة عدم
االعتداء على الم�سلمين ،بالقتل �أو ال�ضرب ،وعلى �أموالهم بال�سرقة �أو الغ�ش ،وعلى
�أعرا�ضهم بالإهانه �أو التدني�س �أو الإيذاء ب� ّأي �شكل كان.
� ّإن قيمة الم�سلم بالتقوى ،ولي�س في كثرة ماله �أو ن�سبه �أو منظره �أو قوته �إنما
قيمته في �أعماله النافعة والتقوى م�صدر �صالح الفرد ،و�صالح الفرد موكل ب�صالح
�سريرته و�صالح ال�سريرة يكت�سب بح�سب ال�صلة باهلل تعالى وذلك بالمداومة على
الطاعات واجتناب المعا�صي والمحرمات ،فال�سريرة القوية هي م�صدر كل فعل خ ّير
قال ر�سول اهلل ّ �( :إن اهللَ الينظر �إلى �صوركم وال �إلى �أج�سادكم ولكن ينظر �إلى قلوبكم
و�أعمالكم).
19
�أهم ماير�شد �إليه الحديث ال�شريف
�أ .الأخ ّوة هي الرباط الأمثل الذي ي�ش ُّد الم�سلمين بع�ضهم �إلى بع�ض ويخلق
-من بعد -وحدة �إجتماعية متينة.
ب .الخلق والف�ضيلة هما ال�سياج المتين للأخوة بين �أبناء الأمة الواحدة
ويجب اجتناب كل ما من �ش�أنه �أن ي�ضعف هذه الأخوة كالح�سد والتناج�ش
والتباغ�ض والتدابر واالحتقار.
جـ .مقيا�س التفا�ضل في الإ�سالم التقوى ولي�س �شيئ ًا �آخر.
قال تعالى ﭽﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﭼ (الحجرات.)13والم�سلمون �سوا�سية
ك�أ�سنان الم�شط.
د .ومن مقت�ضيات الأخوة اجتناب طعن الم�سلم لأخيه في عر�ضه �أو ماله �أو
دمه ،بل ينبغي �صيانة هذه الأخوة ب�صيانة هذه الركائز البانية للفرد وللأ�سرة
الم�سلمة.
المناق�شة
-1ما معنى ( التناج�شوا) الواردة في الحديث النبوي ال�شريف؟
-2ما الحكمة في نهي ر�سول اهلل (�ص) عن الح�سد والنج�ش والتدابر
والتباغ�ض؟
-3ما مقيا�س التفا�ضل في الإ�سالم؟ ا�ست�شهد لذلك بما تحفظ من القر�آن
الكريم.
-4الح�سد نوعان مذموم ومحمود ،و�ضحهما ذاكر ًا الحديث النبوي في بيان
الح�سد المحمود.
20
الدر�س الثالث :من ق�ص�ص القر�أن
نبي اهلل يعقوب (عليه ال�سالم)
ُّ
قال تعالى:
ﭽﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ
ﯕ ﯖ ﭼ (البقرة.)١٣٢ :
من هو يعقوب؟
هو يعقوب بن �إ�سحاق بن �إبراهيم خليل اهلل و�إليه ينت�سب جميع �أنبياء بني ا�سرائيل.
ما�سبب ت�سميته بـ يعقوب:
ولدته �أمه مع �أخ له فكانا ،تو�أمين فولد �أخوه �أو ًال وتاله يعقوب ،ف�سمي يعقوب؛ النه
خرج يعقب �أخاه.
بماذا لقب يعقوب؟ وما معنى ذلك
لقب يعقوب (عليه ال�سالم) بـ «�إ�سرائيل ومعنى �إ�سرائيل عبد اهلل؛ ل ّأن (�إ�سرا) هو
عبد و(�إيل) هو اهلل ع ّز وجل.
كان يعقوب (عليه ال�سالم) يخدم في بيت المقد�س وكان �أول من يدخل و�آخر من
يخرج وكان ي�سرج القناديل.
و�صيا �أوالدهما بالتوحيد ونبذ ال�شركيذكر اهلل �سبحانه وتعالى � ّأن نبيين كريمين قد ّ
(ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) (البقرة.)132
لقد كان يعقوب (ع) منذ والدته �صاحب �سماحة وخُ لق كريم وحلم ودين وكان م�ؤمن ًا
لطيف الوجه رقيق القلب �أ ّما تو�أمه فكان مغرم ًا بال�صيد و�صار يغار من يعقوب (عليه
ال�سالم) ،مما جعل والديه يخافان على يعقوب منه فن�صحاه بالذهاب �إلى خاله في العراق
وهناك تزوج ابنتي خاله (�أختين) وقد كان ذلك جائزا في �شريعتهم فلما جاء الإ�سالم
ح ّرم الجمع بين الأختيـن ،حفاظا على المـودة والمحبة بينهما ،فولدت �إحداهما يو�سف
وبنيامين ،وولدت الأخرى ع�شرة �أبناء .فكان ليعقوب (ع) اثنا ع�شر ولد ًا ذكر ًا وكان
يو�سف �أجمل �أوالد يعقوب و�أ�شدهم طاعة لأبيه وكان يعقوب يحب ولده يو�سف الذي
لم ي�صبر على فراقه �أو البعد عنه لهذا ح�سده �أخوته وكادوا له و�أبعدوه من �أبيه الذي
بالغ في حبه فحزن يعقوب على ولده يو�سف حزن ًا �شديد ًا حتى �أ�صبح م�ضرب ًا للمثل في
21
كف ب�صره من كثرة البكاء .وبعد �صبر جميل ال�شكوى بكائه ،وعـ ّد من البكائين حتى َّ
فيه جمع اهلل يعقوب بولده يو�سف (ع) الذي جعله اهلل نبيا و�آتاه ملك ًا و�سلطة ولقد كان
يعقوب (ع) طوال �سنوات غياب ولده يو�سف عنه وعلى الرغم من �شدة حزنه �صابرا
�آم ًال �أن يجمعه اهلل به حتى كانوا ي�سخرون من طول �أمله بعد كل تلك ال�سنين فكان (عليه
ال�سالم) يجيبهم �أنه اليي�أ�س من رحمة اهلل اال الكافرون.
نحن ن�ؤمن ب� ّأن اهلل �سبحانه وتعالى يختبر دائم ًا �صبر العبد و�إيمانه ولربما خ�ص
�أولياءه ور�سله بذلك �أكثر ،لما لهم من كرامة لديه وما به من رحمة نحوهم ،اما المذنبون
الآثمون فان اهلل �سبحانه يمهلهم الى يوم القيامة ،وي�ؤخر عقوبتهم ليزدادوا �إثما فيزداد
عذابهم يوم الينفع فيه مال والبنون ونحن نعلم � ّأن اهلل (�سبحانه وتعالى) يثيب العبد على
�صبره وبلواه ولقد نال يعقوب �أخير ًا ثواب �صبره بلقاء ولده الحبيب يو�سف الذي �أكرمه
اهلل �سبحانه وتعالى وفرج عنه و�أخرجه من الع�سر �إلى الي�سر.
وفاة يعقوب
توفي يعقوب (ع) في م�صر وعمره مئة و�أربعون عام ًا فحمله يو�سف (ع) ودفنه في
فل�سطين بجانب �إبراهيم و�إ�سحاق (ع).
22
�أهم الدرو�س والعبر في ق�صة نبي اهلل يعقوب (ع)
-1ان �أهم دعامة في الإن�سان الم�ؤمن هو ال�صبر حتى عدها اهلل �سبحانه
وتعالى من �أف�ضل درجات الإيمان .فيجب على الإن�سان �أن ي�صبر على البالء
والم�صائب.
يتوجه �إلى اهلل �سبحانه وتعالى في طلب الحاجة و�أن -2يجب على الإن�سان �أن ّ
ي�شكو همه هلل وحده.
-3وجوب الإبتعاد من الح�سد .
-4طاعة الوالدين تع ّد �سبب ًا رئي�س ًا في محبتهم للأبناء .فكان ذلك �أحد �أ�سباب
محبة يعقوب (ع) لولده يو�سف �أكثر من �سواه.
-5يعقوب (ع) يفتقد حبيبه وابنه وفلذة كبده يو�سف (ع) �أربعين عام ًا ،في�صبر
وال ي�شكو �إلى �أح ٍد و�إنما ي�شكو �إلى اهلل:
ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﭼ
[يو�سف. ]86:
-6عدم الي�أ�س من رحمة اهلل.
المناق�شة
-1ما ن�سب يعقوب ؟ ولماذا �سمي بهذا اال�سم وما معناه؟
-2كم ولد ًا كان ليعقوب (ع) ؟
-3من �أحب �أوالده �إليه ولماذا؟
-4لماذا ذهب يعقوب �إلى العراق؟
-5ما عمر يعقوب حين توفي ؟ واين دفن ؟
23
الإ�سالم وبناء االن�سان الدر�س الرابع:
في القر�آن الكريم حوار بديع بين اهلل تعالى والمالئكة يك�شف لنا عن الغاية التي من
�أجلها خلق اهلل الإن�سان .ومعرفة هذه الغاية هي الو�سيلة �إلى معرفة الأ�س�س التربوية
التي �أقام عليها الإ�سالم بناء ال�شخ�صية الإن�سانية.
�إن هذه الأ�س�س هي العوامل الفعالة في �إعداد الإن�سان الجيد الذي يجعله �صالحا كل
ال�صالحية لتحقيق الأهداف والغايات التي من �أجلها خلقه اهلل.
والحوار الذي ن�شير �إليه قوله تعالى:
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
( البقرة )30/ ﭭﭮ ﭼ
24
والتد ّبر و�إلى التفكير .وبهذا يح�صل الإن�سان على الحقائق العلمية الجديدة التي تعلي
من قدر الإن�سان وترفع من م�ستوى الحياة
ومن �أجل القيمة الثقافية التي يح�صل الإن�سان عليها من التعلم �أو من �إدامة النظر
في الأ�شياء والتفكير فيها ،قرر القر�آن الكريم � َّأن الإيمان باهلل �صحة عقلية ،والكفر مر�ض
�أو �آفة عقلية ،وع ّلل القر�آن الكريم ذلك با�ستعمال بع�ض النا�س �أدوات التفكير من �سمع
وب�صر وقدرات ذهنية ،وعدم ا�ستعمال �آخرين لهذه االدوات.
و�إن �إعمار الكون وا�ستثمار مافيه من موارد طبيعية و ب�شرية اليتم � اّإل من طريق
تنمية القدرات الذهنية والعقلية وهذا الأمر محل اعتبار من القر�آن الكريم .ن ّبه النا�س
عليه في �أكثر من منا�سبة ،قال تعالى:
ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
ﭟﭠﭡﭢﭣ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ ﭯﭰ
ﭱﭲﭳﭴﭵ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ
( البقرة )164 /
�أي ي�ستعملون �آلة التفكير وهي العقل ،وقال تعالى في �ش�أن �أولئك الذين الي�ستثمرون
عقولهم بعد �أن �أراهم اهلل �آياته الباهرة في الآفاق وفي �أنف�سهم قال تعالى:
ﭽﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﭼ
( ف�صلت) ٥٣ /
25
والقر�آن الكريم اليقف في تنمية العقل والذهن عند تعليم الكتاب والحكمة� ،أو النظر
في الأنف�س والآفاق و�إنما يزيد عليها �شيئا �آخر هو التاريخ الب�شري الذي يحكي لنا
تجارب الأمم الأخرى� .إن هذا التاريخ يدلنا على �سنن اهلل التي ال تتبدل ،وعلى الظواهر
االجتماعية التي تختلف با�ستمرار ،ومن هنا تظهر قيمة الق�ص�ص القر�آني في الك�شف عن
تلك ال�سنن وعن هذه الظواهر .قال تعالى :ﭽ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ
ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﭼ (البقرة .)٢٦٩ :هنا العلم ال�صحيح يكون
�صفة محكمة في النف�س حاكمة على الإرادة وتوجيهها نحو العمل ومتى كان العمل
�صادر ًا عن العلم ال�صحيح كان هو العمل ال�صالح النافع الم�ؤدي �إلى ال�سعادة.
والمراد ب�إيتائه الحكمة من ي�شاء� :إعطا�ؤه العقل النافع ل�صاحبه ،فالعقل من �أعظم
نعم اهلل على الإن�سان و�أنفعها و�أجداها لديه ،ميزَّه اهلل به ،وخ�صه بوظائفه به يميز الخبيث
من الطيب والخير من ال�ش ِّر ،والف�ضيلة من الرذيلة.
26
الحكم الذي يكبح جماح ال�شر ،ويطلق عنان الخير م�ستمد ًا مفاهيمه من جوهر �إيجابية
اال�سالم الحنيف.
�إن الأخالق قوة �إيجابية في المجتمع .وهي التي تخطط للأفراد �سبل التعامل مع النا�س
على �أ�سا�س من المبادئ والمعايير ال�سلوكية ،ال�شيء �أف�ضل من التربية الخلقية في بناء
الأفراد وبناء ال�شعوب.
ومن هنا كانت عناية اال�سالم بالتربية الأخالقية بالغة الأهمية ،حتى �أن القر�آن اختارها
�صفة مالزم ًة للر�سول الكريم (�ص) �إذ جاء فيه ﭽﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﭼ (القلم .)4/
يح�سن اهلل خلقه (اللهم كما
وكان يدعو به الر�سول ربه -وهو القدوة الح�سنة -ان ِّ
ح�سنت خَ لقْي ِّ
فح�سن خُ لقُي) كما �أنه (�ص) ربط بين االيمان والأخالق الح�سنة؛ �إذ قال َّ
(�أكمل الم�ؤمنين �إيمانا �أح�سنهم �أخالقا).
المناق�شة
-1ما الغايات التي من �أجلها خلق اهلل الإن�سان؟
-2كيف دفع القر�آن الكريم �إلى التربية العقلية والإعداد الذهني؟
-3ان التربية العقلية والخلقية هما اللتان تخلقان البعد االجتماعي لالن�سان،
و�ضح ذلك.
-4لماذا كانت عناية الإ�سالم بالتربية الأخالقية بالغة الأهمية؟
27
الدر�س اخلام�س :ال�شكـــر
�أ�صل ال�شكر هو االعتـراف ب�إنعـام المنعم على وجه الخ�ضوع له والــذلّ ،وهو عرفـان
النعمة من المنعم ،وحمده عليها ،وا�ستعمالها في مر�ضاته .وهو من �صفات الخلق النبيل،
و�سمات ِّ
الطي َبة والتوا�ضع ،ومن موجبات ازدياد النِّعم وا�ستدامتها.
وال�شكر واجب مقد�س لمن يتف�ضل علينا من المخلوقين ،فكيف هو واجبنا تجاه
الخالق المنعم ،الذي ال تح�صى نَعما�ؤه ومن الي�شكر الخلق الي�شكر اهلل ،وعلينا �أن
نعلم �أن اهلل غني عن �شكرنا ،لكن هذا ال�شكر يعود �أجره لنا ،العترافـنا بنعم اهلل الإلهيـة،
وا�ستعمالها في طاعته ور�ضاه ،وفي ذلك �سعادتنا وازدهار حيـاتنا.
لذلك دعت ال�شريعة الإ�سالمية �إلى التخ ّلق بال�شكر ،والتحلي به في الكتاب وال�سنة:
ق ـ ــال تعال ـ ـ ــى :ﭽﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﭼ (البقرة.)152 :
(�سب�أ.)15 : وقال عـ ّز وج ّل :ﭽ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭼ
وقال تعال ـ ـ ــى :ﭽ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭼ
(ابراهيم.)7:
(�سب�أ.)13 : وقال تعال ـ ـ ـ ــى :ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﭼ
وقال ر�سول اهلل (�ص):
«الطاعم ال�شاكـر له من الأجـر ،ك�أجـر ال�صائـم ال ُمحتَ�سب ،وال ُمعافى ال�شاكر له
من الأجر ك�أجر المبتلى ال�صابر ،وال ُمعطى ال�شاكر له من الأجر ك�أجر المحروم
القانع».
وعنه �( -ص )قوله:
(�أَ َّن َر ُجـ ًال َر أَ�ى َكلبـًا َي�أْ ُك ـ ُل ال َّثـ َرى م َِن ال َع َط ِ�شَ ،ف َ أ�خَ ـ َذ ال َّر ُجـ ُل خُ فَّـ ُه؛ َف َج َعـ َل َيغْـرِفُ َلـ ُه
ِبـ ِه َحتَّى �أَ ْر َوا ُه فَ�شَ ـكـ َ َر اهلل َلـ ُه؛ َف�أَ ْدخَ ـ َل ُه َ
الجنَّـ َة).
لذا وجب �شكر اهلل على كل نعمة ب�أن نحمد اهلل ع ّز وج ّل عليها.
28
كما وجب �شكر اهلل حين ترى من ابتاله اهلل ,قال الإمام الباقر (ع)« :تقول ثالث م ّرات
�إذا نظرت الى ال ُمب َت َلى من غير �أن تُ�سمعه :الحمد هلل الذي عافـاني مما ابتالك به ،ولو �شـاء
فعل .قال :من قال ذلك لم ي�صبه ذلك البالء �أبد ًا».
و�إن إ�كـرام اهلل تعالى النا�س بالنعم هـو ابتـالء ي�ستوجب ال�شكـر والطاعـة قـال
تعالى :ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﭼ
(الفجر.)١٥ :
ال�ص ْبر. فالبالء :االخْ تِبار بالخير لي َت َب َّين ال�شُّ كر ،وبال�شَّ ر ْ
ليظهر َّ
�أق�سام ال�شكر:
ينق�سم ال�شكر على ثالثة �أق�سام� :شكر القلب .و�شكر الل�سان .و�شكر الجوارح .ذلك
�أنه متى امتلأت نف�س الإن�سان وعيـ ًا و�إدراك ـ ًا بع َِظـ ِم نِعم اهلل تعالى ،وجزيل �آالئه عليه،
فا�ضت على الل�سان بالحمد وال�شكر للمنعم الوهاب.
ومتى تجاوبت النف�س والل�سان بال�شكــر ،ت�أثرت به الجوارح ،ف�أ �صبحت تُعرب عن
�شكرها هلل (عز وجل) بانقيادها وا�ستجابتها لطاعته.
من �أجل ذلك اختلفت �صور ال�شكر ،وتنوعت �أ�ساليبه:
أ� -ف�شكر الـقـلب :هو ت�ص ّور النعمة ،و�أنها من اهلل تعالى.
ب -و�شكر الل�سان :حمد المنعم والثنـاء عليه.
جـ -و�شكر الجوارح :بالتذلل والخ�ضوع هلل المنعم العظيم الذي تف�ضل على المخلوقات
وق�سم �أرزاقها ،وبهذا ال�شكر يزداد الإن�سان قرب ًا �إلى اهلل تعالى فال يفرح بالدنيا كلها ّ
ومافيها من عطايا.
و�شكر الجوارح يكون في �إعمالها في طاعة اهلل ،والتح ّرج بها عن معا�صيه :كا�ستعمال
وغ�ضها عن المحارم ،وا�ستعمال الل�سان في ح�سن العين في مجاالت التب�صر واالعتبارّ ،
المقال ،وتعففه عن الفح�ش ،والبذاء ،وا�ستعمال اليد في الم�آرب المباحة ،وكفّها عن
الأذى وال�شرور.
وهكذا يجدر ال�شكر على ك ّل نعمة من نعم اهلل تعالى ،بما يالئمها.
29
من �صور ال�شكر ومظاهره:
ف�شكر المال� :إنفاقه في �سبيل طاعة اهلل ومر�ضاته.
و�شكر العلم :ن�شره و�إذاعة مفاهيمه النافعة.
و�شكر الجاه :منا�صرة ال�ضعفاء والم�ضطهدين ،وانقاذهم من ظالماتهم .ومهما بالغ
المرء في ال�شكر ،فانه لن ي�ستطيع �أن يوفي النعم �شكرها الحق� ،إذ ال�شكر نف�سه من
مظاهر نعم اهلل وتوفيقـه ،لذلك يعجز الإن�ســان عن �أداء واقع �شكرها :كما قال ال�صادق
(ع) «�أوحى اهلل (عز وجل) الى مو�سى (ع) :يا مو�سى ا�شكرني حقَّ �شكري .فقال :يا
علي .قال: رب وكيف �أ�شكرك حق �شكرك ،ولي�س من �شكر �أ�شكرك به � ،اّإل و�أنت �أنعمت به ّ
يا مو�سى الآن �شكرتني حين علمت �أن ذلك مني».
فمن خ�صائ�ص النفو�س الكريمة عرفان النـعم ،و�شكر م�سديها ،وك ّلما تعاظمت
النِعم ،كانت �أحقّ بالعرفان ،و�أجدر بال�شكـر الجزيل ،حتى تجازي النعم الإلهية التي
يق�صر الإن�سان عن �إح�صائها و�شكرها.
فك ّل نظـرة تنظرها العين� ،أو كلمة ينطق بها الفـم� ،أو ع�ضو تحركه الإرادة� ،أو َنف ٍَ�س
ِنح ر ّبانية عظيمة ،ال يق ّدر حقّها � اّإل المحرومون منها.
يردده المرء ،كلها م ٌ
ولئن وجب ال�شكر للمخلوق فكيف بالمنعم الخالق ،الذي ال تح�صى نعما�ؤه وال تق ّدر �آال�ؤه.
وال�شكر بعد هذا من موجبات الزلفى والر�ضا من المولى (عز وجل) ،وم�ضاعفة
نعمه و�آالئه على ال�شكور.
�أما كفران النعم ،ف�إنه من �سمات النفو�س اللئيمة الو�ضيعة ،ودالئل الجهل بقيم النعم
و�أقدارها ،و�ضرورة �شكرها.
وقد �أخبر القر�آن الكريم� :أن كفران النعم هو �سبب دمار الأمم ومحق خيراتها:
ﭽﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷﭸ
ﭹ ﭼ (النحل.)112 :
و�سئل الإمام ال�صادق (ع) :عن قول اهلل عز وجل:
ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﭼ (�سب�أ)19 :
فقال :ه�ؤالء قوم كانت لهم قرى مت�صلة ،ينظر بع�ضهم �إلى بع�ض ،و�أنهار
جارية ،و�أموال ظاهرة ،فكفروا نِع َم اهلل (عز وجل) ،وغ ّيروا ما ب�أنف�سهم من عافية
30
اهلل ،فغير اهلل ما بهم من نعمة ،و�إن اهلل ال يغير ما بقوم ،حتى يغيروا ما ب�أنف�سهم،
ف�أر�سل اهلل عليهم �سي ًال مدمر ًا،ف�أغرق ب�ساتينهم ودورهم،وذهب ب�أموالهم ،و�أبدلهم
مكان ب�ساتينهم الغنّاء ،ب�ساتين قاحلة جرداء ذات �أكل ُم ٍّر،و�شيء من اال�شجار التي
الينتف ُع بثمرها ك�شجر الأثل وال�سدر وكان هذا الجزاء والعقاب ب�سبب كفرهم.
لذا وجب �شكر اهلل تعالى على نعمه في حين �أن �شكر اهلل تعالى يجب �أن يكون �شكر ًا
عملي ًا وذلك بح�سن الت�صرف في نعمه ب�أن ن�ستعملها فيما ير�ضيه ال ب�شيء مما ي�سخطه،
و�أن يكون ممتث ًال لأوامره ،م�سارع ًا في طاعاته ،مجتنب ًا نواهيه ،حافظ ًا لحدوده ،غيور ًا
على دينه وحرماته ،معظم ًا لر�سوله ،مقتدي ًا به في كل ما ي�أتي ويذر ،و�أن يقوم بجميع
�أنواع الجهاد الم�ستطاعة لقمع المفتري على اهلل ور�سوله ،وتوقير دينه ،و�إعالء كلمته.
المناق�شة
ع ِّرف ال�شكر ،وبين كيف يكون �شكر اهلل تعالى ؟ .1
ما �أق�سام ال�شكر؟ .2
كيف نتحلى بال�شكر؟ .3
ماجزاء البطر وعدم �شكر النعم؟ ا�ست�شهد على ذلك . .4
31
لئن �شكرتم الزيدنكم
قال ر�سول اهلل �( -ص):
« �إِ َّن َثال َث ًة فِي َبنِي إِ� ْ�س َرائِي َل أَ� ْب َر َ�ص َو�أَ ْق َر َع َو َ أ� ْع َمىَ ،ف�أَ َرا َد اللهَّ ُ َ�أ ْن َي ْب َت ِل َي ُه ْمَ ،ف َب َعثَ ِ�إ َل ْي ِه ْم
َمل ًكا َ ،ف أَ�تَى الَْ أ ْب َر َ�صَ ،فقَا َل :أَ� ُّي �شَ ْي ٍء �أَ َح ُّب �إِ َل ْي َك ؟
َّا�سَ .قا َلَ :ف َم َ�س َح ُه، َقا َلَ :ل ْو ٌن َح َ�س ٌنَ ،وجلْ ٌد َح َ�س ٌنَ ،و َي ْذ َه ُب َعنِّي ا َّلذِي َق ْد َق ِذ َرنِي((( الن ُ
َف َذ َه َب َع ْن ُه َق َذ ُر ُه َ ،و أُ� ْعطِ َي َل ْونًا َح َ�سنًا َو ِجلْ ًدا َح َ�سنًا.
َقا َل َ :ف أَ� ُّي ا ْل َم ِال �أَ َح ُّب �إِ َل ْي َك ؟ َقا َلِ :الْ إ ِب ُلَ .ف ُ أ� ْعطِ َي نَا َق ًة ُع�شَ َرا َءَ ،فقَا َلَ :با َر َك اللهَّ ُ َل َك فِي َها.
َف أَ�تَى الَْ أ ْق َر َع َفقَا َل :أَ� ُّي �شَ ْي ٍء َ أ� َح ُّب ِ�إ َل ْي َك ؟
َقا َل� :شَ َع ٌر َح َ�س ٌنَ ،و َي ْذ َه ُب َعنِّي َه َذا ا َّلذِي َق ْد َق ِذ َرنِي الن ُ
َّا�س.
َقا َلَ :ف َم َ�س َح ُهَ ،ف َذ َه َب َع ْن ُهَ ،و ُ�أ ْعطِ َي �شَ َع ًرا َح َ�سنًاَ .قا َلَ :ف�أَ ُّي ا ْل َم ِال أَ� َح ُّب ِ�إ َل ْي َك؟ َقا َل:
ا ْل َب َق ُرَ ،ف أُ� ْعطِ َي َب َق َر ًة َحا ِملاً َ ،فقَا َلَ :با َر َك اللهَّ ُ َل َك فِي َها.
َف�أَتَى الَْ أ ْع َمى َفقَا َل� :أَ ُّي �شَ ْي ٍء َ�أ َح ُّب ِ�إ َل ْي َك؟ َقا َل َ :أ� ْن َي ُر َّد اللهَّ ُ �إِ َل َّي َب َ�صرِي َف ُ�أ ْب ِ�ص َر ِب ِه الن َ
َّا�س.
َف َم َ�س َح ُهَ ،ف َر َّد اللهَّ ُ إِ� َل ْي ِه َب َ�ص َر ُهَ .قا َلَ :ف�أَ ُّي ا ْل َم ِال �أَ َح ُّب إِ� َل ْي َك؟ َقا َل :ا ْل َغ َن ُمَ .ف�أُ ْعطِ َي �شَ ا ًة َوا ِل ًدا،
َف أُ� ْنت َِج َه َذانِ َو َو َّل َد َه َذاَ ،ف َك َان ِل َه َذا َوا ٍد ِم ْن الْ إِ ِبلَِ ،و ِل َه َذا َوا ٍد ِم ْن ا ْل َب َقرَِ ،و ِل َه َذا َوا ٍد ِم ْن ا ْل َغ َن ِم.
ِينَ ،ق ْد ا ْنق ََط َع ْت ُث َّم إِ� َّن ُه �أَتَى الملك �إلى َالْ أ ْب َر َ�ص فِي ُ�صو َر ِت ِه َو َه ْي َئ ِتهَِ ،فقَا َلَ :ر ُج ٌل م ِْ�سك ٌ
ِب َي ا ْلحِ َبا ُل فِي َ�س َفرِيَ ،فلاَ َبلاَ َغ لِي ا ْل َي ْو َم إِ� اَّل ِباللهَّ ِ ُث َّم ِب َك ،أَ� ْ�س�أَ ُل َك ِبا َّلذِي �أَ ْع َط َاك ال َّل ْو َن
ا ْل َح َ�س َن َوا ْل ِجلْ َد ا ْل َح َ�س َن َوا ْل َما َل َبعِي ًرا أَ� َت َب َّل ُغ َع َل ْي ِه فِي َ�س َفرِيَ .فقَا َل :ا ْل ُح ُقوقُ َكثِي َرةٌَ .فقَا َل
َّا�سَ ،فقِي ًرا َف�أَ ْع َط َاك اللهَّ ُ ؟ َفقَا َل ِ�إ َّن َما َو ِر ْث ُت َه َذا َل ُهَ :ك�أَنِّي �أَ ْع ِرف َُك ،أَ� َل ْم َت ُك ْن َ أ� ْب َر َ�ص َي ْق َذ ُر َك الن ُ
ا ْل َما َل َكا ِب ًرا َع ْن َكا ِب ٍر(((َ .فقَا َل :إِ� ْن ُكن َْت َكا ِذ ًبا َف َ�ص َّي َر َك اللهَّ ُ إِ� َلى َما ُكن َْت.
َو�أَتَى الَْ أ ْق َر َع فِي ُ�صو َر ِت ِه َفقَا َل َل ُه ِم ْث َل َما َقا َل ِل َه َذاَ ،و َر َّد َع َل ْي ِه ِم ْث َل َما َر َّد َع َلى َه َذا.
َفقَا َل� :إِ ْن ُكن َْت َكا ِذ ًبا َف َ�ص َّي َر َك اللهَّ ُ إِ� َلى َما ُكن َْت.
( )1قذره :ا�ستقذروه وابتعدوا عنه.
ِين َو ِر ُثو ُه ِم ْن آ� َبا ِئ ِه ْم َك ِب ًريا َ
ِين َو ِر ُثو ُه ِم ْن �أ ْج َدادِي ا َّلذ َ
( )2كابرا عن كابر يعني َ :و ِر ْثته َع ْن �آ َبائِي ا َّلذ َ
َع ْن كبري.
32
�أَتَى الَْ أ ْع َمى فِي ُ�صو َر ِت ِه َو َه ْي َئ ِت ِه َفقَا َلَ :ر ُج ٌل م ِْ�سكِي ٌنَ ،وا ْب ُن َ�س ِبيلٍ ،ا ْنق ََط َع ْت ِب َي ا ْلحِ َبا ُل
فِي َ�س َفرِيَ ،فلاَ َبلاَ َغ لِي ا ْل َي ْو َم إِ� اَّل ِباللهَّ ِ ُث َّم ِب َك� ،أَ ْ�س أَ� ُل َك ِبا َّلذِي َر َّد َع َل ْي َك َب َ�ص َر َك �شَ ا ًة أَ� َت َب َّل ُغ ِب َها
فِي َ�س َفرِيَ .فقَا َلَ :ق ْد ُكن ُْت �أَ ْع َمى َف َر َّد اللهَّ ُ إِ� َل َّي َب َ�صرِيَ ،فخُ ْذ َما �شِ ئ َْتَ ،و َد ْع َما �شِ ئ َْتَ ،ف َواللهَّ ِ
اَل �أَ ْج َه ُد َك ا ْل َي ْو َم �شَ ْي ًئا �أَخَ ْذ َت ُه للِهَّ ِ(((.
َفقَا َل� :أَ ْم�سِ ْك َما َل َكَ ،ف إِ� َّن َما ا ْب ُتلِي ُت ْمَ ،ف َق ْد ُر ِ�ض َي َعن َْك َو ُ�سخِ َط َع َلى َ�صاحِ َب ْي َك».
ابرز ماتر�شد �إليه الق�صة:
ّ � .1أن الدنيا دار امتحان ،و�إنما �أوجدنا اهلل فيها ليبتلينا ،قال �سبحانه :ﭽ ﭑ ﭒ
ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ
ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭼ (الملك.)٢ - ١ :
ّ � .2أن المالئكة يت�شكلون ،وهذا ورد كثير ًا في ال�سنة.
.3الترفق والتلطف في معاملة �أهل البالء ،فه�ؤالء الثالثة مما زاد البالء عليهم ا�شمئزاز
النا�س .ومن ر�أى مبتلى يقول« :الحمد هلل الذي عافاني مما ابتالك به وف�ضلني على
كثير ممن خلق تف�ضي ًال» ،ولكن ينبغي �أن الي�سمعه لئال يجرحه.
� .4أن يحر�ص الإن�سان على �أن يكون ممن تدعو له مالئكة الرحمن ،فلقد دعا الملك له�ؤالء
الثالثة بالبركة في المال فبارك اهلل لهم في �أموالهم.
.5وجوب االعتراف بنعم اهلل وتف�ضله علينا ،و�شكره ب�أداء حقها من ال�صدقة وغيره.
المناق�شة
ﭽﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮙﮚ
ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ
ﮧﮨﮩﮪ ﮫﮬﮭﮮﮯ
ﮰﮱﯓ ﯔﯕ ﯖﯗﯘﯙﯚ ﯛ
ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ
ﯪ ﯫﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯧﯨ ﯩ
ﯱ ﯲﯳﯴﯵ ﯶ ﯷﯸﯹ ﯺ ﯻﯼ
ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ
ﭖﭗﭘ ﭙﭚ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ
ﭱﭲ ﭳ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ
ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮇﮈ ﮉﮊ
ﮋ ﮌﮍﮎ ﮏﮐﮑﮒﮓ ﮔﮕﮖ
ﮗﮘ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮠﮡﮢﮣﮤ
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
34
ﮱﯓ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯚﯛﯜ
ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯥﯦ ﯧﯨ
ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
ﯶﯷﯸﯹ ﯺ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ
ﰂﰃﰄ ﰅﰆﰇﰈﰉ ﰊﰋﰌﰍ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭗﭘﭙﭚ ﭛﭜﭝ
ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭥﭦﭧﭨﭩ
صدق اهلل العلي العظيم ﭪﭫﭬﭭﭼ
معاني الكلمات
معناها الكلمة
القاحلة الجرداء الأر�ض الميتة
ننزع ونخرج منه النهار اخراجا ن�سلخ منه النهار
داخلون في الظالم مظلمون
قدرنا �سيره في منازل وم�سافات قدرناه منازل
كعود عذق النخلة العتيق كالعرجون القديم
مدار طريق �شبه م�ستدير فلك
ال�سفن الفُلك
من القبور من الأجداث
ي�سرعون في الخروج ين�سلون
متنعمون متلذذون فاكهون
35
المعنى العام
ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮐ ﮑﮒﮓ
ﮔﮕﮖﮗﮘ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞ
ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
ومن الآيات الباهرة ،والعالمات الظاهرة الدالة على قدرة اهلل على البعث
والن�شور :هذه الأر�ض الميتة التي النبات فيها� ،أحييناها بالمطر ،و�أخرجنا
منها �أنواع النبات مما ي�أكل النا�س والأنعام ،ومن �أحيا الأر�ض بالنبات �أحيا
الخلق بعد الممات ،وجعلنا في هذه الأر�ض ب�ساتين من نخيل و�أعناب ،وفجرنا
من عيون الماء ماي�سقيها ,كل ذلك لي�أكل العباد من ثمره ،مما عملته �أيديهم مما
غر�سوه وزرعوه� .أفال ي�شكرون الخالق على ما �أنعم به عليهم.
ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ
و�آية �أخرى لهم ال�شم�س تجري لم�ستقر لها التتعداه والتق�صر عنه .وهذا الجري
والدوران بانتظام ,وبح�ساب دقيق هو تقدير الإله العزيز الذي ال يغالب ،العليم
الذي اليغيب عن عمله �شيء.
36
ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ
والقمر �آية في خلقه ,قدرناه منازل في كل ليلة ,يبد�أ هالال �ضئيال حتى يكمل
قمرا م�ستديرا ,ثم يرجع �ضئيال مثل عذق النخلة المتقو�س في الرقة واالنحناء
وال�صفرة لقدمه ويب�سه
ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ
ﰃﰄ
لكل من ال�شم�س والقمر ,والليل والنهار وقت قدره اهلل له اليتعداه ،فال يمكن
لل�شم�س �أن تلحق القمر فتمحو نوره �أو تغ ّير مجراه ،واليمكن لليل �أن ي�سبق
النهار ،فيدخل عليه قبل انق�ضاء وقته ,وك ٌل من ال�شم�س والقمر والكواكب في
فلك يجرون,
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭙ
ودليل لهم وبرهان على �أن اهلل وحده الم�ستحق للعبادةّ � ،أن اهلل تعالى حمل من
نجا من ولد �آدم في �سفينة نوح (ع) المملوءة ب�أجنا�س المخلوقات ،ال�ستمرار
الحياة بعد الطوفان.
ﭚ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠ
وخلقنا لهم من مثل �سفينة نوح ،ال�سفن العظيمة التي يركبونها ويبلغون عليها
�أق�صى البلدان.
ﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭧ ﭨﭩﭪ
ولو �أردنا �إغراقهم في البحر فال مغيث لهم وال منقذ.
ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ
�إال �أن نرحمهم فننجيهم ونمتعهم �إلى �أجل ووقت محدد.
37
ﭲ ﭳ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ
و�إذا قيل للم�شركين احذروا عذاب الآخرة و�أهوالها ,و�أحوال الدنيا وعقابها,
رجاء رحمة اهلل� ,أعر�ضوا ولم يجيبوا �إلى ذلك.
ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮇﮈ ﮉ
وما ي�أتي ه�ؤالء الم�شركين عالمة من العالمات الوا�ضحة على �صدق الر�سول,
� اّإل �أعر�ضوا عنها ولم ينتفعوا بها.
ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ
ويقول ه�ؤالء الكفار :متى يكون يوم القيامة؟ ومتى يكون البعث �إن كنتم �صادقين
فيما تقولونه عنه.
ﮫﮬﮭ ﮮﮯﮰﮱﯓ ﯔ
ماينتظر ه�ؤالء الم�شركون � اّإل �صيحة واحدة ت�أخذهم فجاة ,وهم يخت�صمون في
معامالتهم و�أ�سواقهم و�ش�ؤون حياتهم ,فيموتون في �أماكنهم.
ﯕﯖﯗﯘﯙ ﯚﯛﯜ
فال ي�ستطيع ه�ؤالء الم�شركون �أن يو�صي بع�ضهم بع�ضا ب�أمر من الأمور ,وال
ي�ستطيعون الرجوع الى �أهلهم ومنازلهم بل يموتون في �أ�سواقهم وموا�ضعهم
38
ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯥﯦ ﯧ
ونفخ في القرن النفخة الثانية ,فتر ّد �أرواحهم الى �أج�سادهم ,ف�إذا هم من
قبورهم يخرجون م�سرعين.
ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ
ﯵﯶ
قال المكذبون بالن�شور نادمين :يا هالكنا من �أخرجنا من قبورنا ؟ فيقال لهم
هذا ماوعد به الرحمن و�أخبرعنه المر�سلون ال�صادقون.
ﯷﯸﯹ ﯺ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ
�أي �إن ّ امر بعثتهم لي�س اكثر من �صيحة واحدة ،ف�إذا هم جميع ًا عندنا حا�ضرون.
ﭨﭩﭪﭫﭬﭭ
ولهم نعيم �آخر �أكبر حين يكلمهم ر ُّبهم الرحيم بهم بال�سالم عليهم ,ومن ذلك
تح�صل لهم ال�سالمة التامة من الوجوه جميعا.
39
الن�ص
�أهم ماير�شد �إليه ّ
المناق�شة
-1اذكر الآيات الباهرة ،والعالمات الظاهرة الدالة على كمال قدرة اهلل
ووحدانيتهِ.
-2اذكر معدد ًا ب�أ�سلوب �أدبي نعم اهلل م�ستفيدا من الآيات . 40-33
-3في ر�أيك ما الأ�سباب التي تجعل الكافرين – دائما – معر�ضين على وجه
التكذيب واال�ستهزاء؟
-4تتّبع مراحل عذاب اهلل للم�شركين.
-5تح ّدث عن نعيم �أهل الجنة الذي يرفل فيه الم�ؤمنون ال�صادقون .
40
الدر�س الثاين :من احلديث النبوي ال�رشيف
احرتام العمل وتقومي اليد العاملة
(لل�شرح والحفظ)
معاني الكلمات
معناها الكلمة
ظرف مبني ال�ستغراق نفي الما�ضي. ُّ
قط
كناية عن الك�سب النا�شىء عن �أي عمل �سواء �أكان باليد �أم بغيرها. من عمل يد ِه
�أحد �أنبياء اهلل من بني �إ�سرئيل. داود
�شرح الحديث
الحديث �إلى �أن خي َر ك�سب الإن�سان الذي ي�ستفيد منه ماكان نتيجة عمل يده،
ُ -1ي�شير
وحين يقول الر�سول (�ص) (من عمل يده) فلأن �أغلب الأعمال بها ،فالذي يح�صل من
ك�سب النظر للمحافظة على المال ورعايته عمل ،ومنح العلم ون�شره بين النا�س عمل،
وكل ك�سب حالل خال�ص خال من الغ�ش هو عمل ،ن�صت عليه قواعد ال�شرع ورفعت
من �ش�أنه قال ر�سول (�ص) ((رحم اهلل امرء ًا عمِل عمال ف�أتقنه)).
نبي اهلل داود ي�أكل من عمل يده �أعطاه للمثل ال�صالح وتنفيذا له وقد �سجل النبي
وكان ّ
(�ص) هذا الت�صرف الحميد و�أبرزه للم�سلمين لالقتداء به وال�سير على منواله ببذل
الجهد وا�ستثمار الطاقات واالمكانات .وكان داود ذا جاه وثروة و�سلطان ونبوة،
ومع ثرائه و�سعة ملكه �ضرب مث ًال �أعلى للحداد ال�صانع الماهر ،واختار �أن ي�أكل
41
و�صنع يده؛ �إذ كان ي�صنع الدروع من الحديد ويبيعها العن فاقة �أو
من عرق جبينه ُ
حاجة ،وهوبهذا يحثُّ على العمل وك�سب الرزق من الطرق الم�شروعة ،قال تعالى
متحدثا عنه ﭽ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭼ (�سب�أ10ـ .)11
-2وحين خ�ص النبي (داود) (ع) بالذكر ،فلأنّه كان غني ًا وفي ذلك بيان لقيمة العمل،
وتكريم للعاملين ،وتف�ضي ًال لهم على من �آثروا الراحة والدعة والخمول ،وقد جاء
هذا التف�ضيل والتكريم في �شخ�ص (داود) عليه ال�سالم لأنه على الرغم من غناه
و�سعة ملكه لم يكن النبي داود (ع) الوحيد بين االنبياء الذي كان يك�سب من عمل
يده فالكثير منهم ي�شاركونه في ذلك ،فالنبي (زكريا) (ع) كان يعمل نجارا يك�سب
رزقه الحالل بجهده وعرقه .وي�ؤكد ذلك قول الر�سول (�ص) (كان زكريا (ع) نجارا)
فالنجارة �صنعة فا�ضلة الت�سقط المروءة .وقد ا�شتغل نبينا محمد (�ص) بالتجارة في
مال خديجة قبل بعثته ليعي�ش من ربحها ،كل ذلك دليل على �أن الأنبياء قد ع ّدوا العمل
جزء ًا متمما لدعوتهم في �إ�صالح المجتمع وانت�شاله من ظواهر التخلف والف�ساد
والبطالة.
-3ومن لم ي�ستعن بالك�سب الحالل فقد �آثر الك�سل والخمول ،و�أ�صابه الفقر ،و�سي�ؤدي
ذلك الى ذهاب مروءته و�ضعف �إيمانه وا�ستخفاف النا�س به ،قال ر�سول اهلل (�ص ):
((لَ ْن َي�أْخُ َذ أَ� َح ُد ُك ْم �أحبل ُهَ ,ف َي ْ�أت َِي ِب ُح ْز َم ِة من َح َط ٍب َع َلى َظ ْه ِرهَِ ,ف َي ِبي َع َهاَ ,ف َي ُك َّف اللهَّ ُ ِب َها
َأ
َّا�س َ ,أ� ْع َط ْو ُه َ�أ ْو َم َن ُعو ُه)) ،وبذلك يوجه الر�سول (�ص) َو ْج َهه ,خَ ْي ٌر َل ُه ِم ْن أَ� ْن َي ْ�س أَ� َل الن َ
النا�س جميعا �إلى العمل الحالل ويح ّثهم عليه قدر ا�ستطاعتهم ،و�أن اليبالوا بنوع
العمل ومايتطلبه من تحمل الم�شاق والمتاعب في �سبيل التعفف والقناعة والتنزّه عن
ال�س�ؤال .فلو جاء المرء بحزمة من حطب بعد �أن تحمل م�شاق قطعها ،وباعها وانتفع
بثمنها وقنع بما ح�صل ،لهو �أف�ضل له من �أن يمد ي ّده �إلى النا�س .فكل عمل و�إن كان
قليل المورد كـ (االحتطاب) مثال ،خير من �س�ؤال النا�س الذي يريق ماء الوجه ّ
ويحط
من الكرامة.
وال يقت�صر التجاء االن�سان الى ذل ال�س�ؤال على �سقوط قدره بين النا�س في الدنيا
فح�سب ،وانما يح�شر يوم القيامه ذليال حقير ًا.
42
لذا من واجب الإن�سان �أن ي�سعى ليكت�سب ويح�صل على المال ،وال عذ َر � -إذا كان
قادر ًا -في ترك العمل بحجة �أن اهلل قد كتب عليه الفقر �أو �أن ظروف الحياة القا�سية
تقف عقبة في وجهه من دون ال�سعي والعمل.
النبي (�ص) � ّأن محبة اهلل تتحقق للم�ؤمن اذا احترف لنف�سه حرفة �أو عمل
وقد ب ّين ّ
عمال مهما كان �صغيرا فقال (�ص)�( :إن اهلل يحب العبد الم�ؤمن المحترف الحليم)
و�إن العمل عبادة فمن اتجه اليه والتزمها فان اهلل يغفر ذنبه ويمحو �سيئاته ،قال
كال من عمل يده �أم�سى مغفورا له) فالعمل تهذيب ر�سول اهلل (�ص) (من ام�سى اّ
للنف�س وتطهير لل�ضمير ،و�صحة للبنية ونفع المجتمع ،ولي�س كالعمل مق ٍّو للج�سد،
وحافظ لكيان الأمة من التخلف والتدهور واالنهيار.
43
-3العمل تكريم للإن�سان وارتفاع ب�ش�أنه ،فاذا قعد الم�سلم عن العمل بغير عذر
م�شروع كان كالمتخلف عن دعوة �إلى الجهاد في �سبيل اهلل.
-4العمل �ضرب من العبادة ،و� ّإن الإن�سان ماخُ لِق �إال ليعمل ف�إذا عبد اهلل فهو
عامل و�إذا �سعى في رزقه فهو عابد لذلك نجد جميع �أنبياء اهلل كانوا يعملون.
-5لي�س للعمل ومجاالته حدود في �شريعة الإ�سالم ،فكل عمل يحفظ كرامة
الإن�سان ويحقق غاية فيها نفع ،ولي�س فيها �ضرر بغيره والخروج به عن
�أوامر اهلل ،هو عمل مباح يذهب فيه المرء ك ّل مذهب ،وللعمل قيمة عليا.
-6كلما �ألجم الإن�سان نف�سه عن الإنحراف ،وفطمها عن الدنيا ،ارتفع ثوابه
وعظم �أجره مرات لأن المرء يلتجىء �إلى اهلل ب�صدق العبادة ،وخال�ص
العمل ،وكريم ال�سعي فمن خالل هذا كله يحفظ المرء كرامته ويمنع نف�سه
ذ ّل ال�س�ؤال و�إراقة ماء الوجه.
المناق�شة
-1حثّ الإ�سالم على العمل .اذكر �آية قر�آنية كريمة وحديثا نبويا �شريفا في
هذا المعنى.
خ�ص القر�آن الكريم داود عليه ال�سالم بالذكر من بين �سائر الأنبياء -2لماذا ّ
الذين عا�شوا من ك�سب �أيديهم ؟
-3متى تتحقق محبة اهلل للم�ؤمنين ؟
-4مامنافع العمل للفرد والمجتمع ؟
-5هل يقت�صر العمل على اليد فقط ؟ و�ضح ذلك.
-6ما �أثر �س�ؤال الإن�سان في الحياة الدنيا ؟ وكيف ي�أتي يوم القيامة؟
44
الدر�س الثالث :من ق�ص�ص القر�آن
نبي اهلل هود (ع)
ُّ
ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﭼ
االعراف (اآلية)65: ن�سبه:
هود بن عبد اهلل بن رباح بن الخلود من ولد �سام بن نوح (عليه ال�سالم).
بعث اهلل الى قوم عاد نبيهم الكريم هود ًا (ع) وكانوا ي�سكنون الأحقاف -منطقة
االحقاف تقع في �شمال ح�ضرموت ومو�ضع بالدهم اليوم رمال لي�س فيها ب�شر �أو زرع..
وقد ذكر القر�آن الكريم ا�سم النبي هود �سبع مرات وهونبي عربي.
ﭽﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ (االحقاف )21-
وكانوا ذوي ب�سطة في الخلق ،و�أولي قوة وبط�ش �شديد وكان لهم تقدم ورقي في
المدنية والح�ضارة ،ولهم بالد عامرة وارا�ض ٍ خ�صبة ذات جنات ونخيل وزروع
ومقام كريم قال تعالى :ﭽ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭼ (الفجر).
كان قوم هود (عليه ال�سالم) طوال الأج�سام �أقوياء البدن وكانت م�ساكنهم الرفيعة
ذات عماد وهو ماتعتمد عليه الأبنية ،ويتمتعون بثروة طائلة ويتنعمون بعي�ش رغيد وحياة
رافهة ف�أبطرتهم النعمة ،وغرتهم القوة ،وتمادوا في الظلم والف�ساد وكانوا يمار�سون
القمع بعنف اعتزاز ًا بقوتهم و�سطوتهم.
� ّإن القوة والنِعم �أ�صابتهم بالغرور والبالء واال�ستعالء وراحوا يتباهون نا�سين �أو
متنا�سين ب�أن الإن�سان الذي اليملك لنف�سه موتا وال حياة وال بعثا وال ن�شورا ب�أنه مخلوق
�ضعيف �أمام اهلل تعالى.
� ّإن النعم الإلهية �إذا تي�سرت للم�ؤمن العاقل انتفع بها وبذلها في �سبيل الخيرات
وازداد �شكرا للمنعم و�إخال�صا له ،و�إذا تي�سرت للإن�سان الجاهل طغى بها وبغى و�أف�سد
لقد حذرهم هود (ع) كثيرا وطلب �إليهم الرجوع �إلى اهلل المنعم وح َّذرهم من مغبة
الع�صيان وعبادة الأوثان واقتراف الم�آثم ،ولكنهم �أ�صروا على عِنادهم فما كان من اهلل
45
العزيز �إ ّال �أن يهلكهم وي�ستخلف غيرهم في الأر�ض.
�أدى نبي اهلل هود (عليه ال�سالم) ر�سالته على الوجه الأكمل واحتمل في �سبيلها �أنواع
ال�شدائد وتعر�ض ل�شتى التهم الكاذبة واالعترا�ضات ال�ساذجة لقد اتهموا هود ًا (عليه
ال�سالم) بال�سفاهة وخفة العقل وذلك لأنه يخالف ر�أيهم الفا�سد وكانوا يظنون �أنه كاذب
ويل�صقون به الكذب.
كانت اعترا�ضاتهم واهنة التعتمد على دليل فقد اعتر�ضوا على ب�شرية النبي ومن�ش�أ
هذا االعترا�ض هو تخيلهم �أن الر�سول يجب �أن يكون من جن�س �أرفع و�أعلى.
ولقد بلغوا من العناد واللجاج والكذب في �سوق اعترا�ضاتهم �أن ادعوا � َّأن نبيهم لم
ي�أتِ بحجة وا�ضحة وداللة كافية على �صحة مايدعو اليه -ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ
(هود )53ولكن ال�س َّر في هذا الكذب قد بان بقولهم -ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ
ﰍ -اذ كيف ي�ستجيبون لما يخالف �أهواءهم الفا�سدة وعقولهم المتحجرة.
�أ ّما االتهام بال�سفاهة والكذب فاجاب عنها بقوله :ﭽﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﭼ
(الأعراف.)٦٧ :
ففي قوله :ﭽ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭼ (الأعراف )٦٨ :رد لكال االعترا�ضين وهو �أنه
نا�صح ولي�س ب�سفيه� ،أمين ولي�س بكاذب.
� ّإن من مميزات �أنبياء اهلل ور�سله هو الكفاح وتحدي الأعداء وال�شجاعة في �أمر التبليغ
من دون �أن يت�سرب الخوف الى قلوبهم ،وهذا مان�شاهده في موقف نبي اهلل هود مع طغاة
قومه ،معلنا براءته من �آلهتهم التي زعموا �أنها م�سته ب�سوء �أفقده عقله ،وخاطبهم ب�أنه
اليخ�شى �أذاهم ومكرهم على الرغم من جبروتهم و�شدة بط�شهم ،قال �سبحانه وتعالى
وا�صف ًا هذا الموقف ال�شجاع والحالة الروحية ال�سامية ﭽ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
ﭟ ﭠ ﭡﭼ (هود.)٥٤ :
ومن �أعظم �آيات الأنبياء �أن يكون الر�سول وحده فيقول لهم }كيدوني {فال ي�ستطيع
واحد منهم �ض َّره وكذلك قال نوح لقومه ﭽ ﭥ ﭦ ﭧﭼ (يون�س )71-
ومثل هذا القول الي�صدر �إال ممن هو واثق بن�صر اهلل وب�أنه يحفظه منهم ويع�صمه من
�أذاهم وهذا هو منطق نبينا محمد }�ص{ فيما حكاه قوله تعالى :ﭽ ﰆ ﰇ ﰈ
ﰉ ﭼ (الأعراف.)195 :
46
قال هود (ع) مخاطبا قومه :ﭽ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ
ﯹ ﯺﭼ (هود ،)٥٢:وفي هذا �أ�سوة لك ّل م�صلح �إلهي ،فعليه �أن يدخل من
باب التذكير بالنعم المرجوة ،ثم الوعد بالمزيد من النعم الذي هو رهن الى اهلل.
لقد امتاز بال�صالبة في الموقف ،وعدم التردد والم�ساومة مع الأعداء في الق�ضايا
المهمة التي تت�صل بالمبد أ� والعقيدة وال�سر في هذا الحزم هو توكله على اهلل تعالى:
ﭽﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭼ (هود.)٥٦ :
وهذه الخ�صائ�ص بارزة في حياة الأنبياء كافة ,وال �سيما الخاتم }�ص{ الذي �أمره
اهلل �أن يقول :ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭼ (الكافرون).
يت�ضح من الق�صة �أن الغنى والثروة والقوة من نعم اهلل �سبحانه ,التي ي�ستوجب
�شكرها وا�ستعمالها في ما ير�ضي اهلل تعالى وا�ستثمارها في ك ّل مايعود على الفرد
ورقي وتقدم.
ّ والمجتمع من خير
وقد ي�ساء ا�ستعمال هذه النعم ،باتخاذها و�سائل الى اللهو والعبث واال�ستغالل
واال�ستعالء على الآخرين وا�ستعبادهم والبط�ش بهم وال �شك في �أن َم ْن يفعل ذلك فم�صيره
�إلى الهالك والزوال مهما تعاظمت قوته ،و�صفحات التاريخ -القديم والحديث -مملوءة
بال�شواهد على النهاية الم�أ�ساوية للأمم الطاغية (ومنهم قوم هود) قال �أمير الم�ؤمنين
علي بن �أبي طالب (ع):
ّ
( فاعتبروا بما �أ�صاب الم�ستكبرين من قبلكم من ب�أ�س اهلل و�صوالته ،ووقائعه
ومثالت((( ،واتعظوا بمثاوي((( خدودهم ،وم�صارع جنوبهم).
فقد �أهلك اهلل قوم هود �إذ تلبدت ال�سماء بالغيوم فقالوا هذه غيوم تحمل لنا ال�سحاب
ف�أجابهم هود (ع) بل هو العذاب الذي �أنكرتم وقوعه وا�ستعجلتموه ،ف�أر�سل اهلل عليهم
ريح ًا تهلك كل �شيء �سبع ليالٍ وثمانية �أيام .و�أتبعهم لعنة واعتزل هود (ع) ومن معه
من الم�ؤمنين في حظيرة فلم ي�صبهم عذاب اهلل ب�شيء و�إنما يدخل عليهم منها ما تل ُّذ به
�أنف�سهم ،فتحملهم ثم تدق اعناقهم.
المناق�شة
-1تحدث عن قوم عاد.
-2تعددت �أ�ساليب نبي اهلل هود (ع) لقومه ب ّين ذلك.
� -3أ�ص ّرت عاد على الكفر وجابهت هود ًا ،ب ّين الو�سائل ،ثم تحدث عن جحودهم.
-4اذكر �أهم ما تر�شد اليه �سيرة نبي اهلل هود (ع).
-5بين كيفية معاملة نِعم اهلل ؟
-6و�ضح عاقبة قوم هود.
-7ما الذي ح َّل بنبي اهلل هود (ع) والم�ؤمنين عند حلول عذاب اهلل ؟
48
الدر�س الرابع:
�أو ًال :لعن اهلل املت�شبهات بالرجال واملت�شبهني بالن�ساء
الإن�سان في نظر الإ�سالم كائن �سبق تكريمه عملية �إيجاده وخلقه وذلك عندما �أخبر
اهلل �سبحانه وتعالى مالئكته �أنه جاعل في الأر�ض خليفة ،قال تعالى :ﭽﭑ ﭒ ﭓ
ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭼ (البقرة )30/وقد الزمه هذا التكريم الإلهي
في عملية الخلق �إذ خلقه اهلل ،فقال تعالى :ﭽ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮜﮝﮞﮟ
ﮠ ﭼ (اال�سراء )70/
وا�ستمر هذا اللطف الرباني في ح�سن خلقه وجمال تكوينه فقال تعالى :ﭽ ﭛ ﭜ
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭼ (التين )4/ومن الوا�ضح ان هذا التكريم ال�سابق على �إيجاد
الإن�سان والم�صاحب لذلك الإيجاد اليخت�ص بالرجل فقط و�إنما هو �شامل للرجل والمر�أة
على ح ّد �سواء ،والح�صيلة من ك ّل الذي ذكرناه � ّأن التكريم لهذا المخلوق ذكره وانثاه
من �أخ�ص خ�صائ�صه و�أو�ضح مميزاته و�شكله وطبائعه تتنا�سب ودوره في الحياة.
وجعل له حرية التقرير وتحديد الم�صير �إذ اليعقل �أن يجتمع قهره وق�سره على م�صيره
معظم ًا والحقيقة التي الب َّد من ك�شفها لأبنائنا ب�شبابه و�شاباته مايراد
مع كونه مك ّرم ًا ّ
لهم من تدمير في خَ لقهم و�أخالقهم بعد �أن غدا معظم ال�شباب في ذاته وفي كثير من
جوانب �شخ�صيته �سلعة خا�ضعة للمقايي�س التي تخ�ضع لها �أية �سلعة ا�ستهالكية تعر�ض
في الحوانيت �أو على الأر�صفة ف�أنت ترى المر�أة في �صفحات الإعالم كما ترى الرجل
ب�شكل الدمى وب�صورة مقززة بعيدة من القيم الإ�سالمية والعربية والإن�سانية .فارتفعت
تلك الأ�صوات الحاقدة على الإ�سالم العزيز من بع�ض الم�ست�شرقين الكفرة والإلحاديين
و�أذنابهم منادين بالم�ساواة ثم الغاء ماخ�ص به اهلل كل مخلوق والهدف هو الق�ضاء على
وال فهل تخنث الرجال �سمة ح�ضارية ؟! وما البقية الباقية في المجتمعات الإ�سالمية .اّ
الذي يتبقى من كرامة الرجل وهيبته و�أنت تراه قد ارتدى قالدة او �سوار ًا.
وق�ص ال�شعر بطريقة الرجال هو تحرير من وهل ارتداء المراة ربطة العنق والبنطال ّ
قيود مفرو�ضة؟! لقد قال ر�سول اهلل (�ص)( :لعن اهلل المخنثين من الرجال والمترجالت
من الن�ساء).
يريد الإ�سالم للإن�سان ك ّل احترام و�أن يخرج بزيه الطبيعي �سواء في ذلك الرجال
�أو الن�ساء و�أن ال يتزين الرجل بزي المر�أة وال المر�أة ب ـ ــزي الــرجل وفي الحــديث:
49
"ل َع َن ر�سول اهلل(�ص) الرجل يلب�س لب�سة المر�أة والمر�أة تلب�س لب�سة الرجل".
�أين يكمن الجمال؟
ت�سعى ك ّل امر�أة للح�صول على الجمال وتبذل الأموال الطائلة �سعي ًا خلفه ،وتتناف�س
ال�شركات في خداعها ،وتجري الم�سكينة الهثة خلفه متنا�سية �أن حقيقة الجمال تكمن
في جمال الروح ،فجمال الوجه زائـل اليدوم ومع الأيام تذبل تلك الوجنات الجميلة
وتغـور تلك العيون واليبقى من الجمال �شيء� ،إذن ،كيف يح�صل الإن�سان على جمال دائم
اليزول� ،إن ذلك يكمن في جمال الروح الدائم الذي اليزول فكم من امر�أة جميلة الوجه
الترى من جمالها �شيئ ًا وت�شمئز نف�سك منها ،لب�شاعة �سلوكها وقبح جوهرها ،وكم من
ومحط �إعجاب الجميع بح�سن خلقها وعفتها، ّ امر�أة لي�ست بجميلة الوجه هي مثل �أعلى
وكم من رجل و�سيم يعجبك لأول وهلة وما �أن تتعرف حقيقته حتى ي�سقط من عينيك،
فجمال كل امراة يكمن في عفتها وحيائها و�أدبها ،ورحم اهلل القائل:
زينة البنت الأدب البح�سن �أو ذهب
فتلك هي التي يطمئن الرجل لها ويفخـر �أن تكون زوجته ،في�أمن على عر�ضه وبيته
و�أوالده ،أَ�ما و�سامة الرجل فتكمن في مواقفه ودينه وخلقه وح�سن تعامله البع�ضالته
المفتولة و�شاربه ،فكم من الذكور من تراهم وت�أ�سف على �أحوالهم ،ممن اليمتلكون َغيرة
على �أعرا�ضهم وممن ينتهكون الحرمات ويقذفون المح�صنات ويرتدون مات�شمئز منه
النفو�س ،علينا �أن ن�سعى �إلى جمال دائم اليزول يبقى حتى بعد رحيلنا من عالم الدنيا
الزائل حين يذكرنا النا�س بالفخر واالعتزاز ويرافقنا �شيء واحد في ذلك القبر المظلم
يوم يبلى الج�سد وتنال ح�شرات الأر�ض من �أج�سادنا ،يبقى العمل ال�صالح �شفيع ًا لنا في
�آخرتنا ويبقى عبق طهر �أرواحنا ذكرى تخلدنا في غيابنا.
المناق�شة
-1ما نظر الإ�سالم بمن يت�شبه بالن�ساء ؟ ثم بين ر�أيك في ذلك.
-2جمال المر�أة في ح�شمتها ،فما ر�أيك بمن تبتذل نف�سها وتعر�ض مفاتنها؟
-3مار�أيك في �أن تقلد المر�أة الرجل في م�شيته و�ضحكته ولب�سه؟
-4هل الحرية تدعو �إلى الإن�سالخ عن الفطرة وعن القيم ؟ ناق�ش ذلك.
-5ماالجمال الدائم الذي البد من �أن ن�سعى اليه ؟ ولماذا؟
50
الدر�س الرابع:
ثانياً :البلوغ والطهارة
البلوغ:
البلوغ في اللغة :معناه الو�صول �إلى ال�شيء ،تقول بلغت المكان� ،أي �إذا و�صلت
�إليه ،وفي �إ�صطالح الفقهاء :هو ال�سن التي يكون فيها الم�سلم مكلف ًا بما فر�ضه اهلل عليه.
كال�صالة وال�صوم والحج ،فهذه الأمور ال تجب على الم�سلم وال يحا�سب عليها � اّإل �إذا
و�صل �إلى �سن التكليف ،لكننا �أمرنا بتعليم من هو دون �سن البلوغ بال�صالة وتدريبه
على ال�صوم.
الطهارة:
الطهارة في اللغة:
النظافة �أو النزاهة عن الأقذار.
وفي اال�صطالح :النظافة عن النجا�سة �أو النظافة عن حدث �أو خبث.
والطهارة �شرط ل�صحة ال�صالة وهي مفتاحها ،قال (�ص)( :مفتاح ال�صالة :الطهور)
والأثر المترتب على الطهارة �أنه اليجوز �أداء ال�صالة �أو لم�س القر�آن من دونها.
�أق�سام الطهارة:
تنق�سم الطهارة على ق�سمين الأول الطهارة ال�صغرى ،والثانية الطهارة الكبرى.
الطهارة ال�صغرى:
وا�سمها الخا�ص الو�ضوء.
والموجب للو�ضوء� ،أي الأ�سباب التي يبطل الو�ضوء ب�سببها هي الحدث الأ�صغر
(كالبول والغائط والريح وفقدان الوعي والنوم...الخ).
وفرائ�ض الو�ضوء هي غ�سل الوجه وغ�سل اليدين �إلى المرفقين وم�سح الر�أ�س وغ�سل
�أو م�سح القدمين (بح�سب تف�سير علماء الم�سلمين) ،وهذه الفرائ�ض الأربع� ،أجمع عليها
العلماء لقوله تعالى:
ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ
ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭼ (المائدة.)6/
51
�أما النية في ابتداء الو�ضوء ف�أكثر العلماء قالوا ب�أنها فر�ض من فرائ�ض الو�ضوء،
وقال بع�ضهم �إنها ُ�سنة .و�سنن الو�ضوء :ت�سمية اهلل تعالى في ابتدائه وال�سواك
والم�ضم�ضة واال�ستن�شاق .وم�سح الأذن وتخليل اللحية لمن كانت لحيته كثة ،وتخليل
�أ�صابع اليدين والقدمين.
ونواق�ض الو�ضوء منها ما هو مختلف فيه ،والمتفق عليه من نواق�ض الو�ضوء هو
كل ما يخرج من ال�سبيلين من بول وغائط وريح �أو الإغماء �أو النوم� .أما المختلف فيه،
فهو م�س المر�أة وخروج الدم من غير ال�سبيلين.
الطهارة الكبرى:
وا�سمها الخا�ص الغ�سل والموجب للغ�سل� ،أي الأ�سباب التي يجب الغ�سل ب�سببها
هي الحدث الأكبر �أي الجنابة ،والحي�ض والنفا�س ،وي�سن الغ�سل للجمعة والعيدين
والإحرام� ،سواء �أكان الإحرام للحج �أم العمرة ،ومن العلماء من قال ب�أن فر�ض الغ�سل
هو غ�سل �سائر البدن.
كيفية الغ�سل:
�أن يبد�أ المغت�سل فيغ�سل يديه ويزيل النجا�سة �إن كانت على بدنه ،ثم يفي�ض الماء على
ر�أ�سه ثم على �سائر ج�سده .وي�شترط النية للغ�سل في بدايته.
المناق�شة
م�س القر�آن بال طهارة؟
-1هل يجوز �أداء ال�صالة �أو ّ
-2ع ّرف ك ًال من البلوغ والطهارة ا�صطالح ًا.
-3ما فرائ�ض ك ّل من الو�ضوء والغ�سل؟
-4ما اختالف الطهارة ال�صغرى عن الطهارة الكبرى؟ وما ا�سم ك ّل منهما؟
-5اذكر �سنن الو�ضوء.
-6ماذا ي�شترط في بداية الغ�سل؟
52
املحبــة
َّ الدر�س اخلام�س:
هي قوت القلوب ،وغذاء الأرواح ،وهي الحياة التي َمن ُحرمها ،فهو في جملة
الأموات ،وهي النور الذي من فقده ،فهو في بحار الظلمات ،وهي ال�شفاء الذي َم ْن َعدِمه
ح َّلت به الأ�سقام ،وهي اللذة التي من لم يظفر بها فعي�شه كله هموم و�آالم ،لذلك قال
(�ص):
أحب �إليه مما ((ثالث من ُك َّن فيه ،وجد بهن حالوة الإيمان� :أن يكون اهلل ور�سوله � َّ
حب المرء ال يح ّبه �إال هلل ،و�أن يكره �أن يعود في الكـفــر ،بعــد �إذ �أنقذه اهلل �سواهما ،و�أن ُي َّ
منه ،كما يكـره �أن ُيلقى في النار)).
محبة اهلل تعالى :ف�إذا عرف الإن�سان ربه �أحبه ،ثم ا�ستقام على �أمره ،وعمل ال�صالحات،
ابتغاء وجهه الكريم ،عندئذ يجد حالوة الإيمان ،و�إذا ذاق هذه الحالوة� ،أ�صبح �شغله
ال�شاغـل ،التقرب من المحبوب ،يقول اهلل تعالى فيما رواه النبي �صلى اهلل عليه و�آله
و�صحبه و�سلم عن ربهَ (( :ما َيزَا ُل َع ْبدِي َي َت َق َّر ُب إِ� َل َّي ِبال َّن َوا ِف ِل َحتَّى أُ�حِ َّب ُه َف�إِ َذا أَ� ْح َب ْب ُت ُه
ُكن ُْت َ�س ْم َع ُه ا َّلذِي َي ْ�س َم ُع ِب ِه َو َب َ�ص َر ُه ا َّلذِي ُي ْب ِ�ص ُر ِب ِه َو َي َد ُه ا َّلتِي َي ْبطِ ُ�ش ِب َها َو ِر ْج َل ُه ا َّلتِي
ا�س َت َعا َذنِي َ ألُعِي َذ َّن ُه)). َي ْم�شِ ي ِب َها َو ِ�إ ْن َ�س�أَ َلنِي َ ألُ ْعطِ َي َّن ُه َو َلئ ِِن ْ
كثيرون هم الذين ي ّدعون محبة اهلل ور�سوله ،وال تجد في �أعمالهم ما ُيثبت ذلك؛ لأن
�شرط �صحة المحبة المتابعة التي الب َّد فيها من ال�صدق والإخال�ص ،لذلك طولب الم َّدعون
ب�إقامة الدليل على �صحة دعواهم قال تعالى:
ﭽﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ
ﭼﭼ (�آل عمران.)٣١ :
فجعل اهلل تعالى اتّباعهم لر�سوله (�ص) عالمة على �صدق محبته هلل ،وجعل حبهم له
م�شروط ًا باتباعه ،وهذا يد ّل على �أن المحبة م�ستلزمة للمتابعة.
ف�إن لم يتحقق االتباع والطاعة يكون مدعي المحبة كاذب ًا في دعواه محبة اهلل ويكون
من الكافرين ،ي�ؤكد ذلك قول اهلل تعالى :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ (�آل عمران.)32 :
53
محبة اهلل �أ�صل ومن فروعها:
-1محبة النبي �صلى اهلل عليه و�آله و�صحبه و �سلم ،فلي�س لأحد من ف�ضل علينا بعد اهلل
تعالى في هدايتنا ،و�سعادتنا من ر�سولنا �صلى اهلل عليه و�آله و�صحبه و�سلم .قال
تعالى:
ﭽﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ
ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﭼ (التوبة.)١٢٨ :
لذلك قُرنت محبة الر�سول (�ص) بمحبة اهلل تعالى في معظم �آيات القر�آن ،وفي ال�سنة
المطهرة ،قال تعالى:
ﭽﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ
ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ
ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ
ﮚ ﮛ ﮜﭼ (التوبة.)٢٤ :
54
-2محبة �آل بيت ر�سول اهلل (�ص) العترة الطاهرة الذين طهرهم اهلل من كل رج�س بقوله
تعالى:
ﭽﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﭼ
(االحزاب)33 :
و قال تعالى:
(ال�شورى)23: ﭽﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭼ
وكما ارتبط حب ر�سول اهلل بحب اهلل تعالى يرتبط حب اهلل ور�سوله بحب �آل بيت
ر�سول اهلل ي�ؤكد ذلك قول ر�سول اهلل (�ص) :من �أحبني و�أحب هذين و�أباهما و�أمهما
كان معي في درجتي يوم القيامة) المـودة لر�سـول اهلل (�ص) و �أهل بيتـه الأطهـار تتحقق
بمعرفة حقهم والإقتداء بهم.
-3محبة �أ�صحاب ر�سول اهلل (�ص) الذين عزروه ،ون�صروه ،واتبعوا النور الذي �أنزل
معه ،والذين جاهدوا معه حقّ الجهاد ،وبذلوا من �أجل انت�شار الحقِّ كل غالٍ ورخي�ص،
ونف�س ونفي�س� ،أمثال عمار ويا�سر و�سمية وبالل و�أبي ذر وغيرهم من �صحابة ر�سول
اهلل (�ص) الكرام ممن �صدح بالحق ّ ولم َ
يخ�ش في اهلل لومة الئم وجاهد مع ر�سول اهلل
ون�صره ون�صر اال�سالم.
-4محبة الم�ؤمنين :تلك المحبة التي ت�ؤلف القلوب ،وتوحد ال�صفوف ،وتبني المجتمعات،
وت�صنع المعجزات ،وقد �ش ّبه النبي (�ص) مجتمع الم�ؤمنين في توادهم ،وتعاطفهم،
وتراحمهم بالج�سد الواحد� ،إذا ا�شتكى منه ع�ضو ،تداعى له �سائر الج�سد بال�سهر
والحمى ،وهم كالبنيان المر�صو�ص ،ي�ش ُّد بع�ضه بع�ض ًا ،وهم بع�ضهم لبع�ض،
ن�صح ٌة متوا ُّدون ،ولو ابتعدت منازلهم ،في حين المنافقون بع�ضهم لبع�ض ،غ�ش�ش ٌة
متحا�سدون ولو اقتربت منازلهم.
حب الم�ؤمنين عالمة كافية على �صحة لذلك ..يجب � اّأل نعجب �إذا جعل النبي (�ص) ّ
الإيمان ،و�صدقه ،بل جعل محبة الم�ؤمنين �شرط ًا وحيد ًا لوجود الإيمان في الرجل
فقال(( :والذي نف�سي بيده ،ال تدخلوا الجنة حتى ت�ؤمنوا وال ت�ؤمنوا حتى تحا ُّبوا)).
وقال (�ص)(( :ال ي�ؤمن �أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنف�سه)) ،فالمراد ب�أحدكم
في الحديث :كل الم�سلمين في كل الع�صور ،وكل الأم�صار ،والمراد بالأخ في الحديث
55
من له �أخوة الإ�سالم مطلق ًا ،فالم�سلمون على اختالف �شعوبهم ،وقبائلهم ،وديارهم،
و�أل�سنتهم ،و�ألوانهم ومذاهبهم هم �أ�سرة واحدة ،قال تعالى:
ﭽ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﭼ
(الحجرات)١٠ :
ومن ثمار المحبة بين الم�ؤمنين �إذن ،التراحم ،والتعاون ،والت�ضامن ،والتكافل
والإيثار ،والعي�ش ب�سالم و�أمان فقد �أمر اهلل الم�ؤمنين بالتعاون فيما بينهم � ،إال �أنه
قيد التعاون ب�أن يكون تعاون ًا على الب ِّر والتقوى ،ال تعاون ًا على الإثم والعدوان .
ﭽ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ
(المائدة)٢ : ﯼﯽﯾﭼ
المناق�شة
56
الوحدة الثالثة
الدر�س الأول :من القر�آن الكرمي
من �سورة ي�س ()83- 59
ﭽﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ
ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ
ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ
ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ
ﮞﮟﮠﮡ ﮢﮣﮤﮥﮦ
ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ
ﮱ ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯚ
ﯛﯜﯝﯞﯟ ﯠ ﯡﯢﯣ
ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ
ﯲ ﯳ ﯴﯵﯶﯷ ﯸﯹﯺﯻ ﯼﯽﯾ ﯿ
ﰀﰁ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ
ﭛ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭥﭦ
ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ
ﭲﭳﭴﭵﭶ ﭷﭸﭹﭺﭻ
ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ
ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓﮔ
ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ
57
ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮰ ﮱ ﯓﯔﯕﯖ ﯗﯘﯙﯚﯛ
ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ
ﯨﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯳ
ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﭼ
صدق اهلل العلي العظيم
معاني الكلمات
معناها الكلمة
خلق ًا �أو جماعة عظيمة من النا�س. جب ًّال
نمنعهم من الكالم. نختم على �أفواههم
ي�ستحقّ العذاب. يحقّ القول
�شديد الخ�صومة. خ�صيم
قديمة جد ًا،بالية �أ�شد البلى. رميم
قيل:الملك العظيم التام ،وقيل :الوجه الباطن من العالم ملكوت
المعنى العام:
بعد �أن ب ّين اهلل تعالى حال ال�سعداء ،ذكر حال الأ�شقياء ،فقال:
ﭮﭯ ﭰﭱﭲ
�أي امتازوا من الم�ؤمنين ،يامع�شر الكفرة المجرمين ،وانف�صلوا عنهم .
ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
ويقول اهلل تعالى -توبيخ ًا وتذكير ًا�-ألم � ِ
أو�صكم و�آمركم يابني �آدم على �أل�سنة
ر�سلي � ،اّألتعبدوا ال�شيطان وال تطيعوه� ،إنه لكم عدو ظاهر العداوة.
58
ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ
و�أمرتكم بعبادتي وحدي ،فعبادتي وطاعتي هي الدين القويم المو�صل لمر�ضاتي
و جنّاتي.
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ
ولقد �أ�ض ّل ال�شيطان عن الحقّ منكم خلق ًا كثير ًا� ،أفما كان لكم عقل�-أيها
الم�شركون -ينهاكم عن اتباع ال�شيطان.
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ
هذه جهنم التي كنتم توعدون بها في الدنيا عقاب ًا على كفركم ،وتكذيبكم ُر�سل
اهلل تعالى.
ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ
فذوقوا حرارتها وقا�سوا �أنواع عذابها اليوم ب�سبب كفركم في الدنيا.
ﮠﮡ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ
اليوم -يوم القيامة -نطبع على �أفواه الم�شركين فال ينطقون ،و تنطق عليهم
�أيديهم و�أرجلهم معترفة ب�أعمالهم القبيحة .
ﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯓﯔﯕﯖ
ولو ن�شاء لطم�سنا على �أعينهم ب�أن نذهب �أب�صارهم ،كما ختمنا على �أفواههم،
ف�أ�سرعوا �إلى ال�صراط ليجوزوه ،فكيف يتحقق لهم ذلك وقد طم�ست �أب�صارهم؟.
ﯗﯘﯙ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯠ ﯡ
ولو �شئنا لغ ّيرنا خلقهم و�أقعدناهم في �أماكنهم ،فال ي�ستطيعون �أن يالحظوا
�أمامهم ،وال يرجعوا وراءهم.
ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ
ومن طال عمره حتى يهرم نُعده �إلى الحالة التي ابتد أ� فيها ،حالة �ضعف العقل
و�ضعف الج�سد� ،أفاليعقلون � ّأن َم ْن فعل هذا بهم قادر على بعثهم؟
59
ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ
ﯼﯽﯾ ﯿﰀﰁ
ي�صح �أن يكون �شاعر ًا ،وما هذا الذي جاء به
وما علمنا محمد ًا (�ص) ال�شعر ،وما ّ
� اّإل ذكر يتذكر به �أولو الألباب ،وقر�آن ب ّين الداللة بين الحق والباطل ،وا�ضحة
حي القلب م�ستنير الب�صيرة .ويحقّ �أحكامه وحِ َكمه و مواعظه ،لِينذر من كان ّ
العذاب على الكافرين باهلل.
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝ
ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ
ﭫﭬ
�أولم ي َر الخلق �أنّا خلقنا من �أجلهم �أنعام ًا ذللناها لهم ،فهم مالكون �أمرها؟
و�سخرناها لهم فمنها ما يركبون في الأ�سفار ،ويحملون عليها الأثقال ،ومنها
ما ي�أكلون ،ولهم فيها منافع �أخرى كاالنتفاع ب�أ�صوافها و�أوبارها و�أ�شعارها
�أثاث ًا ولبا�س ًا ،وي�شربون �ألبانها� ،أفال ي�شكرون اهلل الذي �أنعم عليهم بهذه النعم؟
ﭭ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ
واتّخذ الم�شركون من دون اهلل �آله ًة يعبدونها يرجون ن�صرها لهم و انقاذهم من
عذاب اهلل.
ﭵﭶ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼ
ال ت�ستطيع تلك الآلهة ن�صر عابديها و ال �أنف�سهم ين�صرون .والم�شركون و�آلهتهم
جميع ًا مح�ضرون في العذاب.
ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
فال يحزنك �-أيها الر�سول -كفرهم وتكذيبهم لك و ا�ستهزا�ؤهم بك� .إنا نعلم ما
يخفون وما يظهرون و�سنجازيهم على ذلك عقاب ًا �شديد ًا.
60
ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓ
�أو لم ي َر الإن�سان الكافر ابتداء خلقه منذ كان نطفة م ّرت ب�أطوار حتى كِب َر ،فاذا
هو كثير الخ�صام والجدال ؟
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
و�ضرب هذا الكافر مث ًال بالعظم البالي ،م�ستبعد ًا على اهلل �إعادةخلق الإن�سان
بعد موته وفنائه ،ون�سي �أنّا �أن�ش�أناه ،فقال َم ْن ُيحيي العظام البالية المتفتتة؟
ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ
قل له :يحييها الذي خلقها �أول م ّرة ،وهو بك ّل خلقه عليم ،اليخفى عليه �شيء.
ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ
ﯧ ﯨﯩ
�أو لي�س الذي خلق ال�سموات و الأر�ض وما فيهما بقادر على �أن يخلق مثلهم،
فيعيدهم كما بد�أهم؟
بلى� .إنه قادر على ذلك وهو الخلاّ ق لجميع المخلوقات ،العليم بكل ما خلق
ويخلق ،ال يخفى عليه �شيء.
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ
�إنما �أمره �سبحانه وتعالى �إذا �أراد �شيئ ًا �أن يقول له (كن) فيكون ،ومن ذلك
الإماتة والإحياء ،والبعث والن�شور
61
ﯵﯶﯷ ﯸﯹ ﯺﯻ ﯼﯽ
فتنزّه اهلل تعالى وتق ّد�س عن العجز وال�شرك :فهو المالك لك ِّل �شيء المت�صرف
في �ش�ؤون خلقه بال منازع �أو ممانع ،وقد ظهرت دالئل قدرته ،وتمام نعمته،
و�إليه ترجعون للح�ساب و الجزاء.
الن�ص
ما ير�شد �إليه ّ
الفجار وما لهم من الخزي .
-1ب ّين اهلل حال الأ�شقياء ّ
الن�ص يظهر �أدلة على البعث بعد الموت ث ّم الح�ساب و الجزاء.
ّ -2
-3الر ّدعلىالكفارالقائلينب�أنمحمد ًا(�ص)�شاعر،و�إنما�أتىبهمنقبيلال�شعر.
الن�ص عظم نِع ِم الخالق ممثلة بالأنعام والفوائد العظيمة التي تجنى
� -4أظهر ّ
منها.
الن�ص �إلى �ش ّدة خ�صومة الكافرين لربهم و�إنكارهم قدرته وتكذيبهم
� -5أ�شار ّ
البعث والن�شور.
ّ � -6إن قدرة اهلل تعالى الحدود لها.
المناق�شة
( -1قال من يحيي العظام وهي رميم) هذه الآية نزلت في �أحد عتاة الكفار الذي
جاء بعظم رميم ،وفتته في وجه النبي الكريم ...ابحث عن الق�صة و�أوردها
كاملة.
� -2أ�ض ّل ال�شيطان خلق ًا كثير ًا من النا�س و �أغواهم عن �سلوك طريق الحق.
-بر�أيك -ما �أبرز و�سائل ال�شيطان،معتمد ًا على الن�ص القر�آني ،وما يحدث
في مجتمعنا الإ�سالمي؟
-3كيف يمكنك الدفاع عن نبيك محمد (�ص) �أمام قول الكفار �إنه �شاعر ،في
محاولة منهم نزع النبوة عنه (�ص).
62
الدر�س الثاين :من احلديث النبوي ال�رشيف
�أكرب الكبائر
(لل�شرح والحفظ)
معاني الكلمات
معناها الكلمة
الذنوب الكبيرة الكبائر
�أن تجعل مع اهلل اله ًا �آخر الإ�شراك
�إغ�ضابهما وعدم العطف عليهما وع�صيان �أوامرهما الم�شروعة عقوق الوالدين
ال�شهادة بالباطل. �شهادة الزور
63
فاهلل �سبحانه وتعالى واحد �أحد لي�س له �شريك في ملكه قال تعالى:
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭖ ﭗ ﭼ (االخال�ص.)2-1/
ولو كان معه �شريك لف�سد الكون قال تعالى :ﭽ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ
ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﭼ (الأنبياء.)٢٢ :
وي ّدعي بع�ض الم�شركين جه ًال وتجني ًا �أن هلل �سبحانه ابن ًا ..فيرد عليهم �سبحانه:
ﭽ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ
ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ (الم�ؤمنون .)91/
والإ�سالم الحنيف يدعو الم�سلم �إلى الت�أمل والنظر في نف�سه وفي كل ما يحيط به من
مخلوقات لينتهي بتفكيره �إلى �أن اهلل هو الخالق للكون وما فيه ..ومن عرف نف�سه عرف
ربه واهلل �سبحانه يريد من الإن�سان �أن يتطلع �إلى �أ�سرار الخلق ون�شاة الكون ونظامه
ليدرك علة الخلق وغاياته .فيهتدي بالنتيجة �إلى معرفة الخالق.
فخلق الكون ودقة نظامه وتدبير �أمره و�أمر الكائنات فيه ،من �أعظم الأدلة على
وحدانية ال�صانع� ،إذ اليعقل �أن ت�صدر الكائنات عن �أكثر من مد ّبر ثم ت�أتي كلها متنا�سقة
متما�سكة ت�سعى �إلى غاية واحدة من دون خلل �أو تناق�ص .والب�شر بال�شك .عاجزون عن
�إدراك ذات اهلل المنزهة عن ال�شَ بيه والمثل .فحوا�س الب�شر كلها عاجزة عن معرفة الكثير
من الأ�شياء المحيطة بالإن�سان نف�سه و�إدراكها على الرغم من ب�ساطتها ووجودها .فهذه
الحوا�س �إذن� ،أ�ضعف من �أن تعرف ذات اهلل المنزهة التي ال�شبيه لها.
�أ ّما �صفات اهلل تعالى فهي معروفة ومعلومة� ،أر�شد �إليها القر�آن الكريم ،كالقدرة
وال�سمع ،والب�صر وغيرها من ال�صفات ،قال تعالى:
ﭽ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﭼ (ي�س.)82/
وهذه ال�صفات موجودة في اهلل تعالى بالكيفية التي تليق بمقامه تبارك وتعالى.
ومن الكبائر التي �أ�شار �إليها الحديث ال�شريف :عقوق الوالدين ..فكما �أن الكفر
64
�إنكار للفطرة االن�سانية والطبيعة الب�شرية الم�ؤمنة بخالقها فكذا عقوق الوالدين �إنكار
لإح�سان الوالدين وحقهما الطبيعي في الرعاية والكفالة من الأبناء .ف�إنكار هذا الحق:
عقوق وكبيرة من الكبائر.
النبي (�ص) فقال� :أبايعك على الهجرة� ،أبتغي الأجر من اهلل
روي �أنه �أقبل رجل الى ّ
حي؟) فقال نعم بل كالهما ،قال( :فتبتغي الأجرتعالى قال (�ص)( :فهل من والديك �أح ٌد ّ
من اهلل تعالى ؟) قال نعم ،قال( :فارجع �إلى والديك ف�أح�سن �صحبتهما) واهلل عز وجل
�أمر الم�سلم بعبادته� ،أو ًال والإح�سان للوالدين ثاني ًا ..قال �سبحانه :ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ
ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ
ﮧﮨﮩ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮰﮱﯓ ﯔﯕ
ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ ( اال�سراء)24-23/
والر�سول (�ص) �أمر الم�سلمين في هذا الحديث ال�شريف وفي �أحاديث كثيرة بب ّر
الوالدين قال (�ص)�( :أف�ضل الأعمال ب ُّر الوالدين) وقال (�ص) :في حديث �آخر عندما
أحب �إلى اهلل عز وجل ؟ .قال (ال�صالة في وقتها) قال ثم �أي؟ قال
�س�أله رجلّ � :أي العمل � ُّ
(بر الوالدين) قال ثم �أي ؟ قال (الجهاد في �سبيل اهلل) .فالوالدان يربيان االبن ويتعبان
وي�شقيان من �أجله ويتحمالن �صنوفا مرة في �سبيل تربيته وتعليمه وتقويمه والأخذ
بيده حتى يكبر ويبلغ ..فالجدير باالبن �أن يجازي الإح�سان بالإح�سان ،قال تعالى:
ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟﭼ (الن�ساء.)36/
والكبيرة الثالثة التي �أوردها الحديث ال�شريف (�شهادة الزور)
فالر�سول (�ص) كان يتحدث وهو متكئ ،فلما قالها اعتدل في جل�ست ِه تنبيه ًا على
خطورة �شهادة الزور و�إثمها وقبحها ثم كررها مرار ًا� ..أمام الم�سلمين ت�أكيد ًا ،وزيادة
في التنبيه على �إثمها وخطورة نتائجها على الأمة .ف�إنها مقرونة بال�شرك باهلل وعقوق
الوالدين ..لما فيها من �إيذاء للم�سلمين وت�ضليل للحاكم ون�شر للف�ساد .و�شاهد الزور
في النار؛ لأن فعله ذنب كبير يجافي العدل الذي نادى به الإ�سالم مرار ًا وتكرار ًا َّ
وحذر
قال تعالى :ﭽ ﯭ ﯮ ﯯﭼ (الحج.)30/
65
و�شهادة الزور تعني ظلم الم�سلم وانتهاك حقوقه ،قال تعالى:
ﭽ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﭼ (هود)18 /
وقال (�ص)( :الم�سلم �أخو الم�سلم ال يظلمه) ،وقال (�ص) �أي�ض ًا( :الظلم ظلمات يوم القيامة).
�أهم ماير�شد اليه الحديث ال�شريف
.1ال�شرك باهلل ذنب ال يغتفر وعاقبته وخيمة جد ًا فهو محبط لكل عمل و�إن كان
�صالح ًا والجنة محرمة على الم�شرك .قال تعالى :ﭽﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ
ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﭼ (المائدة.)72 :
.2عقوق الوالدين � -أحدهما �أو كالهما -من الكبائر -وب ّرهما واجب فر�ضه
اهلل تعالى و�أمر به و�شدد عليه ر�سول اهلل (�ص) وذكره في �أحاديث كثيرة..
�إذ جعل الر�سول ب َّر الوالدين بمنزلة الهجرة ،والجهاد في �سبيل اهلل تعالى.
� .3شهادة الزور :ظلم وبهتان ،ت�ؤدي �إلى الف�ساد و�إلى الت�ضليل و�إلى �ضياع
الحق و�إ�شاعة الفو�ضى ،و�إنها لكبيرة من الكبائر التي �شدد الر�سول الأعظم
(�ص) في النهي عنها ،ت�شديد ًا كبير ًا.
المناق�شة
� .1أخبرنا نبينا محمد (�ص) ب�أكبر الكبائر ،عددها مرتبة كما وردت في الحديث
ال�شريف.
أحب الأعمال �إلى اهلل �سبحانه وتعالى ،في � ّأي منزلة جعل
.2ب ُّر الوالدين من � ّ
الر�سول (�ص) هذه ال�صفة ؟
� .3شهادة الزور من الكبائر التي �شدد الر�سول الأعظم (�ص) في النهي عنها
ت�شديد ًا كبير ًا فما معناها؟ و�إلى � ّأي �شيء ت�ؤدي ؟
.4هناك �أحاديث �أخرى لر�سول اهلل (�ص) في بيان الكبائر ابحث عنها واكتبها،
ثم لخّ �ص الكبائر الواردة في �أحاديثه (�ص).
66
الدر�س الثالث :من ق�ص�ص القر�آن
نبي اهلل �إليا�س (ع)
ﭽﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ
ﯬﯭ ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﭑ
ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟ
ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭼ
(ال�صافات )132-123
ﭽ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﭼ (الأنعام.)85-
� ّإن اليا�س (ع) من ذرية �إبراهيم الخليل وينتهي ن�سبه �إلى هارون (ع) �أخي مو�سى
(ع) لم ي�ستجب �إلى دعوته من قومه �إال القليل .و�أ�ص َّر �أكثرهم على �شركهم وعلى تكذيبه
ولم يكترثوا لأقواله ون�صائحه ،الأمر الذي عر�ضهم ل�سخط العزيز الجبار ووعيده
}ف�إنهم لمح�ضرون { فيمثلون �أمام محكمة اهلل تعالى.
نبي اهلل �إليا�س (ع) �أن ي�ستثير عقولهم ويفتح عيونهم على ق�ضية مهمة ووا�ضحة، �أراد ّ
وهي �أن الم�ستحق للعبادة ،هو من بيده زمام الخلق والتدبير ،واهلل تعالى وحده من
الرب المدبر لأمر الخلق �أجمعين. يملك هذين الأمرين ،فهو �أح�سن الخالقين ،وهو ّ
لقد �ضل �أهل القرية بعبادتهم ل�صنمهم (بعل) ك ّل �ضالل؛ لأنهم اتخذوه �إله ًا يعبدونه
وربا يرجونه ويتو�سلون اليه فتراهم يقدمون �إليه القرابين والنذور ..وي�سعون اليه
بمر�ضاهم راجين منه لهم ال�شفاء ..وكان �أهل القرية يرون � ّأن �صنمهم (بعال) ال يجلب
لهم خيرا وال يدفع عنهم ال�شر ،لكنهم ي�ص ّرون على عبادته �إ�صرار ًا بعد ان زين لهم
ال�شيطان �سوء ظنهم فر�أوه ح�سنا ..وبا�سم هذا ال�صنم (بعل) �سميت مدينتهم (بعلبك)
بال�شام ،و�شاء اهلل �سبحانه ان ينقذ �أهل هذه القرية من �ضاللها البعيد ،ف�أر�سل اليهم نبيا
كريما هو (�إليا�س) وهو كما ذكرنا من �سبط هارون اخي مو�سى عليهما ال�سالم ﭽ ﯟ
ﯠ ﯡ ﯢﭼ (ال�صافات )١٢٣ :الكرام الذين �أر�سلهم اهلل لهداية النا�س،
ف�أقب ــل عل ــى قومـ ــه يبلغهم ر�سال ــة ر ّبه ،وخـ ـ َّوفهم من اهلل؛ لأنهم يعبدون غيره فقال لهم
}�أال تتقون{ وراح �إليا�س (ع) ينكر على قومه عبادتهم ال�صنم الأ�صم وتركهم عبادة اهلل
الخالق الكريم فقال ﭽ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﭼ لكن �أكثر قوم �إليا�س
لم ي�صدقوه ولم ي�ؤمنوا به فكذبوه وماداموا كذبوا نبيهم }ف�إنهم لمح�ضرون{ ف�سوف
67
تح�ضرهم الزبانية في النار يوم القيامة ،لينالوا العذاب والعقاب الذي ي�ستحقون.
لكن عباد اهلل المخل�صين وهم الم�ؤمنين منهم الذين ا�ستجابوا لر�سولهم ،ف�إنهم نجوا
يكتف المكذبون من قوم �إليا�س (ع) بتكذيبه ،بل انهم عزموا على قتله من العذاب ولم ِ
فهرب منهم واختفى عنهم وانطلق هاربا من قومه حتى لج�أ �إلى كهف في الجبل ف�أقام
فيه ب�ضع ع�شرات من الليالي ،وحيدا تغمره رحمة ربه ،ويفي�ض عليه لطفه .ولما �أ ّدى
�إليا�س ر�سالة ر ّبه �إلى قومه ،و�صبر على تكذيبهم �إياه وعزمهم على قتله ..اكرمه اهلل خير
�إكرام ،ف�أثنى عليه ثناء ح�سن ًا يجري على ل�سان من ي�أتي بعده الى يوم الدين ،و�سجل
�سبحانه وتعالى هذا الثناء الح�سن في كتابه العزيز فقال ﭽﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭼ
(ال�صافات� )130/سالم من اهلل عليه وعلى الذين �آمنوا به.
اهم الدرو�س والعبر
-1يجب على الإن�سان �أن ينير عقله وقلبه ويبحث على َم ْن بيده زمام الأمور
فيعبد الخالق مدبر هذا الكون والموجودات.
-2تقوية عقيدة التوحيد والإيمان باهلل �سبحانه وتعالى واالبتعاد من الأفكار
البالية وعبادة غير اهلل �سبحانه وتعالى.
-3الذي يعاقب هو اهلل �سبحانه وتعالى وهو منجي الم�ؤمنين وان الذين
يريدون �إلحاق الأذى بالم�ؤمنين م�صيرهم الى النار .
-4ال�صبر على االبتالء والعذاب.
المناق�شة
-1ما ن�سب �إليا�س (ع)؟
-2لماذا �أ�ص َّر قوم �إليا�س (ع) على عبادة (بعل) مع علمهم ب�أنه الي�ض ّر وال
ينفع؟
-3لمن يكون التو�سل للخالق �أم للمخلوق ،ولماذا ؟
-4اكتب الآية التي تحدثت عن نبي اهلل �إليا�س (ع).
68
حرمة تكفري امل�سلم الدر�س الرابع:
وف�ضله على كثير من الإ�سالم دين الرحمة والإن�سانية ولقد ك ّرم اهلل تعالى الإن�سان ّ
مخلوقاته و�سخّ ر له مافي الكون ينتفع به ،ومن جملة تكريم اهلل تعالى للإن�سان �أن اهلل
تعالى �أمر بحفظ النف�س الإن�سانية و�أمر بالق�صا�ص على من يزهق نف�سـا خلقها اهلل بغير
ذنب ،ثم جاءت ال�سنة النبوية تحذرنا �آف ــة عظيمة وخطرة ت�ستبيح حرمة ما �أ مر اهلل
بحفظه �إذ ابتدعها �أعداء الإ�سالم �أال وهي التكفير ،فقد قال (�ص)( :كفوا عن �أهل ال �إله
�إال اهلل التكفروهم بذنب فمن كفّر �أهل ال �إله � اّإل اهلل فهو �إلى الكفر �أقرب) ،وقال (�ص)
يح َتنَا َف ُه َو ا ْل ُم ْ�س ِل ُم َ ،ل ُه َما َلنَا َو َع َل ْي ِه َماا�س َت ْق َبل ِق ْب َل َتنَاَ ،و أَ� َكل َذ ِب َ
�أي�ض ًاَ :م ْن َ�ص َّلى َ�ص َال َتنَاَ ،و ْ
َع َل ْينَا) �إن خطورة التكفير تكمن في ا�ستباحة حرمة الم�سلم ،ودمه وماله وعر�ضه .في
وقت ع�صم اهلل ور�سوله دماء من قال ال �إله � اّإل اهلل.
َّا�س َحتَّى َيقُو ُلوا ال �ِإ َل َه ِإ� اَّل اللهَّ ُ َ ،ف َم ْن َقا َل :ال �ِإ َل َه قال (�ص) َقا َل �ِ :إنِّي �أُ ِم ْر ُت َ�أ ْن أُ� َقا ِت َل الن َ
�إِ َّال اللهَّ ُ َف َق ْد َع َ�ص َم ِمنِّي َنف َْ�س ُه َو َما َل ُه َحتَّى َيلْقَى اللهَّ َ َت َعا َلى.
�أي من قال ال �إله �إال اهلل فقد ع�صم دمه وماله حتى يلقى اهلل فيكون ح�سابه على اهلل
تعالى ،لكن ه�ؤالء المتطرفين راحوا يكفّرون بح�سب �أهوائهم ون�سوا ان اهلل تعالى رقيب
عليهم �سيحا�سبهم على جرمهم ،وت�شويههم للإ�سالم ،الذي تجلى لالن�سانية في �صورة
(ال �إله � اّإل اهلل) التي �صدح بها وارث ابراهيم (ع) خاتم النبيين و�سيد المر�سلين ومظهر
دين التوحيد الر�سول محمد(�ص) بقوله( :يا �أيها النا�س :قولوا ال �إله اّال اهلل تفلحوا).
بها ابتد أ� �شعار التوحيد وال�سالم والم�ؤاخاة فكان النا�س كما قال �أمير الم�ؤمنين
علي بن ابي طالب (ع) (�صنفان �إما �أخ لك في الدين �أو نظير لك في الخلق) فبعد �شهادة ّ
ال اله اال اهلل جاءت ال�شهادة والإقرار لمحمد بن عبد اهلل (�ص) بالر�سالة الإلهية لتنطلق
رحلة الت�سليم والإيمان نحو اهلل �سبحانه وتعالى ويقف الإ�سالم في مواجهة ال�شرك
والإلحاد و�أ�صحاب ال�سلطة والجاه من طواغيت الأر�ض.
فبهاتين ال�شهادتين تتحقق وحدة العقيدة الإ�سالمية في �أ�سا�سيها الأوليين وهما
توحيد اهلل والت�سليم بالر�سالة الإلهية فتقوم العالقة الإن�سانية على �أ�سا�س هذه العقيدة
في الحقوق والواجبات وحفظ الحرمات ،فعن ر�سول اهلل (�ص) قال( :ك ّل الم�سلم على
69
الم�سل ِم حرام دمه وماله عر�ضه).
ح�صن الإ�سالم الم�سلم وبذلك تتم الحجة من هنا تعرف -عزيزي الطالب -كيف َّ
ال�شرعية على �إ�سالم من نطق بال�شهادتين ويحرم حينئذ نفي �أ�صل الإ�سالم عنه وتكفيره
في العقيدة و�إن �صدر منه مايخالف �أحكام الإ�سالم التف�صيلية و�ضمن الحقوق التي
�أوجبها اهلل والدين له في حقن وحرمة دمه وماله وعر�ضه.
فال يجوز رميه بالكفر ،و� َّإن من ج ّوز تكفيره ممن �أراد تفتيت وحدة الم�سلمين وتمزيق
�شملهم فلقد احتمل بذلك زور ًا وبهتان ًا .كما قال ر�سول اهلل (�ص).
ثم قال (�ص) (من قذف م�ؤمنا بكفر فهو كقاتله ومن قتل نف�سا ب�شيء عذبه اهلل بما
قتل) من هذا الموروث الر�سالي الذي اتفقت عليه المذاهب الإ�سالمية م�ؤكدة عدم �أحقية
�أ ّيه جهة بتغيير �أو تالعب به بزيادة �أو نق�ص �أو تحريف.
فكيف يحق لمن يدعي الإ�سالم �أن يكفّر الآخرين الذين يجمعهم جميعا قول ال اله
اال اهلل �أو يظلهم الإ�سالم ،فاال�سالم دين المحبة وال�سالم ي�سعى لإ�سعاد الب�شرية جمعاء
فمن يدعي الإ�سالم اليمكن �أن يخالف �أوامره بتكفير �أخيه فكما قال (�ص) (الم�سلم �أخو
الم�سلم اليظلمه وال يخذله).
ف� ّإن من ي�سعى لتكفير الم�سلمين� ،أو يبيح قتلهم فهو �إلى الكفر �أقرب كما ب ّينا في
�أحاديث ر�سول اهلل (�ص) �سابق ًا؛ �إذ �إنّه ي�شوه الإ�سالم ويمزق �شمل الم�سلمين و�سيبوء
بغ�ضب اهلل العلي العظيم.
المناق�شة
1-1ما الح�صانة التي يتمتع بها من قال ال �إله � اّإل اهلل ؟
2-2اذكر الأحاديث التي تب ّين حرمة تكفير الم�سلم لأخيه الم�سلم .
3-3هل يحقّ لنا تكفير من نطق بال�شهادتين وخالف حكم ًا من �أحكام الإ�سالم،
ولماذا ؟
4-4اذكر الآية الكريمة التي تب ّين �أثر القتل في المجتمع.
70
الـــريــــاء الدر�س اخلام�س:
�إن حقيقـة الرياء من الر�ؤية الب�صرية ،وذلك ب�أن ي�ؤدي المرائي العادات �أمام النا�س
لكي ُيـرى �أنه يعمل العمل الذي هو من العبادة� ،إما �صالة � ،أو تالوة � ،أو ذكر ًا � ،أو
حج ًا � ،أو جهاد ًا� ،أو امتثال �أمر� ،أو اجتناب نهي ،ونحو ذلك ،ال لطلب ما عند
�صدقة� ،أو ّ
اهلل ،ولكن من اجل �أن يراه النا�س على ذلك ،فيثنـوا عليه بـه .هـذا هو الرياء ،وقد يكون
الرياء في �أ�صل العقيدة (الإ�سالم) كرياء المنافـقين.
والرياء م�صدر راءى يرائي مراءاة ورياء ،وهو �أن ُيري النا�س �أنه يعمل عمال على
�صفة ،وهو ي�ضمر في قلبه �صفة �أخرى ،فهو م�ستحق للذم والعقاب ،وال ثواب له �إال فيما
خل�صت فيه النية هلل تعالى.
وحقيقة الرياء طلب ما في الدنيا بادعاء العبادة ،والغاية منه طلب المنزلة في قلوب
النا�س.
والرياء خلق ذميم ،وهو من �صفات المنافقين ،قال تعـالى:
ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﭼ
(الن�ساء )142 :
وفي خبر الذين هم �أول من ت�س ّعر بهم النار يوم القيامة ،وهم « :رجل قاتل في الجهاد
حتى قتل ،ليقال :جريء ،ورجل تع ّلم العلم وع ّلمه وقر�أ القر�آن ليقال :عالم وقارئ ،ورجل
ت�صدق ليقال :جواد ».
�أق�سام الرياء:
- 1الرياء بالعقيدة :ب�إظهار الإيمان و�إخفاء الكفر ،وهذا هو النفاق وهو �أ�شدها منكر ًا
وخطر ًا على الم�سلمين ،لخفاء كيده ،وت�ستّره بظالم النفاق.
- 2الرياء بالعبادة مع �صحة العقيدة :وذلك بممار�سة العبادات �أمام ملأ النا�س ،مراءاة
لهم ،ونبذها في الخلوة وال�س ّر ،كالتظاهر بال�صالة ،وال�صيام ،و�إطالة الركوع
71
وال�سجود والت�أنّي بالقراءة والأذكار وارتياد الم�ساجد ،و�شهود الجماعة ،ونحوه
من �صور الرياء ،في �صميم العبادة �أو مكمالتها ،وهنا يغدو المرائي �أ�ش ّد �إثم ًا من
تارك العبادة ،ال�ستخفافه باهلل ع ّز وج ّل ،وخداعه النا�س.
- 3الرياء بالأفعال :كالتظاهر بالخ�شوع ،وتطويل اللحية ،وو�سم الجبهة ب�أثر ال�سجود،
وارتداء المالب�س الخ�شنة ونحوه من مظاهر الزهد والتق�شف الزائفة.
- 4الرياء بالأقوال :كالت�شدق بالحكمة ،والمراءاة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
والتذكير بالثواب والعقاب كذب ًا وخداع ًا.
من دواعي الرياء:
حب الجاه ،وهو من �أهم �أ�سباب المراءاة ودواعيه. ُّ - 1
- 2خوف النقد ،وهو دافع على المراءاة بالعبادة ،و�أعمال الخير ،خ�شية من الذ ِّم والنقد.
- 3الطمع ،وهو من محفزات الرياء و�أهدافه التي ي�ستهدفها الطامعون� ،إ�شباع ًا
لأطماعهم.
- 4الت�ستر :وهو باعث على تظاهر المجرمين بمظاهر ال�صالح المزيفة� ،إخفا ًء لجرائمهم،
وت�ستر ًا عن الأعين.
وال ريب في �أن تلك الدواعي هي من مكايد ال�شيطان ،و�أ�شراكه الخطيرة التي ي�أ�سر
بها النا�س ،من ِ�ضعاف الإيمان.
ولهذا ينبغي للم�سلم البعد من الرياء والحذر من الوقوع فيه ،وهناك �أمور تعين على
البعد منه.
كيفية البعد من الرياء:
- 1تقوية الإيمان في القلب ،ليعظم خوف العبد من ر ِّبه؛ ويعر�ض ع ّمن �سواه؛ ولأن قوة
الإيمان في القلب من �أعظم الأ�سباب التي يع�صم اهلل بها العبد من و�ساو�س ال�شيطان،
ومن االنقياد ل�شهوات النف�س.
- 2االلتجاء �إلى اهلل تعالى ودعاء المرء �أن يعيذه اهلل تعالى من �ش ّر نف�سه ومن �شرور
ال�شيطان وو�ساو�سه ،و�أن يرزقه الإخال�ص في جميع �أعماله.
72
- 3تذكر العقوبات الأخروية العظيمة التي ُيجزى بها المرائي ،ومن �أعظمها �أنه من �أول
من ت�س ّعر بهم النار يوم القيامة.
- 4معرفة � ّأن نظرة النا�س وا�ستحقارهم للمرائي؛ لأنه ي�ضيع ثواب عمله الذي هو �سبب
لفوزه بالجنة ونجاته من عذاب القبر و�شدائد القيامة وعذاب النار من �أجل مدح
النا�س والح�صول على منزلة عند المخلوقين ،فهو يبحث عن ر�ضا المخلوق بمع�صية
الخالق.
- 5الحر�ص على عدم الوقوع في الرياء ،وذلك بالحر�ص على �إخفاء العبادات الم�ستحبة،
ودفع الرياء عندما يخطر بالقـلب ،وبالبعد من مجال�سة المداحين و�أهل الرياء ،ونحو
ذلك.
والب ّد من التنبيه على م�س�ألة يح�سن التنبيه عليها �أنه ال يجوز للم�سلم �أن يرمـي م�سلـما
�آخ َر بالرياء ،ف�إن الرياء من �أعمال القلوب وال يعلمه � اّإل علاّ م الغيوب ،واتهام الم�سلمين
بالرياء هو من �أعمال المنافقين.
ولقد �أ�ساء �أهل الرياء والنفاق �إلى الإ�سالم ،لذا على الم�سلم حين يرى �سوء ت�صرفاتهم
� اّأل ين�سبها �إلى الإ�سالم والين�سب ه�ؤالء الأدعياء �إلى الم�سلمين فالإ�سالم خُ لقُ والتزام
وقيم عليا البلحية ك ّثة �أو جبهة مو�سومة ،واهلل �سبحانه وتعالى بريء من ه�ؤالء الأدعياء.
المناق�شة
-1ما معنى الرياء ؟
-2ما الفرق بين الرياء وال�سمعة ؟
-3ما �أق�سام الرياء؟
-4ما دواعي الرياء؟
َ -5م ْن �أول من ت�س ّعر بهم النار؟
-6هل يجوز اتهام النا�س بالرياء ؟ ولماذا؟
-7المرا�ؤون ي�ش ّوهون الإ�سالم ،فهل تجوز ن�سبتهم �إلى الإ�سالم
والم�سلمين؟
73
الوحدة الرابعة
الدر�س االول :من القر�آن الكرمي
من �سورة �سب�أ ()23 -1
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ
ﭠ ﭡ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ ﭩﭪﭫﭬﭭ
ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ
ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ
ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ
ﮡﮢﮣ ﮤ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪ
ﮫﮬ ﮭﮮﮯﮰ ﮱ ﯓﯔﯕﯖ
ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛﯜﯝ ﯞﯟﯠﯡ ﯢ
ﯣ ﯤﯥﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪﯫ ﯬﯭﯮﯯ
ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ
ﭚﭛﭜﭝ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ
ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ
ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ
ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ
ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ
ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ
74
ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
ﯛﯜ ﯝﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤﯥ ﯦﯧ
ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ
ﯴﯵ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻ ﯼﯽﯾﯿ ﰀ
ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ
ﰎ ﰏﰐ ﰑﰒﰓﰔ ﭑﭒ ﭓ ﭔﭕ
ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ
ﭥﭦﭧ ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ
ﭯ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭹ
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ
ﮒﮓﮔﮕﮖ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜ
ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
ﮩ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯔ
ﯕ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯞﯟﯠﯡ
ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ
ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ
ﯼﯽﯾ ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ
ﰊ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ
صدق اهلل العلي العظيم
75
معاني الكلمات
معناها الكلمة
يدخل. يلج
ي�صعــد. يعرج
اليغيب واليخفى عليه. اليعزب عنه
ظانين عجزنا عن �إدراكهم. معاجزين
عذابا �شديدا. رجزا
قـ ُ ّطعتم و�صرتم ترابا. مزقتم
به جنون. به جنة
�أمامهم. بين �أيديهم
نخ�سف بهم الأر�ض نجعل الأر�ض تغور بهم.
قطعا. ك�سفا
راجع �إلى ر ّبه مطيع. منيب
رجعي معه الت�سبيح. ّ أ� ّوبي معه
دروع ًا وا�سعة كاملة. �سابغات
�أحكم �صنعتك في ن�سج الدروع. ال�سرد
ق ِّدر في ّ
م�سيرها من ال�صباح الى الزوال يقطعه الراكب في �شهر. غد ّوها �شهر
وم�سيرها من الزوال �إلى الغروب يقطعه الراكب في �شهر. ورواحها �شهر
معدن النحا�س الذائب. عين القطر
يمل عن طاعته ويخالفه. يزغ منهم
ق�صور � ،أو م�ساجد. محاريب
مج�سمة.
�صور َّ تماثيل
ق�صاع كِبار والق�صعة :ال�صحن الكبير للطعام. جفان
كالجوابي ،جمع جابية ،وهي الحو�ض الكبير. كالجواب
ثابتات. را�سيات
76
ح�شرة الأَ َر َ�ضة التي ت�أكل الخ�شب. دابة الأر�ض
ع�صاه. من�س�أته
�سقط. خ ّر
عالمة دالة على قدرة اهلل تعالى. �آية
ب�ستانان. جنتان
�سيل المطر ال�شديد � ،أو ال�س ّد ،وال َعرِم ،جمع َعرِمة :وهي �س ّد �سيل العرم
يعتر�ض الوادي ويم�سك الماء �إلى وقت الحاجة.
م�أكول م ّر. �أُ ُكـل خمط
�شجر �صحراوي الثمر له. �أثل
نبق. �سِ در
ق ّدرنا فيها ال�سير جعلناه على مراحل متقاربة.
فرقناهم. مزّقناهم
معين. ظهير
فُـزِّع عن قلوبهم �أزيل عنها الفزع �أي الخوف.
المعنى العام
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜ ﭝﭞﭟﭠ ﭡ ﭢ
تبد أ� ال�سورة بحمد اهلل والثناء على اهلل ب�صفاته التي ك ُّلها �أو�صاف كمال ،وبنعمه
الظاهرة والباطنة ،الدينية والدنيوية ،الذي له ملك ما في ال�سموات وما في
الأر�ض ،وله الثناء التام في الآخرة ،وهو الحكيم في فعله ،الخبير ب�ش�ؤون خلقه.
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ
ﭵﭶ
اهلل تعالى علي ٌم بكل �شيء يعلم كل ما يدخل في الأر�ض من قطرات الماء ،وما
يخرج منها من النبات والمعادن والمياه ،وما ينزل من ال�سماء من الأمطار
والمالئكة والكتب ،وما ي�صعد �إليها من المالئكة و�أفعال الخلق .وهو الرحيم
بعباده فال يعجل العقوبة لمن ع�صى ،الغفور لذنوب التائبين �إليه المتوكلين عليه.
77
ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ
ﮇﮈﮉ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ
ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ
وقال الكافرون المنكرون للبعث :ال ت�أتينا القيامة ،ف�أخبرهم �-أيها الر�سول:-
بلى وربي لت�أتينَّكم ،ولكن ال يعلم وقت مجيئها �أحد �سوى اهلل علاّ م الغيوب ،الذي
ال يغيب عنه وزن نملة �صغيرة في ال�سموات والأر�ض ،وال �أ�صغر من ذلك وال
�أكبر �أال و�إن كل �شيء مكتوب في كتاب وا�ضح ،وهو اللوح المحفوظ :ليثيب
الذين �ص َّدقوا باهلل ،وا َّت َبعوا ر�سوله ،وعملوا ال�صالحات� .أولئك لهم مغفرة
لذنوبهم ورزق كريم ،وهو الجنة.
ﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮭﮮﮯﮰ ﮱ
والذين �سعوا في ال�ص ِّد عن �سبيل اهلل وتكذيب ر�سله و�إبطال �آياتنا مخالفين
�أوامر اهلل مغالبين �أمره� ،أولئك لهم �أ�سو�أ العذاب و�أ�شده �أل ًما.
ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ
�أما الذين �أغلقت عقولهم ي�سخرون من الن ّبي (�ص) فيقول بع�ضهم لبع�ض
ب�سخرية :هل ندلكم على رجل يق�صدون (محمد ًا) (�ص) يخبركم �أنكم بعد �أن
تبلى �أج�سامكم تحت التراب � ،إنكم �ستُحيون وتُبعثون من قبوركم؟ قالوا ذلك مِن
�شدة �إنكارهم للبعث والن�شور .
78
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ
فقالوا �إن هذا الرجل اختلق على اهلل كذب ًا �أم به جنون ،فهو يتكلم بما ال يدري؟
ور ّد القر�آن الكريم عليهم :لي�س الأمر كما قال الكفار ،بل محمد (�ص) �أ�صدق
ال�صادقين .والذين ال ي�صدقون بالبعث وال يعملون من �أجله �سينالهم العذاب
الدائم في الآخرة وال�ضالل البعيد من ال�صواب في الدنيا.
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ
ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ
ﮁ
�أفلم ي َر ه�ؤالء الكفار الذين لم يح�سنوا ا�ستخدام عقولهم التي وهبها اهلل لهم،
والذين ال ي�ؤمنون بالآخرة عظيم قدرة اهلل فيما بين �أيديهم وما خلفهم من ال�سماء
والأر�ض مما يبهر العقول ،و�أنهما قد �أحاطتا بهم؟ ولو �شاء اهلل لخ�سف بهم
الأر�ض ف�ضاعوا في �شقوقها ي�صطرخون واليملكون النجاة ،ولو �شاء اهلل لأنزل
عليهم نيزكا �أو �شهابا �أو �صاعقة تمزقهم فالي�ستطيعون تو�صية وال �إلى �أهلهم
يرجعون ،كما فعل بقوم �شعيب ،فقد �أمطرت ال�سماء عليهم نا ًرا ف�أحرقتهم� .إن
في ذلك عبرة لمن يعتبر فليرجع ك ّل عبد �إلى ر ّبه بالتوبة ،ويق َّر له بالتوحيد،
ويخل�ص له في العبادة.
ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ
في هذه الآيات ذِك ٌر لدواد و�سليمان (ع) وف�ضل اهلل عليهما و�شيء مما وهبه اهلل
لهما من نبوة ومن المعجزات فقد جعل اهلل تعالى الجبال والطير تردد الت�سبيح
مع داود ،وم ّكنه من �إذابة الحديد وعمل الدروع لجي�شه فكان الحديد كالعجين
يت�صرف فيه كيف ي�شاء.
ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
�أن اعمل ياداود درو ًعا تامات و�أحكم �صنعتك في عمل الدروع ،واعمل يا داود
�أنت و�أهلك بطاعة اهلل ،فاهلل تعالى بما تعملون ب�صير ال يخفى عليه �شيء منها.
79
ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ
ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ
و�سخَّ راهلل تعالى ل�سليمان الريح تجري طوع �أمره فجعلها تتجه نحو المكان
الذي يريده والذي ي�ستغرق �شهرا في الذهاب و�شهرا في الإياب على وفق
م�صلحة تح�صل من غدوها ورواحها ،و�أ�سا َل اهللُ تعالى له النحا�س كما ي�سيل
والجن
ّ الماء ،يعمل به ما ي�شاء ،و�سخَّ ر له من ّ
الجن من يعمل بين يديه ب�إذن ر ّبه
الجن ومنهم الم�ؤمن ومنهم الكافر،
هم من خلق اهلل تعالى ورد ذكرهم في �سورة ّ
ومن يخالف منهم �أمراهلل تعالى الذي �أمره به من طاعة �سليمان نذقه من عذاب
النار الم�ستعرة.
ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ
ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ
يعمل الجن ل�سليمان (عليه ال�سالم) ما ي�شاء من م�ساجد للعبادة وق�صور،
وتماثيل من نحا�س وزجاج ،و�أحوا�ض يجتمع فيها الماء ،وقدور ثابتات ال
تتحرك من �أماكنها لعظمهن ،وقال اهلل تعالى يا �آل داود :اعملوا �شكر ًا هلل على
ما �أعطاكم ،وذلك بطاعته وامتثال �أمره ،وقليل من عباد اهلل من ي�شكر اهلل كثير ًا،
وكان داود و�آله من ه�ؤالء القليل الذين ي�شكرون اهلل على نعمه.
ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ
ﰆﰇﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏﰐ ﰑﰒﰓ
الجن في عملهم ال�شاق هذا حتى بعد موت �سليمان (ع) فلما ق�ضى اهلل لقد بقي ّ
الجن بموته وماد َّلهم على موته �إ ّال ح�شرة الأ َر َ�ض ُة
على �سليمان بالموت لم يعلم ّ
ت�أكل ع�صاه التي كان متك ًئا عليها ،فوقع �سليمان على الأر�ض ،عند ذلك علمت
الجن �أنهم لو كانوا يعلمون الغيب ما �أقاموا في العذاب المذ ِّل والعمل ال�شاق
ل�سليمان؛ ظنا منهم �أنه من الأحياء .وفي الآية �إبطال العتقاد بع�ض النا�س �أن
الجن يعلمون الغيب �إذ لو كانوا يعلمون الغيب لعلموا وفاة �سليمان (ع) ،ولما ّ
�أقاموا في العذاب المهين والعمل ال�شاق.
80
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ
ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
لقد كانت مملكة �سب أ� في جنوب "اليمن" مملكة عظيمة ُعملت فيها ال�سدود ومن
�أ�شهرها �سد م�أرب وفي ق�صة �أهل �سب أ� التي يذكرها القر�آن الكريم عِبرة وعظة،
فقد كانوا في رخاء من العي�ش ورغـد وهناء،وكانت ب�ساتينهم على يمين ال�س ّد
و�شماله تبدو الت�صالها ك�أنها ب�ستان عظيمة وفيها مال ّذ وطاب من الأثمار.
ف�أمرهم اهلل ب�شكره على نعمه؛ ف�إن بلدتهم كريمة التربة ح�سنة الهواء .عامر ًة
بالخيرات.
ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭰﭱﭲ
ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ
ﮁﮂ ﮃ
ف�أعر�ضوا عن �أمر اهلل و�شكره وكذبوا ال ُّر�سل و�أكثروا المعا�صي وان�صرفوا
�إلى الملذات ،ف�أر�سل اهلل تعالى عليهم ال�سيل الجارف ال�شديد الذي خ َّرب ال�سد
و�أغرق الب�ساتين ،وب َّدلناهم بجنتيهم المثمرتين جنتين ذوات َْي �أكل خمط وهو
الثمر الم ّر الكريه الطعم ،و�أ ْثل وهو �شجر ال ثمر له ،وقليل من �شجر ال َّن ْبق
كثير ال�شوك .ذلك التبديل من خير �إلى �ش ّر ب�سبب كفرهم ،وعدم �شكرهم ِن َع َم
الجحود المبالغ في الكفر ،يجازى اهلل ،وما نعاقب بهذا العقاب ال�شديد � اّإل َ
بفعله مثال بمثل.
ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ
ﮑﮒﮓﮔﮕ
لقد كانت بين �أهل �سب�أ وهم "باليمن" -وموا�ضع التجارة قرى ظاهرة قوية
ال�سلطان مت�صلة ُيرى بع�ضها من بع�ض ،ي�سيرون فيه �آمنين للتجارة وجعلنا
ال�سير فيها �سير ًا ال م�شقة فيه ،وقلنا لهم� :سيروا في تلك القرى في � ِّأي وقت
�شئتم من ليل �أو نهار� ،آمنين ال تخافون عد ًّوا ،وال جوع ًا وال عط�ش ًا.
81
ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮟﮠﮡ
ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ
ولكنهم لم يقنعوا بهذه التجارة القريبة المنال فبطروا معي�شتهم وطلبوا
التجارة البعيدة فبطغيانهم م ُّلوا الراحة والأمن ورغد العي�ش ،وقالوا :ربنا
اجعل قُرانا متباعدة؛ ليبعد �سفرنا بينها ،فال نجد قرى عامرة في طريقنا،
فظلموا �أنف�سهم وتفرقوا في البالد البعيدة وتمزق ُملكهم بانهيار �سد م�أرب
و�صاروا �أحاديث للنا�س� ،إن فيما ح َّل "ب�سب�أ" َلعبرة لكل �ص َّبار على المكاره
وال�شدائد� ،شكور لنعم اهلل تعالى.
ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯔﯕ ﯖ
ولقد ظن �إبلي�س ظنًا غير يقين �أنه �سي�ضل بني �آدم و�أنهم �سيطيعونه في مع�صية
اهلل ،فلقد ا�ست�سلم �أولئك القوم لغواية ال�شيطان ف�ص َّدق ظنه عليهم ،ف�أطاعوه
وع�صوا ربهم ،با�ستثناء فريق من الم�ؤمنين باهلل لم يكن با�ستطاعة ال�شيطان �أن
يغويهم ،ف�إنهم ثبتوا على طاعة اهلل.
ﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ
ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ
وما كان لإبلي�س على ه�ؤالء الكفار مِ ن �سلطان يجبرهم على الكفـر ،ولكن حكمة
اهلل اقت�ضت ت�سويله لبني �آدم :ليظهر ما علمه اهلل تعالى �سبحانه في الأزل؛
وليميز َمن ي�ص ِّدق بالبعث والثواب والعقاب ممن هو في �شك من ذلك .وربك
على ك ّل �شيء حفيظ اليغيب والي�ضيع عنه �شيء ،يحفظه ويجازي عليه فجعل
اهلل جزاء العمل ال على مايعلمه م�سبقا.
ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ
ﯼﯽﯾ ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ
قل �-أيها الر�سول -للم�شركين :ادعوا الذين زعمتموهم �شركاء هلل فعبدتموهم
من دونه من الأ�صنام والمالئكة والب�شر ،واق�صدوهم في حوائجكم ،ف�إنهم
لن يجيبوكم ،فهم ال يملكون وزن نملة �صغيرة في ال�سموات وال في الأر�ض،
ولي�س لهم ِ�ش ْركة فيهما ،ولي�س هلل من ه�ؤالء الم�شركين معين على خلق �شيء،
بل اهلل � -سبحانه وتعالى -هو المتف ّرد بالإيجاد ،فهو الذي ُي ْع َب ُد وحده ،وال
ي�ستحق العبادة �أحد �سواه.
82
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ
ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ
وال تنفع �شفاعة ال�شافع عند اهلل تعالى � اّإل لمن �أذن له .ومن عظمته وجالله ع َّز
وجل �أنه �إذا تك ّلم �سبحانه بالوحي ف�سمع �أهل ال�سماوات كالمه �أُرعدوا من
الهيبة ،كالمغ�شي عليهم ،ف�إذا زال الفزع عن قلوبهم �س�أل بع�ضهم ً
بع�ضا :ماذا
قال ربكم؟ قالت المالئكة :قال الحق ،وهو الإذن بال�شفاعة ل َم ْن ي�ستحقها واهلل
العلي بذاته ،الكبير على كل �شيء.
تعالى هو ُّ
اهم ماتر�شد اليه الآيات
-1وجوب حمد اهلل تعالى و�شكره بالقلب والل�سان والجوارح .
-2ال يحمد في الدنيا والآخرة � اّإل اهلل �سبحانه وتعالى.
-3بيان علم اهلل تعالى بك ّل �شيء الظواهر والبواطن في كل خلقه.
-4وجوب توحيد اهلل تعالى.
ّ � -5إن اهلل تعالى هو عالم الغيب وفي ذلك �إبطال دعوى الم�شعوذين وال�سحرة،
ومن يدعي العلم بالغيب عن طريق الجن.
-6بيان ما كان الم�شركون عليه من ا�ستهزاء وتكذيب و�سخرية بالنبي (�ص).
-7لفت الأنظار �إلى قدرة اهلل تعالى المحيطة بالإن�سان فهو قادر على �أن يغ ّير
َ
فليخ�ش اهلل تعالى ويرهبه في�ؤمن به ويعبده ويوحده. حاله من حال �إلى حال
-8بيان �إكرام اهلل تعالى لآل داود وما وهب داود و�سليمان (ع) من الآيات.
� -9ضرورة �صنع ال�سالح و�آالت الحرب لغر�ض الجهاد في �سبيل اهلل والتهي�ؤ
لمواجهة الأعداء.
-10وجوب اتقان العمل .
-11وجوب ال�شكر على النعم ،و�أهم ما يكون به ال�شكر ال�صالة والإكثار منها.
-12التحذير من الإعرا�ض عن دين اهلل ف�إنه متى ح�صل لأمة ،نزلت بها ال ِنقَم
و�سلبها اهلل النعم.
83
-13التحذير من كفر النعم بالإ�سراف فيها و�صرفها في غير مر�ضاة اهلل عز
وجل.
-14ف�ضيلة ال�صبر وال�شكر وعلو �ش�أن ال�صبور ال�شكور.
-15التحذير من االغترار بالدنيا �أي من طول العمر و�سعة الرزق و �سالمة البدن.
-16التحذير من ال�شيطان ووجوب االعتراف بعداوته ،ومعاملته معاملة العدو
فال يقبل كالمه وال ي�ستجاب لندائه وال يخدع بتزيينه للقبيح وال�شر.
-17بيان جزاء �أولياء الرحمن �أعداء ال�شيطان ،وجزاء �أعداء الرحمن �أولياء
ال�شيطان.
-18التحذير من اتباع الهوى واال�ستجابة لل�شيطان ف�إن ذلك ي�ؤدي بالعبد
�إلى �أن ي�صبح وهو يرى الأعمال القبيحة ح�سنة ويومها يحرم هداية اهلل فال
يهتدي �أبد ًا وهذا ينتج عن �إدمان المعا�صي والذنوب.
-19تقرير البعث والجزاء و�أن كل �شيء مث ّبت في كتاب وهو اللوح المحفوظ.
ّ � -20إن ال�شفاعة هلل تعالى وللنبيين ولمن ارت�ضاهم اهلل .
المناق�شة
ظن ابلي�س على جميع النا�س؟ وما ظنه ؟ -1هل ي�صدق ّ
-2ماعاقبة البطر ؟ ا�ست�شهد بق�صة من ال�سورة.
-3ما الذي �سخّ ره اهلل تعالى لداود و�سليمان ؟
-4ما الذي د ّل على موت نبي اهلل �سليمان (ع) ؟ وعالم يد ّل ذلك ؟
-5عدد �أهم ماير�شد �إليه الن�ص .
-6من الم�ستحق للحمد في الدنيا والآخرة ؟
الن�ص الدال على وجوب �إتقان العمل؟
-7ما ّ
84
الدر�س الثاين :من احلديث النبوي ال�رشيف
طرق النجاة
(لل�شرح)
معاني الكلمات
معناها الكلمة
�أزال وف َّرج. نفَّ�س
هو المعترف باهلل �سبحانه ومالئكته وكتبه ور�سله واليوم
الآخر والقدر خيره و�ش ّره �إعتراف ًا حقيقي ًا الي�شوبه ّ
�شك �أو الم�ؤمن
يعتريه فتور .
الكربة :ال�شدة والغم والحزن. ُكربة
�سهل وخفف. ي�سر
َّ
الع�سر ال�ضيق وال�ش َّدة وال�صعوبة وهو �ض َّد الي�سر. مع�سر
غطى و�أخفى العيب. �ستر
م�ساعدة ون�صرة. عون
85
�سار في طريق. �سلك طريق ًا
يطلب ويريد. يلتم�س
الطم�أنينة والهدوء وزوال الرعب. ال�سكينة
�أحاطت بهم ودارت حولهم. حفتهم
�شملتهم وعمتهم. غ�شيتهم
من �أخَّ ره عمله ال�سيىء لم ينفعه في الآخرة �شرف الن�سب. �أبط أ� به عمله
ا�شتراك من جهة الأبوين �أو القرابة. الن�سب
�شرح الحديث ال�شريف
يعامل اهلل �سبحانه النا�س على قدر ما يعاملون هم غيرهم ف� ْإن رفق الم�ؤمن ب�أخيه
رفق اهلل به .قال ر�سول اهلل (�ص)( :من اليرحم النا�س ال يرحمه اهلل) فالذي �ضاقت
عليه الحياة وطغت عليه الأزمات يحتاج الى �أية م�ساعدة من �أخوانه الم�ؤمنين تعينه
وتف ّرج �ضيقه وتذهب كربته وتخفّف عنه �أزمته .وفي مثل هذه الأمور يظهر دور الم�سلم
ال�صادق في �إيمانه في�سارع �إلى تخفيف �ألم �أخيه وحرجه ..بالمال ..وبالكلمة الطيبة
والرعاية الأخوية له ولأبنائه و�أ�سرته .ف�إذا ما عمل الم�ؤمن ذلك خفّف اهلل عنه ُكرب يوم
القيامة و�أهوالها و�شدائدها.
وقد ي�ضطر الم�سلم �إلى االقترا�ض (اال�ستدانة) من �أخيه الم�سلم ،وقد يعجز
المقتر�ض عن �إيفاء الدين في وقته في�ؤخره ب�سبب �ضيق حاله .فكم هو رائع �أن يتنازل
الدائن لأخيه المدين عن بع�ض الدين �أو ك ّله �أو يمهله� ،أو في الأقل يفرقه (يق�سطه)
عليه تفريج ًا �أو تخفيف ًا عن �أخيه الم�سلم فاهلل عز وجل يي�سر عليه في الدنيا والآخرة قال
(�ص)( :من �أنظر مع�سر ًا �أو و�ضع عنه �أظ ّله اهلل في ظ ّله يوم ال ظ ّل � اّإل ظ ّله) والإن�سان
غير مع�صوم من الخط�أ ،ف�إذا ز َّل فيجب على الم�سلم �ستر �أخيه الم�سلم ..بل يجب التطوع
لإر�شاده فقد يكون في ذلك فر�صة له للعودة �إلى ال�صواب والر�شاد فاهلل �سبحانه وتعالى
ال يريد �أن ت�شيع الفاح�شة بين الم�ؤمنين قال تعالى:
ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ
(النور.)19/ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﭼ
86
(هذا �إذا كان الإن�سان �صاحب الز ّلة من �أهل الحياء) �أما �إذا كان فاح�ش ًا متعمد
المع�صية مجاهر ًا بفعلته فال يجوز �ستره وال �س ّيما لتحذير الم�ؤمنين من �ش ّره .وجزاء
من �ستر الم�سلم �أن اهلل ي�ستر عيوبه في الدنيا والآخرة ،قال (�ص)( :ال ي�ستر عبد عبد ًا
في الدنيا � اّإل �ستره اهلل يوم القيامة) يهيئ له الظرف الذي يمنع النا�س من الإطالع على
ما يجب � اّأل يعلمه عنه �أحد .وفي يوم القيامة يغفر له ذنوبه ويتجاوزها في�ستر بذلك
عليه .وهكذا ما دام الإن�سان ممتلئ القلب بالود طاهر النف�س ،عامر ال�شعور بالخير ُمعين ًا
للنا�س قدر ما ي�ستطيع ف� ّإن اهلل يعينه على ق�ضاء حوائجه ورغباته ال�شريفة.
ولما كان العلم هو العامل الأ�سا�سي في تعرف الخير ومحاولة التمر�س به ..وهو
ويو�ضح �شريعة اهلل له .وبالعلم
الذي ُيهذب العقول والنفو�س ويرفع مكانة العبد عند اهلل ّ
ترتقي الأمم وت�سعد الأوطان وترتقي ال�شعوب ذرى المجد ،ومن دونه يكون التخبط
وال�ضالل ..لهذا كله :ق ّدر الم�سلمون العلم حقَّ قدره ف�أقبلوا عليه ب�شغف وحما�س،
والقر�آن الكريم يح ُّثهم على ذلك ويطلب المزيد ..قال تعالى :ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﭼ (الزمر)9 :
وفي الأثر( :اطلب العل َم من المه ِد �إلى ال ّلحدِ) .فالإ�سالم �إذن� ،أراد العلم و�شجع عليه،
(طلب العل ِم فري�ض ٌة على ك ِّل م�سل ٍم).
بل فر�ض على الم�سلمين طلب العلم ،قال (�ص)ُ :
وكانت م�ساجد الم�سلمين تغ�ص بطالب العلم ..يعكفون على كتاب اهلل و�سنّة نبيه.
بالدر�س والتتبع حتى نبغ منهم رجال �أغنوا هذه الأمة والح�ضارة الإن�سانية بفي�ض غزير
من علوم ال�شريعة والفقه والهند�سة والكيمياء والريا�ضيات والطب والتاريخ والفلك
وغيرها ،وال �شك في �أَن العلم الذي يحثّ الإ�سالم على طلبه هو العلم النافع الديني والدنيوي
الذي يغر�س الإيمان في القلوب ويهدي لل�صالح ويحقق النفع للنا�س .و�أولها كتاب اهلل
م�صدر ك ّل العلوم ومجمعها .ولذا فالذين يتدار�سون كتاب اهلل ويتفقهون في ن�صو�صه
و�أحكامه وعدهم اهلل بتكريم وتعظيم ال تطيق العقول ت�صوره .فتنزل ال�سكينة في قلوبهم.
فتم أل جوانحهم بال�سعادة وتزيل القلق والتعب الروحي منهم فالرحمة الإلهية تغ�شاهم.
وتغ�س ُل �آثامهم وتمحو ذنوبهم ،وقد �أثبت القر�آن الكريم ح�ضور المالئكة لال�ستماع في
مجل�س القر�آن فالمالئكة يحيطون بهم ويفعمون ج ّوهم نور ًا و�أن�س ًا .واهلل �سبحانه يباهي
به�ؤالء الم�ؤمنين مالئكته ويذكرهم بالخير والثناء؛ لأَنهم عرفوا طريقهم و�سيطروا على
87
�أهوائهم فما �أطيب مجال�سهم ،مجل�س العلم ،مجل�س كتاب اهلل الكريم.
الإيمان والعمل ال�صالح ،هما طريق النجاة وهما �سبيل العبور �إلى الجنة والخال�ص
من النار .قال رجل لر�سول اهلل (�ص) :قل لي في الإ�سالم قو ًال ال �أ�سال عنه �أحد ًا غيرك
قال( :قل �آمنت باهلل ،ثم ا�ستقم) فالعبرة في تقويم الإ�سالم بالإيمان والعمل ال بالأمل
فمن اليعمل ال�صالحات التي �أمر اهلل بها والتي ت�ؤدي �إلى �إ�صالح نف�سه ،ونفع النا�س .فال
يغني عنه في الآخرة ن�سبه واليغني عنه �أي�ض ًا ا ّدعا�ؤه الإ�سالم فقط.
والذي يعتمد على ن�سبه فقط ويظن �أَنه بن�سب ِه تعلو مكانته عند اهلل -فقد �أخط�أ-
و�أ�ضاع عمره بما الينفع و�صدق اهلل العظيم �إذ يقول:
ﭽﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﭼ (الم�ؤمنون.)102-101/
وبهذا فال تفاخر بالجن�سيات وال بالع�صبيات وال تمايز بالألوان.و�إنما التفا�ضل
بالتقوى والعمل ال�صالح.
88
�أهم ما ير�شد �إليه الحديث ال�شريف
�أ -يجب على الم�سلمين كافة التعاون على الخير وتفريج بع�ضهم كرب بع�ض
وتي�سير �أمورهم المعا�شية فيما بينهم ،و�ستر عوراتهم ،وق�ضاء حوائجهم
وبهذا يتقرب الم�سلم �إلى اهلل ويك�سب محبته وتوفيقه.
ب -الإ�سالم دين العلم ،نا�شد الم�سلمين وكرر المنا�شدة في طلب العلم ،لما فيه
من خير وقوة للفرد والأمة.
جـ -حثَّ الر�سول (�ص) على تالوة القر�آن الكريم ومدار�سته واال�ستفا�ضة في
علمه ..فهو م�صدر كل خير وهو الآمر بكل معروف والناهي عن كل منكر..
وفيه الهداية وفيه البركة.
د .الم�سلمون �سوا�سية ك�أ�سنان الم�شط و�إن �أكرمهم عند اهلل اتقاهم ،فبالتقوى
والعمل ال�صالح تعلو قيمة المرء عند اهلل تعالى فيرفع منزلته عنده ،فالتقوى
والعمل ال�صالح ميزان التفا�ضل عند اهلل تعالى ..وهذا الميزان هو الذي
تنهار �أمامه االعتبارات الأخرى من ن�سب �أو مال كثير� ،أو لون �أو غير ذلك.
المناق�شة
� .1إن الإن�سان غير مع�صوم من الخط�أ ،فما واجب الم�سلم تجاه �أخيه �إذا ز َّل
�أو �أخط�أ؟
.2بالعلم ترتقي الأمم ذرى المجد وت�سعد الأوطان .ب ّين موقف الإ�سالم من
العلم؟
.3التقوى والعمل ال�صالح �أ�سا�س التفا�ضل� ،أين تجد هذا المعنى في الحديث
النبوي ال�شريف؟
89
الدر�س الثالث :من ق�ص�ص القر�آن
نبي اهلل �إدري�س (ع)
ُّ
قال تعالى :ب�سم اهلل الرحمن الرحيم
ﭽ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﭼ
(مريم)٥٧ - ٥٦ :
ﭽ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
(الأنبياء)٨٦ - ٨٥ : ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﭼ
�س ّمي نبي اهلل �إدري�س(ع) لكثرة درا�سته .وقد كان خياط ًا ويقال �إنه �أ ّول من خاط
الثياب ولب�سها� .إذ كانت النا�س قبله تلب�س الجلود.
�أخذ يدعو النا�س ويعظهم وينور قلوبهم من خالل ما اهتدى �إليه من معرفة اهلل .حتى
جعله اهلل �سبحانه نبي ًا فظ ّل يعبده ويدعو �إلى عبادته.
كان في بدء نبوة �إدري�س (ع) ملك جبار ظالم وكان يتنزه فم ّر بب�ستان و�أعجب ُه ما في
الب�ستان من �أ�شجار وثمار ونباتات وكان هذا الب�ستان لرجل من الم�ؤمنين .فطمع الملك
الظالم بذلك الب�ستان وطلب الى �صاحبه �أن يعطيه �إياه فقال الم�ؤمن � َّإن (عيالي �أحوج
اليه منك) غ�ضب الملك كثير ًا وح ّدث امر�أته بذلك وكانت قا�سية القلب وقالت له �س�أعطيك
حجة لتقتل الرجل ف�أر�سلت جماعة من �أ�صحابها الكافرين و�أمرتهم ب�أن ي�شهدوا على
الم�ؤمن �أمام الملك ب�أنه على غير دين الملك ف�شهدوا على ذلك فقتله الملك و�سلب �أر�ضه.
كان اهلل يرى وي�سمع فغ�ضب للم�ؤمن و�أوحى اهلل تعالى الى �إدري�س (ع) �أن �أحمل
ر�سالتي �إذا ر�أيت عبدي الجبار وقل له� :أما ر�ضيت ب�أن قتلت عبدي الم�ؤمن حتى �أخذت
وعذبت عياله من بعده �أما وعزتي وجاللي لأنتقمن له منك في الآجل ولأ �سلبنَّك َ �أر�ضه
ملكك في العاجل.
حمل �إدري�س (ع) ر�سالة اهلل �إلى الملك الظالم فغ�ضب وه َّدد �إدري�س (ع) بالقتل
التخ�ش من ر�سالة �إدري�س ف�سوف �أر�سل من يقتله لتبطل َ فقالت زوجة الملك المجرمة:
تلك الر�سالة حينها خرج �إدري�س (ع) من القرية مع جماعة من �أ�صحابه وعند ال�سحر
ناجى ربه �سبحانه ودعاه وا�ستجاب اهلل دعاءه ووعده ب�أن ينتقم من الملك وزوجته.
90
ونتعلم من هذه الق�صة در�س ًا �أن اهلل الين�سى ك ّل ظالم م�ستب ّد يتك ّبر على عباد اهلل
فيكون م�صيره العقاب ال�شديد.
-1يحثّ اهلل �سبحانه وتعالى على �أهم خ�صلة يجب �أن يتح ّلى بها الإن�سان
ويلتزمها وهي العمل ،حتى لو كان �شاق ًا وي�أمر اهلل الجميع �أن ي�ؤدوا �أعمالهم
إخال�ص ففيه عزتهم وارتفاع مكانتهم ويغنيهم عن الحاجة �إلى النا�س ب�أمانة و� ٍ
و�س�ؤالهم.
نبي اهلل �إدري�س (ع) كان يعمل -2جميع الأنبياء (ع) كانوا �أ�صحاب عمل وهاهو ّ
خياط ًا.
-3يجب على الإن�سان �أال يطمع ب�شيء اليملكه وال يغت�صب �أموال الآخرين بالقوة
والجبروت ،في�ؤدي ذلك �إلى القتل والجريمة وفي النهاية يكون م�صيره �إلى
النار.
� -4أن يعلم الإن�سان �أن اهلل �سبحانه وتعالى رقيب يعلم ما ن�س ُّر وما نعلن من �أعمال،
فيجب ان َنز َِن �أعمالنا و�أقوالنا وجعلها في مر�ضاة اهلل �سبحانه وتعالى.
وحب التملكمنالآفاتالتيت�ؤديب�صاحبها �إلىالعقوبةالإلهية. -5الطمعوالج�شع ّ
المناق�شة
-1لماذا �سمي �إدري�س بهذا اال�سم؟ وما كانت مهنته؟
-2لماذا طلب الملك الى �صاحب الب�ستان �أن يعطيه �إياه؟ وماكان ر ّد الرجل
الم�ؤمن؟
َ -3م ْن الذي طلب الى الملك اغت�صاب الب�ستان؟
-4لماذا عاقب اهلل �سبحانه الملك على فعلتهِ؟
91
الدر�س الرابع :حقوق الإن�سان يف الإ�سالم
ثانياًُّ :
حق الحرية
يولد الإن�سان حر ًا بفطرته والحرية حقٌّ مالزم له لي�س لأحد �أن يعتدي عليه �أو �أن
ينتق�ص منه � اّإل بحقه على � اّأل تتجاوز على حقوق الآخرين فمتى تجاوزت على حقوق
غيرك انتهت الحرية ال�شخ�صية ،وقال عمر بن الخطاب (ر�ض)( :متى ا�ستعبدتم النا�س،
وقد ولدتهم �أمهاتهم �أحرار ًا) ولهذا الحق تطبيقات كثيرة منها:
-1حرية العقيدة
� ّإن اهلل تعالى ارت�ضى لعبادة اال�سالم.
قال تعالـى :ﭽ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭼ (ال عمران)19 /
وقال تعالى :ﭽﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﭻﭼ (ال عمران)85/
يرت�ض اهلل �سبحانه وتعالى �أن يكون الإ�سالم مبني ًا على الإكراه �إذ يقول:
ولم ِ
ﭽ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﭼ ( البقرة)256 /
ولم يرت�ض لعباده �أن يكون �إيمانهم مبنيا على تقليد الآباء والأجداد:
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ
ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭼ (البقرة )170 /
وقال تعالى:
ﭽ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ
ﰆ ﰇ ﰈ ﰉﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐﭼ (ال�شورى)15 /
93
ولم ي�شتبك الم�سلمون في القتال مع الكفار � اّإل بعد �أن و�صل ه�ؤالء ح ّد ًا �أ�صبح ينذر
الم�سلمين بالخطر في عقيدتهم ووجودهم وحين وقف قادة الكفر لي�صدوا هذا الدين
الجديد ولم ي�شتبكوا في القتال مع �أهل الكتاب � اّإل بعد خيانتهم وغدرهم ،بل لقد �أمرنا
اهلل ب� اَّأل نجادلهم � اّإل بالتي هي �أح�سن ،قال تعالى :ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙﭼ ( العنكبوت)46/
و�أمرنا �أن نعد َل مع النا�س جميع ًا حتى مع الأعداء و�إن كانوا كفار ًا قال اهلل:
ﭽ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ
ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﭼ (المائدة )8/
و�أمرنا ب�ضمان حرية اعتقاد النا�س في ظل اال�سالم قال اهلل تعالى:
ﭽ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ ( الكافرون )6/
-2حرية الر�أي:
ويق�صد بها ان للإن�سان الحقّ في �أن ُيح ّكم عقله في مايعر�ض له من الم�سائل المختلفة
�سواء �أكانت علمية �أم اجتماعية فال ينقاد �إال لما ي�ؤيده الدليل ال�صحيح والبرهان الوا�ضح
وهي نتيجة من نتائج حرية العقيدة ما لم يكن المرء حر الفكر .ولحرية الر�أي
تطبيقات عديدة في مجاالت متنوعة �سواء �أكانت في �ش�ؤون االن�سان الخا�صة �أم في
ال�ش�ؤون العامة ك�إبداء الم�شورة تطبيق ًا لأمر اهلل تعالى :ﭽ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ (ال
عمران )159/و�إبداء الر�أي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال النبي (�ص):
(من ر�أى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم ي�ستطع فبل�سانه ،فان لم ي�ستطع فبقلبه ،وذلك
�أ�ضعف الإيمان) وكذلك �إ�سداء الن�صيحة قال (�ص) (الدين الن�صيحة).
ومن التطبيقات الأخرى لحرية الر�أي انتخاب القادة والحكام و�أمثالها ك�أع�ضاء
المجال�س النيابية واختيارهم ،فللمكلف ان ي�شترك في ذلك و�أن يراقب �أعمالهم وير�شدهم
الى الطريق الأقوم.
اتق اهلل يا �أمير
روي انه كان بين عمر (ر�ض) ورجل كالم في �شيء فقال له الرجلِ :
اتق اهلل ؟ فقال عمر (ر�ض)الم�ؤمنين ..فقال بع�ض الحا�ضرين� :أتقول لأمير الم�ؤمنين ِ
دعوه فليقلها لي ِن ْع َم ما قال ،الخير فيكم �إن لم تقولوها وال خير فينا �إن لم ن�سمعها.
94
-3حرية العمل والت�صرف:
ويق�صد بها ان لكل مواطن الحق في �أن يختار العمل المنا�سب له مادام ذلك العمل
غير محظور �أو م�ؤ ٍّد �إلى المع�صية فله �أن يبيع �أو ي�شتري �أو يت�صرف في الأموال �أو
يزاول حرفة �أو يتعلم علم ًا �أو يتمتع بالطيبات والمتع المباحة ولي�س لأحد �أن يحول بينه
وبين ممار�سة هذا الحق �إال عند تجاوزه الحدود الم�شروعة في ذلك العمل والت�صرف،
فيبيع وي�شتري مث ًال دون ربا �أو غ�ش �أو احتيال �أو احتكار ويتزوج زواج ًا م�شروع ًا ممن
ي�شاء �إذا توافرت ال�شروط وانتفت الموانع ..وهكذا.
والعمل �أمر مهم ال ت�ستقيم حياة االن�سان من دونه بل ان اال�سالم قد فر�ض العمل
على النا�س لأنه و�سيلة للبقاء فال حياة دون العمل قال تعالى:
ﭽ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ (التوبه)105 /
الرزق بعمل اليد كل ذلك مما جاءت به
الحرف واكت�ساب ِ ِ وبين � َّأن العمل واحتراف
ال�شريعة الإ�سالمية وانه من �شيم الأنبياء والمر�سلين �سواء �أكان هذا العمل زراعة �أم
تجارة �أم حرفة �أم وظيفة.
نبي اهلل داود
قال (�ص)( :ما �أكل �أحد طعاما قط خيرا من �أن ي�أكل من عمل يده ،و�إن ّ
(طلب الحالل واجب على ك ّل م�سلم) ،وكذلك في كان ي�أكل من عمل يده) .وفي الأثر ُ
المحترف) .والعم ُل المطلوب في الإ�سالم هو العمل ال�صحيح
َ ؤمن
حب الم� َ
الأثر (� َّإن اهلل ُي ُ
الخالي من المع�صية والذنوب و� اّإل فهو حرام كالغ�صب والقمار وال�سرقة واالحتكار
واال�ستغالل والعدوان والغ�ش.
-4حرية ال�سكن:
يتمتع الفرد في ظ ّل الت�شريع اال�سالمي بحرية ال�سكن �إذ جعل لم�سكن الفرد حرمة
عند الآخرين محفوظة فال يدخل �أحد في م�سكن �أحد � اّإل ب�إذنه ور�ضاه.
قال تعالى:
ﭽﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ
ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﱁ ﱂﱃ ﱄ ﱅ ﱆ
ﱇ ﱈ ﱉ ﱊﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐﱑ ﱒ ﱓ
ﱔﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱠ (النور )28-27 /
وقال الر�سول الكريم (�ص)( :اال�ستئذان ثالث ًا ف�أن �أُذن لك و� اّإل فارجع).
95
ثالثاً :حق الم�ساواة
ويق�صد به ان النا�س �سوا�سية في الحقوق والتكاليف العامة تمحى بينهم الفوارق
فال يمتاز بع�ضهم من بع�ض بغنى �أو جاه �أو �سلطان او ن�سب ،فهم �أخوة و�إنما يح�صل
التفا�ضل بينهم بالتقوى والعمل ال�صالح
قال تعالى:
ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ
ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ (الحجرات)13 /
وقال النبي (�ص)( :الم�سلمون تتكاف�أُ دما�ؤهم) .وقال (كلكم لآدم و�آدم من تراب)
وفي الأثر( :النا�س �سوا�سي ٌة ك�أ�سنان الم�شط).
وقال لأ�سامة بن زيد حين جاء ي�شفع في امر�أة وجب عليها ح ُّد ال�سرقة�( :أت�شف ُع
في ح ّد من حدود اهلل ؟ � ّإن بني �إ�سرائيل كانوا �إذا �سرق فيهم ال�شريف تركوه واذا �سرق
فيهم ال�ضعيف �أقاموا عليه الح ّد -واهلل لو � ّأن فاطمة بنت محمد �سرقت لقطعت يدها)
وحا�شاها (ع) �إنما �أراده ر�سول اهلل (�ص) مث ًال لبيان �أهمية العدل والم�ساواة مهما عظم
�شرف من عليه الحق .فالنا�س في ظ ّل الت�شريع الإ�سالمي مت�ساوون �أمام الق�ضاء وفي
فر�ص العمل وفي التكاليف العامة والواجبات.
رابعاً :حق التعليم والتربية
ويق�صد به ان للفرد الحق في ان يتعلم من العمل مايفيده في الدنيا والآخرة.
فقد كفل الإ�سالم للمواطنين حقّ التعليم والتربية ال�صالحة فجعلها حقّ الأوالد على
�آبائهم ،ثم جعل طلب العلم فري�ضة على ك ّل م�سلم وم�سلمة .قال تعالى :ﭽ ﯳ ﯴ
ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﭼ (الزمر )9/
وقال (�ص) (طلب العلم فري�ضة على ك ّل م�سلم )
خام�ساً :حق التملك
ويق�صد به ان للفرد حق تملك الأموال على �سبيل اال�ستخالف فيها عن اهلل تعالى مادام
ذلك حا�صال في طريق م�شروع كالتجارة والزراعة وال�صناعة والعمل واالرث وغير ذلك.
96
فقد عب ّرت الآيات القر�آنية الكريمة في كثير من الموا�ضع عن �إ�ضافة الأموال
�إلى النا�س .قال تعالى :ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ
(المعارج) (.)25-24
وجعل لتلك الملكية حرمة فال يجوز لأح ٍد �أن يحرم �آخر من ماله ب�إتالف �أو غ�صب �أو
عدوان.
قال تعالى :ﭽﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﭼ (البقرة)188/
وقال (�ص)ّ �( :إن دماءكم و�أموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في �شهركم هذا
نف�س من ُه). في بلدكم هذا) وقال (�ص)( :اليح ُّل مال امرىء م�سلم � اّإل ِ
بطيب ٍ
97
المناق�شة
-1ك ّرم اهلل تعالى االن�سان ،ا�ست�شهد ب�آية على ذلك.
-2قتل النف�س �إثم عظيم تحدث عن ذلك م�ست�شهد ًا بالآيات القر�آنية الكريمة
والأحاديث النبوية ال�شريفة التي تحرمه.
-3ما موقف الإ�سالم من �أهل الذمة الذين ال يقاتلون الم�سلمين؟
-4الحرية حقٌّ من حقوق الإن�سان ،فهل لها �ضوابط؟ ومتى تنتهي الحرية
ال�شخ�صية؟
-5ا�ست�شهد ب�آيات القر�آن الكريم على حرية العقيدة.
-6ظفر غير الم�سلمين كما ظفر الم�سلمون بحق الأمن والكرامة ،تحدث عن
ذلك.
98
احليــــاء الدر�س اخلام�س:
الحياء هو الخلق الذي يجعل الإن�سان يترك القبيح من الأفعال والأقوال ،ويمنعه من
التق�صير في حقِّ اهلل المتف�ضل المنعم �سبحانه ،ويمنع من التق�صير في حقِّ كل �صاحب
حقّ َ .قا َل َر ُ�سو ُل ا ِهلل (�ص) :
( ِإ� َّن َر َّب ُك ْم َع َّز َو َج َّل َح ِي ٌّي َكرِي ٌمَ ،ي ْ�ستَحِ ي ِم ْن َع ْبـ ِد ِه ِإ� َذا َر َف َع َي َد ْي ـ ِه �ِإ َل ْي ِه أَ� ْن َي ُر َّد ُه َمـا
ِ�ص ْف ًرا) .الحياء من �صفات اهلل العظيم الجليل ،فكيف بالمخلوق ال�ضعيف كيف له �أن
يتمادى و�أال يتحلى بالحياء مع هوانه و�ضعفه.
ف�إذا ا�ستحيا الإن�سان من اهلل ومن خلق اهلل ومن الم�ؤمنين ،ف�إنه لن يرتكب عم ًال
محظور ًا �أبد ًا.
ونتيجة لذلك �سيكون الأمن في قلبه ،وذلك نتيجة لخوفه من اهلل تبارك وتعالى،
و�سيكون الأمن في المجتمع ،لأن كل �إن�سان ي�ستحيي من �أن يع�صي اهلل تبارك وتعالى،
و�أن يراه اهلل تبارك وتعالى على مع�صية وهو خالٍ وحده ،فكيف يفعلها جهار ًا �أمام النا�س،
فال يع�صي اهلل جهر ًة �إال من �سلخ ربقة الحياء وثوبه منه.
� ّإن �أ�صحاب الفطرة ال�سليمة يت�صفون بالحياء ,ويتحرجون من فعل ماال ينبغي فعله
نقيحي ال�ضمير ،طاهر النف�سُّ , فيك�سوهم الخجل والعفة ,ومن كان هذا �سلوكه فهو ُّ
المعدن.
فالحياء هنا �أ�شبه بحاجز يعتر�ض دربك الخاطىء حينما ته ّم النف�س الأمارة بال�سوء
بالم�شي في �أوحال كل ما هو قبيح وذميم ومرفو�ض وبذيء.
فالحياء خلق عظيم جاء به ال�شرع ،وهو من الأخالق الرفيعة التي �أمر بها الإ�سالم،
و�أقرها ،ورغَّب فيها .لذلك قال عليه ال�صالة وال�سالمَّ �( :إن ِل ُك ِّل دِينٍ خُ لُ ًقا َوخُ لُقُ الْ إِ ْ�سلاَ ِم
ا ْل َح َيا ُء) .وات�صف به النبي (�ص) المو�صوف بمكارم الأخالق ,كما قال عز وجل
ﭽﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ (القلم( )4:وقد �أمرنا اهلل تعالى باتباع �سيرته المطهرة
قال اهلل تعالى) ﭽ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﭼ (الأحزاب )٢١ :فلنا في الر�سول
(�ص)�أ�سوة ح�سنة ,فقد قال �أبو �سعيد الخدري ر�ضي اهلل عنهَ ( :ك َان ال َّن ِب ُّي (�ص)� :أَ�شَ ّد
َح َيا ًء م َِن ا ْل َع ْذ َرا ِء فِي خِ ْد ِر َهاَ ,ف ِ�إ َذا َر َ أ�ى �شَ ْي ًئا َي ْك َر ُه ُه َع َر ْفنَا ُه فِي َو ْج ِههِ).
والحياء قرين الإيمان� ،إذ قال ر�سول اهلل (�ص)( :ا ْل َح َيا ُء َو ِالْ إي َم ُان ُق ِرنَا َجمِي ًعا َ ,ف ِ إ� َذا
99
ُر ِف َع أَ� َح ُد ُه َما ُر ِف َع الْ آخَ ُر) .وال�س ّر في كون الحياء من الإيمانَّ � :أن ك ًال منهما يدعو �إلى
الخير وي�صرف عن ال�ش ِّر ،فالإيمان يبعث الم�ؤمن على فعل الطاعات وترك المعا�صي
الرب والتق�صير في �شكره. والمنكرات .والحياء يمنع �صاحبه من التهاون في حقِّ ِّ
ويمنع �صاحبه كذلك من فعل القبيح �أو قوله اتقاء الذم والمالمة.
والى ال�ضد من الحياء البذاءة والوقاحة والفح�ش فالحياء خلق رفيع يمنع الإن�سان
عن االت�صاف بالأخالق الو�ضيعة ,وعن ال�سمعة ال�شائنة ,وعن الأقوال الفاح�شة ,وعن كل
معا�ص �أو �آثام �أو �سوء
ما ال ير�ضاه الطبع ال�سوي .ف� َّإن المرء �إذا فقده فعل ما �شاء من ٍ
يخ�ش في ذلك لوم الئم. خلق ,ولم َ
والحياء ينق�سم بح�سب جهته ِعلى:
الحياء من اهلل:
وهو �أعظم الحياء ,ويكون ب�أال يقابل العبد �إح�سان اهلل ونعمته بالإ�ساءة والكفر
والجحود والطغيان ،و�أال يت�ضجر عند البالء فين�سى نِعم اهلل و �إح�سانه ورحمته به ،و�أن
يلتزم �أوامره �سبحانه وتعالى ونواهيه و�أن يخاف منه حقّ الخوف ،وال يتولد هذا الحياء
�إ ّال حين يطالع العبد ِن َع َم اهلل عليه ،ويتف ّكر فيها ،ويدرك تمامها و�شمولها ،ثم يراجع نف�سه
بعد ذلك ويحا�سبها على الخلل والزلل والتق�صير ،وقد قال ب�شر الحافي( :لو تفكر النا�س
في عظمة اهلل تعالى لما ع�صوه).
فيكون الحياء من اهلل :باتباع الأوامر واجتناب النواهي .قال ر�سول اهلل (�ص):
(ا�ستحيوا من اهلل حق الحياء) قالوا :يا ر�سول اهلل �إنا ن�ستحي والحمد هلل ,قال :لي�س ذلك
ولكن من ا�ستحيا من اهلل حقّ الحياء فليحفظ الر�أ�س وما وعى ,وليحفظ البطن وما حوى،
وليذكر الموت والبلى ,ومن �أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ,فمن فعل ذلك فقد ا�ستحيا من
اهلل حقّ الحياء.
والحياء الذي �أراده ر�سول اهلل وا�س ٌع �شامل فحين �أمر بالحياء قالوا (�إنا ن�ستحي
والحمد هلل)� :أجابوا بذلك؛ لأنهم ق�صدوا �أنه ترك القبيح فقط بل �أو�سع من ذلك فبين
�شروط الحياء الحقّ وهي:
�( .1أن يحفظ الر�أ�س وما وعى) �أي :ما َج َم َع من الأع�ضاء :العقل والب�صر وال�سمع
100
والل�سان .قال تعالى :ﭽﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿﭼ (الإ�سراء:
تمدن عينيك �إلى الحرام
)٣٦لذا وجب �أن تكون الجوارح ملتزمة خلق الحياء فال ّ
واليدك �إلى الحرام والت�ستمع �إلى الحرام والتفكر في فعل الحرام فذلك هو حفظ
الر�أ�س وماوعى.
( .2وليحفظ البطن وما حوى) �أي يحفظ بطنه ,ومايتبعه عن الحرام ,فيحفظ بطنه من
�أن يدخله طعام حرام� ,أو من مال حرام .فالبدن ينبت ويقوى من الطعام .واهلل تعالى
ع ّز وج ّل ال يقبل من عبده �أن يتقوى على طاعته بطعام حرا ٍم ,وال ب�شراب حرام؛ لأن
طيب ال يقبل � اّإل طيب ًا.وكل مانبت من الحرام النار �أولى به.
اهلل ٌ
( .3وليذكر الموت والبلى) � ْأن يذكر الموت دائم ًا؛ لأن الإن�سان في هذه الدنيا لي�س
بمخلدٍ ,قال تعالى :ﭽ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ (الرحمن .)26 :ومن تذكر الموت والعاقبة
ابتعد من المعا�صي.
( .4ومن �أراد الآخرة ترك زينة الدنيا) ،فمغريات الدنيا كثيرة ومن �أراد الفوز بدار
القرار ترك زينة الدنيا ونعيمها الزائل بالزهد عنها؛ لأنه ترك ماال ينفع في الآخرة .
�أمال بما عند اهلل من نعيم دائم ومقيم.
الحياء من مالئكة اهلل ور�سوله (�ص):
فمن المعلوم �أن اهلل قد جعل علينا مالئكة يتعاقبون بالليل والنهار .وهناك مالئكة
ي�صاحبون �أهل الطاعات ,كالخارج في طلب العلم ,والمجتمعين في مجال�س الذكر,وغير
ذلك.
و�أي�ض ًا هناك مالئكة ال يفارقوننا وهم الحفظة والكتبة ي�سجلون �أعمالنا ﭽﭿ ﮀ
ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﭼ (االنفطار.)١١ - ١٠ :
فعلى الم�ؤمن� ،إذن� ،أن ي�ستحيي من المالئكة الكرام ،و�أن ي�ستحيي من ر�سول اهلل
(�ص) الذي �أكمل تبليغ الدين و ُبعث ِل ُيتمم مكارم الأخالق ،فكيف تطلب �شفاعته يوم
ت�ستح منه في الدنيا ،والحياء من ر�سول اهلل (�ص ) يكون بالتزام �أوامره
القيامة و�أنت لم ِ
ت�ستح منه
واجتناب نواهيه فكيف تطلب �شفاعة ر�سول اهلل (�ص) يوم القيامة وانت لم ِ
بارتكابك مايخالف �أوامره.
101
الحياء من النا�س:
ف� ّإن العبد �إذا ا�ستحيا من َر ّبه حقَّ الحياء انعك�س ذلك عليه بالتخلق ب�أخالق النف�س
الكريمة في �سلوكه اليومي ,وعالقاته بالآخرين ,فيجتنب عمل القبيح �أمامهم كما اجتنب
القبيح �أمام اهلل ،ويكون قريب ًا من ال�صدق واال�ستقامة مع اهلل ومع النف�س ومع النا�س.
ومن �أ�سباب هذا الحياء مجال�سة �أهل الحياء ,ف�صحبة ال�صالحين تمنع من اقتراف
المعا�صي.
وهذا النوع من الحياء هو �أ�سا�س مكارم الأخالق ,ومنبع كل ف�ضيلة؛ لأنه يترتب عليه
القول الطيب ,والفعل الح�سن ,والعفة والنزاهة ...والحياء من النا�س قد يكون �صاحبه
ي�ستحيي من اهلل �أوال و النا�س ثانيا ,فال ي�أتي بالفعل القبيح والمنكر خوف ًا من اهلل تعالى
ٍ
�أو ًال ,ثم اتقاء مالمة النا�س وذ ِّمهم ثانيا ً .فهذا ي�أخذ �أجر حيائه كام ًال؛ لأنه ا�ستكمل
الكف عن القبائح التي ال ير�ضاها الدين وال�شرع الحياء من جميع جهاته� ,إذ ترتّب عليه ّ
والتي يذ ّمه عليها الخلق .وهذا �أح�سن الحياء و�أكمله و�أت ّمه.
وبع�ض النا�س يترك القبائح والرذائل حيا ًء من النا�س ,و�إذا غاب عنهم لم يتح ّرج
من فعل القبيح .وهذا النوع من النا�س عنده حيا ٌء ,ولكنه حيا ٌء ناق�ص �ضعيف يحتاج �إلى
عالج وتذكير بعظمة ربه وجالله ,فهو �أحقُّ �أن ي�ستحيي الخلق منه. ٍ
الحياء من النف�س:
وهو حياء النفو�س العزيزة من �أن تَر�ضى لنف�سها مايجلب لها االنتقا�ص والعار
�أوماي�شينها وي�سيء �إليها.
فيكون الإن�سان ذا �سمعة كريمة وم�شرفة ،في بيته ومجل�سه وعمله ,فال يتحدث
بالذي يكون بينه وبين �أهله� ،أو عن ما�ضيه القبيح وما كان فيه من الآثام والمعا�صي،
بل يحر�ص على تزكية نف�سه وتنقيتها وحملها على �أعمال الخير وال�صالح في ك ّل موطنٍ ,
فتكون نف�سه على �أفعاله هي الرقيب الزاجر عن فعل ال�سوء.
102
المناق�شة
.1ما خُ لُق الإ�سالم ؟
.2كيف يكون الحياء من اهلل تعالى؟
.3ما المق�صود بالحياء؟ وهل حثّ عليه ر�سول اهلل (�ص)؟ ا�ست�شهد بحديث
نبوي �شريف.
بين معنى ذلك.
.4الحياء من اهلل يكون ب�أمور منها �أن تحفظ الـر�أ�س وماحوى ّ ،
بالحياء؟و�ضح ذلك.
ّ .5ماعالقة تذكر الموت
.6الحياء من اهلل يكون ب�أمور منها �أن تحفظ البطن وماحوى ،فما معنى ذلك؟
.7ما�أثر الحياء من اهلل في الأخالق؟
.8كيف يرتبط الحياء والإيمان ؟
.9ممن يكون الحياء؟
103
الوحدة الخامسة
الدر�س الأول :من القر�آن الكرمي
فـــاطـر الآيات من ()26 –1
�آيات الحفظ من ()6 -1
ﭽﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ
ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ
ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ
ﰇ ﰈ ﰉ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ
ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ
ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ
ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ
ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ
ﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮭﮮ ﮯﮰﮱ ﯓ
ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ
ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ
ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ
104
ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ
ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﭑ ﭒ ﭓ
ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ
ﭪ ﭫﭬ ﭭﭮﭯﭰﭱ ﭲﭳ
ﭴ ﭵ ﭶﭷﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ
ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ
ﮉﮊﮋﮌ ﮍﮎﮏ ﮐﮑﮒ ﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ
ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ
ﮮ ﮯ ﮰﮱﯓ ﯔﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ
ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ
ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ
ﰃﰄﰅ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ
ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ
ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ
ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
ﮇﮈﮉ ﮊ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐ
ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﭼ
صدق اهلل العلي العظيم
105
معاني الكلمات
معناها الكلمة
مبدع. فاطر
فكيف ت�صرفون عن توحيده. ف�أنى ت�ؤفكون
ال�شيطان. الغرور
تهلك نف�سك. تذهب نف�سك
ندامات �شديدة. ح�سرات
بعث الموتى من القبور. الن�شور
ال�شرف والمنعة. العزة
يدركون. يمكرون
يف�سد. يبور
�شديد العذوبة. فرات
�شديد الملوحة. �أجاج
جواري ،تمخر المياه فت�شقها. مواخر
ق�شرة النواة الرقيقة. قطمير
نف�س �أثقلتها الذنوب. مثقلة
ذنوبها التي �أثقلتها. حملها
�شدة الحر. الحرور
بالكتب المنزلة. بالزبر
فكيف �إنكاري عليهم بالتدمير لهم. فكيف كان نكير
106
المعنى العام
ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮨﮩ
ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ
الثناء على اهلل ب�صفاته التي ك ُّلها �أو�صاف كمال ،وبنعمه الظاهرة والباطنة،
الدينية والدنيوية ،خالق ال�سماوات والأر�ض ومبدعهما ،جاعل المالئكة ر�سال
�إلى َمن ي�شاء من عباده ،وفيما �شاء من �أمره ونهيه ،ومِن عظيم قدرة اهلل �أن جعل
المالئكة �أ�صحاب �أجنحة مثنى وثالث ورباع تطير بها؛ لتبليغ ما �أمر اهلل به،
يزيد اهلل في خلقه ما ي�شاءّ � .إن اهلل على ك ّل �شيء قدير ،ال ي�ستع�صي عليه �شيء.
ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ
ﯭﯮ ﯯ
ما يفتح اهلل للنا�س من رزق ومطر و�صحة وعلم وغير ذلك من النعم ،فال �أحد يقدر
على �أن يم�سك هذه الرحمة ،وما يم�سك منها فال �أحد ي�ستطيع �أن ير�سلها بعده
�سبحانه وتعالى .وهو العزيز القاهر لكل �شيء ،الحكيم الذي ير�سل الرحمة
ويم�سكها على َوفْق حكمته.
ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ
ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ
يا �أيها النا�س اذكروا نعمة اهلل عليكم بقلوبكم و�أل�سنتكم وجوارحكم ،فال خالق
لكم غير اهلل يرزقكم من ال�سماء بالمطر ،ومن الأر�ض بالماء والمعادن وغير ذلك.
ال �إله �إال هو وحده ال �شريك له ،فكيف ت ُْ�ص َرفون عن توحيده وعبادته؟
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
و�إن يكذبك قومك �-أيها الر�سول -فقد ُك ِّذب ر�س ٌل ِمن قبلك ،و�إلى اهلل ت�صير
الأمور في الآخرة ،فيجازي كل واحد بما ي�ستحق .وفي هذا ت�سلية للر�سول
(�ص).
107
ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ
ﭺﭻﭼ ﭽ
يا �أيها النا�س �إن وعد اهلل بالبعث والثواب والعقاب حقٌّ ثابت ،فال تخدعنَّكم
الحياة الدنيا ب�شهواتها ومطالبها ،وال يخدعنَّكم باهلل ال�شيطان� .إن ال�شيطان
لبني �آدم عدو ،فاتخذوه عد ًّوا وال تطيعوه� ،إنما يدعو �أتباعه �إلى ال�ضالل؛
ليكونوا من �أ�صحاب النار الموقدة.
ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ
ﮊﮋ
الذين جحدوا �أن اهلل هو وحده الإله الحق وجحدوا ما جاءت به ر�سله لهم عذاب
�شديد في الآخرة ،والذين �ص َّدقوا اهلل ور�سوله وعملوا ال�صالحات لهم عفو من
ربهم وتجاوز عن ذنوبهم بعد �سترها عليهم ،ولهم �أجر كبير ،وهو الجنة.
ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ
ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
�أفمن ز َّين له ال�شيطان �أعماله ال�سيئة من معا�صي اهلل والكفر وعبادة ما دونه
من الآلهة والأوثان فر�آه ح�سنًا جميال ك َمن هداه اهلل تعالى ،فر�أى الح�سن ح�سنًا
وال�سيئ �سي ًئا؟ ف�إن اهلل ي�ض ُل َم ْن ي�شاء من عباده ،ويهدي من ي�شاء ،فال ُت ْهلك
نف�سك حزنًا على كفر ه�ؤالء ال�ضالين� ،إن اهلل عليم بقبائحهم و�سيجازيهم عليها
�أ�سو أ� الجزاء.
108
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ
ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ
من كان يطلب عزة في الدنيا �أو الآخرة فليطلبها من اهلل ،وال تُنال � اّإل بطاعته،
فلله العزة جمي ًعا ،فمن اعت ّز بالمخلوق �أذ َّله اهلل ،ومن اعت ّز بالخالق �أعزّه اهلل،
�إليه �سبحانه ي�صعد ذكره والعمل ال�صالح يرفعه .والذين يكت�سبون ال�سيئات لهم
عذاب �شديد ،ومكر �أولئك َي ْهلك و َيف ُْ�سد ،وال يفيدهم �شي ًئا.
ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ
ﰉ ﰊ ﰋ ﰌﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘﰙ
ﰚ ﰛﰜ ﰝﰞ
واهللُ خلق �أباكم �آدم من تراب ،ثم جعل ن�سله من �ساللة من ماء مهين ،ثم جعلكم
رجاال ون�سا ًء .وما تحمل من �أنثى وال ت�ضع � اّإل بعلمه ،وما يع َّمر من ُم َع َّمر،
فيطول عمره ،وال ُي ْنقَ�ص من عمره � اّإل في كتاب عنده ،وهو اللوح المحفوظ ،قبل
�أن تحمل به أ� ُّمه وقبل �أن ت�ضعه .قد �أح�صى اهلل ذلك كله ،وعلمه قبل �أن يخلقه،
ال ُيزاد فيما كتب له وال ُي ْنقَ�ص� .إن خَ لْقكم و ِعلْم �أحوالكم وكتابتها في اللوح
المحفوظ �سهل ي�سير على اهلل.
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ
ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ
ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭﭮ
وما ي�ستوي البحران :هذا عذب �شديد العذوبة�َ ،س ْه ٌل مروره في الحلق يزيل
العط�ش ،وهذا ملح �شديد الملوحة ،ومن ك ّل من البحرين ت�أكلون �سم ًكا طر ًّيا
�شهي َّ
الطعم ،وت�ستخرجون زينة هي الل�ؤل ؤ� وال َم ْرجان َتلْ َب�سونها ،وترى ال�سفن َّ
فيه ت�شقُّ المياه؛ لتبتغوا من ف�ضله من التجارة وغيرها .وفي هذا داللة على
قدرة اهلل ووحدانيته ،ولعلكم ت�شكرون هلل على هذه النعم التي �أنعم بها عليكم.
109
ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ
ﮇﮈﮉﮊﮋﮌ ﮍ
واهللُ يدخل من �ساعات الليل في النهار ،فيزيد النهار ب َق ْدر ما نق�ص من الليل،
و ُيدخل من �ساعات النهار في الليل ،فيزيد الليل ب َق ْدر ما نق�ص من النهار ،وذلل
ال�شم�س والقمر ،يجريان لوقت معلوم ،ذلكم الذي فعل هذا هو اهلل ربكم له الملك
كله ،والذين تعبدون من دون اهلل ما يملكون مِن قطمير ،وهي الق�شرة الرقيقة
البي�ضاء تكون على النَّواة.
ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ
ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ
�إن تدعوا �-أيها النا�س -هذه المعبودات من دون اهلل ال ي�سمعوا دعاءكم ،ولو
�سمعوا على �سبيل الفر�ض ما �أجابوكم ،ويوم القيامة يتبر�ؤون منكم ،وال �أحد
يخبرك �-أيها الر�سول� -أ�صدق من اهلل العليم الخبير.
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
يا �أيها النا�س �أنتم المحتاجون �إلى اهلل في ك ّل �شيء ،ال ت�ستغنون عنه طرفة عين،
الغني عن النا�س وعن ك ّل �شيء من مخلوقاته ،الحميد في ذاته وهو �سبحانه ُّ
و�أ�سمائه و�صفاته ،المحمود على نعمه؛ ف�إن كل نعمة بالنا�س فمنه ،فله الحمد
وال�شكر على ك ِّل حال.
ﮱﯓ ﯔﯕﯖ ﯗ
�إن ي� أش� اهلل يهل ُّكم �أيها النا�س ،وي�أت بقوم �آخرين يطيعونه ويعبدونه وحده.
ﯙﯚﯛﯜﯝ
وما �إهالككم والإتيان بخلق �سواكم على اهلل بممتنع ،بل ذلك على اهلل �سهل ي�سير.
110
ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ
ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ
نف�س مث َق َلة بالخطايا َمن
وال تحمل نف�س مذنبة ذنب نف�س �أخرى ،و�إن ت َْ�س�أل ٌ
يحمل عنها من ذنوبها لم تجد من َيحمل عنها �شي ًئا ،ولو كان الذي �س�ألتْه ذا
قرابة منها من �أب �أو �أخ ونحوهما� .إنما تح ِّذر �-أيها الر�سول -الذين يخافون
عذاب ربهم بالغيب ،و أ� َّدوا ال�صالة حق �أدائها .ومن تطهر من ال�شرك وغيره
من المعا�صي ف�إنما يتط ّهر لنف�سه .و�إلى اهلل �سبحانه م�آل الخالئق وم�صيرهم،
فيجازي كال بما ي�ستحق.
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜ ﭝ
ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ
ﭿ ﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅ
وما ي�ستوي الأعمى عن دين اهلل ،والب�صير الذي �أب�صر طريق الحقَّ واتبعه ،وما
ت�ستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان ،وال الظ ّل وال الريح الحارة ،وما ي�ستوي
�أحياء القلوب بالإيمان ،و�أموات القلوب بالكفر� .إن اهلل ُي�سمع َمن ي�شاء �سماع
َف ْهم و َقبول ،وما �أنت �-أيها الر�سول -بم�سمع َمن في القبور ،فكما ال تُ�سمع
الموتى في قبورهم فكذلك ال تُ�سمع ه�ؤالء الكفار لموت قلوبهم� ،إن �أنت � اّإل نذير
لهم غ�ضب اهلل وعقابه� .إنا �أر�سلناك بالحق ،وهو الإيمان باهلل و�شرائع الدين،
مب�ش ًرا بالجنة َمن �ص َّدقك وعمل بهديك ،ومحذر ًا َمن ك َّذبك وع�صاك النار .وما
من �أمة من الأمم � اّإل جاءها نذير يحذرها عاقبة كفرها و�ضاللها.
111
ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ
ﮑﮒ
و�إن يكذبك ه�ؤالء الم�شركون فقد ك َّذب الذين مِن قبلهم ر�سلهم الذين جا�ؤوهم
بالمعجزات الوا�ضحات الدالة على نبوتهم ،وجا�ؤوهم بالكتب المجموع فيها
كثير من الأحكام ،وبالكتاب المنير المو�ضح لطريق الخير وال�شر.
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ
ثم �أخَ ذْت الذين كفروا ب�أنواع العذاب ،فانظر كيف كان �إنكاري لعملهم وحلول
عقوبتي بهم؟
112
-9التحذير من ال�شيطان ووجوب االعتراف بعداوته ،ومعاملته معاملة العدو
فال يقبل كالمه وال ي�ستجاب لندائه وال يخدع بتزيينه للقبيح وال�شر.
-10عملية �إحياء الأر�ض بعد موتها دليل وا�ضح على بعث النا�س �أحياء بعد
موتهم.
-11تقرير �صفات الكمال هلل تعالى من الملك والقدرة والعلم ،والخبرة التامة
الكاملة وبك ّل �شيء
-12بيان فقر العباد �إلى ربهم وحاجتهم �إليه و�إزالة فقرهم و�س ّد حاجتهم
يكون باللجوء �إليه
-13بيان عدالة اهلل تعالى يوم القيامة.
-14بيان �صعوبة الموقف في عر�صات القيامة وال �سيما عند و�ضع الميزان
ووزن الأعمال.
-15الإنذار والتخويف من عذاب اهلل ال ينتفع به غير الم�ؤمنين ال�صالحين.
-16تقرير حقيقة وهي �أن من عمل �صالح ًا فلنف�سه ومن �أ�ساء فعليها.
-17ا�ستح�سان �ضرب الأمثال .
-18الكفار عمي ال ب�صيرة لهم ،و�أموات ال حياة فيهم ،والدليل عدم انتفاعهم
بحياتهم وال ب�أ�سماعهم وال ب�أب�صارهم والي�ستوون مع الم�ؤمنين.
-19تقرير نبوة الر�سول محمد (�ص) وت�أكيد ر�سالته.
-20بيان �سنة اهلل في المكذبين الكافرين وهي �أخذهم عند حلول �أجلهم.
المناق�شة
-1يزيد اهلل في الخلق ماي�شاء ،ا�ست�شهد من �سورة فاطر على ذلك.
-2رحمة اهلل و�سعت كل �شي فهل هناك من يمنعها ؟
-3تح ّد ث عن �آيات اهلل في خلقه التي وردت في ال�سورة.
113
الدر�س الثاين :من احلديث النبوي ال�رشيف
رعاية اليتيم
(لل�شرح والحفظ)
معاني الكلمات
معناها الكلمة
القائم ب�أمره. كافل اليتيم
�إ�صبعان من �أ�صابع اليد فال�سبابة تلي الإبهام ،والو�سطى:
ال�سبابة والو�سطى
الإ�صبع الثالث في اليد.
بـاعد بينهما. فـ ّرج بينهما
115
ﭕﭖﭗ ﭘﭙﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞﭟﭠﭡﭢ
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ (الإن�سان .)8- 5 /
وقال تعالى في جزاء ه�ؤالء الأبرار:
ﭽ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﭼ (الإن�سان)12 /
ـون في القيا ِم ب�أموره وال�سعي في م�صالحِ ه من �إطعامه وك�سوته �إن كفالة اليتيم تك ُ
وتنميـة ماله �إن كان له مال ،و�إن كان ال مال له �أنفقَ عليه وك�ساه ابتغاء ،وجه اهلل تعالى
وال تقت�صر رعاية اليتيم وكفالته على تقديم العون المادي له ،بل الب ّد من تقديم العون
المعنوي �أي�ض ًا..
ويتجلى ذلك في �إر�شاده �إلى ال�سلوك القويم ومراعاة م�شاعره والحنو عليه ،وتعليمه
العلم النافع وعلوم الدين الإ�سالمي خا�صة فعلوم الإ�سالم منبع لكل العلوم والف�ضائل
ومكارم الأخالق .وهي الهداية للإن�سان التائه في هذه الحياة.
وقد روي عن النبي (�ص)�( :أنا �أول من يفتح باب الجنة ف�إذا امر�أة تبادرني ،ف�أقول
من �أنت؟ فتقول� :أنا �أمر�أة قائمة على �أيتام لي) وقوله (�ص) :تبادرني �أي لتدخل معي،
�أو في �أثري ،دليل على علـ ِو منزلة القائم برعاية اليتيم.
وقد روي عن النبي (�ص) �أي�ض ًا قوله( :ال�ساعي على الأرملة والم�ساكين كالمجاهد
في �سبيل اهلل .و�أح�سبه قال وكالقائم الذي اليفتر وكال�صائم الذي اليفطر).
وهـكذا فالإ�سالم (بكل ما جاء فيه) واحة ظليـلة ،يعي�ش في كـنفها الظامئون �إلى
الهدى ..ويفيء �إليها المحتاجون والمحرومون .فيجدون الرحمة والعون والتكافل..
ف�شعار الم�سلمين التقوى ..ومن �أجلها يعملون كل ف�ضيلة ،قال تعالى:
ﭽ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ
ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ (الح�شر.)18/
فبتقواهم يقدمون الخير والعون ليكون ذلك �شافعا ونافعا لهم في غـدهم .هذه �سمة
المتقين وطبيعتهم لأنهم كما يد ّل ذلك مفهوم االية الكريمة -يخافون يوم الح�ساب
ويطمعون في ر�ضا اهلل عنهم ..وال�صدقـة ورعاية اليتيم من �أبرز �سمات التقوى.
116
اهم ماير�شد اليه الحديث ال�شريف
يحث الر�سول (�ص) على رعاية اليتيـم وكفالته ماديـ ًا ومعنويـ ًا وعلى الأخ ـ ِذ ُّ .1
بيده وهدايتـه ..فاليتيم فاقـ ٌد للمعيل وغير قادر على ك�سب رزقه .والب ّد
للم�سلم من �أن يكفـل مثل هذا رحمة و�شفقة وامتثا ًال لأمر اهلل .ومن َرحِ َم
النا�س َرحِ َم ُه اهلل.
َ
.2لكافـل اليتيم منزلة عالية عند اهلل ،فهو في الجنة من المكرمين المقربين
الذين ُي�سعدهم الحظ باالقتراب من النبي (�ص) ومجال�سته واللقاء به.
.3في كفالة اليتيم ق�ضاء على الف�ساد والإنحراف الخُ لُــقي وق�ضا ٌء على الت�شرد
والت�سول والجريمة ..وغير ذلك من الأمرا�ض االجتماعيـة الفتاكـة التي
يجب اجتثاثها من المجتمع الإ�سالمي.
.4رعاية اليتيم تخلقُ المحبة والعطف والرحمة والتما�سـك بين �أبناء الأمة
الإ�سالمية ،وتق�ضي على الكثير من عـوامل ال�ضعف والتفكـك.
المناق�شة
-1ما منزلة كافل اليتيم عند اهلل تعالى ؟
-2ما عالقة كفالة اليتيم وال�سعي على الأرملة بالت�ضامن االجتماعي بين
الم�سلمين؟
-3في كفالة اليتيم ق�ضاء على كثير من الأمرا�ض االجتماعية .و�ضح ذلك من
خالل �شرح الحديث النبوي ال�شريف.
-4كيف تكون كفالة اليتيم؟
117
الدر�س الثالث :من ق�ص�ص القر�آن
نبي اهلل ذو الكفل (ع)
ُّ
قال تعالى:
ﭽ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﭼ (�ص)٤٨ :
لما كبر نبي اهلل (الي�سع) عليه ال�سالم فكر �أن يختار رج ًال ي�ستخلفه على النا�س ،وقرر
�أن يجعله يعمل عليهم في حياته ،ليرى كيف يعدل بينهم وال يظلم عنده �أحد ،فقال الي�سع:
لو �أني �أ�ستخلف رج ًال على النا�س يعمل عليهم في حياتي ،حتى �أنظر كيف يعمل ثم دعا
الي�سع النا�س وجمعهم ذات يوم وقال لهم :من يتقبل مني بثالثة �أ�ستخلفه و�أ�صغى النا�س
الحا�ضرون لي�سمعوا هذه ال�شروط الثالثة التي تجعل القادر عليها خليفة بعد الي�سع وفي
اثناء حياته �أي�ض ًا .فقال الي�سع :ي�صوم النهار ويقوم الليل ،وال يغ�ضب.
ما �أجملها من �شروط ،وما �أ�سماها لكن ما �أثقلها ،فمن ذا الذي يقدر �أن ي�صوم كل
�أيام العام ،ومن ذا الذي ي�ستطيع �أن يق�ضي ليله كله في ال�صالة والعبادة.
ثم من ذا الذي يطيق ال�صبر فال يغ�ضب �أبد ًا� .إنه طلب �أ�شبه بالمحال ف�سكت النا�س
ولم يجيبوا ،لكن رج ًال منهم متوا�ضع الهيئة فقير الحال ،تزدريه العين اذا وقفت عليه،
قام من مكانه وقال للي�سع بكل ثقة وتوا�ضع � -أنا ،فتح النا�س �أعينهم ولم يكادوا
ي�صدقون �آذانهم ،لكن الي�سع �س�أل الرجل المتوا�ضع ك�أنه يريد �أن يت�أكد من قوله وعزمه:
�أنت ت�صوم النهار وتقوم الليل ،وال تغ�ضب ؟
فقال الرجل المتوا�ضع بثقة ظاهرة :نعم.
ثم رد الي�سع ذلك الرجل في ذلك اليوم ،وتفرق النا�س وفي اليوم الثاني فعل الي�سع
مثلما فعل �أم�س ،وقال كما قال �أم�س .فقام �إليه الرجل نف�سه بعد �أن �سكت الحا�ضرون
كلهم وقال� :أنا.
وهنا ا�ستخلفه الي�سع وجعله يعمل في �أمور النا�س وهو يراقب عدله فيهم ورفقه
بهم يوم ًا بعد يوم .لكن �إبلي�س اغتاظ غيظ ًا �شديد ًا فح ّر�ض ال�شياطين على الرجل ال�صائم
القائم الكاظم غيظه �أبد ًا .قال �إبلي�س لل�شياطين ي�ؤزهم على فتنته :عليكم بالرجل الم�ؤمن
ف�أقبل ال�شياطين على الرجل ال�صالح ،وحاولوا معه كل حيلهم و�إِغوائهم .لكنه ظل كما
118
هو �صائم ًا قائم ًا كاظم ًا لغيظه وهنا �صاح �إبلي�س:
دعوني و�إياه
ثم انطلق ليفتن الرجل ويغويه ،وكان الرجل ال�صالح ال ينام �إال في وقت القيلولة
من ظهيرة كل يوم ،وال ينام فيما عدا ذلك ،فجاءه �إبلي�س في هذا الوقت نف�سه وقد تمثل
في �صورة �شيخ كبير فقير ،فدق الباب على الرجل ال�صالح وهو في نومه ،فقال الرجل
ال�صالح:
من هذا ؟
قال� :إبلي�س المتنكر:
�شيخ كبير مظلوم.
فقام الرجل ال�صالح ،وفتح الباب و�أدخل ال�شيخ ف�أخذ هذا يق�ص عليه حكاية كاذبة
فيقول:
� -أن بيني وبين قومي خ�صومة ،و�أنهم ظلموني ،و�أنهم فعلوا بي كذا وكذا وظل �إبلي�س
اللعين يطيل في الحديث ويكثر من الكالم حتى فات وقت القيلولة كله ،واقترب
الم�ساء .فقال الرجل ال�صالح لل�شيخ المزيف وهو ال يعلم من �أمره �شيئ ًا:
-اذا رحت ف�إني �آخذ لك بحقك.
وم�ضى الرجل ال�صالح الى مجل�سه في الم�ساء وانتظر ال�شيخ ،فلم يره بين النا�س،
وفي �صباح اليوم التالي جل�س الرجل ال�صالح يحكم بين النا�س ويق�ضي في �أمورهم،
وهو ينتظر مجيء ال�شيخ �إليه لكنه لم ي�أت ..وعندما رجع الرجل ال�صالح وذهب لينام
قيلولته ،جاءه ال�شيخ نف�سه ،وكرر عليه اليوم ذات ما قاله بالأم�س ،ف�س�أله الرجل
ال�صالح عن ال�سبب الذي منعه من المجيء كما وعده ،فقال �إبلي�س المتنكر بهيئة
�شيخ كبير:
� -إن قومي �أخبث قوم ،اذا عرفوا �أنك قاعد للق�ضاء و�أردنا المجيء �إليك قالوا لي :نحن
نعطيك حقك� ،أما اذا ذهبت من مجل�سك ف�إنهم يجحدوني ..ينكرون حقي ،فقال له
الرجل ال�صالح خير ًا ،و�أمره �أن ي�أتيه عندما يجل�س في الم�ساء للق�ضاء .ولم ي�ستطع
الرجل ال�صالح النوم في هذا اليوم �أي�ض ًا ،ثم كرر �إبلي�س الخبيث مكره ولم ي�أته في
الم�ساء �أي�ض ًا ثم قال الرجل ال�صالح لبع�ض �أهله بعد �أن �أخذه النعا�س و�أ�ض ّر به :ال
119
تدعوا �أحد ًا يقترب من هذا الباب حتى �أنام ،ونام الرجل وقت القيلولة ،لكنه فوجئ
بال�شيخ يدخل عليه بعد �أن دق عليه الباب من الداخل ،فتعجب الرجل ال�صالح ،ف�صاح
علي �أحد ؟
على بع�ض �أهله :وقال �ألم �آمرك ب�أال يدخل ّ
فقال له �أحد �أهله� :أما من قبلي ،واهلل لم ي�أتك �أحد ،فانظر من �أين �أتاك ،فقام الرجل
ال�صالح الى بابه فوجده مقف ًال كما قفله بنف�سه ،وال�شيخ معه داخل البيت ،ف�أدرك في
الحال �أنه �إبلي�س جاء ليغويه ،فقال له� :أعدو اهلل �إبلي�س؟
فقال �إبلي�س اللعين :نعم� ،أعييتني في كل �شيء ،ففعلت كل ما ترى لأغ�ضبك ،ولهذا
�سمى اهلل هذا الرجل ال�صالح ذا الكفل لأنه تكفل ب�أمر فوفّى به.
قال تعالى:
ﭽ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﭼ (الأنبياء)٨٥ :
المناق�شة
-1ما ال�شروط التي ا�شترطها نبي اهلل (الي�سع) للذي ي�ستخلفه ،و�ضح ذلك؟
َ -2م ْن الذي جاء �إلى ذي الكفل في �أوقات القيلولة .ولماذا؟
َ -3م ْن الذي دخل الى ذي الكفل وكيف؟
-4بماذا و�صف اهلل �سبحانه وتعالى ذا الكفل ؟ اذكر الآية الكريمة.
120
اثر اخلمر واملخدرات الدر�س الرابع:
�إن �أثر الخمر ونتائج تعاطيها ال�سيئة في �أخالق الأمة �أبل ُغ منه في الأفراد �إذ تنت�شر
الفواح�ش والرذائل وت�ضعف الف�ضيلة وتنهزم الأخالق الحميدة �أمام الأخالق المنحلة,
فالخمرة و�سيلة الرتكارب الحرام قال ر�سول اهلل (�ص)( :ثالثة الينظر اهلل اليهم يوم
القيامة ،العاقُ لوالديه ،والمدمن الخمر والمنان بما �أعطى) فالخمر ُة أ� ُّم الفواح�ش
و�أكب ُر الكبائر ،فالخمرة تبعد �شاربها من ذكر اهلل الذي هو من �صميم الدين وعن �إقامة
ال�صالة التي تنهى عن الفح�شاء والمنكر ف�إذا �صدت عن ذكر اهلل وعن ال�صالة بت�أثير
�شرب الخمر ا�ستوطن فيها ال�ش ُر لزوال الرادع الذي يردع النف�س عنه وهو خ�شية اهلل
وخوف عقابه ،فتنقاد �إلى الحرام ومهما تعددت �أ�سماء الخمر واختلفت ،فالم�سمى واحد
والحكم معلوم هو الحرمة وقد تنوعت انواع الخمور والم�سكرات في ع�صرنا الحالي
تنوعا بالغا وتعددت ا�سما�ؤها (عربية و�أجنبية) قال ر�سول اهلل( :لي�شربن نا�س من امتي
الخمر ي�سمونها بغير ا�سمها) ،وقال ر�سول (�ص)( :كل م�سكر خمر وكل خمر حرام).
� َّإن من �أعظم الجرائم ومن �أكبر الم�شكالت التي تف�شت في مجتمعاتنا والتي عر�ضت
ديننا وقيمنا وامننا و�أموالنا لل�ضياع ولل�سفك واالن�سالخ هو ماتف�شى في مجتمعاتنا
من �شرب الخمر وتعاطي المخدرات �إنها م�صيبة نكراء ،وجريمة �شنعاء فتكت ب�شبابنا
و�أذهبت اموالنا و�أهدرت دماءنا وزعزعت �أمننا و�سكينتنا ،كانت الخمرة وكل م�سكر،
ت�سمى عند العرب في الجاهلية ( أ� ُّم الخبائث) ال ي�شربها عقال�ؤها وال يتعاطاها حكما�ؤهم،
121
حر َّمها كثير على نف�سه كحاتم الطائي وحمزة بن عبد المطلب.
وكانت ت�سمى عند العرب في الجاهلية (ال�سفيهة ،والم�ؤذية والقبيحة والمكروهة)
فلما جاء الإ�سالم حر َّمها اهلل تعالى في القر�آن الكريم ثم حر َّمها ر�سوله الكريم (�ص)
في �سنته و�شارب الخمر كعابد الوثن فقال (�ص) (من مات وهو مدمن الخمر لقي اهلل
وهو كعابد وثن ) وقال (�ص)( :لعن اهلل الخمر و�شاربها و�ساقيها وبائعها ومبتاعها
وعا�صرها ومعت�صرها وحاملها والمحمولة اليه) وقال (�ص)( :اجتنبوا الخمر ف�أنها
مفتاح كل �شر ،وقد ُ�سئل الإمام جعفر ال�صادق (ع) :عن �أكثر المعا�صي �ضرر ًا :الزنا،
القتل� ،شرب الخمر ف�أجاب� :شارب الخمر يفعل كل هذه المعا�صي).
�إن �أ�ضرار الخمر وبيلة وم�صائبها كثيرة وعواقبها �أليمة وعر�ضت ال�شباب لالنحراف
وال�ضياع .
ومن �أ�ضرار الم�سكرات والمخدرات:
-1انها محاربة ومع�صية هلل تعالى ،فمن تناول �شيئا منها �أو جلب �شيئا منها لغيره �أو
ر َّوج لها �أوا�ستح�سنها �أو�سكت عن مروج لها فقد بارز اهلل بالمحاربة وا�ستوجب لعنة
اهلل وغ�ضبه عليه.
َّ � -2إن فيها �إذهاب ًا للعقل الذي هو �أعظم نعمة �أنعم اهلل تعالى بها على االن�سان ،فالذي
�أذهب عقله ف�أ�ضاع لبه ،فهو في م�سلك البهيمة ،اليدرك �شيئا ،قلت قيمته ،وال حياة
وال مروءة والدين والخير فيه.
َّ � -3إن في �شرب الم�سكر ب�أنواعه وتعاطي المخدرات �سفك ًا للدماء وهتكا للأعرا�ض
و�إهدار ًا للأموال ،و�إ�ضاعة للأرواح �إذ تجعل �شاربها ومتعاطيها كالبهيمة اليميز بين
الحالل والحرام وال�صواب والخط أ� فيرتكب المعا�صي والجرائم بال وعي.
-4ان في �شرب الم�سكرات وتعاطي المخدرات� ،ضياع ًا للأمة و�إهدار ًا لقوتها وم�ستقبلها،
ف�ضياع �أكثر �شبابنا ب�سبب هذه الخبيثة ،فلقد امتلأت بهم ال�سجون والمقابر.
-5تفتيت الأيدي العاملة وقدرتها مما ي�ؤدي �إلى تفكك المجتمع وانهيار اقت�صاده
وان�شغال �أبنائه عن بناء المجتمع ودعم اقت�صاده.
-6للخمر �أ�ضرار �صحية ال ح�صر لها منها :ت�شمع الكبد ،ومر�ض االيدز ،و�أمرا�ض
122
االلتهاب الرئوي ،و�سوء اله�ضم ،وال�صرع ،والقلق ،وال�سهر واالرتباك ،والأمرا�ض
النف�سية والع�صبية.
-7ي�ؤدي �شرب الخمر �إلى انهيار الأ�سرة وتفكيكها ،فكم من طالق �أدى �إلى انهيار
الأ�سرة وانحراف الأبناء ب�سبب ت�صرفات الزوج الواقع تحت وط�أة ت�أثير الم�سكر
�أو المخدرات.
� -8إ�ضعاف ال�شباب عن ت�أدية واجبه في بناء الوطن والدفاع عنه و�إلهائهم عن دورهم
في الأمور الحياتية والوطنية ،وقد �سعى �أعداء الإ�سالم لن�شر الم�سكرات والمخدرات
للق�ضاء على الإ�سالم وقيمه.
-9ت�ؤدي الم�سكرات والمخدرات �إلى �إ�ضعاف الأمة في قوتها الع�سكرية واالقت�صادية
وال�صناعية ،اما الأ�سباب التي �أدت �إلى انت�شار الخمر والم�سكرات في المجتمع فهي:
�أ -االبتعاد من ال�صالة و�ضعف مراقبة اهلل تعالى ،فمن اليراقب اهلل ،ي�ضيعه اهلل واليحفظه
ومن اليحفظه اهلل فقد هلك.
ب� -سوء التربية البيتية ،ف� ّإن م�س�ؤولية الأب والأم كبيرة ،فال�شاب الذي تربى على واقع
ه�ش ينق�صه الوازع الديني والأخالقي الي�ستبعد منه �أن يقدم على �شرب الخمر.
جـ -فراغ القلوب من طاعة اهلل تعالى ومن ذكره ومن محبته يقودها الى ال�شيطان.
د -قرناء ال�سوء الذين خدعوا �شبابنا و�صوروا لهم الدين انه تخلف ورجعية وتزمت.
هـ -تعاطي العقاقير التي تحتوي ن�سبة من المخدر على �أنها تهدئ الأع�صاب وتريح البال
مما ي�ؤدي �إلى �إدمان هذه العقاقير التي تقود الى تعاطي المخدرات والم�سكرات التي
غالب ًا ما ي�ؤدي الى الأمرا�ض الخطرة منها االيدز ثم الموت.
و -و�سائل الإعالم الهدامة التي تقود ال�شباب �إلى تعاطي المخدرات.
ولكل ما تقدم ذكره فقد حرم اهلل �سبحانه وتعالى �شرب الم�سكر بكل �أنواعه وما يقع
في حكمه كالمخدرات.
وان التدخين من الممار�سات الخاطئة التي يغتر بها ال�شباب الطائ�ش من دون وعي
للآثار الخطرة الناجمة عنه فهو ممار�سة �سلبية ت�ؤثر في �صحة الغدد وطاقتها ف�ض ًال
عما ي�صاحب التدخين من انبعاث رائحة كريهة في الفم والمالب�س ف�ض ًال عن الأخطار
123
ال�صحية للتدخين فهو �سبب رئي�س في �أمرا�ض القلب والرئة وت�صلب ال�شرايين ،وفيه
تبذير للأموال بال نفع وال فائدة وفيه �أذى للنف�س وللآخرين وكل �أذى قد ح َّرمه اهلل تعالى.
فيا طلبتنا و�أوالدنا الأعزاء لتكن عقولكم واعية ومتفهمة خطورة الأمر وب�شاعته
ف�إنكم بناة الم�ستقبل و�أمل الأمة المن�شود فال تكونوا فري�سة �سهلة تجتذبها المحرمات
ويحركها قرناء ال�سوء ومن يتاجر ب�أرواح النا�س من �أعداء الإ�سالم؛ ل ّأن الثمن الذي
�ستدفعونه من وراء االنقياد لكل محرم ثمن غالٍ هو حياتكم و�شرفكم و�سمعتكم ومن َث َّم
دينكم و�أمتكم.
المناق�شة
-1كيف ت�ؤثر الم�سكرات والمخدرات في اقت�صاد المجتمع؟
� -2أدرك العرب قبل اال�سالم خطورة الخمر وم�ضارها فاطلقوا عليها ت�سميات
عديدة اذكر هذه الت�سميات.
-3ما الأ�ضرار ال�صحية الناجمة من �شرب الم�سكرات والمخدرات؟
-4اذكر الأحاديث ال�شريفة التي وردت في تحريم الخمر والتعامل بها.
-5بم �أجاب االمام ال�صادق (ع) عندما �سئل عن �أكثر المعا�صي �ضررا؟
-6اذكر ا�ضرار الم�سكرات والمخدرات.
-7هل ي�أثم من يبيع الخمر و�إن كان الي�شربها؟ عزز �إجابتك بحديث �شريف.
124
التهذيب الدر�س اخلام�س:
125
«وحق �ساي�سك بالعلم :التعظيم له ،والتوقير لمجل�سه ،وح�سن اال�ستماع اليه،
والإقبال عليه ،و�أال ترفع عليه �صوتك ،وال تجيب �أحد ًا ي�س�أله عن �شيء حتى يكون هو
الذي يجيب .وال تُح ّدث في مجل�سه �أحد ًا ،وال تغتاب عنده �أحد ًا ،و�أن تدفع عنه �إذا ذكر
عندك ب�سوء ،وان ت�ستر عيوبه ،و ُتــظهر مناقبه وال تجال�س له عدو ًا ،وال تعاد له ول ّي ًا .ف إِ�ذا
فعلت ذلك� ،شهد لك مالئكة اهلل ب�أنك ق�صدته ،وتع ّلمت علمه هلل جل ا�سمه ،ال للنا�س».
ومعنى ذلك:
-1ان تقدم االحترام والتقدير لمعلمك.
-2ح�سن اال�ستماع اليه واالنتباه لما يقول والعمل بتوجيهاته.
-3عدم رفع ال�صوت في ح�ضرته �أو عند الحديث اليه.
-4عدم اغتيابه �أو ذكره ب�سوء.
-5اظهار مكارم �أخالقه.
� -6ستر عيوبه.
-7رف�ض �أي �إ�ساءة توجه اليه والدفاع عنه
وفي الوقت نف�سه على المعلم �أن يحفظ لنف�سه مقامه وهيبته فيترفع عن الدنايا فهو
المثل والقدوة التي تحتذى ،لذا وجب على المعلم �أي�ضا �أن ي�صلح �أخطاءه ،و�أن يعامل
طلبته بكل رفق فيك�سب حبهم واحترامهم.
حقوق الطالب
لطالب العلم ف�ضلهم وكرامتهم ،باجتهادهم في تح�صيل العلم ،وحفظ تراثه ،وبناء
المجتمع وبناء م�ستقبلهم فبالعلم ترتقي ال�شعوب وتزدهر البلدان ويرتفع قدر المتعلم
ومكانته في المجتمع وبالعلم يجد المرء فر�صة لحياة كريمة وك�سب �أف�ضل عمن �سواه
من غير المتعلمين
فتفتح له �آفاق وا�سعة ي�سعد بها من �أجل ذلك ،نوهت �أحاديث �أهل البيت (ع) بف�ضل
طالب العلم ،و�شرف �أقدارهم وجزيل �أجرهم.
قال ر�سول اللهّ (�ص)« :طالب العلم بين الجهال كالحي بين الأموات».
وقال ر�سول اللهّ (�ص)« :من �سلك طريق ًا يلتم�س فيه علم ًا� ،سهل اللهّ له به طريق ًا الى الجنة».
ومن الوا�ضح �أن تلك الخ�صائ�ص الرفيعة ،والمزايا الم�شرفة ،ال ينالها اال طالب
126
العلم المخل�صون ،الم�سارعون الى طلبه والى تزكية نفو�سهم وتهذيب �أخالقهم ،فاذا ما
تجردوا من تلك الخ�صائ�ص والغايات ،حرموا تلك الم�آثر الخالدة ،ولم يجنوا �إال الم�آرب
المادية الزائلة.
وهاك مجم ًال من حقوق الطالب:
- 1يجدر ب�أولياء الطالب والمعنيين بتربيتهم وتعليمهم� ،أن يختاروا لهم �أ�ساتذة،
متحلين بااليمان وح�سن الخلق ،ليكونوا قدوة �صالحة و�أنموذج ًا ح�سن ًا لتالمذتهم.
فالطالب �شديد الت�أثر والمحاكاة لأ�ساتذته ومربيه ،و�سرعان ما تنعك�س في نف�سه
�صفاتهم و�أخالقهم ،ومن هنا وجب اختيار المدر�سين المت�صفين باال�ستقامة وال�صالح.
- 2ومن حقوق الطالب� :أن ي�ست�شعروا من �أ�ساتذتهم اللطف واال�شفاق ،فيعاملونهم
معاملة الأبناء ،ويتفادون احتقارهم وا�ضطهادهم؛ لأن ذلك يحدث ر ّد فعل �س ّيئ
فيهم ،يو�شك �أن ينفرهم من تح�صيل العلم .لذلك كان من الحكمة في تهذيب الطالب
وت�شجيعهم على الدر�س ،مكاف�أة المح�سن بالمدح والثناء ،وزجر المق�صر منهم
بالت�أنيب والتقريع ،الذي ال يجرح العاطفة وال يهدر الكرامة ويحدث ر ّد فعل في
الطالب.
انظر كيف يو�صي االمام زين العابدين بالمتعلمين ،في ر�سالته الحقوقية ،فيقول
عليه ال�سالم:
«و�أما حق رعيتك بالعلم ،ف أَ�ن تعلم �أن اهلل عز وجل �إنما جعلك ق ّيم ًا لهم فيما �آتاك من
العلم ،وفتح لك من خزائنه ،ف�إن �أح�سنت في تعليم النا�س ولم تخرق بهم ،ولم ت�ضجر
عليهم ،زادك اللهّ من ف�ضله ،و�إن �أنت منعت النا�س علمك �أو خرقت بهم عند طلبهم العلم
منك ،كان حق ًا على اللهّ (عز وجل) �أن ي�سلبك العلم وبهاءه ،وي�سقط من القلوب محلك».
- 3يجدر بالأ�ساتذة �أن يراعوا ا�ستعداد الطالب وم�ستواهم الفكري ،فيتدرجوا به في
مراقي العلم بح�سب طاقته وم�ؤهالته الفكرية ،فال يكلفوهم ما ي�سمو على �أفهامهم،
وتق�صر عنه مداركهم..
- 4ويحق للطالب على �أ�ساتذتهم �أن يتعاهدوهم بالتوجيه والإر�شاد ،في المجاالت
العلمية وغيرها من �آداب ال�سيرة وال�سلوك ،لين�ش�أ الطالب ن�ش�أة مثالية ،ويكونوا
�أنموذج ًا رائع ًا في اال�ستقامة وال�صالح .وتهذيب ال�ضمير ،والتو�صل الى �شرف
طاعة اهلل تعالى ور�ضاه .وك�سب ال�سعادة الأبدية الخالدة.
127
� -5أن اليبخلوا عليهم بالعلم والتوجيه ،و�أن يعاملوهم بالعدل ،بعيدا من المحاباة لقرابة
�أو معرفة �أو انتماء.
� -6أن يحافظ المربي على هيبته ومكانته كونه القدوة والمثل الأعلى لطالبه.
ف�إن لم ي�س َع الطالب لتلك الغايات ال�سامية ،كان مادي ًا هزيل الغاية والم�أرب ،لم
ي�ستثمر العلم ا�ستثمار ًا واعي ًا ولم ي�سخره لنفعه.
المناق�شة
.1تحدث عن معلم �أثر في نف�سك عندما كنت في االبتدائية وب ِّين �سبب حبك
وتعلقك به.
.2ما واجبات المتعلمين تجاه ا�ساتذتهم؟
.3العالقة الطيبة بين اال�ستاذ وطلبته هي �سر نجاح الطرفين.
� .4ضمت ر�سالة الحقوق للإمام زين العابدين (ع) مجموعة كبيرة من الحقوق.
اكتب بحث ًا في �أحد هذه الحقوق م�ست�شهد ًا بما في الر�سالة.
128
.2المنّ على اهلل
ُيروى � ّأن عالما �أتى عابدا فقال له :كيف �صالتك ؟ فقال :ت�س�ألني عن �صالتي و�أنا �أعبد
اهلل منذ كذا وكذاواني لأ�صلي حتى تتورم قدماي! فقال :كيف بكا�ؤك ؟ فقال� :إنّي لأبكي
حتّى تجري دموعي ،فقال له العالم :فكيف ذكرك للموت فقال :ما ارفع قدما وال �أ�ضع
�أخرى �إال ر�أيت �أني ميت فقال له العالم :ف� ّإن �ضحكك و�أنت خائف من اهلل �أف�ضل من بكائك
و�أنت مد ّل على اهللّ � ،إن المد ّل ال ي�صعد من عمله �شيء .والمدل على اهلل هو من يعجبه عمله
ويمن به على اهلل فقال العابد للعالم �أو�صني ف�إني �أراك حكيما فقال ازهد في الدنيا وال
تنازع �أهلها فيها وكن فيها كالنحلة �إن �أكلت �أكلت طيبا و�إن و�ضعت و�ضعت طيبا و�إن
وقعت على عود لم تك�سره.
المناق�شة
.1ما الحكمة التي ت�ست�شفها من الق�صة؟
.2مامعنى الرياء ؟
.3مامعنى المدل؟ وماجزاء عمله؟
.4ما الذي عناه العالم بو�صيته كن كالنحلة؟
129
املحتويات
ال�صفحة املو�ضوع
3 المـقــدمــــة
5 �أحكام التالوة
8 بيان تعريف الم�صطلحات
9 الوحدة الأولى
9 الأول :من �سورة ي�س (1ـ)32 الدر�س
16 الثاين :من �صفات امل�ؤمن الدر�س
21 نبي اهلل يعقوب (ع) الثالثُّ : الدر�س
24 الرابع :الإ�سالم وبناء االن�سان الدر�س
28 اخلام�س :ال�شكـــر الدر�س
34 الوحدة الثانية
34 الأول :من �سورة ي�س االيات (33ـ)58 الدر�س
41 الثاين :احرتام العمل وتقومي اليد العاملة الدر�س
45 نبي اهلل هود (ع)
الثالثُّ : الدر�س
49 الرابع :لعن اهلل املت�شبهات بالرجال واملت�شبهني بالن�ساء الدر�س
53 املحبــة
َّ اخلام�س: الدر�س
57 الوحدة الثالثة
57 الأول :من �سورة ي�س ()83- 59 الدر�س
63 الثاين� :أكرب الكبائر الدر�س
67 الثالث :نبي اهلل �إليا�س (ع) الدر�س
69 الرابع :حرمة تكفري امل�سلم الدر�س
71 اخلام�س :الـــريــــاء الدر�س
74 الوحدة الرابعة
74 االول :من �سورة �سب أ� ()23 -1 الدر�س
85 الثاين :طرق النجاة الدر�س
90 نبي اهلل �إدري�س (ع)
الثالثُّ : الدر�س
92 الرابع :حقوق الإن�سان يف الإ�سالم الدر�س
99 اخلام�س :احليــــاء الدر�س
104 الوحدة الخام�سة
104 الدر�س الأول :من �سورة فـــاطـر الآيات من ()26 –1
114 الدر�س الثاين :رعاية اليتيم
118 الدر�س الثالث :نبي اهلل ذو الكفـــل (ع)
121 الدر�س الرابع� :أثر اخلمر واملخدرات
125 الدر�س اخلام�س :التهذيب
130 املحتويات
130