You are on page 1of 140

‫جمهورية العراق‬

‫وزارة التربية‬
‫المديرية العامة للمناهج‬

‫القرآن الكريم والتربية اإلسالمية‬


‫للصف األول المتوسط‬

‫تأليف‬

‫لجنة متخصصة في وزارة التربية‬

‫‪١٤٤3‬هـ ‪ ٢٠٢١ /‬م‬ ‫الطبعة السادسة‬


‫االشراف العلمي على الطبع‬
‫د‪ .‬كريم عبد الحسين حمود‬

‫االشراف الفني على الطبع‬


‫ماهر داود كاظم‬

‫التصميم ‪ :‬سوسن غاز ي طاهر‬

‫استناد ًا الى القانون يوزع مجان ًا ومينع بيعه وتداوله يف االسواق‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬
‫الحمد هلل ربّ العالمين ‪،‬الذي أنار باإلسـالم عقوال وأحيــا به قلوباً‪ ،‬والصالة‬
‫والسالم على نبينا محمد وعلى آلـه الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين الذي‬
‫أرسله هللا هاديا ً ومبشراً ونذيراً ‪.‬‬
‫أما بعد ‪ :‬فال يخفى على مدرسي ومدرسات القرآن الكريم والتربية اإلسـالمية‪،‬‬
‫ما للدين اإلسـالمي ‪ ،‬ديننـا الـقويم ‪ ،‬الذي انهض شعوبا ً ‪ ،‬وشيّد حضارة األمة‪،‬‬
‫من أثر كبير في حياة الفرد والمجتمع ‪ .‬فهو الدعـامة الروحيـّة التي يقـوم‬
‫عليها تقـدمهما وسعادتهما ‪.‬‬
‫وهو األساس والركن الركيـن الذي يُعتمد عليه للنهـوض بالحياة في تفاصيلها‬
‫ومفاصلها كافـة ‪.‬‬
‫وألن مادة التـربية اإلسـالمية هي السبيـل األمثـل لعكس أركان هـذا الدين‬
‫العظيم وقـيمه الساميـة من خـالل العمليـة التربـويـة ‪ ،‬فـقـد سعت وزارة‬
‫التربيـة إلى اإلعتناء بها مادة وكتابـا ً ‪،‬لجعلها أيسـر تنـاوالً ‪ ،‬وأقـل تعـقيـداً‬
‫‪ ،‬وأكثر قبـوالً ونفعــا ‪ ،‬إذ نضع بين أيديكم كتب التربية اإلسالمية للمرحلة‬
‫المتوسطة في حلّة جديدة فيها من األغناء ‪ ،‬واإلثراء والتيسير وبما يتنـاسب‬
‫مع احتياجـات طلبتنا األعزاء وميولهم ويرتبـط بواقع الحيـاة ‪.‬‬
‫من ذلك ماستجـدونه في هـذه الطبعة من دمج لمادتي الـقـرآن الـكـريم‬
‫والتربيـة اإلسالميـة ‪ ،‬في كتاب واحـد مُيسر على وفق خمس وحدات ضمت‬
‫كل وحدة منها مباحث رئيسة كان في الرأس منها التبـارك بالقـرآن الكريم‬
‫حيث ت ّم اإلعتنـاء التـام بانتـقـاء نصوص شريفـة منه مناسبة للمرحلة العمريـة‬
‫ثم اإليتـاء بمعاني الكـلمات ‪ ،‬فالـتفسيـر العـام ‪ ،‬فملخص ألهم مـايـرشد إليه‬
‫النص ‪ ،‬فضال عن المناقشة ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وقـد أعقب ذلك ك ّم من المباحث في الحديث الشريف ‪ ،‬وعلوم الـقـرآن‬
‫الكريم‪ ،‬وفقه العبادات ‪ ،‬والسير‪ ،‬ثم التهذيب واألخالق ‪ ،‬مما يُبعـد الملل عند‬
‫الـقـراءة ويُثـري المعلومات اإلسـالمية لطلبتنا االعزاء‪ ،‬وبما يرتبـط مع‬
‫واقـع حياتهم العمليـة‪ .‬إذ أكدت المحاور جميعا األسس القويمة لبناء الشخصية‬
‫السوية الملتزمة بمبادىء اإلسالم العظيم وقيمه األخالقـيـة فيسمو بهم إلى‬
‫الشخصية اإلسالميـة المعتـدلة التي نرغـب بها ‪ ،‬لـتتسم بالـتـوازن الروحي‬
‫والعقـلـي والفكـري بعيدا من روح التطرف المقيت‪.‬‬
‫اننا نرجو من إخواننا وأخواتنا مدرسي مادة القرآن الكريم والتربية األسالمية‬
‫إغناء مباحث كتب التربية اإلسالمية بالتوضيح والتعليـق وضرب األمثلة من‬
‫حياتنا وواقعنـا قـدر مايتـطلب األمـر ‪ ،‬مع ضرورة اإللتزام بإضفاء الهيبة‬
‫والوقـار اللذين يتناسبان ومكانة القرآن الكريم والتربيـة اإلسالمية ‪ ،‬وشرف‬
‫الغاية المرجوة منها‪.‬‬
‫ونختتم باإلشارة إلى أن الندعي الكمال بعملنا هـذا ‪ ،‬فهو خصيصة هلل‬
‫مالك الملك العظيم ‪ ،‬ولذلك نسعـد بمالحظاتكم وآرائكم لالرتقـاء به ‪،‬وندعو‬
‫من ال ربّ غيره والخير إال خيره أن يجعل عملنــا هذا خالصا لوجهه الكريم‬
‫‪ ،‬فهو نعم المولى ‪ ،‬ونعم النصير ‪.‬‬
‫اللجنـــة‬

‫‪4‬‬
‫الضبط‬
‫صطلحات ّ‬
‫َعال َمات الوقف َوم ُ‬

‫‪5‬‬
‫من أحكام التالوة‬

‫عل ُم التجويد‬
‫التجويد ‪ :‬في اللغة ‪ :‬التحسين ‪.‬‬ ‫٭‬
‫ف ح ّقه ومستحقه من األحكام‪.‬‬
‫وفي االصطالح هو علم يُعرف به إعطاء ك ِّل حر ٍ‬
‫غايته ‪ :‬صونُ اللسان م َِن الخطأ في كالم للاهّ تعالى ‪.‬‬

‫٭ الم ّد ‪:‬‬
‫تعريف الم ّد ‪ :‬هو إطالة الصوت ٍ‬
‫بقدر معلوم بحر ٍ‬
‫ف من أحرف المد‪ّ.‬‬
‫وأحرفُ الم ّد هي ‪:‬‬
‫‪ -١‬األلف الساكنة المفتوح ما قبلها ‪ ،‬مثل ‪َ :‬قاْل‪.‬‬

‫‪ -٢‬الواو الساكنة المضموم ماقبلها ‪ ،‬مثل ‪ :‬يقُ ْول‪.‬‬

‫‪ -3‬الياء الساكنة المكسور ما قبلها ‪ ،‬مثل ‪ِ :‬قيْل‪.‬‬

‫الم ُّد األصلي ‪ :‬هو أن نم َّد حروف الم ّد الثالثة (األلف ‪ ،‬والواو‪ ،‬والياء) م ّداً‬
‫طبيعيا ً فال نزي ُد وال ُننقِصُ وليس بعده همزة أو سكون مثل ‪( :‬قاْلُوا‪َ (،‬كاْ َن)‪،‬األلف‬
‫والواو الساكنة‬
‫‪-‬‬
‫قبلها‬
‫‪-‬‬
‫الساكنة المفتوح ما قبلها ‪ ،‬والياء الساكنة المكسور ما‬
‫ت بعدها همزة أو سكون ويُم ُّد مقدار حركتين(‪.)١‬‬
‫المضموم ما قبلها ولم يأ ِ‬

‫(‪ )١‬حركة وحدة زمنية لقياس الصوت وهي مقدار رفع اإلصبع أو خفضه‬

‫‪6‬‬
‫مثال ‪ :‬عي ِّن الم َّد األصليّ ( الطبيعي) في النصّ القرآني اآلتي ذاكراً‬

‫السبب‪ ،‬قال ﭨ ﱫ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫الرعد ‪.‬‬ ‫ﮕﮖﮝ ﱪ‬

‫الحل ّ ‪:‬‬
‫األلف ساكنة مفتوح ما قبلها‪.‬‬
‫َ‬ ‫أ‪ -‬يوجد الم ّد في الكلمة ( ج َّنات ) ‪ :‬ألنّ‬

‫ب ‪ -‬يوجد الم ّد في الكلمة (يد ُخلو َن َها ) وفيها م ّدان‪:‬‬

‫‪ -١‬الواو الساكنة المضمو ُم ما قبلها ‪.‬‬

‫‪ -٢‬األلف الساكنة المفتو ُح ما قبلها فهما م ّدان طبيعيان ‪.‬‬

‫وأزو ْا ِجهم ) فإنّ األلف ساكنة ومفتوح ما قبلها فهي م ّد‬


‫َ‬ ‫جـ‪ -‬في كلمة (‬

‫طبيعي ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫تمرينا ت‬
‫ت‪١-‬ـ‬
‫عي ِّن الم َّد األصليّ في النصوص القرآنية ‪ ،‬ذاكراً السبب ‪.‬‬

‫‪ -١‬ﭧ ﭨ ﱫ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫ﮖ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮟ ﮠ ﱪ‬
‫(األنبياء ‪. )٩٧/‬‬
‫ﮩ ﮫﮬ‬
‫ﮪ‬ ‫‪-٢‬ﭧ ﭨ ﱫ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﮭﱪ ﮮ النحل ‪.‬‬
‫‪ -٣‬ﭧ ﭨ ﱫ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫ﯗﯘﱪ النحل ‪.‬‬
‫‪ -٤‬ﭧ ﭨ ﱫﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫ﯡ ﯢ ﱪ النحل ‪.‬‬

‫المفتوح ما قبلها في النصوص القرآنية اآلتية إن‬


‫َ‬ ‫األلف الساكن َة‬
‫َ‬ ‫ت ‪ ٢ -‬ـ عي ِّن‬
‫وجدت ‪:‬‬
‫‪ -١‬ﭧ ﭨ ﱫ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﱪ‬
‫الرعد ‪.‬‬

‫‪-٢‬ﭧﭨﱫﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝﱪ‬
‫الحجر ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -٣‬ﭧ ﭨ ﱫ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﱪ‬
‫(النحل ‪. )١٢٥/‬‬
‫‪ -٤‬ﭧ ﭨ ﱫ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﱪ‬
‫(النحل ‪. )١٢٦/‬‬
‫والواو الساكن َة المضموم ما‬
‫َ‬ ‫ت ‪ -٣-‬عي ِّن اليا َء الساكن َة المكسور ما قبلها ‪،‬‬
‫قبلها‪ ،‬في النصوص القرآنية الكريمة‪.‬‬

‫‪-١‬ﭧﭨﱫﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﱪ‬
‫(النحل ‪. )١٢٨/‬‬

‫(الفرقان‪)٤١/‬‬ ‫‪ -٢‬ﭧ ﭨ ﱫ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﱪ‬
‫‪.‬‬

‫‪ -٣‬ﭧ ﭨ ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﱪ‬
‫(الفرقان‪. )٤٤/‬‬

‫‪ -٤‬ﭧ ﭨ ﱫ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﱪ (الكهف ‪.)٤٢/‬‬

‫‪9‬‬
‫٭ القلقلة ‪:‬‬

‫القلقلة ‪:‬هي ارتجا ُج مخرج الحرف الساكن عند النطق به ‪.‬‬

‫ٌ‬
‫مجموعة في كلمتي (قُطبُ ج ّد)‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫خمسة‬ ‫وحروفُ القلقلة‬

‫وتقسم على قسمين هما ‪:‬‬

‫تكون حروفُ القلقل ِة في وسط الكلمة وتكون‬


‫َ‬ ‫ٌ‬
‫قلقلة صغرى ‪ :‬وهي أنْ‬ ‫‪-١‬‬

‫نبر ُتها أق َّل قو ٍة من القلقل ِة الكبرى نحو ‪ :‬ي ْقدر ‪ْ -‬‬


‫يطبع‪ -‬نجْ وى ‪ -‬ابْراهيم ‪-‬‬

‫ْيدرأ ‪.‬‬

‫ً‬
‫متحركة ثم‬ ‫تكون حروفُ القلقل ِة في ِ‬
‫آخر الكلمة‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫قلقلة كبرى ‪ :‬وهي أنْ‬ ‫‪-٢‬‬

‫نقِفُ عليها بالسكون ‪ ،‬وتكون نبر ُتها َ‬


‫أكثر قوة من القلقلة ِالصغرى ‪.‬‬

‫مثل ‪:‬‬

‫‪ -١‬ﭧ ﭨ ﱫ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﱪ الفلق‬
‫ـــــ‬

‫‪ -٢‬ﭧ ﭨ ﱫ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﱪ الفلق‬
‫ـــــ‬

‫‪ -٣‬ﭧ ﭨﱫ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ـــــ ﯭ ﱪ البروج‬

‫ﭔ ﱪ البروج‬ ‫‪ -٤‬ﭧ ﭨ ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ـــــ‬
‫‪10‬‬
‫‪ -٥‬وفي سورة سبأ قوله تعالى‪:‬‬
‫ﯵ ﱪ (سبأ ‪)٧/‬‬ ‫ﯴ‬ ‫ﱫ ﯱﯲ ﯳ‬
‫ـــــ‬
‫مثال ٌ ‪:‬‬
‫أحرف القلقل ِة في اآلي ِة الكريمة اآلتية ‪ ،‬ذاكراً السبب‪.‬‬
‫َ‬ ‫عيّنْ‬

‫ﭧﭨﱫﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﱪ‬
‫(االنبياء‪)١٠٤/‬‬

‫الحل ‪:‬‬
‫ٌ‬
‫قلقلة صغرى ‪ ،‬والبا ُء المكسورة في كلمة‬ ‫الطا ُء الساكن ُة في كلم ِة ْ‬
‫(نطوي) ‪،‬‬
‫للكتب حكمها قلقة كبرى عند الوقوف عليها بالسكون ألنها جاءت في آخر‬
‫الكلمة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫أمثلة على القلقل ِة في وسط الكلمة وفي آخرها ‪.‬‬
‫القلقلة في آخر الكلمة‬ ‫القلقلة في وسط الكلمة‬

‫ْ‬
‫الفلق‬ ‫قُ ْل أعوذ بربِّ‬ ‫باسم‬
‫ِ‬ ‫ق ا ْقرأ‬
‫ـــ‬ ‫ــ‬
‫ْ‬
‫محيط‬ ‫وهللا من ورائه ْم‬ ‫ط الذي ــ ْ‬
‫أطعمهم من جوع‬
‫ـــ‬
‫ومن شرِّ غاسق إذا وقبْ‬ ‫ب والعاديات ض ْ َبحا ً‬
‫ـــ‬ ‫ــــ‬

‫والسماء ذات البروجْ‬ ‫جـ إنَّ إلى ربك الرجْ‬


‫ــــ عى‬
‫ـــ‬
‫إنَّ هللا يفعل ما يري ْد‬ ‫وما ْأدـــراك ماهيه‬ ‫د‬
‫ـــ‬

‫‪11‬‬
‫تمرينات على أحرف القلقلة‬

‫أحرف القلقل ِة في النصوص القرآنية اآلتية ‪ ،‬وعين نوع القلقلة‪:‬‬


‫َ‬ ‫ت ‪ -١-‬عيّنْ‬

‫‪ -١‬ﭧ ﭨ ﱫ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﱪ القيامة ‪.‬‬

‫‪ -٢‬ﭧﭨﱫﮍﮎﮏﮐ ﮑﮒ ﮓﮔﮕﱪ‬
‫احلج ‪.‬‬
‫‪ -٣‬ﭧ ﭨ ﱫ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋﮌ‬
‫ﮍﮎ ﱪ فاطر ‪.‬‬

‫‪ -٤‬ﭧﭨﱫﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﱪالفجر ‪.‬‬

‫‪ -٥‬ﭧﭨﱫﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﱪ البروج‬

‫ت ‪-2-‬‬
‫أ ‪ -‬عّرف القلقلة الكبرى ومثل لها ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬عّرف القلقلة الصغرى ومثل لها ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ما الفرق بين القلقلة الصغرى والقلقلة الكبرى وضح ذلك باالمثلة ؟‬

‫‪12‬‬
‫آداب تالوة القرآن الكريم‬

‫ب ووقـار فضالً عن‬


‫يجلس في أد ٍ‬
‫َ‬ ‫يكون طاهراً ‪ ،‬مستقبالً القبلة ‪ ،‬وأنْ‬
‫َ‬ ‫‪1‬ـ أنْ‬

‫طهارة المكان والملبس ‪.‬‬

‫هلل من الشيطان الرجيم ‪ ،‬ومن َث َّم البسملة ‪.‬‬


‫‪ -٢‬االستعاذةُ با ِ‬

‫تخشع‬
‫َ‬ ‫يستشعـر القارى ُء هيبة ربّه وعظمة القرآن الكريم ‪ ،‬وأنْ‬
‫َ‬ ‫‪ -٣‬الب ّد أن‬

‫نفسه عند التالوة ‪ ،‬وأن يقرأ بهدوء ورزانة ‪.‬‬

‫يشعر القارى ُء أنه مخاطبٌ بالنص القرآني ‪.‬‬


‫َ‬ ‫‪ -٤‬أنْ‬

‫يتجنب القارى ُء ك ّل مايخ ّل بقدسية القرآن‬


‫َ‬ ‫الخشوع عند التالوة وأنْ‬
‫ِ‬ ‫‪ -٥‬التزا ُم‬

‫الكريم كالضحك والّلغو‪ ،‬والعبث باالبتعا ُد من الّلهو أو االنشغال عن التالوة بأيّ‬


‫أمور جانبيـة فال يسهو مع من يسهو‪ ،‬وال يلغو مع من يلغـو‪ ،‬تعظيمـا ً ّ‬
‫لحق‬

‫والسلوك الحسن الى‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫والخلق السوي‬ ‫القرآن ‪،‬على القارىء أنْ يترجم المُث َل العليا‬

‫واقع الحياة اليومية ‪.‬‬

‫واستحضار القلب‪ ،‬وتفهُّم معاني القرآن وأسراره ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫‪ -٦‬التالوةُ بالتدب ِّر والتف ّكر‪،‬‬

‫‪ -٧‬تحسينُ الصو ِ‬
‫ت بالتالوة ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫رحمة طلبها‪ ،‬وإذا مرّ بآي ٍة‬ ‫‪ - ٨‬إذا مرّ بآي ٍة فيها دعاء دعا‪ ،‬وإذا مرَّ بآي ٍة فيها‬

‫فيها إستغفار استغفر‪.‬‬

‫أهل القرآن وأخالقِهم ‪.‬‬


‫ت ِ‬ ‫‪ -٩‬أنْ يجتهدَ في أنْ ي ّت َ‬
‫صف قارئه بصفا ِ‬

‫‪13‬‬
‫الوحدة االولى‬
‫الدرس األول ‪ :‬سورة الفجر (‪)٣٠-١‬‬

‫آيات احلفظ (‪)١4-١‬‬

‫ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦ ﭧﭨﭩ ﭪﭫﭬ‬
‫ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭶﭷﭸﭹ‬
‫ﭺﭻﭼﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂﮃ ﮄﮅﮆ‬
‫ﮇ ﮈﮉ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ‬
‫ﮒﮓ ﮔﮕﮖﮗ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮞ‬
‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮰﮱﯓﯔﯕ ﯖ ﯗﯘ‬
‫ﯙﯚﯛﯜ ﯝﯞ ﯟﯠﯡﯢ ﯣ‬
‫ﯤﯥﯦ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ‬
‫ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﭑ‬
‫ﭒ ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ‬
‫ﭟ ﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭦ ﭧﭨﭩﭪ‬
‫صدق اهلل العلي‬
‫العظيم‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﱪ‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫معاني الكلمات‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫فجر كل يوم‪.‬‬ ‫والفجر‬
‫الليالي العشر األُول من ذي الحجّ ة‬ ‫وليال عشر‬
‫ٍ‬
‫مقبالً أو مدبراً‪.‬‬ ‫يسر‬
‫والليل إذا ِ‬
‫لذي عقل‪.‬‬ ‫لذي حِجر‬
‫هي عاد األولى ‪ (.‬قوم هود )‬ ‫بعاد‬
‫أهل إرم التي كانت بناياتها عالية ترفعها‬ ‫إر َم ذات العماد‬
‫األعمدة الطويلة‪.‬‬
‫قطعوا الصخر ونحتوا في الصخور بيوتا‬ ‫جابوا الصخر بالوا ِد‬
‫بوادي القرى‪.‬‬
‫صاحب األوتاد وهي أربع ُة أوتاد يُش ُد إليها‬ ‫ذي األوتاد‬
‫ورجليه‪.‬‬ ‫َّ‬
‫َيدي َمن يُعذب ِ‬
‫ظلموا العباد ‪.‬‬ ‫طغوا في البالد‬
‫أكثروا في البالد الظلم والجور والقتل‬ ‫فأكثروا فيها الفساد‬
‫وسائر المعاصي واآلثام ‪.‬‬
‫نوع عذاب‪.‬‬ ‫سوط عذاب‬
‫يرصد أعمال العباد ليجزيهم عليها‪.‬‬ ‫لبالمرصاد‬
‫اختبره وامتحنه ‪.‬‬ ‫ابتاله‬

‫أكرمه بالمال والجاه ونعَّمه بالخيرات‪.‬‬ ‫فأكرمه ونعَّمه‬

‫‪15‬‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫فضّلني لما لديّ من مزايا على غيري ‪.‬‬ ‫أكرمن‬
‫ِ‬
‫ضيقه ولم يوسعه عليه‪.‬‬ ‫فقدر عليه رزقه‬

‫أذلّني بالفقر ولم يشكر هللا على ما وهبه‪.‬‬ ‫أهانن‬


‫ِ‬
‫الميراث ‪.‬‬ ‫التراث‬

‫أكالً كثيراً شديداً ‪.‬‬ ‫أكالً لمَّا‬

‫حبّا شديداً كثيراً مع الحرص والشره ‪.‬‬ ‫ح ّبا ً جّ ما ً‬

‫أيتها النفس المطمئنة المؤمنة اآلمنة من العذاب‪.‬‬

‫إلى جواره في الجنة‪.‬‬ ‫إرجعي إلى ربّك‬

‫المعنى العام‬
‫قال تعالى‪ :‬ﱫ‪:‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭙﭚﭛ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭣ ‪.‬‬
‫ﱫ‬

‫أقسم هللا سبحانه بوقت الفجر‪ ،‬والليالي الع ْشر َ‬


‫األول من ذي الحجّ ة وما‬

‫فيها من بركة ‪ ،‬وبكل ش ْفع وفرد‪ ،‬وبالليل إذا َيسْ ري بظالمه ‪ ،‬أليس في األقسام‬

‫المذكورة إقنا ٌع لك ّل أصحاب العقول بعظمة هللا ووحدانيت ُه ؟‬

‫‪16‬‬
‫ﱫﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳﭴﭵ ‪.‬‬ ‫ﱫ‬
‫ألم تر ‪ -‬أيها الرسول‪ -‬كيف فعل ر ُّّبك بقوم عاد‪ ،‬قبيلة إرم‪ ،‬ذات القوة واألبنية‬
‫المرفوعة على األعمدة‪ ،‬التي لم يُخلق مثلها في البالد لع َ‬
‫ِظم األجساد وقوة البأس‪.‬‬

‫ﱫﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ‪.‬‬
‫ﱫ‬

‫وكيف فعـل بثمود‪ ،‬قـوم صالح‪ ،‬الذين قطعوا الصخر بالوادي وا ّتخذوا منه‬

‫بيو ًتا ؟‬

‫ﱫﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ‪.‬‬
‫ﱫ‬
‫وكيف فعل بفرعون َملِك «مصر»‪ ،‬صاحب الجنود الذين ثبَّتوا مُل َك ُه ‪ ،‬وقوَّ وا‬
‫له أمره؟‬

‫ﱫﮀ ﮁﮂﮃ ﮄﮅﮆﮇ ﮈﮉ ﮊﮋ‬


‫ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ‬ ‫ﱫ‬
‫هؤالء الذين استب ُّدوا‪ ،‬وظلموا في بالد هللا‪ ،‬فأكثروا فيها الظلم والفساد‪ ،‬فأنزل‬

‫عليهم ر ُّّبك عذابا ً شديداً‪ .‬إنَّ ربّك ‪-‬أيها الرسول‪ -‬لبالمرصا ِد ل َمن يعصيه‪،‬‬

‫عزيز مقتدر‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أخ َذ‬
‫يُمهله قليال ثم يأخذه ْ‬

‫‪17‬‬
‫ﱫ‬ ‫ﱫﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫َ‬
‫وبسط له رزقه‪ ،‬وجعله في أطيب‬ ‫فأمّا اإلنسان إذا ما اختبره ربّه بالنعمة‪،‬‬

‫أكرمن ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫عيش‪ ،‬فيظنُّ أنّ ذلك لكرامته عند ربّه‪ ،‬فيقول‪ :‬ربّي‬

‫‪.‬‬ ‫ﱫ‬ ‫ﱫ ﮟ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮩ‬


‫اإلنسان ‪ ،‬فضيَّق عليه رزقه‪ ،‬فيظنُّ أنّ ذلك لهوانِه‬
‫َ‬ ‫اختبر هللاُ‬
‫َ‬ ‫وأمّا إذا ما‬

‫أهانن‪.‬‬
‫ِ‬ ‫على هللا‪ ،‬فيقول‪ :‬ربّي‬

‫ﱫ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫ﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯝﯞ ﯟ‬
‫ﯠﯡ ‪.‬‬ ‫ﱫ‬
‫ليس األم ُر كما يظنّ هذا اإلنسان‪ ،‬بل اإلكرام بطاعة هللا‪ ،‬واإلهانة بمعصيته‪،‬‬
‫تحسنون معاملته‪ ،‬وال َيح ُّ‬
‫ُث بعضكم بعضًا على‬ ‫َ‬ ‫تكرمون اليتيم‪ ،‬وال‬
‫َ‬ ‫وأنتم ال‬

‫إطعام المسكين‪ ،‬وتأكلون حقوق اآلخرين في الميراث أكالً شديداً ‪ ،‬وتحب َ‬


‫ّون‬

‫فتطمعون وتبخلون‪.‬‬
‫َ‬ ‫المال ح ّبا ً مفرطا ً‬

‫ﱫﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬
‫ﭑﭒ ﭓﭔﭕ ‪.‬‬
‫ﱫ‬

‫‪18‬‬
‫ت األرضُ و َكسَّر بعضُها‬
‫يكون حالكم‪ .‬فإذا زلزل ِ‬
‫َ‬ ‫ما هكذا ينبغي أنْ‬
‫بعضاً‪ ،‬وجاء أمر ربّك للقضاء بين ْ‬
‫خلقِه‪ ،‬والمالئكة صفوفا ً صفوفاً‪ ،‬وجي َء‬
‫شرور أعماله فيندم عليها ‪،‬‬
‫َ‬ ‫في ذلك اليوم العظيم بجه َنم‪ ،‬يومئذ يتذك ُر الكاف ُر‬
‫والينفعه الندم والتوبة ساعتها وقد فرَّ ط فيهما في الدنيا‪ ،‬وفات أوانهما حينها‬
‫يتمنى لوكان عمل عمالً صالحا ً في حياته ينفعه آلخرته‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫ﱫ‬ ‫ﱫﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬


‫ب مث َل تعذيب هللا َمن‬ ‫ففي ذلك اليوم العصيب ال يستطي ُع أح ٌد وال يقدر أنْ ي ِّ‬
‫ُعذ َ‬

‫عصاه‪ ،‬وال يستطي ُع أح ٌد أنْ يوث َِق مث َل وثاق هللا‪ ،‬وال يبلغ أح ٌد مبلغه في ذلك‪.‬‬

‫ﱫ ﭡﭢﭣﭤﭥ ﭦ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﱪ ‪.‬‬
‫يا أيتها النفسُ المطمئنة إلى ِذكر هللا واإليمان به‪ ،‬وبما أع َّده من النعيم‬

‫رضي‬
‫َ‬ ‫للمؤمنين‪ ،‬إرجعي الى ربّك راضية بإكرام هللا لك‪ ،‬وهللا سبحانه قد‬

‫عنك‪ ،‬فادخلي في عِ داد عباد هللا الصالحين‪ ،‬وادخلي معهم جنتي‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫أهم ماترشد إليه السورة ‪:‬‬
‫‪1‬ـ قدر َة هللا تعالى وبطشه اليستطيع أنْ يُفل َ‬
‫ِت منها الكافرون مهما بلغت‬

‫قوتهم كقوم (عاد )‪.‬‬

‫فوجب عليه شكر هللا لتدوم الن َِعم‪،‬‬


‫َ‬ ‫اإلنسان في السرّ ا ِء ‪،‬‬
‫َ‬ ‫هللا تعالى يختب ُر‬
‫‪2‬ـ َ‬
‫ويختبره في الضرّ اء ‪ ،‬وعلى اإلنسان الصبر ليثيبه هللا على صبره ويعطيه‬

‫أفضل الجزاء‪.‬‬

‫‪3‬ـ وجوبُ إكرام اليتامى والحضّ على إطعام الجياع من فقراء ومساكين‪.‬‬

‫‪ -4‬وجوب إعطاء المواريث لمستحقيها ذكوراً أو إناثا ً صغاراً أوكباراً ‪.‬‬

‫‪ -5‬التندي ُد بحبّ المال الذي يحمل على منع الحقوق‪ ،‬ويزنُ األمور بميزانه‬

‫قو ًة وضعفا ً ‪.‬‬

‫‪-٦‬جزاء المؤمنين المطمئنة قلوبهم بااليمان جنات النعيم‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫المناقشة‬
‫‪١‬ـ لماذا أقس َم هللا بالش ْفع والوتر؟‬
‫‪٢‬ـ ماذا فعل هللا سبحانه وتعالى بقوم (عاد) ؟‬
‫‪ -٣‬ماذا فعل هللا بقوم فرعون ؟‬
‫‪-٤‬أيّ قوم جابوا الصخر بالواد ؟ ومن نبيهم ؟‬
‫‪ -٥‬ما واجب المسلم والمسلمة تجاه اليتيم؟‬
‫‪ -٦‬ماذا يفعل اإلنسان المؤمن إذا ما اختبره ربّه بالنعمة ؟ وما الذي يفعله‬
‫الكافر إذا ما قدر هللا عليه رزقه ؟‬
‫‪ -٧‬متى تكونُ النفسُ مطمئنة ؟‬

‫َ‬
‫وعالمة (خطأ) أما َم العبارة‬ ‫َ‬
‫عالمة (صح) أمام العبارة الصحيحة‬ ‫ضع‬
‫ْ‬
‫وصح ِح الخطأ إنْ و ِجد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫غير الصحيحة‬
‫ت الفجر والليالي الع ْشر األُول من ذي ال َقعْ دَ ة ‪.‬‬
‫‪1‬ـ أقس َم هللا سبحانه وتعالى بوق ِ‬

‫الصخر بالواد هم قوم نبي هللا (صالح)‪.‬‬


‫َ‬ ‫‪2‬ـ الذين جابوا‬

‫أمر هللا سبحانه وتعالى بإكرام اليتيم وحسن معاملته‪.‬‬


‫‪3‬ـ َ‬

‫شرور أعماله فيندم عليها ‪.‬‬


‫َ‬ ‫‪4‬ـ في يوم القيامة يتذكر الكافر‬

‫‪5‬ـ النفس المؤمنة المطمئنة يُد ِخلُها هللاُ الجنة‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الدرس الثاني ‪:‬‬
‫ُ‬
‫أهمية القرآن الكريم في حياة اإلنسان‬

‫يعيش عيش َة السعداء أنْ‬


‫َ‬ ‫ال ب ّد لإلنسان الذي يريد أنْ يحيا حيا ًة هانئة ‪ ،‬وأنْ‬
‫يحيا مع القرآن الكريم والذكر الحكيم ففيه استحضا ٌر لعظمة هللا‪ ،‬وقراءته‬

‫عبادة وفي آياته شِ فاء لصدور المؤمنين واستذكارللذنوب والندم عليها‪.‬‬


‫فالقرآن الكريم ّ‬
‫يمثل نظام الحياة الكريمة ودستورها وذلك من خالل آياته‬
‫الكريمة ‪ ،‬إذ ّ‬
‫ينظم حياة اإلنسان فينظم األسرة والعالقة بالوالدين قال تعالى ‪:‬‬

‫ﱫ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣﮤﮥ ﮦﮧﮨﮩ ﮪﮫﮬﮭﮮ‬
‫ﮯ ﮰﱪ(االسراء ‪. )٢٣/‬‬
‫وعالقة األب باألبناء ﭧ ﭨ‬
‫ﱫ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﱪ‪( .‬االسراء ‪)٣١/‬‬
‫والعالقة بالزوجة قال تعالى ‪:‬ﱫ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﯧ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﱪ ‪.‬‬
‫(النساء‪.)١٩/‬‬
‫والعالقة بالمؤمنين ﭧ ﭨ ﱫ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠﯡ‬
‫‪.‬‬
‫ﯢﯣﯤ ﯥﯦﯧﱪ (الحجرات ‪. )١٠/‬‬

‫‪22‬‬
‫ّ‬
‫وينظم تعامالت اإلنسان من‬ ‫و ّ‬
‫ينظ ُم العالقات بين المسلمين وغيرهم كالجيران‬
‫بيع وشرا ٍء وميراث وزواج وغيره ويضمن القرآن الكريم لمن تمسّك بتعاليمه‬
‫ٍ‬
‫حياة‬
‫مكامن الشرّ وكيفية‬
‫َ‬ ‫ض ُح آياته‬
‫ً سعيدة يسودها التكافل والتعاون والتسامح ‪ ،‬فتو ّ‬
‫اجتنابها من غضّ البصر وأسباب الع ّفة ‪ ،‬ومواطن الخير وكيفية اكتسابها ‪،‬‬
‫فآياته الكريمة تخب َُرنا بقصص األولين وماح ّل بهم لالتعاظ ‪،‬وتوجهنا إلى الخير‬
‫وتبعدنا من الشرّ وترشدنا الى سبيل طاعة هللا وعبادته‪.‬‬
‫فالقرآن الكريم مص ُدر سعادة اإلنسان في هذه الدار ألنه ّ‬
‫ينظم حياة من‬
‫التزم تعاليمه في الدنيا‪ ،‬وفي الدار اآلخرة يكون سببا ً لسعادته أيضا ً أل ّنه يأتي‬
‫شفيعا ً لمن عِ م َل بتعاليمه ور ّتله ولم يهجْ رهُ‪ ،‬وهو غذا ُء الروح الذي يُـعيد‬
‫ب الرحمة اإللهية واإلطمئنان‪.‬‬
‫النفس اإلنسانية إلى رحا ِ‬
‫َ‬
‫قال تعالى ‪:‬ﱫ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ‬
‫ﰒ ﰓ ﰔ ﱪ ‪(.‬الرعد ‪. )٢٨/‬‬
‫يعيش اإلنسان ‪ ،‬فعلى اإلنسان أ ّيا ً كان ومتى كان ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ومن غير القرآن ال يمكن أنْ‬
‫وفي أيّ مكان كان أنْ يتعلّم األحكام التي تتعلق بالقرآن الكريم أل ّنه ليس لإلنسان‬
‫وخشوع ‪ ،‬وأنْ يلتز َم‬
‫ٍ‬ ‫تقديس‬
‫ٍ‬ ‫غنىً عنه ‪ ،‬وأنْ يتعامل مع كتاب هللا العزيز بك ِّل‬
‫المناقشة ‪:‬من أحكام وتعاليم‪.‬‬
‫ماجاء فيه‬
‫‪ -١‬بّينْ أهمي َة القرآن الكريم في حياتنا ؟‬
‫كيف ّ‬
‫نظم القرآنُ الكريم حياة المسلمين ؟‬ ‫َ‬ ‫‪-٢‬‬
‫ً‬
‫قرآنية تأمرنا بطاعة الوالدين ‪.‬‬ ‫‪ -٣‬اذكرْ ً‬
‫آية‬

‫القرآن الكريم لتعامالت اإلنسان ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫تنظيم‬
‫ِ‬ ‫‪ -٤‬تكلّ ْم على‬

‫‪23‬‬
‫ُّ‬
‫الحث على تالوة القرآن الكريم‬

‫قال تعالى ‪ :‬ﱫ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬


‫ﯲﯳﯴﯵ ﯶﯷﯸﯹﯺ‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰃ ﰄ ﱪ فاطر(‪.)٣٠-٢٩‬‬
‫‪:‬‬ ‫وقال رسول هللا ( ص )‬

‫(اقرؤوا القرآن فإنه يجيء يوم القيامة شفيعا ً لصاحبه )‪.‬‬


‫المسلم ‪ ،‬وتزي ُد‬
‫ِ‬ ‫وفي تالوة القرآن وقراءته تقرّبٌ إلى هللا تعالى‪ ،‬ف َترف ُع درجا ِ‬
‫ت‬
‫فى ثوابه وفي تهذيب أخالقه ‪ ،‬وفي تنقية عقيدته وسلوكه ونطقه من ك ّل ما ال‬
‫يليق‪.‬‬

‫المناقشة ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ينظ ُم عالق َة اإلنسان‬ ‫‪ -١‬القرآن الكريم ّ‬
‫يمث ُل دستور الحياة‪.‬فهو‬
‫باآلخرين ‪ .‬وضّحْ ذلك مع االستشهاد بآية كريمة ‪.‬‬

‫كيف يكونُ التعام ُل مع كتاب هللا العزيز؟‬


‫َ‬ ‫‪-٢‬‬

‫‪ -٣‬صفْ حيا َة من يتم ّس ُ‬


‫ك بالقرآن الكريم ‪.‬‬
‫‪ -٤‬لقد ّ‬
‫حث رسو ُل هللا ( ص ) على تالوة القرآن وضّح ذلك ‪ ،‬وبيّنْ َ‬
‫أثر‬
‫تالوته ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الحد ْيث ال َّ‬
‫شريف‬ ‫الدرس الثالث ‪:‬‬
‫س َن ً‬
‫ـة أو س َيئـة )‬ ‫س ُن ً‬
‫ـة َح َ‬ ‫سنَّ ُ‬
‫( َمنْ َ‬
‫للشرح والحفظ‬
‫(ص)‪.‬‬ ‫رسو ُل هللا‬
‫قال َ‬

‫وأج ُر‬
‫أج ُرها َ‬‫حسنة ‪ ،‬ف َل ُه ْ‬ ‫ً‬ ‫س َّن ًة‬
‫َمنْ سنَّ في اإلسالم ُ‬
‫ص من ْ أ ُجورهم‬ ‫ير أنْ ينقُ َ‬ ‫بعده ‪ ،‬منْ َغ ِ‬ ‫َمن َعمل َ بها ْ‬
‫ً‬
‫سيئة كانَ علي ِه‬ ‫س َّن ًة‬
‫شي ٌء‪ .‬و َمنْ سنَّ في اإلسالم ُ‬
‫غير أنْ‬
‫ِ‬ ‫ووز ُر َمنْ عمل َ ِبها من بعده مِنْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫وز ُرها‬
‫أوزارهم شيء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ينقص مِنْ‬
‫َ‬
‫صدق رسول هللا‬
‫(ص)‬

‫معاني المفردات‬

‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫شرع شريعة‪.‬‬
‫َ‬ ‫وضع طريقة ‪،‬‬
‫َ‬ ‫سنَّ سُن َّة‬

‫اإلث ُم ‪.‬‬ ‫ْ‬


‫الوز ُر‬

‫‪25‬‬
‫المعنى العام‬
‫ً‬
‫حسنة ف َل ُه اجرُها َ‬
‫وأج ُر‬ ‫في قول الرسول( ص) ‪َ ( :‬منْ سنَّ في اإلسالم س َّن ًة‬
‫عمل‬
‫ِ‬ ‫حث على‬‫ير أنْ ينقُص منْ أجوُ رهم شيء) ‪ٌّ ،‬‬ ‫َمن َعمل بها بعْ ده منْ َغ ِ‬
‫الخير‪ ،‬وترغيب ٌفيه وتحبيبٌ لنا في الخير ‪.‬‬

‫حسنة صالحة فيقتدي به الناس او يبتكر‬ ‫ً‬ ‫ويبيّن أنَّ الشخص الذي يسي ُر سير ًة‬
‫طريقة نافعة للبشرية ‪ ،‬وموافقة لتعاليم الدين ‪ ،‬فله أجرها وأجور ك ّل من اقتدى‬
‫به وعمل بها بعده ‪ ،‬من غير أنْ ينقص من أجورهم شيء فهم يثابون على‬
‫عملهم ويصل بقدر مجموع أجورهم إلى الشخص الذي وضع تلك الطريقة‬
‫الصحيحة التي عملوا بها‪ .‬ونالوا الثواب با ّتباعه واالقتداء به‪.‬‬

‫ووز ُر َمنْ‬ ‫ً‬


‫سيئة ‪ ،‬كان عليه وزرها ْ‬ ‫(ومن سنَّ في اإلسالم ُس ّن ًة‬
‫َ‬ ‫وفي قوله ( ص ) ‪:‬‬
‫عِ مل بها من بعده من غير أنْ ينقص من أوزارهم شيء ) ينهانا عن عمل الشرِّ‬
‫الشخص الذي ي ّتخذ سيرة سيئة‬
‫َ‬ ‫ويحذرنا سوء عاقبته ‪ ،‬ويبيّن لنا أنّ‬‫ّ‬ ‫ويكرِّ هه إلينا‬
‫مضرَّ ة‪ ،‬أو يبتدع طريقة مخالفة للدين مفسدة للناس ‪ .‬يتحمّل وزرها‪ ،‬وأوزار‬
‫ف ذلك من أوزارهم ‪.‬‬ ‫ك ِّل من ا ّتبعه وعمل بها‪ ،‬من غير أنْ يخ ّف َ‬

‫بعمل ما أن نفكر في ما سنفعله وما يتركه‬


‫ٍ‬ ‫لذا وجب علينا عند الشروع للقيام‬
‫عمل فيه خير فأن كنا سباقين في ذلك كان لنا اجر‬
‫ٍ‬ ‫من أثار‪ ،‬وأن نبادر الى كل‬
‫مضاعف‪ ،‬إذ سنكون سببا ً آلن يقتدي بنا االخرون لفعل الخير ‪ ،‬وأن نبتعد من‬
‫اقتراف السيئات وابتداعها‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫اهم ما يرشد اليه الحديث‪:‬‬
‫‪ -1‬ي َُحمِّل الدينُ اإلسالمي المفكرين والمشرّ عين الذين يقودون األمّة ويوجّ هونها‬
‫األخيار الذين يرشدون الناس إلى الخير والهدى ‪،‬‬‫َ‬ ‫ً‬
‫مسؤولية كبيرة ‪ ،‬فيثيب‬
‫والتزام أوامر هللا تعالى واالبتعاد ممَّا نهى عنه ويضاعف لهم الثواب ويعاقب‬
‫األشرار على إضاللهم الناس وف ْتنتِهم بأفكارهم وتشريعاتهم السيئة المخالفة‬
‫للدين ‪.‬‬
‫‪ -2‬يدعونا الحديث الشريف إلى أنْ ُن َح ّك َم عقو َلنا ونميز الدعوة إلى الهدى من‬
‫الدعوة إلى الضالل ‪.‬‬
‫‪ -3‬الدين اإلسالمي يدعو إلى الخير وإلى ك ّل ما فيه صالح الفرد والمجتمع‪،‬‬
‫وينهى عن ال ِّشر وعن ك ِّل ما يضرّ الفردَ والمجتمع‪،‬وهو دينٌ يحاسب الفرد على‬
‫الثواب‬
‫َ‬ ‫ك ِّل عمل يعمله ويحاسبه على تأثير ذلك العمل في المجتمع ‪ ،‬فيضاعفُ‬
‫ين المُضلّين ‪.‬‬
‫العذاب للضالّ َ‬
‫َ‬ ‫ُصلحين ‪ ،‬ويُضاعِ فُ‬
‫َ‬ ‫للصالحين الم‬
‫َ‬

‫المناقشة ‪:‬‬
‫عين تجاه الناس ؟‬
‫المفكرين والمشرّ َ‬
‫َ‬ ‫‪ -1‬ما مسؤولي ُة‬

‫ً‬
‫حسنة‪...‬ومن‬ ‫قول النبي ( ص )‪َ ( :‬منْ سنَّ في اإلسالم ُس ّن ًة‬
‫‪ -2‬بيّنْ معنى ِ‬
‫ً‬
‫سيئة ‪).‬‬ ‫سنّ في اإلسالم س ً‬
‫ُنة‬
‫‪ -3‬ما عاقب ُة الذي ي ّت ُ‬
‫خذ في حياته سير ًة سيئة فيقلّده الناس في ذلك ؟‬
‫ً‬
‫أمثلة على ذلك ‪.‬‬ ‫‪ -4‬يدعو اإلسالم إلى الخير وينهى عن الشرِّ ‪ ،‬اضربْ‬

‫‪27‬‬
‫الدرس الرابع ‪:‬‬
‫ثما ُر العبادات‬

‫العبادات من أعظم ما يتقربّ به العبد إلى هللا تعالى ‪ ،‬وبها ينال محبّة هللا‬
‫سبحانه وتعالى ومرضاته ‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬

‫ﱫﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦﮧﮨﮩﮪ ﮫﮬﮭﮮ ﮯﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﱪ البقرة ‪.‬‬

‫فهذا أمر لك ّل الناس بعبادة هللا الواحد فهو خالقهم المنعم عليهم ‪ ،‬واألمر بالعبادة‬
‫كذلك يعني االمتثال ألوامره ‪-‬سبحانه‪ -‬واجتناب نواهيه‪ .‬لقد بيّن سبحانه و‬
‫تعالى سبب وجوب عبادته وحده بأنه أنعم علينا بكل أصناف العطايا فخلقنا‬
‫بعد العدم ومنحنا السمع والبصر والفؤاد وأنعم علينا بإحسانه الظاهر والباطن‪،‬‬
‫فجعل األرض فراشا ً نستقر عليها وننتفع بها ‪ ،‬وأنزل من السماء ما ًء فأحيا‬
‫به األرض وأخرج من الثمرات ما نتقوت به فمنَّ علينا بأنواع الطعام‬
‫والشراب‪ ،‬فهذه النعم الكثيرة التي ال تع ّد وال تحصى الب َّد من أن تقاب َل بالشكر‬
‫والعرفان‪ ،‬فعلينا عبادة هللا تعالى وامتثال أوامره وطاعته بكل حبّ وخشوع‬
‫ورضا بها شكراً لنعمه واعترافا ً بفضله وكرمه وتطهيراً ألنفسنا من الذنوب‪.‬‬

‫ثم بيّن هللا تعالى لنا غاية خلقه لنا قال تعالى ‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫الذاريات ‪. ) ٥٦ /‬‬ ‫ﱫﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﱪ (‬
‫إن مِن فضل هللا تعالى ورحمته بعباده أنْ أوجب عليهم هذه العبادات‬

‫وصيام وزكاة وح ّج وجهاد وبرّ بالوالدين‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫من صال ٍة‬

‫يتضح مما تقدم أنْ ‪:‬‬

‫العبادة‬

‫هي الخضوع التام هلل تعالى ‪،‬برغب ٍة ومحبّة وتعظيم له تعالى ‪ .‬فالعبادة‬
‫تتضمن عنصرين هما ‪ :‬الحبّ التام والخضوع الكامل فمن أحبّ ولم يخضعْ‬
‫فليس بعابـد ومن خضع ولم يحبّ فليس بعابـد‪ ،‬إذ العبـادة غاية الحبّ في غاية‬

‫الذ ّل واالفتقار والطاعة واالنقياد ‪.‬‬


‫وما بعث ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬األنبياء (عليهم السالم) إالّ بالدعوة إلى عبادةهللا‬
‫الواحد األحد مقرّ ين بعبوديتهم هلل تعالى فنبيُّ هللا صالح (ع) دعا (ثمود) إلى‬
‫عبادة هللا ‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬
‫ﱫ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬
‫ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ ﱪ األعراف ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫ودعا هود (ع) قومه إلى عبادة هللا تعالى‬

‫قال تعالى‪:‬ﱫ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬﱪ األعراف ‪.‬‬

‫وهللا تعالى يقول لحبّيبه المصطفى‪:‬ﱫﮂﮃﮄﮅﮆﮇﱪ‬


‫الحجر ‪.‬‬

‫وكلما زادت معرفة العبد بعظمة هللا ازداد ح ّبا ً له وتعبّداً ‪ ،‬ومن عرف ربّه‬
‫أحبّه فك ّل نعمة هي من هللا ‪ ،‬والنفس اإلنسانية تحبّ من يحسن إليها ‪ ،‬فكيف ال‬
‫يحبّ العبد ربّه وال يعبده وهو خير المنعمين سبحانه على شؤون خلقه‪.‬‬

‫إنّ العبادة غذا ٌء للروح ‪ .‬فاإلنسان جس ٌد وروح جس ٌدغذاؤه الطعام والشراب فإذا‬
‫َ ترك الجسد الطعام آصابه القلق والجوع واأللم ‪ .‬وكذلك الروح لها غذاؤها من‬
‫وذكر له فإذا ح ُِرمت الروح غذاؤها أصابها ما يصيب الجسد‬
‫ٍ‬ ‫تعبّد هللا سبحانه‬
‫عند الجوع فيتخبّط ويصيبُه الجزع والهلع واالنحراف‪.‬‬
‫َ‬
‫يحفظه‬ ‫وإذا أدى العب ُد األمانة بتنفيذ ما أمره هللا به وطاعته وعبادته أثابه هللا بأن‬
‫ويوفقه لك ِّل خير‪.‬‬

‫والصالةُ أعظ ُم العبادات ‪ ،‬وهي‪ ،‬أو ُل ما يُسأل عنه العبد ‪ ،‬وهي عمود الدين‬
‫و َمنْ أ ّداها على وجهها الصحيح غفر هللا له ذنوبه ‪ ،‬وكذا الدعا ُء عبادة إذا‬
‫تحققت شروطه بإخالص ال ّنية والتوجّ ه إلى هللا بقلب سليم‪،‬عند ذاك يستجيبُ‬
‫هللا الدعاء ويدفع البالء ‪.‬‬

‫والصدق ُة عبادةٌ من أعطاها لوجه هللا تعالى وطمعا ً في رضاه دفعت عنه هذه‬
‫الصدقة البالء والمصائب وهكذا سائر العبادات فلك ِّل عبادة أثر ينعكس في‬

‫‪30‬‬
‫َ‬
‫أصلحت فيما بينك وبين ربّك وأنت تحت‬ ‫النفس فيمنحها السعادة والرضا‪ .‬فاذا‬
‫سلطانه ‪ ،‬أصلح هللا فيما بينك وبين الناس ‪ ،‬فتسعد في حياتك ‪.‬‬

‫أنواع العبادات‬

‫العبادةُ أنواع فمنها ماكان قوالً ‪ ،‬كالدعاء والتسبيح أو عمالً كالصالة والزكاة‬
‫والح ّج أو شعوراً ‪ ،‬نحو حبِّ الخير وأهله وبُغض الشرّ وأهله أو نية قلبية لعمل الخير‪.‬‬
‫ي ّتضح لنا أن العبادة اس ٌم جام ٌع لك ّل ما يحبّه هللا ويرضاه من األقوال واألعمال‬
‫الباطنة والظاهرة ‪ ،‬فقول اإلنسان إن كان في رضا هللا وطاعته ‪ ،‬هو عبادة‬
‫كذكر هللا وتسبيحه واستغفاره والدعاء والتعامل بالحسنى وإصالح ذات البين‪،‬‬
‫واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد والنصيحة والوقوف بوجه‬
‫الباطل ك ّل هذا إنْ كان خالصا ً هلل فهو عبادة‪.‬‬
‫وكذلك عمل اإلنسان إن كان في رضا هللا وطاعته فهو عبادة‪ ،‬فالصالة والزكاة‬
‫والصيام والح ّج وأداء األمانة وبرّ الوالدين وصلة األرحام‪ ،‬والوفاء بالعهود‪،‬‬
‫الجار واليتيم والمسكين ‪ ،‬وعيادة المريض ‪ ،‬و إماطة األذى‬ ‫ِ‬ ‫واإلحسان إلى‬
‫وأمثال ذلك كلّه من العبادة ‪.‬‬
‫كذلك أنّ حبَّ هللا تعالى وحبَّ رسولِه الكريم وحبّ آله األطهار وصحبه‬
‫والشكر لِ َن َعمِه‪،‬‬
‫َ‬ ‫والصبر لحُكمِه‪،‬‬
‫َ‬ ‫وخشي َة هللا والتوبة إليه ‪،‬‬
‫األخيارعبادة ‪َ ،‬‬
‫والخوف من عذابه ك ّل‬
‫َ‬ ‫والرضا بقضائِه ‪ ،‬والتو ّك َل عليه ‪ ،‬والرجا َء لرحمتِه‬
‫ذلك عبادة ‪ ،‬نستنج من ذلك أنَّ ك َّل قول وعمل ونية فيه نفع اجتماعي و فيه‬
‫مرضاة هللا عبادة‪ .‬وأمثا ُل ذلك هي من العبادات هلل ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫لماذا نعب ُد هللا ؟‬

‫ُ‬
‫الخالق‬ ‫يستحق العبادة ‪ ،‬أل ّنه هو‬
‫ُّ‬ ‫أوالً ‪ -‬ال أحد في الكون سوى هللا تعالى‬

‫العدم الذي أم َّدنا بك ِّل النعم ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الرازق الموج ُد من‬

‫ينجو أح ٌد من عذاب يوم القيامة ‪ ،‬إالّ من كان يعب ُد هللا َّ‬


‫حق عبادته‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ثانيا ً ‪ -‬لن‬

‫ثالثا ً ‪ -‬إنَّ هللا لم يخل ْقنا إالّ لعبادته وطاعته ‪ ،‬فقال تعالى‪:‬‬

‫ﱫ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﱪ الذاريات ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪-‬الن هللا تعالى محبّ لعباده وهو المتفضل عليهم‪ ،‬وعبادتنا له تزيد من‬
‫محبته الينا ‪.‬‬

‫والب ّد من أنْ نعرف أنّ هللا غنيٌّ عنا وعن عبادتنا ‪ ،‬إنما أراد ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪-‬‬

‫نفوسنا ويطهّرها من دَ َر ِن الخطايا بعبادت ِه فيصلح حال َنا ‪.‬‬


‫َ‬ ‫ب‬ ‫انْ ي ّ‬
‫ُهذ َ‬

‫ثمرة العبادة‬

‫للعبادة ثمار تجع ُل حيا َة المسلم هادئة ‪ ،‬كلّها ربّانية ‪ ،‬فتراهُ راضيا ً قنوعا ً‬

‫فعل‬ ‫متسامحا ً وصبوراً ؛ يرجو رضا هللا في ك ِّل ما يصد ُر عنه من ٍ‬


‫قول أو ٍ‬

‫ﱫﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﱪ الزلزلة ‪.‬‬

‫بشق تمرة) ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫رسو ُل هللا ( ص ) فقال ‪(:‬اتقوا النار ولو‬
‫وأ ّكدَ ذلك َ‬
‫‪32‬‬
‫وقولُه ‪( :‬ال تحقرنَّ من المعروف شيئا ً ولو أنْ تلقى أخا َك بوج ٍه طليق)‪.‬‬
‫ُسج ُل في صحيف ِة أعمالنا ونجزى عليه ‪ ،‬فمن أراد الجزاء الحسن‪،‬‬
‫فك ُّل شي ٍء ي َ‬

‫تفانى وأخلص في عبادته ‪.‬‬

‫ومن ثمار العبادة ‪ ،‬كذلك صال ُح النفس ‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬

‫ﱫ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫ﯱ ﯲ ﱪ (العنكبوت‪.)٤٥/‬‬
‫ّ‬
‫تتهذبُ النفسُ ‪ ،‬وتستقي ُم فتحنو وترح ُم وتعفـو وتصب ُر وتبتع ُد عن‬ ‫فبالعبادة‬

‫درك طع َم السعاد ِة و ُتس ِع ُد من حولك ‪.‬‬


‫فعل المنكر والشرّ ‪ ،‬ومن ث َّم ُت ِ‬
‫‪:‬‬ ‫(ص)‬ ‫وفي الحديث الشريف قوله‬
‫الفحشاء والمنكر لم يزددْ مِنَ هللا إلاّ ُبعداً)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫( َمنْ لم تنه ُه صال ُته ِ‬
‫عن‬
‫تترك هذه العبادة أثرها‬
‫َ‬ ‫وكذا سائر العبادات ‪ ،‬فال يتق ّب ُل هللا عباد ًة من دون أنْ‬
‫في تهذيب النفس فال ُتقب ُل صالة ال تمنعك من ارتكاب المنكر‪ ،‬واليقب ُل صو ٌم‬
‫ٌ‬
‫صدقة وأنت َتمُنّ ُعلى‬ ‫وانت تنا ُل من الناس بلسانك ويدك ‪ ،‬والتقب ُل زكاةٌ أو‬
‫َمن تص ّد َ‬
‫قت عليه ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫المناقشة (‪)١‬‬
‫هللا سبحانه وتعالى بعبادته؟‬
‫‪ -١‬لماذا أمرنا َ‬
‫‪ ٢‬ما أنوا ُع العبادا ِ‬
‫ت ؟ اذكرها مع األمثلة ‪.‬‬

‫نفسه م َِن الذنوب؟‬ ‫كيف ّ‬


‫يط ِه ُر اإلنسانُ َ‬ ‫َ‬ ‫‪-٣‬‬

‫‪ -٤‬ما ثمرةُ عباد ِة هللا ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬؟‬

‫َ‬
‫وعالمة (خطأ )أما َم‬ ‫َ‬
‫عالمة (صح )أما َم العبارة الصحيحة ‪،‬‬ ‫ضع‬
‫ْ‬
‫وصح ِح الخطأ إن وجد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العبارة غير الصحيحة‬
‫‪ -١‬إنّ العبادة هلل وحده خوفا ً من ناره فقط‪.‬‬

‫أمر هللا الناس بعبادته تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه‪.‬‬


‫‪َ -٢‬‬

‫‪ -٣‬إنّ الصالة تنهى عن الفحشاء والمنكر‪.‬‬

‫‪ -٤‬إنّ من ثمار العبادة صالح النفس‪.‬‬

‫‪ -٥‬يقب ُل هللا الصالة حتى لو ار ُتكب ِ‬


‫ت معها المعاصي ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫الدرس الخامس ‪:‬‬
‫من السيرة النبوية الشريفة‬

‫مراحل الدعوة اإلسالمية‬


‫ثبات الرسول ( ص ) أمام تع ّنت المشركين وإغرائهم‪.‬‬
‫ُ‬
‫بعث هللا سبحانه وتعالى نبيه الكريم محمداً بن عبد هللا بن عبد المطلب‬
‫( ص ) رسوال إلى الناس كافة ‪ ،‬هاديا ً ومبشراً ونذيرا ‪ ،‬من أجل إعالء كلمة هللا‬
‫والقضاء على الشرك وعبادة اإلصنام واألوثان ونبذ الوثنية‪ ،‬ومن أجل إبراز‬
‫المثل العليا‪.‬‬
‫تتفق ‪ ،‬من‬ ‫ً‬
‫متممة لرساالت األنبياء السابقين ‪ ،‬إذ إنها كلها ُ‬ ‫وجاءت رسالت ُه (ص)‬
‫حيث مضمونها الحقيقي ‪ ،‬في الدعوة إلى توحيد هللا وعبادته وحده ‪ ،‬ورفع شأن‬
‫ت الدعوة بمرحلتين هما‪:‬‬ ‫اإلنسان وبناء المجتمع األفضل ‪ ،‬وقد مرّ ِ‬

‫‪ -١‬الدعوة سراً ‪:‬‬


‫استجاب النبي ( ص) ألمر هللا وأخذ يدعو إلى عباد ِة هللا وحده ونبذ األصنام‪،‬‬
‫ولكنه ( ص) كان يدعو إلى ذلك سراً فلم يكن يُظه ُر الدعوة في مجالس قريش‪،‬‬
‫ولم يكن يدعو إلاّ من كانت تش ّده إليه صلة أو قرابة أو معرفة سابقة فكان من‬
‫اوائل من دخل في اإلسالم زوجُه (خديجة بنت خويلد)(ع) وابن عمه عليُّ بن‬
‫أبي طالب(ع) وصاحبه أبو بكر(رض ) ولمّا زاد عد ُد المسلمين على ثالثين اختار‬
‫لهم الرسول الكريم (ص ) دارأحدِهم وهو (األرقم بن أبي األرقم) يلتقون فيها سرّ اً‬
‫لإلرشاد والتعليم والعبادة‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -٢‬الجه ُر بالدعوة ‪:‬‬
‫ولمّا كان العام الثالث من البعثة النبوية أمره هللا ّ‬
‫عز وج ّل بإظهار الدعوة‬
‫الحجر‪.‬‬ ‫ﭧ ﭨ ﱫﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﱪ‬
‫لحكم ر ِّّبه ‪ ،‬وراح يدعو الناس جهاراً‪ .‬وأمرهُ هللا سبحانه‬
‫ِ‬ ‫فصدع ّ( ص )‬
‫وتعالى أنْ يبدأ بذويه وأهل قرابته وعشيرته‬
‫ﭧ ﭨ ﱫﭿﮀﮁﮂ ﱪ الشعراء ‪.‬‬
‫فكان الجه ُر بالدعوة إيذانا ً بجهاد الكفار والباطل علناً‪.‬‬
‫قريش تحارب الدعوة ‪.‬‬
‫ُ‬
‫كان ر ُّد الفعل من قريش أمام الرسول ( ص ) هو اإلدبا ُر والتنك ُر لدعوته إذ‬
‫إ ّنهم أبوا أنْ يتركوا عباد َة األصنام التي ورثوها عن آبائهم‪ .‬وحاول الرسول‬
‫( ص ) تنبيههم إلى ضرور ِة تحرير العقل والمنطق في تفكيرهم‪ .‬وأوضح لهم‬
‫عاب النبي‬
‫َ‬ ‫أنّ آلهتهم التي يعكفون على عبادتها ال تنفعُهم وال تضرُّ هم شيئا‪ .‬ولمّا‬
‫ْ‬
‫اشتدت ضراوةُ‬ ‫وأنكر عليهم تقليدهم آلبائهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫محمد ( ص ) آله َتهم وس ّفه أحالم َهم‬
‫العذاب حتى بعد‬
‫َ‬ ‫معاداة قريش للدعوة وازداد عذابهم للمسلمين ‪،‬واستمرّ هذا‬
‫انتقال الدعوة إلى المدينة المنورة (يثرب)‪.‬‬
‫أسباب مقاومة قريش للدعوة‪.‬‬
‫ُ‬
‫إنّ من أسباب مقاومة قريش للدعوة اإلسالمية أنهم وجدوها تستهدف‬
‫شرْ َكهم ووثني َتهم ‪ ،‬ووجدوا فيها قضا ًء على التقاليد التي توارثوها عن آبائهم‬
‫ْ‬
‫ووجدت‬ ‫وأجدادهم ‪ ،‬فضالًعن أنها تنسبُ الجه َل إلى هؤالء اآلباء واألجداد‪.‬‬
‫قريش في الدعوة الجديدة رفعا ً لشأن الضعفاء من الحلفاء واألرقاء ومساواتهم‬
‫بالسادة األقوياء من قريش‪ .‬ووجدت في تلك الدعوة تهديداً مباشراً لمراكز‬
‫األقوياء منهم ومصالحهم االقتصادية واالجتماعية القبلية‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫النبي ( ص ) أما َم أذى قريش‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ثبات ُ‬

‫لقي الرسول (ص ) وأصحابه الكرام من قومهم الكفارعذابا ً شديداً وايذاءاً قاسياً‪،‬‬


‫َ‬
‫وقد قابله النبي (ص) بتح ٍد عظيم وثبات شديد ‪ ،‬وأعطى الرسول ( ص) وأهل‬
‫بيته وصحبه درسا ً لألجيال في قوة التحدي والثبات ‪ .‬ومن ذلك ما قام به كفار‬
‫قريش ‪ .‬إذ تجمعوا ذات مرة ووثبوا إلى رسول هللا (ص) وثبة رجل واحد وأحاطوا‬
‫به يقولون ‪َ :‬‬
‫أنت الذي تقول كذا وكذا‪....‬مما كان يقوله الرسول (ص) من عيب‬
‫ُقب ُل رج ٌل منهم وهو (عقبة ابن‬
‫دينهم وآلهتهم فيقول (نعم أنا الذي يقول ذلك) وي ِ‬
‫ابي معيط) فأخذ بجمع ردائه يريد خنقه فقام أبو بكر (رض) ودفعه عن النبي‬
‫أتقتلون رجال ً أنْ يقو َل ربّي هللا؟‪ .‬ولما رأى المشركون ثبات‬
‫َ‬ ‫(ص) وقال ‪:‬‬
‫النبي (ص) على دينه وإصراره على دعوته ذهبوا إلى عمّه ونصيره ( أبي‬
‫طالب ) ؛ ألنه كان مدافعًا عن النبي (ص) ولمكانته عندهم جاؤوا اليه وقالوا‬
‫له ‪ :‬يا ابا طالب إن ابن أخيك قد سبَّ آلهتنا ‪.‬‬
‫وعاب ديننا وس ّفه أحالمنا وضلل آباءنا ‪ ،‬فإما ان ت ّكفه عنا وإما أنْ تخلي بيننا‬
‫وبينه ‪ ،‬وعرضوا عليه إغراءات مادية للرسول (ص )‪ .‬وبعث أبو طالب إلى‬
‫ابن أخيه محمد بعد ان رد الكفار رداً جميالً فكلّمه في األمر فقال رسول هللا‬
‫والقمر في يساري على أن‬
‫َ‬ ‫الشمس في يميني‬
‫َ‬ ‫(ص)‪ :‬يا عم وهللا لو وضعوا‬
‫أهلك دونه ماتركته‪.‬وقال له أبو طالب ‪:‬‬
‫َ‬ ‫األمر حتى يظهره هللاُ او‬
‫َ‬ ‫أترك هذا‬
‫َ‬
‫اذهب يا ابن أخي‪ ،‬فوهللا ال أسلمك لشيء أبداً‪.‬فكان أبو طالب عونا لرسول‬
‫هللا (ص ) ‪.‬‬

‫النبي محمد (ص) أما َم اإلشاعات واألراجيف‪.‬‬


‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ثبات‬
‫ظم على قريش قوّ ة هذه الدعوة الجديدة وصمود النبيّ وأصحابه‬ ‫كما َع ُ‬
‫ُ‬
‫فقدعظم عليها شان هذا الكتاب الذي أخذ لُبّها وأوقعها في َحيْرة‪،‬‬ ‫أمام أذاهم ‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫بتهم باطلة ونعتته ٍ بنعوت كاذبة ‪ .‬فتولّى القرآن الكريم‬
‫ت الرسو َل (ص) ٍ‬ ‫فاتهم ِ‬
‫الرسول الكريم (ص ) والر َّد على الكفار والمشركين ‪ ،‬إذ ا ّته َم‬
‫ِ‬ ‫الدفاع َ عن‬
‫رجل في اليمامة يُقال له‬
‫ٍ‬ ‫تعليم‬
‫ِ‬ ‫الكفا ُر رسو َل هللا (ص ) بأنّ القرآن من‬

‫ت اآليات تبيّن اتهاماتهم وأراجيفهم ‪.‬قال تعالى‪:‬‬


‫( الرحمن ) ‪ ،‬فجاء ِ‬

‫ﱫﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﱪ الفرقان‬
‫كما اتهموه باالفتراء وأ ّنه شاعر‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬
‫ﱫﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮑ ﱪ االنبياء ‪.‬‬ ‫ﮎﮏﮐ‬
‫واتهموه (ص) بالجنون ‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﱪ‬
‫الدخان ‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫ﭭ ﭮ ﭯﱪ المدثر‬ ‫واتهموه بالسحرقال تعالى‪:‬ﱫ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫وا ّتهموه بالكهانة والجنون ‪ ،‬فتولّى هللا تعالى الدفاع عن رسوله الكريم‬
‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﱪ‬
‫الطور ‪.‬‬
‫وﭧ ﭨ ﱫ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﱪ الحاقة‪.‬‬

‫سالح االستهزاء ‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬


‫َ‬ ‫ثم مارست قريش‬
‫الحجر‪.‬‬ ‫ﱫ ﭥﭦﭧ ﭨ ﱪ‬

‫‪38‬‬
‫سالح لتواجه به النبيَّ محمداً (ص ) ولم َّ‬
‫يفت‬ ‫ٍ‬ ‫ولم تترك قريش أيّ‬

‫ض ِد النبيّ بل زادهُ صالبة وثباتا ً ‪.‬‬


‫ذلك في َع ُ‬

‫النبي (ص) أمام المقاطع ِة االقتصادية‪.‬‬


‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ثبات‬

‫ْ‬
‫ورأت‬ ‫القلوب‬
‫َ‬ ‫شرع يني ُر النفوس ويستميل ُ‬
‫َ‬ ‫وزادَ في رعب قريش أنَّ اإلسالم‬
‫ْ‬
‫وكتبت‬ ‫كثيراً من رجالها يشر ُح هللا صدورهم لإلسالم ‪ .‬فاجتمعت قريش‬
‫تبيع شيئا ً إلى بني هاشم ‪ ،‬وال‬
‫ّدت فيها أالّ َ‬
‫صحيفة لمقاطعة بني هاشم ‪.‬وتعه ْ‬ ‫ً‬
‫ت الصحيفة في الكعبة ‪.‬‬ ‫تبتاع منهم شيئا ً وعلّق ِ‬
‫وعُزل النبيُّ محمد (ص) والمسلمون في شِ عْ ب أبي طالب وأقاموا على‬
‫َ‬
‫ثالث سنين حتى أصابهم اإلجهاد وبلغ منهم الحرمان ُ ك َّل مبلغ دون أنْ‬ ‫ذلك‬
‫تلين لهم قناةُ ‪ ،‬وفي االثناء توفيت السيدة خديجة ‪ ،‬وتوفي ع ُّم الرسول (ابو‬ ‫َ‬
‫طالب) (عليهما السالم)‪ ،‬فحزن رسول هللا (ص) حزنا ً شديداً فسمّي ذلك العام‬
‫بعام الحزن ‪.‬‬
‫ِ‬
‫بنقض‬‫ِ‬ ‫ت المقاطعة االقتصادية إلى أنْ انتفض نفرّ من قريش‪ ،‬فتنادوا‬
‫واستمر ِ‬
‫ْ‬
‫ظهرت‬ ‫تلك الصحيفة الباغية ‪ ،‬لِ َما وجدوا فيها من ظلم وجوروعندها‬
‫يبق منها سوى‬ ‫معجزة هللا تعالى ‪ ،‬إذ إنّ الصحيفة قد أكلتها دودة األرض ولم َ‬
‫اسم هللا تعالى ‪ ،‬وبهذا خاب سال ٌح آخر من أسلحة قريش‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الدرس السادس ‪:‬‬
‫أداء ُ األمانة‬

‫ُ‬
‫األمانة ‪ :‬هي الوديعة ‪ ،‬واألمانة ضد الخيانة ‪.‬‬
‫وهي بالمعنى األخالقيِّ ‪ :‬الوفا ُء والتع ّففُ عمّا يتصرّ ف اإلنسان فيه من مال ِه‬
‫وغيره ‪ ،‬واالحتكام إلى الضمير اليقظ ‪ ،‬والرعاية لك ّل مافي اإلنسان من شي ٍء‬
‫حسّي او معنويّ ‪ .‬واألمانة ‪ ،‬كذلك أدا ُء الحقوق والمحافظة عليها ‪ ،‬فالمسل ُم‬
‫عن‬‫ِ‬
‫(‪)٢‬‬
‫جوارحهُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ويحفظ‬ ‫حق ح َّقه ‪ ،‬ويؤدي َّ‬
‫حق هللا في العبادة‬ ‫يُعطي ك َّل ذي ِّ‬
‫أخالق اإلسالم وأساسٌ من‬ ‫ِ‬ ‫الودائع ‪ .‬واألمان ُة ُخلُ ٌق جليل من‬
‫َ‬ ‫الحرام وير ّد‬
‫أُسسه ‪.‬‬
‫ّ‬
‫بشأنها‪،‬حاثا ً‬ ‫عن األمان ِة في أكثر من موطن منوّ ها ً‬ ‫تحدث القرآن الكريم ِ‬
‫ُ‬
‫السموات‬ ‫ت‬ ‫ٌ‬
‫فريضة عظيمة ح َمل َها اإلنسانُ بينما رفض ِ‬ ‫على صيانتها ‪ ،‬فهي‬
‫يحمل َنها لعظمها وثقلها ‪ ،‬يقول سبحانه وتعالى‪:‬‬‫ْ‬ ‫واألرضُ والجبا ُل أنْ‬
‫ﱫﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﱪ‬
‫االحزاب ‪.‬‬
‫وقد أمرنا هللا بأداء األمانات ‪:،‬ﭧﭨﱫ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ‬
‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﱪ النساء‪.‬وجعل نبّينا األكرم األمان َة دليالً على‬
‫إيمان ل َمنْ ال أمان َة له ‪ ،‬وال د َ‬
‫ِين لمن ال عهد‬ ‫َ‬ ‫إيمان المرء وحُسْ ِن ُخلُق ِه فقال‪ (:‬ال‬
‫له) ‪.‬‬
‫(‪ )٢‬الجوارح‪ :‬جمع جارحة ‪ ،‬وهي العضو العامل من أعضاء الجسد كاليد والرِّ جل‬

‫‪40‬‬
‫واألمانة أنواع منها‪:‬‬

‫األمـــانة في العبـــــادة‬

‫فروض الدين كما ينبغي ويحافظ‬ ‫َ‬ ‫أي أنْ يلتز َم المسل ُم التكاليف الشرعية‪ .‬فيؤدي‬
‫على الصالة والصيام وبرِّ الوالدين وغير ذلك من الفروض التي علينا أنْ نؤ ّد َيها‬
‫بأمانة هلل ِّّ‬
‫رب العالمين‪.‬‬

‫األمـــانة في حفظ اعضاء‬


‫الجسم‬
‫أمانات يجب عليه أنْ يحافظ‬‫ٌ‬ ‫إذ على المسلم أنْ يعلم أنّ أعضا َء جسده كلّها‬
‫ٌ‬
‫أمانة عليه أنْ ي ُغضَّها ِ‬
‫عن‬ ‫عليها وال ّ‬
‫يوظفها فيما يُغضِ بُ هللا سبحانه فالعينُ‬
‫ٌ‬
‫أمانة فال تمت ُّد‬ ‫سماع الحرام ‪ ،‬والي ُد‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫أمانة يجب عليه أنْ يج ّن َبها‬ ‫الحرام‪ ،‬واأل ُ ُذن‬
‫إلى الحرام ‪ ،‬واألقدام أمانة ٌفال يسي ُر بها إلى الحرام ‪...‬‬
‫ظ األمانة في حِفظ النفس من الهالك بإبعادها من موار ِد الهلك ِة‬ ‫و ِح ْف ُ‬
‫التدخين‪،‬إلضراره بالصحة‪ ،‬وينأى عن ك ِّل ما يؤذي النفس‪.‬‬
‫ِ‬ ‫واألذى ‪ ،‬فيبتع ُد ِ‬
‫من‬

‫األمـــانة في حفظ الودائع‬

‫ومعناها أنْ تؤدي األمانة إلى أصحابها عندما يطلبونها كما هي وذلك ما‬
‫َ‬
‫ليحفظها‬ ‫فعله نبينا الكريم مع المشركين الذين كانوا يتركون ودائعهم عنده‬
‫أهل مكة ‪ ،‬لذلك كانوا‬‫لهم‪ .‬فقد ع ُِرف النبي محمد (ص ) بصدق ِه وأمانتِه بين ِ‬
‫يل ّقبونه ‪ ،‬قبل البعثة‪ ،‬بالصادق األمين ‪ ،‬وحينما هاجر الرسول من مك َة المكرم ِة‬
‫ف عليَّ بن ابي طالب (ع) ابن عمه بإعادة الودائع‬ ‫إلى المدينة المنورة كلَّ َ‬
‫واألمانات إلى المشركين التي تركوها عند رسول هللا ( ص ) ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ُ‬
‫األمانة في العمل‬

‫ومن األمانات أنْ يؤُ دي المر ُء ما عليه على خير وجه ‪ ،‬فالعام ُل ُيتِقنُ عمله‬
‫ت ‪ ،‬ويجته ُد في‬ ‫ويُؤديه بإخالص ود ّقة ‪ ،‬والطالبُ يؤدي ما عليه من واجبا ٍ‬
‫تحصيل علومه ودراسته ويخ ّففُ عن والديه األعباء ‪ ،‬وهكذا يؤدي ك ُّل أمرى ٍء‬
‫عمله بنجاح ‪.‬‬
‫ُ‬
‫األمانة في الكــالم‬

‫ومن األمانة أنْ يلتزم المسلم الكلمة الجــا ّدة‪ ،‬فيعرفُ ْقد َر الكلمة وأهمي َتها ‪،‬‬
‫فالكلم ُة قد ُتدخِل صاحبها الج ّنة وتجعله من أهل التقوى ‪ ،‬كما قال هللا سبحانه‬
‫وتعالى‪.‬‬

‫ﱫ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﱪ إبراهيم ‪.‬‬
‫وقد ينطق اإلنسان بكلمة الكفر ُفيصير من أهل النار‪ ،‬وضربّ هللا سبحانه مثالً‬

‫فقال تعالى ﱫ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﱪ إبراهيم‪.‬‬
‫(الكلمة الط ِّي ُ‬
‫بة صدقة ) ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وقد بينّ نبينا األكرم أهمية الكلمة وأثرها فقال ‪:‬‬

‫ُ‬
‫المسؤولية أمانة‬

‫ً‬
‫أمانة في عنقه ‪ ،‬سواء كان حاكما‬ ‫إنسان مسؤو ٌل عن شي ٍء أو أشياء يع ُّد‬
‫ٍ‬ ‫ك ُّل‬
‫أو والداً أو ابنا ً ‪ ،‬وسواء أكان رجالً أم امرأ ًة فهو ٍ‬
‫راع ومسؤول عن رعيته ‪ .‬قال‬
‫مسؤول ما‬
‫ٍ‬ ‫راع وكلّكم مسؤو ٌل عن رعيت ِه ) فلوأ ّدى ك ُّل‬
‫الرسول (ص ) ( كلّكم ٍ‬
‫‪42‬‬
‫آثار تلك األمانة ‪.‬‬ ‫عليه من واجبا ٍ‬
‫ت بأمانة لجنينا َ‬
‫في كل ِّ شي ٍء فنرى العمران والتطور‪ ،‬فيزدهر البلد ‪ ،‬ولو أ ّدى المدرس‬
‫والطالب ما عليهما فستظهر اآلثار اإليجابية في الفرد والمجتمع ‪.‬‬
‫ُ‬
‫يحفظ‬ ‫إنسان ‪ ،‬وهي األمانة في حفظ األسرار‪.‬فالمسلم‬
‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫أمانة مهمة لدى ك ِّل‬ ‫وثمة‬
‫سرّ أخيه وال يخو ُنه وال يفشي أسراره ‪ .‬وكذلك األمان ُة في البيع فالمسل ُم‬
‫اليغشُّ أحداً وال يغدر به وال يخونه ‪ ،‬ولألمانة فضلها وعندما تسو ُد بين الناس‬
‫يتح ّقق لهم الخير ‪ ،‬ويعمُّه ُم ُالحبّ وقد آثنى هللا على عباد ِه المؤمنين لحفظهم‬
‫األمانة ‪ ،‬فقال تعالى ‪ :‬ﱫ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﱪ المعارج ‪.‬‬

‫وفي اآلخرة يفو ُز األمناء برضا ر ِِّبهم وبجن ٍة عرضُها السماوا ِ‬


‫ت واألرض‪.‬‬
‫إنسان ال يلتز ُم أدا ِء األمانة وال يؤدي ما يجب عليه من أمانة فهو خائن‬
‫ٍ‬ ‫وك ُّل‬
‫وهللا تعالى ال يُحبّ الخائنين ‪.‬‬
‫ﭧ ﭨ ﱫ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﱪ النساء‬
‫وقد أمرنا هللا تعالى بعدم الخيانة ‪ ،‬فقال تعالى ‪ :‬ﱫ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﱪ األنفال ‪.‬‬

‫وقد أمرنا نبيُّنا بأداء األمانة مع الناس جميعاً‪ ،‬وأالّ نخون من خاننا فقال (ص)‪:‬‬
‫ائتمنك ‪ ،‬وال َت ُخنْ َمن خانك)‪ .‬وكذلك بيّن النبيُّ ( ص) أنّ‬
‫َ‬ ‫( أ ّد األمان َة إلى من‬
‫ُعذبُ بسببها في النار‪ ،‬وخيانته ستكونُ خزيا ً وندامة يوم‬ ‫خائن األمان ِة سوف ي ّ‬
‫َ‬
‫القيامة ‪ ،‬وسوف يأتي خائنُ األمانة يوم القيامة مذلوالً عليه الخزي والندامة ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ت اإليمان‪ ،‬والخيان ُة إحدى صفا ِ‬
‫ت المنافق ‪،‬يقول حبيبُنا‬ ‫إذن‪ ،‬األمانة من عالما ِ‬
‫أخلف وإذا‬
‫َ‬ ‫آية المنافق ثالث ‪ :‬اذا َ‬
‫حدّث كذب ‪ ،‬واذا وعدَ‬ ‫المصطفى (ص)‪ُ ( :‬‬
‫اؤتمنَ خان ) فال تضيع األمانة‪ ،‬ففيها تسعد النفوس وتطمئن ويعُّم‬
‫العد ُل واإلخالص وتقوى العالقات ويصلح المُجتمع ويزدهر ‪ ،‬واألهم‬
‫من ذلك كله سنستحق أنْ نسمى بالمسلمين فاإلسالم ليس اسما ً يقترنُ‬
‫ك و ُخلُق صال ٌح أمرنا هللا تعالى به فيميزنا به ‪ ،‬و َمن‬ ‫بنا إنما هو سلو ٌ‬
‫فليس بمسلم‪.‬‬
‫َ‬ ‫اإلسالم‬
‫ِ‬ ‫كان ال ي ّتصفُ ب ُخلُ ِق‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫‪ -١‬هل تقتص ُر األمانة على ر ِّد الودائع ؟‬
‫‪ -٢‬اذكرْ ً‬
‫آية قرآنية تذك ُر أهمي َة حفظ األمانة ‪.‬‬
‫‪ -٣‬أجسامنا أمانة ‪ ،‬كيف نحافظ عليها كما أمرنا هللا تعالى ؟‬
‫‪ -٤‬بماذا ل ّق َ‬
‫ب نبُّينا محمد (ص)ألمانته ؟ وكيف تكون أمانة المسلم بالكلمة ؟‬
‫‪ -٥‬اذكرْ حديثا ً نبو ّيا ً شريفا ً في عالما ِ‬
‫ت المنافق ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الوحدة الثانية‬
‫سورة البروج‬ ‫الدرس االول‪:‬‬

‫آيات احلفظ (‪)٩-١‬‬

‫ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚﭛﭜﭝ ﭞﭟ ﭠﭡ ﭢﭣﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ‬
‫ﭱﭲ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ‬
‫ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ‬
‫ﮑﮒ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦﮧ ﮨﮩﮪ ﮫ ﮬﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔﯕ ﯖﯗﯘﯙ ﯚﯛﯜﯝﯞ ﯟ‬
‫ﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫ‬
‫ﯬ ﯭﯮﯯ ﯰﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﱪ‬
‫صدق اهلل العلي‬
‫العظيم‬

‫‪45‬‬
‫معاني الكلمات‬
‫معنــــاهــــــــا‬ ‫الكلمـــة‬
‫البُرج البناء الكبيرالذي يظهرمن بعيد‬ ‫البُروج‬
‫والمراد من البُروج في اآلية‪ :‬كواكب‬
‫ثابتة غيرسيّارة هي منازل الشمس‬
‫والقمر‪.‬‬
‫الشِ ّق العظيم في األرض كالخندق‪.‬‬ ‫األخدود‬

‫لُعِن وهلك‪.‬‬ ‫قتل‬


‫ماعابوا وما كرهوا‪.‬‬ ‫وما نقموا‬
‫عذاب جهنم ‪.‬‬ ‫عذاب الحريق‬
‫األخذ بشدة‪.‬‬ ‫البطش‬

‫أي يبدأ الخلق ثم يفنيهم ‪ ،‬ثم يعيدهم أحياء ‪.‬‬ ‫يبدي ويعيد‬
‫المستحق لصفات الكمال والعلو‪.‬‬ ‫المجيد‬

‫‪46‬‬
‫المعنى العام‬

‫ﭧﭨ ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﱪ‬
‫أقس َم هللا تعالى بالسما ِء البديعة وما فيها من نجوم لِين ِّب َهنا على ما فيها من‬
‫َ‬
‫وبالغ الحكمة لِنعل َم أنّ الذي خ َلقها أج ُّل وأعظم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫د ّق ِة الصنع ‪،‬‬

‫والبُروج اثنا عشر برجا‪ ،‬وهي ‪:‬ذات المنازل المعروفة للكواكب‪ ،........‬إذ‬
‫شهر في واحد من هذه البُروج ‪ ،‬وقد اهتم العربُّ اهتماما ً‬ ‫ٍ‬ ‫تح ُّل الشمسُ ك ّل‬
‫أحوج‬
‫َ‬ ‫ت األمم التي سبقتهم وكانوا‬ ‫كبيراً بمعرفة هذه النجوم ‪ ،‬ومن قبلِهم اهتم ِ‬
‫الناس إلى معرفتها ‪ ،‬ومواقع طلوعها وغروبها‪ ،‬ألنهم يحتاجون إليها في الس َفر‬
‫وهلكت تجار ُتهم‬
‫ْ‬ ‫ت قوافلُهم‪،‬‬ ‫برّ اً وبحراً ‪ ،‬إذ يهتدون ليالً بها ‪ ،‬فلوالها لضلّ ْ‬
‫ومواشيهم ‪،‬فأقسم هللا بها ألننا نراها ونشاه ُدها دائما ً ‪ ،‬ولنا فيها مصال ُح ومناف ُع‬
‫أج ُّل وأعظ ُم ‪.‬‬ ‫للناس في هذه الحياة ‪ ،‬وهو َق َس ٌم عظيم ‪ ،‬والذي َ‬
‫أقس َم َ‬

‫ﱫﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﱪ‬
‫وعدَ نا هللاُ به ‪ ،‬وإ ّنه آ ٍ‬
‫ت للحساب‪،‬‬ ‫اليو ُم الموعود هو يوم القيامة الذي َ‬
‫والشاهد هو الرسول (صلى هللا عليه و اله وصحبه وسلم ) لقوله تعالى ‪:‬‬

‫األحزاب‬ ‫ﱫﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﱪ‬
‫وفسره بعض العلماء بأنه يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة وقيل هو يوم القيامة‬

‫وبهذا يوجِّ ه هللا تعالى أنظارنا إلى ما في هذا الكون الواسع الكبير من العظمة‪،‬‬
‫ُ‬
‫يستحق أنْ يُعبد ‪.‬‬ ‫لنعتبر ونتعظ ‪ ،‬ونعلم أنّ هللا الذي خلق هذا الكون هو الذي‬

‫‪47‬‬
‫ﱫﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﱪ‬
‫أصحاب األخدود ولعنهم ‪ ،‬فهم قوم كفرة ش ّقوا في األرض شقا ً‬ ‫َ‬ ‫قات َل هللاُ‬
‫مستطيال كالخندق ‪ ،‬وملؤوهُ بالنيران ‪ ،‬وأرادوا إجبار المؤمنين على الكفرباهلل‬
‫فلما رفض المؤمنون الكفر أحرقوهم بالنار فقُتل هؤالء المجرمون ولُعنوا ‪ ،‬فقد‬
‫كانوا جلوسا ً حو َل النار ‪ ،‬يشهدون كيف يتعذب المؤمنون من دون أنْ تأخذهم‬
‫بهم رحمة وشفقة ‪.‬‬

‫ﱫﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﱪ‬
‫ب عندهم ‪ ،‬وال انتقموا منهم ‪ ،‬إالّ أل ّنهم آمنوا باهلل‬ ‫وما كان للمؤمنين من ذ ْن ٍ‬
‫العزيز الحمي ِد ‪ ،‬مالك السموات واألرض وما بينهما‪ ،‬ثم بي َّن هللا تعالى أ ّنه َّ‬
‫مطل ٌع‬ ‫ِ‬
‫على أعمال عباده ‪ ،‬ال تخفى عليه خافية من شؤونهم ‪ ،‬فهو عليم بما فعلوه‬
‫بالمؤمنين ‪ ،‬وتوعدهم بأنهم سيالقون جزاء ماعملوه ‪.‬‬

‫ﱫﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓﱪ‬

‫إنّ الذين أرادوا إجبار المؤمنين والمؤمنات على الكفر وأحرقوهم بالنار‬
‫ليصرفوهم عن دين هللا‪ ،‬ثم لم يتوبوا‪ ،‬فلهم في اآلخرة عذابُ جهنم‪ ،‬ولهم‬
‫العذاب الشديد المحرق ‪ ،‬وفي هذا تحذير لكل الكفرة الذين يؤذون المؤمنين‬
‫سيواجهون عذاب السعير‪.‬‬
‫َ‬ ‫بأنهم‬

‫‪48‬‬
‫ﱫﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﱪ‬
‫ُ‬
‫جنات تجري‬ ‫هللا ورسو َله ‪ ،‬وعملوا األعما َل الصالحات‪ ،‬لهم‬
‫إن الذين ص َّدقوا َ‬
‫من تحت قصورها األنهار‪ ،‬ذلك الفوز العظيم‪.‬‬

‫ﱫﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﱪ ‪.‬‬
‫َ‬
‫والظ َلم ِة وأعدا ِء رسله انتقامًا‬ ‫هذا خطابٌ عام أي ‪ :‬انتقا َم هللا م َِن الجبابرة‬
‫الخالق القادر ‪ ،‬الذي يبدأ الخلق من العدم‪ ،‬ثم يعي ُدهم‬ ‫ُ‬ ‫شدي ًدا‪ .‬فاهلل تعالى هو‬
‫أحيا ًء بعد الموت ‪ ،‬وهو الذي يس ُتر الذنب ويغفره فال يعاقب به ‪ ،‬ويحبُّ‬
‫ت‪،‬‬‫أولياءه ويحبّونه ‪،‬صاحبُ العرش العظيم الذي هو أعظ ُم المخلوقا ِ‬

‫وسع السموات واألرض‪.‬‬


‫َ‬ ‫الذي‬

‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﱪ ‪.‬‬
‫وبعد أنْ أخبر هللا تعالى نبيَّه الكريم بقصة أصحاب األخدود وما وعدهم هللا به‬
‫من جزاء ‪ ،‬قال لرسوله الكريم يواسيه بأسلوب االستفهام للتشويق هل بلغك‬
‫ّ‬
‫المكذبة ألنبيائها وماذا ح ّل بها ؟ هم‬ ‫‪-‬أيها الرسول‪ -‬خبر الجموع الكافرة‬

‫كذبوا موسى (ع ) ‪ ،‬وقوم (ثمود) الذين ّ‬


‫كذبوا‬ ‫فرعون وقومه الذين ّ‬
‫بأس وش ّدة ‪ ،‬و كانوا أش َّد بأسا ً ‪ ،‬وأقوى‬
‫صالحا ً (ع) ‪، ،‬لقد كانوا أولي ٍ‬
‫من قومك ‪ ،‬ومع ذلك فقد أخذهم هللا تعالى بذنوبهم أخذ قويٍّ مقتدر‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫ﱫﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ﯲﯳﯴﯵﯶ ﱪ ‪.‬‬
‫ّ‬
‫المكذبين ‪ ،‬بل هم أش ّد منهم‬ ‫ار قريش لم ي ّتعظوا بما ح َّل بأولئك الكفرة‬
‫لكنَّ ك ّف َ‬
‫ُكفراً وطغيانا ً وهللا تعالى قادر عليهم ‪ ،‬وال يعجزونه ‪ ،‬ألنهم في قبضته في‬
‫حين وزمان ‪ ،‬وال يخفى عليه منهم ومن أعمالهم شيء‪.‬إنّ مانتلوهُ عليك هو‬ ‫ك ّل ٍ‬
‫ّ‬
‫المكذبون المشركون بأ ّنه شِ ع ٌر وسحرفهو‬ ‫القرآن العظيم ‪ ،‬وليس كما زعم‬
‫كتابٌ رفي ُع الشرف والمكانة ‪ ،‬قد سما على سائر الكتب السماوية ‪ ،‬في إعجازه‬
‫و َنظمه وصحّ ة معانيه ‪ .‬إنه قرآن عظيم كريم‪ ،‬في لوح محفوظ‪ ،‬ال ينالُه تبدي ٌل‬
‫وال تحريف‪.‬‬
‫أهم ماترشد إليه السورة ‪:‬‬
‫‪-1‬وجوب االيمان بالبعث والحساب ‪.‬‬
‫‪ -2‬عظمة هللا وقدر ُته وإحاط ُته بك ِّل شيء‪.‬‬
‫‪ -3‬بيانُ ما يبتلى به المؤمنون في هذه الحياة ويصبرون ‪ ،‬فيكون جزاؤهم‬
‫الجنة ‪.‬‬
‫ب من سبق كقصة أصحاب األخدود ففي قصص‬ ‫‪ -4‬وجوبُ اال ّتعاظ بتجار ِ‬
‫القرآن عِ ظة وعِ برة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ومحفوظ اليناله تبدي ٌل أو تحريف‪.‬‬ ‫القرآن الكريم معج ٌز المثي َل له‬
‫َ‬ ‫‪ -5‬إنّ‬
‫المناقشة‪:‬‬
‫‪1‬ــ لماذا أقس َم هللا تعالى بالسماء ذات البروج ؟‬
‫باليوم الموعود ؟‬
‫ِ‬ ‫‪2‬ـ ما المقصو ُد‬
‫‪3‬ـ هل يبطش هللا سبحانه وتعالى بالناس جميعا ً ؟‬
‫‪4‬ـ ما جزا ُء الذين صد َّقوا هللا ورسوله ؟‬
‫أصحاب األخدود ‪ ،‬وما مصيرُهم‬
‫َ‬ ‫لعن هللا‬
‫‪ -٥‬لماذا َ‬

‫‪50‬‬
‫ضع عالمة (صح) أمام العبارة الصحيحة وعالمة (خطأ) أما َم‬
‫العبارة غير الصحيحة‪.‬‬
‫والبروج قبل أسفارهم وتن ّقلهم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫النجوم‬
‫ِ‬ ‫بمواقع‬
‫ِ‬ ‫‪َ -١‬ل ْم تهت َّم األم ُم‬

‫‪ -٢‬اليو ُم الموعود هو يو ُم الحساب ‪.‬‬

‫‪َ -٣‬خ َل َق هللا الموجودات من العدم ‪.‬‬

‫وتاب عليهم ‪.‬‬


‫َ‬ ‫‪ -٤‬أصحابُ األخدود لع َنهم هللا‬
‫‪ -٥‬قو ُم (ثمود) الذين ّ‬
‫كذبوا هوداً (ع )‪.‬‬

‫أكمل اآليات اآلتية ‪:‬‬


‫(والسماء ‪ )١(........ .........‬واليوم ‪)٢(...............‬‬

‫النار ذات‬
‫ِ‬ ‫وشاهد ومشهود (‪ )٣‬قُت َل ‪)٤(............... ...........‬‬
‫‪ )٥(..............‬إذ هم عليها ‪ )٦(................‬وهم على ما يفعلون‬
‫‪ .............‬شهود (‪ )٧‬وما نقموا منهم إال أن يؤمنوا ‪..............‬‬
‫‪ )٨(.................. ................‬الذي له ‪ .............‬السموات‬
‫واألرض وهللا على ‪)٩( ................ ............... ............‬‬

‫‪51‬‬
‫الدرس الثاني ‪:‬‬
‫القرآنُ الكريم‬

‫تعريف القرآن‬
‫ُ‬

‫ُنز ُل على نب ّي ِه محم ٍد (ص ) المكتوبُ‬ ‫٭‬


‫القرآنُ ‪ :‬هو وحيُ هللا المُع ِج ُز الم َّ‬
‫في المصاحف ‪ ،‬المنقو ُل عنه بالتواتر‪ ،‬المتع َّب ُد بتالوته‪ ،‬المبدو ُء بسورة الفاتحة‪،‬‬
‫والمختوم بسورة الناس ‪.‬‬
‫ومعنى المنقول بالتواتر ‪،‬قد نقله جمع من الناس الثقات يستحيل كذبهم ‪ ،‬ومعنى‬
‫المتعبد بتالوته ‪ ،‬ان تالوة القران الكريم عبادة يؤجر االنسان عليها ‪.‬‬

‫ُ‬
‫اآلية ‪ :‬هي جز ٌء من السورة ‪ ،‬ومن اآليات تتألفُ السورة ‪ ،‬تختتم ك ُّل آي ٍة‬ ‫٭‬
‫بعدد يحمل تسلس َل اآلية في السورة‪.‬‬

‫السورةُ ‪ :‬تتألفُ السورة من مجموعة من اآليات الكريمة ‪ ،‬تنتهي كل‬ ‫٭‬


‫ت في السورة ‪ .‬ولك ِّل سور ٍة‬ ‫آية برقم خاص بها ورقم آخر آية يبّينُ عددَ اآليا ِ‬
‫اس ٌم أو أكثر‪ ،‬وأقص ُر سور ٍة هي الكوثر‪ ،‬وأطو ُل سور ٍة هي البقرة ‪.‬‬
‫وأربع عشر َة سورة (‪ ، )١١٤‬وعد ُد أجزائ ِه ثالثون‬ ‫َ‬ ‫عد ُد س َُو ِر القرآن مائة‬
‫جزءً‪.‬‬
‫جميع سور القرآن الكريم تبدأ ُ بالبسملة (بسم هللا الرحمن الرحيم ) ماعدا‬
‫سورة التوبة التي تخلو من البسملة ألن هللا تعالى يتبرأ ُ فيها م َِن الكافرين ‪،‬‬
‫وألنّ البسملة تتضمّنُ الرحمة لذلك لم تبدأ سورة التوبة بالبسملة‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫أسما ُء القرآن وصفاتُه‬

‫لقد س ّمى هللا تعالى القرآنَ بأسماء كثيرة منها‪:‬‬


‫٭ القرآنُ ‪ :‬ﭧ ﭨ ﱫﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭯﱪ‬
‫اإلسراء‪.‬‬
‫الكتاب ‪ :‬ﭧ ﭨ ﱫ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ‬ ‫ُ‬ ‫٭‬
‫ﯨ ﯩ ﱪ االنبياء ‪.‬‬
‫٭ الفرقانُ ‪ :‬ﭧ ﭨ ﱫ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﱪ الفرقان ‪.‬‬

‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﱪالحجر‪.‬‬ ‫٭ ا ِّلذ ْك ُر ‪ :‬ﱫ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬

‫القرآن الكريم‬
‫ِ‬ ‫ت‬
‫من صفا ِ‬
‫ف كثيرةٌ منها ‪:‬‬
‫وصف هللا تعالى القرآن الكريم بأوصا ٍ‬
‫َ‬
‫٭ نور‪ ،‬ﭧﭨ ﱫ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﱪ النساء ‪.‬‬

‫وهدى ورحمة ‪ ،‬ﭧ ﭨ ﱫ ﮂ ﮃ‬


‫ً‬ ‫ٌ‬
‫موعظة وشِ فا ٌء‬ ‫٭‬
‫ﮄﮅﮆ ﮇﮈﮉﮊ ﮋﮌ ﮍﮎ‬
‫ﮏ ﮐﱪ يونس ‪.‬‬

‫٭ بشرى ‪ :‬ﭧ ﭨ ﱫ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑﮒﮓﮔ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚ‬
‫ﮛﮜ ﱪ البقرة ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫المناقشة ‪:‬‬

‫‪ -١‬ع ِّدد خمسا ً من صفا ِ‬


‫ت القرآن الكريم ‪.‬‬

‫القرآن الكريم ‪.‬‬


‫َ‬ ‫‪ -٢‬عرّ فِ‬

‫‪ -٣‬ما أقص ُر سورة وما أطو ُل سورة في القرآن الكريم ؟‬

‫للقرآن الكريم مستشهداً بآي ٍة كريمة ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫‪ -٤‬اذكرْ ثالث َة أسماء‬

‫َ‬
‫وعالمة (خطأ ) أما َم‬ ‫َ‬
‫عالمة (صح) أما َم العبار ِة الصحيحة‪،‬‬ ‫ض ْع‬
‫َ‬
‫العبارة غير الصحيحة ‪.‬‬

‫‪ -١‬يبدأ ُ القرآن الكريم بسورة الفاتحة ويخت ُم بسورة اإلخالص ‪.‬‬

‫‪ -٢‬عد ُد سور القرآن (‪ )١٠٠‬سورة ‪.‬‬

‫‪ -٣‬اآلي ُة أصغ ُر جز ٍء في السورة ‪.‬‬

‫السور تبدأ بالبسملة‪.‬‬


‫ِ‬ ‫‪ -٤‬جميع‬

‫‪54‬‬
‫الدرس الثالث مِنَ الحدي ِ‬
‫ث الشريف‬
‫( الصدق والكذب)‬
‫للشرح والحفظ‬
‫قال رسول ُ هللا ( ص) ‪:‬‬

‫البر‬
‫البر‪ ،‬وإن َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫الصدق يهدي إلى‬ ‫بالصدق فإنَّ‬
‫ِ‬ ‫عليكم‬
‫َ‬
‫الصدق‬ ‫ويتحرى‬
‫ّ‬ ‫يهدي إلى الجنة ‪ .‬وما يزال ُ الرجل ُ يصدق‬
‫الكذب‬
‫َ‬ ‫هللا صدِّ يقا ً وإياكم والكذب ‪ ،‬فإنَّ‬‫كتب عند ِ‬
‫حتى ُي َ‬
‫الفجور يهدي إلى النار ‪ ،‬وما يزال ُ‬ ‫َ‬ ‫يهدي إلى الفجور وإنّ‬
‫كذاباً‪.‬‬ ‫هللا َّ‬
‫كتب عند ِ‬
‫الكذب حتى ُي َ‬
‫َ‬ ‫ويتحرى‬
‫ّ‬ ‫يكذب‬
‫ُ‬ ‫الرجل ُ‬
‫صدق رسول هللا‬

‫(ص)‬

‫معاني المفردات‬

‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫الزموا الصدق وتمسكوا به‪.‬‬ ‫عليكم بالصدق‬
‫يوصل ‪.‬‬ ‫يهدي‬
‫اسم جامع للخير كله ‪ .‬العمل‬ ‫البرّ‬
‫الصالح‪.‬‬
‫يطلب ‪ ،‬يقصد ‪.‬‬ ‫يتحرى‬
‫ّ‬

‫كثير الصدق ‪.‬‬ ‫ص ِّديقا ً‬

‫‪55‬‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫تباعدوا عن الكذب ‪ ،‬واحذروا‬ ‫إياكم والكذب‬

‫الكذب‪.‬‬

‫الفساد ‪ ،‬واألعمال السيئة ‪.‬‬ ‫الفجور‬

‫كثير الكذب ‪.‬‬ ‫ّ‬


‫كذابا ً‬

‫المعنى العام‬
‫ُ‬
‫الصدق والكذب صفتان متضادتان فالصدق أص ُل ك ّل فضيلة‪ ،‬والكذبُ أص ُل‬
‫ُ‬
‫الصادق يحبُّه الناس ويحترمونه ويثقون به ويأتمنونه على‬ ‫ك ِّل رذيلة واإلنسانُ‬
‫أموالهم وأعراضهم وأسرارهم ‪ ،‬ويحظى بمنزل ٍة رفيعة في المجتمع ‪ ،‬وينا ُل‬
‫عز وجلّ‪.‬‬‫رضا هللا ّ‬
‫يطمئنون إلى ما يقوله ‪ ،‬وال يثقون به‪،‬وال‬ ‫َ‬ ‫أمّا الكاذبُ فيحتقرُه الناس ‪ ،‬وال‬
‫يعتمدون عليه ‪ ،‬وال يأتمنون ُه على شيء ‪ ،‬وهو مكروهٌ عند هللا والناس أجمعين‬ ‫َ‬
‫وهو ممقوت عند للاهّ ورسوله ‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬
‫ﱫﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﯴﯵﯶﱪ(يونس)‬
‫وفي حديث الصدق والكذب يأمرنا نبيُّنا محمد (صلى هللا عليه وآله وصحبه وسلم) أنْ‬
‫َ‬
‫الصدق يهدي إلى ك ِّل أعمال‬ ‫بالصدق في أقوالنا وأفعالنا ‪ ،‬مبيِّنا ً لنا أنَّ‬
‫ِ‬ ‫ّك‬
‫نتمس َ‬
‫الخير النافعة للفرد والمجتمع التى تقرِّ ب اإلنسان من رحم ِة هللا ورضوانه‪.‬‬
‫بالصدق يعلو ْقدره في المجتمع ‪ ،‬ويجعله ُ في عِ دا ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِّك‬
‫وإنّ اإلنسان المتمس َ‬
‫ت ال ُخلد التي َو َعدَ‬
‫ورفع منز َلتهم في جنا ِ‬
‫َ‬ ‫الص ِّد َ‬
‫يقين الذين أنع َم هللا عليهم برحمته‪،‬‬
‫الم ّتقين‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الفسوق‬
‫ِ‬ ‫الكذب يجرُّ إلى‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ويحذرُنا سوء عاقبته مبيّنا ً أنَّ‬ ‫عن الكذب ‪،‬‬‫وينهانا (ص) ِ‬
‫اإلنسان المستمرّ على الكذب‬
‫َ‬ ‫والمعاصي ‪ ،‬وك ّلِ أعمال الشرِّ والفساد‪ .‬وإنّ‬
‫من‬ ‫الكذابين‪ .‬الذين طردهم هللا من رحمته وباؤوا بغض ٍ‬
‫ب َ‬ ‫يجعله هللاُ في زمرة ّ‬
‫ب مهين ‪ .‬وفي حدي ٍ‬
‫ث آخر‪ ،‬قال النبيُّ ( ص) ‪:‬‬ ‫هللا وعذا ٍ‬
‫بالمرء كذبا ً أن ُيحِدث بكل ِّ ماسمع)‬
‫ِ‬ ‫(كفى‬
‫ففي هذا الحديث الشريف يحثنا النبي(صلى هللا عليه وآله وصحبه وسلم) على‬
‫االبتعاد عن كل ما من شأنه أن يوقعنا في الكذب‪ .‬ويحذرنا التورط فيه‪.‬‬
‫َ‬
‫الصدق من‬ ‫فيجب أنْ نمحّ ص ما نسمعه من كالم تمحيصا ً دقيقا ً وأنْ نتبي ََّن‬
‫نتحدث به ‪ ،‬أو ننق َل ُه لغيرنا ‪ ،‬فإنَّ المر َء يسم ُع كالما ً كثيراً ‪،‬‬
‫َ‬ ‫الكذب قب َل أنْ‬
‫وأخباراً مختلفة ‪ ،‬فيها الصحيح وفيها المكذوب‪ .‬فإنْ تحّ َ‬
‫دث بك ِّل ما سمعه من‬
‫خبر مكذو ٍ‬
‫ب‪،‬‬ ‫نقل حدي ٍ‬
‫ث او ٍ‬ ‫ينجو من التورّ طِ في ِ‬
‫َ‬ ‫وتمييز ‪ ،‬فلن‬
‫ٍ‬ ‫تمحيص‬
‫ٍ‬ ‫غير‬
‫فيُع ُّد بذلك كاذبا ً ‪.‬‬
‫بالصدق في جميع أقوالنا النه سببٌ للنجا ِة في الحياة‬
‫ِ‬ ‫لذا أمرنا رسول هللا (ص)‬
‫الدنيا وفي اآلخرة ‪.‬‬
‫أهم ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫عن الكذبِ‪.‬‬
‫بالصدق ‪ ،‬وينهى ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدين اإلسالمي يأم ُر‬ ‫َ‬ ‫‪ -١‬إنّ‬
‫ُ‬
‫ويثق به‬ ‫هللا ‪ ،‬وترتف ُع مكان ُته في المجتمع‪،‬‬
‫الصادق يحظى برضا ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -٢‬اإلنسان‬
‫الناس ويحترمونه‪.‬‬
‫الناس ‪ ،‬ال يثقون به وال‬
‫ِ‬ ‫‪ -٣‬الكذابُ مطرو ٌد من رحم ِة هللا ‪ ،‬محتق ٌر عند‬
‫يأتمنونه على شيء‪.‬‬
‫ّك أبناؤهُ‬
‫‪ -٤‬من أه ّم ما يبني المجتمع ‪ ،‬ويشي ُع الثقة والطمأنينة فيه ‪ ،‬أن يتمس َ‬
‫بالصدق في أقوالهم وأفعالهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ويتوثق منه‪،‬‬ ‫‪ -٥‬على المر ِء أنْ يُح ِّك َم عق َله فيما يسْ َمعُه ‪ ،‬وأنْ يتأ ّكدَ مِن صحته‬
‫قب َل التحدث به‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫المناقشة (‪)١‬‬
‫ت اآلتية بما يناسبها‪:‬‬
‫أكمل الفراغا ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫الصدق والكذب صفتان ‪ ...........‬فالصدق أصل‬ ‫‪-١‬‬
‫ك ّل ‪ .............‬والكذب أص ُل ك ّل ‪............‬‬
‫ُ‬
‫الصادق ‪ ...........‬الناس و ‪............‬‬ ‫‪ -٢‬اإلنسانُ‬
‫‪ -٣‬اإلنسانُ الكاذبُ ‪ ............‬الناس وال‪...........‬‬

‫المناقشة (‪)٢‬‬

‫‪ -١‬إلى أيّ شي ٍء يهدي الكذب ؟ وما عاقب ُته؟‬

‫يكذب المسلم؟‬
‫َ‬ ‫‪ -٢‬لماذا ال يرتضي الدينُ اإلسالميُّ أنْ‬

‫المسلم أنْ يُح ِّكم عق َله فيما يسمعُه ؟‬


‫ِ‬ ‫‪ -٣‬لماذا يطلبُ الدينُ من‬

‫‪ -٤‬في الحديث الشريف ٌّ‬


‫حث لنا على أمور ‪ ،‬فما هي ؟‬

‫بالصدق في المجتمع ؟‬
‫ِ‬ ‫‪ -٥‬ما أث ُر التمسّكِ‬

‫‪58‬‬
‫الدرس الرابع ‪:‬‬
‫( الطهارة )‬
‫ّ‬
‫والتنزهُ ِ‬
‫عن األقذار والنجاسات ‪.‬‬ ‫الطهارةُ ً‬
‫لغة ‪ :‬النظاف ُة‬ ‫٭‬
‫ث المانعين من الصالة ونحوها ‪ ،‬عن البدن‬ ‫َ‬
‫والخ َب ِ‬ ‫شرعا ً ‪ :‬زوا ُل النجاس ِة‬
‫بالماء أو التراب الطاهرين المُباحين ‪ .‬ويشترط في الطهارة الن ّي ُة في القلب‪.‬‬
‫النجاسة ‪:‬‬ ‫٭‬
‫يتنز َه عنها ويزي َلها ويغس َل ما أصابه‬
‫ّ‬ ‫هي القذارة التي يجب على المسلم أنْ‬
‫ُطهر ثيابه منها ‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯖ ﯗ ﯘ ﱪ المدثر ‪.‬‬ ‫منها ‪ ،‬وي َ‬
‫ومن هذه النجاسات ما ياتي ‪:‬‬
‫البول ‪ ،‬الغائط ‪ ،‬والدم ‪ ،‬والخمر ‪ ،‬ولحم الخنزير ‪ ،‬والميتة‪ ،‬والكلب‪.‬‬
‫الطهارةُ نوعان ‪ :‬معنو ّية وحس ّية ‪.‬‬ ‫٭‬
‫النوع االول ‪ :‬الطهارة المعنوية‬
‫وهي الطهارةُ م َِن الشركِ والمعاصي ‪ ،‬وتكونُ بالتوحيد واألعمال الصالحة‪،‬‬
‫نجس‬
‫ِ‬ ‫وهي من طهارة البدن ‪ ،‬بل اليمكنُ أنْ تقو َم طهارةُ البدن مع وجود‬
‫الشرك‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ﱫﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭼﱪ التوبة ‪.‬‬
‫المؤمن ال ينجُسُ ) ‪ ،‬فيجب أنْ يُطه َِّر المؤمنُ قل َبه‬
‫َ‬ ‫وقا َل النبيُّ ( ص )‪ ( :‬إن‬
‫من نجاس ِة الشركِ والشكِ وذلك باإلخالص والتوحيد‪ ،‬ويطه َِّر نفسه وقلبه من‬
‫وآثار الحس ِد والحِقد وال ِغ ّل والغشّ والِك َب ِر والعُجْ ب والرياء‪،‬‬
‫ِ‬ ‫أقذار المعاصي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ب والمعاصي جميعا ً ‪.‬وهذه الطهارة هي شط ُر‬ ‫وذلك بالتوبة الصادقة من الذنو ِ‬
‫اإليمان األول‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫النوع الثاني ‪ :‬الطهارة الحس ّية‬
‫وهي الطهارةُ من الحدث والنجاسة ‪ ،‬وهذا هو شط ُر اإليمان الثاني‪ ،‬قال‬
‫النبُّي الكريم (الطهور شط ُر اإليمان) وتكون بما شرع هللا من الوضوء‬
‫والغسل أو التيمم عند َف ْق ِد الماء‪.‬وتكون الطهارةُ بالما ِء والتراب‪،‬والطهارة‬
‫بالماء هي األصل فك ُّل ما ٍء نزل من السماء أو خرج من األرض وهو‬
‫باق على خلقته‪ ،‬فهو َطهور يُطهّر من األحداث واألخباث ‪ ،‬ومن ذلك‬ ‫ٍ‬
‫ماء المطر ‪ ،‬ومياه العيون‪ ،‬واآلبار‪،‬واألنهار‪ ،‬واألودية‪ ،‬والثلوج الذائبة ‪،‬‬
‫والبحار‪ ،‬قال ( ص ) في ماء البحر(هو الطهو ُر ماؤهُ )‪.‬‬

‫الطهارةُ بالصعيد أي ‪ :‬الترابُ الطاهر‪ ،‬وهو بدي ُل الطهارة بالماء إذا تعذرّ‬
‫ضرر باستعماله بسبب المرض أو غيره‪ ،‬فيقو ُم‬ ‫ٍ‬ ‫خوف‬
‫َ‬ ‫إما النعدام الماء ‪،‬أو‬
‫ّ‬
‫يتعذر‬ ‫التراب الطاهر مقام الماء بالتيمم‪.‬ويبطل التيمّم اذا و ِجدَ الماء ‪ ،‬ولم‬
‫استعماله لمرض أو خوف ‪.‬‬

‫المناقشة ‪:‬‬
‫‪-١‬عرّ فْ كالً من الطهارة والنجاسة‪.‬‬
‫‪ -٢‬عدد النجاسات ‪.‬‬
‫‪ -٣‬ما أقسام الطهارة ؟‬
‫‪ -٤‬ما المقصود بالطهارة المعنوية ؟‬
‫ضع عالمة (صح) أما َم العبارة الصحيحة وعالمة (خطأ) أما َم‬
‫العبارة غير الصحيحة ‪.‬‬
‫‪ -١‬الصعيد هو الماء الطاهر‪.‬‬
‫‪ -٢‬التوحيد يحقق الطهارة المعنوية‪.‬‬
‫‪ -٣‬التيمم يكون عند وجود الماء‪.‬‬
‫‪ -٤‬ال يشترط في الطهارة النية في القلب‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫الدرس الخامس ‪:‬‬
‫من السيرة النبوية‬
‫النبي ( ص ) وهجرته إلى يثرب ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫مؤامرة قتل‬
‫وبعد أنْ يس ََّرهللاُ لالسالم طريقا ً الى أهل يثرب ‪ .‬تتابع المسلمون إلى يثرب‬
‫ْ‬
‫وأصبحت للمسلمين قوة في خارج مكة‪.‬‬ ‫تخلصا ً من أذى قريش ‪.‬‬
‫أدركت قريش أنّ خروج الرسول (ص ) الى يثرب سيجعل من المسلمين قوة‬
‫اليمكن القضاء عليها ‪ ،‬فاجتمعت في ( دار الندوة) واستقر رأيها على أنْ تأخذ‬
‫من ك ّل قبيلة ِ شابا ً جلداً ويُعطى ك ّل منهم سيفا ً صارما ً ‪ ،‬ثم يعم ُد هؤالء إلى النبيِّ‬
‫رجل واحد فال يقدر بنو هاشم على الطلب بدمه ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫(ص) فيضربونه ضربة‬
‫وفي ليلة المؤامرة أمر هللا ‪ -‬سبحانه وتعالى‪ -‬نبيّه بالهجرة الى يثرب وخرج‬
‫(ص) من بين المؤتمرين بعد أن ترك عليا ً(ع) في فراشه ويؤدي فيما بعد‬
‫أمانات الرسول وودائعه إلى أهلها واصطحب الرسول (ص) أبا بكر(رض)‪،‬‬
‫وأقاما في غار (جبل ثور) ثالثة أيام‪.‬‬
‫وانطلق المشركون يطلبون النبيَّ (صلى هللا عليه وآله وصحبه وسلم) ‪ .‬وعندما‬
‫وصل المشركون إلى غار (جبل ثور) سمع أبو بكر(رض)وقع أقدام المشركين‬
‫فهمس يح ّدث النبيَّ (ص ) قائال‪ :‬لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا ‪ ،‬فأجاب (ص)‬
‫إجابة المؤمن الواثق‪ :‬يا أبا بكر ما ظ ّنك باثنين هللا ثالثهما؟‬
‫يثرب سالمين‬
‫َ‬ ‫وأعمى هللا أبصار المشركين‪ ،‬وحفظ النبيَّ (ص) وصاحبه ووصال‬
‫وسمّيت يثرب بالمدينة المنورة ‪.‬‬
‫النبي (ص) في المدينة‪.‬‬
‫ّ‬
‫لم يع َّد النبيُّ ( ص ) والمسلمون يالقون ما كانوا يالقونه من اإليذاء والتعذيب‬
‫في مكة‪ .‬فانصرف الرسول ( ص ) لبناء المجتمع الجديد فآخى بين المهاجرين‬
‫واألنصار‪ ،‬وبنى مسجداً ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫إالّ أنّ دعوته ( ص ) لم تكن لتقتصرعلى المدينة فال ب َّد من نشر الدعوة في‬
‫خارج المدينة وتبليغها الى الناس كافة‪.‬‬
‫ومن جهة ثانية فإنَّ قريشا ً أرادت القضاء على الدعوة في المدينة التي باتت‬
‫تهدد مصالح قريش وتجارتهم مباشر ًة قبل أنْ يقوى أمر الدعوة في الجزيرة‬
‫قريش حروب ثبت فيها النبيُّ ( ص ) ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫فكان بين النبيِّ ( ص ) وبين‬

‫المناقشة‬
‫‪ -١‬ماذا دار في اجتماع (دار الندوة )‪ ،‬وما قرارهم األخير ؟‬
‫‪َ -٢‬منْ بقي َ في فراش النبيِّ (ص)‪ ،‬وماذا طلب منه النبيُّ (ص) ؟‬
‫‪َ -٣‬منْ كان صاحب النبيِّ في الغار‪ ،‬وماذا قال للنبيِّ ؟‬
‫‪ -٤‬ماذا كان عمل الرسول (ص) في المدينة ‪ ،‬وكيف بنى المجتمع الجديد؟‬

‫النبي ( ص ) والمسلمين في معركة (بدر الكبرى)‪.‬‬


‫ِّ‬ ‫ثبات‬
‫بعد ان فشلت قريش في قتل الرسول ( ص) وتمت الهجرة الى المدينة صادرت‬
‫كل ما يملكه المسلمون في مكة ‪ ،‬وبعد ان حاول الرسول ( ص) التعرض لقافلة‬
‫قريش التجارية رداً على ذلك‪ ،‬جمعت قريش أمرها على مواجهة الرسول‬
‫(ص)‪ .‬واحتدم القتال بين المسلمين والمشركين وأبلى المسلمون بال ًء حسنا ً على‬
‫الرغم من قلّة عددهم يدفعهم إيمانهم باهلل ويضاعف قوتهم ‪ ،‬فكان النص ُر حليف‬
‫َالفئة القليلة المؤمنة الصابرة ‪ ،‬وأيَّد هللا المسلمين وانحسر القتال عن نصر كبير‬
‫حق ّقه المسلمون في أول مواجه ٍة حربيّة لهم مع الكفار‪.‬‬

‫النبي ( ص) والمسلمين في (أحد) ‪.‬‬


‫ِّ‬ ‫ثبات‬
‫قررت قريش الثأر لقتالها وهزيمتها (في بدر) ‪ ،‬وخرجت من مكة في ثالثة‬
‫آالف مقاتل‪ .‬وبعد أن تشاور الرسول ( ص) مع أصحابه خرج مع أل ٍ‬
‫ف‬

‫‪62‬‬
‫منهم ‪ ،‬واشتبك المسلمون مع المشركين وكان النصر حليف المسلمين‪،‬‬
‫وانهزم المشركون ال يلوون على شي ٍء‪ .‬إالّ أنّ الرماة الذين وضعهم النبي‬
‫( ص) على جبل (أحد) لحماية ظهر المؤمنين ‪ ،‬خالفوا أمر الرسول ( ص)‬
‫وتركوا مواقعهم‪ ،‬ونزل الكثير منهم من الجبل ظنا ً منهم أنَّ المعركة قد انتهت‬
‫من َ‬
‫بقي من الرما ِة فقتلوهم ‪،‬‬ ‫بالنصر‪ .‬فاستغ ّل المشركون الموقف والت ّفوا على ْ َ‬
‫وهجموا على المسلمين من الخلف وتراجع المسلمون وداخلهُم الرعب‪.‬‬
‫وهنا تبدو صالبة النبيِّ إذ ثبت في مكانه يقاتل أعداء هللا ‪ ،‬وخضّب وجهه‬
‫الطاهر بالدم من ش ّج ٍ فيه فيمسح الرسول ( ص) الدم وهو يقول (كيف يفلح قو ٌم‬
‫خضّبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربِّهم) ‪.‬‬
‫كما تبر ُز أهمية طاعة القيادة الرشيدة وعد ُم مخالفة توجيهاتها السديدة فلو انّ‬
‫َ‬
‫ألحق‬ ‫الرماة التزموا التعليمات ون ّفذوا األمر بدق ٍة لما تم ّكن منهم عدوّ هم ‪ ،‬ولما‬
‫بهم إصابات فادحة كادت تغيّر وجه التاريخ‪.‬‬
‫وتجلى في هذه المعركة مظهر رائع للتضحية والفداء من المسلمين الذين‬
‫تجمعوا حول النبيِّ (ص) يحمونه ويفتدونه بحياتهم وقد استشهد معظمهم‪.‬‬

‫في معركة (حنين) ‪.‬‬ ‫النبي ( ص)‬


‫ِّ‬ ‫ثبات‬
‫هيّأ هللا سبحانه لنبِّيه (ص) فتح مكة ‪ ،‬ودانت قريش باإلسالم ودخل الناس‬
‫في دين هللا أفواجا ً لكنّ أشراف قبيلتي (هوازن وثقيف) في الطائف ساءهم‬
‫انتصاراإلسالم فحشدوا حشودا كبيرة وأزمعوا المسيرإلى رسول هللا ( ص)‬
‫واستئصال الدعوة‪ .‬فخرج إليهم الرسول ( ص) في اثني عشر ألفا ً من المسلمين‪.‬‬
‫وعندما وصل المسلمون الذين أصابهم الغرور وأعجبتهم كثرتهم الى وادي‬
‫حنين ‪ ،‬والتقوا الكفارانكشف المسلمون وفرَّ الناس راجعين ‪ ،‬وثبت النبيُّ‬
‫محمد ( ص) يقاتل وهو يصيح‪:‬‬

‫‪63‬‬
‫أنا ابن عبد المطلب ‪.‬‬ ‫أنا النبيُّ ال كذب‬
‫فعاد إليه المسلمون ‪ ،‬وقذف هللا الرعب في قلوب المشركين وأيّد رسوله‬
‫بنصره ‪ ،‬فانهزم المشركون وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون وعند عودته‬
‫قال له بعض الصحابة‪ :‬يا رسول هللا اد ُع على ثقيف‪،‬فقال داعيا ً لهم ال عليهم‬
‫ت بهم) وقد هدى هللا ثقيف بعد ذلك بقليل ‪.‬‬‫(الّلهم اه ِد ثقيفا ً وأ ِ‬

‫الخاتمة‬
‫استمر النبيِّ ( ص ) في دعوتِه إلرسا ِء دعائم اإلسالم وبناء المجتمع‬
‫الجديد بإنسانه األفضل في إيمانه و ُخلقه وعمله حتى توفاه هللا اليه‪ .‬وكان‬
‫عمره آنذاك ثالثا ً وستين سنة‪.‬‬
‫إن سيرة النبي ( ص ) وثباته وصبره هي دروس تعلمنا الصبر على‬
‫المكاره والشدائد ‪،‬كما تعلمنا الرحمة والتسامح والثبات أمام األعداء والعزم‬
‫الذي ال يلين وال تزيده القسوة إالّ قوة‪.‬‬

‫المناقشة ‪:‬‬
‫‪ -١‬ما أسباب انتصار المسلمين في معركة بدر الكبرى ؟‬
‫‪ -٢‬بيّنْ أثر مخالفة الرماة ألمر رسول هللا ( ص ) بتركهم مواقعهم من الجبل‬
‫في نتيجة معركة أحد‪.‬‬
‫‪َ -٣‬م ْ ِن الذين ساءهم انتصار المسلمين ؟ وما كان قرارهم في استئصال الدعوة ؟‬

‫بقي النبيُّ ثابتا ً في أرض المعركة‬


‫‪ -٤‬بعد أن انكشف المسلمون في معركة حنين َ‬
‫مع ال ّقلة من المؤمنين‪.‬وضح ذلك ‪.‬‬
‫‪ -٥‬ماذا دعا رسو ُل هللا ( ص ) لثقيف ؟‬

‫‪64‬‬
‫التهذيب‬ ‫الدرس السادس ‪:‬‬

‫النظافة‬
‫النظافة ( الطهارة ) ‪ :‬هي النقاء من الدَ َنس والقذارة ‪ ،‬مادية أو حسية‬
‫كانت ‪ ،‬مثل ‪ :‬طهارة الثوب والبدن والمكان أو معنوية‪ ،‬مثل‪ :‬اإلستقامة‬
‫في السلوك واألخالق والنزاهة والبراء من النقيصة‪ ،‬وتخليص النفس من كل‬
‫الشوائب والضغائن والعيوب ‪.‬‬
‫وقد جعل اإلسالم من النظافة والطهارة ركنا ً ركينا ً ‪ ،‬وأصالً من الشريعة‬
‫والدين ‪ ،‬وع َّد ها من صميم رسالته ؛ ألنّ أثر النظافة عميق في إعالء ِ‬
‫شأن‬
‫اإلنسان واحترامه‪ ،‬فضالً عن تمكينه من النهوض بأعباء الحياة ‪ .‬واألدلة على‬
‫هذا االهتمام واضحة وكثيرة لع ّل من أبرزها أنْ جعل النظافة مفتاحا ً وطريقا ً‬
‫لركن من أهم أركانه‪ ،‬فالصالة هذه العبادة األساس‪ ،‬والفريضة الجليلة ال ُتقبل‬
‫من العبد إلاّ إذا تطهّر لها‪ ،‬وأزال عن جسم ِه وثوبه ومكانه النجاسة التي ُتع ّد‬
‫المصدر الرئيس للجراثيم والسبيل الممهّد لألمراض واألوبئة من هذا نفهم أنّ‬
‫َ‬
‫الوضوء (وهو الطهارة) من أهم شروط الصالة إذ اليص ّح القيا ُم إليها وأداؤها‬
‫غير وضوء‪.‬‬ ‫من ِ‬

‫ﭧﭨﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭟ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮌﮍ‬

‫‪65‬‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﱪ املائدة ‪.‬‬
‫صحة الصالة ‪ ،‬وبه تت ّم النظافة لألعضاء التي‬
‫َ‬ ‫شرط من شروط‬ ‫ٌ‬ ‫فالوضوء‬
‫تتعرضُ للغبار واألوساخ أكثر من غيرها ‪ ،‬فضالً عن طهارة الثياب ‪ ،‬كما‬
‫أنّ طهارة المكان أم ٌر الب ّد منه ‪ ،‬فاذا توافرت هذه الشروط فالصالة صحيحة‪،‬‬
‫وبتوافرها تت ّم النظافة ويتحقق الهدف منها والذي منها حفظ الصحة والوقاية‬
‫من األمراض‪.‬‬
‫ولع ّل نظرة لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية تبين األهمية االستثنائية‬
‫للنظافة‪ ،‬والحض عليها‪ ،‬قال هللا تعالى لنبيّه األكرم ‪:‬‬
‫ﱫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﱪ المدثر‬
‫ّ‬
‫بالتطهر م َِن النجاسات والمستقذرات فإنّ المؤمن طيب‬ ‫وواض ٌح األمُر البيّن‬
‫طاهر ‪ ،‬ال يليق منه أنْ يحم َل الخبيث‪.‬‬
‫وأمر هللا سبحانه وتعالى الناس أنْ يتطهّروا ‪ ،‬وانْ يتزيّنوا لدى ذهابهم‬
‫إلى‪،‬المساجد فيلبسوا أفخر ثيابهم وأطهرها عند ك ّل صالة فقال لإلنسان الذي‬
‫يتعلق به وطهارته باطنا ً وظاهراً ‪ :‬ﭧ ﭨ‬‫ُ‬ ‫فطره على نظاف ِة ك ِّل ما‬
‫ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﱪ (االعراف ‪.) ٣١/‬‬
‫اهتمام ‪ ،‬وجاءت طائفة من‬
‫ٍ‬ ‫وأك َّد نبينا األعظم سنن الفطرة فاهتم بالنظافة أيّما‬
‫األحاديث الشريفة لتشارك اآليات القرآنية الكريمة في أهمية النظافة وعلوِّ‬
‫بالطهور هنا ( الوضوء)‬‫الطهور شطر اإليمان)‪ ،‬والمراد ّ‬ ‫شانها فقال (ص ) ‪ّ ( :‬‬
‫والمراد باإليمان ( الصالة) ‪.‬‬
‫النّ هللا سمّى الصالة في القرآن إيمانا ً ‪ ،‬فقال تعالى ﱫ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮔﮕ ﮛ ﱪ البقرة ‪ .‬وهذا يد ّل على فضل الوضوء ‪ ،‬ألنه مفتاح الصالة‪،‬‬

‫فال تص ّح من دونه‪ ،‬وكذلك يد ّل على عظم شأن الصالة ‪ ،‬إذ سمّاها الحبيب‬
‫‪66‬‬
‫المصطفى إيمانا ً فيكون معنى قوله‪:‬‬
‫( الطهور شطر اإليمان) أي (الوضوء نصف الصالة )‪ .‬وقوله ‪:‬‬
‫(تنظفوا فإنّ اإلسالم نظيف) ‪.‬‬
‫إذن النظافة عنوان المسلم ‪ .‬وهنا النقصد نظافة الفرد المسلم فقط فالنظافة‬
‫شاملة للحياة بكاملها ‪ ،‬وهي عنصر أساسي في حياة الفرد والمجتمع‪ ،‬وهذا‬
‫يدفعنا إلى تأكيد نظافة الحيّ والمدرسة والمسكن والحدائق العامة فالمحافظة‬
‫على نظافة هذه األماكن واجب على المسلمين جميعاً‪.‬‬
‫ويهمنا كثيراً أنْ نؤ ّكد نظافة المدرسة وهذه الكلمة ( النظافة) يرد ّدها الطالب‬
‫والمدرسون وال عيب فيمن يرددها ‪ ،‬لكن العيب فيمن يرد ّدها بالكالم ‪ ،‬وال‬
‫يسندها بالفعل ‪ ،‬ألن نظافة المدرسة تعدل نظافة البيت‪ ،‬فالمدرسة هي البيت‬
‫الثاني للطالب جميعا ‪ ،‬ونظافتها يجب أن تماثل نظافته‪ ،‬ويشمل ذلك نظافة‬
‫الصفوف ومقاعدها وباحة المدرسة وجدرانها وحماماتها وحدائقها والنظافة‬
‫التي يريدها هللا من عباده ليست مقصورة على الجوانب المادية فقط مثل‬
‫طهارة البدن والثوب والمكان وغير ذلك من المظاهر المادية ‪ ،‬وانما هي عامة‬
‫تشمل المظاهر المعنوية أيضا فاإلنسان الذي ال يكذب يوصف بأنه نظيف‬
‫اللسان والذي ال تمتد يده الى حق غيره يوصف بأنه نظيف اليد ‪ ،‬وكذلك نظافة‬
‫االخالق والعمل بال غش والوفاء والصدق فكل هذه من نظافة المسلم روحا‬
‫مثلما يجب عليه أن يكون نظيف البدن‪.‬‬

‫المناقشة‪:‬‬

‫‪ -١‬ما معنى النظافة المعنوية؟‬


‫ّ‬
‫تحث على النظافة ‪.‬‬ ‫‪ -٢‬اذكرْ آية قرآنية كريمة‬
‫ّ‬
‫يحث على النظافة ‪.‬‬ ‫‪ -٣‬اذكرْ حديثا ً نبو ّيا ً شريفا ً‬

‫‪67‬‬
‫الوحدة الثالثة‬
‫سورة االنشقاق‬ ‫الدرس االول ‪:‬‬

‫آيات الحفظ (‪)15-1‬‬

‫ﱫﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ‬
‫ﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷ ﭸﭹﭺﭻﭼ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮆ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉﮊﮋﮌﮍ ﮎﮏﮐﮑ ﮒ‬
‫ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠﮡﮢ ﮣﮤﮥﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫﮬ ﮭ‬
‫ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯗ ﯘﯙ‬
‫ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯤﯥ‬
‫ﯦ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯭ ﯮﯯﯰ‬
‫ﯱﯲ ﯳﯴﯵﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﱪ صدق اهلل‬
‫العلي العظيم‬

‫‪68‬‬
‫معاني الكلمات‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫أطاعت أمر ر ِّّبها ووجب عليها أنْ تطيع‪.‬‬ ‫أذنت لربّها وح ّق ْ‬
‫ت‬

‫أخرجت مابداخلها من أموات وكنوز‪.‬‬ ‫ألقت مافيها وتخلّ ْ‬


‫ت‬
‫مجته ٌد في العمل ‪.‬‬ ‫كادح إلى ربّك‬

‫ُالق ر ّبك بعد موتك وبعملك‪ ،‬خيره‬


‫أي ‪ :‬م ٍ‬ ‫فمالقيه‬
‫وشره‪.‬‬
‫يرجع ‪ ،‬أي ظنّ أنْ لن يُبعث ‪.‬‬ ‫يحور‬

‫حُمرةعند مغيب الشمس ‪.‬‬ ‫الشفق‬


‫أي ‪ :‬وما جمع ‪ ،‬فالليل يض ُّم ك ّل شيء‬ ‫والليل وما وسق‬
‫أي ‪ :‬اكتمل وصار بدراً‬ ‫والقمر إذا اتسّق‬
‫أي ستتغيرأحوالكم بعد حال الموت‪ ،‬ثم‬ ‫طب ًقا عن طبق‬
‫الحياة‪ ،‬ثم ما بعدهما من أحوال القيامة ‪.‬‬
‫فكيف ال يؤمنون مع هذه األدلة الكثيرة‬ ‫فما لهم ال يؤمنون‬
‫ُتتلى عليهم‪.‬‬
‫أي ‪ :‬تلُ َي عليهم وسمعوه‪.‬‬ ‫وإذا قُ ِر َ‬
‫ئ عليهم‬
‫القرآن‬

‫لهم أج ٌر غير ممنون أي ‪ :‬غير مقطوع ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫المعنى العام‬

‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬


‫ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﱪ‬
‫َّ‬
‫وتفطرت يوم القيامــــة‪ ،‬وأطاعت أمر ربِّهــــا فيما‬ ‫إذا السماء تص َّدعت‪،‬‬
‫ْ‬
‫وأطاعت حكمه ‪.‬‬ ‫أمرها به من االنشقاق‪ ،‬واستسلمت ألمر ربّها‬

‫وإذا األرض بُسطت َووُ سِّعت‪ ،‬ودكـت جبالها في ذلك اليوم واستوت وقذفت‬
‫ت عنهم‪ ،‬وانقادت بخشوع لربِّها فيما أمرهـا به‪،‬‬‫ما في بطنها من األموات‪ ،‬وتخلَّ ْ‬
‫ْ‬
‫وأطاعت حكمه ‪.‬‬ ‫واستمعت ألمر ربّها‬

‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭱ ﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷ ﭸﭹﱪ‬


‫ش ٍر‪ ،‬ثم تالقي هللا‬ ‫خير أو ّ‬
‫ساع إلى هللا‪ ،‬وعامل أعمالك من ٍ‬
‫يا أيها اإلنسان إنك ٍ‬
‫يوم القيامة‪ ،‬فيجازيك بعملك ‪ ،‬إن كان خيراً فخيرٌ‪ ،‬وان كان شرّ اً فشرٌ‪.‬‬

‫ﱫﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﱪ ‪.‬‬
‫فأما من أعطي صحيفة أعماله بيمينه‪ ،‬وهو مؤمن بربّه‪ ،‬فسوف يحاسب حسابًا‬
‫سهلاً ويرجع الى أهله في الجنة مسرورً ا ‪.‬‬

‫ﱫﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮘﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠﮡﮢ ﮣﮤﮥﮦﮧ ﮨ‬
‫ﮩﮪ ﱪ ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫أمّا من أُعطي صحيفة أعماله من وراء ظهره‪ ،‬وهو الكافر باهلل‪ ،‬فسوف يدعو‬
‫بالهالك والثبور‪ ،‬ويدخل النار ذائ ًقا حرّ ها‪ .‬إنه كان في أهله في الدنيا مسرورً ا‬
‫مغرورً ا‪ ،‬ال يف ّكر في العواقب‪ ،‬إ ّن ُه ظنَّ أنْ لن يرجع إلى خالقه حيا ً للحساب‪.‬‬
‫بلى سيعيده هللا كما بدأه ويجازيه على أعماله‪ ،‬إنّ ر ّب ُه كان به بصيرً ا عليمًا‬
‫بحاله من يوم خلقه إلى أن َب َع َثه‪.‬‬
‫ﱫﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﱪ‬
‫يقسم هللا تعالى باحمرار األفـــــق عند الــغـــروب‪ ،‬وبالليل وما جمع من الدواب‬
‫والحشرات والهوام وغير ذلك‪ ،‬وبالقمر إذا تكامل نوره‪ ،‬ستمرّ ون‪ -‬أيها الناس‪-‬‬
‫بأطوار متعددة وأحوال متباينة‪ :‬م َِن النطفة إلى العلقة إلى المُضغة إلى نفخ‬
‫ٍ‬
‫الروح إلى الموت الى البعث والنشور‪.‬‬

‫ﱫﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﰀﰁ ﱪ‬
‫فأيُّ شيء يمنعهم من اإليمان باهلل واليوم اآلخر بعدما وُ ضِّحت لهم اآليات؟‬
‫وما لهم إذا قرئ عليهم القرآن ال يسجدون هلل‪ ،‬وال يسلِّمُون بما جاء فيه؟ إنما‬
‫سجيّة الذين كفروا التكذيب ومخالفة الحق‪ .‬وهللا أعلم بما يكتمون في صدورهم‬
‫شرهم ‪-‬أيها الرسول‪ -‬بأنّ‬ ‫حق‪ ،‬فب ّ‬
‫من العناد مع علمهم بأنّ ما جاء به القرآن ّ‬
‫هللا‪ّ -‬‬
‫عز وجلّ‪ -‬قد أع َّد لهم عذابًا موجعًا‪ ،‬لكن الذين آمنوا باهلل ورسوله وأ َّد ْوا‬
‫مقطوع وال منقوص ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ما فرضه هللا عليهم‪ ،‬لهم أج ٌر في اآلخرة غير‬

‫‪71‬‬
‫أهم ماترشد إليه السورة ‪:‬‬
‫‪ -1‬تقري ُر عقيدة المعاد ببيان أحوال الكون يوم القيامة وانقياد الكون لمشيئة هللا‬
‫وأمره بخشوع‪.‬‬
‫خير و ّ‬
‫ش ٍر‪،‬‬ ‫مالق ربّه بما كان يعمله من ٍ‬
‫ٍ‬ ‫‪ -2‬بيانُ حتمية لقاء اإلنسان ربِّه وأ ّنه‬
‫وسيجزى على عمله‪.‬‬

‫‪ -3‬أه ُل اإليمان والتقوى يُحاسبون حسابا ً يسيراً ويفوزون ويعودون إلى أهلهم‬
‫في الجنة مسرورين ‪ ،‬فقد منعوا أنفسهم في الدنيا عن الحرام والشهوات‪.‬‬
‫‪ -٤‬أهل الكفرهالكون‪ ،‬ولهم عذابٌ مُقيم ‪ ،‬إذ ّ‬
‫كذبوا بالبعث والنشور وتناسوا‬
‫اآلخرة‪.‬فانكبّوا على الدنيا‪،‬و فرحوا بشهواتها وملذاتها وحرامها مع ترك طاعة‬
‫هللا سبحانه وتعالى ‪.‬‬

‫حال إلى أنْ ينتهي‬


‫وحال بعد ٍ‬
‫ٍ‬ ‫وأهوال‬
‫ٍ‬ ‫أحوال‬
‫ٍ‬ ‫‪ -٥‬بيانُ انّ اإلنسان مُقبل على‬
‫إلى ج ّن ٍة أو نار‪.‬‬

‫‪ -٦‬مشروعي ُة السجو ِد عند تالوة هذه اآلية وهي ‪ ( :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬


‫ﯦﯧ ) ‪.‬‬

‫‪ -٧‬إنّ هللا تعالى عالم بما يخفي اإلنسان في قلبه وما ُتح ِّدث به نفسه ‪.‬‬
‫فعلينا أنْ ال ُنضمر في قلوبنا إالّ اإليمان وال تحمل نفوسنا إالّ الخير فال غ ّل وال‬
‫ك وال عداء وال بغضاء ‪.‬‬ ‫حسد وال ش ّ‬

‫‪72‬‬
‫المناقشة ‪:‬‬
‫‪ -١‬بيّنْ أحوال يوم القيامة الواردة في السورة ‪.‬‬
‫‪ -٢‬أيهما أفضل ‪ ،‬سرور الدنيا أم سرور اآلخرة ؟‬
‫من المؤمن والكافر يوم القيامة ؟‬
‫‪ -٣‬كيف يكون حال ك ٍّل َ‬
‫وجوب تزكية النفس وما تضمر القلوب ‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ -٤‬علّ ْل‬
‫ّ‬
‫‪-‬عز وجلّ‪ -‬في السورة ؟‬ ‫‪ -٥‬بماذا أقسم الباري‬
‫‪ -٦‬بي ِّن األطوار التي يمرّ بها اإلنسان ‪.‬‬
‫وأنواعه في السورة ‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ -٧‬بي ِّن الم َّد‬

‫‪ - ٨‬بّينْ أه ّم ما ترشد إليه السورة ‪.‬‬

‫َ‬
‫الصحيحة‪،‬وعالمة (خطا )أمام‬ ‫ضع عالمة (صح) أمام العبارة‬
‫ْ‬
‫العبارة غير الصحيحة ‪.‬‬
‫‪ -١‬واذا األرض م َّدت ‪ ،‬يقصد بها الزالزل والبراكين على األرض‪.‬‬
‫‪ -٢‬الذي يعطي صحيفة أعماله وراء ظهره هو اإلنسان المؤمن‪.‬‬
‫‪ -٣‬يعيد هللا ك ّل الناس ليوم الحساب ‪.‬‬
‫‪ -٤‬اإلنسان المؤمن يُحاسب حسابًا عسيرً ا‪.‬‬
‫‪ -٥‬إنّ أهل اإليمان يدخلون الجنة ‪ .‬وأهل الكفر يدخلون النار ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫الدرس الثاني‪ :‬القرآن الكريم نزول ُه وموضوعا ُته‬

‫تعلمون ‪ -‬أوالدنا األعزاء وبناتنا الغاليات‪ ..... -‬أنّ القرآن الكريم نزل به‬
‫ّ‬
‫فينظم‬ ‫الروح األمين جبريل (ع )على رسول هللا (ص ) ‪ ،‬ليهتدي به الناس‬
‫حياتهم ويخرجهم من الظلمات الى النور وكان أوّ ل مانزل من القرآن الكريم‬
‫قوله تعالى ‪ :‬ﱫ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﱪ العلق ‪.‬‬
‫وأنه نزل منجّ مًا أي متفرقا ً على رسول هللا (ص) في ثال ٍ‬
‫ث وعشرين سنة‪،‬‬
‫ثالث عشرة سنة منها في مكة المكرمة وسميت السورالتي نزلت في مكة‬
‫بالسور المكية ‪ .‬أمّا موضوعات هذه السور فكانت معظمها تتحدث عن ‪:‬‬

‫‪ -١‬توحيد هللا ووجوب عبادته وحده الشريك له وبيان صفاته فهو الخالق‬
‫الرازق الرحمن ‪.‬‬

‫ت السور المكية عن أهوال يوم القيامة ‪ ،‬وعن الجنة ونعيمها للمؤمنين‬‫‪ -٢‬تح ّدث ِ‬
‫والنار وعذابها للكافرين‪.‬‬

‫ث السور المكية عن قصص األنبياء (عليهم السالم )وصبرهم وتحمّلهم‬ ‫‪ -٣‬تتح ّد ُ‬


‫األذى من أقوامهم ‪ ،‬وماذا ح ّل بأقوامهم حين عصوا الرّ سل واالنبياء‪.‬‬

‫أمّا السنوات العشر المتبقية من الثالث والعشرين سنة ‪ ،‬فقد نزل فيها القرآن‬

‫الكريم في المدينة المنورة لذلك سميت هذه السور بالمدنية ‪،‬‬

‫وكانت موضوعات هذه السور ‪:‬‬


‫‪74‬‬
‫بيع ‪ ،‬وشرا ٍء ‪ ،‬وزواج ‪ ،‬وأخالق ‪ ،‬وتحريم الخمر‪ ،‬والربّا‪،‬‬
‫‪ -1‬المعامالت من ٍ‬
‫والسرقة‪.‬‬
‫‪ -٢‬العبادات من الصالة ‪ ،‬والصوم ‪ ،‬والح ّج ‪ ،‬والزكاة ‪.‬‬
‫‪ -٣‬وجوب الجهاد في سبيل هللا ‪ ،‬وقتال الكفار‪.‬‬
‫ي ّتض ُح مما تقدم أنّ القرآن الكريم نزل متدرجا ً فكان القسم األول منه في مكة‬
‫قبل الهجرة يبيّنُ للناس أخبار من سبق من األنبياء (عليهم السالم) وأقوامهم‬
‫لالتعاظ وأخذ العبرة ‪ ،‬ويخبرهم عن هللا الخالق المستحق للعبادة وحده وعن‬
‫الجنة والنار ‪ ،‬ليثبّت إيمانهم باهلل تعالى ويحذرهم الكفر‪ ،‬وبعد الهجرة إلى‬
‫المدينة حيث استقر اإليمان في النفوس ‪ ،‬جاءت السور ّ‬
‫تنظم حياتهم ‪ ،‬فتعلمهم‬
‫شعائر هللا وعبادته من صالة وصوم وحج وزكاة وأخالق وجهاد للكفار‬
‫وتحذير من المنافقين هكذا ‪-‬أوالدنا األعزاء ‪ ،-‬ترون أنّ القرآن الكريم تنوّ عت‬
‫موضوعاته‪ ،‬فهو دستور حياة ّ‬
‫ينظم حياتنا‪ ،‬فمن التزم تعاليمه وأخذ العبرة من‬
‫قصصه ‪ ،‬نال سعادة الدارين في الدنيا واآلخرة ‪.‬‬

‫المناقشة ‪:‬‬
‫‪َ -١‬منْ ّ‬
‫نزل القرآن الكريم إلى نبينا ؟ وما أول ما نزل من اآليات‬
‫الكريمة ؟‬
‫‪ -٢‬ما مدة نزول القرآن الكريم ؟‬
‫ّ‬
‫تحدثت السورالتي نزلت في مكة ؟ وعمَّاذا تحدثت التي نزلت‬ ‫‪ -٣‬عمَّاذا‬
‫في المدينة ؟‬
‫‪ -٤‬عمَّاذا تح ّد َ‬
‫ث القرآن الكريم ؟‬

‫‪75‬‬
‫الدرس الثالث ‪ :‬من الحديث الشريف‬
‫(في النهي عن الحسد )‬
‫للشرح والحفظ‬
‫قال رسول هللا ( ص ) ‪.‬‬

‫سنا ِ‬
‫ت‬ ‫الح َ‬
‫سدَ ‪ .‬فإنّ الحسدَ يأكل ُ َ‬
‫والح َ‬
‫َ‬ ‫((إ ّياكم‬

‫الح َطب))‪.‬‬
‫ك َما تأكل ُ النا ُر َ‬

‫صدق رسول هللا‬

‫(ص)‬

‫معاني الكلمات‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫تمني زوال النعمة عن‬ ‫الحسد‬
‫صاحبها ‪.‬‬
‫احذروا الحسد وتباعدوا‬ ‫إياكم والحسد‬
‫عنه ‪.‬‬
‫يذهبها ‪.‬‬ ‫يأكل الحسنات‬

‫المعنى العام‬
‫المؤمن يفر ُح حينما يرى أخاه بخير‪ ،‬فقد علَّمنا دين ُنا أنّ يُحبَّ المؤمنُ ألخيه‬
‫ما يُحبّ لنفسه ‪ ،‬ولكنّ بعض الناس تغلب عليه األنانية والحرص‪ ،‬فيدفعه‬
‫جشعه إلى االستياء إذا ما رأى غيره بخير ‪ ،‬وكأنّ ما ناله ذلك الشخص قد‬
‫أخذه منه فيحسده على ما آتاه هللا من فضله ‪ ،‬ويتمنى زوال النعمة عنه ‪،‬‬

‫‪76‬‬
‫وتلك صفة مذمومة ‪ ،‬ال يرتضيها الدين اإلسالمي‪ ،‬فضالً عن انّ صاحبها‬
‫يظ ُّل قل ًقا ممتلئا ً قلبه غيضا ً ونقمة‪ ،‬وقد يجرّ ه شعوره ذلك إلى أن يعمل على‬
‫إزالة النعمة عن غيره‪ ،‬ومثل هذا التصرف يؤ ّدي إلى التفرقة بين أبناء المجتمع‬
‫وغرس الشقاق بينهم‪ .‬والحسد يحمل العبد على أن يحتقر أخاه ‪،‬ألنه ما تمنىّ‬
‫زوال تلك النعمة عنه إلاّ أل ّنه احتقره واستصغره واستكثر تلك النعمة عليه‪،‬‬
‫وهذا ينافى خلق اإلسالم الذي جاء به رسول هللا (ص ) والذي يأمرنا بالمحبة‬
‫واالحترام والتآخي ‪.‬‬
‫إن أوّ ل معصي ٍة هلل إنما هي الحسد الذي أدى إلى االزدراء والكبر‪ ،‬ثم أدى‬
‫الطرد من رحمة هللا‪ ،‬وذلك عندما خلق‬ ‫ت إلى ّ‬ ‫إلى المعصية‪ ،‬والمعصية أ ّد ْ‬
‫هللا تعالى آدم عليه وعلى نبينا الصالة والسالم ‪ :‬فعندما أمرهللا تعالى المالئكة‬
‫بالسجود آلدم سجدوا إلاّ إبليس أبى واستكبر‪ ،‬فقد حسد إبليس آدم (ع )على‬
‫ما انعم هللا ‪ ،‬عليه واستصغر آدم وتكبر ‪ ،‬وجرّ ه هذا الكبر إلى االمتناع عن‬
‫السجود ألمر هللا فطرد هللا تعالى ابليس ولعنه‪.‬‬
‫ومن يحسد الناس على ما آتاهم هللا من فضله ‪ ،‬فإ ّنما يتشبّه بإبليس عليه اللعنة‪،‬‬
‫وتحبط أعماله ‪ ،‬فالحسد يُذهِب الحسنات كما تحرق النار الحطب ‪.‬‬
‫أهم ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪ -1‬أنّ الدين االسالمي يطلبُ من المؤمن أن يطهر قلبه من االنانية والحقد‬
‫والحسد وأن يحبُّ ألخيه ما يحبّ لنفسه‪.‬‬
‫‪ -٢‬انه يأمر بكل ما يوثق صالت الود والتعاون بين أبناء المجتمع ‪ ،‬وينهى‬
‫عن كل ما من شأنه إعادة التفرقة والشقاق بينهم‪.‬‬
‫‪ -٣‬ان هللا تعالى يحاسب المر َء على كل ما يسيء به الى غيره ‪ ،‬سواء أكان‬
‫َ ظاهراً ‪ ،‬ما اقترفته جوارحه‪ ،‬أو ما أضمره قلبه‪.‬‬
‫‪ -٤‬ما اصاب االنسان من خير أصابه بإذن هللا وما فاته من الخير فاته بإذن‬
‫هللا والحاسد ُ يرفض ما أراده هللا وق ّدره‪.‬‬
‫المناقشة ‪:‬‬
‫‪ -١‬ما َأول معصي ٍة هلل ؟ وما كانت نتيجتها ؟‬
‫‪ -2‬أمرنا نبينا محمد ( ص) باالبتعاد عن الحسد‪ ،‬لماذا؟‬
‫‪ -3‬هل الحرص واألنانية مبا ٌح في االسالم ؟‬
‫‪ -4‬لماذا ش َب َه الرسول (ص ) فعل الحاسد بفعل النار ؟‬
‫‪ -5‬تم ّني زوال نعمة اآلخرين ‪ ،‬الى ماذا تؤدي؟‬

‫‪77‬‬
‫الدرس الرابع‪:‬‬
‫الوضوء‬
‫ّ‬
‫التطهر والنظافة أم ٌر محبّبٌ في ك ّل شيء ‪ .‬والنفس اإلنسانية تسعى اليه ‪ ،‬بل‬
‫حتى الحيوانات التي التعقل ّ‬
‫تنظف أجسامها ‪ ،‬أال ترى أنّ قلبك يشعر باالرتياح‬
‫عندما ترى شخصًا نظيفا ً ومرتبًا ‪ ،‬فتأنسُ إليه‪،‬ويعجبك التح ّدث معه ‪ ،‬وعندما‬
‫ّ‬
‫تشمئز منه‬ ‫واليتطهر سيحصل العكس فإنك‬ ‫ّ‬ ‫يتحّ دث إليك من اليلتزم النظافة‬
‫وتنفرعنه ‪ ،‬وتسعى إلى إنهاء الحديث معه ‪.‬‬

‫وإلن ديننا الحنيف دين التطهر والنظافة وجب علينا التزام النظافة ‪ ،‬في ك ِّل‬
‫شيء ‪ ،‬وتطهير القلب من األحقاد والحسد كما يجب تطهيرالعقـل من وساوس‬
‫الشيطان واألفكار الخبيثة وتطهير اللسان عن قول الكالم الفاحش واأللفاظ‬
‫السيئة ‪ .‬وتطهير القلب والعقل واللسان يكون باالستغفار إلى هللا تعالى والتوبة‬
‫عن الذنوب والسعي إلى اجتنابها أمّا تطهيرالجسد والثياب وموضع السجود‪،‬‬
‫فيكون بإزالة النجاسات عنها وتنظفيها ‪.‬‬

‫والوضوء طهارة روحية وبدنية ‪.‬فلو سأل أحدكم ‪ :‬لماذا يجب الوضوء؟‬
‫سنقول له ‪ :‬عندما نتأهّب إلى لقا ٍء معين أو زيارة أسرية فإننا نسعى الى‬
‫ارتداء طاهر الثياب وجميلها‪ ،‬وكلما كان الشخص الذي نريد لقاءه مهما ازداد‬
‫اهتمامنا بمظهرنا‪ ،‬فكيف بنا ونحن نسعى إلى لقاء هللا تعالى في الصالة التي‬
‫هي صلة العبد بربّه ولقاؤه بالخالق العظيم؛ ليناجيه ويح ّدثه فيسمعه ويدعوه‬
‫فيجيبه ‪ ،‬وقد بيـّن اإلمام الرضا (�) ابن اإلمام موسى بن جعفـر‬
‫(عليهما السالم )سبب الوضوء فقال ‪:‬‬
‫(( إ ّنما أُمر بالوضوء‪،‬ليكون العبـ ُد طاهــراً إذا قــا َم بين يديِ الجبـّـار‬

‫‪78‬‬
‫األدناس‬
‫ِ‬ ‫ـــرهُ‪ ،‬نقيـّــا ً مِنَ‬
‫وعند مناجاته إ ّياه ‪ ،‬مطيعـــا ً له في ما أ َم َ‬
‫وطـــر ِد ال ّنعاس‬
‫ْ‬ ‫ـــل‬
‫الكس ِ‬
‫َ‬ ‫مع ما فيــ ِه من َذهـــاب‬ ‫وال ّن َ‬
‫جاســـ ِة ‪َ ،‬‬
‫وتذكيـــ ِة الفـــــؤاد بيـــنَ يـــدي الج ّبــار))‪.‬‬
‫وجب الوضوء على الوجه واليدين‪ ،‬والرأس والرجلين ‪ ،‬ألنّ العبد إذا قام‬
‫َ‬ ‫وإ ّنما‬
‫بين يدي الجبّار‪ ،‬فإنه بوجهه يسجد ويخضع ‪ ،‬وبيده يسأل ويرغب ويرهب ‪،‬‬
‫وبرأسه يستقبل في ركوعه وسجوده‪ ،‬وبرجليه يقوم ويقعد وفي الوضوء درسٌ‬
‫جميل لنا يبيّنُ ضرورة ّ‬
‫التطهر والنظافة ‪.‬‬

‫القلب من ك ّل إثم وحقـد واستعداد‬


‫َ‬ ‫وفي الوضوء تهيئة للنفس اإلنسانية ‪ّ ،‬‬
‫لتطهر‬
‫للقاء الباري في أفضل هيئة ‪ ،‬واستشعار لهيبة اللقاء وعظمة الخالق وإدراك‬
‫لعظمة الدين الذي ين ّقي اإلنسان من ك ّل دَ َر ٍن ووسخ ‪.‬‬

‫والوضوء ‪ :‬لغة ‪ :‬الحسن والنظافة ‪.‬‬


‫واصطالحا ‪ :‬التعبّد هلل َّ‬
‫عز وج ّل بتطهير األعضاء األربعة (اليدين والوجه‬ ‫ً‬
‫والقدمين والرأس )‪.‬‬

‫يقول هللا تعالى ‪:‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬


‫ﭘ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡﭢﮑ ﱪ المائدة ‪.‬‬

‫ت األعضاء التي يجب‬


‫ت الوضو َء للصّالة ‪ ،‬وبيّن ِ‬
‫فهذه اآلية الكريمة أوجب ِ‬
‫غسلها أو مسحها في الوضوء ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫شروط الوضوء‬
‫‪ -١‬اإلسالم ‪.‬‬
‫‪ -٢‬العقــــل‪.‬‬
‫‪ -٣‬البــلوغ ‪.‬‬
‫‪ -٤‬النيـــة ‪.‬‬
‫‪ -٥‬أن يكون الماء طهوراً ‪ ،‬فإنْ كان نجسا ً ال يجوز الوضوء به ‪.‬‬
‫مجنون ‪ ،‬وال من صغير ال يميّز‪ .‬وال ممن لم‬
‫ٍ‬ ‫فال يصح الوضوء من‬
‫ينو الوضوء ‪ ،‬أو غسل أعضاءه ‪ ،‬ليزيل عنها نجاسة أو وسخا ً ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ُم ْبطالت الوضوء‬

‫‪ -١‬الرِّ يح أُوالبول أُو الغائط ‪.‬‬


‫‪ -٢‬النو ُم الغالب على حاستي السمع والبصر ‪.‬‬
‫‪ -٣‬ك ّل ما أذهب العقل‪ ،‬كاإلغماء والسُّكر والجنون ‪.‬‬
‫ْ‬
‫وجبت إعادة الوضوء‪.‬‬ ‫ْ‬
‫حصلت واحدة من هذه األمور‬ ‫فاذا‬
‫ض ُل الوضوء عند مسِّ القرآن وقراءته ‪ ،‬أل ّنه أفض ُل األذكار كما يُستحبُّ‬‫ويف ّ‬
‫الوضوء عند ك ِّل صالة وعند الدعاء ‪.‬‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫‪ -١‬صفْ شعورك عندما ترى شخصا ً مر ّتبا ً ونظيفا ً ‪.‬‬
‫‪ -٢‬كيف يكون تطهير القلب والعقل واللسان ؟‬
‫أوجب هللا تعالى الوضوء على الوجه ؟‬‫َ‬ ‫‪ -٣‬لماذا‬
‫‪ -٤‬لماذا نتوضّأ ؟‬
‫ُ‬
‫شروط الوضوء ؟‬ ‫‪ -٥‬ما‬
‫‪ -٦‬ما مُبطالت الوضوء ؟‬

‫‪80‬‬
‫الدرس الخامس ‪:‬‬
‫من سير الصحابة الكرام‬
‫ابو بكر الصديق (رض)‬
‫٭ نسبه ‪:‬‬
‫هو عبد هللا بن عثمان بن أبي قحافة ‪ ،‬التيميّ ‪ ،‬القريشيّ ‪ ،‬ي ّتصل نسبه مع‬
‫رسول هللا ( ص) في ج ّده السادس (مرّ ة) سمّي قبل اإلسالم بالعتيق لجمال‬
‫وجهه ‪ ،‬واطلق عليه في اإلسالم العتيق لكرمه ‪ ،‬وألنّ النبي (ص) ب ّ‬
‫شره بالعتق‬
‫من النار‪.‬‬
‫٭ مولده ونشأته ‪:‬‬
‫ولد بمكة ‪ ،‬بعد عام الفيل بسنتين ‪ ،‬وكان منشأه بمكة ال يخرج منها إّال للتجارة‬
‫مال جزيل ‪ ،‬وصاحب جاه ‪ ،‬يحبّه قومه ويسمعون له وقد عُهد إليه‬ ‫وكان ذا ٍ‬
‫بين األُسر القريشية‬
‫بمهمة الديّات (ومهمة صاحبها السعي لفضّ مشكالت الدم َ‬
‫وغيرها بالصلح والديّة) ‪.‬‬
‫ثبت عنه بأ ّنه كان في الجاهلية عزوفا ً عن ك ّل رذيلة ‪ ،‬بعيداً من ك ّل‬
‫وقد َ‬
‫إثم‪ .‬وقد كان صاحب النبي ( ص ) قبل البعثة لما عُرف عنه من أخالق كريمة‬
‫وصفات سامية‪.‬‬
‫٭ إسالمه وجهاده ‪:‬‬
‫أسلم أبو بكر(رض ) وكان من أوائل الرجال تصدي ًقا للنبي ‪ .‬منذ إسالمه الزم‬
‫النبيَّ ك َّل المالزمة ‪ ،‬صحبه منذ إسالمه حتى وفاته إال فيما أذن له في الخروج‬
‫فيه من ح ّج وجهاد‪ .‬وشهد معه المشاهد كلّها وهاجر معه‪ ،‬وترك عياله وأوالده‬
‫رغبة في هللا ورسوله وهو رفيقه في الغار قال تعالى‪:‬‬
‫ﱫﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮬﮭﮮ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ‬

‫‪81‬‬
‫ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﱪ التوبة ‪.‬‬
‫وقد تزوّ ج النبيُّ ( ص) عائشة ابنة أبي بكر‪ ،‬وفي معركة (تبوك) تبرّ ع‬
‫بماله كلّه ووضعه أمام النبي ( ص) فقال له الرسول‪ :‬ماذا أبقيت ألهلك؟ فقال له‬
‫أبقيت لهم هللا ورسوله‪ .‬وقد أسلم على يده عدد من األولين السابقين منهم (عثمان‬
‫ابن عفان و سعد بن ابي وقاص) وغيرهما كثير واشترى عدداً من األر ّقاء انقاذا‬
‫لهم من العذاب وأعتقهم أمثال بالل الحبّشي وغيره وعندما أسري بالرسول من‬
‫المسجد الحرام إلى المسجد االقصى ‪ ،‬قال ابو بكر عندما وثق أن الرسول (ص ) هو‬
‫القائل ‪ :‬وهللا ألن كان قد قاله لقد صدق ‪ .‬ومن يومها دعوه بالصديق‪.‬‬
‫٭ خالفته ‪.‬‬
‫كان النبيُّ يشير إلى فضل ابي بكر(رض ) وعندما توفي النبيُّ (ص)خرج‬
‫ومكذب‪ ،‬ووقف بجانب المنبر‪ ،‬وقال‬ ‫ّ‬ ‫أبو بكر إلى الناس وهم بين مص ّد ٍق‬
‫للناس‪( :‬أيها الناس من كان يعبد محمداً فإنّ محمدا قد مات ومن كان يعبد هللا‪،‬‬
‫فإنّ هللا حيٌّ ال يموت ‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ﱫ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﱪ آل عمران ‪.‬‬
‫وعندما سمع المسلمون هذا عادوا إلى رشدهم ‪ ،‬واستسلموا لقضاء هللا‬
‫وبويع لخالفة المسلمين وولي أمرهم ‪ ،‬ولقد سعى الى نشر االسالم بما سيَّره‬
‫نحو العراق والشام من الجيوش التي استطاعت تحريرهما ‪ ،‬ونشر الدعوة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫من أعماله الجليلة أ ّنه وافق على جمع القرآن الكريم بمشورة عمر بن‬
‫الخطاب (رض) فضالً عما ا ّتصف به من التواضع والحلم واللين دون ضعف‪،‬‬
‫ومن الزهد والورع والتقوى ‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫مأثورات من أخالقه ‪.‬‬ ‫٭‬
‫‪ -١‬تنازل أبو بكر (رض) عن قطعة أرض ٍكان يملكها لبيت المال‪ ،‬مقابل ما‬
‫أخذه من راتب في خالفته‪.‬‬
‫‪ -٢‬خرج أبو بكر ماشيا ً مودعًا الجيش ‪ ،‬وأسامة راكب وحينما َطلب إليه أسامة‬
‫ت قدماي في سبيل هللا)‪.‬‬ ‫الركوب ‪ ،‬قال (ما عليّ إذا اغبرّ ْ‬
‫‪ -٣‬قال رسول هللا ( ص)‪ :‬مْ َن أصبح منكم صائما؟ قال أبو بكر‪ :‬أنا قال‪ :‬ف َمن‬
‫تبع منكم جنازة ؟ قال أبو بكر‪ :‬أنا‪ ،‬قال ف َمن أطعم منكم اليوم مسكينا ً ؟ قال‬
‫َ‬
‫ابو بكر أنا ‪ ،‬قال ف َمن عاد اليوم منكم مريضا ً ؟ قال أبو بكر‪:‬أنا ‪ ،‬فقال رسول‬
‫ىء إالّ دخل الجنة))‪.‬‬‫اجتمعن في أمر ٍ‬
‫َ‬ ‫هللا (ص) ((ما‬
‫٭ وفاته ‪.‬‬
‫توفيّ أبو بكر (رض) سنة ‪١٣‬هـ و ُدفن الى جانب رسول هللا (ص) في المدينة‬
‫المنورة ‪ .‬ودامت خالفته سنتين وثالثة أشهر أسّس فيها الدولة وحمى العقيدة‪.‬‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫‪ -١‬ما اسم أبي بكر (رض) ؟ ولماذا سم َ‬
‫ّي بالعتيق ؟ اذكراألسماء التي اش ُتهر‬
‫بها ‪.‬‬
‫‪ -٢‬بماذا اش ُتهر أبو بكر قبل البعثة المحمدية ؟‬
‫‪ -٣‬اذكر بعضا ً ممّن أسلم على يدي أبي بكر(رض ) ‪.‬‬
‫َّ‬
‫المعذبين ؟ وما ثوابه ؟‬ ‫‪ -٤‬ما فعل أبو بكر(رض ) إزاء الرقيق‬
‫‪ -٥‬اذكرْ مثالين يدالن على حُسن أخالق أبي بكر(رض ) ‪.‬‬
‫ِ‬

‫‪83‬‬
‫أروع مثال في االستشهاد من أجل العقيدة‬

‫ياسر وسمية‬

‫ومن هؤالء المؤمنين الذين تل ّقوا التعذيب بقلب مؤمن صابر ثابت الشهيد‬
‫(ياسر بن عامر العنسي ) (رض) ‪ ،‬وزوجه الصحابية (سميّة بنت خياط)(رض)‪.‬‬
‫لقد كانت سميّة من رقيق أبي حذيفة المخزومي أحد رجال العصرالجاهلي‬
‫وقد زوّ جها أبو حذيفة بعد أنْ أعتقها إلى حليفه (ياسر بن عامر) وولدت له‬
‫ابنهما عماراً‪.‬‬
‫وقد سبقها عمّاراً إلى اإلسالم ‪ ،‬وتبعته أمّه ثم أبوه ‪ .‬وقد كان إيمانهم صاد ًقا‬
‫فنذرا أنفسها للدين الجديد ‪ ،‬فكانا أوفياء له حتى الموت ‪.‬‬

‫حرق دار ياسر‬

‫وصلت أخبار إسالم ياسر إلى أبي جهل (عمرو بن هشام) ‪ ،‬المعروف‬
‫ْ‬
‫فثارت ثائرته ‪ ،‬وطغت عليه جهالته واشتد عليه حنقه‬ ‫بعدائه الشديد للنبيِّ ودينه‬
‫وحقده ‪ ،‬فجمع فتية من عبيده واتجه إلى دار ياسر فاشعل النيران فيها‪ .‬وقبض‬
‫على ياسر وسميّة وابنهما عمّار‪.‬‬

‫ثبات آل ياسر‬

‫انطلق المشركون يمارسون صنوف التعذيب مع آل ياسر ‪ ،‬اذ استعمل‬


‫المشركون النار والحديد ‪ ،‬والسياط التي كانت تلهب أجسامهم‪ ،‬والحجارة‬
‫أدرع الحديد‪ ،‬ثم ألقوهم في‬
‫َ‬ ‫الحمراء الملتهبة فوق صدورهم ‪ ،‬وألبسهم الكفار‬
‫الشمس حتى بلغ منهم الجهد ك َّل مبلغ ؛ لكنهم ظلّوا ثابتين متحملين العذاب ‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫وكان الرسو ُل ( ص) يتألم من تعذيب المشركين ألصحابه ‪ ،‬فيقول ‪(( :‬أبشروا‬
‫آل ياسر فإنّ موعدكم الجنة)) ‪ .‬ويزداد غضب المشركين وتتوالى السياط على‬
‫أجساد آل ياسر الذين يزدادون إيمانا ً وصالبة ويرد ّدون ‪(( :‬نشهد أنْ ال إله إالّ‬
‫هللا ونشه ُد أنّ محمداً رسول هللا ونشهد ان وعده الحق))‪.‬‬

‫أول شهيد في اإلسالم‬

‫تخاطب سميّة (رض) عدو هللا أبا جهل بصوتها البطولي ‪ ،‬قائلة ‪ ( :‬ليس‬
‫هناك ماهو أحبّ إلينا من الموت الذي يريحنا من النظر إلى وجهك ويذهب‬
‫بنا إلى نعيم اآلخرة) ‪.‬‬

‫ويغضب أبو جهل وير ُكل سمّية بك ِّل قواه ‪ ،‬لكنها تر ّدد بصوتها الشجاع (سُحقا‬
‫آللهتك وتعسًا لك ‪ .‬هللا أكبر والعزة لإلسالم ) ‪ .‬إنها قوة اإليمان تشعُّ في‬
‫النفوس فال تعو ُد تخشى شيئا ً وال تعود يرهبها شيء‪ ،‬لكنَّ أبا جهل ال يفه ُم سرَّ‬
‫فيأخذ حربة ويطعنها‬ ‫ُ‬ ‫هذا التحدي البطولي من مخلوق يحسبه ضعي ًفا ال يدانيه‪،‬‬
‫اللعين في قلبها فتفيضُ روحها الطاهرة إلى بارئها شاكية ظلم اإلنسان ألخيه‬
‫اإلنسان ولتسجّ ل اسمها خال ًدا في صحيفة الجهاد اإلسالمي بوصفها أوّ ل شهيد ٍة‬
‫في اإلسالم ‪.‬‬

‫ثاني شهيد في اإلسالم‬


‫ويغضب ياسر لمقتل زوجته سمّية ويصرخ قائالً ‪ :‬يا عدوَّ هللا وياع ّدو‬
‫اإلسالم‪َ ،‬من يغفر لك في ذلك اليوم الذي ال تنفع فيه شفاعة الشافعين؟ ويهتف‬
‫عمار هنيئا ً ألمّي سبقتنا بالفوز بنعيم هللا‪.‬‬

‫ويش ُّتد العذاب ويش ُّتد الثبات ‪ ،‬ويشتد غضب أبي جهل وتثور نفسه على هؤالء‬
‫الذين يفضّلون الموت على حياة يفقدون معها عقيدتهم الح ّقة ولو أنهم ذكروا‬
‫محمداً ودينه بسوء ‪ ،‬لما أصابهم العذاب وال األذى ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫وتخيبُ محاوالت أبي جهل في ثني هؤالء الصابرين عن عقيدتهم‪ ،‬فيضرب‬
‫بطن ياسر بأقدامه ‪ ،‬فتصع ُد روحه إلى بارئها ليصبح َ‬
‫ثاني شهي ٍد في اإلسالم ‪،‬‬ ‫َ‬
‫وليكتب اسمُه في سجل الخالدين من الصديقين والشهداء بعد أنْ ق ّدم مع أهله‬
‫أجل الدين ‪ ،‬فإنّ قيمة اإلنسان تهون اذا‬
‫أروع األمثلة على الثبات والتضحية من ِ‬
‫هانت عليه دعوة هللا ‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬
‫ﱫ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡﮢ ﱪ ‪ .‬آل عمران ‪.‬‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫‪َ -١‬من أو ُل شهي ٍد في اإلسالم ؟‬

‫‪ -٢‬اذكرْ مثاال على الثبات والتضحية في سبيل هللا ‪.‬‬

‫اذكر ً‬
‫آية م َِن القرآن الكريم تظهر مكانة الشهداء عند هللا ‪.‬‬ ‫‪ْ -٣‬‬

‫كيف حاربت قريشُ الدعوة اإلسالمية ؟‬


‫َ‬ ‫‪-٤‬‬

‫‪86‬‬
‫الدرس السادس ‪:‬‬
‫السخرية‪ ،‬واللمز‪ ،‬والتنابز باأللقاب‬

‫أنزل هللا تعالى علينا كتابه الكريم يدعونا فيه إلى الخير الذي ينفعنا في‬
‫العاجل واآلجل ‪ ،‬وينهانا عن ال ِّشر الذي يضرّ نا اآلن وغداً‪.‬‬
‫وك ّل مجتمع يحرصُ على السالمة ‪،‬ويُريد التق ّدم والرقيّ ينبغي أن يكون حريصا ً‬
‫على التآخي والتعاون بعيداً من ك ّل ما يؤثر سلبا ً في المجتمع ‪.‬‬
‫ومما ّ‬
‫يؤث ُر سلبا ً في أيّ مجتمع ‪ ،‬شيو ُع جملة من األخالق القبيحة الخبيثة التي‬
‫تبتعد منها النفوس السليمة واألذواق المستقيمة ‪.‬‬

‫ومن أش ِّد هذه االخالق قبحا ً وسوءاً ‪ ،‬السخرية واالستهزاء باآلخرين التي تكاد‬
‫تكون بمستوى المرض الخطير الذي يثير الى األحقاد ‪ ،‬ويدعو الى األحقاد‬
‫والعداوة والبغضاء ‪ ،‬ويُوهِنُ بناء المجتمع القوي المتماسك‪.‬‬

‫السخرية‬ ‫٭‬
‫هي االنتقاص واإلستهانة باآلخرين وتحقيرهم ‪،‬والتنبيه على عيوبهم‬
‫ك منه‪ ،‬وقد يكون ذلك بالمحاكاة في القول أو الفعل‪،‬‬ ‫ونقائصهم على وجه يُضح ُ‬
‫وقد يكون باإلشارة واإليماء ‪ ،‬وهي ظل ٌم قبي ٌح من اإلنسان ألخيه اإلنسان وعدوان‬
‫على كرامته ‪.‬‬
‫والسخرية تصرفٌ متعسّفٌ يرمي صاحبها الساخر إلى اإليذاء والتحقير والتنبيه‬
‫على العيوب وأن على المسلم أنْ يحبّ ألخيه مايحبّ لنفسه وأن يكره له ما‬
‫يكره لنفسه وأن يعامله بمثل ما يحبُّ أنْ يعامله اآلخرون ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫ب فقد يكون العداوة ‪ ،‬أو الت ّكبر على اآلخرين‪،‬أو‬
‫وللسخرية أكثر من سب ٍ‬
‫التسلية غير المؤدبة ‪ ،‬أو الرغبة في تحطيم مكان ِة شخص ما ‪.‬‬

‫وعلى من يمارس هذه العادة المستهجنة أن يضع في حسابه انّ من يسخر‬


‫ويشكره على كمال خلقته وعدم النقص‬
‫َ‬ ‫منه لنقص في َخ ْلق ِه هكذا ‪ ،‬أن يحمدَ هللا‬
‫في جسده ‪ ،‬أو عقله ‪ ،‬إذ قد يُصاب هو‪ -‬في يوم من األيام‪ -‬بنقص في شي ٍء‬
‫متعلّق بجسده ‪ ،‬أو أهله ‪،‬أو ماله فهل يقبل بسخرية اآلخرين منه وليعلم اإلنسان‬
‫ً‬
‫ومكانة‬ ‫ً‬
‫خلقة‬ ‫انه مهما بلغ من كمال الخلقة والمكانة فهناك من هو أحسنُ منه‬
‫وأفض ُل منه وأغنى منه ‪.‬‬

‫والسخرية من الناس من سمات الك ّفار والمنافقين ‪ .‬وقد ُن ِ‬


‫هينا ‪ ،‬نحنُ المسلمون عن‬

‫الت ّشبه بهم ‪ ،‬قال سبحانه وتعالى ‪ :‬ﱫ ﯧ ﯨ ﯩ‬


‫ﯪ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﯲ‬
‫ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﱪ التوبة‪.‬‬

‫ومما ت ّقدم يتبيّنُ لنا أنّ السخرية من الناس ذنب عظيم مناف للدين والمروءة‬
‫واألخالق ‪ ،‬فضالً عن انّ عاقبتها وخيمة في الدنيا واآلخرة‪ ،‬فقد يُبتلى الساخر‬
‫بمثل ما سخر به ‪ ،‬وفي اآلخرة ينتظرُه عذابُ هللا القائل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫في الدنيا‬

‫ﱫﯰﯱ ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﱪ المطففين‪:‬‬
‫ُحذر هللا االستهزاء والسخرية من الضعفاء والمساكين‬ ‫وفي نصّ قرآنيّ آخر ي ّ‬
‫واإلستهانة بهم وإذاللهم إذ إنّ ذلك كله ي ُِبع ُد من هللا ويقربُ من الشيطان وحزبه‪،‬‬
‫وصدق هللا العظيم القائل ‪:‬‬

‫‪88‬‬
‫ﱫﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮈ ﱪ‪:‬المؤمنون‪.‬‬

‫لماذا إذن‪ ،‬ينبغي أالّ يتجرأ أح ٌد على االستهزاء بمن يرى من الناس إذا كان‬
‫لبق في محادثته ‪ ،‬فلعلّه أخلصُ ضميراً‬ ‫ّ‬
‫رث الحال ‪ ،‬أو عاه ٍة في بدنه ‪ ،‬او غير ٍ‬
‫وانقى قلبا ً من آخرين فيظلم نفسه بتحقير َمن و ّقره هللا واالستهزاء بمن ّ‬
‫عظمه‬
‫هللا‪.‬‬

‫وثمة صفة ذميمة أخرى تدعى ( اللّمز) وهو اآلذى بالقول ولو كان اشارة‬
‫بخلق‬
‫ٍ‬ ‫مرض أو إتهامه‬
‫ٍ‬ ‫باسم يد ُل على عاه ٍة فيه أو‬
‫صغيرة ‪ ،‬كتسمية الشخص ٍ‬
‫سِ يِّئ ‪.‬‬

‫حق ويتحقق هذا العدوان عندما يعيب‬ ‫والّلمز هو عدوان على اآلخرين بغير ّ‬
‫طعن‬
‫ٍ‬ ‫اإلنسان أخاه في وجهه بكالم ولو بالخفاء ‪ ،‬وربَّ لمز خفيٍّ هو أش ُّد من‬
‫صريح وأعمق جرحا ً في النفس مما يؤدي إلى تنامي الحقد والضغينة وقطع‬
‫أواصر األخوّ ة وهو بهذا عدوان على غيرنا ‪ ،‬قال هللا تعالى‪:‬‬

‫ﱫﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ‬
‫ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ‬
‫ﰑ ﰒ ﱪ الحجرات ‪.‬‬

‫أي‪ :‬ال تلمزوا أخوانكم ‪ ،‬ولكنه سبحانه عّبربـ (أنفسكم ) تنبيها ً على أنّ أخاك‬
‫في الدين هو بمنزلة نفسك فينبغي أنْ تحبَّ له ما تحبُّ لنفسِ َك‪ ،‬وتكرهُ له ما تكره‬
‫ّ‬
‫تحب ان يُعاملك به‪.‬‬ ‫لنفسك وتعامله بمثل ما‬

‫‪89‬‬
‫أمّا التنابز باأللقاب فهو أمر نهى هللا تعالى المؤمنين عنه‪ ،‬واللقب هو االسم‬
‫بمدح يُذكر تار ًة للتعريف وتار ًة للتنقص‪.‬فإذا كان للتنقص فال‬‫ٍ‬ ‫الذي يُش ِع ُر ٍ‬
‫بذم أو‬
‫اسم أو‬‫يجوز أن يُذكر به ‪ ،‬لذلك اليسمح بأن يدعو المر ُء صاحبه بما يكرهُه مِن ٍ‬
‫األلقاب فيها ذ ُّم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫التنابز باأللقاب م َِن المحّ رمات ومن الظلم ؛ ألنّ تلك‬ ‫صف ٍة ألنَّ‬
‫ُوصف به ‪.‬‬
‫َ‬ ‫او استهزاء أو تحقي ٌر أو شي ٌء مما ال يرغبُ اإلنسان أنْ ي‬

‫فعلى المسلم الذي كرَّ مه هللا وأكرم غيره من الناس بلسان ناطق أن‬
‫يجعله ال ينطق إلاّ بالجميل والحسن من الكالم ‪ ،‬فال يسخر وال يلمز‬
‫حق أخيه المسلم عليه أن يستر‬ ‫ّ‬ ‫وال يتنابز وليعرف ك ّل مسلم أنّ من‬
‫عيوبه وال يفضحها وإنْ كانت نقيصه فيجب عليه أنْ يكون ناصحا ً‬
‫بصريح الكالم وال برمزه‬
‫ِ‬ ‫بالسِّر ال فاضحا ً بالعلن وال ناشرً ا للعيوب ال‬
‫ودالالته المغلفة ‪.‬قال ( ص)‪:‬‬
‫سلِ َم المسلمون من لسانه ويده)‪.‬‬
‫(المسلم من َ‬

‫المناقشة‪:‬‬

‫‪ -١‬يرتقي المجتمع إذا ابتعد أفراده من أخالق ذميمة عددها ‪.‬‬

‫‪ -٢‬عرف السخرية وبيّن أثرها في المجتمع ‪.‬‬

‫‪ -٣‬الذين يسخرون من المؤمنين يسخ ُر هللا منهم ‪ ،‬استشهد بآي ٍة قرآنية ‪.‬‬

‫‪ -٤‬ما الّلم ُز ؟ وما أثرُه في المجتمع ؟‬

‫‪90‬‬
‫الوحدة الرابعة‬
‫سورة المط ّففين‬ ‫الدرس األول ‪:‬‬

‫آيات احلفظ( ‪)١٢-١‬‬

‫ﱫﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫ﯠﯡ ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ‬
‫ﯪﯫﯬﯭ ﯮﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫ﭑﭒﭓ ﭔ ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝ‬
‫ﭞ ﭟﭠﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭩﭪﭫ ﭬﭭ ﭮﭯ ﭰﭱﭲ ﭳ ﭴﭵﭶ‬
‫ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮆﮇﮈ ﮉﮊﮋﮌ ﮍﮎﮏﮐﮑ‬
‫ﮒﮓﮔ ﮕﮖﮗﮘ ﮙﮚ ﮛﮜﮝ‬
‫ﮞﮟﮠﮡﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦﮧﮨ‬
‫ﮩﮪﮫ ﮬﮭ ﮮﮯﮰﮱ ﯓﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ‬
‫ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫‪91‬‬
‫ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ ﯼ‬
‫ﯽﯾﯿﰀ ﰁﰂﰃﰄ ﰅﰆ‬
‫ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏﰐ‬
‫ﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗ ﭑﭒﭓ‬
‫‪.‬‬ ‫ﭔﭕﭖﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﱪ‬
‫صدق اهلل‬
‫العلي العظيم‬

‫‪92‬‬
‫معاني الكلمات‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫ذاب‬
‫وع ٌ‬ ‫ٌ‬
‫هالك َ‬ ‫ٌ‬
‫ويل‬
‫باملكيال وامليزان ِ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الناس حقوقهم‬
‫َ‬ ‫الذين يبخسونَ‬ ‫املطففون‬

‫اشتروا بالكيلِ ‪.‬‬ ‫اكتالوا‬


‫يأخذون أكثر من حقهم‪.‬‬ ‫يستوفون‬
‫باعوا غيرهم بالكيل‪.‬‬ ‫كالوهم‬
‫َ‬
‫املكيال وامليزانَ ‪.‬‬ ‫ينقصونَ‬ ‫يخسرون‬
‫أعمالهم ‪.‬‬
‫ِْ‬ ‫صحيفة‬ ‫كتاب الفجار ِ‬
‫َ‬
‫يف مكان سحيق وضيق‪ .‬وسجني مشتق من‬ ‫سج ٍني‬
‫ِّ‬
‫السجن ‪.‬‬
‫فاجرٍ متجاوزٍ َّ‬
‫احلد‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫معتد‬
‫اإلثم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪.‬كثي ِر‬ ‫أَ ٍ‬
‫ثيم‬

‫أَ ْعمى قلوبهم‪.‬‬ ‫َرانَ على قلوبهم‬

‫صحي َف َة أ ْع َمالِ ْ‬
‫هم‪.‬‬ ‫ِك َت َ‬
‫اب ا َألبرا ِر‬

‫األس َّر ِة‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ا َأل َر ِ‬
‫ائك‬
‫مسطور‪ ،‬مكتوب اليزيد فيه أحد وال ينقص منه ‪،‬‬ ‫كتاب مرقوم‬
‫ٌ‬
‫أحد ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫منغمس في اآلثام مكثر منها ‪.‬‬ ‫أثيم‬
‫ما ّ‬
‫سطره األولون مِن القصص‬ ‫أساطي ُر األوّ لين‬
‫واألخبار‪.‬‬

‫موضع يسمى عليين في أعلى الجنة‪.‬‬ ‫في‬ ‫في عليين‬


‫ٍ‬
‫يحضُره المقرّ بون من أهل السماء ‪.‬‬ ‫يشهده المقربون‬

‫لفي جنات النعيم‪.‬‬ ‫لفي نعيم‬

‫ما آتاهُم ربُّهم من صنوف النعيم‪.‬‬ ‫ينظرون‬

‫تعرف في وجوههم نظرة النعيم حسنه وبريقه وتأللؤه‪.‬‬

‫شراب خالص‪.‬‬ ‫رحيق‬


‫ٍ‬
‫ختامه ِمسْ ك‬
‫آخر شربها يفوح برائحة ال ِمسْ كِ ‪.‬‬
‫َتسْ نيم‬
‫عين في الجنة‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫المعنى العام‬

‫قال تعالى ‪ :‬ﱫ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬


‫ﯠﯡ ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯪﯫ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﱪ‬
‫ب الشديدين الذين يبخسون المكيال والميزان‬ ‫يتوعّد هللا تعالى بالهالك والعذا ِ‬
‫وينقصون فيه ‪ ،‬الذين إذا اشتروا من الناس مايوزن ‪ ،‬يوفون ألنفسهم كامل‬
‫الوزن ‪ ،‬وإذا باعوا الناس موزو ًنا ‪ُ ،‬ي ْنقصون في المكيال والميزان ويبخسون‬
‫الناس أشياءهم ‪ .‬أال يعتقد أولئك المطففون أنَّ هللا تعالى باعثهم ومحاسبهم على‬
‫أعمالهم في يوم عظيم الهول؟ يوم يقوم الناس بعد موتهم بين يدي هللا‪ ،‬فيحاسبهم‬
‫على القليل والكثير‪ ،‬وهم فيه خاضعون هلل ربّ العالمين فما بالك بمن يبيع‬
‫بضاعة مغشوشة أو تالفة أومنتهية الصالحية إ ّنهم سيالقون مصير المطففين‬ ‫ً‬
‫نفسه‪.‬‬

‫ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ‬
‫ﭟﱪ ‪.‬‬
‫ح ّقا ً إنّ مصير الفُجَّ ار ومأواهم لفي ضيق ‪ ،‬وما أدراك ما هذا الضيق؟ إ ّنه سجنٌ‬
‫مقيم وعذاب أليم‪ ،‬وهذا مصير مكتوب مفروغ منه‪ ،‬ال يزاد فيه وال يُنقص‪.‬‬

‫ﱫﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮀﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇﮈ ﮉﮊﮋﮌ ﮍ‬

‫‪95‬‬
‫ﮎﮏ ﮐﮑ ﮒﮓﮔ ﮕﮖﮗ ﱪ ‪.‬‬
‫ثم توعد هللا المكذبين الذين ّ‬
‫يكذبون بوقوع يوم الجزاء ‪ ،‬بالعذاب الشديد‪ ،‬وما‬
‫ِّ‬
‫يكذب به إلاّ ك ّل ظالم كثير اإلثم‪ ،‬إذا تتلى عليه آيات القرآن قال‪ :‬هذه قصص‬
‫وأكاذيب األوّ لين ‪ .‬فلهم الويل على تكذيبهم ‪ ،‬إنه هو كالم هللا تعالى ووحيه‬
‫إلى نبيه‪ ،‬وإنما غشيت قلوبهم كثرة ما يرتكبون من الذنوب فلم يصدقوا ‪.‬‬
‫وليس األمر كما زعم الكفار‪ ،‬بل إنهم يوم القيامة عن رؤية ربّهم‪ -‬ج ّل وعال‪-‬‬
‫لمحجوبون‪ ،‬ثم إنهم لداخلو النار يقاسون حرّ ها‪ ،‬ثم يقال لهم‪ :‬هذا الجزاء الذي‬
‫كنتم به تكذبون‪.‬‬

‫ﱫﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦﮧﮨ ﮩ ﱪ ‪.‬‬
‫الأْ َب َْرار ‪ :‬جمع بارّ ‪ ،‬وهو المؤمن الذي برّ ربّه بطاعته في أداء فرائضه ‪،‬‬
‫واجتناب نواهيه ‪ ،‬وكان صادقا ً في ذلك ‪ .‬إن كتاب أعمال هؤالء األبرار في‬
‫عليين َو َما أَ ْد َر َ‬
‫اك يا رسولنا َما عِ لِّي َ‬
‫ُّون ؟ ا ّنه موض ٌع في أعلى الجنان‪.‬‬

‫إنّ كتاب األبرار ‪-‬وهم الم ّتقون‪ -‬لفي المراتب العالية في الجنة‪ .‬وما أدراك ‪ -‬ما‬
‫هذه المراتب العالية ؟ مصير األبرار ونعيمه مكتوب مفروغ منه‪ ،‬ال يزاد فيه‬
‫وال يُنقص‪َ ،‬ي َّطلِع عليه المقربّون من مالئكة ك ّل سماء‪.‬‬

‫ﱫﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ‬
‫ﯥ ﯦﯧﯨﯩ ﯪﯫﯬﯭﯮ ﯯﱪ‬
‫‪96‬‬
‫إنّ أه َل الصدق والطاعة لفي الجنة يتنعمون‪ ،‬على األسرَّ ة ينظرون إلى ربِّهم‪،‬‬
‫خمر‬
‫ٍ‬ ‫وإلى ما أع َّد لهم من خيرات‪ ،‬ترى في وجوههم بهجة النعيم‪ ،‬يُسْ َقون من‬
‫صافية محكم إناؤهـــــا‪ ،‬آخره رائحة مسك‪ ،‬وفي ذلك النعيم المقيم فليتسابق‬
‫المتسابقون‪ .‬وهذا الشراب مزاجه وخلطه من عين في الجنة ُتعْ َرف لعلوها بـ‬
‫‪.‬‬
‫«تسنيم»‪ ،‬عين أع ّدت ‪ ،‬ليشرب منها المقرّ بون‪ ،‬ويتلذذوا بها‪.‬‬

‫ﱫﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫ﯼﯽﯾﯿﰀ ﰁﰂﰃﰄ ﰅﰆ‬
‫ﰇﰈ ﰉﰊﰋﰌﰍﰎ ﰏﰐﰑﰒ‬
‫ﰓﰔﰕﰖﰗ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ‬
‫ﭘﭙ ﭚ ﭛﱪ ‪.‬‬

‫إنّ الذين أجرموا كانوا في الدنيا يستهزئون بالمؤمنين‪ ،‬وإذا مرّ وا بهم‬
‫يتغامزون سخرية منهم‪ ،‬وإذا رجع الذين أجرموا إلى أهلهم وذويهم تف ّكهوا‬
‫معهم بالسخرية من المؤمنين‪ .‬وإذا رأى هؤالء الكفار المؤمنين‪ ،‬وقد اتبعوا‬
‫ُعث هؤالء‬‫الهدى قالوا ‪ :‬إنّ هؤالء لتائهون في اتباعهم محم ًدا (ص) ‪ ،‬وما ب َ‬
‫المجرمون رقباء على المؤمنين ‪ .‬فيوم القيامة يسخر الذين آمنوا باهلل ورسوله‬
‫وهم على األسِ رَّ ِة الفاخرة جالسين من الكافرين ‪ .‬وينظر المؤمنون إلى ما‬
‫أعطاهم هللا من الكرامة والنعيم في الجنة‪ ،‬هل جوزي الك ّفار بمثل جزاء‬
‫المؤمنين ؟ كال‪ ،‬سينالون العذاب جزاء ما كانوا يفعلونه في الدنيا من الشرور‬
‫واآلثام ‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫أهم ماترشد اليه السورة ‪:‬‬
‫‪ -١‬حرم ُة الغش عند الوزن والبيع وأخذ زيادة عليه ؛ أو انقاص الوزن عمداً‬
‫ولو شيئا قليالً لتحقيق الربّح الحرام ‪.‬‬

‫‪ -2‬التذكي ُر بالبعث والجزاء ووجوبُ العمل بما يُرضي هللا ‪.‬‬


‫‪ -3‬عِ َظ ُم يوم القيامة ‪ ،‬يوم يقوم الناس لربّ العالمين ‪ ،‬ليحكم بينهم ويجزي كلاّ‬
‫بعمله خيراً او شراً‪.‬‬

‫كتاب الفجار من أهل النار في سجين ‪ ،‬وهو موضع أسفل األرض‬ ‫َ‬ ‫‪ -٤‬إنَّ‬
‫السابعة ‪ ،‬إلى يوم القيامة وسيالقون مصير أعمالهم السيئة‪.‬‬

‫‪ -5‬توعّدَ هللا المكذبين به وبآياته ولقائه أنّ لهم عذابا ً عظيماً‪.‬‬

‫‪ -٦‬التحذي ُر من اقتراف الذنوب وعدم التوبة منها ‪.‬‬

‫‪ -7‬األشقياء يوم القيامة محجوبون عن نعيم هللا ورحمته أمّا السعداء األتقياء‬
‫فوجوههم يومئ ٍذ نضرة إلى ربّها ناظرة‪.‬‬

‫‪ -8‬الترغيبُ في العمل الصالح للحصول على نعيم الجنة والتنديد باإلجرام‬


‫والمجرمين والدعوة إلى التنافس في أعمال الخير وما يُرضي هللا‪.‬‬

‫‪ -9‬سيالقي المشركون عقاب إيذائهم للمؤمنين ‪ ،‬وسخريتهم منهم في الدنيا‪.‬‬

‫‪ -10‬أَنّ المؤمنين سيتنعمون في جنان هللا ‪ ،‬وسيسخرون من المشركين‬

‫فذلك يوم الفوز العظيم ‪.‬‬

‫‪ -11‬إكرا ُم هللا ألوليائه ‪ ،‬وإهانته تعالى ألعدائه ‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫المناقشة ‪:‬‬
‫‪1‬ــ َمن هم المطففون ؟ وماذا أعَّد هللا لهم في اآلخرة ؟‬

‫‪ 2‬ـ ماذا أع َّد هللا للمكذبين بيوم الجزاء؟ وماذا َو َعدَ األبرار؟‬

‫‪3‬ـ ماذا يُقصد بالتسنيم ؟ و َمنْ هم واردوه في الجنة ؟‬

‫‪4‬ـ َم ِن الذين تكون وجوههم الى ربها ناظرة ؟‬

‫ُجزون بمثل جزاء المؤمنين ؟ وضّحْ ذلك ‪.‬‬


‫َ‬ ‫‪5‬ـ ما جزاء الكفار ؟ وهل ي‬

‫َ‬
‫وعالمة (خطأ) أمام‬ ‫َ‬
‫عالمة (صح) أمام العبارة الصحيحة ‪.‬‬ ‫ضع‬
‫ْ‬
‫وصح ِح الخطأ إنْ وجد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العبارة غير الصحيحة‬
‫‪1‬ـ أح ّل هللا للمطففين بأخذ زياد ٍة قليلة ‪.‬‬

‫‪2‬ـ كتابُ ِ‬
‫أهل النار في سجّ ين ‪ ،‬وهو موضع في األعلى ‪.‬‬

‫ت هللا ولقائه لهم عذابٌ عظيم ‪.‬‬ ‫ّ‬


‫المكذبون بآيا ِ‬ ‫‪3‬ـ‬

‫يسخرون م َِن المؤمنين ‪ ،‬سيعاقبهم هللا في الحياة الدنيا‪.‬‬


‫َ‬ ‫‪4‬ـ الذين‬

‫‪5‬ـ االشقيا ُء يوم القيامة محجوبون عن نعيم هللا ورحمته‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫الدرس الثاني ‪:‬‬
‫القصص القرآني‬

‫يع ُّد القصص القرآني نهراً متدفقا ً وبحراً فياضًا بالعبر والعظات التي نتنسم‬
‫شذاها ‪ ،‬ونقتبس ضياها ونقتدي بهداها ‪ ،‬ففيها العظة والعبرة والهداية والرحمة‬
‫ّ‬
‫المنزل‬ ‫بصدق هذا الكتاب المبين‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫تنطق‬ ‫إذ إنّ حججها ساطعات ‪ ،‬وآياتها بينات‬
‫ب رسوله األمين (صلى هللا عليه وآله وصحبه‬ ‫من عند ربّ العالمين ‪ ،‬على قل ِ‬

‫ﭧﭨﱫ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬ ‫وسلم )‬

‫يوسف‪.‬‬ ‫ﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯟﯠﯡﱪ‬


‫ولقد أدرك الناس مدى تأثير القصة في التعليم والتربية ‪ ،‬وكان من السهل‬
‫فهم المقاصد والمطالب بطريق السرد القصصي‪ ،‬وكان من السهل أيضا ً سبر‬
‫أغوار النفس إليقاظها وتربيتها وتوجيهها‪.‬‬
‫فليس غريبا ً على القرآن إذن أن يدخل ميدان القصة من القمة ‪ ،‬ويطرق‬
‫أنواعا ً ويسلك ميادين فيعرض لتكوين السموات واألرض في الحياتين الدنيوية‬
‫واألخروية ويعرض قضية الحياة والموت وتاريخ اإلنسان وصراعه الداخلي‬
‫والخارجي مع نفسه ومع عدوه الشيطان ‪.‬‬
‫والقصة هي‪:‬‬ ‫٭‬
‫إخبار عن أحوال األمم الماضية والوقائع الحاضرة والحوادث السابقة‪.‬‬
‫٭ خصائص القصة القرآنية‬
‫‪ -1‬القصة القرآنية حقيقية في وقوعها وصادقة في خبرها ‪ ،‬فليست خياالً وال‬
‫كذباً‪.‬‬
‫حسن االختيار بعرض الوجه األحسن من القصة ‪ ،‬واإلعـراض عمّا ال‬ ‫َ‬ ‫‪-2‬‬

‫‪100‬‬
‫خير فيه فضالً عن الشرِّ ‪ ،‬ولذلك تسمى القصص القرآنية أحسن القصص‪،‬‬
‫وهذه خاصة للقرآن بخالف المعهود في الكتب األخرى ‪.‬‬
‫‪ -3‬التفاوت في العرض طوالً وقصراً ‪ ،‬فمثالً ‪ :‬سورة نوح في قصة واحدة‬
‫وهذه القصة ُذ ْ‬
‫كرت في آي ٍة واحدة هي قوله تعالى ‪:‬‬

‫الحاقة ‪.‬‬ ‫ﱫﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﱪ‬


‫‪ -4‬التقطي ُع بعرض المشاهد منفصلة غير متصلة ‪.‬‬
‫‪ -5‬تكرا ُر القصة لفظا ً ومعنى ‪ ،‬أو التكرار بالمعنى‪ ،‬والثاني هو وجه من وجوه‬
‫البالغة ودليل على اإلعجاز ‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫لماذا نقرأ القصص القرآني ؟‬
‫‪1‬ــ للتفكر في عظمة هللا وكتابه الذي يبيّن إعجاز القرآن بإخباره عن أمم سابقة‬
‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﱪ األعراف ‪.‬‬

‫برةٌ ألولي األلباب‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬


‫‪ -٢‬في هذه القصص عِ َ‬

‫ﱫ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬
‫ﯷﯸﯹﯺﯻ ﯼﯽﯾﯿ‬
‫ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﱪ يوسف ‪.‬‬

‫ت األم ُم السابقة بسببها واجتناب‬‫‪ -٣‬تحذي ٌر من اقتراف الذنوب التي أُهلك ِ‬


‫بمصير مشاب ٍه لمصيرتلك األمم ‪ ،‬وأخ ِذ العِبرة والعِظة من أحوالهم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الوقوع‬

‫‪ -٤‬معرف ُة قدرة هللا تعالى في معاقبة المخالفين‪ ،‬بحسب ما تقتضيه حكمته‬


‫فمنهم من أُهلك بريح عاتية ‪ ،‬ومنهم من أُغرق في البحر‪ ،‬ومنهم من ر َ‬
‫ُمي‬
‫سجيل ‪ ،‬وغيرها من العقوبات ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بحجار ٍة من‬

‫‪ -٥‬تعّرفُ سِ َي ِر األنبياء ‪ ،‬و َقصص القرآن ‪ ،‬إقامة للحجّ ِة على الناس ببعث‬
‫ت األمم أنبياءها ؟ وما وقع لهم في حال‬ ‫الرسل‪ ،‬وإنزال الكتب‪ ،‬وكيف قابل ِ‬
‫الكفر وفي حال االستجابة ؟‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫‪ -١‬لماذا يُع ّد ال َقصصُ القرآني نهراً متدفقا ً ؟‬

‫‪ -٢‬ما أث ُر القصة في التربية والتعليم ؟‬

‫‪ -٣‬اذكرْ أه َّم خصائص القص ِة القرآنية ‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫الدرس الثالث ‪ :‬من الحديث الشريف‬

‫(أحب األعمال إلى هللا)‬


‫ُّ‬
‫للشرح والحفظ‬

‫عن أبي عبد الرحمن عبد هللا بن مسعود (رض) قال ‪:‬‬
‫أحب الى هللا؟ قال‪ :‬الصالةُ‬
‫ُّ‬ ‫أي العمل‬ ‫ُ‬
‫سألت النبي ( ص ) ُّ‬
‫أي؟‬
‫على وقتها ‪ .‬قلت ‪ :‬ثم ُّ‬
‫سبيل‬
‫ِ‬ ‫أي ؟ قال ‪:‬الجهاد في‬
‫برالوالدين ‪ .‬قلت ‪ :‬ث ّم ُّ‬
‫قال ‪ُّ :‬‬
‫هللا ‪.‬‬
‫ صدق رسول هللا‬
‫(ص)‬
‫معاني المفردات‬

‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫في وقتها المعلوم‪.‬‬ ‫على وقتها‬
‫إسدا ُء الخير واإلحسان إليهما‬ ‫برُّ الوالدين‬
‫وإطاع ُتهما وإرضاؤهما بتنفيذ ما‬
‫يريدانه ‪ ،‬ما لم يكن إثما‪.‬‬
‫والنفس في سبيل هللا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫المال‬
‫ِ‬ ‫بذ ُل‬ ‫الجها ُد في سبيل هللا‬

‫‪103‬‬
‫المعنى العام‬
‫في هذا الحديث الشريف يبيّن النبيُّ (صلى هللا عليه و آله وصحبه وسلم )أنّ أحبَّ‬
‫وبر الوالدين‪ ،‬والجهاد‬‫األعمال إلى هللا تعالى ثالثة ‪ :‬الصالة على وقتها ‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫في سبيل هللا ‪.‬‬
‫وق َّدم الصالة على برِّ الوالدين والجهاد في سبيل هللا تعظيما ً لشأنها‪ .‬وإشارة‬
‫إلى أنها مصد ُر الكماالت النفسية ‪ ،‬ففيها يستم ّد اإلنسان من هللا روحا ً عالية ‪،‬‬
‫ويُشرق قلبه بنوره ‪ ،‬فمن أ ّداها بخشوع وحافظ عليها ‪ ،‬كان جديراً بأنْ ي َّتصف‬
‫بالصفات الطيبة جميعاً‪.‬‬
‫وهي تز ّكي النفس ‪ ،‬وتسمو بصاحبها ‪ ،‬وتوجهه إلى هللا وحده ‪ ،‬وتمأل قلبه‬
‫بخشيته ‪ ،‬فيبتع ُد عن األعمال المُنكرة ‪ ،‬التي تضرُّ به وبالناس ويقف عند‬
‫حدود الدين ‪ ،‬وال يصد ُر عنه إلاّ المنفعة والخير لنفسه ولغيره‪.‬قال تعالى‬
‫ﱫ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫ﯱ ﯲ ﱪ العنكبوت ‪.‬‬
‫ومحافظة المسلم على أداء الصالة في وقتها المعلوم ‪ ،‬دليل على قوة إيمانه‬
‫وامتثاله ألوامر هللا تعالى‪.‬‬
‫تعالى‪.‬فالوالدان‬
‫ِ‬ ‫وجعل برّ الوالدين ثاني األعمال التي هي أحبُّ األعمال إلى هللا‬
‫ويتحمالن ك َّل مش ّق ٍة من أجله ‪ ،‬ويستعذبان التعب في‬
‫ِ‬ ‫اللذان يربيّان الولدَ‬
‫ِ‬ ‫هما‬
‫سبيله‪ .‬ولقد بلغ اهتما ُم الدين اإلسالمي بالوالدين ولزوم مبرَّ تهما ‪ ،‬أنْ َق َر َن‬
‫اإلحسان إليهما بتوحيد هللا تعالى وعبادته في كثير من اآليات القرآنية الكريمة‪.‬‬
‫قال تعالى ﱫﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ‬
‫ﮠ ﮡﮢﮣﮤﮥ ﮦﮧﮨﮩ ﮪﮫ‬
‫ﮬﮭﮮﮯ ﮰﮱﯓ ﯔﯕﯖﯗ‬
‫‪104‬‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﱪ اإلسراء ‪.‬‬
‫عز وج ّل ‪ ،‬إعالنا ً لقيمة هذا‬
‫ت اآلية الكريمة ِبرّ الوالدين بعبادة هللا ّ‬
‫فقد قرن ِ‬
‫البرّ عند هللا ‪ ،‬وتوكيد أثره الطيبِّ في سعادة األسرة ‪،‬وبناء المجتمع السعيد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َُ‬
‫واإلحسان إليهما ‪ ،‬دلي ٌل على حسن تربية الفرد‪ ،‬وسموّ أخالقه‬ ‫وبرُّ الوالدين‬
‫ومؤش ٌر على صحّ ة بنية األسرة ‪ ،‬ومتانة العالقة بين أفرادها‪.‬‬
‫ُ‬
‫ثالث أحبّ األعمال الى هللا تعالى ‪ ،‬فهو الجها ُد في سبيل هللا ‪ ،‬ذلك أل ّنه‬ ‫أمّا‬
‫دين هللا وتنفيذ أحكامه‪،‬‬
‫الوسيلة لنشر الدين وحفظه ‪ ،‬وإزاحة العوائق عن إقامة ِ‬
‫وصيان ِة المسلمين ومقدساتهم ودفع االعتداء عنهم ضد الطامعين في بالدهم‬
‫وخيراتهم ‪.‬‬
‫قال تعالى ‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﱪ التوبة ‪.‬‬
‫وقال تعالى ‪ :‬ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﱪ النساء ‪.‬‬
‫والجهاد في سبيل هللا ليس مقصورً ا على مقاتلة الكافرين ‪ ،‬إ ّنما يكون ببذل‬
‫المستطاع من مال ونفس ومركز وجاه وتفكير وقلم ولسان في سبيل إعالء‬
‫كلمة هللا وحفظ دينه ونشره بين الناس ‪ ،‬وتعليمه ‪ ،‬وحماية المسلمين وبالدهم‬
‫ممّن يريد بهم وبأرضهم ومقدساتهم وأعراضهم سوءًا قال الرسول (صلى‬
‫هللا عليه وآله وصحبه وسلم) (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)‪.‬‬
‫ويجبُ أن يكون جها ًدا خالصا ً لوجه هللا تعالى ال ينال األبرياء والمسلمين ‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫أهم ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪ -١‬هذ ه األشياء الثالثة‪ :‬الصالةُ في وقتها ‪ ،‬وبرّ الوالدين‪ ،‬والجهاد في سبيل‬
‫هللا والذي اليبرُّ والديه اللذين هما أقرب الناس إليه وأكثرهم فضالً عليه‪ ،‬ال‬
‫يُرتجى منه خير لآلخرين‪ .‬وال يرتجى التضحية والبذل ممن ال يضحي من‬
‫أجل دين ِه ‪ ،‬وال يغا ُر على حِماه ‪ ،‬وال يدافع عنه‪.‬‬
‫‪ -٢‬اهتما ُم الدين اإلسالمي باألسرة‪ .‬وال غراب َة في ذلك ‪،‬فاألسرةُ نواةُ المجتمع‪،‬‬
‫وبصالحها يصل ُح المجتم ُع ‪.‬‬
‫ويعز ُز مكانتها ‪ ،‬وما تركته‬
‫ّ‬ ‫‪ -٣‬الجها ُد خي ُر ما يحمي األمة ‪ ،‬ويصونُ حقو َقها ‪،‬‬
‫ت ‪ ،‬وتجرّ أ عليها أعداؤها وهُضمت حقوقها‪.‬‬ ‫ت وذلّ ْ‬ ‫أمة راغبة عن ُه ‪ ،‬إلاّ ها َن ْ‬
‫‪ -٤‬الدين اإلسالمي ‪ ،‬مثلما يؤ ّكد توحيد هللا وعبادته على المسلمين يدعوهم‬
‫والمجتمع‪ .‬فانه يري ُد لهم أن يظلّوا أقوياء‬
‫ِ‬ ‫إلى ما يقو ُم به صالح الفرد واألسر ِة‬
‫أعزة مرهوبا ً جانبهم ‪ .‬ويخشى األعداء صولتهم ليتمكنوا من إعالء كلمة هللا‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وصيانة كرامتهم وحفظ ديارهم ‪.‬‬

‫المناقشة‪:‬‬

‫‪ -١‬في الحديث الشريف بيانٌ ألحبِّ األعمال إلى هللا تعالى ‪ .‬فما هي ؟‬
‫ويعز ُز مكانتها ؟‬
‫ّ‬ ‫‪ -٢‬ما خي ُر ما يحمي األمة ويصونُ حقوقها‬
‫‪ -٣‬ل َم اهت َّم الدين اإلسالمي باألسرة ؟‬
‫‪ -٤‬كيف يجبُ أن يكون الجهاد ؟‬
‫‪ -٥‬الدفاع عن االرض والعِرض والمقدسات واجب ‪ ،‬تحدث عن ذلك‬
‫واستشهد بآية كريمة عن وجوب الجهاد‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫الدرس الرابع ‪:‬‬
‫ضة الصالة‬
‫فري ُ‬

‫فريضة الصالة‬

‫الصالةُ ً‬
‫لغة ‪ :‬الدعاءُ‪ ،‬ورج ٌل صلَّى إذا دعا ‪.‬‬

‫وقد فُرض ِ‬
‫ت الصالة ليلة اإلسراء والمعراج ‪ .‬فالصلوات المفروضات في‬
‫اليوم والليلة خمس صلوات‪.‬‬
‫ٌ‬
‫واجبة على ك ّل مسلم عاقل فال‬ ‫والصالةُ ركنٌ من أركان اإلسالم‪ ،‬وهي فريضٌة‬
‫تجبُ على المجنون الفاقد لعقله وتجبُ على البالغ ذكراً كان أو انثى‪ ،‬أما الصبيّ‬
‫الذي لم يبلغ ال ُحلُم فهو غير مكلَّف شرعا ً بأيِّ تكليف‪ ،‬ومع ذلك فإ ّنه فيما يتعلق‬
‫طلب من وليِّ أمره أنْ يأمره بأداء الصالة‪ ،‬وال شئ على وليِّ أمره‬ ‫بالصالة قد ُ‬
‫أكثر من األمر حتى يبلغ الصبي عشر سنين‪،‬فحينئذ يُطلب من وليِّ األمر ان‬
‫يضرب ولده إنْ هو لم يمتثل لألمر ولم يصلِّ‪ ،‬ك ُّل ذلك يد ّل على ما للصالة من‬‫َ‬
‫أهمية ومكانة في اإلسالم ‪.‬‬

‫فضل ُ الصالة‬

‫الصالة هي الركن الثاني من أركان اإلسالم بعد ركن الشهادتين ‪ ،‬فقد قال‬
‫خمس‪ :‬شهادة‬
‫ٍ‬ ‫رسول هللا (صلى هللا عليه وآله وصحبه وسلم) «بُني اإلسال ُم على‬
‫أنْ ال إله إلاّ هللا وأنّ محمداً رسو ُل هللا‪ ،‬وإقام الصالة ‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬والحجّ‪،‬‬
‫يحاسب به الناسُ يوم القيامة‪.‬‬
‫َ‬ ‫وصوم رمضان» وهي أوّ ل ما‬

‫‪107‬‬
‫حاسب به العب ُد يوم القيامة‬
‫شيء م ّما ُي َ‬
‫ٍ‬ ‫(أول ُ‬
‫وعن رسول هللا (ص ) يقول ّ‬
‫صال ُته المكتوبة) و(الصالة عمود الدين) وهي أحبُّ األعمال إلى هللا سبحانه ‪.‬‬

‫والصالةُ تمحو الخطايا و ُتذهِبُ السيئات‪َ ،‬فعنْ رسول هللا (ص ) يقول ‪:‬‬

‫ت ‪ ،‬هل يبقى‬ ‫خمس ّمرا ٍ‬


‫َ‬ ‫( أرأيتم لو أنَّ نهراً بباب أحدكم َيغتسِ ل ُ من ُه كل ّ ٍ‬
‫يوم‬
‫ت الخمس ِيمحو هللا‬ ‫مِن دَ َرن ِه شي ٌء ) ؟ قالوا ‪ :‬ال ‪ .‬قال ‪ «:‬فذل َك مثل ُ الصلوا ِ‬
‫نهر يغسل األدران ‪ ،‬فيها تمحى الذنوب وتطهر النفوس‬ ‫بهن الخطايا »‪.‬كمثل ٍ‬
‫وتنهى عن الفحشاء والمنكر‪.‬‬

‫المناقشة ‪:‬‬

‫ْ‬
‫رضت ؟‬‫‪ -١‬ما معنى الصالة ومتى فُ‬
‫ْ‬
‫وجبت ؟‬ ‫‪ -٢‬الصالةُ ركن من أركان األسالم فعلى َمنْ‬
‫‪ -٣‬ما أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة ؟‬
‫‪ -٤‬لماذا شبَّه رسول هللا (ص) الصالة بالنهر ؟‬
‫‪-٥‬هل تجبُ الصالة على المجنون؟‬

‫‪108‬‬
‫الدرس الخامس ‪:‬‬
‫علي بن أبي طالب‬
‫ّ‬ ‫االما ُم الحسن بن‬
‫(عليهما السالم)‬

‫٭ اس ُمه ‪:‬‬
‫بن هاشم القرشي الهاشمي‪،‬‬ ‫بن عبد المطلب ِ‬ ‫هو الحسن بُن عليّ بن أبي طالب ِ‬
‫سبط(‪ )٣‬رسول هللا وريحانته ‪ .‬سمّاهُ رسو ُل هللا (الحسن) ولم يكن هذا االس ُم‬
‫معروفا ً قبل اإلسالم‪.‬‬

‫كنيته ‪ :‬أبو محمد ‪ ،‬ولقبه ‪ :‬المجتبى‪.‬‬


‫٭ والدته‬
‫ولد الحسن (ع) في الخامس عشر من شهر رمضان سنة ثالث من الهجرة‬
‫البكر لفاطمة الزهراء البتول (عليها السالم) بنت رسول هللا‬ ‫وهو االبن ِ‬
‫(ص) ‪ ،‬وكان الحسن أشب َه الناس برسول هللا (ص) وعند والدته أخذ النبي‬
‫(ص) الحسن إلى صدره وضمَّه وأعطاه لسانه فكان أو ُل غذاء يأخذهُ الحسن هو‬
‫بكبش وحلق رأسه وأمر أنْ‬
‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫وعق عنه رسول هللا يوم سابعه‬ ‫ريق النبي (ص)‬ ‫ُ‬
‫‪.‬أدرك‬
‫َ‬ ‫وأذن في ُأذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى‬
‫يُتص ّد َق بزنة شعره فضة ‪ّ ،‬‬
‫مِن حيا ِة ج ّده ثماني سنوات‪.‬‬
‫٭ من مح ّبة رسول هللا له‬
‫كان رسو ُل هللا (ص) يضع الحسن في حبوته ويقول ‪( :‬من أحبّني فليحبّه‬

‫فليبلّ ُغ الشاه ُد الغائب) ‪.‬‬

‫(‪ )٣‬السبط ‪ :‬ابن البنت‬

‫‪109‬‬
‫ابناي وابنا ابنتي‪ ،‬الّلهم‬
‫َ‬ ‫وعن الحسن والحسين ‪ ،‬قال رسول هللا ( ص)‪( :‬هذان‬
‫إ ّني أحبّهما فأحبّهما وأحبّ َمن يحبّهما) وذات مرة كان رسول هللا (ص) يصليّ ‪،‬‬
‫أشار‬
‫َ‬ ‫ب الحسن والحسين على ظهره‪ ،‬فاذا أرادوا أنْ يمنعوهما‬ ‫فاذا سجدَ و َث َ‬
‫إليهم أنْ دعوهما ‪ ،‬فاذا قضى الصالة وضعهما في حِجره ‪ ،‬وقال‪َ ( :‬من أحبّني‬
‫ب أهل الجنة) (هما‬ ‫فليحبّ هذين) وقال ( ص )‪( :‬الحسنُ والحسين سيدا شبا ِ‬
‫ريحانتاي من الدنيا)‪.‬‬

‫٭ من مح ّبة الصحابة له‬


‫عن عقبة بن حارث ‪ ،‬قال‪ :‬صلّى بنا أبو بكر(رض) العصر ثم خرج الحسن‬
‫بن علي (ع) فأخذه فحمله على عنقه ودار به وهو يقول بأبي شبي ٌه بالنبيّ ليس‬
‫شبيها بعليّ ‪ ،‬وعلي (ع) يضحك ‪.‬وكان عمر بن الخطاب (رض) إذا رأى الحسن‬
‫والحسين (عليهما السالم) هشّ وضحك وضمّهما الى صدره‪ ،‬فيقول الناس كم‬
‫تشمهما؟ فيقول‪(:‬إنهما ريحانتا رسول هللا) وفي حصار الخليفة عثمان بن‬
‫عفان (رض) أرسل اإلمام عليُّ بن ابي طالب (ع) ولديه الحسن والحسين لحمايته‬
‫والدفاع عنه فيخرج عثمان بن عفان (رض) من حصاره فيرى الحسن والحسين‬
‫(ويح‬
‫َ‬ ‫واقفين في باب داره يدافعان عنه فيضمّهما إلى صدره ويشمّهما ويقول‪:‬‬
‫ريقت قطرةٌ من دمكما في سبيل عثمان ‪ ،‬ماذا يقول عثمان لرسول‬ ‫عثمان إذا أ ُ ْ‬
‫هللا ان قال له أُوذي ولداي بسببك يا عثمان ‪ ،‬ناشدتكما هللا عودا إلى أبيكما)‪.‬‬
‫٭ أوالده‬
‫للحسن (ع) اثنا عشر ولدا منهم الحسن المثنى وزيد وعلي وعمر والقاسم‬
‫وعبد هللا وأبو بكر وعثمان استشهد بعضهم مع عمهم الحسين (ع) في واقعة‬
‫ّ‬
‫الطف‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫٭ من مناقبه‬
‫كان الحسن(ع) سيداً وحليما ذا سكينة ووقار وحشمة‪ ،‬جواداً ممدوحا ً ورعًا ‪،‬‬
‫فاضالً ‪ : ،‬وكان الحسن (ع)ال ير ّد اإلساءة لمن يُسيء إليه فيقول للمسيء‪ (:‬إني‬
‫وهللا ال أمحو عنك شيئا مما قلت بأنْ اس َبك ‪ ،‬ولكن موعدي وموعدك هللا ‪،‬‬
‫كنت صادقا ً جزاك هللا بصدقك ‪ ،‬وإن كنت كاذبا ً فاهلل أش ّد نقمة)‪ .‬وقد ح َّج‬
‫َ‬ ‫فإن‬
‫الحسن (ع) ماشيا ً خمسا ً وعشرين حجّ ة وكان يقول ‪( :‬إ ّني الستحي من ر ِّّبي‬
‫وناصف ماله في الدنيا ثالث مرّا ٍ‬
‫ت ‪ :‬كان‬ ‫َ‬ ‫أمش الى بيته)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫عز وج ّل أنْ ألقاهُ ولم ِ‬
‫ك جميعا ً ‪.‬‬
‫يتص ّدق بنصفِ ما يمل ُ‬
‫٭ مِن أقواله‬
‫كان الحسن (ع) يقول لبنيه وبني أخيه ‪( :‬تعلّموا العلم فإنْ لم تستطيعوا حفظه‪،‬‬
‫فاكتبوه وضعوه في بيوتكم)‪.‬‬
‫بمثل ما تحبّ أنْ يصاحبوك به ‪.‬‬‫ِ‬ ‫وقوله‪ :‬صاحب الناس‬
‫وقوله ‪ ُ:‬غس ُل اليد قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اله ّم ‪.‬‬
‫قوم يوشك أن تكونوا كبار‬‫وقوله يخاطب الصغار‪ :‬تعلموا العلم‪ ،‬فانكم صغار ٍ‬
‫آخرين‪.‬‬
‫٭ مِن كرمه‬
‫سمع الحسن (ع) رجالً يسأ ُل هللا أن يرز َقه عشرة آالف درهم‪ ،‬فانصرف‬
‫وأرسلها اليه‪.‬‬

‫كان الحسن (ع) إذا اشترى من أح ٍد بستانا ً ثم افتقر البائع ‪،‬ير ّد إليه البستان‬
‫قط ‪ ،‬وكان اليُعطي‬ ‫يردفه بالثمن معه ‪،‬وع ُِرف عنه (ع) أنه ما قال (ال) لسائل ّ‬
‫ً‬
‫عطية إلاّ ش َف َعها بمثلها‪.‬‬ ‫أحداً‬

‫‪111‬‬
‫٭ خالفته‬
‫تولى الحسن(ع) الخالف َة بعد استشهاد والده عليّ بن أبي طالب(ع)إذ بايعه‬
‫ومكثت خالفته ستة أشهر وخمسة‬ ‫ْ‬ ‫أكثر من أربعين أل ًفا من ِ‬
‫أهل الكوفة ‪.‬‬
‫أيام على الحجاز واليمن والعراق وما وراءها من خراسان‪.‬وحفاظا ً على‬
‫وحدة المسلمين وحقنا ً لدمائهم ‪،‬عقد مع معاوية اتفاقا ً يتولى بموجبه معاوية‬
‫الحكم بشروط منها ‪ :‬أن يكون الحسن (ع) حاكما ً بعد موت معاوية‪ ،‬وأن‬
‫مات الحسن (ع) فيكون األمر للحسين (ع) وأن يعيش اهل العراق آمنين‪ ،‬وأن‬
‫يستمرّ العطاء من بيت المال لهم كما في زمن أبيه عليّ بن أبي طالب(ع) وقد‬
‫ارتحل الحسن(ع)عن الكوفة إلى المدينة المنورة ‪.‬‬
‫٭ وفاته‬
‫استشهد الحسن (ع) في المدينة مسموما ً في السابع من صفر في سنة خمسين‬
‫من الهجرة‪ ،‬وله من ال ُعمُر ست وأربعون سنة ‪،‬وُ دفِن في (البقيع) ‪،‬وتعطلت‬
‫أيام حزنا ً عليه‪.‬‬
‫لموته األسواق سبعة ٍ‬
‫وقد ذكر ثعلبة بن أبي مالك ‪( :‬شهدت الحسن يوم مات ودفن في البقيع فرأيت‬
‫البقيع ولو طرحت فيه إبرة ما وقعت إلاّ على رأس إنسان)‪.‬‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫‪ -١‬ماذا فعل رسول هللا (ص)عند والدة الحسن (ع) ؟‬

‫‪ -٢‬اذكرْ بعضًا من صفات الحسن بن علي(ع) ‪.‬‬


‫‪ -٣‬لماذا طلب عثمان بن عفان(رض) من الحسن والحسين (عليهما السالم)‬
‫العودة إلى أبيهما ؟‬
‫كيف كان الحسن (ع) يواجه َمن أساء إليه ؟‬
‫َ‬ ‫‪-٤‬‬
‫‪ - ٥‬ما معنى قول ثعلبة بن أبي مالك (شهدت الحسن يوم مات ‪ )....‬؟‬

‫‪112‬‬
‫الدرس السادس ‪:‬‬
‫التعاون‬

‫هو تقديم العون والمساعدة للفرد أو المجتمع ‪،‬وبذلك ال يكون اإلنسان منفرداً‪،‬‬
‫فالفرد يحتاج إلى الناس ‪ ،‬والناس تحتاج إليه حتى تسير الحياة للجميع‪ ،‬بأفضل‬
‫صورة وبأحسن حال وطبيعة اإلنسان أ ّنه يميل الى االجتماع بغيره ‪ ،‬طلبا ً‬
‫لألمان ‪ ،‬ولقضاء مصالحه ‪،‬ونيل ما يطلبه ويسعى إليه‪.‬‬
‫وهذه األمور ال يمكن أن تتح ّقق إلاّ بتعاون اإلنسان مع غيره ‪ ،‬ألنّ التعاون‬
‫ضرورة من ضرورات الحياة التي ال يمكن االستغناء عنها ‪.‬‬
‫وقد أمر هللا سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بالتعاون بشرط أن يكون قائما ً‬
‫على البر والتقوى ‪،‬ونهاهم عن التناصر على الباطل ‪ ،‬والتعاون على المآثم‬
‫والمحارم ‪.‬‬
‫والتعاون نوعان ‪ :‬األول ‪ :‬مما أمر هللا وأمر رسوله به‪ ،‬وهو التعاون على البر‬
‫والتقوى‪ .‬والبرُّ هو فعل الخيرات ‪ ،‬والتعاون في العلم‪،‬والتعاون لتفريج كربات‬
‫المهمومين وسد حاجات المعوزين ‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬التعاون على اإلثم والعدوان وهذا الذي حرّ مه هللا ورسوله ومِن أمثال‬
‫الباطل ‪ ،‬والمساعدة على المعاصي‪،‬‬
‫ِ‬ ‫هذا النوع ‪ :‬اإلعانة على‬
‫مال بغير ّ‬
‫حق‪ ،‬أو ظلم أح ٍد ‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫أو أخذ ٍ‬
‫وقد أمر هللا تعالى با ّتباع النوع األول ‪ ،‬ونهى عن التآزر لفعل النوع الثاني‪،‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ‬
‫ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﱪ المائدة ‪.‬‬

‫الحق سبحانه يأمر عباده المؤمنين بالتعاون‬ ‫َّ‬ ‫وواضح من النصّ الكريم أنّ‬
‫ت والتخلّي ِعن األثام ‪ ،‬واألمر واضح أنه ْ‬
‫للخل ِق جميعا ً بأن‬ ‫على فعل الخيرا ِ‬
‫يُعين بعضُهم بعضا ً ‪ ،‬ويتكاتفون على ما قضى به ربُّ العباد ويعملون به ‪،‬‬
‫إذ يجب علينا أن نتدانى ونتقارب ح ّد التوحّ د والتآلف بيننا إلنجاز ما أمرنا هللا‬
‫تعاون وتماسك مثلما الجسد الواحد ضمن الرابط األعظم لديننا اإلسالمي‬ ‫ٍ‬ ‫من‬
‫العظيم ‪ .‬فالمرء قلي ٌل بنفسه‪ ،‬وكثي ٌر بإخوانه الذين يشدون أزره ويحمون ظهره‪،‬‬
‫‪113‬‬
‫فيقوى بهم ‪،‬فمصدر هذه القوة إنما هو التعاون الذي يجمع بين الناس في الرأي‬
‫والعمل‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫وإذا افترقن تكس ْ‬
‫ّرت آحادا‬ ‫اجتمعن تكسّرا‬
‫َ‬ ‫تأبى العِصِ يُّ اذا‬
‫ومن غير ذلك نعود مثلما كانت حالة الجاهلية أو أشرّ ‪.‬وقد جاء في الحديث‬
‫الشريف ‪ ( :‬ال ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) ‪ ،‬وما‬
‫أحوجنا إلى تدبّر ديننا لنتعرف الى منهجه الصائب َفنم ُد يد العون للناس ‪ ،‬قال‬
‫المصطفى (ص)‪ ( :‬المسل ُم أخو المسلم اليظلمه وال يسلمه ومن كان في‬
‫ً‬
‫كربة‬ ‫حاجةأخيه كان هللا في حاجته ‪ ،‬ومن فرّ ج عن مسلم كربّة فرّ ج هللا عنه بها‬
‫ب يوم القيامة ‪ ،‬ومن ستر مسلما ً ستره هللا يوم القيامة)‪.‬‬ ‫من ُكر ِ‬
‫إذن ‪ ،‬رابطة الدين تتالشى أمامها رابطة النسب والقومية والوطنية والحزبية‪،‬‬
‫نثق بأنّ أمرعباد الرحمن ال يستقي ُم وال‬ ‫وسائر صور التعصب ‪.‬والب ّد من أن َ‬
‫تنتظ ُم مصالحهم ‪ ،‬وال تجتم ُع كلمتهم وال يهاجم عدوّ هم إلاّ بالتضامن اإلسالمي‬
‫الذي حقيقته ومرتكزه التعاون على البِّر والتقوى والتكامل والتناصر والتناصح‬
‫بالحق والصبر عليه‪ .‬والشك في انّ هذا من أه ّم الواجبات اإلسالمية‬ ‫ّ‬ ‫والتواصي‬
‫والفرائض الالزمة ‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ﭺﭻﭼﭽ ﭾﭿﮀ ﮁ ﮂﮃﮄﮅ‬
‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ال عمران ‪.‬‬
‫وللتعاون فوائد كثيرة منها ‪ :‬ني ُل محبّة هللا ورضاه ‪ ،‬ويُع ّد ثمر ًة من ثمرات‬
‫توطيد األخوة اإلسالمية ‪ ،‬وتقاسم الحِمل ‪ ،‬وتخفيف العبء وإزالة الضغائن‬
‫والحقد والحسد من القلوب ‪ ،‬وجعل الفرد يشعر بالسعادة ‪ ،‬إلى جانب أنه يكسب‬
‫حبّ الخير لآلخرين ‪،‬ويسهّل العمل وييسّره ‪ ،‬ويح ّقق القضاء على األنانية‬
‫وحبِّ الذات‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫البر والتقوى‬
‫من صور التعاون على ِّ‬
‫لقد حفل تاريخنا اإلسالمي المشرّ ف بالكثير من المواقف الدالة على التعاون‬
‫بين األخوة المسلمين ومن أبرز هذه الصور‪:‬‬
‫‪ -١‬حف ُر الخندق حول المدينة المنورة ‪ :‬فقد كان رسول هللا (ص) يشارك‬
‫الصحابة في حفر الخندق وكان المسلمون يرقبونه وهم في خض ّم عملهم ‪ ،‬وينقل‬
‫تراب الخندق حتى أغبرَّ شعر صدره وكان (ع) يرتجز بكلمات ابن رواحة ‪،‬‬
‫وهو ينقل التراب‪.‬‬
‫وال تص ّدقنا وال صلّينـا‬ ‫اللهَّم لوال أنت ما اهتدينا‬
‫ت األقدام إنْ الَقيْنــا‬‫وث ّب ِ‬ ‫ً‬
‫سكينـــة علينـــا‬ ‫َ‬
‫فانـزلنْ‬
‫ً‬
‫فتنـة أ َبيْنـــا‬ ‫وإنْ أرادوا‬ ‫إنّ االُلى قد َب َغوا علينــا‬

‫التعاون في بناء المسجد األول‬


‫كانت أو ُل خطوة خطاها النبي (ص) بعد الهجرة هي إقامة المسجد النبويّ‬
‫في (قباء) ففي المكان الذي بركت ْفيه ناقته (القصواء) أمررسول هللا (ص)‬
‫ببناء المسجد ليكون بيت هللا ومركز العبادة وواسطة الهداية والتوبة ‪ ،‬وقد‬
‫عِ مل فيه النبيُّ األعظم بيده فشارك أصحابه في حمل الحجارة حتى كان يبدو‬
‫رغب أصحابه في أن يك ّفوه بأنفسهم فأبى‪ ،‬فكان ينقل اللبن‬ ‫َ‬ ‫عليه الجهد وقد‬
‫والحجارة ‪.‬‬
‫ولو نظرنا إلى مجتمعات أخرى ‪،‬كمجتمع النحل مثال‪ ،‬وجدنا أنّ األمر ال يختلف‬
‫كثيراً ‪ ،‬فعمل مجتمع النحل قائم على التعاون بين أفراده وهذا األنموذج على‬
‫صغر مكوناته عظيم الفائدة لنا ‪ -‬نحن المسلمين‪-‬‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫‪-1‬عرّ فِ التعاون ‪ .‬ولماذا يمي ُل االنسانُ الى االجتماع بغيره ؟‬
‫آية قرآنية تأمرنا بالتعاون مع اآلخرين ‪.‬‬ ‫‪ -2‬اذكرْ ً‬
‫‪َ -3‬ح ْف ُر الخندق حول المدينة من أعظم صور التعاون ‪ .‬اذكرْ شيئا ً عن‬
‫هذا التعاون‪.‬‬
‫‪ -٤‬تحدث عن مسجد قباء وكيف كان اختيار موضعه ‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫الوحدة الخامسة‬
‫سورة االنفطار‬ ‫الدرس االول ‪:‬‬

‫آيات احلفظ( ‪)٨-١‬‬

‫ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛﭜﭝﭞ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤ‬
‫ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭬ ﭭﭮ‬
‫ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ‬
‫ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮌﮍ ﮎﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ‬
‫ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﱪ‬
‫االنفطار(‪.)١٩ - ١‬‬
‫صدق اهلل‬
‫العلي العظيم‬

‫‪116‬‬
‫معاني الكلمات‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫انشقت‪.‬‬ ‫انفطرت‬
‫تساقطت‪.‬‬ ‫انتثرت‬
‫اختلطت ببعضها فاختلط عذبها‬ ‫فجّ رت‬
‫بمالحها ‪.‬‬
‫قُلب ترابها وبُعث موتاها‪.‬‬ ‫بعثرت‬
‫ما الذي خدعك وجرّ أك على‬ ‫ما غرك بربّك‬
‫عصيان ربّك ‪.‬‬
‫أي جعلك مستوي الخلقة سالم‬ ‫فسوّ اك‬
‫األعضاء‪.‬‬
‫جعلك معتدل الخلق متناسب‬ ‫َف َعدَ لك‬
‫األعضاء ‪.‬‬

‫وإن عليكم لمالئكة حافظين ألعمالكم‪.‬‬ ‫وإنَّ عليكم لحافظين‬

‫كراما على هللا تعالى يكتبون أعمالكم‪.‬‬ ‫كراما ً كاتبين‬

‫المؤمنون المتقون الصادقون‬ ‫األبرار‬

‫‪117‬‬
‫معناها‬ ‫الكلمة‬

‫الكافرون‬ ‫الفجّ ار‬

‫يقاسون حرّ ها يوم القيامة‪.‬‬ ‫َيصْ لونها يو َم الدين‬

‫أي بمخرجين ‪.‬‬ ‫بغائبين‬


‫َ‬ ‫وما ُه ْم عنها‬

‫لنفس شيئا ً التملك لنفسها أو لغيرها نفعا ً ‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫ك نفسٌ‬
‫ال تمل ُ‬

‫‪118‬‬
‫المعنى العام‬
‫ب ال َك ْونِيِّ الَّذِي ي َ‬
‫ُصاحِبُ ِق َيا َم الس َ‬
‫َّاعةِ‪َ ،‬و َما‬ ‫ُّور ِة َح ْو َل اال ْن ِقالَ ِ‬
‫ي ُدو ُر ِمحْ َو ُر الس َ‬
‫ث ِج َس ٍام ‪.‬‬‫ير ِمنْ أَحْ دَ ا ٍ‬ ‫الخطِ ِ‬ ‫َيحْ ُد ُ‬
‫ث في َذل َِك ال َي ْو ِم َ‬

‫ابتدأت السورة الكريمة ببيان مشاهد االنقالب الذي يحدث في الكون‪ ،‬من‬
‫انفطارالسماء وانتثار الكواكب ‪ ،‬وتفجير البحار ‪ ،‬وبعثرة القبور‪ ،‬وما يعقب‬
‫ذلك من الحساب والجزاء‬

‫قال تعالى‪:‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚ ﭛﭜﭝﭞ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤ‬
‫ﭥﭦﱪ‪.‬‬
‫إذا السماء انشقت‪ ،‬واخت َّل نظامها‪ ،‬وإذا الكواكب تساقطت‪ ،‬وإذا البحار‬
‫اختلطت ببعضها فاختلط عذبها بمالحها ‪ ،‬وأصبحت بحراً واحداً ‪.‬‬

‫وإذا القبور قُلب ترابها ‪،‬وبُعث موتاها ‪،‬حينئذ تعل ُم ك ُّل ٍ‬


‫نفس جميع أعمالها‪ ،‬ما‬
‫تأخر‪ ،‬صالحها وشرها فتجزى بها‪.‬‬ ‫تق َّدم منها‪ ،‬وما ّ‬

‫ﱫﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﱪ‬
‫‪،‬متهاون في طاعة هللا ‪ ،‬فتسأل عن‬
‫ٍ‬ ‫إنسان مُنك ٍِر للبعث‬
‫ٍ‬ ‫هذه اآلية تخاطب ك َّل‬
‫الذي جعله يغ َترُّ على خالقه ‪ ،‬ويُنكِر عظمته ‪ ،‬فايّ شي ٍء خدعه حتى عصاه‬

‫‪119‬‬
‫وتجرّ أ على مخالفة أمره‪ ،‬مع إحسانه إليه وعطفه عليه ؟ وهذا توبيخ وعتاب‬
‫كأ ّنه قال ‪ :‬كيف قابلت إحسان ربّك بالعصيان ‪ ،‬ورأفته بك بالتمرد والطغيان‬
‫اليس هو الجواد كثير الخير المستحق للشكر والطاعة؟ اليس هو الذي‬
‫خلقك وأوجدك من العدم ‪ ،‬فجعلك سو ّيا ً سالم األعضاء‪ ،‬تسمع وتعقل و ُتبصِ ر‬
‫وجعلك معتدل القامة منتصبا ً في أحسن األشكال ‪.‬‬

‫ور َّكبك ألداء وظائفك‪ ،‬في أيِّ صور ٍة شاءها َخ َل َقك؟ أي ر ّكبك في أيّ صورة‬
‫شاءها واختارها لك من الصور الحسنة العجيبة وكرمك ولم يجعل شكلك‬
‫كالحيوان ‪.‬‬

‫ﱫﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﱪ‬
‫ليس األمر كما تقولون من أنكم في عبادتكم غير هللا ُم ِح ّقون‪ ،‬بل ِّ‬
‫تكذبون‬
‫بيوم الحساب والجزاء‪ .‬وإنّ عليكم لمالئكة كرامًا على هللا يراقبون أعمالكم‬
‫خير‬
‫ويكتبونها‪ ،‬ال يفوتهم من أعمالكم وأسراركم شيء‪ ،‬يعلمون ما تفعلون من ٍ‬
‫شر‪.‬‬‫او ّ‬

‫ﱫﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﱪ‬
‫إن المؤمنين األتقياء القائمين بحقوق هللا وحقوق عباده لفي نعيم هللا وجناته‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫ﱫﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﱪ‬
‫وإنّ الفُجَّ ار الذين َقصَّروا في حقوق هللا وحقوق عباده لفي جحيم‪ ،‬يصيبهم‬
‫لهبها يوم الجزاء‪ ،‬وما هم عن عذاب جهنم بغائبين ال بخروج وال بموت ‪.‬‬

‫ﱫﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ َّﱪ‬
‫وما أدراك ما عظمة يوم الحساب‪ ،‬ثم ما أدراك ما عظم ُة يوم الحساب؟ يوم‬
‫الحساب ال يقدر أح ٌد على نفع أحد‪ ،‬واألمر في ذلك اليوم هلل وحده الذي ال‬
‫يقهره قاهر‪ ،‬وال ينازعه أحد ‪.‬‬

‫ت السورة الكريمة بتصوير ضخامة يوم القيامة وهوله ‪ ،‬وتجرّ د النفوس‬ ‫واختتم ِ‬
‫حول وقوة وتفرّ د هللا ج ّل وعال بالحكم والسلطان ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫يومئذ من ك ّل‬

‫ﱫﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﱪ‬

‫‪121‬‬
‫أهم ماترشد اليه السورة ‪:‬‬
‫ٌ‬
‫رهيبة‪ ،‬وعلى اإلنسان أنْ يحسِ َن اختيار آخرته‪ ،‬وذلك‬ ‫‪ -1‬أهوا َل يوم القيامة‬
‫بأن يعمل آلخرته بما فيه نجاته وتحصيل نعيم اآلخرة‪.‬‬

‫‪2‬ـ قدر َة هللا تعالى وعظمته التضاهيها قدرة ‪،‬فهو الذي خلق من العدم وتفضل‬
‫علينا بك ّل النعم فـلو شاء لجعلنا كالبهائـم‪.‬‬

‫‪3‬ــ الحذ ُر من وساوس شياطين اإلنس والجنّ التي توسوس بارتكاب ك ّل عمل‬
‫قبيح ‪.‬‬

‫‪4‬ــ اإلعترافُ بفضل هللا علينا‪ ،‬وجزيل نعمه وشكره وطاعته‪.‬‬


‫ٌ‬
‫مالئكة كرا ٌم ُتراقبُ أعماله وتكتبها ل ُتعرض يوم الحساب فترى‬ ‫‪5‬ـ لك ِّل إنسان‬
‫نفس أعمالها‪ ،‬فتوزن األعمال وينال اإلنسان جزاء عمله‪ ،‬فامّا إلى ج ّنة‬
‫ٍ‬ ‫ك ّل‬
‫وأَمّا إلى نار‪.‬‬

‫‪6‬ــ التحذي ُر من التكذيب بالبعث والجزاء‪ ،‬فإنه أكبر عامل من عوامل‬


‫الشرِّ والفساد في الدنيا وأكبر سبب موجب للعذاب يوم القيامة‪.‬‬

‫‪7‬ــ عج ُز اإلنسان يوم القيامة ‪،‬فاليقدر أنْ ينفع أحد‪ ،‬ولن يجدَ الظالمون من‬
‫شفيع لهم‪.‬‬
‫ٍ‬

‫‪122‬‬
‫المناقشة ‪:‬‬
‫‪1‬ــ صفْ أهوا َل يوم القيامة الواردة في السورة ‪.‬‬

‫كيف يخالفُ االنسان ربَّه‪ ،‬وهو خالقه بأجمل الصور ؟ وضّح ذلك ‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪2‬ـ‬

‫‪3‬ـ ما مصي ُر ك ّل ٍمن األبرار والفجّ ار؟ بيّنْ حال الفريقين ‪.‬‬

‫‪4‬ـ ِمنْ أكبر عوامل الفساد في الدنيا التكذيب بالبعث والجزاء ‪ ،‬ما نتائجه؟‬

‫َ‬
‫‪،‬وعالمة (خطأ) أما َم العبارةغير‬ ‫َ‬
‫عالمة (صح) أما َم العبارة الصحيحة‬ ‫ضع‬
‫ْ‬
‫وصح ِح الخطأ إنْ وجد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الصحيحة‬

‫‪1‬ـ انفطا ُر السماء وانتثار الكواكب من عالمات يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪2‬ـ الطبيع ُة هي التي أوجدتنا على هذه الصورة ‪.‬‬

‫‪3‬ـ إنَّ الفجّ ار المقصرين بحقوق هللا ‪ ،‬يعاقبون في مدة قصيرة ‪.‬‬

‫‪4‬ـ توج ُد مالئكة كرام يراقبون أعمالنا ويكتبونها ‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫الدرس الثاني ‪:‬‬
‫إسماعيل (ع)‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫ﭧ ﭨﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ‬
‫ﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﱪ‬
‫‪.‬‬
‫النساء‬
‫ﭧ ﭨﱫ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮﭯ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ‬
‫‪.‬‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﱪ ا لبقرة‬

‫٭ اسمه ونسبه‬
‫إسماعيل بن إبراهيم (خليل هللا ) ‪.‬‬

‫وردَ اسم إسماعيل (ع) في القرآن اثنتاعشرة مرة ‪.‬مقرونا ً بالمدح والثناء وبيان‬
‫بعض خصائصه وشمائله ‪ ،‬فقد منّ هللا عليه بالهداية إلى صراط المستقيم‪ ،‬واجتباه‬
‫للنبوّ ة من أجل دعوة الناس إلى التوحيد‪ ،‬وإرشادهم إلى الخير والفالح ‪ ،‬كما أسبغ‬
‫عليه القرآن المجيد صفات الصبر والحلم والصالح‪.‬وكان بارّ اً بأبيه ابراهيم (ع)‬
‫مشاركا ً له في إنجاز أعماله الرسالية‪ ،‬مقتضيا ً شريع َت ُه ‪،‬سائراً على نهجه ‪ ،‬صابراً‬
‫على األذى في سبيل هللا‪ .‬حمله أبوه وهو طفل رضيع ‪ ،‬وأسكنه وأُمه (هاجر)‬

‫‪124‬‬
‫زرع ( وادي مكة)‪ ،‬فنشأ هناك متح ّمالً آالم الغربة والوحشة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫في وا ٍد غير ذي‬
‫ومصاعب الحياة ومرارة العيش وقد أمر هللا أَباه إبراهيم (ع) أن يضعه وأ ُ َمه‬
‫في هذا المكان البعيد ‪،‬وتوجّ ه أبوه إبراهيم (ع) إلى هللا سبحانه أن يرزقهما‬
‫‪،‬قائالً ‪ :‬ﱫ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮖﮗ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﱪ إبراهيم ‪.‬‬

‫وظلّت هاجر وطفلها إسماعيل (ع)هناك ‪ ،‬ولما طال الوقت بهاجروطفلها‪،‬واشت ّد‬
‫الحرّ ‪ ،‬عطش إسماعيل (ع) وصار يطلب من أُمه الماء ‪ ،‬فقامت هاجرتفتشُ في‬
‫الوادي وتبحث في موضع السعي وهي تنادي ‪ ( :‬هل في الوادي مِن أنيس؟)‪.‬‬
‫ت السراب‬ ‫وكان إسماعيل (ع) قد غاب عنها ثم صعدت على الصفا ‪ ،‬ورأ ِ‬
‫في الوادي ‪ ،‬فظ ّنته الماء من جديد‪،‬ونزلت تسعى ولما بلغت ذلك الموضع‪،‬‬
‫وهو المروة ‪،‬غاب عنها إسماعيل من جديد‪ ،‬ثم رأت لمع السراب في موضع‬
‫الصفا من جديد وبينما كانت على المروة نظرت إلى اسماعيل(ع) فرأت الماء‬
‫يخرج من تحت رجليه ‪ ،‬وتكريما ً لها صار من مناسك الح ّج فيما بعد‪ .‬فك ّل َمن‬
‫يح ُّج إلى بيت هللا الحرام‪ ،‬عليه أن يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط‪،‬‬
‫وهذا تكريم من هللا سبحانه لهاجر‪ ،‬لصبرها على حكمه‪ .‬ولما أوحى هللا إلى‬
‫إبراهيم(ع) ببناء البيت الحرام ‪ .‬شمَّرهو وولده إ سماعيل(ع)عن ساعِ دَ ي الج ّد‬
‫وأخذا يرفعان من قواعده حتى أ ّتما البناء‪ ،‬وقد عهد هللا إليهما أن يطهّراه مِن‬
‫ك ّل ما اليليق به ‪ ،‬وأنْ يدعو الطائفين والعاكفين والركع السجود إلى زيارته ‪.‬‬
‫ُ‬
‫صادق الوعد ‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫وقد ذكر هللا اسماعي َل(ع) في آيتين وصفه فيهما بأ ّنه‬

‫‪125‬‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﱪ مريم‬
‫عشر ولداً ‪ ،‬وإليه يمت ُّد نسبُ الرسول محمد‬ ‫َ‬ ‫ولقد ولد ‪،‬السماعيل(ع)اثنا‬
‫(ص)‪.‬‬
‫عاش إسماعيل (ع) بعد أن ق ّدم إلى البشر على مدى الزمان ‪ ،‬أروع األمثلة‬
‫في الصبر على حكم هللا‪ ،‬والدعوة الى هللا ‪ ،‬الواحد‪.‬وظ ّل باراً بوالدته حتى‬
‫توفيت تلك المرأة الصابرة الصالحة ‪ ،‬التي تقبّلت ما فرضه هللا سبحانه عليها‬
‫من غربة ووحشة بقلب يملؤه اإليمان ‪ ،‬وحين تو ّفيت ‪ ،‬دفنها ابنها إسماعيل‬
‫(ع) إلى جانب البيت الشريف وهو المكان المُسمّى اليوم بحجر اسماعيل‪.‬‬
‫وبعد وفاته ُدفن هناك أيضا ً إلى جانب أمّه في حُجر ٍة أخرى‪ ،‬بعد أن‬
‫ق َّدم لنا من سيرة حياته ‪ ،‬ما يمأل قلوبنا باإليمان ‪ ،‬والصبر‪ ،‬والشجاعة‪،‬‬
‫وبرّ الوالدين ‪.‬‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫‪َ -١‬منْ هو إسماعيل(ع) ؟‬

‫‪ -٢‬في ايِّ وا ٍد أسكنه هللا ‪ ،‬و َمن أمره وأباه بالبناء ؟‬

‫‪ -٣‬بماذا كان ي ّتصفُ إسماعيل (ع) ؟‬

‫‪ -٤‬السعي بين الصفا والمروة من مناسك الحج ‪ ،‬من اين جاءت ؟ولماذا؟‬

‫أين ُدف َِن إسماعيل (ع) ووالدته ؟‬


‫‪َ -٥‬‬

‫‪126‬‬
‫الدرس الثالث ‪ :‬من الحديث الشربف‬
‫(تقوى هللا و ُح ْسنُ معامل ِة الناس)‬
‫للشرح والحفظ‬

‫(ص) ‪.‬‬ ‫قال نبيُّنا محمد ‪:‬‬

‫س َ‬
‫نة‬ ‫الح َ‬ ‫َ‬
‫السيئة َ‬ ‫نت ‪ ،‬وأ ْت ِب ِع‬
‫هللا حيثما ُك َ‬
‫((ا ْت ِق َ‬
‫سن))‬ ‫الناس ِب ُخ ٍ‬
‫لق َح َ‬ ‫َ‬ ‫ِلق‬
‫تم ُحها وخا ِ‬
‫ْ‬
‫صدق رسول هللا‬
‫(ص)‬
‫معاني المفردات‬

‫معناها‬ ‫الكلمة‬
‫امتث ْل أوامره واجتنبْ نواهيه‪.‬‬ ‫اتق هللا‬
‫ِ‬
‫في أيِّ مكان َ‬
‫كنت ‪ ،‬وعلى أيّة‬ ‫حيثما َ‬
‫كنت‬
‫حال ٍة وجدت‪.‬‬
‫اعمل بعد اإلساءة عمال صالحا‬ ‫أ ْت ِ‬
‫بع السيئة الحسنة‬
‫يذهب أثر اإلساءة ‪.‬‬ ‫تمحُها‬
‫ْ‬
‫عاملهُم بسلوكٍ َح َسن ‪.‬‬ ‫الناس ِب ُخلق َح َسن‬
‫َ‬ ‫َخالِق‬

‫‪127‬‬
‫المعنى العام‬
‫نحترس‬
‫َ‬ ‫في هذا الحديث الشريف يأمرنا الرسول (ص) ناصحا ً ومرش ًدا أن‬
‫من غضب هللا بطاعته وخشيته والتزام أوامره ‪ ،‬وفعل ما أمر به ‪ ،‬وترك ما‬
‫نهى عنه ‪ ،‬أينما كنا ‪ًّ ،‬‬
‫سرا وعالنية مع غيرنا أو منفردين‪.‬‬
‫ٌ‬
‫مخالفة ‪ ،‬أو وقعنا في خطأ ‪ ،‬أو قصَّرنا في عمل‬ ‫ٌ‬
‫سيئة أو‬ ‫وإذا ما بدرت م ّنا‬
‫وعمل الصالحات‪،‬‬
‫ِ‬ ‫سارع إلى طاعة هللا والتوب ِة إليه واستغفاره‬
‫َ‬ ‫ما ‪ ،‬فعلينا أن ُن‬
‫فر ع ّنا سيئاتِنا ﱫ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫لي ّك َ‬
‫ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﱪ هود ‪.‬‬
‫ويسري هذا على أعمالنا الدنيوية ‪ ،‬وعالقتنا باآلخرين‪ .‬فإذا ما قصّرنا في‬
‫عمل من أعمالنا الوظيفية أو في عالقاتنا االجتماعية ‪ ،‬أو بدرت م ّنا إساءة إلى‬
‫ٍ‬
‫أثر ذلك التقصير وتلك اإلساءة ‪،‬أَن نعمل على تالفي‬
‫خير ما يزي ُل َ‬
‫َ‬ ‫أحد فإنّ‬
‫التقصير بالعمل المخلص ‪ ،‬والتعويض منه بالج ِّد والمثابرة ‪ ،‬وأنْ نسامح َمن أسأ‬
‫إلينا ‪ ،‬و ُنصلح عالقتنا به بالمعاملة الحسنة ‪.‬‬
‫ويأمرنا الرسول (ص) في هذا الحديث الشريف ‪ ،‬أنْ نعام َل الناس بالحُسنى‪،‬‬
‫فنقابلهم بوجو ٍه طلق ٍة مستبشرة‪ ،‬ونبذل لهم المعروف ‪ ،‬وأن نحتر َم آراءهم‬
‫ومشاعرهم ‪ ،‬وال نتكب ُر على أحد ‪ ،‬وال نفع ُل معهم شي ًئا ال نحبّ أنْ يفعلوه معنا‬
‫َ‬
‫‪ ،‬وبذلك تجتم ُع القلوب ‪ ،‬وتقوى أواص ُر المحب ِة ‪ ،‬ويسو ُد التعاونُ ‪ .‬وإذا ما تحلّى‬
‫بخير وطمأنينةٍ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أفرا ُد المجتمع بهذه الصفا ِ‬
‫ت العالية ‪ ،‬عاشوا‬

‫‪128‬‬
‫أهم ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫ُّ‬
‫يستحق به العقوبة ‪ ،‬مِن‬ ‫ْ‬
‫يبتعد من ك ِّل ما‬ ‫يخش هللا ّ‬
‫عز وج ّل ‪ ،‬ويذكرْ ه ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫‪َ -١‬منْ‬
‫فعل أوقول ‪ ،‬وال يعمل إلاّ الصالحات‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ِص اإلنسانُ في عمله‪ .‬وأنْ‬ ‫التقصير واإلساءة ‪ ،‬أنْ يُخل َ‬
‫ِ‬ ‫‪ -٢‬خي ُر ما يزي ُل َ‬
‫أثر‬
‫الصالح وبحُسْ ِن المعاملة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بالعمل‬
‫ِ‬ ‫ي ِحس َّن موق َفه ‪ ،‬ويتالفى تقصيره وإساءته ‪،‬‬
‫‪ -٣‬أحسنُ ما يبني العالق َة الطيبة بين أبنا ِء المجتمع ‪ ،‬حُسنُ المعاملة ‪ ،‬والتزا ُم‬
‫مكارم األخالق‪.‬‬
‫ِ‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫‪ -١‬في الحديث الشريف ثالث ُة أوامر‪ .‬عبِّرْ عن واحد منها بعبارة من عندك‪،‬‬
‫موضّحا ً المرادَ منه بإيجاز‪.‬‬
‫نصائح وإرشادات‪ .‬بيّنْ أثرها في حيا ِة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الحديث الشريف على‬ ‫‪ -٢‬اشتم َل‬
‫الفر ِد والجماعة ‪.‬‬
‫الناس بالحُسنى‪ .‬اذكرْ ثالث َة أمثل ٍة لهذ ِه‬
‫َ‬ ‫‪ -٣‬أمرنا نبيُّنا ( ص ) أنْ نعام َل‬
‫المعاملة ‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫الدرس الرابع ‪:‬‬
‫ُ‬
‫أهمية الصالة‬

‫‪-١‬إقامة الصالة وتأديتها أمتثال ألمر هللا تعالى وطاعة له ‪.‬‬

‫‪ -٢‬استشعا ُر عظم ِة الخالق وخشيته وكان رسول هللا وأهل بيته (صلوات‬
‫هللا عليهم وسالمه) يتغير لونهم ‪ ،‬وترتجف أوصالهم من َخشية هللا وعظمته‬
‫ُوي عن عليّ بن الحسين زين العابدين (ع) أ ّنه كان إذا‬ ‫عند الصالة ‪ ،‬كما ر َ‬
‫ْ‬
‫وارتجفت أطرافهُ‪ ،‬فقي َل له ‪ :‬فيم ذلك ؟ فقال ‪ :‬ويحكم ‪،‬‬ ‫توضأ اصفرَّ وجهه‬
‫بين َيدَ يْ َمنْ سأقفُ ؟‬
‫أتدرون َ‬
‫َ‬

‫‪٣‬ــ في الصال ِة تذلي ٌل للشدائد والمحن ‪ ،‬وتدريبٌ على الصبر ‪ ،‬فقد كان األنبيا ُء‬
‫يفزعون إلى الصال ِة عندَ الشدائد‪.‬‬
‫َ‬ ‫(عليهم السالم )‬
‫ٌ‬
‫روحية يفي ُء‬ ‫ٌ‬
‫واحة‬ ‫فهي‬
‫آثارها في الطمأنين ِة وراح ِة النفس ‪َ ،‬‬ ‫‪ -٤‬الصالةُ تح ّق ُق َ‬
‫إليها المسل ُم ‪ ،‬ليتفيأ ظال َلها الوارف َة ‪ ،‬فيج ُد فيها عالجً ا لمشكالتِه النفسيّة ‪،‬‬
‫ويتخلّى بها عن ه ِ‬
‫ُموم الحياة ‪.‬‬

‫‪ -٥‬الصالةُ تهذيبٌ للسلوك ‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬


‫ﯧ ﯨ ﯲ ﱪ العنكبوت ‪.‬‬
‫ومفهو ُم اآلية أ ّنها تأم ُر بالمعروفِ واإلحسان ‪ .‬فالصالةُ يستحضرُفيها المصلّي‬
‫ٌ‬
‫كفيلة بانْ تر َف َع ُه إلى‬ ‫خمس مرات في اليوم والليلة في األقل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫هللا تعالى‬
‫قل َبه مع ِ‬
‫هي عنه ‪.‬‬ ‫ب ما ُن َ‬‫وامتثال أوامر هللا تعالى ‪ ،‬وأنْ تردَ َع ُه عن ارتكا ِ‬
‫ِ‬ ‫االستقام ِة‬

‫انقطع الى هللا تعالى يناجي ِه بلسان ِه وقلبهِ‪ ،‬ويستله ُم منه الهداية والقوة‪،‬‬
‫َ‬ ‫فالعب ُد إذا‬
‫َ‬
‫سيبتع ُد عن حبائل الشيطان وسوء الخلق‪،‬ويبتعد من معصية هللا ‪ ،‬فإن استطاع‬
‫‪130‬‬
‫ت المحرم َة ‪ ،‬فإنّ ل ُه‬
‫اإلنس أنْ يؤثروا فيه ‪ ،‬فيزيّنوا له الشهوا ِ‬
‫ِ‬ ‫شياطينُ الجنّ أو‬
‫في لقائ ِه اآلخر القريب مع هللا تعالى ما يطر ُد عنه هذه الوساوس واألوهام ‪.‬‬
‫ت المفروض ِة خمس مرات في اليوم والليلة‪.‬‬
‫تكرار الصلوا ِ‬
‫ِ‬ ‫ولع ّل ذلك من حكم ِة‬

‫ين وهم‬ ‫ومما يؤسف له بعض ما نراهُ في المجتمع اإلسالمي مِن كثر ِة المصلّ َ‬
‫الفواحش والمنكرات‪،‬وسببُ ذلك أنهم لم يقيموا‬ ‫َ‬ ‫يرتكبون‬
‫َ‬ ‫على الرغم من ذلك ‪،‬‬
‫صلواتِهم على منهج هللا تعالى فصال ُتهم تفتق ُد أه ّم مكوناتها األساسية أال وهو‬
‫للنفس والسلوك ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬
‫المهذب‬ ‫حُضو ُر القلب في الصالة الذي يترتبُ عليه الخشو ُع‬
‫ومن ث ّم فإنّ صالتهم ال تؤث ُر في سلوكِهم فتفقد قيم َتها ‪،‬ألنّ الصال َة الب ّد أنْ تنهى‬
‫ْ‬
‫ليست‬ ‫عن الفحشا ِء والمنكر ‪ ،‬وهكذا صالة لن تقرّ بهم م َِن هللا تعالى ‪،‬ألنّ قلو َبهم‬ ‫ِ‬
‫مشتملة على الخشوع لنحيا حيا ًة‬‫ً‬ ‫تكون صال ُتنا‬
‫َ‬ ‫مع ُه (ج َّل وعال) ‪ .‬ولهذا يجبُ أنْ‬
‫ً‬
‫صالحة وسعيدة ‪.‬‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫ً‬
‫واجبة على المسلم والمسلمة ؟(نشاط)‬ ‫‪ -١‬متى تكونُ الصالةُ‬

‫ث شريف ‪(.‬نشاط)‬ ‫ْ‬


‫استشهد بحدي ٍ‬ ‫أركان اإلسالم ؟‬
‫ِ‬ ‫‪ -٢‬هل الصالةُ ركنٌ من‬

‫األعمال إلى هللا ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫‪ -٣‬تكلّ ْم على أحبّ‬

‫بنهر مبينا ً عظيم أثرها ‪.‬اذكر الحديث‬


‫ٍ‬ ‫‪-٤‬شبَّه رسول هللا الصلوات الخمس‬
‫الشريف وبيّن معناه ‪.‬‬

‫‪ -٥‬متى تكون الصالة مقبولة ؟‬

‫‪ -٦‬تح ّدث عن اهمية الصالة ‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫الدرس الخامس ‪:‬‬

‫االمام زين العابدين (ع)‬


‫اسمه‬ ‫٭‬
‫عليّ بنُ الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السالم) لُ ِّق َ‬
‫ب بالسجّ اد‪،‬لكثر ِة‬
‫سجود ِه هلل ‪،‬وكذلك زين العابدين النشغال ِه بالعبادة على أحسن وجه‪.‬ولد اإلمام‬
‫السجّ اد (ع) سنة ‪٣٨‬هـ‪.‬‬
‫٭ أخالقه وكرمه‬
‫جميل ُخلُقه أ ّنه كان ال يأك ُل الطعا َم مع أمّه‪،‬‬‫ِ‬ ‫كان تق ّيا ً عابداً ورعا ً ‪ ،‬ومِن‬
‫فأسبق أميّ ‪،‬‬‫َ‬ ‫وعندما سُئ َل عن ذلك ‪ ،‬قال(ع)‪ :‬أخشى أنْ أم َّد يدي إلى لقم ٍة‬
‫كان يحِم ُل الطعا َم إلى فقرا ِء المدينة‬ ‫وأكونُ بذلك قد عقق ُتها ‪ .‬ومِن كرمه أ ّنه َ‬
‫متخفيًا في الليل ‪ ،‬لكي ال يعرف ُه أحد‪ ،‬وكان يتفق ُد األرام َل واأليتا َم ويق ّد ُم لهم‬
‫الطعام فلما استشهد وانقطعت عنهم تلك المساعدات علِموا أن الذي كان يحمل‬
‫لهم الطعام ‪،‬هو اإلمام عليّ بن الحسين(ع) كما كان حليما ً ومتسامحا ً ‪ ،‬فقد‬
‫إياك أعني ‪ .‬فقال اإلمام ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ت اإلما ُم ‪ ،‬فقال الرجل ‪:‬‬‫فس َك َ‬ ‫َس ّب ُه رج ٌل َ‬
‫ذات مّرةٍ‪َ ،‬‬
‫وعنك أُغضِ ي ‪.‬‬‫َ‬
‫عبادته‬ ‫٭‬
‫قال ابنه الباقر(ع) كان قيا ُم أبي في صالته قيام العبد الذليل بين يدي‬
‫عز وجلّ‪ ،‬ويتب ّد ُل لو ُنه‪،‬‬ ‫الملك الجليل ‪ ،‬وكانت أعضاؤه ترتع ُد من َخشية هللا ّ‬
‫وكان يصلّي صال َة مو ّد ٍع يرى أ ّن ُه ال يصلّي بعدها أبداً ‪ .‬ولقد كان ُيكِثر م َِن‬
‫الصوم والصال ِة والتهجّ ِد والدعاء زاه ًدا تقيًا ورعًا‪ .‬ورحم هللا الشاعر الذي‬ ‫ِ‬
‫أنشد فيه ‪:‬‬
‫هذا التقيُّ النقيُّ الطاه ُر العل ُم‬ ‫هللا كلّــهــم‬
‫هذا ابنُ َخير عبا ِد ِ‬
‫بـجّ د ِه أنبيـا ُء هللا قـد ُختــموا‬ ‫كنت جاهل ُه‬‫َ‬ ‫هذا ابنُ فاطم َة إنْ‬

‫‪132‬‬
‫دو ُره في كشفِ الحقائق وتثبي ِ‬
‫ت الدين‬ ‫٭‬
‫ض‬ ‫ومر َ‬ ‫الطف التي اس ُت ِ‬
‫شهدَ فيها أبوهُ اإلما ُم الحسين(ع)‬ ‫شهد اإلمام مأسا َة ّ‬
‫ِ‬
‫اإلمام في أثناء الواقعة مرضا ً جعله طريح الفراش ال يقوى على الحراك فأسر‬
‫مع من أسر و ُنقلوا سبايا إلى الشام‪ .‬وبهذا حفظ هللا االمام زين العابدين وذريَّته‪،‬‬
‫أعالم ال ُتقى والعباد ِة والزه ِد ‪ ،‬وعندما وصلوا إلى الشام دنا شي ٌخ‬
‫ِ‬ ‫فكان علما ً مِن‬
‫وأمكن الخليف َة منكم ‪.‬‬
‫َ‬ ‫من اإلمام السجّ اد (ع) وقا َل له ‪ :‬الحم ُد هلل الذي أهلك ُكم ‪،‬‬
‫أقرأت القرآن ؟ قال الرجل‪ :‬بلى ‪ .‬قال اإلمام (ع) أقرأت‬ ‫َ‬ ‫فأجا َب ُه اإلمام (ع) يا شيخ‬
‫ﱫ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭱ ﱪ الشورى قال بلى‪ .‬قال‬
‫أقرأت ﱫ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮫ ﱪ الروم وقوله ‪:‬‬
‫َ‬ ‫اإلمام ‪:‬‬
‫ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ُ‬
‫قرأت ذلك ‪ .‬قال اإلمام ‪ :‬نحنُ وهللا‬ ‫ﭜ ﭴ ﱪ األنفال‪ :‬قال الشيخ ‪ : :‬نعم‬
‫أقرأت قول َه تعالى ‪ :‬ﱫﮆﮇ ﮈﮉ‬ ‫َ‬ ‫ت ‪ .‬ثم قال اإلمام ‪:‬‬
‫القربى في هذ ِه اآليا ِ‬
‫ﮊ ﮋﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐﮑﱪ األحزاب‬
‫‪.‬قال ‪ :‬بلى قرأت ‪ ،‬فقال اإلمام نحن أهل البيت الذين خصهم هللا بالتطهير‪ .‬قال‬
‫ف الشي ُخ‬
‫ك ‪.‬فأسِ َ‬ ‫هلل عليكم أنتم هُم ؟ قال(ع) ‪ :‬إ ّنا لنحنُ هُم مِن ِ‬
‫غير ش ّ‬ ‫الشيخ ‪ :‬با ِ‬
‫هللا مِن أعدائِهم ‪.‬‬
‫على ما مضى مِن قولِه ‪ ،‬وتبرّ أ إلى ِ‬
‫٭ دو ُره العلمي‬
‫سعى اإلمام (ع) بعد واقع ِة كربالء وعودته إلى المدينة إلى نشر األحادي ِ‬
‫ث‬
‫وسبعين‬
‫َ‬ ‫طريق عد ٍد م َِن المسلمين بلغ اثنين‬
‫ِ‬ ‫والعلوم اإلسالمية عن‬
‫ِ‬ ‫النبويّة‬
‫ً‬
‫ثالثة منهم ‪:‬‬ ‫رجالً ‪ ،‬نذكر‬
‫‪ -١‬سعيد بن المسيب وقال عنه اإلمام السجاد(ع) (سعيد أعل ُم الناس بما تقدمه‬
‫اآلثار‪ ،‬وأفهمُهم في زمانه)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫م َِن‬
‫‪ -٢‬أبو حمزة الثمالي وقال فيه اإلمام الرضا(ع) (أبو حمزة سلمان زمانه)‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫مستغن َعن‬
‫ٍ‬ ‫(ليس على وجه ِ األرض َمن هو‬
‫َ‬ ‫‪ -٣‬سعي ُد بن جبير ‪ ،‬وقيل َ عنه‬
‫علم ابن جبير ) ‪.‬‬
‫ِ‬
‫٭ آثاره‬
‫‪ -١‬الصحيف ُة السجّ ادية ‪ :‬وتبدو هذه الصحيفة من األدعي ِة المأثورة عن األئم ِة‬
‫ساطعة كالشمس استعملها السجّ ا ُد كوسيل ٍة لتوعية الناس ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫(عليهم السالم)‬
‫وتهذيبهم وتربيتهم روحيا ً واجتماعياً‪.‬‬
‫شريفة في ِّ‬
‫حق هللا والوالدين‬ ‫ً‬ ‫‪ -٢‬رسال ُة الحقوق ‪ :‬وهي التي جمعت روايا ٍ‬
‫ت‬
‫واألخوان والزوجة واألبناء والجار والصديق والكبير والصغير والخصم‬
‫ِّ‬
‫وحق النفس وواجباتها‪.‬‬
‫٭ استشهادُه‬
‫ُؤرق الظالمين ‪ ،‬ويثي ُر مخاو َفهم ‪ .‬وقد أدركوا أنَّ‬ ‫ان ما تق ّدم ذكره كان ي ُِ‬
‫بإرهابه ‪ ،‬إنما بتصفيته وقتله ‪ ،‬وهكذا فقد اغتيل في‬ ‫ِ‬ ‫إيقاف مسير ِة اإلمام ال تت ّم‬
‫َ‬
‫في الخامس والعشرين من محرم الحرام سنة (‪٩٥‬هـ) وقد ُدفن في مقبرة ائمة‬
‫شهد َ(ع)‬ ‫خالل ُس ّم ُدسَّ إليه واس ُت ِ‬
‫ِ‬ ‫البقيع عليهم السالم في المدينة المنورة من‬
‫شهدَ غالبي ُة آل بيت رسول هللا (ص) ‪ .‬فسال ٌم عليه ‪ ،‬وعلى األئم ِة الهُدا ِة‬ ‫كما اس ُت ِ‬
‫الميامين من آبائه وأبنائه‪ ،‬سالمًا دائمًا مع الخالدين‪.‬‬
‫المناقشة‪:‬‬
‫ث َعن أخالق اإلمام السجّ اد ‪ ،‬وعن عبادته‪.‬‬ ‫‪ -١‬تح ّد ْ‬
‫الحقائق للناس‪.‬‬
‫ِ‬ ‫اإلمام في كشفِ‬ ‫ض ُح َ‬
‫دور‬ ‫ً‬
‫حادثة تو ّ‬ ‫‪ -٢‬اذكرْ‬
‫ِ‬
‫‪ -3‬ما الدو ُر العلميُّ الذي قام به اإلما ُم ؟ وما آثارُه العلمي ُة ؟ و َمن أبرز‬
‫تالمذته ؟‬
‫ب اإلما ُم عليُّ بن الحسين بالسجّ اد وبزين العابدين ‪ ،‬علّ ْل ذلك ‪.‬‬ ‫‪ -٤‬لُ ِّق َ‬
‫كيف اس ُت ِ‬
‫شهدَ اإلما ُم السجّ اد (ع) ؟‬ ‫َ‬ ‫‪-٥‬‬

‫‪134‬‬
‫الدرس السادس ‪:‬‬
‫السرقة‬
‫ت الذميمة التي تصيبُ المجتمعات ‪،‬‬ ‫ت واآلفا ِ‬ ‫ٌ‬
‫صفة مِن أسوأ الصفا ِ‬ ‫السرقة‬
‫وهي عم ٌل قبيح نهى هللا عنها‪.‬‬
‫من التعريف أنّ‬‫الغيرالمنقول من غير رضاه)) ويتبيّنُ لنا َ‬ ‫مال‬ ‫والسرقة ‪ُ ((:‬‬
‫أخذ ِ‬
‫ِ‬
‫السرق َة تنطوي على أكثر من معنى ‪ ،‬فهي ُ‬
‫أخذ شي ٍء ليس مِن ح ّق َك ‪ ،‬ونقله من‬
‫مكان آخر بنيّة التصرّ ف به ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫مكانه المحفوظ فيه إلى‬
‫أمن األفراد والمجتمعات للخطر‪،‬‬ ‫والسرقة جريمة من الجرائم التي تعرّ ض َ‬
‫والنبل والنقا ِء فيه‪ ،‬إذ إنّ اإلقدا َم على‬
‫ِ‬ ‫روح األمان ِة‬
‫َ‬ ‫ك بالمسلم ‪ ،‬وتقت ُل‬ ‫وهي تف ُت ُ‬
‫ك سبالً دنيئة للحصول‬ ‫أموال اآلخرين وممتلكاتهم تعني أنّ السارق يسل ُ‬ ‫ِ‬ ‫انتهاكِ‬
‫طريق شريف‪.‬‬‫ٍ‬ ‫ت اكتسابه عن‬ ‫على المال الذي يتطلب جه ًدا وصبرً ا في محاوال ِ‬
‫ْ‬
‫وزجرت بشدة َمن‬ ‫ت الشريعة ُاإلسالمية المسلم من السرقة ‪،‬‬ ‫حذر ِ‬ ‫ولهذا ّ‬
‫أموال اآلخرين ومقتنياتهم بال وجه ّ‬
‫حق‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تسوّ ُل ل ُه نفسُه سرق َة‬
‫سرق شيئا تقطع يدهُ زجراً لصاحبها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وقد وردَ في القرآن الكريم حكم أنّ َمن‬
‫وحفظا ً ألموال الناس وأمنهم ‪.‬‬
‫فضيلة من الفضائل التي يسعى المجتمع‬ ‫ٌ‬ ‫والسرق ُة نقيض األمانة التي هي‬
‫إلى تحقيقها ‪ ،‬وهي تدفع السارق ‪،‬غالبا ً إلى االنسحاب من مجتمعه ‪ ،‬واالبتعاد‬
‫منه لشعور السارق بالذنب ‪ ،‬وهذا يؤدي إلى عدم توافق السارق اجتماعيا ً مع‬
‫اآلخرين ‪.‬‬
‫وواضح أنَّ سوء التربية األسرية ‪ ،‬وعدم التزامها النهج اإلسالمي القويم‬
‫والتي لم تعوّ د أبناءها منذ الصغر احترام م ِْلكية اآلخرين‪ ،‬تدف ُع إلى أناني ٍة‬
‫ت االستحواذ على كل‬ ‫مفرط ٍة تهيمنُ على سلوك السارق ‪ ،‬فيندفع إلى محاوال ِ‬
‫ت جراءةُ أصحاب النفوس‬ ‫ً‬
‫مملوكة لغيره ‪ ،‬إذا استمرّ ْ‬ ‫األشياء لنفسه وإنْ كانت‬
‫ت التهمة‬
‫الخبيثة على سرقة أموال الناس‪ ،‬ورُفع أمرُهم الى القضاء ‪ ،‬وثبت ِ‬
‫‪135‬‬
‫بضوابطها المعروفة شرعاً‪ ،‬فحينئذ ُتقط ُع هذه اليد اآلثمة التي ال ترتضي‬
‫الكسب الحالل‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﱪ المائدة‪.‬‬
‫ومن أجل ذلك كان الحبيب المصطفى متى ُرف َِع إليه أم ُر السارق أقام عليه‬
‫علت منزلته أو شرف نسبه ‪ ،‬وأعلنها‬ ‫ْ‬ ‫الح ّد ولم يكن يجامل في ذلك أحداً مهما‬
‫لقطعت يدها)‬ ‫ُ‬ ‫مدوية فقال (ص) ( لو انّ فاطمة بنت محم ٍد سرقت‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صريحة‬
‫وحاشاها أنْ تفعل ‪ ،‬إنما أراد رسول هللا بيان عدالة اإلسالم ‪.‬‬
‫وللوقوف على مدى عِ َظ ِم جريمة السرقة ‪ ،‬وأثرها السيِّيء نذكر أنَّ النبيّ‬
‫الكريم عندما كان يأخذ البيعة على َمن أراد الدخول في اإلسالم‪ ،‬كان يؤ ّك ُد‬
‫أمر مستحبّ في اإلسالم ‪ ،‬ولها‬ ‫أمور هي نقيض ك َّل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ضرور َة االبتعاد من‬
‫أثرها المذموم‪ ،‬ومنها تج ّنبُ العدوان على أموال الناس بالسرقة ‪ ،‬فقد كان‬
‫يقول (عليه الصالة والسالم) ‪( :‬بايعوني على ألاّ ُتشركوا باهلل شيئا ً ‪ ،‬وال‬
‫المؤمن القويَّ في إيمانه ال يجرؤ‬‫َ‬ ‫تسرقوا وال تزنوا‪ )..‬وكان (ص) يُخبر أنَّ‬
‫على ارتكاب اآلثام وهو مؤمن‪ ،‬قال (ص)‪( :‬ال يزني الزاني حين يزني‬
‫وهو مؤمن ‪ ،‬وال يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ‪ ،‬وال يسرق حين‬
‫يسرق وهو مؤمن ) إنّ السرقة حرام ألنها اعتدا ٌء على حقوق اآلخرين‬
‫مكان يحفظ فيه ‪ ،‬وهو عم ٌل باطل من كبائر الذنوب‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بأخذ أموالهم خِفية من‬
‫فينهش الشعور بالخجل واإلثم روح السارق من الداخل ‪ ،‬فيكون مهموما ً‬
‫األهل واألبنا ِء‬
‫ِ‬ ‫دائما ً ‪ .‬ولذلك من الضروري تنمية العالقات الوثيقة َ‬
‫بين‬
‫داخل نطاق األسرة المسلمة وتمتين روابط المحبّة والصدق والتفاهم وحرية‬
‫التعبير‪ ،‬حتى يسهل على األبناء طلب مابهم حاجة اليه من الوالدين أو بقية‬
‫ف‪.‬‬‫أفراد األسرة دون تر ّدد اوخو ٍ‬
‫ان اإلسالم ‪ ،‬ديننا الحنيف يعلمنا احترام أموال الناس ‪،‬ويؤكد عدم االعتداء‬
‫عليها بالسرقة أو الغصب‪ .‬واإلسالم الذي يربّينا على أنْ نتص ّد َق عن صاحب‬
‫‪136‬‬
‫(اللقطة) إذا لم نعثرْ عليه ‪ ،‬لنر ّدها إليه حتى ال يضيع مال ألحد هو اإلسالم نفسه‬
‫الذي يضع عقوبة قطع يد السارق كي ال يتجاوز على حقوق الناس وممتلكاتهم‬
‫وهو الذي يعلمنا أن اليد ثمينة ما دامت أمينة فإن خانت هانت ووجب قطعها‪.‬‬
‫واذا لم يلتقطِ الشبانُ والناشئ ُة هذه الدروس ويفهموها جيدا‪.‬فإنهم لن يتر ّددوا‬
‫في سرقة جهود غيرهم بـ (الغش) في االمتحانات والسطو على انجازات‬
‫عون عن االحتفاظِ بحقيبة نقود أو قطعة ذهبية ‪ ،‬وغير‬ ‫زمالئهم‪ ،‬وال يتورّ َ‬
‫يتوانون عن مغافلة أصحاب‬ ‫َ‬ ‫ذلك مما يعثرون عليه في شارع أو سيارة‪ ،‬وال‬
‫المحا ّل ليسرقوا ماتق ُع عليه أيديهم ‪ .‬إنّ اللقمة الحالل والكسب الحالل والمال‬
‫الحالل والفوز الحالل ك ّل له طعمُه اللذيذ الذي ال يستطيع السارق أنْ يتذوّ قه‪،‬‬
‫هي أطيبُ وأزكى من مائدة حرام ّ‬
‫نتلذذ‬ ‫خبز نكسبها عن طريق حالل ‪َ ،‬‬ ‫فكسرةُ ٍ‬
‫بها لوقت محدود لندفع ثمنها الح ًقا ولوقت طويل ‪ .‬ويبقى العال ُج األكبر آلفة‬
‫السرقة بدءًا من القضاء على العوامل المسببّة لها‪ .‬وانتها ًء با ّتباع قيم اإلسالم‬
‫وأوامره وم ُُثله العليا التي عن طريق االقتداء بها ‪ ،‬والسير عليها ‪ ،‬نكونُ‬
‫مسلمين مثلما يريدنا ديننا العظيم ‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫المناقشة‪:‬‬
‫‪ -١‬ما اآلثا ُر السيئ ُة في المجتمع إذا لم يعاقب السارق ‪.‬‬
‫ً‬
‫قرآنية في عقوبة السارق ‪.‬‬ ‫‪ -٢‬اذكرْ ً‬
‫آية‬
‫‪ -٣‬اذكرْ حديثا ً نبو ّيا ً شريفا ً في عقوبة السارق ‪.‬‬
‫‪ -٤‬ما أث ُر التربية األسرية للفرد لالبتعاد من هذا الذن ِ‬
‫ب الكبير ؟‬
‫ُ‬
‫السارق ما يسرق مثل َمن يعمل االنسان في الحالل ؟‬ ‫ُ‬
‫يتذوق‬ ‫‪ -٥‬هل‬

‫‪138‬‬
‫احملتوى‬
‫‪٣‬‬ ‫‪ -١‬املقدمة‬

‫‪٦‬‬ ‫‪ -٢‬احكام التالوة‬


‫‪١٤‬‬ ‫‪ -٣‬الوحدة االولى‬
‫‪١٤‬‬ ‫الدرس االول ‪ -‬سورة الفجر ‪.‬‬
‫‪٢٢‬‬ ‫الدرس الثاني ‪ ( -‬اهمية القرآن الكرمي يف حياة االنسان ) ‪.‬‬
‫‪٢٥‬‬ ‫الدرس الثالث ‪-‬احلديث الشريف (من سن سنة حسنة ) ‪.‬‬
‫‪٢٨‬‬ ‫الدرس الرابع ‪-‬ثمار العبادات ‪.‬‬
‫‪٣٥‬‬ ‫الدرس اخلامس ‪-‬من السيرة النبوية الشريفة ‪.‬‬
‫‪٤٠‬‬ ‫الدرس السادس ‪( -‬اداء االمانة)‬
‫‪.‬‬
‫‪٤٥‬‬ ‫‪-٤‬الوحدة الثانية‬
‫‪٤٥‬‬ ‫الدرس االول ‪ -‬سورة البروج‬
‫‪٥٢‬‬ ‫الدرس الثاني ‪ -‬القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫‪٥٥‬‬ ‫الدرس الثالث ‪ -‬احلديث الشريف (الصدق والكذب)‬
‫‪٥٩‬‬ ‫الدرس الرابع ‪-‬ا لطهارة‬
‫‪٦١‬‬ ‫الدرس اخلامس ‪ -‬من السيرة النبوية الشريفة(هجرة النبي )‬
‫‪٦٥‬‬ ‫الدرس السادس ‪ -‬التهذ يب (النظافة)‬

‫‪٦٨‬‬ ‫‪-٤‬الوحدة الثالثة‬


‫‪٦٨‬‬ ‫الدرس االول ‪ -‬سورة االنشقاق‬
‫‪٧٤‬‬ ‫الدرس الثاني ‪ -‬القرآن الكرمي نزوله وموضوعاته‪.‬‬
‫‪٧٦‬‬ ‫الدرس الثالث ‪ -‬احلديث الشريف (النهي عن احلسد)‬
‫‪٧٨‬‬ ‫الدرس الرابع ‪-‬الوضوء‬
‫‪٨١‬‬ ‫الدرس اخلامس ‪ -‬من سير الصحابة ابو بكر الصديق (رض)‬
‫‪٨٧‬‬ ‫الدرس السادس ‪-‬السخرية واللمز والتنابز باأللقاب‬

‫‪139‬‬
‫احملتوى‬

‫‪٩١‬‬ ‫‪ -٤‬الوحدة الرابعة‬


‫‪٩١‬‬ ‫الدرس االول ‪ -‬سورة املطففني‬
‫‪١٠٠‬‬ ‫الدرس الثاني ‪ -‬القصص القرآني‬
‫‪١٠٣‬‬ ‫الدرس الثالث ‪-‬احلديث الشريف (احب االعمال الى اهلل )‬
‫‪١٠٧‬‬ ‫الدرس الرابع ‪-‬فريضة الصالة‬
‫‪١٠٩‬‬ ‫الدرس اخلامس‪-‬االمام احلسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السالم )‬
‫‪١١٣‬‬ ‫الدرس السادس ‪( -‬التعاون)‬

‫‪١١٦‬‬ ‫‪-٥‬الوحدة اخلامسة‬


‫‪١١٦‬‬ ‫الدرس االول ‪ -‬سورة االنفطار‬
‫‪١٢٤‬‬ ‫الدرس الثاني ‪ -‬اسماعيل (عليه السالم )‬
‫‪١٢٧‬‬ ‫الدرس الثالث ‪-‬احلديث الشريف (تقوى اهلل وحسن معاملة‬

‫‪١٣٠‬‬ ‫الدرس الرابع ‪-‬اهمية الصالة ‪.‬‬


‫‪١٣٢‬‬ ‫الدرس اخلامس ‪ -‬االمام زين العابدين �‬
‫‪١٣٥‬‬ ‫الدرس السادس ‪ -‬السرقة‬

‫‪140‬‬ ‫احملتوى‬

‫‪140‬‬

You might also like