You are on page 1of 23

‫تيسري‬

‫تفسري النسفي‬
‫جزء عم‬
‫للصف األول الثانوى‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬
‫مقدمة‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على أشرف املرسلني سيدان حممد‪،‬‬
‫وعلى آله وأصحابه أمجعني‪ .‬وبعد‪،،،‬‬
‫فهذا كتاب ((تيسري تفسري النسفي جلزء عم)) املقرر على الصف األول الثانوي‪،‬‬
‫توخينا فيه تسهيل العبارة‪ ،‬وتوضيحها مبا يتناسب وعقول أبنائنا الطالب‪،‬‬
‫وراعينا فيه اآلت‪:‬‬
‫‪- ۱‬قدمنا له مبقدمة موجزة يف علوم القرآن الكري‪.‬‬
‫‪- ۲‬تقسيم السورة إىل موضوعات رئيسة‪.‬‬
‫‪- ٣‬حذف القراءات غري املتواترة‪ ،‬واليت ال يتعلق هبا املعىن‪.‬‬
‫‪- ٤‬عزو اآلايت املستشهد هبا أثناء التفسري إىل سورها‪.‬‬
‫‪- ٥‬ختريج األحاديث وأسباب النزول واحلكم عليها‪.‬‬
‫‪- ٦‬استخراج األسرار البالغية من كل سورة‪.‬‬
‫‪ - ۷‬ذكر الدروس املستفادة من السورة‪.‬‬
‫‪- ٨‬إضافة أسئلة يف هناية كل سورة‪.‬‬
‫وللاه نسأل أن ينفع بعملنا هذا الطالب‪ ،‬وأن يرزقنا عليه جزيل الثواب‪،‬‬
‫وصلى للا على سيدان حممد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه وسلم‪.‬‬
‫جلنة تطوير املناهج ابألزهر الشريف‬
‫مقدمة يف علوم القرآن الكري‬
‫مبادئ علوم القرآن الكري‬
‫‪ _ ۱‬تعريف علوم القرآن الكري‪:‬‬
‫هي‪ :‬مباحث تتعلق ابلقرآن الكري من انحية نزوله‪ ،‬كمعرفة أول وآخر ما‬
‫نزل‪ ،‬وأسباب النزول‪ ،‬وما نزل قبل اهلجرة وما نزل بعدها‪ ،‬ومن انحية كتابته‬
‫ومجعه ورمسه‪ ،‬ومن انحية إعجـازه وأسلوبه‪ ،‬وأمثاله‪ ،‬وقصصه‪ ،‬وتفسريه‪،‬‬
‫وتوضيح ألفاظه‪ ،‬ومعانيه‪.‬‬
‫‪_۲‬موضوع علوم القرآن‪:‬‬
‫القرآن ذاته‪ ،‬من هذه النواحي السابقة اليت تتعلق آبايته‪ ،‬وسوره‪ ،‬وأسباب‬
‫نزوله‪ ،‬ومكيه‪ ،‬ومدنيه‪.‬‬
‫‪_۳‬سر التسمية‪:‬‬
‫مسي هذا العلم بعلوم القرآن‪ ،‬ومل ي هسم بعلم القرآن؛ ألن كل مبحث من‬
‫مباحثه يـ هعد علما مستقال قائما بذاته‪ ،‬قد ألفت فيه مؤلفات‪.‬‬
‫‪_٤‬فوائد معرفة علوم القرآن‪:‬‬
‫(أ) زايدة املعرفة هبداايت القرآن‪ ،‬وآدابه‪ ،‬وأحكامه‪ ،‬وتشريعاته‪.‬‬
‫(ب) الرد على شبهات اجلاهلني واحلاقدين اليت أاثروها حول القرآن‬
‫الكري‪.‬‬
‫(ج) معرفة الشروط اليت جيب توافرها يف من يريد تفسري القرآن الكري ‪.‬‬
‫تعريف ابلقرآن الكري وأبمسائه ومقاصده‬
‫‪- ۱‬القرآن الكري لغة‪ :‬مصدر كالقراءة‪ ،‬مشتق من الفعل «قرأ» مبعىن‬
‫((تال))‪ ،‬مث نُقل من املعىن املصدري‪ ،‬وجعل امسا لكالم هللا تعاىل‪ ،‬من ابب‬
‫إطالق املصدر على مفعوله‪.‬‬
‫جز املُنز ُل على رسوله ﷺ‪،‬‬
‫كالم هللا املُع ُ‬
‫‪_ ۲‬القرآن الكري اصطالحا‪ :‬هو ُ‬
‫املنقول ابلتواتر‪ ،‬املتعبد بتالوته‪.‬‬
‫‪_ ٣‬أمساء القرآن الكري‪:‬‬
‫(‪)۱‬‬ ‫(أ) القرآن‪ ،‬قال تعاىل‪ ﴿ :‬سورة اإلسراء ‪ .‬اآلية‪﴾.9 :‬‬
‫(‪)۲‬‬ ‫(ب) الكتاب‪ ،‬قال تعاىل‪ ﴿ :‬سورة الكهف ‪ .‬اآلية‪﴾.۱ :‬‬
‫(‪)٣‬‬ ‫(ج) ال ُفرقان‪ ،‬قال تعاىل‪ ﴿ :‬سورة الفرقان ‪ .‬اآلية‪﴾ .۱ :‬‬
‫(‪)٤‬‬ ‫(د) الذكر‪ ،‬قال تعاىل‪ ﴿ :‬سورة األنبياء ‪ .‬اآلية‪﴾.50 :‬‬
‫(‪)٥‬‬ ‫(هـ) التنزيل‪ ،‬قال تعاىل‪ ﴿ :‬سورة الشعراء ‪ .‬اآلايت‪ ١٩٢ :‬ـ ‪﴾ .١٩٤‬‬
‫هذه أشهر أمساء القرآن الكري‪ ،‬وما عده بعض العلماء أمساء للقرآن‪ ،‬فهي يف‬
‫احلقيقة صفات له‪ ،‬وليست أمساء‪.‬‬

‫__________‬
‫(‪ )۱‬سورة اإلسراء ‪ .‬اآلية‪.9 :‬‬
‫(‪ )۲‬سورة الكهف ‪ .‬اآلية‪.1 :‬‬
‫(‪ )٣‬سورة الفرقان ‪ .‬اآلية‪.1 :‬‬
‫(‪ )٤‬سورة األنبياء ‪ .‬اآلية‪.٥٠ :‬‬
‫(‪ )٥‬سورة الشعراء ‪ .‬اآلايت‪.١٩٤ _ ١٩٢ :‬‬
‫‪_ ٦‬مقاصد نزول القرآن‪:‬‬
‫(أ) هداية الناس‪:‬‬
‫نزل القرآن الكري هلداية الناس إىل ما يسعدهم يف دنياهم وآخرهتم‪ ،‬ومتتاز هذه‬
‫اهلداية عن غريها أبّنا عامة‪ ،‬واتمة‪ ،‬وواضحة‪.‬‬
‫أما عمومها‪ :‬فألّنا مشلت الثقلني‪ ،‬اإلنس واجلن يف كل زمان ومكان‪.‬‬
‫(‪)۱‬‬ ‫قال تعاىل على لسان رسوله ﷺ‪ ﴿ :‬سورة األنعام ‪ ،‬اآلية‪﴾ .19 :‬‬
‫واملعىن‪ :‬أن هللا تعاىل قد أنزل علي هذا القرآن بواسطة وحيه؛ ألُنذركم به اي أهل‬
‫مكة‪ ،‬وألُنذر به مجيع من بلغه هذا القرآن‪.‬‬
‫وأما متامها‪ :‬فألّنا تضمنت أمورا حيتاج الناس إليها يف عقائدهم‪ ،‬وأخالقهم‪،‬‬
‫وعباداهتم‪ ،‬ومعامالهتم‪ ،‬وألّنا نظمت عالقة الفرد بربه‪ ،‬وبنفسه‪ ،‬وابلكون الذي‬
‫يعيش فيه‪ ،‬ووفقت بني مطالب الروح واجلسد‪.‬‬
‫وأما وضوحها‪ :‬فألّنا عرضت املوضوعات والقضااي عرضا رائعا مؤثرا‪،‬‬
‫جيمع بني اإليضاح واإلقناع‪.‬‬
‫(ب) اإلعجاز‪:‬‬
‫القرآن معجزة خالدة تشهد بصدق النيب ﷺ فيها بلغه عن ربه‪.‬‬
‫والدليل على إعجازه‪ :‬أن هللا حتدى العرب أن أيتوا مبثله‪ ،‬أو بعشر سور‬
‫من مثله‪ ،‬أو بسورة واحدة من مثله‪ ،‬فعجزوا‪.‬‬

‫____________‬
‫(‪ )۱‬سورة األنعام ‪ ،‬اآلية‪.19 :‬‬
‫وإذا كان العرب ‪ -‬وهم أرابب الفصاحة والبالغة ‪ -‬قد عجزوا فغريهم أشد‬
‫(‪.)۱‬‬ ‫عجزا‪ ،‬قال تعاىل‪ ﴿ :‬سورة اإلسراء ‪ .‬اآلية‪﴾ .٨٨ :‬‬
‫(ج) التعبد بتالوته‪:‬‬
‫جيب على املسلم أن يُكثر من تالوة القرآن؛ ألن هذه التالوة ترفع درجاته‪،‬‬
‫ومتحو سيئاته‪ ،‬وهتُذب أخالقه‪ ،‬وتشرح صدره‪.‬‬
‫قال هللا تعاىل‪ ﴿ :‬سورة فاطر ‪ .‬اآلية‪﴾ .٢٩ :‬‬
‫(‪.)۲‬‬

‫وقال رسول هللا ﷺ‪(( :‬من قرأ حرفا من كتاب هللا فله به حسنة‪ ،‬واحلسنة‬
‫بعشر أمثاهلا‪ ،‬ال أقول امل حرف‪ ،‬ولكن ألف حرف‪ ،‬والم حرف‪ ،‬وميم حرف‬
‫)) (‪.)٣‬‬

‫أول ما نزل وآخر ما نزل من القرآن الكري‬


‫ا ‪-‬طريق معرفته‪:‬‬
‫يُعرف أو ُل ما نزل وآخر ما نزل من القرآن ابلنقل عن الصحابة الذين‬
‫شاهدوا نزول الوحي‪ ،‬وعرفوا من النيب ﷺ أول ما نزل وآخر ما نزل‪ ،‬مث‬
‫أخربون به‪.‬‬

‫__________‬
‫(‪ )۱‬سورة اإلسراء ‪ .‬اآلية‪.٨٨ :‬‬
‫(‪ )۲‬سورة فاطر ‪ .‬اآلية‪٢٩ :‬‬
‫(‪ )٣‬صحيح‪ ،‬رواه الرتمذي‪.‬‬
‫‪ -۲‬فوائد معرفته‪:‬‬
‫(أ) متييز الناسخ من املنسوخ؛ فإذا وردت آيتان‪ ،‬أو آايت يف موضوع واحد‪،‬‬
‫وكان احلُكم يف إحدى هذه اآلايت يُغاير احلكم يف األُخرى وال سبيل‬
‫إىل اجلمع بينها أبي وجه‪ ،‬فإننا نعرف أن اآلية املتأخرة يف النزول قد‬
‫نسخت املتقدمة‪.‬‬
‫(ب) الوقوف على اتريخ التشريع اإلسالمي‪ ،‬وتدرجه يف تربية األمة‪.‬‬
‫(ج) مدى عناية الصحابة ‪ -‬ابلقرآن الكري حىت عرفوا زمان نزوله‪،‬‬
‫ومكانه‪ ،‬وأسبابه‪.‬‬
‫‪ - ٣‬أو ُل ما نزل من القرآن‪:‬‬
‫اتـفق اجلمهور على أن أول ما نزل من القرآن الكري إبطالق صدر سورة‬
‫(‪.)۱‬‬ ‫العلق‪ ،‬إىل قوله ـ جل شأنه‪ ﴿ :‬سورة العلق ‪ .‬اآلية‪﴾.٥ :‬‬
‫والدليل على ذلك‪ :‬ما ُروي عن عائشة أم املؤمنني * أّنا قالت‪)) :‬أو ُل ما‬
‫بُدئ به رسول هللا ﷺ من الوحي الرؤاي الصاحلة يف النوم‪ ،‬فكان ال يرى رؤاي إال‬
‫جاءت مثل فلق الصبح‪ ،‬مث ُحبب إليه اخلالء‪ ،‬وكان خيلو بغار حراء فيتحنث ـ‬
‫أي‪ :‬يتعبد ‪ -‬فيه الليايل ذوات العدد قبل أن يـنزع ـ أي‪ :‬يعود ـ إىل أهله‪ ،‬ويتزود‬
‫لذلك‪ ،‬مث يرجع إىل خدجية فيتزود ملثلها‪ ،‬حىت جاءه احلق وهو يف غار حراء‪،‬‬
‫ك فقال‪ :‬اقرأ‪ ،‬قال‪ :‬ما أن بقارئ‪ ،‬قال فأخذين فغطين ـ أي‪ :‬ضمىن‪-‬‬
‫فجاءه املل ُ‬
‫قلت‪ :‬ما أن بقارئ‪ ،‬فأخذين فغطين‬
‫حىت بلغ مين اجلهد مث أرسلين‪ ،‬فقال‪ :‬اقرأ‪ُ ،‬‬
‫فقلت‪ :‬ما أن بقارئ‪ ،‬فأخذين‬
‫الثانية حىت بلغ مين اجلهد مث أرسلين فقال‪ :‬اقرأ‪ُ ،‬‬

‫_________‬
‫(‪ )۱‬سورة العلق ‪ .‬اآلية‪.٥ :‬‬
‫)) (‪.)۱‬‬ ‫فغطين الثالثة مث أرسلين‪ ،‬فقال‪ ﴿ :‬سورة العلق ‪ .‬اآلية‪ ﴾ ٣-۱ :‬احلديث‬
‫‪_٤‬آخر ما نزل من القرآن‪:‬‬
‫(‪.)۲‬‬ ‫الصحيح أن آخر ما نزل من القرآن على اإلطالق‪ :‬هو قوله تعاىل‪ ﴿ :‬سورة البقرة ‪ .‬اآلية‪﴾ ٢٨١ :‬‬
‫فقد نزلت هذه اآلية قُبيل وفاة النيب ﷺ بتسع ليال‬
‫فقط‪ ،‬أما قوله تعاىل‪ ﴿ :‬سورة املائدة ‪ .‬اآلية‪ )٣(﴾ ٣ :‬فقد نزلت قبل وفاة النيب‬
‫ﷺ أبكثر من شهرين‪ ،‬يف حجة الوداع‪ ،‬يوم عرفة‪ ،‬يف السنة العاشرة للهجرة‪.‬‬

‫املكي واملدين‬
‫‪- ۱‬تعريف املكي واملدين ‪:‬‬
‫املكي‪ :‬ما نزل قبل اهلجرة‪ ،‬ولو كان نزوله يف غري مكة‪.‬‬
‫واملدين‪ :‬ما نزل بعد اهلجرة‪ ،‬ولو كان نزوله يف غري املدينة‪.‬‬
‫وعلى هذا‪ ،‬فقوله تعاىل‪ ﴿ :‬سورة املائدة ‪ .‬اآلية‪ )٤(﴾ ٣ :‬من القرآن املدين‪،‬‬
‫مع أنه نزل بعرفة يف حجة الوداع‪.‬‬
‫وقوله تعاىل‪ ۞﴿ :‬سورة النساء ‪ .‬اآلية‪ )٥(﴾٥٨ :‬من القرآن‬
‫املدين‪ ،‬مع أنه نزل يف جوف الكعبة عام الفتح‪.‬‬

‫_________‬
‫(‪ )۱‬متفق عليه‪.‬‬
‫(‪ )۲‬سورة البقرة ‪ .‬اآلية‪.٢٨١ :‬‬
‫(‪ )٣‬سورة املائدة ‪ .‬اآلية‪.٣ :‬‬
‫(‪ )٤‬سورة املائدة ‪ .‬اآلية‪.٣ :‬‬
‫(‪ )٥‬سورة النساء ‪ .‬اآلية‪.٥٨ :‬‬
‫‪- ۲‬طريق معرفة املكي واملدين ‪:‬‬
‫ال سبيل إىل معرفة املكي واملدين إال عن طريق ما نُقل عن الصحابة ؛‬
‫ألّنم شاهدوا نزول الوحي‪ ،‬وعرفوا زمانه ومكانه‪.‬‬
‫‪- ٣‬ضوابط القرآن املكي ‪:‬‬
‫(أ) ُكل سورة فيها لفظ ((كال)) فهي مكية‪ ،‬وقد ورد هذا اللفظ ثالث وثالثني‬
‫مرة يف مخس عشرة سورة‪ ،‬يف النصف الثاين من القرآن‪.‬‬
‫(ب) ُكل سورة فيها سجدة فهي مكية‪.‬‬
‫(ج) ُكل سورة فيها قصص األنبياء‪ ،‬واألمم السابقة فهي مكية‪ ،‬ما عدا‬
‫سوريت البقرة‪ ،‬وآل عمران‪.‬‬
‫(د) ُكل سورة افتُتحت حبرف من حروف التهجي فهي مكية‪ ،‬ما عدا‬
‫سوريت البقرة‪ ،‬وآل عمران‪.‬‬
‫‪- ٤‬ضوابط القرآن املدين‪:‬‬
‫(أ) ُكل سورة تتحدث عن التشريعات فهي مدنية‪.‬‬
‫(ب) ُكل سورة تتحدث عن اجلهاد وأحكامه فهي مدنية‪.‬‬
‫(ج) ُكل سورة تتحدث عن املنافقني وصفاهتم فهي مدنية‪.‬‬
‫مدنية‪.‬‬
‫‪- ٥‬عدد السور املكية واملدنية‪:‬‬
‫السور املكية‪ :‬ثنتان ومثانون سورة‪.‬‬
‫السور املدنية‪ :‬عشرون سورة‪.‬‬
‫السور املختلف فيها‪ :‬اثنتا عشرة سورة‪.‬‬
‫(‪)۱‬‬ ‫نزول القرآن الكري منجـما‬
‫ا ‪-‬كيفيته‪:‬‬
‫نزل القرآن كله ابلوحي اجللي‪ ،‬بواسطة جربيل ﷺ على قلب النيب ﷺ‪.‬‬
‫(‪)۲‬‬ ‫کما قال سبحانه وتعاىل‪ ﴿ :‬سورة الشعراء ‪ .‬اآلايت‪﴾۱۹٥-١٩٣ :‬‬
‫‪- ۲‬دليله‪:‬‬
‫من األدلة على نزول القرآن الكري ُمنجما‪:‬‬
‫(‪.)٣‬‬ ‫(أ) قوله تعاىل‪ ﴿ :‬سورة اإلسراء ‪ .‬اآلية‪﴾ ۱٠٦ :‬‬
‫(‪.)٤‬‬ ‫(ب) قوله تعاىل‪ ﴿ :‬سورة الفرقان ‪ .‬اآلية‪﴾ ٣٢ :‬‬
‫‪- ٣‬مدته‪:‬‬
‫اختُلف يف مدة نزول القرآن منجما على الرسول ﷺ تبعا لالختالف يف ُمدة‬
‫بعثة الرسول ﷺ وهو يف مكة‪ ،‬فقيل‪ :‬عشرين سنة‪ ،‬وقيل‪ :‬ثالث وعشرين سنة‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬مخس وعشرين سنة‪ .‬واألقرب للتحقيق‪ :‬نزوله منجما يف ثالث وعشرين‬
‫سنة‪.‬‬

‫__________‬
‫(‪ )۱‬منجما يعين‪ :‬يف أوقات متفرقة‪.‬‬
‫(‪ )۲‬سورة الشعراء ‪ .‬اآلايت‪ ١٩٣ :‬ـ ‪.۱۹٥‬‬
‫(‪ )٣‬سورة اإلسراء ‪ .‬اآلية‪.۱٠٦ :‬‬
‫(‪ )4‬سورة الفرقان ‪ .‬اآلية‪.٣٢ :‬‬
‫‪- ٤‬احلكمة يف نزول القرآن الكري منجما‪:‬‬
‫(أ) تثبيت قلب الرسول ﷺ‪ ،‬وتسليته‪ ،‬ورفع احلرج عنه‪ ،‬وإزالة ما يعرتي‬
‫صدره من ضيق وحزن‪.‬‬
‫قـال وتعـاىل‪ ﴿ :‬سورة الفرقان ‪ .‬اآلية‪ ، )۱(﴾ ٣٢ :‬وقـال تـعـاىل‪ ﴿ :‬سورة هود ‪ .‬اآلية‪﴾ ١٢٠ :‬‬
‫(‪)۲‬‬

‫(ب) تيسري حفظه وفهمه‪:‬‬


‫وفهمه؛ إذ لو نزل مرة واحدة‬
‫نزل القرآن مفرقا؛ ليس ُهل على املسلمني حفظه‪ُ ،‬‬
‫(‪)٣‬‬ ‫لشق عليهم أن حيفظوه‪ ،‬ويفهموه‪ .‬قال سبحانه‪ ﴿ :‬سورة اإلسراء ‪ .‬اآلية‪﴾ ۱٠٦ :‬‬
‫أي‪ :‬نزلناه مفرقا منجما لتقرأه ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬على الناس بتُـؤدة وتـثـبت‪ ،‬فإنه‬
‫أيسر للحفظ‪ ،‬وأعون يف الفهم‪.‬‬
‫(ج) مسايرة احلوادث‪:‬‬
‫األايم مليئة ابألحداث املتعددة‪ ،‬والقضااي املتنوعة‪ ،‬فكان كلما جد جديد من‬
‫األمور اليت تتعلق مبصاحل العباد يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬نزل القرآن؛ ليبني احلُكم‬
‫احلق فيها‪ ،‬فتتجاوب النفوس معه وترتضيه‪.‬‬

‫__________‬
‫(‪ )۱‬سورة الفرقان ‪ .‬اآلية‪.٣٢ :‬‬
‫(‪ )۲‬سورة هود ‪ .‬اآلية‪.١٢٠ :‬‬
‫(‪ )۳‬سورة اإلسراء ‪ .‬اآلية‪.۱٠٦ :‬‬
‫وكم من قضية توقف النيب ﷺ يف البت فيها‪ ،‬حىت نزل يف شأّنا قرآن يـُتـلى‪،‬‬
‫فكان ما نزل فيها تقريرا شافيا‪ ،‬وحكما عادال‪ ،‬ال يستطيع أحد رده‪ ،‬وال يسع‬
‫املسلمني إال قبوله والرضى به؛ مثل حادثة اإلفك‪.‬‬
‫(د) التدرج يف التشريع وتربية األُمة‪:‬‬
‫من أهم األهداف اليت أُنزل من أجلها القرآن مفرقا‪ :‬التدرج ابألمة يف ختليهم‬
‫عن الرذائل‪ ،‬وحتليهم ابلفضائل‪ ،‬والرتقي هبم يف التشريعات‪ ،‬فلو أّنم أُمروا‬
‫بكل الواجبات‪ ،‬و ُّنوا عن مجيع املنكرات مرة واحدة لشق عليهم‪ ،‬ولضعفت‬
‫اهلمم الصغرية عن التجاوب واملسايرة؛ مثل حتري اخلمر‪.‬‬
‫‪- ٥‬الداللة على اإلعجـاز‪:‬‬
‫على الرغم من نزول القرآن ُمفرقا يف حنو ثالث وعشرين سنة‪ ،‬ويف أوقات‬
‫متباينة‪ ،‬وأحكام خمتلفة‪ ،‬وحوادث متعددة‪ ،‬إال أنه قد ُرتب ترتيبا عجيبا؛ حبيث‬
‫ال ترى فيه خلال بني آايته‪ ،‬وال تنافرا بني كلماته‪ ،‬وال تناقضا يف معانيه‪ ،‬وال اختالفا‬
‫يف مقاصده ومراميه‪.‬‬
‫قال تعاىل‪ ﴿ : :‬سورة هود ‪ .‬اآلية‪ ﴿ ،)۱(﴾ ۱ :‬سورة النساء ‪ .‬اآلية‪﴾ ٨٢ :‬‬
‫(‪.)۲‬‬

‫_________‬
‫(‪ )۱‬سورة هود ‪ .‬اآلية‪.۱ :‬‬
‫(‪ )۲‬سورة النساء ‪ .‬اآلية‪.٨٢ :‬‬
‫تفسري القرآن‬
‫‪ -١‬تعريف التفسري‪:‬‬
‫رت الكلمة إذا‬
‫كلمة التفسري يف اللغة معناها‪ :‬اإليضاح والتبيني‪ ،‬تقول‪ :‬فس ُ‬
‫وضحت معناها وبينته‪.‬‬
‫(‪.)۱‬‬ ‫قـ ــا تعـ ــاىل‪ ﴿ :‬سورة الفرقان ‪ .‬اآلية‪﴾ ٣٣ :‬‬
‫أي‪ :‬توضيحا وتبيينا‪.‬‬
‫والتفسري اصطالحا‪ :‬علم يُبحث فيه عن مراد هللا تعاىل من كالمه بقدر الطاقة‬
‫البشرية‪.‬‬
‫‪ - ۲‬مناهج التفسري‪:‬‬
‫سلك العلماء منهجني أساسيني لتحصيل معاين القرآن الكري مها‪:‬‬
‫(ب) التفسري ابلرأي‪.‬‬ ‫(أ) التفسري ابملأثور‪.‬‬
‫التفسري ابملأثور‪:‬‬
‫تعريفه‪ :‬هو بيان معىن اآلية مبا ورد يف القرآن‪ ،‬أو السنة‪ ،‬أو أقوال الصحابة‬
‫والتابعني ‪.‬‬
‫مكانته‪:‬‬
‫هو أفضل أنواع التفسري وأعالها؛ ألن التفسري ابملأثور إما أن يكون تفسريا‬
‫للقرآن بكالم هللا تعاىل‪ ،‬فهو أعلم مبراده‪ ،‬وإما أن يكون تفسريا للقرآن بكالم‬
‫بني لكالم هللا تعاىل‪ ،‬وإما أن يكون أبقوال الصحابة‪ ،‬فـ ُهم‬
‫الرسول ﷺ فهو املُ ُ‬

‫____________‬
‫(‪ )۱‬سورة الفرقان ‪ .‬اآلية‪.٣٣ :‬‬
‫الذين شاهدوا التنزيل‪ ،‬وهم أهل اللسان‪ ،‬ومتيزوا عن غريهم مبا شاهدوه من‬
‫القرائن واألحوال حني النزول‪ ،‬أو أبقوال التابعني الذين عاصروا أصحاب‬
‫رسول هللا ﷺ‪.‬‬
‫أنواعه‪ :‬التفسري ابملأثور نوعان‪:‬‬
‫‪ - ١‬ما توافرت األدلة على صحته‪ .‬فهذا جيب قبوله‪ ،‬وال جيوز العدول عنه‪.‬‬
‫‪ - ٢‬ما مل يصح‪ ،‬فيجب رده‪ ،‬وال جيوز قبوله‪ ،‬وال االشتغال به إال للتحذير منه‪.‬‬
‫مصادره‪:‬‬
‫أهم ((طرق التفسري ابملأثور)) هي‪:‬‬
‫‪ - ١‬القرآن‪:‬‬
‫تفسري القرآن ابلقرآن أفضل طرق التفسري‪ ،‬ومن أمثلته تفسري الكلمات يف‬
‫قوله تعاىل‪ ﴿ :‬سورة البقرة ‪ .‬اآلية‪ .)۱(﴾ ٣٧ :‬بقوله تعاىل‪ ﴿ :‬سورة األعراف ‪ .‬اآلية‪﴾ ٢٣ :‬‬
‫(‪.)۲‬‬

‫‪ - ٢‬السنة‪:‬‬
‫ومبينة له‪.‬‬
‫إذا مل جتد تفسري القرآن يف القرآن فعليك ابلسنة‪ ،‬فإّنا شارحة للقرآن ُ‬
‫قال تعاىل‪:‬‬
‫(‪.)٣‬‬ ‫﴿ سورة النحل ‪ .‬اآلية‪﴾ ٤٤:‬‬
‫ومن أمثلة تفسري القرآن ابلسنة‪ :‬تفسري اخليط األبيض واخليط األسود أبنه‬
‫بياض النهار وسواد الليل‪.‬‬

‫__________‬
‫(‪ )۱‬سورة البقرة ‪ .‬اآلية‪.٣٧ :‬‬
‫(‪ )۲‬سورة األعراف ‪ .‬اآلية‪.٢٣ :‬‬
‫(‪ )۳‬سورة النحل ‪ .‬اآلية‪.٤٤ :‬‬
‫‪ -‬أقوال الصحابة‪:‬‬
‫وإذا مل جتد تفسري القرآن يف القرآن وال يف السنة‪ ،‬فعليك بتفسري الصحابة رضي‬
‫هللا عنهـم فإّنم أعلم بذلك؛ لما اختُصوا به من جمالسة الرسول ﷺ ومشاهدة‬
‫القرائن واألحـداث والوقائع‪ .‬ومـن أمثلـة تفسري القرآن أبقـوال الصحابة‪:‬‬
‫مـا ورد عن ابن عباس من تفسري (األب) يف قوله تعاىل‪ ﴿ :‬سورة عبس ‪ .‬اآلية‪﴾ ٣١ :‬‬
‫(‪)۱‬‬

‫ابلكأل واملرعى‪ ،‬وهو ما أتكله البهائم‪.‬‬


‫‪ - ٤‬أقوال التابعني‪ :‬فقد ورد عنهم قدر غري قليل يف التفسري ابملأثور‪.‬‬
‫أهم املؤلفات يف التفسري ابملأثور‪:‬‬
‫‪ - ١‬جامع البيان عن أتويل آي القرآن‪:‬‬
‫(‪) ۲‬‬ ‫مؤلفه‪ :‬أبو جعفر حممد بن جرير الطربي‪ ،‬شيخ املفسرين‪ُ ،‬ولد يف طربستان‬
‫ببالد فارس سنة ‪٢٢٤‬هـ وتُويف يف بغداد سنة ‪٣١٠‬هـ‪.‬‬
‫ويتميز تفسريه مبزااي منها‪:‬‬
‫(أ) اعتماده على التفسري ابملأثور عن الرسول ﷺ وأصحابه والتابعني‪.‬‬
‫(ب) التزامه بذكر اإلسناد يف الرواية‪.‬‬
‫(ج) عنايته بتوجيه األقوال والرتجيح‪.‬‬
‫(د) ذكره لوجوه اإلعراب‪.‬‬
‫(هـ) ذكره للقراءات القرآنية وتوجيهها‪.‬‬

‫__________‬
‫(‪ )۱‬سورة عبس ‪ .‬اآلية‪.٣١ :‬‬
‫(‪ )۲‬الطرب‪ :‬هو الذي يشقق به األحطاب‪ ،‬و(ستان) الناحية واملوضع‪.‬‬
‫(و) دقته يف استنباط األحكام الشرعية من اآلايت‪.‬‬
‫‪. ۲‬تفسري القرآن العظيم البن كثري‪:‬‬
‫مؤلفه‪ :‬أبو الفداء عماد الدين إمساعيل بن عمرو بن كثري الدمشقي‪ ،‬ولد يف‬
‫بُصرى يف الشام سنة‪٧٠٠ :‬هـ‪ ،‬وتُويف سنة‪٧٧٤ :‬هـ‪.‬‬
‫ويُعد تفسريه من أشهر كتب التفسري ابملأثور بعد تفسري ابن جرير الطربي‪.‬‬
‫ويتميز مبا يلي‪:‬‬
‫(أ) يذكر اآلية‪ ،‬مث يُفسرها بعبارة سهلة موجزة‪.‬‬
‫(ب) جيمع اآلايت املناسبة لآلية‪ ،‬ويُقارن بينها‪.‬‬
‫(ج) يذكر األحاديث املرفوعة اليت هلا صلة ابآلية‪ ،‬مث يردف هذا أبقوال‬
‫الصحابة والتابعني وعلماء السلف‪.‬‬
‫(د) يُعقب على ما يف التفسري ابملأثور من منكرات اإلسرائيليات غالبا مبينا‬
‫خطورهتا وحمذرا من أثرها السيئ على عقائد املسلمني‬
‫‪.‬‬
‫التفسري ابلرأي‬
‫تعريفه‪:‬‬
‫هو تفسري القرآن ابالجتهاد املستويف لشروطه‪ ،‬وهي ـ بعد توفر صحة االعتقاد‬
‫ولزوم سنة الدين ـ أن يكون ملما أبصول الدين واللغة واالشتقاق وعلوم البالغة‬
‫والفقه وأصوله وأسباب النزول ‪ ...‬إخل‪.‬‬
‫أقسامه‪:‬‬
‫ينقسم التفسري ابلرأي إىل قسمني‪:‬‬
‫‪ - ١‬التفسري ابلرأي احملمود‪:‬‬
‫وهو التفسري املُستمد من القرآن ومن سنة الرسول ﷺ‪ ،‬وكان صاحبه عاملا‬
‫ابللغة العربية وأساليبها‪ ،‬وبقواعد الشريعة وأصوهلا‪.‬‬
‫حكمه‪:‬‬
‫أجازه العلماء‪ ،‬وهلم أدلة كثرية على ذلك منها‪:‬‬
‫(‪.)۱‬‬ ‫(أ) قولـه تعـاىل‪ ﴿ :‬سورة حممد ‪ .‬اآلية‪﴾ ٢٤ :‬‬
‫وغريها من اآلايت اليت تدعو إىل التدبر يف القرآن الكري‪.‬‬
‫(ب) دعاء الرسول ﷺ البن عباس بقوله‪ (( :‬اللهم فقهه يف الدين وعلمه‬
‫التأويل ))‪ ،‬ولو كان التفسري مقصورا على النقل‪ ،‬وال جيوز االجتهاد فيه‬
‫ملا كان البن عباس ميزة على غريه‪.‬‬
‫(ج) أن الصحابة اختلفوا يف التفسري على وجوه‪ ،‬فدل على أنه من‬
‫اجتهادهم‪.‬‬
‫وهبذا يظهر أن التفسري ابلرأي احملمود جائز‪ .‬وهللا ‪ -‬تعاىل ‪ -‬أعلم‪.‬‬
‫أهم املؤلفات فيه‪:‬‬
‫مفاتيح الغيب أو التفسري الكبري‪.‬‬
‫مؤلفه‪ :‬أبو عبد هللا حممد بن عمر الرازي امللقب بفخر الدين‪ُ ،‬ولد يف الري‪-‬‬
‫ببالد فارس ‪ -‬سنة‪٥٤٤ :‬هـ‪ ،‬وتُويف سنة‪ ٦٠٦ :‬هـ‪.‬‬

‫_________‬
‫(‪ )۱‬سورة حممد ‪ .‬اآلية‪.٢٤ :‬‬
‫ويُعد تفسريه من أوسع التفاسري‪ ،‬فقد أتثر كثريا ابلعلوم العقلية‪ ،‬فتوسع‬
‫فيها‪ ،‬وسلك يف تفسريه مسلك احلكماء والفالسفة وعلماء الكالم‪ ،‬واستطرد يف‬
‫العلوم الرايضية والطبيعية والفلكية واملسائل الطبية‪.‬‬
‫‪- ٢‬التفسري ابلرأي املذموم‪:‬‬
‫التفسري مبجرد الرأي واهلوى‪.‬‬
‫وأكثر الذين فسروا القرآن مبجرد الرأي هم أهل األهواء والبدع‪ ،‬الذين‬
‫اعتقدوا معتقدات ابطلة ليس هلا سند وال دليل‪ ،‬ففسروا آايت القرآن اب يُوافق‬
‫آراءهم ومعتقداهتم الزائفة‪ ،‬ومحلوها على ذلك مبجرد الرأي واهلوى‪.‬‬
‫حكمه‪:‬‬
‫حرام‪ ،‬واألدلة على ذلك كثرية منها‪:‬‬
‫(‪.)۱‬‬ ‫‪۱‬ـ قوله تعاىل‪ ﴿ :‬سورة األعراف ‪ .‬اآلية‪﴾ ٣٣ :‬‬
‫(‪.)۲‬‬ ‫‪۲‬ـ وقوله سبحانه‪ ﴿ :‬سورة اإلسراء ‪ .‬اآلية‪﴾ ٣٦ :‬‬

‫_____________‬
‫(‪ )۱‬سورة األعراف ‪ .‬اآلية‪.٣٣ :‬‬
‫(‪ )۲‬سورة اإلسراء ‪ .‬اآلية‪.٣٦ :‬‬
‫أهم املؤلفات فيه‪:‬‬
‫مرآة األنوار ومشكاة األسرار‪.‬‬
‫مؤلفه‪ :‬هو املوىل عبد اللطيف الكازرانی‪.‬‬
‫ويـُعد هذا التفسري مرجعا مهما من مراجع التفسري عند اإلمامية االثنا عشرية‬
‫‪ -‬فرقة من فرق الشيعة ‪ -‬وأصال لمن يريد أن يقف على مدى أتثري عقيدة صاحبه‬
‫يف فهمه لكتاب هللا‪ ،‬وتنزيله لنصوصه على وفق ميوله املذهبية‪ ،‬وهواه الشيعي‪.‬‬
‫أهداف الدراسة‬
‫بنهاية دراسة مادة التفسري يُتوقع من الطالب أن‪:‬‬
‫‪ - ١‬يعرف مقاصد سور جزء عم‪ ،‬وما اشتملت عليه من موضوعات‪.‬‬
‫‪ - ٢‬يعرف معاين املفردات الغامضة‪.‬‬
‫‪ - ٣‬يقف على التفسري التحليلي لآلايت‪.‬‬
‫‪ - ٤‬يقف على أوجه اإلعراب املعينة على استيعاب املعاين‪.‬‬
‫‪ - ٥‬يتذوق األسرار البالغية للقرآن الكري من خالل سور جزء عم‪.‬‬
‫‪ - ٦‬يستنبط الدروس املستفادة من السور‪.‬‬
‫سورة النبأ‬
‫(مكية وهي‪ :‬أربعون آية)‬
‫سورة النبأ ‪ .‬اآلية‪٥-۱ :‬‬
‫________________________________________________________________‬
‫النبأ العظيم‬
‫﴿ عم ﴾ أصله ((عن ما))‪ ،‬مث أُدغمت النون يف امليم‪ ،‬فصار ﴿ عما ﴾‪ ،‬مث حذفت‬
‫األلف ختفيفا؛ لكثرة االستعمال يف االستفهام‪ ،‬فصار ﴿ عم ﴾‪ ،‬وهذا استفهام ليس على‬
‫حقيقته؛ إذ املراد به تفخيم املُستفهم عنه؛ ألنه تعاىل ال ختفى عليه خافية ﴿ يـتسآءلُون ﴾‬
‫يسأل بعضهم بعضا؛ أو يسألون غريهم من املؤمنني‪ ،‬والضمري ألهل مكة حيث‬
‫كانوا يتساءلون فيما بينهم عن البعث ويسألون املؤمنني عنه على طريق االستهزاء‬
‫﴿ عن النـبإ العظيم ﴾ أي‪ :‬البعث‪ ،‬وهو بيان للشأن املفخم؛ وتقديره‪ :‬عم يتساءلون؟‬
‫يتساءلون عن النبإ العظيم ﴿ الذي ُهم فيه ُخمتل ُفون ﴾ فمنهم من يقطع إبنكاره ومنهم‬
‫من يشك‪ ،‬وقيل‪ :‬الضمري للمسلمني والكافرين‪ ،‬وكانوا مجيعا يتساءلون عنه‪،‬‬
‫فاملسلم يسأل ليزداد خشية‪ ،‬والكافر يسأل استهزاء‪ ﴿ .‬كال ﴾ حرف ردع وزجر‬
‫عن االختالف‪ ،‬واملراد‪ :‬الردع عن االختالف أو التساؤل هزؤا‪ ﴿ .‬سيـعل ُمون ﴾ هذا‬
‫وعيد هلم أبّنم سوف يعلمون عيان أن ما يتساءلون عنه حق‪ ﴿ ،‬كالسيـعل ُمون ﴾‬
‫كرر حرف الردع للتشديد‪ ،‬و ((مث)) هنا للرتتيب الزمين واملعنوي‪ ،‬مما يُشعر أبن‬
‫الثاين أبلغ من األول وأشد‪.‬‬
‫سورة النبأ ‪ .‬اآلية‪۱٤-٦ :‬‬
‫________________________________________________________________‬
‫من أدلة القدرة اإلهلية يف السورة‬
‫ۡ ۡ‬
‫﴿ أ ۡمل َنعل ٱأل ۡرض م َٰهدا ﴾ ملا أنكروا البعث‪ ،‬قيل هلم‪ :‬أمل خيلُق من أُضيف إليه‬
‫البعث هذه اخلالئق العجيبة؛ فلم تنكرون قدرته على البعث‪ ،‬وما هو إال اخرتاع‬
‫كهذه االخرتاعات؟ أو قيل هلم‪ :‬مل فعل هذه األشياء؟! واحلكيم جل شأنه ال‬
‫يفعل عبئا‪ ،‬وإنكار البعث يؤدي إىل أنه عابث يف كل ما فعل؟‪ ﴿ .‬م َٰهدا ﴾ فراشا‬
‫ۡ‬
‫فرشناها لكم حىت سكنتموها ﴿ وٱجلبال أ ۡواتدا ﴾ لألرض لئال متيد ‪ -‬أي تضطرب‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫وتتحرك ‪ -‬بكم ﴿ وخلق َٰن ُك ۡم أزَٰوجا ﴾ ذكرا و أنثى‪ ﴿ .‬وجعلنا نـ ۡوم ُك ۡم ُسباات ﴾ قطعا‬
‫ۡ‬
‫ت‪ :‬القطع‪ ﴿ ،‬وجعلنا ٱل ۡيل لباسا ﴾ سرتايسرتكم‬ ‫ألعـالكـم وراحة ألبدانكم‪ ،‬والسب ُ‬
‫ۡ‬
‫عن العيون إذا أردمت إخفاء ما ال حتبون االطالع عليه‪ ﴿ .‬وجعلنا ٱلنـهار معاشا ﴾‬
‫وقت معاش تتقلبون يف حوائجكم ومكاسبكم‪.‬‬
‫﴿ وبـنـ ۡيـنا فـ ۡوق ُك ۡم س ۡبـعا ﴾ سبع مسوات ﴿ شدادا ﴾ مجع شديدة أي‪ُ :‬حمكمة‬
‫قوية ال يؤثر فيها مرور الزمان‪ ،‬أو غالظا غلظ كل واحدة مسرية مخسمائة عام‪.‬‬
‫ۡ‬
‫﴿ وجعلنا سراجا وهاجا ﴾ مضيئا وقادا أي‪ :‬جامعا للنور واحلرارة؛ واملراد الشمس‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫﴿ وأنزلنا من ٱل ُم ۡعصرَٰت ﴾ أي‪ :‬السحائب إذا أعصرت أي شارفت أن تعصرها‬
‫الرايح فتُمطر‪ ،‬أو الرايح ألّنا تنشئ السحاب وتدر األخالف‪ :‬مجع خلف وهو‬
‫الضرع (أي تنزل ماء دافقا منهمرا بشدة وقوة) (تشبيه ابلضرع احلافل ابللنب)‬
‫سورة النبأ ‪ .‬اآلية‪۲۱-۱٤ :‬‬
‫________________________________________________________________‬
‫ۡ‬
‫فيصح أن جتعل مبدأ لإلنزال‪ ﴿ .‬مآء ثجاجا ﴾ ُمنصبا بكثرة ﴿ لنُخرج بهۦ ﴾‪ ،‬ابملاء‬
‫كالرب والشعري ﴿ ونـباات ﴾ وكأل ﴿ وج َٰنت ﴾ بساتني ﴿ ألفافا ﴾ ملتفة‬
‫﴿ حبا ﴾ ُ‬
‫األشجار واحدها لف كجذع وأجذاع‪ ،‬أو لفيف كشريف وأشراف‪ ،‬أو ال واحد‬
‫له كأوزاع‪ ،‬أو هي مجع اجلمع؛ فهي مجع لُف واللف مجع لفاء وهي شجرة جمتمعة‪.‬‬
‫مشاهد من يوم القيامة‬
‫ۡ‬
‫﴿ إن يـ ۡوم ٱلف ۡصل ﴾ بني احملسن واملسيء واحملق واملبطل ﴿ كان م َٰيقتا ﴾ وقتا‬
‫خ﴾‬‫حمددا ومنتهى معلوما لوقوع اجلزاء‪ ،‬أو ميعادا للثواب والعقاب‪ ﴿ .‬يـوم يُنف ُ‬
‫ۡ‬
‫بدل من ﴿ يـ ۡوم ٱلف ۡصل ﴾ أو عطف بيان ﴿ يف ٱلصور ﴾ يف القرن (هو البوق املُعد‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫للنفختني)‪ ﴿ .‬فـتأتُون أفـواجا ﴾ حال؛ أي مجاعات خمتلفة أو أمما كل أمة مع رسوهلا‬
‫﴿ وفُتحت ٱلسمآءُ ﴾ قرأ ابلتخفيف‪ :‬عاصم ومحزةُ والكسائي‪ ،‬أي‪ُ :‬شقت لنزول‬
‫ۡ‬
‫املالئكة ﴿ فكانت أ ۡبـ َٰواب ﴾ فصارت ذات أبواب وطرق وفروج وما هلا اليوم من‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ال ﴾ عن وجه األرض ﴿ فكانت سرااب ﴾ أي هباء ُختيل‬ ‫فروج ﴿ و ُسريت ٱجلب ُ‬
‫الشمس أنه ماء‪.‬‬
‫ُ‬
‫عقاب الطاغني‬
‫ۡ‬
‫﴿ إن جهنم كانت م ۡرصادا ﴾ طريقا عليه ممر اخللق‪ ،‬فاملؤمن مير عليها والكافر‬
‫يدخلها‪ .‬وقيل‪ :‬املرصاد‪ :‬احلد الذي يكون فيه الرصد‪ ،‬أي‪ :‬هي حد الطاغني‬
‫الذي يرصدون فيه للعذاب وهي مآهبم‪ ،‬أو هي مرصاد ألهل اجلنة ترصدهم‬

You might also like