You are on page 1of 28

‫العمارة المغربية‬

‫يشير مصطلح العمارة المغربية إلى الفن المعماري المميز لـ المغرب عبر التاريخ وحتى العصر الحديث‪ .‬وقد انعكس التنوع‬
‫الجغرافي للبﻼد وتاريخها العريق‪ ،‬واشتهارها بموجات متتالية من المستوطنين من خﻼل الهجرة والغزو العسكري‪ ،‬على هندستها‬
‫المعمارية‪ .‬يتراوح هذا التراث المعماري من الرومانية القديمة والبربر )اﻷمازيغ( إلى استعمار القرن العشرين والعمارة الحديثة‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬فإن العمارة "المغربية" اﻷكثر تميزا ً هي العمارة التقليدية التي تطورت في الفترة اﻹسﻼمية )القرن السابع وما بعده(‪ ،‬والتي‬
‫تهيمن على الكثير من تاريخ المغرب الموثق وتراثها الحالي‪ .‬حيث كانت هذه "العمارة اﻹسﻼمية" في المغرب جزءا ً من مجمع ثقافي‬
‫وفني واسع‪ ،‬وغالبا ً ما يشار إليها باسم "العمارة المورسكية"‪ ،‬التي وصفت المغرب‪ ،‬اﻷندلس )إسبانيا المسلمة والبرتغال( وأجزاء من‬
‫الجزائر وحتى تونس‪ .‬وقد مزجت تأثيرات من الثقافة المعمارية لـ البربر في شمال إفريقيا‪ ،‬وإسبانيا ما قبل اﻹسﻼم من العمارة )‬
‫الرومانية‪ ،‬و البيزنطية‪ ،‬وفن القوطيين(‪ .‬باﻹضافة إلى التيارات الفنية المعاصرة في الشرق اﻷوسط اﻹسﻼمي لتطوير أسلوب فريد‬
‫من نوعه على مر القرون مع صفات مميزة مثل قوس مورسكية‪ ،‬وحدائق الرياض )حدائق فناء ذات تقسيم متماثل من أربعة أجزاء(‪،‬‬
‫وزخارف هندسية وزخرفة العربية من الخشب‪ ،‬وجص‪ ،‬وبﻼط )ﻻ سيما "بﻼط زليج"(‪.‬‬

‫بالرغم من أن العمارة المغربية البربرية ليست منفصلة تماما ً عن بقية العمارة المغربية‪ ،‬إﻻ أن العديد من الهياكل واﻷساليب‬
‫المعمارية مرتبطة بشكل مميز بالمناطق التي يهيمن عليها البربر أو البربر في المغرب مثل جبال اﻷطلس والصحراء ومناطق ما قبل‬
‫الصحراء‪ .‬كما تتميز معظم هذه المناطق الريفية بالعديد من القصبة )الحصون( و " القصور" )القرى المحصنة( التي شكلتها‬
‫الجغرافيا المحلية والبنى اﻻجتماعية‪ ،‬منها ومن أشهرها آيت بن حدو‪ .‬وعادة ما تكون مصنوعة من صدم اﻷرض ومزخرفة‬
‫بزخارف هندسية محلية‪ .‬بعيدا ً عن العزلة عن التيارات الفنية التاريخية اﻷخرى من حولهم‪ ،‬قام بربر المغرب )وعبر شمال إفريقيا(‬
‫بتكييف أشكال وأفكار العمارة اﻹسﻼمية مع ظروفهم الخاصة وساهموا بدورهم في تشكيل الفن اﻹسﻼمي الغربي‪ ،‬خاصة خﻼل‬
‫هيمنتهم السياسية على المنطقة على مدى قرون من حكم سﻼلة المرابطين‪ ،‬الموحدون‪ ،‬والسلطة المرينية‪.‬‬
‫تتضمن العمارة الحديثة في المغرب العديد من اﻷمثلة من أوائل القرن العشرين كالـآرت ديكو والمحلية المورسيكي الجديدة )أو‬
‫شيدت خﻼل اﻻحتﻼﻻت الفرنسية و اﻹسبانية‪ ،‬اﻻستعمارية للبﻼد بين عامي ‪ 1912‬و ‪) 1956‬أو حتى عام ‪1958‬‬ ‫"موريسك"( التي ُ‬
‫بالنسبة ﻹسبانيا(في أواخر القرن العشرين‪ ،‬بعد أن استعاد المغرب استقﻼله‪ ،‬استمرت بعض المباني الجديدة في تشيد العمارة‬
‫والزخارف المغربية التقليدية )حتى عندما صممها مهندسون معماريون أجانب(‪ ،‬كما يتضح من ضريح الملك محمد الخامس )اكتمل‬
‫عام ‪ (1971‬و مسجد الحسن الثاني الضخم في الدار البيضاء )اكتمل عام ‪ .(1993‬تتجلى العمارة الحديثة أيضا ً في اﻹنشاءات‬
‫المعاصرة‪ ،‬ليس فقط للهياكل اليومية العادية ولكن أيضا ً في المشاريع المرموقة الكبرى‪.‬‬

‫التاريخ‪:‬‬
‫من العصور القديمة إلى أوائل العصر اﻹسﻼمي )حتى القرن العاشر(‬
‫بالرغم من أنها لم توثق بشك ٍل جيد‪ ،‬فقد هيمن السكان البربر اﻷصليون على الفترات التاريخية المبكرة للمغرب )ﻻ يزالون موجودين‬
‫حتى اليوم(‪ ،‬حتى ممالك البربر في موريتانيا‪ .‬كان اﻻحتﻼل الروماني واﻻستيطان أقل اتساعا ً من المناطق المجاورة اﻷخرى مثل‬
‫إسبانيا أو "إفريقيا" )تونس( كما غادر مواقع بارزة مثل وليلي أيضاً‪ ،‬والتي كانت بمثابة مركز حضري مهم في وقت مبكر‪ .‬في أوائل‬
‫القرن الثامن‪ ،‬أصبحت المنطقة مندمجة بشكل مطرد في العالم اﻹسﻼمي الناشئ‪ ،‬بدءا ً من التوغﻼت العسكرية على يد موسى بن‬
‫نصير وأصبحت أكثر تحديدا ً مع ظهور من السﻼلة اﻹدريسية في نهاية ذلك القرن‪ .‬حيث كان وصول اﻹسﻼم ضروريا ً للغاية ﻷنه‬
‫طور مجموعة جديدة من المعايير المجتمعية )على الرغم من أن بعضها كان مألوفًا لمجتمعات التراث اليهودي المسيحي والمؤسسات‬
‫التي شكلت إلى حد ما‪ ،‬أنواع المباني التي تُشيد والقيم الجمالية أو الروحية التي وجهت تصميمهم‪ .‬أسس اﻹدريسيون مدينة فاس‪ ،‬التي‬
‫أصبحت عاصمتهم والمركز السياسي والثقافي الرئيسي لﻺسﻼم المبكر في المغرب‪ .‬في هذه الفترة المبكرة‪ ،‬استوعب المغرب أيضا ً‬
‫موجات من المهاجرين من تونس واﻷندلس )ومسلمي إسبانيا والبرتغال‪ ،‬الذين جلبوا التأثيرات الثقافية والفنية من بلدانهم اﻷصلية‪.‬‬
‫أقدم وأشهر اﻵثار التي بُنيت خﻼل العصر اﻹسﻼمي في المغرب‪ ،‬مثل جامعة القرويين ومسجد اﻷندلسيين في فاس‪ ،‬على شكل أعمدة‬
‫مبكرا من قوس حدوة الفرس أو قوس "المورسكية"‪ .‬كما تعكس هذه التأثيرات المبكرة من المعالم اﻷثرية الكبرى مثل‬ ‫ً‬ ‫واستخدمت‬
‫الجامع الكبير بالقيروان ومسجد قرطبة الكبير‪ .‬في القرن العاشر‪ ،‬دخل جزء كبير من شمال المغرب مباشرة في دائرة نفوذ الخﻼفة‬
‫اﻷموية في قرطبة‪ ،‬بمنافسة مع الخﻼفة الفاطمية شرقاً‪ .‬تشمل المساهمات المبكرة في العمارة المغربية من هذه الفترة التوسعات في‬
‫مساجد القرويين واﻷندلسيين وإضافة المأذن المربعة‪ ،‬وهي أقدم المساجد الباقية في المغرب‪ ،‬والتي تتوقع الشكل القياسي للمآذن‬
‫المغربية الﻼحقة‪.‬‬
‫إمبراطوريات البربر‪ :‬المرابطون والموحدين )القرنان الحادي عشر والثالث عشر(‬
‫تبع انهيار خﻼفة قرطبة في أوائل القرن الحادي عشر حروب اﻻسترداد في اﻷندلس اﻹسﻼمية وصعود إمبراطوريات أمازيغية كبرى‬
‫في المغرب‪ .‬تضمنت اﻷخيرة أول سﻼلة المرابطين )في القرنان الحادي عشر والثاني عشر( ومن ثم الموحدين )في القرنان الثاني‬
‫عشر والثالث عشر(‪ ،‬وكﻼهما سيطر أيضا ً على اﻷراضي اﻹسﻼمية المتبقية في اﻷندلس‪ ،‬وأقام إمبراطوريات امتدت عبر أجزاء‬
‫تكونا ً في العمارة المغربية والعمارة المورسكية‪ ،‬حيث‬
‫كبيرة من غرب وشمال إفريقيا وأوروبا‪ .‬وتعتبر هذه الفترة من أكثر المراحل ّ‬
‫صقلت في القرون التابعة‪ .‬كانت هاتان اﻹمبراطوريتان مسؤولتان عن إنشاء عاصمة‬ ‫أسست العديد من اﻷشكال والزخارف التي ُ‬
‫إمبراطورية جديدة في مراكش‪ ،‬كما وبدأ الموحدون أيضا ً في بناء العاصمة البارزة في الرباط‪ .‬تبنى المرابطون التطورات المعمارية‬
‫لﻸندلس‪ ،‬مثل اﻷقواس المتشابكة المعقدة للجامع الكبير في قرطبة وقصر الجعفرية في سرقسطة‪ ،‬مع إدخال تقنيات زخرفية شرقية‬
‫جديدة مثل "المقرصنات" )المنحوتات "الهوابط" أو "نخروب"(‪ .‬غالبا ً ما تُعتبر المساجد الموحدية كمسجد الكتبية ومسجد تينمل نماذج‬
‫أولية للمساجد المغربية الﻼحقة‪ .‬باﻹضافة إلى المآذن الضخمة )مثل مئذنة الكتبية‪ ،‬جيرالدا من إشبيلية‪ ،‬و برج حسن بالرباط(‬
‫وبوابات الزينة )على سبيل المثال باب أگناو في مراكش‪ ،‬و باب عودة و باب الرواح في الرباط( من الفترة الموحدية مخططات‬
‫الزخرفة الشاملة التي تكررت في هذه العناصر المعمارية من ذلك الحين فصاعداً‪ .‬وقد كانت مئذنة مسجد القصبة بمراكش مؤثرة‬
‫بشكل خاص‪ ،‬ووضعت أسلوبا ً قد تكرر مع بعض التفاصيل‪ ،‬في الفترة المرينية التي تلتها‪ .‬كما روج المرابطون والموحدون لتقليد‬
‫إنشاء عقارات الحدائق في ريف عاصمتهم‪ ،‬مثل حديقة المنارة وحديقة أكدال في ضواحي مراكش‪ .‬في أواخر القرن الثاني عشر‪،‬‬
‫أنشأ الموحدون منطقة قصر محصنة جديدة‪ ،‬قصبة مراكش‪ ،‬لتكون بمثابة مقر إقامتهم الملكي ومركزهم اﻹداري‪ .‬وقد كانت لهذه‬
‫التقاليد والسياسات سوابق في اﻷندلس سابقاً‪ ،‬مثل إنشاء مدينة الزهراء بالقرب من قرطبة وتكرر ﻻحقا ً من قبل حكام المغرب‬
‫المستقبليين‪.‬‬

‫المرينيون )في القرنان الثالث والخامس عشر(‬


‫كما كان لبربر السﻼلة المرينية أهمية كبيرة أيضًا في زيادة صقل اﻹرث الفني الذي أسسه أسﻼفهم‪ .‬وقد تأسسوا في فاس‪ ،‬حيث‬
‫قاموا ببناء آثار ذات زخارف شاملة ومعقدة بشكل متزايد‪ ،‬ﻻ سيما من الخشب والجص‪ .‬كما كانوا أول من نشروا استخدام "زليج"‬
‫)الفسيفساء المعقدة على أسطح البﻼط بـ أنماط هندسية( على نطاق واسع‪ .‬والجدير بالذكر أنهم كانوا أول من شيد المدارس‪ ،‬وهو نوع‬
‫من المؤسسات التي أُنشأت في إيران وانتشرت غرباً‪ .‬ومن أشهر مدارس فاس‪ ،‬مثل مدرسة أبو عنانية‪ ،‬ومدرسة العطارين‪،‬‬
‫الصهريج‪ ،‬إضافةً إلى المدرسة المرينية في مدينة سﻼ واﻷخرى مدرسة أبو عنانية في مكناس‪ ،‬تعتبران من بين أعظم اﻷعمال‬
‫المعمارية في هذه الفترة‪ .‬وبينما اتبعت هندسة المساجد إلى حد كبير نموذج الموحدين‪ ،‬كانت أحد التغييرات الملحوظة هو الزيادة‬
‫أو الفناء‪ ،‬والذي كان في السابق عنصرا ً ثانويا ً في مخطط اﻷرضية ولكن فيما بعد أصبحت في فترة "‪ "sahn‬التدريجية في حجم‬
‫السعديين كبيرة مثل قاعة الصﻼة الرئيسية‪ ،‬وأحيانا ً أكبر‪ .‬مثل الموحدين من قبلهم‪ ،‬أنشأ المرينيون قصرا ً مدينة منفصلة ﻷنفسهم‪ .‬هذه‬
‫المرة خارج فاس‪ .‬حيث عرفت فيما بعد باسم فاس الجديد‪ ،‬كانت هذه القلعة المحصنة الجديدة تحتوي على مجموعة من الجدران‬
‫المزدوجة للدفاع‪ ،‬وهي المسجد الكبير‪ ،‬حديقة ملكية واسعة في الشمال تُعرف باسم حديقة الموسارا‪ ،‬مساكن لمسؤولين حكوميين‪،‬‬
‫وثكنات للحاميات العسكرية‪ .‬وتبع ذلك‪ ،‬ربما في القرن الخامس عشر‪ ،‬إنشاء حي يهودي جديد على جهته الجنوبية‪ ،‬وهو أول "مﻼح"‬
‫في المغرب‪ ،‬مما أدى إلى إنشاء أحياء مماثلة في مدن مغربية أخرى في فترات ﻻحقة‪ .‬حيث ارتبط الفن المعماري في عهد المرينيين‬
‫ارتباطا ً وثيقا ً بتلك الموجودة في إمارة غرناطة‪ ،‬في إسبانيا في ظل اﻷسرة الحاكمة بنو نصر‪ .‬وهكذا تذكر زخرفة قصر الحمراء‬
‫غزيت غرناطة في عام ‪ 1492‬على يد ملوك إسبانيا الكاثوليكية وانتهت آخر مملكة‬ ‫شي َد في فاس في ذات الوقت‪ .‬وعندما ُ‬‫الشهير بما ُ‬
‫إسﻼمية في اﻷندلس‪ ،‬وفرا العديد المسلمون اﻹسبان )واليهود( الذين بقوا إلى المغرب وشمال إفريقيا‪ ،‬مما زاد النفوذ اﻷندلسي في هذه‬
‫المناطق في اﻷجيال الﻼحقة‪.‬‬

‫السﻼﻻت الشريفية‪ :‬السعديون والعلويون في )القرنان السادس عشر والتاسع عشر(‬


‫يعد انتهاء سﻼلة المرينيين جاءت سﻼلة السعديين‪ ،‬والتي شكلت تحوﻻ ً سياسيا ً من اﻹمبراطوريات التي يقودها البربر إلى السلطنات‬
‫اﻵتية بقيادة السﻼﻻت الحاكمة العرب الشريفين‪ .‬حيث كان هناك استمرارية شاملة من الناحية الفنية والمعمارية‪ ،‬ويرى العلماء‬
‫المعاصرون أن السعديين مستمرون في تحسين النمط المورسيكي المغربي الحالي‪ ،‬مع اعتبار بعضهم أن أضرحة السعديين في‬
‫مراكش‪ ،‬هي أحد أوج هذا اﻷسلوب‪ .‬بدءا ً من السعديين‪ ،‬واستمرارا ً مع العلويين )خلفاؤهم والنظام الملكي السائد اليوم(‪ ،‬يصور‬
‫العلماء المعاصرون )العالم الغربي( الفن والعمارة المغربية على أنها بقيت أساسية "محافظة"؛ مما يعني أنه استمر في إعادة إنتاج‬
‫النمط الحالي بدقة عالية ولكنه لم يقدم ابتكارات جديدة كبرى‪ .‬كان السعديون‪ ،‬وﻻ سيما في عهد السﻼطين عبد الله الغالب و أحمد‬
‫المنصور‪ ،‬بناة على نطاق واسع واستفادوا من موارد اقتصادية كبيرة في ذروة قوتهم في أواخر القرن السادس عشر‪ .‬باﻹضافة إلى‬
‫قبور السعديين‪ ،‬قاموا أيضا ً ببناء مدرسة بن يوسف والعديد من المساجد الكبرى في مراكش بما في ذلك مسجد المواسين ومسجد باب‬
‫دكالة‪ .‬يتميز هذان المسجدان بكونهما جز ًءا من أكبر مجموعة من مجمعات خيرية متعددة اﻷغراض بما في ذلك العديد من المباني‬
‫اﻷخرى مثل النوافير العامة الحمامات والمدارس الدينية والمكتبات‪ .‬حيث كان هذا بمثابة تحول عن اﻷنماط السابقة للرعاية المعمارية‬
‫وقد يكون متأثرا َ بتقليد بناء مثل هذه المجمعات في العمارة المملوكية في مصر و "ال ُكلية" العثمانية المرتبطة بالهندسة المعمارية‪.‬‬
‫أعاد السعديون أيضا ً بناء مجمع القصر الملكي في قصبة مراكش ﻷنفسهم‪ ،‬حيث شيد أحمد المنصور قصر البديع الشهير )الذي بني‬
‫بين ‪ 1578‬و‪ (1593‬والذي اشتهر بزخارفه الفائقة ومواد البناء باهظة الثمن بما في ذلك الرخام اﻹيطالي‪.‬‬
‫وقد خلف العلويون السﻼلة السعدية في حكم المغرب‪ ،‬بدءا ً من موﻻي رشيد في منتصف القرن السابع عشر‪ ،‬واستمروا في حكمهم‬
‫ورمم العديد من المساجد والقصور الموجودة في المغرب حتى اليوم على يد العلويين في‬ ‫للمملكة حتى يومنا هذا‪ .‬نتيجة لذلك‪ ،‬بُني ُ‬
‫ُ‬
‫وقت أو آخر‪ .‬العديد من المقومات المعمارية المزخرفة من مباني السعديين ُجردت وأعيد استخدامها في مباني بأماكن أخرى‪،‬‬
‫وأشهرها بزخا ً قصر البديع في مراكش‪ ،‬وذلك في عهد موﻻي إسماعيل )‪ .(1727-1672‬كما يُعرف موﻻي إسماعيل أيضا ً ببنائه‬
‫مجمع القصر اﻹمبراطوري ‪-‬على غرار قﻼع القصر السابقة ولكن على نطاق أكبر من ذي قبل ‪-‬في مكناس‪ ،‬حيث بقايا هياكله‬
‫الضخمة ﻻ يزال من الممكن رؤية حتى يومنا هذا‪ .‬في عهده‪ ،‬عادت طنجة أيضا ً إلى السيطرة المغربية عام ‪ ،1684‬ويعود جزء كبير‬
‫من العمارة المغربية واﻹسﻼمية الحالية للمدينة إلى عهده أو بعده‪.‬‬
‫في عام ‪ ،1765‬بدأ السلطان محمد بن عبد الله )أحد أبناء موﻻي إسماعيل( ببناء مدينة ساحلية جديدة تسمى الصويرة )موگادور‬
‫سابقاً(‪ ،‬تقع على طول ]المحيط اﻷطلسي أقرب ما يكون إلى عاصمته في مراكش‪ ،‬حيث حاول التحرك وتقييد التجارة اﻷوروبية‪.‬‬
‫حيث استعان بمهندسين معماريين أوروبيين لتصميم المدينة‪ ،‬مما أدى إلى إنشاء مدينة مغربية فريدة من نوعها نسبيا ً ذات هندسة‬
‫معمارية من غرب أوروبا‪ ،‬وﻻ سيما في أسلوب تحصيناتها‪ .‬وبنيت تحصينات ساحلية مماثلة أو معاقل‪ ،‬والتي تُعرف عادة ً باسم‬
‫ساكاﻻ‪.‬‬
‫في نفس الوقت في مدن ساحلية أخرى مثل أنفا )الدار البيضاء( الحالية‪ ،‬الرباط‪ ،‬العرائش وطنجة‪ 409 .‬حتى أواخر القرن التاسع‬
‫عشر وأوائل القرن العشرين‪ ،‬استمر السﻼطين العلويون ووزرائهم في بناء قصور جميلة‪ ،‬يُستخدم الكثير منها اﻵن كمتاحف أو‬
‫مناطق جذب سياح‪ ،‬مثل قصر الباهية في مراكش‪ ،‬دار جامع بمكناس‪ ،‬ودار البطحاء في فاس‪.‬‬

‫العمارة الحديثة والمعاصرة‪ :‬القرن العشرين حتى الوقت الحالي‬


‫في القرن العشرين‪ ،‬تشكلت العمارة والمدن المغربية أيضا ً من خﻼل فترة السيطرة اﻻستعمارية الفرنسية )‪ (1956-1912‬وكذلك‬
‫)‪ (1912-1958‬الحكم اﻻستعماري اﻹسباني في شمال البﻼد‪.‬‬

‫حيث قدم هذا العصر أنماطا ً معمارية جديدة مثل فن اﻵرت نوڤو وآرت ديكو وأنماط أخرى الحداثية‪ ،‬باﻹضافة إلى اﻷفكار اﻷوروبية‬
‫حول التخطيط الحضري التي فرضتها سلطات اﻻستعمار‪ .‬وقد اعتمد المهندسون المعماريون والمخططون اﻷوروبيون أيضا ً على‬
‫العمارة المغربية التقليدية لتطوير أسلوب يُشار إليه أحيانا ً باسم "نيو مورسيك" )نوع من أسلوب الهندسة المعمارية المغاربية(‪ ،‬الذي‬
‫يمزج العمارة اﻷوروبية المعاصرة مع فن "باستيش" للعمارة المغربية التقليدية‪ .‬كما نقل الفرنسيون العاصمة إلى الرباط وأسسوا عدداً‬
‫من "المجتمع المخطط" )"المدن الجديدة"( بجوار المدينة )المدن القديمة المحاطة باﻷسوار( للعمل كمراكز إدارية جديدة‪ ،‬والتي نمت‬
‫منذ ذلك الحين إلى ما وراء المدن القديمة‪ .‬وبشك ٍل خاص‪ ،‬طورت الدار البيضاء إلى ميناء رئيسي وسرعان ما أصبحت المركز‬
‫الحضري اﻷكثر اكتظاظا ً بالسكان في البﻼد‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬أصبحت هندسة المدينة معرضا ً رئيسيا ً لفن اﻵرت ديكو والهندسة‬
‫المعمارية اﻻستعمارية "موريسك"‪ .‬وتشمل اﻷمثلة مباني المدنية المرموقة في ساحة محمد الخامس )"منزل محمد الخامس"(‪ ،‬و‬
‫كاتدرائية القلب المقدس‪ ،‬على طراز آرت ديكو سينما ريالتو‪ ،‬والنمط المغربي الجديد محكمة الباشا في منطقة الحبوس‪ .‬ظهرت‬
‫هندسة معمارية مماثلة في مدن رئيسية أخرى مثل الرباط وطنجة‪ ،‬مع أمثلة مثل "گران تياترو سرفانتس" في طنجة وبنك المغرب‬
‫ومباني مكتب بريد وسط مدينة الرباط‪ .‬في مكان آخر‪ ،‬تشتهر بلدة سيدي إيفني الجنوبية بعمارة آرت ديكو التي يعود تاريخها إلى‬
‫اﻻحتﻼل اﻹسباني‪.‬‬
‫أصبح إيلي أزگوري أول مهندس معماري مغربي حديث في الخمسينيات من القرن الماضي‪ .‬في أواخر القرن العشرين وحتى القرن‬
‫الحادي والعشرين‪ ،‬استمرت العمارة المغربية المعاصرة أيضا ً بتشييد العمارة التقليدية للبﻼد‪ .‬في بعض الحاﻻت‪ُ ،‬جن َد مهندسين‬
‫معماريين دوليين لتصميم المباني على الطراز المغربي للمشاريع الملكية الكبرى مثل ضريح محمد الخامس في الرباط ومسجد‬
‫شيدت في الفترة ‪-1969‬‬ ‫الحسن الثاني الضخم في الدار البيضاء‪ .‬اُستخدمت البوابات الضخمة الجديدة لـ القصر الملكي في فاس‪ ،‬التي ُ‬
‫‪ ،1971‬من الحرف اليدوية المغربية التقليدية‪ .‬تعد محطات قطار مراكش الجديدة وفاس أمثلة على اﻷشكال المغربية التقليدية التي يتم‬
‫تكييفها مع العمارة الحديثة‪ .‬كما استمر استخدام العمارة الحديثة‪ ،‬التي تجسدت في المباني مثل مسجد السنة )‪ (1966‬ومجمع مباني‬
‫برجي الدار البيضاء )‪ (1999‬في الدار البيضاء‪ .‬في اﻵونة اﻷخيرة‪ ،‬شملت بعض أمثلة القرن الحادي والعشرين لمشاريع معمارية‬
‫كبرى أو مرموقة كتوسع مطار المنارة الذي )اكتمل في عام ‪ ،(2008‬محطة القطار فائق السرعة الحائزة على جوائز في القنيطرة‬
‫)افتتحت عام ‪ ،(2018‬برج مدينة الدار البيضاء المالية بالدار البيضاء )اكتمل في ‪ 2019‬الذي يعد واحد من أطول المباني في‬
‫المغرب(‪ ،‬ومسرح الرباط الكبير الجديد لـ المهندسة ُزها حديد )من المقرر أن يكتمل أواخر عام ‪.(2019‬‬

‫التأثيرات‪:‬‬
‫الرومانية وما قبل اﻹسﻼم‬
‫كما هو الحال مع بقية العالم البحر اﻷبيض المتوسط‪ ،‬كان لثقافة وآثار العصور القديمة الكﻼسيكية والعصور القديمة المتأخرة تأثير‬
‫مهم على عمارة العالم اﻹسﻼمي الذي جاء بعدهم‪ .‬في المغرب‪ ،‬كانت مدينة وليلي الرومانية السابقة بمثابة أول عاصمة إدريسية قبل‬
‫تأسيس فاس كثيرا ً ما أعيد استخدام أعمدة والعواصم لﻶثار الرومانية والمسيحية المبكرة كـ سپوليا في المساجد المبكرة في المنطقة‪،‬‬
‫على الرغم من أن هذا كان أقل شيوعا ً في المغرب‪ ،‬حيث البقايا الرومانية كانت أقل بكثير‪ .‬بدورها تطورت العواصم اﻹسﻼمية‬
‫الﻼحقة من هذه الطرازات‪ .‬في أمثلة أخرى‪ ،‬شكلت الزخارف النباتية والزهرية من العصور القديمة المتأخرة إحدى القواعد التي‬
‫اشتقت منها زخارف العصر اﻹسﻼمي اﻷرابيسك‪ .‬أيقونة قوس حدوة الحصان أو القوس "المغاربي" اﻷيقوني‪ ،‬الذي أصبح سمة‬
‫منتظمة للعمارة المغربية والمورسيكة‪ ،‬كان له أيضا ً بعض السوابق في مباني البيزنطية والقوطية‪ .‬أخيراً‪ ،‬كان اﻹرث الرئيسي اﻵخر‬
‫لتراث اليوناني الروماني هو استمرار وانتشار الحمامات العامة‪ ،‬المعروفة باسم "الحمامات"‪ ،‬في جميع أنحاء العالم اﻹسﻼمي ‪-‬بما‬
‫في ذلك المغرب ‪-‬والتي كانت تعتمد بشكل وثيق على "ثيرماي" الرومانية وتولت أدوارا ً اجتماعية إضافية‪.‬‬
‫الشرق اﻷوسط في العصر اﻹسﻼمي‬
‫أدى وصول اﻹسﻼم مع الفاتحين العرب من الشرق في أوائل القرن الثامن إلى تغييرات اجتماعية تطلبت بدورها إدخال أنواع بناء‬
‫جديدة مثل المساجد‪.‬‬
‫اتبعت اﻷخيرة إلى حد ما طراز المساجد المعمدة اﻷخرى التي كانت شائعة في معظم أنحاء العالم اﻹسﻼمي في ذلك الوقت‪ .‬كما‬
‫قدمت تقاليد الفن اﻹسﻼمي أيضا ً قيما ً جمالية معينة‪ ،‬وأبرزها التفضيل العام لتجنب الصور التصويرية بسبب ال ُمحرمات الدينية على‬
‫رموز أو صور العبادة‪ .‬تسببت ثقافة ‪ aniconism in Islam‬في استكشاف الفنانين للفنون غير التصويرية‪ ،‬وخلقت تحوﻻً جماليا ً‬
‫عاما ً نحو الزخرفة القائمة على الرياضيات‪ ،‬مثل اﻷنماط الهندسية‪ ،‬باﻹضافة إلى أشكال أخرى مجردة نسبيا ً مثل زخرفات العربية‪.‬‬
‫بينما استمرت الصور التصويرية في الظهور في الفن اﻹسﻼمي‪ ،‬بحلول القرن الرابع عشر‪ ،‬كانت هذه الصور غائبة بشكل عام في‬
‫الهندسة المعمارية للمناطق الغربية من العالم اﻹسﻼمي مثل المغرب‪ .‬وﻻ تزال بعض الصور التصويرية للحيوانات تظهر من حين‬
‫ﻵخر في القصور الملكية‪ ،‬مثل منحوتات اﻷسود والنمور في النافورة اﻷثرية لقصر السعديين السابق في حدائق أكدال‪ .‬بصرف النظر‬
‫عن التغييرات اﻷولية التي أحدثها وصول اﻹسﻼم‪ ،‬استمرت الثقافة والعمارة المغربية بعد ذلك في تبني بعض اﻷفكار والواردات من‬
‫اﻷجزاء الشرقية من العالم اﻹسﻼمي‪ .‬وتشمل هذه بعض المؤسسات وأنواع المباني التي أصبحت من سمات العالم اﻹسﻼمي‬
‫التاريخي‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬وفي البداية نشأت المكافأت التاريخية للمستشفيات شرقا ً في العراق‪ ،‬وأولها بناها هارون الرشيد )بين‬
‫‪ 786‬و‪ .(809‬كما انتشروا غربا ً وظهروا ﻷول مرة في المغرب حوالي أواخر القرن الثاني عشر عندما أسس الموحدون مارستان‬
‫في مراكش‪ .‬وهي ومؤسسة المهمة أخرى هي المدارس‪ ،‬نشأت ﻷول مرة في إيران في أوائل القرن الحادي عشر تحت حكم نظام‬
‫الملك‪ ،‬وتم تبنيها تدريجيا ً في الغرب‪ .‬وقد بُنيت المدرسة اﻷولى في المغرب )مدرسة الصفارين( في فاس من قبل المرينيين عام‬
‫‪ ،1271‬وانتشرت المدارس بشكل أكبر في القرن الرابع عشر‪ .‬من حيث الزخارف الديكورية‪" ،‬المقرنصات"‪ ،‬وهي سمة بارزة في‬
‫العمارة المغربية أُدخلت في فترة المرابطين في القرن الثاني عشر‪ .‬كما نشأت في البداية في إيران قبل أن تنتشر إلى الغرب‪.‬‬

‫اﻷندلس )مسلمو اﻹسبان والبرتغال(‬


‫وقد كان لثقافة اﻷندلس التي سيطر عليها المسلمون‪ ،‬والتي كانت موجودة عبر معظم شبه الجزيرة اﻷيبيرية إلى الشمال بين عامي‬
‫‪ 711‬و‪ ،1492‬تأثيرا ً وثيقا ً على التاريخ والعمارة المغربية بعدة طرق ‪-‬وتأثرت بدورها بالثقافة المغربية والحركات السياسية‪ .‬يُشير‬
‫جوناثان بلوم‪ ،‬في عرضه العام للعمارة اﻹسﻼمية الغربية‪ ،‬إلى أنه "يتعامل مع الهندسة المعمارية لشمال إفريقيا وشبه الجزيرة‬
‫اﻷيبيرية معا ً ﻷن مضيق جبل طارق كان أقل من حاجز وأكثر من جسر‪ ".‬باﻹضافة إلى القرب الجغرافي للمنطقتين‪ ،‬كان هناك‬
‫العديد من موجات الهجرة من اﻷندلس إلى المغرب من المسلمين واليهود على حد سواء‪ .‬حيث كان من أوائل موجات العرب المنفيين‬
‫من قرطبة الذين قدموا إلى فاس بعد فشل ثورة في أوائل القرن التاسع‪ .‬بلغ هذا الترحيل السكاني ذروته في موجات الﻼجئين التي‬
‫جاءت بعد سقوط غرناطة في عام ‪ ،1492‬بما في ذلك العديد من النخب السابقة وأعضاء الطبقات المتعلمة اﻷندلسية‪ .‬وقد لعب هؤﻻء‬
‫المهاجرون أدوارا ً مهمة في المجتمع المغربي‪ .‬ومن بين اﻷمثلة اﻷخرى‪ ،‬كان المنفيين العرب اﻷوائل من قرطبة هم من أطلقوا اسم‬
‫حي اﻷندلس في فاس‪ .‬وكان الﻼجئون اﻷندلسيون في القرن السادس عشر هم الذين أعادوا بناء وتوسيع مدينة تطوان الشمالية‪.‬‬
‫كانت فترة اﻹمارة اﻷموية وأمويو اﻷندلس في قرطبة‪ ،‬والتي ميزت ذروة قوة المسلمين في اﻷندلس‪ ،‬فترة عصر حاسم شهد بناء بعض‬
‫أهم المعالم اﻹسﻼمية المبكرة في المنطقة‪ .‬وكثيرا ً ما يستشهد العلماء بـ مسجد قرطبة الكبير باعتباره مؤثرا ً رئيسيا ً على الهندسة‬
‫المعمارية الﻼحقة للمناطق الغربية من العالم اﻹسﻼمي بسبب ابتكاراتها المعمارية وأهميتها الرمزية كمحور دين خﻼفة قرطبة القوية‪.‬‬
‫والعديد من معالمه مثل زخارف القباب المدعمة‪ ،‬كما كان المنبر والحجرة المضلعة المحراب نماذج متكررة بشك ٍل أوسع لعناصر ﻻحقة‬
‫في العمارة اﻹسﻼمية للمنطقة‪ .‬وبالمثل‪ ،‬فإن التصميم الزخرفي لبوابة " باب الوزارة "‪ ،‬البوابة الغربية المبتكرة للمسجد‪ ،‬توضح العديد‬
‫من العناصر المعيارية التي تتكرر في المداخل والمحاريب في الفترات الﻼحقة‪ :‬وهي عبارة عن عقود حجرية من حدوة حصان‬
‫المزخرفة‪ ،‬وإطار ‪ alfiz‬مستطيل الشكل وشريط كتابي‪ .‬جورج مارسيه )عالم مهم من القرن العشرين حول هذا الموضوع( واتب َع أيضا ً‬
‫أصول بعض السمات المعمارية الﻼحقة مباشرة إلى اﻷقواس المعقدة لتوسيع المسجد في القرن العاشر على يد الحاكم الثاني‪ ،‬الذي أعني‬
‫اﻷقواس المتعددة الفصوص عُثر عليها في جميع أنحاء المنطقة بعد القرن العاشر‪ ،‬كما شكل "السبكا" التي انتشرت في كل مكان في‬
‫العمارة المغربية بعد العصر الموحد )القرنان الثاني عشر والثالث عشر( عﻼوة على ذلك‪ ،‬في الجزء اﻷكبر من القرن العاشر‪ ،‬سيطرت‬
‫خﻼفة قرطبة على شمال المغرب في مجال نفوذها‪ .‬خﻼل هذه الفترة‪ ،‬ساهم الخليفة عبد الرحمن الثالث في عمارة فاس من خﻼل رعايته‬
‫لتوسيع جامع القرويين‪ .‬كما أشرف الخليفة نفسه على تشييد أول مئذنة لمسجد قرطبة‪ ،‬والتي يعتبر شكلها‪ ،‬عمود ذو قاعدة مربعة مع‬
‫برج ثانوي فوقه‪ ،‬وهي المقدمة لمآذن أخرى في اﻷندلس والمغرب‪ .‬في عام ‪ ،756‬في نفس الفترة تقريباً‪ ،‬تبنى أيضا ً بناء مئذنة مماثلة‬
‫)وإن كانت أبسط( لجامع القرويين‪ ،‬بينما رعى الحاكم اﻷموي لفاس بناء مئذنة مماثلة لـ مسجد اﻷندلسيين عبر النهر‪ .‬ابتدا ًء من القرن‬
‫الحادي عشر‪ ،‬كانت إمبراطوريتا المرابطين والموحدين بقيادة البربر‪ ،‬والتي كان مقرها في المغرب ولكنها كانت تسيطر أيضا ً على‬
‫اﻷندلس‪ ،‬مساهمة في الجمع بين اﻻتجاهات الفنية في كل من شمال إفريقيا واﻷندلس وفي نهاية المطاف أدى إلى ما أصبح في النهاية‬
‫"الخزف اﻹسباني ‪-‬موريسك" أو الطراز اﻷندلسي المغربي للمنطقة‪ .‬ويعد منبر المرابطين الشهير في مراكش‪ ،‬والذيقام بإنشائه من‬
‫ورشة الحرفيين في قرطبة‪ ،‬أحد اﻷمثلة التي توضح هذا التبادل عبر القارات للفنون واﻷشكال‪ .‬واستمرت تقاليد الفن والعمارة المغاربية‬
‫في المغرب )والمغرب العربي اﻷوسع( بعد فترة طويلة من نهاية الحكم اﻹسﻼمي لشبه الجزيرة اﻷيبيرية‪.‬‬

‫اﻷمازيغية )البربرية(‬
‫تعد الشعوب اﻷمازيغية الذين )يطلق عليهم عادة "البربر" في اللغة اﻹنجليزية( مجموعة متنوعة لغويا ً وعرقيا ً من الشعوب التي‬
‫تشكل السكان اﻷصليين )ما قبل العرب( لشمال إفريقيا‪ .‬وﻻ يزالون يمثلون جزء كبير من السكان في المغرب‪ .‬باﻹضافة إلى أي تقاليد‬
‫معمارية محلية‪ ،‬قامت الشعوب اﻷمازيغية بتكييف أشكال وأفكار العمارة اﻹسﻼمية مع ظروفها الخاصة وساهمت بدورها في تشكيل‬
‫الفن الغربي اﻹسﻼمي أو "المورسيكي"‪ ،‬خاصة خﻼل هيمنتهم السياسية على المنطقة عبر قرون من حكم المرابطين والموحدين‬
‫والمرينيين‪.‬‬

‫ليس من السهل دائما ً الفصل بين السمات المعمارية اﻷمازيغية وغير اﻷمازيغية‪ ،‬نظرا ً ﻻختﻼط الشعوب والمستوطنات في المنطقة‬
‫عبر القرون‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬هناك أنواع وميزات معمارية مرتبطة بالمناطق ذات اﻷغلبية اﻷمازيغية في المغرب )ﻻ سيما جبال اﻷطلس‬
‫الريفية والمناطق الصحراوية( والتي تتميز بما يكفي لتشكيل أنماطها المميزة‪ .‬ونظرا ً ﻷن الهياكل ذات الصلة مصنوعة من صدم‬
‫اﻷرض أو طوب الطيني‪ ،‬اﻷمر الذي يتطلب صيانة دورية للحفاظ عليه‪ ،‬نادرا ً ما يمكن تأريخ اﻷمثلة الحالية بشكل موثوق به بعد‬
‫القرن التاسع عشر أو حتى القرن العشرين‪ .‬ومع ذلك فإن بعض خصائص العمارة اﻷمازيغية في شمال إفريقيا ‪ -‬مثل اﻷشكال‬
‫اﻹقليمية للمساجد ‪ -‬قد أُسست منذ ما يقرب من ألف عام‪.‬‬
‫أبنية مثل "أگادير" )صوامع المحصنة( و "القصر" أو القصار )القرى المحصنة؛ غالبا َ ما يتم تهجئتها "القصر" بصيغة المفرد و‬
‫"القصور" بصيغة الجمع( هي سمات تقليدية بارزة للعمارة اﻷمازيغية في المغرب‪ .‬وبالمثل‪ ،‬فإن المناظر الطبيعية لجبال اﻷطلس‬
‫ومناطق الواحات المغربية تتميز بالعديد من "القصبة" ‪-‬أو "تيگرمت" في اللغات اﻷمازيغية –والتي تشير في هذه الحالة إلى الهياكل‬
‫العالية المحصنة التي تعمل كحصون و ‪ /‬أو مستودعات و ‪ /‬أو مساكن محصنة‪ .‬ويمكن بدورها تزيينها بزخارف هندسية محلية منحوتة‬
‫في اﻷجزاء الخارجية من الطوب الطيني‪.‬‬

‫الفرنسي ‪:‬‬
‫أسست معاهدة فاس الحماية الفرنسية في عام ‪ .1912‬حيث قام الجنرال المقيم الفرنسي هوبير ليوتي بتعيين هنري پروست لﻺشراف‬
‫على التنمية الحضرية للمدن الواقعة تحت سيطرته‪ .‬كانت إحدى السياسات المهمة ذات العواقب طويلة المدى هي قرار التخلي إلى حد‬
‫كبير عن إعادة تطوير المدن التاريخية القائمة واﻻحتفاظ بها عمدا ً كمواقع للتراث التاريخي‪ ،‬والتي ﻻ تزال تُعرف اليوم باسم "المدينة‬
‫المنورة"‪ .‬بدﻻً من ذلك‪ ،‬قامت اﻹدارة الفرنسية ببناء مدن حديثة جديدة )"المجتمع المخطط"( خارج المدن القديمة مباشرةً‪ ،‬حيث أقام‬
‫المستوطنون اﻷوروبيون إلى حد كبير بوسائل الراحة على الطراز الغربي الحديث‪ .‬كان هذا أكبر جزء من "سياسة اﻻرتباط" التي‬
‫تبناها ليوتي والتي فضلت أشكاﻻً مختلفة من الحكم اﻻستعماري غير المباشر من خﻼل الحفاظ على المؤسسات والنخب المحلية‪ ،‬على‬
‫عكس السياسات اﻻستعمارية الفرنسية اﻷخرى التي فضلت "اﻻستيعاب"‪ .‬كانت الرغبة في الحفاظ على المدن التاريخية متوافقة أيضا ً‬
‫مع أحد اﻻتجاهات السائدة في اﻷفكار اﻷوروبية حول التخطيط الحضري في ذلك الوقت والتي كانت تدعو إلى الحفاظ على المدن‬
‫التاريخية في أوروبا ‪-‬وهي اﻷفكار التي فضلها ليوتي نفسه‬
‫في أبريل عام ‪ ،1914‬أصدرت الحكومة اﻻستعمارية مرسوم "ظهير" من أجل "ترتيب وتطوير وتوسيع المخططات العمرانية‬
‫اﻻرتفاقات ورسوم الطرق"‪ .‬وشمل هذا الظهير معايير البناء التي أثرت بشكل مباشر على العمارة في ذلك الوقت‪ ،‬على النحو التالي‪:‬‬
‫‪.‬ﻻ يمكن أن تكون المباني أعلى من أربعة طوابق‬

‫‪.‬يتطلب تنظيم استخدام اﻷراضي عشرين بالمائة من المساحة المخططة لتكون أفنية أو حدائق‬

‫‪.‬يجب أﻻ تطل الشرفات على المساكن المجاورة‬

‫‪.‬يجب أن تكون أسطح جميع المباني مسطحة‬


‫حافظت قوانين البناء على الميزات المعمارية الموجودة مسبقا ً في البﻼد ووازنت التحضر السريع‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬في حين أن هذه السياسة‬
‫حافظت على المعالم التاريخية‪ ،‬فقد كان لها أيضا ً عواقب أخرى على المدى الطويل من خﻼل تعطيل التنمية الحضرية في هذه‬
‫المناطق التراثية والتسبب في نقص المساكن في بعض المناطق‪ .‬كما قمعت اﻻبتكارات المعمارية المغربية المحلية‪ ،‬على سبيل المثال‬
‫في مدينة فاس حيث يُطلب من المقيمين المغاربة الحفاظ على منازلهم ‪-‬بما في ذلك أي منازل حديثة البناء ‪-‬بما يتوافق مع ما تعتبره‬
‫اﻹدارة الفرنسية العمارة اﻷصلية التاريخية‪ .‬ناقشت الباحثة جانيت أبو لغد بأن هذه السياسات خلقت نوعا ً من "الفصل العنصري"‬
‫الحضري بين المناطق الحضرية المغربية اﻷصلية ‪-‬التي اضطرت للبقاء راكدة من حيث التنمية الحضرية ‪-‬والمدن الجديدة المخططة‬
‫التي كان يسكنها اﻷوروبيون بشكل أساسي والتي توسعت لتحتل أراض خارج المدينة‪ ،‬التي كان يستخدمها المغاربة في السابق‪ُ .‬خفف‬
‫هذا الفصل جزئيا ً من قبل المغاربة اﻷثرياء الذين بدأوا في اﻻنتقال إلى "المجمع المخطط" خﻼل هذه الفترة‬
‫في بعض الحاﻻت‪ ،‬أزال المسؤولون الفرنسيون أو أعادوا تشكيل الهياكل المغربية الحديثة قبل اﻻستعمار والتي تأثرت بشكل واضح‬
‫باﻷنماط اﻷوروبية من أجل محو ما اعتبروه تدخﻼً أجنبيا ً أو غير أصلي في العمارة المغربية‪ .‬في المقابل‪ ،‬شيد المهندسون‬
‫المعماريون الفرنسيون المباني في المدن الجديدة التي تتوافق مع الوظائف والتخطيطات اﻷوروبية الحديثة ولكن مظهرها كان‬
‫ممزوجا ً بشكل كبير بزينة زخرفية مغربية محلية‪ ،‬مما عزز ظهور "مورسك"‪ .‬أو نمط العمارة المغاربية‪ ،‬حيث كان واضحا ً بشكل‬
‫خاص في بعض المدن مثل العاصمة الرباط‪ ،‬حيث صممت المباني اﻹدارية الجديدة الكبرى بهذا النمط إلى جانب الشوارع ذات‬
‫الطراز اﻷوروبي‪ .‬في بعض الحاﻻت‪ ،‬أدخل الفرنسيون أيضا ً مباني ذات مظهر مغربي في بُنية المدن القديمة‪ ،‬مثل بوابة أبي الجنود‬
‫في فاس )اكتمل في عام ‪ (1913‬بجوار "جامعة موﻻي إدريس" )افتتحت في عام ‪ (1914‬كما قدمت المدن الفرنسية الجديدة أيضا ً‬
‫المزيد من أنماط الحداثية مثل آرت ديكو‪ .‬وهذا التراث ملحوظ بشكل خاص في الدار البيضاء‪ ،‬التي أصبحت المدينة الساحلية‬
‫الرئيسية وأكبر مدينة في البﻼد خﻼل هذه الفترة‪.‬‬

‫الطرق ومواد البناء‪:‬‬

‫صدم اﻷرض )تراب مدكوك(‬


‫عد صدم اﻷرض من أكثر أنواع البناء شيوعا ً في المغرب‪ ،‬وهي تقنية بناء قديمة وجدت في جميع أنحاء الشرق اﻷدنى وإفريقيا وما‬
‫وراءها‪ .‬ويعرف أيضا ً )بالفرنسية( "‪ "pisé‬وبالعربية( "‪ ."tabia‬غلى سبيل المثال‪ ،‬بُنيت أسوار فاس ومراكش والرباط بهذه العملية‪،‬‬
‫على الرغم من أن بعض الهياكل البارزة )مثل البوابات الضخمة( بنيت أيضا ً من الحجر‪ .‬وكانت تستخدم بشكل عام المواد المحلية‬
‫وعلى نطاق واسع بفضل تكلفتها المنخفضة وكفاءتها النسبية‪ .‬تتكون هذه المادة من طين وتربة متفاوتة القوام )كل شيء من طين إلى‬
‫تربة صخرية( ممزوجا ً عادة ً بمواد أخرى مثل القش أو الجير للمساعدة في اﻻلتصاق‪ .‬كما أدت إضافة الجير إلى جعل الجدران أكثر‬
‫صﻼبة ومقاومة بشكل عام‪ ،‬على الرغم من أن هذا يختلف محليا ً حيث أن بعض المناطق بها تربة أكثر صﻼبة من تلقاء نفسها بينما‬
‫لم يحدث ذلك في مناطق أخرى‪) .‬على سبيل المثال‪ ،‬تحتوي جدران فاس وما حولها مكناس على ما يصل إلى ‪ ٪47‬من الجير مقابل‬
‫حوالي ‪ ٪17‬في مراكش و‪ ٪12‬في الرباط‪ (.‬ﻻ تزال هذه التقنية قيد اﻻستخدام حتى اليوم‪ ،‬على الرغم من استمرار تغير تكوين‬
‫ونسبة هذه المواد بمرور الوقت حيث أصبحت بعض المواد )مثل الطين( أكثر تكلفة نسبيا ً من غيرها )مثل الحصى(‪ .‬تُبنى الجدران‬
‫من أسفل إلى أعلى في مستوى واحد في كل مرة‪ .‬يقوم العمال بضغطه وتعبئته في خامات بأقسام يتراوح طولها بين ‪ 50‬و‪ 70‬سم‬
‫والتي تم تجميع كل منها معا ً مؤقتا ً بواسطة ألواح خشبية‪ .‬وبمجرد تثبيت المادة‪ ،‬يمكن إزالة القيود الخشبية وتكرار العملية فوق‬
‫المستوى المكتمل مسبقاً‪ .‬وغالبا ً ما تترك عملية السقاﻻت الخشبية اﻷولية آثارا ً على شكل صفوف متعددة من الثقوب الصغيرة المرئية‬
‫على وجه الجدران‪ .‬في كثير من الحاﻻت‪ ،‬كانت الجدران مغطاة بطبقة من الجير‪ ،‬الجص‪ ،‬أو أي مادة أخرى لمنحها سطحا ً أملسا ً‬
‫ولحماية الهيكل الرئيسي بشكل أفضل‪ .‬يتطلب هذا النوع من البناء بُنية وصيانة متسقة‪ ،‬حيث أن المواد قابلة لﻼختراق نسبيا ً ويمكن‬
‫تآكلها بسهولة أكبر بسبب المطر بمرور الوقت ؛ في أجزاء من المغرب )خاصة بالقرب من الصحراء( يمكن أن تبدأ القصبات‬
‫وغيرها من المباني المصنوعة من تركيبة أقل متانة التي )تفتقر عادة ً إلى الجير( في اﻻنهيار في أقل من عقدين من الزمن بعد أن‬
‫هُجرت‪ .‬وعلى هذا النحو‪ ،‬تظل المباني القديمة من هذا النوع سليمة فقط بقدر ما يتم ترميمها باستمرار؛ تبدو بعض امتدادات الجدران‬
‫اليوم جديدة تماما ً بسبب الصيانة الدورية‪ ،‬بينما ينهار البعض اﻵخر‪.‬‬

‫الطوب والحجر ‪:‬‬


‫باﻹضافة إلى صدم اﻷرض‪ ،‬كان يستخدم طوب و )خاصة في المناطق الصحراوية( طوب الطيني أنواعا ً شائعة من المواد‬
‫المستخدمة في بناء المنازل والعمارة المدنية والمساجد‪ .‬فعلى سبيل المثال العديد من المآذن في العصور الوسطى‪ ،‬مصنوعة من‬
‫الطوب‪ ،‬وفي كثير من الحاﻻت مغطاة بمواد أخرى للزينة‪ .‬كما اُستخدمت أحجار البناء في العديد من المعالم البارزة‪ ،‬وﻻ سيما في‬
‫فترة الموحدين‪ .‬استخدمت بوابات الموحدين الضخمة الحجر المنحوت في باب اجناو وباب الرواح والبوابة الرئيسية لـ قصبة اﻻوداية‬
‫)باب اﻻوداية( بشك ٍل كبير‪ .‬تُظهر المآذن الموحدية الرئيسية في نفس الفترة التباين النسبي في مواد وطرق البناء‪ ،‬اعتمادا ً على‬
‫شيد برج جيرالدا‪ ،‬إشبيلية )في‬ ‫المنطقة ومتطلبات المبنى‪ :‬بُنيت مئذنة مسجد الكتبية من أنقاض البناء باستخدام الحجر الرملي‪ ،‬و ُ‬
‫ٌني من الحجر‪ ،‬وكانت مئذنة جامع القصبة في مراكش مبني‬ ‫إسبانيا( من الطوب المحلي‪ ،‬ولكن برج حسن غير المكتمل في الرباط ب َ‬
‫من قاعدة من حجر اﻷنقاض والعمود الرئيسي من الطوب‪.‬‬

‫الخشب ‪:‬‬
‫كما استخدم الخشب أيضا ً بشك ٍل واسع‪ ،‬وغالبا ً لﻸسقف والعناصر اﻷخرى فوق مستوى العين مثل القباب والمعارض العلوية‪ .‬والعديد‬
‫من المباني مثل المساجد واﻷضرحة لها إطار خشبي مائل أو مثل أسقف أرتيسونادو‪ ،‬والمعروفة محليًا باسم "بيرتشﻼ" أو "بيرشﻼ"‪،‬‬
‫وغالبا ً ما تُجمل باستخدام أنماط هندسية في ترتيبها ونحتها وزخارفها المرسومة وتتميز العديد من المداخل ونوافير الشوارع ومداخل‬
‫المساجد أيضا ً بمظﻼت خشبية منحوتة كانت من سمات العمارة المغربية والمورسكية‪ .‬وأصبح الخشب المنحوت عنصرا ً رئيسيا ً في‬
‫الزخرفة المعمارية‪ ،‬خاصةً منذ فترة المرينية فصاعداً‪.‬‬

‫وبشك ٍل عام يأتي الخشب من أشجار اﻷرز المغربي‪ ،‬حيث ﻻ تزال ذات قيمة عالية اليوم‪ ،‬والتي نمت بكثرة على المنحدرات الجبلية‬
‫في جميع أنحاء البﻼد ولكنها اﻵن مهددة جزئيا ً ومقتصرة على غابات اﻷطلس المتوسط‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كانت هناك أنواع أخرى من‬
‫الخشب ﻻ تزال تستخدم في بعض اﻷحيان‪ .‬كالمظلة الخشبية المنحوتة في نافورة شراب وشوف في مراكش كانت مصنوعة من‬
‫صنع في قرطبة )إسبانيا( قبل إرساله إلى مراكش‪ ،‬الذي صنع بشكل أساسي من‬ ‫خشب فوفلية‪ .‬كـمنبر مسجد الكتبية الشهير‪ ،‬الذي ُ‬
‫خشب اﻷرز ولكن التلبيس دعمت زخرفته بأخشاب أكثر غرابة من ألوان مختلفة مثل عناب وخشب أسود أفريقي‪.‬‬

‫مواد أخرى للديكور المزخرف ‪:‬‬


‫من العناصر البارزة والمميزة للغاية في العمارة المغربية والمورسكية اﻻستخدام المكثف ﻻ لجص للزخرفة المنحوتة والمزخرفة عبر‬
‫الجدران والسقوف‪ .‬الجص‪ ،‬وهو رخيص نسبيا ً ومن السهل نحته‪ ،‬تم نحته ورسمه بزخارف من مجموعة كبيرة بما في ذلك‬
‫الزخارف الزهرية والنباتية )الزخرفة العربية(‪ ،‬و اﻷنماط الهندسية‪ ،‬و الخط العربي المؤلفات و أشكال "المقرنصات" ‪) .‬كانت هذه‬
‫أيضًا سمات شائعة في الزخرفة الخشبية المنحوتة(‪ .‬بﻼط‪ ،‬كان عنصرا ً زخرفيا ً قياسيا ً على طول الجدران السفلية ولتبليط اﻷرضيات‪.‬‬
‫وﻻ سيما في شكل بﻼط فسيفساء يسمى "زلج"‪ ،‬كان يتألف من قطع مقطوعة يدويا ً من الخزف بألوان مختلفة التي ُركبت معا ً لتشكيل‬
‫زخارف هندسية متقنة‪ ،‬وغالبا ً ما يستند إلى أنماط النجوم المشعة‪ .‬وقد ظهر بﻼط زليج في المنطقة خﻼل القرن العاشر وانتشر بحلول‬
‫القرن الرابع عشر خﻼل الفترة المرينية‪ .‬ربما تم استلهامها أو اشتقاقها من الفسيفساء البيزنطية ثم تكييفها على يد الحرفيين المسلمين‬
‫لبﻼط الخزف‪ .‬حيث يُصنع البﻼط أوﻻً في مربعات مصقولة‪ ،‬عادة ً ‪ 10‬سم لكل جانب‪ ،‬ثم تُقطع يدويا ً إلى مجموعة متنوعة من‬
‫اﻷشكال المحددة مسبقا ً )وعادة ً تُحفظ عن ظهر قلب( لضرورة تشكيل النمط‪ .‬كما تُعرف أيضا ً مجموعة اﻷشكال المحددة مسبقا ً‬
‫المجتمعة ﻹنشاء مجموعة متنوعة من اﻷنماط المعقدة باسم طريقة "الحسبة"‪ .‬بالرغم من أن اﻷنماط الدقيقة تختلف من حالة إلى‬
‫أخرى‪ ،‬إﻻ أن المبادئ اﻷساسية كانت ثابتة لعدة قرون وﻻ يزال الحرفيون المغاربة بارعين في صنعها اليوم‪ .‬كما أُستخدمت المعادن‪،‬‬
‫وخاصة البرونز و النحاس‪ ،‬لتزيين أو حماية عناصر معينة‪ .‬والجدير بالذكر أن أبواب العديد من المساجد والمدارس التي تعود إلى‬
‫العصور الوسطى كانت مغطاة بطﻼء من البرونز أو النحاس الذي تم نحته ومحفوره بزخارف هندسية وأرابيسك ورسوم خطية‪.‬‬
‫وتعد أقدم اﻷعمال الفنية البرونزية الباقية في الفن المغربي المورسكي‪ ،‬مثل القطع البرونزية التي تعود إلى القرن الثاني عشر والتي‬
‫عُثر عليها على عدة أبواب في مسجد القرويين في فاس‪.‬‬
‫الميزات المعمارية ‪:‬‬
‫اﻷقواس‬
‫قوس حدوة الحصان‬
‫بشك ٍل عام ربما يكون أكثر أنواع اﻷقواس المميزة في العمارة المغربية والغربية هو ما يسمى قوس حدوة الحصان‪ .‬هذا هو القوس‬
‫حيث تستمر منحنيات القوس إلى أسفل بعد المحور اﻷوسط اﻷفقي للدائرة وتبدأ في اﻻنحناء نحو بعضها البعض‪ ،‬بدﻻً من أن تكون‬
‫نصف دائرية فقط )تشكل نصف دائرة فقط(‪ .‬أصبح هذا المظهر المقوس موجودا ً في كل مكان تقريبا ً في المنطقة منذ بداية العصر‬
‫اﻹسﻼمي‪ .‬يبدو أن أصل هذا القوس يعود إلى الفترة السابقة اﻻمبراطورية البيزنطية عبر البحر اﻷبيض المتوسط‪ ،‬حيث تظهر نسخ‬
‫منه في مباني العصر البيزنطي في قپادوقيا‪ ،‬مملكة أرمينيا و سوريا‪ .‬كما أنها تظهر أيضا ً بشكل متكرر في الكنائس القوطية في شبه‬
‫جزيرة أيبيريا في )القرنان الخامس والسابع(‪ .‬وربما بسبب هذا التأثير القوطي‪ ،‬كانت اﻷقواس على شكل حدوة سائدة بشكل خاص‬
‫بعد ذلك في اﻷندلس تحت أمويو قرطبة‪ ،‬بالرغم من أن القوس اﻷندلسي كان مختلفا ً قليﻼً عن قوس القوط الغربي‪ .‬لم تستخدم اﻷقواس‬
‫فقط لدعم وزن الهيكل فوقها‪ .‬بل كانت يستخدم القوس اﻷعمى والقناطر المقوسة كعناصر زخرفية‪ .‬حيث كان "المحراب" )الكوة التي‬
‫ترمز إلى "القبلة"( الخاص بالمسجد دائما ً على شكل قوس حدوة ‪.‬وابتدا ًء من العصر المرابطي‪ ،‬بدأ ظهور أول حدوة مقوسة أو‬
‫"مكسورة" في المنطقة‪ ،‬وانتشرت أكثر خﻼل الفترة الموحدية‪ .‬ومن المحتمل أن يكون هذا القوس من أصل شمال أفريقيا‪ ،‬حيث كانت‬
‫اﻷقواس موجودة بالفعل في وقت سابق في العمارة الفاطمية في الشرق‪.‬‬

‫قوس متعدد الفصوص‬


‫تعد أقدم اﻷقواس متعددة الفصوص‪ ،‬في العمارة الفاطمية في إفريقية ومصر وظهرت أيضا ً في العمارة اﻷندلسية مثل قصر‬
‫الجعفرية‪ .‬وفي فترتي المرابطين والموحدين أستخدم هذا النوع من اﻷقواس بشكل أكبر للوظائف الزخرفية بينما استمرت اﻷقواس‬
‫المتجاوزة في كونها قياسية في أماكن أخرى‪ .‬وظهرت في الجامع الكبير تلمسان )في الجزائر( ومسجد تينمل‪.‬‬

‫"‬
‫قوس ﻻمبريكين" )أقواس مقرنصات(‬

‫تظهر ما تسمى بـ قوس "ﻻمبركين"‪ ،‬بمظهر أكثر تعقيدا ً من الفصوص والنقاط‪ ،‬كما قُدمت في الفترة المرابطية أيضاً‪ ،‬مع ظهور‬
‫مبكر في القسم الضريحي من جامع القرويين الذي يعود تاريخه إلى أوائل القرن الثاني عشر‪ .‬وأصبح بعد ذلك شائعا ً في العمارة‬
‫الﻼحقة للموحدين والمرينيين )وكذلك عمارة بنو نصر في إسبانيا(‪ ،‬وغالبا ً ما تبرز اﻷقواس بالقرب من منطقة محراب المسجد‪.‬‬
‫ويُشار أحيانا ً إلى هذا النوع من اﻷقواس باسم قوس "المقرنصات" نظرا ً لتشابهه مع مظهر "المقرنص" وبسبب اشتقاقه المتوقع من‬
‫استخدام المقرنصات نفسها‪ .‬حيث كان هذا نوع من اﻷقواس شائع اﻻستخدام بالفعل في نحت "المقرنصات" على طول إنترادوس‬
‫)اﻷسطح الداخلية( للقوس‪.‬‬

‫الزخارف الديكورية ‪:‬‬


‫الزخارف الزهرية والنباتية‬
‫تعد أرابيسك‪ ،‬أو زهرية ونباتية‪ ،‬مستمدة من تقليد طويل من الزخارف المماثلة في سوريا‪ ،‬من الفترة الهلنستية‪ ،‬الذي يعود‬
‫إلى زخرفة المعمارية الرومانية‪ .‬حيث استمرت زخارف اﻷرابيسك المبكرة في خﻼفة أمويو اﻷندلس‪ ،‬مثل تلك التي‬
‫شوهدت في المسجد الكبير أو مدينة الزهراء‪ .‬من نبات اﻷقنثة أوراق زخارف العنب من هذا التقليد الهلنستي‪ .‬وقد‬
‫استفادت العمارة المرابطية والموحدية بشكل أكبر من الشكل العام لﻸوراق المحززة‪ ،‬وغالبا ً ما تتجعد وتنقسم إلى أجزاء‬
‫غير متساوية على طول محور متطابق‪ .‬كما ميزت برموز سعف النخيل بحجم أقل من صدف و مخروط الصنوبر‪ .‬وفي‬
‫أواخر القرن السادس عشر‪ ،‬استخدمت العمارة السعديّة أحياناً‪ ،‬نموذجاَ◌َ من فن ماندورﻻ الزخرفي )أو شكل اللوز( الذي‬
‫قد تكون الدولة العثمانية تأثرت به‪.‬‬

‫‪:‬شبكة ُزخرفة )سبكا ودرج وكتف(‬

‫ظهرت أنواع مختلفة من الزخارف المتشابكة التي تشبه المعينات بشكل كبير على سطح المآذن التي بدأت في الفترة الموحدية‬
‫)القرنان الثاني عشر والثالث عشر( وعُثر عليها ﻻحقا ً في الزخارف اﻷخرى مثل الجص المنحوت على طول الجدران في العمارة‬
‫المرينية )والنصرية(‪ ،‬والتي أصبحت في النهاية ميزة نموذجية في مرجع الزينة المغربية باﻻشتراك مع اﻷرابيسك‪.‬‬
‫ويُطلق على هذا النموذج عادةً اسم "السبكا" )بمعنى "الشبكة"(‪ ،‬ويعتقد بعض العلماء أنه نشأ مع اﻷقواس الكبيرة المتشابكة في القرن‬
‫صغرت ووسعت إلى نمط متكرر يشبه الشبكة يمكن أن‬ ‫العاشر وتوسع لـ مسجد قرطبة الكبير من قبل الخليفة الحاكم الثاني‪ .‬ومن ثم ُ‬
‫يغطي اﻷسطح‪ .‬وهذا الشكل بدوره‪ ،‬كان له العديد من اﻻختﻼفات التفصيلية‪ .‬وتستخدم إحدى النسخ الشائعة‪ ،‬التي يطلق عليها‬
‫الحرفيون المغاربة اسم "الدرج والكتف"‪ ،‬خطوطا ً مستقيمة ومنحنية متناوبة تتقاطع مع بعضها البعض على محاورها المتناسقة‪،‬‬
‫وتشكل نموذجا ً يشبه تقريبا ً شكل الزنبق أو سعفة النخيل‪ .‬ونسخة أخرى‪ ،‬توجد أيضا ً بشكل شائع على المآذن بالتناوب مع " ‪darj wa‬‬
‫‪ ،"ktaf‬تتكون من أقواس متشابكة متعددة الفصوص تشكل شكﻼً ثﻼثي الوريقات جزئيا ً متكرراً‪.‬‬

‫أنماط هندسية ‪:‬‬


‫كانت اﻷنماط الهندسية‪ ،‬التي تستخدم عادة ً الخطوط المستقيمة المتقاطعة والتي يتم تدويرها لتشكيل نمط مشع يشبه النجوم‪ ،‬شائعة في‬
‫العمارة اﻹسﻼمية عموما ً وعبر العمارة المغربية‪ .‬وعلى وجه الخصوص توجد هذه الزخارف الجصية والخشبية المنحوتة‪ ،‬في أعمال‬
‫البﻼط "زليج" الفسيفسائي‪ .‬وعُثر أيضا ً على أشكال مضلعة أخرى‪ ،‬غالبا ً ما تكون مصحوبة باﻷرابيسك‪.‬‬

‫النقوش والخط العربي ‪:‬‬


‫تتميز العديد من اﻵثار اﻹسﻼمية بنقوش نوع واحد أو آخر‪ ،‬الذي يعمل إما للتزين أو النقل أو كليهما‪ .‬كما كان الخط‬
‫العربي شكل فني‪ ،‬كما هو الحال في أجزاء أخرى من العالم اﻹسﻼمي‪ .‬العديد من المباني قد وضعت النقوش الكتابية‪،‬‬
‫لتسجل تاريخ بناءها والراعي الذي دعمها‪ .‬وهذه النقوش يمكن أن تتميز بآيات القرآن‪ ،‬وموعظة الله‪ ،‬وغيرها من‬
‫النصوص الدينية الهامة‪ .‬باكراً وبشك ٍل عام‪ُ ،‬كتبت معظم النقوش بـالخط الكوفي‪ ،‬وهو نمط تكتب فيه الحروف بخطوط‬
‫مستقيمة وتكون أقل زينة‪ .‬في الفترة الﻼحقة‪ ،‬خاصة في القرن الحادي عشر عُززت الحروف الكوفية بالزخرفة‪ ،‬خاصة‬
‫لملء الفراغات التي كانت موجودة عادةً فوق الحروف‪.‬‬
‫وﻻحقا ً أدى ذلك إلى إضافة أشكال اﻷزهار أو خلفيات أرابيسك إلى التركيبات الخطية‪ .‬وفي القرن الثاني عشر‪ ،‬بدأ ظهور‬
‫نص "متصل" أكثر‪ ،‬على الرغم من أنه أصبح مألوفا ً فقط في المعالم اﻷثرية من الفترة المرينية )القرنين الثالث عشر‬
‫والرابع عشر( فصاعداً‪ .‬كان الخط الكوفي ﻻ يزال مستخدماً‪ ،‬خاصةً في النقوش الرسمية أو الجليلة مثل المحتوى الديني‪.‬‬
‫على النقيض من ذلك‪ ،‬اُستخدم الخط الكوفي أيضا ً في شكل زخرفي أكثر دقة‪ ،‬كنقطة انطﻼق لعنصر متشابك يمكن نسجه‬
‫في خلفية أرابيسك أكبر‪.‬‬

‫مقرنص‪:‬‬

‫يتكون "المقرنص"‪ ،‬الذي يسمى أحيانًا منحوتات "قرص العسل" أو "الهوابط"‪ ،‬من نموذج هندسي موشوري ثﻼثي اﻷبعاد‬
‫يعد من أكثر السمات المميزة للعمارة اﻹسﻼمية‪ .‬وقد نشأت هذه التقنية شرقا ً في إيران قبل أن تنتشر في جميع أنحاء العالم‬
‫اﻹسﻼمي‪ .‬وقٌدم ﻷول مرة في المغرب من قبل المرابطين‪ ،‬الذين استخدموه في وقت مبكر في أوائل القرن الثاني عشر في‬
‫قبة الباعدين في مراكش وفي مسجد القرويين في فاس‪ .‬بينما استخدمت أقدم أشكال المقرنصات في العمارة اﻹسﻼمية على‬
‫أنها سحق أو معلقة في زوايا القباب‪ ،‬وبشك ٍل سريع تكيفت مع اﻻستخدامات المعمارية اﻷخرى‪.‬‬
‫في العالم اﻹسﻼمي الغربي كانت ديناميكية بشكل خاص واستخدمت من بين أنماط أخرى‪ ،‬لتعزيز السقوف المقببة‬
‫بالكامل‪ ،‬وملء انتقاﻻت رأسية معينة بين العناصر المعمارية المختلفة‪ ،‬وحتى لتسليط الضوء على وجود النوافذ على‬
‫اﻷسطح المستوية‪.‬‬
‫أنواع المباني‪:‬‬
‫فيما يلي ملخص لﻸنواع والوظائف الرئيسية المختلفة للمباني والمجمعات المعمارية الموجودة في العمارة المغربية التاريخية‬

‫العمارة الدينية ‪:‬‬


‫المساجد‬
‫تعد المساجد مكان العبادة الرئيسي في اﻹسﻼم‪ .‬حيث يقوم المسلمين بالدعوة إلى الصﻼة خمس مرات في اليوم ويشاركون في الصﻼة‬
‫معا ً كمجموعة ووجههم في مواجهة "القِبلة" )اتجاه الصﻼة(‪ .‬وقد كان لكل حي عادة مسجد واحد أو أكثر من أجل تلبية اﻻحتياجات‬
‫الروحية لسكانه‪ .‬تاريخياً‪ ،‬كان هناك تمييز بين المساجد العادية و "مساجد الجمعة" أو "المساجد الكبرى"‪ ،‬والتي كانت أكبر حجما ً‬
‫اعتبرت ‪ 2‬صﻼة ظهر الجمعة أكثر أهمية ولها مكانة أكثر أهمية بحكم كونها مكانا ً "الخطبة" )خطبة( التي تُلقى يوم الجمعة‪.‬‬
‫ومصحوبة بكﻼم واعظ‪ ،‬كما كانت لها أهمية سياسية واجتماعية كمناسبات يعلن فيها اﻷخبار والمراسيم الملكية‪ ،‬وكذلك عند ذكر اسم‬
‫الحاكم الحالي‪ .‬في بداية العصر اﻹسﻼمي في المغرب‪ ،‬كان هناك مسجد جمعة واحد فقط في كل مدينة‪ ،‬ولكن مع مرور الوقت‬
‫كما يمكن أيضا ً أن تكون المساجد تضاعف عدد مساجد الجمعة حتى أصبح من الشائع وجود مسجد في كل حي أو منطقة في المدينة‬
‫مصحوبة في كثير من اﻷحيان بمرافق أخرى تخدم المجتمع‪.‬‬

‫تأثرت هندسة المساجد في المغرب بشكل كبير منذ البداية بالمساجد الكبرى المشهورة في تونس واﻷندلس )مسلمو إسبانيا والبرتغال‪،‬‬
‫وقد كان الجامع الكبير بالقيروان وجامع قرطبة الكبير‪ ،‬على وقد نشأت تلك دولتان من العرب المهاجرون والمسلمون إلى المغرب‪.‬‬
‫وفقًا لذلك‪ ،‬تمتلك معظم المساجد في المغرب مخططات أرضية مستطيلة تقريبا ً وتتبع وجه الخصوص‪ ،‬أنماط لعمارة المساجد‪.‬‬
‫تنسيق قاعدة اﻷعمدة‪ :‬وهي تتألف من قاعة صﻼة كبيرة مسندة ومقسمة بصفوف من قوس حدوة الحصان تسير إما موازية أو متعامدة‬
‫مع جدار القبلة )الجدار الذي تتجه نحوه الصﻼة(‪ .‬كان يُرمز إلى القبلة دائما ً بمكانة زخرفية أو فجوة في جدار القبلة‪ ،‬التي تُعرف باسم‬
‫كما يوجد بجانب المحراب منبر رمزي يُعرف باسم "منبر"‪ .‬وعادةً ما كان يضم المسجد "ساحة" )فناء(‪ ،‬وغالبا ً ما كانت المحراب‪.‬‬
‫صغيرا نسبيًا بالنسبة لبقية المسجد‪ ،‬ولكن في‬
‫ً‬ ‫به نوافير أو أحواض مائية للمساعدة في الوضوء‪ .‬في الفترات المبكرة‪ ،‬كان هذا الفناء‬
‫أخيراً‪ ،‬تميزت مباني المساجد بـ المئذنة‪ :‬فترات ﻻحقة أصبح أكبر بشكل تدريجي حتى أصبح مساويا ً لقاعة الصﻼة وأحيانا ً أكبر‪.‬‬
‫اﻷبراج التي يصدر منها المؤذن اﻷذان إلى المدينة المحيطة‪) .‬كان هذا يحدث تاريخيا ً من خﻼل صعود المؤذن إلى القمة وإلقاء‬
‫صوته فوق اﻷسطح‪ ،‬ولكن في الوقت الحاضر يتم إصدار اﻷذان عبر مكبرات الصوت الحديثة المثبتة على البرج‪ (.‬تقليديا ً المآذن‬
‫المغربية لها عمود مربع ويتم ترتيبها في مستويين‪ :‬العمود الرئيسي‪ ،‬الذي يشكل معظم ارتفاعه‪ ،‬وبرج ثانوي أصغر بكثير فوقه‬
‫كما تحتوي بعض المآذن المغربية على أعمدة مثمنة اﻷضﻼع‪ ،‬على الرغم من أن والذي يعلوه في النهاية النحاس أو كرات نحاسية‬
‫داخل العمود الرئيسي يوجد درج للصعود وفي حاﻻت أخرى‪ ،‬منحدر إلى أعلى هذا أكثر خصوصية لﻸجزاء الشمالية من البﻼد‪.‬‬
‫الذي أنشئ في فترة الموحدين‪ .‬في هذا النمط‪ "T" ،‬كما اتبعت مساجد العصور الوسطى المغربية بشكل متكرر نموذج المئذنة‪.‬‬
‫كان الممر أو "الصحن" بين اﻷقواس الممتدة نحو المحراب )عاموديا ً على جدار القبلة( أوسع من اﻷخريات‪ ،‬كما كان أيضا ً الممر‬
‫)مواز لجدار القبلة(؛ وبالتالي تشكل مساحة على شكل‬ ‫ٍ‬ ‫في مخطط أرضية المسجد "‪ "T‬الواقع أمام جدار القبلة وعلى طوله مباشرة‬
‫والتي غالبا ً ما بٌرزت بزخرفة أكبر )على سبيل المثال‪ ،‬أشكال قوس أكثر تفصيﻼً حولها أو أسقف قبة مزخرفة في نهاية كل طرف‬
‫"‪"T‬‬

‫كما وجهة أيضا ً هيكل المسجد بالكامل أو مواءمته مع اتجاه الصﻼة )القبلة(‪ ،‬بحيث كانت المساجد في بعض اﻷحيان موجهة في اتجاه‬
‫مختلف عن بقية المباني أو الشوارع المحيطة بها‪ .‬ورغم هذا الرصف الجغرافي‪ ،‬تختلف اختﻼفا كبيرا من فترة إلى أخرى‪ .‬في الوقت‬
‫الحاضر‪ ،‬من الممارسات المعتادة في جميع أنحاء العالم اﻹسﻼمي أن اتجاه الصﻼة هو اتجاه أقصر مسافة بين المرء والكعبة في مكة‪.‬‬
‫في المغرب‪ ،‬هذا يتوافق مع اﻻتجاه الشرقي بشكل عام )يختلف قليﻼً حسب موقع الدقيق( ومع ذلك‪ ،‬في الفترات اﻹسﻼمية المبكرة كانت‬
‫هناك تفسيرات أخرى لما يجب أن يكون عليه اتجاه القبلة‪ .‬ففي العالم اﻹسﻼمي الغربي )كـالمغرب واﻷندلس(‪ ،‬على وجه الخصوص‪،‬‬
‫غالبا ً ما كانت المساجد القديمة ذات اتجاه جنوبي‪ ،‬كما يتضح من المساجد الكبرى المبكرة مثل مسجد قرطبة ومسجد القرويين في فاس‪.‬‬
‫واستند هذا إلى "]حديث[" رواه محمد بن عبد الله الذي نص على أن "ما بين المشرق والمغرب قبلة"‪ ،‬باﻹضافة إلى وجهة نظر شائعة‬
‫مفادها أن المساجد ﻻ ينبغي أن تتجه نحو الكعبة بل يجب أن تتبع اﻻتجاه اﻷساسي للكعبة المشرفة نفسها )وهي بناء قائم الزوايا له‬
‫محاور هندسية خاصة به(‪ ،‬والتي بدورها تكون محاذية وفقا ً لمراجع فلكية معينة )على سبيل المثال يحاذي محورها الثانوي مع شروق‬
‫الشمس في اﻻنقﻼب الصيفي(‬

‫المعابد‪:‬‬
‫بالرغم من أن عدد اليهود مغاربة قد تضائل كثيرا ً اليوم‪ ،‬إﻻ أنهم يتمتعوا بتاريخ طويل‪ ،‬مما أدى إلى وجود العديد من المعابد اليهودية‬
‫في جميع أنحاء البﻼد )بعضها لم يعد له وجود والبعض اﻵخر ﻻ يزال يعمل(‪ .‬وقد كان للمعابد تصميم مختلف تماما ً عن المساجد‬
‫ولكنها غالبا ً ما تشترك في اتجاهات زخرفية مماثلة لبقية العمارة المغربية‪ ،‬مثل بﻼط زليج الملون والجص المنحوت‪ ،‬وعلى الرغم‬
‫من بناء المعابد اليهودية في وقت ﻻحق من أنماط أخرى أيضاً‪ .‬فقد تضمنت اﻷمثلة البارزة للمعابد اليهودية في المغرب كنيس بن‬
‫دنان في فاس‪ ،‬وكنيس صﻼة العظمة في مراكش‪ ،‬أو كنيس بيت آيل في الدار البيضاء‪ ،‬على الرغم من وجود العديد من اﻷمثلة‬
‫اﻷخرى‪.‬‬

‫المدارس‪:‬‬

‫كانت المدرسة مؤسسة حيث نشأت في الشمال الشرقي من إيران وتُبنيت تدريجيا ً في الغرب بحلول أوائل القرن الحادي عشر‪.‬‬
‫وقدمت هذه المؤسسات التعليم العالي وعملت على تدريب علماء اﻹسﻼم‪ ،‬وﻻ سيما في الشريعة اﻹسﻼمية والفقه )"فلسفة التشريع"(‪.‬‬
‫كانت المدرسة مناقضة في عالم أهل السنة والجماعة بشكل عام للمزيد من المذاهب الدينية "الغير مستقيمة"‪ ،‬بما في ذلك العقيدة التي‬
‫اعتنقتها سﻼلة الموحدين‪ .‬وعلى هذا النحو‪ ،‬فقد ازدهرت في المغرب فقط في أواخر القرن الثالث عشر‪ ،‬في ظل السﻼلة المرينية التي‬
‫خلفت الموحدين‪ .‬أما بالنسبة للمرينيين‪ ،‬فقد لعبت المدارس الدينية أيضا ً دورا ً في دعم الشرعية السياسية لسﻼلتهم‪ .‬لقد استخدموا هذه‬
‫الرعاية لتشجيع وﻻء النخب الدينية المؤثرة في البﻼد ماعدا المستقلة‪ ،‬وأيضا ً لتصوير أنفسهم لعامة السكان على أنهم حماة ومروجون‬
‫لﻺسﻼم السني اﻷرثوذكسي‪ .‬وفي النهاية‪ ،‬لعبت المدارس أيضا ً دورا ً مهما ً في تدريب العلماء والنخب الذين يديرون الدولة‬
‫البيروقراطية‪ .‬باﻹضافة إلى دورها الداعم للمؤسسات التعليمية الكبرى مثل مسجد القرويين؛ ويرجع ذلك جزئيا ً إلى أنهم‪ ،‬على عكس‬
‫المسجد يوفرون أماكن إقامة للطﻼب الذين يأتون من خارج المدينة‪ .‬كان العديد من هؤﻻء الطﻼب فقراء‪ ،‬ويسعون للحصول على‬
‫تعليم كافٍ للحصول على مكانة أعلى في مدنهم اﻷصلية‪ ،‬وقد وفرت المدارس الدينية لهم الضروريات اﻷساسية مثل السكن والخبز‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كانت المدارس أيضا مؤسسات تعليمية في حد ذاتها وقدمت دوراتها الخاصة‪ ،‬مع جعل بعض علماء اﻹسﻼم سمعتهم من‬
‫خﻼل التدريس في مدارس دينية محددة‪.‬‬
‫كما كانت المدارس الدينية بشكل عام تتمحور حول فناء رئيسي به نافورة مركزية‪ ،‬يمكن الوصول إليها من الغرف اﻷخرى‪ .‬وكانت‬
‫أماكن معيشة الطﻼب موزعة عادة في طابق علوي حول الفناء‪ .‬كما تضمنت العديد من المدارس أيضا ً قاعة للصﻼة بها محراب‪،‬‬
‫على الرغم من أن فقط مدرسة بوعنانية في فاس كانت تعمل رسميا ً كمسجد كامل وتضم مئذنتها الخاصة‪ .‬أما بالنسبة للعصر‬
‫المريني‪ ،‬تطورت المدارس الدينية ُ‬
‫وزينت ببذخ‪.‬‬

‫اﻷضرحة والزاوية‪:‬‬
‫تقليديا ً تكون معظم قبور المسلمين بسيطة وغير مزخرفة‪ ،‬خﻼفا ً لشمال إفريقيا التي غالبا ً ما تكون قبور الشخصيات المهمة مغطاة‬
‫بهيكل مقبب )أو قبة غالبا ً ما تكون هرمية الشكل( تسمى "قبة( وتلفظ أيضا ‪ "koubba").‬وكانت هذه سمة خاصة لمقابر "القديسين"‬
‫مثل الوالي والمرابطين‪ :‬اﻷفراد الذين ُكرموا لتقواهم القوية‪ ،‬والمعجزات المشهورة‪ ،‬أو غيرها من الصفات الصوفية‪ .‬ووجد العديد من‬
‫هؤﻻء ضمن فئة أوسع من التصوف اﻹسﻼمي المعروفة باسم الصوفية‪.‬‬

‫أصبحت بعض هذه المدافن محط أنظار مجمعات دينية كاملة بُنيت حولها‪ ،‬وعُرفت باسم "الزاوية" )وتكتب أيضا ً "الزاوية" ؛العربية‪:‬‬
‫زاوية(‪ .‬وعادة ما تضمنت مسجدا ً ومدرسة ومنشآت خيرية أخرى‪ .‬كانت مثل هذه المؤسسات الدينية مراكز رئيسية للصوفية المغربية‬
‫ونمت سلطتها ونفوذها على مر القرون‪ ،‬وغالبا ً ما ارتبطت بـ جماعة اﻹخوان الصوفية أو مدارس فكرية محددة‪ .‬وعلى سبيل المثال‪،‬‬
‫دعم‬
‫بدأت سﻼلة السعديين كقوة عسكرية مرتبطة بالزاوية وأتباع محمد الجزولي‪ ،‬وهو عالم صوفي بارز من القرن الخامس عشر‪ .‬كما َ‬
‫العلويون من بعدهم العديد من الزوايا في جميع أنحاء البﻼد‪ .‬ومن أهم اﻷمثلة على الزوايا في المغرب زاوية موﻻي إدريس اﻷول‬
‫بالقرب من مكناس‪ ،‬وزاوية موﻻي إدريس الثاني في فاس ومقابر القديسين السبعة في مراكش‪.‬‬
‫العمارة المدنية ‪:‬‬
‫الفنادق‬

‫فُندق( وتلفظ أيضا ً ;‪ foundouk or fondouk‬العربية‪ :‬فندق )كما كان يعد نُزل أو مبنى تجاري وكان بمثابة خان للتجار ومستودع‬
‫لبضائعهم وتجارتهم‪ .‬في المغرب‪ ،‬استضافت بعض الفنادق أيضا ً ورش عمل الحرفيين المحليين‪ .‬ونتيجة لهذا الدور‪ ،‬أصبحت أيضا ً‬
‫مراكز ﻷنشطة تجارية أخرى مثل المزاد واﻷسواق‪ .‬كانت تتكون عادةً من فناء مركزي كبير محاط بـ أعمدة‪ُ ،‬رتبت غرف التخزين‬
‫وأماكن النوم حوله‪ ،‬في كثير من اﻷحيان على عدة طوابق‪ .‬كان بعضها بسيطا ً وسهﻼً نسبياً‪ ،‬في حين أن البعض اﻵخر كان غنيا ً‬
‫بالزخرفة‪ ،‬مثل فندق النجارين )أو فندق النجارين( في فاس‬

‫ح ّمامات‪:‬‬

‫الح ّمامات )العربية‪ :‬ح ّمام( هي الح ّمامات العامة المنتشرة في كل مكان في المدن اﻹسﻼمية‪ .‬ومازالت العديد من الحمامات التاريخية‬
‫محفوظة في مدن مثل مراكش وخاصة مدينة فاس‪ ،‬ويرجع الفضل في ذلك جزئيا ً إلى استمرار استخدامها من قبل السكان المحليين‬
‫حتى يومنا هذا‪ .‬ومن بين اﻷمثلة المعروفة للحمامات التاريخية المحفوظة في المغرب القرن الرابع عشر ح ّمام سفارين في فاس‪ ،‬والذي‬
‫خضع للترميم وإعادة التأهيل مؤخراً‪ .‬المستمد من نموذج الح ّمام الروماني‪ ،‬حيث تتكون الحمامات عادة ً من أربع غرف رئيسية‪ :‬غرفة‬
‫تغيير المﻼبس‪ ،‬والتي ينتقل منها الشخص بعد ذلك إلى غرفة باردة وغرفة دافئة وغرفة ساخنة‪ .‬وتولد الحرارة والبخار بواسطة نظام‬
‫الهايپوكوست الذي كان يعمل على تسخين اﻷرضيات‪ .‬كما أعاد الفرن استخدام المواد العضوية الطبيعية )مثل نشارة الخشب أو نوى‬
‫الزيتون أو غيرها من المنتجات الثانوية للنفايات العضوية( عن طريق حرقها للوقود‪ .‬ساعد الدخان الناتج عن هذا الفرن في تسخين‬
‫اﻷرضيات بينما تم التخلص من الدخان الزائد من خﻼل المداخن‪ .‬ومن بين الغرف المختلفة ُزخرفت غرفة تغيير المﻼبس فقط بشكل‬
‫كبير ببﻼط "زليج"‪ ،‬الجص‪ ،‬أو الخشب المنحوت كانت الغرف الباردة والدافئة والساخنة عادةً مقببة أو غرف مقببة بدون نوافذ‪ ،‬مصممة‬
‫لمنع البخار من الهروب‪ ،‬ولكنها مضاءة جزئيا ً بفضل الثقوب الصغيرة في السقف التي يمكن تغطيتها بالسيراميك أو زجاج ملون‪.‬‬

‫النوافير العامة‪:‬‬
‫كما هو الحال في العديد من المدن اﻹسﻼمية‪ ،‬توفر المياه مجانا ً للشعب من خﻼل عدد من نوافير الشوارع‪ ،‬مشابهة للسبيل في الدولة‬
‫وغالبا ً ما كانت النوافير متصلة بالخارج من المساجد العثمانية‪ .‬وقد زينت بعض النوافير بمظلة من الخشب المنحوت أو بﻼط الزليج‪.‬‬
‫وفقا ً لرحالة والمؤرخ ليون اﻹفريقي‪ ،‬في القرن السادس عشر‪ ،‬كان هناك حوالي ‪ 600‬نافورة في والفنادق والقصور اﻷرستقراطية‬
‫ومن اﻷمثلة المعروفة للنوافير في المغرب نافورة النجارين في فاس‪ ،‬ونافورة شروب وشوف في مراكش‪ ،‬ونافورة فاس وحدها‪.‬‬
‫المواسين الملحقة بـمسجد بنفس اﻻسم‪.‬‬
‫البنية التحتية ﻹمدادات المياه‪:‬‬
‫زودت المدن والبلدات المغربية بالمياه من خﻼل عدد من اﻵليات المختلفة‪ .‬كما هو الحال في أي مكان آخر‪ ،‬حيث بنيت معظم‬
‫المستوطنات بالقرب من مصادر المياه الموجودة مثل اﻷنهار والواحات‪ .‬ولكن‪ ،‬كان من الضروري إجراء مزيد من الهندسة من أجل‬
‫استكمال المصادر الطبيعية ولتوزيع المياه عبر المدينة مباشرة‪ .‬على سبيل المثال في فاس‪ ،‬أُنجز ذلك عبر شبكة معقدة من القنوات‬
‫واﻷقنِية التي أخذتها من مياه "]واد فاس[ " )نهر فاس( ووزعتها في جميع أنحاء المدينة‪ .‬وقد كانت قنوات المياه تلك )معظمها مخفي‬
‫اﻵن تحت المباني( تزود المنازل والحدائق والنوافير والمساجد بالطاقة نواعير )عجلة مائية(‪ ،‬وحافظت على صناعات معينة مثل‬
‫مدابغ الجلود )كـ مدبغة شوارة( الشهيرة‪ .‬كما استخدمت النواعير لرفع المياه من هذه اﻷقنِية إلى قنوات المياه ﻹمدادها ﻷبعد من ذلك‪،‬‬
‫مثل "ناعورة" الهائلة‪ ،‬التي يبلغ قطرها ‪ 26‬متراً‪ ،‬والتي بناها المرينيون لتزويد الحدائق الملكية شمال فاس الجديد‪ .‬تقع مراكش في‬
‫بيئة أكثر جفافاً‪ ،‬وقد زو َد جزء كبير منها بنظام "خطارات"‪ ،‬وهو نظام مبتكر ومعقد الذي من خﻼله حفرت قناة تحت اﻷرض أسفل‬
‫المنحدرات في الريف المحيط حتى وصلت إلى مستوى المنطقة الجوفية‪ .‬وقد كانت هذه القناة اﻻصطناعية منحدرة بلطف للسماح‬
‫للمياه بالتصريف من خﻼلها‪ ،‬ولكنها كانت منحدرة بدرجة أقل من التضاريس الطبيعية بحيث ظهرت في النهاية على السطح‪ .‬بهذه‬
‫الطريقة‪ ،‬قامت الخطارات بسحب المياه من حوض جوفي الموجودة على اﻷرض المرتفعة ونقلها إلى السطح باستخدام الجاذبية‬
‫وحدها‪ .‬بمجرد وصولها إلى السطح‪ ،‬كانت تجري على طول القنوات وتخزن في صهريج أو حوض مائي‪ ،‬ومن ثم يمكن إعادة‬
‫توزيعها عبر المدينة‪ .‬حيث أُنشأ هذا النظام في عهد المرابطين )الذين أسسوا المدينة(‪ ،‬كما طور خلفاؤهم المدينة وحافظوا عليها‪.‬‬
‫كما احتاجت مناطق الواحات في المناطق الصحراوية بالمغرب إلى استخدام مكثف للري وقنوات المياه اﻻصطناعية لجعل الزراعة‬
‫ممكنة‪ .‬إضافةً ﻻستخدام أنظمة الخطارة لتكملة مصادر المياه هذه‪ ،‬خاصة وأن المياه السطحية تجف كثيرا ً خﻼل أشهر الصيف‪.‬‬
‫وتعتبر منطقة الواحات تافيﻼلت‪ ،‬الواقعة على طول وادي نهر زيز‪ ،‬نموذجا ً بارزا ً على هذا النظام ‪.‬‬
‫العمارة المحلية‪:‬‬
‫رياض )عمارة(‬
‫"رياض( "يُكتب أحيانا ً "‪ "'Riyad‬؛ العربية ‪ :‬رياض‪ ،‬هي حديقة داخلية توجد في العديد من القصور المغربية والقصور الفاخرة‪.‬‬
‫وعادة ما تكون مستطيلة الشكل ومقسمة إلى أربعة أجزاء على طول محاورها المركزية‪ ،‬وفي وسطها نافورة‪ .‬وربما نشأت حدائق‬
‫الرياض في العمارة الفارسية )حيث تُعرف أيضا ً باسم "شارباگ"(‪ .‬وأصبحت سمة بارزة في العمارة المورسكية القصور في إسبانيا‬
‫)مثل مدينة الزهراء‪ ،‬الجعفرية والحمراء(‪ .‬أما في المغرب‪ ،‬انتشروا بشكل خاص في القصور في مراكش‪ ،‬حيث جعلها مزيج من‬
‫المساحة المتاحة والمناخ الدافئ جذابة بشكل خاص‪ .‬أما حاليا ً يطبق هذا المصطلح بطريقة أوسع على البيوت المغربية التقليدية التي‬
‫ُحولت إلى فنادق ودور ضيافة سياحية‪.‬‬

‫المنازل‪:‬‬
‫كانت المنازل المغربية التقليدية تتمحور عادة ً حول ساحة أو فناء‪ ،‬وغالبا ً ما تكون محاطة بـ شرفة خارجية‪ ،‬تتفرع منه غرف وأقسام‬
‫أخرى‪ .‬منازل ساحة الفناء لها سوابق تاريخية في المنازل والفيﻼت في العالم اليوناني اﻷفريقي‪ ،‬البحر اﻷبيض المتوسط‪ ،‬وحتى‬
‫أوائل الشرق اﻷوسط القديم‪ .‬كانت هذه البيوت مركزة على الداخل‪ :‬حتى القصور الفاخرة عادة ما تكون غير مزخرفة بالكامل من‬
‫الخارج‪ ،‬مع تركيز كل الزخارف على الداخل‪ .‬وقد كان هناك عدد قليل من النوافذ الكبيرة‪ ،‬في الخارج إن وجدت‪ .‬وقد كان المدخل‬
‫الذي يؤدي إلى الفناء‪ ،‬عبارة عن مدخل منحني يمنع الغرباء في الشارع من رؤية ما بداخل المنزل مباشرةً‪ .‬وكما هو الحال مع‬
‫المباني المغربية التقليدية اﻷخرى‪ ،‬تضمنت زخرفة الجص المنقوش والخشب المنحوت المطلي وأعمال القرميد وبﻼط "الزليج"‪ .‬كان‬
‫الفناء ‪ /‬الساحة المركزية‪ ،‬المعروف باسم "وسط الدار" )"وسط المنزل"( هو حجر الزاوية في المنزل‪ .‬حيث كان حجم هذه المساحة‬
‫الداخلية وحرفية صنعها مؤشرا ً على مكانة وثروة أصحابها‪ ،‬بدﻻً من المظهر الخارجي للمنزل‪ .‬قد يكون هذا التركيز الداخلي لعمارة‬
‫المنازل المغربية مدعوما ً جزئيا ً بقيم المجتمع اﻹسﻼمي‪ ،‬والتي ركزت على الخصوصية وشجعت على الفصل بين المساحات العائلية‬
‫الخاصة ‪-‬حيث تعيش النساء وتعمل بشكل عام ‪-‬واﻷماكن شبه العامة حيث يتم استقبال الضيوف الخارجيين‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كانت تقاليد ما‬
‫قبل اﻹسﻼم للهندسة المعمارية المحلية في البحر اﻷبيض المتوسط وأفريقيا أيضا ً في أصل هذا النموذج‪ .‬ومن المرجح أن هذان‬
‫العنصران قد ساهموا معا ً في جعل منزل الفناء نموذجا ً ٍ◌ شبه عالمي للبيوت المغربية التقليدية‪ .‬ليس من الواضح إلى أي مدى‬
‫استوحيت حدائق الرياض والمنازل المغربية من النماذج التي استوردها المهاجرون من اﻷندلس‪ ،‬حيث بقيت العديد من اﻷمثلة اﻷولية‬
‫أيضاً‪ ،‬أو إلى أي مدى تطورت محليا ً بالتوازي مع النماذج اﻷندلسية لكن ما هو أكيد أنه كانت هناك عﻼقة ثقافية وجيوسياسية وثيقة‬
‫تاريخيا ً بين المنطقتين على جانبي مضيق جبل طارق‪ ،‬وأن قصور غرناطة‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬كانت مماثلة لتلك التي فاس في الفترة‬
‫ذاتها‪.‬‬
‫العمارة المغربية للمنازل حتى القرن السادس عشر‪:‬‬
‫بقيت العديد من القصور البرجوازية التاريخية في جميع أنحاء البﻼد‪ ،‬معظمها من الفترة العلوية ولكن بعضها يعود إلى الفترة‬
‫المرينية أو السعديين في فاس ومراكش‪ .‬في أوائل القرن العشرين في فاس‪ ،‬قام ألفريد بل بدراسة وتوثيق منزل غني بالزخارف يعود‬
‫إلى بداية القرن الرابع عشر )الفترة المرينية المبكرة( قبل أن يهدمه أصحابه‪ .‬بُني من الطوب‪ ،‬وتحمل زخارفه وشكله أوجه تشابه‬
‫كبيرة جداً مع المدارس المرينية التي بنيت في فاس في الفترة عينها‪ ،‬مما يكشف عن ذخيرة زخرفية مشتركة وحرفية بين المدارس‬
‫الدينية والمنازل الخاصة للعائﻼت الغنية‪ .‬وعﻼوة على ذلك‪ ،‬كان التصميم العام أيضا ً مشابها ً لمنازل المسلمين في غرناطة وأظهر‬
‫العديد من السمات الكﻼسيكية للمنازل المغربية في العصور الوسطى والتي غالبا ً ما تكررت في المنازل الﻼحقة‪ .‬كان يحتوي على‬
‫فناء مركزي مربع أو فناء )يسمى "وسط الدار"( محاط برواق من طابقين‪ ،‬تنفتح منه الغرف من كل جانب في كﻼ الطابقين‪ .‬كانت‬
‫الغرف واسعة ولكنها مسطحة نسبيا ً من أجل الحفاظ على مخطط أرضي مربع بشكل عام مع وجود الفناء في وسطه‪ ،‬وتُفتح الغرف‬
‫الرئيسية من خﻼل مداخل مقوسة عالية جدا ً بأبواب خشبية مزدوجة‪ .‬وفوق هذه المداخل في الطابق اﻷرضي توجد نوافذ تسمح‬
‫بدخول الضوء من الفناء إلى الغرف الموجودة خلفها‪ .‬وبالرغم من عدم تناسقها بالكامل‪ ،‬كانت كل واجهة في رواق الفناء تتكون من‬
‫قوس مركزي طويل وعريض وقوسين جانبيين ضيقين‪ .‬وقد نتج عن هذا الترتيب مجموعة من ثﻼثة أعمدة في زوايا الرواق‪ .‬ويتألف‬
‫الجزء العلوي من القوس المركزي في رواق الطابق السفلي من مستويين أو قوس كوربل خشبي أسكفية بدﻻً من قوس دائري‪ ،‬بينما‬
‫كان القوسان اﻷصغر على الجانب مستديران وأدنى بكثير‪ .‬وامتﻸ الفراغ الرأسي فوق اﻷقواس الجانبية بزخارف جصية مزخرفة‬
‫تعتمد على شكل "الشبك"‪ ،‬على غرار بعض اﻷسطح المزخرفة في المدارس المرينية بالمدينة‪ .‬وكان القوس المركزي لرواق الطابق‬
‫الثاني عبارة عن قوس دائري حيث تمتلئ الركنيات بنفس النوع من الزخرفة الجصية‪ ،‬مع وجود عقدين أصغر في كﻼ الجانبين لهما‬
‫غطيت اﻷجزاء السفلية من أعمدة‬ ‫شكل مماثل‪ .‬وكما نُقشت اﻷسكفيات الخشبية بـزخارف نباتية وكذلك بأحرف كوفية مزخرفة‪ .‬وقد ُ‬
‫الطوب ببﻼطات "زليج‪".‬‬

‫على الرغم من هدم المنزل‪ ،‬فقد ُحفظت قطع من الزخارف الجصية للمنزل في متحف دار البطحاء في فاس‪.‬‬
‫دار شريفة منزل مرمم من العصر السعدي في مراكش مع أوجه تشابه مع منازل العصر المريني السابق في فاس‪ ،‬بترتيبها المكون‬
‫من اثني عشر عمودا ً وزخارف جصية وخشبية قوس كوربيل‪ ،‬ومنذ ذلك الحين هدم هذا المنزل الموثق في العصور الوسطى وهو‬
‫منزل آخر من العصر المريني )ربما القرن الرابع عشر(‪ ،‬يُعرف باسم دار الصفيرية أو دار الفاسيين‪ ،‬تمت دراسته من قبل هنري‬
‫تيراس وبوريس ماسلو‪ ،‬من نفس الشكل ولكن أكثر تواضعا ً وهُدمت أيضا ً في أواخر القرن العشرين‪ ،‬ولكن تمت دراسة العديد من‬
‫المنازل اﻷخرى التي ربما تعود إلى العصر المريني أو العصر السعدي من قبل جاك ريڤو ولوسيان گولڤن وعلي أمهان في دراستهم‬
‫لمنازل فاس‪ ,.‬حيث تتميز جميعها باختﻼفات على نفس الشكل العام للمنزل الذي درسه ألفريد بيل‪ :‬فناء مركزي مربع محاط بغرف‬
‫تنفتح من خﻼل أبواب رواق طويل‪ ،‬وأحيانا ً بنوافذ فوق مداخل الطابق اﻷرضي‪ ،‬وغالبا ً ما تكون خلف رواق من طابقين‪.‬‬

‫في حين أن معظم المنازل لديها ترتيب أبسط لعمود واحد في كل ركن من أركان الرواق‪ ،‬فإن القصور اﻷكبر مثل دار ﻷزرق )الذي‬
‫يمتلكه عائلة ﻻزرق منذ القرن التاسع عشر( ودار ديمانة )الذي بُني على يد عائلة اﻷوزاني( بها مجموعات من ثﻼثة أعمدة في كل‬
‫ركن )ﻹجمالي اثني عشر عموداً(‪ ،‬يكرر شكل فتحة مركزية كبيرة تحيط بها أقواس أصغر على كل جانب من جوانب‬
‫الرواق تعتبر اﻷسكف الخشبية التي تشكل أقواسا ً مقوسة في اﻷروقة ميزة شائعة في جميع اﻷنحاء‪ ،‬وأحيانا ً تكون محفورة بزخارف‬
‫نباتية أو كتابية ومدعومة أحيانا ً بزخارف من الجص المزخرف‪ .‬دار ﻻزرق‪ ،‬الذي من المحتمل أن يعود تاريخه إلى القرن الخامس‬
‫عشر أو السادس عشر‪ ،‬يتميز بنفس النوع من الزخارف الجصية القائمة على "الشبكة" في الفراغات فوق اﻷقواس الجانبية الصغيرة‬
‫في فنائه‪ .‬كما يتميز دار دمانا‪ ،‬والذي يعود تاريخه إلى العصر المريني ولكن من المرجح أنه بُني في وقت سابق‪ ،‬ببرج مراقبة قصير‬
‫)"منزه"( على شرفة السطح‪ ،‬مما يسمح ﻷصحابها باﻻستمتاع بإطﻼلة أفضل على المدينة – وهي ميزة موجودة في العديد من‬
‫القصور في كل من فاس ومراكش‪ .‬كما تجاوره حديقة رياض منفصلة‪ ،‬وهي ميزة لم تكن شائعة من قبل في الهندسة المعمارية لمدينة‬
‫فاس‪ .‬وفي عام ‪ُ 2010‬رمم كل من دار ديمانة ودار ﻻزرق‪ .‬حيث يعود تاريخ أقدم المنازل الباقية في مراكش إلى القرن السادس‬
‫عشر أو أوائل القرن السابع عشر خﻼل فترة السعديين‪ .‬وﻻ يزال عدد من هذه المنازل قائما ً حتى اليوم في حاﻻت حفظ مختلفة‪.‬‬
‫وتشمل هذه دار الشريفة )المعروفة سابقًا بدار عجمي(‪ ،‬ودار المسعودين )المدمر جزئياً(‪ ،‬ودار المصلحيين )المعروف أيضا ً باسم‬
‫قصر أگافاي(‪ .‬ويحتوي متحف المواسين أيضا ً على مثال لشقة "الدويرية" التي ُرممت في العصر السعدي‪ ،‬أو جناح ضيوف في‬
‫الطابق العلوي‪ .‬تتميز دار الشريفة ودار المسعوديين على وجه الخصوص بزخارف غنية جدا ً لها أوجه تشابه قوية مع الزخرفة‬
‫الجصية والخشبية لمدرسة بن يوسف‪ ،‬مما يشير إلى أنه من المحتمل أن تكون قد بنيت في نفس الوقت تقريبا ً )النصف الثاني من‬
‫القرن السادس عشر( كما استمروا في اﻷشكال التقليدية للمنازل المرينية السابقة‪ ،‬مع ترتيب الفناء المكون من اثني عشر عموداً‪،‬‬
‫وعتبات خشبية منحوتة في اﻷروقة‪ ،‬وزخرفة جصية منقوشة بزخارف "الشبك" حول اﻷقواس أو فوقها‪ .‬على عكس منازل فاس‪،‬‬
‫تحتوي اﻷروقة على مستوى مرتفع واحد فقط‪ ،‬على الرغم من أنه في بعض الحاﻻت يتم دمج الطابق الثاني من الغرف خلف‬
‫واجهات الرواق‪ .‬وكما تسمح الفتحات المركزية الكبيرة لﻸروقة مرة أخرى بإلقاء نظرة دون عائق على المداخل الطويلة والمزخرفة‬
‫المؤدية إلى الغرف المحيطة‪ .‬وفي هذه المنازل‪ ،‬تكون هذه المداخل الرسمية أكثر زخرفة وتتكون من أقواس ﻻمبركين مع مقرنصات‬
‫ومنحوتة إنترادوس‪.‬‬

‫العمارة المغربية للمنازل بعد القرن السادس عشر‪:‬‬


‫قام العالم جورج مارسي في القرن العشرين‪ ،‬بعرضه العام للهندسة المعمارية في المنطقة‪ ،‬حيث قسّم هندسة المنازل المغربية إلى‬
‫ثﻼث فئات عامة‪ :‬منازل فاس ومكناس وشمال المغرب‪ ،‬ومنازل مراكش وجنوب المغرب‪ ،‬وبيوت الرباط وسﻼ والمدن الساحلية‬
‫الغربية‪.‬‬
‫استمرت التقاليد المعمارية في فاس ومكناس‪ ،‬التي نشأت في وقت سابق منذ المرينيين‪ .‬حيث كانت المنازل غالبا ً ما تكون مبنية من‬
‫أكثر من المدن اﻷخرى‪ ،‬منازل فاس الطوب‪ ،‬على الرغم من أن تلك المباني ذات الجدران السميكة غالبا ً ما بنيت بتراب المدكوك‪.‬‬
‫طويلة وذات تصاميم طوابق أضيق‪ ،‬مع أفنية داخلية )"وسط الدار"( تشبه شكل البئر العميق أو كوة بدﻻً من فناء مفتوح‪ .‬وينطبق‬
‫عادة الشيء نفسه في مكناس بدرجة أقل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تعد اﻷفنية المركزية الموجودة في البيوت الغنية من بين أفخم اﻷفنية في البﻼد‪.‬‬
‫ما تكون اﻷجزاء السفلية من الجدران واﻷعمدة مغطاة ببﻼط الزليج‪ ،‬واﻷسطح العلوية مغطاة بالجص المنقوش )أو بالجبس اﻷملس‬
‫للمنازل اﻷكثر تواضعاً(‪ ،‬وكانت قمم اﻷروقة مبطنة بعتبات خشبية ثقيلة‪ ،‬وتشكل أقواس مقوسة كما في اﻷمثلة المرينية والسعدية‬
‫السابقة‪ .‬أما العناصر الخشبية ‪-‬بما في ذلك اﻷبواب والسقوف وعتبات المعرض ‪-‬كانت مصنوعة عادة ً من خشب اﻷرز وكانت غنية‬
‫بالمنحوتات والرسوم‪ .‬وقد كانت المنازل اﻷكثر ثرا ًء تحتوي على غرف استقبال في الطابق اﻷرضي‪ ،‬مفتوحة على الفناء‪ ،‬والتي‬
‫كانت متساوية في الديكور إن لم تكن أكثر ثرا ًء‪ ،‬وأحيانا ً مع أسقف خشبية متقنة مثل القبة‪ .‬وعُثر على هذا النمط بدوره في مدن‬
‫أخرى في منطقة الشمال المغربي مثل وزان وتازة وموﻻي إدريس زرهون‪ ،‬وإن كانت في شكل أقل بذخاً‪.‬‬
‫وبشك ٍل مغاير لذلك‪ ،‬في مراكش‪ ،‬كانت المناظر الطبيعية المسطحة والمساحة الواسعة داخل أسوار المدينة تعني أن المنازل يمكن أن‬
‫تحتوي على ساحات فناء أكبر وعدد أقل من الطوابق‪ .‬كما تحتوي معظم المنازل القديمة على طابق أرضي فقط‪ ،‬أو على اﻷكثر‬
‫طابق علوي بسقف منخفض يستخدم للتخزين‪ .‬وغالبا ً ما تحتوي المنازل اﻷكبر واﻷغنى على حدائق رياض‪ ،‬والتي كانت أكثر شيوعا ً‬
‫في مراكش منها في المدن اﻷخرى‪ .‬وبُنيت المنازل من الطوب أو التراب المدكوك‪ ،‬مع استخدام الخشب مرة أخرى لعناصر معينة‪.‬‬
‫أصبحت اﻷقواس الخشبية المقوسة التي شوهدت في المنازل القديمة أقل شيوعا ً في القرون اﻷخيرة‪ ،‬وفُضلت اﻷقواس المستديرة أو‬
‫استخدمت أقواس حدوة الحصان بعد القرن الثامن عشر‪ .‬وكانت الجدران المقوسة من الطوب بدﻻً من ذلك‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬نادرا ً ما‬
‫مغطاة بالجص الذي كان له تاريخيا ً لون وردي أو ضارب إلى الحمرة أو مصفر‪ ،‬وفي بعض اﻷحيان كانت مفعمة بالحيوية بأفاريز‬
‫تتميز إطارات النوافذ وإطارات من الزخارف المرسومة‪ .‬استخدم بﻼط "زليج" في غرف اﻻستقبال وحول النوافير‪ .‬وغالبا ً ما‬
‫اﻷبواب بالجص المنحوت‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬ومع مرور الوقت أصبح نحت الزخارف في الخشب أقل شيوعاً‪ ،‬وبحلول أواخر القرن‬
‫التاسع عشر اقتصرت الزخرفة الخشبية على الزخرفة المطلية‪ .‬كما تطورت هذه الزخرفة المرسومة أيضاً‪ ،‬حيث أدت إلى زيادة‬
‫استخدام الزخارف الزهرية وعادة ما تستخدم خلفية حمراء‪.‬‬
‫كما كانت المنازل في سﻼ والرباط عادة ً ما تُبنى من حجارة اﻷنقاض‪ ،‬باستخدام قطع الحجر في زوايا الجدران وﻹطارات اﻷقواس‪.‬‬
‫وكانت اﻷفنية المركزية متوسطة الحجم وتحيط بها أروقة غالبا ً ما تكون مصنوعة من الحجر‪ .‬وتعد أقواس اﻷروقة مستديرة‪ ،‬ومتعددة‬
‫الفصوص‪ ،‬أو منحوتة في مقرنص‪ ،‬مدعمة بـ أعمدة مصنوعة من براميل حجرية تنتهي بـ تيجان منحوتة بزخارف اﻷرابيسك مثل‬
‫أوراق اﻷقنثة‪ .‬إن استخدام الحجر‪ ،‬الذي كان متاحا ً من محاجر الحجر الجيري في وادي أبو رقراق‪ ،‬م ّكن المنازل في هذه المدن من‬
‫الحصول على أعمدة أكثر ضعفا ً وجدران أصغر حجما ً سمحت بمزيد من الضوء وبنسب معمارية أكثر أناقة‪ .‬كانت المنازل القديمة‬
‫عموما ً تحتوي على طابق أرضي فقط‪ ،‬وكانت اﻷسقف بسيطة وغير مزخرفة‪ ،‬على عكس منازل مراكش وفاس‪ .‬وعادة ً ما تًبييض‬
‫الجدران الخارجية والداخلية‪ .‬إحدى السمات المميزة لهذا النمط اﻹقليمي المداخل الخارجية‪ ،‬التي صنعت أبوابها بالحجر المقطوع‪.‬‬
‫وغالبا ً ما تُزين هذه الواجهات الحجرية بقولبة منحوتة حول حوافها وبنمط منحوت من الحجر المنحوت أعلى قوس المدخل‪ .‬وعلى‬
‫الرغم من أن بعض هذه المداخل‪ ،‬خاصة في مدينة سﻼ‪ ،‬كانت منقوشة بنقوش أرابيسك زخرفية‪ ،‬إﻻ أنها في معظم المناطق لها مظهر‬
‫شبه أوروبي‪ .‬كما ينسب جورج مارسيه هذه الميزة اﻷسلوبية إلى تأثير عمارة النهضة اﻹسبانية‪ ،‬التي كان من الممكن أن تعاد إلى هذه‬
‫طر ُد في طرد الموريسكو في بداية القرن السابع عشر واستقروا في هذه المدن الساحلية‪.‬‬ ‫المنطقة من قبل موريسكو الﻼجئين الذين ُ‬
‫باﻹضافة إلى ذلك‪ ،‬من المحتمل أن يكون وجود البؤر اﻻستيطانية اﻹسبانية والبرتغالية على طول الساحل المغربي بين القرنين الخامس‬
‫عشر والسابع عشر قد أضاف إلى هذا التأثير‪ .‬ويمكن أن يُرى هذا النمط مع اﻻختﻼفات المحلية‪ ،‬في مدن ساحلية أخرى مثل آسفي‬
‫وأزمور‪ .‬في الوقت الحالي‪ ،‬فقد حلت المواد الحديثة بشكل متزايد محل بعض المواد التقليدية أثناء تجديد المنازل القديمة‪ .‬حيث استُبدلت‬
‫النوافذ الخشبية من نوع "المشربية" بشبكات حديدية‪ ،‬وأستخدم اﻹسمنت في الجدران واﻷعمدة بدﻻً من الطوب والتراب المدكوك‪.‬‬

‫القصور‪:‬‬
‫تمكن السﻼطين والخلفاء‪ ،‬باﻹضافة إلى وزراء الحكومة اﻷكثر نفوذا ً وثرا ًء في القرنين التاسع عشر والعشرين‪ ،‬من تشيد قصور واسعة‪.‬‬
‫أشارت "دار المخزن" )التي تعني تقريبا ً "دار ‪ /‬مقر حكومي"( إلى القصر الملكي ومركز الحكم في عدد من المدن‪ ،‬مثل دار المخزن‬
‫في فاس‪ ،‬والرباط‪ ،‬طنجة‪ ،‬مكناس‪ ،‬أو مراكش‪ .‬ﻻ تزال هذه القصور عمو ًما محظورة على معظم الزوار اليوم‪ .‬وبشك ٍل عام فقد كان‬
‫للقصور الملكية "مشوار"‪ ،‬وهو فناء كبير محاط بأسوار كانت بمثابة مساحة احتفالية أو ساحة عرض عند مدخل القصر‪ .‬وكانت هذه‬
‫الساحات في متناول الجمهور وشكلت الواجهة العامة لمنزل الحاكم‪ ،‬وأحياناَ◌َ كانت تطل عليها بوابات ضخمة ومزينة جيدا ً تؤدي إلى‬
‫أراضي القصر )على سبيل المثال باب منصور في مكناس(‪ .‬يعتبر مشوار فاس الجديد مثال على ذلك‪ ،‬كما كانت الساحة الواسعة‬
‫المعروفة اليوم باسم "ساحة الهديم" في مكناس‪ .‬تتكون القصور نفسها عادة ً من العديد من المباني واﻷجنحة مرتبة حول سلسلة من‬
‫اﻷفنية‪ ،‬حديقة السعادة‪ ،‬والرياض‪ .‬ونتج عن ذلك مجمعات قصور ذات تصميم مترامي اﻷطراف ؛ في بعض الحاﻻت كان هذا نتيجة‬
‫لمراحل متعددة من البناء التي جرت في فترات مختلفة‪ .‬وغالبا ً ما تضمنت هذه القصور أيضا ً عددًا من المرافق العامة مثل الحمامات‬
‫والمساجد‪ ،‬مما يجعلها عمليا مدنا ً ملكية مكتفية ذاتياً‪ .‬كما بنى السﻼطين قصورا ً وأجنحة خارجية إضافية مثل دار البطحاء في فاس‪،‬‬
‫فضﻼً عن حدائق واسعة على مشارف عاصمتهم مثل حديقة أكدال في مراكش وحديقة موسارا في السابقة في فاس‪ .‬في القرن التاسع‬
‫عشر وأوائل القرن العشرين‪ ،‬تمكن الوزراء العظام وكبار المسؤولين اﻵخرين في الحكومة من تجميع ما يكفي من القوة والثروة لبناء‬
‫قصورهم الخاصة ﻷنفسهم وأسرهم‪ .‬ومن اﻷمثلة على ذلك قصر الباهية با أحمد )الذي استولى عليه السلطان ﻻحقاً( و دار الباشا و‬
‫دار سي سعيد في مراكش ‪ ،‬دار مقري ودار گﻼوي بفاس‪ ،‬و دار منبحي في فاس و نظيره في مراكش‪ .‬كما أستطاع بعض أمراء‬
‫شييدت على يد‬ ‫الحرب وأمراء الحرب المحليون اﻵخرون بناء قصورهم الفخمة‪ ،‬مثل قصر الريسوني في أصيلة‪ .‬إن قصبة تلوا‪ ،‬التي ُ‬
‫عشيرة گﻼوي والتي ُحفظ جزء منها اليوم‪ ،‬هي مثال بارز آخر لقصر من القرن العشرين ُ‬
‫شييدة باستخدام اﻷساليب التقليدية‪ ،‬ولكنه يقع‬
‫في بلدة جبلية ريفية‪.‬‬
‫العمارة العسكرية ‪:‬‬
‫جدران المدينة ‪:‬‬
‫بشكل عام بُنيت أسوار دفاعية من صدم اﻷرض‪ .‬وتتكون من جدار يعلوه ممشى للجنود‪ ،‬معززة على فترات منتظمة بأبراج مربعة‬
‫حصن‪ .‬وقد توجت هذه الجدران بشكل مميز بدعامة على شكل كتل مربعة تعلوها أغطية هرمية‪ .‬ﻻ تزال اﻷمثلة الرئيسية لهذه‬
‫التحصينات قائمة في مراكش‪ ،‬فاس‪ ،‬الرباط‪ ،‬ومدن أخرى‪ .‬وتشترك اﻷسوار الدفاعية التي شيدت في عهد مسلمي اﻷندلس أيضا ً في‬
‫هذا الشكل العام‪ ،‬وقد بقيت نماذج منها في قرطبة‪ ،‬إشبيلية‪ ،‬وغرناطة‪.‬‬

‫بوابات المدينة ‪:‬‬


‫كما هو الحال في تحصينات القرونسطية في أماكن أخرى من العالم‪ ،‬ثًقبت أسوار المدينة المغربية بعدد من بوابات لمنحها الدخول‬
‫والخروج من المدينة‪ .‬ونظرا ً ﻷن هذه كانت غالبا ً أضعف النقاط في الجدار الدفاعي‪ ،‬فقد كانت عادة ً أكثر تحصينا ً من الجدار المحيط‬
‫بها‪ .‬حيث كان لمعظم البوابات المغربية في القرونسطية مدخل منحني‪ :‬جعل ممرها حادا ً كـزاوية قائمة مرة واحدة أو عدة مرات من‬
‫أجل إبطاء أي مهاجمين‪ .‬وهي مصممة بمظهر بسيط إلى ح ٍد بعي ٍد جدًا ومزينة‪ .‬كما بني العديد من البوابات اﻷثرية التي ﻻ تزال‬
‫موجودة حتى اليوم من الحجر خﻼل الفترة الموحدية‪ ،‬بما في ذلك باب اگناو في مراكش وبوابة قصبة الوداية في الرباط‪ .‬نظرا ً ﻷن‬
‫الوظيفة الدفاعية ﻷسوار المدينة وبواباتها أصبحت أقل أهمية في العصر الحديث‪ ،‬فقد أصبحت البوابات أكثر هياكل زخرفية ورمزية‪،‬‬
‫مثل بوابة أبي الجنود الذي بني في فاس عام ‪.1913‬‬
‫قَ َ‬
‫صبَات ‪:‬‬
‫صـبَـة( إلى السياج المحصن‪ ،‬بدءا ً من حصون الحامية الصغيرة إلى المناطق‬ ‫في المغرب يشير مصطلح القصبة بشك ٍل عام )العربية‪ :‬قَـ َ‬
‫المحاطة بأسوار واسعة والتي كانت بمثابة القلعة ومركز الحكومة في المدينة )مثل قصبة مراكش أو قصبة طنجة(‪ .‬يمكن أن تشير‬
‫"القصبة" )وتسمى أيضا ً "‪ "tigrent‬في اللغة اﻷمازيغية( إلى العديد من الحصون أو القصور المحصنة في جبال اﻷطلس والصحراء‬
‫والواحات في المغرب‪ ،‬مثل قصبة تلوا‪ ،‬قصبة امريديل‪ ،‬تامنوگالت‪ ،‬قصبة تاوريرت في ورززات‪ .‬في هذه المناطق‪ ،‬التي غالبا ً ما‬
‫تكون مناطق أمازيغية )بربرية( تقليدية‪ ،‬تُبنى القصبات عادة ً من التراب الصخري والطوب الطيني )أو أحيانا ً الحجر( وغالبا ً ما تُميز‬
‫شرفات على شكل سن المنشار‪.‬‬ ‫بأبراج زاوية مربعة‪ ،‬مزينة أحيانا ً بزخارف هندسية على طول جدرانها العلوية‪ ،‬وتعلوها ُ‬

‫أگادير‪:‬‬
‫ُحصنت "أكادير" أو ما تعرف بـمخازن الحبوب‪ ،‬التي توجد عادة في مناطق الصحراء والجبل والواحات في جنوب وشرق المغرب‪.‬‬
‫وهي إحدى اﻷنواع المعمارية المرتبطة بشكل خاص بالعمارة اﻷمازيغية في شمال إفريقيا‪ .‬تتألف هذه المباني عادة ً من جدار حجري‬
‫خارجي صلب‪ ،‬وأحيانا ً مع أبراج تحصين‪ ،‬وداخلها عبارة عن خطوط من غرف التخزين الصغيرة‪.‬‬
‫قصور )قُرى ُمحصنة(‪:‬‬
‫يستخدم المصطلح ‪ qsūr‬أو ‪) qsars‬المعروف أيضا ً باسم "‪ "ksar‬أو "‪ ("ksour‬لﻺشارة إلى القرى المحصنة في الصحراء والجبل‬
‫ومناطق الواحات المغربية‪ ،‬المرتبطة مرة أخرى بالعمارة اﻷمازيغية‪ .‬وعادة ما تكون محاطة بجدار دفاعي مقوى بأبراج‪ ،‬مبنية مرة‬
‫أخرى من التراب المدكوك والطوب الطيني أو الحجر‪ .‬عادة ما يكون للجدار المحيط بوابة واحدة فقط‪ ،‬وتقع معظم المباني العامة‬
‫بالقرب من هذه البوابة‪ .‬حيث يعد قصر آيت بن حدو هو أحد اﻷمثلة الشهيرة على ترسيخ "القصور" المحفوظة‪ ،‬مكتمل بقصبة شاهقة‬
‫بالقرب من مدخله و "أگادير" على قمة تل‪.‬‬

‫بشك ٍل عام تُشير كلمة "بُرج" )العربية‪ :‬برج( إلى حصن أو صرح أو معقل‪ ،‬مثل برج الشمال في فاس‪ A sqala .‬أما النوع اﻷخر‬
‫من الحصون كان )العربية‪ :‬سقالة(‪ ،‬وغالبا ً ما تكون على شاطئ البحر بمنصة للمدافع‪ ،‬مثل سقالة الصويرة أو قصبة الوداية في‬
‫الرباط‪ .‬باﻹضافة إلى "رباط" التي تشير كلمة )العربية‪ِ :‬ربَـاط( عادة ً إلى قلعة ريفية أو حدودية يستخدمها ظاهريا ً المحاربون الذين‬
‫يشنون "الجهاد" على حافة اﻷراضي اﻹسﻼمية‪ ،‬على الرغم من أنها أيضا ً تشير إلى نوع من "اﻷديرة" المحصنة أو الخلوة الروحية‬
‫ﻷتباع الصوفية‪ ،‬على عكس الزاوية‪ .‬ومن أمثلته البارزة‪ ،‬من الناحية المعمارية‪ ،‬رباط تيط جنوب الجديدة‪ ،‬والذي في اﻷصل شيدته‬
‫أحدى العائﻼت في القرن الثاني عشر‪ .‬كما )يُﻼحظ أيضًا أن اسم مدينة الرباط مشتق من اسمها اﻷصلي "رباط الفتح"‪.‬‬

You might also like