‫تفريغ مادة المجلس‬

‫الرابع عشر لفضيلة الشيخ‬

‫الجزء الثالثين ‪ -‬سورة البروج‬

 ‫تفريغ مادة المجلس الرابع عشر ‪ -‬الجزء الثالثين ‪ -‬سورة البروج‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫معهد اإلمام ابن كثير‬
‫تفسير سورة البروج (الدرس الرابع عشر)‬
‫فضيلة الشيخ الدكتور‪ :‬محمد األمين إسماعيل حفظه هللا ‪:-‬‬

‫الحمد هلل رب العــالمين الرحمن الرحيم مــالك يوم الدين والصالة والسالم‬
‫علــى رسول هللا االمين سيدنــا محمد صلــى هللا عليــه وعلــى الــه وصحبــه‬
‫وســلم تســليمًا ً كثيرًا ً مزيدًا ً جعلنــا هللا من اتباعــه وحزبــه وجنده واحبابــه‬
‫وانصــاره المفــلحين فــي الدنيــا االخرة اللــهم احيينــا علــى سنتــه وامتنــا علــى‬
‫ملتــه وًأًحشرنــا فــي زمرتــه وًاًدخلنــا الجنــة تحت لوائــه اللــهم أوردنــا حوضــه‬
‫واشملنــا بشــفاعته واجزه عنــا خيرا مــا جزيت نبيـّا ّ عن امتــه برحمتك يــا ارحم‬
‫الراحمين ــيا رب الــعالمين وــبعد‪:‬‬
‫اإلخوة واألخوات أبنائــي وبناتــي فــي معــهد االمــام ابن كثير للتــفسير‪ ،‬السالم‬
‫عــليكم ورحمــة هللا وبركاتــه واســعد هللا اوقــاتكم بكل خير ومتــعكم هللا بالصحة‬
‫والعافيــة واهًالً وســهًالً ومرحبــا بكم فــي المحــاضرة الرابعــة عشر ان شــاء‬
‫هللا تعالــى بحول هللا وقوتــه وعونــه وتوفيقــه ومشيئتــه والتــي نتنــاول فيهــا‬
‫مستــعينين بــاهلل تعالــى سورة البروج او تــفسير سورة البروج وسورة البروج‬
‫من السور المكيــة باالجمــاع وهذه السورة الكريمــة المباركــة ترتيبهــا فــي‬
‫كتــاب هللا عز وجل الخامســة والثمــانون وعدد آياتهــا كذلك باالجمــاع فــي‬
‫كافــة المصــاحف اثنين وعشرين ايــة وعدد كلماتهــا سبحــان هللا كذلك باالجماع‬
‫مائــة وتســعة كلمــة وخالف فــي عدد حروفهــا وعلــى قول االكثرين أربعمئــة‬
‫ثمانــية وخمسين حرــفا‪.‬‬
‫ِت الُبُروِجِ﴾ وهذه‬ ‫مــاِء ذا ِ‬
‫َّس ِ‬ ‫﴿َوال َ‬
‫تبدأ بــقول هللا جل جاللــه سبحانــه وتعالــى َ‬
‫اآليــة قبل ان نأتــي الــى تــفسير سورة البروج كــقول هللا عز وجل فــي سورة‬
‫ّاِظريَنَ ﴾ [الحجر‪]١٦ :‬‬ ‫ـاِء ُبُرو�ج ـًا ََوَزَ َّيَّنّاهــا ِِلل�نـ ِ‬
‫َّسمـ ِ‬‫﴿َو�لـََقَد ََجَعَلنــا �فـِي ال َ‬ ‫الحجر َ‬
‫مــاِء ُبُرو ًًجــا ََو ََجــَعَ ََل فيهــا‬
‫َّس ِ‬ ‫بــاَر ََك اَّلَذي ََجــَعَ ََل �فـِي ال َ‬ ‫وفــي سورة الفرقــان ﴿َت َ َ‬
‫نيًرا﴾ [الفرقــان‪ ]٦١ :‬واختلــفوا فــي المراد ببروج السمــاء‬ ‫ِِسرا ًًجــا ََوَقَ ََم ًًرا ُُم ً‬
‫﴿َو�لـََقَد ََجَعَلنــا‬
‫أو بــقول تعالــى {السمــاء ذات البروج} وفــي قول هللا عز وجل َ‬
‫ّاِظريَنَ ﴾ [الحجر‪ ]١٦ :‬وفــي قول هللا تبــارك‬ ‫ـاِء ُبُرو�ج ـًا ََوَزَ َّيَّنّاهــا ِِلل�نـ ِ‬
‫َّسمـ ِ‬ ‫�فـِي ال َ‬
‫مــاِء ُبُرو ًًجــا ﴾ [الفرقــان‪]٦١ :‬‬ ‫َّس ِ‬ ‫بــاَر ََك اَّلَذي ََجــَعَ ََل �فـِي ال َ‬
‫وتعالــى ﴿َت َ َ‬
‫الــقول الظــاهر والواضــح ان المراد بــالبروج هنا المراد بهــا النجوم خصوصًًا‬
‫مــاِء ُبُرو ًًجــا ََوَزَ َّيَّنّاهــا‬
‫َّس ِ‬ ‫﴿َو�لـََقَد ََجَعَلنــا �فـِي ال َ‬ ‫فــي ظــاهر قول هللا عز وجل َ‬

‫‪2‬‬
 ‫تفريغ مادة المجلس الرابع عشر ‪ -‬الجزء الثالثين ‪ -‬سورة البروج‬

‫ـّاِظريَنَ ﴾ فــاخبر هللا عز وجل فــي مواضــع فــي كتــاب هللا عز وجل أنــه‬ ‫ِِلل�ن ِ‬
‫َّسمــا ََء الُّدُنيــا ِبِ ََمصابيـ ََح ََو ََجَعَلناهــا‬ ‫﴿َو�لـَقَد َزَ َّيَ�نـَا ال َ‬
‫جــعل النجوم زينــة فــي السمــاء َ‬
‫يــاطيِن ﴾ [المــلك‪ ]٥ :‬وهللا سبحانــه وتعالــى بين أنــه جــعل زين‬ ‫ِ‬ ‫ُُرجو�م ـًا ِِلل َ‬
‫َّش‬
‫السمــاء الكواكب آيــات فــي كتــاب هللا فعلــى هذا هو الــقول الواضــح الظــاهر‬
‫ولكن كمــا درجنــا جرت عليــه العــادة فــي هذا المنهــج أن نذكر االقوال‬
‫الواضحــة التــي يذكرهــا أهل التــفسير فــهذا الــقول االول المراد بــالبروج‬
‫النجوم أو مــا يظــهر للنــاس النجوم الكواكب ونحو ذلك‪ ،‬وقول آخر قال المراد‬
‫بــه البروج هنــا البروج ‪ ،‬السمــاء وهذه عند الــعرب ويجعــلون لهــا احدى‬
‫عشرة او اثنــا عشرة برجــًا ً يــقول هذه البروج هــي منــازل الشمس والــقمر‬
‫و أسماؤهــا منذ الــقدم موجودة وموجودة كذلك فــي كتب التفــاسير والــى يوم‬
‫النــاس هذا ولكن فــي مســألة عقيديــة الزم نــقف معهــا ان شــاء هللا تعالــى وهــي‬
‫[ برج الحمل وبرج الجوزاء والسرطــان واالسد والــعذراء والميزان والعــقرب‬
‫والــقوس والجدي والدلو والحوت] اثنــا عشرة برج‬
‫المســألة المهمــة جدًا ً المســألة العقديــة والتــي تؤثر فــي المعتــقد أن كثيرًا ً من‬
‫النــاس جعــلوا لــهذه البروج أشيــاء عجيبــة جدًا ً وطالسم وغيبيــات واعتــقدوا‬
‫فيهــا وكتبوا فيهــا والنــاس يترقبوا الصحف ويترقبوا وســائل التواصل ويترقبوا‬
‫الميديــا لــلنظر لــلبروج او معرفــة حزم وهذا كلــه ضرب من الشرك و انا اقول‬
‫من الشرك والعيــاذ بــاهلل نســأل هللا السالمــة والعافيــة ‪ ،‬فــهذا فيــه الرجم بالــغيب‬
‫وفيــه ادعــاء لعــلم الــغيب وفيــه يدخل قول هللا تبــارك وتعالــى ‪ُ﴿ :‬قُل ال َيَعَلَ ُُم ََمن‬
‫ُهَّللاُ ََومــا َيَشـُعُروَنَ َأَ�يـّاَنَ ُيُبـَعَثوَنَ ﴾ [النمل‪:‬‬ ‫َيَب ِِإاَّلا �‬
‫رِض الـَغ َ‬ ‫ِت ََواَأل َ ِ‬
‫َّسمــاوا ِ‬ ‫�فـِي ال َ‬
‫ِب ال َيَعَلَ ُُمهــا ِِإاّلا ُُه ََو ََوَيَع ـَلَ ُُم‬
‫ُِح ال ـَغَي ِ‬ ‫﴿َو ِِعن ََدُهُ ََمفا�تـ ُ‬‫َ‬ ‫‪ ]٦٥‬ويدخل قول هللا تعالــى‬
‫ُظُلُمــا ِ‬
‫ِت‬ ‫ٍَة فــي ُ‬ ‫ٍَة ِِإاّلا َيَعَلَ ُُمهــا ََوال ََح�بـ ٍ‬
‫ُط ِِمن ََو ََر�قـ ٍ‬ ‫حِر ََومــا َتَس ـُقُ ُ‬
‫مــا �فـِي الَبَ ِِّر� ََوالَبَ ِ‬
‫بيٍن﴾ [األنعــام‪ ]٥٩ :‬وكذلك قول‬ ‫ٍب ُُم ٍ‬ ‫ٍب ََوال يــاِبِ ٍٍس ِِإاّلا فــي ِِكتــا ٍ‬ ‫رِض ََوال ََرط ٍ‬ ‫اَأل َ ِ‬
‫النبــي الكريم عليــه افضل الصالة واتم السالم صلــى هللا عليــه وســلم قــال‬
‫عليــه الصالة والسالم [ من اتــى كاهنــا او عراف ـًا ً فســأله فصدقــه بمــا يــقول‬
‫فــقد كــفر بمــا انزل علــى محمد صلــى هللا وســلم علــى سيدنــا محمد] عليــه من‬
‫ربــي افضل صالة واتم سالم فالنــاس يحذروا من الوقوع فــي هذه االشيــاء‬
‫وهــي كلهــا ترهــات و خرابيط وابــاطيل وشــعوذة ودجل وكذب وافتراء علــى‬
‫هللا سبحانــه وتعالــى وعــلم الــغيب عند هللا تعالــى وحده قول ثــالث‪ ،‬قول المراد‬
‫بــالبروج قصور اهل الجنــة نســأل هللا عز وجل ان يجعلنــا جميعــا من اهل‬
‫الجنــة قــال هللا سبحانــه وتعالــى {والسمــاء ذات البروج} وقــال هللا سبحانــه‬
‫وِم ال ََموعوِدِ﴾ واليوم الموعود هو يوم القيامــة وهو‬ ‫﴿َوالَيَ ِ‬
‫وتعالــى بعدهــا َ‬
‫قول واحد يوم القيامــة وجدتــه فــي التفــاسير ان المراد بــاليوم الموعود هو‬
‫﴿َوشــا ِِه ٍٍد ََو ََمشــهوٍدٍ﴾ وشــاهد‬ ‫يوم القيامــة وقــال هللا سبحانــه وتعالــى بعدهــا َ‬

‫‪3‬‬
 ‫تفريغ مادة المجلس الرابع عشر ‪ -‬الجزء الثالثين ‪ -‬سورة البروج‬

‫ومشــهود واختــلف العلمــاء فــي المراد بالشــاهد والمشــهود والحقيقــة تــعددت‬

‫االقوال كثيرًا ً و كثير من اهل التــفسير ذكروا اقواًالً كثيرة وممن اطنب واكثر‬
‫فــي االقوال فــي هذه اآليــة جماعــة من اهل التــفسير مثــاال ال حصرًا ً كاإلمــام‬
‫الطبري رحمــه هللا تعالــى وكذلك ابن عطيــة رحمــه هللا تعالــى وابن حيــان‬
‫رحمــه هللا تعالــى والمــاوردي والقرطبــي وابن الجوزي و ابن الجوزي‬
‫رحمــهم هللا تعالــى جميعــا ‪،‬ج�م ـَع فيهــا االقوال وامتــاز فــي هذا وقــال فيهــا‬
‫اربعــة وعشرين قوال وسبحــان هللا ذكر هذه االقوال ونسب كل قول الــى قائلــه‬
‫وجزاه هللا عنــا خير الجزاء ورحمــه هللا تعالــى رحمــة واســع فذكر االقوال‬
‫ونسب االقوال الــى قائليهــا فــأقول ان شــاء هللا تعالــى مستعينــا بــاهلل عز وجل‬
‫بــشيء من االختــصار‬
‫قــال الــقول االول‪ :‬وايض ـًا ً من ميزة ابن الجوزي رحمــه هللا تعالــى فــي هذه‬
‫السورة بــالذات انــه يذكر فــي الــقول الشــاهد والمشــهود يعنــي الــقول االول‬
‫الشــاهد كذا والمشــهود كذا الــقول الثانــي الشــاهد كذا والمشــهود كذا الــى أكملها‬
‫كلهــا رحمــه هللا تعالــى فقــال الــقول االول الشــاهد يوم الجمعــة والمشــهود يوم‬
‫عرفــة والــقول الثانــي‪ :‬الشــاهد يوم الجمعــة والمشــهود يوم النحر والثــالث‬
‫الشــاهد هللا جل جاللــه سبحانــه وتعالــى والمشــهود يوم القيامــة والرابــع يوم‬
‫عرفــة والمشــهود يوم القيامــة والخــامس الشــاهد سيدنــا رسول هللا صلــى هللا‬
‫عليــه وســلم والمشــهود يوم القيامــة الســادس الشــاهد يوم القيامــة والمشــهود‬
‫النــاس والســابع الشــاهد يوم الجمعــة والمشــهود يوم القيامــة والثــامن الشــاهد‬
‫يوم الترويــة والمشــهود يوم عرفــة والتاســع الشــاهد هو هللا جل جاللــه سبحانــه‬
‫وتعالــى والمشــهود بنو ادم والعــاشر الشــاهد هو سيدنــا رسول هللا اللــهم صلــي‬
‫وســلم علــى سيدنــا عليــه الصالة والسالم والمشــهود يوم عرفــة والحــادي‬
‫عشر الشــاهد ادم عليــه الصالة والسالم والمشــهود يوم القيامــة والثانــي عشر‬
‫الشــاهد ابن ادم والمشــهود يوم القيامــة والثــالث عشر الشــاهد ادم عليــه الصالة‬
‫والسالم وذريتــه والمشــهود يوم القيامــة والرابــع عشر الشــاهد االنســان‬
‫والمشــهود هللا عز وجل جل جاللــه سبحانــه وتعالــى والخــامس عشر الشــاهد‬
‫يوم النحر والمشــهود يوم عرفــة والســادس عشر الشــاهد نبــي هللا عيســى‬
‫﴿َو ُُكنُتُ‬
‫عليــه الصالة والسالم هو المشــهود امتــه قــال ودليلــه قول هللا تعالــى‪َ :‬‬
‫َعَلَيـ ِِهم �شـَهيًدًا مــا ُدُمُتُ فيـ ِِهم ﴾ [المــائدة‪ ]١١٧ :‬والســابع عشر الشــاهد سيدنــا‬ ‫َ‬
‫رسول هللا صلــى هللا عليــه وســلم والمشــهود امتــه ودليل ذلك قول هللا عز وجل‬
‫ُالِء �شـَهيًدًا﴾ [النســاء‪ ]٤١ :‬الثــامن عشر الشــاهد هذه االمــة‬ ‫َعلــى هُؤ ِ‬
‫﴿َو ِِجئنــا ِبِ ََك َ‬
‫َ‬
‫ّاِسٌ ٌ﴾‬ ‫�ن‬ ‫�ل‬
‫َع ـَى ال ـ ِ‬ ‫َُهدا ََء َ‬ ‫�ش‬ ‫َ‬
‫والمشــهود ســائر االمم ودليلــه قولــه تعالــى ‪ِِ ﴿:‬لَتكونوا ـ َ‬
‫[البــقرة‪ ]١٤٣ :‬والتاســع عشر الشــاهد الحفظــة والمشــهود بنو ادم ‪ ،‬الــعشرون‬
‫الشــاهد الحــق والمشــهود الكون والحــادي والــعشرون الشــاهد الحجر االسود‬

‫‪4‬‬
 ‫تفريغ مادة المجلس الرابع عشر ‪ -‬الجزء الثالثين ‪ -‬سورة البروج‬

‫والمشــهود الحــاج او المــعتمر الذي يطوف او ي ـق ِِّب�ل الحجر االسود والثانــي‬

‫والــعشرون الشــاهد االنبيــاء والمشــهود النبــي الكريم عليــه الصالة والسالم‬
‫ُهَّللاُ ميثــاَقَ الَّنَِبِّيّيَنَ ﴾ [آل عمران‪]٨١ :‬‬ ‫تعالــى‪َ﴿:‬و ِِإذ َأ َ ََخ ََذ �‬
‫َ‬ ‫قــال وبيانــه قول هللا‬
‫والثــالث والــعشرون الشــاهد هللا جل جاللــه سبحانــه وتعالــى والمالئكــة وأولو‬
‫ُهَّللاُ َأَ�نـَُهُ ال ِإِلـَهَ‬
‫َِه ََد �‬
‫العــلم والمشــهود كلمــة ال الــه اال هللا وبيانــه قولــه تعالى‪�﴿:‬شـ ِ‬
‫زيُز ال ََحكي ُُم﴾ [آل‬ ‫سِط ال ِِإلـَهَ ِِإاّلا ُُه ََو الـَعَ ُ‬ ‫ِِإاّلا ُُه ََو ََوال ََمال ِِئ�كـَُةُ ََوُأُوُلُو ال�ع ـ ِ‬
‫ِلِم قا ِِئ�م ـًا ِِبالـ ِِق ِ‬
‫عمران‪ ]١٨ :‬والرابــع والــعشرون الشــاهد االنبيــاء عليــهم السالم والمشــهود‬
‫االمم هذه االقوال جمعهــا بن الجوزي رحمــه هللا تعالــى يعنــي تكاد تكون‬
‫فــي كتب التفــاسير مبــعثرة وبحثت فــي كتب التفــاسير مــا وجدت غير هذه‬
‫االقوال اال قوال زيــادة عليهــا قول واحد فيمــا اعــلم انــهم فيمــا اذكر هللا تعالــى‬
‫قــالوا الشــاهد هو النجم والمشــهود النــاس واستدلوا بــقول النبــي عليــه الصالة‬
‫والسالم [ ال صالة بــعد الــعصر حتــى يطلــع الشــاهد] هذه مجمل اقوال اهل‬
‫التــفسير فــي هذه اآليــة الكريمــة المباركــة ‪ ،‬ففيمــا وقــفت وهللا تعالــى اعــلم‬
‫خمســة وعشرين قوًالً ‪ ،‬وشــاهد ومشــهود قــال هللا عز وجل بعدهــا ﴿ُقُِتِ ََل‬
‫ـاُب اُألُخدوِدِ﴾ وقتل هذه فــي هذه اآليــة وفــي غيرهــا كــقول هللا عز وجل‬ ‫َأَصحـ ُ‬
‫فــي الذاريــات ُقُِتِ ََل الَخ َّّراصوَنَ ﴾ [الذاريــات‪ ]١٠ :‬وفــي قولــه سبحانــه وتعالــى‬
‫يَف َقََّد َََر﴾ [المدثر‪ ]٢٠ :‬وفــي قولــه‬ ‫يَف َقََّد َََر * ُث ُ ََّم ُقُِتِ ََل ََك َ‬
‫فــي المدثر ﴿�فـَُقُِتِ ََل ََك َ‬
‫ـاُن مــا َأَك ـَفَ ََرُهُ﴾ [عبس‪ ]١٧ :‬وكذلك فــي قول هللا سبحانــه‬ ‫اِإلنسـ ُ‬ ‫تعالــى ﴿ُقُِتِ ََل ِ‬
‫ُهَّللاُ َأَ�نـّى ُيُؤَفَكوَنَ ﴾[التوبــة‪ ]٣:‬وفــي قولــه تعالــى ‪ََ ﴿ :‬ملــعونيَنَ‬ ‫َُه ُُم �‬ ‫وتعالــى ‪﴿:‬قاَتَ�لـ ُ‬
‫َأَيَنَمــا ُثُ�قـِفوا ُأ ُ ِِخذوا ََوُقُ��تـِلوا �تـَقتياًلا ﴾ [األحزاب‪ ]٦١ :‬فــهذه كلهــا دعــاء عليــهم‬
‫دعــاء عليــهم بالــهالك واللعنــة والعيــاذ بــاهلل عز وجل وطرد من رحمــة هللا‬
‫صحــاُب اُألُخدوِدِ﴾ وتكلم النــاس‬ ‫ُ‬ ‫سبحانــه وتعالــى قــال هللا عز وجل ﴿ُقُِتِ ََل َأ َ‬
‫فــي اصحــاب االخدود ولكن هنــا البد كمــا اعتدنــا ان نأتــي لــلجواب سواء كان‬
‫جواب الشرط او جواب الــقسم فهنــا جواب الــقسم الن اقسم هللا بالسمــاء ذات‬
‫البروج وبــاليوم الموعود وبشــاهد ومشــهود مــا هو جواب الــقسم؟ اختــلف‬
‫العلمــاء اهل التــفسير علــى اقوال االول قــالوا الجواب قول هللا تبــارك وتعالــى‬
‫طَش ََر ِِّب� ََك َلََشَديٌدٌ﴾ [البروج‪ ]١٢ :‬الــى اخر اآليــات ‪،‬وبعضــهم قــال‬ ‫﴿ ِِإ ََّن َبَ َ‬
‫صحــاُب اُألُخدوِدِ﴾ التــي جــاءت‬ ‫ُ‬ ‫الجواب هو قول هللا تبــارك وتعالــى ﴿ُقُِتِ ََل َأ َ‬
‫بعدهــا مبــاشرة والثــالث قــالوا ان الجواب متروك و ذلك يفهمــه االنســان‬
‫الذي يــقرأ هذه اآليــات المباركــة وهذا اختــاره الطبري رحمــه هللا تعالــى قــال‬
‫صحــاُب اُألُخدوِدِ﴾ يعنــي لــعنوا وطردوا من رحمــة هللا‬ ‫ُ‬ ‫هللا عز وجل ﴿ُقُِتِ ََل َأ َ‬
‫سبحانــه وتعالــى ومعنــى االخدود هو الشــق الذي يشــق فــي االرض وتجمــع‬
‫علــى اخــاديد وهؤالء قوم حــفروا حفــائر فــي االرض واوقدوا فيهــا النــار‬
‫والــقوا فيهــا من لم يكــفر بــاهلل تعالــى نســأل هللا العافيــة والسالمــة سجلــهم‬

‫‪5‬‬
 ‫تفريغ مادة المجلس الرابع عشر ‪ -‬الجزء الثالثين ‪ -‬سورة البروج‬

‫هللا عز وجل فــي الــقرآن الكريم ولعنــهم هللا سبحانــه وتعالــى ولكن من هم‬
‫تحديدا اختــلف العلمــاء فــي ذلك علــى اقوال ‪،‬باختصــار ان شــاء هللا تعالــى‬
‫مستــعينين بــاهلل عز وجل نذكر هذه االقوال الــقول االول ربطوا بين هذه اآليــة‬
‫وبين الحديث الصحيــح الذي جــاء عنده مســلم عنده الترمذي ان النبــي عليــه‬
‫الصالة والسالم أخبر [أنــه كان فــي من كان قبلنــا مــلك كان يحكم النــاس‬
‫ويدير مملكتــه بــالسحر وكان معــه ســاحر والســاحر قــال للمــلك انــه كبر سنــه‬
‫ودنــى اجلــه فقــال لو بــعثت لــي غالمـًا ً ذكيـًا ً فطنـًا ً ليعلمــه السحر وجــيء لــه‬
‫بــغالم وكان الــغالم عندمــا يأتــي الــى قصر المــلك ليتعــلم السحر يمر علــى‬
‫راهب فاعجبــه امر الراهب فــاخذ يتابــع الراهب والراهب علمــه الدين وقــال‬
‫لــه ابقــى معــي لتتعــلم فــاذا ســألك اهــلك قل حبسنــي المــلك واذا ســألك المــلك‬
‫قل حبسنــي اهلــي فبقــي معــه فترة من الزمن وبــعد ذلك القصــة معروفــة‬
‫والحديث مــعروف ومحــفوظ وموجود فــي مظــان فــي كتب الحديث علــى‬
‫كل نــأخذ االختصــار لــهذا الحديث ان هذا الــغالم آمن بــاهلل تبــارك وتعالــى‬
‫ولكن كان فــي شك وفــي ريب وفــي يوم من االيــام وجد دابــة عظيمــة ضخمــة‬
‫كبيرة سدت منــفذ المدينــة وحــاول النــاس ان يقتلوهــا ومــا استطــاعوا الــى ذلك‬
‫فوجد النــاس فــي خوف وتــأهب من هذه الدابــة فــاخذ حجرا وسمــى هللا تعالــى‬
‫وقــال اللــهم ان كان امر الراهب احب اليك من امر المــلك فــاقتل الدابــة وقــال‬
‫بسم هللا ورمــى الحجر فمــاتت الدابــة وبــعد بــعد ذلك زاع صيتــه وقــال لــه‬
‫الراهب اذا ســألوك فال تدل عنــي و دخل الــغالم علــى أحد وزراء المــلك كان‬
‫قد اصيب بالعمــى وقــال لــه لو رددت لــي بصري رد لــي بصري أنت فعــلت‬
‫كذا وانت الذي قتــلت فقــال لــه انــا ال ارد البصر وانمــا يرد البصر هللا فــلو‬
‫امنت بــاهلل دعوت هللا تعالــى فــامن الرجل الوزير بــاهلل تعالــى ودعــا الــغالم‬
‫فرد هللا تعالــى لــه بصره فدخل يمشــي علــى المــلك فقــال لــه المــلك من رد‬
‫لك بصرك؟ قــال هللا قــال أولك رب غيري فعذبــه حتــى دل علــى الــغالم وقتل‬
‫ُعِّذ�ِب الــغالم عذابـًا ً شديدا فدل علــى الراهب وجــيء بــالراهب وقتل‬ ‫الوزير و ُ‬
‫الراهب وبــعد ذلك أراد المــلك ان يــقتل الــغالم والحديث مــعروف محــفوظ‬
‫‪،‬نهايــة االمر أنــه لمــا عجز عن قتلــه قــال لــه انك مــا انت بقاتلــي اال اذا‬
‫فعــلت مــا امرك بــه فاجمــع النــاس علــى صــعي ٍٍد واحد واصلبنــي علــى جذٍعٍ‬
‫وارمنــي بســهم من كنانتــي وقل بسم هللا رب الــغالم ففــعل المــلك وقــال بسم‬
‫هللا رب الــغالم فضرب الــغالم وطعنــه فمــات الــغالم فقــال النــاس جميعــا آمنــا‬
‫بــاهلل رب الــغالم آمنــا بــاهلل رب الــغالم فقــال لــه وزراء الشر والسوء قد وقــع‬
‫مــا كنت تخشــاه فخد االخــاديد واضرم فيهــا النــار وقــال من لم يرجــع عن دينــه‬
‫فــأقحموه فيهــا ففعــلوا ذلك وقــالوا هذا الذي جــاء فــي هذه اآليــات و الحديث‬
‫ايهــا االخوة الكرام الحديث صحيــح و الــقرآن محكم لكن خالف اهل التــفسير‬

‫‪6‬‬
 ‫تفريغ مادة المجلس الرابع عشر ‪ -‬الجزء الثالثين ‪ -‬سورة البروج‬

‫هل هذا الحديث الذي اتفــقوا علــى انــه صحيــح هل هو فــي هذه اآليــات او‬
‫هذه اآليــات مــع ذات الحديث فــي قصــة واحدة ام ال ‪ ،‬هنــا وقــع الخالف لكن‬
‫مــا فــي خالف فــي أن الحديث صحيــح ‪،‬فــهذا الــقول االول الذي ذهب إليــه‬
‫جماعــة من الســلف رحمــهم هللا تعالــى‬
‫والثانــي قــالوا ان مــلكا من المــلوك سكر فوقــع علــى اختــه فلمــا افــاق قــال لهــا‬
‫ويحك كيف المخرج فقــالت لــه اجمــع اهل ممــلكتك فــأخبرهم ان هللا عز وجل‬
‫قد أحل نكاح االخوات فــاذا ذهب هذا فــي النــاس تنــاسوه خطبتــهم فحرمتــه‬
‫ففــعل ذلك فــأبوا ان يقبــلوا ذلك منــه فبسط فيــهم الصوت ثم جرد السيف فــأبوا‬
‫فخد لــهم خدودا فيــه النــار وقذف من ابــى قبول ذلك جــاء ذلك عن علــي ابن‬
‫اــبي ــطالب ــفي ــتفسير هذه اآلــية رــضي هللا تعاــلى عــنه وارــضاه‬
‫الــقول الثــالث‪ :‬قــالوا انمــا اآليــة تتكلم عن انــاس اقتتل مؤمنوهم وكفــارهم‪،‬‬
‫فظــهر المؤمنون ثم تعــاهدوا اال يــقدر بعضــهم علــى بــعض فــغدر الكفــار‬
‫علــى المؤمنين فــأخذوهم فقــال لــه رجل من المؤمنين اوقدوا نــارًا ً واعرضوا‬
‫عليهــا فمن تابــعكم علــى دينكم فذاك الذي تحبون ومن لم يتبــعكم فــأقحموه فــي‬
‫النــار فــاسترحتم منــه ففعــلوا فجــعل المســلمون يقتحمونهــا‪ ،‬وجــاء ذلك عن‬
‫قــتادة رحــمه هللا تعاــلى‬
‫الــقول الرابــع‪ :‬ان قومــًا ً من المؤمنين اعتزلوا النــاس فــي الــفترة فــي سنين‬
‫الــفترة فــأرسل إليــهم جبــار من عبدة االوثــان فــعرض عليــهم الدخول فــي‬
‫ديــنه ــفأبوا فخد ــلهم اخدودا والــقاهم فــيه فــقال الربــيع ابن أنس هذا اــلقول‬
‫أّن جماعــة آمنوا من قوم يوسف د ابن ذي نواس بعدمــا ُُرفــع‬ ‫الــقول الخــامس‪ّ :‬‬
‫عيســى عليــه الصالة والسالم فخد لــهم اخدودا واوقد فيــه النــار فاحرقــهم كلــهم‬
‫فــانزل هللا تعالــى {قتل اصحــاب االخدود} وهم يوسف ابن نواس واصحابــه‬
‫جــاء هذا الــقول عن مقــاتل‪ .‬الــقول الســادس‪ :‬انــهم قوم كانوا يــعبدون صنمـًًا‬
‫ومعــهم قوم يكتمون إيمانــهم فعــلموا بــهم فخدوا لــهم اخدوًدًا وقذفوهم فيــه جــاء‬
‫ذلك عن االمــام الزجــاج رحمــه هللا تعالــى‪ .‬الذين احرقوا فــي هذه قصــة من‬
‫اِّي� ِ الــناس ومن اِّي� ِ البالد اختــلفوا ــفي ذلك عــلى اقوال‬
‫القول االول‪ :‬انهم كانوا من الحبشة‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬انهم من بني إسرائيل‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬انهم من اليمن‪.‬‬
‫والرابــع‪ :‬انــهم نصــارى من نجران والــقول قريب من هذا ألن صــار نجران‬
‫هم نــصارى اليمن‬

‫‪7‬‬
 ‫تفريغ مادة المجلس الرابع عشر ‪ -‬الجزء الثالثين ‪ -‬سورة البروج‬

‫والخامس‪ :‬هم من النبط وهللا تعالى اعلم‪.‬‬

‫وايض ـًا ً ذكر اهل التــفسير عدد الذين ُُحرقوا منــهم من قــال اثنــى عشر الفــا‬
‫ومنــهم من قــال سبــعون ومنــهم من قــال كانوا ثمــانون رجل ومنــهم من قــال‬
‫ثمــانون رجل تســعة نسوة علــى ك ٍٍل هم جماعــة من المؤمنين هللا تعالــى اعــلم‬
‫الَوقوِدِ﴾ النــار ذات الوقود هذا بدل من‬ ‫ِت َ‬ ‫بــهم قــال هللا عز وجل ﴿ال�نـ ِ‬
‫ّاِر ذا ِ‬
‫االخدود كأ�نـَه قــال قتل اصحــاب النــار والوقود مــفسر لــهذا الــقول ‪،‬وجــاء‬
‫فــي قراءة فــي قراءة ابــي رزين العقيلــي وابــي عبدالرحمن الســلمي والحسن‬
‫الُوقوِدِ﴾ بضم الواو قــال هللا سبحانــه وتعالــى ﴿ ِِإذ ُُهم‬ ‫ِت ُ‬ ‫ومجــاهد‪﴿ ،‬ال�ن ِ‬
‫ـّاِر ذا ِ‬
‫َعَلَيهــا �قـُعوٌدٌ﴾ أي عند النــار وذكروا فــي ذلك ان الملك الظالم هذا هو واصحابه‬ ‫َ‬
‫كانوا جلوس ـًا ً علــى الكراســي عند االخدود يــعرضون المؤمنين علــى الكــفر‬
‫َعَلَيهــا �قـُعوٌدٌ﴾ وبعضــهم قــال فــي‬ ‫ومن أبــى الــقوه فقــال هللا عز وجل ﴿ِإِذ ُُهم َ‬
‫َعلــى مــا‬ ‫﴿َو ُُهم َ‬‫َ‬ ‫قول هللا سبحانــه وتعالــى {اذ هم عليهــا قــعود} اي فــي الدنيــا‬
‫ؤِمنيَنَ �شـُهوٌدٌ﴾ اي كانوا حضورا فــاخبر هللا عز وجل عنــهم فــي‬ ‫َيَف�عـَلوَنَ �بـِال ُُم ِ‬
‫ؤِمنيَنَ �شـُهوٌدٌ﴾ اي سيشــهد هم شــهدوا‬ ‫َعلــى مــا َيَف�عـَلوَنَ �بـِال ُُم ِ‬ ‫﴿َو ُُهم َ‬ ‫هذه اآليــات َ‬
‫وَم‬
‫﴿َوَيَ َ‬
‫ذلك وسيشــهدوا علــى انفســهم بمــا مــا فعــلوه فــي هذه الحيــاة الدنيــا ‪َ ،‬‬
‫َعَلَيـ ِِهم‬ ‫َُهم يوَزَ عوَنَ * ََح�تـّى ِِإذا مــا جاءوهــا �شـ ِ‬
‫َِه ََد َ‬ ‫ّاِر �فـ ُ‬ ‫ُيُحَش َُُر َأَعدا ُُء ِهَّللا� ِ ِِإ�لــى ال�نـ ِ‬
‫ـاُر ُُهم ََو�ج ـُلو ُُد ُُهم ِبِمــا كانوا َيَع�م ـَلوَنَ ﴾ [فصــلت‪]٢٠ - ١٩:‬‬ ‫ُُهم ََوَأَبصـ ُ‬ ‫َسم�عـ ُ‬‫َ‬
‫زيِز ال ََحميِدِ﴾‬ ‫ؤِمنوا �بـ � ِ‬
‫ِاِهَّلل الـَعَ ِ‬ ‫﴿َومــا �نـََقَموا ِِمنـ ُُهم ِإِاّلا َأَن ُيُ ِ‬ ‫قــال هللا سبحانــه وتعالــى َ‬
‫ومــا نــقموا منــهم يعنــي مــا انكروا عليــهم اال هذا مــا نــقموا منــهم اال ان‬
‫يؤمنوا بــاهلل الــعزيز الحميد وجــاء فــي قراءة ابن ابــي عبلــة رحمــه هللا‬
‫تعالــى {و مــا نـ ِِقموا منــهم اال يؤمنوا بــاهلل الحميد } وهذا كــقول هللا عز وجل‬
‫ِاِهَّلل ََومــا ُأ ُ ِ‬
‫نِز ََل ِِإَلَينــا ََومــا‬ ‫ِب َهَل َتَن ـ ِِقموَنَ ِِم�نـّا ِِإاّلا َأَن آ ََم�نـّا �بـ � ِ‬ ‫﴿ُقُل يــا َأَه ََل ال ِِكتــا ِ‬
‫نِز ََل ِِمن َقَب ُُل ََوَأ َ ََّن َأَكَث َ ََر ُُكم فا�س ـِقوَنَ ﴾ [المــائدة‪ ]٥٩:‬قــال هللا سبحانــه وتعالــى‬ ‫ُأ ُ ِ‬
‫{ومــا نــقموا منــهم} مــا عــابوا عليــهم مــا اخذوا عليــهم اال ان يؤمنوا بــاهلل‬
‫الــعزيز الحميد سبحانــه وتعالــى } اال بــاهلل الــعزيز الحميد} والــعزيز الحميد‬
‫من اسمــاء هللا عز وجل والــعزيز من الــعزة انــه سبحانــه وتعالــى الغــالب‬
‫علــى امره انــه الفعــال لمــا يريد ان سبحانــه وتعالــى ال ُيُســأل عمــا يفــعل‬
‫وهم يســألون سبحانــه وتعالــى وانــه اذا حكم ال راد لحكمــه وال معــقب‬
‫زيِز ال ََحميِدِ﴾ والحميد الذي‬ ‫ؤِمنوا �ب � ِ‬
‫ـِاِهَّلل الــَعَ ِ‬ ‫لحكمــه سبحانــه وتعالــى ﴿ ِِإاّلا َأَن ُيُ ِ‬
‫ُيُحمد سبحانــه وتعالــى وهو أهل الحمد وأهل الثنــاء والمجد وهو المستحــق‬
‫األرْض﴾ الذي لــه مــلك‬ ‫ْ‬ ‫ِت ََو‬
‫َّسمــاوا ِ‬ ‫لــلحمد سبحانــه وتعالــى ﴿اَّلَذي �لـَُهُ �م ـُلُكُ ال َ‬
‫السمــاوات واالرض سبحانــه وتعالــى {وهللا علــى كل شــيء شــهيد} ال تخفــى‬
‫عنــه خافيــة وال تــغيب عنــه غائبــة وانــه سبحانــه وتعالــى لم يخفــى عليــه مــا‬
‫صنــعوا فــهو شــهيد عليــهم عز وجل بمــا فعــلوه سبحانــه وتعالــى‪ ،‬قــال هللا‬

‫‪8‬‬
 ‫تفريغ مادة المجلس الرابع عشر ‪ -‬الجزء الثالثين ‪ -‬سورة البروج‬

‫ََهَّنَ ََم‬
‫ذاُب �ج ـ َ‬
‫َع ُ‬ ‫ِت ُث ُ ََّم َلَم َيَتوبوا َفَ�لـ ُُهم َ‬
‫ؤِمنــا ِ‬
‫ؤِمنيَنَ ََوال ُُم ِ‬ ‫عز وجل ﴿ ِِإ ََّن اَّلَذيَنَ َفََتَُنُوا ال ُُم ِ‬
‫ِق﴾ إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنــات‪ ،‬ومعنــى فتنوا‬ ‫ذاُب ال ََحريــ ِ‬ ‫َع ُ‬ ‫َُهم َ‬‫ََو�لـ ُ‬
‫وَم ُُهم‬ ‫يعنــي احرقوهم حرقوهم وعذبوهم ومنــه قول هللا سبحانــه وتعالــى‪َ﴿ :‬يَ َ‬
‫ّاِر �يـُفَتَنوَنَ ﴾ [الذاريــات‪ ]١٣ :‬يعنــي يحرقون فــي النــار وقــال هللا عز‬ ‫َع�لـَى ال�نـ ِ‬
‫َ‬
‫وجل اي فــي هذه {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنــات} يعنــي عذبوهم بالنــار‬
‫وأيضــًا ً فتنوا {المؤمنين والمؤمنــات} دعوهم لــلشرك بــاهلل تعالــى والكــفر‬
‫َِة �سـََقَطوا﴾‬ ‫﴿َو ِِمنـ ُُهم ََمن �يـَقو ُُل ائ ََذن لــي ََوال َتَفِتِ�نـّي َأَال �فـِي ال ِِفت�نـ ِ‬ ‫بــاهلل عز وجل َ‬
‫[التوبــة‪ ]٤٩ :‬ســقطوا يعنــي ســقطوا فــي الشرك وفــي الكــفر وفــي النفــاق ﴿ ِِإ ََّن‬
‫ذاُب‬
‫َع ُ‬ ‫ََهَّنَ ََم ََو�لـ ُ‬
‫َُهم َ‬ ‫ذاُب �ج ـ َ‬
‫َع ُ‬ ‫َُهم َ‬‫ِت ُث ُ ََّم َلَم َيَتوبوا َفَ�لـ ُ‬ ‫ؤِمنــا ِ‬
‫ؤِمنيَنَ ََوال ُُم ِ‬‫اَّلَذيَنَ َفََتَُنُوا ال ُُم ِ‬
‫أَّن الحسن البصري رحمــه هللا تعالــى قرأ هذه اآليــة فبكــى قــال‬ ‫ِق﴾ ورد َ‬ ‫ال ََحريـ ِ‬
‫مــا احــلمك ربنــا مــا احــلمك ربنــا كــفروا بك واشركوا بك وعذبوا اوليــائك‬
‫وحرقوهم بالنــار وبــعد ذلك تدعوهم الــى التوبــة الن تــأمل اآليــة قــال هللا‬
‫{إَّن الذين فتنوا‬ ‫عز وجل {ثم لم يتوبوا} لو تــابوا قبلــهم هللا سبحانــه وتعالــى َ‬
‫المؤمنين والمؤمنــات ثم لم يتوبوا} وايض ـًا ً فيهــا اشــارة الــى ان الذي يــعذب‬
‫النــاس ويــفتن النــاس ويزدري النــاس ويفــعل مثل هذه االشيــاء القبيحــة الكبيرة‬
‫عند هللا عز وجل ال يوفــق للتوبــة والعيــاذ بــاهلل تعالــى نســأل هللا السالمــة‬
‫ِق﴾ فلــهم عذاب‬ ‫ذاُب ال ََحري ـ ِ‬
‫َع ُ‬ ‫َُهم َ‬ ‫ذاُب ََج ـ ََهَّنَ ََم ََو�لـ ُ‬
‫َع ُ‬ ‫َُهم َ‬‫والعافيــة}إُث ُ ََّم َلَم َيَتوبوا َفَ�لـ ُ‬
‫جــهنم بكــفرهم ولــهم عذاب الحريــق بمــا احرقوا المؤمنين وكال الــعذابين فيــه‬
‫جــهنم عند االكثرين يعنــي لــهم عذاب جــهنم ولــهم زيــادة عن الــعذاب عذاب‬
‫الحريــق وبــعض اهل التــفسير قــالوا اقوال اخرى البد من ذكرى هنــا من‬
‫لطيف التــفسير قــالوا فلــهم عذاب جــهنم فــي االخرة ولــهم عذاب الحريــق فــي‬
‫الدنيــا عذاب جــهنم وفــي االخرة ولــهم عذاب الحريــق فــي الدنيــا قــالوا عذاب‬
‫الحريــق ان هللا سبحانــه وتعالــى جــعل النــار هؤالء الــقوا فــي النــار وحرقوا‬
‫فــي النــار لكن فــاضت ارواحــهم الــى هللا تعالــى وهم فــي الجنــة وانقــلبت‬
‫النــار علــى المــلك ومن كان معــه فحرقوا فيهــا ‪ ،‬يعنــي هم حرقوا المؤمنين‬
‫والمؤمنون فــاضت ارواحــهم من هللا تعالــى مــا اصابــهم اال شــيء من مثل مــا‬
‫بين النبــي عليــه الصالة والسالم مــا يجده الشــهيد اه مثل الشوكــة تشــاكه ولكن‬
‫فــاضت ارواح من هللا تعالــى أمــا هؤالء انقــلبت عليــهم النــار واحرقتــهم النــار‬
‫فــقالوا عذاب الحرــيق يعــني ــفي الدنــيا إذا هذا اــلقول الثاــني‬
‫القول االول‪ :‬عذاب جهنم وعذاب الحريق يوم القيامة في النار‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬عذاب جهنم في االخرة وعذاب الحريق في الدنيا‪.‬‬
‫الــقول الثــالث‪ :‬قــالوا عذاب جــهنم فــي االخرة عذاب الحريــق فــي الــقبر عذاب‬
‫الحرــيق ــفي قبورهم الــنار ــيعرضون عليــها غدوا وعشيا‬

‫‪9‬‬
 ‫تفريغ مادة المجلس الرابع عشر ‪ -‬الجزء الثالثين ‪ -‬سورة البروج‬

‫وبعضــهم قــال يضــاف الــى الــقول االول او تــفصيل فــي الــقول االول قــالوا‬
‫ِب الحريــق وذكروا قــالوا‬ ‫عذاب الحريــق قــالوا لــهم عذاب خــاص يسمــى بــعذا ِ‬
‫الحريــق جزء من النــار لــهؤالء خاصــة وقــالوا وا ٍٍد فــي نــار جــهنم والعيــاذ‬
‫ِت �لـ ُُهم ََج�نـ ٌ‬
‫ّاٌت‬ ‫ّصا ِِلحــا ِ‬ ‫بــاهلل تعالــى‪ ،‬قــال هللا عز وجل ﴿ِإِ ََّن اَّلَذيَنَ آ ََمنوا ََو َ‬
‫َع�م ـُِلُوا ال ّ‬
‫بيُر﴾ ربنــا يجعلنــا منــهم من المؤمنين‬ ‫وُز ال ََك ُ‬ ‫َتَجري ِِمن َتَح ِِت�ه ـَا اَألَنهـ ُ‬
‫ـاُر ذ ِِل ََك الـَفَ ُ‬
‫بيُر﴾ ِِلمــا جــعل لــهم هللا سبحانــه وتعالــى واآليــة طبعــًا ً هــي‬ ‫﴿ذ ِِل ََك الــَفَ ُ‬
‫وُز ال ََك ُ‬
‫عامــة لكن بعضــهم قــال هــي عامــة لكن خاصــة فــي أولئك يعنــي قبض هللا‬
‫َّســهم النــار وجــعل هللا سبحانــه وتعالــى‬ ‫عز وجل ارواح المؤمنين قبل ان تم َ‬
‫جعلــهم فــي جنــات تجري من تحتهــا االنهــار{ ذلك الــفوز الكبير } فــازوا‬
‫ـّاِر ََوُأ ُ ِ‬
‫دِخ ََل ال ََج�نـََةَ �فـََقَد‬ ‫َع ِِن ال�ن ِ‬ ‫بالجنــة وهللا عز وجل يــقول‪َ ﴿ :‬فَ ََمن ُُز ِ‬
‫حِز ََح َ‬
‫فــاَزَ } [آل عمران‪ ]١٨٥ :‬وقــال هللا سبحانــه وتعالــى ‪﴿ :‬ال َيَسَتَوي َأَصحـ ُ‬
‫ـاُب‬
‫َِة ُُه ُُم الفــا ِِئزوَنَ ﴾ [الحشر‪ ]٢٠ :‬قــال هللا‬ ‫ـاُب ال ََج�نـ ِ‬‫َِة َأَصحـ ُ‬ ‫ّاِر ََوَأَصحـ ُ‬
‫ـاُب ال ََج�نـ ِ‬ ‫ال�نـ ِ‬
‫طَش ََر ِِّب� ََك َلََشَديٌدٌ﴾ اي أخذ هللا تعالــى بالــعذاب اذا أخذ‬ ‫سبحانــه وتعالــى ‪ِِ ﴿ :‬إ ََّن َبَ َ‬
‫﴿َو ََكذ ِِل ََك‬
‫هللا تعالــى الظــالمين الجبــابرة اخذ هللا تعالــى شديد سبحانــه وتعالــى ‪َ ،‬‬
‫َِي ظا ِِل�م ـٌَةٌ ِِإ ََّن َأَخ ََذُهُ َأَلي ٌٌم َشَديٌدٌ﴾[هود‪ِِ ﴿ ]١٠٢ :‬إ�نـَُهُ ُُه ََو‬‫َأَخُذُ ََر ِِّب� ََك ِِإذا َأ َ ََخ ََذ الـُقُرى ََو�ه ـ َ‬
‫ُئ ََو�يـُعيُدُ﴾ [البروج‪ ]١٣ :‬قــالوا يبدئ ويــعيد يعنــي يبد الخلــق ويــعيد الخلــق‬ ‫ُيُب ِِد ُ‬
‫كــقول هللا عز وجل ﴿َأ َ ََّمن َيَب ََدُأ ُ الَخَلــَقَ ُث ُ ََّم �يـُعي ُُدُهُ﴾ [النمل‪ ]٦٤ :‬سبحانــه وتعالــى‬
‫وقــالوا انــه هو يبدئ ويــعيد يعنــي يبدي الــعذاب فــي الدنيــا علــى الكفــار‬
‫ثم يــعيدوا عليــهم فــي االخرة يعنــي �يـُعَّذَبوا فــي الدنيــا و�يـُعَّذَب فــي اآلخرة‬
‫خُرجوا ِِمنهــا ِِمن‬ ‫وقــالوا يبدأ ويــعيد اي الــعذاب فــي االخرة ﴿ ُُكَّلَمــا َأَرادوا َأَن َيَ ُ‬
‫ِق﴾ [الحــج‪]٢٢ :‬‬ ‫ذاَب ال ََحري ـ ِ‬ ‫َع َ‬ ‫َغ ٍٍّم� ُأُعيدوا فيهــا ََوذوقوا َ‬ ‫َ‬
‫الَودوُدُ﴾ سبحانــه وتعالــى نســأل هللا ان يغــفر لنــا وهو الغــفور‬ ‫َفوُر َ‬‫﴿َو ُُه ََو ال�غـ ُ‬ ‫َ‬
‫الودود والودود من اسمــاء هللا الحسنــى الودود مــا وردت فــي كتــاب هللا عز‬
‫وجل اال فــي موضــعين وردت فــي هذا الموضــع وفــي قول هللا سبحانــه‬
‫وتعالــى فــي سورة هود فــي دعوة شــعيب عليــه الصالة والسالم لقومــه‬
‫﴿َواسَتَغــ ِِفروا ََرَّبَ ُُكم ُث ُ ََّم توبوا ِِإَلَيــ ِِه ِِإ ََّن ََر�بـّي ََرحي ٌٌم ََودوٌدٌ﴾ [هود‪ ]٩٠ :‬والودود‬ ‫َ‬
‫هو الذي يتودد الــى خلقيــه يتحبب اليــهم سبحانــه وتعالــى وعز وجل هو اهل‬
‫ان يــعبد وان ُيُحب عز وجل سبحانــه وتعالــى نســأل هللا عز وجل الودود نســأل‬
‫هللا ان يتوب عليــنا وان يــغفر لــنا هو وــلي ذلك والــقادر علــيه‬
‫رِش‬ ‫رِش ال ََمجيُدُ﴾ قرأ حمزة والكســائي والمــفضل عن عــاصم ﴿ُذُو الـَعَ ِ‬ ‫﴿ُذُو الـَعَ ِ‬
‫رِش ال ََمجيُدُ﴾ رفــع المجيد يعنــي جعلــه من‬ ‫ال ََمجيِدِ﴾ والبــاقون قرأوا ﴿ُذُو الــَعَ ِ‬
‫صفــات هللا سبحانــه وتعالــى هللا عز وجل هو سبحانــه وتعالــى هو الغــفور هو‬
‫الودود هو ذو الــعرش هو سبحانــه وتعالــى والذي قرأ بالخــفض جعلهــا صفــة‬
‫للــعرش فــاهلل عز وجل هو الغــفور الودود وهو ذو الــعرش المجيِدِ‪ ،‬المجيد هو‬

‫‪10‬‬
 ‫تفريغ مادة المجلس الرابع عشر ‪ -‬الجزء الثالثين ‪ -‬سورة البروج‬

‫الــعرش وبعضــهم قــال انمــا هو هللا سبحانــه وتعالــى وهذا يسمــى بالخــفض‬
‫بالمــجاورة‬
‫﴿َفَ�عـّا ٌٌل ِِلمــا ُيُريُدُ﴾ سبحانــه وتعالــى فعــال لمــا يريد كقولــه تعالــى ﴿ ِِإ ََّن ََرَّب َََك‬
‫َفَ�عـّا ٌٌل ِِلمــا ُيُريُدُ﴾[هود‪ ]١٠٧:‬وكــقول هللا سبحانــه وتعالــى َ‬
‫﴿َوَيَفــَعَ ُُل �‬
‫ُهَّللاُ مــا‬
‫َيَشــا ُُء﴾ [إبراهيم‪]٢٧ :‬وكقولــه ﴿ال ُيُســَأ َ ُُل َعَ�م ـّا َيَف ـَعَ ُُل ََو ُُهم ُيُســَأَلوَنَ ﴾ [األنبيــاء‪:‬‬
‫‪َ﴿ ]٢٣‬فَ�عـّا ٌٌل ِِلمــا ُيُريُدُ﴾ مــا اراده هللا سبحانــه وتعالــى يفعلــه هللا عز وجل‬
‫وهذه اآليــة فيهــا التــهديد فيهــا التخويف فيهــا التحذير فيهــا الترهيب وكذلك‬
‫فيهــا الرجــاء الــعبد يدعو هللا عز وجل وهو موقن باإلجابــة وأن هللا ال يــعجزه‬
‫شــيء سبحانــه وتعالــى وان هللا سبحانــه تعالــى يفــعل مــا يشــاء فعــال لمــا يريد‬
‫سبحاــنه وتعاــلى‬
‫ديُث ال ُُجنوِدِ﴾ ومر معنا كقول هللا عز وجل ﴿َهَل‬ ‫تاَك ََح ُ‬ ‫قال هللا عز وجل ﴿َهَل َأ َ َ‬
‫كَرميَنَ ﴾‬ ‫براهيَم ال ُُم َ‬
‫َ‬ ‫يِف ِإِ‬
‫َض ِ‬ ‫ديُث َ‬‫تاَك ََح ُ‬ ‫َِة﴾ [الغاشيــة‪َ﴿ ]١ :‬هَل َأ َ َ‬ ‫ـاَك ََح ُ‬
‫ديُث الغا ِِش�يـ ِ‬ ‫َأَتـ َ‬
‫ـاًرا ﴾ [طــه‪] ١٠ - ٩:‬‬ ‫ديُث موســى * ِِإذ ََرأى نـ ً‬ ‫ـاَك ََح ُ‬ ‫﴿َوَهَل َأَتـ َ‬‫[الذاريــات‪َ ]٢٤ :‬‬
‫ُط ًًوى﴾ [النازعــات‬ ‫ديُث موســى * ِِإذ نــاداُهُ ََر�بـُُهُ �بـِالوا ِِد ال�م ـَُقََّد َِِس ُ‬ ‫ـاَك ََح ُ‬ ‫﴿َهَل َأَتـ َ‬
‫حراَب﴾ [ص‪َ﴿ ]21:‬هَل َأَتـ َ‬
‫ـاَك‬ ‫َ‬ ‫الِم‬
‫َس ََّو ُُروا ِ‬ ‫ـاَك َنَ�بـَُأ ُ الَخ ِ‬
‫َصِم ِِإذ َت َ َ‬ ‫﴿َوَهَل َأَتـ َ‬
‫‪َ ]١٦ - ١٥:‬‬
‫ًضــا لتــهويل هذا االمر‬ ‫ديُث ال ُُجنوِدِ﴾ [البروج‪ ]١٧ :‬هذا لتشويــق االمر واي ً‬ ‫ََح ُ‬
‫َعوَنَ ََوَثَمو ََد﴾ وطبعـًا ً الجنود الذين تجندوا‬ ‫ولتــأكيده كذلك قــال هللا سبحانــه ﴿ِفِر َ‬
‫وجندوا عندهم الجنود التــي تحميــهم وايضــًا ً جندوا النــاس لحرب اوليــاء‬
‫َعوَنَ ََوَثَمو ََد﴾ وطبعــًا ً فرعون‬ ‫هللا سبحانــه وتعالــى وعبــاد هللا المؤمنين ﴿ِفِر َ‬
‫المــعروف الذي بــعث لــه موســى عليــه الصالة والسالم وثمود قوم صالــح‬
‫عليــه الصالة والسالم وهؤالء النــهم كانوا من أقوى النــاس كمــا قــال هللا عز‬
‫ِت ال ِِعمــا ِِد * اَّلَتــي َلَم ُيُخ�لـَق‬ ‫وجل ﴿َأََلَم َت َ ََر ََك َ‬
‫يَف �فـََعَ ََل ََرُّب ََُك ِِبعــا ٍٍد * ِِإ ََر ََم ذا ِ‬
‫َعوَنَ ِذِي اَألَوتــاِدِ﴾‬ ‫خَر �بـِالوا ِِد * ََوِفِر َ‬ ‫َّص َ‬ ‫ِِمثُلُهــا �فـِي ال ِِبال ِِد * ََوَثَمو ََد اَّلَذيَنَ جــاُبُوا ال َ‬
‫[الــفجر‪ ]١٠__ ٦ :‬وقــال هللا سبحانــه وتعالــى هل اتــاك حديث هؤالء مــاذا‬
‫فــعل هللا سبحانــه وتعالــى بــهم كيف كانت عاقبتــهم وكيف جــعل هللا عز وجل‬
‫عاقبــة أمرهم خسرة وكيف جــعل هللا سبحانــه وتعالــى كيدهم فــي تبــاب وجعل‬
‫كيدهم فــي تدبير وجــعل كيدهم فــي ضالل ومــا اغنت عنــهم جنودهم وكيف ان‬
‫هللا اخذهم اخذ عزيز مــقتدر وكيف ان هللا تعالــى عذبــهم فــهذا تحذير لــقريش‬
‫الذين حــاربوا النبــي عليــه الصالة والسالم وتســلية وتــأييد لسيدنــا رسول هللا‬
‫صلــى هللا عليــه وســلم واآليــة بــعد ذلك عامــة لكل من طغــى وتجبر وتعالــى‬
‫علــى النــاس وظــلم النــاس ‪ ،‬قــال هللا سبحانــه وتعالــى ﴿َبَ ِِل اَّلَذيَنَ �كـََفَروا فــي‬
‫ٍب﴾ الذين كــفروا اهل مكــة ومــا اعتبروا بمن كانوا قبلــهم واآليــة عامــة‬ ‫َتَكذي ٍ‬
‫ِِهم‬
‫ُهَّللاُ ِِمن ََورا�ئـ ِ‬
‫﴿َو �‬
‫َ‬ ‫طبعــًا ً مــا اعتبروا ومــا أخذوا الــعبرة ممن كان قبلــهم‬
‫حيٌط﴾ محيط يعنــي مطلــع عليــهم سبحانــه وتعالــى ال تخفــى عنــه خافيــة وال‬ ‫ُُم ٌ‬

‫‪11‬‬
 ‫تفريغ مادة المجلس الرابع عشر ‪ -‬الجزء الثالثين ‪ -‬سورة البروج‬

‫عليــه شــيء سبحانــه وتعالــى ومحيط ايضـًا ً تأتــي بمعنــى المهــلك لــهم كــقول‬
‫﴿َوُأُحي َ‬
‫َط ِِبَث َ ََم ِِر ِِه ﴾ [الكــهف‪ ]٤٢ :‬يعــني أــهلك ثمره‬ ‫هللا سبحانــه وتعالــى َ‬
‫قــال هللا سبحانــه وتعالــى ﴿َبَل ُُه ََو ُقُ ٌ‬
‫رآٌن ََمجي ٌٌد * فــي َلَوٍحٍ ََمحــفوٍظٍ ﴾ هذه هــي‬
‫الــقراءة المتواترة وقرأ ابو العاليــة وابو الجوزاء وابو عمران وابن السميفــع‬
‫قرآُن مجي ٍٍد ‪ ،‬مجي ٍٍد يعنــي هو كالم هللا تعالــى ﴿فــي َلَوٍحٍ ََمحــفوٍظٍ ﴾ الذي‬‫ُ‬ ‫بل هو‬
‫فيــه الــقرآن والــقرآن نزل من الــلوح المحــفوظ الــى بيت الــعزة فــي السمــاء‬
‫االولــى ثم نزل بــعد ذلك علــى سيدنــا رسول هللا عليــه الصالة والسالم منجمــًًا‬
‫مــفرق ‪ ،‬فــلوح محــفوظ عند هللا سبحانه وتعالــى محروس من الشياطين وكذلك‬
‫الــقرآن فيــه محــفوظ من الزيــادة والنقصــان وقرأت اآليــة {فــي لوح محــفوٍظٍ }‬
‫هذه قراءة االكثرين وايض ـًا ً فــي المتواتر فــي قراءة نافــع { فــي لوح محـ ٌ‬
‫ـفوٌظ‬
‫} اي نــعت للــقرآن بل هو قرآن مجيد فــي لوح محــفوظ يعنــي يكون معنــى‬
‫اآليــة علــى قراءة نافــع هو قرآن مجيد محــفوظ فــي الــلوح الــقرآن محــفوظ‬
‫فــي الــلوح وعلــى قراءة الجمــهور فــي لوح محــفوظ يعنــي الــلوح هو الــلوح‬
‫المــحفوظ‬
‫نســأل هللا سبحانــه وتعالــى ان يوفقنــا لمــا يحب ويرضــى ويــأخذ بنواصينــا‬
‫إلــى البر والتــقوى هو ولــي ذلك والقــادر عليــه وان شــاء هللا تعالــى جديد اللقــاء‬
‫بــإذن هللا عز وجل فــي الحلقــة القادمــة بحول هللا وقوتــه وعونــه وتوفيقــه مــع‬
‫سورة الطــارق الــى ذلكم الحين استودعكم هللا ودمتم فــي عون هللا ورعايتــه‬
‫والسالم ــعليكم ورحــمة هللا وبركاــته‬

‫‪12‬‬
 ‫تفريغ مادة المجلس الرابع عشر ‪ -‬الجزء الثالثين ‪ -‬سورة البروج‬

‫‪13‬‬