You are on page 1of 1

‫عندما التقيت أمير المؤمنين‬

‫تكمن قيمة اإلنسان عند هللا عز وجل في صفاته وليس في صورته ونسبه وماله‬
‫وعلى الرغم من ان عمر بن الخطاب رضي هللا عنه لم يكن قبل االسالم إال رجًال‬
‫عربيًا من قريش ومن أحفاد عدي بن كعب بن ُلؤي بن غالب بن ِفْهر بن مالك‪ ،‬وُأمه‬
‫َح ْن تمة بنت هاشم من مخزوم القرشي‪ ،‬ولن تكون صفته إال من صفات قريش التي ال‬
‫تزيد بشيء عن صفات العرب في وقتها‪ ،‬خاصة في جزيرة العرب التي لم يختلط‬
‫أهل باديتها إال قليال مع غيرهم‪ ،‬اال انه صبغ بصبغة االسالم حتى من قبل ان يشرح‬
‫قلبه فلم يكن أميرًا للمؤمنين من فراغ‪.‬‬

‫في وصف شكله‪ ,‬قال العالمة الحافظ الصادق أبو الحسن علي ‪ :‬كان عمر‪:‬‬
‫"رجًال آدم اي أسمر مشربًا بحمرٍة‪ ،‬طويًال ‪ ،‬أصلع‪ ،‬له حفافان (شعر في ناحيتي‬
‫الرأس)‪ ،‬حسن الخدين‪ ،‬واألنف‪ ،‬والعينين‪ ،‬غليظ القدمين والكفين‪ ،‬حسن الَخ ْلق‪،‬‬
‫ضخم الكراديس ‪ ،‬أعسر يسرا (يعمل بيديه جميعا اليمنى واليسرى)‪ ،‬إذا مشى كأنه‬
‫راكب "‪.‬فكان عمر من اشداء قريش واغلظهم وكان في صراع شديد مع نفسه‪ ،‬فهو‬
‫صراح تردد بين ما هو عليه من حمية الجاهلية وبين ذلك الدين الجديد الذي يشرق‬
‫بين عينيه ولكن شاء هللا أن ينيرعقله ويفك اغالل قلبه ببضع ايات من كتابه الكريم‬
‫ليتحول عمر الذي كان في طريقه لقتل الرسول إلى أمير المؤمنين وقاهر الفرس‬
‫والمجوس‪ .‬تميَز سيدنا عمر رضي هللا عنه وأرضاه في العديد من الصفات القيادية‬
‫وأهمها العدل حيث كان الفاروق عادًال في أحكامه‪ ،‬وكان رضي هللا عنه يخاف من‬
‫هللا حيث كان للقرآن عليه أثر‪ ،‬وينتفض لذكر ربه خاليًا أو مشهودًا‪ ،‬دون أن يشعر‬
‫بأّن هذا الخوف ينقص من هيبته فيكفي أن الشياطين كانت تهرب من طريقه وكان‬
‫الناس يجترئون في غيبته ويسكنون في حضوره‪ ،‬كما تميَز الفاروق في التواضع‬
‫والزهد فكان ألي شخص يرغب في مقابلته أن يستطيع الوصول إلى خليفة‬
‫المسلمين‪ ،‬وليس هذا فقط بل كان يناديه باسمه‪ ،‬وكان كريمًا ولو على حساب نفسه‪.‬‬
‫في الخاتمة‪ ,‬كان عمر مثاال للخليفة الذى يهتم بأمر رعيته كما نفسه بل اكثر فكان‬
‫ال ينام وال يرتاح له بال حتى يشبع كل اطفال المؤمنين في كل بقاع االسالم‪ .‬حتى‬
‫عندما ختم عمر رضي هللا عنه حياته لم يشغله ما نزل به من البالء وال سكرات‬
‫الموت عن تدبير أمر المسلمين‪ ،‬وأرسى نظاما صالحا للشورى لم يسبقه إليه أحد‪،‬‬
‫عندها اشار بمن يخلفه من بعده‪ .‬فصدقت المقولة المشهورة‪ :‬حكمت فعدلت فأمنت‬
‫فنمت يا عمر‪.‬‬

You might also like