You are on page 1of 8

‫ريم‬ ‫عود الش‬ ‫د‪ .

‬س‬ ‫وة إال باهلل‬ ‫ول وال ق‬ ‫ل‪ :‬ال ح‬ ‫فض‬


‫‪ 15‬رجب ‪ 1437‬هـ‬

‫فضل‪ :‬ال حول وال قوة إال باهلل‬


‫ألقى فض يلة الش يخ س عود الش ريم ‪ -‬حفظ ه هللا ‪ -‬خطب ة الجمع ة بعن وان‪" :‬فض ل‪ :‬ال ح ول وال ق وة إال باهلل"‪ ،‬وال تي‬
‫تحَّد ث فيها عن كن من كنوز الجنة‪ ،‬وهو قوُل ‪ :‬ال حول وال قوة إال باهلل‪ُ ،‬م ب ًن ا معناها وفضائَل ها‪ ،‬وذك َر أخطاَء الناَس‬
‫ِّي‬ ‫ٍز‬
‫ُمل‬
‫مع هذه الكلمة ا باَر كة‪.‬‬

‫الخطبة األولى‬
‫ُش‬ ‫ُذ‬ ‫ُن‬
‫إن الحمد هلل نحم ُد ه ونستعي ه‪ ،‬ونستغفُر ه ونتوُب إليه‪ ،‬ونعو باهلل من رور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يه ِد ه‬
‫هللا فال ُم ض َّل له‪ ،‬ومن ُي ض ِل ل فال هادَي له‪ ،‬وأشهُد أن ال إله إال هللا وح َد ه ال شريك له‪ ،‬وأشهُد أن محم ًد ا عب ُد هللا‬
‫ُل‬
‫ورسو ه‪.‬‬

‫[آل عمران‪.]102 :‬‬ ‫َيا َأُّيَه ا اَّلِذ يَن آَم ُنوا اَّتُقوا الَّلَه َح َّق ُتَق اِتِه َو اَل َتُم وُتَّن ِإاَّل َو َأْنُتْم ُمْس ِلُم وَن‬

‫َيا َأُّيَه ا الَّناُس اَّتُقوا َر َّبُك ُم اَّلِذ ي َخ َلَقُك ْم ِم ْن َنْف ٍس َو اِح َد ٍة َو َخ َلَق ِم ْنَه ا َز ْو َجَه ا َو َبَّث ِم ْنُه َم ا ِر َج ااًل َك ِثيًر ا َو ِنَس اًء َو اَّتُق وا الَّل َه اَّل ِذ ي‬
‫َتَس اَءُلوَن ِبِه َو اَأْلْرَح اَم ِإَّن الَّلَه َك اَن َعَلْيُك ْم َر ِقيًبا [النساء‪.]1 :‬‬

‫َيا َأُّيَه ا اَّلِذ يَن آَم ُنوا اَّتُقوا الَّلَه َو ُقوُلوا َقْو اًل َس ِد يًد ا (‪ُ )70‬يْص ِلْح َلُك ْم َأْع َم اَلُك ْم َو َيْغِف ْر َلُك ْم ُذُنوَبُك ْم َو َمْن ُيِط ِع الَّل َه َو َرُس وَلُه َفَق ْد‬
‫َفاَز َفْو ًز ا َعِظ يًم ا [األحزاب‪.]71 ،70 :‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫‪-1 -‬‬
‫‪Friday.alharamain.sa‬‬
‫ريم‬ ‫عود الش‬ ‫د‪ .‬س‬ ‫وة إال باهلل‬ ‫ول وال ق‬ ‫ل‪ :‬ال ح‬ ‫فض‬
‫‪ 15‬رجب ‪ 1437‬هـ‬

‫ُم‬ ‫ُت‬ ‫ُم‬ ‫ُم‬ ‫فإن أحسَن‬


‫الحديِث كال هللا‪ ،‬وخيَر الهدِي هدُي محم ٍد ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،-‬وشَّر األمور حدثا ها‪ ،‬وكَّل حدث ٍة‬
‫بدعٍة ضاللة‪.‬‬ ‫بدعة‪ ،‬وكَّل‬

‫َّذ‬ ‫َّذ‬ ‫ُك‬ ‫ُأ‬


‫و وِص ي م ونفسي بعد تق َو ى هللا ‪ -‬جل وعال ‪ -‬بالجماعة؛ فإن يَد هللا على الجماعة‪ ،‬ومن ش عنهم ش في النار‪،‬‬
‫َو َمْن ُيَش اِقِق الَّر ُس وَل ِم ْن َبْع ِد َم ا َتَبَّيَن َل ُه اْلُه َد ى َو َيَّتِب ْع َغْيَر َس ِبيِل اْلُم ْؤ ِم ِنيَن ُنَو ِّل ِه َم ا َتَو َّلى َو ُنْص ِلِه َجَه َّنَم َو َس اَءْت َم ِص يًر ا‬
‫[النساء‪.]115 :‬‬

‫أيها الناس‪:‬‬
‫إن هللا خل َق اإلنساَن وصَّو َر ه فأحس َن صورَت ه‪ ،‬وجعَل ه في أحسن تقويم‪ ،‬يغ ُد و وي ُر وح في مها الحياة وُد رو ها‪ ،‬فب ا ٌع‬
‫ِئ‬ ‫ِب‬ ‫ِم ِه‬
‫ُك‬ ‫ُق‬ ‫ُق‬
‫نفَس ه فُم عِت ها أو ُم وِب ها‪ ،‬ينَص ُب ألجِل أن يأ ل‪ ،‬ويلَه ث من أجل أن يرتاح‪َ ،‬يا َأُّيَه ا اِإْل ْنَس اُن ِإَّنَك َك اِد ٌح ِإَلى َر ِّبَك َك ْد ًح ا‬
‫َفُم اَل ِقيِه [االنشقاق‪.]6 :‬‬
‫َل‬ ‫َن‬ ‫ٌف‬ ‫َن‬
‫ومع هذا كِّل ه‪ ،‬فإن اإلنسا بغير إيماٍن مخلوٌق ضعي ‪ ،‬إن أصاَب ه شٌّر جِذ ع‪ ،‬وإن أصاَب ه خيٌر م ع‪ ،‬وهو في ِك لتا الحا ين‬
‫َق‬
‫قِل ٌق هِل ع‪ ،‬مجُه ود الب َد ن‪ ،‬كس يُر النفس‪ ،‬خ اِئ ُب الرج اء إال من رِح َم رِّب ي‪ ،‬ولق د صد هللا‪َ :‬و ُخ ِل َق اِإْل ْنَس اُن َض ِعيًف ا‬
‫[النساء‪.]28 :‬‬
‫ًة َن َف‬ ‫ًة‬ ‫ُف‬ ‫َذ ُف‬ ‫ُغ‬ ‫َت‬ ‫َّن‬
‫إنه ما م ا من أح ٍد إال تع ِر يه ُه موٌم و موٌم ومضاِي ق‪ ،‬تتقا ه نواِئ ُب الحياة وُص رو ها يمن ويسر ‪ ،‬إَّب ا ُم عا َس ته‬
‫ُث‬ ‫َق‬ ‫ُغ‬ ‫ُك‬ ‫َت‬ ‫َن‬ ‫َل‬
‫أه ه وول َد ه وأقرا ه‪ ،‬تع ِر يه تل م الن واِئ ب وتعتِر ُض ه اع تراَض ال ي وِم لل َم رين‪ ،‬فتحِج ُب ض وَء هما‪ .‬ثم يلَه جاِه ًد ا‬
‫ًال‬ ‫ًأ‬
‫للنجاة مما اعتراه‪ ،‬حتى يِج د ملج أو مغاراٍت أو ُم َّد خ فراًر ا مما ُي ِل ُّم به‪.‬‬
‫َّل‬ ‫ُت‬ ‫ُق‬ ‫ُمل َل‬ ‫ُق‬
‫يط ُر أبواَب الناِس ا غ قة وال يط ُر باَب هللا املف وح‪ُ ،‬ي قِّط ُع األوقات في بِّث هِّم ه وغِّم ه إلى الناس مع ضعِف هم وق ة‬
‫َف‬ ‫َت‬
‫حيلِت هم‪ ،‬وال ُي قِّط ُع وق ه في بِّث هِّم ه وغِّم ه إلى من ال تخ ى عليه خاِف ية‪ ،‬من ال ُي عِج ُز ه شيٌء في األرض وال في السماء‪ ،‬من‬
‫ُك ُت‬ ‫ُف‬ ‫ُمل‬
‫ُي جيُب ا ضطَّر إذا دعاه‪ ،‬ويكِش السوَء ‪ ،‬من بيِد ه مل و كل شيٍء وهو ُي جيُر وال ُي جاُر عليه‪.‬‬

‫‪-2 -‬‬
‫‪Friday.alharamain.sa‬‬
‫ريم‬ ‫عود الش‬ ‫د‪ .‬س‬ ‫وة إال باهلل‬ ‫ول وال ق‬ ‫ل‪ :‬ال ح‬ ‫فض‬
‫‪ 15‬رجب ‪ 1437‬هـ‬

‫َّك‬
‫ولو ف َّر مث ُل هذا إلى رِّب ه ألحيا ضميَر ه‪ ،‬وز ى نفَس ه‪ ،‬وطَّه ر قلَب ه‪ ،‬وأم َّد ه بالَع ون والتوفي ِق ‪ ،‬وفتَح عليه من املعرف ِة به‬
‫ُك‬
‫ومعرف ِة وسائل الُو صوِل إليه الشيَء الكثير‪ ،‬ومن ذلكم‪ :‬أن يهِد َي ه إلى كنٍز من نوز الجنة‪ ،‬وباٍب من أبواِب ها التي قد‬
‫ُة‬
‫غفَل عنها بعد أن ألَه ته الدنيا والوحش بينه وبين رِّب ه عن إدراِك ها وإدراِك أثِر ها‪.‬‬

‫ففي "الصحيحين"‪ :‬أن النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬قال ألبي موسى األشعرِّي ‪« :‬يا عبَد اهلل بن قيس! ُقل‪ :‬ال حوَل وال‬
‫قوَة إال باهلل؛ فإنها كنٌز من كنوز الجنة»‪.‬‬

‫وفي روايٍة عند اإلمام أحمد والحاكم‪« :‬أنها باٌب من أبواِب الجنة»‪.‬‬
‫َّن‬
‫هللا أكبر ‪ -‬عباد هللا ‪ ،-‬إنها الكنُز الذي يفتِق ُر إليه كُّل واح ٍد م ا‪ ،‬إنه الكنُز الغ اِئ ُب عن أوساِط نا‪ ،‬إنه الكنُز العظيم ذو‬
‫ُّل‬ ‫ٌة ٌة‬ ‫ٌة‬
‫الثمن الَّض ئيل‪ ،‬إنها كلم عظيم مليئ بكل معاني التوحيد وال جوء إلى هللا‪ ،‬والبراءة من َح ول العبد الضعيف وقَّو ته‬
‫إلى َح ول العظيم الجَّب ار وقَّو ته‪.‬‬
‫ُأ‬
‫إنها الزاُد ملن أراَد السداد‪ ،‬إنها نُس املهُم وم وجالء املغُم وم‪ ،‬من التزَم ها سِع د ورِب ح‪ ،‬ومن زِه د فيها شِق َي وخِس ر؛ كيف‬
‫ال وهي من الباِق يات الصاِل حات التي قال عنها النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪« :-‬استكِثروا من الباِقيات الصاِلحات»‪ .‬قيل‪:‬‬
‫وما هي يا رسول هللا؟ قال‪« :‬التكبير‪ ،‬والتهليل‪ ،‬والتسبيح‪ ،‬والحمُد هلل‪ ،‬وال حوَل وال قوَة إال باهلل»؛ رواه أحمد وابن حبان‪.‬‬
‫ُمل‬ ‫َغُل‬
‫عجًب ا للعبد يش ه حوُل البشر وقَّو تهم عن َح ول هللا وقَّو ته! عجًب ا له كيف يزَه ُد في هذا الباِب ا وِص ِل إلى الكنز؟!‬

‫ُش َم ُّل‬ ‫َح‬ ‫ُم ًن‬ ‫َر‬ ‫ُل‬ ‫َّد‬


‫أما لو ر دا املظ وم وذو املضاِي ق‪ ،‬وأكث من قوِل ها وِق ا بها‪ ،‬لفت هللا بها من أبواب الِّر ضا ما يطي أما ها ك هٍّم‬
‫وغ وُح ز وكآبة؛ فهي فتاُح اإليمان‪ ،‬و فتاُح اإلعانة‪ ،‬كم ا قال شيُخ اإلسالم وغيُر ه؛ ألنه بذك الحوقَل ة ُي ف ُض‬
‫ِّو‬ ‫ِر‬ ‫ِم‬ ‫ِم‬ ‫ٍن‬ ‫ٍّم‬
‫َق‬
‫أمَر ه إلى القاهِر فو عباِد ه وهو الحكيُم الخبير‪.‬‬
‫َة‬ ‫َة‬ ‫ُمل‬
‫فكأَّن ا حوِق ل يقول‪ :‬ال حرك لي وال استطاع وال تحُّو ل من حاٍل إلى حاٍل إال بَح ول هللا وقَّو ته‪.‬‬

‫‪-3 -‬‬
‫‪Friday.alharamain.sa‬‬
‫ريم‬ ‫عود الش‬ ‫د‪ .‬س‬ ‫وة إال باهلل‬ ‫ول وال ق‬ ‫ل‪ :‬ال ح‬ ‫فض‬
‫‪ 15‬رجب ‪ 1437‬هـ‬

‫َة‬ ‫ُت‬ ‫ًة‬ ‫ُث‬


‫ل ذلكم ج اء في فض ائِل ها أح ادي كث يرة ب ذكِر ها ُم ف ردة وذكِر ه ا مقرون بغيره ا؛ ألنه ا وِج ُب اإلعان من هللا لقائِل ه ا‪،‬‬
‫ُمل‬ ‫ُمل‬
‫فألجل ذلك س َّن ها النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬إذا قال ا ؤِّذ ن‪" :‬حَّي على الصالة‪ ،‬حَّي على الفالح"‪ ،‬فيقول ا ستِم ع‪:‬‬
‫"ال حول وال قوة إال باهلل"‪.‬‬
‫ُن‬ ‫ُل‬ ‫ًال‬
‫أال أيها املهُم وم! ِق ف قلي ثم تأَّم ل ما تحِم ه هذه الكلمة من املعاني العظيمة‪ ،‬واالعِت صام الجليل بمن يمي ه مألى ال‬
‫يغيُض ها شيء‪ ،‬سَّح اَء الليل والنهار‪ ،‬أرأيُت م ما أنف َق منذ خل َق السماَء واألرَض ‪ ،‬فإنه لم يِغ ض ما في يميِن ه‪ .‬بذلكم أخبَر‬

‫النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪.-‬‬

‫ذكَر جماعٌة من الُم فِّس رين والُم حِّدثين قصًة حَّس نها بعُضهم بمجُم وع ُطرِقها‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫أن عوَف بن مالٍك األشجعِّي أسَر الُم شِر كون ابًنا له ُيسَّم ى "ماِلًك ا"‪ ،‬قال‪ :‬يا رسوَل اهلل! أسَر العدُّو ابِني‪ ،‬وشَك ا إليه الفاقَة أيًض ا‪،‬‬
‫فقال له النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪« :-‬اَّتِق اهلل واص ِبر‪ ،‬وأكِث ر من قوِل ‪ :‬ال حوَل وال قوَة إال باهلل»‪ .‬ففعَل الرجُل ذلك‪.‬‬
‫فبينما هو في بيِته إذ أتاه ابُنه وقد غفَل عنه العدُّو ‪ ،‬فأصاَب إبًال فغِنَم ها وجاَء بها إلى أبيه‪.‬‬
‫ٌة‬ ‫ًال‬ ‫ًال‬
‫هللا أك بر! م ا أعظَم ه ا من كلم ة‪ ،‬وهللا أك بر! م ا أعظَم أثَر ه ا‪ ،‬وهللا أك بر! م ا أغف َل الن اس عنه ا ق و وعم ‪ ،‬وهي س هل‬
‫ُف‬ ‫ٌة‬
‫يسير يستطيُع ها القوُّي والضعي ‪ ،‬والغنُّي والفقيُر ‪ ،‬ومن هو على فراِش الَع جز واملرِض ‪.‬‬

‫ًغ‬ ‫ُت‬ ‫َت‬


‫رأي خيًر ا ساِب ا ال حَّد له‬ ‫يا رُّب أنت كلما رزق ني‬

‫َت‬ ‫َز َت‬


‫أزح يا قديُر كَّل ُم عِض لة‬ ‫ُر‬
‫ر ق ني وأنت خي راِز ٍق‬

‫َق َل‬ ‫ُل‬ ‫ُف‬


‫ال تنتِهي فتنتِهي بالحو ة‬ ‫تطو بي مضاِي ٌق أخا ها‬

‫َل‬ ‫ُمل‬
‫وأنت يا ذا الُج وِد تأتي هرَو ة‬ ‫يأتي إليك ا ستجيُر ماِش ًي ا‬

‫‪-4 -‬‬
‫‪Friday.alharamain.sa‬‬
‫ريم‬ ‫عود الش‬ ‫د‪ .‬س‬ ‫وة إال باهلل‬ ‫ول وال ق‬ ‫ل‪ :‬ال ح‬ ‫فض‬
‫‪ 15‬رجب ‪ 1437‬هـ‬

‫َق‬
‫ولق د صد هللا ‪ -‬جَّل ش أُنه ‪ ،-‬كما في الح ديث القدسِّي إذ يقول‪« :‬أنا عند ظِّن عبِد ي بي‪ ،‬وأنا معه حين يذُك رني ‪»..‬‬
‫الحديث؛ رواه مسلم‪.‬‬
‫ُت‬ ‫ُت‬
‫ب ارك هللا لي ولكم في الكت اب والس نة‪ ،‬ونفَع ني وإياكم بم ا فيهم ا من اآلياِت وال ذكِر والحكم ة‪ ،‬ق د قل م ا قل ‪ ،‬إن‬
‫ُر‬ ‫ًأ‬ ‫ًب‬
‫صوا ا فمن هللا‪ ،‬وإن خط فمن نفسي والش يطان‪ ،‬وأس تغف هللا لي ولكم ولس ائر املس لمين واملس لمات من كل ذنٍب‬
‫وخطيئٍة ‪ ،‬فاستغِف روه وتوبوا إليه؛ إن ربي كان غفوًر ا رحيًم ا‪.‬‬

‫الخطبة الثانية‬
‫ُّش‬
‫الحمد هلل على إحساِن ه‪ ،‬وال كُر له على توفيِق ه وامِت نانه‪.‬‬

‫وبعد‪:‬‬
‫َل‬ ‫َّت‬
‫فا قوا هللا ‪ -‬عباد هللا ‪ ،-‬وراِق بوه في السِّر والع ن‪.‬‬
‫ُمل‬ ‫َّن‬
‫وإن تعَج ُب وا فعَج ٌب كي ف يح ِر ُص الواح ُد م ا في ُد ني اه على إحس اِن ِغ راِس بيِت ه وتجميِل ه بأط اِيِب الِغ راِس ا ثِم ر‬
‫َّلَف‬
‫والِغ راِس الزاِك ي‪ ،‬مهما ك ه ذلك من الُج هد واملال والِف كر‪.‬‬
‫ُأ ُذ‬ ‫َأ‬ ‫ُك‬ ‫َت‬
‫في ا لي ِش عري! ه ل نستحِض ر أمام ذل م ِغ راًس ا عظيًم ا في داٍر فيه ا م ا ال عيٌن ر ت‪ ،‬وال ٌن س ِم َع ت‪ ،‬وال خط َر على‬
‫قلِب بشر؟!‬

‫‪-5 -‬‬
‫‪Friday.alharamain.sa‬‬
‫ريم‬ ‫عود الش‬ ‫د‪ .‬س‬ ‫وة إال باهلل‬ ‫ول وال ق‬ ‫ل‪ :‬ال ح‬ ‫فض‬
‫‪ 15‬رجب ‪ 1437‬هـ‬

‫َظ‬ ‫َط ُك‬ ‫ُأ‬


‫إنه ِغ راٌس ال ُي مكن أن يتصَّو َر ه أح ٌد مهما وِت َي من ق َّو ة الخياِل والتخُّي ل‪ ،‬وال ُي مكُن أن ُي حي ب نِه ه ال في يق ٍة وال في‬
‫َّن‬
‫منام‪ .‬إنها ِغ راُس الج ة‪ :‬ال حول وال قوة إال باهلل‪.‬‬
‫َن‬ ‫َة ُأ‬
‫فإن نبَّي نا ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬ليل سرَي به م َّر على أبي ا إبراهيم ‪ -‬عليه السالم ‪ ،-‬فقال‪« :‬يا محمد! ُمر أَّمتَك أن‬
‫ُيكِثروا من ِغ راِس الجنة»‪ ،‬قال‪« :‬وما ِغ راُس الجنة؟»‪ ،‬قال‪« :‬ال حوَل وال قوَة إال باهلل»؛ رواه أحمد وابن حَّب ان‪.‬‬

‫فعجًب ا ملن يقَن ط وعنده ال حوَل وال قوَة إال باهلل! وعجًب ا ملن يقَل ق وعنده ال حوَال وال قوَة إال باهلل! وعجًب ا ملن استثَق َل‬
‫ُط‬ ‫َة‬ ‫َأ‬
‫شيًئ ا أو استبط ه وعنده ال حوَل وال قو إال باهلل! أال وهللا وباهلل وتاهلل إن ذلكم هو التفري بقِّض ه وقضيِض ه‪.‬‬
‫َن‬ ‫َة‬ ‫َل‬
‫ثم اع موا ‪ -‬يا رعاكم هللا ‪ -‬أن ثَّم أقواًم ا ُي خِط ئون مع هذه الكلمة العظيمة خطأين بِّي ين‪:‬‬
‫ُت‬ ‫ُل‬ ‫ُل‬
‫أو هما‪ :‬أنهم يجع ون هذه الكلمة قاُل في املصاِئ ِب واِمل َح ن التي ينبغي أن ُي قال فيها‪" :‬إنا هلل وإنا إليه راِج عون"‪ ،‬وهذا‬
‫ُخ‬ ‫ّل‬ ‫ُف‬
‫خال ما د ت عليه النصوُص من موض ِع إيراِد ها‪ .‬فقد قال شي اإلسالم ابن تيمية ‪ -‬رحمه اهلل ‪" :-‬وذلك أن هذه‬
‫ُل‬ ‫َة‬ ‫ُة‬
‫الكلم ة ‪ -‬أي‪ :‬ال ح ول وال ق وة إال باهلل ‪ -‬هي كلم اس ِت عانة ال كلم اس ِت رجاع‪ ،‬وكث يٌر من الن اس يقو ه ا عن د املصاِئ ب‬
‫ُل َذ‬
‫بمنزلِة االسِت رجاع‪ ،‬ويقو ها ج ًع ا ال صبًر ا"‪ .‬اهـ كالُم ه‪.‬‬
‫ُل‬ ‫ًال‬ ‫ًال‬ ‫ُن‬ ‫ُل‬ ‫ُأ‬
‫وأما الخط اآلخر ‪ -‬عباد هللا ‪ :-‬فهو إهماُل بعضهم وتساُه هم في طِق ها‪ ،‬إما جه أو كس ‪ ،‬فيقو ون‪ :‬ال حوِل هللا! وفي‬
‫َف‬
‫هذا إخالٌل ‪ -‬كما ال يخ ى ‪-‬؛ حيث ال تحِم ُل إال معنى النفِي وحسب‪.‬‬
‫ُش‬ ‫َن‬ ‫ُك‬ ‫َت‬ ‫ُة‬ ‫ٌأ‬
‫وهذا خط ظاهٌر ؛ فالكلم نفٌي وإثباٌت ‪ ،‬ثَّب نا هللا وإيا م على طاعِت ه‪ ،‬وأعا نا على ذك ِر ه و كِر ه وُح سن عبادِت ه‪ ،‬وال‬
‫َّك‬ ‫َة‬
‫حوَل وال قو إال باهلل‪ ،‬عليه تو لنا وإليه املصير‪.‬‬
‫ُّل‬
‫ه ذا وص وا ‪ -‬رحمكم هللا ‪ -‬على خ ير البرَّي ة‪ ،‬وأزكى البش رَّي ة‪ :‬محم د بن عب د هللا صاحب الح وض والش فاعة؛ فق د‬
‫ُمل‬ ‫ُق‬ ‫ُمل‬
‫أمَر كم هللا بأمٍر قد بدأ فيه بنفِس ه‪ ،‬وثَّن ى بمالئكته ا سِّب حة ب دسه‪ ،‬وأَّي ه بكم أيها ا ؤمن ون‪ ،‬فق ال ‪ -‬جل وعال ‪َ :-‬يا‬
‫َأُّيَه ا اَّلِذ يَن آَم ُنوا َص ُّلوا َعَلْيِه َو َس ِّلُم وا َتْس ِليًم ا [األحزاب‪.]56 :‬‬

‫‪-6 -‬‬
‫‪Friday.alharamain.sa‬‬
‫ريم‬ ‫عود الش‬ ‫د‪ .‬س‬ ‫وة إال باهلل‬ ‫ول وال ق‬ ‫ل‪ :‬ال ح‬ ‫فض‬
‫‪ 15‬رجب ‪ 1437‬هـ‬

‫اللهم صِّل وسِّل م على عبِد ك ورسوِل ك محمٍد صاحِب الوجِه األنَو ر‪ ،‬والَج بين األزَه ر‪ ،‬وارَض اللهم عن خلفاِئ ه األربعة‪:‬‬
‫أبي بكٍر ‪ ،‬وُع م ر‪ ،‬وُع ثم ان‪ ،‬وعلٍّي ‪ ،‬وعن س ائر صحابِة نبِّي ك محم ٍد ‪ -‬ص لى اهلل علي ه وسلم ‪ ،-‬وعن الت ابعين وت ابِع ي‬
‫َّن‬
‫التابعين ومن تِب َع هم بإحساٍن إلى يوم الدين‪ ،‬وع ا معهم بعفِو ك وُج وِد ك وكرِم ك يا أكرم األكرمين‪.‬‬
‫اللهم أ َّز اإلس الم واملس لمين‪ ،‬اللهم أ َّز اإلس الم واملس لمين‪ ،‬اللهم أ َّز اإلس الم واملس لمين‪ ،‬واخ ُذ ل الش رَك‬
‫ِع‬ ‫ِع‬ ‫ِع‬
‫َك‬ ‫َد‬ ‫َب َك ُس َّن َة‬ ‫َك‬ ‫ُص َن‬
‫واملشركين‪ ،‬اللهم ان ر دي وكتا و نبِّي ك وعبا املؤمنين‪.‬‬
‫َمل‬ ‫ُمل‬
‫اللهم ف ِّر ج هَّم املهم ومين من ا س لمين‪ ،‬ونِّف س ك رَب املكُر وِب ين‪ ،‬واقِض ال َّد ْي َن عن ا دينين‪ ،‬واشِف مرض انا ومرَض ى‬
‫ُمل‬
‫ا سلمين‪ ،‬برحمِت ك يا أرحم الراحمين‪.‬‬
‫َّك‬
‫اللهم آِت نفوَس نا تقواها‪ ،‬وزِّك ها أنت خيُر من ز اها‪ ،‬أنت ولُّي ها وموالها‪.‬‬
‫َت‬ ‫َة‬ ‫َّن‬
‫اللهم آِم ا في أوطاننا‪ ،‬وأصِل ح أئَّم تنا ووال أمرنا‪ ،‬واجعل والي نا فيمن خافك واتقاك واتبع ِر ضاك يا رب العاملين‪.‬‬
‫َت‬
‫اللهم وِّف ق ولَّي أمرن ا ملا تحُّب ه وترض اه من األق وال واألعم ال يا حي يا قي وم‪ ،‬اللهم أصِل ح ل ه ِب طان ه يا ذا الجالل‬
‫واإلكرام‪.‬‬
‫ُمل‬ ‫ُك‬ ‫ُمل‬ ‫ُك‬
‫اللهم ن إلخواننا ا ستض َع فين في دينهم في سائر األوطان‪ ،‬اللهم ن إلخواننا ا ستض َع فين في دينهم في سائر األوطان‬
‫ُك‬ ‫ُك‬
‫يا حي يا قيوم‪ ،‬اللهم ن معهم وال ت ن عليهم‪ ،‬وانُص رهم وال تنُص ر عليهم يا ذا الجالل واإلكرام‪ ،‬يا قوي يا عزيز‪.‬‬
‫ُك‬ ‫ُك‬ ‫ُّث‬ ‫ُمل‬ ‫ُك‬
‫اللهم ن لجنوِد نا ا راِب طين في ال غور‪ ،‬اللهم ن لهم وال ت ن عليهم‪ ،‬اللهم انُص رهم على عدِّو ك وعدِّو هم يا ذا الجالل‬
‫واإلكرام‪.‬‬
‫َث‬
‫اللهم أنت هللا ال إله إال أنت‪ ،‬أنت الغنُّي ونحن الفقراء‪ ،‬أن ِز ل علينا الغي وال تجَع لنا من الق اِن طين‪ ،‬اللهم أن ِز ل علينا‬
‫َث‬
‫الغي وال تجَع لنا من القاِن طين‪ ،‬اللهم ال تحِر منا خيَر ما عندك بشِّر ما عندنا يا ذا الجالل واإلكرام‪.‬‬

‫‪-7 -‬‬
‫‪Friday.alharamain.sa‬‬
‫ريم‬ ‫عود الش‬ ‫د‪ .‬س‬ ‫وة إال باهلل‬ ‫ول وال ق‬ ‫ل‪ :‬ال ح‬ ‫فض‬
‫‪ 15‬رجب ‪ 1437‬هـ‬

‫ُّد ْن َي َح َس َن ًة َو آْل َر َح َس َن ًة َو َن َع َذ َب َّن‬ ‫َن َن‬


‫[البقرة‪.]201 :‬‬ ‫ِق ا ا ال اِر‬ ‫ِف ي ا ِخ ِة‬ ‫َر َّب ا آِت ا ِف ي ال ا‬

‫عباد هللا‪:‬‬
‫َن‬ ‫ُك‬ ‫ُك ُك‬
‫اذكُر وا هللا العظيَم يذ ر م‪ ،‬واش روه على آالِئ ه يِز دكم‪ ،‬ولِذ كُر هللا أكبر‪ ،‬وهللا يعلُم ما تص عون‪.‬‬

‫‪-8 -‬‬
‫‪Friday.alharamain.sa‬‬

You might also like