You are on page 1of 18

1

‫عظة‬

‫ليسوا ثالثة آهلة‬

‫ضد اذلين يفرتون علينا‪ ،‬زاعمني بأننا نقول‬


‫بثالثة آهلة‬
‫القديس باسليوس القيرصي‬

‫ترمجة‬

‫اعدل زكري‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬

‫يف هذه العظة القصرية‪ ،‬واليت ألقيت يف عيد للشهداء لم يذكر أسماؤهم‪،‬‬
‫حييك القديس باسليوس أنه اتهم بأنه ينادي بثالثة آهلة ‪ ،Tritheism‬ألنه‬
‫يرفض تصنيف الروح القدس بني املخلوقات‪ .‬بكلمات أخرى‪ ،‬أساء خصومه‬
‫فهم وتفسري عقيدته اثلالوثية اليت تنادي بثالثة أقانيم متساويني غري خمتلطني‬
‫‪-‬اآلب واالبن والروح القدس‪ -‬واعتربوها منادة رصحية بتعدد اآلهلة‬
‫‪ .Polytheism‬ال خييف ق باسليوس ضيقه وحزنه ىلع هذه املماحكة‪ ،‬ويفيد‬
‫آسفا بأنه تم اخرتاق سامعيه جبواسيس ال يهتمون بيشء سوى اإلمساك به وهو‬
‫يقول شيئا يمكن استغالهل ضده للتشنيع به‪.‬‬

‫يؤكد ق باسليوس بأن عقيدته ال تكافئ القول بثالثة آهلة‪ ،‬بل وحيرم من‬
‫يقول بإن الروح القدس خملوق‪ .‬ويقول أيضا بكل ثقة يف أرثوذكسية آرائه‬
‫وببالغة ليست قليلة يظهر استعداده تلحمل صنوف اتلعذيب من أجل إيمانه‪،‬‬
‫كما فعل الشهداء اذلين يليق عظته يف حضور رفاتهم‪ .‬وهكذا حنن نتقابل يف‬
‫هذه العظة مع ق باسليوس يف أواخر أيامه ‪-‬مفصال ومدافعا عن عقيدته‪ ،‬ويف‬
‫سخونة املعركة‪ ،‬إن جاز اتلعبري‪ ،‬ومن ثم يقدم نلا ديلال ىلع تطور ونضوج فكره‬
‫الالهويت‪.‬‬

‫قدمت هذه العظة ىلع األرجح يف الفرتة من منتصف إىل أواخر سبعينيات‬
‫القرن الرابع‪ .‬وىلع األرجح فاذلين وجهوا تهمة القول بثالثة آهلة بلاسليوس هم‬
‫أتباع أوسطاثيوس من سبسطية‪ ،‬وهو مرشده الرويح السابق يف األمور‬
‫النسكية‪ 1.‬لكن عالقة باسليوس بأوسطاثيوس بدأت تشلك إشاكيلة كبرية يف‬

‫‪1‬‬
‫‪On Basil’s relationship and conflict with Eustathius of Sebasteia, see Philip Rousseau, Basil‬‬
‫‪of Caesarea (Berkeley: Univeristy of California Press, 1994), 239- 54; Lewis Ayres, Nicaea‬‬

‫‪3‬‬
‫السنوات من ‪375 -372‬م‪ ،‬حني بدأ حلفاء مثل ميليتوس األنطايك وثيؤدوتوس‬
‫من نيكوبوليس يف التشكيك يف عقيدة أوسطاثيوس عن الروح القدس‪ .‬ويف‬
‫صيف اعم ‪ 372‬أو ‪373‬م تقابل ق باسليوس مع أوسطاثيوس وبطريقة ما أجربه‬
‫ىلع توقيع اعرتاف بإيمان أرثوذكيس‪ 2.‬لكن بعد ذلك تنصل أوسطاثيوس من‬
‫هذا االعرتاف اذلي وقعه‪ ،‬وافرتق باسليوس وأوسطاثيوس عن بعضهما ابلعض‬
‫بينما أصبح خالفهما أكرث حدة‪.‬‬

‫ويف انلهاية قام أوسطاثيوس باتهام باسليوس بالسابلية‪ ،‬اليت تنادي بوحدة‬
‫اهلل اثلالوث بطريقة تفشل يف احلفاظ ىلع اتلمايز احلقييق وادلائم بني اآلب‬
‫واالبن والروح القدس‪ .‬ثم حدثت القطيعة الاكملة بينهما اعم ‪375‬م‪ ،‬ووصفه‬
‫باسليوس بأنه من أتباع انليوماتيكوي أو ”حماريب الروح القدس“‪ 3.‬وبرغم أن‬
‫أوسطاثيوس مات ىلع ما يبدو يف اعم ‪377‬م‪ ،‬إال أن عداوته مع باسليوس ظلت‬
‫حية يف نفوس أتباع أوسطاثيوس‪.‬‬

‫من الغريب باتلأكيد أن يتهم أتباع أوسطاثيوس‪ ،‬حماربو الروح القدس‪،‬‬


‫باسليوس بكل من السابلية وتعدد اآلهلة يف نفس الوقت‪ .‬ألن اتلهمتني‬
‫متعاكستان تماما‪ .‬غري أنه بعد موت باسليوس سيوجه نفس االتهام ضد أخيه‬
‫ق غريغوريوس انلييس‪ 4.‬فإذا وجدت أي وجاهة هلذه االتهامات‪ ،‬وإذا لم تكن‬
‫جمرد مناورة جديلة خلصومه‪ ،‬فربما يكون تفسري يوهانس زاكوبر صائبا‪ .‬لقد‬
‫رأى زاكوبر أن الفكر اثلالويث بلاسليوس اكن عرضة تلفسريه بطريقة تؤدي إىل‬

‫‪and its Legacy: An Approach to Fourth-Century Trinitarian Theology (Oxford: Oxford‬‬


‫‪University Press, 2004), 225- 6; and John Behr, The Nicene Faith (Crestwood, NY: St‬‬
‫‪Vladimir’s Seminary Press, 2004), 109-10.‬‬
‫‪2‬‬
‫قارن ق باسليوس‪ ،‬رسالة ‪.125‬‬
‫‪3‬‬
‫قارن ق باسليوس‪ ،‬رسالة ‪.223‬‬
‫‪4‬‬
‫قارن ”الرسالة إىل أوسطاثيوس عن اثلالوث القدوس وألوهية الروح القدس“ يف (من املقاالت الصغرى عن الفكر اثلالويث‬
‫عند القديس غريغوريوس انلييس) ترمجة اعدل زكري‪ ،‬نسخة إلكرتونية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫السابلية أو بطريقة أخرى تؤدي إىل تعدد اآلهلة‪ ،‬وذلك بسبب إرصار ق‬
‫باسليوس ىلع التشاركية الاكملة واملساواة الاكملة بني األقانيم‪ 5.‬بكلمات‬
‫أخرى‪ ،‬لقد حدد ق باسليوس مبدأ الوحدة يف اثلالوث ‪-‬حبسب زاكوبر‪ -‬يف‬
‫املساواة بتطابق اجلوهر‪ ،‬وليس بنوع من االشتقاق من اجلوهر كما فعل‬
‫الهوتيون سابقون‪ .‬أقانيم اثلالوث ‪-‬حبسب باسليوس‪ -‬دليهم نفس ”ماهية أو‬
‫تعريف اجلوهر“ (‪ )λόγος τῆς οὐσίας‬ومن ثم يتشاركون يف ”عمومية‬
‫اجلوهر“ (‪ 6.)commonality of substance‬وهذا يعين أن الصفات املشرتكة‬
‫اليت تنسب لألقانيم‪ ،‬مثل ”الصالح“ و”انلور“‪ ،‬فيه تسيم عمومية اجلوهر‪،‬‬
‫وجيب أن تفهم بنفس املعىن عن األقانيم اثلالثة‪ .‬يف املقابل الصفات اليت‬
‫تنسب بشلك حرصي للك أقنوم فيه تسيم العالقات املمّية للك أقنوم‪.‬‬

‫حبسب زاكوبر‪ ،‬إذا اكن فهم باسليوس للمساواة اثلالوثية بتطابق اجلوهر ال‬
‫يصاحبه اتلميّي بني اجلوهر واألقنوم ”فإن هذا سيؤدي بالرضورة إما إىل القول‬
‫بثالثة آهلة أو السابلية‪ .‬يف احلالة األوىل سيكون األقانيم اثلالثة بمثابة مبادئ‬
‫مستقلة‪ ،‬ويف احلالة األخرى سيكون اثلالثة جمرد أوجه للكينونة اإلهلية‬
‫الواحدة“‪ 7.‬وباتلايل فإن اتهامات أتباع أوسطاثيوس ضد باسليوس قد تكون‬
‫مبنية ىلع فهم ناقص للفكر اثلالويث اذلي قال به باسليوس‪.‬‬

‫يبدأ باسليوس عظته ”ليسوا ثالثة آهلة“ برثاء ىلع اتلفكك احلادث‬
‫للكنيسة‪ ،‬مشجعا سامعيه للسيع إىل الوحدة‪ .‬لقد منحنا الرب احلب والسالم‪،‬‬

‫‪5‬‬
‫‪Johannes Zachhuber, Human Nature in Gregory of Nyssa: Philosophical Background and‬‬
‫‪Theological Significance, VCS 46 (Leiden: Brill, 2000), 57- 61.‬‬
‫‪6‬‬
‫قارن ق باسليوس‪ ،‬ضد أفنوميوس ‪ .19 :1‬يمكنك الرجوع لنسخة إلكرتونية اكملة جمانية نلص ”ضد إفنوميوس“ للقديس‬
‫باسليوس‪ ،‬ترمجة اعدل زكري‪ ،‬ىلع املدونة اآلتية (‪https://christopraxy.blogspot.com/2023/05/blog-‬‬
‫‪.)post.html‬‬
‫‪7‬‬
‫‪Zachhuber, Human Nature, 58.‬‬

‫‪5‬‬
‫لكنهما استبدال اآلن بالكراهية‪ .‬لك واحد مهتم بالسيع تلحقيق مصاحله‬
‫اخلاصة أكرث من املصاحلة‪ .‬غري أن باسليوس يمتدح اذلين اجتمعوا يف وحدة‪،‬‬
‫ألنه من املستحيل أن تبىن الكنيسة بدون روابط السالم واملحبة‪ ،‬وهو جيد‬
‫سلوى يف دعمهم هل‪ .‬يقول باسليوس إن العيد احلايل ‪-‬وهو لشهداء لم يذكر‬
‫أسماؤهم‪ -‬قد وضعه اآلباء من أجل تعزيز املحبة والوحدة؛ إذ يسمح العيد‬
‫بتجديد الصداقات القديمة وتوفري فرصة لصداقات جديدة‪ .‬لكن هذا اتلقليد‬
‫قد هجر اآلن بشلك أو بآخر؛ ألن معظم احلارضين اكنوا ”جواسيس“ يسعون‬
‫لإلمساك بباسليوس وهو يقول شيئا يمكن استغالهل يف التشنيع به‪.‬‬

‫ثم يفيد باسليوس بأن خصومه‪ ،‬اذلين دليهم جواسيس بني سامعيه‪ ،‬يتهمونه‬
‫بالقول بثالثة آهلة‪ .‬يف بقية العظة‪ ،‬يفند باسليوس هذه اتلهمة‪ ،‬اليت وجهها هل‬
‫حماربو الروح القدس‪ ،‬ليس بتقديم دفاع عن ألوهية الروح القدس كما هو‬
‫متوقع‪ ،‬بل بتقديم دفاع عن فكره الالهويت اثلالويث ال يتبىن فكر القائلني بإن‬
‫اآلب واالبن خمتلفان يف اجلوهر ‪.Heterousians‬‬

‫يذكر باسليوس يف ابلداية أنه ببساطة يتبع إيمان اآلباء‪ ،‬اذلين يتبعون‬
‫بدورهم املسيح‪ ،‬ملمحا إىل وصية املعمودية يف مىت ‪ .19 :28‬وباتلايل يصبح من‬
‫يتهمونه بالقول بثالثة آهلة كمن يطعن يف الرب نفسه‪ .‬كذلك كما قال بولس يف‬
‫أف ‪ ،5 :4‬يوجد رب واحد‪ .‬غري أن وصف لك من اآلب واالبن بلقب ”رب“ ال‬
‫يقسم الربوبية اإلهلية بني إهلني‪ .‬وهنا يفرتض باسليوس اتلميّي بني‬
‫املصطلحات اليت تنسب بالتساوي لآلب أو االبن‪ ،‬واملصطلحات اليت تنسب‬
‫بشلك متفرد للك من اآلب واالبن‪ .‬وقد أسهب يف هذه انلقطة يف كتابه ”ضد‬
‫إنوميوس“‪ .‬ويف كتابه هذا يرص ىلع أن املصطلحات اليت تنسب بالتساوي‬
‫لآلب واالبن هلا نفس ادلاللة‪ ،‬ويه تصف ما يسيمه ”عمومية اجلوهر“ ( ‪το‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ 8.)κοινόν τῆς οὐσίας‬عمومية اجلوهر ال تعين وجود ”نوع من املحاصصة‬
‫(أو توزيع) وتقسيم ملادة موجودة سابقا يف املوجودات اليت ستأيت منها“‪ .‬وإنما‬
‫‪9‬‬
‫باألحرى ”نفس تعريف الكينونة الواحد يالحظ يف لك من اآلب واالبن“‪.‬‬

‫كما سبق وذكرت أن باسليوس يوظف مصطلح ”تعريف الكينونة“ (وما‬


‫يكافئه ”تعريف اجلوهر“) لإلشارة إىل املعىن اذلي يؤدي إىل أن اهلل واحد‪ .‬هذا‬
‫ما يؤكد وحدانية اهلل‪ 10.‬وهكذا فاملصطلح اذلي ينسب بالتساوي إىل اآلب‬
‫واالبن يشري إىل خاصية الطبيعة املشرتكة أو اجلوهر املشرتك لآلب واالبن‪.‬‬
‫وبرغم أن لقب ”الرب“ ينسب للك من اآلب واالبن‪ ،‬فإنه يشري إىل السيادة‬
‫اإلهلية الواحدة والقدرة اللكية‪ ،‬واليت يعهد بها اآلب البنه‪ 11.‬اآلب واالبن‬
‫يشرتاكن يف الربوبية الواحدة واأللوهة الواحدة‪ .‬فهما ليسا ربني وال إهلني‪.‬‬
‫وباتلايل يوظف باسليوس منطق املصطلحات أو األلقاب املشرتكة إلثبات‬
‫اعتقاده بالوحدة اإلهلية ضد تهمة القول بثالثة آهلة‪.‬‬

‫ثم يكشف ق باسليوس انلقاب ىلع األساس اذلي بين عليه اتهام خصومه‪.‬‬
‫واكن السبب أنه يرفض تصنيف الروح القدس ىلع أنه خملوق وخاضع كعبد‪.‬‬
‫بالفعل يقول باسليوس إنه يرفض الزتحزح عن موقفه‪ .‬وهو سيدافع بال هوادة‬
‫عن معتقداته كما فعل الشهداء اذلين ترقد أجسادهم يف الكنيسة‪ .‬لكن هذا‬
‫ال جيعله مناديا بثالثة آهلة‪ .‬ثم يفيد باسليوس بأن خصومه يقرأون اسم‬
‫”ابلاراقليط“ ‪-‬كما ورد يف يو ‪ -26 :15‬كإشارة إىل احلالة الوضيعة للروح القدس‬
‫(ىلع أساس أن باراقليط تعين شفيع أو حمايم)‪ .‬يفند باسليوس هذه الفكرة‬

‫‪8‬‬
‫قارن ق باسليوس‪ ،‬ضد إفنوميوس ‪.27 ،19 :1‬‬
‫‪9‬‬
‫قارن ق باسليوس‪ ،‬ضد إفنوميوس ‪.19 :1‬‬
‫‪10‬‬
‫قارن ق باسليوس‪ ،‬رسالة ‪.261‬‬
‫‪11‬‬
‫قارن ق باسليوس‪ ،‬ضد إفنوميوس ‪ .3 :2‬السيادة يه صفة للطبيعة اإلهلية‪ .‬قارن ضد إفنوميوس ‪.2 :3‬‬

‫‪7‬‬
‫السخيفة باالستشهاد بيوحنا ‪ 16 :14‬حيث حيمل املسيح نفس اللقب‬
‫”باراقليط“ أيضا‪ .‬وهو هنا يعتمد ىلع نفس منطق األلقاب املشرتكة‪ .‬اللقب ال‬
‫يشري إىل احلالة الوضيعة للروح القدس ألن االبن أيضا يوصف بنفس اللقب‬
‫أيضا‪ .‬وباتلايل فهو لقب يشري إىل اجلوهر اإلليه املشرتك‪ ،‬واذلي يتشارك فيه‬
‫االبن والروح القدس‪.‬‬

‫ويتواصل توظيف باسليوس نلفس املنطق اخلاص باأللقاب املشرتكة‬


‫إلثبات الوحدة اإلهلية فيما ييل‪ .‬لك من اآلب واالبن يوصفان بقلب ”اهلل“‪،‬‬
‫و”اهلل الاكمل“‪ ،‬و”غري املادي“‪ .‬لك هذه األلقاب تشري إىل خاصية للطبيعة‬
‫اإلهلية املشرتكة‪ .‬ثم يرسد باسليوس أيضا ألقاب تنطبق بشلك حرصي متفرد‬
‫ىلع لك أقنوم‪ ،‬غري املولود‪ ،‬اآلب‪ ،‬االبن الوحيد‪ ،‬الرسم‪ ،‬الصورة‪ .‬مثل هذه‬
‫األلقاب تدلل ىلع العالمات اتلخصيصية املمّية للك منهما‪ ،‬أي اخلواص‬
‫اتلفريدية لآلب واالبن‪ 12.‬اآلب واالبن ليسا جمرد اسمني‪ ،‬لكنهما يدلالن بشلك‬
‫حقييق ىلع ماهية اآلب واالبن‪ .‬مرة أخرى منطق األلقاب املشرتكة يوظف‬
‫إلثبات الوحدة اإلهلية‪ ،‬هذه املرة باإلشارة إىل الفرق بني األلقاب اليت تنسب‬
‫باملشاركة‪ ،‬واأللقاب اليت تنسب بشلك متفرد للك أقنوم‪.‬‬

‫بقية العظة تتعرض إىل اعرتاضات متنوعة حمتملة ىلع رشح باسليوس‬
‫للوحدانية اإلهلية‪ ،‬أقصد أن اآلب واالبن هما اهلل بالتساوي‪ ،‬ويف نفس الوقت‬
‫هلإ واحد‪ .‬االعرتاض املحتمل األكرب اذلي حيدده باسليوس يتعلق بالوالدة‬
‫اإلهلية‪ .‬كما جادل أفنوميوس وآخرون قبله‪ ،‬فإن حقيقة الوالدة اإلهلية قد تويح‬
‫بأن ألوهية االبن أدىن من ألوهية اآلب‪ .‬بكلمات أخرى‪ ،‬حيافظ أفنوميوس ىلع‬

‫‪12‬‬
‫‪On “distinguishing marks” see Radde-Gallwitz, Divine Simplicity, 132- 7; and Mark‬‬
‫‪DelCogliano, Basil of Caesarea’s Anti-Eunomian Theory of Names, 189- 260.‬‬

‫‪8‬‬
‫الوحدة اإلهلية بأنه ينسب األلوهة الاكملة لآلب غري املولود وحده‪ ،‬وحيرم االبن‬
‫املولود من املشاركة فيها‪.‬‬

‫فيما ييل يهتم باسليوس بتقديم رشح للوالدة اإلهلية حيافظ ىلع الوحدة‬
‫اإلهلية لآلب واالبن‪ .‬يبدأ باسليوس بالتشديد ىلع عدم إدراكية الوالدة اإلهلية‪،‬‬
‫وقائال بأنه ال يوجد مصدر بني املوجودات املخلوقة يمكن للمرء أن حيصل‬
‫منه ىلع معرفة بالوالدة اإلهلية‪ .‬وبالتشديد ىلع عدم إدراكية الوالدة اإلهلية‬
‫يسىع باسليوس إىل إزالة أساس اداعء القائلني باالختالف يف اجلوهر بني اآلب‬
‫واالبن‪ ،‬عندما يزعمون بأنه بطريقة مماثلة للوالدة البرشية‪ ،‬فإن الوالدة اإلهلية‬
‫تتضمن بالرضورة تدنيا لالبن‪ .‬ثم حيتكم باسليوس إىل يوحنا ‪ 1 :1‬كربهان ىلع‬
‫أن اللكمة هو اهلل دائما‪ ،‬ومؤكدا مرة أخرى ىلع أزيلة االبن‪ .‬هذا هو انلص‬
‫‪13‬‬
‫املفضل بلاسليوس تلأكيد هذه الفكرة‪.‬‬

‫يواصل باسليوس بفاصل عن اتلجسد‪ .‬وبرغم أن هذا قد يبدو كخطوة‬


‫غريبة‪ ،‬فيظهر أنه حبسب رأي باسليوس هناك رضورة املالزمة بني انلقاش‬
‫حول الوالدة األزيلة لالبن ووالدة اللكمة املتجسد من مريم‪ ،‬كنوع من‬
‫استكمال احلديث‪.‬‬

‫يكرر باسليوس مفارقة (بارادوكس) أن يصري اهلل إنسانا‪ .‬وأحد أفاكره‬


‫األساسية يه أنه يف اتلجسد حفظت ألوهية اللكمة ساملة‪ ،‬ولم تنقص ولم تترضر‬
‫بأي شلك‪ .‬يف اتلجسد حفظت احلقيقة اإلهلية‪ .‬لقد اكن وظل هو اهلل‪ ،‬لكنه صار‬
‫إنسانا‪ .‬يصف باسليوس فكرة أن ترضر ألوهية االبن يف اتلجسد يه فكرة‬
‫هرطوقية ومانوية‪ .‬بقية اجلزء اخلاص باتلجسد يعرض املنجزات اإلهلية اليت‬
‫حتققت من خالل اتلجسد‪ :‬أي دحر املوت وإعطاء احلياة‪ .‬هكذا يزيل‬

‫‪13‬‬
‫قارن ق باسليوس‪ ،‬ضد إفنوميوس ‪ .15 -14 :2‬وعن الروح القدس ‪.14 :6‬‬

‫‪9‬‬
‫باسليوس حجة أخرى من احلجج األساسية دلى الفريق القائل باختالف‬
‫اجلوهر بني اآلب واالبن عن اتلدنوية اجلوهرية لالبن‪ ،‬أي مسألة اتلجسد‪.‬‬

‫بعد مناقشة اتلجسد‪ ،‬يعود باسليوس باختصار إىل موضوع الوالدة اإلهلية‬
‫غري املوصوفة قبل أن يتصدى إىل اعرتاضني آخرين عن الوحدة اإلهلية بني‬
‫اآلب واالبن‪ .‬االعرتاض األول يتعلق بهل يكرم االبن أكرث من اآلب ألنه‬
‫جيلس عن يمني اآلب‪ .‬هذه القضية تشبه رأيا رفضه باسليوس يف بيان اإليمان‬
‫اذلي ألفه وجعل أوسطاثيوس يوقع عليه يلؤكد ىلع أرثوذكسية عقيدته بشأن‬
‫الروح القدس‪ 14.‬يؤكد باسليوس ىلع أن اآلب واالبن يتشاراكن نفس الكرامة‬
‫ألن االبن حصل ىلع اإلكرام من أبيه‪ ،‬واآلب منح اإلكرام جمانا لالبن‪ .‬مرة‬
‫أخرى‪ ،‬يردد صدى جزء سابق من العظة حيث يؤكد باسليوس أن ”اهلل“ هو‬
‫اسم ينسب بالتساوي لآلب واالبن‪ ،‬مما يثبت وحدتهما اإلهلية‪.‬‬

‫يف اجلزء األخري من العظة يتعرض إىل اعرتاض آخر لرشح باسليوس للوحدة‬
‫اإلهلية بناء ىلع معىن االسم ”آب“‪ .‬يعرتف باسليوس أن األبوة البرشية ال تنفك‬
‫عن الزمنية واجلهد واجلهل والعجز عن تنفيذ إرادة املرء‪ ،‬لكنه يؤكد ىلع أن‬
‫األبوة اإلهلية ال تتسم بهذه السمات‪ .‬هذه السمات اخلاصة باألبوة البرشية ال‬
‫ينبيغ أن تستخدم لفهم األبوة اإلهلية‪ ،‬وال لإلحياء بأن اآلب واالبن ليسا‬
‫متوحدين يف ألوهيتهما‪ .‬وعند هذه انلقطة تنتيه العظة بشلك مفائج‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫قارن ق باسليوس‪ ،‬رسالة ‪ 3 :125‬حيث يقول ”البد أن يهرب املرء‪ ...‬من اذلين يبدلون الرتتيب اذلي سلمه نلا الرب‪ ،‬ورتبة‬
‫االبن قبل اآلب‪ ،‬ويضعون الروح القدس قبل االبن“‪ .‬قارن أيضا الرسالة ‪.4 :52‬‬

‫‪10‬‬
‫‪15‬‬
‫ترمجة انلص‬

‫(‪ )1‬إنها تلعزية عظيمة للمضطربني بسبب تعرضهم للكراهية أن يكونوا‬


‫مكروهني مع الرب‪” .‬إن اكن العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضين‬
‫قبلكم“ (يو ‪ .)18 :15‬ومن ثم فإذا كره املحبوب‪ ،‬فهل يشلك هذا مبعثا لقلق‬
‫كبري إذا اعتربنا مستحقني ألن يكرهنا انلاس اذلين يمتلئون بفائض من‬
‫الكراهية؟ ال أستطيع حىت أن أحتدث عندما أتذكر اذلين حيزنون ألنهم يطعنون‬
‫قليب‪ .‬وتيار من ادلموع خينق صويت عندما أتفكر بأنه برغم أن الرب قد فاض‬
‫باملحبة والسالم علينا‪ ،‬فإننا ال نطلب ما فاض به‪ .‬وعطيته حمتجبة عن أعيننا‪،‬‬
‫وال توجد يف أي ماكن‪ .‬احلب أعطي‪ ،‬لكننا نعيش باتلقاتل‪ .‬الوحدة منحت‪،‬‬
‫لكن الكراهية اشتعلت‪ .‬لقد أشعلنا نارا عظيمة من الكراهية جتاه بعضنا‬
‫ابلعض‪ .‬لك منا يولول ىلع بليته‪ ،‬لكننا ال نفعل أي يشء من أجل مصاحلة‬
‫بعضنا ابلعض‪.‬‬

‫من سيمنحين لك العالم املعمور كمرسح يل‪ ،‬وصوتا أىلع من ابلوق‪ ،‬ومرايث‬
‫إرميا‪ ،‬وغزارة من ادلموع‪ ،‬حبيث بهذه ادلموع أستطيع أن أحطم القلب اذلي‬
‫سحق باحلزن‪ ،‬وأكوم الرتاب اذلي تكوم علينا اآلن بشلك مهني‪ ،‬وأنوح بلليتنا‬
‫املشرتكة‪ ،‬أي سقوط املحبة اليت يه جذر الوصايا؟ لكين أضم هؤالء احلارضين‬
‫حبضن ال يتوقف للروح هلذا السبب‪ :‬لقد أظهرتم بصرية غري اعدية باحتادكم‬
‫معا‪ ،‬ببعضكم ابلعض‪ .‬ألن لك منا صار لآلخر مثل حبة رمل‪ ،‬غري مندجمني‬

‫‪15‬‬
‫ترمجت هذه العظة عن الرتمجة اإلجنلّيية الواردة يف هذا الكتاب‪:‬‬
‫‪St. Basil the Great, On Christian Doctrine and Practice, ed. John Behr and Augustine Casiday,‬‬
‫‪trans. Mark DelCogliano, vol. 47, Popular Patristics Series (Yonkers, NY: St Vladimir’s‬‬
‫‪Seminary Press, 2012).‬‬

‫‪11‬‬
‫ببعضنا ابلعض بل منفصلني عن بعضنا ابلعض‪ 16.‬يف انلهاية من املستحيل‬
‫تشييد بناية يف غياب ما جيعلها متماسكة‪ ،‬أو بناء كنيسة مرتفعة عندما ال‬
‫تمسك معا بروابط السالم واملحبة‪.‬‬

‫(‪ )2‬بآذان صبورة اتلفتوا إيلنا حلظات‪ ،‬ليس ألننا نسىع إلبهاركم حبديثنا‪،‬‬
‫بل ألننا نشعر أننا جمربون بأن نضمكم إىل رفقة هؤالء اذلين حيزنون‪ .‬ألن‬
‫الرفقة مع احلزاىن اآلخرين جتلب اتلعزية للبائسني‪ .‬ربما عندما تتحد أحزاننا‬
‫فإنها تصل إىل الرب بقوة عظيمة‪ .‬أم هل سيسمع لك واحد منا بمفرده بفضل‬
‫جهودنا الضعيفة؟‬

‫املشهد احلايل ليس إال بقية املحبة القديمة لآلباء‪ .‬ومن أجله دشن اآلباء‬
‫ممارسة إقامة هذه االجتمااعت االحتفايلة‪ ،‬يلكما يتبدد اتلغرب اذلي ينشأ‬
‫بمرور الوقت من خالل اتلفاعل الشخيص ىلع فرتات حمددة‪ ،‬واذلين يعيشون‬
‫بعيدا عندما جيتمعون يف هذه املاكن الواحد‪ ،‬يمكنهم استغالل احلدث بلدء‬
‫عالقات صداقة وحمبة‪ .‬هذا اجتماع رويح جيدد العالقات القديمة‪ ،‬ويوفر‬
‫نقطة انطالق لعالقات آتية‪ .‬ألننا لم نأت نلتبادل بضائع قابلة للبيع‪ ،‬بل نلمنح‬
‫بعضنا ابلعض مقايضة للمحبة املتبادلة‪ ،‬ليك نمنح املحبة الاكملة‪ ،‬ونستقبل‬
‫املحبة الاكملة‪ .‬لك هذا أسسه آباؤنا‪ .‬وبرغم أن هذا هو اتلقليد اذلي قبلناه‪ ،‬فإن‬
‫املشهد احلايل يشهد أسباب نهاية هذا اتلقليد‪ .‬معظم املوجودين هنا هم‬
‫جواسيس مهتمون باألحرى بتمحيص عبارايت أكرث من أن يتتلمذوا للعقائد‬
‫اليت أعلمها‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫الفكرة من هذا التشبيه الغريب ىلع ما يبدو أنه برغم أن حبات الرمل مرتاصة بشلك قريب جدا‪ ،‬فيه تظل متمايزة فيما‬
‫بينها وغري خمتلطة معا حبيث تفقد هويتها اخلاصة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫بالفعل هم حيرضون حدييث ليس يلبنوا أنفسهم حبضورهم‪ ،‬وإنما يلنصبوا‬
‫يل كمينا بإهانات وشتم‪ .‬فإذا ربما قلت أي يشء ينسجم مع ما يريده الرافضون‬
‫لرأيي إمساكه لع وأنا أقوهل‪ ،‬فإن من يسمعه يغادر كما لو اكن قد حصل مين ما‬
‫خيصه فعال‪ .‬تلدعوا هذه االعتبارات تكتب ىلع قلوبكم‪ .‬اشهدوا للحق‪ ،‬ونلا‬
‫ضد اذلين يسببون مثل هذه االضطرابات‪ ،‬شاهدين ىلع أننا جددنا العطية‬
‫القديمة‪.‬‬

‫(‪ ) 3‬ألن هذا ما يقوهل هؤالء اذلين ال خيافون اهلل‪ ،‬شاغرين أفواههم ضدنا‬
‫باداعء أننا ننادي بوجود ثالثة آهلة‪ ،‬ويقولون‪” :‬ماذا يريد هذا الرجل اذلي‬
‫يكرز بثالثة آهلة يف كنيسة الرب؟ يف ماكن آخر يمكننا أن جند تعدد اآلهلة‪،‬‬
‫لكن هنا توجد تقوى جتاه اهلل‪ .‬إذا قال ثالثة‪ ،‬فلماذا ال يتجارس ىلع القول‬
‫بأربعة أيضا؟ وملاذا ال يوسع العدد إىل اثين عرش؟“‪ 17‬وباتلايل انظروا جنون هؤالء‬
‫اذلين شحذوا ألسنتهم ضد احلق! أنا ال أرتاع حني يتعلق األمر باتلفنيد‪ ،‬لكين‬
‫أنتظر كريس دينونة املسيح‪ .‬وهناك سأواجه هؤالء اذلين يلفقون هذه اإلهانات‬
‫والشتم‪” .‬يعلم الرب اذلين هم هل“ (‪2‬يت ‪ .)19 :2‬و”ظالم الفقري يعري خالقه“ (أم‬
‫‪.)31 :14‬‬

‫إذا كنت أقوم بتسليم إيمان اآلباء‪ ،‬فلماذا ترتكون اآلباء وتطعنون يف أنا؟‬
‫إذا كنت أؤمن باآلب‪ ،‬وإذا كنت أعرتف باالبن‪ ،‬وإذا كنت ال أقلل من الروح‬
‫القدس‪ .‬غري أنه إذا اكن أحد يعرتف باثلالوث يسيم ثالثة آهلة‪ ،‬فهو ينتقص من‬
‫املعمودية ويطعن يف اإليمان‪ .‬ملاذا تفرتضون أنين مصدر هذا االعرتاف؟ أال‬
‫تدركون أنكم بهذا تطعنون يف الرب؟ وهو اذلي أوصانا بأن نعمد ”باسم اآلب‬
‫واالبن والروح القدس“ (مت ‪)19 :28‬؟ فهل أنا‪ ،‬أم املعلم؟ لكمات من هذه؟ هل‬

‫‪17‬‬
‫قارن ق باسليوس‪ ،‬رسالة ‪.131‬‬

‫‪13‬‬
‫يه لكمات اذلي أعلنها أم امللكف بها؟ ملاذا جتدونين متهما بافرتاءاتكم عندما‬
‫أكرر هذا االعرتاف؟ أال تدركون بأن تهكمكم لع يهز معقل اإليمان؟ لكنين‬
‫حىت وإن اكن ممكنا أن أقع يف فخكم بسهولة‪ ،‬فإن اإليمان يبىق غري مزتعزع‪.‬‬

‫”رب واحد“ (أف ‪ .)5 :4‬تعلموا من بولس‪ .‬لم يقل ”ربني“ أو ”ثالثة“‪.‬‬
‫وحىت إذا سميت االبن ”ربا“‪ ،‬فال أوزع الربوبية ىلع ربني أو أرباب كثريين‪.‬‬
‫اآلب رب‪ .‬واالبن رب‪ ،‬و”إيمان واحد“ (أف ‪)5 :4‬؛ ألن الرب واحد‪ ،‬ومعمودية‬
‫واحدة تتبع إيمانا واحدا‪ .‬ذللك يوجد تأكيد لواحد من واحد من خالل الواحد‪.‬‬

‫إذا كنت ال أنتقص من الروح القدس‪ ،‬وال أضعه يف فئة العبيد‪ ،‬فإنين أصري‬
‫هلذا السبب هدفا الفرتاءاتكم‪ .‬ال تتقولوا لع بيشء ال أقول به‪ .‬دعونا ننظر‬
‫يف مدى موضوعية افرتاءاتكم‪ .‬ملاذا ختفون إهانتكم وشتمكم؟ أيها‬
‫امللعون‪ 18،‬أنت تكذب حني تقول إننا ننادي بثالثة آهلة‪ ،‬وحني ال تعرتف‬
‫عالنية بأننا من حنرم لك من يزعم بأن الروح القدس خملوق‪ .‬أما بالنسبة هلذا‬
‫االتهام‪ ،‬فأنا (غري) مذنب بهذه اتلهمة‪ .‬ألنين مستعد أن أسلم نفيس للنار‬
‫والسيف احلاد‪ .‬فحىت إذا مزقين اهلنبازين‪ ،‬فإنين سأقبل هذه أدوات اتلعذيب‬
‫بنفس اثلقة اليت أظهرها الشهداء اذلين يرقدون هنا‪ ،‬وبمقتىض هذا حسبوا‬
‫مستحقني لألكايلل‪ .‬ذللك قولوا هذا االتهام ضدي‪ ،‬طاملا أنين ال أعد الروح‬
‫القدس مع املخلوقات‪ .‬لكن إذا لم تقولوا أي يشء أكرث من هذا‪ ،‬سيكون‬
‫عليكم أن تقدموا مربراتكم للقايض‪.‬‬

‫قرئ للتو ”مىت جاء المعزي (ابلاراقليط)“ (يو ‪ .)26 :15‬لكنكم فهمتهم‬
‫هذا انلص أيضا كفرصة إلهانيت وشتيم بافرتاءاتكم‪ .‬أحدكم يقول‬
‫”ابلاراقليط هو اذلي يتشفع من أجلك“‪ .‬أنتم تظهرون عدم االحرتام ذلات‬

‫‪18‬‬
‫قارن مت ‪.41 :25‬‬

‫‪14‬‬
‫الوسيلة اليت يمنح بها الرب اإلحسانات! ألم حتصلوا من قبل ىلع إحسانات‬
‫ابلاراقليط؟ ألم يقر الرب أن هذا الوصف يليق به؟ لقد قال سأرسل لكم معزيا‬
‫(باراقليط) آخر‪ 19.‬وبقوهل ”آخر“‪ ،‬أال يشري إىل أنه ديع هو أيضا باراقليط إذا‬
‫اكن يوجد آخر؟ إذا كنت أحتدث من مرجعييت‪ ،‬ال تسمعوا يل‪ .‬وإذا كنت أقرأ مما‬
‫‪20‬‬
‫هو مكتوب‪ ،‬فلتنحنوا إىل احلقيقة‪.‬‬

‫الاكمل ال ينقص وال يزيد‪ .‬يوجد غري مولود واحد هو اهلل‪ .‬ويوجد مولود‬
‫وحيد هل‪ ،‬اهلل االبن‪ .‬وكما أنه ال يوجد هلإ غري مولود آخر مع غري املولود الواحد‪،‬‬
‫كذلك أيضا ال يوجد ابن مولود آخر‪ .‬وكما أن اآلب ليس هو اآلب باالسم فقط‪،‬‬
‫كذلك االبن ليس هو االبن باالسم فقط‪ .‬اآلب هو اهلل‪ ،‬واالبن هو اهلل‪ .‬اآلب‬
‫هو اهلل الاكمل‪ ،‬واالبن هو اهلل الاكمل‪ .‬اآلب غري مادي‪ ،‬واالبن غري مادي‪ ،‬وهو‬
‫‪22‬‬
‫”رسمه“‪ 21‬غري املادي‪ ،‬وهو الصورة غري املادية‪.‬‬

‫هل تؤمنون إنه ودل؟ ال تفحصوا كيف ودل‪ .‬ألنه إذا اكن ممكنا أن تفحصوا‬
‫كيف يكون غري املولود غري مولود‪ ،‬سيكون من املمكن أن تفحصوا كيف‬
‫ودل املولود‪ .‬لكن إذا اكن غري املولود ال يسمح بالفحص يف كيف هو غري مولود‪،‬‬
‫هكذا ال يسمح املولود بفحص كيف ودل‪ .‬ال تفحص ما ال يمكن اكتشافه‪،‬‬
‫ألنك لن جتده‪ .‬ألنك إذا فحصت‪ ،‬فمن أين يمكنك أن تتعلم؟ هل من األرض؟‬
‫لم تكن موجودة‪ .‬هل من ابلحر؟ لم توجد مياه‪ .‬هل من السماء؟ لم تكن قد‬
‫رفعت‪ .‬هل من الشمس والقمر وانلجوم؟ لم تكن جبلت‪ .‬ربما من ادلهور؟‬
‫االبن الوحيد هو قبل ادلهور‪ .‬ال تفحص اللوايت لم توجد ىلع ادلوام تلتعلم منها‬

‫‪19‬‬
‫قارن يو ‪16 :14‬؛ ‪.7 :16‬‬
‫‪20‬‬
‫نفس احلجة اعتمدها العالمة ديدموس الرضير يف كتابه ”عن الروح القدس“ فقرة ‪.120‬‬
‫‪21‬‬
‫قارن عب ‪.3 :1‬‬
‫‪22‬‬
‫قارن كو ‪.15 :1‬‬

‫‪15‬‬
‫عن املوجود ىلع ادلوام‪ .‬لكن إذا لم ترد (أن تكف عن مسار الفحص هذا)‪،‬‬
‫لكنك باألحرى تطلبه بمشاكسة‪ ،‬فإنين سأهزأ بغبائك أو باألحرى سأريث‬
‫جلسارتك‪.‬‬

‫(‪” )4‬يف ابلدء اكن اللكمة‪ ،‬واللكمة اكن عند اهلل‪ ،‬واكن اللكمة اهلل“ (يو ‪:1‬‬
‫‪ .)1‬لكمة ”اكن“ تستبعد ”لم يكن“‪ ،‬ولكمة ”اهلل“ تستبعد ”ليس إلها“‪ .‬آمنوا‬
‫بما هو مكتوب يف األسفار املقدسة‪ .‬هذا اللكمة‪ ،‬ابن اهلل‪” ،‬صار“ (يو ‪)14 :1‬‬
‫إنسانا من أجل اإلنسان الساقط‪ ،‬آدم‪ .‬من أجل آدم جاء غري املادي يف جسد‪.‬‬
‫ومن أجل اجلسد‪ 23،‬اختذ اللكمة جسدا كسحابة‪ ،‬ئلال حيرق الاكئنات املنظورة‪.‬‬
‫تنازل إىل اجلسد‪ ،‬حىت يرفع اجلسد معه‪ .‬غري املنظور جاء يف املنظور‪ ،‬حىت‬
‫يدخل يف الاكئنات املنظورة‪ .‬كإنسان خيضع للزمن‪ ،‬وكإهل فهو قبل الزمن‪ .‬يف لكتا‬
‫احلاتلني البد أن تفهم عباريت ”كإنسان“ و”كإهل“ ليس ىلع سبيل التشبيه‪ ،‬بل‬
‫ىلع سبيل الواقع احلقييق‪” .‬اكن اهلل“ (يو ‪ ،)1 :1‬و”صار“ إنسانا من أجل اتلدبري‪.‬‬

‫لم تأت لكمة ”صار“ أوال ثم لكمة ”اكن“‪ .‬ىلع العكس جاءت لكمة ”اكن“‬
‫أوال ثم ”صار“‪ .‬ومن ثم ال تلغ ألوهية االبن الوحيد بسبب أحداث تتعلق‬
‫باتلدبري‪ .‬ألن رأيا مثل هذا ليس أكرث من حتريفات اهلراطقة وجنون املانويني؛‬
‫”فإنه ال يستطيع أحد أن يضع أساسا آخر غري اذلي وضع‪ ،‬اذلي هو يسوع‬
‫المسيح“ (‪1‬كو ‪ .)11 :3‬لقد ودل من امرأة‪ ،‬حىت حيرض لك املولودين إىل الوالدة‬
‫اثلانية‪ 24.‬لقد صلب طواعية‪ ،‬حىت يزنل من (ىلع الصليب) املصلوبني قهرا‪.‬‬
‫مات طواعية‪ ،‬حىت يقيم (من القرب) اذلين ماتوا بال إرادتهم‪ .‬قبل موتا لم يكن‬
‫حمتاجا لقبوهل‪ ،‬لكيما يمنح احلياة ملن أخضعوا للموت‪” .‬ابتلعه املوت“‪ 25‬يف جهل‪،‬‬

‫‪23‬‬
‫أي جسد آدم واملقصود به البرش‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫قارن يو ‪.3 :3‬‬
‫‪25‬‬
‫قارن إش ‪.8 :25‬‬

‫‪16‬‬
‫لكن بعد أن افرتسه أدرك املوت ما قد افرتسه‪ .‬لقد افرتس احلياة‪ .‬ذلا ابتلعته‬
‫احلياة‪ 26.‬لقد افرتس الواحد مع لك ابلقية‪ ،‬فخرس لك ابلقية بسبب الواحد‪.‬‬
‫”افرتسه كأسد“‪ 27.‬فأسنانه تهشمت‪ .‬وهلذا السبب استهزئ باملوت كضعيف‪.‬‬
‫ألنه لم نعد خناف منه كما اعتدنا اخلوف من األسد‪ ،‬لكننا ندوسه كما اعتدنا‬
‫أن ندوس جدل األسد‪.‬‬

‫فلنوقر والدة االبن الوحيد من اآلب يف صمت‪ .‬ألنه ال يدركها سوى اذلي‬
‫ودله واذلي ودل‪ .‬باحلقيقة جيدر بنا أن نعرف ما باستطاعتنا أن نتحدث به‪ ،‬وما‬
‫جيب أن نلزتم الصمت جتاهه‪ .‬ليس لك الالكم يقدر اللسان ىلع انلطق بها‪،‬‬
‫خشية أن يفقد عقلنا انلور اذلي دليه ‪-‬مثل عني تريد أن تستوعب الشمس‬
‫لكها‪ .‬ألن املعرفة تتعلق بمعرفة ما ال تدركه تماما‪ .‬وباتلايل بالنسبة هلذه الوالدة‬
‫غري املوصوفة فلنوقرها يف صمت‪ .‬وإن وجدنا أن هذا ينهكنا‪ ،‬فال حنزن؛ ألن‬
‫هذه الوالدة غري املوصوفة مهيبة بسبب طبيعتها‪ ،‬وهذه الطبيعة يصعب رشحها‬
‫بسبب غرييتها‪ .‬قيل عن يوحنا إنه ”صوت صارخ يف الربية“ (مت ‪ 28،)3 :3‬لكنه‬
‫اكن إنسانا بالطبيعة‪ .‬هكذا أيضا ال تبطل أقنوم (هيبوستاسيس) االبن الوحيد‬
‫‪29‬‬
‫بسبب لقب ”اللكمة“‪.‬‬

‫لكن ربما تقول ”ملاذا يكرم أكرث اجلالس عن ايلمني؟“‪ .‬إذا اكن إكرامه‬
‫من ذاته‪ ،‬فهو مكرم أكرث‪ .‬لكن إذا اكن قد قبله من اذلي ودله‪ ،‬فهو خيص اذلي‬
‫أعطى العطية جمانا‪ .‬لم يوجد ابن آخر حىت جيلس ىلع ايلمني‪ .‬غري مولود واحد‪،‬‬

‫‪26‬‬
‫قارن ‪1‬كو ‪.54 :15‬‬
‫‪27‬‬
‫قارن مز ‪.2 :7‬‬
‫‪28‬‬
‫قارن أيضا مر ‪3 :1‬؛ لو ‪4 :3‬؛ يو ‪23 :1‬؛ إش ‪.3 :40‬‬
‫‪29‬‬
‫ق باسليوس يقصد هنا أن يوحنا وصف بأنه ”صوت“ ومع ذملك فهو إنسان‪ ،‬هكذا االبن ديع اللكمة‪ ،‬وهذا ال يبطل أقنوميته‪.‬‬
‫(املرتجم)‬

‫‪17‬‬
‫هو اهلل‪ .‬ومولود وحيد واحد هل‪ ،‬هو اهلل االبن‪ .‬وباتلايل اكن مالئما لالبن أال‬
‫يرتك املوضع ىلع ايلمني لآلب‪ ،‬بل أن اآلب يرتكه لالبن‪.‬‬

‫من الواضح أنه حني تكون الطبيعة بعيدة جدا عنا‪ ،‬فإن إدراكها يكون‬
‫بعيدا جدا أيضا عنا‪ .‬ألنه بينما األب يكون من آب آخر‪ ،‬ويتضمن األمر وقتا‪،‬‬
‫وتربية‪ ،‬ونضوجا‪ ،‬وأنوااع أخرى من الراعية‪ ،‬وال يدل األب لك ما يريده‪ .‬لكن‬
‫اهلل اذلي تزتامن قوته مع إرادته‪ 30،‬ودل من يليق به‪ ،‬ودل كما يعرف هو‪” ،‬هل‬
‫المجد والسلطان إىل أبد اآلبدين‪ .‬آمني“ (‪1‬بط ‪.)11 :4‬‬

‫‪30‬‬
‫بالنسبة لوالدة االبن بإرادة اآلب‪ ،‬يمكنك الرجوع إىل ” والدة االبن‪ :‬باإلرادة أم بالطبيعة؟“ إعداد اعدل زكري‪ ،‬ىلع املدونة‬
‫اآلتية‪.)https://christopraxy.blogspot.com/2023/10/blog-post_9.html( :‬‬

‫‪18‬‬

You might also like