You are on page 1of 14

‫تعريف األشاعرة وسبب تسميتهم بهذا االسم‪:‬‬

‫التعريف‪:‬‬

‫األشاعرة فرقة كالمية كربى‪ ،‬تنسب أليب احلسن األشعري املتوىف سنة (‪324‬هـ) ظهرت يف القرن‬
‫‪1‬‬
‫الرابع وما بعده‪.‬‬

‫سبب التسمية‪:‬‬

‫نسبة إىل إمامها ومؤسسها أيب احلسن األشعري‪ ،‬الذي ينتهي نسبه إىل الصحايب اجلليل أيب موسى‬
‫األشعري‪ ،‬وأشعر قبيلة ميانية من قبائل العرب‪.‬‬

‫ترجمة أبي الحسن األشعري ومراحل حياته الفكرية‪:‬‬

‫ترجمته‪- :‬‬ ‫‪‬‬

‫هو علي بن إمساعيل بن أيب بشر إسحاق بن سامل بن إمساعيل بن عبد اهلل بن موسى بن بالل بن أيب‬
‫بردة بن أيب موسى األشعري‪ .‬وكنيته أبو احلسن‪.‬‬
‫واألشعري نسبة إىل أشعر قبيلة مشهورة باليمن من ولد سبأ‪.‬‬
‫واألشعر امسه‪ :‬نبت بن أدد‬
‫ولد أبو احلسن األشعري بالبصرة سنة ستني ومائتني من اهلجرة ‪260‬هـ‪.‬‬
‫وسكن بغداد وتويف هبا سنة أربع وعشرين وثالمثائة من اهلجرة على األرج‬

‫المراحل واألطوار التي مره بها ابي الحسن األشعري في حياته‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫أوال‪ :‬مراحل حياته الفكرية‪- :‬‬

‫المرحلة األولى‪ :‬المرحلة (اإلعتزالية)‬ ‫‪‬‬

‫عاش فيها يف كنف أيب علي اجلبائي شيخ املعتزلة يف عصره وتلقى علومه حىت صار نائبه وموضع‬
‫‪2‬‬
‫ثقته‪ .‬ومل يزل أبو احلسن يتزعم املعتزلة أربعني سنة‪.‬‬

‫الفرق الكالمية لناصر العقل ص ‪49‬‬ ‫‪1‬‬

‫تبين كذب المفتري فيما نسب إلي اإلمام أبي حسن األشعري البن عساكر ص‪41 - 40‬‬ ‫‪2‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬المرحلة (الكالبية)‬ ‫‪‬‬

‫ثار فيه على مذهب االعتزال الذي كان ينافح عنه‪ ،‬بعد أن اعتكف يف بيته مخسة عشر يوماً‪ ،‬يفكر‬
‫ويدرس ويستخري اهلل تعاىل حىت اطمأنت نفسه‪ ،‬وأعلن الرباءة من االعتزال وخط لنفسه منهجاً‬
‫جديداً يلجأ فيه إىل تأويل النصوص مبا ظن أنه يتفق مع أحكام العقل ‪ ،‬وفيها اتبع طريقة عبد اهلل بن‬
‫سعيد بن كالب يف إثبات الصفات السبع عن طريق العقل‪ :‬احلياة والعلم واإلرادة والقدرة والسمع‬
‫والبصر والكالم‪ ،‬أما الصفات اخلربية كالوجه واليدين والقدم والساق فتأوهلا على ما ظن أهنا تتفق مع‬
‫أحكام العقل وهذه هي املرحلة اليت ما زال األشاعرة عليها‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة‪ :‬المرحلة (السنية)‬ ‫‪‬‬

‫وهي تكمن يف إثبات الصفات مجيعها هلل تعاىل من غري تكييف‪ ،‬وال تشبيه‪ ،‬وال تعطيل‪ ،‬وال حتريف‪،‬‬
‫وال تبديل وال متثيل‪ ،‬ويف هذه املرحلة كتب كتاب اإلبانة عن أصول الديانة الذي عرّب فيه عن تفضيله‬
‫لعقيدة السلف ومنهجهم‪ ،‬الذي كان حامل لوائه اإلمام أمحد بن حنبل‪ .‬ومل يقتصر على ذلك بل‬
‫خلّف مكتبة كبرية يف الدفاع عن السنة وشرح العقيدة تق ّدر بثمانية وستني مؤلفاً‪ ،‬تويف سنة ‪324‬هـ‬
‫‪3‬‬
‫ودفن ببغداد ونودي على جنازته‪" :‬اليوم مات ناصر السنة"‪.‬‬

‫ثانيا‪- :‬أشهر مؤلفات أبي الحسن األشعري‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫اإلبانة عن أصول الديانة‬ ‫‪‬‬
‫كتاب اإلبانة عن أصول الديانة‪ ،‬عرب فيه املصنف ‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬عن تفضيله لعقيدة السلف؛‬
‫ومنهجهم والذي كان حامل لوائه اإلمام أمحد بن حنبل ‪ -‬رمحه اهلل‪.‬‬
‫رسالة إلى أهل الثغر‬ ‫‪‬‬
‫هي رسالة كتبها أبو احلسن األشعري بأجوبة موجهة إىل أهل الثغر بباب األبواب فيما سألوه‬
‫‪4‬‬
‫عنه من مذهب أهل احلق يف أصول الدين‪ ،‬وما كان عليه سلف األمة‪.‬‬
‫رسالة استحسان الخوض في علم الكالم‬ ‫‪‬‬

‫رسالة‪ ‬استحسان‪ ‬اخلوض يف‪ ‬علم الكالم‪ ‬وتسمى‪" ‬رسالة في الرد على من ظن أن االشتغال‬


‫بالكالم‪ ‬بدعة"‪ ‬هي رسالة صغرية من تأليف اإلمام‪ ‬أيب احلسن األشعري‪ ‬للدفاع عن‪ ‬علم‬
‫الكالم‪ ‬ضد القائلني بتحرميه ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫الموسوعة الميسرة في األديان والمذاهب واألحزاب المعاصرة م‪ 1‬ص‪83‬‬
‫‪4‬‬
‫رسالة إلى أهل الثغر ص ‪205‬‬

‫‪1‬‬
‫مقاالت اإلسالميين واختالف المصلين‬ ‫‪‬‬

‫حيتوي الكتاب على جمموعة من املقاالت اخلاصة بأفكار الفرق اإلسالمية‪.‬‬

‫كتاب اللمع في الرد على اهل الزيغ والبدع‬ ‫‪‬‬

‫نسب البغدادي يف " هدية العارفني " كتايب " اللمع الكبري‪ :‬و " الصغري " إىل األشعري وهذا‬
‫الكتاب إجابة لطلب أحدهم تصنيف كتاب خمتصر‪.‬‬

‫شجرة اليقين‬ ‫‪‬‬

‫هذا الكتاب اهلام من أبرز مؤلفات أبو احلسن األشعري‪،‬ـ وحيتوي على كثري من األبواب املاتعة‪،‬‬
‫وأبرزها‪ :‬باب يف ختليق آدم على صورة نبينا‪ ،‬وباب يف ذكر املالئكة‪ ،‬وباب يف ذكر خلق املوت‪،‬‬
‫وباب يف ذكر جواب الروح‪ ،‬وباب يف ذكر األعضاء‪ ،‬وباب يف ذكر النداء‪.‬‬

‫نشأة المذهب األشعري وأطواره‪ ،‬وأبرز أعالم األشاعرة وأثرهم في هذه األطوار‪:‬‬

‫نشأة األشعرية ال ينفك األمر من حالين‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫الحالة األول‪ :‬النظر إىل حقيقة املذهب الذي متيز به األشاعرة عن غريهم‪ ،‬فهنا ال ترتبط النشأة بأيب‬
‫احلسن األشعري‪،‬ـ وإمنا ترتبط بابن كالب ومدرسته الكالبية‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬النظر إىل التسمية‪ ،‬فال شك أن التسمية باألشاعرة أو املذهب األشعري مرتبطة بأيب‬
‫احلسن األشعري وتالمذته من بعده‪ .‬ويتضح الفرق بالنسبة ملن كان معاصرا لألشعري وتتلمذ على‬
‫ابن كالب أو تالمذته دون األشعري وتالمذته مع أنه يقول بقول ابن كالب الذي هو قول‬
‫األشعري‪ ،‬فمثل هذا أشعري االعتقاد لكنه ال ينسب إال إىل ابن كالب‪.5‬‬

‫ويُرجع املؤرخون األشاعرة نشأة املدرسة األشعرية إىل مواجهة املعتزلة على يد أيب احلسن األشعري‬
‫الذي يعد أبرز متكلمي أهل احلديث‪ ،‬حيث ان أبا احلسن األشعريـ كان معتزليا يأخذ املذهب عن‬
‫اجلبّائي‪ ،‬وما لبث أن عارض شيخه ورجع إىل مذهب أئمة السلف ومنهم أبو حنيفة النعمان‬
‫والشافعي وغريمها من أهل احلديث‪ ،‬وسبقه عبد اهلل بن كالّب وأيب العباس القالنسي‪ ،‬واحلارث بن‬

‫‪ 5‬موقف ابن تيمة من الشاعرة م‪ 2‬ص‪493‬‬

‫‪2‬‬
‫أسد احملاسيب‪ .‬يف االنتصار باألساليب الكالمية لعقائد السلف أهل السنة‪ ،‬خصوصا يف املسائل املتعلقة‬
‫خبلق القرآن والقضاء والقدر‪.‬‬

‫الناس مدة مخسة عشر يوما‪ ،‬وتفرغ يف بيته للبحث‬


‫وذكر ابن عساكر أن أبا احلسن األشعري اعتزل َ‬
‫واملطالعة‪ ،‬مث خرج إىل الناس يف املسجد اجلامع‪ ،‬وأخربهم أنه اخنلع مما كان يعتقده املعتزلة‪ ،‬كما‬
‫ينخلع من ثوبه‪ ،‬مث خلع ثوبا كان عليه ورمى بكتبه اجلديدة للناس‪ 6.‬فكسب بذلك تأييد العديد من‬
‫الناس‪ ،‬وكثر أنصاره ومؤيدوه من حكام وعلماء‪ ،‬ول ّقبه بعض أهل عصره بإمام السنة واجلماعة‪.‬‬

‫أطوار المذهب األشعري وأبرز أعالم األشاعرة وأثرهم في هذه األطوار‪:‬‬

‫مر المذهب األشعري بثالثة أطوار‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫الطور األول‪ :‬األشعرية الكالبية‪ - :‬وسبب التسمية بذلك هو موافقة األشعرية يف هذا الطور البن‬
‫كالب على طريقته اليت مَي يل فيها إىل مذهب أهل احلَديث والسنة‪ ،‬لكن فيها نوع بدعة‪ ،‬واليت‬
‫أعظمها ما قرره أن الرب تعاىل ال يقوم به ما يكون مبشيئته وقدرته‪ ،‬ويسميها حلول احلوادث‪.‬‬

‫مث نبه إىل أن هذا الطور يبدأ منذ حتول األشعريـ عن االعتزال إىل وفاة ابن فورك (‪ ،)406‬وإن كان‬
‫ابن فورك مهد لألشعرية املعتزلة‪.‬‬

‫ومن أبرز ِ‬
‫أعالمهم في هذا الطور‪:‬‬

‫أبو احلسن األشعري شيخ األشاعرة‪ ،‬وأبو احلسن الطَّربي (‪)380‬‬

‫وأهم كتبه "اإلبانة عن أصول الديانة " وفيه إثبات الصفات اخلربية‪ ،‬والعلو واالستواء وال خالف يف‬
‫نسبته إليه‪ 7‬وإن كان بعض األشعرية ينكرها وجيحدها‪.‬‬

‫الطور الثاني‪ :‬طور األشعرية المعتزلة‪ - :‬وسبب تسميتهم بذلك هو خمالفة أعالم األشعرية املعتزلة‬
‫لسلفهم األشعرية الكالبية يف أهم املسائل‪ ،‬وموافقة املعتزلة فقد وافقوهم يف نفي الصفات اخلربية‬
‫والعلو واالستواء‪ ،‬وموافقة سلفهم املعتزلة أيضا يف نفي الصفات االختيارية وغري ذلك‪.‬‬
‫‪ 6‬تبيني كذب املفرتي فيما نسب إىل اإلمام األشعري‪ ،‬ابن عساكر‪ ،‬الطبعة‪ 2 :‬سنة‪:‬ـ ‪ ،1979‬دار الفكر‪ ،‬صفحة‪472 :‬‬
‫رسالة في الذب عن أبي الحسن األشعري للشيخ حماد األنصاري ص‪20 - 12‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪3‬‬
‫وإن بعض أعالم األشعرية املعتزلة أكثر موافقة للمعتزلة من غريه‪ ،‬كاجلويين الذي خطا مبهذب‬
‫األشعري حنو اإلعتزال والتأصيل الكالمي‪.‬‬

‫ومن أبرز أعالمهم‪:‬‬

‫عبد القادر البغدادي (ت ‪429‬ه)‪:‬‬

‫من كتبه "الفرق بني الفرق" و"أصول الدين" وأبرز تطور جاء علي يد البغدادي هو رد خرب اآلحاد‬
‫وهذا خلل كبري يف منهج التلقي واالستدالل ونفي الصفات اخلربية وتأويل العلو واالستواء ويتبىن‬
‫دليل حدوث األجسام بقوة وهو من أدلة املعتزلة وعرضهـ كأنه دليل مسلم ال جيوز االعرتاض عليه مع‬
‫‪8‬‬
‫أنه حمل خالف بني األشعرية والكالبية‪.‬‬

‫الطور الثالث‪ :‬األشعرية المتفلسفة‪- :‬‬

‫وسبب تسميتهم بذلك هو مزج الفلسفة بعلم الكالم عندهم‪ ،‬وموافقتهم للفالسفة يف املنهج‬
‫واملسائل‪ ،‬وهذا الطور يبدأ من الغزايل (‪ )505‬إىل يومنا هذا‪.‬‬

‫ومن أبرز أعالمهم‪:‬‬

‫أبو حامد الغزايل (ت ‪505‬ه)‪:‬‬

‫من كتبه الفلسفية "مشكاة األنوار" و "معارج القدس" وغريمها‪ ،‬ويعترب هو من أدخل املنطق عند‬
‫األشعرية وألف فيه كتبا مستقلة‪ ،‬أو ضمن أصول الفقه‪ ،‬منها "معيار العلم"‪ ،‬ومن أقوال الغزايل‬
‫الفلسفية اخلطرية يف معارج القدس ذكر خلصائص النبوة على طريقة الفالسفة الذين يقولون‪( :‬إن‬
‫النبوة مكتسبة) ومنها ميوله إىل تأويل عذاب القرب‪ ،‬ونعيم اجلنة‪ ،‬وعذاب النار بتأويالت قرمطية‬
‫‪9‬‬
‫باطنية‪.‬‬

‫منهج األشاعرة في االستدالل ومناقشته_ في ضوء منهج أهل السنة والجماعة‪:‬‬

‫منهج األشاعرة يف االستدالل يتباين تبايناً واضحاً مع منهج أهل السنة واجلماعة وذلك لعدة أوجه‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪ 8‬كتاب أصول الدين ص‪58-54‬‬


‫‪ 9‬موقف ابن تيمة من األشاعرة م‪ 2‬ص‪657‬‬

‫‪4‬‬
‫أوالً‪ :‬اعتبارهم علم الكالم األصل في معرفة_ العقائد‪:‬‬

‫األشاعرة يعرتفون بأهنم فرقة كالمية فتجدهم يقولون يف تراجم علمائهم‪ ":‬املتكلم على مذهب‬
‫األشعري "‬

‫قال السبكي يف طبقات الشافعية الكربى (‪ ":)7/44‬زيد بن نصر بن متيم احلموي‬

‫فقيه متكلم على مذهب األشعري وقد وىل حسبة دمشق ومصر"ـ‬

‫فما هو علم الكالم؟‬


‫قلت‪ :‬فعلم الكالم علم عقلي حبت فعمدهتم يف تقرير عقائدهم هو (العقل) فال كبري ٍ‬
‫عربة عندهم‬ ‫ٌ‬
‫بالنصوص وهذا يظهر ملن طالع كتبهم‪ ،‬فإنك إن طالعت كتبهم لرأيت الكالم يف اجلواهر واألعراض‬
‫وغريها من الكالميات اليت تصيبك بالصداع قال ابن خلدون يف مقدمته ص‪ ":458‬علم الكالم علم‬
‫يتضمن احلجاج عن العقائد اإلميانية باألدلة العقلية "‬

‫والعجيب أن مجاعةً منهم أوجبوا على املسلمني إقامة األدلة العقلية على العقائد اإلميانية ومسوا من ال‬
‫يفعل ذلك (مقلداً) مث اختلفوا يف إسالم املقلد وقد شرحت ذلك يف مقال مستقل بعنوان (الغلو يف‬
‫التكفري عند األشاعرة)‬

‫قال أبو إمساعيل األنصاري يف ذم الكالم (‪ )5/140‬واصفاً حال األشاعرة‪":‬ـ وأبطلوا التقليد فكفروا‬
‫آباءهم وأمهاهتم وأزواجهم وعوام املسلمني وأوجبوا النظر يف الكالم واضطروا إليه الدين بزعمهم‬
‫فكفروا السلف "‬

‫قلت‪ :‬هذا مع اعرتاف أفاضلهم بأن العامة ال يفهمون عقائدهم‬

‫قال يف اإلحياء (‪ " :)434 / 4‬أن اهلل تعاىل مقدس عن املكان ومنزه عن االقطار واجلهات وأنه ليس‬
‫داخل العامل وال خارجه وال هو متصل به وال هو منفصل عنه‪ ،‬قد حري عقول أقوام حىت أنكروه إذ مل‬
‫يطيقوا مساعه ومعرفته "‬

‫وقال العز بن عبد السالم قوله يف القواعد ص (‪(( 10)201‬أن من مجلة العقائد اليت ال تستطيع العامة‬
‫فهمها هو أنه تعاىل ال داخل العامل وال خارجه وال منفصل عن العامل وال متصل به))‬

‫ولو كانت عقيدهتم مستقاة من الكتاب والسنة لفهمها العامة‪.‬‬


‫كتاب القواعد للعز بن عبد السالم ص ‪201‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪5‬‬
‫وقد تواتر عن أئمة السلف ذم علم الكالم ومن أشهر من ورد عنه ذلك اإلمام أمحد واإلمام الشافعي‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬اعتبارهم للنصوص موهمةً للتشبيه‪:‬‬

‫مما يشتهر عند األشاعرة بيت اللقاين يف جوهرته اليت أمساها جوهرة التوحيد‬

‫وكل ٍ‬
‫نص أوهم التشبيها *** فأوله أو فوضه ورم تنزيها‬

‫قلت‪ :‬فاعترب أدلة الكتاب والسنة املتكاثرة على إثبات الصفات مومهةً للكفر الصريح الذي هو‬
‫التشبيه‪ ،‬فهذا هو قدر النصوص عندهم!! والتنزيه والتوحيد يف علم الكالم!! واهلل املستعان‬

‫هدى وشفاء "‪ ،‬والسنة املفسرة للقرآن‬


‫فالقرآن الذي قال اهلل عز وجل فيه‪ ":‬قل هو للذين آمنوا ً‬
‫ظاهرمها يوهم التشبيه واهلل املستعان‬

‫وقال أبو احلسن اآلمدي يف غاية املرام ص‪ ":138‬واعلم أن هذه الظواهر وإن وقع االغرتار هبا حبيث‬
‫يقال مبدلوالهتا ظاهر من جهة الوضع اللغوي والعرف االصطالحي فذلك ال حمالة اخنراط يف سلك‬
‫نظام التجسيم ودخول يف طرف دائرة التشبيه وسنبني ما يف ذلك من الضالل ويف طيه من احملال إن‬
‫شاء اهلل"‬

‫ثالثاً‪ :‬تنصيصهم على أن أخبار اآلحاد تفيد الظن سواء احتفت القرائن به أو لم تحتف‪:‬‬

‫نص مجاعة من أساطني األشاعرة على أن أخبار اآلحاد تفيد الظن مطلقاً منهم الباقالين يف متهيد‬
‫الدالئل ص‪ ،44‬وعبد القاهر البغدادي يف الفرق بني الفرق ص‪ ،325‬وابن فورك يف مشكل احلديث‬
‫ص‪ ،5‬والرازي يف أساس التقديس _ هذه النقول مستفادة من كتاب موقف املتكلمني من االستدالل‬
‫بالنصوص للغصن _‬

‫رابعاً‪ :‬تنصيصهم على أن أخبار اآلحاد ال تصلح لالحتجاج في مسائل االعتقاد‪:‬‬

‫قال اجلويين يف اإلرشاد ص‪ ":161‬وأما األحاديث اليت يتمسكون هبا‪ ،‬فآحاد ال تفضي إىل العلم‪ ،‬ولو‬
‫أضربنا عن مجيعها كان سائغاً ‪"11‬‬

‫‪ 11‬كتاب اإلرشاد للجوني ص‪161‬‬

‫‪6‬‬
‫قلت‪ :‬هذا قدر السنة عند القوم ومع ذلك يأيت من جيعلهم أهل سنة‪ ،‬وال أدري أي سنة يقصد هذه‬
‫اليت لو ضرب عنها اجلويين صفحاً لكان سائغاً!!‬

‫ونصر القول برد أخبار اآلحاد يف العقيدة الرازي يف أساس التقديس ص‪ 215‬ومن املعاصرين البوطي‬
‫يف كربى اليقينيات ص‪35‬‬

‫وقال التفتازاين املاتردي يف شرح النسفية ص‪ ":138‬إن خرب الواحد على تقدير اشتماله على مجيع‬
‫الشرائط املذكورة يف أصول الفقه‪ ،‬ال يفيد إال الظن وال عربة بالظن يف باب االعتقادات "فهذا قدر‬
‫األحاديث عند القوم‪ ،‬ال تفيد إال الظن وال حيتج هبا يف مسائل العقيدة وما ثبت من النصوص وكان‬
‫حجة من جهة النقل فإن ظاهره يفيد التشبيه أو التجسيم فيجب فيه التأويل أو التفويض واهلل املستعان‬

‫وقد نتج عن هذا املنهج الفاسد إعراض أساطني األشاعرة عن التعمق بدراسة احلديث وعلوم السنة‪.‬‬

‫من أبرز أراء األشاعرة التي خالف فيها أهل السنة والجماعة والرد عليها‪:‬‬

‫ان أخطر ما خالف به األشاعرة أهل السنة خوضهم يف صفات اهلل عز وجل بالتأويل الذي‬ ‫‪‬‬
‫هنى عنه السلف خاصة الصفات اخلربية اليت وصف اهلل هبا نفسه أو وصفهـ هبا رسوله صلى‬
‫اهلل عليه وسلم مثل صفات اليد‪ ,‬والعني‪ ,‬والنفس‪ ,‬والوجه‪ ,‬واالستواء على العرش‪ ,‬والنزول‪,‬‬
‫واجمليء‪ ,‬والرضا‪ ,‬والغضب‪,‬ـ واحلب‪ ,‬والبغض‪ ,‬وحنوها من الصفات اخلربية اليت ذكرها اهلل‬
‫تعاىل يف كتابه‪ ,‬أو صحت عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فإهنم مل يؤمنوا هبا كما‬
‫جاءت‪ ,‬وكما فعل السلف‪ ,‬فقد أولوها وصرفوا ألفاظها إىل غري ظاهرها‪ ,‬هروبا من شبهة‬
‫التجسيم والتمثيل‪ ,‬وغفلوا عما يرتتب على فعلهم هذا من حتريفهم لكالم اهلل وتعطيل ملعانيه‬
‫والقول على اهلل بغري علم‪ ,‬وغري ذلك من املستلزمات اليت يقتضيها التأويل وتنايف التسليم هلل‬
‫تعاىل إذ كيف يليق أن يقول اهلل عن نفسه ويقول عنه رسوله صلى اهلل عليه وسلم بصفات‬
‫ال تليق‪ ,‬أو تقتضي التشبيه والتجسيم‪ ,‬مث ال يكتشف هذه املسألة إال املتكلمون بعد القرن‬
‫الثالث اهلجري!‬

‫مث كيف فات هذا الفهم على الصحابة والتابعني وسلف األمة مث يدركه املتكلمون؟! هذا مما ال يليق‬
‫جتاه كالم اهلل – تعاىل – وكالم رسوله صلى اهلل عليه وسلم والصحابة والتابعني وأئمة اهلدى األوائل‬
‫ممن هم أعلم منهم وأتقى هلل فإن اهلل سبحانه حني وصف نفسه بتلك الصفات‪ :‬كاليدين‪ ،‬والوجه‪،‬‬

‫‪7‬‬
‫والنفس‪ ،‬والرضا‪ ،‬والغضب‪ ،‬واجمليء‪ ،‬واالستواء‪ ،‬والعلو‪......‬إخل‪ .‬من الصفات‪ ،‬فقد سد باب شبهة‬
‫الس ِميع الْب ِ‬
‫صريُ [الشورى‪:‬ـ ‪.]11‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫س َكمثْله َش ْيءٌ َو ُه َو َّ ُ َ‬
‫التمثيل بقوله سبحانه‪ :‬لَْي َ‬
‫ومن األصول التي خالف فيها األشاعرة أهل السنة تعويلهم على العقل واجلدل وعلم‬ ‫‪‬‬
‫الكالم (النظر) يف صفات اهلل ومسائل القدر والغيب وتقدميهم العقل ما يسمونه القواطع‬
‫العقلية – على النقل (الكتاب والسنة)‪ ،‬يف أمور الغيب ومسائل االعتقاد‪ ،‬بل يف مسائل‬
‫صفات اهلل تعاىل!‬

‫فالقاعدة عندهم كما قررها الرازي واجلويين وغريها (أن الدالئل النقلية ال تفيد اليقني) و (أن‬
‫الدالئل النقلية ظنية‪ ،‬وأن العقلية قطعية‪ ،‬والظن ال يعارض القطع)‪ . 12‬سبحان اهلل!!‬

‫ومن أصولهم المخالفة ألهل السنة‪ :‬تفسريهم التوحيد مبا حيصره يف توحيد الربوبية‬ ‫‪‬‬
‫وغفلتهم عن توحيد األلوهية والعبادة هلل تعاىل وحده مع أنه التوحيد الذي أرسلت به الرسل‬
‫اعب ُد ِ‬ ‫ِإ ِإ‬ ‫ٍ ِإ ِ ِإ ِ‬ ‫قال اهلل تعاىل وما َأرس ْلنَا ِمن َقبلِ َ ِ‬
‫ون‬ ‫ك م ْن َر ُسول اَّل نُوحي لَْيه َأنَّهُ اَل لَهَ اَّل َأنَا فَ ْ ُ‬ ‫ََ ْ َ ْ ْ‬
‫[األنبياء‪.]25 :‬‬
‫وهو التوحيد الذي من أجله خلق اهلل اخللق قال تعاىل وما خلَ ْقت اجْلِ َّن واِإْل نْس ِإاَّل لِيعب ُد ِ‬
‫ون‬ ‫َ َ َ ُْ‬ ‫ََ َ ُ‬
‫[الذاريات‪.]56 :‬‬

‫لذلك جند التلبس بالبدع يف العبادات والوقوع يف بعض الشركيات كثرية فيمن ينتسبون إىل األشاعرة‬
‫املتأخرين لتساهلهم يف توحيد العبادة‪.‬‬

‫وهذا ال يعين أن أهل السنة يستهينون بأمر توحيد الربوبية‪...‬كال واهلل! لكنهم يبد أون مبا بدأ اهلل به‬
‫وما بدأ به رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ,‬ألن توحيد الربوبية فطري‪ ,‬ال يكاد ينكر بالكلية إال نادرا‬
‫وغالب اآليات اليت جاءت يف تقريره جاءت يف سياق اإللزام بتوحيد العبادة والطاعة‪ ,‬لذلك ال يعرف‬
‫أن أمة من األمم أنكرت توحيد الربوبية بل ال توجد طائفة أمجعت على هذا األمر على احلقيقة‪ ,‬ولو‬
‫حصل هذا لذكره اهلل تعاىل يف قصص األنبياء‪.‬‬

‫وبعكسه توحيد األلوهية فهو الذي ضلت فيه األمم والفرق والطوائف حىت اليوم‪.‬‬

‫((كتاب أصول الدين للرازي)) (ص‪)24 :‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪8‬‬
‫لذا جند أن نظار األشاعرة وأئمتهم يبدون مؤلفاهتم يف االعتقاد بالعقليات والنظريات والتصديقات‬
‫والتصورات‪ ,‬واملصطلحات الكالمية والفلسفية‪ ,‬وأن الدالئل النقلية (السمعية) ال تفيد اليقني! وأن‬
‫العقليات قطعية! يقينية‪ ,‬مث حدوث العامل وإثبات الصانع وغري ذلك من الفلسفة وعلم الكالم‪,‬‬
‫وينتهون يف ذلك إىل تقرير توحيد الربوبية وهذا خالف ما درج عليه أهل السنة بل خالف منهج‬
‫القرآن الكرمي فاآليات اليت جاءت لتقرير توحيد الربوبية قليلة بإزاء اآليات اليت جاءت لتقرير توحيد‬
‫العبادة والطاعة مث إن كثريا من اآليات يف توحيد الربوبية جاءت لتقرير عبادة اهلل وحده كما أسلفت‪.‬‬

‫‪ -‬كما أهنم خالفوا أهل السنة يف أصول أخرى مثل‪ :‬قوهلم يف القرآن وكالم اهلل‪ ,‬واإلميان‪ ,‬والقدر‪,‬‬
‫والنبوات‪ ,‬حيث تأثروا باألصول الكالمية والفلسفية يف نظرهتم هلذه األمور فجاءت عقيدهتم فيها‬
‫خليطا من احلق والباطل بني أهل السنة واملعتزلة والفالسفة‪ ,‬لذا جتدهم كثريا ما يستخدمون‬
‫مصطلحات فلسفية وكالمية حمتملة للحق والصواب وضدها‪ ,‬وختتلف عن ألفاظ الكتاب والسنة‪.‬‬

‫وهكذا‪...‬ـ فإن هذه األمور اليت خالف األشاعرة فيها أهل السنة‪ ،‬وهي من أصول االعتقاد وفروعه‬
‫تقتضي من الباحث املنصف عند التدقيق والتحقيق أن حيكم كما هو رأي احملققني من أئمة أهل السنة‬
‫بأن مذهب األشاعرة يف العقيدة مذهب مستقل يف بعض اجلوانب عن أهل السنة بأصوله ومناهجه‪،‬‬
‫وتصوراته وأحكامه خباصة يف مسائل الصفات واإلميان والوحي والنبوات والقرآن وكالم اهلل والقدر‬
‫فاألشاعرة يف هذه املسائل وغريها يوافقون أهل السنة يف أمور وخيالفوهنم يف أخرى‪.‬ـ‬

‫‪ -‬كما أنه ال جيوز أن حنمل السلف أهل السنة واجلماعة مقوالتـ األشاعرة فيما ابتدعوه من علم‬
‫الكالم والفلسفة‪ ،‬وإنه ملن اإلجحاف والتجين أن ننسب تلك املقوالت للصحابة والتابعني وأئمة‬
‫اهلدى يف القرون الفاضلة‪ ،‬وهذه املقوالت هي الغالبة يف معتقدات األشاعرة‪.‬‬

‫أما أهل السنة فهم الذين مل حييدوا ومل يزيدوا على مذهب السلف حىت اليوم‪ ،‬فالذي ينتمي وينتسب‬
‫ألهل السنة يلزمه أن يعتقد ما اعتقدوه يف هذه األصول‪ ،‬وأن يتبع ما قالوه أو قرروه‪ ،‬ال أن يقول‬
‫ويعتقد حسب قواعده العقلية الكالمية والفلسفية‪ ،‬مث ينسب قوله وعقيدته إىل السلف‪ ،‬كما فعل كثري‬
‫من نظار األشاعرة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وإذا عرضنا الكثري من معتقدات األشاعرة على ما أثر ونقل عن السلف يف القرون الفاضلة وجدنا‬
‫البون بينهما شاسعا ووجدنا أهنم – أي األشاعرة – ابتدعوا وأحدثوا من املقوالت ما كان ينهى عنه‬
‫‪13‬‬
‫السلف من الكالم يف الصفات والغيبات بالظنون واملبتدعات الكالمية‪.‬‬

‫دعوي أن األشاعرة من أهل السنة والجماعة والموقف من ذلك‪:‬‬

‫بتتبع كالم أهل العلم من علماء أهل السنة جند أقواهلم يف ذلك متفاوتة ما بني متشدد‪ ،‬دعاه‬
‫لذلك ما وقف عليه من خمالفة القوم للسنة‪ ،‬وموافقتهم للجهمية واملعتزلة يف بعض أقواهلم‪ ،‬فبدعهم‬
‫وحذر منهم ومل ير استحقاقهم للقب "أهل السنة" الذي يدعونه‪ .‬وبني متساهل يعدهم من أهل‬
‫السنة‪ ،‬ملا رأى من موافقتهم للسنة يف بعض املسائل وبني هؤالء وهؤالء حاول بعض من أهل العلم‬
‫التدقيق يف املسألة‪ ،‬والقول فيها بشيء من التفصيل‪.‬‬

‫القول األول‪ :‬قول بعض أهل العلم‪ :‬أن األشاعرة ليسوا من أهل السنة وإمنا هم أهل كالم‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫عدادهم يف أهل البدعة وممن ذهب إىل ذلك‪ :‬اإلمام أبو نصر السجزي "ت ‪ 444‬هـ"‪ .‬حيث‬
‫يرى أهنم حمدثة وليسوا أهل سنة‪ ،‬فيقول يف فصل عقده لبيان السنة ما هي؟ ومب يصري املرء‬
‫من أهلها؟‬

‫"‪ ...‬فكل مدع للسنة جيب أن يطالب بالنقل الصحيح مبا يقوله‪ ،‬فإن أتى بذلك علم صدقه‪ ،‬وقبل‬
‫قوله‪ ،‬وإن مل يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف‪ ،‬علم أنه حمدث زائغ‪ ،‬وأنه ال يستحق أن يصغى‬
‫إليه أو ينظر يف قوله‪ ،‬وخصومنا املتكلمون معلوم منهم أمجع اجتناب النقل والقول به بل متحينهم‬
‫ألهله ظاهر‪ ،‬ونفورهم عنهم بني‪ ،‬وكتبهم عارية عن إسناد بل يقولون‪ :‬قال األشعري‪ ،‬وقال ابن‬
‫كالب‪ ،‬وقال القالنسي‪ ،‬وقال اجلبائي ‪...‬‬

‫ومعلوم أن القائل مبا ثبت من طريق النقل الصحيح عن الرسول صلى اهلل عليه وسلم ال يسمى حمدثاً‬
‫بل يسمى سنياً متبعاً‪ ،‬وأن من قال يف نفسه قوالً وزعم أنه مقتضى عقله‪ ،‬وأن احلديث املخالف ال‬
‫ينبغي أن يلتفت إليه‪ ،‬لكونه من أخبار اآلحاد‪ ،‬وهي ال توجب علماً‪ ،‬وعقله موجب للعلم يستحق أن‬
‫يسمى حمدثاً مبتدعاً‪ ،‬خمالفاً‪ ،‬ومن كان له أدىن حتصيل أمكنه أن يفرق بيننا وبني خمالفينا بتأمل هذا‬
‫‪14‬‬
‫الفصل يف أول وهلة‪ ،‬ويعلم أن أهل السنة حنن دوهنم‪ ،‬وأن املبتدعة خصومنا دوننا‪".‬‬

‫القول الثاني‪ :‬قول من عدهم من أهل السنة‪ ،‬ومن هؤالء‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ 13‬مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة وموقف الحركات اإلسالمية المعاصرة منها لناصر العقل – ص‪58‬‬
‫‪(( 14‬الرد على من أنكر الحرف والصوت))‪ D‬أبو نصر السجزي (ص‪.)101-100 :‬‬

‫‪10‬‬
‫السفاريين "‪"1188-1114‬؛ حيث قسم أهل السنة إىل ثالث فرق فقال‪" :‬أهل السنة واجلماعة‬
‫ثالث فرق‪:‬‬

‫‪ - 1‬األثرية‪ :‬وإمامهم أمحد بن حنبل ‪....‬‬

‫‪ 2‬واألشعرية‪ :‬وإمامهم أبو احلسن األشعري‬


‫‪15‬‬
‫‪ 3‬واملاتريدية‪ :‬وإمامهم أبو منصور املاتريدي"‬

‫ومل يسلم ذلك له فقد تعقبه يف احلاشية بعض أهل العلم ولعله الشيخ ابن سحمان فقال‪" :‬هذا مصانعة‬
‫من املصنف رمحه اهلل تعاىل يف إدخاله األشعرية واملاتريدية يف أهل السنة واجلماعة‪ ،‬فكيف يكون من‬
‫أهل السنة واجلماعة من ال يثبت علو الرب سبحانه فوق مساواته‪ ،‬واستواءه على عرشه ويقول‪:‬‬
‫حروف القرآن خملوقة‪ ،‬وإن اهلل ال يتكلم حبرف وصوت‪ ،‬وال يثبت رؤية املؤمنني رهبم يف اجلنة‬
‫بأبصارهم‪ ،‬فهم يقرون بالرؤية ويفسروهنا بزيادة علم خيلقه اهلل يف قلب الرائي‪ .‬ويقول‪ :‬اإلميان جمرد‬
‫‪16‬‬
‫التصديق وغري ذلك من أقواهلم املعروفة املخالفة ملا عليه أهل السنة واجلماعة‪.‬‬

‫القول الثالث‪ :‬قول من يرى أهنم من أهل السنة فيما وافقوا فيه أهل السنة من أبواب‬ ‫‪‬‬
‫االعتقاد‪ .‬وممن قال بذلك‪:‬‬

‫الشيخ عبد العزيز بن باز حيث قال جواباً على قول الصابوين‪" :‬أن التأويل لبعض الصفات ال خيرج‬
‫املسلم عن مجاعة أهل السنة "‪ .‬قال‪" :‬صحيح يف اجلملة فاملتأول لبعض الصفات كاألشعرية ال خيرج‬
‫بذلك عن مجاعة املسلمني وال عن مجاعة أهل السنة يف غري باب الصفات‪ ،‬ولكنه ال يدخل يف مجاعة‬
‫أهل السنة عند ذكر إثباهتم للصفات وإنكارهم للتأويل‪.‬‬

‫القول الرابع‪ :‬اعتبارهم من أهل اإلثبات والتفريق بني أئمتهم املتقدمني ومتأخريهم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وهو قول شيخ اإلسالم ابن تيمية الذي يرى‪ :‬أهنم يعدون من أهل اإلثبات؛ لكوهنم يثبتون بعض‬
‫الصفات‪ ،‬وأهنم أقرب إىل أهل السنة من باقي الطوائف‪ ،‬على أنه يفرق بني أئمتهم املتقدمني وبني‬
‫متأخريهم فعد املتقدمني أقرب إىل السلف وأهل السنة‪ ،‬وجعل املتأخرين أقرب إىل اجلهمية واملعتزلة‪،‬‬
‫لعظم موافقتهم هلم يف كثري من أقواهلم‪.‬‬

‫عالقة األشاعرة_ بالفرق الكالمية األخرى‪_:‬‬


‫‪(( 15‬لوامع األنوار البهية))‪ D‬محمد بن أحمد السفاريني األثري الحنبلي م‪ 1‬ص‪73‬‬
‫‪(( 16‬لوامع األنوار البهية))‪ )1/73( D‬حاشية رقم (‪.)4‬‬

‫‪11‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم رمحه اهلل ملخصا حال هذه الفرقة‪" :‬واألشعرية األغلب عليهم أهنم مرجئة يف باب‬
‫األمساء واألحكام‪ ،‬جربية يف باب القدر‪ ،‬وأما يف الصفات فليسوا جهمية حمضة‪ ،‬بل فيهم نوع من‬
‫التجهم"‪ ،‬مث قال‪:‬‬
‫"وأما األشعرية فال يرون السيف موافقة ألهل احلديث‪ ،‬وهم يف اجلملة أقرب املتكلمني إىل مذهب‬
‫‪17‬‬
‫أهل السنة واحلديث"‬

‫مجمل اعتقاد الفرقة وعالقته بالفرق األخرى‪:18‬‬

‫‪ -1‬إمهال توحيد األلوهية‪ ،‬وتفسري اإلله يف كلمة التوحيد ال إله إال اهلل بالربوبية‪ ،‬وأنه القادر على‬
‫االخرتاع واخللق‪.‬‬

‫‪ -2‬نفي الصفات االختيارية هلل تعاىل‪ ،‬واالقتصار على إثبات سبع صفات مسوها الصفات املعنوية‪،‬‬
‫والعقلية‪ ،‬وهي‪ :‬العلم‪ ،‬والقدرة‪،‬ـ واإلرادة‪ ،‬والكالم‪ ،‬والسمع‪ ،‬والبصر‪ ،‬واحلياة‪ ،‬وأما الصفات اخلربية‬
‫فأثبتها متقدموهم‪ ،‬وأوهلا املتأخرون منهم‪.‬‬

‫وأثبتوا األمساء احلسىن هلل تعاىل مع حتريف ملعانييها مبا يتوافق مع معتقدهم يف الصفات‪.‬‬

‫‪ -3‬أثبتوا الرؤية‪ ،‬وأنكروا العلو ‪ -‬وهو اجلهة عندهم ‪ ،-‬فقالوا إن اهلل يرى ال يف جهة‪.‬‬

‫‪ - 4‬قالوا إن اهلل خالق أفعال العباد‪ ،‬وأنه ليس لقدرة العبد تأثري يف فعله‪ ،‬بل القدرة من الرب‪ ،‬والفعل‬
‫كسب من العبد‪ ،‬مبعىن أن فعل العبد ليس بتأثري منه‪ ،‬بل لكونه حمال للفعل فحسب‪ ،‬وهذا اجلرب منهم‬
‫قريب من القول باجلرب عند اجلهمية‪.‬‬

‫‪ -5‬القول بأن اإلميان جمرد تصديق القلب‪ ،‬وأنه ال يزيد وال ينقص‪ ،‬وأنه جيب االستثناء فيه‪ ،‬وقالوا‬
‫ِإن مرتكب الكبرية مؤمن كامل اإلميان‪.19‬‬

‫‪ 17‬كتاب ((الفتاوى)) ابن تيمة (‪)6/55‬‬


‫‪(( 18‬موقف ابن تيمية من األشاعرة)) (‪)1338-1337( ،)3/1095‬‬
‫‪ 19‬آراء المرجئة في مصنفات شيخ اإلسالم ابن تيمية لعبد هللا محمد السند ‪ -‬ص ‪157‬‬

‫‪12‬‬
‫تم بحمد هلل‬

‫‪13‬‬

You might also like