You are on page 1of 543

‫شاركه‬

‫سامل بن علي بن عبيد اهلل وحممد بن خالد بايزيد‬


‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪2‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫مكتبة المبتدئ في طلب العلم الشرعي‬

‫شرح خمتصر أبي شجاع‬

‫كتب شرح قسم العبادات‬


‫خالد بن عبد اهلل بامحيد األنصاري‬
‫وكتب شرح كتاب البيوع‬
‫سامل بن علي بن عبيد اهلل وحممد بن خالد بايزيد‬
‫وكتب شرح بقية المختصر‬
‫سامل بن علي بن عبيد اهلل‬

‫تاريخ النشر‪1442/11/4:‬ه‪ ،‬الموافق‪2021/6/14:‬م‬


‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪3‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه‬
‫أمجعني‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فمما ذكرته يف "املدخل إىل دراسة املختصرات" ـ عن علم الفقه ـ‪ :‬أن الفقه‬
‫لغة‪ :‬الفهم‪ ،‬فقوله تعاىل‪ :‬ـ عن موسى ـ ﴿يَـ ْف َق ُهوا قَـ ْوِل﴾ [طه‪ ،]28:‬معناه‪ :‬يفهموا‬
‫قول‪ ،‬وعلم الفقه إمجاالً هو‪ :‬معرفة األحكام املتعلقة باألعمال الظاهرة من عبادات‬
‫ومعامالت وغري ذلك‪ ،‬ولعل هذا العلم مسي بالفقه؛ ألن أكثر مسائله حتتاج إىل‬
‫اجتهاد‪ ،‬واالجتهاد حيتاج إىل دقة يف الفهم‪.‬‬
‫ومما ذكرته يف املدخل‪ :‬أن من أشهر املختصرات املؤلفة يف علم الفقه على‬
‫املذهب الشافعي كتاب "خمتصر أيب شجاع" تأليف القاضي أيب شجاع أمحد بن‬
‫احلسني بن أمحد األصفهاين‪ ،‬املتوىف باملدينة النبوية بعد سنة (‪500‬ه)‪.‬‬
‫وقد يسر اهلل عز وجل مبنه وكرمه ل وملن شاركين إمتام شرح "خمتصر أيب‬
‫شجاع"‪ ،‬فأسأله سبحانه أن ينفع به كما نفع بأصله‪.‬‬
‫وصلى اهلل على نبينا حممد‪ ،‬وعلى آله‪ ،‬وصحبه‪ ،‬وسلم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪4‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قبل الشروع يف شرح الكتاب‬

‫قبل الشروع يف شرح الكتاب سيكون الكالم عن أمرين‪:‬‬


‫األول‪ :‬عنوان الكتاب‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬حمتويات الكتاب‪.‬‬
‫أما عنوان الكتاب فهو‪" :‬خمتصر أيب شجاع"‪.‬‬
‫واالختصار‪ :‬تقليل الشيء‪.‬‬
‫ومسي الكتاب باملختصر؛ ألن ألفاظه قد قُـلِّلَت‪ ،‬وأُضيف إىل أيب شجاع؛ ألنه‬
‫هو الذي أَل َفهُ‪.‬‬
‫وأما حمتويات الكتاب فهو حيتوي على مقدمة ومخسة أقسام‪:‬‬
‫أمورا‪ ،‬منها‪ :‬سبب تأليف الكتاب‪.‬‬‫فأما املقدمة فتتضمن ً‬
‫وأما األقسام اخلمسة فكالتال‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬العبادات‪ ،‬وهو‪ :‬يشمل األركان األربعة‪ ،‬اليت هي‪ :‬الصالة‪،‬‬
‫والزكاة‪ ،‬والصوم‪ ،‬واحلج‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬األموال‪ ،‬وهو‪ :‬يشمل كل ما له صلة بكسب األموال‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬النكاح والطالق‪ ،‬وهو‪ :‬يشمل النكاح‪ ،‬والطالق‪ ،‬وكل ماله صلة‬
‫هبما‪ ،‬كالعِدد‪ ،‬والرضاع‪ ،‬والنفقات‪.‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬اجلنايات‪ ،‬وهو‪ :‬يشمل اجلنايات‪ ،‬وما يرتتب عليها من العقوبات‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪5‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫القسم اخلامس‪ :‬املكمالت‪ ،‬وهو‪ :‬يشمل مواضيع متفرقة‪ ،‬مكمالت لألقسام‬


‫السابقة‪ ،‬أوهلا‪ :‬كتاب اجلهاد‪ ،‬وآخرها‪ :‬كتاب العتق‪.‬‬
‫وعلى هذا فاألقسام من حيث األصل أربعة‪ ،‬والقسم اخلامس تابع هلا‪ ،‬وقد‬
‫يكون السبب يف إفراد هذا القسم أن حمتواه يرتبط بأكثر من قسم من األقسام‬
‫األربعة‪ ،‬كاجلهاد يرتبط بالعبادات واألموال‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪6‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫[مقدمة املؤلف]‬

‫الرِح ِ‬
‫يم‬ ‫بِ ْس ِم اللَّ ِه َّ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫صلَّى اللُ َعلَى َسيِّ ِدنَا ُم َح َّم ٍد النَّبِ ِّي َوآلِ ِه‬ ‫ِ‬
‫ب ال َْعالَم ْي َن‪َ ،‬و َ‬ ‫ْح ْم ُد لِلَّ ِه َر ِّ‬
‫ال َ‬
‫َج َم ِع ْي َن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َحابَتِه أ ْ‬‫الطَّاه ِريْ َن َو َ‬
‫صراً فِي ال ِْف ْق ِه َعلَ ْى‬ ‫سأَلَنِي ب ْعض ْاْل ْ ِ ِ ِ‬
‫َصدقَاء َحفظَ ُه ُم اللُ تَ َعالَى أَ ْن أَ ْع َم َل ُم ْختَ َ‬ ‫َ ْ َ ُ‬
‫صا ِر َونِ َهايَِة‬ ‫ضوانُهُ فِي غَاي ِة ِْ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اْل ِم ِام َّ ِ ِ‬ ‫ب ِْ‬ ‫َم ْذ َه ِ‬
‫اْل ْخت َ‬ ‫ْ َ‬ ‫الشافع ِّي َر ْح َمةُ الل َعلَْيه َوِر ْ َ‬
‫ب َعلَى ال ُْمتَ َعلِّ ِم َد ْر ُسهُ َويَ ْس ُه َل َعلَى ال ُْم ْبتَ ِد ِئ ِح ْفظُهُ‪َ ،‬وأَ ْن أُ ْكثِ َر فِ ْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِْ‬
‫اْليْ َجا ِز؛ ليَ ْق ُر َ‬
‫اغباً إِلَى ِ‬ ‫اب ر ِ‬ ‫ال‪ ،‬فَأَجبته إِلَى ذَلِ َ ِ ِ‬ ‫صِ‬ ‫ات وح ْ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الل‬ ‫ك طَالباً للث ََّو ِ َ‬ ‫َ ُْ ُ ْ‬ ‫ص ِر الْخ َ‬ ‫م َن التَّ ْقس ْي َم َ َ‬
‫ف َخبِْير(‪.)1‬‬ ‫ادهِ لَ ِط ْي ٌ‬
‫شاء قَ ِدي ر‪ ،‬وبِ ِعب ِ‬
‫اب‪ ،‬إِنَّهُ َعلَى َما يَ َ ُ ْ ٌ َ َ‬ ‫لص َو ِ‬ ‫تَ َعالَ ْى فِي الت َّْوفِ ْي ِق لِ َّ‬

‫(‪ )1‬افتتح املؤلف كتابه هذا ِمب ٍ‬


‫قدمة تضمنت أربعة أمور‪ :‬وهي‪ :‬البسملة‪ ،‬مث‬
‫احلمدلة‪ ،‬مث الصالة على النيب واآلل والصحب‪ ،‬مث سبب تأليف الكتاب‪.‬‬
‫فقوله‪( :‬سألني بعض اْلصدقاء حفظهم الل تعالى)‬
‫هذا بيان لسبب تأليفه الكتاب‪.‬‬
‫(سألني) أي طلب مين‪( ،‬بعض اْلصدقاء) أي صديق من األصدقاء‪،‬‬
‫(حفظهم الل تعالى) مجلة دعائية ألصدقائه كلهم‪ ،‬أي حرسهم اهلل تعاىل من‬
‫السوء‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪7‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وعلى هذا فالسبب هو طلب ُو ِّجه إليه من صديق‪.‬‬


‫مختصرا في الفقه على مذهب اْلمام الشافعي رحمة الل عليه‬ ‫ً‬ ‫(أن أعمل‬
‫ورضوانه) هذا بيان للمطلوب‪.‬‬
‫(مختصرا) أي كتابًا قليالً لفظه (في الفقه) أي يف‬
‫ً‬ ‫(أن أعمل) أي أن أُؤلف‬
‫فهم األحكام (على مذهب اْلمام الشافعي) املذهب هو‪ :‬الرأي الذي ذُ ِهب‬
‫إليه‪( ،‬رحمة الل عليه ورضوانه) مجلة دعائية للشافعي‪.‬‬
‫وعلى هذا فاملطلوب أن يؤلف كتابًا قليل اللفظ يف فهم األحكام؛ وتكون‬
‫األحكام مبنية على الرأي الذي َذ َهب إليه اإلمام الشافعي رمحه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫(في غاية اْلختصار ونهاية اْليجاز)‬
‫هذا بيان لصفة املختصر املطلوب‪.‬‬
‫وغاية االختصار وهناية اإلجياز كالمها مبعىن واحد؛ ألن غاية الشيء مبعىن‬
‫آخره‪ ،‬وهناية الشيء بنفس املعىن‪ ،‬واالختصار مبعىن التقليل‪ ،‬واإلجياز بنفس‬
‫املعىن‪ ،‬فالتعبريان خمتلفان يف اللفظ ومتفقان يف املعىن‪ ،‬والتعبريان من حيث املعىن‬
‫توكيد يفيد أن املطلوب شدة االختصار‪.‬‬
‫وعلى هذا فصفة املختصر املطلوب‪ :‬أن يكون شديد االختصار‪.‬‬
‫(ليقرب على المتعلم درسه ويسهل على المبتدئ حفظه)‬
‫هذا بيان لسبب شدة االختصار‪.‬‬
‫(ليقرب) الالم‪ :‬سببية‪ ،‬ومعىن يقرب‪ :‬أي يسهل‪( ،‬على المتعلم) أي على من‬
‫أراد أن يتعلمه‪( ،‬درسه) أي فهمه‪( ،‬ويسهل) أي يتيسر‪( ،‬على المبتدئ) أي‬
‫على من أراد أن يبتدئ يف التعلم‪( ،‬حفظه) أي استحضاره عن ظهر قلب‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪8‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وعلى هذا فسبب شدة االختصار أن يكون سهل الفهم واحلفظ‪.‬‬


‫(وأن أكثر فيه من التقسيمات وحصر الخصال)‬
‫هذا بيان لصفة أخرى من صفات املختصر املطلوب‪.‬‬
‫(وأن أكثر فيه) أي يف املختصر (من التقسيمات) أي ملا ميكن تقسيمه‪،‬‬
‫(وحصر الخصال) أي مجع األفراد‪ ،‬فالتقسيم مثل قوله‪( :‬مث املياه على أربعة‬
‫أقسام) وحصر اخلصال أن يذكر أفراد كل قسم‪.‬‬
‫وعلى هذا فمن صفات املختصر املطلوب‪ :‬التقسيمات واحلصر‪.‬‬
‫ويفهم مما تقدم أن سبب التقسيمات واحلصر أن يكون سهل الفهم واحلفظ‪.‬‬
‫(فأجبته إلى ذلك طالبًا للثواب راغبًا إلى الل تعالى في التوفيق للصواب‬
‫إنه على ما يشاء قدير وبعباده لطيف خبير)‬
‫هذا بيان موقف املؤلف من طلب الصديق‪.‬‬
‫(فأجبته إلى ذلك) أي نفذت طلبه (طالبًا للثواب راغبًا إلى الل تعالى في‬
‫التوفيق للصواب) (طالبًا) إعرابه حال‪ ،‬وكذلك (راغبًا) أي نفذت طلبه وحال‬
‫أين أريد اجلزاء من اهلل‪ ،‬وأرجو اهلل تعاىل أن يسددين للصواب‪ ،‬واملراد بالصواب‬
‫هنا موافقة مذهب الشافعي (إنه على ما يشاء قدير وبعباده لطيف خبير)‬
‫هذه مجلة تعليلية‪ ،‬أي أريد اجلزاء من اهلل‪ ،‬وأرجو اهلل تعاىل أن يسددين‬
‫للصواب؛ ألن اهلل إذا أراد أن جيازي ويسدد فهو قدير على ذلك‪ ،‬وبعباده‬
‫لطيف‪ :‬أي رفيق هبم وحمسن إليهم‪ ،‬وخبري‪ :‬أي عليم مبا ينفعهم وما يضرهم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪9‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫كتاب الطهارة‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب األول من قسم العبادات‪.‬‬


‫تعريف الكتاب‪:‬‬
‫الكتاب لغة‪ :‬اجلمع‪ ،‬يُقال تكتب بنو فالن أي اجتمعوا‪ ،‬ويُقال لِ َما ُكتِب‬
‫كتاب مبعىن مكتوب الجتماع الكلمات واحلروف‪.‬‬ ‫بالقلم ٌ‬
‫جامع ملسائل‪.‬‬
‫مكتوب ٌ‬
‫ٌ‬ ‫والكتاب يف اصطالح املؤلفني‪:‬‬
‫جامع ملسائل الطهارة‪.‬‬
‫مكتوب ٌ‬‫ٌ‬ ‫وعلى هذا فـ (كتاب الطهارة) معناه‪:‬‬
‫تعريف الطهارة‪:‬‬
‫وشرعا‪ :‬نظافة خمصوصة‪.‬‬
‫الطهارة لغة‪ :‬النظافة‪ً ،‬‬
‫وهي عند الفقهاء قسمان‪ :‬الطهارة من احلدث‪ ،‬والطهارة من النجاسة‪.‬‬
‫والطهارة من احلدث هي‪ :‬رفع احلدث‪.‬‬
‫واحلدث هو‪ :‬املنع من الصالة وغريها من األفعال‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬رجل أخرج رحيًا‪ ،‬وأراد أن يصلي‪ ،‬فعليه أن يتوضأ‪ ،‬فخروج الريح‬
‫ترتب عليه املنع من الصالة‪ ،‬والوضوء يرفع احلدث أي يرفع املنع من الصالة‪.‬‬
‫والطهارة من النجاسة هي‪ :‬إزالة النجاسة‪.‬‬
‫والنجاسة هي‪ :‬القذارة اليت جتب إزالتها؛ مثل البول‪ ،‬والغائط‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪10‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫بول‪ ،‬وأراد أن يصلي‪ ،‬فعليه أن يزيل البول‪،‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬رجل أصاب بدنَه ٌ‬
‫فالبدن املصاب بالبول جنس‪ ،‬والطهارة من النجاسة إزالة البول من البدن‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬هذا التقسيم مبين على الغالب‪ ،‬أي أن غالب مسائل الطهارة إما طهارة‬
‫من احلدث وإما طهارة من النجاسة‪ ،‬ومن مسائل الطهارة ما ليس طهارة من‬
‫احلدث وليس طهارة من النجاسة‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬رجل صلى الظهر‪ ،‬وبقي على طهارته‪ ،‬حىت دخل وقت العصر‪،‬‬
‫فجدد وضوءه لصالة العصر‪ ،‬فتجديد الوضوء من مسائل الطهارة‪ ،‬وليس هو‬
‫طهارة من احلدث‪ ،‬وليس طهارة من النجاسة‪.‬‬
‫تنبيه آخر‪ :‬احلدث عند الفقهاء له معان‪ ،‬منها‪ :‬الفعل كخروج الريح‪ ،‬وهذا‬
‫املعىن هو املراد باألحداث عند تعريفي لنواقض الوضوء‪ ،‬كما سيأيت‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫احلكم املرتتب عليه كاملنع من الصالة‪ ،‬وهذا املعىن هو املراد باحلدث يف تعريف‬
‫الطهارة‪.‬‬
‫مناسبة االبتداء بكتاب الطهارة‪:‬‬
‫األصل أن املؤلفني يف الفقه يبتدئون بكتاب الصالة‪ ،‬ويبتدئون كتاب الصالة‬
‫بشروطها لكوهنا مقدمة عليها‪ ،‬ومن شروط الصالة‪ :‬الطهارة‪ ،‬إال أن أكثرهم‬
‫خاصا للطهارة قبل الصالة‪ ،‬وذلك لكثرة مسائلها‪ ،‬وهكذا فعل‬ ‫يفرد كتابًا ً‬
‫املؤلف يف هذا املختصر‪.‬‬
‫عدد فصول كتاب الطهارة‪:‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربعة عشر فصالً‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬املؤلف يذكر الفصول بال عناوين هلا‪ ،‬وهلذا فعناوين الفصول من إضافيت‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪11‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام املياه‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب الطهارة‪.‬‬


‫واملؤلف مل يذكر هذا الفصل‪ ،‬وإمنا ذكرته بناءً على احملتوى الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫تعريف الفصل‪:‬‬
‫الفصل لغة‪ :‬القطع‪.‬‬
‫وهو يف اصطالح املؤلفني‪ :‬قطعة جامعة ملسائل منفصلة عما سواها‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام املياه‪.‬‬
‫وعلى هذا فمعىن هذا الفصل‪ :‬قطعة جامعة ألحكام املياه‪.‬‬
‫مناسبة االبتداء هبذا الفصل‪:‬‬
‫األصل أن الطهارة حتصل باملاء‪ ،‬فناسب أن يبتدئ املؤلف بالكالم عن الشيء‬
‫الذي حتصل به الطهارة قبل الكالم عن الطهارة نفسها‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪12‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ال ِْمياه الَّتِي يجوز بِها التَّطْ ِهير سبع ِمياهٍ‪ :‬ماء َّ ِ‬
‫الس َماء‪َ ،‬وَماءُ الْبَ ْح ِر‪َ ،‬وَماءُ‬ ‫ُ َْ ُ َ َ ُ‬ ‫َُ ُ َ‬ ‫َُ‬
‫ْج‪َ ،‬وَماءُ الْبَ َرِد(‪.)1‬‬
‫َّه ِر‪َ ،‬وَماءُ الْبِْئ ِر‪َ ،‬وَماءُ ال َْع ْي ِن‪َ ،‬وَماءُ الثَّل ِ‬
‫الن ْ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن املاء الذي جيوز به التطهري‪.‬‬


‫ومجلة ذلك أن املاء الذي جيوز به التطهري هو املاء املطلق‪.‬‬
‫ومعىن املاء املطلق‪ :‬املائع الذي يصح أن يسمى ماءً من غري إضافة‪ ،‬وضابطه‪:‬‬
‫كل ماء نزل من السماء أو نبع من األرض‪ ،‬وحكمه‪ :‬طاهر مطهر‪.‬‬
‫مثال النازل من السماء‪ :‬ماء املطر‪ ،‬فإنه يصح أن يسمى ماءً من غري أن‬
‫يضاف إىل املطر‪ ،‬وأما النابع من األرض فاملراد به‪ :‬املتواجد يف األرض‪ ،‬سواء‬
‫اجدا على سطحها‪ ،‬ومثاله‪ :‬ماء البحر‪ ،‬فإنه يصح أن يسمى ماءً من‬ ‫كان متو ً‬
‫اجدا يف جوفها‪ ،‬ومثاله‪ :‬ماء البئر‪ ،‬فإنه‬
‫غري أن يضاف إىل البحر‪ ،‬أو كان متو ً‬
‫يصح أن يسمى ماءً من غري أن يضاف إىل البئر‪.‬‬
‫فقوله‪( :‬المياه) أي أنواع املياه (التي يجوز بها التطهير) أي اليت يباح ويصح‬
‫هبا التطهري (سبع مياه) أي عددها سبع مياه‪ ،‬وكلها جيوز هبا التطهري؛ ألهنا‬
‫تدخل يف اسم املاء املطلق‪( .‬ماء السماء) أي املاء النازل من السماء‪ ،‬وهو ماء‬
‫املطر (وماء البحر وماء النهر) كالمها يُطلق على املاء الكثري جدًّا املتواجد‬
‫على سطح األرض‪ ،‬إال أن الغالب إطالق ماء البحر على املاحل وماء النهر‬
‫على العذب (وماء البئر وماء العين) كالمها يُطلق على املاء اخلارج من جوف‬
‫األرض‪ ،‬إال أن الغالب إطالق ماء البئر على اخلارج بفعل اإلنسان‪ ،‬وماء العني‬
‫اخلارج من غري فعل اإلنسان (وماء الثلج وماء البرد) أي املاء الذائب من‬
‫الثلج والربد‪ ،‬والثلج والربد كالمها يُطلق على املاء اجلامد‪ ،‬إال أن الثلج يُطلق‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪13‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اه ٌر ُمطَ ِّه ٌر غَْي ُر َم ْك ُروهٍ‪َ ،‬و ُه َو‪ :‬ال َْماءُ ال ُْمطْلَ ُق‪،‬‬ ‫ثُ َّم ال ِْمياهُ َعلَى أَرب ع ِة أَقْس ٍام‪ :‬طَ ِ‬
‫َْ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫وطَ ِ‬
‫س‪َ ،‬وطَاه ٌر غَْي ُر ُمطَ ِّه ٍر َو ُه َو‪ :‬ال َْماءُ‬ ‫ش َّم ُ‬‫اه ٌر ُمطَ ِّه ٌر َم ْك ُروهٌ‪َ ،‬و ُه َو‪ :‬ال َْماءُ ال ُْم َ‬ ‫َ‬
‫س‪َ ،‬و ُه َو‪ :‬الَّ ِذي‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ُْم ْستَ ْع َم ُل‪َ ،‬والْ ُمتَ غَيِّ ُر ب َما َخالَطَهُ م َن الطاه َرات‪َ ،‬وَماءٌ نَج ٌ‬
‫س ِمائَ ِة‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫اسةٌ‪َ ،‬و ُه َو ُدو َن الْ ُقلتَ ْي ِن أ َْو َكا َن قُلتَ ْي ِن فَ تَ غَيَّ َر‪َ .‬والْ ُقلتَان َخ ْم ُ‬
‫حلَّ ْ ِ ِ‬
‫ت فيه نَ َج َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِرط ٍْل بِالْبَ غْ َد ِاد ِّ‬
‫َص ِّح(‪.)1‬‬ ‫ي تَ ْق ِريْباً في ْاْل َ‬

‫مائعا مث جيمد على األرض‪ ،‬وماء الربد يُطلق على‬ ‫على املاء النازل من السماء ً‬
‫جامدا‪.‬‬
‫املاء النازل من السماء ً‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن املاء إذا طرأ عليه طارئ‪.‬‬
‫ومجلة ذلك أن املاء املطلق طاهر مطهر جيوز استعماله من غري كراهة‪ ،‬وإذا طرأ‬
‫عليه طارئ فإما أن يبقى على أصله وإما أن يتغري‪.‬‬
‫فقوله‪( :‬ثم المياه على أربعة أقسام) أي املاء املطلق إذا طرأ عليه طارئ فإنه‬
‫يكون أربعة أقسام‪:‬‬
‫(طاهر مطهر غير مكروه استعماله وهو الماء المطلق) أي القسم األول هو‬
‫الباقي على أصله‪ ،‬فمن حيث االسم ال يزال يسمى ماءً مطل ًقا‪ ،‬ومن حيث‬
‫مطهرا جيوز استعماله من غري كراهة‪.‬‬
‫طاهرا ً‬
‫احلكم ال يزال ً‬
‫ومعىن طاهر‪ :‬أي يف نفسه‪ ،‬ومطهر‪ :‬أي لغريه‪.‬‬
‫وهذا القسم هو األصل‪ ،‬أي أن املاء املطلق إذا طرأ عليه طارئ فإنه يبقى على‬
‫أصله‪ ،‬والذي خيرج عن أصله هي األقسام الثالثة الباقية‪.‬‬
‫(طاهر مطهر مكروه استعماله‪ ،‬وهو الماء المشمس) أي القسم الثاين من‬
‫طاهرا‬
‫حيث االسم ال يزال يسمى ماءً مطل ًقا‪ ،‬ومن حيث احلكم ال يزال ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪14‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫مطهرا‪ ،‬ولكن جيوز استعماله مع الكراهة‪ .‬واملاء املشمس معناه‪ :‬املاء املسخن‬ ‫ً‬
‫بالشمس‪ ،‬ويشرتط لكراهيته أربعة شروط‪ :‬األول‪ :‬أن يقع التشميس يف البالد‬
‫الشديدة احلرارة‪ ،‬والثاين‪ :‬أن يكون تواجد املاء أثناء التشميس يف إناء منطبع غري‬
‫اهلب والفضة؛ كالنحاس واحلديد والرصاص‪ ،‬والثالث‪ :‬أن يكون استعماله يف‬
‫حال حرارته‪ ،‬والرابع‪ :‬أن يكون حمل استعماله يف البدن‪.‬‬
‫واإلناء املنطبع هو‪ :‬الذي ميتد بالضرب باملطرقة‪ ،‬واإلناء غري املنطبع هو‪ :‬الذي‬
‫اخلز ِ‬ ‫ِ‬
‫احلَ َج ِر‪.‬‬
‫ف َو ْ‬ ‫ال ميتد بالضرب باملطرقة كإِنَاء ََْ‬
‫(وطاهر غير مطهر) أي القسم الثالث من حيث االسم ال يسمى ماءً مطل ًقا‪،‬‬
‫ومن حيث احلكم طاهر غري مطهر‪ ،‬وهذا القسم نوعان (وهو الماء المستعمل)‬
‫هذا النوع األول‪ ،‬واملراد به املاء القليل املستعمل يف طهارة واجبة‪ ،‬وحكمه ال جيوز‬
‫استعماله مرة أخرى يف الطهارة‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬رجل توضأ مباء قليل لرفع احلدث‪،‬‬
‫واحتفظ باملاء املنفصل عن أعضائه يف إناء‪ ،‬فهذا املاء يسمى مستعمالً؛ ألنه ماء‬
‫قليل مستعمل يف طهارة واجبة‪ ،‬وعليه فإذا أحدث فال جيوز له أن يتوضأ به‪.‬‬
‫(والمتغير بما خالطه من الطاهرات) هذا النوع الثاين‪ ،‬واملراد به املاء الذي يقع‬
‫تغريا مينع عنه‬
‫فيه مائع كاحلرب أو مذرور كالزعفران‪ ،‬ويتغري لونه أو رحيه أو طعمه ً‬
‫اسم املاء‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬ماء وقع فيه حرب‪ ،‬حىت غلب لون احلرب على املاء‪ ،‬فصار‬
‫حربا‪ ،‬وال يسمى ماءً‪ ،‬وعليه فال جيوز له أن يتوضأ به‪ .‬ويشري املؤلف‬ ‫املاء يسمى ً‬
‫إىل أن املاء املتغري مبا جاوره من الطاهرات ال يؤثر فيه‪ ،‬واملراد به املاء الذي يقع‬
‫فيه جامد كاخلشب أو متميز كالدهن‪.‬‬
‫(وماء نجس) أي القسم الرابع من حيث االسم ال يسمى ماءً مطل ًقا‪ ،‬ومن‬
‫حيث احلكم ماء جنس أي متنجس‪ ،‬وهذا القسم نوعان (وهو الذي حلت‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪15‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فيه نجاسة‪ ،‬وهو دون القلتين) هذا النوع األول‪ ،‬واملراد به املاء القليل الذي‬
‫وقعت فيه جناسة‪ ،‬ولو مل يتغري‪ ،‬وضابط القليل‪ :‬أنه دون القلتني‪( .‬أو كان‬
‫قلتين فتغيَّر) هذا النوع الثاين‪ ،‬واملراد به املاء الكثري الذي وقعت فيه جناسة‬
‫وتغري هبا‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والقلتان خمسمائة رطل بغدادي) القلة‪ :‬إناء من آنية العرب كاجلرة‬
‫الكبرية‪ ،‬مسيت قلة؛ ألهنا تـُ َق ُّل أي تُرفع‪ ،‬والعلماء املتقدمون قدرومها باألرطال‬
‫البغدادية‪ ،‬والعلماء املتأخرون قدرومها بالذراع‪ ،‬وهو أسهل‪ ،‬فقالوا‪ :‬ذراع وربع‬
‫وعرضا وعم ًقا‪ ،‬والذراع هو‪ :‬من أطراف األصابع إىل املرفق‪ ،‬وهي تساوي‬ ‫طوالً ً‬
‫لرتا تقريبًا)‪ ،‬والكيلو وزن‪ ،‬واللرت حجم‪.‬‬
‫(‪ 190‬كلغ تقريبًا) و(‪ً 216‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪16‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام أجزاء امليتة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب الطهارة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام أجزاء امليتة‪.‬‬
‫تعريف أجزاء امليتة‪:‬‬
‫امليتة هي‪ :‬كل حيوان مات بغري ذكاة شرعية‪.‬‬
‫والذكاة الشرعية هي‪ :‬الذبح فيما يُذبح‪ ،‬والصيد فيما يُصاد‪.‬‬
‫والكالم عما يذبح وعما يصاد حمله كتاب الصيد والذبائح‪.‬‬
‫وأجزاء امليتة‪ :‬أبعاضها‪.‬‬
‫واحليوان الذي ميوت بالذكاة الشرعية طاهر وأجزاؤه طاهرة‪ ،‬وأما امليتة فهي‬
‫جنسة وأجزاؤها جنسة‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف يف الفصل السابق عن املاء ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن‬
‫اإلناء؛ ألنه ال ميكن يف الغالب استعمال املاء للطهارة إال بعد وضعه يف اإلناء‪،‬‬
‫لكن تكلم قبل ذلك عن أجزاء امليتة؛ ألن اإلناء قد يصنع منها‪.‬‬
‫وأجزاء امليتة اليت سيتكلم عنها املؤلف ثالثة‪ :‬اجللد والعظم والشعر؛ ألهنا هي‬
‫اليت قد يصنع منها اإلناء سواء للماء أو لغريه‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪17‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِم ْن ُه َما أ َْو‬ ‫ْب وال ِ‬


‫ْخ ْن ِزي ِر َوَما تَ َولَّ َد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ود ال َْميِّتَة تَط ُْه ُر بالدِّبَ ِاغ َّإْل ج ْل َد الْ َكل ِ َ‬
‫َو ُجلُ ُ‬
‫َح ِد ِه َما(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫م ْن أ َ‬
‫اآلد ِم َّي(‪.)2‬‬
‫س إَِّْل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْم ال َْميِّتَة َو َش ْع ُرَها نَج ٌ‬ ‫َو َعظ ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن جلود امليتة اليت تطهر بالدباغ‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وجلود الميتة) أي جلود احليوان الذي مات بغري ذكاة شرعية (تطهر)‬
‫أي تصري طاهرة (بالدباغ) أي بسبب الدباغ‪.‬‬
‫طاهرا بالدباغ‪.‬‬
‫مراد املؤلف‪ :‬أن جلد امليتة جنس‪ ،‬ولكنه يصري ً‬
‫والدباغ هو‪ :‬استخراج القذر من اجللد بطريقة خمصوصة‪ ،‬والقذر هنا‪ :‬ما علق‬
‫باجللد من جناسات امليتة‪ ،‬كاللحم والدم وحنومها‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬إْل جلد الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما) أي أن‬
‫جلد الكلب واخلنزير ال يطهر بالدباغ‪.‬‬
‫مراد املؤلف أن جلد امليتة الذي يطهر بالدباغ هو جلد احليوان الطاهر حيًّا‬
‫والنجس ميتًا‪ ،‬وأما الكلب واخلنزير فهما جنسان حيني وميتني فال يطهر جلدمها‬
‫بالدباغ‪ .‬وكذلك ما تولد منهما‪ :‬أي أبوه كلب وأمه خنزيرة أو أبوه خنزير وأمه‬
‫كلبة‪ ،‬وكذلك ما تولد من أحدمها‪ :‬كأن يكون أبوه ذئبًا وأمه كلبة أو أبوه‬
‫خنز ًيرا وأمه شاة‪.‬‬
‫ويشري املؤلف هبذه املسألة إىل أنه ال جيوز استعمال اإلناء املصنوع من جلد‬
‫امليتة قبل الدباغ أو املصنوع من جلد الكلب أو اخلنزير ولو بعد الدباغ؛ لنجاسته‪.‬‬
‫إال فيما ال يتنجس به؛ كاستعماله للجامد اجلاف‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عظم امليتة وشعرها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪18‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬وعظم الميتة وشعرها نجس) أي ال ميكن تطهريمها‪.‬‬


‫يشري املؤلف هبذه املسألة إىل‪ :‬أنه ال جيوز استعمال اإلناء املصنوع من عظم‬
‫امليتة وشعرها؛ لنجاسته‪ .‬إال فيما ال يتنجس به‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬إْل اآلدمي) أي أن شعر ميتة اآلدمي ليس بنجس‪.‬‬
‫اآلدمي طاهر حيًّا وميتًا‪ ،‬وأجزاؤه طاهرة حيًّا وميتًا‪ ،‬ومن ذلك الشعر‪ ،‬وال‬
‫يصنع اإلناء وال غريه من أجزاء اآلدمي تكرميًا له‪ ،‬وإمنا نفى املؤلف جناسة شعر‬
‫اآلدمي خاصة؛ ألن القول بنجاسة شعره قول قدمي للشافعي‪ ،‬فأراد هبذا‬
‫االستثناء رد هذا القول‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪19‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام استعمال األواني‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث من كتاب الطهارة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام استعمال األواين‪.‬‬
‫تعريف األواين‪:‬‬
‫األواين‪ :‬مجع آنية‪ ،‬واآلنية‪ :‬مجع إناء‪ ،‬وهو‪ :‬الوعاء‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف يف الفصل األول عن املاء ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن‬
‫اإلناء؛ ألنه ال ميكن يف الغالب استعمال املاء للطهارة إال بعد وضعه يف اإلناء‪،‬‬
‫لكن تكلم قبل ذلك عن أجزاء امليتة؛ ألن اإلناء قد يصنع منها‪ ،‬وبعد انتهائه‬
‫من الكالم عنها تكلم عن اإلناء‪.‬‬
‫واألواين اليت سيتكلم املؤلف عن حكم استعماهلا هي األواين الطاهرة؛ ألن‬
‫حكم استعمال األواين النجسة مفهوم من الفصل السابق‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪20‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ب َوال ِْفضَّة(‪.)1‬‬ ‫ال أَ َوانِي َّ‬


‫الذ َه ِ‬ ‫استِ ْع َم ُ‬
‫وز ْ‬‫َوَْل يَ ُج ُ‬
‫ال غَْي ِرِه َما ِم َن اْلَ َوانِي(‪.)2‬‬
‫استِ ْع َم ُ‬
‫وز ْ‬‫َويَ ُج ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن اآلنية اليت ال جيوز استعماهلا‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وْل يجوز استعمال) أي يف الطهارة أو يف غريها‪.‬‬
‫(أواني الذهب والفضة) أي األواين املصنوعة من الذهب والفضة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن األواين اليت جيوز استعماهلا‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويجوز استعمال) أي يف الطهارة أو يف غريها‪.‬‬
‫(غيرهما من اْلواني) أي غري األواين املصنوعة من الذهب والفضة كالنحاس‬
‫واحلديد والزجاج واخلشب‪.‬‬
‫وخالصة هذا الفصل والفصل ال قبله أن األواين اليت ال جيوز استعماهلا اثنان‪:‬‬
‫األول‪ :‬األواين النجسة‪ ،‬والثاين‪ :‬أواين الذهب والفضة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪21‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام السواك‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع من كتاب الطهارة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام السواك‪.‬‬
‫تعريف السواك‪:‬‬
‫السواك معناه‪ :‬التسوك‪ ،‬الذي هو‪ :‬دلك األسنان‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن املاء واإلناء ناسب أن يتكلم عن صفة الطهارة باملاء؛ ألن‬
‫الطهارة باملاء استعمال للماء الذي يف اإلناء‪ .‬والطهارة من احلدث باملاء‬
‫نوعان‪ :‬غسل ووضوء‪ ،‬وبدأ بصفة الوضوء قبل صفة الغسل لتكرره أي أن فعل‬
‫اإلنسان للوضوء أكثر من فعله للغسل‪ ،‬ولكنه تكلم عن السواك قبل الوضوء؛‬
‫ألنه سنة قبل الوضوء عند املؤلف‪ ،‬وهل املعتمد يف املذهب هذا أو املعتمد أنه‬
‫سنة أثناء الوضوء ويكون بعد غسل الكفني؟ فيه خالف‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪22‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الزَو ِال لِ َّ‬


‫لصائِ ِم(‪.)1‬‬ ‫ال َّإْل بَ ْع َد َّ‬ ‫ب فِي ُك ِّل َح ٍ‬ ‫اك ُم ْستَ َح ٌّ‬ ‫الس َو ُ‬
‫َو ِّ‬
‫استِ ْحبَابًا‪ِ :‬ع ْن َد تَ غَيُّ ِر الْ َف ِم ِم ْن أَ ْزٍم َوغَْي ِرهِ‪َ ،‬و ِع ْن َد‬ ‫و ُهو فِي ثَََلثَِة مو ِ‬
‫اض َع أَ َش ُّد ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬
‫ِ(‪)2‬‬
‫الص ََلة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ال ِْقيَ ِام ِم َن الن َّْوم‪ِ ،‬ع ْن َد ال ِْقيَ ِام إلَى َّ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن وقت استحباب السواك‪.‬‬


‫قوله‪( :‬والسواك مستحب في كل حال) أي يف مجيع األوقات‪.‬‬
‫(إْل بعد الزوال للصائم) أي تستثىن حالة واحدة‪ ،‬وهي للصائم من ميل‬
‫الشمس عن وسط السماء أي من دخول وقت الظهر إىل دخول وقت املغرب‪،‬‬
‫فيكره السواك يف هذه احلالة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن وقت تأكد استحباب السواك‪.‬‬
‫أشد استحبابًا) أي يتأكد استحبابه يف ثالثة‬‫قوله‪( :‬وهو في ثَلثة مواضع ُّ‬
‫مواضع‪.‬‬
‫(عند تغير الفم) أي املوضع األول عند تغري رائحة الفم (من أَ ْزٍم) أي بسبب‬
‫أزم‪ ،‬ويف املراد باألزم قوالن‪ ،‬منهم من قال‪ :‬السكوت الطويل‪ ،‬ومنهم من قال‪:‬‬
‫ترك األكل والشرب‪( ،‬وغيره) أي وغري األزم مما هو سبب لتغري رائحة الفم‪،‬‬
‫كأكل الثوم‪.‬‬
‫خالصة املوضع األول‪ :‬عند تغري رائحة الفم ألي سبب كان‪.‬‬
‫(وعند القيام من النوم) أي املوضع الثاين عند االستيقاظ من النوم‪.‬‬
‫(وعند القيام إلى الصَلة) أي املوضع الثالث قبل الدخول يف الصالة‪ ،‬ولو‬
‫قاعدا‪.‬‬
‫كان يصلي ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪23‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل فروض الوضوء وسننه‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل اخلامس من كتاب الطهارة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬فروض الوضوء وسننه‪.‬‬
‫تعريف فروض الوضوء وسننه‪:‬‬
‫الوضوء‪ :‬مشتق من الوضاءة‪ ،‬أي النضارة واحلسن والنظافة‪.‬‬
‫وهو يف الشرع‪ :‬استعمال املاء يف أعضاء خمصوصة بنية خمصوصة‪ ،‬ومسي‬
‫نضرا حسنًا نظي ًفا‪.‬‬
‫وضوءًا؛ ألن املتوضئ يصري ً‬
‫والفروض مجع فرض‪ ،‬وهو‪ :‬الواجب‪ ،‬والسنن مجع سنة‪ ،‬وهي‪ :‬املستحب‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن املاء واإلناء ناسب أن يتكلم عن صفة الطهارة باملاء‪ ،‬وبدأ‬
‫بصفة الوضوء قبل صفة الغسل‪ ،‬ولكنه تكلم عن السواك قبل الوضوء؛ ألنه‬
‫سنة قبل الوضوء‪ ،‬وبعد انتهائه من الكالم عن السواك تكلم عن صفة الوضوء‪،‬‬
‫وصفة الوضوء حتتوي على فروض وسنن‪ ،‬وهلذا تكلم عن فروض الوضوء‬
‫وسننه‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪24‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اء‪ :‬النِّ يَّةُ ِع ْن َد غَ ْس ِل ال َْو ْج ِه‪َ ،‬وغَ ْس ُل ال َْو ْج ِه‪َ ،‬وغَ ْس ُل‬ ‫وفُروض الْو ُ ِ ِ‬
‫ضوء ستَّةُ أَ ْشيَ َ‬ ‫َ ُ ُ ُ‬
‫الر ْجلَْي ِن َم َع الْ َك ْعبَ ْي ِن‪،‬‬
‫س‪َ ،‬وغَ ْس ُل ِّ‬ ‫الرأْ ِ‬
‫ض َّ‬ ‫الْيَ َديْ ِن إلَى ال ِْم ْرفَ َق ْي ِن‪َ ،‬وَم ْس ُح بَ ْع ِ‬
‫يب َعلَى َما ذَ َك ْرنَاهُ(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫َوالت َّْرت ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد فروض الوضوء‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وفروض الوضوء ستة أشياء) أي عدد فروض الوضوء ستة أشياء‪.‬‬
‫(النية عند غسل الوجه) هذا الفرض األول‪.‬‬
‫النية هي‪ :‬قصد الشيء مقرتنًا بفعله‪ ،‬أي أن أصل النية‪ :‬قصد الشيء‪ ،‬والوقت‬
‫املعترب هلا‪ :‬أول فعل الشيء‪ ،‬فالنية للوضوء هي‪ :‬قصد الوضوء لرفع احلدث أو‬
‫لفعل شيء جيب فيه الوضوء كمس املصحف‪ ،‬ووقته‪ :‬عند غسل الوجه‪.‬‬
‫(وغسل الوجه) هذا الفرض الثاين‪.‬‬
‫الغسل‪ :‬ـ بفتح الغني وجيوز ضمها ـ سيالن املاء‪.‬‬
‫وحد الوجه طوالً‪ :‬من املوضع الذي ينبت فيه شعر الرأس عادة إىل أسفل الذقن‬
‫عرضا‪ :‬ما بني األذنني‪ ،‬واألذنان ليسا من احلد‪.‬‬
‫واللحيني‪ ،‬وحده ً‬
‫(وغسل اليدين إلى المرفقين) هذا الفرض الثالث‪.‬‬
‫حد اليدين يف الوضوء‪ :‬من األصابع إىل املرفقني‪ ،‬واملرفقان‪ :‬مثىن مرفق بكسر‬
‫امليم وفتح الفاء والعكس‪ ،‬وهو‪ :‬املفصل يف وسط اليد بني الساعد والعضد‪.‬‬
‫واملرفقان يدخالن يف حد اليدين‪ ،‬وهلذا جيب أن يدخلهما يف غسل اليدين‪.‬‬
‫(ومسح بعض الرأس) هذا الفرض الرابع‪.‬‬
‫أي مسح جزء من الرأس‪ ،‬ولو مسح شعرة‪.‬‬
‫واملراد باملسح‪ :‬وصول البلل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪25‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اء‪،‬‬ ‫َّس ِميَةُ‪َ ،‬وغَ ْس ُل الْ َك َّف ْي ِن قَ ْب َل إ ْد َخالِ ِه َما ِْ‬


‫اْلنَ َ‬ ‫اء‪ :‬الت ْ‬‫ش َرةُ أَ ْشيَ َ‬ ‫َو ُسنَ نُهُ َع َ‬
‫اه ِرِه َما‬
‫س‪ ،‬ومسح اْلُذُنَي ِن ظَ ِ‬
‫ْ‬ ‫الرأْ ِ َ َ ْ ُ‬ ‫شا ُق‪َ ،‬وَم ْس ُح َج ِمي ِع َّ‬ ‫ضةُ‪َ ،‬و ِاْل ْستِْن َ‬‫ض َم َ‬ ‫َوال َْم ْ‬
‫َصابِ ِع الْيَ َديْ ِن َو ِّ‬
‫الر ْجلَْي ِن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يد‪ ،‬وتَ ْخلِ ِّ ِ ِ‬ ‫ِِِ ِ ٍ ِ ٍ‬
‫يل أ َ‬ ‫يل الل ْحيَة الْ َكثَّة‪َ ،‬وتَ ْخل ُ‬ ‫َوبَاطنه َما ب َماء َجد َ ُ‬
‫ِ‬
‫يم الْيُ ْمنَى َعلَى الْيُ ْس َرى‪َ ،‬والطَّ َه َ‬
‫ارةُ ثَََلثًا ثَََلثًا‪َ ،‬وال ُْم َو َاْلةُ(‪.)1‬‬ ‫َوتَ ْقد ُ‬

‫ضا على الشعر‪.‬‬ ‫واملراد بالرأس‪ :‬اجلزء األعلى الذي ينبت فيه الشعر‪ ،‬ويطلق أي ً‬
‫(وغسل الرجلين إلى الكعبين) هذا الفرض اخلامس‪.‬‬
‫حد الرجل من األصابع إىل الكعبني‪.‬‬
‫والكعبان مها‪ :‬العظمان البارزان من اجلانبني عند املفصل بني القدم والساق‪.‬‬
‫والكعبان يدخالن يف حد الرجل‪ ،‬وهلذا جيب أن يدخلهما يف غسل الرجلني‪.‬‬
‫(والترتيب على ما ذكرناه) هذا الفرض السادس‪.‬‬
‫أي الرتتيب بني أعضاء الوضوء على حسب ما ذكره‪.‬‬
‫وأعضاء الوضوء عند الفقهاء أربعة‪ :‬الوجه والرأس واليدان والرجالن‪ ،‬فيجعلون‬
‫احدا‪.‬‬
‫عضوا و ً‬
‫احدا والرجلني ً‬‫عضوا و ً‬
‫اليدين ً‬
‫وصفة الرتتيب بني أعضاء الوضوء‪ :‬أن يبدأ بغسل الوجه مقرونًا بالنية‪ ،‬مث غسل‬
‫اليدين‪ ،‬مث مسح الرأس‪ ،‬مث غسل الرجلني‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد سنن الوضوء‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وسننه عشرة أشياء) أي عدد سنن الوضوء عشرة أشياء‪.‬‬
‫(التسمية) هذا السنة األوىل‪.‬‬
‫وصفة التسمية‪ :‬أن يقول‪ :‬بسم اهلل‪ ،‬واألكمل أن يقول‪ :‬بسم اهلل الرمحن‬
‫الرحيم‪ .‬وموضعها يف أول الوضوء‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪26‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(وغسل الكفين قبل إدخالهما اْلناء) هذه السنة الثانية‪.‬‬


‫وهذه السنة حتتوي على سنتني‪ :‬األوىل‪ :‬غسل الكفني‪ ،‬والثانية‪ :‬أن يكون‬
‫غسلهما قبل إدخاهلما يف اإلناء‪.‬‬
‫(والمضمضة واْلستنشاق) هذه السنة الثالثة‪.‬‬
‫وهذه السنة حتتوي على سنتني‪ :‬األوىل‪ :‬املضمضة‪ ،‬وهي‪ :‬إدخال املاء إىل الفم‪،‬‬
‫واألكمل‪ :‬حتريكه فيه‪ ،‬مث جمه أي إخراجه‪ ،‬والثانية‪ :‬االستنشاق‪ ،‬وهو‪ :‬إدخال املاء‬
‫إىل األنف‪ ،‬واألكمل‪ :‬جذب املاء بريح األنف إىل أعلى األنف مث نثره أي إخراجه‪.‬‬
‫(ومسح جميع الرأس) هذه السنة الرابعة‪.‬‬
‫أي استيعاب الرأس باملسح؛ ألن مسح بعض الرأس فرض كما تقدم‪.‬‬
‫وكيفية املسح‪ :‬أن يبدأ مبقدم رأسه وميرمها إىل قفاه مث يردمها إىل مقدمه‪ ،‬إن كان‬
‫له شعر ينقلب‪ ،‬فإن مل ينقلب لقصره أو لغري ذلك مل يردمها‪.‬‬
‫(ومسح اْلذنين ظاهرهما وباطنهما بماء جديد) هذه السنة اخلامسة‪.‬‬
‫أي مسح األذنني ظاهرمها وباطنهما سنة‪ ،‬وال بد أن يكون مسحهما مباء‬
‫جديد‪ ،‬أي ال ميسحهما باملاء الباقي من مسح الرأس‪.‬‬
‫واملراد بظاهر األذنني‪ :‬ما يلي الرأس‪ ،‬وباطنهما‪ :‬ما يلي الوجه‪.‬‬
‫وكيفية مسح األذنني ظاهرمها وباطنهما‪ :‬أن يدخل إصبعيه السباحتني داخل‬
‫أذنيه‪ ،‬وجيعل إهباميه على ظاهرمها‪ ،‬مث يدير سباحتيه يف املعاطف ومير إهباميه‬
‫على ظاهر أذنيه‪ .‬واإلصبع السباحة هي‪ :‬اليت بني اإلهبام والوسطى‪.‬‬
‫(وتخليل اللحية الكثة) هذه السنة السادسة‪.‬‬
‫واللحية ـ بكسر الالم ـ هي‪ :‬الشعر النابت على ال َذقَ ِن‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪27‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ب ما وراءها من البَ َشَرةِ‪.‬‬ ‫والكثة هي‪ :‬الكثيفة اليت ال يَرى الْ ُمخاطَ ُ‬
‫ومراد املؤلف‪ :‬أن شعر اللحية الذي يف الوجه‪ :‬إذا كان كثي ًفا جيب غسل ظاهره‬
‫ويسن ختليله‪ ،‬وختليله هو‪ :‬أن يوصل البلل إىل البَ َشَرةِ‪.‬‬
‫وكيفية ذلك‪ :‬أن يأخذ كفًّا من ماء فيدخل أصابع يديه حتت شعر اللحية‪.‬‬
‫(وتخليل أصابع اليدين والرجلين) هذه السنة السابعة‪.‬‬
‫وختليل األصابع هو‪ :‬ايصال املاء بني األصابع‪.‬‬
‫ووصول املاء بني األصابع واجب‪ ،‬ومراد املؤلف‪ :‬إِ ْن وصل املاء بني األصابع‬
‫من غري ختليل فالتخليل سنة‪.‬‬
‫وكيفية ختليل أصابع اليدين‪ :‬أن يدخل أصابع اليد اليمىن بني أصابع اليد اليسرى‪.‬‬
‫وكيفية ختليل أصابع الرجلني‪ :‬أن يدخل خنصر يده اليسرى ما بني أصابع‬
‫رجليه من باطنهما‪ ،‬مبتدئًا خبنصر رجله اليمىن‪ ،‬منتهيًا خبنصر رجله اليسرى‪.‬‬
‫(وتقديم اليمنى على اليسرى) هذه السنة الثامنة‪.‬‬
‫هذه السنة خاصة باليدين والرجلني‪.‬‬
‫أي يسن إذا وصل يف الوضوء إىل غسل يديه أن يبدأ بغسل اليمىن قبل‬
‫اليسرى‪ ،‬وإذا وصل إىل غسل رجليه أن يبدأ بغسل اليمىن قبل اليسرى‪.‬‬
‫(والطهارة ثَلثًا ثَلثًا) هذه السنة التاسعة‪.‬‬
‫أي للمغسول واملمسوح‪ ،‬فيجوز أن يغسل الوجه واليدين والرجلني مرة مرة‪،‬‬
‫وميسح الرأس مرة‪ ،‬والسنة أن يغسل وميسح ثالثًا‪.‬‬
‫(والموْلة) هذه السنة العاشرة‪.‬‬
‫يطهر العضو قبل أن جيف العضو الذي قبله‪.‬‬ ‫واملواالة معناها‪ :‬التتابع‪ ،‬وهي‪ :‬أن ِّ‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪28‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام االستنجاء وآداب قضاء احلاجة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السادس من كتاب الطهارة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام االستنجاء وآداب قضاء احلاجة‪.‬‬
‫تعريف االستنجاء‪:‬‬
‫االستنجاء هو‪ :‬إزالة النجاسة اخلارجة من القبل أو الدبر‪.‬‬
‫تعريف آداب قضاء احلاجة‪:‬‬
‫آداب قضاء احلاجة هي‪ :‬األمور املطلوبة أثناء التبول والتغوط‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن املاء واإلناء ناسب أن يتكلم عن االستنجاء وقضاء احلاجة‬
‫قبل الوضوء؛ ألن املعتاد أن االستنجاء يكون قبل الوضوء‪ ،‬ولكنه تكلم عن‬
‫الوضوء‪ ،‬وأخر الكالم عن االستنجاء إشارة إىل أن االستنجاء ليس شرطًا يف‬
‫صحة الوضوء‪ ،‬وعليه فاألوىل أن اإلنسان إذا قضى حاجته أن يستنجي مث‬
‫يتوضأ‪ ،‬ولكن لو توضأ قبل أن يستنجي فوضوؤه صحيح بشرط أن ال ميس قبله‬
‫أو دبره بيده‪ .‬وقضاء احلاجة يكون قبل االستنجاء وقدم الكالم عن االستنجاء‬
‫على الكالم عن قضاء احلاجة؛ ألن االستنجاء هو املقصود بالفصل‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪29‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َح َجا ِر ثُ َّم‬ ‫ب ِم َن الْبَ ْوِل َوالْغَائِ ِط‪َ ،‬و ْاْلَفْ َ‬


‫ض ُل أَ ْن يَ ْستَ ْن ِج َي بِ ْاْل ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َواْل ْست ْن َجاءُ َواج ٌ‬
‫َح َجا ٍر يُنَ ِّقي بِ ِه َّن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وز أَ ْن ي ْقتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َر َعلَى ال َْماء أ َْو َعلَى ثَََلثَة أ ْ‬ ‫يَ ْتبَ عُ َها بِال َْماء‪َ ،‬ويَ ُح ُ َ‬
‫ض ُل(‪.)1‬‬ ‫َح ِد ِه َما فَال َْماءُ أَفْ َ‬
‫ار َعلَى أ َ‬ ‫صَ‬
‫الْمح َّل‪ ،‬فَِإذَا أَر َ ِ ِ‬
‫اد اْلقْت َ‬‫َ‬ ‫ََ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن أحكام االستنجاء‪.‬‬


‫وذكر عن هذه املسألة أمرين‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬حكم االستنجاء من البول والغائط‪.‬‬
‫فقال‪( :‬واْلستنجاء واجب من البول والغائط) أي حكمه واجب‪.‬‬
‫نجس‪ ،‬وإمنا ذكر البول والغائط؛‬ ‫ووجوب االستنجاء يكون من كل خارج م ِّ‬
‫ألهنما الغالب خروجهما من القبل والدبر‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬صفة االستنجاء‪ ،‬وذكر صفتني‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬الصفة األفضل‪:‬‬
‫فقال‪( :‬واْلفضل أن يستنجي باْلحجار ثم يتبعها بالماء)‬
‫أي األفضل اجلمع بني االستنجاء باألحجار واالستنجاء باملاء؛ فيبدأ أوالً‬
‫باالستنجاء باألحجار‪ ،‬مث يليه االستنجاء باملاء‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬الصفة اجلائزة‪:‬‬
‫فقال‪( :‬ويجوز أن يقتصر على الماء أو على ثَلثة أحجار ينقي بهن المحل)‬
‫أي جيوز أن يكتفي باالستنجاء باملاء‪ ،‬وجيوز أن يكتفي باالستنجاء باألحجار‪.‬‬
‫لكن االكتفاء باالستنجاء باألحجار له شرطان‪ :‬أحدمها‪ :‬العدد‪ :‬ثالثة أحجار‪،‬‬
‫والثاين‪ :‬إنقاء احملل‪ ،‬وهو‪ :‬أن ال يبقى إال شيء من النجاسة الصق ال يزيله غري‬
‫املاء‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪30‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ب الْبَ ْو َل َوالْغَائِ َ‬ ‫ال ال ِْقب لَ ِة واستِ ْدبارها فِي َّ ِ‬


‫ط‬ ‫الص ْح َراء‪َ ،‬ويُ ْجتَ نَ ُ‬ ‫استِ ْقبَ َ ْ َ ْ َ َ َ‬ ‫ب ْ‬ ‫ِ‬
‫َويَ ْجتَن ُ‬
‫ب‪َ ،‬وَْل‬ ‫الش َج َرةِ ال ُْمثْ ِم َرةِ‪َ ،‬وفِي الطَّ ِر ِيق‪َ ،‬والظِّ ِّل‪َ ،‬والثُّ ْق ِ‬
‫ت َّ‬ ‫الراكِ ِد‪َ ،‬وتَ ْح َ‬ ‫فِي ال َْم ِاء َّ‬
‫س‪َ ،‬والْ َق َم َر َوَْل يَ ْستَ ْدبِ ُرُه َما(‪.)1‬‬ ‫يَتَ َكلَّ ُم َعلَى الْبَ ْوِل َوالْغَائِ ِط‪َ ،‬وَْل يَ ْستَ ْقبِ ُل َّ‬
‫الش ْم َ‬

‫وقوله‪( :‬فإذا أراد اْلقتصار على أحدهما فالماء أفضل)‬


‫أي إذا أراد االكتفاء باالستنجاء باملاء أو باالستنجاء باألحجار فاألفضل‬
‫االكتفاء باالستنجاء باملاء‪.‬‬
‫وعليه فالصفات ثالث‪ :‬األكمل‪ ،‬وهو اجلمع‪ ،‬واألوسط‪ ،‬وهو االقتصار على‬
‫املاء‪ ،‬واألدىن‪ ،‬وهو االقتصار على األحجار‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن آداب قضاء احلاجة‪.‬‬
‫وذكر عن هذه املسألة أربعة آداب‪:‬‬
‫(ويجتنب استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء) هذا األدب األول‪.‬‬
‫هذا األدب يكون عند قضاء احلاجة يف املكان غري املعد مثل الصحراء‪ ،‬وعليه‬
‫فإذا أراد أن يبول أو يتغوط يف الصحراء فيجب عليه االحنراف عن جهة القبلة‪،‬‬
‫فال جيوز أن تكون أمامه وال خلفه‪.‬‬
‫وأما إذا أراد أن يبول أو يتغوط يف البنيان يف املكان املعد لقضاء احلاجة فال‬
‫جيب عليه االحنراف عن جهة القبلة‪ ،‬وهلذا قيد االجتناب بالصحراء‪.‬‬
‫(ويجتنب البول والغائط في الماء الراكد وتحت الشجرة المثمرة وفي‬
‫الطريق والظل والثقب) هذا األدب الثاين‪.‬‬
‫ومعناه‪ :‬يستحب اجتناب البول والغائط يف مخسة مواضع‪ ،‬ويكره البول والغاط‬
‫فيها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪31‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫املوضع األول‪( :‬في الماء الراكد) أي الساكن‪ ،‬عكس املاء اجلاري‪.‬‬


‫املوضع الثاين‪( :‬وتحت الشجرة المثمرة) أي حتت الشجرة اليت تثمر‪.‬‬
‫ومل يقل اليت أمثرت حىت يشمل وقت وجود الثمرة وغريه‪.‬‬
‫املوضع الثالث‪( :‬وفي الطريق)‬
‫أي يف املكان املهيأ للمشي‪.‬‬
‫املوضع الرابع‪( :‬والظل)‬
‫أي املكان املهيأ الستظالل الناس فيه‪.‬‬
‫املوضع اخلامس‪( :‬والثقب)‬
‫أي الفتحة املستديرة النازلة يف األرض‪.‬‬
‫والنهي عن قضاء احلاجة يف كل هذه املواضع وردت فيه أحاديث‪ ،‬وعلة النهي‬
‫يف املواضع األربعة جتنب أذية غريه من بين آدم‪ ،‬وعلة النهي يف املوضع اخلامس‬
‫الذي هو الثقب جتنب أذية نفسه أو أذية غريه من احليوان؛ ألنه قد يكون يف‬
‫الثقب حيوان قوي فيؤذيه أو ضعيف فيتأذى‪.‬‬
‫(وْل يتكلم على البول والغائط) هذا األدب الثالث‪.‬‬
‫(وْل يتكلم) أي يكره أن يتكلم بذكر أو بغريه (على البول والغائط) ظاهره‬
‫حال قضاء احلاجة‪ ،‬واملعتمد مكان قضاء احلاجة‪ ،‬سواء حال قضاء احلاجة أو‬
‫قبله أو بعده‪.‬‬
‫(وْل يستقبل الشمس والقمر وْل يستدبرهما) هذا األدب الرابع‪.‬‬
‫واملعتمد يف املذهب أنه يكره استقبال الشمس والقمر عند طلوعهما عند قضاء‬
‫احلاجة‪ ،‬وال يكره استدبارمها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪32‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل نواقض الوضوء‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السابع من كتاب الطهارة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬نواقض الوضوء‪.‬‬
‫تعريف نواقض الوضوء‪:‬‬
‫النواقض‪ :‬مجع ناقض‪ ،‬مبعىن مفسد ومبطل‪.‬‬
‫وعليه فنواقض الوضوء هي‪ :‬األحداث اليت تفسد وتبطل الوضوء‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن صفة الوضوء ناسب أن يتكلم عن األحداث اليت تفسد‬
‫وتبطل الوضوء‪ ،‬إال أنه حالت مناسبة أخرى سبق ذكرها وبسببها تكلم عن‬
‫أحكام االستنجاء وآداب قضاء احلاجة‪ ،‬وأجل الكالم عن األحداث‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪33‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ج ِم َن َّ‬
‫السبِيلَْي ِن‪َ ،‬والن َّْو ُم َعلَى‬ ‫اء‪َ :‬ما َخ َر َ‬ ‫سةُ أَ ْشيَ َ‬
‫وء َخ ْم َ‬ ‫ض َ‬ ‫ض ال ُْو ُ‬ ‫ِ‬
‫َواَلَّذي يَ ْن ُق ُ‬
‫الر ُج ِل ال َْم ْرأَةَ‬
‫س َّ‬ ‫ض‪َ ،‬ولَ ْم ُ‬ ‫س ْك ٍر أ َْو َم َر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ال ال َْع ْق ِل ب ُ‬‫غَْي ِر َه ْيئَ ِة ال ُْمتَ َم ِّك ِن‪َ ،‬وَزَو ُ‬
‫س ح ْل َق ِة ُدب ِرهِ‬
‫ُ‬ ‫ف‪َ ،‬وَم ُّ َ‬ ‫س فَ ْر ِج ْاآل َد ِم ِّي بِبَطْ ِن الْ َك ِّ‬ ‫َجنَبِيَّةَ ِم ْن غَْي ِر َحائِ ٍل‪َ ،‬وَم ُّ‬ ‫ْاْل ْ‬
‫يد(‪.)1‬‬ ‫َعلَى الْج ِد ِ‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد نواقض الوضوء‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والذي ينقض الوضوء خمسة أشياء) أي عدد نواقض الوضوء مخسة أشياء‪.‬‬
‫(ما خرج من السبيلين) هذا الناقض األول‪.‬‬
‫(ما) أي شيء (خرج من السبيلين) أي من القبل أو الدبر‪.‬‬
‫ومعىن كالمه‪ :‬خروج أي شيء من القبل أو الدبر‪ ،‬كالبول والغائط والريح‪.‬‬
‫(والنوم على غير هيئة المتمكن) هذا الناقض الثاين‪.‬‬
‫جالسا الص ًقا أليتيه مبحل جلوسه‪ ،‬سواء مرت ًبعا أو‬
‫هيئة املتمكن هي‪ :‬أن يكون ً‬
‫مفرتشا أو متورًكا‪ ،‬فإذا ارتفعت إحدى أليتيه فهو غري متمكن‪.‬‬
‫ً‬
‫ناقضا يف نفسه‪ ،‬بل هو مظنة النقض‪ ،‬وذلك أن الرجل إذا نام قد‬ ‫والنوم ليس ً‬
‫يكون خرجت منه ريح‪ ،‬وهو مل يشعر به‪ .‬وعليه فمراد املؤلف من نام مضطج ًعا‬
‫جالسا على غري هيئة املتمكن فينتقض وضوؤه؛‬ ‫قائما أو ً‬
‫ساجدا أو ً‬
‫ً‬ ‫اكعا أو‬
‫أو ر ً‬
‫جالسا على هيئة املتمكن فال‬
‫ألنه قد خيرج منه ريح وهو مل يشعر‪ ،‬ومن نام ً‬
‫ينتقض وضوؤه إذا مل يعلم أنه خرج منه ريح؛ ألنه لو خرج منه ريح لشعر به‪.‬‬
‫(وزوال العقل بسكر أو مرض) هذا الناقض الثالث‪.‬‬
‫(وزوال العقل) أي ذهابه‪ ،‬سواء كليًّا كاجلنون‪ ،‬أو جزئيًّا كالسكر واإلغماء‪،‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪34‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(بسكر أو مرض) أي سواء كان بسبب سكر أو مرض‪ ،‬وهذا متثيل للزوال اجلزئي‪.‬‬
‫وزوال العقل عند الفقهاء قسمان‪ :‬األول‪ :‬زواله بالنوم‪ ،‬وقد تكلم املؤلف عنه‬
‫يف الناقض السابق‪ ،‬والثاين‪ :‬زواله بغري النوم‪ ،‬وهو مراد املؤلف هنا‪ ،‬وعلى هذا‬
‫فالفرق بني القسمني أن زوال العقل بغري النوم ناقض للوضوء باإلطالق‪ ،‬وزوال‬
‫العقل بالنوم ناقض للوضوء إال إذا كان النوم على هيئة املتمكن‪.‬‬
‫(ولمس الرجل المرأة اْلجنبية من غير حائل) هذا الناقض الرابع‪.‬‬
‫واملراد بالرجل واملرأة ذكر وأنثى بلغا حد الشهوة عرفًا‪.‬‬
‫أي إذا ملس شيء من بدن الرجل شيئًا من بدن املرأة غري احملرم بال حاجز ـ كأن‬
‫تلمس يده يدها ولو من غري قصد ـ انتقض وضوء الرجل ووضوء املرأة‪.‬‬
‫وأما إذا ملس شيئًا من بدن املرأة احملرم له كأمه أو أخته مل ينتقض وضوؤمها‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬هل الزوجة أجنبية أم حمرم؟‬
‫اجلواب‪ :‬الزوجة أجنبية؛ ألن األجنبية حيل له نكاحها‪ ،‬والزوجة حل له نكاحها‪،‬‬
‫حمرما؛ ألن احملرم حيرم نكاحها على التأبيد لنسب أو‬
‫ولذلك نكحها‪ .‬وليست ً‬
‫رضاع أو مصاهرة‪ ،‬والزوجة مل حيرم نكاحها‪ ،‬ولذلك نكحها‪.‬‬
‫(ومس فرج اآلدمي بباطن الكف‪ ،‬ومس حلقة دبره على الجديد) هذا‬
‫الناقض اخلامس‪.‬‬
‫(ومس فرج اآلدمي بباطن الكف) املراد بالفرج هنا‪ :‬القبل من ذكر أو أنثى‪،‬‬
‫وقيده باآلدمي احرت ًازا من مس فرج البهيمة‪ ،‬وباطن الكف هي‪ :‬راحة الكف‬
‫وبطون األصابع‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪35‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وعليه فمن مس قُـبُـلَه أو قُـبُ َل غريه من اآلدميني بال حائل براحة الكف أو‬
‫ببطون األصابع انتقض وضوء املاس فقط‪.‬‬
‫ويدخل يف ذلك‪ :‬األم إذا كانت متوضئة ومست قبل طفلها حني تنظيفه فإن‬
‫وضوءها ينتقض‪.‬‬
‫قوله (ومس حلقة دبره) أي كما ينتقض الوضوء مبس القبل كذلك ينتقض‬
‫مبس دائرة الدبر‪( ،‬على الجديد) أي على القول اجلديد للشافعي‪.‬‬
‫أي أن رأي الشافعي القدمي أن الذي ينقض مس القبل دون مس الدبر‪ ،‬مث تغري‬
‫رأيه فصار قوله اجلديد أن الوضوء ينتقض مبس القبل أو الدبر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪36‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل موجبات الغسل‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثامن من كتاب الطهارة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬موجبات الغسل‪.‬‬
‫تعريف موجبات الغسل‪:‬‬
‫موجب‪ ،‬وهو احلدث الذي جيعل الشيء واجبًا‪.‬‬ ‫موجبات‪ :‬مجع ِ‬
‫واملراد بالغسل‪ :‬سيالن املاء على مجيع اجلسد بنية خمصوصة‪.‬‬
‫وعليه فموجبات الغسل هي‪ :‬األحداث اليت جتعل الغسل واجبًا‪.‬‬
‫ويستفاد من الكالم عن نواقض الوضوء وموجبات الغسل أن احلدث املوجب‬
‫للطهارة قسمان‪ :‬احلدث األصغر وهو املوجب للوضوء‪ ،‬واحلدث األكرب‪ ،‬وهو‬
‫املوجب للغسل‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا انتهى املؤلف من الكالم عن الوضوء ناسب أن يتكلم عن الغسل؛ ليتم‬
‫بذلك الكالم عن الطهارة من احلدث باملاء‪ ،‬وبدأ بذكر األحداث اليت توجب‬
‫الغسل‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪37‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِّساءُ‪َ ،‬و ِه َي‪:‬‬


‫ال َوالن َ‬ ‫اء‪ :‬ثَََلثَةٌ تَ ْشتَ ِر ُك فِ َيها ِّ‬
‫الر َج ُ‬ ‫ِ‬
‫ب الْغُ ْس َل ستَّةُ أَ ْشيَ َ‬
‫ِ‬
‫َواَلذي يُوج ُ‬
‫َّ ِ‬
‫ِّساءُ‪َ ،‬و ِه َي‪:‬‬ ‫ت‪ .‬وثَََلثَةٌ تَ ْختَ ُّ ِ‬
‫ص ب َها الن َ‬
‫ْختَانَ ْي ِن‪ ،‬وإنْ ز ُ ِ‬
‫ال ال َْمن ِّي‪َ ،‬وال َْم ْو ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫الْتِ َقاء ال ِ‬
‫ُ‬
‫اس‪َ ،‬والْ ِوَْل َدةُ ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ض‪َ ،‬والنِّ َف ُ‬ ‫ْح ْي ُ‬
‫ال َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد موجبات الغسل‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والذي يوجب الغسل ستة أشياء) أي عدد موجبات الغسل ستة أشياء‪.‬‬
‫(ثَلثة تشترك فيها الرجال والنساء) أي ثالثة موجبات على الرجال والنساء‪.‬‬
‫(وهي) أي الثالثة‪.‬‬
‫(التقاء الختانين) هذا املوجب األول‪.‬‬
‫واخلتانان‪ :‬مثىن ختان‪ ،‬وهو‪ :‬موضع اخلنت من الذكر واألنثى‪ ،‬ومعىن التقاء‬
‫اخلتانني‪ :‬اجتماع موضع اخلنت من الذكر مع موضع اخلنت من األنثى‪ ،‬واملراد أنه‬
‫إذا أدخل الرجل رأس ذكره يف فرج املرأة وجب الغسل عليهما‪ ،‬ولو من غري‬
‫إنزال املين‪.‬‬
‫(وإنزال المني) هذا املوجب الثاين‪.‬‬
‫واملراد به خروج املين‪ ،‬سواء يف اليقظة أو يف املنام‪.‬‬
‫وعليه فلو أفاق من نومه ووجد منيًّا فعليه أن يغتسل‪.‬‬
‫(والموت) هذا املوجب الثالث‪.‬‬
‫اإلنسان املسلم الشهيد يف معركة القتال مع الكفار ال جيوز غسله‪ ،‬وعليه فمراد‬
‫املؤلف موت اإلنسان املسلم امليت يف غري معركة القتال مع الكفار‪.‬‬
‫(وثَلثة تختص بها النساء) أي ثالثة موجبات على النساء دون الرجال‪.‬‬
‫(وهي) أي الثالثة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪38‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(الحيض) هذا املوجب األول‪.‬‬


‫واحليض هو‪ :‬دم طبيعة خيرج مرة كل شهر غالبًا‪.‬‬
‫وخروج الدم هو موجب الغسل‪ ،‬وأما وقت الغسل فهو وقت انقطاع الدم‪.‬‬
‫(والنفاس) هذا املوجب الثاين‪.‬‬
‫والنفاس هو‪ :‬دم طبيعة خيرج بسبب الوالدة‪.‬‬
‫وخروج الدم هو موجب الغسل‪ ،‬وأما وقت الغسل فهو وقت انقطاع الدم‪.‬‬
‫(والوْلدة) هذا املوجب الثالث‪.‬‬
‫واملراد ولو خلت من خروج الدم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪39‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل فرائض الغسل وسننه‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل التاسع من كتاب الطهارة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬فرائض الغسل وسننه‪.‬‬
‫تعريف فرائض الغسل وسننه‪:‬‬
‫الفرائض مجع فريضة‪ ،‬والفريضة معناها‪ :‬الواجب‪ ،‬والسنن مجع سنة‪ ،‬والسنة‬
‫معناها‪ :‬املستحب‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا انتهى املؤلف من الكالم عن موجبات الغسل ناسب أن يتكلم عن صفة‬
‫الغسل‪ ،‬وصفة الغسل حتتوي على فرائض وسنن‪ ،‬وهلذا تكلم عن فرائض‬
‫الغسل وسننه‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪40‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ت َعلَى بَ َدنِِه‪،‬‬
‫اس ِة إ ْن َكانَ ْ‬
‫َّج َ‬ ‫َوفَ َرائِ ُ‬
‫ض الْغُ ْس ِل ثَََلثَةُ أَ ْشيَ َ‬
‫اء‪ :‬النِّ يَّةُ‪َ ،‬و َإزالَةُ الن َ‬
‫ش َرةِ(‪.)1‬‬ ‫ال ال َْم ِاء إلَى َج ِمي ِع َّ‬
‫الش ْع ِر َوالْبَ َ‬ ‫إيص ُ‬‫َو َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد فرائض الغسل‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وفرائض الغسل ثَلثة أشياء) أي عدد فرائض الغسل ثالثة أشياء‪.‬‬
‫(النية) هذه الفريضة األوىل‪.‬‬
‫النية هي‪ :‬قصد الشيء مقرتنًا بفعله‪ ،‬أي أن أصل النية‪ :‬قصد الشيء‪ ،‬والوقت‬
‫املعترب هلا‪ :‬أول فعل الشيء‪ ،‬فالنية للغسل هي‪ :‬قصد الغسل لرفع احلدث األكرب‬
‫كاجلنابة أو لفعل شيء جيب فيه الغسل كمس املصحف‪ ،‬ووقته‪ :‬أول ما يغسل‬
‫من البدن‪ .‬وهذا الفرض يتعلق بغسل احلي لنفسه‪ ،‬وأما غسل احلي للميت‬
‫فرضا‪.‬‬
‫فالنية سنة وليست ً‬
‫(وإزالة النجاسة إن كانت على بدنه) هذه الفريضة الثانية‪.‬‬
‫ومراده إذا كانت على بدنه جناسة فيجب عليه أن يبدأ بإزالة النجاسة قبل‬
‫الغسل‪ ،‬فتجب غسلتان غسلة إلزالة النجاسة وغسلة لرفع احلدث‪.‬‬
‫والنجاسة نوعان‪ :‬األول‪ :‬عينية‪ ،‬وهي اليت هلا لون أو ريح أو طعم‪ ،‬والثاين‪:‬‬
‫حكمية‪ ،‬وهي اليت ليس هلا لون وال ريح وال طعم‪ .‬واملعتمد وجوب غسلتني‬
‫إلزالة النجاسة العينية ورفع احلدث‪ ،‬واالكتفاء بغسلة واحدة إلزالة النجاسة‬
‫احلكمية ورفع احلدث‪ .‬واملشهور يف الكتب أن فروض الغسل شيئان فقط‪،‬‬
‫وعليه فإزالة النجاسة العينية شرط وليست بفرض‪.‬‬
‫(وإيصال الماء إلى جميع الشعر والبشرة) هذه الفريضة الثالثة‪.‬‬
‫مراده‪ :‬استيعاب مجيع شعره ومجيع جسده باملاء‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪41‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫س ِد‪،‬‬
‫ْج َ‬
‫ِ‬ ‫َّس ِميَةُ‪َ ،‬وال ُْو ُ‬
‫ضوءُ قَ ْب لَهُ‪َ ،‬و ْإم َر ُار الْيَد َعلَى ال َ‬ ‫سةُ أَ ْشيَ َ‬
‫اء‪ :‬الت ْ‬ ‫َو ُسنَ نُهُ َخ ْم َ‬
‫يم الْيُ ْمنَى َعلَى الْيُ ْس َرى(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫َوال ُْم َو َاْلةُ‪َ ،‬وتَ ْقد ُ‬

‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد سنن الغسل‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وسننه خمسة أشياء) أي عدد سنن الغسل مخسة أشياء‪.‬‬
‫(التسمية) هذه السنة األوىل‪.‬‬
‫وصفة التسمية‪ :‬أن يقول‪ :‬بسم اهلل‪ ،‬واألكمل أن يقول‪ :‬بسم اهلل الرمحن‬
‫الرحيم‪ .‬وموضعها أول الغسل‪.‬‬
‫(والوضوء قبله) هذه السنة الثانية‪.‬‬
‫والوضوء قبل الغسل سنة سواء كان حمدثًا حدثًا أصغر أم ال‪.‬‬
‫(وإمرار اليد على الجسد) هذه السنة الثالثة‪.‬‬
‫ويسمى هذه اإلمرار الدلك‪ ،‬وذلك عند مرور املاء على اجلسد‪.‬‬
‫(والمواْلة) هذه السنة الرابعة‪.‬‬
‫واملواالة معناها‪ :‬التتابع‪ ،‬وهي‪ :‬أن يغسل العضو قبل أن جيف العضو الذي‬
‫قبله‪.‬‬
‫(وتقديم اليمنى على اليسرى) هذه السنة اخلامسة‪.‬‬
‫وظهرا على اجلهة اليسرى‪ ،‬وذلك أنه‬
‫أي تقدمي اجلهة اليمىن من جسده بطنًا ً‬
‫بعد غسل الرأس يفيض املاء على شقه األمين مث األيسر‪.‬‬
‫وهذا يتعلق بغسل احلي لنفسه‪ ،‬وأما غسل احلي للميت فالسنة تقدمي اجلهة‬
‫اليمىن من بطنه مث اجلهة اليسرى كذلك‪ ،‬مث اجلهة اليمىن من ظهره مث اجلهة‬
‫اليسرى كذلك‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪42‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل االغتساالت املسنونة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل العاشر من كتاب الطهارة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬االغتساالت املسنونة‪.‬‬
‫تعريف االغتساالت املسنونة‪:‬‬
‫االغتساالت‪ :‬مجع اغتسال‪ ،‬وهو فعل الغسل‪.‬‬
‫املسنونة معناه‪ :‬املستحب‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا انتهى املؤلف من الكالم عن موجبات الغسل وصفة الغسل ناسب أن‬
‫يتكلم عن االغتساالت املسنونة؛ ليكتمل بذلك الكالم عن الغسل الشرعي‬
‫الشامل للغسل الواجب والغسل املستحب‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪43‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْج ُم َع ِة‪َ ،‬وال ِْعي َديْ ِن‪،‬‬


‫ش َر غُ ْس ًَل‪ :‬غُ ْس ُل ال ُ‬ ‫ت ال َْم ْسنُونَةُ َس ْب َعةَ َع َ‬
‫س َاْل ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫َواْل ْغت َ‬
‫ت‪َ ،‬وغُ ْس ُل‬ ‫وف‪ ،‬والْغُسل ِمن غُس ِل الْميِّ ِ‬ ‫وف‪ ،‬والْ ُكس ِ‬ ‫ْخس ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُْ ْ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َواْل ْست ْس َقاء‪َ ،‬وال ُ ُ‬
‫ون َوال ُْم ْغ َمى َعلَْي ِه إذَا أَفَاقَا‪َ ،‬والْغُ ْس ُل ِع ْن َد ِْ‬
‫اْل ْح َر ِام‪،‬‬ ‫َسلَم‪ ،‬والْم ْجنُ ِ‬ ‫ِ‬
‫الْ َكاف ِر إذَا أ ْ َ َ َ‬
‫ْجما ِر الث َََّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ث‪،‬‬ ‫َول ُد ُخول َم َّكةَ‪َ ،‬ولل ُْوقُوف ب َع َرفَةَ‪َ ،‬ولل َْمبيت ب ُم ْز َدل َفةَ‪َ ،‬ول َرْم ِي ال َ‬
‫اف(‪.)1‬‬ ‫ولِلطَّو ِ‬
‫َ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد االغتساالت املسنونة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬واْلغتساْلت المسنونة سبعة عشر غسَلً) أي عدد االغتساالت‬
‫املسنونة سبعة عشر غسالً‪.‬‬
‫(غسل الجمعة) هذا الغسل األول‪.‬‬
‫وإمنا قدمه املؤلف ألنه آكد األغسال‪.‬‬
‫ومعىن غسل اجلمعة‪ :‬الغسل ألجل حضور اجلمعة‪.‬‬
‫وعليه فاستحباب هذا الغسل إمنا هو على من يريد حضور اجلمعة‪.‬‬
‫(والعيدين) هذا الغسل الثاين‪.‬‬
‫أي وغسل العيدين‪ ،‬ومعناه‪ :‬الغسل بسبب عيد الفطر أو عيد األضحى‪.‬‬
‫وعليه فاستحباب هذا الغسل على كل من أدرك يوم العيد‪ ،‬سواء أراد حضور‬
‫صالة العيد أم ال‪.‬‬
‫(واْلستسقاء) هذا الغسل الثالث‪.‬‬
‫أي وغسل االستسقاء‪ ،‬ومعناه‪ :‬الغسل بسبب صالة االستسقاء‪.‬‬
‫وعليه فاستحباب هذا الغسل إمنا هو على من يريد صالة االستسقاء‪.‬‬
‫واملراد باالستسقاء‪ :‬طلب السقيا من اهلل تعاىل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪44‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(والخسوف والكسوف) هذان الغسالن الرابع واخلامس‪.‬‬


‫أي وغسل اخلسوف والكسوف‪ ،‬ومعناه‪ :‬الغسل بسبب صالة اخلسوف وصالة‬
‫الكسوف‪.‬‬
‫وعليه فاستحباب هذا الغسل إمنا هو على من يريد صالة اخلسوف وصالة الكسوف‪.‬‬
‫واملراد باخلسوف والكسوف ذهاب نور الشمس والقمر كله أو جزء منه‪،‬‬
‫واألفصح إطالق اخلسوف للقمر والكسوف للشمس‪.‬‬
‫(والغسل من غسل الميت) هذا الغسل السادس‪.‬‬
‫ومعناه‪ :‬الغسل بسبب غسل امليت‪.‬‬
‫وعليه فاستحباب هذا الغسل إمنا هو على من َغسل امليت‪.‬‬
‫املغسل هو‪ :‬من باشر غسل امليت‪.‬‬
‫و ِّ‬
‫(والكافر إذا أسلم) هذا الغسل السابع‪.‬‬
‫أي وغسل الكافر إذا أسلم‪ ،‬ومعناه‪ :‬الغسل بسبب إسالم الكافر‪.‬‬
‫واملراد أن الكافر إذا أسلم وليس عليه حدث أكرب كاجلنابة فيستحب له أن‬
‫يغتسل‪ ،‬وأما إذا أسلم وعليه حدث أكرب فيجب عليه الغسل بسبب احلدث‬
‫األكرب‪ ،‬ويستحب له الغسل بسبب اإلسالم‪.‬‬
‫(والمجنون والمغمى عليه إذا أفاقا) هذان الغسالن الثامن والتاسع‪.‬‬
‫أي وغسل اجملنون واملغمى عليه إذا أفاقا‪ ،‬ومعناه‪ :‬الغسل بسبب اإلفاقة من‬
‫اجلنون واإلغماء‪.‬‬
‫واملراد أن من أفاق من اجلنون واإلغماء ومل يتحقق منه حدث أكرب فيجب عليه‬
‫أن يتوضأ ويستحب له أن يغتسل‪ ،‬وأما إذا أفاق من اجلنون واإلغماء وقد‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪45‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫حتقق منه حدث أكرب يف حال جنونه أو إغمائه فيجب عليه الغسل بسبب‬
‫احلدث األكرب‪ ،‬ويستحب له الغسل بسبب اإلفاقة‪.‬‬
‫(والغسل عند اْلحرام ولدخول مكة وللوقوف بعرفة وللمبيت بمزدلفة‬
‫ولرمي الجمار الثَلث وللطواف) هذه األغسال الثمانية من العاشر إىل‬
‫السابع عشر‪ ،‬وتسمى أغسال احلج والعمرة‪.‬‬
‫األول‪( :‬والغسل عند اْلحرام) أي والغسل قبل اإلحرام باحلج أو بالعمرة‪.‬‬
‫الثاين‪( :‬ولدخول مكة) أي والغسل قبل دخول مكة للحج أو للعمرة‪.‬‬
‫أيضا ملن أراد‬
‫وهذا الغسل مستحب بسبب دخول مكة‪ ،‬وعليه فهو مستحب ً‬
‫دخول مكة لغري حج وال عمرة‪.‬‬
‫والذي أحرم باحلج أو بالعمرة إذا اغتسل يف وقت قريب من دخول مكة فإنه‬
‫ال يستحب له إعادة الغسل عند دخول مكة‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬لو أحرم املكي‬
‫بعمرة من حمل قريب كالتنعيم واغتسل مل يستحب له الغسل لدخول مكة‪.‬‬
‫وعليه فمراد املؤلف الغسل مستحب بسبب دخول مكة إذا مل يغتسل قريبًا‬
‫بسبب اإلحرام‪.‬‬
‫الثالث‪( :‬وللوقوف بعرفة) أي والغسل قبل الوقوف بعرفة‪.‬‬
‫والوقوف بعرفة من أعمال احلج يف اليوم التاسع من ذي احلجة‪.‬‬
‫الرابع‪( :‬وللمبيت بمزدلفة) أي الغسل قبل املبيت مبزدلفة‪.‬‬
‫واملبيت مبزدلفة من أعمال احلج يف ليلة العاشر من ذي احلجة‪.‬‬
‫واملعتمد يف املذهب عدم استحباب غسل املبيت مبزدلفة بسبب قربه من غسل‬
‫الوقوف لعرفة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪46‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ونص الشافعي على استحباب الغسل للوقوف باملشعر احلرام‪ ،‬وهو جبل‬
‫بطرف املزدلفة‪ ،‬ووقت هذا الوقوف بعد فجر يوم العاشر‪.‬‬
‫اخلامس والسادس والسابع‪( :‬ولرمي الجمار الثَلث) أي الغسل قبل رمي‬
‫اجلمار الثالث‪.‬‬
‫واجلمار الثالث هي الكربى مث الوسطى مث مجرة العقبة‪.‬‬
‫ووقت رميها‪ :‬أيام التشريق الثالثة اليت هي احلادي عشر والثاين عشر والثالث‬
‫عشر من ذي احلجة‪ ،‬ووقت الرمي يف كل يوم من زوال الشمس إىل غروهبا‪.‬‬
‫احدا قبل رمي اجلمار‬
‫وعليه فيستحب له أن يغتسل لرمي كل يوم غسالً و ً‬
‫الثالث‪.‬‬
‫وأما رمي مجرة العقبة يف يوم العاشر فال يستحب له الغسل؛ لقرب زمنه من‬
‫غسل الوقوف باملشعر احلرام‪ ،‬فرمي مجرة العقبة بعده بزمن يسري‪.‬‬
‫الثامن‪( :‬وللطواف) أي الغسل قبل الطواف بالبيت‪ ،‬سواء كان الطواف يف‬
‫احلج أو يف العمرة‪.‬‬
‫والغسل للطواف قول قدمي للشافعي‪ ،‬وأما اجلديد فعدم االستحباب‪ ،‬واالكتفاء‬
‫بالغسل لدخول مكة‪ ،‬وهذا هو املعتمد يف املذهب‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪47‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل أحكام املسح على اخلفني‬


‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل احلادي عشر من كتاب الطهارة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام املسح على اخلفني‪.‬‬
‫تعريف املسح على اخلفني‪:‬‬
‫املراد باملسح‪ :‬وصول البلل‪.‬‬
‫الرجل‪ ،‬ويكون مصنو ًعا من اجللد‪،‬‬
‫واخلفان‪ :‬مثىن خف‪ ،‬وهو‪ :‬ما يلبس على ِّ‬
‫وطوله يتجاوز الكعبني إىل قريب من منتصف الساق‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا انتهى املؤلف من الكالم عن الوضوء والغسل ناسب أن يتكلم عن املسح‬
‫على اخلفني؛ ألنه بدل عن غسل الرجلني‪.‬‬
‫وتكلم املؤلف عن املسح على اخلفني بعد الوضوء والغسل ليبني هل املسح‬
‫على اخلفني بدل عن غسل الرجلني يف الوضوء والغسل أو يف أحدمها؟‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪48‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ئ لُْبس ُهما بَ ْع َد َكم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْخ َّف ْي ِن َجائٌِز بِثَ ََلثَِة َش َرائِ َ‬
‫ال‬ ‫َ‬ ‫ط‪ :‬أَ ْن يَ ْبتَد َ َ َ‬ ‫َوال َْم ْس ُح َعلَى ال ُ‬
‫ض ِم َن الْ َق َد َم ْي ِن‪َ ،‬وأَ ْن يَ ُكونَا ِم َّما‬
‫ارةِ‪َ ،‬وأَ ْن يَ ُكونَا َساتَِريْ ِن لِ َم َح ِّل غَ ْس ِل الْ َف ْر ِ‬‫الطَّ َه َ‬
‫يُ ْم ِك ُن تَ تَابُ ُع ال َْم ْش ِي َعلَْي ِه َما(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم املسح على اخلفني‪.‬‬


‫قوله‪( :‬والمسح على الخفين جائز) أي مباح‪ ،‬وليس سنة‪.‬‬
‫(بثَلثة شرائط) أي جواز املسح مقيد هبذه الشرائط‪ .‬وحقيقتها شرطان‪:‬‬
‫الشرط األول‪( :‬أن يبتدئ لبسهما بعد كمال الطهارة) أي أن يكون قد‬
‫لبسهما بعد متام الوضوء أو الغسل‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬لو توضأ لصالة الفجر‪ ،‬مث لبس اخلفني‪ ،‬فيكون قد لبسهما بعد متام‬
‫الوضوء‪ ،‬فإذا أحدث فله أن يتوضأ وميسح على خفيه بدل أن يغسل رجليه‪.‬‬
‫الشرط الثاين‪ :‬أن يكون اخلفان صاحلني للمسح عليهما‪.‬‬
‫وهذا الشرط جعله املؤلف شرطني‪:‬‬
‫الشرط األول‪( :‬وأن يكونا ساترين لمحل غسل الفرض من القدمين)‬
‫حمل غسل الفرض من القدمني هو‪ :‬من األصابع إىل الكعبني‪ ،‬ومعىن الشرط‪:‬‬
‫أن ال يكون يف هذا احملل من اخلفني شق يظهر منه شيء من القدم‪.‬‬
‫الشرط الثاين‪( :‬وأن يكونا مما يمكن تتابع المشي عليهما)‬
‫أي أن يكونا قويني وثابتني على الرجلني عند املشي عليهما‪.‬‬
‫وإذا حتقق الشرطان فاملسح اجملزئ مسح أقل شيء من أعلى اخلف‪ ،‬وأما املسح‬
‫املستحب فهو‪ :‬أن يضع يده اليسرى حتت العقب‪ ،‬ويضع يده اليمىن مفرجيت‬
‫األصابع على أطراف أصابع رجله‪ ،‬مث مير اليسرى إىل أطراف األصابع‪ ،‬ومير‬
‫اليمىن إىل طرف الساق‪ ،‬ويكون املسح مرة واحدة‪ ،‬ويقدِّم اليمىن على اليسرى‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪49‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫سافِ ُر ثَََلثَةَ أَيَّ ٍام بِلَيَالِي ِه َّن؛ َوابْتِ َداءُ ال ُْم َّدةِ ِم ْن‬
‫يم يَ ْوًما َولَْي لَةً‪َ ،‬وال ُْم َ‬
‫ِ‬
‫س ُح ال ُْمق ُ‬ ‫َويَ ْم َ‬
‫س َح فِي‬ ‫ض ِر ثُ َّم َسافَ َر أ َْو َم َ‬ ‫ْح َ‬ ‫س َح في ال َ‬
‫ْخ َّفي ِن‪ ،‬فَِإ ْن م ِ‬
‫ََ‬ ‫س ال ُ ْ‬ ‫ث بَ ْع َد لُْب ِ‬‫ِحي ِن يُ ْح ِد ُ‬
‫يم(‪.)1‬‬‫ام أَتَ َّم َم ْس َح ُم ِق ٍ‬‫الس َف ِر ثُ َّم أَقَ َ‬
‫َّ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن مدة املسح‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ويمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثَلثة أيام بلياليهن) أي املقيم ال‬
‫يوما وليلة واملسافر ال يتجاوز ثالثة أيام بلياليهن‪.‬‬
‫يتجاوز ً‬
‫(وابتداء المدة من حين يحدث بعد لبس الخفين) أي مدة املسح تبتدئ‬
‫من وقت حصول احلدث بعد لبس اخلفني‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬لو توضأ لصالة الفجر ولبس اخلفني‪ ،‬وأحدث بعد صالة العصر؛‬
‫وتوضأ ومسح لصالة املغرب‪ ،‬فاملدة تبتدئ بعد العصر‪ ،‬فإذا كانت مدة مسحه‬
‫يوما وليلة فتنتهي بعد العصر من اليوم الثاين‪ ،‬وإذا كانت مدة مسحه ثالثة أيام‬ ‫ً‬
‫بلياليهن فتنتهي بعد العصر من اليوم الرابع‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فإن مسح في الحضر ثم سافر أو مسح في السفر ثم أقام أتم‬
‫مسح مقيم) أي إذا مجع يف املسح بني السفر واحلضر فيغلب حكم احلضر‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬لو كان يف احلضر‪ ،‬وتوضأ‪ ،‬ولبس اخلفني بعد الفجر‪ ،‬وأحدث بعد‬
‫العصر وتوضأ ومسح‪ ،‬مث سافر؛ فاملدة تبتدئ بعد العصر‪ ،‬وتنتهي بعد العصر‬
‫من اليوم الثاين‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬لو كان يف السفر‪ ،‬وتوضأ ولبس اخلفني بعد الفجر‪ ،‬وأحدث بعد العصر‬
‫مقيما؛ فاملدة تبتدئ بعد العصر‪ ،‬وتنتهي بعد‬
‫وتوضأ ومسح‪ ،‬مث وصل احلضر وصار ً‬
‫العصر من اليوم الثاين‪ ،‬فإذا وصل احلضر قبل العصر من اليوم الثاين فله أن ميسح‬
‫إىل وقت العصر‪ ،‬وإذا وصل احلضر بعد العصر من اليوم الثاين فليس له أن ميسح‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪50‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِ‬ ‫وي بطُل الْمسح بِثَ ََلثَِة أَ ْشياء‪ :‬بِ َخل ِْع ِهما‪ ،‬وانْ ِق َ ِ ِ‬
‫ضاء ال ُْم َّدة‪َ ،‬وَما يُوج ُ‬
‫ب الْغُ ْس َل(‪.)1‬‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ََْ ُ َ ْ ُ‬

‫وعليه فإمنا ميسح مسح مسافر إذا كانت املدة كلها يف السفر‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬لو كان يف احلضر‪ ،‬وتوضأ‪ ،‬ولبس اخلفني بعد الفجر‪ ،‬وأحدث بعد‬
‫الظهر‪ ،‬مث سافر‪ ،‬وبعد العصر توضأ ومسح؛ فإنه ميسح مسح مسافر؛ ألن املدة‬
‫تبتدئ باملسح ال باحلدث‪ ،‬وعليه فتنتهي بعد العصر من اليوم الرابع‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن عدد مبطالت املسح‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويبطل المسح بثَلثة أشياء) أي عدد مبطالت املسح ثالثة أشياء‪.‬‬
‫(بخلعهما) هذا املبطل األول‪.‬‬
‫أي بنزع اخلفني قبل انقضاء املدة‪ ،‬سواء كليهما أو أحدمها‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬لو توضأ لصالة الفجر‪ ،‬مث لبس اخلفني‪ ،‬فإذا أحدث فله أن يتوضأ‬
‫لصالة الظهر وميسح على خفيه بدل أن يغسل رجليه‪ ،‬لكن لو نزع خفيه قبل‬
‫الوضوء فليس له أن يلبسهما وميسح عليهما‪ ،‬بل جيب أن يغسل رجليه‪.‬‬
‫(وانقضاء المدة) هذا املبطل الثاين‪.‬‬
‫أي انتهاء مدة املسح‪.‬‬
‫يوما وليلة أو املسافر ثالثة أيام ولياليهن وأراد أن‬
‫وعلى هذا فإذا مسح املقيم ً‬
‫يتوضأ فيجب أن ينزع اخلفني ويغسل رجليه‪.‬‬
‫(وما يوجب الغسل) هذا املبطل الثالث‪.‬‬
‫واملراد به حصول احلدث األكرب‪.‬‬
‫أي إذا لبس اخلفني بعد متام الطهارة وقبل انتهاء املدة أحدث حدثًا أكرب‬
‫فيجب أن ينزع اخلفني ويغسل الرجلني مع سائر بدنه‪.‬‬
‫وعلى هذا فاملسح على اخلفني بدل عن غسل الرجلني يف الوضوء دون الغسل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪51‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام التيمم‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين عشر من كتاب الطهارة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام التيمم‪.‬‬
‫تعريف التيمم‪:‬‬
‫وشرعا‪ :‬قصد الرتاب للتطهر به‪.‬‬
‫التيمم لغة‪ :‬القصد‪ً ،‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫لَما انتهى املؤلف من الكالم عن الوضوء والغسل ناسب أن يتكلم عن التيمم؛‬
‫ألنه بدل عنهما عند تعذرمها‪.‬‬
‫وإمنا تكلم عن املسح على اخلفني قبل التيمم ملناسبة سبق ذكرها‪.‬‬
‫واملذهب أن التيمم مبيح ال رافع‪ ،‬ومعىن رافع‪ :‬أنه يرفع احلدث‪ ،‬ومعىن مبيح‪:‬‬
‫أنه يبيح فعل ما يبيحه الوضوء والغسل مع بقاء احلدث‪.‬‬
‫وبعض مسائل التيمم ختالف بعض مسائل الوضوء والغسل بناءً على أنه مبيح‬
‫ال رافع‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬أنه يصح الوضوء والغسل للصالة قبل دخول وقت الصالة؛‬
‫ألهنما يرفعان احلدث‪ ،‬وال يصح التيمم قبل دخول وقت الصالة؛ ألن التيمم‬
‫يبيح فعل الصالة للعذر‪ ،‬والعذر مل يتحقق بعد‪ ،‬ألن الصالة مل يدخل وقتها‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ست مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪52‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ول وق ِ‬
‫ْت‬ ‫س َف ٍر أ َْو َم َر ٍ‬
‫ض‪َ ،‬و ُد ُخ ُ َ‬
‫ِ‬
‫ود الْعُ ْذ ِر ب َ‬
‫اء‪ُ :‬و ُج ُ‬ ‫سةُ أَ ْشيَ َ‬ ‫َو َش َرائِ ُ‬
‫ط التَّيَ ُّم ِم َخ ْم َ‬
‫ب‪ ،‬والتُّراب الطَّ ِ‬ ‫الص ََلةِ‪ ،‬وطَلَب الْم ِاء‪ ،‬وتَع ُّذر ِ ِ ِ‬
‫اه ُر‬ ‫است ْع َماله‪َ ،‬وإ ْع َو ُازهُ بَ ْع َد الطَّلَ ِ َ َ ُ‬ ‫َّ َ ُ َ َ َ ُ ْ‬
‫ار؛ فَِإ ْن َخالَطَهُ ِج ٌّ‬
‫ص أ َْو َرْم ٌل لَ ْم يُ ْج ِز(‪.)1‬‬ ‫لَهُ غُبَ ٌ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد شرائط التيمم‪.‬‬


‫والشرائط مجع شريطة‪ ،‬وهي مبعىن الشروط‪ ،‬مجع شرط‪ ،‬وهو‪ :‬ما ال يصح‬
‫خارجا عنه‪.‬‬
‫الشيء إال به ويكون ً‬
‫قوله‪( :‬وشرائط التيمم خمسة أشياء) أي عدد شروط التيمم مخسة أشياء‪.‬‬
‫وعليه فال يصح التيمم إال بتحقق هذه الشروط‪.‬‬
‫(وجود العذر بسفر أو مرض) هذا الشرط األول‪.‬‬
‫(وجود العذر) أي وجود سبب مانع من استعمال املاء للوضوء أو للغسل‪،‬‬
‫(بسفر أو مرض) أي العذر هو سفر أو مرض‪.‬‬
‫والعذر احلقيقي أمران‪ :‬األول‪ :‬عدم وجود املاء‪ ،‬وذكر املؤلف السفر؛ ألنه هو‬
‫الغالب الذي ال يوجد فيه املاء‪ .‬والثاين‪ :‬خشية الضرر من استعمال املاء‪ ،‬وذكر‬
‫املؤلف املرض؛ ألنه هو الغالب الذي قد يرتتب عليه الضرر من استعمال املاء‪.‬‬
‫(ودخول وقت الصَلة) هذا الشرط الثاين‪.‬‬
‫أي أن يكون التيمم للصالة بعد دخول وقتها‪ ،‬ال قبل دخول وقتها‪.‬‬
‫(وطلب الماء) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫أي البحث عن املاء‪ ،‬وهذا الشرط إ ْن كان العذر عدم وجود املاء‪.‬‬
‫وعلى هذا فلو كان يف سفر‪ ،‬وليس معه ماء‪ ،‬وهو يف مكان حيتمل وجود املاء‪،‬‬
‫أماما وخل ًفا‪ ،‬ويكتفي بالنظر إذا كان املكان‬ ‫فعليه أن ينظر ميينًا ومشاالً و ً‬
‫متساويًا‪ ،‬وإن مل يكن متساويًا يذهب بالقرب منه لعله أن جيد ب ًئرا وحنوه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪53‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اء‪ :‬النِّ يَّةُ‪َ ،‬وَم ْس ُح ال َْو ْج ِه‪َ ،‬وَم ْس ُح الْيَ َديْ ِن َم َع ال ِْم ْرفَ َق ْي ِن‪،‬‬ ‫َوفَ َرائِ ُ‬
‫ضهُ أ َْربَ َعةُ أَ ْشيَ َ‬
‫يب(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫َوالت َّْرت ُ‬

‫(وتعذر استعماله وإعوازه بعد الطلب) هذا الشرط الرابع‪.‬‬


‫(وتعذر استعماله) أي مل ميكنه استعماله‪( ،‬وإعوازه) أي االحتياج إليه‪( ،‬بعد‬
‫الطلب) أي بعد البحث عنه‪.‬‬
‫وهذا الشرط متعلق بالشرط السابق‪ ،‬ومعناه‪ :‬إذا حبث عن املاء ومل ميكنه‬
‫استعماله؛ ألنه مل جيده‪ ،‬أو وجده وقدر عليه ولكنه ماء قليل احتاج إليه‬
‫للشراب مثالً؛ فيجوز له التيمم‪.‬‬
‫(والتراب الطاهر الذي له غبار فإن خالطه جص أو رمل لم يجز) هذا‬
‫الشرط اخلامس‪.‬‬
‫(والتراب الطاهر) أي غري النجس‪ ،‬وعلى هذا لو تيمم بغري تراب كاجلص أو‬
‫برتاب جنس فتيممه ال يصح‪( ،‬الذي له غبار) أي يشرتط يف الرتاب أن يكون‬
‫له غبار يعلق بالعضو‪( ،‬فإن خالطه جص أو رمل لم يجز) أي يشرتط يف‬
‫خالصا‪ ،‬ال خيتلط به غريه‪ ،‬واجلص‪ :‬نوع من جنس األرض‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الرتاب أن يكون‬
‫ولكنه ليس ترابًا‪ ،‬يُبىن به ويُطلى‪ ،‬وهو عجمي معرب‪ ،‬وتسميه العامة باجلبس‪.‬‬
‫والرمل‪ :‬نوع من الرتاب‪ ،‬ولكنه ال يكاد يكون له غبار‪ ،‬وهو املراد هنا‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد فرائض التيمم‪.‬‬
‫والفرائض هي الواجبات‪ ،‬واملراد هبا هنا األركان‪ ،‬والفرق بني األركان والشروط‪:‬‬
‫خارجا عنه‪ ،‬والركن ال يصح التيمم إال‬‫أن الشرط ال يصح التيمم إال به ويكون ً‬
‫به ويكون داخالً فيه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪54‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يم الْيُ ْمنَى َعلَى الْيُ ْس َرى‪َ ،‬وال ُْم َو َاْلةُ(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫وسنَ نُهُ ثَََلثَةُ أَ ْشياء‪ :‬الت ِ‬
‫َّسميَةُ‪َ ،‬وتَ ْقد ُ‬
‫ََ ْ‬ ‫َُ‬

‫قوله‪( :‬وفرائضه أربعة أشياء) أي عدد فرائض التيمم أربعة أشياء‪.‬‬


‫وعليه فال يصح التيمم إال بتحقق هذه الفرائض‪.‬‬
‫(النية) هذه الفريضة األوىل‪.‬‬
‫النية هي‪ :‬قصد الشيء مقرتنًا بفعله‪ ،‬أي أن أصل النية‪ :‬قصد الشيء‪ ،‬والوقت‬
‫املعترب هلا‪ :‬أول فعل الشيء‪ ،‬فالنية للتيمم هي‪ :‬قصد التيمم الستباحة الصالة أو‬
‫فعل جيب فيه الوضوء أو الغسل كمس املصحف‪ ،‬ووقته‪ :‬عند الضربة األوىل؛‬
‫ألن عدد الضربات الواجبة يف املذهب ضربتان‪ :‬ضربة للوجه‪ ،‬وضربة لليدين‪.‬‬
‫(ومسح الوجه) هذه الفريضة الثانية‪.‬‬
‫أي مسح مجيع الوجه‪.‬‬
‫(ومسح اليدين مع المرفقين) هذه الفريضة الثالثة‪.‬‬
‫أي مسح مجيع اليدين مع املرفقني‪.‬‬
‫واالستيعاب فرض يف املسح‪ ،‬فإن حصل استيعاب الوجه واليدين بالضربتني‬
‫وإال وجبت الزيادة حىت حيصل االستيعاب‪.‬‬
‫(والترتيب) هذه الفريضة الرابعة‪.‬‬
‫واملراد الرتتيب بني مسح الوجه ومسح اليدين‪ ،‬وعليه فيبدأ مبسح الوجه مث يثين‬
‫مبسح اليدين‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن عدد سنن التيمم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وسننه ثَلثة أشياء) أي عدد سنن التيمم ثالثة أشياء‪.‬‬
‫والسنن هي املستحبات‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪55‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وء‪َ ،‬وُرْؤيَةُ ال َْم ِاء فِي غَْي ِر‬


‫ض َ‬‫اء‪َ :‬ما أَبْطَ َل الْ ُو ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َواَلذي يُ ْبط ُل التَّيَ ُّم َم ثَََلثَةُ أَ ْشيَ َ‬
‫الر َّدةُ(‪.)1‬‬‫الص ََلةِ‪َ ،‬و ِّ‬
‫ْت َّ‬ ‫وق ِ‬
‫َ‬

‫(التسمية) هذه السنة األوىل‪.‬‬


‫وصفة التسمية‪ :‬أن يقول‪ :‬بسم اهلل‪ ،‬واألكمل أن يقول‪ :‬بسم اهلل الرمحن‬
‫الرحيم‪ .‬وموضعها أول التيمم الذي هو الضرب على الرتاب‪.‬‬
‫(وتقديم اليمنى على اليسرى) هذه السنة الثانية‪.‬‬
‫وهي خاصة باليدين‪ ،‬أي يسن إذا أراد مسح يديه أن يبدأ مبسح اليمىن قبل اليسرى‪.‬‬
‫(والمواْلة) هذه السنة الثالثة‪.‬‬
‫واملواالة معناها‪ :‬التتابع‪ ،‬وهي‪ :‬أن ميسح العضو الثاين عقب العضو الذي قبله‪،‬‬
‫فال يكون بينهما زمن كثري‪.‬‬
‫والصفة املستحبة للتيمم‪ :‬ينوي ويسمي ويضرب بيديه مفرقة األصابع على‬
‫الرتاب ضربة واحدة‪ ،‬مث ميسح وجهه بباطن الكفني الراحتني واألصابع‪ ،‬ويكون‬
‫ذلك بإمرارمها على الوجه كله من أعاله إىل أسفله‪ ،‬مث يضرب ضربة ثانية‪ ،‬مث‬
‫ميسح يديه إىل املرفقني‪ ،‬ويكون ذلك بوضع باطن الكف اليسرى فوق الكف‬
‫اليمىن فيمرها إىل املرفق ومن باطن املرفق إىل الكوع من غري فصل‪ ،‬مث بوضع‬
‫باطن الكف اليمىن فوق الكف اليسرى فيمرها إىل املرفق ومن باطن املرفق إىل‬
‫الكوع من غري فصل‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن عدد مبطالت التيمم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والذي يبطل التيمم ثَلثة أشياء) أي عدد مبطالت التيمم ثالثة أشياء‪.‬‬
‫(ما أبطل الوضوء) هذا املبطل األول‪.‬‬
‫أي الشيء الذي يبطل الوضوء هو نفسه يبطل التيمم‪ ،‬واملراد به احلدث‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪56‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ادةَ َعلَْي ِه إ ْن َكا َن‬ ‫احب ال ِ‬ ‫و ِ‬


‫صلِّي َوَْل َ‬
‫إع َ‬ ‫ْجبَائ ِر يَ ْم َ‬
‫س ُح َعلَْي َها َويَتَ يَ َّم ُم َويُ َ‬ ‫ص ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ض َع َها َعلَى طُ ْه ٍر(‪.)1‬‬
‫َو َ‬

‫(ورؤية الماء في غير وقت الصَلة) هذا املبطل الثاين‪.‬‬


‫واملراد به إذا كان سبب التيمم هو عدم وجود املاء‪ ،‬فإذا تيمم ورأى املاء قبل‬
‫الشروع يف الصالة بطل تيممه‪ ،‬وأما إذا رأى املاء وهو يف الصالة فال يبطل‬
‫تيممه‪ ،‬واملراد إذا كان تيممه يف موضع يغلب فيه عدم وجود املاء‪ ،‬وأما إذا‬
‫تيمم يف موضع يغلب فيه وجود املاء فإن الصالة تبطل برؤية املاء‪.‬‬
‫(والردة) هذا املبطل الثالث‪.‬‬
‫والردة هي‪ :‬الكفر بعد اإلسالم‪ .‬ومعىن كالمه‪ :‬لو تيمم املسلم‪ ،‬مث ارتد فصار‬
‫كافرا‪ ،‬فإن تيممه يبطل‪ ،‬وعليه فلو عاد إىل اإلسالم يف الوقت نفسه فعليه أن‬
‫ً‬
‫يعيد التيمم‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن صاحب اجلبائر‪.‬‬
‫واجلبائر‪ :‬مجع جبرية‪ ،‬وهي‪ :‬الشيء الذي يُربط على موضع الكسر لينجرب‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وصاحب الجبائر يمسح عليها ويتيمم) أي من ربط على موضع‬
‫الكسر جبرية‪ ،‬وموضع الكسر من مواضع الوضوء‪ ،‬وأراد أن يتوضأ‪ ،‬فعليه أن‬
‫جيمع بني الغسل واملسح والتيمم‪ ،‬كلما توضأ إىل أن يزيلها؛ فأما الغسل فيغسل‬
‫املوضع الذي ليس عليه جبرية‪ ،‬وأما املسح فيمسح على مجيع اجلبرية اليت يف‬
‫حمل الفرض‪ ،‬وأما التيمم فألن اجلبرية تتجاوز موضع الكسر من الطرفني‪ .‬وال‬
‫ترتيب بني استعمال املاء للغسل واملسح وبني التيمم‪ ،‬واألوىل تقدمي التيمم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪57‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َّوافِ ِل(‪.)1‬‬ ‫اح ٍد ما َش ِ‬


‫ِ‬ ‫يض ٍة‪ ،‬ويُ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫صلِّي بتَ يَ ُّم ٍم َو َ َ‬
‫اء م َن الن َ‬ ‫َويَتَ يَ َّم ُم ل ُك ِّل فَ ِر َ َ‬

‫وقوله‪( :‬ويصلي وْل إعادة عليه إن كان وضعها على طهر) أي صاحب‬
‫اجلبرية إذا شد اجلبرية‪ ،‬ومجع بني الغسل واملسح والتيمم‪ ،‬وصلى الفرض‪ ،‬فال‬
‫يلزمه إعادة الفرائض اليت صالها باجلبرية‪ ،‬بشرط أن يكون قد شدها وهو على‬
‫طهارة‪ ،‬وأما إذا شدها وهو على غري طهارة فعليه أن يَـْن ِز َعها ويعيد شدها‪ ،‬فإن‬
‫خاف الضرر من نزعها فيلزمه إعادة الفرائض اليت صالها باجلبرية‪ .‬وعدم‬
‫اإلعادة إن كان وضعها على طهر مقيد بقيدين‪ :‬األول‪ :‬أن ال يكون موضع‬
‫اجلبرية يف أعضاء التيمم‪ ،‬والثاين‪ :‬أن ال تتجاوز اجلبرية موضع الكسر زيادة على‬
‫احلاجة‪ ،‬وإما اذا كان موضع اجلبرية يف أعضاء التيمم أو جتاوزت اجلبرية موضع‬
‫الكسر زيادة على احلاجة فتلزمه اإلعادة ولو وضعها على طهر‪.‬‬
‫واملؤلف ذكر مسألة صاحب اجلبرية يف فصل التيمم لوجوب التيمم عليه‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن ما يستبيحه املتيمم من عدد الصلوات‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويتيمم لكل فريضة ويصلي بتيمم واحد ما شاء من النوافل) أي إذا‬
‫تيمم للفريضة فيصلي الفريضة اليت تيمم هلا وما شاء من النوافل القبلية والبعدية‪.‬‬
‫وأما إذا تيمم للنافلة فله أن يصلي ما شاء من النوافل دون الفريضة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪58‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الطهارة من النجاسة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث عشر من كتاب الطهارة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الطهارة من النجاسة‪.‬‬
‫تعريف الطهارة من النجاسة‪:‬‬
‫الطهارة من النجاسة هي‪ :‬إزالة النجاسة‪.‬‬
‫والنجاسة هي‪ :‬القذارة اليت جتب إزالتها؛ مثل البول‪ ،‬والغائط‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫لَما انتهى املؤلف من الكالم عن الطهارة من احلدث ناسب أن يتكلم عن‬
‫الطهارة من النجاسة؛ ليكتمل بذلك الكالم عن الطهارة‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ست مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪59‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫س َّإْل ال َْمنِ َّي(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫وُك ُّل َمائِ ٍع َخرج ِمن َّ ِ‬


‫السبيلَْي ِن نَج ٌ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫الصبِ ِّي الَّ ِذ ْي لَ ْم يَأْ ُك ِل‬
‫ب إَِّْل بَ ْو َل َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َوغَ ْس ُل َجم ْي ِع ْاْلَبْ َو ِال َو ْاْلَ ْرَواث َواج ٌ‬
‫ش ال َْم ِاء َعلَْي ِه(‪.)2‬‬
‫ام فَِإنَّهُ يَط ُْه ُر بَِر ِّ‬
‫الطَّ َع َ‬
‫ات َّإْل الْيَ ِسير ِم َن َّ ِ‬ ‫وَْل ي ْع َفى َعن َشي ٍء ِمن النَّجاس ِ‬
‫س‬‫الدم َوالْ َق ْي ِح‪َ ،‬وَما َْل نَ ْف َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫اْلنَ ِاء َوَم َ ِ ِ ِ‬ ‫لَهُ َسائِلَةٌ إذَا َوقَ َع فِي ِْ‬
‫ات فيه فَإنَّهُ َْل يُنَ ِّج ُ‬
‫سهُ(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم املائع اخلارج من السبيلني‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وكل مائع) أي كل سائل (خرج من السبيلين) أي من القبل كالبول أو‬
‫الدبر كالروث (نجس) أي حكمه جنس (إْل المني) أي باستثناء املين فإنه طاهر‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن كيفية الطهارة من األبوال واألرواث‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وغسل جميع اْلبوال واْلرواث واجب)‬
‫األبوال مجع بول‪ ،‬وهو السائل املعروف الذي خيرج من قبل اآلدمي أو احليوان‪،‬‬
‫واألرواث مجع روث‪ ،‬وهو‪ :‬املعروف الذي خيرج من دبر اآلدمي أو احليوان‪،‬‬
‫والغائط هو‪ :‬نفسه الروث إال أنه خمتص باإلنسان‪.‬‬
‫ومعىن كالم املؤلف‪ :‬جيب أن تكون الطهارة من األبوال واألرواث بالغسل‪.‬‬
‫(إْل بول الصبي الذي لم يأكل الطعام) أي يستثىن من وجوب الغسل بول‬
‫الصيب الذي مل يأكل الطعام‪ ،‬وهو الذكر الرضيع الذي اعتماده يف الغذاء على‬
‫اللنب‪( ،‬فإنه يطهر برش الماء عليه) أي يكفي أن تكون الطهارة منه بالرش‬
‫وال جيب الغسل‪ .‬والفرق بني الغسل والرش أن الغسل‪ :‬إسالة املاء على حمل‬
‫النجاسة‪ ،‬والرش هو‪ :‬نضح املاء على حمل النجاسة حىت يغمره‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن النجاسة اليت يُعفى عن يسريها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪60‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َح ِد ِه َما‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ْب َوالْخ ْن ِز َير َوَما تَ َولَّ َد م ْن ُه َما أ َْو م ْن أ َ‬‫ْحيَ َوا ُن ُكلُّهُ طَاه ٌر َّإْل الْ َكل َ‬
‫َوال َ‬
‫اد َو ْاآل َد ِم َّي(‪.)1‬‬
‫ْج َر َ‬
‫ك َوال َ‬ ‫سةٌ َّإْل َّ‬
‫الس َم َ‬ ‫ُّ ِ‬
‫َوال َْم ْيتَةَ ُكل َها نَج َ‬

‫ومعىن يُعفى عن يسري النجاسة‪ :‬أنه ال حتصل به النجاسة أو حتصل به النجاسة‬


‫وال جتب الطهارة منه؛ فال تلزم إزالته‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل يُعفى عن شيء من النجاسات) أي كل النجاسات حتصل هبا‬
‫النجاسة وجتب الطهارة منها فتلزم إزالتها‪( ،‬إْل) أي يستثىن من ذلك شيئان‪:‬‬
‫الشيء األول‪( :‬اليسير من الدم والقيح) أي القليل من الدم‪ ،‬يعين حتصل به‬
‫النجاسة‪ ،‬وال جتب الطهارة منه؛ فال تلزم إزالته‪ ،‬وعلى هذا لو صلى ويف ثوبه‬
‫قليل من الدم فصالته صحيحة‪.‬‬
‫وكذلك يعفى عن القليل من القيح؛ ألن أصله دم وحتول إىل ننت وفساد‪.‬‬
‫وضابط القليل العرف‪ ،‬فما تعارف الناس على أنه قليل فهو قليل‪ ،‬ولو شك‬
‫هل هو قليل أو كثري؟ فهو قليل؛ ألن األصل عدم الكثرة‪.‬‬
‫الشيء الثاين‪( :‬وما ْل نفس له سائلة) املراد بالنفس الدم‪ ،‬أي احليوان الذي ال‬
‫دم له يسيل‪ ،‬إما ليس له دم أصالً كالذباب‪ ،‬أو له دم قليل ال يسيل‬
‫كالبعوض‪( ،‬إذا وقع في اْلناء) أي إذا وقع يف املاء القليل‪( ،‬ومات فيه) أي‬
‫ومات احليوان يف املاء القليل‪( ،‬فإنه ْل ينجسه) أي احليوان يكون جن ًسا بسبب‬
‫موته‪ ،‬ولكن املاء ال يتجنس به‪ ،‬وعليه فهو جنس ولكن ال حتصل به النجاسة‪.‬‬
‫ومعىن كالم املؤلف‪ :‬أن املاء القليل إذا وقعت فيه جناسة فإنه ينجس ولو مل يتغري به‪،‬‬
‫إال إذا كان سبب جناسته موت احليوان الذي ليس له نفس سائلة فإنه ال ينجس‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن الطاهر والنجس من الكائنات احلية وامليتة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪61‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اه َّن بِالتُّر ِ‬


‫اب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫إح َد ُ‬
‫ات ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫ْب وال ِ‬
‫ْخ ْن ِزي ِر س ْبع م َّر ٍ‬
‫وغ الْ َكل ِ َ‬ ‫اْلنَاءُ ِم ْن ُولُ ِ‬
‫س ُل ِْ‬
‫َويُ ْغ َ‬
‫ث أَفْ َ‬
‫ض ُل(‪.)1‬‬ ‫وي ْغسل ِمن سائِ ِر النَّجاس ِ‬
‫ات َم َّرًة تَأْتِي َعلَْي ِه‪َ ،‬والث َََّل ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ َ ُ ْ َ‬

‫قوله‪( :‬والحيوان كله طاهر) أي الكائن احلي كله طاهر‪( ،‬إْل الكلب‬
‫والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما) أي يستثىن من ذلك الكلب‬
‫واخلنزير وما تولد منهما أو من أحدمها‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والميتة كلها نجسة) أي الكائن امليت كله جنس‪( ،‬إْل السمك‬
‫والجراد واآلدمي) أي يستثىن من ذلك اآلدمي واجلراد والسمك‪.‬‬
‫واسم السمك يقع على مجيع حيوان البحر‪.‬‬
‫وعلى هذا فالكائن احلي األصل فيه الطهارة‪ ،‬والكائن امليت األصل فيه النجاسة‪.‬‬
‫جنسا مبجرد املوت‪ ،‬ويستثىن من ذلك‬ ‫والكائن الطاهر حيًّا وجنس ميتًا يكون ً‬
‫احليوان املأكول كالشاة والغزال إذا كان موته بذكاة شرعية فإنه ال ينجس‪ ،‬بل‬
‫هو طاهر‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن اشرتاط العدد يف الطهارة من النجاسة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويغسل اْلناء) أي ينظف الوعاء بغسله‪( ،‬من ولوغ الكلب والخنزير) أي‬
‫بسبب تنجسه بولوغ الكلب واخلنزير فيه‪ ،‬والولوغ هو‪ :‬أخذ املاء بطرف اللسان‪،‬‬
‫(سبع مرات إحداهن بالتراب) أي يشرتط يف غسل اإلناء من ولوغ الكلب‬
‫واخلنزير شرطان‪ :‬الشرط األول‪ :‬العدد‪ ،‬وهو سبع غسالت‪ ،‬الشرط الثاين‪ :‬الرتاب‪،‬‬
‫مع إحدى هذه الغسالت‪ ،‬أي ميزج الرتاب مع غسلة من الغسالت السبع‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويغسل) أي وينظف الوعاء بغسله‪( ،‬من سائر النجاسات) أي من‬
‫باقي النجاسات يعين بسبب تنجسه بأي جناسة أخرى غري جناسة الكلب‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪62‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ت بِطَْر ِح َش ْي ٍء فِ َيها لَ ْم‬ ‫ْخ ْم َرةُ بِنَ ْف ِس َها طَ ُه َر ْ‬


‫ت‪َ ،‬وإِ ْن تَ َخلَّلَ ْ‬ ‫وإِ َذا تَ َخلَّلَ ِ‬
‫ت ال َ‬ ‫َ‬
‫تَط ُْه ْر ‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬

‫واخلنزير‪( ،‬مرة) أي غسلة واحدة‪( ،‬تأتي عليه) أي تعم حمل النجاسة وتزيلها‪،‬‬
‫(والثَلثة أفضل) أي الغسالت الثالث أفضل من االكتفاء بغسلة واحدة‪.‬‬
‫معىن كالم املؤلف‪ :‬أن العدد يف غسل النجاسة شرط يف الطهارة من جناسة‬
‫الكلب واخلنزير‪ ،‬ويكفي يف طهارة النجاسات األخرى غسلة واحدة‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عما يطهر باالستحالة أي باالنقالب‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وإذا تخللت الخمرة) أي إذا انقلبت إىل خل‪( ،‬بنفسها) أي من غري‬
‫تدخل اإلنسان‪( ،‬طهرت) أي صارت طاهرة‪( ،‬وإن خللت) أي وإن قلبت‬
‫إىل خل‪( ،‬بطرح شيء فيها) أي بتدخل اإلنسان‪ ،‬وذلك بإلقاء شيء فيها‬
‫كالبصل لتذهب مخرهتا وتنقلب خالً‪( ،‬لم تطهر) أي ال تصري طاهرة‪.‬‬
‫معىن كالم املؤلف‪ :‬اخلمرة جنسة‪ ،‬فإذا حتولت إىل خل بنفسها فإهنا تكون‬
‫طاهرة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪63‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام احليض والنفاس واالستحاضة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع عشر من كتاب الطهارة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام احليض والنفاس واالستحاضة‪.‬‬
‫تعريف احليض والنفاس واالستحاضة‪:‬‬
‫ذكر املؤلف يف أول هذا الفصل تعريف احليض والنفاس واالستحاضة‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا انتهى املؤلف من الكالم عن أحكام الطهارة من النجاسة ناسب أن يتكلم‬
‫عن أحكام احليض والنفاس واالستحاضة؛ ألن هلا ارتباطًا بأحكام الطهارة من‬
‫النجاسة‪ ،‬وناسب أن يذكر املؤلف هذا الفصل يف آخر كتاب الطهارة؛ ألن‬
‫الفصول املتقدمة عامة للرجال والنساء‪ ،‬وهذا الفصل خاص للنساء‪ ،‬فأخره‬
‫خلصوصه‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن تسع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪64‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اس و ِاْلستِح َ ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫وي ْخر ِ‬


‫ض‬
‫ْح ْي ُ‬‫اضة؛ فَال َ‬ ‫ض َوالنِّ َف ِ َ ْ َ‬ ‫ْح ْي ِ‬
‫ج م َن الْ َف ْر ِج ثَََلثَةُ د َماء‪َ :‬د ُم ال َ‬‫ََ ُ ُ‬
‫ب الْ ِوَْل َدةِ‪،‬‬‫الص َّح ِة ِم ْن غَْي ِر َسبَ ِ‬
‫يل ِّ‬ ‫ِج ِم ْن فَ ْر ِج ال َْم ْرأَةِ َعلَى َسبِ ِ‬
‫ْخار ُ‬ ‫ُه َو‪َّ :‬‬
‫الد ُم ال َ‬
‫ِج فِي‬ ‫ْخار ُ‬ ‫اضةُ ُه َو‪َّ :‬‬
‫الد ُم ال َ‬ ‫ب الْ ِوَْل َدةِ‪َ ،‬و ِاْل ْستِ َح َ‬ ‫ْخار ِ‬
‫ِج َعق َ‬‫الد ُم ال َ ُ‬ ‫اس ُه َو‪َّ :‬‬ ‫َوالنِّ َف ُ‬
‫اس(‪.)1‬‬‫ض َوالنِّ َف ِ‬ ‫غَْي ِر أَيَّ ِام ال َ‬
‫ْح ْي ِ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن أنواع الدماء اليت خترج من فرج املرأة‪ ،‬وتعريف كل نوع‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويخرج من الفرج ثَلثة دماء دم الحيض والنفاس واْلستحاضة) أي‬
‫أنواع الدماء اليت خترج من فرج املرأة هذه الثالثة‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬فالحيض هو‪ :‬الدم الخارج من فرج المرأة على سبيل الصحة من‬
‫غير سبب الوْلدة) هذا تعريف احليض‪.‬‬
‫شرعا‪ :‬دم‬
‫احليض لغة‪ :‬السيالن‪ ،‬ومنه قوهلم‪" :‬حاض الوادي" أي سال‪ ،‬و ً‬
‫حيضا ألنه يسيل‪ .‬وقال‪:‬‬ ‫ومسي ً‬ ‫طبيعة خيرج من فرج املرأة مرة كل شهر غالبًا‪ُ ،‬‬
‫(على سبيل الصحة) للتفريق بينه وبني االستحاضة؛ ألن االستحاضة دم خيرج‬
‫على سبيل املرض‪ ،‬وقال‪( :‬من غير سبب الوْلدة) للتفريق بينه وبني النفاس؛‬
‫ألن النفاس دم خيرج بسبب الوالدة‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬والنفاس هو‪ :‬الدم الخارج عقب الوْلدة) هذا تعريف النفاس‪.‬‬
‫وشرعا هو‪ :‬دم طبيعة خيرج من فرج املرأة بسبب الوالدة‪،‬‬ ‫والنفاس لغة‪ :‬الوالدة‪ً ،‬‬
‫نفاسا؛ ألنه خيرج بسبب الوالدة‪ .‬والدم قد خيرج قبل الوالدة وأثناء الوالدة‬
‫ومسي ً‬
‫وبعد الوالدة‪ ،‬واملذهب أن دم النفاس هو الذي خيرج بعد الوالدة‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬واْلستحاضة هو‪ :‬الدم الخارج في غير أيام الحيض والنفاس) هذا‬
‫تعريف االستحاضة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪65‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ش َر يَ ْوًما‪َ ،‬وغَالِبُهُ ِس ٌّ‬


‫ت أ َْو‬ ‫سةَ َع َ‬ ‫ض‪ :‬يَ ْوٌم َولَْي لَةٌ‪َ ،‬وأَ ْكثَ ُرهُ‪َ :‬خ ْم َ‬ ‫ْح ْي ِ‬
‫َوأَقَ ُّل ال َ‬
‫َس ْب ٌع(‪.)1‬‬
‫اس‪ :‬لَ ْحظَةٌ‪َ ،‬وأَ ْكثَ ُرهُ‪ِ :‬ستُّو َن يَ ْوًما‪َ ،‬وغَالِبُهُ‪ :‬أ َْربَعُو َن يَ ْوًما(‪.)2‬‬
‫َوأَقَ ُّل النِّ َف ِ‬

‫واالستحاضة هي‪ :‬دم خيرج من فرج املرأة بسبب مرض‪ ،‬وضابطه‪ :‬أنه خيرج يف‬
‫غري أيام احليض والنفاس‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن مدة احليض‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وأقل الحيض يوم وليلة) أي أقل مدة احليض وجوده يف هنار وليل أو‬
‫ليل وهنار‪ ،‬حبيث لو وضعت قطنة يف الليل والنهار لتلوثت بالدم‪.‬‬
‫وعلى هذا لو وجد دم يف النهار دون الليل أو يف الليل دون النهار فال يُعد‬
‫حيضا‪.‬‬
‫ً‬
‫يوما) أي أكثر مدة احليض مخسة عشر ي ً‬
‫وما‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬وأكثره خمسة عشر ً‬
‫يوما‬
‫يوما؛ فإن الزائد على مخسة عشر ً‬ ‫وعلى هذا لو خرج أكثر من مخسة عشر ً‬
‫حيضا‪.‬‬
‫ال يعد ً‬
‫قوله‪( :‬وغالبه ست أو سبع) أي الغالب يف احليض أن تكون مدته ست أو‬
‫سبع ليال مع أيامها‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن مدة النفاس‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وأقل النفاس لحظه) أي أقل مدة النفاس حلظة‪.‬‬
‫ومعىن حلظة‪ :‬أي زمن يسري‪.‬‬
‫وعليه فلو خرج دفعة من الدم بعد الوالدة فهو نفاس‪.‬‬
‫يوما) أي أكثر مدة النفاس ستون ً‬
‫يوما‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬وأكثره ستون ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪66‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ش َر يَ ْوًما‪َ ،‬وَْل َح َّد ِْلَ ْكثَ ِرهِ(‪.)1‬‬ ‫ضتَ ْي ِن‪َ :‬خ ْم َ‬


‫سةَ َع َ‬ ‫َوأَقَ ُّل الطُّ ْه ِر بَ ْي َن ال َ‬
‫ْح ْي َ‬

‫وما ال‬
‫يوما؛ فإن الزائد على الستني ي ً‬
‫وعلى هذا لو خرج الدم أكثر من ستني ً‬
‫نفاسا‪.‬‬
‫يعد ً‬
‫يوما) أي الغالب يف النفاس أن تكون مدته أربعني ً‬
‫يوما‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬وغالبه أربعون ً‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن مدة الطهر بني احليضتني‪.‬‬
‫والطهر هو‪ :‬عدم احليض والنفاس‪ ،‬وله عالمتان‪ :‬اجلفوف والقصة البيضاء‪،‬‬
‫واجلفوف هو‪ :‬أن تدخل احلائض اخلرقة يف فرجها فتخرجها جافة من لون الدم‪،‬‬
‫والقصة البيضاء‪ :‬ماء أبيض خيرج من فرج املرأة يأيت يف آخر احليض‪ ،‬والطهر‬
‫يتحقق برؤيتها إحدى العالمتني‪.‬‬
‫وعليه فإذا غلب على ظنها أن الدم انقطع؛ فإن رأت القصة البيضاء فقد حتقق‬
‫طهرها‪ ،‬وإن أدخلت اخلرقة يف فرجها فلم تر شيئًا من لون الدم فقد حتقق‬
‫طهرها‪.‬‬
‫يوما) أي أقل مدة الطهر بني‬‫قوله‪( :‬وأقل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر ً‬
‫يوما‪.‬‬
‫احليضتني مخسة عشر ً‬
‫وعليه فيمكن أن حتيض املرأة حيضتني يف شهر واحد‪ ،‬وذلك أنه قد جيتمع أقل‬
‫يوما وليلة‪ ،‬مث تطهر مخسة عشر يوًما‪ ،‬مث حتيض‬
‫احليض وأقل الطهر‪ ،‬أي حتيض ً‬
‫يوما وليلة‪.‬‬
‫ً‬
‫والغالب يف أقل الطهر بقية الشهر‪ ،‬وعليه فإذا كان احليض ستة أو سبعة أيام‬
‫يوما‬
‫يوما‪ ،‬وإذا كان احليض ً‬ ‫يوما أو أربعة وعشرون ً‬‫فأقل الطهر ثالثة وعشرون ً‬
‫يوما‪.‬‬
‫وليلة فأقل الطهر تسعة وعشرون ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪67‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِ ِِ‬ ‫وأَقَ ُّل َزم ٍن تَ ِح ِ ِ‬


‫يض فيه ال َْم ْرأَةُ ت ْس ُع سن َ‬
‫ين(‪.)1‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ين‪َ ،‬وغَالِبُهُ تِ ْس َعةُ أَ ْش ُهر ‪.‬‬
‫ٍ (‪) 2‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ْح ْم ِل‪ :‬ستَّةُ أَ ْش ُه ٍر‪َ ،‬وأَ ْكثَ ُرهُ‪ :‬أ َْربَ ُع سن َ‬ ‫َوأَقَ ُّل ال َ‬
‫الصوم‪ ،‬وقِراءةُ الْ ُقر ِ‬ ‫ض والنِّ َف ِ ِ‬
‫آن‪،‬‬ ‫الص ََلةُ‪َ ،‬و َّ ْ ُ َ َ َ ْ‬ ‫اء‪َّ :‬‬ ‫اس ثَ َمانيَةُ أَ ْشيَ َ‬ ‫ْح ْي ِ َ‬ ‫َويَ ْح ُرُم بِال َ‬
‫اف‪َ ،‬وال َْوطْءُ‪َ ،‬و ِاْل ْستِ ْمتَ ُ‬
‫اع‬ ‫ول ال َْم ْس ِج ِد‪َ ،‬والطََّو ُ‬ ‫ف َو َح ْملُهُ‪َ ،‬و ُد ُخ ُ‬ ‫صح ِ‬
‫س ال ُْم ْ َ‬ ‫َوَم ُّ‬
‫الس َّرةِ َو ُّ‬
‫الرْكبَ ِة(‪.)3‬‬ ‫بِ َما بَ ْي َن ُّ‬

‫حد ْلكثره) أي ال حتديد ألكثر مدة الطهر‪.‬‬ ‫وقوله‪( :‬وْل َّ‬


‫شهرا وسنة وأكثر من ذلك‪.‬‬
‫وعليه فإن املرأة قد ال يأتيها احليض ً‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن السن الذي حتيض فيه املرأة‪.‬‬
‫(وأقل زمن تحيض فيه المرأة تسع سنين) أي أقل سن حتيض فيه املرأة‬ ‫ُّ‬ ‫قوله‪:‬‬
‫تسع سنني‪.‬‬
‫حيضا‪.‬‬
‫وعلى هذا فاألنثى إذا مل تبلغ تسع سنني‪ ،‬وخرج منها دم‪ ،‬فإنه ال يعد ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن مدة احلمل‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وأقل الحمل ستة أشهر) أي أقل مدة احلمل ستة أشهر‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وأكثره أربع سنين) أي أكثر مدة احلمل أربع سنني‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وغالبه تسعة أشهر) أي الغالب يف احلمل أن تكون مدته تسعة أشهر‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة السابعة‪ ،‬وهي عن ما حيرم باحليض والنفاس‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويحرم بالحيض والنفاس ثمانية أشياء) الباء سببية‪ :‬أي حيرم بسبب‬
‫احليض وبسبب النفاس مثانية أشياء‪.‬‬
‫(الصَلة والصوم) هذان األول والثاين‪.‬‬
‫أي حيرم عليها أن تصلي أو تصوم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪68‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(وقراءة القرآن) هذا الثالث‪.‬‬


‫أي حيرم عليها التلفظ بالقرآن بصوت‪.‬‬
‫(ومس المصحف وحمله) هذا الرابع‪.‬‬
‫مس املصحف هو ملسه‪ .‬ومحل املصحف يدخل يف ملسه‪.‬‬
‫(ودخول المسجد) هذا اخلامس‪.‬‬
‫أي سواء للمكث فيه أو جملرد العبور‪.‬‬
‫لكن إذا أرادت الدخول جملرد العبور أي تدخل من باب وخترج من باب آخر‬
‫كأن يكون أقرب للوصول مع ضمان عدم تلويث املسجد فجائز‪.‬‬
‫(والطواف) هذا السادس‪.‬‬
‫واملراد الطواف بالكعبة‪.‬‬
‫(والوطء) هذا السابع‪.‬‬
‫أي اجلماع يف الفرج‪.‬‬
‫(واْلستمتاع بما بين السرة والركبة) هذا الثامن‪.‬‬
‫(واْلستمتاع) أي مباشرة اجلسد (بما بين السرة والركبة) أي هبذا اجلزء من املرأة‪.‬‬
‫وعليه فال جيوز للمرأة أن تكشف ما بني السرة والركبة ويباشرها الرجل جبسده‬
‫كأن حيتضنها‪ ،‬وجيوز أن تكشف باقي جسدها ويباشرها جبسده‪.‬‬
‫وذكر املؤلف ما حيرم باحليض والنفاس ومل يذكر ما حيرم باالستحاضة؛ ألن‬
‫املستحاضة حكمها حكم الطاهر؛ فال َْحي ُرم عليها ما َْحي ُرم على احلائض‬
‫والنفساء‪ ،‬لكن جيب عليها أن تغسل فرجها قبل الوضوء وتعصبه وتتوضأ لكل‬
‫فرض بعد دخول وقت الصالة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪69‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اف‪ ،‬وقِراءةُ الْ ُقر ِ‬


‫آن‪،‬‬ ‫الص ََلةُ‪َ ،‬والطََّو ُ َ َ َ ْ‬
‫اء‪َّ :‬‬ ‫سةُ أَ ْشيَ َ‬
‫ب َخ ْم َ‬ ‫ْجنُ ِ‬‫َويَ ْح ُرُم َعلَى ال ُ‬
‫ث فِي ال َْم ْس ِج ِد(‪.)1‬‬ ‫ص َح ِ‬
‫ف َو َح ْملُهُ‪َ ،‬واللُّْب ُ‬ ‫س ال ُْم ْ‬‫َوَم ُّ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثامنة‪ ،‬وهي عن ما حيرم على اجلنب‪.‬‬


‫فلما انتهى من ذكر ما حيرم على احلائض ناسب أن يذكر ما حيرم على اجلنب؛‬
‫ألن احليض واجلنب كالمها حدث يوجب الغسل‪.‬‬
‫واجلنب يطلق على الذي فيه جنابة سواء كان رجالً أو امرأة‪ ،‬واجلنابة حدث‬
‫يشمل نزول املين واجلماع من غري إنزال‪ ،‬ومسي جنبًا؛ ألنه بسبب هذا احلدث‬
‫يتجنب أشياء‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويحرم على الجنب خمسة أشياء) أي من األشياء الثمانية اليت حترم‬
‫على احلائض‪.‬‬
‫(الصَلة) هذا األول‪.‬‬
‫أي حيرم عليه الصالة دون الصوم‪.‬‬
‫وعليه فلو دخل عليه الفجر وهو جنب أو احتلم يف النهار فصومه صحيح‪.‬‬
‫(وقراءة القرآن‪ ،‬ومس المصحف وحمله‪ ،‬والطواف) هذه الثاين والثالث‬
‫والرابع بنفس الشرح الذي سبق‪.‬‬
‫(واللبث في المسجد) هذا اخلامس‪.‬‬
‫أي املكث يف املسجد‪ ،‬ولو قليالً‪ .‬ومل يقل‪ :‬والدخول يف املسجد؛ ألن العبور‬
‫يف املسجد جائز باإلطالق لوجود الضمان من تلويثه حيث إن املين طاهر‪.‬‬
‫وعليه فالذي ال حيرم على اجلنب من األشياء الثمانية الصوم واجلماع يف الفرج‬
‫ومباشرة ما بني السرة والركبة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪70‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ص َح ِ‬ ‫الص ََلةُ َوالطََّو ُ‬ ‫ِِ‬


‫ف‬ ‫س ال ُْم ْ‬
‫اف َوَم ُّ‬ ‫َويَ ْح ُرُم َعلَى ال ُْم ْحدث ثَََلثَةُ أَ ْشيَ َ‬
‫اء‪َّ :‬‬
‫َو َح ْملُهُ(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة التاسعة‪ ،‬وهي عن ما حيرم على احملدث حدثًا أصغر‪.‬‬
‫فلما انتهى من ذكر ما حيرم على احلائض واجلنب ناسب أن يذكر ما حيرم على‬
‫احملدث حدثًا أصغر‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويحرم على المحدث ثَلثة أشياء) أي من األشياء اخلمسة اليت حترم‬
‫على اجلنب‪.‬‬
‫(الصَلة والطواف ومس المصحف وحمله) أي بنفس الشرح الذي سبق‪.‬‬
‫وعليه فالذي ال حيرم على احملدث من األشياء اخلمسة قراءة القرآن والدخول يف‬
‫املسجد واللبث فيه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪71‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫كتاب الصَلة‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب الثاين من قسم العبادات‪.‬‬


‫تعريف الصالة‪:‬‬
‫وشرعا‪ :‬أقوال وأفعال خمصوصة‪ ،‬مفتتحة بالتكبري‪ ،‬وخمتتمة‬
‫الصالة لغة‪ :‬الدعاء‪ً ،‬‬
‫بالتسليم‪ ،‬ومسيت بالصالة الشتماهلا على الدعاء‪.‬‬
‫أقسام الصالة باعتبار حكمها‪:‬‬
‫الصالة باعتبار حكمها على ثالثة أقسام‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬فرض عني‪ ،‬وهي الصلوات اخلمس واجلمعة‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬فرض كفاية‪ ،‬وهي‪ :‬صالة اجلنازة‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬التطوع‪ ،‬أي االستحباب‪ ،‬وهي‪ :‬سائر الصلوات‪.‬‬
‫عدد فصول كتاب الصالة‪:‬‬
‫احدا وعشرين فصالً‪.‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن و ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪72‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪) 1‬‬
‫فصل الصَلة املفروضة ومواقيتها‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬الصالة املفروضة ومواقيتها‪.‬‬
‫تعريف الصالة املفروضة ومواقيتها‪:‬‬
‫الصالة املفروضة هي‪ :‬الصالة الواجبة‪ ،‬واملراد هبا‪ :‬الصلوات اخلمس‪.‬‬
‫واملراد مبواقيتها‪ :‬األزمنة اليت تُؤدى فيها الصلوات اخلمس‪.‬‬
‫مناسبة االبتداء هبذا الفصل‪:‬‬
‫ناسب أن يبتدئ املؤلف كتاب الصالة بالصلوات اخلمس؛ ألهنا أوجب من‬
‫غريها‪ ،‬وناسب أن يبتدئ مبواقيتها؛ ألن دخول وقت الصالة هو سبب وجوهبا‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪73‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫س‪ ،‬و ِ‬ ‫س‪ :‬الظُّ ْه ُر‪َ :‬وأ ََّو ُل َوقْتِ َها َزَو ُ‬
‫آخ ُرهُ إ َذا‬ ‫الش ْم ِ َ‬ ‫ال َّ‬ ‫ضةُ َخ ْم ٌ‬ ‫الص ََلةُ ال َْم ْف ُرْو َ‬
‫َّ‬
‫ادةُ َعلَى‬ ‫ص ُر‪َ :‬وأ ََّو ُل َوقْتِ َها ِّ‬
‫الزيَ َ‬ ‫الزَو ِال‪َ .‬وال َْع ْ‬ ‫ار ِظ ُّل ُك ِّل َش ْي ٍء ِمثْ لَهُ بَ ْع َد ِظ ِّل َّ‬ ‫صَ‬ ‫َ‬
‫ْج َوا ِز إلَى غُر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وب‬ ‫ُ‬ ‫ظ ِّل الْمثْ ِل‪َ ،‬وآخ ُرهُ في اْل ْختيَا ِر إلَى ظ ِّل الْمثْ لَْي ِن‪َ ،‬وفي ال َ‬
‫س‪َ ،‬وبِ ِم ْق َدا ِر َما يُ َؤذِّ ُن‬ ‫الش ْم ِ‬ ‫اح ٌد‪َ ،‬و ُه َو غُر ِ‬ ‫س‪ .‬والْمغْ ِرب‪ :‬ووقْت ها و ِ‬
‫وب َّ‬ ‫ُ‬ ‫الش ْم ِ َ َ ُ َ َ ُ َ َ‬ ‫َّ‬
‫ات‪َ .‬وال ِْع َ‬
‫شاءُ‪َ :‬وأ ََّو ُل‬ ‫الص ََلةَ ويصلِّي َخمس رَكع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َويَتَ َو َّ‬
‫يم َّ َ ُ َ ْ ْ َ َ َ‬ ‫ضأَ َويَ ْستُ ُر ال َْع ْوَرةَ َويُق ُ‬
‫ث اللَّْي ِل‪َ ،‬وفِي‬ ‫آخرهُ فِي ِاْل ْختِيا ِر إلَى ثُلُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َح َم ُر‪َ ،‬و ُ‬ ‫الش َف ُق ْاْل ْ‬ ‫َوقْت َها إذَا غَ َ‬
‫الص ْب ُح‪َ :‬وأ ََّو ُل َوقْتِ َها طُلُوعُ الْ َف ْج ِر الثَّانِي‪،‬‬ ‫وع الْ َف ْج ِر الثَّانِ ْي‪َ .‬و ُّ‬ ‫ْج َوا ِز إلَى طُلُ ِ‬ ‫ال َ‬
‫ْج َوا ِز إلَى طُلُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخ ُرهُ فِي ِاْل ْختِيَا ِر إلَى ِْ‬ ‫وِ‬
‫س(‪.)1‬‬ ‫الش ْم ِ‬ ‫وع َّ‬ ‫اْل ْس َفا ِر‪َ ،‬وفي ال َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد الصالة املفروضة ومواقيتها‪.‬‬
‫قوله‪( :‬الصَلة المفروضة خمس) أي الصالة الواجبة يف اليوم والليلة عددها‬
‫مخس صلوات‪.‬‬
‫قوله‪( :‬الظهر) أي الصالة األوىل تُسمى الظهر‪ ،‬وعدد ركعاهتا أربع‪.‬‬
‫وأكثر العلماء يبدؤون بصالة الظهر؛ ألن النيب صلى اهلل عليه وسلم بدأ هبا‬
‫قوالً وفعالً‪ ،‬وجه ذلك‪ :‬أن النيب صلى اهلل عليه وسلم ذكر مواقيت الصالة وبدأ‬
‫بالظهر‪ ،‬وحني فرضت الصالة صلى جربيل عليه السالم بالنيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم الصلوات اخلمس وبدأ بالظهر‪.‬‬
‫(وأول وقتها) أي أول وقت الظهر‪( ،‬زوال الشمس) أي ميلها عن وسط السماء‬
‫إىل جهة الغروب‪( ،‬وآخره) أي آخر وقت الظهر‪( ،‬إذا صار ظل كل شيء مثله‬
‫تبعا لسري الشمس‪ ،‬فإذا صار‬ ‫بعد ظل الزوال) أي بعد الزوال ميتد ظل كل شيء ً‬
‫ظل كل شيء مثله يف الطول ـ زيادة على ظل الزوال ـ فهو آخر وقت الظهر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪74‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬والعصر) أي الصالة الثانية تسمى العصر‪ ،‬وعدد ركعاهتا أربع‪.‬‬


‫(وأول وقتها) أي أول وقت العصر‪( ،‬الزيادة على ظل المثل) أي إذا زاد ظل‬
‫كل شيء أدىن زيادة على ظل املثل‪( ،‬وآخره) أي آخر وقت العصر‪( ،‬في‬
‫اْلختيار إلى ظل المثلين وفي الجواز إلى غروب الشمس) أي آخر وقت‬
‫العصر قسمان‪ :‬القسم األول‪ :‬وقت االختيار‪ ،‬وهو بعد دخول وقت العصر إىل‬
‫أن يصري ظل كل شيء مثليه‪ ،‬والقسم الثاين‪ :‬وقت اجلواز‪ ،‬وهو بعد وقت‬
‫االختيار إىل غروب الشمس‪ ،‬أي ينتهى من الصالة قبيل غروب الشمس‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬والمغرب) أي الصالة الثالثة تسمى املغرب‪ ،‬وعدد ركعاهتا ثالث‪.‬‬
‫(ووقتها واحد) أي ال ينقسم كبقية أوقات الصلوات‪( ،‬وهو غروب الشمس‬
‫وبمقدار ما يؤذن ويتوضأ ويستر العورة ويقيم الصَلة ويصلي خمس ركعات)‬
‫أي وقتها بعد غروب الشمس قدر ما يفعل اإلنسان مخسة أشياء‪ :‬األول‪ :‬يؤذن‪،‬‬
‫والثاين‪ :‬يتوضأ‪ ،‬والثالث‪ :‬يلبس‪ ،‬والرابع‪ :‬يقيم‪ ،‬واخلامس‪ :‬يصلي‪ .‬والصالة اليت‬
‫يقدرها مخس ركعات تشمل صالة الفريضة ثالث ركعات‪ ،‬وصالة السنة‬
‫البعدية ركعتني‪ .‬واملعتمد هنا هو املذهب القدمي‪ ،‬وهو إىل غياب الشفق األمحر‪.‬‬
‫قوله (والعشاء) أي الصالة الرابعة تسمى العشاء‪ ،‬وعدد ركعاهتا أربع‪.‬‬
‫(وأول وقتها) أي أول وقت العشاء‪( ،‬إذا غاب الشفق اْلحمر) الغياب‬
‫معناه‪ :‬االختفاء‪ ،‬والشفق األمحر هو‪ :‬احلمرة اليت تظهر يف السماء بعد غياب‬
‫الشمس‪( ،‬وآخره) أي آخر وقت العشاء‪( ،‬في اْلختيار إلى ثلث الليل وفي‬
‫الجواز إلى طلوع الفجر الثاني) أي آخر وقت العشاء قسمان‪ :‬القسم‬
‫األول‪ :‬وقت االختيار‪ ،‬وهو بعد دخول وقت العشاء إىل أن ينتهي ثلث الليل‬
‫األول‪ ،‬والقسم الثاين‪ :‬وقت اجلواز‪ ،‬وهو بعد ثلث الليل األول إىل طلوع الفجر‬
‫الثاين‪ ،‬أي ينتهى من الصالة قبيل طلوع الفجر الثاين‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪75‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬والصبح) أي الصالة اخلامسة تسمى الصبح‪ ،‬وعدد ركعاهتا اثنتان‪.‬‬


‫(وأول وقتها) أي أول وقت صالة الصبح‪( ،‬طلوع الفجر الثاني) الفجر األول‬
‫يسمى الفجر الكاذب‪ ،‬وهو بياض يعرتض يف السماء مث خيتفي ويعقبه ظلمة‪،‬‬
‫والفجر الثاين يسمى الفجر الصادق‪ ،‬وهو بياض يظهر من جهة شروق الشمس‬
‫فينتشر يف األفق ويزداد إىل أن تشرق الشمس‪ ،‬وعليه فأول وقت صالة الصبح‬
‫ظهور البياض من جهة شروق الشمس‪( ،‬وآخره) أي آخر وقت صالة الصبح‪،‬‬
‫(في اْلختيار إلى اْلسفار وفي الجواز إلى طلوع الشمس) أي آخر وقت‬
‫الصبح قسمان‪ :‬القسم األول‪ :‬وقت االختيار‪ ،‬وهو بعد دخول الصبح إىل‬
‫اإلسفار أي انكشاف الضوء‪ ،‬والقسم الثاين‪ :‬وقت اجلواز‪ ،‬وهو بعد اإلسفار‬
‫إىل طلوع الشمس أي ينتهى من الصالة قبيل ظهور شيء من قرص الشمس‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬أول الوقت يف مجيع الصلوات يسمى وقت فضيلة‪ ،‬وهو بقدر ما يسع‬
‫االشتغال بأسباب الصالة‪ ،‬مث يأيت بعده وقت االختيار‪ ،‬أي األولوية‪ ،‬وفيه‬
‫فضيلة‪ ،‬لكن أقل من فضيلة أول الوقت‪ .‬ووقت اجلواز‪ ،‬مسي بذلك؛ ألنه ال إمث‬
‫يف تأخري الصالة إليه‪ .‬فأما صالة املغرب فلها وقت واحد‪ ،‬وهو وقت الفضيلة‬
‫ال غري‪ ،‬وأما صالة الظهر فلها وقتان‪ :‬وقت الفضيلة‪ ،‬ووقت االختيار‪ ،‬وأما‬
‫صالة العشاء فلها ثالثة أوقات‪ :‬وقت الفضيلة‪ ،‬ووقت االختيار‪ ،‬ووقت اجلواز‪،‬‬
‫وأما صالة العصر فلها أربعة أوقات‪ :‬وقت الفضيلة‪ ،‬ووقت االختيار‪ ،‬مث وقت‬
‫اجلواز بال كراهة‪ ،‬وهو‪ :‬إىل اصفرار الشمس‪ ،‬مث وقت اجلواز مع الكراهة‪ ،‬وهو‬
‫إىل غروب الشمس‪ ،‬وكذلك صالة الصبح هلا أربعة أوقات‪ :‬وقت الفضيلة‪،‬‬
‫ووقت االختيار‪ ،‬مث وقت اجلواز بال كراهة‪ ،‬وهو‪ :‬إىل طلوع احلمرة‪ ،‬مث وقت‬
‫اجلواز مع الكراهة‪ ،‬وهو وقت طلوع احلمرة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪76‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل شرائط وجوب الصَلة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬شرائط وجوب الصالة‪.‬‬
‫تعريف شرائط وجوب الصالة‪:‬‬
‫الشرائط‪ :‬مجع شريطة‪ ،‬وهي مبعىن الشروط‪ :‬مجع شرط‪.‬‬
‫خارجا عنه‪.‬‬
‫والشرط هو‪ :‬ما ال يتم الشيء إال به ويكون ً‬
‫والشرط قد يكون شرط وجوب‪ ،‬وهو‪ :‬الذي ال يتم وجوب الصالة إال به‪ ،‬وقد‬
‫يكون شرط وجوب وصحة‪ ،‬وهو‪ :‬الذي ال يتم وجوب الصالة وال صحتها إال به‪.‬‬
‫ومراد املؤلف ذكر شروط وجوب الصالة‪ ،‬سواء كانت شروط صحة أم ال‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن الصالة املفروضة ومواقيتها ناسب أن يتكلم عن شروط‬
‫وجوب الصالة‪ ،‬ووجه املناسبة أن دخول وقت الصالة هو سبب وجوهبا‪ ،‬والسبب‬
‫والشرط كالمها شيء جيعل الصالة واجبة‪ ،‬والفرق بينهما أن السبب يتعلق‬
‫بفعل اهلل تعاىل‪ ،‬وذلك أن دخول وقت الصالة من فعل اهلل تعاىل‪ ،‬وأما الشرط‬
‫فهو فعل يقوم باإلنسان‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬اإلسالم‪ ،‬فإنه شرط لوجوب الصالة‪ ،‬وهو‬
‫فعل يقوم باإلنسان؛ ألنه هو الذي يعتنق اإلسالم ويوصف بأنه مسلم‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪77‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اء‪ِْ :‬‬
‫اْل ْس ََل ُم‪َ ،‬والْبُ لُوغُ‪َ ،‬وال َْع ْق ُل‪َ ،‬و ُه َو َح ُّد‬ ‫وب َّ ِ‬ ‫َو َش َرائِ ُ‬
‫ط ُو ُج ِ‬
‫الص ََلة ثَََلثَةُ أَ ْشيَ َ‬
‫ف(‪.)1‬‬ ‫التَّ ْكلِ ْي ِ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد شرائط وجوب الصالة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وشرائط وجوب الصَلة ثَلثة أشياء) أي األشياء اليت جتعل الصالة‬
‫واجبة عددها ثالثة‪.‬‬
‫(اْلسَلم) هذا الشرط األول‪.‬‬
‫وهو شرط وجوب وصحة‪ ،‬أي الكافر ال جتب عليه الصالة وال تصح منه‪.‬‬
‫ومعىن ال جتب عليه أننا ال نطالبه هبا يف الدنيا‪ ،‬ولكنه يُعاقب على تركها يف‬
‫اآلخرة‪ ،‬وإمنا جتب عليه إذا أسلم‪.‬‬
‫(والبلوغ) هذا الشرط الثاين‪.‬‬
‫وهو شرط وجوب فقط‪ ،‬أي الصغري املميز ال جتب عليه الصالة‪ ،‬وتصح منه‪.‬‬
‫(والعقل) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫وهو شرط وجوب وصحة‪ ،‬أي اجملنون ال جتب عليه الصالة وال تصح منه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وهو) أي املذكور من الشرائط الثالثة‪( ،‬حد التكليف) أي ضابطه‪.‬‬
‫وعليه فاملكلف هو‪ :‬املسلم البالغ العاقل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪78‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل صَلة التطوع‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬صالة التطوع‪.‬‬
‫تعريف صالة التطوع‪:‬‬
‫التطوع هو‪ :‬فعل املستحب‪ ،‬واملراد بصالة التطوع‪ :‬الصالة املستحب فعلها‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن الصالة املفروضة ومواقيتها ناسب أن يتكلم عن صالة‬
‫التطوع وعن شروط وجوب الصالة؛ ألن الكالم عن الصالة املفروضة يناسب‬
‫أن يكون بعده الكالم عن صالة التطوع‪ ،‬والكالم عن مواقيت الصالة يناسب‬
‫أن يكون بعده الكالم عن شروط وجوب الصالة‪ .‬فاختار أن يكون الكالم عن‬
‫شروط وجوب الصالة مث الكالم عن صالة التطوع‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪79‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ان َو ِاْل ْستِ ْس َقاءُ(‪.)1‬‬ ‫ان والْ ُكسوفَ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫س‪ :‬الْعي َد َ ُ‬ ‫ات َخ ْم ٌ‬‫ات ال َْم ْسنُونَ ُ‬ ‫الصلَ َو ُ‬
‫َو َّ‬
‫السنَ ُن التابعة لِ ْل َف َرائِ ِ‬
‫ض َس ْب َع َع ْش َرَة َرْك َعةً‪َ :‬رْك َعتَا الْ َف ْج ِر‪َ ،‬وأ َْربَ ٌع قَ ْب َل الظُّ ْه ِر‪،‬‬ ‫َو ُّ‬
‫ث بَ ْع َد ال ِْع َش ِاء‬
‫ب‪َ ،‬وثَََل ٌ‬ ‫ص ِر‪ ،‬ورْكعتَ ِ‬
‫ان بَ ْع َد ال َْم ْغ ِر ِ‬ ‫ِ‬
‫َوَرْك َعتَان بَ ْع َدهُ‪َ ،‬وأ َْربَ ٌع قَ ْب َل ال َْع ْ َ َ َ‬
‫اح َدةٍ ِم ْن ُه َّن(‪.)2‬‬
‫يوتَ ر بِو ِ‬
‫ُ ُ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد الصلوات املسنونات‪.‬‬


‫واملراد هبا الصلوات املستحبة اليت تسن هلا اجلماعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والصلوات المسنونات خمس) أي الصلوات املستحبة اليت تسن فيها‬
‫اجلماعة عددها مخس صلوات‪ .‬وسيخصص املؤلف فصوالً للكالم عنها‪.‬‬
‫(العيدان) أي صالة عيد األضحى وصالة عيد الفطر‪( ،‬والكسوفان) أي صالة‬
‫كسوف الشمس وصالة خسوف القمر‪( ،‬واْلستسقاء) أي صالة االستسقاء‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن السنن التابعة للفرائض‪.‬‬
‫واملراد هبا الصلوات املستحبة اليت يسن فعلها قبل صالة الفريضة أو بعدها‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والسنن التابعة للفرائض سبع عشرة ركعة) أي عدد ركعات الصلوات‬
‫املستحبة قبل صالة الفريضة أو بعدها سبع عشرة ركعة‪ ،‬وتسمى الرواتب‪ ،‬مجع‬
‫راتبة‪ ،‬وهي اسم للشيء الدائم‪ ،‬ومسيت الرواتب بذلك الستحباب املدوامة عليها‪.‬‬
‫(ركعتا الفجر وأربع قبل الظهر وركعتان بعده وأربع قبل العصر وركعتان بعد‬
‫المغرب وثَلث بعد العشاء يوتر بواحدة منهن) هذه السنن تنقسم إىل قسمني‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬السنن املؤكدة‪ ،‬وهي عشر ركعات‪ :‬ركعتان قبل الفجر وركعتان‬
‫قبل الظهر وركعتان بعده وركعتان بعد املغرب وركعتان بعد العشاء‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬السنن غري املؤكدة‪ ،‬وهي حبسب ما ذكر املؤلف ست ركعات‪:‬‬
‫ركعتان قبل الظهر‪ ،‬وأربع قبل العصر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪80‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َّرا ِو ِ‬
‫يح(‪.)1‬‬ ‫ص ََلةُ الت َ‬
‫ُّحى‪َ ،‬و َ‬ ‫ص ََلةُ اللَّْي ِل‪َ ،‬و َ‬
‫ص ََلةُ الض َ‬ ‫ث نَ َوافِ َل ُم َؤَّك َد ٌ‬
‫ات‪َ :‬‬ ‫َوثَََل ُ‬

‫وعليه فقوله‪( :‬وأربع قبل الظهر) أي ركعتان من السنن املؤكدة‪ ،‬وركعتان من‬
‫السنن غري املؤكدة‪ .‬وقوله‪( :‬وثَلث بعد العشاء يوتر بواحدة منهن) أي‬
‫ركعتان من السنن املؤكدة‪ ،‬وأما الوتر فهي سنة مؤكدة لكن مل يعدها األكثرون‬
‫صَر الوتر بواحدة ومراده أقل الوتر‪ ،‬وأما أقل‬‫وح َ‬
‫من السنن التابعة للفرائض‪َ .‬‬
‫الكمال فثالث وأكمل منه مخس مث سبع مث تسع مث إحدى عشرة وهي أكثره‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن النوافل املؤكدات‪.‬‬
‫كدا‪ ،‬لكنها دون الصلوات السابقة يف‬‫واملراد هبا الصلوات املستحبة استحبابًا مؤ ً‬
‫التأكيد‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وثَلث نوافل مؤكدات) أي عدد الصلوات املستحبة استحبابًا مؤ ً‬
‫كدا‬
‫غري التابعة للفرائض ثالث صلوات‪.‬‬
‫(صَلة الليل) أي الصالة املستحبة يف الليل‪ ،‬ووقتها‪ :‬من بعد صالة العشاء‬
‫إىل طلوع الفجر الثاين‪ .‬والفرق بني الوتر وصالة الليل أن الوتر مقيد بعدد‬
‫وصالة الليل غري مقيدة بعدد‪ ،‬فالشخص له أن يصلي يف الليل ما شاء‪ ،‬مث‬
‫يوتر‪ ،‬وأقل الوتر ركعة وأقل الكمال ثالثة وأكثره إحدى عشرة‪.‬‬
‫(وصَلة الضحى) أي الصالة املستحبة يف الضحى‪ ،‬ووقتها من ارتفاع الشمس‬
‫قدر رمح إىل زواهلا‪ ،‬وأقلها ركعتان وأكثرها مثان يسلم من كل ركعتني‪.‬‬
‫(والتراويح) أي الصالة املستحبة بعد العشاء يف ليال رمضان‪ ،‬وعدد ركعاهتا‬
‫عشرون بعشر تسليمات‪ .‬وصالة الرتاويح مجاعة أفضل‪ ،‬ومل يذكرها املؤلف ضمن‬
‫الصلوات املستحبة اليت تسن هلا اجلماعة؛ ألن فضيلتها أقل من تلك الصلوات‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪81‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل شرائط صحة الصَلة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬شرائط صحة الصالة‪.‬‬
‫تعريف شرائط صحة الصالة‪:‬‬
‫املراد هبا‪ :‬األشياء اليت جيب فعلها قبل الصالة‪ ،‬فال تصح الصالة بدوهنا‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن شرائط وجوب الصالة ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن‬
‫شرائط صحة الصالة‪ ،‬إال أنه حالت مناسبة أخرى سبق ذكرها وبسببها تكلم‬
‫عن صالة التطوع‪ ،‬وأجل الكالم عن شرائط صحة الصالة‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪82‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ض ِاء ِمن الْح َد ِ‬ ‫الص ََلةِ قَ بل ُّ ِ ِ‬ ‫َو َش َرائِ ُ‬


‫ث‬ ‫ارةُ ْاْلَ ْع َ ْ َ‬ ‫س‪ :‬طَ َه َ‬ ‫الد ُخول ف َيها َخ ْم ٌ‬ ‫َْ‬ ‫ط َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس طَ ِ‬ ‫س‪َ ،‬و َس ْت ُر ال َْع ْوَرةِ بِلِبَ ٍ‬
‫وف َعلَى َم َكان طَاه ٍر‪َ ،‬والْعل ُ‬
‫ْم‬ ‫اه ٍر‪َ ،‬وال ُْوقُ ُ‬ ‫َّج ِ‬‫َوالن َ‬
‫وز تَ ر ُك ال ِْقب لَ ِة فِي حالَت ي ِن فِي ِش َّدةِ‬ ‫ْت‪ ،‬واستِ ْقب ُ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ُد ُخ ِ‬
‫َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ال الْق ْب لَة‪َ .‬ويَ ُج ُ ْ‬ ‫ول ال َْوق َ ْ َ‬
‫الر ِ‬
‫احلَ ِة(‪.)1‬‬ ‫ف‪َ ،‬و فِ ْي النَّافِلَ ِة فِ ْي َّ‬
‫الس َف ِر َعلَى َّ‬ ‫ْخو ِ‬
‫ال َ ْ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد شرائط صحة الصالة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وشرائط الصَلة قبل الدخول فيها خمسة أشياء) أي األشياء اليت ال‬
‫تصح الصالة إال هبا عددها مخسة‪.‬‬
‫(طهارة اْلعضاء من الحدث والنجس) هذا الشرط األول‪.‬‬
‫فأما طهارة األعضاء من احلدث فتكون بالغسل من احلدث األكرب والوضوء من‬
‫احلدث األصغر‪ ،‬وأما طهارة األعضاء من النجس فتكون بإزالة النجاسة‬
‫املوجودة يف أي حمل من البدن‪.‬‬
‫(وستر العورة بلباس طاهر) هذا الشرط الثاين‪.‬‬
‫(ستر العورة) أي تغطيتها‪ ،‬والعورة هي‪ :‬ما حيرم كشفه من اجلسم‪( ،‬بلباس‬
‫تنجسا كالثوب‬ ‫طاهر) أي يكون سرت العورة بلباس ليس ً‬
‫جنسا كجلد امليتة وال م ً‬
‫الذي فيه بول‪.‬‬
‫(والوقوف على مكان طاهر) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫(والوقوف) أي املكوث أثناء الصالة (على مكان طاهر) أي على موضع‬
‫متنجسا كسجاد فيه بول‪.‬‬
‫ً‬ ‫جنسا كجلد امليتة وال‬
‫ليس ً‬
‫(والعلم بدخول الوقت) هذا الشرط الرابع‪.‬‬
‫دخول الوقت سبب لوجوب الصالة‪ ،‬والعلم بدخول الوقت شرط لصحة الصالة؛‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪83‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫أي عليه أن يعرف بدخول وقت الصالة معرفة يقينية أو ظنية‪ ،‬فال يص ِّل وهو‬
‫شاك يف دخول وقتها‪.‬‬
‫(واستقبال القبلة) هذا الشرط اخلامس‪.‬‬
‫أي التوجه ببدنه إىل الكعبة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويجوز ترك القبلة في حالتين في شدة الخوف وفي النافلة في‬
‫السفر على الراحلة) أي استقبال القبلة مع القدرة شرط يف مجيع الصلوات‪ ،‬ال‬
‫تصح الصالة بدونه‪ ،‬إال يف حالتني‪ ،‬جيوز فيها ترك استقبال القبلة‪ :‬احلال‬
‫األوىل‪ :‬يف شدة اخلوف‪ ،‬واملراد به‪ :‬التحام الفريقني للقتال‪ ،‬واحلال الثانية‪ :‬يف‬
‫النافلة يف السفر على الراحلة‪ .‬ومعىن احلال الثانية أنه جيوز ترك استقبال القبلة‬
‫يف الصالة يف غري شدة اخلوف‪ ،‬لكن بثالثة قيود‪ :‬األول‪ :‬يف النافلة‪ ،‬فخرجت‬
‫بذلك صالة الفريضة‪ ،‬فال جيوز فيها ترك القبلة‪ ،‬والثاين‪ :‬يف السفر‪ ،‬فخرجت‬
‫بذلك النافلة يف احلضر‪ ،‬فال جيوز فيها ترك القبلة‪ ،‬الثالث‪ :‬على الراحلة‪ ،‬أي‬
‫وهو راكب على الدابة‪ ،‬فخرجت بذلك النافلة يف السفر على األرض؛ ألن‬
‫فيها تفصيالً‪ .‬لكن يشرتط يف النافلة يف السفر على الراحلة أن يستقبل القبلة‬
‫عند اإلحرام إن سهل عليه‪ ،‬مث يتوجه إىل جهة مقصده‪.‬‬
‫واملعتمد يف املذهب أن املاشي يف السفر جيوز له أن يصلي النافلة‪ ،‬وجيب أن‬
‫يستقبل القبلة يف اإلحرام والركوع والسجود واجللوس بني السجدتني‪ ،‬وميشي يف‬
‫القيام واالعتدال والتشهد والسالم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪84‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أركان الصَلة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل اخلامس من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أركان الصالة‪.‬‬
‫تعريف أركان الصالة‪:‬‬
‫املراد هبا‪ :‬األشياء اليت جيب فعلها يف الصالة‪ ،‬فال تصح الصالة بدوهنا‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن شرائط الصالة ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن أركان‬
‫الصالة؛ ألن كليهما أشياء جيب فعلها وال تصح الصالة بدوهنا‪ ،‬والفرق بينهما‬
‫أن الشروط فعلها قبل الصالة كالطهارة‪ ،‬واألركان فعلها يف الصالة كالركوع‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪85‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ام َم َع الْ ُق ْد َرةِ‪َ ،‬وتَ ْكبِ َيرةُ‬ ‫ِ‬


‫ش َر ُرْكنًا‪ :‬النِّ يَّةُ‪َ ،‬والْقيَ ُ‬‫الص ََلةِ ثَ َمانِيَةَ َع َ‬‫َوأ َْرَكا ُن َّ‬
‫الرُكوعُ‪،‬‬‫يم) آيَةٌ ِم ْن َها‪َ ،‬و ُّ‬ ‫الرِح ِ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬‫اءةُ الْ َفاتِ َح ِة َو(بِ ْس ِم اللَّ ِه َّ‬ ‫ِ‬
‫اْل ْح َر ِام‪َ ،‬وق َر َ‬
‫ِْ‬
‫ود‪َ ،‬والطُّ َمأْنِينَةُ فِ ِيه‪،‬‬‫الس ُج ُ‬‫ال‪َ ،‬والطُّ َمأْنِينَةُ فِ ِيه‪َ ،‬و ُّ‬
‫الرفْ ُع‪َ ،‬و ِاْل ْعتِ َد ُ‬
‫َوالطُّ َمأْنِينَةُ فِ ِيه‪َ ،‬و َّ‬
‫ش ُّه ُد فِ ِيه‪،‬‬‫َخ ُير‪َ ،‬والتَّ َ‬‫السج َدتَي ِن‪ ،‬والطُّمأْنِينةُ فِ ِيه‪ ،‬والْجلُوس ْاْل ِ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫وس بَ ْي َن َّ ْ ْ َ َ َ‬ ‫ْجلُ ُ‬ ‫َوال ُ‬
‫يمةُ ْاْلُولَى‪َ ،‬ونِيَّةُ‬ ‫الص ََلةُ َعلَى النَّبِي صلَّى اللَّه َعلَي ِه وسلَّم فِ ِيه‪ ،‬والت ِ‬
‫َّسل َ‬
‫َ ْ‬ ‫ُ ْ ََ َ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َو َّ‬
‫الص ََلةِ‪َ ،‬وتَ ْرتِيبُ َها َعلَى َما ذَ َك ْرنَاهُ(‪.)1‬‬
‫وج ِم َن َّ‬ ‫ْخ ُر ِ‬ ‫ال ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد أركان الصالة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وأركان الصَلة ثمانية عشر ركنًا) أي عدد أركان الصالة مثانية عشر‪.‬‬
‫(النية) هذا الركن األول‪.‬‬
‫النية هي‪ :‬قصد الشيء مقرتنًا بفعله‪ ،‬أي أن أصل النية‪ :‬قصد الشيء‪ ،‬والوقت‬
‫املعترب هلا‪ :‬أول فعل الشيء‪ ،‬فالنية للصالة هي‪ :‬قصد الصالة‪ ،‬ووقته‪ :‬عند‬
‫تكبرية اإلحرام‪ .‬وعليه فالنية ركن وليست شرطًا؛ ألن وقتها عند الدخول يف‬
‫الصالة‪ ،‬وليس قبل الدخول يف الصالة‪.‬‬
‫(القيام مع القدرة) هذا الركن الثاين‪.‬‬
‫قادرا على ذلك‪.‬‬
‫أي الوقوف معتدالً بالقدمني إذا كان ً‬
‫وهذا يف صالة الفريضة‪ ،‬وأما القيام مع القدرة يف صالة النافلة فهو سنة‪.‬‬
‫(وتكبيرة اْلحرام) هذا الركن الثالث‪.‬‬
‫أي قول اهلل أكرب عند الدخول يف الصالة‪ ،‬وهذا القول يُسمى تكبرية اإلحرام‬
‫ألن به ُحترم عليه أشياء كانت مباحة له قبل ذلك كالكالم‪ ،‬وأما التكبريات‬
‫األخرى ـ وهي قول اهلل أكرب بعد دخوله يف الصالة ـ فتُسمى تكبريات االنتقال‪،‬‬
‫ُمسيت بذلك ألن هبا ينتقل من فعل إىل فعل آخر‪ ،‬وهي من اهليئات‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪86‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(وقراءة الفاتحة) هذا الركن الرابع‪.‬‬


‫القراءة هي النطق‪ ،‬وتكون بتحريك اللسان والشفتني مع الصوت حبيث يسمع‬
‫نفسه‪ .‬والفاحتة هي‪ :‬السورة األوىل يف املصحف‪ ،‬وموضع قراءة الفاحتة يف‬
‫الصالة كل ركعة يف قيامها‪.‬‬
‫(وبسم الل الرحمن الرحيم آية منها) أي البسملة أول آية من الفاحتة‪.‬‬
‫(والركوع) هذا الركن اخلامس‪.‬‬
‫الركوع معناه‪ :‬االحنناء‪ ،‬والقدر اجملزئ منه أن ميكنه قبض ركبتيه‪.‬‬
‫(والطمأنينة فيه) هذا الركن السادس‪.‬‬
‫أي السكون يف الركوع‪ ،‬واملقصود أنه إذا احنىن للركوع ميكث قبل الرفع منه‪،‬‬
‫وأقل الطمأنينة أن ميكث مقدار تسبيحة‪.‬‬
‫(والرفع واْلعتدال) هذا الركن السابع‪.‬‬
‫أي القيام من الركوع‪ ،‬وهو يتضمن الرفع واالعتدال‪ ،‬فالرفع هو‪ :‬أن يرفع رأسه‬
‫من الركوع‪ ،‬واالعتدال هو‪ :‬أن يقيم ظهره بعد أن يرفع رأسه‪.‬‬
‫(والطمأنينة فيه) هذا الركن الثامن‪.‬‬
‫أي السكون يف االعتدال‪ ،‬واملقصود أنه إذا رفع رأسه من الركوع واعتدل ميكث‬
‫قبل السجود‪ ،‬وأقل الطمأنينة أن ميكث مقدار تسبيحة‪.‬‬
‫(والسجود) هذا الركن التاسع‪.‬‬
‫السجود معناه‪ :‬االحنناء‪ ،‬والقدر اجملزئ منه أن يضع بعض اجلبهة على األرض‪،‬‬
‫واملعتمد يف املذهب ال يكفي إمساس رأسه موضع سجوده‪ ،‬بل جيب أن يتحامل‬
‫حبيث لو كان حتته قطن مثالً النكبس‪ .‬وعدد السجود يف كل ركعة سجودان‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪87‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(والطمأنينة فيه) هذا الركن العاشر‪.‬‬


‫أي السكون يف السجود‪ ،‬واملقصود أنه إذا سجد ميكث قبل الرفع منه‪ ،‬وأقل‬
‫الطمأنينة أن ميكث مقدار تسبيحة‪.‬‬
‫(والجلوس بين السجدتين) هذا الركن احلادي عشر‪.‬‬
‫واجللوس بني السجدتني يتضمن الرفع واالعتدال‪ ،‬فالرفع هو‪ :‬أن يرفع رأسه من‬
‫السجدة األوىل‪ ،‬واالعتدال هو‪ :‬أن يقيم ظهره بعد أن يرفع رأسه‪.‬‬
‫(والطمأنينة فيه) هذا الركن الثاين عشر‪.‬‬
‫أي السكون يف اجللوس بني السجدتني‪ ،‬واملقصود أنه إذا جلس بني السجدتني‬
‫ميكث قبل السجدة الثانية‪ ،‬وأقل الطمأنينة أن ميكث مقدار تسبيحة‪.‬‬
‫(والجلوس اْلخير) هذا الركن الثالث عشر‪.‬‬
‫أي اجللوس الذي يعقبه السالم‪.‬‬
‫(والتشهد فيه) هذا الركن الرابع عشر‪.‬‬
‫أي يف اجللوس األخري‪.‬‬
‫والتشهد هو الذكر الذي يُقال يف اجللوس األول من الصالة الرباعية والثالثية ويف‬
‫اجللوس األخري من الصالة الرباعية والثالثية والثنائية‪ ،‬ومسي بالتشهد؛ ألن آخره‬
‫أيضا التحيات؛ ألن أوله التلفظ بالتحيات‪.‬‬ ‫التلفظ بالشهادتني‪ ،‬ويُسمى ً‬
‫ويصح هذا الذكر بكل الصيغ الواردة عن النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬واختار الشافعي‬
‫الصيغة اليت رواها ابن عباس رضي اهلل عنهما‪ ،‬وهي‪ :‬التحيات املباركات الصلوات‬
‫الطيبات هلل‪ ،‬السالم عليك أيها النيب ورمحة الل ِه وبركاته‪ ،‬السالم علينا وعلى عباد‬
‫الل ِه الصاحلني‪ ،‬أشهد أن ال إله إال الل ِه‪ ،‬وأشهد أن حمم ًدا رسول الل ِه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪88‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(والصَلة على النبي صلى الل عليه وسلم فيه) هذا الركن اخلامس عشر‪.‬‬
‫أي يف اجللوس األخري بعد الفراغ من التشهد‪.‬‬
‫والصالة على النيب صلى اهلل عليه وسلم هي أن يقول‪ :‬اللهم صل على حممد‪.‬‬
‫واألكمل أن يقول‪ :‬اللهم صل على حممد وعلى آل حممد كما صليت على‬
‫إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على حممد وعلى آل حممد كما باركت على‬
‫إبراهيم وعلى آل إبراهيم يف العاملني إنك محيد جميد‪.‬‬
‫(والتسليمة اْلولى) هذا الركن السادس عشر‪.‬‬
‫أي أن يقول‪ :‬السالم عليكم‪ ،‬وهو جالس اجللوس األخري بعد الصالة على‬
‫النيب‪ .‬وأكمله أن يقول‪ :‬السالم عليكم ورمحة اهلل‪.‬‬
‫والكيفية املستحبة يف السالم‪ :‬إذا اكتفى بتسليمة واحدة فتكون تلقاء وجهه‪،‬‬
‫وإذا سلم تسليمتني التفت بوجهه يف التسليمة األوىل ميينًا ويف التسليمة الثانية‬
‫سارا مبتدئًا التسليمة تلقاء وجهه منتهيًا مع متام االلتفات‪.‬‬
‫ي ً‬
‫(ونية الخروج من الصَلة) هذا الركن السابع عشر‪.‬‬
‫أي عند قوله‪ :‬السالم عليكم‪.‬‬
‫وهذا هو األكمل أي أن ينوي بسالمه اخلروج من الصالة‪ ،‬لكن املعتمد يف‬
‫املذهب أهنا ليست ركنًا‪.‬‬
‫(وترتيب اْلركان على ما ذكرناه) هذا الركن الثامن عشر‪.‬‬
‫أي ترتيب أداء األركان السبعة عشر على حسب ترتيبها يف كالم املؤلف‪.‬‬
‫وتستثىن‪ :‬النية والتكبرية اإلحرام والفاحتة؛ ألهنا مقارنات للقيام‪ ،‬والتشهد والصالة‬
‫على النيب والتسليمة حيث جيب أن تكون يف اجللوس األخري ال بعد الفراغ منه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪89‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل سنن الصَلة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السادس من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬سنن الصالة‪.‬‬
‫تعريف سنن الصالة‪:‬‬
‫السنن‪ :‬مجع سنة‪ ،‬ومعناها‪ :‬املستحب‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن فروض الصالة الشاملة للشروط واألركان ناسب أن يتكلم‬
‫بعد ذلك عن سنن الصالة‪ ،‬والفرق بني الفروض والسنن أن الفروض ال تصح‬
‫مدا أو‬
‫سهوا‪ ،‬والسنن تصح الصالة برتكها ع ً‬
‫عمدا أو ً‬‫الصالة برتك شيء منها ً‬
‫سهوا‪.‬‬
‫ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪90‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ول فِ َيها‬
‫الد ُخ ِ‬ ‫ول فِ َيها َش ْيئَ ِ‬
‫ان‪ْ :‬اْلَذَا ُن‪َ ،‬و ِْ‬
‫اْلقَ َامةُ‪َ ،‬وبَ ْع َد ُّ‬ ‫الد ُخ ِ‬
‫َو ُسنَ نُ َها قَ ْب َل ُّ‬
‫ف الثَّانِي ِم ْن‬ ‫الص ْب ِح‪َ ،‬وفِي الْ ِوتْ ِر فِي الن ْ‬
‫ِّص ِ‬ ‫وت فِي ُّ‬ ‫ش ُّه ُد ْاْل ََّو ُل‪َ ،‬والْ ُقنُ ُ‬ ‫َش ْيئَ ِ‬
‫ان‪ :‬التَّ َ‬
‫ضا َن(‪.)1‬‬
‫َرَم َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد سنن الصالة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وسننها قبل الدخول فيها شيئان اْلذان واْلقامة) أي عدد سنن‬
‫الصالة قبل التلبس هبا سنتان األذان واإلقامة‪.‬‬
‫ومها سنتان لصالة الفريضة ال للصالة مطل ًقا‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬اإلعالم بدخول وقت الصالة بألفاظ خمصوصة‪.‬‬ ‫واألذان لغة‪ :‬اإلعالم‪ً ،‬‬
‫وشرعا‪ :‬اإلعالم بالقيام ألداء الصالة بألفاظ‬‫ً‬ ‫واإلقامة لغة‪ :‬مصدر أقام‪،‬‬
‫خمصوصة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وبعد الدخول فيها شيئان التشهد اْلول والقنوت في الصبح وفي‬
‫الوتر في النصف الثاني من شهر رمضان) أي عدد سنن الصالة بعد التلبس‬
‫هبا سنتان‪ :‬التشهد األول والقنوت‪.‬‬
‫فأما التشهد األول فهو الذكر الذي يقال يف اجللسة األوىل‪ ،‬وأما القنوت فهو‬
‫الدعاء‪ ،‬وهو مستحب يف موضعني‪ :‬األول‪ :‬يف صالة الصبح أي يف الركعة‬
‫الثانية منها بعد االعتدال من الركوع‪ ،‬والثاين‪ :‬يف الوتر أي بعد االعتدال من‬
‫الركوع‪ ،‬وموضع استحبابه يف النصف الثاين من شهر رمضان‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪91‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل هيئات الصَلة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السابع من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬هيئات الصالة‪.‬‬
‫تعريف هيئات الصالة‪:‬‬
‫واملراد هبا السنن التابعة لألركان‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن سنن الصالة ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن هيئات الصالة؛‬
‫ألهنا من سنن الصالة‪ .‬والفرق بينهما باعتبار الذات‪ :‬أن سنن الصالة بعد‬
‫أبعاضا‪ ،‬وهي سنن مستقلة‪،‬‬ ‫الدخول فيها ـ املذكورة يف الفصل السابق ـ تسمى ً‬
‫كالقنوت يف صالة الصبح‪ ،‬والسنن املذكورة يف هذا الفصل تسمى هيئات‪،‬‬
‫وهي سنن تابعة لألركان‪ ،‬كرفع اليدين سنة تابعة لتكبرية اإلحرام وللركوع والرفع‬
‫منه‪ .‬والفرق بينهما باعتبار احلكم‪ :‬أن السنة البعضية ُجيرب تركها بالسجود‪ ،‬أي‬
‫من ترك سنة من األبعاض فيُسن أن يسجد سجود السهو‪ ،‬واهليئة ال ُجيرب تركها‬
‫بالسجود‪ ،‬أي من ترك سنة من اهليئات فال يُسن أن يسجد سجود السهو‪.‬‬
‫ومسيت سنن األبعاض هبذا االسم لقرهبا من األبعاض احلقيقة أي األركان باجلرب‬
‫بالسجود‪ ،‬ومسيت سنن اهليئات هبذا االسم لكوهنا تابعة ال مستقلة‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪92‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وع‬ ‫اْل ْح َر ِام َو ِع ْن َد ُّ‬


‫الرُك ِ‬ ‫صلَةً‪َ :‬رفْ ُع الْيَ َديْ ِن ِع ْن َد تَ ْكبِ َيرةِ ِْ‬‫سةَ َع ْش َر َخ ْ‬ ‫َو َه ْيئَاتُ َها َخ ْم َ‬
‫ْج ْه ُر فِي‬ ‫ِ ِ‬
‫َّو ُّجهُ‪َ ،‬واْل ْست َعاذَةُ‪َ ،‬وال َ‬ ‫ض ُع الْيَ ِمي ِن َعلَى ِّ ِ‬
‫الش َمال‪َ ،‬والت َ‬ ‫الرفْ ِع ِم ْنهُ‪َ ،‬وَو ْ‬‫َو َّ‬
‫ورةِ بَ ْع َد الْ َفاتِ َح ِة‪َ ،‬والتَّ ْكبِ َير ُ‬
‫ات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِع ِه‪َ ،‬و ِْ‬ ‫مو ِ‬
‫الس َ‬
‫اءةُ ُّ‬ ‫ين‪َ ،‬وق َر َ‬ ‫اْل ْس َر ُار في َم ْوضعه‪َ ،‬والتَّأْم ُ‬ ‫َْ‬
‫يح‬ ‫ْح ْم ُد‪ ،‬والت ْ ِ‬
‫َّسب ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرفْ ِع‪َ ،‬وقَ ْو ُل َسم َع اللَّهُ ل َم ْن َحم َدهُ َربَّنَا لَك ال َ‬ ‫ض َو َّ‬‫ْخ ْف ِ‬‫ِع ْن َد ال َ‬
‫ْجلُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السج ِ‬ ‫فِي ُّ‬
‫ط الْيُ ْس َرى‬ ‫سُ‬ ‫وس يَ ْب ُ‬ ‫ض ُع الْيَ َديْ ِن َعلَى الْ َفخ َذيْ ِن في ال ُ‬ ‫ود‪َ ،‬وَو ْ‬ ‫وع َو ُّ ُ‬‫الرُك ِ‬
‫اش فِي َج ِمي ِع‬ ‫ِ ِ‬
‫ش ِّه ًدا‪َ ،‬واْلفْت َر ُ‬ ‫سبِّ َح ِة فَِإنَّهُ يُ ِش ُير بِ َها ُمتَ َ‬‫ض الْيُ ْمنَى َّإْل ال ُْم َ‬ ‫َويَ ْقبِ ُ‬
‫يمةُ الثَّانِيَةُ(‪.)1‬‬ ‫َخيرةِ‪ ،‬والت ِ‬ ‫ْجل ِ ِ‬ ‫ات‪ ،‬والت ِ ِ‬ ‫الْجلْس ِ‬
‫َّسل َ‬‫ْسة ْاْل َ َ ْ‬ ‫َّوُّر ُك في ال َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد هيئات الصالة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وهيئاتها خمسة عشر خصلة) أي عدد هيئات الصالة مخس عشرة هيئة‪.‬‬
‫(رفع اليدين عند تكبيرة اْلحرام وعند الركوع والرفع منه) هذه اهليئة األوىل‪.‬‬
‫أي يسن رفع الكفني يف هذه املواضع الثالثة‪ .‬وكيفية ذلك‪ :‬أن تكونا حذو منكبيه‪.‬‬
‫(ووضع اليمين على الشمال) هذه اهليئة الثانية‪.‬‬
‫أي بعد االنتهاء من رفع الكفني يسن خفضهما ووضع بطن الكف اليمىن فوق‬
‫ظهر الكف اليسرى‪ ،‬وكيفية ذلك‪ :‬أن يقبض بكف اليمىن كوع اليسرى وأول‬
‫ساعدها‪ ،‬والكوع هو العظم الذي يلي اإلهبام‪.‬‬
‫(والتوجه) هذه اهليئة الثالثة‪.‬‬
‫أي بعد وضع بطن الكف اليمىن فوق ظهر الكف اليسرى يسن ذكر االفتتاح‪.‬‬
‫وإمنا مساه التوجه؛ ألن ِذ ْكَر االفتتاح املرجح يف املذهب هو قوله‪ :‬وجهت وجهي‬
‫للذي فطر السموات واألرض إخل‪.‬‬
‫(واْلستعاذة) هذه اهليئة الرابعة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪93‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫أي بعد ذكر االفتتاح وقبل قراءة سورة الفاحتة تسن االستعاذة‪ ،‬وهي قول‪ :‬أعوذ‬
‫باهلل من الشيطان الرجيم‪.‬‬
‫ومل يذكر البسملة؛ ألهنا يف املذهب من الفاحتة‪ ،‬والفاحتة ركن‪.‬‬
‫(والجهر في موضعه واْلسرار في موضعه) هذه اهليئة اخلامسة‪.‬‬
‫أي يسن اجلهر واإلسرار بقراءة القرآن كل منهما يف موضعه‪ ،‬فأما اجلهر فهو‬
‫أن يسمع نفسه وغريه‪ ،‬وأما اإلسرار فهو أن يسمع نفسه‪ ،‬وأما موضع اجلهر‬
‫فهو يف ركعيت الفجر والركعتني األوليني من املغرب والركعتني األوليني من‬
‫العشاء‪ ،‬وأما موضع اإلسرار فهو الركعة األخرية من املغرب والركعتني األخريني‬
‫من العشاء والركعات األربع من الظهر والعصر‪.‬‬
‫واجلهر سنة يف حق اإلمام واملنفرد‪ ،‬وكذلك املرأة عند عدم مساع أجنيب‪.‬‬
‫وأما االفتتاح والتعوذ فالسنة فيهما اإلسرار‪.‬‬
‫(والتأمين) هذه اهليئة السادسة‪.‬‬
‫أي بعد االنتهاء من قراءة سورة الفاحتة يسن قول آمني‪.‬‬
‫(وقراءة السورة بعد الفاتحة) هذه اهليئة السابعة‪.‬‬
‫أي بعد انتهاء اإلمام أو املنفرد من سورة الفاحتة مع التأمني تسن له قراءة سورة‬
‫أخرى‪ ،‬وذلك يف ركعيت الفجر والركعتني األوليني من بقية الصلوات‪.‬‬
‫(والتكبيرات عند الرفع والخفض) هذه اهليئة الثامنة‪.‬‬
‫أي تسن تكبريات االنتقال‪ ،‬وهي قول‪ :‬اهلل أكرب‪.‬‬
‫(وقول‪ :‬سمع الل لمن حمده ربنا لك الحمد) هذه اهليئة التاسعة‪.‬‬
‫أي يسن قول‪ :‬مسع اهلل ملن محده؛ عند الرفع من الركوع‪ ،‬وقول‪ :‬ربنا لك‬
‫احلمد؛ عند االعتدال بعد الرفع من الركوع‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪94‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وعليه فعند االنتقال من ركن إىل ركن يسن التكبري إال يف هذا املوضع فيسن‬
‫التسميع والتحميد‪.‬‬
‫(والتسبيح في الركوع والسجود) هاتان اهليئتان العاشرة واحلادية عشر‪.‬‬
‫أي يسن يف الركوع قول‪ :‬سبحان ريب العظيم‪ ،‬ويف السجود قول‪ :‬سبحان ريب‬
‫األعلى‪.‬‬
‫(ووضع اليدين على الفخذين في الجلوس يبسط اليسرى ويقبض اليمنى‬
‫إْل المسبحة فإنه يشير بها متشه ًدا) هذه اهليئة الثانية عشر‪.‬‬
‫أي يسن وضع الكفني على طرف الفخذين يف اجللوس للتشهد‪ ،‬وتكون أصابع‬
‫الكف اليسرى مبسوطة‪ ،‬وأصابع الكف اليمىن مقبوضة إال املسبحة فإهنا تكون‬
‫مرسلة‪ ،‬ويرفعها عند قوله إال اهلل‪ .‬واملسبحة هي اإلصبع بني الوسطى واإلهبام‪،‬‬
‫ومسيت املسبحة ألهنا تنزه الرب سبحانه إذ التسبيح التنزيه‪.‬‬
‫وأما يف اجللوس لغري التشهد فتكون أصابع الكفني كلها مبسوطة‪.‬‬
‫(واْلفتراش في جميع الجلسات والتورك في الجلسة اْلخيرة) هاتان‬
‫اهليئتان الثالثة عشر والرابعة عشر‪.‬‬
‫أي يسن االفرتاش يف مجيع اجللسات إال اجللسة األخرية‪ .‬واالفرتاش هو‪ :‬أن‬
‫جيلس على كعب يسراه بعد فرشها‪ ،‬وينصب رجله اليمىن وجيعل أطراف‬
‫أصابعها للقبلة‪ .‬ويسن التورك يف اجللسة األخرية‪ ،‬أي اجللسة اليت بعدها‬
‫التسليم‪ ،‬سواء كانت ثنائية أو ثالثية أو رباعية‪ .‬والتورك مثل االفرتاش إال أنه‬
‫يضع وركه على األرض‪.‬‬
‫(والتسليمة الثانية) هذه اهليئة اخلامسة عشر‪.‬‬
‫أي تسن التسليمة الثانية زيادة على التسليمة األوىل اليت هي ركن‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪95‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل األشياء التي ختالف فيها املرأة الرجل يف الصَلة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثامن من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬األشياء اليت ختالف فيها املرأة الرجل يف الصالة‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن إقامة الصالة بذكر فرائضها الشاملة لشروطها وأركاهنا‬
‫وذكر سننها الشاملة ألبعاضها وهيئاهتا اليت توافق فيها املرأة الرجل ناسب أن‬
‫يتكلم بعد ذلك عن األشياء اليت ختالف فيها املرأة الرجل‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪96‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الر ُج ُل يُ َجافِي ِم ْرفَ َق ْي ِه َع ْن َج ْنبَ ْي ِه‬ ‫اء‪ :‬فَ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ف َّ ِ‬


‫الر ُج َل في أ َْربَ َعة أَ ْشيَ َ‬ ‫َوال َْم ْرأَةُ تُ َخالِ ُ‬
‫ْج ْه ِر‪َ ،‬وإذَا نَابَهُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرُكو ِع ُّ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫الس ُجود‪َ ،‬ويَ ْج َه ُر في َم ْوض ِع ال َ‬ ‫َويُق ُّل بَطْنَهُ َع ْن فَخ َذيْه في ُّ ْ‬
‫ِ‬ ‫الص ََلةِ َسبَّ َح‪َ ،‬و َع ْوَرةُ َّ‬
‫ض َها‬ ‫الر ُج ِل َما بَ ْي َن ُس َّرت ِه َوُرْكبَتِ ِه‪َ ،‬وال َْم ْرأَةُ تَ ُ‬
‫ض ُّم بَ ْع َ‬ ‫َش ْيءٌ فِي َّ‬
‫الص ََلةِ‬‫ب‪َ ،‬وإذَا نَابَ َها َش ْيءٌ فِي َّ‬ ‫َجانِ ِ‬ ‫ض َرةِ ِّ‬
‫الر َج ِ‬ ‫ص ْوتَ َها بِ َح ْ‬ ‫ِ‬ ‫إلَى بَ ْع ٍ‬
‫ال ْاْل َ‬ ‫ض َ‬ ‫ض‪َ ،‬وتَ ْخف ُ‬
‫الر ُج ِل(‪.)1‬‬ ‫ْح َّرةِ َع ْوَرةٌ َّإْل َو ْج َه َها َوَك َّف ْي َها‪َ ،‬و ْاْل ََمةُ َك َّ‬ ‫ِ‬
‫يع بَ َدن ال ُ‬
‫ِ‬
‫ت‪َ ،‬و َجم ُ‬ ‫ص َّف َق ْ‬‫َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد األشياء اليت ختالف فيها‬
‫املرأة الرجل يف الصالة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والمرأة تخالف الرجل في أربعة أشياء) أي عدد األشياء اليت ختالف‬
‫فيها املرأة الرجل يف الصالة أربعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فالرجل يجافي مرفقيه عن جنبيه ويقل بطنه عن فخذيه في الركوع‬
‫والسجود‪ ،‬ويجهر في موضع الجهر‪ ،‬وإذا نابه شيء في الصَلة سبح‪،‬‬
‫وعورة الرجل ما بين سرته وركبته) أي بالنسبة للرجل‪:‬‬
‫الشيء األول‪ :‬يستحب أن يباعد مرفقيه عن جنبيه ويرفع بطنه عن فخذيه يف‬
‫ركوعه وسجوده‪.‬‬
‫الشيء الثاين‪ :‬يستحب أن يرفع صوته بقراءة القرآن يف الصالة اجلهرية‪.‬‬
‫الشيء الثالث‪ :‬يستحب إذا أصابه شيء يف الصالة كتنبيه إمامه على سهو أن‬
‫يقول‪ :‬سبحان اهلل‪.‬‬
‫عبدا ما بني سرته وركبته‪.‬‬
‫حرا أو ً‬‫الشيء الرابع‪ :‬أن عورة الرجل سواء كان ًّ‬
‫واملذهب أن السرة والركبة ليستا من العورة‪ ،‬ولكن جيب سرت بعضهما حىت ال‬
‫ينكشف شيء من العورة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪97‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬والمرأة تضم بعضها إلى بعض وتخفض صوتها بحضرة الرجال‬
‫اْلجانب وإذا نابها شيء في الصَلة صفقت وجميع بدن الحرة عورة إْل‬
‫وجهها وكفيها واْلمة كالرجل) أي بالنسبة للمرأة‪:‬‬
‫الشيء األول‪ :‬يستحب أن تضم بعضها إىل بعض أي تلصق مرفقيها جلنبيها‬
‫وتلصق بطنها لفخذيها يف ركوعها وسجودها‪.‬‬
‫الشيء الثاين‪ :‬يستحب أن ترفع صوهتا بقراءة القرآن يف الصالة اجلهرية دون‬
‫جهر الرجل يف غري حضرة الرجال األجانب‪ ،‬وال ترفع صوهتا حبضرة الرجال‬
‫األجانب‪.‬‬
‫الشيء الثالث‪ :‬يستحب إذا أصاهبا شيء يف الصالة كتنبيه إمامها على سهو‬
‫أن تصفق‪.‬‬
‫والكيفية الصحيحة للتصفيق‪ :‬أن تضرب بظهر كفها اليمىن بطن كفها اليسرى‪.‬‬
‫الشيء الرابع‪ :‬عورة املرأة يف الصالة إذا كانت حرة فجميع بدهنا إال الوجه‬
‫ظهرا وبطنًا إىل الكوعني‪ ،‬وإذا كانت أمة فما بني السرة والركبة‪.‬‬
‫والكفني ً‬
‫وهذا يف غرية حضرة األجانب‪ ،‬وأما يف حضرة األجانب فيجب على احلرة أن‬
‫تغطي وجهها وكفيها‪ ،‬وكذلك األمة فعورهتا خارج الصالة كاحلرة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪98‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل مبطَلت الصَلة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل التاسع من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬مبطالت الصالة‪.‬‬
‫تعريف مبطالت الصالة‪:‬‬
‫مبطالت الصالة هي‪ :‬األشياء اليت تفسد الصالة‪ ،‬وهي قسمان‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬الرتوك‪ ،‬وهي ثالثة‪:‬‬
‫األول‪ :‬ترك سبب وجوهبا‪ ،‬أي فعل صالة الفريضة قبل دخول وقتها‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬ترك شرط من شروط صحتها؛ كفعل الصالة من غري طهارة‪.‬‬
‫سهوا مع عدم إمكان استدراكه‪ ،‬كفعل‬ ‫عمدا أو ً‬ ‫الثالث‪ :‬ترك ركن من أركاهنا ً‬
‫الصالة من غري ركوع‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬األفعال‪ ،‬وهذا القسم هو مراد املؤلف مببطالت الصالة‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا انتهى املؤلف من الكالم عن إقامة الصالة بذكر فرائضها الشاملة لشروطها‬
‫وأركاهنا وذكر سننها الشاملة ألبعاضها وهيئاهتا سواء اليت توافق فيها املرأة الرجل أو‬
‫اليت ختالف فيها املرأة الرجل ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن مبطالت الصالة‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪99‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َوال َْع َم ُل الْ َكثِ ُير‪،‬‬ ‫ال َْع ْم ُد‪،‬‬ ‫ش َر َش ْيئًا‪ :‬الْ َك ََل ُم‬‫َع َ‬ ‫َح َد‬ ‫َواَلَّ ِذي يُ ْب ِط ُل َّ‬
‫الص ََل َة أ َ‬
‫ار‬ ‫النِّ يَّ ِة‪ ،‬و ْ ِ‬
‫است ْدبَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َوتَ ْغيِ ُير‬ ‫اف ال َْع ْوَرةِ‪،‬‬
‫ش ُ‬ ‫َوانْ ِك َ‬ ‫اس ِة‪،‬‬‫َّج َ‬
‫وث الن َ‬ ‫ث‪َ ،‬و ُح ُد ُ‬ ‫ْح َد ُ‬‫َوال َ‬
‫ب‪َ ،‬والْ َق ْه َق َهةُ‪َ ،‬و ِّ‬
‫الر َّدةُ(‪.)1‬‬ ‫ال ِْق ْب لَ ِة‪َ ،‬و ْاْلَ ْك ُل‪َ ،‬و ُّ‬
‫الش ْر ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد مبطالت الصالة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والذي يبطل الصَلة أحد عشر شيئًا) أي عدد مبطالت الصالة أحد‬
‫عشر مبطالً‪.‬‬
‫(الكَلم العمد) هذا املبطل األول‪.‬‬
‫والكالم هو‪ :‬النطق حبرفني كـ قم وإن مل يـُ ْف ِه َما كـ عن‪ ،‬أو حبرف ُم ْف ِهم كـ ِق‬
‫من الوقاية‪.‬‬
‫والعمد هو‪ :‬القصد‪ ،‬أي تَ َذ ُّك ُره أنه يف صالة‪.‬‬
‫وأما إذا تكلم من غري قصد بأن تكلم ناسيًا أنه يف صالة‪ ،‬فال تبطل صالته‬
‫كثريا فإن صالته تبطل‪.‬‬ ‫على املذهب‪ ،‬إال إذا كان كالمه ً‬
‫وضابط الكالم القليل ست كلمات فأقل‪ ،‬وضابط الكثري ما زاد على ذلك‪.‬‬
‫(والعمل الكثير) هذا املبطل الثاين‪.‬‬
‫ثريا‪،‬‬
‫أي إذا عمل شيئًا من غري جنس الصالة فإن صالته تبطل إذا كان عمله ك ً‬
‫سهوا‪ ،‬كأن يلتفت بوجهه ثالث مرات متواليات‪.‬‬ ‫عمدا أو ً‬‫سواء كان ً‬
‫عمدا كزيادة ركوع فإن صالته تبطل‬ ‫وأما إذا كان العمل من جنس الصالة ً‬
‫كثريا أو قليالً‪.‬‬
‫سواء كان عمله ً‬
‫(والحدث) هذا املبطل الثالث‪.‬‬
‫سهوا‪.‬‬
‫عمدا أو ً‬ ‫أي األصغر أو األكرب‪ً ،‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪100‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(وحدوث النجاسة) هذا املبطل الرابع‪.‬‬


‫مدا‪ ،‬أو‬
‫أي وقوع النجاسة غري املعفو عنها يف بدنه أو ثوبه أو مكان صالته ع ً‬
‫غري عمد إذا مل يتمكن من إزالتها يف احلال‪.‬‬
‫وأما إذا وقعت النجاسة من غري عمد ومتكن من أزالتها يف احلال فإن صالته ال‬
‫تبطل‪ ،‬وذلك قبل مضي أقل الطمأنينة‪ ،‬كأن تقع جناسة يابسة يف ثوبه‬
‫فينفضها‪ ،‬أو تقع جناسة رطبة يف عمامته فينزعها‪.‬‬
‫(وانكشاف العورة) هذا املبطل اخلامس‪.‬‬
‫عمدا أو من غري عمد ومل يتمكن من سرتها يف‬ ‫أي ظهور شيء من العورة ً‬
‫احلال‪.‬‬
‫وأما إذا انكشفت عورته من غري عمد مث سرتها يف احلال فإن صالته ال تبطل‪.‬‬
‫(وتغيير النية) هذا املبطل السادس‪.‬‬
‫وله ثالث صور‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬قطع النية‪ ،‬مثل لو نوى اخلروج من الصالة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬الرتدد يف النية‪ ،‬مثل لو تردد هل خيرج منها أو يستمر‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬نقل النية‪ ،‬فلو نقل النية من فرض إىل آخر أو من فرض إىل نفل أو من‬
‫نفل إىل فرض أو من نفل إىل نفل‪.‬‬
‫فرضا نفالً مطل ًقا ليدرك مجاعة مشروعة وهو منفرد‬ ‫ويستثىن من النقل‪ :‬لو قلب ً‬
‫فسلم من ركعتني ليدركها صح ذلك‪ ،‬بل هو مستحب‪.‬‬
‫(واستدبار القبلة) هذا املبطل السابع‪.‬‬
‫وهو أن ينحرف عن القبلة ميينًا أو مشاالً احنرافًا كليًّا أو جيعلها خلف ظهره‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪101‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫واستدبار القبلة مبطل للصالة عند القدرة على استقباهلا يف غري احلالتني اللتني‬
‫جيوز فيهما ترك القبلة‪.‬‬
‫وتقدم تفصيل ذلك عند الكالم عن استقبال القبلة‪.‬‬
‫(واْلكل والشرب) هذان املبطالن الثامن والتاسع‪.‬‬
‫امل بتحرميه ذاكر‬‫أي إذا كان املأكول واملشروب كثريا‪ ،‬أو إذا كان قليال وهو ع ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أنه يف صالة‪.‬‬
‫وأما إذا كان املأكول واملشروب قليالً عرفًا‪ ،‬كأن يأكل أقل من مسسمة‪ ،‬وهو‬
‫ناس أنه يف صالة‪ ،‬فال تبطل صالته‪.‬‬ ‫جاهل بتحرميه أو ٍ‬
‫(والقهقهة) هذا املبطل العاشر‪.‬‬
‫القهقهة هي الضحك مع الصوت‪ ،‬وهلذا فحكمها حكم الكالم العمد‪ ،‬وعليه‬
‫فإن تعمد الضحك وبان منه حرفان بطلت صالته وإن مل ينب منه فال تبطل‪.‬‬
‫(والردة) هذا املبطل احلادي عشر‪.‬‬
‫والردة هي‪ :‬الكفر بعد اإلسالم‪.‬‬
‫ومعىن كالمه‪ :‬لو كفر املسلم يف أثناء صالته‪ ،‬كأن يعتقد أن دين النصارى‬
‫حق‪ ،‬أو يقول‪ :‬اهلل ثالث ثالثة‪ ،‬فإن صالته تبطل‪ ،‬وعليه فلو عاد إىل اإلسالم‬
‫قبل خروج وقت الصالة فعليه إعادهتا‪ ،‬ولو عاد بعد خروج وقتها فعليه‬
‫قضاؤها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪102‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل ركعات الفرائض‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل العاشر من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬ركعات الفرائض‪.‬‬
‫تعريف ركعات الفرائض‪:‬‬
‫الركعات مجع ركعة‪ ،‬وهي‪ :‬القيام يف الصالة مع الركوع والقيام منه والسجدتني‬
‫واجللسة بينهما‪ ،‬ومسيت ركعة؛ الشتماهلا على الركوع‪ .‬والفرائض مجع فريضة‪،‬‬
‫وهي‪ :‬الصالة املفروضة‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا انتهى املؤلف من الكالم عن إقامة الصالة بذكر فرائضها الشاملة لشروطها‬
‫وأركاهنا وذكر سننها الشاملة ألبعاضها وهيئاهتا سواء للرجل أو للمرأة مث تكلم‬
‫عن مبطالت الصالة ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن ركعاهتا؛ ليختم بذلك‬
‫متهيدا للكالم عن السهو فيها‪.‬‬
‫الكالم عن إقامتها ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪103‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فِ َيها أ َْربَ ٌع َوثَََلثُو َن َس ْج َد ًة‪َ ،‬وأ َْربَ ٌع‬ ‫َرْك َعةً‪،‬‬
‫ش َر‬
‫ض َس ْب َعةَ َع َ‬ ‫ات الْ َف َرائِ ِ‬‫َوَرَك َع ُ‬
‫سو َن‬ ‫ث َو َخ ْم ُ‬ ‫ات‪َ ،‬وِمائَةٌ َوثَََل ٌ‬
‫تَسلِيم ٍ‬
‫ْ َ‬
‫ش ُّه َد ٍ‬
‫َو َع ْش ُر‬
‫ات‪،‬‬ ‫َوتِ ْسعُو َن تَ ْكبِ َيرًة‪َ ،‬وتِ ْس ُع تَ َ‬
‫يحةً(‪.)1‬‬ ‫تَ ْسبِ َ‬
‫الص ََلةِ ِمئَةٌ َو ِستَّةٌ َو ِع ْش ُرو َن ُرْكنًا‪ :‬فِي ُّ‬
‫الص ْب ِح ثَََلثُو َن‬ ‫ان فِي َّ‬ ‫وجملَةُ ْاْلَرَك ِ‬
‫ْ‬ ‫َُْ‬
‫سو َن ُرْكنًا(‪.)2‬‬ ‫ان وأَرب عو َن رْكنًا‪ ،‬وفِي ُّ ِ ِ‬ ‫رْكنًا‪ ،‬وفِي الْمغْ ِر ِ ِ‬
‫الربَاعيَّة أ َْربَ َعةٌ َو َخ ْم ُ‬ ‫ب اثْ نَ َ َْ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد ركعات الفرائض وعدد ما فيها من السجود‬
‫والتكبري والتشهد والتسليم والتسبيح‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وركعات الفرائض سبعة عشر ركعة) أي الفجر ركعتان‪ ،‬والظهر أربع‬
‫ركعات‪ ،‬والعصر أربع ركعات‪ ،‬واملغرب ثالث ركعات‪ ،‬والعشاء أربع ركعات‪.‬‬
‫هذا عدد ركعات الفرائض يف احلضر يف غري يوم اجلمعة‪ ،‬فأما يف السفر فعدد‬
‫الركعات إحدى عشر أي الفجر ركعتان‪ ،‬والظهر ركعتان‪ ،‬والعصر ركعتان‪،‬‬
‫واملغرب ثالث ركعات‪ ،‬والعشاء ركعتان‪ ،‬وأما يف احلضر يف يوم اجلمعة فعدد‬
‫الركعات مخس عشرة ركعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فيها) أي يف ركعات الفرائض‪( ،‬أربع وثَلثون سجدة وأربع وتسعون‬
‫تكبيرة وتسع تشهدات وعشر تسليمات ومائة وثَلث وخمسون تسبيحة)‬
‫هذا العد مبين على التأمل‪ ،‬وال يرتتب عليه كبري فائدة‪.‬‬
‫ومل يذكر املؤلف عدد الركوع ألن يف كل ركعة ركوع واحد‪ ،‬وعليه فإذا كان عدد‬
‫كوعا‪.‬‬
‫ركعات الفرائض سبع عشرة ركعة فعدد الركوع سبعة عشر ر ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد أركان الصالة يف ركعات الفرائض‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وجملة اْلركان في الصَلة مائة وستة وعشرون ركنًا) أي عدد أركان‬
‫الصالة يف ركعات الفرائض اليت هي سبع عشرة ركعة مائة وستة وعشرون ركنًا‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪104‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫صلَّى‬ ‫يض ِة َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وس َ‬ ‫ْجلُ ِ‬‫سا‪َ ،‬وَم ْن َع َج َز َع ِن ال ُ‬ ‫صلى َجال ً‬ ‫َوَم ْن َع َج َز َع ِن الْقيَ ِام في الْ َف ِر َ َ‬
‫صلَّى ُم ْستَ ْل ِقيًا‪ ،‬فَِإ ْن َع َج َز أَ ْوَمأَ بَِرأْ ِس ِه َونَ َوى بَِقلْبِ ِه(‪.)1‬‬ ‫م ْ ِ‬
‫ضطَج ًعا‪َ ،‬وَم ْن َع َج َز َع ْنهُ َ‬ ‫ُ‬

‫(في الصبح ثَلثون ركنًا وفي المغرب اثنان وأربعون ركنًا وفي الرباعية أربعة‬
‫وخمسون ركنًا) هذا العد ً‬
‫أيضا مبين على التأمل‪ ،‬وال يرتتب عليه كبري فائدة‪.‬‬
‫وقد ذكر املؤلف عدد أركان الصالة من قبل باعتبار اجلنس‪ ،‬وذكرها هنا باعتبار‬
‫األفراد‪ ،‬ومن ذلك أن السجود ركن‪ ،‬وعدده باعتبار اجلنس واحد‪ ،‬وعدده‬
‫باعتبار األفراد أربع وثالثون سجدة؛ ألن عدد ركعات الفرائض سبع عشرة ركعة‬
‫ويف كل ركعة سجدتان‪ ،‬واجملموع‪ :‬أربع وثالثون سجدة‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن من عجز عن اإلتيان بركن القيام يف الفريضة‪.‬‬
‫والعجز عن القيام هو‪ :‬أن ال يطيق القيام إال مبشقة شديدة‪.‬‬
‫جالسا) أي ق ً‬
‫اعدا‪ ،‬وال يتعني‬ ‫قوله‪( :‬ومن عجز عن القيام في الفريضة صلى ً‬
‫لقعوده هيئة‪ ،‬واالفرتاش أفضل من غريه من هيئات اجللوس‪.‬‬
‫وخص الكالم بالفريضة؛ ألن القيام يف النافلة ليس بفرض أصالً‪.‬‬
‫مضطجعا) أي على جنب‪ ،‬ويتعني أن‬ ‫ً‬ ‫قوله‪( :‬ومن عجز عن الجلوس صلى‬
‫يكون مستقبالً بوجهه القبلة‪ ،‬وال يتعني الضطجاعه جهة‪ ،‬واألفضل أن يكون‬
‫على األمين ويكره على األيسر بال عذر‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ومن عجز عنه صلى مستلقيًا) أي على ظهره‪ ،‬وجيب أن يضع حتت‬
‫رأسه شيئًا ليستقبل بوجهه القبلة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فإن عجز أومأ برأسه ونوى بقلبه) أي يف كل ما سبق من احلاالت‬
‫جيب أن ينحين بظهره عند الركوع والسجود ويكون سجوده أخفض من ركوعه‪،‬‬
‫فإن عجز ينوي الركوع وحيرك رأسه وينوي السجود وحيرك رأسه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪105‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل سجود السهو‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل احلادي عشر من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬سجود السهو‪.‬‬
‫تعريف سجود السهو‪:‬‬
‫السجود معناه‪ :‬فعل السجدة‪ ،‬والسهو معناه‪ :‬الغفلة‪.‬‬
‫وسجود‪ :‬مضاف‪ ،‬والسهو‪ :‬مضاف إليه‪ ،‬وهذا من باب إضافة الشيء إىل‬
‫سببه‪ ،‬ومعناه‪ :‬السجود الذي سببه السهو‪.‬‬
‫وعدد سجود السهو سجدتان‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن إقامة الصالة بذكر فرائضها الشاملة لشروطها وأركاهنا‬
‫وذكر سننها الشاملة ألبعاضها وهيئاهتا سواء للرجل أو للمرأة مث تكلم عن‬
‫مبطالت الصالة ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن ركعاهتا؛ ليختم بذلك الكالم‬
‫متهيدا للكالم عن سجود السهو فيها‪ ،‬فلما انتهى من الكالم عن‬ ‫إقامتها ً‬
‫ركعاهتا تكلم عن سجود السهو فيها؛ ألنه جرب ملا حيدث من اخللل الناتج عن‬
‫السهو يف الصالة‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪106‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وك ِمن َّ ِ‬
‫وب‬
‫ض‪َْ :‬ل يَنُ ُ‬ ‫ض‪َ ،‬و ُسنَّةٌ‪َ ،‬و َه ْيئَةٌ؛ فَالْ َف ْر ُ‬‫اء‪ :‬فَ ْر ٌ‬ ‫الص ََلة ثَََلثَةُ أَ ْشيَ َ‬ ‫َوال َْم ْت ُر ُ َ‬
‫يب أَتَى بِ ِه‪َ ،‬وبَنَى َعلَْي ِه‪َ ،‬و َس َج َد‬ ‫الزَما ُن قَ ِر ٌ‬‫الس ْه ِو‪ ،‬بَ ْل إ ْن ذَ َك َرهُ َو َّ‬
‫ود َّ‬ ‫َع ْنهُ ُس ُج ُ‬
‫ض‪ ،‬لَ ِكنَّهُ يَ ْس ُج ُد لِ َّ‬
‫لس ْه ِو‬ ‫س بِالْ َف ْر ِ‬ ‫ود إلَْي َها بَ ْع َد التَّ لَبُّ ِ‬ ‫لس ْه ِو‪َ ،‬و ُّ‬
‫السنَّةُ‪َْ :‬ل يَعُ ُ‬ ‫لِ َّ‬
‫ود إلَْي َها بَ ْع َد تَ ْركِ َها‪َ ،‬وَْل يَ ْس ُج ُد لِ َّ‬
‫لس ْه ِو َع ْن َها(‪.)1‬‬ ‫َع ْن َها‪َ ،‬وال َْه ْيئَةُ‪َْ :‬ل يَعُ ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن سجود السهو بسبب ترك شيء من الصالة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والمتروك من الصَلة ثَلثة أشياء فرض وسنة وهيئة)‬
‫املراد بالفرض هنا الركن‪ ،‬وذكر املؤلف أركان الصالة يف الفصل اخلامس‪ .‬والسنة‬
‫معناها‪ :‬املستحب‪ ،‬وذكر املؤلف سنن الصالة يف الفصل السادس‪ ،‬واهليئة املراد‬
‫هبا السنة التابعة لألركان‪ ،‬وذكر املؤلف هيئات الصالة يف الفصل السابع‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فالفرض ْل ينوب عنه سجود السهو بل إن ذكره والزمان قريب أتى‬
‫سهوا ال يقوم مقامه سجود‬ ‫به وبنى عليه وسجد للسهو) أي الركن املرتوك ً‬
‫السهو مبعىن ال يكفي عنه‪ ،‬وعليه فال بد من اإلتيان به‪ ،‬بل حكمه أنه إن ذكره‬
‫قبل سالمه أتى به؛ كمن سجد قبل ركوعه مث تذكر فإنه يقوم ويركع ويكمل‬
‫بقية الصالة‪ ،‬ويسجد للسهو‪ ،‬وإن تذكره بعد السالم فإن كان الفاصل بني‬
‫قصريا أتى به؛ كمن جلس للتشهد قبل أن جيلس ما بني‬ ‫السالم والتذكر ً‬
‫السجدتني ويسجد السجدة الثانية مث بعد السالم تذكر فإنه جيلس ما بني‬
‫السجدتني ويسجد السجدة الثانية ويكمل بقية الصالة‪ ،‬ويسجد للسهو‪ ،‬وإن‬
‫طال الفصل بطلت الصالة‪.‬‬
‫قول‪( :‬والسنة ْل يعود إليها بعد التلبس بالفرض لكنه يسجد للسهو عنها)‬
‫سهوا ال يأيت هبا‪ ،‬وذلك إن ذكرها بعد الدخول يف الركن؛‬‫أي السنة املرتوكة ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪107‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ات بَنَى َعلَى الْيَ ِقي ِن َو ُه َو ْاْلَقَ ُّل‪،‬‬


‫الرَكع ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإِ َذا َش َّ ِ‬
‫ك في َع َدد َما أَتَى بِه م ْن َّ َ‬ ‫َ‬
‫ِ (‪) 1‬‬
‫لس ْهو ‪.‬‬ ‫َو َس َج َد لِ َّ‬
‫الس ََلِم(‪.)2‬‬
‫الس ْه ِو ُسنَّةٌ‪َ ،‬وَم َحلُّهُ قَ ْب َل َّ‬
‫ود َّ‬ ‫َو ُس ُج ُ‬

‫قائما فال يعود إليه ويكمل‬ ‫سهوا وذكره بعد انتصابه ً‬


‫كمن ترك التشهد األول ً‬
‫صالته ويسجد للسهو‪ ،‬وأما إذا ذكره أثناء القيام وقبل االنتصاب فيعود ويأيت به‬
‫وال يسجد للسهو إن كان للقعود أقرب‪ ،‬وإن كان للقيام أقرب سجد للسهو‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والهيئة ْل يعود إليها بعد تركها وْل يسجد للسهو عنها) أي اهليئة املرتوكة‬
‫سهوا ال يأيت هبا‪ ،‬وال يسجد للسهو عنها؛ كمن ركع بغري تكبرية االنتقال‪.‬‬
‫ً‬
‫سهوا‪ ،‬وهو أنه يعود لألصل ويكمل‬ ‫ومل يذكر املؤلف حكم الزيادة يف الصالة ً‬
‫صالته ويسجد للسهو‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن سجود السهو بسبب الشك يف عدد ركعات الصالة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وإذا شك في عدد ما أتى به من الركعات بنى على اليقين وهو‬
‫اْلقل وسجد للسهو) أي إذا شك املصلي يف عدد ما صلى من الركعات ـ‬
‫كمن شك وهو يف صالة الظهر هل صلى ثالثًا أم أر ًبعا ـ بىن على اليقني أي‬
‫يأخذ باألقل؛ ألنه هو املتيقن به‪ ،‬واألقل يف املثال املذكور ثالثة‪ ،‬وعلى هذا‬
‫فيأيت بركعة رابعة‪ ،‬ويسجد للسهو‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن حكم سجود السهو وحمله‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وسجود السهو سنة) أي حكمه سنة‪( ،‬ومحله قبل السَلم) أي إن‬
‫سلم بال سجود وقد طال الفصل فات حمله فال يسجد‪ ،‬وأما إن قصر الفصل‬
‫مل يفت حمله فله السجود وتركه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪108‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل األوقات التي ال يصلى فيها‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين عشر من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬األوقات اليت ال يصلى فيها‪.‬‬
‫تعريف األوقات اليت ال يصلى فيها‪:‬‬
‫هي األوقات اليت ينهى عن الصالة فيها‪.‬‬
‫واملعتمد يف املذهب أنه هني حترمي‪ ،‬وإن صلى فيها فصالته باطلة‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف يف الفصول السابقة عن مواقيت الصالة وصفتها ومبطالهتا‬
‫وركعاهتا والسهو فيها ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن األوقات اليت ينهى عن‬
‫الصالة فيها حىت ال تفعل الصالة فيها‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪109‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الص ْب ِح َحتَّى‬‫ص ََلةِ ُّ‬ ‫ب‪ :‬بَ ْع َد َ‬ ‫ص ََل ًة لَ َها َسبَ ٌ‬


‫ِ‬
‫صلَّى ف َيها َّإْل َ‬
‫ٍ‬
‫سةُ أ َْوقَات َْل يُ َ‬ ‫َو َخ ْم َ‬
‫وع َها َحتَّى تَتَ َك َام َل َوتَ ْرتَِف َع قَ ْد َر ُرْم ٍح‪َ ،‬و ِع ْن َد ِاْل ْستِ َو ِاء‬‫الشمس‪ ،‬و ِع ْن َد طُلُ ِ‬
‫تَطْلُ َع َّ ْ ُ َ‬
‫الش ْمس‪َ ،‬و ِع ْن َد الْغُر ِ‬ ‫ص ِر َحتَّى تَ ْغ ُر َ‬
‫ِ‬
‫وب َحتَّى‬ ‫ُ‬ ‫ب َّ ُ‬ ‫ص ََلة ال َْع ْ‬
‫ول‪َ ،‬وبَ ْع َد َ‬ ‫َحتَّى تَ ُز َ‬
‫يَتَ َك َام َل غُ ُروبُ َها(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد األوقات اليت ال يصلى فيها‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وخمسة أوقات ْل يصلى فيها) أي عدد األوقات اليت ينهى عن‬
‫الصالة فيها مخسة أوقات‪.‬‬
‫(إْل صَلة لها سبب) أي الصالة اليت هلا سبب ال ينهى فعلها يف هذه األوقات‪.‬‬
‫واملراد بالسبب السبب املتقدم أو املقارن؛ فاملتقدم كالصالة الفائتة وحتية‬
‫املسجد واملقارن كصالة الكسوف‪ ،‬وعلى هذا فالصالة اليت ينهى عن فعلها يف‬
‫هذه األوقات هي الصالة اليت ال سبب هلا‪ ،‬وهي النافلة املطلقة‪ ،‬وكذلك‬
‫الصالة اليت هلا سبب متأخر كركعيت االستخارة واإلحرام‪.‬‬
‫(بعد صَلة الصبح حتى تطلع الشمس) أي الوقت األول يبدأ باالنتهاء من‬
‫أداء صالة الصبح وينتهي بابتداء طلوع الشمس‪.‬‬
‫(وعند طلوعها حتى تتكامل وترتفع قدر رمح) أي الوقت الثاين يبدأ بابتداء‬
‫طلوع الشمس وينتهي باكتمال طلوع الشمس وارتفاعها عن األرض قدر رمح‪.‬‬
‫(وإذا استوت حتى تزول) أي الوقت الثالث يبدأ باستواء الشمس أي وصوهلا إىل‬
‫وسط السماء وينتهي مبيلها من الوسط إىل جهة الغروب‪ ،‬وهو وقت قصري جدًّا‪.‬‬
‫(وبعد صَلة العصر حتى تغرب الشمس) أي الوقت الرابع يبدأ باالنتهاء من‬
‫أداء صالة العصر وينتهي بابتداء غروب الشمس‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪110‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(وعند الغروب حتى يتكامل غروبها) أي الوقت اخلامس يبدأ بابتداء غروب‬
‫الشمس وينتهي باكتمال غروب الشمس‪.‬‬
‫هذه مخسة أوقات‪ ،‬وبعضهم خيتصرها يف ثالثة أوقات‪ :‬بعد صالة الصبح إىل‬
‫أن يكتمل طلوع الشمس وترتفع قيد رمح‪ ،‬واالستواء‪ ،‬وبعد صالة العصر إىل‬
‫أن يكتمل غروب الشمس‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪111‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل صَلة اجلماعة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث عشر من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬صالة اجلماعة‪.‬‬
‫تعريف صالة اجلماعة‪:‬‬
‫هي صالة الفريضة تؤدى يف مجاعة‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا انتهى املؤلف من الكالم عن الصالة اليت تُفعل بانفراد أو مجاعة؛ ناسب أن‬
‫أحكاما ختتص هبا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يفرد بابًا للكالم عن صالة اجلماعة‪ ،‬وذلك ألن هلا‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخس مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪112‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اع ِة ُسنَّةٌ ُم َؤَّك َدةٌ(‪.)1‬‬


‫ْج َم َ‬ ‫ص ََلةُ ال َ‬
‫َو َ‬
‫اْل َم ِام(‪.)2‬‬
‫ام ُدو َن ِْ‬ ‫وم أَ ْن ي ْن ِو ِ ِ‬ ‫وعلَى الْمأْم ِ‬
‫ي اْلئْت َم َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ ُ‬
‫ْح ُّر بِال َْع ْب ِد‪َ ،‬والْبَالِ ُغ بِال ُْم َر ِاه ِق(‪.)3‬‬
‫وز أَ ْن يَأْتَ َّم ال ُ‬
‫َويَ ُج ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم صالة اجلماعة‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وصَلة الجماعة سنة مؤكدة) أي حكمها سنة مؤكدة‪.‬‬
‫ومعىن سنة‪ :‬مستحبة‪ ،‬ومقتضى أهنا مؤكدة يكره التخلف عنها بغري عذر‪.‬‬
‫واملنصوص عن الشافعي أن اجلماعة فرض كفاية‪ ،‬فقد يكون مراد املؤلف أنه‬
‫إذا حتقق فرض الكفاية فهي سنة مؤكدة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن اشرتاط نية اجلماعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وعلى المأموم أن ينوي اْلئتمام دون اْلمام) أي اشرتاط نية اجلماعة‬
‫على املأموم دون اإلمام‪.‬‬
‫وإذا صلى اإلمام بغري نية اإلمامة‪ ،‬وإذا صلى املأموم بغري نية االئتمام ومل يتابع‬
‫اإلمام يف أفعاله؛ فصالهتما صحيحة‪ ،‬لكن فرادى ال مجاعة‪ ،‬وعليه فال يناالن‬
‫أجر اجلماعة‪ .‬وإمنا ذكر املؤلف أن النية شرط على املأموم؛ ألن املأموم إذا‬
‫صلى بغري نية االئتمام وتابع اإلمام يف أفعاله بطلت صالته‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن حكم إمامة العبد باحلر واملراهق بالبالغ‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويجوز أن يأتم الحر بالعبد والبالغ بالمراهق) أي جيوز أن يكون‬
‫حرا‪ ،‬وأن يكون اإلمام مراه ًقا واملأموم بالغًا‪.‬‬
‫عبدا واملأموم ً‬
‫اإلمام ً‬
‫ويف التعبري باجلواز إشارة إىل أن األفضل إمامة احلر البالغ‪.‬‬
‫ومراده باملراهق الصيب املميز‪ ،‬ومفهوم كالمه أن إمامة الصيب غري املميز غري‬
‫جائزة‪ ،‬وهي كذلك لفقدان النية‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪113‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ص ُّح قُ ْد َوةُ َر ُج ٍل بِ ْام َرأَةٍ‪َ ،‬وَْل قَا ِر ٍئ بِأ ُِّم ِّي(‪.)1‬‬‫وَْل تَ ِ‬


‫َ‬
‫اْلم ِام فِ ِيه و ُهو َعالِم بِ ِ‬ ‫ض ٍع صلَّى فِي الْمس ِج ِد بِ ِ‬
‫ص ََلتِه أ ْ‬
‫َج َزأَهُ‬ ‫َ َ ٌ َ‬ ‫ص ََلة ِْ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫َي مو ِ‬
‫َوأ ُّ َ ْ‬
‫ص ََلتِِه َوَْل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ِج ال َْم ْسجد قَ ِريبًا م ْنهُ‪َ ،‬و ُه َو َعال ٌم بِ َ‬ ‫صلَّى َخار َ‬ ‫َما لَ ْم يَتَ َق َّد ْم َعلَْيه‪َ ،‬وإِ ْن َ‬
‫از(‪.)2‬‬ ‫اك َج َ‬ ‫َحائِ َل ُهنَ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن حكم ائتمام الرجل باملرأة والقارئ باألمي‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل تصح قدوة رجل بامرأة وْل قارئ بأمي) أي هذه اإلمامة ال تصح‪.‬‬
‫واملراد بالقارئ من حيسن قراءة الفاحتة‪ ،‬واألمي من ال حيسن قراءة الفاحتة فيخل‬
‫حبرف‪ ،‬ومسي أمي كأنه باق على احلال اليت كان عليه حني والدة أمه له‪،‬‬
‫واإلخالل باحلرف يكون بإسقاطه أو بإبداله؛ فاألول كأن يقول‪ :‬إياك نعبد‬
‫إياك نستعني؛ أسقط الواو‪ ،‬ومنه اإلخالل بالتشديدة؛ كأن يقول‪ :‬إياك نعبد‪،‬‬
‫بفتح الياء من غري شدة‪ ،‬والثاين كأن يقول‪ :‬اهلمد هلل؛ أبدل احلاء هاء‪.‬‬
‫ومفهوم كالمه صحة ائتمام املرأة باملرأة‪.‬‬
‫وكذلك ومفهوم كالمه صحة ائتمام األمي باألمي‪ ،‬لكن بشرط اتفاقهما يف‬
‫احلرف املعجوز عنه؛ كأن عجزا عن الراء‪ ،‬وأما لو اختلفا يف احلرف املعجوز عنه‬
‫فال يصح اقتداء أحدمها باآلخر‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن شروط االئتمام‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وأي موضع صلى في المسجد بصَلة اْلمام فيه وهو عالم بصَلته‬
‫أجزأه ما لم يتقدم عليه) أي إذا صلى يف املسجد بصالة اإلمام فاقتداؤه جمزئ‬
‫بشرطني‪ :‬األول‪ :‬أن يكون عالِ ًما بصالة إمامه‪ ،‬والثاين أن ال يتقدم على إمامه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪114‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫واملراد بالعلم بصالة اإلمام أي العلم بأفعاله الظاهرة‪ ،‬مث العلم قد يكون‬
‫مبشاهدة اإلمام أو مبشاهدة بعض الصفوف وقد يكون بسماع صوت اإلمام أو‬
‫بسماع صوت املبلغ‪.‬‬
‫واملراد بعدم التقدم على اإلمام أي يف املوقف‪ ،‬مث االعتبار يف التقدم العقب‪،‬‬
‫وهو مؤخر الرجل ال الكعب؛ فلو تساويا يف العقب وتقدمت أصابع املأموم مل‬
‫يضر‪.‬‬
‫ومفهوم الشرط األول أن البعد عن اإلمام وذلك بانقطاع الصفوف بينهما ال‬
‫يضر‪ ،‬وكذلك وجود احلائل بينهما ال يضر‪.‬‬
‫ومفهوم الشرط الثاين أن املساواة ال تضر‪ .‬ولكنها مفوتة لفضيلة اجلماعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وإن صلى في المسجد والمأموم خارج المسجد قريبًا منه وهو عالم‬
‫بصَلته وْل حائل هناك جاز) أي إذا صلى خارج املسجد واإلمام يف املسجد‬
‫فاقتداؤه جمزئ بثالثة شروط‪ :‬األول‪ :‬أن يكون قريبًا من إمامه‪ ،‬والثاين‪ :‬أن‬
‫يكون عالِ ًما بصالة إمامه‪ ،‬والثالث‪ :‬أن ال يكون بينهما حائل‪.‬‬
‫واملراد بالقرب من اإلمام أنه يف حال انقطاع الصفوف ال تزيد املسافة على‬
‫ثالمثائة ذراع بني املأموم وآخر املسجد أو بني املأموم وآخر الصف خارج‬
‫املسجد‪.‬‬
‫ومفهوم الشرط الثالث‪ :‬أنه إذا كان بني املأموم واإلمام جدار بال باب أو جدار‬
‫له باب مغلق أو مردود أو مفتوح لكن مل يقف حبذائه أو شباك ولو وقف‬
‫حبذائه فال يصح االئتمام؛ لعدم إمكان املشاهدة أو االستطراق أي املرور‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪115‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل صَلة املسافر‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع عشر من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬صالة املسافر‪.‬‬
‫تعريف صالة املسافر‪:‬‬
‫صالة املسافر من باب إضافة الشيء إىل فاعله‪ ،‬يعين الصالة اليت يفعلها‬
‫املسافر‪.‬‬
‫واملراد بصالة املسافر صالة الفريضة تؤدى يف السفر‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا انتهى املؤلف من الكالم عن الصالة اليت تُفعل يف احلضر ناسب أن يتكلم‬
‫عن الصالة اليت تُفعل يف السفر‪ ،‬وذلك ألن الصالة يف السفر هلا أحكام ختتص‬
‫هبا‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪116‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ط‪ :‬أَ ْن يَ ُكو َن َس َف ُرهُ فِي‬ ‫س َش َرائِ َ‬ ‫الرب ِ‬


‫اعيَّ ِة بِ َخ ْم ِ‬ ‫وز لِلْمسافِ ِر قَصر َّ ِ‬
‫الص ََلة ُّ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َويَ ُج ُ ُ َ‬
‫ش َر فَ ْر َس ًخا‪َ ،‬وأَ ْن يَ ُكو َن ُم َؤدِّيًا لِ َّ‬
‫لص ََلةِ‬ ‫سافَ تُهُ ِستَّةَ َع َ‬ ‫ٍِ‬
‫غَْي ِر َم ْعصيَة‪َ ،‬وأَ ْن تَ ُكو َن َم َ‬
‫اْل ْح َر ِام‪َ ،‬وأَ ْن َْل يَأْتَ َّم بِ ُم ِق ٍ‬
‫ص َر َم َع ِْ‬ ‫ُّ ِ ِ‬
‫يم(‪.)1‬‬ ‫الربَاعيَّة‪َ ،‬وأَ ْن يَ ْن ِو َ‬
‫ي الْ َق ْ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن القصر يف السفر‪.‬‬


‫وشرعا‪ :‬نقص عدد ركعات الصالة‪.‬‬ ‫والقصر لغة‪ :‬النقص‪ً ،‬‬
‫قوله‪( :‬ويجوز للمسافر قصر الصَلة) أي إذا كانت مسافة السفر ي ً‬
‫وما كامالً‬
‫كما سيأيت‪ ،‬وأما إذا كانت مسافة السفر ثالثة أيام فأكثر فالقصر مستحب‪.‬‬
‫(الرباعية) أي الصالة اليت تقصر هي الرباعية‪ ،‬سواء الظهر أو العصر أو‬
‫العشاء‪ ،‬وكيفية قصرها‪ :‬أهنا تُنقص من أربع إىل ركعتني‪.‬‬
‫وعلى هذا فالفجر واملغرب ال قصر فيهما‪.‬‬
‫(بخمس شرائط) أي القصر ال جيوز إال خبمسة شروط‪:‬‬
‫(أن يكون سفره في غير معصية) هذا الشرط األول‪.‬‬
‫مشروعا سواء كان واجبًا كاحلج الواجب‪ ،‬أو مستحبًا كاحلج‬
‫ً‬ ‫أي أن يكون سفره‬
‫مكروها كسفر املنفرد‪ ،‬وعلى هذا لو كان‬
‫ً‬ ‫مباحا كالتجارة‪ ،‬أو‬
‫املستحب‪ ،‬أو ً‬
‫حمرما كمن سافر لشرب اخلمر فال جيوز له القصر‪ .‬وأما من كان سفره‬ ‫سفره ً‬
‫مشروعا وأحدث فيه معصية؛ كمن شرب اخلمر أثناء سفره‪ ،‬فيجوز له القصر‪.‬‬ ‫ً‬
‫(وأن تكون مسافته ستة عشر فرس ًخا) هذا الشرط الثاين‪.‬‬
‫فرسخا‪.‬‬
‫أي أن تكون مسافة القصر ال تقل عن ستة عشر ً‬
‫واملراد مبسافة القصر‪ :‬املسافة اليت جيوز هبا القصر‪ ،‬وهي‪ :‬ما بني املكان الذي‬
‫يريد السفر منه واملكان الذي يريد السفر إليه‪ ،‬وعلى هذا فمن أراد السفر ـ‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪117‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫واملسافة اليت بني املكان الذي يريد السفر منه واملكان الذي يريد السفر إليه‬
‫فرسخا فأكثر جاز له القصر‪ ،‬وإن كانت دون ذلك مل جيز له‬ ‫ً‬ ‫ستة عشر‬
‫القصر‪.‬‬
‫وكان املتقدمون يوقتون املسافة باأليام‪ ،‬فيقولون‪ :‬مسافة القصر مسرية يومني‪.‬‬
‫وهذا التوقيت ملن جعل السفر على مرحلتني مرحلة سري ومرحلة توقف‪ ،‬أي‬
‫على تقدير أنه يسري يف النهار ويتوقف يف الليل‪ ،‬وأما التوقيت ملن جعل السفر‬
‫مرحلة واحدة فإنه يقول‪ :‬مسافة القصر يوم كامل‪ ،‬أي على تقدير أنه يسري يف‬
‫النهار والليل‪ ،‬ومسافة القصر بالتوقيت العصري‪ :‬اختلفوا فيه ما بني (‪80‬كم)‬
‫إىل (‪90‬كم)‪.‬‬
‫والسفر باملسافة اليت جيوز هبا القصر يسمى عند الفقهاء السفر الطويل‪ ،‬والسفر‬
‫دون هذه املسافة يسمى السفر القصري‪.‬‬
‫(وأن يكون مؤديَّا للصَلة الرباعية) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫أي ال يكون قاضيًا‪ ،‬وعليه فمن فاتته صالة رباعية يف احلضر وأراد قضاءها يف‬
‫السفر وجب عليه اإلمتام‪.‬‬
‫(وأن ينوي القصر مع اْلحرام) هذا الشرط الرابع‪.‬‬
‫أي أن ينوي القصر عند شروعه يف الصالة‪ ،‬وعلى هذا فمن كرب للصالة غري‬
‫نا ٍو للقصر فليس له أن يقصر‪.‬‬
‫(وأن ْل يأتم بمقيم) هذا الشرط اخلامس‪.‬‬
‫مقيما فسيتم صالته وعلى‬
‫مقيما؛ ألنه إذا كان اإلمام ً‬
‫أي أن ال يكون إمامه ً‬
‫املأموم أن يتابعه يف ذلك‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪118‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِ‬ ‫وز لِلْمسافِ ِر أَ ْن يجمع ب ين الظُّ ْه ِر والْع ْ ِ‬


‫ص ِر في َوقْت أَيِّ ِه َما َش َ‬
‫اء‪َ ،‬وبَ ْي َن‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ َ َْ َ‬ ‫َويَ ُج ُ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ب وال ِْع َ ِ ِ‬
‫شاء في َوقْت أَيِّ ِه َما َش َ‬
‫اء(‪.)1‬‬ ‫ال َْم ْغ ِر ِ َ‬
‫ْت ْاْلُولَى ِم ْن ُه َما(‪.)2‬‬ ‫َ‬ ‫َ َََ َ‬ ‫َ‬
‫وز لِلْح ِ‬
‫اض ِر فِي الْمطَ ِر أَ ْن ي ْجمع ب ْي نَ ُهما فِي وق ِ‬
‫َويَ ُج ُ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن اجلمع يف السفر‪.‬‬


‫وشرعا‪ :‬فعل الصالتني يف وقت واحد‪.‬‬‫واجلمع لغة‪ :‬الضم‪ً ،‬‬
‫قوله‪( :‬ويجوز للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت أيهما شاء‬
‫وبين المغرب والعشاء في وقت أيهما شاء) أي يباح اجلمع يف السفر بني‬
‫الظهر والعصر وبني املغرب والعشاء‪.‬‬
‫واجلمع بني الظهر والعصر بعرفة وبني املغرب والعشاء باملزدلفة سنة‪ ،‬وأما اجلمع‬
‫يف السفر فيما سوى ذلك فجائز‪ ،‬وليس بسنة‪ ،‬وهذا هو مراد املؤلف‪.‬‬
‫ومعىن قوله‪( :‬في وقت أيهما شاء) أي جيوز مجع التقدمي ومجع التأخري‪ ،‬ومعىن‬
‫مجع التقدمي‪ :‬أن جيمع بينهما يف وقت األوىل‪ ،‬ومعىن مجع التأخري‪ :‬أن جيمع‬
‫بينهما يف وقت الثانية‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن اجلمع يف احلضر‪.‬‬
‫وهذه املسألة ال تتعلق بصالة املسافر‪ ،‬ولكن ملا تكلم عن اجلمع يف السفر‬
‫ناسب أن يتكلم عن اجلمع يف احلضر‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويجوز للحاضر في المطر أن يجمع بينهما في وقت اْلولى منهما)‬
‫أي جيوز للمقيم اجلمع يف احلضر بشرطني‪ :‬األول‪ :‬أن يكون سبب اجلمع‬
‫تأخريا‪.‬‬
‫املطر‪ ،‬والثاين‪ :‬أن يكون اجلمع تقدميًا ال ً‬
‫وال جيوز اجلمع للمنفرد وال ملن ال تبتل ثيابه‪ ،‬وعلى هذا فمراد املؤلف جيوز اجلمع‬
‫ملن يريد أن يصلي مجاعة يف موضع لو سعى إليه أصابه املطر وابتلت ثيابه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪119‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل صَلة اجلمعة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل اخلامس عشر من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬صالة اجلمعة‪.‬‬
‫تعريف صالة اجلمعة‪:‬‬
‫صالة اجلمعة من باب إضافة الشيء إىل وقته‪ ،‬يعين الصالة اليت تفعل يوم‬
‫اجلمعة بدالً عن صالة الظهر‪ ،‬ومعىن البدلية أن تؤدى صالة اجلمعة وال تؤدى‬
‫صالة الظهر بسبب أداء صالة اجلمعة‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ذكر املؤلف صالة اجلمعة بعد صالة املسافر ملشاهبتها هلا يف الفرضية وعدد‬
‫الركعات‪ ،‬فصالة املسافر تتعلق بصالة الفرض‪ ،‬وصالة اجلمعة فرض‪ ،‬وكلتامها‬
‫ركعتان‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخس مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪120‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وب ال ِ‬ ‫َو َش َرائِ ُ‬


‫ْح ِّريَّةُ‪،‬‬ ‫اء‪ِْ :‬‬
‫اْل ْس ََل ُم‪َ ،‬والْبُ لُوغُ‪َ ،‬وال َْع ْق ُل‪َ ،‬وال ُ‬ ‫ط ُو ُج ِ ُ‬
‫ْج ُم َعة َس ْب َعةُ أَ ْشيَ َ‬
‫الص َّحةُ‪َ ،‬و ِاْل ْستِيطَا ُن(‪.)1‬‬
‫ورةُ‪َ ،‬و ِّ‬ ‫َو ُّ‬
‫الذ ُك َ‬
‫ِ‬ ‫و َشرائِ ُ ِ‬
‫ص ًرا أ َْو قَ ْريَةً‪َ ،‬وأَ ْن يَ ُكو َن ال َْع َد ُد‬ ‫ط فِ ْعل َها ثَََلثَةٌ‪ :‬أَ ْن تَ ُكو َن الْبَ لَ ُد م ْ‬ ‫َ َ‬
‫ْت أ َْو عُ ِد َم ْ‬ ‫أَرب ِعين ِمن أ َْه ِل الْجمع ِة‪ ،‬وأَ ْن ي ُكو َن الْوق ُ ِ‬
‫ت‬ ‫ج ال َْوق ُ‬ ‫ْت بَاقيًا‪ ،‬فَِإ ْن َخ َر َ‬ ‫ُ َُ َ َ ْ َ‬ ‫َْ َ ْ‬
‫ت ظُ ْه ًرا(‪.)2‬‬‫صلِّيَ ْ‬
‫ط ُ‬ ‫الش ُرو ُ‬‫ُّ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن شرائط وجوب حضور اجلمعة‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وشرائط وجوب الجمعة سبعة أشياء) أي شروط وجوب حضور‬
‫اجلمعة سبعة‪.‬‬
‫(اْلسَلم والبلوغ والعقل والحرية والذكورية والصحة واْلستيطان( املراد‬
‫باالستيطان اإلقامة‪ ،‬ومفهوم كالمه‪ :‬ال جتب اجلمعة على كافر وال صيب وال‬
‫جمنون وال مملوك وال أنثى وال مريض يشق عليه احلضور وال مسافر‪ ،‬خبالف‬
‫املقيم إقامة مؤقتة فإن اجلمعة جتب عليه‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن شرائط صحة إقامة اجلمعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وشرائط فعلها ثَلثة) أي شروط صحة إقامة اجلمعة ثالثة‪.‬‬
‫مصرا أو قرية) هذا الشرط األول‪.‬‬‫(أن تكون البلد ً‬
‫أي أن يكون مكان استقرار الناس فيه أبنية‪ ،‬والبلد هي‪ :‬قطعة من األرض‬
‫عامرة أو غامرة‪ ،‬أي خالية من الناس‪ ،‬واملصر هي‪ :‬قطعة من األرض عامرة‬
‫باألبنية‪ ،‬وفيها حاكم وشرطة وسوق للبيع والشراء‪ ،‬والقرية هي قطعة من‬
‫األرض عامرة باألبنية‪ ،‬ولكنها خالية من احلاكم والشرطة والسوق‪.‬‬
‫ومفهوم هذا الشرط ال جتب إقامة اجلمعة على أهل البوادي أصحاب اخليام‬
‫وحنوهم؛ ألن مكاهنم ليس فيه أبنية ولو استقروا فيه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪121‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫صلَّى َرْك َعتَ ْي ِن‬ ‫ِ‬ ‫ان يَ ُق َ ِ ِ‬


‫ض َها ثَََلثَةٌ‪ُ :‬خطْبتَ ِ‬
‫َوفَ َرائِ ُ‬
‫س بَ ْي نَ ُه َما‪َ ،‬وأَ ْن تُ َ‬
‫وم فيه َما َويَ ْجل َ‬ ‫َ‬
‫اع ٍة(‪.)1‬‬
‫فِ ْي َج َم َ‬

‫(وأن يكون العدد أربعين من أهل الجمعة) هذا الشرط الثاين‪.‬‬


‫وهو أن يكون احلاضرون مجاعة ال يقل عددهم عن أربعني‪ ،‬والوصف املعترب‬
‫فيهم أن يكونوا من أهل اجلمعة أي ممن تنعقد هبم اجلمعة‪.‬‬
‫ائدا عليهم؟ املشهور‪ :‬أنه منهم‪.‬‬‫وهل يكون اإلمام منهم‪ ،‬أو يشرتط أن يكون ز ً‬
‫والذي تنعقد به اجلمعة هو املسلم البالغ العاقل احلر الذكر املقيم إقامة دائمة‪.‬‬
‫وعليه فاملريض ال جيب عليه حضور اجلمعة‪ ،‬ولكن إذا حضر تنعقد به‪ ،‬واملقيم‬
‫إقامة مؤقتة جيب عليه حضور اجلمعة‪ ،‬ولكن إذا حضر ال تنعقد به‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬لو حضر اجلمعة تسعة وثالثون رجالً فال يصح فعل اجلمعة؛ ألن‬
‫اجلمعة ال تنعقد بأقل من األربعني‪ .‬ولو حضر شخص وكمل األربعني؛ فإن‬
‫كان من أهل البلد وهو مريض تنعقد به‪ ،‬ولو كان من غري أهل البلد بل هو‬
‫مسافر أو مقيم إقامة مؤقتة فال تنعقد به‪.‬‬
‫(وأن يكون الوقت باقيًا) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫وقت اجلمعة هو نفسه وقت الظهر‪ ،‬فيشرتط لفعل اجلمعة أن يكون ما تبقى‬
‫من الوقت كافيًا للخطبة والصالة؛ فال يفعل جزء منها خارج الوقت‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فإن خرج الوقت) أي قبل فعل اجلمعة (أو عدمت الشروط) أي البلد‬
‫مصرا أو قرية أو العدد أقل من األربعني أو الوقت ليس كافيًا (صليت‬ ‫ليس ً‬
‫ظهرا) أي ال تصح أن تصلى مجعة‪ ،‬وإمنا تصلى ً‬
‫ظهرا‪.‬‬ ‫ً‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن فرائض اجلمعة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪122‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْجس ِد‪َ ،‬ولُْبس الثِّ يَ ِ‬


‫اب الْبِ ِ‬
‫يض‪،‬‬ ‫ال‪ :‬الْغُ ْس ُل‪َ ،‬وتَ ْن ِظ ُ‬
‫صٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫يف ال َ َ‬ ‫َو َه ْيئَاتُ َها أ َْربَ ُع خ َ‬
‫َوأَ ْخ ُذ الظُّْف ِر‪َ ،‬والطِّي ُ‬
‫ب(‪.)1‬‬

‫واملراد بالفرائض األركان‪ ،‬أي األشياء اليت جيب أن تفعل يف اجلمعة‪ ،‬وال تصح‬
‫بدوهنا‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وفرائضها ثَلثة) أي عدد أركان اجلمعة ثالثة‪.‬‬
‫(خطبتان يقوم فيهما ويجلس بينهما) أي الركنان األول والثاين خطبتان‪،‬‬
‫ويشرتط لصحتهما أن يؤديهما اخلطيب وهو قائم ويفصل بينهما جبلوس‪.‬‬
‫(وأن تصلى ركعتين في جماعة) أي الركن الثالث صالة ركعتني‪ ،‬ويشرتط‬
‫لصحتها أن تكون يف مجاعة‪.‬‬
‫والعدد املشرتط يف حضور اجلمعة أربعون‪ ،‬وهو شرط يف اخلطبة والصالة؛ فأما‬
‫يف اخلطبة فيتحقق الشرط حبضور أركان اخلطبة‪ ،‬وعليه فلو حضر أربعون أركان‬
‫اخلطبة‪ ،‬ونقصوا يف أثنائها فال يضر‪ ،‬وأما يف الصالة فيتحقق الشرط حبضور‬
‫مجيع الصالة‪.‬‬
‫وأركان اخلطبة مخسة‪ :‬ثالثة أركان يف اخلطبتني‪ ،‬وهي‪ :‬احلمد هلل تعاىل‪ ،‬والصالة‬
‫على النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬والوصية بتقوى اهلل‪ ،‬والرابع‪ :‬قراءة آية مفهومة‬
‫يف إحدى اخلطبتني‪ ،‬واخلامس‪ :‬دعاء أخروي للمؤمنني يف اخلطبة الثانية‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن هيئات اجلمعة‪.‬‬
‫اصطالحا‪ :‬السنة التابعة حلضور‬
‫ً‬ ‫اهليئات‪ :‬مجع هيئة‪ ،‬ومعناها لغة‪ :‬الصفة‪ ،‬و‬
‫اجلمعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وهيئاتها أربع خصال) أي السنن التابعة حلضور اجلمعة أربعة خصال‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪123‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫صلَّى‬
‫ب َ‬
‫ام يَ ْخطُ ُ‬ ‫ْخطْبَ ِة‪َ ،‬وَم ْن َد َخ َل َو ِْ‬
‫اْل َم ُ‬
‫ات فِي وق ِ‬
‫ْت ال ُ‬ ‫َ‬ ‫ص ُ‬ ‫اْلنْ َ‬‫ب ِْ‬ ‫َويُ ْستَ َح ُّ‬
‫ِ‬
‫َرْك َعتَ ْي ِن َخفي َفتَ ْي ِن ثُ َّم َجلَ َ‬
‫س(‪.)1‬‬

‫(الغسل وتنظيف الجسد) هذه اهليئة األوىل‪.‬‬


‫أي الغسل ومعه تنظيف اجلسد‪ ،‬وهو يشري بذلك إىل أن احلكمة من الغسل ال‬
‫جمرد الزينة‪ ،‬بل وتنظيف اجلسد من األوساخ اليت حيصل بسببها رائحة كريهة‬
‫حىت ال يتأذى احلاضرون‪.‬‬
‫(ولبس الثياب البيض) هذه اهليئة الثانية‪.‬‬
‫أي للزينة؛ ألهنا أفضل الثياب‪.‬‬
‫(وأخذ الظفر) هذه اهليئة الثالثة‪.‬‬
‫أي تقليمه‪ ،‬وذلك إذا كان طويالً‪ ،‬ومثله نتف شعر اإلبط وحلق العانة‪.‬‬
‫(والطيب) هذه اهليئة الرابعة‪.‬‬
‫أي استعماله‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن آداب اخلطبة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويستحب اْلنصات في وقت الخطبة) هذا األدب األول‪.‬‬
‫ومعىن اإلنصات السكوت واإلصغاء‪.‬‬
‫(ومن دخل واْلمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين ثم يجلس) هذا األدب‬
‫الثاين‪.‬‬
‫قال‪( :‬خفيفتين) ألجل إدراك استحباب اإلنصات وقت اخلطبة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪124‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل صَلة العيدين‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السادس عشر من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬صالة العيدين‪.‬‬
‫تعريف صالة العيدين‪:‬‬
‫صالة العيدين من باب إضافة الشيء إىل وقته‪ ،‬يعين الصالة اليت تُفعل يف وقت‬
‫العيدين‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬يوم‬
‫ً‬ ‫العود أي الرجوع‪،‬‬‫والعيدان‪ :‬مثىن عيد‪ ،‬وهو لغة‪ :‬مشتق من َ‬
‫ين ليشمل عيد الفطر وعيد األضحى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خمصوص‪ُ ،‬مسي بذلك َلعوده وتَ َكُّرره‪ ،‬وثـُ َِّ‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ذكر املؤلف صالة العيدين بعد صالة اجلمعة ملشاهبتها هلا من حيث إهنا تُؤدى‬
‫جبم ٍع عظيم وخطبة وتَ َكُّرر‪ ،‬فصالة اجلمعة تتكرر مرة كل أسبوع‪ ،‬وصالة‬
‫العيدين تتكرر مرتني كل سنة‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪125‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ص ََلةُ ال ِْعي َديْ ِن ُسنَّةٌ ُم َؤَّك َدةٌ(‪.)1‬‬


‫َو َ‬
‫اْل ْح َر ِام‪َ ،‬وفِي الثَّانِيَ ِة‬ ‫ان‪ ،‬يُ َكبِّ ُر فِي ْاْلُولَى َس ْب ًعا ِس َوى تَ ْكبِ َيرةِ ِْ‬ ‫و ِهي رْكعتَ ِ‬
‫َ َ ََ‬
‫سا ِس َوى تَ ْكبِ َيرةِ ال ِْقيَ ِام(‪.)2‬‬ ‫َخ ْم ً‬
‫ب بَ ْع َد ُه َما ُخطْبَتَ ْي ِن‪ ،‬يُ َكبِّ ُر فِي ْاْلُولَى تِ ْس ًعا‪َ ،‬وفِي الثَّانِيَ ِة َس ْب ًعا(‪.)3‬‬ ‫َويَ ْخطُ َ‬
‫الص ََلةِ‪،‬‬ ‫ام فِي َّ‬ ‫يد إلَى أَ ْن يَ ْد ُخ َل ِْ‬‫س ِمن لَي لَ ِة ال ِْع ِ‬ ‫َويُ َكبِّ ر ِم ْن غُر ِ‬
‫اْل َم ُ‬ ‫الش ْم ِ ْ ْ‬ ‫وب َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫آخ ِر‬ ‫ض ِمن صب ِح ي وم عرفَةَ إلَى الْعص ِر ِمن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َوفِي ْاْلَ ْ‬
‫َ ْ ْ‬ ‫ص ََلة الْ َف َرائ ِ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َ‬ ‫ْف َ‬ ‫ض َحى َخل َ‬
‫أَيَّ ِام التَّ ْش ِر ِيق(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم صالة العيدين‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وصَلة العيدين سنة مؤكدة) أي حكمها سنة مؤكدة‪.‬‬
‫ومعىن سنة‪ :‬مستحبة‪ ،‬ومقتضى أهنا مؤكدة يكره التخلف عنها بغري عذر‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن صفة صالة العيدين‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وهي ركعتان) أي عدد ركعاهتا اثنتان‪( ،‬يكبر في اْلولى س ًبعا سوى‬
‫تكبيرة اْلحرام) أي يف الركعة األوىل بعد تكبرية اإلحرام يكرب سبع تكبريات‪،‬‬
‫خمسا سوى تكبيرة القيام) أي يف الركعة الثانية بعد تكبرية القيام‬
‫(وفي الثانية ً‬
‫من الركعة األوىل يكرب مخس تكبريات‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن صفة خطبة العيدين‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويخطب بعدها خطبتين) أي وقت اخلطبة بعد الصالة‪ ،‬وعددها‬
‫تسعا) أي يفتتح اخلطبة األوىل بتسع تكبريات‪( ،‬وفي‬ ‫اثنتان‪( ،‬يكبر في اْلولى ً‬
‫سبعا) أي يفتتح اخلطبة الثانية بسبع تكبريات‪.‬‬
‫الثانية ً‬
‫(‪ )4‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن تكبريات العيدين خارج الصالة واخلطبة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪126‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬ويكبر من غروب الشمس من ليلة العيد إلى أن يدخل اْلمام في‬
‫الصَلة) أي التكبري املطلق يكون يف ليلة العيدين‪ ،‬ووقته يبدأ بغروب الشمس‬
‫وينتهي الصباح عند دخول اإلمام يف صالة العيد‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وفي اْلضحى خلف الصلوات المفروضات من صبح يوم عرفة إلى‬
‫العصر من آخر أيام التشريق) أي التكبري املقيد يكون يف عيد األضحى بعد‬
‫الفراغ من صالة الفريضة‪ ،‬ووقته يبدأ بعد الفراغ من صالة الصبح يوم عرفة‬
‫وينتهي بعد الفراغ من صالة العصر آخر أيام التشريق‪ ،‬وعلى هذا فالتكبري‬
‫املقيد يكون مخسة أيام يوم عرفة ويوم النحر الذي هو يوم العيد وأيام التشريق‬
‫الثالثة‪.‬‬
‫والفرق بني التكبري املطلق والتكبري املقيد أن املطلق غري مقيد مبا بعد الصالة‪،‬‬
‫واملقيد مقيد مبا بعد الصالة‪.‬‬
‫وصيغة التكبري‪ :‬اهلل أكرب اهلل أكرب اهلل أكرب ال إله إال اهلل واهلل أكرب اهلل أكرب‬
‫كثريا وسبحان اهلل بكرة وأصيالً‪ ،‬ال إله إال‬
‫كبريا واحلمد هلل ً‬‫وهلل احلمد اهلل أكرب ً‬
‫اهلل وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم األحزاب وحده‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪127‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪) 1‬‬
‫فصل صَلة الكسوف‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السابع عشر من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬صالة الكسوف‪.‬‬
‫تعريف صالة الكسوف‪:‬‬
‫صالة الكسوف من باب إضافة الشيء إىل سببه‪ ،‬يعين الصالة اليت سببها‬
‫الكسوف‪.‬‬
‫والكسوف واخلسوف مبعىن واحد‪ ،‬وهو‪ :‬ذهاب نور الشمس والقمر‪ ،‬كله أو‬
‫بعضه‪ ،‬والغالب إطالق الكسوف للشمس واخلسوف للقمر‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪128‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ض(‪.)1‬‬ ‫وص ََلةُ الْ ُكس ِ‬


‫وف ُسنَّةٌ ُم َؤَّك َدةٌ‪ ،‬فَِإ ْن فَاتَ ْ‬
‫ت لَ ْم تُ ْق َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫وف الْ َقم ِر رْكعتَ ْي ِن‪ ،‬فِي ُك ِّل رْكع ٍة قِيام ِ‬‫س و ُخس ِ‬ ‫ويصلِّي لِ ُكس ِ‬
‫ان‬ ‫ََ ََ‬ ‫َ ََ‬ ‫الش ْم ِ َ ُ‬ ‫وف َّ‬ ‫ُ‬ ‫َُ َ‬
‫ب‬ ‫ان ي ِطيل التَّسبِيح فِي ِهما ُدو َن ُّ ِ‬ ‫ي ِطيل ال ِْقراءةَ فِي ِهما‪ ،‬ورُك َ ِ‬
‫الس ُج ْود‪َ ،‬ويَ ْخطُ ُ‬ ‫وع ُ ُ ْ َ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ ُ ََ‬
‫س‪ ،‬ويجهر فِي ُخس ِ‬
‫وف الْ َق َم ِر(‪.)2‬‬ ‫ب ع َدها ُخطْبت ي ِن‪ ،‬وي ِس ُّر فِي ُكس ِ‬
‫ُ‬ ‫الش ْم ِ َ َ ْ َ ُ‬ ‫وف َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ ََ ْ َ ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم صالة الكسوف‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وصَلة الكسوف سنة مؤكدة) أي حكمها سنة مؤكدة‪.‬‬
‫ومعىن سنة‪ :‬مستحبة‪ ،‬ومقتضى أهنا مؤكدة يكره التخلف عنها بغري عذر‪.‬‬
‫(فإن فاتت لم تقض) أي إن فاتت هذه الصالة مل يشرع قضاؤها‪.‬‬
‫وفوات صالة كسوف الشمس باجنالئها أو بغروهبا كاسفة‪ ،‬وفوات صالة‬
‫خسوف القمر باجنالئه أو بطلوع الشمس ال بطلوع الفجر‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن صفة صالة الكسوف وخطبة الكسوف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويصلي لكسوف الشمس وخسوف القمر ركعتين) أي عدد ركعات‬
‫الصالة اثنتان‪( ،‬في كل ركعة قيامان يطيل القراءة فيهما وركوعان يطيل‬
‫التسبيح فيهما دون السجود) أي أن كل ركعة منهما تشتمل على قيامني‬
‫وركوعني وسجودين‪ ،‬ويف القيامني يطيل القراءة‪ ،‬ويف الركوعني يطيل التسبيح‪ ،‬ويف‬
‫السجودين ال يطيل التسبيح‪ .‬واملعتمد يف املذهب إطالة التسبيح يف السجود‪.‬‬
‫(ويخطب بعدها خطبتين) أي يسن أن خيطب اإلمام بعد الصالة خطبتني‬
‫كخطبيت العيدين إال أنه ال يكرب‪.‬‬
‫(ويسر في كسوف الشمس ويجهر في خسوف القمر) أي يسن أن يسر‬
‫بالقراءة يف الكسوف وجيهر بالقراءة يف اخلسوف‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪129‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل صَلة االستسقاء‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثامن عشر من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬صالة االستسقاء‪.‬‬
‫تعريف صالة االستسقاء‪:‬‬
‫صالة االستسقاء من باب إضافة الشيء إىل سببه‪ ،‬أي الصالة اليت سببها‬
‫االستسقاء‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬دعاء اهلل تعاىل بإنزال املطر‪.‬‬
‫واالستسقاء لغة‪ :‬طلب السقي‪ً ،‬‬
‫أنواع االستسقاء‪:‬‬
‫االستسقاء يف الشرع ثالثة أنواع‪:‬‬
‫أدناها‪ :‬الدعاء اجملرد‪.‬‬
‫وأوسطها‪ :‬الدعاء خلف الصالة ويف خطبة اجلمعة‪.‬‬
‫وأفضلها‪ :‬اخلروج إىل الصحراء‪ ،‬والدعاء بعد صالة وخطبة‪ ،‬وهذا النوع هو‬
‫الذي قصده املؤلف‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخس مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪130‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اْلستِ ْس َق ِاء َم ْسنُونَةٌ(‪.)1‬‬


‫ص ََلةُ ْ‬ ‫َو َ‬
‫صالَ َح ِة‬ ‫ِ‬ ‫ْخر ِ ِ‬ ‫اْلمام بِالتَّوب ِة‪ ،‬و َّ ِ‬
‫وج م َن ال َْمظَال ِم‪َ ،‬وُم َ‬ ‫الص َدقَة‪َ ،‬وال ُ ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫فَ يَأ ُْم ُرُه ُم ِْ َ ُ‬
‫ْاْلَ ْع َد ِاء‪ ،‬و ِ‬
‫صيَ ِام ثَََلثَِة أَيَّ ٍام(‪.)2‬‬ ‫َ‬
‫استِ َكانٍَة َوتَ َ‬
‫ض ُّر ٍع(‪.)3‬‬ ‫الرابِ ِع فِي ثِي ٍ ٍ‬
‫اب بِ ْذلَة َو ْ‬‫َ‬ ‫ام فِي َّ‬ ‫ج بِ ِه ُم ِْ‬
‫اْل َم ُ‬ ‫ثُ َّم يَ ْخ ُر ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم صالة االستسقاء‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وصَلة اْلستسقاء مسنونة) أي حكمها سنة مؤكدة‪.‬‬
‫ومعىن سنة‪ :‬مستحبة‪ ،‬ومقتضى أهنا مؤكدة يكره التخلف عنها بغري عذر‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن ما يأمر به اإلمام الناس قبل االستسقاء‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فيأمرهم اْلمام) أي اإلمام األعظم أو من يقوم مقامه يأمر الناس أمر‬
‫استحباب قبل االستسقاء‪( ،‬بالتوبة) أي من الذنوب‪( ،‬والصدقة) أي والتربع‬
‫للمحتاجني‪( ،‬والخروج من المظالم) أي والتخلص من حقوق األدميني‪،‬‬
‫(ومصالحة اْلعداء) أي واملصاحلة بني املسلمني الذين بينهم عداوة ألسباب‬
‫دنيوية وحظوظ نفس‪( ،‬وصيام ثَلثة أيام) أي وصيام ثالثة أيام صيام تطوع‪.‬‬
‫واملراد أن فعل هذا كله له أثر يف إجابة الدعاء باالستسقاء‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن احلال اليت يكونون عليها يف خروجهم لالستسقاء‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ثم يخرج) أي اإلمام أو نائبه‪( ،‬بهم) أي بالناس‪( ،‬في اليوم الرابع) أي‬
‫بعد أن فعلوا يف األيام الثالثة ما أمرهم به‪( ،‬في ثياب بذلة) أي يكون حاهلم يف‬
‫خروجهم لالستسقاء يف ثياب بِذلة ـ بكسر الباء ـ وهي‪ :‬اليت تلبس يف حال الشغل‬
‫ومباشرة اخلدمة وتَصُّر ِ‬
‫ف اإلنسان يف بيته يعين أهنم ال يلبسون ثياب زينة‪( ،‬واستكانة)‬ ‫َ‬
‫أي وخشوع‪( ،‬وتضرع) أي واستشعار االفتقار إىل اهلل تعاىل وشدة الرغبة إليه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪131‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ص ََلةِ ال ِْعي َديْ ِن(‪.)1‬‬


‫صلِّي بِ ِه ْم َرْك َعتَ ْي ِن َك َ‬
‫َويُ َ‬
‫الد َع ِاء َو ِاْل ْستِ ْغ َفا ِر(‪.)2‬‬
‫اءهُ‪َ ،‬ويُ ْكثِ ُر ِم َن ُّ‬
‫ب بَ ْع َد ُه َما‪َ ،‬ويُ َح ِّو ُل ِر َد َ‬‫ثُ َّم يَ ْخطُ ُ‬

‫واخلالصة‪ :‬أهنم أثناء خروجهم يظهرون التواضع يف ثياهبم واملسكنة يف هيئتهم‪،‬‬


‫ويستشعرون االفتقار إىل رهبم‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن صفة صالة االستسقاء‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويصلي بهم ركعتين كصَلة العيدين) أي أن صفة صالة االستسقاء‬
‫مثل صفة صالة العيدين‪ ،‬ومعىن ذلك أنه يكرب يف الركعة األوىل س ًبعا ويف الركعة‬
‫مخسا‪.‬‬
‫الثانية ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن خطبة االستسقاء‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ثم يخطب بعدهما) أي بعد صالة الركعتني‪.‬‬
‫ومراده كخطبيت العيد‪ ،‬لكن يكون االستغفار بدل التكبري؛ ألنه الالئق باحلال‪،‬‬
‫تسعا واخلطبة الثانية س ًبعا‪.‬‬
‫فيفتتح اخلطبة األوىل باالستغفار ً‬
‫(ويحول رداءه) أي أثناء اخلطبة‪.‬‬
‫فأما سبب التحويل فتفاؤالً بتحويل احلال من الشدة إىل الرخاء‪ ،‬وأما وقت‬
‫التحويل فبعد مضي ثلث اخلطبة الثانية؛ حيث يتجه للقبلة ويرفع يديه ويبالغ‬
‫وجهرا وحيول رداءه‪ ،‬والناس وهم جلوس يرفعون أيديهم فإذا أسر‬ ‫سرا ً‬ ‫يف الدعاء ًّ‬
‫سرا وإذا جهر أمنوا وإذا حول رداءه حولوا‪ ،‬وأما كيفية التحويل‬ ‫بالدعاء دعوا ًّ‬
‫فيجعل ميني ردائه يساره وجيعل أعاله أسفله‪.‬‬
‫(ويكثر من الدعاء واْلستغفار) أي يف اخلطبتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪132‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل صَلة اخلوف‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل التاسع عشر من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬صالة اخلوف‪.‬‬
‫تعريف صالة اخلوف‪:‬‬
‫صالة اخلوف من باب إضافة الشيء إىل سببه‪.‬‬
‫يعين الصالة اليت سببها اخلوف‪.‬‬
‫والصالة هنا هي‪ :‬صالة الفريضة‪ ،‬واخلوف هنا‪ :‬اخلوف من العدو‪.‬‬
‫وعلى هذا فاخلوف ليس سببًا لصالة خمصوصة‪ ،‬إمنا هو سبب ألداء صالة‬
‫الفريضة بصفة خمصوصة‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪133‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َح ُد َها‪ :‬أَ ْن يَ ُكو َن ال َْع ُد ُّو فِي غَْي ِر ِج َه ِة‬ ‫ضر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وص ََلةُ ال َ ِ‬
‫ب‪ :‬أ َ‬ ‫ْخ ْوف َعلَى ثَََلثَة أَ ْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ف فِي َو ْج ِه ال َْع ُد ِّو‪َ ،‬وفِ ْرقَةٌ َخ ْل َفهُ‪،‬‬ ‫ام فِ ْرقَ تَ ْي ِن‪ ،‬فِ ْرقَةٌ تَِق ُ‬ ‫ال ِْق ْب لَ ِة‪ ،‬فَ يُ َف ِّرقُ ُه ْم ِْ‬
‫اْل َم ُ‬
‫ضي إلَى َو ْج ِه ال َْع ُد ِّو‪،‬‬ ‫فَ يصلِّي بِال ِْفرقَ ِة الَّتِي َخلْ َفهُ رْكعةً‪ ،‬ثُ َّم تُتِ ُّم لِنَ ْف ِس َها وتَم ِ‬
‫َْ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬
‫سلِّ ُم بِ َها‪َ .‬والثَّانِي‪:‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫وتَ ِجيء الطَّائَِفةُ ْاْلُ ْخرى فَ يُ َ ِّ ِ‬
‫صلي ب َها َرْك َعةً َوتُت ُّم لنَ ْفس َها‪ ،‬ثُ َّم يُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ص َّف ْي ِن‪َ ،‬ويُ ْح ِرُم بِ ِه ْم‪ ،‬فَِإذَا‬ ‫ص ُّف ُه ُم ِْ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫ام َ‬ ‫اْل َم ُ‬ ‫أَ ْن يَ ُكو َن ال َْع ُد ُّو في ج َهة الْق ْب لَة‪ ،‬فَ يَ ُ‬
‫ف ْاآل َخ ُر يَ ْح ُر ُس ُه ْم‪ ،‬فَِإذَا َرفَ َع؛‬ ‫الص ُّ‬‫ف َّ‬ ‫الص َّف ْي ِن َوَوقَ َ‬
‫َح ُد َّ‬ ‫َس َج َد؛ َس َج َد َم َعهُ أ َ‬
‫ث‪ :‬أَ ْن ي ُكو َن فِي ِش َّدةِ ال َ ِ ِ‬ ‫َس َج ُدوا َولَ ِح ُقوهُ‪َ .‬والثَّالِ ُ‬
‫ب؛‬ ‫ْخ ْوف َوالْت َح ِام ال َ‬
‫ْح ْر ِ‬ ‫َ‬
‫اج ًَل أ َْو َراكِبًا‪ُ ،‬م ْستَ ْقبِ ٌل ال ِْق ْب لَةَ َوغَْي ُر ُم ْستَ ْقبِ ٍل لَ َها(‪.)1‬‬
‫ف أ َْم َكنَهُ ر ِ‬
‫َ‬ ‫صلِّي َك ْي َ‬ ‫فَ يُ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن صفة صالة اخلوف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وصَلة الخوف على ثَلثة أضرب) أي صفة صالة اخلوف على ثالثة‬
‫أنواع‪.‬‬
‫قوله‪( :‬أحدها‪ :‬أن يكون العدو في غير جهة القبلة فيفرقهم اْلمام فرقتين‪:‬‬
‫فرقة تقف في وجه العدو وفرقة خلفه فيصلي بالفرقة التي خلفه ركعة ثم‬
‫تتم لنفسها وتمضي إلى وجه العدو وتأتي الطائفة اْلخرى فيصلي بها ركعة‬
‫وتتم لنفسها ويسلم بها) أي النوع األول‪ :‬أن يكون العدو يف معسكره يف غري‬
‫جهة القبلة‪ ،‬فيكون املسلمون على فرقتني‪ :‬فرقة تقف جهة العدو للحراسة‪،‬‬
‫وفرقة يصلي هبم اإلمام ركعة‪ ،‬مث يطيل الوقوف‪ ،‬وهم يكملون الركعة الثانية‬
‫لوحدهم ويسلمون ويذهبون للحراسة‪ ،‬وتأيت الفرقة الثانية وتكرب مع اإلمام‬
‫ويصلي هبم الركعة الثانية مث يطيل اجللوس وهم يكملون الركعة الثانية لوحدهم‪،‬‬
‫مث يسلم اإلمام ويسلمون معه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪134‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬والثاني‪ :‬أن يكون في جهة القبلة فيصفهم اْلمام صفين ويحرم بهم‬
‫فإذا سجد سجد معه أحد الصفين ووقف الصف اآلخر يحرسهم فإذا رفع‬
‫سجدوا ولحقوه) أي النوع الثاين‪ :‬أن يكون العدو يف معسكره يف جهة القبلة‪،‬‬
‫فيكون املسلمون على صفني‪ :‬فيكرب اإلمام تكبرية اإلحرام وكلهم يكربون معه‪،‬‬
‫ويركع اإلمام وكلهم يركعون معه‪ ،‬ويرفع وكلهم يرفعون معه‪ ،‬ويسجد ويسجد‬
‫أحد الصفني معه وجيلسون بني السجدتني ويسجدون السجدة الثانية‪ ،‬ويبقى‬
‫الصف اآلخر واق ًفا حيرسهم‪ ،‬فإذا رفع اإلمام ومن معه ووقفوا للركعة الثانية‬
‫سجد الصف الذي كان واق ًفا وجلسوا وسجدوا الثانية مث وقفوا للركعة الثانية‪ ،‬مث‬
‫يركع اإلمام وكلهم يركون معه‪ ،‬ويرفع وكلهم يرفعون معه‪ ،‬ويسجد ويسجد معه‬
‫الصف الذي كان حيرسهم يف الركعة األوىل وجيلسون بني السجدتني ويسجدون‬
‫السجدة الثانية‪ ،‬ويبقى الصف اآلخر واق ًفا حيرسهم‪ ،‬فإذا جلس اإلمام ومن‬
‫معه للتشهد سجد الصف الذي كان واق ًفا وجلسوا وسجدوا الثانية مث جلسوا‬
‫للتشهد‪ ،‬مث يسلم اإلمام ويسلمون كلهم معه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والثالث‪ :‬أن يكون في شدة الخوف والتحام الحرب فيصلي كيف‬
‫أمكنه راجَلً أو راكبًا مستقبل القبلة وغير مستقبل لها) أي النوع الثالث هو‬
‫أن يكون فعلهم الصالة يف شدة اخلوف‪ ،‬واملراد بشدة اخلوف التحام احلرب‪،‬‬
‫أي اشتباك الفريقني للقتال‪ ،‬فالصالة يف هذه احلالة تُفعل بقدر االستطاعة؛ فله‬
‫قائما على رجليه أو راكبًا على دابته‪ ،‬سواء كان مستقبل القبلة أو‬ ‫أن يصلي ً‬
‫غري مسقبل هلا‪ ،‬فإن عجز عن الركوع والسجود ينحين احنناءً خفي ًفا على‬
‫حسب االستطاعة‪ ،‬وجيعل احنناءه للسجود أكثر من احننائه للركوع‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪135‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل ما حيرم ويباح من اللباس‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل العشرون من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬ما حيرم ويباح من اللباس‪.‬‬
‫تعريف اللباس‪:‬‬
‫اللباس هو ما يلبس للسرت أو للزينة‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫تكلم املؤلف يف هذا الفصل عما حيرم ويباح من اللباس بعد الكالم عن صالة‬
‫اخلوف؛ ألن ما حيرم من اللباس يباح للضرورة كأن يريد الصالة أو يريد القتال‬
‫وال يوجد غريه‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪136‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِّس ِاء(‪.)1‬‬ ‫الذه ِ ِ ِ‬


‫ب‪َ ،‬ويَح ُّل للن َ‬ ‫ُّم بِ َّ َ‬ ‫ْح ِري ِر َوالت َ‬
‫َّخت ُ‬ ‫س ال َ‬ ‫ويُ َح َّرُم َعلَى ِّ ِ‬
‫الر َجال لُْب ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َويَ ِس ُير َّ‬
‫ب َوَكثِ ُيرهُ في الت ْ‬
‫َّح ِر ِيم َس َواءٌ ‪.‬‬ ‫الذ َه ِ‬
‫(‪)2‬‬

‫سهُ َما لَ ْم‬


‫از لُْب ُ‬
‫ضهُ قُطْنًا أ َْو َكتَّانًا؛ َج َ‬
‫يس ًما َوبَ ْع ُ‬ ‫ِ‬
‫ض الث َّْوب إبْ َر َ‬ ‫َوإِذَا َكا َن بَ ْع ُ‬
‫س ُم غَالِبًا(‪.)3‬‬ ‫يَ ُك ْن ِْ‬
‫اْلبْ َريْ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عما حيرم ويباح من احلرير والذهب‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويحرم على الرجال لبس الحرير والتختم بالذهب ويحل للنساء) أي‬
‫أهنما حرام على الرجال حالل للنساء‪.‬‬
‫ومفهوم كالمه جيوز للرجل التحلي خبامت الفضة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن قليل الذهب وكثريه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وقليل الذهب وكثيره في التحريم سواء) أي أن الذهب حرام على‬
‫كثريا أو قليالً‪.‬‬
‫الرجال‪ ،‬سواء كان ً‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن قليل احلرير وكثريه‪.‬‬
‫إبريسما وبعضه قطنًا أو كتانًا جاز لبسه ما لم‬
‫ً‬ ‫قوله‪( :‬وإذا كان بعض الثوب‬
‫يكن اْلبريسم غالبًا) اإلبريسم‪ :‬نوع من احلرير؛ ألن احلرير الذي قطعته الدودة‬
‫يسما‪ ،‬والذي قطعته الدودة وخرجت منه حية يسمى قًّزا‪.‬‬ ‫وماتت فيه يسمى إبر ً‬
‫ومجلة ذلك أن الثوب إذا كان بعضه حر ًيرا وبعضه ليس حبرير فاحلكم لألكثر‪،‬‬
‫فإذا كان احلرير هو األكثر فحكمه حرام‪ ،‬وإال فحكمه حالل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪137‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام اجلنائز‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل احلادي والعشرون من كتاب الصالة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬ما يفعله األحياء باألموات‪.‬‬
‫تعريف اجلنائز‪:‬‬
‫اجلنائز‪ :‬بفتح اجليم مجع جنازة بكسر اجليم وفتحها‪ ،‬وهي‪ :‬اسم للميت‬
‫املوضوع على السرير‪ ،‬فإذا مل يوضع على السرير فال يُسمى جنازة‪ ،‬ويف مقابل‬
‫ذلك النعش اسم للسرير الذي وضع عليه امليت فإن مل يوضع عليه امليت فال‬
‫نعشا‪.‬‬
‫يسمى ً‬
‫مناسبة هذا الفصل لكتاب الصالة‪:‬‬
‫تكلم املؤلف يف هذا الفصل عما يفعله األحياء باألموات‪ ،‬وما يفعله األحياء‬
‫باألموات يدخل يف كتاب الصالة؛ ألن أهم ما يفعله األحياء باألموات الصالة‬
‫عليهم‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخس مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪138‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الص ََلةُ َعلَْي ِه‪َ ،‬و َدفْ نُهُ‪.‬‬


‫اء‪ :‬غُ ْسلُهُ‪َ ،‬وتَ ْك ِفينُهُ‪َ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َويَل َْزُم في ال َْميِّت أ َْربَ َعةُ أَ ْشيَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان َْل ي ْغس ََل ِن وَْل يصلَّى َعلَي ِهما‪ِ َّ :‬‬ ‫واثْ نَ ِ‬
‫ط‬‫والس ْق ُ‬
‫ين‪ِّ ،‬‬ ‫الش ِهي ُد في َم ْع َرَكة ال ُْم ْش ِرك َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َ َ َُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الَّذي لَ ْم يَ ْستَ ِه َّل َ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫صار ًخا ‪.‬‬
‫آخ ِرهِ َش ْيءٌ ِم ْن‬ ‫ت ِوتْ را‪ ،‬وي ُكو ُن فِي أ ََّوِل غُسلِ ِه ِس ْدر‪ ،‬وفِي ِ‬
‫ٌ َ‬ ‫ْ‬ ‫س ُل ال َْميِّ ُ ً َ َ‬ ‫َويُغْ َ‬
‫َكافُوٍر(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عما يلزم يف امليت‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ويلزم في الميت أربعة أشياء‪ :‬غسله وتكفينه والصَلة عليه ودفنه)‬
‫أي الذي جيب على احلي أن يفعله يف امليت هذه األشياء األربعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬واثنان ْل يغسَلن وْل يصلى عليهما) أي اثنان من األموات يكفنان‬
‫ويدفنان من غري وجوب غسل وال صالة‪ .‬األول‪( :‬الشهيد في معركة‬
‫المشركين) أي املسلم إذا مات يف املعركة بسبب القتال مع الكفار‪ .‬الثاين‪:‬‬
‫(والسقط) السقط ـ بكسر السني وفتحها وضمها ـ‪ :‬املولود الذي تضعه أمه‬
‫صارخا) االستهالل‪ :‬البكاء عند الوالدة‪ ،‬وقوله‬
‫ً‬ ‫قبل متامه‪( ،‬الذي لم يستهل‬
‫(صار ًخا) تأكيد‪ ،‬أي الذي مل خيرج باكيًا‪ ،‬ومعىن كالم املؤلف‪ :‬أن املولود إذا‬
‫خرج قبل متامه ميتًا ومل يظهر خلقه فإنه ال جيب غسله وال الصالة عليه‪ .‬وأما‬
‫إذا ظهر خلقه فيجب غسله دون الصالة عليه‪ ،‬وإذا خرج حيًّا كأن يبكي مث‬
‫مات فيجب غسله وال الصالة عليه‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن غسل امليت‪.‬‬
‫وأقل الغسل غسلة واحدة تستوعب بدنه بعد إزالة النجاسة‪ ،‬وأما أكمله فأمور‬
‫كثرية ذكر املؤلف بعضها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪139‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يص َوَْل ِع َم َامةٌ(‪.)1‬‬ ‫يض لَي ِ‬


‫س ف َيها قَ ِم ٌ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫َويُ َكف ُن في ثَََلثَة أَثْ َواب ب ٍ ْ َ‬
‫َّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫صلِّي َعلَى النَّبِ ِّي َ‬
‫صلَّى‬ ‫َويُ َكبِّ ُر َعلَْيه أ َْربَ َع تَ ْكبِ َيرات؛ يَ ْق َرأُ الْ َفات َحةَ بَ ْع َد ْاْلُولَى‪َ ،‬ويُ َ‬
‫الرابِ َع ِة(‪.)2‬‬
‫سلِّ ُم بَ ْع َد َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َّ ِ َّ‬
‫اللهُ َعلَْيه َو َسل َم بَ ْع َد الثَّانيَة‪َ ،‬ويَ ْدعُو لل َْميِّت بَ ْع َد الثَّالثَة‪َ ،‬ويُ َ‬

‫مخسا أو أكثر من ذلك (ويكون في‬ ‫وترا) أي ثالثًا أو ً‬ ‫قوله‪( :‬ويغسل الميت ً‬
‫سدرا يساعد على‬ ‫أول غسله سدر) أي يضع الغاسل يف الغسلة األوىل ً‬
‫التنظيف‪( ،‬وفي آخره شيء من كافور) أي يضع يف الغسلة األخرية شيئًا من‬
‫الكافور‪ ،‬فإن كان غري صلب فيضع قليالً حبيث ال يغري املاء‪ ،‬وإن كان صلبًا‬
‫فال يضر أصالً ألنه جماور‪.‬‬
‫ومراد املؤلف إذا كان امليت غري ُْحم ٍرم؛ ألن الْ ُم ْح ِرم إذا مات جينب الطيب كما‬
‫جيتنبه احملرم احلي‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن تكفني امليت‪.‬‬
‫وأقل الكفن ثوب واحد تسرت به العورة‪ ،‬هذا حق اهلل تعاىل‪ ،‬وحق امليت أقل‬
‫الكفن ثوب واحد يسرت به مجيع جسده‪ .‬وأما أكمله للرجل فذكره املؤلف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويكفن في ثَلثة أثواب بيض) أي ثالث لفائف بيض‪( ،‬ليس فيها‬
‫قميص وْل عمامة) القميص هو الثوب املخيط املعمول على قدر البدن‪،‬‬
‫والعمامة ثوب غري خميط يُلف على الرأس‪ .‬وهذا الكالم كما أنه يفيد أن تكون‬
‫اللفائف غري خميطة كذلك يفيد أن تكون كبرية تغطي جسده كله مع رأسه‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن الصالة على امليت‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويكبر عليه أربع تكبيرات) أي عدد التكبريات يف الصالة على امليت أربع‪،‬‬
‫(يقرأ الفاتحة بعد اْلولى) أي بعد التكبرية األوىل يكتفي بقراءة الفاحتة‪ ،‬فال‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪140‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫سطَّ َح الْ َق ْب ُر بَ ْع َد أَ ْن يُ َع َّم َق‪َ ،‬وَْل يُ ْب نَى‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫َويُ ْدفَ ُن في لَ ْحد ُم ْستَ ْقب ًَل الْق ْب لَةَ‪َ ،‬ويُ َ‬
‫ت ِم ْن غَْي ِر نَ ْو ٍح َوَْل َش ِّق َج ْي ٍ‬
‫ب‪،‬‬ ‫صص‪ .‬وَْلبأْس بِالْب َك ِاء َعلَى الْميِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َعلَْيه َوَْل يُ َج َّ ُ َ َ َ ُ‬
‫اج ٍة(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫َويُ َع َّزى أ َْهلُهُ إلَى ثَََلثَة أَيَّ ٍام م ْن َدفْنه‪َ .‬وَْل يُ ْدفَ ُن اثْ نَان في قَ ْب ٍر َّإْل ل َح َ‬

‫يستفتح قبل الفاحتة وال يقرأ سورة أخرى بعدها‪( ،‬ويصلي على النبي صلى الل‬
‫عليه وسلم بعد الثانية) أي بعد التكبرية الثانية يصلي على النيب‪ ،‬وأقلها‪ :‬اللهم‬
‫صل على حممد‪ ،‬وأكملها الصالة اليت تكون يف التشهد‪( ،‬ويدعو للميت بعد‬
‫الثالثة) أي بعد التكبرية الثالثة يدعو للميت‪ ،‬وأقله‪ :‬اللهم اغفر له‪ ،‬وأما األكمل‬
‫فأدعية كثرية‪( ،‬ويسلم بعد الرابعة) أي بعد التكبرية الرابعة يسلم كما يسلم يف‬
‫غريها من الصلوات يف كيفيته وعدده‪ ،‬فأقله تسليمة واحدة فيقول‪ :‬السالم عليكم‪،‬‬
‫ويسارا‪.‬‬
‫تلقاء وجهه‪ ،‬وأكمله تسليمتان فيقول‪ :‬السالم عليكم ورمحة اهلل ميينًا ً‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن دفن امليت‪.‬‬
‫أقل الدفن أن يوضع يف حفرة متنع الرائحة والسباع‪ ،‬وذكر املؤلف أكمله‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويدفن في لحد) اللحد يف احلفرة هو‪ :‬أن حيفر يف أسفلها حفرة أخرى‬
‫من جهة القبلة يوضع فيها امليت‪( ،‬مستقبل القبلة) أي يوضع على جنبه األمين‬
‫جهة القبلة‪( ،‬ويسطح القبر) أي بعد الدفن (بعد أن يعمق) أي قبل الدفن‪،‬‬
‫والتعميق هو أن يزاد يف حفر القرب من جهة األسفل‪ ،‬واملعتمد يف قدر التعميق‬
‫أربعة أذرع ونصف‪ ،‬والتسطيح هو أن جيعل سطح القرب مساويًا لسطح األرض‪،‬‬
‫واملذهب أن يكون ارتفاعه عن سطح األرض قليالً مقدار شرب‪.‬‬
‫(وْل يبنى عليه وْل يجصص) أي يكره أن يوضع عليه بناء كقبة أو غريها‪،‬‬
‫وإن كان الدفن يف أرض موقوفة فيحرم البناء ألنه يأخذ زيادة من األرض لغري‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪141‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ضرورة‪ ،‬ويكره أن يوضع على القرب جص‪ ،‬وقيل هو اجلبس‪ ،‬وقيل هو النورة‪،‬‬
‫وكالمها يدخل يف الكراهة‪.‬‬
‫(وْل بأس بالبكاء على الميت من غير نوح وْل شق جيب) البكاء هو نزول‬
‫الدموع‪ ،‬والنوح رفع الصوت بالبكاء مع الندب‪ ،‬والندب هو‪ :‬تعداد حماسن‬
‫امليت بلفظ النداء "وا"‪ ،‬حنو قول املرأة‪ :‬واسيداه‪ ،‬و َار ُجاله‪ ،‬والشق القطع‪،‬‬
‫واجليب هو موضع دخول الرأس من الثوب‪ .‬ومعىن كالم املؤلف‪ :‬مباح نزول‬
‫الدموع حزنًا على امليت‪ ،‬وحيرم أي قول أو فعل يدل على التسخط كالنوح‬
‫وشق اجليب‪.‬‬
‫(ويعزى أهله إلى ثَلثة أيام من دفنه) التعزية‪ :‬التصبري‪ ،‬عزاه‪ :‬أي صربه وحثه‬
‫على الصرب‪ ،‬كأن يقول‪ :‬أعظم اهلل أجرك‪ ،‬وأحسن عزاءك‪ ،‬وغفر مليتك‪ ،‬ومعىن‬
‫أحسن عزاءك‪ :‬أي رزقك الصرب احلسن‪ .‬ومعىن كالم املؤلف يستحب تعزية‬
‫أهل امليت قبل الدفن وبعده وتنتهي مدة استحباب التعزية بعد مضي ثالثة أيام‬
‫من الدفن‪.‬‬
‫واملعتمد تنتهي مدة استحباب التعزية بعد مضي ثالثة أيام من املوت‪.‬‬
‫(وْل يدفن اثنان في قبر) أي ال يدفن ميتان يف قرب واحد‪ ،‬وهو حرام على‬
‫املعتمد‪( ،‬إْل لحاجة) أي يباح ذلك عند وجود احلاجة كضيق األرض أو كثرة‬
‫املوتى‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪142‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫كتاب الزكاة‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب الثالث من قسم العبادات‪.‬‬


‫تعريف الزكاة‪:‬‬
‫الزكاة لغة‪ :‬الزيادة‪ ،‬يقال‪" :‬زكا الزرع" أي زاد‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬إخراج جزء من املال ودفعه للمستحقني‪ ،‬ومسي هذا اإلخراج زكاة؛ ألنه‬ ‫ً‬
‫سبب لزيادة مال املخرج يف الدنيا‪ ،‬وثوابه يف اآلخرة‪.‬‬
‫أيضا على املال الْ ُم ْخَرِج‪.‬‬
‫وتطلق الزكاة ً‬
‫أقسام الزكاة‪:‬‬
‫الزكاة قسمان‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬زكاة املال‪ ،‬ومسيت بذلك ألن وجوهبا يتعلق بوجود املال الذي به‬
‫يكون صاحبه غنيًّا‪ ،‬فإذا ُوِجد املال وجبت الزكاة‪ ،‬وإذا مل يوجد مل جتب‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬زكاة الفطر‪ ،‬ومسيت بذلك ألن وجوهبا يتعلق بالفطر من رمضان‪،‬‬
‫أيضا زكاة البدن‪،‬‬
‫فإذا غابت مشس آخر يوم من رمضان وجبت الزكاة‪ .‬وتسمى ً‬
‫ومسيت بذلك ألن وجوهبا يتعلق بوجود الشخص‪ ،‬فإذا ُوِجد الشخص وجبت‬
‫الزكاة‪ ،‬ولو مل يكن غنيًّا‪.‬‬
‫عدد فصول هذا الكتاب‪:‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربعة فصول‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪143‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل شرائط وجوب زكاة املال‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب الزكاة‪.‬‬


‫واملؤلف مل يذكر هذا الفصل‪ ،‬وإمنا ذكرته بناءً على احملتوى الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬شرائط وجوب زكاة املال‪.‬‬
‫تعريف شرائط وجوب زكاة املال‪:‬‬
‫الشرائط‪ :‬مجع شريطة‪ ،‬وهي مبعىن الشروط‪ :‬مجع شرط‪.‬‬
‫خارجا عنه‪.‬‬
‫والشرط هو‪ :‬ما ال يتم الشيء إال به ويكون ً‬
‫والشرط قد يكون شرط وجوب‪ ،‬وهو‪ :‬الذي ال يتم وجوب الزكاة إال به‪ ،‬وقد‬
‫يكون شرط وجوب وصحة‪ ،‬وهو‪ :‬الذي ال يتم وجوب الزكاة وال صحتها إال به‪.‬‬
‫ومراد املؤلف ذكر شروط وجوب زكاة املال‪ ،‬سواء كانت شروط صحة أم ال‪.‬‬
‫وشروط وجوب زكاة املال قسمان‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬شروط عامة لكل مال من أموال الزكاة‪ ،‬وهي أربعة‪ :‬اإلسالم‪ ،‬واحلرية‪،‬‬
‫وامللك التام‪ ،‬والنصاب؛ فأما اإلسالم واحلرية فهما شرطا وجوب وصحة‪ ،‬وعليه‬
‫فالكافر ال جتب عليه الزكاة‪ ،‬وإذا زكى ال تصح منه؛ ألن عمله غري مقبول‪ ،‬والعبد‬
‫ال جتب عليه الزكاة؛ ألنه ال مال له‪ ،‬وإذا زكى ال تصح منه؛ ألنه يزكي بغري ماله‪،‬‬
‫وإذا كان يف يده مال فإنه ملك لسيده وهلذا جيب على السيد أن خيرج الزكاة عما‬
‫يف يد عبده ألنه من مجلة ماله‪ ،‬وأما امللك التام والنصاب فهما شرطا وجوب؛ فأما‬
‫امللك التام فهو استقرار ملكه للمال‪ ،‬وهو‪ :‬أن ال يتعلق مباله حق لغريه‪ ،‬وعليه‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪144‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فمن مل يستقر ملكه للمال فال زكاة عليه‪ ،‬وإذا زكى تصح منه‪ ،‬ومن ذلك مال‬
‫املكاتب‪ ،‬واملكاتب هو‪ :‬العبد الذي كتب السيد بينه وبينه كتابًا على مال مؤجل‪،‬‬
‫حرا‪ ،‬فاملال الذي‬
‫يسعى العبد يف حتصيله‪ ،‬فإن حصل عليه قبل انتهاء األجل صار ًّ‬
‫بيد املكاتَب يف وقت املكاتبة ليس فيه زكاة ال على العبد املكاتب وال على السيد؛‬
‫فليس فيه زكاة على العبد؛ ألن املال ملك له‪ ،‬لكن ملكه له ليس بتام ألنه يتعلق‬
‫به حق السيد‪ ،‬وليس فيه زكاة على السيد؛ ألن املال قبل انتهاء األجل ملكه للعبد‬
‫املكاتب‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬لو كاتب السيد عبده على ألف دينار‪ ،‬واألجل عشر سنوات‪،‬‬
‫يف كل سنتني يدفع مائيت دينار‪ ،‬فمضت السنة األوىل وقد حصل العبد على مائة‬
‫دينار‪ ،‬وحال عليها احلول‪ ،‬فليس فيها زكاة ال على العبد وال على السيد‪ .‬وأما‬
‫النصاب فهو القدر الذي إذا بلغه املال وجبت فيه الزكاة‪ ،‬وعليه فمن كان ماله‬
‫دون النصاب أي أقل من القدر الذي جتب فيه الزكاة فال زكاة عليه‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬الشروط اخلاصة‪ ،‬وهي اليت جتب يف بعض األموال دون بعض‪.‬‬
‫وطريقة املؤلف أنه يذكر األموال اليت جتب فيها الزكاة‪ ،‬ويذكر شروط وجوب‬
‫خاصا‪.‬‬
‫عاما أو ًّ‬
‫كل مال على حدة سواء كان شرطًا ًّ‬
‫مناسبة االبتداء هبذا الفصل‪:‬‬
‫ناسب أن يبتدئ املؤلف كتاب الزكاة بزكاة املال قبل زكاة الفطر؛ ألن مسائل‬
‫زكاة املال أكثر‪ ،‬وهلذا جعل مسائل زكاة املال يف فصلني ومسائل زكاة الفطر يف‬
‫فصل واحد‪ ،‬وناسب أن يبتدئ بشرائط وجوب زكاة املال قبل قدر زكاة املال؛‬
‫ألن الزكاة ال جتب إال بتوفر الشروط‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ست مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪145‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الزُروعُ‪،‬‬ ‫اشي‪َ ،‬و ْاْلَثْ َما ُن‪َ ،‬و ُّ‬ ‫الزَكاةُ فِي َخمس ِة أَ ْشياء‪ ،‬و ِهي‪ :‬الْمو ِ‬ ‫ب َّ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ ََ‬ ‫َْ‬ ‫تَج ُ‬
‫ارةِ(‪.)1‬‬
‫ِّج َ‬
‫وض الت َ‬
‫ار‪َ ،‬وعُ ُر ُ‬ ‫َوالث َِّم ُ‬
‫اس ِم ْن َها‪َ ،‬و ِهي‪ِْ :‬‬
‫اْلبِ ُل‪َ ،‬والْبَ َق ُر‪،‬‬ ‫َجنَ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اشي فَ تَ ِجب َّ ِ‬
‫الزَكاةُ في ثَََلثَة أ ْ‬ ‫ُ‬
‫فَأ ََّما الْمو ِ‬
‫ََ‬
‫َ‬
‫ْح ِّريَّةُ‪َ ،‬وال ِْمل ُ‬ ‫اء‪ِْ :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫َوالْغَْن ُم‪َ ،‬و َش َرائِ ُ‬
‫َّام‪،‬‬
‫ْك الت ُّ‬ ‫اْل ْس ََل ُم‪َ ،‬وال ُ‬ ‫ط ُو ُجوب َها ستَّةُ أَ ْشيَ َ‬
‫الس ْو ُم(‪.)2‬‬
‫ْح ْو ُل‪َ ،‬و َّ‬
‫اب‪َ ،‬وال َ‬ ‫ِّص ُ‬
‫َوالن َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد األموال اليت جتب فيها الزكاة‪.‬‬
‫الزَكاةُ فِي َخم ِ‬
‫ب َّ‬ ‫ِ‬
‫اء) أي عدد األموال اليت جتب فيها الزكاة‬ ‫سة أَ ْشيَ َ‬
‫َْ‬ ‫قوله‪( :‬تَج ُ‬
‫مخسة أشياء‪ ،‬واألموال مجع مال‪ ،‬وهو لغة‪ :‬كل ما ميلكه اإلنسان‪.‬‬
‫قوله‪َ ( :‬و ِه َي) أي األموال اخلمسة اليت جتب فيها الزكاة‪.‬‬
‫(المواشي واْلثمان والزروع والثمار وعروض التجارة) هذه هي األموال اليت‬
‫جتب فيها الزكاة إمجاالً‪ ،‬وسيأيت تفصيلها يف املسائل التالية‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن شرائط وجوب زكاة املواشي‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فأما المواشي فتجب الزكاة في ثَلثة أجناس منها وهي‪ :‬اْلبل والبقر‬
‫والغنم) املواشي مجع ماشية‪ ،‬وهي تطلق على كل دابة‪ ،‬ومسيت بذلك؛ ألهنا متشي‪،‬‬
‫وملا كانت الزكاة ال جتب يف كل املواشي بني املؤلف أهنا جتب يف ثالثة أجناس‬
‫منها‪ ،‬وهي‪ :‬اإلبل والبقر والغنم‪ ،‬ومعىن األجناس لغة‪ :‬األنواع‪ ،‬وهذه األنواع‬
‫الثالثة تسمى هبيمة األنعام‪ ،‬مسيت بذلك لعظم نعمة اهلل على عباده هبا‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وشرائط وجوبها ستة أشياء‪ :‬اْلسَلم والحرية والملك التام‬
‫والنصاب والحول والسوم) أي شروط وجوب زكاة هبيمة األنعام مع الشروط‬
‫األربعة العامة يضاف شرطان‪ ،‬ومها‪ :‬احلول‪ ،‬والسوم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪146‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الزَكاةِ فِ َيها‬
‫وب َّ‬ ‫ط ُو ُج ِ‬ ‫ضةُ‪َ ،‬و َش َرائِ ُ‬ ‫ب‪َ ،‬وال ِْف َّ‬ ‫ان‪َّ :‬‬
‫الذ َه ُ‬
‫ش ْيئَ ِ‬‫َوأ ََّما ْاْلَثْ َما ُن فَ َ‬
‫ْح ْو ُل(‪.)1‬‬
‫اب‪َ ،‬وال َ‬ ‫ِّص ُ‬ ‫َّام‪َ ،‬والن َ‬ ‫ْح ِّريَّةُ‪َ ،‬وال ِْمل ُ‬
‫ْك الت ُّ‬ ‫س ‪ِْ :‬‬
‫اْل ْس ََل ُم‪َ ،‬وال ُ‬ ‫َخ ْم ٌ‬
‫ِ‬ ‫الزَكاةُ فِ َيها بِثَ ََلثَِة َش َرائِ َ‬ ‫ب َّ‬ ‫ِ‬
‫ط‪ :‬أَ ْن يَ ُكو َن م َّما يَ ْزَرعُهُ‬ ‫الزُروعُ فَ تَج ُ‬ ‫َوأ ََّما ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صابًا(‪.)2‬‬ ‫ْاآل َدميُّو َن‪َ ،‬وأَ ْن يَ ُكو َن قُوتًا ُم َّد َخ ًرا‪َ ،‬وأَ ْن يَ ُكو َن ن َ‬

‫واحلول هو‪ :‬السنة‪ ،‬فال جتب الزكاة يف املال الذي يشرتط فيه احلول إال بعد‬
‫مرور سنة من بلوغه النصاب‪ ،‬وعليه فال جتب الزكاة يف هبيمة األنعام إال بعد‬
‫مرور سنة من بلوغها النصاب‪.‬‬
‫والسوم هو‪ :‬الرعي يف الكأل املباح‪ ،‬أي أن يكون غذاؤها من نبات األرض؛ فال‬
‫يُشرتى هلا العلف‪ ،‬وال يزرع هلا‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن شرائط وجوب زكاة األمثان‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وأما اْلثمان فشيئان‪ :‬الذهب والفضة) األمثان مها‪ :‬الدينار املضروب‬
‫من الذهب‪ ،‬والدرهم املضروب من الفضة‪ ،‬مسيت بذلك ألهنا معدة الستعماهلا‬
‫مثنًا يف البيع والشراء‪ ،‬ويلحق هبما كل ذهب وفضة وإن مل يكونا مضروبني‪.‬‬
‫واملراد بالضرب الصياغة‪ ،‬وهي جعل الذهب والفضة على شكل معني‪ ،‬ومسي‬
‫ذلك ضربًا؛ الستخدام الضرب باملطرقة عند الصياغة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وشرائط وجوب الزكاة فيها خمسة أشياء‪ :‬اْلسَلم والحرية والملك‬
‫التام والنصاب والحول) أي شروط وجوب زكاة األمثان مع الشروط األربعة‬
‫العامة يضاف شرط‪ ،‬وهو‪ :‬احلول‪.‬‬
‫واحلول هو‪ :‬السنة‪ ،‬فال جتب الزكاة يف األمثان إال بعد مرور سنة من بلوغها النصاب‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن شرائط وجوب زكاة الزروع‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪147‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬وأما الزروع) الزروع مجع الزرع‪ ،‬والزرع هو‪ :‬فعل الزراعة أي طرح البذور‬
‫يف األرض لتنبت‪ ،‬لكن املراد بالزرع هنا املزروع؛ أي ما يُنبت بالزراعة‪ ،‬والزروع‬
‫تُطلق على كل ما تنبت بالزراعة من احلبوب وغريها‪ ،‬لكن املراد هبا هنا احلبوب‪.‬‬
‫اخلالصة أن الزروع هي‪ :‬احلبوب اليت تنبت بالزراعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فتجب الزكاة فيها بثَلثة شرائط) أي شروط وجوب زكاة الزروع مع‬
‫الشروط األربعة العامة يضاف شرطان‪ .‬وذكر املؤلف أهنا ثالثة؛ ألن أحدها‬
‫شرط من الشروط العامة‪ ،‬واآلخران شرطان خاصان‪.‬‬
‫قوله‪( :‬أن يكون مما يزرعه اآلدميون) هذا الشرط األول‪ ،‬ومعناه‪ :‬أن يكون‬
‫الزرع من جنس ما يقوم اآلدميون بزراعته‪.‬‬
‫ومفهومه أن جنس ما يُ َزرع بنفسه عادة ال زكاة فيه‪.‬‬
‫مدخرا) هذا الشرط الثاين‪ ،‬والقوت هو‪ :‬الطعام الذي تقوم‬ ‫ً‬ ‫(وأن يكون قوتًا‬
‫به البِْنـيَةُ‪ ،‬أي يُعيِّش البدن غالبًا دون ما يُؤَكل ت ُّنع ًما أو تداويًا‪ ،‬واملدخر هو‪ :‬أن‬
‫وخيزن دون أن يفسد‪ .‬والقوت املدخر مثل احلنطة أي القمح‪ ،‬والشعري‪،‬‬ ‫ُحي َفظ ُ‬
‫واألرز‪ ،‬والعدس‪ ،‬والذرة واحلمص‪ ،‬والباقالء أي الفول‪.‬‬
‫ومفهوم كالمه أن غري احلبوب والثمار ليس فيه زكاة‪ ،‬كالسعرت‪.‬‬
‫أيضا أن غري القوت من احلبوب والثمار ليس فيه زكاة‪ ،‬فمن احلبوب‪:‬‬ ‫ومفهوم كالمه ً‬
‫األبازير؛ كالكمون‪ ،‬ومنها‪ :‬البذور؛ سواء بذور ما يؤكل كبذور اخليار‪ ،‬أو بذور‬
‫ما ال يؤكل كبذور القطن‪ ،‬ومنها‪ :‬حبوب البقول كالرشاد واحللبة واخلردل‪.‬‬
‫والشرط الثاين يغين عن الشرط األول؛ ألن القوت املدخر من جنس ما يزرعه‬
‫اآلدميون‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪148‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الزَكاةُ فِي َش ْيئَ ْي ِن ِم ْن َها‪ :‬ثَ َم َرةُ النَّ ْخ ِل َوثَ َم َرةُ الْ َك ْرِم‪َ ،‬و َش َرائِ ُ‬
‫ط‬ ‫ب َّ‬ ‫وأ ََّما الثِّم ِ‬
‫ار فَ تَج ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫ْح ِّريَّةُ َوال ِْمل ُ‬ ‫اء‪ِْ :‬‬ ‫وب َّ ِ ِ‬ ‫ُو ُج ِ‬
‫اب ‪.‬‬ ‫ِّص ُ‬
‫َّام َوالن َ‬‫ْك الت ُّ‬ ‫اْل ْس ََل ُم َوال ُ‬ ‫الزَكاة ف َيها أ َْربَ َعةُ أَ ْشيَ َ‬
‫(‪)1‬‬

‫الشرائِ ِط الْم ْذ ُكورةِ فِي ْاْلَثْم ِ‬ ‫ِّجارةِ؛ فَ تَ ِجب َّ ِ ِ‬


‫ان(‪.)2‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫الزَكاةُ ف َيها ب َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫وض الت َ َ‬ ‫َوأ ََّما عُ ُر ُ‬

‫(وأن يكون نصابًا) هذا الشرط الثالث‪ ،‬أي أن يبلغ القدر الذي جتب فيه الزكاة‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن شرائط وجوب زكاة الثمار‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وأما الثمار) الثمار مجع مثرة‪ ،‬والثمرة لغة الفائدة‪ ،‬لكن املراد بالثمرة هنا‬
‫ما تنبت بالزراعة‪ ،‬ومسيت مثرة ألهنا فائدة حصلت بالزراعة‪ ،‬والثمار تُطلق على‬
‫كل ما تنبت بالزراعة من احلبوب وغريها‪ ،‬لكن املراد هبا هنا ما سوى احلبوب‪.‬‬
‫اخلالصة أن الثمار هي‪ :‬ما سوى احلبوب مما تنبت بالزراعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فتجب الزكاة في شيئين منها‪ :‬ثمرة النخل وثمرة الكرم) أي الثمار‬
‫اليت جتب فيها الزكاة اثنان‪ ،‬ومها‪ :‬التمر والعنب‪.‬‬
‫ومفهوم كالمه أن غري التمر والعنب من الثمار ليس فيه زكاة‪ ،‬سواء غري‬
‫املدخر؛ كاخلضار‪ ،‬والفواكه‪ ،‬والبقول؛ كالفجل والبصل والكراث‪ ،‬أو الذي‬
‫ُجيفف ويُدخر كاللوز والفستق والبندق‪.‬‬
‫(وشرائط وجوب الزكاة فيها أربعة أشياء‪ :‬اْلسَلم والحرية والملك التام‬
‫والنصاب) أي شروط وجوب زكاة الثمار هي الشروط األربعة العامة ال غري‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن شرائط وجوب زكاة عروض التجارة‪.‬‬
‫عرض‪ ،‬بسكون الراء‪ ،‬وهو‪ :‬ما‬ ‫قوله‪( :‬وأما عروض التجارة) العروض‪ :‬مجع ْ‬
‫سوى األمثان من املال؛ كالنبات واحليوان والعقار والسلع‪ ،‬مسي بذلك ألنه‬
‫عرض ليباع ويشرتى‪.‬‬ ‫يُ َ‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪149‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫والتجارة هي‪ :‬شراء الشيء وبيعه لقصد الربح‪.‬‬


‫وعلى هذا فعروض التجارة هي‪ :‬ما سوى األمثان من املال اليت تشرتى وتباع‬
‫لقصد الربح‪.‬‬
‫(فتجب الزكاة فيها بالشرائط المذكورة في اْلثمان) أي شروط وجوب زكاة‬
‫عروض التجارة مع الشروط األربعة العامة يضاف شرط واحد‪ ،‬وهو‪ :‬احلول‪.‬‬
‫واحلول هو‪ :‬السنة‪ ،‬فال جتب الزكاة يف عروض التجارة إال بعد مرور سنة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪150‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل قدر زكاة املال‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب الزكاة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬قدر زكاة املال‪.‬‬
‫تعريف قدر زكاة املال‪:‬‬
‫قدر زكاة املال هو‪ :‬الكمية اليت جيب إخراجها يف مال الزكاة‪.‬‬
‫وطريقة املؤلف أنه يذكر نصاب كل مال على حدة مث يذكر قدر زكاته‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف يف الفصل السابق عن شرائط وجوب زكاة املال ناسب أن‬
‫يتكلم بعد ذلك عن قدر زكاته؛ ألنه إذا وجبت زكاة املال لتوفر الشروط ال‬
‫ميكن إخراج الزكاة إال بعد معرفة قدرها‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ست مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪151‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب ِْ ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ِ‬


‫ش َر‪:‬‬‫س َة َع َ‬‫س‪َ ،‬وف َيها‪َ :‬شاةٌ‪َ ،‬وفي َع ْش ٍر‪َ :‬شاتَان‪َ ،‬وفي َخ ْم َ‬ ‫اْلب ِل َخ ْم ٌ‬ ‫َوأ ََّو ُل ن َ‬
‫اض‪َ ،‬وفِي‬ ‫ين‪ :‬بِْن ُ‬ ‫ث ِشياهٍ‪ ،‬وفِي ِع ْش ِرين‪ :‬أَربع ِشياهٍ‪ ،‬وفِي َخم ٍ ِ‬
‫ت َم َخ ٍ‬ ‫س َوع ْش ِر َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬ ‫ثَََل ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون‪ ،‬وفِي ِست وأَرب ِع ِ‬ ‫ِست وثَََلثِين‪ :‬بِْن ُ ٍ‬
‫ِّين‪َ :‬ج َذ َعةٌ‪،‬‬‫إح َدى َوست َ‬ ‫ين‪ :‬ح َّقةٌ‪َ ،‬وفي ْ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ت لَبُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ان‪َ ،‬وفِي ِمائَ ٍة َوإِ ْح َدى‬ ‫ون‪ ،‬وفِي إح َدى وتِس ِعين‪ِ :‬ح َّقتَ ِ‬
‫ين‪ :‬ب ْنتَا لَبُ َ ْ َ ْ َ‬
‫ٍ‬ ‫وفِي ِست و َس ْب ِع ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ين‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ون‪ ،‬ثُ َّم فِي ُك ِّل أَرب ِعين‪ :‬بِْن ُ ٍ ِ‬ ‫ات لَب ٍ‬ ‫و ِع ْش ِرين‪ :‬ثَََل ُ ِ‬
‫ت لَبُون‪َ ،‬وفي ُك ِّل َخ ْمس َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ث بَنَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ين‪ُ :‬م ِسنَّةٌ‪َ ،‬و َعلَى‬ ‫ِ ِ‬ ‫اب الْب َق ِر‪ :‬ثَََلثُو َن‪ ،‬فَ ي ِج ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يع‪َ ،‬وفي أ َْربَع َ‬ ‫ب فيه‪ :‬تَبِ ٌ‬ ‫َ ُ‬ ‫ص ِ َ‬ ‫ح َّقةٌ‪َ .‬وأ ََّو ُل ن َ‬
‫اب الْغَنَ ِم‪ :‬أ َْربَعُو َن‪َ ،‬وفِ َيها‪َ :‬شاةٌ َج َذ َعةٌ ِم َن َّ‬
‫الضأ ِْن‪ ،‬أ َْو‬ ‫ص ِ‬ ‫ِ‬
‫س‪َ .‬وأ ََّو ُل ن َ‬
‫ِ‬
‫َه َذا أَبَ ًدا فَق ْ‬
‫اح َدةٍ‪ :‬ثَََل ُ‬ ‫ان‪ ،‬وفِي ِمائَ ت ي ِن وو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫ث‬ ‫َْ ََ‬ ‫ين‪َ :‬شاتَ َ‬ ‫ثَنيَّةٌ م َن ال َْم َع ِز‪َ ،‬وفي مائَة َوإِ ْح َدى َوع ْش ِر َ‬
‫ِشياهٍ‪ ،‬وفِي أَرب ِع ِمائَ ٍة‪ :‬أَربع ِشياهٍ‪ ،‬ثُ َّم فِي ُك ِّل ِمائَ ٍة‪َ :‬شاةٌ‪ .‬وال َ ِ ِ‬
‫ان ي َزِّكي ِ‬
‫ان َزَكا َة‬ ‫ْخليطَ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫اح ًدا‪،‬‬‫اح ًدا‪ ،‬والْمرعى و ِ‬ ‫اح ًدا‪ ،‬والْمسرح و ِ‬ ‫ط‪ :‬إ َذا َكا َن الْمراح و ِ‬ ‫س ْب ِع َش َرائِ َ‬ ‫ِِِ‬
‫َ َْ َ َ‬ ‫َ َ َْ ُ َ‬ ‫َُ ُ َ‬ ‫ال َْواحد ب َ‬
‫بوِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اح ًدا‪ ،‬وال ِ‬ ‫اح ًدا‪ ،‬والْم ْشرب و ِ‬ ‫والْ َفحل و ِ‬
‫اح ًدا(‪.)1‬‬ ‫ْحلَ ِ َ‬ ‫ب َواح ًدا‪َ ،‬وَم ْوض ُع ال َ‬ ‫ْحال ُ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َُ َ‬ ‫َ ْ َُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن قدر الزكاة يف املواشي‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وأول نصاب اْلبل خمس وفيها شاة وفي عشر شاتان وفي خمسة عشر‬
‫ثَلث شياه وفي عشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين بنت مخاص وفي‬
‫ست وثَلثين بنت لبون وفي ست وأربعين حقة وفي إحدى وستين جذعة وفي‬
‫ست وسبعين بنتا لبون وفي إحدى وتسعين حقتان وفي مائة وإحدى وعشرين‬
‫ثَلث بنات لبون ثم في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة)‬
‫اإلبل‪ :‬ال مفرد هلا من لفظها‪ ،‬وتشمل الذكر واألنثى‪ ،‬والذكر يسمى مجالً‪،‬‬
‫واألنثى تسمى ناقة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪152‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫مخسا فأكثر‪ ،‬وعلى هذا لو‬‫ومعىن كالم املؤلف‪ :‬أن نصاب اإلبل أن تكون ً‬
‫كانت دون اخلمس فليس فيها زكاة‪.‬‬
‫وأما قدر زكاة اإلبل فإهنا ال ختلو من ثالث حاالت‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن تكون من مخس إىل عشرين‪ ،‬فزكاهتا من الشياه‪ ،‬يف كل مخس‬
‫منها شاة‪ .‬والوقص ـ وهو ما بني النصابني ـ عفو‪ ،‬ففي تسع من اإلبل شاة‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬أن تكون من مخس وعشرين إىل عشرين ومائة‪ ،‬فزكاهتا من جنسها‪،‬‬
‫مخسا وعشرين ففيها بنت خماض‪ ،‬وإذا كانت ستًا وثالثني ففيها بنت‬ ‫فإذا كانت ً‬
‫لبون‪ ،‬وإذا كانت ستًا وأربعني ففيها حقة‪ ،‬وإذا كانت إحدى وستني ففيها جذعة‪،‬‬
‫وإذا كانت ستًا وسبعني ففيها ابنتا لبون‪ ،‬وإذا كانت إحدى وتسعني ففيها حقتان‪.‬‬
‫احلالة الثالثة‪ :‬إذا زادت على عشرين ومائة‪ ،‬فزكاهتا من جنسها‪ ،‬وتكون على‬
‫قاعدة ثابتة‪ ،‬وهي‪ :‬أن يف كل أربعني بنت لبون‪ ،‬ويف كل مخسني حقة‪.‬‬
‫وعلى هذا لو كان عنده واحدة وعشرون ومائة فالواجب أن ُخير َج ثالث بنات‬
‫لبون‪ ،‬ولو كان عنده ثالثون ومائة فالواجب أن ُخير َج بنيت لبون وحقة‪ ،‬ولو كان‬
‫عنده أربعون ومائة فالواجب أن ُخير َج بنت لبون وحقتني‪ ،‬ولو كان عنده‬
‫مخسون ومائة فالواجب أن ُخير َج ثالث حقاق‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫تعريف أسنان اإلبل‪:‬‬
‫بنت املخاض هي‪ :‬بنت الناقة اليت هلا سنة ودخلت يف الثانية‪ُ ،‬مسيت بذلك‬
‫ألن أمها يف الغالب قد محلت‪ ،‬واملخاض هي‪ :‬احلامل‪.‬‬
‫وبنت اللبون هي‪ :‬بنت الناقة اليت هلا سنتان ودخلت يف الثالثة‪ ،‬مسيت بذلك‬
‫ألن أمها يف الغالب قد وضعت محلها وصارت ذات لنب‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪153‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫واحلقة هي‪ :‬بنت الناقة اليت هلا ثالث سنني ودخلت يف الرابعة‪ ،‬مسيت بذلك‬
‫ألهنا استحقت أن يطرقها الفحل‪.‬‬
‫واجلذعة هي‪ :‬بنت الناقة اليت هلا أربع سنني ودخلت يف اخلامسة‪ ،‬مسيت بذلك‬
‫ألهنا جتذع مقدم أسناهنا أي تسقطه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وأول نصاب البقر ثَلثون وفيها تبيع وفي أربعين مسنة وعلى هذا‬
‫أبدا فقس)‬
‫البقر‪ :‬مسيت بذلك ألهنا تبقر األرض أي تشقه باحلراثة‪ ،‬ومفردها بقرة للذكر‬
‫واألنثى‪ ،‬فالتاء للوحدة ال للتأنيث‪.‬‬
‫ومعىن كالم املؤلف‪ :‬أن نصاب البقر أن تكون ثالثني فأكثر‪ ،‬وعلى هذا لو‬
‫كانت دون الثالثني فليس فيها زكاة‪.‬‬
‫وأما قدر زكاة البقر فعلى قاعدة ثابتة‪ ،‬وهي‪ :‬يف كل ثالثني تبيع‪ ،‬ويف كل‬
‫أربعني مسنة‪.‬‬
‫والتبيع‪ :‬ابن البقرة الذي له سنة ودخل يف الثانية‪ ،‬مسي بذلك ألنه يتبع أمه‪.‬‬
‫واملسنة‪ :‬ابنة البقرة اليت هلا سنتان‪ ،‬مسيت بذلك لتكامل أسناهنا‪.‬‬
‫والتبيعة جتزئ عن التبيع من باب أوىل؛ ألهنا أنفع من الذكر ملا فيها من الدر‬
‫والنسل‪ ،‬وأما املسن فال جيزئ عن املسنة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وأول نصاب الغنم أربعون وفيها شاة جذعة من الضأن أو ثنية من‬
‫المعز وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان وفي مائتين وواحدة ثَلث شياه‬
‫وفي أربعمائة أربع شياه ثم في كل مائة شاة)‬
‫الغنم ال مفرد هلا من لفظها‪ ،‬ومسيت بذلك ألنه ليس هلا آلة الدفاع‪ ،‬فكانت غنيمة‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪154‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫لكل طالب‪ .‬والغنم نوعان‪ :‬ضأن‪ ،‬ومعز؛ فأما الضأن فهو‪ :‬الذي على جلده‬
‫صوف‪ ،‬والذكر ضائن‪ ،‬واألنثى ضائنة‪ ،‬وأما املعز فهو‪ :‬الذي على جلده شعر‪،‬‬
‫والذكر ماعز‪ ،‬واألنثى ماعزة‪ .‬والتيس‪ :‬الذكر من الغنم‪ ،‬سواء كان من الضأن أو‬
‫املعز‪ ،‬والشاة‪ :‬املفرد من الغنم للذكر واألنثى‪ ،‬سواء كانت من الضأن أو املعز‪،‬‬
‫فالتاء للوحدة ال للتأنيث‪.‬‬
‫ومعىن كالم املؤلف‪ :‬أن نصاب الغنم أن تكون أربعني فأكثر‪ ،‬وعلى هذا لو‬
‫كانت دون األربعني فليس فيها زكاة‪.‬‬
‫وأما قدر زكاة الغنم فإهنا ال ختلو من حالتني‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن تكون ما بني أربعني إىل ثالمثائة‪ ،‬فإذا كانت أربعني ففيها‬
‫شاة‪ ،‬وإذا كانت واحدة وعشرين ومائة ففيها شاتان‪ ،‬وإذا كانت واحدة ومائتني‬
‫ففيها ثالث شياه‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬أن تكون أكثر من ثالمثائة فالواجب فيها على قاعدة ثابتة‪،‬‬
‫وهي‪ :‬أن يف كل مائة شاةٍ شا ًة‪.‬‬
‫وأما أقل سن الشاة اليت جيب إخراجها يف الزكاة فجذعة من الضأن‪ ،‬وهي‪ :‬اليت‬
‫هلا سنة‪ ،‬أو ثنية من املعز‪ ،‬وهي‪ :‬اليت هلا سنتان‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والخليطان يزكيان زكاة الواحد بسبع شرائط‪ :‬إذا كان المراح واح ًدا‪،‬‬
‫والمسرح واح ًدا‪ ،‬والمرعى واح ًدا‪ ،‬والفحل واح ًدا‪ ،‬والمشرب واح ًدا‪،‬‬
‫والحالب واح ًدا‪ ،‬وموضع الحلب واح ًدا)‬
‫اخللطة هي‪ :‬نوع من االشرتاك يف مال الزكاة‪.‬‬
‫ومعىن كالم املؤلف‪ :‬أنه إذا اشرتك اثنان يف نوع من أنواع هبيمة األنعام فإن هذا‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪155‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫االشرتاك يؤثر إذا حتقق االحتاد يف سبعة أشياء‪:‬‬


‫اح‪ ،‬وهو‪ :‬املوضع الذي تأوي إليه ليالً وتبيت فيه‪.‬‬ ‫األول‪ :‬الْ ُمَر ُ‬
‫والثاين‪ :‬املسرح‪ ،‬وهو‪ :‬املوضع الذي جتتمع فيه لتذهب للرعي‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬املرعى‪ ،‬وهو‪ :‬املوضع الذي ترعى فيه‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬الفحل‪ ،‬وهو‪ :‬الذكر املعد للضراب‪ ،‬وذلك بأن يرتك يضرب يف أنعام‬
‫املشرتكني‪.‬‬
‫واخلامس‪ :‬املشرب‪ ،‬وهو‪ :‬موضع املاء الذي تشرب منه‪.‬‬
‫والسادس‪ :‬احلالب‪ ،‬وهو الشخص الذي حيلبها‪ ،‬وهذا ليس بشرط على‬
‫الصحيح‪ .‬والراعي ـ وهو الشخص الذي يرعاها ـ شرط على الصحيح‪ ،‬وعليه‬
‫فيكون هذا الشرط بدل ذاك الشرط‪.‬‬
‫والسابع‪ :‬موضع احللب‪ ،‬وهو املكان الذي ُحتلب فيه‪.‬‬
‫ومعىن أن االشرتاك يؤثر أنه َجيعل مال املشرتكني كمال الرجل الواحد؛ فيؤثر يف‬
‫النصاب‪ ،‬ويؤثر يف قدر الزكاة زيادة ونقصانًا‪.‬‬
‫مثال التأثري يف النصاب‪ :‬لو اشرتك اثنان يف أربعني من الغنم لكل شخص‬
‫منهما عشرون‪ ،‬فالواجب عليهما زكاة‪ ،‬وهي شاة واحدة‪ ،‬ولو أن االختالط ال‬
‫يؤثر ملا وجب على أحدمها زكاة‪.‬‬
‫مثال التأثري يف قدر الزكاة زيادة‪ :‬لو اشرتك اثنان يف اثنتني ومائتني من الغنم‬
‫لكل شخص منهما واحدة ومائة‪ ،‬فالواجب عليهما ثالث شياه أي على كل‬
‫واحد منهما شاة ونصف شاة‪ ،‬ولو أن االختالط ال يؤثر لكان الواجب على‬
‫كل واحد منهما شاة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪156‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ف ِمثْ َق ٍ‬
‫ال‪،‬‬ ‫ص ُ‬ ‫ِ‬ ‫الذه ِ ِ‬
‫ب‪ :‬ع ْش ُرو َن مثْ َقا ًْل‪َ ،‬وفِ ِيه‪ُ :‬ربْ ُع الْعُ ْش ِر‪َ ،‬و ُه َو نِ ْ‬ ‫اب َّ َ‬
‫ص ُ‬
‫ِ‬
‫َون َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اد بِ ِح ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اب ال َْوِرق مائَتَا د ْرَه ٍم‪َ ،‬وف َيها‪ُ :‬ربْ ُع الْعُ ْش ِر‪َ ،‬و ُه َو َخ ْم َ‬
‫سةُ‬ ‫ص ُ‬ ‫سابِه‪َ .‬ون َ‬‫يما َز َ َ‬
‫وف َ‬
‫اح َزَكاةٌ(‪.)1‬‬ ‫ْحلِ ِّي ال ُْمبَ ِ‬ ‫اد بِ ِحسابِ ِه‪ .‬وَْل تَ ِج ِ‬
‫ب في ال ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ‬
‫َد َراه َم‪َ ،‬وف ْي َما َز َ َ َ‬

‫مثال التأثري يف قدر الزكاة نقصانًا‪ :‬لو اشرتك اثنان يف مثانني من الغنم لكل‬
‫شخص منهما أربعون‪ ،‬فالواجب عليهما شاة واحدة أي على كل واحد منهما‬
‫نصف شاة‪ ،‬ولو أن االختالط ال يؤثر لكان الواجب على كل واحد منهما‬
‫شاة كاملة‪.‬‬
‫وكيفية أخذ نصف شاة من كل واحد أن تؤخذ شاة من أحدمها ويأَخذ هو من‬
‫صاحبه قيمة نصفها‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن قدر زكاة الذهب والفضة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ونصاب الذهب عشرون مثقاْلً‪ ،‬وفيه ربع العشر‪ ،‬وهو نصف مثقال)‬
‫الذهب مسي بذلك؛ ألنه يذهب باإلنفاق‪ ،‬واملثقال هو‪ :‬امليزان‪ ،‬فمثقال الشيء‬
‫ميزانه‪ ،‬مث غلب إطالقه على الدينار‪.‬‬
‫دينارا فأكثر‪ ،‬وعلى‬
‫ومعىن كالم املؤلف‪ :‬أن نصاب الذهب أن يكون عشرين ً‬
‫دينارا فليس فيه زكاة‪.‬‬
‫هذا لو كان دون العشرين ً‬
‫دينارا (‪85=20×4،25‬غم)‪.‬‬ ‫والدينار بالوزن العصري (‪4،25‬غم)‪ ،‬والعشرون ً‬
‫وأما قدر زكاة الذهب فهو ربع العشر‪.‬‬
‫دينارا‪ ،‬حال عليها احلول‪ ،‬فعليه ربع العشر‪ ،‬أي‬ ‫مثال ذلك‪ :‬ميلك عشرين ً‬
‫يقسم العشرين على عشرة فيكون الناتج اثنني‪ ،‬مث يقسم االثنني على أربعة‬
‫فيكون الناتج نص ًفا‪ ،‬وعلى هذا فعليه نصف دينار‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪157‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬وفيما زاد بحسابه) أي إذا زادت الدنانري على العشرين ففي هذه‬
‫الزيادة ربع العشر‪.‬‬
‫دينارا‪ ،‬حال عليها احلول‪ ،‬فعليه ربع العشر‪ ،‬أي يقسم‬ ‫مثال ذلك‪ :‬ميلك ثالثني ً‬
‫الثالثني على عشرة فيكون الناتج ثالثة‪ ،‬مث يقسم الثالثة على أربعة فيكون‬
‫دينارا إال ر ًبعا‪ ،‬وعلى هذا فعليه دينار إال ر ًبعا‪.‬‬
‫الناتج ً‬
‫قوله‪( :‬ونصاب الورق مائتا درهم وفيه ربع العشر وهو خمسة دراهم)‬
‫الوِرق هي الفضة املضروبة دراهم‪ ،‬والفضة مسيت بذلك؛ ألهنا تنفض باإلنفاق‪.‬‬
‫ومعىن كالم املؤلف‪ :‬أن نصاب الفضة أن تكون مائيت درهم فأكثر‪ ،‬وعلى هذا‬
‫لو كانت دون املائيت درهم فليس فيها زكاة‪.‬‬
‫والدرهم بالوزن العصري (‪2،975‬غم) واملائتا درهم (‪595=200×2،975‬غم)‬
‫وأما قدر زكاة الفضة فهو ربع العشر‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬ميلك مائيت درهم‪ ،‬حال عليها احلول‪ ،‬فعليه ربع العشر‪ ،‬أي يقسم‬
‫املائتني على عشرة فيكون الناتج عشرين‪ ،‬مث يقسم العشرين على أربعة فيكون‬
‫الناتج مخسة‪ ،‬وعلى هذا فعليه مخسة دراهم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وفيما زاد بحسابه) أي إذا زادت الدراهم على املائتني ففي هذه الزيادة‬
‫ربع العشر‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬ميلك مائتني وعشرين درمهًا‪ ،‬حال عليها احلول‪ ،‬فعليه ربع العشر‪،‬‬
‫أي يقسم املائتني والعشرين على عشرة فيكون الناتج اثنني وعشرين‪ ،‬مث يقسم‬
‫االثنني والعشرين على أربعة فيكون الناتج مخسة ونصف‪ ،‬وعلى هذا فعليه‬
‫مخسة دراهم ونصف درهم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪158‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ُّمائَ ِة ِرط ٍْل بِال ِْع َراقِ ِّي‪،‬‬


‫ْف و ِست ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سةُ أ َْو ُس ٍق‪َ ،‬وه َي أَل ٌ َ‬‫وع َوالث َِّما ِر‪َ :‬خ ْم َ‬
‫الزُر ِ‬
‫اب ُّ‬ ‫ص ُ‬ ‫َون َ‬
‫الس ْي ِح‪ :‬الْعُ ْش ُر‪َ ،‬وإ ْن‬ ‫الس َم ِاء أ َْو َّ‬
‫ت بِ َم ِاء َّ‬ ‫سابِ ِه‪َ ،‬وفِ َيها إ ْن ُس ِقيَ ْ‬ ‫وما َز َ ِ ِ‬
‫اد فَبح َ‬ ‫َ‬
‫ف الْعُ ْش ِر(‪.)1‬‬ ‫ص ُ‬‫ض ٍح‪ :‬نِ ْ‬ ‫ب أ َْو نَ ْ‬ ‫ت بِ ُد َ‬
‫وْل ٍ‬ ‫ُس ِقيَ ْ‬

‫قوله‪( :‬وْل تجب في الحلي المباح زكاة)‬


‫احلُلِ ُّي‪ :‬مجع َح ْل ٍي بفتح احلاء وإسكان الالم‪ ،‬وهو‪ :‬ما يُتزين به من الذهب‬
‫والفضة وغريمها‪.‬‬
‫ومعىن كالم املؤلف أن املعد للتزين املباح من الذهب والفضة ال جتب فيه زكاة‪.‬‬
‫ومفهوم كالمه أن املعد للتزين احملرم من الذهب والفضة جتب فيه الزكاة‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬التختم بالذهب‪ ،‬فقد تقدم أنه حيرم على الرجال وحيل للنساء‪ ،‬وعلى‬
‫هذا فخوامت الذهب للمرأة ليس فيها زكاة وللرجل فيها زكاة إذا بلغت النصاب‪.‬‬
‫وتقدم أنه ال جيوز استعمال أواين الذهب والفضة‪ ،‬فهي حمرمة على الرجل‬
‫واملرأة‪ ،‬وعلى هذا فأواين الذهب والفضة فيها زكاة إذا بلغت النصاب‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن قدر زكاة الزروع والثمار‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ونصاب الزروع والثمار خمسة أوسق)‬
‫األوسق مجع وسق‪ ،‬وهو مقدار من الكيل‪ ،‬والكيل هو‪ :‬الوعاء الذي يكال به‪،‬‬
‫الوسق أي اجلمع‪ ،‬ومسي‬ ‫الو َسق مشتق من ْ‬ ‫وله مقادير منها‪ :‬الوسق والصاع‪ ،‬و َ‬
‫هذا املقدار بالوسق؛ ألنه يتضمن مقدار جمموعة من الصيعان‪ ،‬فالوسق ستون‬
‫صاعا‪ ،‬واخلمسة أوسق ثالث مائة صاع‪.‬‬ ‫ً‬
‫ومعىن كالم املؤلف‪ :‬أن نصاب الزروع والثمار أن تكون ثالث مائة صاع‪،‬‬
‫وعلى هذا لو كانت دون ذلك فليس فيها زكاة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪159‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬وهي) أي اخلمسة أوسق (ألف وستمائة رطل بالعراقي)‪.‬‬


‫الرطل وزن‪ ،‬وامليزان هو‪ :‬ذو الكفتني الذي يوزن به الشيء‪ ،‬فيوضع ما يراد وزنه‬
‫يف كفة ويوضع الثقل املعد للتقدير يف الكفة األخرى‪ ،‬وعلى هذا فالكيل‪:‬‬
‫تقدير باحلجم‪ ،‬والوزن‪ :‬تقدير بالثقل‪.‬‬
‫ظ‪.‬‬‫وحي َف َ‬
‫ط ُْ‬‫ضبَ َ‬
‫والنصاب معترب بالكيل ال بالوزن‪ ،‬وإمنا ذكر املؤلف الوزن ليُ ْ‬
‫والوسق بالوزن العصري (‪ 2،25‬كغ ×‪ 135=60‬كغ تقريبًا)‪.‬‬
‫واخلمسة أوسق (‪ 135‬كغ ×‪ 675 =5‬كغ تقريبًا)‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وفيما زاد بحسابه)‬
‫أي إذا زادت الزروع والثمار على اخلمسة أوسق فقدر ما جيب يف هذه الزيادة‬
‫نفس قدر ما جيب يف اخلمسة أوسق‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وفيها إن سقيت بماء السماء أو السيح العشر وإن سقيت بدوْلب‬
‫أو نضح نصف العشر)‬
‫ماء السماء هو‪ :‬املطر‪ ،‬والسيح هو‪ :‬املاء اجلاري على وجه األرض كالنهر‪،‬‬
‫والدوالب هو‪ :‬الذي يديره احليوان لسحب املاء‪ ،‬والنضح هو‪ :‬نقل املاء من‬
‫موضع آخر باحليوان‪.‬‬
‫ومعىن كالم املؤلف‪ :‬أن قدر زكاة الزروع والثمار ال خيلو من حالتني‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن يسقى بغري مشقة‪ ،‬كأن يسقى مباء املطر أو السيح‪ ،‬فالواجب‬
‫فيه العشر‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬أن يسقى باملشقة‪ ،‬كأن يسقى بالدوالب أو بالنضح‪ ،‬فالواجب‬
‫فيه نصف العشر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪160‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ج ِم ْن َذلِ َ‬
‫ك ُربْ ُع‬ ‫وتُ َق َّوم عُروض التِّجارةِ ِع ْن َد الْحوِل بِما اُ ْشتُ ِري ْ ِ ِ‬
‫ت به‪َ ،‬ويُ ْخ ِر ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ ُ ُ ُ ََ‬
‫الْعُ ْش ِر(‪.)1‬‬
‫ْح ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّة ي ْخ ِر ِ‬
‫الذ َه ِ ِ ِ‬ ‫اد ِن َّ‬ ‫وما اُستُ ْخ ِرج ِمن مع ِ‬
‫ال(‪.)2‬‬ ‫ج م ْنهُ ُربْ َع الْعُ ْش ِر في ال َ‬
‫ب َوالْفض ُ ُ‬ ‫ََ ْ َ ْ ََ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن قدر زكاة عروض التجارة‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وتقوم عروض التجارة) أي يُنظر كم تساوي من القيمة؟‬
‫(عند آخر الحول) أي عند مرور سنة من شرائها‪.‬‬
‫(بما اشتريت به) أي حبسب نوع الثمن الذي اشرتيت به يعين بالدنانري أو‬
‫بالدراهم‪ ،‬وأما القيمة فبحسب قيمتها آخر احلول‪.‬‬
‫ومعىن كالمه‪ :‬ال يُشرتط أن تبلغ نصابًا عند شرائها‪ ،‬بل الذي يشرتط أن تبلغ‬
‫نصابًا عند آخر احلول‪ ،‬ولذلك تقوم ليُنظر هل بلغت نصابًا أم ال؟‬
‫(ويخرج من ذلك ربع العشر) أي وزكاهتا أن ُخيرج من قيمتها ربع عشرها‪.‬‬
‫وهذا يعين أن قدر زكاة عروض التجارة نفس قدر زكاة الذهب والفضة ربع‬
‫العشر؛ ألن العربة فيها قيمتها ال عينها‪ ،‬والقيمة تكون بالذهب أو بالفضة‪،‬‬
‫وهلذا ُخترج الزكاة من قيمتها ال من عينها‪.‬‬
‫عروضا بدنانري‪ ،‬ومضى عليها أو على ما بقي منها سنة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مثال ذلك‪ :‬اشرتى‬
‫دينارا مثالً فليس فيها زكاة‪ ،‬وإن‬
‫فيُنظر كم تساوي؟ فإن بلغت تسعة عشر ً‬
‫دينارا مثالً فتجب فيها الزكاة ربع العشر أي نصف دينار‪.‬‬
‫بلغت عشرين ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن قدر زكاة املعادن‪.‬‬
‫عدن‪ ،‬وهو‪ :‬الشيء الثمني املستخرج من األرض‪ ،‬و ُمسي م ِ‬
‫عدن؛‬ ‫املعادن مجع م ِ‬
‫َ‬
‫ألن العدن معناه اإلقامة‪ ،‬واملعدن مقامه يف األرض حيث يستخرج منها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪161‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫واملعادن نوعان‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬اجلامد‪ ،‬ومنه ما يذوب وينطبع بالنار كالذهب والفضة‪ ،‬ومنه ما‬
‫ال يذوب وال ينطبع بالنار كاجلص والنورة‪.‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬السائل‪ ،‬كالقار (الزفت) والنفط (البرتول)‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وما استخرج) أي من األرض (من معادن الذهب والفضة) ِمن بيانية‪،‬‬
‫أي نوع املستخرج من األرض الذهب والفضة (يخرج منه) أي من املستخرج‬
‫بعد تصفيته (ربع العشر) أي إذا كان يبلغ نصابًا‪.‬‬
‫وجمموع كالم املؤلف يقتضي أن معدن الذهب والفضة ال خيلو من حالتني‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬عند استخراجه من األرض‪ ،‬فتجب الزكاة فيه يف احلال‪ ،‬فال‬
‫يشرتط يف وجوبه احلول‪ ،‬وهذا مراده يف هذه املسألة‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬بعد استخراجه من األرض‪ ،‬يتكرر فيه وجوب الزكاة كل سنة‪،‬‬
‫فيشرتط يف وجوبه احلول‪ ،‬وهذا مراده يف مسألة زكاة األمثان‪.‬‬
‫واملؤلف مل يذكر هذه املسألة يف مسألة زكاة األمثان بل ذكرها بعد مسألة‬
‫عروض التجارة؛ ألهنا مثل عروض التجارة من حيث وقت النظر يف النصاب‪،‬‬
‫وجه ذلك‪ :‬أن يف زكاة األمثان يُنظر إىل النصاب قبل وقت وجوب الزكاة‪ ،‬فإذا‬
‫ك الذهب أو الفضة ينظر هل يبلغ نصابًا أم ال؟ فإذا كان يبلغ نصابًا يبدأ‬ ‫ُمتُلِّ َ‬
‫احلول‪ ،‬وإذا انتهى احلول أخرج ربع العشر‪ ،‬وأما يف عروض التجارة فيُنظر إىل‬
‫ك عروض جتارة فال ينظر هل تبلغ نصابًا‬ ‫النصاب وقت إخراج الزكاة؛ فإذا ُمتُلِّ َ‬
‫أم ال؟ وإذا انتهى احلول تُقوم العروض فإذا بلغت نصابًا أخرج ربع العشر‪ ،‬ويف‬
‫املعادن يُنظر إىل النصاب وقت إخراج الزكاة؛ فإذا استخرج املعدن من األرض‬
‫يُنظر هل تبلغ نصابًا أم ال؟ فإذا بلغ نصابًا أخرج ربع العشر يف احلال‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪162‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫س(‪.)1‬‬
‫ْخ ُم ُ‬ ‫َوَما يُ ْو َج ُد ِم َن ِّ‬
‫الرَكا ِز فَِف ِيه ال ُ‬

‫ومفهوم كالم املؤلف‪ :‬أن ما سوى الذهب والفضة من املعادن ليس فيه زكاة عند‬
‫استخراجه‪ ،‬وأما بعد استخراجه فعليه زكاة التجارة إذا كان من عروض التجارة‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن قدر زكاة الركاز‪.‬‬
‫الركاز هو‪ :‬املال املدفون يف األرض من وقت اجلاهلية‪ ،‬وهو ما قبل بعثة النيب‬ ‫ِّ‬
‫كازا؛ ألن الركز معناه اخلفاء‪ ،‬والركاز خمفي يف‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ومسي ر ً‬
‫األرض‪ ،‬ويُعرف أنه من دفن اجلاهلية بوجود عالمة تدل على ذلك‪ ،‬مثل أن‬
‫توجد عليه أمساء ملوكهم‪.‬‬
‫والفرق بني الركاز واملعدن‪ :‬أن الركاز مدفون يف األرض‪ ،‬واملعدن من أصله‬
‫خملوق يف األرض‪.‬‬
‫وإذا َو َج َد شيئًا مدفونًا ليس عليه عالمة تدل على أنه من دفن اجلاهلية‪ ،‬كأن‬
‫يكون عليه عالمة املسلمني‪ ،‬أو مل تكن عليه عالمة مطل ًقا‪ ،‬فحكمه حكم‬
‫اللقطة‪ .‬وحمل الكالم عن اللقطة يف قسم األموال‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وما) أي الذي (يوجد) أي ُحيصل عليه (من الركاز) ِمن بيانية أي نوع‬
‫الذي حيصل عليه الركاز (ففيه) أي فالواجب فيه (الخمس) أي إذا بلغ‬
‫احدا من‬
‫نصابًا‪ ،‬وخيرجه يف احلال‪ ،‬وذلك بأن يقسم املال على مخسة‪ ،‬فيخرج و ً‬
‫كازا من الذهب‪ ،‬مقداره مخسون‬ ‫اخلمسة‪ ،‬واألربعة له‪ .‬مثال ذلك‪ :‬وجد ر ً‬
‫دينارا‪ ،‬فيزكي بعشرة‪ ،‬ويأخذ األربعني‪.‬‬
‫ً‬
‫وظاهر كالم املؤلف أن الركاز خيتص بالذهب والفضة؛ ألنه ذكره بعد املعادن‪،‬‬
‫وعليه فإذا وجد من مال اجلاهلية ما سوى الذهب والفضة كنح ٍ‬
‫اس فكله له‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪163‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل شرائط وجوب زكاة الفطر وقدرها‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث من كتاب الزكاة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬شرائط وجوب زكاة الفطر وقدرها‪.‬‬
‫تعريف شرائط وجوب زكاة الفطر وقدرها‪:‬‬
‫الشرائط‪ :‬مجع شريطة‪ ،‬وهي مبعىن الشروط‪ :‬مجع شرط‪.‬‬
‫خارجا عنه‪.‬‬
‫والشرط هو‪ :‬ما ال يتم الشيء إال به ويكون ً‬
‫وقدر زكاة الفطر هو‪ :‬الكمية اليت جيب إخراجها يف مال الزكاة‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف يف الفصلني السابقني عن شرائط وجوب زكاة املال وعن قدر‬
‫زكاة املال ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن شرائط وجوب زكاة الفطر وعن‬
‫قدرها؛ ليكتمل بذلك الكالم عن زكاة املال وزكاة الفطر‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪164‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫آخ ِر يَ ْوٍم ِم ْن‬ ‫س ِمن ِ‬


‫الش ْم ِ ْ‬ ‫وب َّ‬ ‫اْل ْس ََل ُم‪َ ،‬وغُر ِ‬
‫ُ‬ ‫ط ‪ِْ :‬‬‫ب َزَكاةُ ال ِْفطْ ِر بِثَ ََلثَِة َش َرائِ َ‬ ‫ِ‬
‫َوتَج ُ‬
‫ك الْيَ ْوِم َولَْي لَتِ ِه(‪.)1‬‬
‫وت ِعيَالِ ِه فِي ذَلِ َ‬
‫ض ِل َعن قُوتِِه وقُ ِ‬
‫َ‬ ‫ود الْ َف ْ ْ‬ ‫ضا َن‪َ ،‬وُو ُج ُ‬ ‫َش ْه ِر َرَم َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن شرائط وجوب زكاة الفطر‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وتجب زكاة الفطر بثَلثة أشياء) أي ال تكون زكاة الفطر واجبة إال‬
‫بتوفر ثالثة شروط‪.‬‬
‫قوله‪( :‬اْلسَلم) هذا الشرط األول‪ ،‬أي يشرتط لوجوب إخراج زكاة الفطر أن‬
‫مسلما‪ ،‬ومفهوم هذا الشرط أن الكافر ال جتب عليه زكاة الفطر‪.‬‬
‫يكون املخرِج ً‬
‫واإلسالم شرط وجوب وصحة‪ ،‬وعليه فالكافر ال جتب عليه زكاة الفطر‪ ،‬وإذا‬
‫زكى ال تصح منه؛ ألن عمله غري مقبول‪.‬‬
‫وتقدم يف شرح أول كتاب الزكاة أن احلرية شرط وجوب وصحة‪ ،‬وعليه فالعبد‬
‫ال جتب عليه الزكاة؛ ألنه ال مال له‪ ،‬وإذا زكى ال تصح منه؛ ألنه يزكي بغري ماله‪.‬‬
‫واملؤلف مل يذكر شرط احلرية يف زكاة الفطر؛ ألن احلرية شرط بالنسبة لإلخراج‬
‫عن نفسه وعن غريه‪ ،‬فلو ذكر شرط احلرية القتضى ذلك أن احلر ال خيرج عن‬
‫عبده‪ ،‬وعليه فلم يذكر الشرط؛ ألن احلر خيرج عن عبده‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وبغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان) هذا الشرط الثاين‪،‬‬
‫أي يشرتط لوجوب إخراج زكاة الفطر أن يدرك غروب الشمس‪.‬‬
‫ومفهوم هذا الشرط أن من مل يدرك الغروب ال جتب عليه زكاة الفطر‪ ،‬وعليه‬
‫فمن مات قبل الغروب فال جيب إخراج الزكاة من ماله‪ ،‬ومن ولد له ولد بعد‬
‫الغروب فال جيب إخراج الزكاة عنه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪165‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اعا ِمن قُ ِ‬
‫وت بَلَ ِدهِ‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫صً ْ‬ ‫َويُ َزِّكي َع ْن نَ ْفسه َو َع َّم ْن تَل َْزُمهُ نَ َف َقتُهُ م َن ال ُْم ْسلم َ‬
‫ين‪َ :‬‬
‫ث بِال ِْع َراقِ ِّي(‪.)1‬‬ ‫ال َوثُلُ ٌ‬ ‫وقَ ْدرهُ‪َ :‬خ ْمسةُ أ َْرطَ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬

‫وهذا شرط وجوب ال شرط صحة‪ ،‬وعليه فمن ولد له ولد بعد الغروب ال جتب‬
‫عنه زكاة الفطر‪ ،‬وإذا زكى عنه تصح منه‪.‬‬
‫ووجوب إخراج زكاة الفطر بغروب مشس آخر يوم من رمضان ال مينع إخراجه‬
‫قبل ذلك؛ فيجوز إخراج زكاة الفطر من أول رمضان إىل آخره من غري كراهة‪،‬‬
‫ويستحب إخراجها قبل صالة العيد‪ ،‬ويكره تأخريها إىل بعد صالة العيد‪ ،‬وحيرم‬
‫تأخريها بعد آخر يوم العيد‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ووجود الفضل عن قوته وقوت عياله في ذلك اليوم) هذا الشرط‬
‫الثالث‪ ،‬أي يشرتط لوجوب إخراج زكاة الفطر أن يكون الطعام الذي يزكي به‬
‫ائدا عن حاجته وحاجة عياله يف يوم العيد وليلته اليت تليه‪.‬‬‫زً‬
‫وعياله هو‪ :‬من يعوهلم أي تلزمه نفقتهم‪.‬‬
‫ومفهوم هذا الشرط من ليس عنده طعام يف ذلك اليوم أو عنده طعام ال يزيد‬
‫عن حاجته وحاجة عياله فال جتب عليه زكاة الفطر‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن قدر زكاة الفطر‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويزكي عن نفسه وعمن تلزمه نفقته) أي زيادة على الزكاة عن نفسه‬
‫يزكي عن األشخاص الذين تلزمه نفقتهم‪.‬‬
‫وأسباب لزوم النفقة ثالثة امللك والنكاح والقرابة‪ ،‬وعليه فتلزمه نفقة عبده‬
‫وزوجته وولده‪.‬‬
‫قوله‪( :‬من المسلمين) أي يزكي عمن تلزمه نفقتهم إذا كانوا من املسلمني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪166‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ومفهوم هذا الشرط أنه ال يزكي عمن لزمته نفقتهم من الكفار‪ ،‬وعليه فإذا كان‬
‫كافرا أو زوجته كتابية فال يزكي عنهما‪.‬‬ ‫عبده ً‬
‫صاعا من قوت بلده) أي قدر زكاة الفطر عن كل شخص صاع من‬ ‫قوله‪ً ( :‬‬
‫الطعام‪ ،‬والطعام املعترب قوت بلده‪.‬‬
‫والقوت هو‪ :‬الطعام الذي تقوم به البِْنـيَةُ‪ ،‬أي يُعيِّش البدن غالبًا دون ما يؤكل‬
‫تنعما أو تداويًا‪ ،‬سواء كان من احلبوب كاحلنطة والشعري واألرز‪ ،‬أو كان من‬ ‫ً‬
‫الثمار كالتمر أو الزبيب‪.‬‬
‫واملذهب أن الفطرة تكون من األقوات اليت جيب فيها الزكاة ويضاف هلا األقط‬
‫واللنب واجلنب‪.‬‬
‫ومفهوم املذهب أن ما سوى األقوات اليت جيب فيها الزكاة واألقط واللنب واجلنب‬
‫ال جيوز إخراج الفطرة منه‪ ،‬ولو كان قوتًا كاللحم‪.‬‬
‫ومفهوم كالم املؤلف أن ما سوى قوت البلد من هذه األقوات ال جيوز إخراج‬
‫الفطرة منه‪.‬‬
‫والصاع‪ :‬أربعة أمداد‪ ،‬واملد‪ :‬ما مأل كفي الرجل املتوسط من احلنطة وحنوها‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وقدره خمسة أرطال وثلث بالعراقي)‬
‫الرطل وزن‪ ،‬والقدر املعترب الكيل ال بالوزن؛ ألن الصاع قدر من الكيل‪ ،‬وإمنا‬
‫ظ‪.‬‬‫وحي َف َ‬
‫ط ُْ‬‫ضبَ َ‬
‫ذكر املؤلف الوزن ليُ ْ‬
‫والصاع بالوزن العصري (‪2،25‬كغ تقريبًا)‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪167‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل األصناف الذين تدفع هلم الزكاة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع من كتاب الزكاة‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬األصناف الذين تُدفَع هلم الزكاة‪.‬‬
‫تعريف األصناف الذين تُدفع هلم الزكاة‪:‬‬
‫األصناف‪ :‬مجع صنف‪ ،‬وهو النوع‪.‬‬
‫الذين تُدفَع هلم الزكاة‪ :‬أي الذين يستحقون إعطاءهم الزكاة‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف يف الفصول السابقة عن شرائط وجوب زكاة املال وعن قدرها‬
‫وعن شرائط وجوب زكاة الفطر وعن قدرها ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن‬
‫األصناف الذين تُدفع هلم الزكاة؛ ألهنم هم الذين يستحقون إعطاءهم الزكاة‪،‬‬
‫سواء زكاة املال أو زكاة الفطر‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪168‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ين ذَ َك َرُه ْم اللَّهُ تَ َعالَى فِي كِتَابِ ِه‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫الزَكاةُ إلَى ْاْل ِ‬ ‫َوتُ ْدفَ ُع َّ‬
‫َصنَاف الث ََّمانيَة الذ َ‬ ‫ْ‬
‫ِِ‬ ‫ات لِ ْل ُف َقر ِاء والْم ِ‬ ‫ال َْع ِزي ِز فِي قَ ْوله تَ َعالَى‪( :‬إِنَّ َما َّ‬
‫ين َعلَْي َها‬‫ساكي ِن َوال َْعامل َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫الص َدقَ ُ‬
‫السبِ ِ‬‫يل اللَّ ِه َوابْ ِن َّ‬‫ين َوفِي َسبِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوال ُْم َؤلََّف ِة قُلُوبُ ُه ْم َوفِي ِّ‬
‫الرقَ ِ‬
‫يل)‪َ ،‬وإلَى‬ ‫اب َوالْغَا ِرم َ‬
‫ف َّإْل ال َْع ِام َل(‪.)1‬‬ ‫صر َعلَى أَقَ ِّل ِمن ثَََلثٍَة ِمن ُك ِّل ِ‬
‫ص ْن ٍ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫من ي ِ‬
‫وج ُد م ْن ُه ْم‪َ ،‬وَْل يَ ْقتَ ُ‬
‫َْ ُ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد األصناف الذين تدفع هلم الزكاة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وتدفع الزكاة إلى اْلصناف الثمانية الذين ذكرهم الل تعالى في كتابه‬
‫العزيز في قوله تعالى‪( :‬إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها‬
‫والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الل وابن السبيل) أي عدد‬
‫األصناف الذين تدفع هلم الزكاة مثانية‪ ،‬وهم الذين ذكرهم اهلل تعاىل يف هذه اآلية‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬إنما الصدقات) الصدقات مجع صدقة‪ ،‬وهي‪ :‬بذل املال‪ ،‬ومسي صدقة‬
‫إلشعاره بصدق باذله يف اإلميان‪ ،‬والصدقة قسمان‪ :‬واجبة‪ ،‬ومستحبة‪ ،‬والصدقة‬
‫الواجبة أنواع منها‪ :‬الزكاة‪ ،‬وهي املراد هنا‪ .‬وكلمة (إنما) تفيد احلصر‪ ،‬أي‬
‫ليست الزكاة إال هلؤالء األصناف الثمانية‪:‬‬
‫الصنفان األول والثاين‪ :‬الفقراء واملساكني‪ ،‬وهم‪ :‬احملتاجون الذين ال ميلكون ما‬
‫يسدون به حاجتهم‪ .‬والفرق بينهما‪ :‬أن الفقري ال مال له وال قدرة له على‬
‫الكسب؛ كاملريض‪ ،‬أو له كسب جيد منه أقل من نصف حاجته‪ ،‬كالصحيح‬
‫الذي يكسب من عمله ثلث حاجته‪ .‬واملسكني له مال أو له قدرة على الكسب‪،‬‬
‫لكن جيد أكثر من نصف حاجته؛ كالصحيح الذي يكسب من عمله ثلثي‬
‫حاجته‪ .‬ويُعطى الفقري أو املسكني من الزكاة ما يسد حاجته على الدوام‪ ،‬مثال‬
‫ذلك‪ :‬لو كان من عادته االحرتاف يعطى ما يشرتي به أدوات حرفته قلت قيمتها‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪169‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫أو كثرت حبيث حيصل له من رحبه ما يفي بكفايته غالبًا تقريبًا‪.‬‬


‫الصنف الثالث‪ :‬العاملون على الزكاة‪ ،‬وهم‪ :‬الذين يبعثهم اإلمام ألخذ الزكاة‬
‫من أصحاهبا‪ ،‬مث حفظها‪ ،‬والقيام بكل ما حيتاج إليه فيها‪.‬‬
‫ويُعطى الواحد منهم قدر أجرة مثله‪.‬‬
‫الصنف الرابع‪ :‬املؤلفة قلوهبم‪ ،‬وهم ثالثة أقسام‪ :‬األول‪ :‬من أسلم وإميانه‬
‫ضعيف فيتألف ليقوى إميانه‪ ،‬والثاين‪ :‬من أسلم وإميانه قوي‪ ،‬ولكن له شرف يف‬
‫قومه يتوقع بإعطائه إسالم غريه‪ ،‬والثالث‪ :‬مسلم يكف لنا شر من يليه من‬
‫الكفار‪ ،‬أو يكفينا شر الطائفة املمتنعة‪ ،‬ويشرتط يف القسم الثالث أن يكون‬
‫إعطاؤه أهون علينا من جيش يبعث لذلك‪.‬‬
‫الصنف اخلامس‪ :‬الرقاب‪ ،‬وهم‪ :‬العبيد الْ ُم َكاتَـبُون‪ ،‬فيعطى املكاتب من الزكاة‬
‫قدر ما حيتاج للوفاء بكتابته‪.‬‬
‫الصنف السادس‪ :‬الغارمون‪ ،‬وهم‪ :‬الذين عليهم دين‪ ،‬فإن استدان أحدهم إلصالح‬
‫ذات البني فيعطى من الزكاة ما يسدد به دينه ولو كان له قدرة على سداده‪ ،‬وإن‬
‫استدان لنفسه فيعطى من الزكاة ما يسدد به دينه إذا مل يكن له قدرة على سداده‪.‬‬
‫الصنف السابع‪ :‬سبيل اهلل‪ ،‬وهم‪ :‬اجملاهدون املتطوعون‪ ،‬يعطى الواحد منهم قدر‬
‫كفايته ملؤنته وشراء كل ما حيتاجه يف اجلهاد‪ ،‬وال يشرتط أن يكونوا فقراء‪ .‬وأما‬
‫إذا كانوا يعطون رواتب من بيت املال تكفيهم فال يعطون من الزكاة‪.‬‬
‫الصنف الثامن‪ :‬ابن السبيل‪ ،‬وهو‪ :‬املسافر الذي ليس له ما يوصله إىل بلده‪،‬‬
‫وإن كان له مال يف بلده‪ ،‬فيعطى من الزكاة قدر ما حيتاج ليصل إىل بلده‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وإلى من يوجد منهم) أي جيب تعميم األصناف الثمانية عند وجودهم‬
‫يف حمل املال‪ ،‬وتعميم آحاد كل صنف‪ ،‬فإن مل ميكن فإىل من يوجد منهم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪170‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ب‪ ،‬والْعب ُد‪ ،‬وب نُو َه ِ‬ ‫وز َدفْ عُ َها إلَْي ِه ْم‪ :‬الْغَنِ ُّي بِم ٍ‬
‫اش ٍم‬ ‫ال أ َْو َك ْس ٍ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫سةٌ َْل يَ ُج ُ‬ ‫َو َخ ْم َ‬
‫ب‪َ ،‬والْ َكافِ ُر(‪.)1‬‬‫َوبَنُو ال ُْمطَّلِ ِ‬

‫وميكن تعميم األصناف الثمانية إذا كان الذي يتوىل تقسيم الزكاة اإلمام‪ ،‬وميكن‬
‫تعميم آحاد كل صنف إن احنصروا بالبلد ووىف هبم املال‪ ،‬وال ميكن تعميم‬
‫األصناف الثمانية إذا كان الذي يتوىل تقسيم الزكاة مالك املال؛ ألنه ال وجود‬
‫لصنف العاملني عليها‪ ،‬وسواء وجد العاملون عليها أو مل يوجدوا ففي بعض‬
‫األزمان قد ال يوجد بعض األصناف‪ ،‬وال ميكن تعميم آحاد كل صنف إن مل‬
‫ينحصروا بالبلد أو مل يوف هبم املال‪.‬‬
‫وإذا مل يوف هبم املال فتجب التسوية بني األصناف غري العاملني‪ ،‬ولو زادت‬
‫حاجة بعضهم‪ ،‬وال جتب التسوية بني آحاد الصنف إذا زادت حاجة بعضهم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل يقتصر على أقل من ثَلثة من كل صنف) أي إن مل ميكن تعميم‬
‫آحاد كل صنف لكوهنم مل ينحصروا أو احنصروا ومل يوف هبم املال فال جيوز‬
‫االقتصار على أقل من ثالثة من كل صنف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬إْل العامل) أي يستثىن من ذلك العامل على الزكاة فإن اإلمام قد‬
‫يقتصر على أقل من ثالثة‪ ،‬وذلك أن عدد العاملني مبين على حسب حصول‬
‫الكفاية‪ ،‬فإذا حصلت الكفاية بواحد جيب أن يقتصر عليه‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد الذين ال تدفع هلم الزكاة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وخمسة ْل يجوز دفعها إليهم) أي عدد الذين ال تدفع هلم الزكاة مخسة‪.‬‬
‫(الغني بمال أو كسب) هذا األول‪ ،‬والغين هو‪ :‬املستغين‪ ،‬أي غري احملتاج؛ ألنه‬
‫ميلك ما يسد به حاجته‪ ،‬سواء كان سبب غناه أن له ماالً يكفيه أو له قدرة على‬
‫كسب املال الذي يكفيه‪ ،‬واملقصود أنه ال يعطى بدعوى أنه فقري أو مسكني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪171‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ساكِي ِن(‪.)1‬‬ ‫ِ‬


‫َوَم ْن تَ ل َْزُم ال ُْم َزِّك َي نَ َف َقتُهُ َْل يَ ْدفَ عُ َها إلَْي ِه ْم بِ ْ‬
‫اس ِم الْ ُف َق َراء َوال َْم َ‬

‫(والعبد) هذا الثاين‪ ،‬واملراد به غري املكاتب‪.‬‬


‫فقريا فسيده الذي يُعطى‬
‫وجه ذلك‪ :‬أنه غين بنفقة سيده عليه‪ ،‬فإن كان سيده ً‬
‫املال ال هو؛ ألن العبد ال ميلك فال جيوز متليكه‪.‬‬
‫(وبنو هاشم وبنو المطلب) هذان الثالث والرابع‪.‬‬
‫وبنو هاشم هم‪ :‬ذرية هاشم بن عبد مناف‪ ،‬وهاشم اجلد الثاين للنيب ‪ ،‬وبنو‬
‫املطلب هم‪ :‬ذرية املطلب بن عبد مناف‪ ،‬وكان لعبد مناف مخسة أبناء هاشم‬
‫واملطلب وعبد مشس ونوفل وعمرو‪ ،‬فحرمت الزكاة على بين هاشم وبين املطلب‬
‫تشري ًفا هلم‪ ،‬دون بين عبد مشس وبين نوفل‪ ،‬وأما عمرو فليس له ذرية‪.‬‬
‫وهؤالء الذين حرمت عليهم الزكاة هلم حق سهم ذوي القرىب‪ ،‬وهو من مخس‬
‫مخس الغنيمة‪ ،‬واملذهب أهنم ال يستحقون الزكاة ولو منعوا حقهم‪ ،‬ولكن جيوز‬
‫لكل منهم أخذ صدقة التطوع‪.‬‬
‫(والكافر) هذا اخلامس‪ ،‬وال تدفع له الزكاة؛ ألن الزكاة حق للمسلمني‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن َمن تلزم املزكي نفقته هل له أن يدفعها إليهم‬
‫باسم الفقراء واملساكني؟‬
‫قوله‪( :‬ومن تلزم المزكي نفقته) أي األشخاص الذين تلزم املزكي النفقة عليهم‪.‬‬
‫(ْل يدفعها إليهم باسم الفقراء والمساكين) أي ال جيوز أن يعطيهم من زكاة‬
‫ماله بدعوى أهنم فقراء أو مساكني‪ .‬ومفهومه أنه جيوز أن يعطيهم من زكاة ماله‬
‫باسم الغزاة أو الغارمني مثالً‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪172‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِّ‬
‫كتاب الصيام‬
‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب الرابع من قسم العبادات‪.‬‬


‫تعريف الصيام‪:‬‬
‫وشرعا‪ :‬اإلمساك عن املفطرات من طلوع الفجر إىل‬
‫الصيام لغة‪ :‬اإلمساك‪ً .‬‬
‫غروب الشمس بنية خمصوصة‪.‬‬
‫أقسام الصيام باعتبار حكمه‪:‬‬
‫الصيام باعتبار حكمه على قسمني‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬فرض عني‪ ،‬وهو صيام شهر رمضان‪ ،‬وصيام الكفارات‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬التطوع‪ ،‬أي االستحباب‪ ،‬وهو‪ :‬ما سوى ما تقدم‪.‬‬
‫عدد فصول هذا الكتاب‪:‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن سبعة فصول‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪173‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل شرائط وجوب الصيام‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب الصيام‪.‬‬


‫واملؤلف مل يذكر هذا الفصل‪ ،‬وإمنا ذكرته بناءً على احملتوى الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬شرائط وجوب الصيام‪.‬‬
‫تعريف شرائط وجوب الصيام‪:‬‬
‫الشرائط‪ :‬مجع شريطة‪ ،‬وهي مبعىن الشروط‪ :‬مجع شرط‪.‬‬
‫خارجا عنه‪.‬‬
‫والشرط هو‪ :‬ما ال يتم الشيء إال به ويكون ً‬
‫الشرط قد يكون شرط وجوب فقط‪ ،‬وهو‪ :‬الذي ال يتم وجوب الصيام إال به‪،‬‬
‫وقد يكون شرط وجوب وصحة‪ ،‬وهو‪ :‬الذي ال يتم وجوب الصيام وال صحته‬
‫إال به‪.‬‬
‫ومراد املؤلف ذكر شروط وجوب الصيام‪ ،‬سواء كانت شروط صحة أم ال‪.‬‬
‫مناسبة االبتداء هبذا الفصل‪:‬‬
‫ناسب أن يبتدئ املؤلف كتاب الصيام بشرائط وجوب الصيام؛ ألن الصيام ال‬
‫جيب إال بتوفر الشروط‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪174‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الصيَ ِام ثَََلثَةُ أَ ْشيَ َ‬


‫اء‪ِْ :‬‬
‫اْل ْس ََل ُم‪َ ،‬والْبُ لُوغُ‪َ ،‬وال َْع ْق ُل(‪.)1‬‬ ‫وب ِّ‬ ‫َو َش َرائِ ُ‬
‫ط ُو ُج ِ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد شرائط وجوب الصيام‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وشرائط وجوب الصيام ثَلثة أشياء) أي األشياء اليت جتعل الصيام‬
‫واجبًا عددها ثالثة‪.‬‬
‫(اْلسَلم) هذا الشرط األول‪.‬‬
‫وهو شرط وجوب وصحة‪ ،‬أي الكافر ال جيب عليه الصيام وال يصح منه‪.‬‬
‫(والبلوغ) هذا الشرط الثاين‪.‬‬
‫وهو شرط وجوب فقط‪ ،‬أي الصغري املميز ال جيب عليه الصيام ويصح منه‪.‬‬
‫(والعقل) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫وهو شرط وجوب وصحة‪ ،‬أي اجملنون ال جيب عليه الصيام وال يصح منه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪175‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل فرائض الصوم‬


‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب الصيام‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬فرائض الصوم‪.‬‬
‫تعريف فرائض الصوم‪:‬‬
‫الفرائض مجع فريضة‪ ،‬والفريضة معناها‪ :‬الواجب‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا انتهى املؤلف من الكالم عن شرائط وجوب الصيام ناسب أن يتكلم عن‬
‫صفة الصوم‪ ،‬وصفة الصوم حتتوي على فرائض ومستحبات‪ ،‬وهلذا تكلم عن‬
‫فرائض الصوم‪ ،‬وأجل الكالم عن مستحباته‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪176‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الصوِ‬
‫الش ْر ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫اك َع ِن ْاْلَ ْك ِل َو ُّ‬
‫سُ‬ ‫م‬
‫ْ‬
‫َ َ‬‫ِ‬
‫اْل‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ُ‬‫ة‬‫ي‬
‫َّ‬ ‫الن‬
‫ِّ‬ ‫‪:‬‬ ‫اء‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ش‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫َ‬‫َر‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ض َّ ْ‬ ‫َوفَ َرائِ ُ‬
‫ْج َم ِاع‪َ ،‬وتَ َع ُّم ِد الْ َق ْي ِء(‪.)1‬‬
‫وال ِ‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد فرائض الصوم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وفرائض الصوم أربعة أشياء) أي عدد فرائض الصوم أربعة أشياء‪.‬‬
‫(النية) هذه الفريضة األوىل‪.‬‬
‫النية معناها‪ :‬القصد‪ ،‬فالنية للصوم هي‪ :‬قصد صيام النهار‪ ،‬والوقت املعترب‬
‫للنية‪ :‬أي وقت من الليل السابق للنهار الذي يريد صومه‪ ،‬وذلك إذا كان يريد‬
‫صوم فرض من رمضان أو غريه كقضاء أو نذر‪ ،‬وأما إذا كان يريد صوم نفل‬
‫فيمتد الوقت املعترب للنية إىل ما قبل الزوال بشرط عدم حدوث شيء منه ينايف‬
‫الصوم من أول النهار كأكل أو شرب‪.‬‬
‫(واْلمساك عن اْلكل والشرب) هذه الفريضة الثانية‪.‬‬
‫ومراده التوقف عن تعمد األكل والشرب‪ ،‬وأما إذا أكل أو شرب ناسيًّا صيامه‬
‫فال يضر‪.‬‬
‫(والجماع) هذه الفريضة الثالثة‪.‬‬
‫ومراده التوقف عن تعمد اجلماع يف الفرج‪ ،‬ولو من غري إنزال‪.‬‬
‫(وتعمد القيء) هذه الفريضة الرابعة‪.‬‬
‫ومراده التوقف عن تعمد القيء‪ ،‬وأما إذا غلبه القيء فال يضره‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬خالصة فرائض الصوم اثنان‪ :‬النية‪ ،‬واإلمساك عن املفطرات‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪177‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل مفطرات الصوم‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث من كتاب الصيام‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬مفطرات الصوم‪.‬‬
‫تعريف مفطرات الصوم‪:‬‬
‫ات‪ :‬مجع مفطر‪ ،‬واملفطر معناه‪ :‬الشيء الذي جيعل الصائم ُم ْف ِطًرا‪ ،‬أي‬
‫الْ ُم َفطَِّر ُ‬
‫أنه يبطل صومه‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا انتهى املؤلف من الكالم عن شرائط وفرائض الصوم اليت تقتضي صحته‬
‫ناسب أن يتكلم عن مفطرات الصوم اليت تقتضي بطالنه‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪178‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الرأْ ِ‬
‫س‪،‬‬ ‫ف َو َّ‬‫شرةُ أَ ْشياء‪ :‬ما وصل َعم ًدا إلَى الْجو ِ‬ ‫واَلَّ ِذي ي ْفطُر بِ ِه َّ ِ‬
‫َْ‬ ‫الصائ ُم َع َ َ َ َ َ َ َ َ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫السبِيلَْي ِن‪َ ،‬والْ َقيءُ َع ْم ًدا‪َ ،‬وال َْوطْءُ َع ْم ًدا فِي الْ َف ْر ِج‪َ ،‬و ِْ‬
‫اْلنْ َز ُ‬ ‫َح ِد َّ‬ ‫ِ‬
‫ْح ْقنَةُ في أ َ‬ ‫َوال ُ‬
‫ْ‬
‫الر َّدةُ(‪.)1‬‬
‫ْجنُو ُن‪َ ،‬و ِّ‬ ‫ٍ‬
‫اس‪َ ،‬وال ُ‬‫ض‪َ ،‬والنِّ َف ُ‬ ‫ْح ْي ُ‬
‫َع ْن ُمبَا َش َرة‪َ ،‬وال َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد مفطرات الصوم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والذي يفطر به الصائم عشرة أشياء) أي عدد مفطرات الصوم عشرة‬
‫أشياء‪.‬‬
‫(ما وصل عم ًدا الى الجوف والرأس) هذان املفطران األول والثاين‪.‬‬
‫عمدا اىل اجلوف‪ ،‬وهذا يتضمن ثالثة أمور‪:‬‬ ‫أما املفطر األول فهو ما وصل ً‬
‫أي عني وصلت عن طريق الفم أو‬ ‫األمر األول‪ :‬الشيء الذي يصل‪ ،‬واملراد به ُّ‬
‫األنف‪ ،‬مهما قلت‪ ،‬سواء كانت العني مغذية كحبة السمسم أو غري مغذية‬
‫كاحلصاة‪ ،‬فال يؤثر وصول الطعم والرائحة؛ ألهنما ليسا بعني‪.‬‬
‫أي أن الصائم أوصله‬ ‫عمدا‪ْ ،‬‬‫األمر الثاين‪ :‬حال الوصول‪ ،‬وهو أن يكون ً‬
‫مكرها أو ناسيًا‪.‬‬
‫باختياره مع تذكره‪ ،‬فال يؤثر إن أوصله ً‬
‫األمر الثالث‪ :‬موضع الوصول‪ ،‬وهو اجلوف‪ ،‬واملراد به احللق‪.‬‬
‫خالصة املفطر األول‪ :‬وصول الطعام والشراب وغريمها من األعيان عن طريق‬
‫الفم واألنف إىل احللق‪.‬‬
‫عمدا اىل الرأس‪ ،‬وهذا يتضمن ثالثة أمور‪:‬‬ ‫وأما املفطر الثاين فهو ما وصل ً‬
‫أي عني وصلت عن طريق األذن‪.‬‬ ‫األمر األول‪ :‬الشيء الذي يصل‪ ،‬واملراد به ُّ‬
‫عمدا‪ ،‬كما سبق شرحه‪.‬‬ ‫األمر الثاين‪ :‬حال الوصول‪ ،‬وهو أن يكون ً‬
‫األمر الثالث‪ :‬موضع الوصول‪ ،‬وهو الرأس‪ ،‬واملراد به الدماغ‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪179‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫خالصة املفطر الثاين‪ :‬وصول أي شيء من األعيان عن طريق األذن إىل الدماغ‪.‬‬
‫وعليه فإنه لو استعط أي أدخل عن طريق األنف شيئًا ما دواءً أو غريه فوصل‬
‫إىل حلقه أو قطر يف أذنه دواءً فوصل إىل دماغه فإنه يفطر‪ ،‬ولو اكتحل فوصل‬
‫أثر الكحل إىل احللق فإنه ال يفطر؛ ألنه وصل عن غري طريق الفم أو األنف‪.‬‬
‫(والحقنة في أحد السبيلين) هذا املفطر الثالث‪.‬‬
‫(والحقنة) أي إدخال دواء أو حنوه (في أحد السبيلين) أي يف الدبر أو القبل‪.‬‬
‫خالصة املفطر الثالث‪ :‬إدخال أي شيء يف الدبر أو القبل‪.‬‬
‫(والقيء عم ًدا) هذا املفطر الرابع‪.‬‬
‫(والقيء) أي ما خرج من املعدة عن طريق الفم (عم ًدا) أي اختي ًارا و ًّ‬
‫تذكرا‪.‬‬
‫وعليه فإذا غلبه القيء أو تقيأ نسيانًا فإنه ال يفطر‪.‬‬
‫(والوطء عم ًدا في الفرج) هذا املفطر اخلامس‪.‬‬
‫(والوطء) أي اجلماع‪ ،‬وهو‪ :‬إدخال رأس الذكر‪ ،‬سواء بإنزال أو من غري إنزال‬
‫وتذكرا (في الفرج) أي يف القبل أو الدبر‪.‬‬
‫اختيارا ًّ‬
‫ً‬ ‫(عم ًدا) أي‬
‫خالصة املفطر اخلامس‪ :‬إدخال رأس الذكر يف القبل أو الدبر‪.‬‬
‫(واْلنزال عن مباشرة) هذا املفطر السادس‪.‬‬
‫(واْلنزال) أي إنزال املين‪ ،‬ولو من غري مجاع (عن مباشرة) أي عن التقاء البشرتني‪،‬‬
‫وعليه فلو ملس زوجته من غري حائل وأنزل فإنه يفطر‪ ،‬ولو مل يقصد اإلنزال‪.‬‬
‫وأما االستمناء الذي هو قصد إنزال املين فهو مفطر مطل ًقا‪ ،‬بفعل أو بغري فعل‪،‬‬
‫ويدخل يف الفعل استعمال يده أو يد زوجته‪ .‬وأما اإلنزال مبا دون ذلك فهو‬
‫غري مفطر كما لو أنزل عن احتالم أو فكر أو نظر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪180‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫خالصة املفطر السادس‪ :‬إنزال املين عن اللمس من غري حائل‪.‬‬


‫(والحيض) هذا املفطر السابع‪.‬‬
‫أي خروج دم احليض‪.‬‬
‫(والنفاس) هذا املفطر الثامن‪.‬‬
‫أي خروج دم النفاس‪.‬‬
‫(والجنون) هذا املفطر التاسع‪.‬‬
‫أي فقدان العقل‪.‬‬
‫(والردة) هذا املفطر العاشر‪.‬‬
‫أي الكفر بعد اإلسالم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪181‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل مستحبات الصوم‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع من كتاب الصيام‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬مستحبات الصوم‪.‬‬
‫تعريف مستحبات الصوم‪:‬‬
‫املستحبات‪ :‬مجع مستحب‪ ،‬واملستحب معناه‪ :‬املرغب فيه‪ ،‬وهو الزائد على‬
‫الفرائض‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا انتهى املؤلف من الكالم عن شرائط وجوب الصيام ناسب أن يتكلم عن‬
‫صفة الصوم‪ ،‬وصفة الصوم حتتوي على فرائض ومستحبات‪ ،‬وهلذا تكلم عن‬
‫فرائض الصوم‪ ،‬وأجل الكالم عن مستحباته‪ ،‬وقدم الكالم عن مفطرات الصوم؛‬
‫ألن حقيقة مفطرات الصوم أهنا عكس شروطه وفرائضه‪ ،‬وملا انتهى من الكالم‬
‫تتميما للكالم عن صفته‪.‬‬
‫عن مفطرات الصوم ناسب أن يتكلم عن مستحباته ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪182‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يل ال ِْفطْ ِر‪َ ،‬وتَأ ِْخ ُير ُّ‬


‫الس ُحوِر‪َ ،‬وتَ ْر ُك‬ ‫الصوِم ثَََلثَةُ أَ ْشياء‪ :‬تَ ْع ِ‬
‫ج‬ ‫ويستَح ُّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ب في َّ ْ‬ ‫َُ ْ َ‬
‫ال ُْه ْج ِر ِم ْن الْ َك ََلِم(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد مستحبات الصوم‪.‬‬
‫واملستحبات كثرية‪ ،‬واكتفى املؤلف بذكر بعضها‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويستحب في الصوم ثَلثة أشياء) أي عدد مستحبات الصوم ثالثة‬
‫أشياء‪.‬‬
‫(تعجيل الفطر) هذا املستحب األول‪.‬‬
‫وهو أن يكون ابتداؤه يف الفطر بعد غروب الشمس مباشرة‪.‬‬
‫(وتأخير السحور) هذا املستحب الثاين‪.‬‬
‫وهو أن يؤخر طعام السحور حبيث يكون فراغه منه قبيل طلوع الفجر‪.‬‬
‫(وترك ال ُْه ْج ِر من الكَلم) هذا املستحب الثالث‪.‬‬
‫مكروها‪ ،‬وحكم الكالم احملرم يف‬
‫ً‬ ‫حمرما أو‬
‫وهو ترك الكالم البذيء سواء كان ً‬
‫نفسه حمرم أي يأمث صاحبه‪ ،‬وبالنسبة للصوم مستحب أي أنه ال يبطل به‬
‫الصوم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪183‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل األيام املنهي عن صيامها‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل اخلامس من كتاب الصيام‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬األيام املنهي عن صيامها‪.‬‬
‫تعريف األيام املنهي عن صيامها‪:‬‬
‫األيام املنهي عن صيامها أي املمنوع صيامها سواء كان املنع حترميًا أو كراهة‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا انتهى املؤلف من الكالم عن شرائط وجوب الصيام وصفته ومستحباته ـ‬
‫وكان من املعلوم ما سبق من التفصيل يتعلق بالصيام املأمور به وجوبًا أو‬
‫استحبابًا ـ ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن الصيام املنهي عنه حترميًا أو كراهة‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪184‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِ ِ‬ ‫صيام َخم ِ‬ ‫ِ‬


‫سة أَيَّ ٍام‪ :‬الْعي َدان‪َ ،‬وأَيَّ ُ‬
‫ام التَّ ْش ِر ِيق الث َََّلثَةُ(‪.)1‬‬ ‫َويَ ْح ُرُم َ ُ ْ َ‬
‫ادةً لَهُ(‪.)2‬‬ ‫ك َّإْل أَ ْن يُ َوافِ َق َع َ‬ ‫ص ْو ُم يَ ْوِم َّ‬
‫الش ِّ‬ ‫َويُ ْك َرهُ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن األيام الْ ُم َحرم صيامها‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ويحرم صيام خمسة أيام) أي ال جيوز وال يصح صيام مخسة أيام‪.‬‬
‫(العيدان) أي يوم عيد الفطر ويوم عيد األضحى‪.‬‬
‫(وأيام التشريق الثَلثة) أي األيام الثالثة بعد يوم عيد األضحى‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن اليوم املكروه صيامه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويكره) أي كراهة تنزيه‪ ،‬واملعتمد يف املذهب كراهة حترمي‪.‬‬
‫(صوم يوم الشك) أي يوم الثالثني من شعبان إذا وقع يف ألسنة الناس إنه ُرئي‬
‫ومل يشهد به رجل عدل‪ ،‬أو شهد به عدد ممن ال تقبل شهادهتم كالنساء أو‬
‫الصبيان أو العبيد أو الفساق‪.‬‬
‫يوما فوافق‬
‫يوما ويفطر ً‬ ‫(إْل أن يوافق عادة له) أي يف تطوعه‪ ،‬كأن يصوم ً‬
‫صومه يوم الشك‪ ،‬فال حيرم صومه حينئذ‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪185‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل القضاء والكفارة يف الصيام‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السادس من كتاب الصيام‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬القضاء والكفارة يف الصيام‪.‬‬
‫تعريف القضاء والكفارة يف الصيام‪:‬‬
‫والقضاء هو‪ :‬فعل الصيام بعد وقته‪.‬‬
‫والكفارة هي‪ :‬فعل شيء ما بسبب ارتكاب حمظور‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا انتهى املؤلف من الكالم عن شرائط وجوب الصيام وصفته ومستحباته‬
‫واأليام املنهي عن صيامها ناسب أن يتكلم عن القضاء والكفارة يف الصيام؛‬
‫لينهي بذلك الكالم عن الصيام‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخس مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪186‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ارةُ‪َ ،‬و ِه َي‪:‬‬ ‫ضا َن َع ِام ًدا فِي الْ َف ْر ِج فَ َعلَْي ِه الْ َق َ‬
‫ضاءُ َوالْ َك َّف َ‬ ‫َوَم ْن َو ِط َئ فِي نَ َها ِر َرَم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ ٍِ‬ ‫ِ‬
‫ام َش ْه َريْ ِن ُمتَتَابِ َع ْي ِن‪ ،‬فَِإ ْن لَ ْم يَ ْستَط ْع فَِإط َْع ُ‬
‫ام‬ ‫ع ْت ُق َرقَ بَة ُم ْؤمنَة‪ ،‬فَِإ ْن لَ ْم يَج ْد فَصيَ ُ‬
‫ِّين ِم ْس ِكينًا لِ ُك ِّل ِم ْس ِكي ٍن ُم ٌّد(‪.)1‬‬
‫ست َ‬
‫ِ‬
‫ام أُط ِْع َم َع ْنهُ لِ ُك ِّل يَ ْوٍم ُم َّد(‪.)2‬‬ ‫ات و َعلَْي ِه ِ‬
‫صيَ ٌ‬ ‫َوَم ْن َم َ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم من وطئ يف هنار رمضان‪.‬‬


‫(ومن وطئ) أي جامع‪ ،‬سواء بإنزال أو من غري إنزال (في نهار رمضان) أي‬
‫وقد نوى الصيام من الليل‪ ،‬وليس عنده عذر لإلفطار كالسفر (عم ًدا) أي‬
‫اختيارا ُّ‬
‫وتذكًرا (في الفرج) أي يف القبل أو الدبر (فعليه القضاء والكفارة) أي‬ ‫ً‬
‫فيجب عليه قضاء اليوم الذي أبطل صيامه باإلفطار وجتب عليه الكفارة بسبب‬
‫اجلماع‪( ،‬وهي) أي الكفارة (عتق رقبة مؤمنة) أي حترير مملوك مسلم (فإن لم‬
‫يجد فصيام شهرين متتابعين) أي متتاليني (فإن لم يستطع فإطعام ستين‬
‫مسكينًا) أي فإن مل يقدر على صيام شهرين متتاليني فعليه أن يطعم ستني‬
‫يوما اليت مل يقدر على صيامها (لكل مسكين مد) أي‬ ‫مسكينًا بدل الستني ً‬
‫قدر الطعام لكل واحد منهم مد‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن حكم من مات وعليه صيام‪.‬‬
‫(ومن مات وعليه صيام) أي من فاته صيام من رمضان ومتكن من القضاء ومل‬
‫يقض حىت مات (أطعم عنه لكل يوم مد) أي خيرج من تركته لكل يوم مد من‬
‫طعام‪.‬‬
‫وأما من فاته صيام من رمضان ومل يتمكن من قضائه كأن استمر مرضه حىت‬
‫مات فال شيء عليه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪187‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الص ْوِم يُ ْف ِط ُر َويُط ِْع ُم َع ْن ُك ِّل يَ ْوٍم ُم ًّدا(‪.)1‬‬


‫الش ْي ُخ إ ْن َع َج َز َع ِن َّ‬ ‫َو َّ‬
‫ضاءُ‪َ ،‬وإِ ْن‬‫ض ُع إذَا َخافَ تَا َعلَى أَنْ ُف ِس ِه َما أَفْطََرتَا َو َعلَْي ِه َما الْ َق َ‬ ‫والْح ِامل والْمر ِ‬
‫َ َ ُ َ ُْ‬
‫ارةُ َع ْن ُك ِّل يَ ْوٍم ُم ٌّد‪َ ،‬و ُه َو‪:‬‬ ‫َخافَ تَا َعلَى أ َْوَْل ِد ِه َما أَفْطََرتَا َو َعلَْي ِه َما الْ َق َ‬
‫ضاءُ َوالْ َك َّف َ‬
‫ث بِال ِْع َراقِ ِّي(‪.)2‬‬ ‫ِرط ٌ‬
‫ْل َوثُلُ ٌ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن حكم الشيخ إن عجز عن الصوم‪.‬‬


‫(والشيخ إن عجز عن الصوم يفطر) أي الكبري إذا عجز عن الصوم فله‬
‫مدا) أي عليه بدل الصوم أن خيرج عن كل يوم‬ ‫الفطر (ويطعم عن كل يوم ًّ‬
‫قدر مد من الطعام‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن حكم احلامل واملرضع إذا خافتا على أنفسهما أو‬
‫على أوالدمها‪.‬‬
‫(والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا وعليهما القضاء) أي‬
‫هلما اإلفطار بسبب اخلوف على أنفسهما وعليهما القضاء بسبب اإلفطار‪ ،‬وال‬
‫كفارة عليهما (وإن خافتا على أوْلدهما أفطرتا وعليهما القضاء والكفارة‬
‫عن كل يوم مد) أي هلما اإلفطار بسبب اخلوف على أوالدمها وعليهما القضاء‬
‫بسبب اإلفطار‪ ،‬وجتب الكفارة عليهما بسبب اإلفطار خوفًا على الغري ال على‬
‫النفس‪ ،‬ومقدار الكفارة مد‪ ،‬وهو‪ :‬ما مأل كفي الرجل املتوسط من احلنطة‬
‫وحنوها‪( ،‬وهو رطل وثلث بالعراقي) أي قدر املد باألرطال العراقية رطل‬
‫وثلث‪ .‬والرطل وزن‪ ،‬والقدر املعترب الكيل ال بالوزن؛ ألن املد قدر من الكيل‪،‬‬
‫ظ‪ ،‬والصاع بالوزن العصري‬ ‫وحي َف َ‬
‫ط ُْ‬‫ضبَ َ‬
‫وهو ربع صاع‪ ،‬وإمنا ذكر املؤلف الوزن ليُ ْ‬
‫(‪ 2400‬غرام تقريبًا)‪ ،‬وعلى هذا فاملد (‪600‬غرام تقريبًا)‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪188‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ضي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫والْم ِريض والْم ِ‬
‫ان(‪.)1‬‬‫ساف ُر َس َف ًرا طَ ِويَلً يُ ْفط َران َويَ ْق َ‬
‫َ َ ُ َ َُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن حكم املريض واملسافر‪.‬‬


‫سفرا طويَلً)‬
‫(والمريض) أي إن تضرر بالصوم (والمسافر) أي لغري معصية ( ً‬
‫سفرا تقصر فيه الصالة (يفطران ويقضيان) أي هلما أن يفطرا يف رمضان‬ ‫أي ً‬
‫بسبب املرض والسفر وعليهما أن يقضيا بعد رمضان‪ ،‬وال كفارة عليهما‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪189‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْ ٌ‬
‫(‪)1‬‬
‫فصل‪ :‬أحكام االعتكاف‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السابع من كتاب الصيام‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام االعتكاف‪.‬‬
‫تعريف االعتكاف‪:‬‬
‫وشرعا‪ :‬مكوث خمصوص بنية خمصوصة‪.‬‬‫االعتكاف لغة‪ :‬املكوث‪ً ،‬‬
‫مناسبة ذكر هذا الفصل يف كتاب الصيام‪:‬‬
‫ناسب أن يذكر املؤلف فصل االعتكاف يف كتاب الصيام؛ الستحباب أن‬
‫يكون االعتكاف مع الصيام‪ ،‬خاصة يف العشر األواخر من رمضان‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخس مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪190‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اف ُسنَّةٌ ُم ْستَ َحبَّةٌ(‪.)1‬‬ ‫َو ِاْل ْعتِ َك ُ‬


‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫ث فِي ال َْم ْسجد‬ ‫ولَهُ َشرطَ ِ‬
‫ان‪ :‬النِّ يَّةُ‪َ ،‬واللُّْب ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ان أ َْو عُ ْذ ٍر ِم ْن َح ْي ٍ‬
‫ض‬ ‫اْلنْس ِ‬
‫اجة ِْ َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫وَْل ي ْخرج ِمن ِاْل ْعتِ َك ِ‬
‫اف الْم ْن ُذوِر َّإْل لِح ِ‬
‫َ َ ُُ ْ‬
‫ام َم َعهُ(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫أ َْو َم َر ٍ‬
‫ض َْل يُ ْمك ُن ال َْم َق ُ‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم االعتكاف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬واْلعتكاف) أي حكمه (سنة مستحبة) أي سنة مؤكدة‪.‬‬
‫ووقت استحبابه يف رمضان ويف غريه‪ ،‬ولكنه يف العشر األواخر من رمضان‬
‫أفضل منه يف غريه‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن شروط االعتكاف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وله) أي لالعتكاف (شرطان) أي لصحته (النية) أي قصد االعتكاف‬
‫(واللبث) أي املكوث ولو زمنًا ً‬
‫يسريا فوق زمن الطمأنينة يف الركوع وحنوه فال‬
‫يكفي قدر الطمأنينة (في المسجد) أي يكون مكان االعتكاف مس ً‬
‫جدا فال‬
‫يصح يف غريه‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن حكم اخلروج من االعتكاف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل يخرج) أي ال جيوز خروج املعتكف (من اْلعتكاف المنذور) أي‬
‫من االعتكاف الذي أوجبه على نفسه (إْل لحاجة اْلنسان أو عذر من‬
‫حيض أو مرض ْل يمكن المقام معه) أي إال لسبب شرعي‪ ،‬وهو حاجة‬
‫اإلنسان كبول وغائط‪ ،‬أو عذر طارئ ال ميكن املقام معه يف املسجد كاحليض‬
‫أو املرض الشاق‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪191‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وي بطُل بِالْوط ِ‬


‫ْء(‪.)1‬‬ ‫ََْ ُ َ‬

‫وعليه فيجوز خروجه يف االعتكاف غري املنذور لغري سبب شرعي‪ ،‬إال أنه‬
‫ينقطع أجر االعتكاف ألنه خبروجه لغري سبب شرعي ترك االعتكاف‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن حكم اخلروج من االعتكاف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويبطل) أي االعتكاف (بالوطء) أي باجلماع‪.‬‬
‫نذرا انقطع أجر االعتكاف‬
‫نذرا فيجب قضاؤه وإذا مل يكن ً‬‫وعليه فإذا كان ً‬
‫ألنه جبماعه ترك االعتكاف‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪192‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِّ‬‫ْ‬
‫كتاب الحج‬
‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب اخلامس من قسم العبادات‪.‬‬


‫تعريف احلج‪:‬‬
‫احلج ـ بفتح احلاء وكسرها ـ لغة‪ :‬القصد‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬قصد الكعبة يف زمن خمصوص لعمل خمصوص‪.‬‬ ‫ً‬
‫أنواع العبادات اليت ال تُفعل إال يف مكة‪:‬‬
‫العبادات اليت ال تُفعل إال يف مكة أربعة أنواع‪ :‬احلج‪ ،‬والعمرة‪ ،‬والطواف‪ ،‬واهلدي‪.‬‬
‫شرعا‪ :‬زيارة الكعبة‬
‫فأما احلج فسبق تعريفه‪ ،‬وأما العمرة فهي لغة‪ :‬الزيارة‪ ،‬و ً‬
‫لعمل خمصوص‪ ،‬وأما الطواف واهلدي فسيأيت تعريفهما‪.‬‬
‫وأُف ِرد الطواف واهلدي بالذكر؛ ألهنما قد يُفعالن ً‬
‫تطوعا منفردين عن احلج‬
‫والعمرة‪ ،‬وأما غريمها من األعمال كاإلحرام والوقوف والرمي فإهنا من أعمال‬
‫احلج أو العمرة‪ ،‬وال تفعل منفردة عنهما‪.‬‬
‫اختصارا‪ ،‬ويتكلمون عن احلج والعمرة‬
‫ً‬ ‫وعادة املؤلفني يف الفقه يرتمجون بكتاب احلج‬
‫والطواف واهلدي‪ ،‬ولعلهم اختاروا ذكر احلج يف الرتمجة ألن أكثر الكالم يتعلق به‪.‬‬
‫عدد فصول هذا الكتاب‪:‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مثانية فصول‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪193‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل شرائط وجوب احلج‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب احلج‪.‬‬


‫واملؤلف مل يذكر هذا الفصل‪ ،‬وإمنا ذكرته بناءً على احملتوى الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬شرائط وجوب احلج‪.‬‬
‫تعريف شرائط وجوب احلج‪:‬‬
‫الشرائط‪ :‬مجع شريطة‪ ،‬وهي مبعىن الشروط‪ :‬مجع شرط‪.‬‬
‫خارجا عنه‪.‬‬
‫والشرط هو‪ :‬ما ال يتم الشيء إال به ويكون ً‬
‫والشرط قد يكون شرط وجوب فقط‪ ،‬وهو‪ :‬الذي ال يتم وجوب احلج إال به‪،‬‬
‫وقد يكون شرط وجوب وصحة‪ ،‬وهو‪ :‬الذي ال يتم وجوب احلج وال صحته‬
‫إال به‪.‬‬
‫ومراد املؤلف ذكر شروط وجوب احلج‪ ،‬سواء كانت شروط صحة أم ال‪.‬‬
‫مناسبة االبتداء هبذا الفصل‪:‬‬
‫ناسب أن يبتدئ املؤلف كتاب احلج بشرائط وجوب احلج؛ ألن احلج ال جيب‬
‫إال بتوفر الشروط‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪194‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ود‬
‫ْح ِّريَّةُ‪َ ،‬وُو ُج ُ‬ ‫ْح ِّج َس ْب َعةٌ‪ِْ :‬‬
‫اْل ْس ََل ُم‪َ ،‬والْبُ لُوغُ‪َ ،‬وال َْع ْق ُل‪َ ،‬وال ُ‬ ‫وب ال َ‬ ‫ط ُو ُج ِ‬ ‫َو َش َرائِ ُ‬
‫الر ِ‬
‫احلَ ِة‪َ ،‬وتَ ْخلِيَةُ الطَّ ِر ِيق‪َ ،‬و ْإم َكا ُن ال َْم ِسي ِر(‪.)1‬‬ ‫الز ِاد َو َّ‬
‫َّ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد شرائط وجوب احلج‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وشرائط وجوب الحج سبعة أشياء) أي األشياء اليت جتعل احلج واجبًا‬
‫عددها سبعة‪.‬‬
‫(اْلسَلم) هذا الشرط األول‪.‬‬
‫وهو شرط وجوب وصحة‪ ،‬أي الكافر ال جيب عليه احلج وال يصح منه‪.‬‬
‫(والبلوغ) هذا الشرط الثاين‪.‬‬
‫وهو شرط وجوب فقط‪ ،‬أي الصيب املميز ال جيب عليه احلج ويصح منه‪.‬‬
‫(والعقل) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫وهو شرط وجوب وصحة‪ ،‬أي اجملنون ال جيب عليه احلج وال يصح منه‪.‬‬
‫واملعتمد يف املذهب أن اجملنون والصيب غري املميز يصح حجهما إذا أحرم‬
‫عنهما وليهما‪.‬‬
‫(والحرية) هذا الشرط الرابع‪.‬‬
‫وهو شرط وجوب فقط‪ ،‬أي اململوك ال جيب عليه احلج ويصح منه‪.‬‬
‫(ووجود الزاد والراحلة) هذا الشرط اخلامس‪.‬‬
‫(وتخلية الطريق) هذا الشرط السادس‪.‬‬
‫(وإمكان المسير) هذا الشرط السابع‪.‬‬
‫وهذه الشروط الثالثة تفسري لشرط واحد وهو االستطاعة‪ ،‬واالستطاعة شرط‬
‫وجوب فقط‪ ،‬أي غري املستطيع ال جيب عليه احلج ويصح منه‪ ،‬واالستطاعة‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪195‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫تتضمن ثالثة أمور‪ :‬األول‪ :‬وجود الزاد والراحلة‪ ،‬والزاد‪ :‬ما يـُتَزود به يف السفر‪،‬‬
‫وهو‪ :‬الذي حيتاج إليه املسافر يف ذهابه وإقامته ورجوعه من مأكول ومشروب‬
‫ذكرا كان أو أنثى؛ ُمسي راحلة ألنه‬ ‫وكسوة‪ ،‬والراحلة هي‪ :‬ما يُركب من اإلبل ً‬
‫ائدا على النفقة اليت يرتكها مدة ذهابه‬ ‫قدرا ز ً‬
‫يُرحل عليه‪ ،‬ويكون الزاد والراحلة ً‬
‫ورجوعه ملن تلزمه النفقة عليهم‪ ،‬وعليه فإذا مل جيد الزاد والراحلة فإن االستطاعة‬
‫مل تتحقق‪ ،‬والثاين‪ :‬ختلية الطريق‪ ،‬ومعناه‪ :‬أن يكون الطريق آمنًا‪ ،‬وعليه فإذا‬
‫خشي على نفسه أو ماله فإن االستطاعة مل تتحقق‪ ،‬والثالث‪ :‬إمكان املسري‪،‬‬
‫تسعا‬
‫متسعا إلدراك احلج‪ ،‬وعليه فإذا مل يكن الوقت م ً‬ ‫ومعناه‪ :‬أن يكون الوقت ً‬
‫متأخرا فإن االستطاعة مل تتحقق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إلدراك احلج كأن مل جيد الزاد والراحلة إال‬
‫وتزيد املرأة عن الرجل بشرط وهو وجود الزوج أو احملرم‪ ،‬واحملرم هو‪ :‬الذي حيرم‬
‫عليه نكاحها على التأبيد لنسب أو رضاع أو مصاهرة‪ ،‬وعليه فإذا مل يسافر‬
‫معها الزوج أو احملرم إىل احلج فإن االستطاعة مل تتحقق‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪196‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أركان احلج والعمرة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب احلج‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أركان احلج والعمرة‪.‬‬
‫تعريف أركان احلج والعمرة‪:‬‬
‫املراد هبا‪ :‬األشياء اليت جيب فعلها يف احلج والعمرة‪ ،‬فال يصح احلج والعمرة‬
‫بدوهنا‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن شرائط احلج ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن أركان احلج؛‬
‫ألن أركان احلج هي أهم األشياء ليت جيب فعلها يف احلج بعد حتقق شرائط‬
‫احلج‪ .‬وذكر يف الفصل السابق شروط احلج ومل يذكر شروط العمرة ألن شروط‬
‫العمرة هي نفسها شروط احلج‪ ،‬إال إمكان املسري فإنه ال يشرتط يف العمرة؛‬
‫ألنه ليس للعمرة زمن خمصوص‪ ،‬وأما يف هذا الفصل فذكر أركان احلج وأركان‬
‫العمرة ألن بني أركان احلج وأركان العمرة شيئًا من االختالف‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪197‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اف بِالْب ْي ِ‬
‫ت‪،‬‬ ‫اْل ْح َر ُام َم َع النِّ يَّ ِة‪َ ،‬وال ُْوقُ ُ‬
‫وف بِ َع َرفَةَ‪َ ،‬والطََّو ُ َ‬ ‫َوأ َْرَكا ُن الْ َح ِّج أ َْربَ َعةٌ‪ِْ :‬‬
‫الص َّفا َوال َْم ْرَوةِ(‪.)1‬‬
‫الس ْع ُي بَ ْي َن َّ‬ ‫َو َّ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد أركان احلج‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وأركان الحج أربعة) أي عدد أركان احلج أربعة‪.‬‬
‫(اْلحرام مع النية) هذا الركن األول‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬نية الدخول يف فعل العبادة‪ ،‬وعلى‬
‫واإلحرام لغة‪ :‬الدخول يف التحرمي‪ً ،‬‬
‫هذا فمن نوى الدخول يف فعل العمرة يكون بذلك قد أحرم‪ ،‬ومن نوى‬
‫الدخول يف فعل احلج يكون بذلك قد أحرم‪ .‬ومسيت نية الدخول يف فعل‬
‫العبادة إحر ًاما؛ ألن هبا حترم عليه أشياء كانت مباحة له قبل ذلك‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬نية الدخول يف فعل العبادة غري نية فعل العبادة‪ ،‬فإن نوى أن حيج هذا‬
‫العام ال يُقال إنه بنيته هذه قد أحرم؛ ألنه نوى احلج ومل ينو الدخول يف احلج‪،‬‬
‫فإن نوى الدخول يف احلج فإنه بنيته هذه قد أحرم‪.‬‬
‫فائدتان‪:‬‬
‫الفائدة األوىل‪ :‬يصح اإلحرام بالعمرة وفعلها يف أي وقت‪ .‬ويصح اإلحرام‬
‫باحلج يف شوال وذي القعدة وأول أيام ذي احلجة‪ ،‬والناوي للحج يستحب له‬
‫أن يبدأ حجه يف اليوم الثامن من ذي احلجة‪ ،‬ويفعل يف ذلك اليوم شيئني‪:‬‬
‫الشيء األول‪ :‬اإلحرام باحلج‪ ،‬والشيء الثاين‪ :‬أن يذهب إىل مىن؛ ليبيت فيها‬
‫إىل الفجر‪ ،‬واإلحرام باحلج ركن ولكن فعله يف ذلك اليوم مستحب‪.‬‬
‫الفائدة الثانية‪ :‬ضد اإلحرام التحلل‪ ،‬وهو‪ :‬اخلروج من فعل العبادة بإكماهلا‪ ،‬وعلى‬
‫هذا فمن أكمل احلج أو العمرة يكون بذلك قد حتلل‪ ،‬ومسي اخلروج من فعل‬
‫العبادة حتلالً؛ ألن به ختلص من التحرمي‪ ،‬فاألشياء اليت حرمت عليه بسبب نية‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪198‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الدخول يف فعل العبادة عادت حالالً له بسبب الفراغ من فعلها‪ .‬وال جيوز‬
‫للمحرم أن يتحلل مبجرد النية‪ ،‬وعلى هذا لو قال‪ :‬أنا أترك إحرامي وأنوي‬
‫حمرما حىت يكمل حجه أو عمرته‪ ،‬وال‬ ‫التحلل‪ ،‬فال يتحلل بذلك‪ ،‬بل يبقى ً‬
‫يتحلل أحد قبل حجه أو عمرته إال اثنني‪ ،‬ومها‪ :‬األول‪ :‬من فاته الوقوف بعرفة‬
‫ُحصر عن حجه أو عمرته فإنه‬ ‫فإنه يتحلل قبل إكمال حجه‪ ،‬والثاين‪ :‬من أ ِ‬
‫يتحلل قبل إكمال حجه وعمرته‪ ،‬وسيأيت شرح ذلك يف مكانه‪.‬‬
‫(والوقوف بعرفة) هذا الركن الثاين‪.‬‬
‫واحلاج يف ليلة التاسع ويومه يعمل شيئني‪ :‬الشيء األول‪ :‬املبيت يف مىن‪،‬‬
‫ويكون يف ليلة اليوم التاسع‪ ،‬والشيء الثاين‪ :‬الوقوف بعرفة‪ ،‬ويكون يف هنار‬
‫اليوم التاسع‪ ،‬فأما املبيت يف مىن فهو مستحب‪ ،‬وأما الوقوف بعرفة فهو ركن؛‬
‫فيستحب له أن يبقى يف مىن حىت تطلع الشمس‪ ،‬فإذا طلعت ذهب إىل عرفة‪،‬‬
‫ووقت الوقوف بعرفة من بعد زوال الشمس إىل فجر اليوم العاشر‪ ،‬ويستحب‬
‫له أن يبقى يف عرفة حىت غروب الشمس‪ .‬واملراد بالوقوف جمرد احلضور ولو‬
‫اعدا أو مضطج ًعا‪.‬‬
‫قائما أو ق ً‬
‫حلظة على أي حال كان‪ ،‬ماشيًا أو راكبًا‪ً ،‬‬
‫(والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة) هذان الركنان الثالث والرابع‪.‬‬
‫واحلاج يف ليلة العاشر ويومه يعمل مخسة أشياء‪ :‬الشيء األول‪ :‬املبيت مبزدلفة‪،‬‬
‫والشيء الثاين‪ :‬رمي مجرة العقبة‪ ،‬والشيء الثالث‪ :‬حنر اهلدي‪ ،‬والشيء الرابع‪:‬‬
‫األخذ من الشعر‪ ،‬والشيء اخلامس‪ :‬الطواف والسعي‪ .‬فأما املبيت مبزدلفة‬
‫ورمي مجرة العقبة وحنر اهلدي فليست بأركان‪ ،‬وأما األخذ من الشعر فلم حيسبه‬
‫املؤلف من األركان‪ ،‬واملعتمد يف املذهب أنه ركن‪ ،‬وعليه فتكون أركان احلج‬
‫مخسة‪ :‬اإلحرام والوقوف والطواف والسعي واألخذ من الشعر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪199‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الس ْع ُي(‪.)1‬‬
‫اف‪َ ،‬و َّ‬ ‫َوأ َْرَكا ُن الْعُ ْم َرةِ ثَََلثَةُ أَ ْشيَاءَ‪ِْ :‬‬
‫اْل ْح َر ُام‪َ ،‬والطََّو ُ‬

‫فيستحب إذا وقف يف عرفة حىت غروب الشمس أن يذهب إىل مزدلفة ويبيت‬
‫فيها إىل الفجر‪ ،‬ويصلي الفجر يف مزدلفة‪ ،‬وبعد اإلسفار وقبل طلوع الشمس‬
‫يذهب إىل مىن‪ ،‬فإذا وصلها باشر رمي مجرة العقبة‪ ،‬مث ينحر هديه‪ ،‬مث يأخذ‬
‫من شعره‪ ،‬ويكون بذلك قد حتلل التحلل األول‪ ،‬والتحلل األول هو‪ :‬أن يباح له‬
‫حمظورا عليه باإلحرام من لبس املخيط واستعمال الطيب وقطع الشعر‬ ‫ً‬ ‫ما كان‬
‫والظفر وقتل الصيد وغري ذلك‪ ،‬ويبقى ُحمَرما عليه ما يتعلق بالنساء من الوطء‬
‫والقبلة واللمس بشهوة وعقد النكاح‪ .‬مث يذهب إىل مكة ليطوف بالبيت‪ ،‬مث‬
‫يسعى بني الصفا واملروة‪ ،‬ويكون بذلك قد حتلل التحلل الثاين‪ ،‬والتحلل الثاين‬
‫هو‪ :‬أن يباح له ما تبقى من احملظورات‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬الدوران حول الكعبة بكيفية‬ ‫ً‬ ‫والطواف لغة‪ :‬الدوران حول الشيء‪،‬‬
‫خمصوصة‪ .‬والصفا لغة‪ :‬احلجارة الصلبة‪ ،‬واملروة‪ :‬احلجارة البيضاء الرباقة‪ ،‬واملراد‬
‫هبما هنا‪ :‬املكانان املرتفعان املعروفان عند املسجد احلرام‪ .‬ومعىن السعي بني‬
‫الصفا واملروة‪ :‬الذهاب بينهما‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد أركان العمرة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وأركان العمرة ثَلثة) أي عدد أركان العمرة ثالثة‪.‬‬
‫(اْلحرام والطواف والسعي) أي نفس أركان احلج سوى الوقوف بعرفة‪.‬‬
‫واملعتمد يف املذهب أن األخذ من الشعر ركن‪ ،‬وعليه فتكون أركان العمرة‬
‫أربعة‪ :‬اإلحرام والطواف والسعي واألخذ من الشعر‪.‬‬
‫اْل ْح َر ُام‪َ ،‬والطََّو ُ‬
‫اء‪ِْ :‬‬ ‫ِ‬
‫الس ْع ُي‪،‬‬
‫اف‪َ ،‬و َّ‬ ‫ويف بعض النسخ ( َوأ َْرَكا ُن الْعُ ْم َرة أ َْربَ َعةُ أَ ْشيَ َ‬
‫َح ِد الْ َق ْولَْي ِن)‪ ،‬وهو املعتمد‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ْق أ َْو التَّ ْقص ُير في أ َ‬
‫ْحل ُ‬
‫َوال َ‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪200‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل واجبات احلج‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث من كتاب احلج‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬واجبات احلج‪.‬‬
‫تعريف واجبات احلج‪:‬‬
‫املراد هبا‪ :‬األشياء اليت جيب فعلها يف احلج‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن أركان احلج ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن واجبات احلج؛‬
‫ألن كليهما أشياء جيب فعلها‪ ،‬وال فرق بني الركن والواجب إال يف احلج‬
‫والعمرة‪ ،‬والفرق بينهما أن الركن ال يصح احلج بدونه والواجب يصح احلج‬
‫بدونه‪ .‬وذكر يف الفصل السابق أركان احلج والعمرة ألن بني أركان احلج وأركان‬
‫العمرة شيء من االختالف‪ ،‬وأما يف هذا الفصل فذكر واجبات احلج دون‬
‫واجبات العمرة مع وجود شيء من االختالف بينهما؛ ألن االختالف بينهما‬
‫سهل اإلدراك‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪201‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اْل ْحرام ِمن ال ِْمي َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫وو ِ‬


‫ات‪َ ،‬وَرْم ُي‬ ‫اء‪ْ ُ َ ِْ :‬‬ ‫ْح ِّج غَْي ُر ْاْل َْرَكان ثَََلثَةُ أَ ْشيَ َ‬
‫ات ال َ‬
‫اجبَ ُ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْق ‪.‬‬ ‫الْج َما ِر الث َََّلث‪َ ،‬وال َ‬
‫ْحل ُ‬
‫(‪) 1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد واجبات احلج‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وواجبات الحج غير اْلركان ثَلثة أشياء) أي عدد واجبات احلج‬
‫ثالثة أشياء‪ .‬وإمنا قال‪( :‬غير اْلركان) ألن األصل يف األركان أهنا واجبات‪،‬‬
‫فرييد هبذا التعبري اإلشارة إىل التفريق بينهما هنا‪.‬‬
‫(اْلحرام من الميقات) هذا الواجب األول‪.‬‬
‫وامليقات لغة‪ :‬احلد‪ ،‬ويطلق على املكان والزمان‪ ،‬واملراد به هنا‪ :‬املكان الذي‬
‫جيب فيه اإلحرام‪ .‬وليس املراد أنه ال جيوز اإلحرام قبل امليقات‪ ،‬بل جيوز‪ ،‬وإمنا‬
‫ال جيوز تأخري اإلحرام إىل ما بعد امليقات‪.‬‬
‫َحدها‪ :‬ذُو احلليفة‪َ ،‬وُه َو ِمي َقات من توجه من‬ ‫واملواقيت املكانية مخَْ َسة‪ :‬أ َ‬
‫اجل ْح َفة‪َ ،‬وُه َو ِمي َقات املتوجهني من الشام ومصر َوالْم ْغرب‪،‬‬ ‫الْ َم ِدينَة‪َ ،‬والث ِاين‪ْ :‬‬
‫َوالثالِث‪ :‬يَـلَ ْملَم‪َ ،‬وُه َو ِمي َقات أهل الْيمن‪َ ،‬والرابِع‪ :‬ق ْرن املنازل‪َ ،‬وُه َو ِمي َقات‬
‫اخلَ ِامس‪ :‬ذَات عرق‪َ ،‬وُه َو ِمي َقات املتوجهني من‬ ‫احلجاز‪ ،‬و ْ‬
‫املتوجهني من جند ْ‬
‫عراق وخراسان‪.‬‬ ‫الْ َ‬
‫واملعتمد يف املذهب أن املبيت مبزدلفة واملبيت مبىن واجبان‪.‬‬
‫فأما املبيت مبزدلفة فيكون بعد الوقوف بعرفة‪ ،‬ووقته من غروب مشس اليوم‬
‫التاسع إىل طلوع فجر اليوم العاشر‪ .‬واملراد باملبيت مبزدلفة هو املكوث هبا جزءًا‬
‫من الوقت‪ .‬واملبيت الواجب يتحقق باملبيت بعد منتصف الليل‪ ،‬وعلى هذا‬
‫فالذي يأيت إىل مزدلفة يف هذا اليوم ال خيلو من حالتني‪ :‬احلالة األوىل‪ :‬أن يأيت‬
‫قبل منتصف الليل‪ ،‬فيجب عليه أن يبقى إىل منتصف الليل‪ ،‬فإن خرج قبل‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪202‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫منتصف الليل ومل يعد يف منتصف الليل فعليه دم‪ .‬واحلالة الثانية‪ :‬أن يأيت بعد‬
‫منتصف الليل‪ ،‬فله اخلروج قبل الفجر‪ ،‬واألفضل أن يبيت إىل الفجر‪.‬‬
‫وأما املبيت مبىن فيكون بعد الفراغ من طواف اإلفاضة إن مل يؤخر الطواف‪،‬‬
‫حيث يعود بعد الطواف من مكة إىل مىن‪ ،‬ووقت املبيت ليال أيام التشريق‬
‫احلادي عشر والثاين عشر والثالث عشر؛ لريمي اجلمرات الثالث يف هنارها‪.‬‬
‫(ورمي الجمار الثَلث) هذا الواجب الثاين الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫واجلمار‪ :‬مجع مجرة‪ ،‬وهي يف األصل احلصاة‪ ،‬مث أُطلقت على املوضع الذي‬
‫تُرمى فيه‪ .‬واجلمار الثالث هي اجلمرة األوىل واجلمرة الوسطى ومجرة العقبة‪.‬‬
‫ووقت الرمي االختياري يف اليوم العاشر يبدأ من نصف ليلة النحر‪ ،‬واألفضل‬
‫تأخريها إىل ما بعد طلوع الشمس‪ ،‬وينتهي بغروهبا‪ .‬ووقت الرمي االختياري يف‬
‫أيام التشريق احلادي عشر والثاين عشر والثالث عشر يبدأ بزوال الشمس‬
‫وينتهي بغروهبا‪.‬‬
‫ففي اليوم العاشر يرمي مجرة العقبة فقط‪ ،‬ويف األيام الثالثة الباقية يرمي اجلمار‬
‫الثالث‪ .‬فإن أخر رمي مجرة العقبة واجلمار الثالث إىل آخر أيام التشريق جاز‬
‫له ذلك وليس عليه شيء‪ ،‬وإن أخر الرمي عن أيام التشريق فال يأيت به‪ ،‬وعليه‬
‫دم‪ .‬وإن أحب أن يتعجل للخروج من مىن فيكتفي برمي مجرة العقبة يف اليوم‬
‫العاشر ورمي اجلمار الثالث يف يومي احلادي عشر والثاين عشر فله ذلك‬
‫بشرط أن يكون خروجه منها قبل غروب الشمس‪ ،‬فإذا غربت قبل أن خيرج‬
‫فيلزمه املبيت يف ليلة الثالث عشر‪ ،‬ويرمي يف النهار‪.‬‬
‫(والحلق) هذا الواجب الثالث الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪203‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وهو األخذ من الشعر باحللق أو بالتقصري‪ ،‬وإمنا اكتفى بذكر احللق؛ ألنه األفضل‪.‬‬
‫واملعتمد كما سبق أن األخذ من الشعر ركن يف احلج والعمرة‪ ،‬وعلى هذا‬
‫فتكون واجبات احلج أربعة اإلحرام من امليقات واملبيت مبزدلفة واملبيت مبىن‬
‫احدا‪ ،‬وهو اإلحرام من امليقات؛ ألن بقية‬
‫ورمي اجلمار‪ ،‬ويكون واجب العمرة و ً‬
‫األعمال من أعمال احلج ال من أعمال العمرة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪204‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل سنن احلج‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع من كتاب احلج‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬سنن احلج‪.‬‬
‫تعريف سنن احلج‪:‬‬
‫السنن‪ :‬مجع سنة‪ ،‬ومعناها‪ :‬املستحب‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن فروض احلج الشاملة للشروط واألركان والواجبات ناسب‬
‫أن يتكلم بعد ذلك عن سنن احلج‪ ،‬والفرق بني الفروض والسنن أن الفروض ال‬
‫جيوز تركها‪ ،‬والسنن جيوز تركها‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪205‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْح ِّج َعلَى الْعُ ْم َرةِ‪َ ،‬والتَّ ْلبِيَةُ‪َ ،‬وطََو ُ‬


‫اف‬ ‫يم ال َ‬
‫ِ‬
‫اد‪َ ،‬و ُه َو تَ ْقد ُ‬ ‫ْح ِّج َس ْب ٌع‪ِْ :‬‬
‫اْلفْ َر ُ‬ ‫َو ُسنَ ُن ال َ‬
‫يت بِ ِمنًى‪ ،‬وطََو ُ‬
‫اف ال َْو َد ِاع(‪.)1‬‬ ‫يت بِمز َدلَِفةَ‪ ،‬ورْكعتا الطَّو ِ‬
‫اف‪َ ،‬وال َْمبِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الْ ُق ُد ِوم‪ ،‬والْمبِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد سنن احلج‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وسنن الحج سبع) أي عدد سنن احلج سبع‪.‬‬
‫(اْلفراد‪ ،‬وهو تقديم الحج على العمرة) هذه السنة األوىل‪.‬‬
‫واحلج له ثالثة أوجه‪ :‬متتع وقِران وإفراد‪ ،‬فأما التمتع فهو‪ :‬أن يعتمر مث يتحلل‬
‫متتعا؛ ألن فاعله يتحلل بني العمرة واحلج‪ ،‬وأما القران فهو‪:‬‬ ‫ومسي ً‬ ‫منه مث حيج‪ُ ،‬‬
‫ومسي قرانًا؛ ألن فاعله قرن بينهما أي أحرم هبما يف آن‬ ‫معا‪ُ ،‬‬ ‫أن يعتمر وحيج ً‬
‫واحد‪ ،‬وأما اإلفراد فهو‪ :‬أن حيج وال يعتمر قبل احلج وال معه‪ ،‬و ُمسي إفر ًادا؛ ألنه‬
‫أفرد احلج عن العمرة‪ .‬ومراد املؤلف أنه جيوز احلج بأي وجه من األوجه الثالثة‪،‬‬
‫إال أن اإلفراد هو املستحب‪ ،‬واإلفراد املستحب هو الذي يكون بعده عمرة‪.‬‬
‫(والتلبية) هذه السنة الثانية‪.‬‬
‫وهي أن يقول‪ :‬لبيك اللهم لبيك لبيك ال شريك لك لبيك‪ ،‬إن احلمد والنعمة‬
‫لك وامللك ال شريك لك‪.‬‬
‫وذلك أنه يستحب عند اإلحرام أن يتلفظ بالوجه الذي يريد من أوجه احلج‬
‫الثالثة‪ ،‬فإذا أراد اإلفراد فيحرم باحلج أي ينوي الدخول يف فعل احلج‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫"اللهم إين نويت احلج"‪ ،‬مث تستحب له التلبية‪.‬‬
‫(وطواف القدوم) هذه السنة الثالثة‪.‬‬
‫والطواف يف احلج والعمرة ثالثة أنواع‪ :‬طواف القدوم‪ ،‬وطواف الركن‪ ،‬وطواف‬
‫الوداع‪ ،‬فأما طواف القدوم فهو‪ :‬الطواف الذي يأيت به احلاج األفقي‪ ،‬وهو من‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪206‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َم ْس َكنُهُ يف امليقات أو قبل ذلك‪ ،‬وذلك أنه إذا اختار اإلفراد أو القران فعند‬
‫قدومه إىل مكة يأيت هبذا الطواف‪ ،‬وعلى هذا فاحلاج املكي واحلاج األفقي‬
‫املتمتع واملعتمر ليس يف حقهم طواف قدوم‪ .‬وأما طواف الركن فهو الطواف‬
‫الذي جيب أن يأيت به كل حاج ومعتمر‪ ،‬وال يصح احلج والعمرة بدونه‪ ،‬وأما‬
‫طواف الوداع فاملعتمد أنه ليس من مناسك احلج أو العمرة وهو الطواف‬
‫املستقل الذي جيب أن يأيت به كل من أراد اخلروج من مكة سواء كان أفقيًّا‬
‫قصريا‪.‬‬
‫سفرا طويالً أو ً‬
‫مسافرا ً‬
‫ً‬ ‫معتمرا أو كان مكيًّا‬
‫حاجا أو ً‬
‫ًّ‬
‫فمراد املؤلف أن احلاج األفقي إذا اختار اإلفراد أو القران فيستحب له عند‬
‫قدومه إىل مكة أن يطوف بالبيت قبل الشروع يف احلج‪.‬‬
‫(والمبيت بمزدلفة) هذه السنة الرابعة‪.‬‬
‫واملعتمد أنه واجب كما تقدم‪.‬‬
‫(وركعتا الطواف) هذه السنة اخلامسة‪.‬‬
‫ووقتهما بعد االنتهاء من الطواف بالبيت‪.‬‬
‫(والمبيت بمنى) هذه السنة السادسة‪.‬‬
‫واملعتمد أنه واجب كما تقدم‪.‬‬
‫(وطواف الوداع) هذه السنة السابعة‪.‬‬
‫واملعتمد أنه واجب كما تقدم‪.‬‬
‫وعلى هذا فتكون سنن احلج بالنسبة للمعتمد مما ذكره املؤلف أربعة اإلفراد‬
‫والتلبية وطواف القدوم وركعتا الطواف‪ ،‬وتكون سنن العمرة اثنتني التلبية وركعتا‬
‫الطواف؛ ألن بقية األعمال من أعمال احلج ال من أعمال العمرة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪207‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل صفة لباس احملرم‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل اخلامس من كتاب احلج‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬صفة لباس احملرم‪.‬‬
‫تعريف صفة لباس احملرم‪:‬‬
‫اللباس هو‪ :‬ما يلبس للسرت أو للزينة‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن سنن احلج ويفهم من كالمه سنن العمرة ناسب أن يتكلم‬
‫عن صفة لباس احملرم باحلج أو بالعمرة؛ ألن صفة اللباس اليت سيذكرها من‬
‫متهيدا للكالم عن حمظورات اإلحرام‪.‬‬
‫سنن احلج والعمرة‪ ،‬وإمنا أفردها بالذكر ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪208‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِ ِ‬ ‫َويَتَ َج َّر ُد َّ ِ ِ ِ‬
‫ض ْي ِن(‪.)1‬‬ ‫س َإز ًارا َوِر َد ً‬
‫اء أَبْ يَ َ‬ ‫الر ُج ُل ع ْن َد ْاْل ْح َرام َع ِن ال َْمخيط‪َ ،‬ويَلْبَ ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة اليت ذكرها يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن صفة لباس احملرم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويتجرد الرجل عند اْلحرام عن المخيط) أي خيلع املخيط قبل دخوله‬
‫يف اإلحرام‪ ،‬ويلبس ثوبًا غري خميط‪ .‬واملخيط هو‪ :‬الثوب املعمول على قدر‬
‫البدن كله أو بعضه‪ ،‬وقيد التجرد عن املخيط بالرجل؛ ألن لبس املخيط من‬
‫حمظورات اإلحرام كما سيأيت يف الفصل التال‪ ،‬وهو حمظور خمتص بالرجل دون‬
‫املرأة‪.‬‬
‫إزارا ورداءً أبيضين) أي الصفة املستحبة للباس احملرم أن يلبس‬ ‫(ويلبس ً‬
‫قطعتني إز ًارا ورداءً‪ ،‬ويكونان أبيضني‪ .‬واإلزار‪ :‬يسرت به أسفل البدن‪ ،‬والرداء‪:‬‬
‫يسرت به أعاله‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪209‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل حمظورات اإلحرام‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السادس من كتاب احلج‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬حمظورات اإلحرام‪.‬‬
‫تعريف حمظورات اإلحرام‪:‬‬
‫وشرعا‪ :‬الشيء الذي يلزم‬
‫احملظورات‪ :‬مجع حمظور‪ ،‬وهو لغة‪ :‬الشيء املمنوع ً‬
‫احملرم أن يتجنبه‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫هيدا للكالم عن‬
‫ملا تكلم املؤلف عن صفة لباس احملرم باحلج أو بالعمرة مت ً‬
‫حمظورات اإلحرام ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن حمظورات اإلحرام‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪210‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫س ِم َن َّ‬
‫الر ُج ِل‬ ‫ويحرم َعلَى الْمح ِرِم َع ْشرةُ أَ ْشياء‪ :‬لُبس الْم ِخ ِ‬
‫يط‪َ ،‬وتَ ْغ ِطيَةُ َّ‬
‫الرأْ ِ‬ ‫َ ََ ْ ُ َ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ ْ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم ْاْلَظْ َفا ِر‪َ ،‬والطِّ ُ‬
‫يب‪َ ،‬وقَ ْت ُل‬ ‫الش ْع ِر‪َ ،‬و َح ْل ُقهُ‪َ ،‬وتَ ْقل ُ‬
‫يل َّ‬ ‫َوال َْو ْجه م َن ال َْم ْرأَة‪َ ،‬وتَ ْرج ُ‬
‫ش ْه َوةٍ(‪.)1‬‬ ‫الص ْي ِد‪َ ،‬و َع ْق ُد النِّ َك ِ‬
‫اح‪َ ،‬وال َْوطْءُ‪َ ،‬وال ُْمبَا َش َرةُ بِ َ‬ ‫َّ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد حمظورات اإلحرام‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ويحرم على المحرم عشرة أشياء) أي عدد األشياء املمنوعة على احملرم‬
‫عشرة‪.‬‬
‫(لبس المخيط) هذا احملظور األول‪.‬‬
‫أي ال جيوز للرجل أن يغطي بدنه بالثوب املعمول على قدر البدن كله أو بعضه‬
‫كالقميص والسراويل واخلف‪ ،‬والقميص هو‪ :‬الثوب املعمول على قدر كل‬
‫البدن‪ ،‬والسراويل‪ :‬مفرد مجعه سراويالت‪ ،‬وهو‪ :‬الثوب املعمول على قدر بعض‬
‫البدن الذي هو أسفله‪ ،‬واخلف هو‪ :‬اجللد املعمول على قدر الِّرجل‪ .‬وأما املرأة‬
‫فيباح هلا لبس املخيط‪.‬‬
‫(وتغطية الرأس من الرجل والوجه من المرأة) هذا احملظور الثاين‪.‬‬
‫أي ال جيوز للرجل أن يغطي رأسه‪ ،‬سواء مبخيط أو بغري خميط‪ ،‬فاملخيط مثل‬
‫القلنسوة‪ ،‬وتسمى الطاقية‪ ،‬وغري املخيط مثل العمامة‪ ،‬ويباح له تغطية وجهه‪.‬‬
‫وأما املرأة فيجب عليها تغطية رأسها‪ ،‬وال جيوز هلا تغطية وجهها مبا ميسه‪،‬‬
‫وجيوز أن تسرت وجهها بشيء ال ميسه‪ ،‬وجيب عليها ذلك عند مرور الرجال‬
‫قريبًا منها‪.‬‬
‫(وترجيل الشعر) هذا احملظور الثالث‪.‬‬
‫واملراد بالشعر شعر الرأس واللحية‪ ،‬واملراد برتجيله تسرحيه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪211‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫واملعتمد أنه مكروه‪ ،‬وليس من احملظورات‪.‬‬


‫واألوىل حذف ترجيل بأن يقول‪ :‬ودهن الشعر؛ ألن استعمال الدهن من احملظورات‪.‬‬
‫(وحلقه) هذا احملظور الرابع‪.‬‬
‫واملراد إزالة الشعر‪ ،‬سواء شعر الرأس أو سائر البدن‪ ،‬وسواء باحللق أو بغريه‬
‫كالنتف والقص‪.‬‬
‫(وتقليم اْلظافر) هذا احملظور اخلامس‪.‬‬
‫واملراد إزالة الظفر‪ ،‬سواء ظفر أصابع اليد أو الرجل‪ ،‬وسواء بالقص أو بالقطع‬
‫بالسن أو بالكسر أو بغري ذلك‪.‬‬
‫(والطيب) هذا احملظور السادس‪.‬‬
‫والطيب هو‪ :‬ما تضمن أمرين‪ :‬أحدمها‪ :‬أن تكون رائحته طيبة‪ ،‬والثاين‪ :‬أنه يتخذ‬
‫للشم‪ ،‬كاملسك والكافور والعنرب‪ ،‬ومن النبات‪ :‬الورد واليامسني والبنفسج والرحيان‬
‫الفارسي‪ ،‬وأما النباتات الطيبة الريح مما ال يتخذ منها طيب للشم فليس بطيب‪.‬‬
‫واملراد ال جيوز للمحرم استعمال الطيب بإلصاقه يف بدنه أو ثيابه‪ ،‬وجيوز مشه‪.‬‬
‫(وقتل الصيد) هذا احملظور السابع‪.‬‬
‫الصيد هو‪ :‬احليوان الوحشي املأكول‪ ،‬والصيد املمنوع منه احملرم هو‪ :‬الربي‪،‬‬
‫طائرا‪ ،‬كاحلمامة‪ .‬واملراد أنه ال جيوز‬
‫سواء كان دابة‪ ،‬كحمار الوحش‪ ،‬أو ً‬
‫للمحرم أن يتعرض هلذا الصيد ال بقتله وال بإمساكه‪ ،‬وال جيوز أن يعني غريه‬
‫على قتله أو إمساكه‪.‬‬
‫وجيوز للمحرم ذبح احليوان اإلنسي كبهيمة األنعام‪ ،‬وجيوز له قتل أو إمساك‬
‫الصيد البحري كالسمك‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪212‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اح فَِإنَّهُ َْل يَ ْن َع ِق ُد‪َ ،‬وَْل يُ ْف ِس ُدهُ َّإْل‬ ‫َوفِي َج ِمي ِع َذلِ َ‬
‫ك ال ِْف ْديَةُ َّإْل َع ْق َد النِّ َك ِ‬
‫اد(‪.)1‬‬ ‫الْوطْء فِي الْ َفر ِج‪ ،‬وَْل ي ْخرج ِم ْنهُ بِالْ َفس ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ ُُ‬ ‫َ ُ‬

‫(وعقد النكاح) هذا احملظور الثامن‪.‬‬


‫ذكرا أو أنثى‪ ،‬ويزيد الذكر بأنه‬
‫واملراد أنه ال جيوز للمحرم أن يتزوج‪ ،‬سواء كان ً‬
‫ال جيوز أن يزوج غريه بأن يكون وليًا أو وكيالً‪.‬‬
‫(والوطء) هذا احملظور التاسع‪.‬‬
‫واملراد أنه ال جيوز للمحرم اجلماع يف الفرج‪.‬‬
‫(والمباشرة بشهوة) هذا احملظور العاشر‪.‬‬
‫واملراد أنه ال جيوز للمحرم املباشرة بشهوة ولو من غري اجلماع يف الفرج‪،‬‬
‫واملباشرة هي التقاء البشرتني؛ كالقبلة واللمس‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن أحكام ارتكاب حمظورات اإلحرام‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وفي جميع ذلك) أي يف ارتكاب احملظورات السابق ذكرها‪.‬‬
‫(الفدية) أي وجوب الكفارة‪ ،‬وسيأيت بياهنا‪.‬‬
‫(إْل عقد النكاح فإنه ْل ينعقد) أي ال جتب فيه كفارة؛ ألنه ال ينعقد‪.‬‬
‫(وْل يفسده إْل الوطء في الفرج) يعين أن ارتكاب أي شيء من احملظورات‬
‫ال يفسد احلج إال اجلماع يف الفرج‪ ،‬وأما بعد التحلل األول فال يفسد‪ ،‬وسيأيت‬
‫قريبًا ذكر التحلل األول والتحلل الثاين‪.‬‬
‫(وْل يخرج منه بالفساد) أي ال جيوز للمحرم أن خيرج من اإلحرام بسبب‬
‫فساد حجه باجلماع‪ ،‬بل جيب عليه إكمال احلج مع فساده‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪213‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام ترك الركن أو الواجب‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السابع من كتاب احلج‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام ترك الركن أو الواجب‪.‬‬
‫تعريف أحكام ترك الركن أو الواجب‪:‬‬
‫تقدم أن األركان والواجبات أشياء جيب فعلها‪ ،‬وال فرق بني الركن والواجب إال‬
‫يف احلج والعمرة‪ ،‬والفرق بينهما أن الركن ال يصح احلج بدونه والواجب يصح‬
‫احلج بدونه‪.‬‬
‫ومعىن هذا الفصل معرفة األحكام املرتتبة على ترك شيء من األركان أو‬
‫الواجبات‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن حمظورات اإلحرام ناسب أن يتكلم بعد ذلك عن أحكام‬
‫ترك الركن أو الواجب؛ ألن هذا الرتك مبعىن ارتكاب حمظور من حمظورات‬
‫اإلحرام‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪214‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َوَم ْن‬ ‫ي‪،‬‬ ‫وف بِ َع َرفَةَ تَ َحلَّ َل بِ َع َم ِل عُ ْم َرةٍ َو َعلَْي ِه الْ َق َ‬


‫ضاءُ َوال َْه ْد ُ‬ ‫َوَم ْن فَاتَهُ ال ُْوقُ ُ‬
‫َوَم ْن‬ ‫إحر ِام ِه حتَّى يأْتِي بِ ِه‪ ،‬ومن تَ ر َك و ِ‬
‫اجبًا لَ ِزَمهُ َّ‬
‫الد ُم‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ََ ْ َ َ‬ ‫تَ َر َك ُرْكنًا لَ ْم يَح َّل م ْن ْ َ َ َ َ‬
‫تَ َر َك ُسنَّةً لَ ْم يَل َْزْمهُ بِتَ ْركِ َها َش ْيءٌ(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن األحكام املرتتبة على ترك شيء‬
‫من األركان أو الواجبات‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ومن فاته الوقوف بعرفة تحلل بعمل عمرة وعليه القضاء والهدي)‬
‫أي من مل يستطع احلضور يف عرفة حىت طلع فجر يوم العاشر فقد فاته‬
‫الوقوف‪ ،‬وبذلك يفوته احلج‪ ،‬فيجب عليه أن يتحلل بعمل عمرة‪ ،‬أي يطوف‬
‫ويسعى ويأخذ من شعره‪ ،‬وبذلك يتحلل بعمرة‪ ،‬وليس عليه أن يكمل بقية‬
‫مناسك احلج‪ ،‬وجيب عليه حجة أخرى السنة التالية بدل احلجة اليت فاتته سواء‬
‫فرضا أو نفالً‪ ،‬وجيب عليه مع احلجة األخرى هدي‪ .‬واهلدي لغة‪ :‬اسم‬ ‫كانت ً‬
‫وشرعا‪ :‬ما يُهدى إىل احلرم من هبيمة األنعام‪.‬‬
‫ملا يهدى أي يُبعث ويُنقل‪ً ،‬‬
‫(ومن ترك ركنًا لم يحل من إحرامه حتى يأتي به) أي من مل يؤد ركنًا من‬
‫أركان احلج ـ غري الوقوف بعرفة ـ ال يتم حتلله حىت يأيت به؛ ألن األركان ـ ما عدا‬
‫الوقوف بعرفة ـ ليس هلا وقت حمدد كالوقوف بعرفة‪.‬‬
‫(ومن ترك واجبًا لزمه الدم) أي من مل يؤد واجبًا من واجبات احلج فيجب‬
‫عليه الدم‪.‬‬
‫(ومن ترك سنة لم يلزمه بتركها شيء) أي من مل يؤد سنة من سنن احلج مل‬
‫جيب عليه شيء‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪215‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْ ٌ‬
‫فصل‪ :‬الدماء الواجبة يف اإلحرام‬
‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثامن من كتاب احلج‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬الدماء الواجبة يف اإلحرام‪.‬‬
‫تعريف الدماء الواجبة يف اإلحرام‪:‬‬
‫الدماء الواجبة يف اإلحرام هي هبائم األنعام اليت جيب ذحبها بسبب اإلحرام‬
‫نتيجة الرتكاب حمظور أو ترك ركن أو واجب‪ .‬ومراد املؤلف ذكر الدماء‬
‫الواجبة وما يقوم مقامها من اإلطعام والصوم‪ ،‬وإمنا خص الدماء بالذكر ألهنا‬
‫هي األصل يف الوجوب‪.‬‬
‫مناسبة هذا الفصل للفصل الذي قبله‪:‬‬
‫ملا تكلم املؤلف عن األحكام املرتتبة على ارتكاب حمظورات اإلحرام وعلى ترك‬
‫األركان والواجبات ناسب أن يتكلم عن الدماء الواجبة يف اإلحرام؛ ألهنا من‬
‫األحكام املرتتبة على ارتكاب حمظورات اإلحرام وعلى ترك األركان والواجبات‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪216‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫سةُ أَ ْشيَا َء‪:‬‬ ‫اجبَةُ فِي ِْ ِ‬ ‫والدِّماء الْو ِ‬


‫اْل ْح َرام َخ ْم َ‬ ‫َ َُ َ‬
‫يب‪َ :‬شاةٌ‪ ،‬فَِإ ْن لَ ْم يَ ِج ْد‬ ‫ك‪َ ،‬و ُه َو َعلَى الت َّْرتِ ِ‬ ‫اجب بِتَ ر ِك نُس ٍ‬
‫الد ُم ال َْو ُ ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫َح ُد َها‪َّ :‬‬‫أَ‬
‫ْح ِّج َو َس ْب َعةٌ إذَا َر َج َع إلَى أ َْهلِ ِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫صيام َع َ ِ‬
‫ش َرة أَيَّ ٍام‪ :‬ثَََلثَةٌ في ال َ‬ ‫فَ َ ُ‬
‫ِ‬
‫ص ْوِم‬ ‫ِ‬
‫ْحل ِْق َوالتَّ َرفُّه‪َ ،‬و ُه َو َعلَى التَّ ْخيِي ِر‪َ :‬شاةٌ‪ ،‬أ َْو َ‬ ‫ب بِال َ‬
‫ِ‬
‫الد ُم ال َْواج ُ‬ ‫َوالثَّانِي‪َّ :‬‬
‫ين‪.‬‬ ‫ثَََلثَِة أَيَّ ٍام‪ ،‬أَو التَّص ُّد ُق بِثَََلثَِة آص ٍع َعلَى ِست َِّة م ِ‬
‫ساك َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫صا ِر‪ :‬فَ يَتَ َحلَّ ُل َويَ ْه ِدي َشاةً‪.‬‬ ‫اْل ْح َ‬‫ب بِ ِْ‬ ‫ِ‬
‫الد ُم ال َْواج ُ‬ ‫ث‪َّ :‬‬ ‫َوالثَّالِ ُ‬
‫الص ْي ُد ِم َّما‬
‫الص ْي ِد‪َ ،‬و ُه َو َعلَى التَّ ْخيِي ِر إ ْن َكا َن َّ‬ ‫ب بَِقتْ ِل َّ‬ ‫ِ‬
‫الد ُم ال َْواج ُ‬ ‫الرابِ ُع‪َّ :‬‬
‫َو َّ‬
‫ص َّد َق بِ ِه‪ ،‬أ َْو‬ ‫لَهُ ِمثْل‪ :‬أَ ْخرج ال ِْمثْل ِمن النَّع ِم‪ ،‬أَو قَ َّومهُ وا ْشتَ رى بِِق ِ ِ‬
‫يمته طَ َع ًاما َوتَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ َ‬ ‫ٌ ََ‬
‫يمتِ ِه طَ َع ًاما أ َْو‬ ‫الصي ُد ِم َّما َْل ِمثْل لَهُ‪ :‬أَ ْخر ِِ‬
‫ج بق َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ام َع ْن ُك ِّل ُمد يَ ْوًما‪َ ،‬وإِ ْن َكا َن َّ ْ‬ ‫صَ‬ ‫َ‬
‫ام َع ْن ُك ِّل ُمد يَ ْوًما‪.‬‬ ‫صَ‬ ‫َ‬
‫يب‪ :‬بَ َدنَةٌ‪ ،‬فَِإ ْن لَ ْم يَ ِج ْد‬ ‫ْء‪َ ،‬و ُه َو َعلَى الت َّْرتِ ِ‬ ‫اجب بِالْوط ِ‬ ‫ِ‬
‫الد ُم ال َْو ُ َ‬ ‫س‪َّ :‬‬ ‫وال َ ِ‬
‫ْخام ُ‬ ‫َ‬
‫س ْب ٌع ِم ْن الْغَنَ ِم‪ ،‬فَِإ ْن لَ ْم يَ ِج ْد قَ َّوَم الْبَ َدنَةَ بِ َد َر ِاه َم َوا ْشتَ َرى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فَ بَ َق َرةٌ‪ ،‬فَإ ْن لَ ْم يَج ْد فَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِِق ِ‬
‫ام َع ْن ُك ِّل ُمد يَ ْوًما(‪.)1‬‬ ‫صَ‬ ‫ص َّد َق بِه‪ ،‬فَِإ ْن لَ ْم يَج ْد َ‬ ‫يمت َها طَ َع ًاما َوتَ َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد الدماء الواجبة يف اإلحرام‪.‬‬


‫قوله‪( :‬والدماء الواجبة في اْلحرام خمسة أشياء) أي عدد الدماء الواجبة يف‬
‫اإلحرام مخسة‪.‬‬
‫(أحدها الدم الواجب بترك نسك) أي أحد الدماء اخلمسة هو الدم الواجب‬
‫نتيجة ترك ركن من أركان احلج أو واجب من واجبات احلج‪ ،‬وهو بالتفصيل ثالثة‬
‫متمتعا أو قارنًا فعليه‬
‫أنواع‪ :‬األول دم التمتع والقران‪ ،‬فغري املكي إذا اختار احلج ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪217‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫دم‪ ،‬والثاين‪ :‬دم فوات الوقوف بعرفة‪ ،‬فمن فاته الوقوف فيجب عليه حجة أخرى‬
‫وجيب عليه مع احلجة األخرى دم‪ ،‬والثالث‪ :‬دم ترك أي واجب من واجبات‬
‫احلج‪ .‬واألول يدخل يف الثالث؛ ألن سبب وجوب دم التمتع والقران هو ترك‬
‫اإلحرام باحلج من امليقات‪( .‬وهو على الترتيب) أي احلكم املرتتب على ترك‬
‫الركن أو الواجب هو الدم‪ ،‬وال جيوز العدول عنه إىل غريه إال عند العجز (شاة‬
‫فإن لم يجد فصيام عشرة أيام ثَلثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله)‬
‫أي الدم الواجب من هبيمة األنعام هو الشاة‪ ،‬فإن مل جيد فعليه البدل‪ ،‬وهو‬
‫صيام عشرة أيام؛ ثالثة منها يف أيام احلج‪ ،‬وسبعة إذا رجع إىل أهله‪ .‬والوقت‬
‫الذي جيوز فيه صيام األيام الثالثة بعد اإلحرام وقبل يوم النحر؛ وال جيب عليه‬
‫أن يكون إحرامه قبل يوم النحر بثالثة أيام بل يستحب لكي ُميكنه صيام األيام‬
‫الثالثة قبل يوم النحر‪ ،‬فإن كان قد أحرم قبل يوم النحر بثالثة أيام فأكثر‬
‫فيجب عليه صيام األيام الثالثة‪ ،‬فإن أخر الصيام حىت ضاق الوقت أمث وعليه‬
‫قضاؤها مع األيام السبع إذا رجع إىل أهله‪ ،‬وإن مل حيرم قبل يوم النحر بثالثة‬
‫أيام فأكثر فال يأمث بذلك وعليه قضاؤها مع األيام السبع إذا رجع إىل أهله‪.‬‬
‫(والثاني الدم الواجب بالحلق والترفه) أي الدم الثاين من الدماء اخلمسة هو‬
‫الدم الواجب نتيجة احللق أو ارتكاب أي حمظور آخر من حمظورات الرتفه‪،‬‬
‫ومعىن الرتفه االستمتاع‪ ،‬وهو بالتفصيل لبس املخيط‪ ،‬وتغطية الرأس من الرجل‬
‫والوجه والكفني من املرأة‪ ،‬وحلق الشعر مجيعه أو ثالث شعرات منه‪ ،‬وتقليم‬
‫األظفار مجيعها أو ثالثة أظفار منها‪ ،‬والطيب‪ ،‬واملباشرة بشهوة‪ ،‬واجلماع بعد‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪218‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫التحلل األول‪( .‬وهو على التخيير) أي احلكم املرتتب على ارتكاب هذه‬
‫احملظورات ال يتعني فيه الدم ابتداءً‪ ،‬بل جيوز العدول عنه إىل غريه ولو مل يكن‬
‫عاجزا (شاة أو صوم ثَلثة أيام أو التصدق بثَلثة آصع على ستة مساكين)‬ ‫ً‬
‫أي الدم الواجب من هبيمة األنعام هو الشاة‪ ،‬ولكنه خمري إن شاء اختار الدم‬
‫وإن شاء اختار البدل‪ ،‬وهو صوم ثالثة أيام أو التصدق ومقداره ثالثة آصع‬
‫ومقدار املساكني ستة أي نصف صاع لكل مسكني‪.‬‬
‫(والثالث الدم الواجب باْلحصار) أي الدم الثالث من الدماء اخلمسة هو‬
‫الدم الواجب نتيجة اإلحصار‪ ،‬وهو املنع من إكمال حجه أو عمرته‪ ،‬أي يعين‬
‫إذا أحرم باحلج أو بالعمرة وتعذر عليه اإلتيان بركن من أركاهنما‪( ،‬فيتحلل) أي‬
‫ينوي اخلروج من حجه أو عمرته‪( ،‬ويهدي شاة) أي الدم الواجب من هبيمة‬
‫األنعام لكي يتحلل قبل إكمال حجه أو عمرته هو الشاة‪ ،‬يذحبها يف مكان‬
‫حصره‪ ،‬وحيلق رأسه بعد الذبح‪ .‬فإن مل يقدر على الشاة فعليه البدل وهو‬
‫يوما عن كل‬
‫الطعام بقيمة الشاة فإن مل يقدر على الطعام فعليه الصيام يصوم ً‬
‫مد حيث شاء‪ ،‬وإذا انتقل إىل الصوم فله التحلل يف احلال باحللق بنية التحلل‪.‬‬
‫(والرابع الدم الواجب بقتل الصيد) أي الدم الرابع من الدماء اخلمسة هو‬
‫الدم الواجب نتيجة قتل الصيد‪( ،‬وهو على التخيير) أي احلكم املرتتب على‬
‫قتل الصيد ال يتعني فيه الدم ابتداءً‪ ،‬بل جيوز العدول عنه إىل غريه ولو مل يكن‬
‫عاجزا (إن كان الصيد مما له مثل أخرج المثل من النعم أو قومه واشترى‬ ‫ً‬
‫يوما‪ ،‬وإن كان الصيد مما ْل‬ ‫طعاما وتصدق به أو صام عن كل مد ً‬ ‫بقيمته ً‬
‫يوما) أي أن الصيد نوعان‪:‬‬‫طعاما أو صام عن كل مد ً‬ ‫مثل له أخرج بقيمته ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪219‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫له مثيل‪ ،‬وليس له مثيل‪ ،‬واملراد باملثيل‪ :‬الشبيه من هبيمة األنعام من حيث‬
‫صيدا له مثيل فهو خمري يف الفدية بني ثالثة أشياء‪:‬‬
‫الصورة‪ .‬فإذا قتل احملرم ً‬
‫الشيء األول‪ :‬أن يفديه مبثيله‪ ،‬أي يشرتي من هبيمة األنعام ما ُمياثل الصيد‬
‫الذي قتله‪ ،‬ويذحبه‪ ،‬ويتصدق به على املساكني‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬إذا قتل نعامة‬
‫فعليه بدنة‪ ،‬وإذا قتل محار وحش فعليه بقرة‪ ،‬وإذا قتل غزاالً فعليه شاة‪ .‬والشيء‬
‫الثاين‪ :‬أن يطعم‪ ،‬وكيفية معرفة قدر اإلطعام‪ :‬أن ينظر كم قيمة املثيل؟ مث ينظر‬
‫مدا‪ ،‬مثال‬
‫مدا من الطعام ميكن شراؤه هبا؟ مث يُعطي كل مسكني ً‬ ‫يف القيمة كم ً‬
‫طعاما‪ ،‬فعليه أن‬
‫صيدا‪ ،‬واملثيل له شاة‪ ،‬فأراد أن خيرج بدل الشاة ً‬
‫ذلك‪ :‬إذا قتل ً‬
‫ينظر كم قيمة الشاة‪ ،‬فإذا وجد أن قيمتها مثالً مخسة دراهم‪ ،‬نظر يف اخلمسة‬
‫مدا من الطعام ميكن شراؤه هبا؟ فإذا وجد أنه ميكن شراء عشرين‬ ‫دراهم كم ً‬
‫مدا من الطعام‪ ،‬ويطعم املساكني‪ ،‬يعطي كل‬ ‫مدا‪ ،‬فعليه أن خيرج عشرين ً‬ ‫ً‬
‫مدا‪ .‬والشيء الثالث‪ :‬أن يصوم‪ ،‬وعدد أيام الصيام بعدد األمداد من‬ ‫مسكني ً‬
‫مدا من الطعام‪،‬‬ ‫الطعام‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬يف املثال السابق عليه أن خيرج عشرين ً‬
‫يوما‪ .‬وإذا قتل احملرم‬
‫فإذا أراد بدل اإلطعام أن يصوم فعليه أن يصوم عشرين ً‬
‫صياما‪ ،‬مثال ذلك‪:‬‬‫إطعاما وإما ً‬
‫صيدا ليس له مثيل فعليه أن يفديه بقيمته‪ ،‬إما ً‬
‫ً‬
‫عصفورا فالعصفور ليس له مثيل‪ ،‬فعليه أن ينظر كم قيمته؟ فإذا وجد‬‫ً‬ ‫إذا قتل‬
‫أن قيمته درهم‪ ،‬وميكن بالدرهم شراء أربعة أمداد من الطعام‪ ،‬فعليه أن يطعم‬
‫مدا‪ ،‬وإذا أراد أن يصوم بدل أن يطعم فعليه‬ ‫أربعة مساكني‪ ،‬يعطي كل مسكني ً‬
‫أن يصوم أربعة أيام‪ .‬وإذا اختلفت القيمة بني األماكن فالعربة بقيمة الصيد‬
‫املثلي يف مكة ألهنا حمل الذبح‪ ،‬وقيمة الصيد غري املثلي موضع قتله‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪220‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اْلطْعام َّإْل بِال ِ‬


‫اء(‪.)1‬‬
‫ث َش َ‬‫وم َح ْي ُ‬ ‫ص َ‬‫ْح َرم‪َ ،‬ويُ ْج ِزئُهُ أَ ْن يَ ُ‬
‫َ‬ ‫ي َوَْل ِْ َ ُ‬
‫َوَْل يُ ْج ِزئُهُ ال َْه ْد ُ‬
‫وَْل يجوز قَ تل صي ِد ال ِ‬
‫ْع َش َج ِرهِ‪َ ،‬وال ُْم ِح ُّل َوال ُْم ْح ِرُم فِي ذَلِ َ‬
‫ك‬ ‫ْح َرم‪َ ،‬وَْل قَط ُ‬
‫َ َ ُ ُ ْ ُ َْ َ‬
‫َس َواءٌ(‪.)2‬‬

‫(والخامس الدم الواجب بالوطء) أي الدم اخلامس من الدماء اخلمسة هو‬


‫الدم الواجب نتيجة اجلماع يف الفرج قبل التحلل األول‪( ،‬وهو على الترتيب)‬
‫أي احلكم املرتتب على فعل هذا احملظور هو الدم احملدد‪ ،‬وال جيوز العدول عنه‬
‫إىل غريه إال عند العجز‪( ،‬بدنة فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجدها فسبع من‬
‫الغنم فإن لم يجد قوم البدنة واشترى بقيمتها طعاما وتصدق به فإن لم‬
‫يوما) أي الدم الواجب من هبيمة األنعام هو البدنة أي‬‫يجد صام عن كل مد ً‬
‫كرها‪ ،‬فإن مل جيد فعليه البدل من هبيمة األنعام وهو البقر فإن مل جيد‬
‫الناقة أو ذَ ُ‬
‫فسبع من الغنم‪ ،‬فإن مل جيد فعليه البدل من غري هبيمة األنعام وهو اإلطعام‪،‬‬ ‫َ‬
‫مدا‬
‫وكيفية معرفة قدر اإلطعام‪ :‬أن ينظر كم قيمة البدنة؟ مث ينظر يف القيمة كم ً‬
‫مدا‪ ،‬فإن مل يقدر فالصيام‪،‬‬‫من الطعام ميكن شراؤه هبا؟ مث يُعطى كل مسكني ً‬
‫وعدد أيام الصيام بعدد األمداد من الطعام‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن مكان اهلدي واإلطعام والصيام‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل يجزئه الهدي وْل اْلطعام إْل بالحرم ويجزئه أن يصوم حيث‬
‫شاء) أي مكان اهلدي واإلطعام ال يصح إال باحلرم‪ ،‬وأما مكان الصيام فغري‬
‫حمدد‪ ،‬وعليه فيذبح ويطعم يف احلرم ويفرق الذبيحة والطعام بني املساكني‬
‫املتواجدين يف احلرم‪ ،‬وال جيزئه أن يعطي أقل من ثالثة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن حكم قتل صيد احلرم وقطع شجره‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪221‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬وْل يجوز قتل صيد الحرم وْل قطع شجره) أي ال جيوز التعرض‬
‫للصيد الذي يف حرم مكة‪ ،‬وال جيوز التعرض للشجر الذي فيه‪ .‬وحترمي الشجر‬
‫خيتص بالذي مل يزرعه اآلدمي‪ ،‬وأما الذي يزرعه اآلدمي فيجوز قطعه‪ ،‬وخيتص‬
‫أيضا بساق الشجر وأغصانه‪ ،‬وأما أوراقه ومثاره فيجوز قطعها‪ ،‬وخيتص‬‫التحرمي ً‬
‫أيضا بالرطب غري املؤذي‪ ،‬وأما اليابس واملؤذي كالشوك فيجوز قطعه‪.‬‬
‫التحرمي ً‬
‫(والمحل والمحرم في ذلك سواء) أي ال جيوز التعرض سواء للمحرم أو لغري‬
‫احملرم‪.‬‬
‫ويف قتل صيد احلرم فدية كفدية قتل الصيد على احملرم‪ ،‬ويف قطع شجر احلرم‬
‫فدية؛ ففدية الشجرة الكبرية بقرة والصغرية شاة‪ .‬وال جيوز التعرض لصيد وشجر‬
‫حرم املدينة ولكن ال فدية فيه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪222‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫كتاب البيوع وغريها من املعامَلت‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب األول من قسم األموال‪.‬‬


‫تعريف البيوع‪:‬‬
‫البيوع‪ :‬مجع بـَْيع‪.‬‬
‫نظرا لتعدد أنواع البيوع‪.‬‬
‫والفقهاء يعربون باجلمع ً‬
‫تعريف البيع‪:‬‬
‫البيع لغة‪ :‬األخذ واإلعطاء‪ ،‬مشتق من الباع أي اليد‪.‬‬
‫التملُّك؛ مسي ب ًيعا ألن كالً من‬
‫وشرعا‪ :‬عقد يتضمن مبادلة مال مبال لقصد َ‬ ‫ً‬
‫باعه أي يده لألخذ واإلعطاء‪.‬‬
‫الطرفني ميد غالبًا َ‬
‫تعريف العقد‪:‬‬
‫العقد لغة‪ :‬الربط‪.‬‬
‫قدا ألن فيه‬
‫اصطالحا‪ :‬اتفاق موثق بني طرفني ينشأ عنه أثر شرعي‪ .‬ومسي ع ً‬ ‫ً‬ ‫و‬
‫ربطًا معنويًا بني كالم كل من الطرفني‪.‬‬
‫وعلى هذا فاالتفاق املوثق بني البائع واملشرتي الذي ينشأ عنه التملك هو عقد‬
‫البيع‪.‬‬
‫أقسام املال‪:‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪223‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫املال قسمان‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬األعيان‪ ،‬وهي‪ :‬األشياء اليت هلا ِجرم أي حجم‪.‬‬
‫وهذا القسم نوعان‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬العني ال ُـمتَ َمولة‪ ،‬وهي‪ :‬اليت هلا قيمة؛ كصاع بر‪ ،‬وهذا النوع يصح‬
‫بيعه‪.‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬العني غري ال ُـمتَ َمولة‪ ،‬وهي‪ :‬اليت ليس هلا قيمة لكنها من جنس ما‬
‫له قيمة؛ كحبة بر‪ ،‬وهذا النوع ال يصح بيعه‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬املنافع‪ ،‬وهي‪ :‬اليت تستفاد من األعيان‪.‬‬
‫والعقد الذي يتضمن متلُّك املنافع املؤبدة أي غري املقيدة مبدة يسمى ً‬
‫بيعا‪.‬‬
‫ت منك حق املمر يف أرضك إىل الشارع‬ ‫مثال ذلك‪ :‬أن تقول جلارك‪" :‬اشرتي ُ‬
‫دينارا‪ ،‬فيقول‪ :‬قبلت" فتكون بذلك َمتلِك حق املرور من هذا الطريق‬ ‫بعشرين ً‬
‫يف أرض جارك‪ ،‬وال َمتلِك نفس األرض‪.‬‬
‫وأما العقد الذي يتضمن متلُّك املنافع املؤقتة أي املقيدة مبدة فإنه يسمى إجارة‪.‬‬
‫استأجرت دارك للسكىن مدة سنة‬
‫ُ‬ ‫مثال ذلك‪ :‬أن تقول لصاحب الدار‪" :‬‬
‫بعشرة دنانري" فتكون بذلك َمتلِك السكىن يف الدار مدة معينة‪ ،‬وال َمتلِك نفس‬
‫الدار‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬وغيرها من المعامَلت) أي‪ :‬وغري البيوع من التصرفات املالية‪،‬‬
‫كالشركة واإلجارة واإلقرار والغصب وحنوها‪.‬‬
‫عدد فصول هذا الكتاب‪:‬‬
‫فصال‪.‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخسة وعشرين ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪224‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام البيع‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب البيوع‪.‬‬


‫واملؤلف مل يذكر هذا الفصل‪ ،‬وإمنا ذكرته بناء على احملتوى الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام البيع‪.‬‬
‫أركان البيع وصورته‪:‬‬
‫أركان البيع مخسة‪:‬‬
‫الركنان األول والثاين‪ :‬العاقدان‪ ،‬ومها‪ :‬البائع واملشرتي‪ ،‬والركنان الثالث والرابع‪:‬‬
‫املعقود عليه‪ ،‬وهو‪ :‬املبيع‪ ،‬ويتضمن املثمن والثمن‪ ،‬والركن اخلامس‪ :‬الصيغة‪،‬‬
‫وهي‪ :‬اإلجياب والقبول‪ ،‬فاإلجياب هو‪ :‬اللفظ الصادر من البائع‪ ،‬الدال على‬
‫القبول هو‪ :‬اللفظ الصادر من املشرتي‪ ،‬الدال على استجابته‬ ‫ابتداء العقد‪ ،‬و ُ‬
‫للعقد‪.‬‬
‫صورة البيع‪ :‬أن يقول زيد لعمرو‪" :‬بِعتُك هذا الكتاب بدينار"؛ فيقول عمرو‪:‬‬
‫لت"‪ .‬فالبائع‪ :‬زيد‪ ،‬واملشرتي‪ :‬عمرو‪ ،‬واملثمن‪ :‬الكتاب‪ ،‬والثمن‪ :‬الدينار‪،‬‬ ‫"قَبِ ُ‬
‫واإلجياب‪ :‬قول زيد‪" :‬بعتك إخل"‪ ،‬والقبول‪ :‬قول عمرو‪" :‬قبلت"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن اثنيت عشرة مسألة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪225‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وف فِي‬ ‫الْب يوعُ ثَََلثَةُ أَ ْشياء‪ :‬ب يع َعي ٍن م َشاه َدةٍ فَجائِز‪ ،‬وب يع َشي ٍء موص ٍ‬
‫َ ٌ ََْ ُ ْ َ ْ ُ‬ ‫َ َ َْ ُ ْ ُ َ‬ ‫ُُ‬
‫اه ْد‬
‫شَ‬ ‫ف بِ ِه‪َ ،‬وبَ ْي ُع َع ْي ٍن غَائِبَ ٍة لَ ْم تُ َ‬ ‫الص َفةُ َعلَى ما و ِ‬
‫ص َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ت ِّ‬‫الذ َّم ِة فَ َجائٌِز إذَا ُو ِج َد ْ‬
‫ِّ‬
‫وز(‪.)1‬‬ ‫فَ ََل يَ ُج ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد أنواع البيوع‪.‬‬


‫قوله‪( :‬البيوع ثَلثة أشياء) أي عدد أنواع البيع ثالثة‪.‬‬
‫(بيع عين) أي النوع األول‪ :‬بيع شيء له ِجرم أي حجم (مشاهدة) أي مرئية‬
‫للعاقدين‪ ،‬سواء رئيت عند العقد أو قبله (فجائز) أي فحكم هذا البيع صحيح‬
‫مباح‪.‬‬
‫ت"‪.‬‬‫مثال ذلك‪ :‬أن يقول له‪" :‬بِعتُك هذا الكتاب بدينار"؛ فيقول‪" :‬قَبِل ُ‬
‫(وبيع شيء) أي النوع الثاين‪ :‬بيع شيء له ِجرم (موصوف) أي ُمبني‬
‫بالصفات اليت ُمتيِّزه عن غريه بذكر جنسه وقدره وحنو ذلك (في الذمة) أي‬
‫تسليمه للمشرتي (فجائز) أي فحكم هـذا البيع صحيح‬ ‫دي ِن ِ‬
‫ملتزم على البائع ُ‬‫َ‬
‫مباح (إذا وجدت الصفة على ما وصف به) أي بشرط حتقق صفات املبيع ـ‬
‫املشرتطة يف العقد ـ عند قبضه‪ ،‬وهذا ليس شرطًا يف الصحة كما هو ظاهر‬ ‫َ‬
‫عبارة املؤلف‪ ،‬بل هو شرط يف لزوم قبول املشرتي للمبيع‪ ،‬فمىت حتققت فيه‬
‫الصفات لزم قبوله‪ ،‬وإن مل تتحقق فيه فهو خمري بني قبوله وفسخ البيع‪.‬‬
‫صاعا من متر نوعه كذا وصفته كذا بدينار"؛‬ ‫مثال ذلك‪ :‬أن يقول له‪" :‬بِعتُك ً‬
‫لت"‪ .‬فإذا جاء به البائع بنفس الوصف الذي اتُِفق عليه فيلزم‬ ‫فيقول‪" :‬قَبِ ُ‬
‫املشرتي قبوله‪ ،‬وإذا جاء به بغري الوصف املتفق عليه مل يلزم املشرتي قبوله بل‬
‫إن شاء قبله وإن شاء فسخ البيع‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪226‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫س ٍة‪َ ،‬وَْل َما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َويَص ُّح بَ ْي ُع ُك ِّل طَاه ٍر‪ُ ،‬م ْنتَ َف ٍع به‪َ ،‬م ْملُوك‪َ .‬وَْل يَص ُّح بَ ْي ُع َع ْي ٍن نَج َ‬
‫َْل َم ْن َف َعةَ فِ ِيه(‪.)1‬‬
‫َّة والْمطْعوم ِ‬
‫ات(‪.)2‬‬ ‫الذ َه ِ ِ ِ‬ ‫الربَا فِي َّ‬
‫ب َوالْفض َ َ ُ َ‬ ‫َو ِّ‬

‫(وبيع عين) أي النوع الثالث‪ :‬بيع شيء له ِجرم (غائبة لم تشاهد) أي مل تُـَر‬
‫للمتعاقدين‪ ،‬ال عند العقد وال قبله‪ ،‬ومل توصف‪ ،‬فقوله‪" :‬مل تشاهد" تفسري‬
‫لقوله‪" :‬غائبة" (فَل يجوز) أي فحكم هذا البيع غري صحيح وغري مباح‪.‬‬
‫لت"‪ ،‬وهو‬ ‫مثال ذلك‪ :‬أن يقول له‪" :‬بِعتُك كتايب الفالين بدينار"؛ فيقول‪" :‬قَبِ ُ‬
‫مل يره‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬يشري املؤلف هبذه املسألة إىل أن من شروط صحة البيع اليت تتعلق باملبيع‬
‫معلوما للعاقدين باملشاهدة أو بالصفة‪.‬‬
‫أن يكون ً‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن شروط صحة البيع اليت تتعلق باملبيع‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويصح بيع) أي جيوز بيع الشيء الذي حتققت فيه ثالثة شروط‪( :‬كل‬
‫طاهرا‪( ،‬منتفع به) أي الشرط الثاين‪ :‬أن‬ ‫طاهر) أي الشرط األول‪ :‬أن يكون ً‬
‫يكون فيه نفع ُمباح‪( ،‬مملوك) أي الشرط الثالث‪ :‬أن يكون املبيع مملوًكا‬
‫للعاقد؛ وعليه فال يصح بيع ما ال ميلكه‪.‬‬
‫مث ذَ َكَر املؤلف مفهوم الشرطني األولني فقال‪( :‬وْل يصح بيع عين نجسة) أي‬
‫الذات النجسة ال جيوز بيعها سواء أمكن تطهريها؛ كجلد امليتة‪ ،‬أو مل ميكن‬
‫تطهريها؛ كالكلب‪( ،‬وْل ما ْل منفعة فيه) أي مباحة‪ ،‬فال يصح بيع ما ال نفع‬
‫أصال؛ كالعقرب‪ ،‬أو فيه نفع حمرم؛ كاملزمار‪.‬‬
‫فيه ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن األموال اليت يدخلها الربا‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪227‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫والربا لغة‪ :‬الزيادة‪ ،‬وهو عند الفقهاء نوعان‪ :‬ربا القرض‪ ،‬وربا البيع‪.‬‬
‫للمق ِرض‪ ،‬وحكمه حرام‪.‬‬ ‫نفعا ُ‬
‫فأما ربا القرض فهو‪ :‬كل قرض جر ً‬
‫مثاله‪ :‬أن يقول‪ :‬أقرضين مائة درهم‪ ،‬وأردها لك عشرين ومائة‪.‬‬
‫وأما ربا البيع فهو املراد هبذه املسألة‪.‬‬
‫وربا البيع ثالثة أصناف‪ :‬ربا الفضل‪ ،‬وربا اليد‪ ،‬وربا النسيئة‪.‬‬
‫فربا الفضل هو‪ :‬زيادة قدر أحد املالني على اآلخر‪.‬‬
‫صاعا من متر‪ ،‬بنصف صاع من متر‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬أن يبيعه ً‬
‫وربا اليد هو‪ :‬تأخري قبض أحد املالني عن اآلخر‪.‬‬
‫حاال‪ ،‬بصاع من مت ٍر ح ٍّال‪ ،‬لكن يؤخر‬ ‫صاعا من مت ٍر ًّ‬‫مثال ذلك‪ :‬أن يبيعه ً‬
‫قبض أحدمها عن جملس العقد‪.‬‬
‫وربا النسيئة أي التأجيل‪ ،‬وهو‪ :‬تأجيل أحد املالني‪.‬‬
‫حاال‪ ،‬بصاع من مت ٍر م ٍ‬
‫ؤجل‪.‬‬ ‫صاعا من مت ٍر ًّ‬
‫مثال ذلك‪ :‬أن يبيعه ً‬
‫فائدة‪ :‬الفرق بني ربا اليد وربا النسيئة أن ربا اليد يتعلق بالفعل الذي هو‬
‫القبض‪ ،‬وربا النسيئة يتعلق بالقول الذي هو الصيغة من حلول وتأجيل؛ فمىت‬
‫تأخر القبض فهو ربا اليد‪ ،‬ومىت كانت الصيغة فيها تأجيل فهو ربا النسيئة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والربا) أي ربا البيع حاصل يف جنسني من األموال (في الذهب‬
‫والفضة) أي اجلنس األول‪ :‬النقد أي الذهب والفضة‪( ،‬والمطعومات) أي‬
‫اجلنس الثاين‪ :‬الطعام‪ ،‬أي مأكول اآلدميني‪ ،‬سواء كان قوتًا؛ كالرب‪ ،‬أوفاكهةً؛‬
‫كالزبيب‪ ،‬أودواءً؛ كامللح‪ ،‬وعلى هذا فال يكون الربا يف غري النقد والطعام من‬
‫الثياب وحنوها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪228‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َّة َك َذلِ َ‬
‫ك َّإْل ُمتَ َماثًَِل نَ ْق ًدا(‪.)1‬‬ ‫ب وَْل ال ِْفض ِ‬ ‫ب بِ َّ‬
‫الذ َه ِ َ‬ ‫فَ ََل يَ ِح ُّل بَ ْي ُع َّ‬
‫الذ َه ِ‬
‫اعهُ َحتَّى يَ ْقبِ َ‬
‫ضهُ(‪.)2‬‬ ‫َوَْل بَ ْي ُع َما ابْ تَ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن حكم بيع الذهب مبثله والفضة مبثلها‪.‬‬
‫وهذه املسألة هلا تعلق بالربا يف النقد‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فَل يحل) أي ال يصح وال يباح (بيع الذهب بالذهب وْل الفضة‬
‫كذلك) أي بالفضة (إْل متماثَلً نق ًدا) أي إِال بتحقق شرطني‪ :‬الشرط األول‪:‬‬
‫التساوي يف القدر وزنًا‪ ،‬وبه يسلم من ربا الفضل‪ ،‬والشرط الثاين‪ :‬أن يكون‬
‫نقدا‪ ،‬وهو يتضمن أمرين‪ :‬األمر األول‪ :‬التقابض للمالني يف جملس العقد‪،‬‬ ‫البيع ً‬
‫وبه يسلم من ربا اليد‪ ،‬واألمر الثاين‪ :‬احللول وهو‪ :‬أن يكون البيع غري مؤجل‪،‬‬
‫وبه يسلم من ربا النسيئة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن حكم بيع ما ابتاعه قبل قبضه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل بيع) أي ال يصح بيع (ما ابتاعه) أي ما اشرتاه (حتى يقبضه) أي‬
‫إال بعد قبضه‪ ،‬فإذا قبضه جاز له بيعه‪.‬‬
‫واملبيع بالنسبة لصفة التقابض فيه على قسمني‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬غري املنقول‪ ،‬وهو‪ :‬ما له أصل ثابت‪ ،‬ويشمل األرض والبناء‬
‫والشجر‪ ،‬فقبضه يكون بالتخلية بينه وبني مشرتيه‪ ،‬بأن ُمي ِّكنه منه ويُسلِّمه‬
‫فرغه من أمتعة البائع‪.‬‬‫املفتاح ويُ ِّ‬
‫القسم الثاين‪ :‬املنقول‪ ،‬وهو‪ :‬ما ليس له أصل ثابت‪ ،‬وهو نوعان‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬ما يتناول باليد؛ كالدنانري والدراهم واجلواهر‪ ،‬فقبضه يكون بتناول‬
‫املشرتي إياه‪ .‬النوع الثاين‪ :‬ما سوى ذلك؛ كاحليوانات والثياب‪ ،‬فقبضه يكون‬
‫بنقله أي حتريكه من مكانه إىل مكان آخر ليس للبائع فيه تصرف كالشارع‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪229‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ان(‪.)1‬‬ ‫وَْل ب ْيع اللَّ ْح ِم بِالْحي و ِ‬


‫ََ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫الذ َه ِ ِ ِ‬
‫َّة متَ َف ِ‬
‫اض ًَل نَ ْق ًدا(‪.)2‬‬ ‫ب بِالْفض ُ‬ ‫وز بَ ْي ُع َّ‬
‫َويَ ُج ُ‬
‫س ِم ْن َها بِ ِمثْلِ ِه َّإْل ُمتَ َماثًَِل نَ ْق ًدا‪،‬‬ ‫وز ب ْيع ِ‬
‫الج ْن ِ‬ ‫ات َْل يَ ُج ُ َ ُ‬ ‫وم ُ‬ ‫ك ال َْمطْعُ َ‬ ‫َوَك َذلِ َ‬
‫س ِم ْن َها بِغَْي ِرهِ متَ َف ِ‬
‫اض ًَل نَ ْق ًدا(‪.)3‬‬ ‫وز ب ْيع ال ِ‬
‫ْج ْن ِ‬
‫ُ‬ ‫َويَ ُج ُ َ ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن حكم بيع اللحم باحليوان‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وْل بيع اللحم) أي ال يصح بيع اللحم (بالحيوان) أي سواء كان من‬
‫جنسه؛ كأن يبيع حلم شاة بشاة‪ ،‬أو من غري جنسه؛ كأن يبيع حلم شاة ببقرة‬
‫أو حبمار‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة السابعة‪ ،‬وهي عن بيع الذهب بالفضة‪.‬‬
‫وهذه املسألة هلا تعلق بالربا يف النقد‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويجوز) أي يصح ويباح (بيع الذهب بالفضة متفاضَلً) أي غري‬
‫متساويني يف القدر وزنًا‪ ،‬فال يشرتط التماثل بينهما‪ ،‬وعليه فال جيري فيه ربا‬
‫نقدا‪ ،‬وهو يتضمن أمرين‪ :‬األمر‬ ‫الفضل (نق ًدا) أي لكن يشرتط أن يكون البيع ً‬
‫األول‪ :‬التقابض للمالني يف جملس العقد‪ ،‬وبه يسلم من ربا اليد‪ ،‬واألمر الثاين‪:‬‬
‫احللول وهو‪ :‬أن يكون البيع غري مؤجل‪ ،‬وبه يسلم من ربا النسيئة‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثامنة‪ ،‬وهي عن بيع املطعومات بعضها ببعض‪.‬‬
‫وهذه املسألة هلا تعلق بالربا يف الطعام‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وكذلك المطعومات ْل يجوز بيع الجنس منها بمثله) أي ال يصح وال‬
‫برب (إْل‬
‫يباح بيع الطعام بالطعام إذا كانا متحدين يف اجلنس؛ كأن يبيع ًّبرا ٍّ‬
‫متماثَلً نق ًدا) أي إال بتحقق شرطني‪ :‬الشرط األول‪ :‬التساوي يف القدر ً‬
‫كيال‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪230‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وز بَ ْي ُع الْغَ َرِر(‪.)1‬‬


‫َوَْل يَ ُج ُ‬
‫ار إلَى ثَََلثَِة أَيَّ ٍام‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َوال ُْمتَبَايِ َعان بالْخيَا ِر َما لَ ْم يَتَ َف َّرقَا‪َ ،‬ولَ ُه َما أَ ْن يَ ْشتَ ِرطَا الْخيَ َ‬
‫ْم ْشتَ ِري َردُّهُ َعلَى الْ َف ْوِر(‪.)2‬‬ ‫وإِذَا و ِج َد بِالْمبِي ِع َعي ِ‬
‫ب فَلل ُ‬ ‫ٌْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬

‫يف املكيل ووزنًا يف املوزون‪ ،‬وبه يسلم من ربا الفضل‪ ،‬والشرط الثاين‪ :‬أن يكون‬
‫نقدا‪ ،‬وهو يتضمن أمرين‪ :‬األمر األول‪ :‬التقابض للمالني يف جملس العقد‪،‬‬ ‫البيع ً‬
‫وبه يسلم من ربا اليد‪ ،‬واألمر الثاين‪ :‬احللول‪ ،‬وهو‪ :‬أن يكون البيع غري مؤجل‪،‬‬
‫وبه يسلم من ربا النسيئة‪.‬‬
‫(ويجوز) أي يصح ويباح (بيع الجنس منها) أي من املطعومات (بغيره) أي‬
‫كأن يبيع ًّبرا بشعري (متفاضَلً) أي غري متساويني يف القدر‪ ،‬فال يشرتط‬
‫التماثل بينهما‪ ،‬وعليه فال جيري فيه ربا الفضل (نق ًدا) أي لكن يشرتط أن‬
‫نقدا‪ ،‬وهو يتضمن أمرين‪ :‬األمر األول‪ :‬التقابض للمالني يف جملس‬ ‫يكون البيع ً‬
‫العقد‪ ،‬وبه يسلم من ربا اليد‪ ،‬واألمر الثاين‪ :‬احللول‪ ،‬وهو‪ :‬أن يكون البيع غري‬
‫مؤجل‪ ،‬وبه يسلم من ربا النسيئة‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة التاسعة‪ ،‬وهي عن بيع الغرر‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل يجوز) أي ال يصح وال يباح (بيع الغرر) أي البيع املشتمل على الغرر‪.‬‬
‫والغرر لغة‪ :‬اخلطر‪ ،‬وبيع الغرر هو‪ :‬ما كان فيه املبيع غري معلوم‪ ،‬مسي بذلك ألن‬
‫اهد‪ ،‬ويدخل فيه‬‫خطرا جلهالة املبيع‪ ،‬فيدخل فيه بيع العني الغائبة اليت مل تُش َ‬
‫فيه ً‬
‫أيضا بيع املبهم‪ ،‬أي غري املعني‪ ،‬مثاله‪ :‬أن يقول له‪" :‬بعتك ثوبًا من ثيايب"‪.‬‬‫ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة العاشرة‪ ،‬وهي عن خيار البيع‪.‬‬
‫واخليار لغة‪ :‬االختيار‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪231‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وهو عند الفقهاء‪ :‬اختيار إمضاء البيع أو فسخه من قِبَل البائع واملشرتي‪.‬‬
‫وخيار البيع ثالثة أنواع‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬خيار اجمللس‪:‬‬
‫واملراد باجمللس‪ :‬املكان الذي وقع فيه البيع‪ ،‬سواء كان موضع جلوس أو ال‪،‬‬
‫وسواء كان املتبايعان جالسني أو ال‪.‬‬
‫وخيار اجمللس من باب إضافة الشيء إىل سببه‪ ،‬أي اخليار الذي سببه املكان‬
‫الذي وقع فيه البيع‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والمتبايعان) أي البائع واملشرتي (بالخيار) أي بني إمضاء البيع وفسخه‬
‫(ما لم يتفرقا) أي مد َة اجتماعهما يف املكان الذي وقع فيه البيع‪ ،‬فإن تفرقا‬
‫الزما‪.‬‬
‫بأبداهنما صار البيع ً‬
‫مثال ذلك‪ :‬تبايعا كتابًا بدرهم‪ ،‬فقبض املشرتي الكتاب‪ ،‬وقبض البائع الدرهم‪،‬‬
‫فإذا مل يتفرقا فلكل منهما اخليار‪ ،‬فللبائع أن يقول‪ :‬فسخت البيع‪ ،‬رد كتايب‪،‬‬
‫وخذ درمهك‪ ،‬وللمشرتي أن يقول‪ :‬فسخت البيع‪ ،‬رد درمهي‪ ،‬وخذ كتابك‪.‬‬
‫الزما؛ ألن مدة اخليار انتهت‪ ،‬فليس ألحدمها‬ ‫وأما إذا تفرقا فإن البيع يكون ً‬
‫فسخ البيع دون رضا اآلخر‪.‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬خيار الشرط‪:‬‬
‫وخيار الشرط من باب إضافة الشيء إىل سببه‪ ،‬أي اخليار الذي سببه الشرط‬
‫يف البيع أي االشرتاط فيه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ولهما) أي وجيوز للبائع واملشرتي (أن يشترطا الخيار) أي بني إمضاء‬
‫البيع وفسخه (إلى ثَلثة أيام) أي إىل مدة معلومة أكثرها ثالثة أيام‪ ،‬وحتسب‬
‫املدة من حني شرط اخليار‪ ،‬فلو زاد اخليار على ثالثة أيام بطل البيع‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪232‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ص ََل ِح َها(‪.)1‬‬ ‫ِ‬


‫وز بَ ْي ُع الث ََّم َرة ُمطْلَ ًقا َّإْل بَ ْع َد بُ ُد ِّو َ‬
‫َوَْل يَ ُج ُ‬

‫مثال ذلك‪ :‬اشرتى كتابًا‪ ،‬واشرتط على البائع أن يأخذه ملدة يوم‪ ،‬فإن أعجبه‬
‫وإال رده‪ ،‬فله أن يرد الكتاب قبل مضي املدة‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬ال جيوز خيار الشرط يف بيع الربوي ويف السلَم‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬خيار العيب‪:‬‬
‫وخيار العيب من باب إضافة الشيء إىل سببه‪ ،‬أي اخليار الذي سببه العيب يف‬
‫املبيع‪ .‬والعيب هنا هو‪ :‬ما ينقص عني املبيع أو قيمته‪ ،‬والغالب يف جنس ذلك‬
‫املبيع عدم ذلك العيب‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وإذ وجد بالمبيع) أي املثمن (عيب) أي قدمي‪ ،‬وهو‪ :‬ما كان موجوًدا‬
‫قبل قبض املبيع‪ ،‬سواء حدث قبل العقد أو بعده وقبل القبض (فللمشتري)‬
‫أي جيوز له (رده) أي إرجاعه إىل البائع (على الفور) أي يف احلال عند علمه‬
‫بالعيب‪ ،‬فلو تأخر بغري عذر بطل اخليار‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬اشرتى كتابًا‪ ،‬وبعد التفرق وجد فيه سقطًا‪ ،‬فله أن يرد الكتاب‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة احلادية عشر‪ ،‬وهي عن حكم بيع الثمرة‪.‬‬
‫والثمرة هي‪ :‬ما حتمله الشجرة؛ كالتمر وغريه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل يجوز) أي ال يصح وال يباح (بيع الثمرة) أي لوحدها وهي على‬
‫الشجرة (مطل ًقا) أي من غري اشرتاط قطعها (إْل بعد بدو صَلحها) أي إال‬
‫بعد ظهور نضجها‪ ،‬وهو صالحيتها لألكل‪ ،‬وعلى هذا فال يصح بيع الثمرة‬
‫قبل بدو صالحها إال بشرط القطع‪ ،‬فال يصح بيعها من غري شرط أو بشرط‬
‫إبقائها‪ ،‬أما بيعها بعد بدو الصالح فيصح مطل ًقا‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬يصح بيع الثمرة مع الشجرة مطل ًقا ولو من غري شرط القطع‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪233‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الربَا بِ ِج ْن ِس ِه َرطْبًا إَِّْل اللَّبَ َن(‪.)1‬‬


‫َوَْل بَ ْي ُع َما فِ ِيه ِّ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية عشر‪ ،‬وهي تتعلق بالربا يف املطعومات‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وْل بيع) أي ال يصح وال يباح بيع (ما فيه الربا) أي ما يدخله الربا من‬
‫اعا من‬‫املطعومات (بجنسه رطبًا) أي سواء كان كالمها رطبًا؛ كأن يبيع ص ً‬
‫صاعا من عنب بصاع‬ ‫عنب بصاع من عنب‪ ،‬أو أحدمها رطبًا فقط؛ كأن يبيع ً‬
‫من زبيب‪ ،‬والرطب ـ ـ بفتح الراء وسكون الطاء ـ ـ ضد اجلاف‪ ،‬ويشري املؤلف إىل‬
‫أن العربة بالتماثل يف املطعومات حالة الكمال‪ ،‬وهي‪ :‬اجلفاف‪ ،‬أما يف حالة‬
‫الرطوبة فإنه ال ميكن معرفة التماثل؛ لذلك ال جيوز البيع‪ ،‬ويدخل حينئذ يف ربا‬
‫الفضل‪( .‬إْل اللبن) أي يستثىن من ذلك اللنب‪ ،‬فيجوز بيعه جبنسه وإن كان‬
‫رطبًا‪ ،‬وال يكون ربًا‪ ،‬واللنب يشمل احلليب وغريه كالرائب واملخيض‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪234‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام السلم‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام السلم‪.‬‬
‫تعريف السلم‪:‬‬
‫السلَم ـ ـ بفتح الالم ـ ـ لغة‪ :‬التسليم‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬بيع شيء موصوف يف الذمة بلفظ السلم أو السلف؛ مسي بذلك‬ ‫ً‬
‫لتسليم رأس املال يف جملس العقد‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬السلم نوع من البيع لكنه بلفظ خمصوص‪.‬‬
‫أركان السلم وصورته‪:‬‬
‫أركان السلم مخسة‪ :‬الركنان األول والثاين‪ :‬العاقدان‪ ،‬ومها‪ :‬املسلِم واملسلَم إليه‪،‬‬
‫والركنان الثالث والرابع‪ :‬املعقود عليه‪ ،‬وهو‪ :‬املسلَم فيه ورأس املال‪ ،‬والركن‬
‫اخلامس‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي‪ :‬اإلجياب والقبول‪ ،‬فاإلجياب هو‪ :‬اللفظ الصادر من‬
‫القبول هو‪ :‬اللفظ الصادر من املسلَم إليه‪،‬‬‫املسلِم‪ ،‬الدال على ابتداء العقد‪ ،‬و ُ‬
‫الدال على استجابته للعقد‪.‬‬
‫صورة السلم‪ :‬أن يقول زيد لعمرو‪" :‬أسلمت إليك هذه املائة دينار يف ألف‬
‫صاع من متر املدينة العجوة األسود كبري احلجم من مثرة هذا العام‪ ،‬تسلمه ل يف‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪235‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫أول شهر رجب"؛ فيقول عمرو‪" :‬قبلت"‪ .‬فاملسلِم‪ :‬زيد‪ ،‬واملسلَم إليه‪ :‬عمرو‪،‬‬
‫واملسلَم فيه‪ :‬التمر‪ ،‬ورأس املال‪ :‬املائة دينار‪ ،‬واإلجياب‪ :‬قول زيد‪" :‬أسلمت‬
‫إليك إخل"‪ ،‬والقبول‪ :‬قول عمرو‪" :‬قبلت"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪236‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫س َش َرائِ َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫وي ِ‬


‫ط‪ :‬أَ ْن يَ ُكو َن‬ ‫يما تَ َك َام َل فيه َخ ْم ُ‬ ‫السلَ ُم َح ًّاْل َوُم َؤ َّج ًَل ف َ‬ ‫ص ُّح َّ‬ ‫ََ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ضبوطًا بِ ِّ ِ‬
‫َّار‬
‫سا لَ ْم يَ ْختَل ْط به غَْي ُرهُ‪َ ،‬ولَ ْم تَ ْد ُخلْهُ الن ُ‬ ‫الص َفة‪َ ،‬وأَ ْن يَ ُكو َن ج ْن ً‬ ‫َم ْ ُ‬
‫ِِْل َحالَتِ ِه‪َ ،‬وأَ ْن َْل يَ ُكو َن ُم َعيَّ نًا‪َ ،‬وَْل ِم ْن ُم َعيَّ ٍن(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد شروط املسلَم فيه‪.‬‬


‫حاْل) أي غري مؤجل بأن صرح حبلول املسلم فيه‪ ،‬مثاله‪:‬‬ ‫قوله‪( :‬ويصح السلم ًّ‬
‫أن يقول له‪" :‬أسلمت إليك هذه املائة دينار يف ألف صاع من متر املدينة‬
‫العجوة األسود كبري احلجم من مثرة هذا العام‪ ،‬تسلمه ل حاًّال"‪.‬‬
‫مؤجال بأن صرح بتأجيل املسلم فيه‪ ،‬مثاله أن‬ ‫ومؤجَل) أي ويصح السلم ً‬ ‫( ً‬
‫يقول له‪" :‬أسلمت إليك هذه املائة دينار يف ألف صاع من متر املدينة العجوة‬
‫األسود كبري احلجم من مثرة هذا العام‪ ،‬تسلمه ل يف أول شهر رجب"‪ ،‬أما إذا‬
‫أُطلِق السلم أي مل يُصرح فيه حبلول وال بتأجيل فيصح‪ ،‬ويكون ًّ‬
‫حاال‪ ،‬مثاله‪:‬‬ ‫ُ‬
‫أن يقول له‪" :‬أسلمت إليك هذه املائة دينار يف ألف صاع من متر املدينة‬
‫العجوة األسود كبري احلجم من مثرة هذا العام"‪ ،‬فيجب تسليمه ًّ‬
‫حاال‪.‬‬
‫(فيما تكامل فيه خمس شرائط) أي يف شيء توفرت فيه مخسة شروط زيادةً‬
‫على شروط املبيع املارة يف البيع‪.‬‬
‫(أن يكون مضبوطًا بالصفة) هذا الشرط األول‪.‬‬
‫عرف ويَتميز هبا عن‬ ‫أي أن يكون املسلم فيه مما ميكن ضبطه بالصفة حبيث يُ َ‬
‫غريه‪ ،‬وعليه فال يصح السلم فيما ال يضبط بالصفة؛ كاجللود الختالف أجزائها‬
‫بالرقة والغلظة‪.‬‬
‫جنسا لم يختلط به غيره) هذا الشرط الثاين‪.‬‬ ‫(وأن يكون ً‬
‫احدا مل خيتلط بغريه من األنواع األخرى‪ ،‬وعليه‬ ‫نوعا و ً‬
‫أي أن يكون املسلم فيه ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪237‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ص َفهُ بَ ْع َد ِذ ْك ِر ِج ْن ِس ِه َونَ ْو ِع ِه‬ ‫ط‪ :‬أَ ْن ي ِ‬


‫َ‬ ‫ْسلَّ ِم فِ ِيه ثَ َمانِيَةُ َش َرائِ َ‬ ‫ثُ َّم لِ ِ‬
‫ص َّح ِة ال َّ‬
‫ْج َهالَةَ َع ْنهُ‪َ ،‬وإ ْن‬ ‫ِ‬
‫ف بِ َها الث ََّم ُن‪َ ،‬وأَ ْن يَ ْذ ُك َر قَ ْد َرهُ بِ َما يَ ْنفي ال َ‬ ‫ات الَّتِي يَ ْختَلِ ُ‬‫الص َف ِ‬‫بِ ِّ‬
‫ب‪،‬‬ ‫اق فِي الْغَالِ ِ‬ ‫ودا ِع ْن َد ِاْل ْستِ ْح َق ِ‬
‫ْت َم ِحلِّ ِه‪َ ،‬وأَ ْن يَ ُكو َن َم ْو ُج ً‬ ‫َكا َن ُم َؤ َّج ًَل ذَ َك َر َوق َ‬
‫ضا قَ ْب َل التَّ َف ُّر ِق‪،‬‬‫ض ِه‪َ ،‬وأَ ْن يَ ُك ْو َن الث ََّم ُن َم ْعلُ ْوماً‪َ ،‬وأَ ْن يَتَ َقابَ َ‬
‫ضع قَ ْب ِ‬ ‫ِ‬
‫َوأَ ْن يَ ْذ ُك َر َم ْو َ‬
‫الش ْر ِط(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫وأَ ْن ي ُكو َن َع ْق ُد َّ ِ‬
‫ار َّ‬ ‫السلَ ِم نَاج ًزا َْل يَ ْد ُخلُهُ خيَ ُ‬ ‫َ َ‬
‫فال يصح السلم فيما اختلط بغريه؛ كاهلريسة ألهنا مكونة من ثالثة أجناس من‬
‫قمح وحلم وماء‪.‬‬
‫(ولم تدخله النار ْلحالته) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫أي أن ال تدخل النار على املسلم فيه لغرض حتويله من حالة إىل أخرى‪ ،‬وعليه‬
‫فال يصح السلم فيما دخلت عليه النار إلحالته؛ كاخلبز‪ .‬وأما إذا دخلت النار‬
‫على املسلم فيه للتمييز بينه وبني غريه؛ كالعسل الذي دخلت عليه النار لتمييزه‬
‫من مشعه‪ ،‬فيصح فيه السلم‪.‬‬
‫(وأن ْل يكون معينًّا) هذا الشرط الرابع‪.‬‬
‫أي أن ال يكون املسلم فيه متميِّـًزا بذاته بل يكون موصوفًا يف الذمة‪ ،‬وعليه فلو‬
‫قال‪ :‬أسلمت إليك هذه املائة دينار يف هذا التمر‪ ،‬مل يصح السلم لتعيني‬
‫املسلم فيه وهو التمر‪.‬‬
‫(وْل من معين) هذا الشرط اخلامس‪.‬‬
‫أي أن ال يكون املسلم فيه من موضع متميِّ ِز بذاته ُخياف انقطاعه منه‪ ،‬وعليه‬
‫فلو قال‪ :‬أسلمت إليك هذه املائة دينار يف صاع متر من هذا البستان‪ ،‬مل يصح‬
‫السلم ألنه ال يؤمن انقطاع التمر من البستان‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد شروط صحة السلم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪238‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬ثم لصحة السلم فيه ثمانية شرائط) أي عدد شروط صحة السلم‬
‫مثانية‪.‬‬
‫(أن يصفه بعد ذكر جنسه ونوعه بالصفات التي يختلف بها الثمن) هذا‬
‫الشرط األول‪.‬‬
‫أي أن يذكر يف العقد جنس املسلم فيه ونوعه والصفات اليت خيتلف بسببها‬
‫مثنه‪ ،‬فاجلنس كالتمر‪ ،‬والنوع كالعجوة منه‪ ،‬والصفات كلونه وجرمه أي حجمه‬
‫وبلده وقدمه وحداثته‪.‬‬
‫(وأن يذكر قدره بما ينفي الجهالة عنه) هذا الشرط الثاين‪.‬‬
‫أي أن يذكر يف العقد قدر املسلم فيه من كيل فيما يكال أو وزن فيما يوزن أو‬
‫عد فيما يـُ َع ُّد‪ ،‬حبيث يكون قدره ً‬
‫معلوما‪.‬‬
‫مؤجَل ذكر وقت محله) هذا الشرط الثالث‪.‬‬‫(وإن كان ً‬
‫أي أن يذكر يف العقد وقت حلول تسليم املسلم فيه إذا كان السلم مؤجالً‪،‬‬
‫ويفهم منه أن السلم إذا كان حاال ال يشرتط ذكر وقت احملل‪.‬‬
‫موجودا عند اْلستحقاق في الغالب) هذا الشرط الرابع‪.‬‬
‫ً‬ ‫(وأن يكون‬
‫أي أن يكون املسلم فيه مما يوجد غالبًا يف الوقت املتفق على تسليمه فيه‪ ،‬فلو‬
‫أسلم يف ما ال يوجد عند االستحقاق؛ كرطب يف الشتاء مل يصح السلم‪.‬‬
‫(وأن يذكر موضع قبضه) هذا الشرط اخلامس‪.‬‬
‫أي أن يذكر يف العقد مكان تسليم املسلم فيه كأن يقول له‪" :‬تُسلِّمه ل يف بلد‬
‫كذا"‪ ،‬وحمل اشرتاطه إذا كان موضع العقد ال يصلح للتسليم سواء كان السلم‬
‫أومؤجال؛ كأن عقدا يف وسط البحر‪ ،‬أو كان موضع العقد يصلح للتسليم‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫حاال‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪239‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫لكن حلمل املسلم فيه كلفة وكان السلم مؤجالً‪ ،‬وعلى هذا فإذا كان موضع‬
‫حاال أو‬
‫العقد يصلح للتسليم وليس حلمل املسلم فيه كلفة سواء كان السلم ً‬
‫حاال مل يشرتط ذكر موضع القبض‪ ،‬ويكون‬ ‫مؤجال‪ ،‬أو فيه كلفة وكان السلم ً‬ ‫ً‬
‫موضع العقد هو موضع القبض‪.‬‬
‫معلوما) هذا الشرط السادس‪.‬‬
‫(وأن يكون الثمن ً‬
‫معلوما إما بالرؤية أو باجلنس والقدر والصفة‪ ،‬وعليه‬
‫أي أن يكون رأس املال ً‬
‫جمهوال مل يصح السلم‪.‬‬
‫فلو كان رأس املال ً‬
‫(وأن يتقابضا قبل التفرق) هذا الشرط السابع‪.‬‬
‫أي أن يقبض املسلم إليه رأس املال من املسلم قبل أن يتفرقا من جملس العقد‪،‬‬
‫فلو مل يتقابضا وتفرقا مل يصح السلم‪.‬‬
‫(وأن يكون عقد السلم ناجزا ْل يدخله خيار الشرط) هذا الشرط الثامن‪.‬‬
‫شرط اخليار يف عقد السلم منهما أو من أحدمها‪ ،‬فقوله‪" :‬ال يدخله‬ ‫أي أن ال يُ َ‬
‫"ناجزا"‪ ،‬وأما خيار اجمللس فإنه يدخل على عقد‬
‫ً‬ ‫خيار الشرط" تفسري لقوله‪:‬‬
‫السلم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪240‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الرهن‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الرهن‪.‬‬
‫تعريف الرهن‪:‬‬
‫وشرعا‪ :‬عقد يقتضي توثقة دين بعني مالية‪.‬‬
‫الرهن لغة‪ :‬الثبوت‪ً .‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬زيد استدان من عمرو‪ ،‬مث أرد أن يستدين منه مرة أخرى‪ ،‬فقال له‬
‫عمرو‪ :‬أريد رهنًا على الدين األول‪ ،‬كأنه قال له‪ :‬لكي أثق برجوع ديين إل‬
‫أعطين شيئًا مما متلك‪ ،‬يبقى عندي‪ ،‬إىل أن تفي مبا عليك من دين‪.‬‬
‫وفائدة الرهن‪ :‬أنه ميكن أخذ الدين أو أخذ بعضه من مثن العني املالية إن تعذر‬
‫الوفاء‪.‬‬
‫أركان الرهن وصورته‪:‬‬
‫أركان الرهن مخسة‪:‬‬
‫الركنان األول والثاين‪ :‬العاقدان‪ ،‬ومها‪ :‬الراهن واملرهتن‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬املرهون‪،‬‬
‫وهو‪ :‬العني املالية‪ ،‬والركن الرابع‪ :‬املرهون به‪ ،‬وهو‪ :‬الدين‪ ،‬والركن اخلامس‪:‬‬
‫الصيغة‪ ،‬وهي‪ :‬اإلجياب والقبول‪ ،‬فاإلجياب هو‪ :‬اللفظ الصادر من الراهن‪،‬‬
‫القبول هو‪ :‬اللفظ الصادر من املرهتن‪ ،‬الدال على‬ ‫الدال على ابتداء العقد‪ ،‬و ُ‬
‫استجابته للعقد‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪241‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الزما‪ ،‬فيقول عمرو‬


‫صورة الرهن‪ :‬أن يكون لزيد على عمرو ألف دينار دينًا ً‬
‫لزيد‪" :‬رهنتك داري باأللف الدينار الذي لك علي" فيقول زيد‪" :‬قبلت"‪.‬‬
‫فالراهن‪ :‬عمرو‪ ،‬واملرهتن‪ :‬زيد‪ ،‬واملرهون‪ :‬الدار‪ ،‬واملرهون به‪ :‬األلف دينار‪،‬‬
‫واإلجياب‪ :‬قول عمرو‪" :‬رهنتك إخل"‪ ،‬والقبول‪ :‬قول زيد‪" :‬قبلت"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪242‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الذ َّم ِة(‪.)1‬‬


‫استَ َق َّر ثُبُوتُ َها فِي ِّ‬ ‫الدي ِ‬
‫ون إ َذا ْ‬
‫ِ‬
‫از َرْهنُهُ في ُّ ُ‬ ‫از بَ ْي عُهُ َج َ‬ ‫َوُك ُّل َما َج َ‬
‫الر ُجوعُ فِ ِيه َما لَ ْم يُ ْقبِ ْ‬
‫ضهُ(‪.)2‬‬ ‫َولِ َّ‬
‫لر ِاه ِن ُّ‬
‫ض َمنُهُ ال ُْم ْرتَ ِه ُن َّإْل بِالت َ‬
‫َّع ِّدي(‪.)3‬‬ ‫َوَْل يَ ْ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن شروط صحة الرهن اليت تتعلق باملرهون واملرهون به‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وكل ما جاز بيعه) أي كل شيء صح بيعه (جاز رهنه) أي صح أن‬
‫يكون مرهونًا‪ ،‬وعليه فشرط املرهون أن يكون عينًا قابلة للبيع‪ ،‬وعلى هذا فما‬
‫ال يصح بيعه ال يصح رهنه؛ كاخلمر‪( .‬في) أي على (الديون) أي شرط‬
‫املرهون به أن يكون دينًا (إذا استقر ثبوتها في الذمة) أي بشرط أن يكون‬
‫الزما يف ذمة الراهن‪ ،‬وعليه فال يصح الرهن على الدين الذي‬ ‫الدين ثابتًا ً‬
‫سيثبت يف ذمة الراهن؛ كالدين الذي سيقرتضه‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن الرجوع يف الرهن‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وللراهن) أي جيوز له (الرجوع فيه) أي اسرتجاع املرهون بأن يأخذه‬
‫بعد فسخ الرهن (ما لم يقبضه) أي ما مل يُسلِّمه للمرهتن‪ ،‬فإذا سلمه له وقبضه‬
‫املرهتن لزم الرهن‪ ،‬ومل جيز للراهن الرجوع فيه‪ ،‬وعليه فال يصح للراهن التصرف‬
‫فيه مبا يزيل امللك عنه كبيعه أو وقفه‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن ضمان املرهتن‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل يضمنه المرتهن) أي ال يتحمل املرهتن رد بدل املرهون عند تلفه‬
‫(إْل بالتعدي) أي بالتفريط فيضمن حينئذ‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬رهن عنده إناء فاستعمله من غري إذنه وتلف‪ ،‬فعليه قيمة اإلناء‪،‬‬
‫وس ِرق‪ ،‬فال ضمان‬ ‫ِ‬
‫وأما إذا مل يفرط؛ كأن وضع اإلناء يف حرز‪ ،‬ومل يستعمله‪ُ ،‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪243‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الرْه ِن حتَّى ي ْق ِ‬
‫ض َي َج ِم َيعهُ(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫َوإِ َذا قَ َ‬
‫ْح ِّق لَ ْم يَ ْخ ُر ْج َش ْيءٌ م ْن َّ َ َ‬
‫ض ال َ‬
‫ضى بَ ْع َ‬

‫عليه‪ ،‬أي ال يتحمل قيمته‪.‬‬


‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن الراهن إذا قضى بعض الدين‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وإذا قضى) أي أدى الراهن (بعض الحق) أي جزءًا من دين املرهتن‬
‫(لم يخرج شيء من الرهن) أي مل ينفك بعض املرهون (حتى يقضي جميعه)‬
‫أي إىل أن يؤدي مجيع دين املرهتن‪ ،‬وعليه فليس للراهن أن يطالب بإرجاع‬
‫املرهون أو جزء منه بأداء بعض الدين‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬رهن عنده إناءين‪ ،‬مث أدى نصف الدين‪ ،‬فليس له مطالبة املرهتن‬
‫بإرجاع أحد اإلناءين‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪244‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل أحكام احلجر‬


‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام احلجر‪.‬‬
‫تعريف احلجر‪:‬‬
‫احلجر ـ ـ بفتح احلاء وسكون اجليم ـ ـ لغة‪ :‬املنع‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬منع اإلنسان من التصرف يف املال‪.‬‬ ‫ً‬
‫أنواع احلجر‪:‬‬
‫احلجر نوعان‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬احلجر على اإلنسان ملصلحة نفسه‪ ،‬كاحلجر على الصيب واجملنون‪.‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬احلجر على اإلنسان ملصلحة غريه‪ ،‬كاحلجر على املفلس حلق‬
‫غرمائه‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪245‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫س‬‫ال ُْمبَ ِّذ ِر لِ َمالِ ِه‪َ ،‬وال ُْم ْفلِ ِ‬ ‫الس ِف ِيه‬ ‫الصبِ ِّي‪ ،‬والْم ْجنُ ِ‬
‫ون‪َ ،‬و َّ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ْح ْج ُر َعلَى ستَّة‪َ َ َّ :‬‬ ‫َوال َ‬
‫ث‪َ ،‬وال َْع ْب ِد‬
‫اد َعلَى الثُّلُ ِ‬ ‫َز َ‬ ‫يما‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫الَّ ِذي اِ ْرتَ َكبَْتهُ ُّ‬
‫الديُو ُن‪َ ،‬وال َْم ِر ِ‬
‫يض ال َْم ُخوف َعلَْيه ف َ‬
‫ارةِ(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الَّذي لَ ْم يُ ْؤذَ ْن لَهُ في الت َ‬
‫ِّج َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد احملجور عليهم‪.‬‬


‫واحملجور عليهم‪ :‬هم الذين ُمينَعون من التصرف يف املال‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والحجر على ستة) أي عدد احملجور عليهم ـ ـ حبسب ما ذكر املؤلف ـ ـ‬
‫ستة‪.‬‬
‫(الصبي) أي األول‪ :‬الصغري الذي مل يبلغ سواء كان ً‬
‫ذكرا أو أنثى‪ ،‬وال يتوقف‬
‫احلجر عليه إىل حكم احلاكم‪ ،‬فإذا بلغ انفك عنه احلجر‪.‬‬
‫(والمجنون) أي الثاين‪ :‬زائل العقل سواء كان ً‬
‫ذكرا أو أنثى‪ ،‬وال يتوقف احلجر‬
‫عليه إىل حكم احلاكم‪ ،‬فإذا أفاق انفك عنه احلجر‪.‬‬
‫(والسفيه) أي الثالث‪ :‬السفيه‪ ،‬وفسره بقوله‪( :‬المبذر لماله) أي الذي يصرفه‬
‫فيما ال يعود عليه بنفع‪ ،‬كأن ينفقه يف ُحمرم كشرب اخلمر أو يرمي به يف البحر‪،‬‬
‫مصلحا لدينه وماله مث طرأ عليه السفه فيتوقف احلجر‬
‫ً‬ ‫رشيدا أي‬
‫فإذا بلغ الشخص ً‬
‫عليه إىل حكم احلاكم‪ ،‬وال ينفك عنه احلجر بزوال السفه‪ ،‬بل ال بد من فك احلاكم‬
‫له‪ ،‬وأما إذا بلغ غري رشيد أي غري مصلح لدينه وماله فيستمر عليه احلجر‪ ،‬وال‬
‫رشيدا انفك عنه احلجر بال حكم حاكم‪.‬‬
‫يتوقف إىل حكم احلاكم‪ ،‬فإذا صار ً‬
‫(والمفلس) أي الرابع‪ :‬املفلس‪ ،‬وفسره بقوله‪( :‬الذي ارتكبته الديون) أي‬
‫الذي ال يفي ماله بدينه ِّ‬
‫احلال‪ ،‬بأن كان الدين الذي عليه أكثر من املال الذي‬
‫معه‪ ،‬ويتوقف احلجر عليه إىل حكم احلاكم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪246‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِح ٍ‬ ‫ون و َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف َّ ِ‬


‫ص ُّح‬‫ف ال ُْم ْفل ِ َ‬ ‫ص ُّر ُ‬ ‫يح‪َ ،‬وتَ َ‬ ‫السفيه غَْي ُر َ‬ ‫الصب ِّي َوال َْم ْجنُ َ‬ ‫ص ُّر ُ‬ ‫َوتَ َ‬
‫اد َعلَى الثُّلُ ِ‬ ‫ف الْم ِر ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫وف َعلَى‬
‫ث َم ْوقُ ٌ‬ ‫يما َز َ‬ ‫يض ف َ‬ ‫ص ُّر ُ َ‬ ‫في ذ َّمته ُدو َن أَ ْعيَان َماله‪َ ،‬وتَ َ‬
‫ف الْ َع ْب ِد يَ ُكو ُن فِي ِذ َّمتِ ِه يُ ْتبَ ُع بِ ِه بَ ْع َد ِع ْت ِق ِه(‪.)1‬‬
‫ص ُّر ُ‬ ‫إج َِ ِ ِ ِ ِ‬
‫ازة ال َْوَرثَة م ْن بَ ْعده‪َ ،‬وتَ َ‬ ‫َ‬

‫(والمريض المخوف عليه) أي اخلامس‪ :‬املريض ً‬


‫مرضا ُخيَاف عليه املوت منه‪،‬‬
‫(فيما زاد على الثلث) أي حيجر عليه يف الزائد على ثلث ماله فقط‪ ،‬وعليه فال‬
‫حجر عليه يف ثلث ماله فله أن يتربع به‪ ،‬وال يتوقف احلجر عليه إىل حكم احلاكم‪.‬‬
‫ذكرا أو أنثى (الذي لم يؤذن له في‬ ‫(والعبد) أي السادس‪ :‬اململوك سواء كان ً‬
‫التجارة) أي الذي مل يأذن له سيده يف التجارة مباله‪ ،‬وال يتوقف احلجر عليه‬
‫إىل حكم احلاكم‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن حكم تصرف احملجور عليهم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وتصرف الصبي والمجنون والسفيه غير صحيح) أي حكم تصرف‬
‫هؤالء الثالثة يف ماهلم باطل‪ ،‬فال يصح منهم بيع وال شراء وال غريه من‬
‫التصرفات املالية‪.‬‬
‫(وتصرف المفلس يصح في ذمته دون أعيان ماله) أي حكم تصرف املفلس‬
‫ملتزما يف ذمته‪ ،‬كأن اشرتى شيئا بثمن يف ذمته‪،‬‬‫صحيح إذا كان تصرفه دينًا ً‬
‫فيصح‪ ،‬وأما إذا كان تصرفه يف عني من ماله فإنه ال يصح‪ ،‬كأن باع شيئًا من‬
‫ماله فإنه ال يصح‪.‬‬
‫(وتصرف المريض فيما زاد على الثلث موقوف على إجازة الورثة) أي‬
‫حكم تصرف املريض يف الزائد على ثلث ماله أنه يتوقف يف صحته على إذن‬
‫ورثته بعد موته‪ ،‬فإن أذنوا فيه صح تصرفه فيه وإن مل يأذنوا فيه فال يصح‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪247‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(وتصرف العبد يكون في ذمته يتبع به بعد عتقه) أي حكم تصرف اململوك‬
‫الذي مل يؤذن له يف التجارة غري صحيح‪ ،‬فإذا تصرف يف مال السيد وأخذ به‬
‫ماال لغريه؛ فال خيلو من حالتني‪:‬‬‫ً‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن يكون املال املأخوذ باقيًا فيسرتده صاحبه‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬أن يكون املال املأخوذ تال ًفا فيكون دينًا ملت ًزما يف ذمته‪ ،‬فيطالبه‬
‫حرا‪ ،‬وهذه احلالة هي اليت عناها املؤلف‪.‬‬ ‫صاحبه به بعد أن يصري ًّ‬
‫ويفهم من كالم املؤلف‪ :‬أن تصرف العبد املأذون له يف التجارة صحيح حبسب‬
‫اإلذن‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪248‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الصلح‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل اخلامس من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الصلح‪.‬‬
‫تعريف الصلح‪:‬‬
‫الصلح لغة‪ :‬قطع املنازعة‪.‬‬
‫صل به قطع املنازعة بني املتخاصمني يف املال‪.‬‬ ‫وشرعا‪ :‬عقد َحي ُ‬
‫ً‬
‫صورة الصلح‪:‬‬
‫دارا‪ ،‬فينكر عمرو مث يُِقُّر‪ ،‬فيقول له‬
‫صورة الصلح‪ :‬أن يدعي زيد على عمرو ً‬
‫زيد‪" :‬صاحلتك عن هذه الدار على نصفها"؛ فيقول عمرو‪" :‬قبلت"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪249‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اْلقْرا ِر فِي ْاْل َْمو ِال‪ ،‬وما ي ْف ِ‬ ‫وي ِ‬


‫ضي إلَْي َها(‪.)1‬‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫ْح َم َع ِْ َ‬ ‫الصل ُ‬
‫ص ُّح ُّ‬ ‫ََ‬
‫ض ِه‪َ ،‬وَْل‬‫اْلبْ راء‪ :‬اقْتِصارهُ ِمن ح ِّق ِه َعلَى ب ْع ِ‬ ‫و ُهو نَو َع ِ‬
‫َ‬ ‫َُ ْ َ‬ ‫ضةٌ‪ ،‬فَ ِْ َ ُ‬ ‫ان‪ :‬إبْ َراءٌ َوُم َع َاو َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ضةُ‪ :‬عُ ُدولُهُ َع ْن َح ِّق ِه إلَى غَْي ِرهِ‪َ ،‬ويَ ْج ِري َعلَْي ِه‬‫وز تَ ْعلِي ُقهُ َعلَى َش ْرط‪َ ،‬وال ُْم َع َاو َ‬
‫ٍ‬ ‫يَ ُج ُ‬
‫ُح ْك ُم الْبَ ْي ِع(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن شروط صحة الصلح‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ويصح الصلح مع اْلقرار) أي يشرتط لصحة الصلح اإلقرار بعد‬
‫اخلصومة‪ ،‬وهو‪ :‬أن يكون املدعى عليه معرتفًا بأن عليه ما ادعاه املدعي‪ ،‬لكنه‬
‫ميتنع عن األداء‪ .‬مثال ذلك‪ :‬لو قال عمرو لزيد‪ِ :‬ل عليك مائة درهم‪ ،‬فأنكر زيد‬
‫مث أقَـر‪ ،‬فتصاحلا على أن يدفع زيد لعمرو نصف املبلغ‪ ،‬فهذا صلح صحيح‪.‬‬
‫ومفهوم كالم املؤلف‪ :‬أنه ال يصح الصلح مع اإلنكار‪ ،‬وهو‪ :‬أن يكون املد َعى‬
‫منكرا ما ادعاه املدعي‪ .‬مثال ذلك‪ :‬لو قال عمرو لزيد‪ :‬ل عليك مائة‬ ‫عليه ً‬
‫درهم‪ ،‬فقال زيد‪ :‬ال أعلم أن لك علي شيئًا‪ ،‬فتصاحلا على أن يدفع زيد لعمرو‬
‫نصف املبلغ‪ ،‬فهذا صلح باطل‪.‬‬
‫(في) أي عن (اْلموال) أي سواء كانت أعيانًا أو ديونًا (وما يفضي إليها) أي‬
‫حقا يؤدي إىل‬‫ماال أو ًّ‬
‫وما يؤدي إليها‪ ،‬وعليه فشرط املصاحل عنه أن يكون ً‬
‫مال؛ كالقصاص‪ ،‬مثاله‪ :‬ثبت لزيد على عمرو قصاص يف يد فصاحله عنه على‬
‫مال‪ ،‬فإنه يصح‪.‬‬
‫ويفهم من كالم املؤلف‪ :‬أن احلقوق اليت ال تؤدي إىل مال ال يصح املصاحلة‬
‫عنها؛ كحد القذف‪ ،‬مثاله‪ :‬ثبت لزيد على عمرو حد قذف فصاحله عنه على‬
‫مال‪ ،‬فإنه ال يصح‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد أنواع الصلح‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪250‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ار بِ ِه‪،‬‬
‫ض َّرُر ال َْم ُّ‬ ‫ع َرْو َشنًا فِي طَ ِر ٍيق نَافِ ٍذ بِ َح ْي ُ‬
‫ث َْل يَتَ َ‬ ‫وز لِ ِْْلنْس ِ‬
‫ان أَ ْن يُ ْش ِر َ‬ ‫َويَ ُج ُ‬
‫َ‬
‫الش َرَك ِاء(‪.)1‬‬
‫ب ال ُْم ْشتَ َر ِك َّإْل بِِإ ْذ ِن ُّ‬ ‫وز فِي َّ‬
‫الد ْر ِ‬ ‫َوَْل يَ ُج ُ‬

‫قوله‪( :‬وهو نوعان) أي عدد أنواع الصلح اثنان‪.‬‬


‫(إبراء) أي النوع األول‪ :‬صلح اإلبراء‪( ،‬ومعاوضة) أي النوع الثاين‪ :‬صلح‬
‫املعاوضة‪( .‬فإْلبراء) أي تعريفه (اقتصاره من حقه على بعضه) أي هو‬
‫إسقاط بعض الدين الذي له‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬أن يكون لزيد على عمرو عشرون‬
‫دينارا‪ ،‬فيقول زيد‪ :‬صاحلتك على نصفها‪ ،‬فيقول عمرو‪ :‬قبلت‪ .‬فكأنه قال له‪:‬‬ ‫ً‬
‫أبرأتك من عشرة دنانري‪( .‬وْل يجوز) أي ال يصح (تعليقه) أي صلح اإلبراء‬
‫(على شرط) أي كقوله‪ :‬إذا جاء شهر رمضان فقد صاحلتك‪( .‬والمعاوضة)‬
‫أي تعريفه (عدوله عن حقه إلى غيره) أي هو مبادلة احلق الذي له بشيء‬
‫غريه‪( ،‬ويجري عليه أحكام البيع) أي حكم صلح املعاوضة هو حكم البيع‪،‬‬
‫وعليه فيثبت فيه أحكام البيع‪ ،‬كالرد بالعيب وخيار اجمللس وغريمها‪.‬‬
‫دارا‪ ،‬فينكر عمرو مث يُِقُّر‪ ،‬فيقول له زيد‪:‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬أن يدعي زيد على عمرو ً‬
‫صاحلتك عن هذه الدار على هذا الثوب‪ ،‬فيقول عمرو‪ :‬قبلت‪ .‬فكأنه قال له‪:‬‬
‫بعتك هذه الدار هبذا الثوب‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي حكم إشراع الروشن‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويجوز لْلنسان) أي حيل له (أن يشرع روشنًا) أي أن خيرج ج ً‬
‫ناحا‪،‬‬
‫وهو خشب ُخمَرج على جدار (في طريق نافذ) أي يف هواء شارع وهو‪ :‬الطريق‬
‫النافذ من اجلهتني (بحيث ْل يتضرر المار به) أي ضابط اجلواز أن يرفعه‬
‫حبيث ال يصيب املار حتته ضرر وهو منتصب‪ ،‬وال حيتاج أن يُطأطئ رأسه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪251‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وز تَأ ِْخ ُيرهُ َّإْل بِِإ ْذ ِن‬


‫ب ال ُْم ْشتَ َر ِك‪َ ،‬وَْل يَ ُج ُ‬ ‫اب فِي َّ‬
‫الد ْر ِ‬ ‫وز تَ ْق ِديم الْبَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َويَ ُج ُ‬
‫الش َرَك ِاء(‪.)1‬‬
‫ُّ‬

‫(وْل يجوز) أي ال حيل إشراع الروشن (في الدرب المشترك) أي يف الطريق‬


‫غري النافذ وهو‪ :‬املسدود من جهة (إْل بإذن الشركاء) أي جيوز إذا أذنوا له‪،‬‬
‫وشركاء الدرب هم‪ :‬كل من له باب ينفذ إىل الدرب‪ ،‬وليس من الصق جداره‬
‫الدرب من غري باب ينفذ إليه‪ ،‬وعلى هذا إذا أراد الشخص أن يشرع روشنًا يف‬
‫الدرب املشرتك‪ ،‬فيعترب إذن الشركاء الذين أبواهبم أبعد عن رأس الدرب من حمل‬
‫ال ُـمش ِرع أو الذين أبواهبم مقابلَه‪ ،‬ورأس الدرب هو جهته النافذة‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي حكم تقدمي الباب وتأخريه يف الدرب املشرتك‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويجوز) أي حيل (تقديم الباب) أي إىل اجلهة النافذة منه (في الدرب‬
‫المشترك) أي يف الطريق غري النافذ‪ ،‬وعليه فلو كان بابه يف وسط الدرب فله‬
‫تقدميه إىل اجلهة النافذة‪.‬‬
‫(وْل يجوز) أي ال حيل (تأخيره) أي الباب إىل اجلهة املسدودة منه‪( ،‬إْل بإذن‬
‫الشركاء) أي جيوز إذا أذنوا له‪ ،‬وعليه فلو كان بابه يف وسط الدرب فليس له‬
‫تأخريه إىل اجلهة املسدودة إال بإذن الشركاء‪ ،‬والشركاء املعترب إذهنم هم‪ :‬الذين‬
‫املؤخر‪ ،‬وحيث منعوه من‬ ‫أبواهبم أبعد عن رأس الدرب من باب الشخص ِّ‬
‫التأخري فصاحل شركاء الدرب على مال جاز‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪252‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام احلوالة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السادس من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام احلوالة‪.‬‬
‫تعريف احلوالة‪:‬‬
‫احلوالة ـ ـ بفتح احلاء ـ ـ لغة‪ :‬االنتقال‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬عقد يقتضي نقل دين من ذمة إىل ذمة أخرى‪.‬‬ ‫ً‬
‫مثال ذلك‪ :‬عمرو عليه دين لزيد‪ ،‬فقال زيد‪ :‬أعطين حقي‪ ،‬فقال عمرو‪:‬‬
‫ُح ِّولُك إىل حممد فعليه دين ل خذه منه لنفسك‪.‬‬ ‫أَ‬
‫أركان احلوالة وصورهتا‪:‬‬
‫أركان احلوالة ستة‪:‬‬
‫الركنان األول والثاين‪ :‬العاقدان‪ ،‬ومها‪ :‬ال ُـمحيل وال ُـمحتال‪ ،‬والركن الثالث‪:‬‬
‫ال ُـمحال عليه‪ ،‬والركنان الرابع واخلامس‪ :‬املعقود عليه‪ ،‬ومها‪ :‬الدينان؛ دين‬
‫للمحتال على احمليل ودين للمحيل على احملال عليه‪ ،‬والركن السادس‪ :‬الصيغة‪،‬‬
‫وهي‪ :‬اإلجياب والقبول‪ ،‬فاإلجياب هو‪ :‬اللفظ الصادر من احمليل‪ ،‬الدال على‬
‫ابتداء العقد‪ ،‬والقبول هو‪ :‬اللفظ الصادر من احملتال‪ ،‬الدال على استجابته‬
‫للعقد‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪253‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫صورة احلوالة‪ :‬أن يكون لزيد على عمرو مائة دينار حالة‪ ،‬ولعمرو على بكر‬
‫مثلها‪ ،‬فيقول عمرو لزيد‪" :‬أَ َحلتُك باملائة اليت لك علي على بكر"؛ فيقول زيد‪:‬‬
‫"قبلت"‪ .‬فاحمليل‪ :‬عمرو‪ ،‬واحملتال‪ :‬زيد‪ ،‬واحملال عليه‪ :‬بكر‪ ،‬ودين احملتال‪ :‬املائة‬
‫اليت على عمرو‪ ،‬ودين احمليل‪ :‬املائة اليت على بكر‪ ،‬واإلجياب‪ :‬قول عمرو‪:‬‬
‫"أحلتك إخل"‪ ،‬والقبول‪ :‬قول زيد‪" :‬قبلت"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪254‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْح ِّق‬ ‫ول الْم ْحتَ ِ‬


‫ال‪َ ،‬وَك ْو ُن ال َ‬ ‫ضا ال ُْم ِح ِ‬
‫يل‪َ ،‬وقَ بُ ُ ُ‬ ‫اء‪ِ :‬ر َ‬ ‫ط ال ِ‬
‫ْح َوالَة أ َْربَ َعةُ أَ ْشيَ َ‬
‫ِ‬
‫َو َش َرائ ُ َ‬
‫ال َعلَْي ِه فِي ال ِ‬
‫ْج ْن ِ‬ ‫يل والْم َح ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫مستَ ِق ًّرا فِي ِّ ِ‬
‫س‬ ‫الذ َّمة‪َ ،‬واتِّ َفا ُق َما في ذ َّمة ال ُْمح ِ َ ُ‬ ‫ُْ‬
‫يل(‪.)1‬‬ ‫ول َوالتَّأ ِْج ِ‬ ‫والن َّْو ِع والْ ُحلُ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد شروط صحة احلوالة‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وشرائط الحوالة أربعة أشياء) أي عدد شروط صحة احلوالة أربعة‪.‬‬
‫(رضا المحيل) أي الشرط األول‪ :‬عدم إكراه احمليل وهو من عليه الدين‬
‫للمحتال‪ ،‬وعليه فلو أكره على احلوالة مل تصح‪.‬‬
‫(وقبول المحتال) أي الشرط الثاين‪ :‬رضا احملتال وهو من له الدين على احمليل‪،‬‬
‫وعليه فلو أكره على احلوالة مل تصح‪.‬‬
‫شرتط رضا احملال عليه وهو من عليه الدين للمحيل‪.‬‬ ‫ويشري املؤلف إىل أنه ال يُ َ‬
‫مستقرا في الذمة) أي الشرط الثالث‪ :‬أن يكون الدينان ثابتني‬ ‫ً‬ ‫(وكون الحق‬
‫الزما يف ذمة احمليل‪ ،‬ودين احمليل ثابتًا‬
‫الزمني يف الذمة‪ ،‬فيكون دين احملتال ثابتًا ً‬
‫الزما يف ذمة احملال عليه‪ ،‬وعلى هذا فال تصح احلوالة إذا كان احمليل ال دين‬ ‫ً‬
‫عليه‪ ،‬أو كان احملال عليه ال دين عليه وإن رضي باحلوالة‪.‬‬
‫(ﻭﺍتفاﻕ ما في ﺫمة ﺍلمحيل ﻭﺍلمحاﻝ عليه) أي الشرط الرابع‪ :‬تساوي‬
‫الدينني دين احملتال ودين احمليل يف ثالثة أمور‪:‬‬
‫(في ﺍلجنس) أي األمر األول‪ :‬جنسهما‪ ،‬كالدنانري؛ فال تصح احلوالة بدراهم‬
‫على دنانري‪ ،‬الختالف جنس الدينني‪.‬‬
‫(ﻭﺍلنوﻉ) أي األمر الثاين‪ :‬نوعهما‪ ،‬كالصحيحة من الدنانري‪ ،‬فال تصح احلوالة‬
‫بدنانري صحيحة على دنانري مكسرة‪ ،‬الختالف نوع الدينني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪255‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َوتَ ْب َرأُ بِ َها ِذ َّمةُ ال ُْم ِح ِ‬


‫يل(‪.)1‬‬

‫(ﻭﺍلحلوﻝ ﻭﺍلتأجيل) أي األمر الثالث‪ :‬حلوهلما وتأجيلهما‪ ،‬فإن اختلف‬


‫مؤجال مل تصح احلوالة‪.‬‬
‫حاال ودين احمليل ً‬ ‫الدينان؛ كأن كان دين احملتال ًّ‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن فائدة احلوالة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وتبرأ بها ذمة المحيل) أي يسقط باحلوالة دين احملتال عن احمليل‪،‬‬
‫أيضا احملال عليه من دين احمليل‪ ،‬ويتحول دين احملتال من‬
‫ويفهم منه‪ :‬أنه يربأ هبا ً‬
‫ذمة احمليل إىل ذمة احملال عليه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪256‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الضمان‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السابع من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الضمان‪.‬‬
‫تعريف الضمان‪:‬‬
‫الضمان لغة‪ :‬االلتزام‪.‬‬
‫شرعا‪ :‬التزام دين ثابت يف ذمة غريه‪.‬‬
‫واملراد به هنا ضمان املال‪ ،‬وهو ً‬
‫أركان الضمان وصورته‪:‬‬
‫أركان الضمان مخسة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬الضامن‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬املضمون له‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬املضمون‬
‫عنه‪ ،‬والركن الرابع‪ :‬املضمون‪ ،‬والركن اخلامس‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي‪ :‬اللفظ الصادر‬
‫من الضامن الدال على الضمان‪.‬‬
‫صورة الضمان‪ :‬أن يكون لزيد على عمرو مائة دينار‪ ،‬فيقول بكر لزيد‪:‬‬
‫"ضمنت دينك على عمرو"‪ .‬فالضامن‪ :‬بكر‪ ،‬واملضمون له‪ :‬زيد‪ ،‬واملضمون‬
‫عنه‪ :‬عمرو‪ ،‬واملضمون‪ :‬املائة دينار‪ ،‬والصيغة‪ :‬قول بكر‪" :‬ضمنت إخل"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪257‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الذ َّم ِة إذَا عُلِ َم قَ ْد ُرَها(‪.)1‬‬


‫ون ال ُْم ْستَ ِق َّرةِ فِي ِّ‬
‫الدي ِ‬
‫ض َما ُن ُّ ُ‬
‫وي ِ‬
‫ص ُّح َ‬ ‫ََ‬
‫ضم ِ‬
‫ون َع ْنهُ‪َ ،‬وإِ َذا غَ ِرَم‬ ‫ِ‬ ‫ب الْح ِّق مطَالَبةُ من َش ِ‬ ‫ولِ ِ‬
‫اء م ْن الضَّام ِن َوال َْم ْ ُ‬ ‫صاح ِ َ ُ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫ضاءُ بِِإ ْذنِِه(‪.)2‬‬
‫َّما ُن َوالْ َق َ‬ ‫َّامن رجع َعلَى الْم ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ُمون َع ْنهُ إذَا َكا َن الض َ‬ ‫َ‬ ‫الض ُ َ َ َ‬
‫ب َّإْل َد َر َك ال َْمبِي ِع(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫ضما ُن الْم ْج ُه ِ‬ ‫ِ‬
‫ول‪َ ،‬وَْل َما لَ ْم يَج ْ‬ ‫َوَْل يَص ُّح َ َ َ‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن شروط صحة الضمان اليت تتعلق باملضمون‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويصح ضمان الديون المستقرة في الذمة) أي الثابتة الالزمة يف ذمة‬
‫املضمون عنه (إذا علم قدرها) أي بشرط أن يكون الدين املضمون ً‬
‫معلوما‬
‫قدره للضامن‪.‬‬
‫ُ‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن حكم مطالبة املضمون له للضامن وغرمه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ولصاحب الحق) أي لصاحب الدين‪ ،‬وهو املضمون له‪( ،‬مطالبة من‬
‫شاء من الضامن والمضمون عنه) أي جيوز له أن يطالب من شاء منهما‬
‫بأداء الدين‪ ،‬وإذا طالبهما فإما أن يغرم املضمون عنه أي يؤدي الدين من ماله‪،‬‬
‫وإما أن يغرم الضامن؛ فإذا غرم املضمون عنه برئ وبرئ الضامن تبعا له‪( .‬ﻭﺇﺫﺍ‬
‫غرﻡ ﺍلضامن) أي أدى الدين من ماله (ﺭجع على ﺍلمضموﻥ عنه) أي اسرتد‬
‫املال الذي أداه من املدين وهو املضمون عنه‪ ،‬فيطالبه به (ﺇﺫﺍ كاﻥ ﺍلضماﻥ‬
‫ﻭﺍلقضاﺀ بإﺫنه) أي بشرط أن يأذن املضمون عنه للضامن يف الضمان ويف أداء‬
‫املال‪ ،‬ويفهم منه أنه إذا أذن له يف الضمان ومل يأذن له يف األداء أنه ال يرجع‬
‫عليه‪ ،‬واملعتمد يف املذهب أنه يرجع عليه‪ ،‬فمىت ما أذن له يف الضمان رجع‬
‫عليه سواء أذن له يف األداء أو مل يأذن له فيه‪ ،‬ومىت مل يأذن له يف الضمان مل‬
‫يرجع عليه إال إذا شرط عليه الرجوع سواء أذن له يف األداء أو مل يأذن له فيه‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن ضمان اجملهول وما مل جيب‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪258‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬ﻭلا يصح ضماﻥ ﺍلمجهوﻝ) أي غري معلوم القدر للضامن‪ ،‬وهذا مفهوم‬
‫قوله ساب ًقا‪" :‬إذا علم قدرها"‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬أن يقول له‪ :‬ضمنت لك مثن هذا املبيع‪ ،‬وهو ال يعرف قدره‪ ،‬فهذا‬
‫الضمان ال يصح‪.‬‬
‫(ﻭلا ما لم يجب) أي ال يصح ضمان ما مل يثبت يف ذمة املضمون عنه‪ ،‬وهذا‬
‫مفهوم قوله ساب ًقا‪" :‬املستقرة يف الذمة"‪.‬‬
‫يدا هذا مبائة وعلي ضماهنا‪ ،‬فهذا الضمان ال‬ ‫مثال ذلك‪ :‬أن يقول له‪ :‬بِع ز ً‬
‫يصح ألن املائة مل تثبت بعد يف ذمة زيد‪.‬‬
‫(إْل درك المبيع) أي يستثىن من ذلك درك املبيع فيصح مع كونه من ضمان‬
‫ما مل جيب‪ ،‬والدرك مبعىن اإلدراك‪ ،‬وضمان درك املبيع هو‪ :‬أن يضمن للمشرتي‬
‫الثمن إن خرج املثمن مستحقًّا أي حقًّا لغري البائع‪ ،‬أو يضمن للبائع املثمن إن‬
‫خرج الثمن مستحقًّا أي حقًّا لغري املشرتي‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬باع زيد ثوبًا لعمرو بعشرين درمهًا‪ ،‬وتقابضا‪ ،‬فقال عمرو‪" :‬أريد‬
‫ضامنًا يضمن ل الثمن"‪ ،‬فقال بكر‪" :‬أنا ضامن"‪ ،‬مث بعد فرتة بان أن الثوب‬
‫الذي باعه زيد مسروق‪ ،‬فحينئذ يرجع عمرو على بكر ويطالبه برد مثن الثوب‬
‫وهو العشرون درمهًا‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬باع زيد ثوبًا لعمرو بعشرين درمهًا‪ ،‬وتقابضا‪ ،‬فقال زيد‪" :‬أريد ضامنًا‬
‫يضمن ل املثمن"‪ ،‬فقال بكر‪" :‬أنا ضامن"‪ ،‬مث بعد فرتة بان أن الثمن الذي‬
‫اشرتى به عمرو مسروق‪ ،‬فحينئذ يرجع زيد على بكر ويطالبه برد املثمن وهو‬
‫الثوب‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪259‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الكفالة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثامن من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الكفالة‪.‬‬
‫تعريف الكفالة‪:‬‬
‫الكفالة لغة‪ :‬االلتزام‪.‬‬
‫ستحق حضوره‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬التزام إحضار بدن من يُ َ‬ ‫ً‬
‫والكفالة نوع من الضمان‪ ،‬لكنها خاصة بالبدن‪.‬‬
‫أركان الكفالة وصورهتا‪:‬‬
‫أركان الكفالة أربعة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬الكفيل‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬املكفول له‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬املكفول‪،‬‬
‫والركن الرابع‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي‪ :‬اللفظ الصادر من الكفيل‪ ،‬الدال على الكفالة‪.‬‬
‫صورة الكفالة‪ :‬أن يكون لزيد على عمرو مائة دينار‪ ،‬فيقول بكر لزيد‪" :‬‬
‫لت لك بإحضار بدن عمرو"‪ .‬فالكفيل‪ :‬بكر‪ ،‬واملكفول له‪ :‬زيد‪،‬‬ ‫تكف ُ‬
‫واملكفول‪ :‬عمرو‪ ،‬والصيغة‪ :‬قول بكر‪" :‬تكفلت إخل"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪260‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ول بِ ِه َح ٌّق ِآل َد ِمي(‪.)1‬‬


‫والْ َك َفالَةُ بِالْبَ َد ِن َجائَِزةٌ إذَا َكا َن َعلَى الْم ْك ُف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن شرط صحة الكفالة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والكفالة بالبدن) أي بإحضاره (جائزة) أي صحيحة مباحة (إذا كان‬
‫على المكفول به حق آلدمي) أي بشرط أن يكون على املكفول ـ ـ وهو‬
‫ماال أو عقوبة‪.‬‬
‫الشخص املراد إحضاره ـ ـ حق لآلدمي سواء كان ً‬
‫مثال ذلك يف املال‪ :‬أن يكون لزيد على عمرو مائة دينار‪ ،‬فيقول بكر لزيد‪:‬‬
‫لت لك بإحضار بدن عمرو"‪.‬‬ ‫"تكف ُ‬
‫مثال ذلك يف العقوبة‪ :‬أن يكون لزيد على عمرو حد قذف‪ ،‬فيقول بكر لزيد‪:‬‬
‫"تكفلت لك بإحضار بدن عمرو"‪ ،‬فهذه الكفالة جائزة‪ ،‬ويربأ الكفيل بتسليم‬
‫املكفول‪.‬‬
‫ويفهم من كالم املؤلف‪ :‬أنه إذا كان عليه حق هلل تعاىل‪ ،‬كحد الزنا فال جتوز‬
‫الكفالة‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬أن يكون على عمرو حد زنا‪ ،‬فيقول بكر‪" :‬تكفلت بإحضار بدن‬
‫عمرو"‪ ،‬فهذه الكفالة غري جائزة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪261‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الشركة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل التاسع من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الشركة‪.‬‬
‫تعريف الشركة‪:‬‬
‫الشركة ـ ـ بفتح الشني وكسر الراء ـ ـ لغة‪ :‬االجتماع على شيء ما‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬اشرتاك اثنني أو أكثر يف ِاال ِّجتار مبال لتحصيل الربح‪.‬‬
‫ً‬
‫أركان الشركة وصورهتا‪:‬‬
‫أركان الشركة ستة‪:‬‬
‫الركنان األول والثاين‪ :‬الشريكان‪ ،‬والركنان الثالث والرابع‪ :‬املاالن‪ ،‬والركن‬
‫اخلامس‪ :‬العمل‪ ،‬وهو‪ :‬االجتار‪ ،‬والركن السادس‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي‪ :‬اللفظ الصادر‬
‫من الشريكني الدال على اإلذن يف التصرف بالبيع والشراء‪.‬‬
‫صورة الشركة‪ :‬أن يأيت زيد مبائة دينار وعمرو مبثلها‪ ،‬مث خيلطاها‪ ،‬مث يقوال‪:‬‬
‫"اشرتكنا و ِأذنا يف التصرف بالبيع والشراء"‪ .‬فالشريكان‪ :‬زيد وعمرو‪ ،‬واملاالن‪:‬‬
‫املائة دينار من زيد واملائة دينار من عمرو‪ ،‬والعمل‪ :‬االجتار وهو‪ :‬البيع والشراء‪،‬‬
‫والصيغة‪ :‬قوهلما‪" :‬اشرتكنا وأذنا يف التصرف"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪262‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ط‪ :‬أَ ْن تَ ُكو َن َعلَى نَاض ِم ْن َّ‬


‫الد َر ِاه ِم َو َّ‬
‫الدنَانِي ِر‪َ ،‬وأَ ْن‬ ‫س َش َرائِ َ‬ ‫ولِ َّ ِ‬
‫لش ِرَكة َخ ْم ُ‬ ‫َ‬
‫اح ٍد ِم ْن ُه َما‬
‫س والنَّو ِع‪ ،‬وأَ ْن ي ْخلِطَا الْمالَي ِن‪ ،‬وأَ ْن يأْذَ َن ُك ُّل و ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫يَتَّف َقا في الْج ْن ِ َ ْ َ َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ْخ ْس َرا ُن َعلَى قَ ْد ِر ال َْمالَْي ِن(‪.)1‬‬ ‫ف‪َ ،‬وأَ ْن يَ ُكو َن ِّ‬
‫الربْ ُح َوال ُ‬ ‫لِص ِ‬
‫احبِ ِه فِي التَّص ُّر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد شروط صحة الشركة‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وللشركة خمس شرائط) أي عدد شروط صحة الشركة مخسة‪.‬‬
‫(أن تكون على ناض من الدراهم والدنانير) هذا الشرط األول‪.‬‬
‫الناض هو‪ :‬النقد اجملعول دراهم أو دنانري‪،‬‬
‫ناض‪ ،‬و ُّ‬ ‫أي أن تكون الشركة يف مال ٍّ‬
‫متقوًما‬
‫ومفهومه‪ :‬أنه ال تصح الشركة يف غري الناض سواء كان مثليًّا كالرب أو ِّ‬
‫أيضا‪ ،‬واملثلي هو‪:‬‬ ‫ِ‬
‫كالثياب‪ ،‬لكن املعتمد يف املذهب صحتها يف املال المثلي ً‬
‫املتقوم عكسه‪ ،‬وعلى هذا فلو‬ ‫ما يكال أو يوزن ويصح فيه السلم كالرب‪ ،‬و ِّ‬
‫اشرتكا يف بر واجترا فيه فالشركة صحيحة‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬أن يأيت زيد مبائة صاع من بر وعمرو مبثلها‪ ،‬مث خيلطاها‪ ،‬مث يقوال‪:‬‬
‫"اشرتكنا وأذنا يف التصرف"‪.‬‬
‫(وأن يتفقا في الجنس والنوع) هذا الشرط الثاين‪.‬‬
‫أي أن يتفق املاالن يف جنسهما ونوعهما‪ ،‬كأن يكون كالمها دراهم صحيحة‪،‬‬
‫اآلخر دنانري‪ ،‬أو أحدمها دراهم صحيحة‬ ‫وعليه فلو كان أحد املالني دراهم و َ‬
‫اآلخر دراهم مكسرة‪ ،‬فإن الشركة غري صحيحة‪.‬‬ ‫و َ‬
‫ومفهومه‪ :‬أنه ال يشرتط اتفاق املالني يف القدر‪ ،‬وعليه فلو أتى أحد الشريكني‬
‫خبمسمائة درهم واآلخر مبائة درهم صحت الشركة‪.‬‬
‫(وأن يخلطا المالين) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪263‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ت(‪.)1‬‬
‫َح ُد ُه َما بَطَلَ ْ‬ ‫اء‪َ ،‬وإِ َذا َم َ‬ ‫ٍِِ‬ ‫ِ‬
‫ات أ َ‬ ‫َول ُك ِّل َواحد م ْن ُه َما فَ ْس ُخ َها َمتَى َش َ‬

‫أي أن يَتِم اختالط املالني قبل العقد حبيث ال يتميزان للشريكني‪ ،‬وعليه فلو‬
‫كان أحدمها ُمييِّز ماله فالشركة غري صحيحة‪.‬‬
‫(وأن يأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف) هذا الشرط الرابع‪.‬‬
‫أي أن يأذن الشريكان لكل منهما يف التصرف يف ماله بالبيع والشراء‪ ،‬وحمل‬
‫هذا إن كان كل واحد منهما يتصرف‪ ،‬فإن كان أحدمها يتصرف واآلخر ال‬
‫يتصرف فيكفي أن يأذن َمن مل يتصرف ل َـمن يتصرف‪.‬‬
‫(وأن يكون الربح والخسران على قدر المالين) هذا الشرط اخلامس‪.‬‬
‫أي أن يكون ربح مال الشركة أي زيادته وخسارته أي نقصانه على قدر قيمة‬
‫املالني‪ ،‬سواء تساوى الشريكان يف العمل أو تفاوتا فيه‪ ،‬وعليه فلو شرطا‬
‫تساوي الربح مع تفاوت املالني فالشركة غري صحيحة‪.‬‬
‫مثال الربح‪ :‬اشرتك اثنان يف دراهم‪ ،‬أحدمها دفع ثالمثائة‪ ،‬واآلخر مائة ومخسني‪،‬‬
‫مث رحبا مائة ومخسني‪ ،‬فألن رأس املال ثلثان وثلث؛ فالربح يتقامسانه ثلثني‬
‫وثلث‪ ،‬فاألول يأخذ مائة‪ ،‬والثاين مخسني‪.‬‬
‫مثال اخلسران‪ :‬اشرتك اثنان يف دراهم‪ ،‬أحدمها دفع ثالمثائة‪ ،‬واآلخر مائة‬
‫ومخسني‪ ،‬مث خسرا وبقي معهما مائة ومخسون‪ ،‬فألن رأس املال ثلثان وثلث؛‬
‫فما بقي يتقامسانه ثلثني وثلث‪ ،‬فاألول يأخذ مائة‪ ،‬والثاين مخسني‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن انفساخ الشركة‪.‬‬
‫ومجلة ذلك أن الشركة عقد جائز أي غري الزمة من الطرفني‪ ،‬ويرتتب على ذلك‬
‫ما ذكره يف قوله‪( :‬ﻭلكل ﻭﺍحد منهما) أي جيوز لكل واحد من الشريكني‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪264‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫أي وقت أراد‪ ،‬كأن يقول‪ :‬فسخت‬ ‫(فسخها) أي الشركة (متى شاﺀ) أي يف ِّ‬
‫الشركة أو أبطلتها؛ فتنفسخ وتبطل‪.‬‬
‫(ﻭﺇﺫﺍ ماﺕ ﺃحدهما) أي الشريكني (بطلت) أي انفسخت الشركة‪ ،‬ويلحق‬
‫باملوت جنون أحدمها أو إغماؤه‪ ،‬وعلى هذا فإذا أفاق من اجلنون أو اإلغماء‪،‬‬
‫وأرادا دوامها فال بد من جتديد العقد‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪265‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الوكالة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل العاشر من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الوكالة‪.‬‬
‫تعريف الوكالة‪:‬‬
‫الوكالة ـ ـ بفتح الواو ـ ـ لغة‪ :‬التفويض‪.‬‬
‫أمرا إىل غريه ليفعله يف حياته‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬تفويض الشخص ً‬ ‫ً‬
‫مثال ذلك‪ :‬إذا قال زيد لعمرو‪ :‬وكلتك يف شراء ثوب‪ ،‬معناه‪ :‬فوضتك يف شراء‬
‫الثوب حال حيايت‪.‬‬
‫أركان الوكالة‪:‬‬
‫أركان الوكالة أربعة‪:‬‬
‫الركنان األول والثاين‪ :‬املوِّكل والوكيل‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬املوكل فيه‪ ،‬والركن الرابع‪:‬‬
‫الصيغة‪ ،‬وهي‪ :‬اللفظ الصادر من املوكل‪ ،‬الدال على التوكيل‪.‬‬
‫صورة الوكالة‪ :‬أن يقول زيد لعمرو‪" :‬وكلتك يف بيع داري"‪ .‬فاملوِّكل‪ :‬زيد‪،‬‬
‫والوكيل‪ :‬عمرو‪ ،‬واملوكل فيه‪ :‬بيع الدار‪ ،‬والصيغة قول زيد‪" :‬وكلتك إخل"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ست مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪266‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫از لَهُ أَ ْن يُ َوِّك َل فِ ِيه أ َْو يَتَ َوَّك َل(‪.)1‬‬


‫ف فِ ِيه بِنَ ْف ِس ِه َج َ‬
‫َّص ُّر ُ‬ ‫از لِ ِْْلنْ ِ‬
‫سان الت َ‬ ‫َوُك ُّل َما َج َ َ‬
‫والْوَكالَةُ َع ْق ٌد جائٌِز‪ ،‬لِ ُك ِّل ِم ْن ُهما فَس ُخ َها متَى َشاء‪ ،‬وتَ ْن َف ِس ُخ بِمو ِ‬
‫ت‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ ِ (‪) 2‬‬
‫َحده َما ‪.‬‬‫أَ‬
‫يط(‪.)3‬‬ ‫ضمن َّإْل بِالتَّ ْف ِر ِ‬ ‫والْوكِ ِ‬
‫ين‪َ ،‬وَْل يَ ْ َ ُ‬
‫يل أَم ٌ‬
‫َ َ ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن شرط صحة الوكالة الذي يتعلق باملوِّكل والوكيل‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وكل ما جاز لْلنسان) أي صح له (التصرف فيه بنفسه) أي فعله‬
‫بنفسه من بيع أو شراء أو نكاح أو غري ذلك (جاز له) أي صح له (أن يوكل‬
‫فيه) أي أن يكون موِّك ًال فيه لغريه (أو يتوكل) أي أن يكون وك ًيال فيه عن‬
‫غريه‪ ،‬ويفهم منه أن شرط املوِّكل والوكيل أن يصح مباشرهتما للموكل فيه‪ ،‬وعلى‬
‫كيال‪ ،‬لعدم صحة مباشرهتما‬ ‫هذا فال يصح أن يكون الصيب واجملنون موِّك ًال أو و ً‬
‫للموكل فيه‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن انفساخ الوكالة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والوكالة عقد جائز) أي غري الزمة من الطرفني‪ ،‬ويرتتب على ذلك ما‬
‫ذكره يف قوله‪( :‬لكل منهما) أي جيوز لكل واحد من املوِّكل والوكيل (فسخها)‬
‫أي وقت أراد‪ ،‬كأن يقول‪ :‬فسخت الوكالة أو‬ ‫أي الوكالة (متى شاء) أي يف ِّ‬
‫أبطلتها؛ فتنفسخ وتبطل‪.‬‬
‫(وتنفسخ) أي الوكالة (بموت أحدهما) أي املوِّكل أو الوكيل‪ ،‬ويلحق باملوت‬
‫جنون أحدمها أو إغماؤه‪ ،‬وعلى هذا فإذا أفاق من اجلنون أو اإلغماء‪ ،‬وأرادا‬
‫دوامها فال بد من جتديد العقد‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن ضمان الوكيل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪267‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يع بِثَ َم ِن ال ِْمثْ ِل‪َ ،‬وأَ ْن يَ ُكو َن‬ ‫ي َّإْل بِثَ ََلثَِة َش َرائِ َ‬
‫ط‪ :‬أَ ْن يَبِ َ‬ ‫وز أَ ْن يَبِ َ‬
‫يع َويَ ْشتَ ِر َ‬ ‫َوَْل يَ ُج ُ‬
‫نَ ْق ًدا بِنَ ْق ِد الْبَ لَ ِد(‪.)1‬‬

‫قوله‪( :‬ﻭﺍلوكيل ﺃمين) أي مؤمتن فيما يقبضه وفيما يصرفه من مال موِّكله‪،‬‬
‫ويرتتب على ذلك ما ذكره يف قوله‪( :‬ﻭلا يضمن) أي ال يتحمل رد بدل مال‬
‫املوِّكل عند تلفه (ﺇلا بالتفريط) أي بالتقصري فيضمن حينئذ‪.‬‬
‫فس ِرق‪ ،‬فعليه قيمة اإلناء‪،‬‬
‫مثال ذلك‪ُ :‬وِّكل يف بيع إناء‪ ،‬فوضعه يف غري حرز‪ُ ،‬‬
‫وس ِرق‪ ،‬فال ضمان عليه‪ ،‬أي ال‬ ‫ِ‬
‫وأما إذا مل يفرط‪ ،‬كأن وضع اإلناء يف حرز‪ُ ،‬‬
‫يتحمل قيمة اإلناء‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن عدد شروط جواز البيع والشراء بالوكالة املطلقة‪.‬‬
‫والوكالة املطلقة يف البيع والشراء هي‪ :‬غري املقيدة بثمن معني وال حبلول وال‬
‫بأجل وال بنقد البلد‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭلا يجوﺯ) أي ال يباح وال يصح للوكيل (ﺃﻥ يبيع ﻭيشترﻱ) أي بالوكالة‬
‫املطلقة‪ ،‬كأن يقول له املوِّكل‪ :‬وكلتك يف بيع هذا الثوب (ﺇلا بثلاثة شرﺍئط) أي‬
‫يصح البيع والشراء إذا حتققت هذه الثالثة الشروط‪.‬‬
‫(أن يبيع بثمن المثل) أي الشرط األول‪ :‬أن يكون البيع بالثمن الذي يباع به‬
‫مثل ذلك املثمن يف العادة أو أكثر منه‪ ،‬هذا إذا وكله يف البيع‪ ،‬وأما إذا وكله يف‬
‫الشراء فيشرتط أن يكون الشراء بالثمن الذي يباع به مثل ذلك املثمن يف العادة‬
‫أو أقل منه‪ ،‬وعليه فلو باع بأقل من مثن املثل فالبيع باطل‪ ،‬وكذلك لو اشرتى‬
‫بأكثر من مثن املثل فالشراء باطل‪.‬‬
‫مثال الوكالة يف البيع‪ :‬قال له‪" :‬وكلتك يف أن تبيع هذا الثوب"‪ ،‬وكان مثن مثله‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪268‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يع ِم ْن نَ ْف ِس ِه(‪.)1‬‬ ‫وز أَ ْن يَبِ َ‬‫َوَْل يَ ُج ُ‬


‫َوَْل يُِق َّر َعلَى ُم َوِّكلِ ِه َّإْل بِِإ ْذنِِه(‪.)2‬‬

‫عشرين درمهًا‪ ،‬فإن باعه زيد بعشرين درمهًا فأكثر فالبيع صحيح‪ ،‬وإن باعه بأقل‬
‫من عشرين درمهًا فالبيع باطل‪.‬‬
‫مثال الوكالة يف الشراء‪ :‬قال له‪" :‬وكلتك يف أن تشرتي ل ثوبًا"‪ ،‬وكان مثن مثله‬
‫عشرين درمهًا‪ ،‬فإن اشرتاه زيد بعشرين درمهًا فأقل فالشراء صحيح‪ ،‬وإن اشرتاه‬
‫بأكثر من عشرين درمهًا فالشراء باطل‪.‬‬
‫حاال أي غري مؤجل‪،‬‬ ‫(وأن يكون نق ًدا) أي الشرط الثاين‪ :‬أن يكون البيع ًّ‬
‫مؤجال بطل ولو كان البيع بثمن املثل‪.‬‬
‫وعليه فلو كان البيع ً‬
‫(بنقد البلد) أي الشرط الثالث‪ :‬أن يكون البيع بالنقد املتعامل به يف بلد البيع‪،‬‬
‫وعليه فلو كان نقد البلد دنانري فباع بدراهم فالبيع باطل‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن حكم بيع الوكيل لنفسه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل يجوز) أي ال يباح وال يصح للوكيل (ﺃﻥ يبيع) أي ما ُوِّكل فيه (من‬
‫نفسه) أي لنفسه‪ ،‬وإن أذن له املوِّكل يف ذلك‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬وكله يف بيع ثوب‪،‬‬
‫فاشرتاه الوكيل لنفسه فشراؤه باطل‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن حكم اإلقرار على املوِّكل‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭْل يقر) أي ال يصح للوكيل اإلقرار (على موكله) أي مبا يلزمه (إْل‬
‫بإذنه) أي املوِّكل فيصح حينئذ‪ ،‬واملعتمد يف املذهب أن إقرار الوكيل عن املوِّكل‬
‫ال يصح ولو كان بإذنه‪ ،‬وعليه لو قال لغريه‪ :‬وكلتك لتُِقر عين لفالن مبائة‬
‫درهم؛ فيقول الوكيل‪ :‬أقررت عنه مبائة درهم‪ ،‬فإن إقراره عنه ال يصح‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪269‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام اإلقرار‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل احلادي عشر من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام اإلقرار‪.‬‬
‫تعريف اإلقرار‪:‬‬
‫اإلقرار لغة‪ :‬االعرتاف‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬اعرتاف الشخص حبق عليه لغريه‪.‬‬ ‫ً‬
‫أركان اإلقرار وصورته‪:‬‬
‫أركان اإلقرار أربعة‪:‬‬
‫الركنان األول والثاين‪ِ :‬‬
‫املقُّر وامل َقُّر له‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬امل َقُّر به‪ ،‬والركن الرابع‪:‬‬
‫الصيغة‪ :‬وهي‪ :‬اللفظ الصادر من ِ‬
‫املقِّر‪ ،‬الدال على اإلقرار‪.‬‬
‫صورة اإلقرار‪ :‬أن يقول زيد‪" :‬أُقُِّر بأن لعمرو علي مائة دينار"‪ .‬ف ِ‬
‫املقر‪ :‬زيد‪،‬‬
‫وامل َقر له‪ :‬عمرو‪ ،‬وامل َقر به‪ ،‬املائة دينار‪ ،‬والصيغة‪" :‬أُقُِّر إخل"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخس مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪270‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ص ُّح‬‫ان‪ :‬ح ُّق اللَّ ِه تَ عالَى‪ ،‬وح ُّق ْاآل َد ِم ِّي‪ ،‬فَح ُّق اللَّ ِه تَ عالَى ي ِ‬ ‫والْم َق ُّر بِ ِه َ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ض ْربَ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ِ ِ ِ(‪)1‬‬ ‫الر ُجوعُ فِ ِيه َع ْن ِْ‬ ‫اْلقْرا ِر بِ ِه‪ ،‬وح ُّق ْاآل َد ِم ِّي َْل ي ِ‬ ‫ُّ ِ ِ‬
‫اْلق َْرار به ‪.‬‬ ‫ص ُّح ُّ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫الر ُجوعُ فيه َع ْن ِْ َ‬
‫ار‪َ .‬وإِ ْن‬ ‫ِ ِ‬ ‫اْلق َْرا ِر إلَى ثَََلثَِة َش َرائِ َ‬
‫ص َّحةُ ِْ‬ ‫وتَ ْفتَ ِقر ِ‬
‫ط‪ :‬الْبُ لُوغُ‪َ ،‬وال َْع ْق ُل‪َ ،‬واْل ْختيَ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ط َرابِ ٌع‪َ ،‬و ُه َو‪ُّ :‬‬
‫الر ْش ُد(‪.)2‬‬ ‫ال اُ ْعتُبِ َر فِ ِيه َش ْر ٌ‬
‫َكا َن بِم ٍ‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد أنواع امل َقر به‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭالمقر به ضرباﻥ) أي عدد أنواع املقر به اثنان (حق الله تعالى) أي‬
‫النوع األول‪ :‬حق خمتص باهلل تعاىل؛ كحد الزنا‪( ،‬ﻭحق اآلﺩمي) أي النوع‬
‫الثاين‪ :‬حق خمتص باآلدمي‪ ،‬سواء كان ماالً أو عقوبة؛ كحد القذف‪.‬‬
‫(فحق الله تعالى) أي حكمه (يصح الرجوﻉ فيه عن اْلقراﺭ به) أي يقبل‬
‫الرتاجع عنه بعد اإلقرار به‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬أقر شخص بالزنا‪ ،‬مث قال بعد ذلك‪ :‬رجعت عن هذا اإلقرار‪،‬‬
‫فيصح رجوعه وال حيد للزنا‪.‬‬
‫(ﻭحق اآلﺩمي) أي حكمه (ْل يصح الرجوﻉ فيه عن اْلقراﺭ به) أي ال‬
‫يقبل الرتاجع عنه بعد اإلقرار به‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬أقر شخص بعشرة دراهم آلخر‪ ،‬مث قال بعد ذلك‪ :‬رجعت عن‬
‫هذا اإلقرار‪ ،‬فال يصح رجوعه وتلزمه العشرة دراهم‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬أقر شخص بقذف آخر‪ ،‬مث قال بعد ذلك‪ :‬رجعت عن هذا‬
‫اإلقرار‪ ،‬فال يصح رجوعه وحيد للقذف‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد شروط صحة اإلقرار اليت تتعلق بامل ِقر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪271‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ول ُرِج َع إلَْي ِه فِي بَيَانِِه(‪.)1‬‬


‫وإِ َذا أَقَ َّر بِم ْج ُه ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬ ‫ص ُّح ِاْل ْستِثْ نَاءُ فِي ِْ‬
‫وي ِ‬
‫صلَهُ به ‪.‬‬ ‫اْلق َْرا ِر إذَا َو َ‬ ‫ََ‬

‫قوله‪( :‬ﻭتفتقر صحة اْلقراﺭ ﺇلى ثَلثة شرائط) أي عدد الشروط اليت تتوقف‬
‫صحة اإلقرار عليها بالنسبة ِ‬
‫للمقر ثالثة‪.‬‬
‫(البلوغ والعقل واْلختيار) هذه هي الشروط الثالثة‪.‬‬
‫أي ال يصح إقرار الصيب واجملنون واملكره‪.‬‬
‫(ﻭﺇﻥ كاﻥ) أي اإلقرار (بماﻝ اعتبر فيه) أي اشرتط يف صحة اإلقرار به زيادة‬
‫على الشروط السابقة (شرﻁ ﺭابع ﻭهو الرشد) أي عدم احلجر بالسفه‪،‬‬
‫وعليه فال يصح إقرار السفيه بدين آلخر‪ ،‬وأما إقراره بغري املال كطالق وحنوه‬
‫فيصح‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن اإلقرار باجملهول‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫا ﺃقر بمجهوﻝ) أي بشيء غري معلوم‪ ،‬كأن قال‪ :‬لفالن علي شيء‬
‫(ﺭجع ﺇليه في بيانه) أي يرجع إىل ِ‬
‫املقر يف تفسريه‪ ،‬فيقبل تفسريه بكل ما حيل‬ ‫َُ‬
‫كفلس وحبة حنطة‪ ،‬أو غري مال‪ ،‬كجلد ميتة‪ ،‬فإن‬ ‫ماال‪ِ ،‬‬
‫اقتناؤه سواء كان ً‬
‫امتنع من البيان بعد أن طولب به حبس حىت يُ ِّبني‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن االستثناء يف اإلقرار‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيصح اْلستثناء) أي اإلخراج بإال أو إحدى أخواهتا (في اْلقراﺭ ﺇﺫا‬
‫ﻭصله به) أي بشرط أن يكون االستثناء مت ِ‬
‫ص ًال بالكالم‪ ،‬فال يكون بني املستثىن‬
‫واملستثىن منه فاصل زمين‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪272‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الص َّح ِة َوال َْم َر ِ‬


‫ض َس َواءٌ(‪.)1‬‬ ‫و ُهو فِي َح ِ‬
‫ال ِّ‬ ‫َ َ‬

‫مثال ذلك‪ :‬إذا قال‪ :‬له علي عشرة دراهم إال مخسة؛ كان ُم ِقًّرا خبمسة‪ ،‬وعليه‬
‫فلو كان بني املستثىن واملستثىن منه فاصل زمين مل يصح االستثناء‪ ،‬مثال ذلك‬
‫لو قال‪ :‬له علي عشرة‪ ،‬وبعد يوم قال‪ :‬إال مخسة‪ ،‬فهذا استثناء غري صحيح؛‬
‫ألنه غري متصل باملستثىن منه‪ ،‬وعليه فيكون ُم ِقًّرا بعشرة‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن اإلقرار يف حالة الصحة واملرض‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وهو) أي اإلقرار (في حالة الصحة والمرض سواء) أي يف احلكم‬
‫بصحته والعمل به‪ ،‬وعليه فلو أقر يف صحته بدين لزيد‪ ،‬وأقر يف مرضه بدين‬
‫لعمرو‪ ،‬فال يُقدم اإلقرار األول‪ ،‬بل يأخذ كل منهما دينه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪273‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام العارية‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين عشر من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام العارية‪.‬‬
‫تعريف العارية‪:‬‬
‫العارية ـ ـ بتشديد الياء وجيوز ختفيفها ـ ـ لغة‪ :‬العني املستعارة‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬إباحة االنتفاع بعني‪.‬‬
‫ً‬
‫أركان العارية وصورهتا‪:‬‬
‫أركان العارية أربعة‪:‬‬
‫الركنان األول والثاين‪ :‬الـ ُمعري واملستعري‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬العني املعارة‪ ،‬والركن‬
‫الرابع‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي‪ :‬اللفظ الصادر من املعري‪ ،‬الدال على اإلعارة‪.‬‬
‫صورة العارية‪ :‬أن يقول زيد لعمرو‪" :‬أعرتك هذا الثوب لتلبسه"‪ ،‬فيقبضه‬
‫عمرو‪ .‬فاملعري‪ :‬زيد‪ ،‬واملستعري‪ :‬عمرو‪ ،‬والعني املعارة‪ :‬الثوب‪ ،‬والصيغة قول زيد‪:‬‬
‫"أعرتك إخل"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪274‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِ‬
‫ت َمنَافِعُهُ‬
‫ارتُهُ إ َذا َكانَ ْ‬
‫إع َ‬
‫ت َ‬ ‫َوُك ُّل َما أ َْم َك َن ِاْلنْتِ َفاعُ بِ ِه َم َع بَ َقاء َع ْينِ ِه َج َ‬
‫از ْ‬
‫ارا(‪.)1‬‬ ‫آثَ ً‬
‫وز ال َْعا ِريَّةُ ُمطْلَ َقةً َوُم َقيَّ َدةً بِ ُم َّدةٍ(‪.)2‬‬
‫َوتَ ُج ُ‬
‫يمتِ َها يَ ْوَم تَ لَ ِف َها(‪.)3‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫ض ُمونَةٌ َعلَى ال ُْم ْستَعي ِر بق َ‬ ‫َو ِه َي َم ْ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن شرط صحة العارية اليت تتعلق بالعني املعارة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وكل ما أمكن) أي كل شيء سهل (اْلنتفاع به مع بقاء عينه) أي من‬
‫غري نقصان يف ذاته؛كالثوب‪( ،‬جازت إعارته) أي صح أن يكون ُمعا ًرا‪ ،‬أما ما‬
‫يُنتَفع به مع ذهاب عينه كالشمعة فال تصح إعارهتا (إذا كانت منافعه) أي‬
‫آثارا) أي غري أعيان‪ ،‬كإعارة الثوب‬ ‫بشرط أن تكون الفوائد املستفادة منه ( ً‬
‫لِلُبسه‪ ،‬فتصح ألن منفعته اليت هي اللبس أثر وليست عينًا‪ ،‬أما إذا كانت‬
‫منافعه أعيانًا كإعارة الشاة للبنها فال تصح ألن منفعتها اليت هي اللنب عني‬
‫أثرا‪ ،‬واملعتمد يف املذهب صحة العارية ولو كانت منافع املعار أعيانًا‪،‬‬ ‫وليست ً‬
‫وعليه فتصح إعارة الشاة للبنها على املعتمد‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن العارية املطلقة واملقيدة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭتجوﺯ العاﺭية) أي تباح وتصح (مطلقة) أي غري حمددة مبدة‪ ،‬كأن‬
‫قال له‪ :‬أعرتك هذا الثوب‪( ،‬ﻭمقيدﺓ بمدﺓ) أي حمددة مبدة معينة‪ ،‬كأن قال‬
‫أسبوعا‪ ،‬والفرق بني املطلقة واملقيدة أن املقيدة حيق‬ ‫ً‬ ‫له‪ :‬أعرتك هذا الثوب‬
‫للمستعري استعمال املعار مر ًارا حىت تنتهي املدة مث يرده ملالكه‪ ،‬واملطلقة ليس‬
‫للمستعري استعماله إال مرة واحدة وبعدها يرده ملالكه‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن تلف العني املستعارة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪275‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬ﻭهي) أي العني املستعارة (مضمونة على المستعير بقيمتها) أي‬


‫يتحمل املستعري رد قيمتها (يوﻡ تلفها) أي وقت تلفها‪ ،‬وذلك إذا تلفت بغري‬
‫يقصر‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬أعاره ثوبًا قيمته‬
‫االستعمال املأذون فيه سواء قصر أو مل ِّ‬
‫وقت اإلعارة مائة درهم فسرق وكانت قيمته وقت السرقة مثانني درمهًا‪ ،‬فيضمنه‬
‫بقيمته وقت سرقته وهي مثانون درمهًا‪ ،‬سواء كان الثوب يف حرز أو مل يكن يف‬
‫حرز‪ ،‬وأما إذا تلفت باالستعمال املأذون فيه‪ ،‬كأن تلف الثوب باللبس فال‬
‫ضمان عليه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪276‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الغصب‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث عشر من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الغصب‪.‬‬
‫تعريف الغصب وصورته‪:‬‬
‫ظلما‪.‬‬
‫الغصب لغة‪ :‬أخذ الشيء ً‬
‫قهرا بغري حق‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬االستيالء على حق الغري ً‬
‫ً‬
‫والقهر معناه‪ :‬التغلب جماهرة‪ ،‬وعلى هذا فمن تغلب على غريه جماهرة‪ ،‬وأخذ‬
‫ماله فإن فعله يسمى عند الفقهاء غصبًا‪ ،‬ومن سرق مال غريه فال يسمى فعله‬
‫غصبًا لعدم التغلب جماهرة‪ ،‬ألن السارق يأخذ مال غريه خفية‪.‬‬
‫صورة الغصب‪ :‬أن يركب زيد دابة عمرو بغري إذنه‪.‬‬
‫حكم الغصب‪:‬‬
‫الغصب حرام‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪277‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ُج َرةُ ِمثْلِ ِه(‪.)1‬‬ ‫ومن غَصب م ًاْل ِْلَح ٍد لَ ِزمهُ ردُّهُ وأَرش نَ ْق ِ ِ‬
‫صه َوأ ْ‬ ‫َ َ َ َُْ‬ ‫ََ ْ َ َ َ‬
‫يمتِ ِه إ ْن لَ ْم يَ ُك ْن لَهُ ِمثْ ٌل أَ ْكثَ َر‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ف َ ِ ِِ ِِ‬
‫ضمنَهُ بمثْله إ ْن َكا َن لَهُ مثْ ٌل‪ ،‬أ َْو بق َ‬ ‫فَِإ ْن تَلِ َ‬
‫ف(‪.)2‬‬ ‫ب إلَى ي وِم التَّ لَ ِ‬ ‫صِ‬ ‫ما َكان ِ ِ‬
‫ت م ْن يَ ْوم الْغَ ْ‬‫َ َْ‬
‫َْ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عما يلزم الغاصب‪.‬‬


‫قهرا (لزمه) أي وجب على‬ ‫قوله‪( :‬ومن غصب ماْلً ْلحد) أي استوىل عليه ً‬
‫ِ‬
‫الغاصب ثالثة أشياء‪( :‬رده) أي الشيء األول‪ :‬أن يُرجع املغصوب ً‬
‫فورا إىل‬
‫مالكه إن كان باقيًا‪( ،‬وأرش نقصه) أي الشيء الثاين‪ :‬أن يدفع للمالك أرش‬
‫كامال‬
‫ناقصا‪ ،‬وأرش النقص هو‪ :‬التفاوت ما بني قيمته ً‬ ‫نقص املغصوب إن رده ً‬
‫عبدا قيمته مائة دينار فقطعت يده عند‬ ‫ناقصا‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬لو َغصب ً‬‫وقيمته ً‬
‫دينارا‪ ،‬فالتفاوت ما بني املائة والتسعني هو‬
‫الغاصب فصارت قيمته تسعني ً‬
‫عشرة‪ ،‬فعلى الغاصب رده ودفع عشرة دنانري‪( ،‬وأجرة مثله) أي الشيء‬
‫الثالث‪ :‬أن يدفع للمالك أجرة املثل للمغصوب بقدر بقائه عنده‪ ،‬مثال ذلك‪:‬‬
‫محارا يؤجره مالكه يف اليوم بدرهم‪ ،‬وهي أجرة مثله‪ ،‬وبقي يف يد‬ ‫لو غصب ً‬
‫شهرا‪ ،‬فعلى الغاصب رده ودفع ثالثني درمهًا‪.‬‬
‫الغاصب ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن تلف املغصوب‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فإﻥ تلف) أي املغصوب (ضمنه) أي يتحمل الغاصب رد بدله (بمثله‬
‫ﺇﻥ كاﻥ له مثل) أي إن كان املغصوب مثليًّا كالرب فيلزمه رد مثله للمالك‪،‬‬
‫صاعا من‬
‫واملثلي‪ :‬هو ما يكال أو يوزن ويصح فيه السلم‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬غصب ً‬
‫صاعا من بر بدل الصاع الذي تلف‪( ،‬أﻭ‬ ‫بر فتلف‪ ،‬فعلى الغاصب أن يرد ً‬
‫بقيمته ﺇﻥ لم يكن له مثل) أي وإن مل يكن املغصوب مثليًّا بل ِّ‬
‫متقوًما‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪278‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫كالثوب‪ ،‬فيلزمه دفع قيمته للمالك‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬غصب ثوبًا قيمته عشرون‬
‫فس ِرق‪ ،‬فعلى الغاصب أن يدفع عشرين درمهًا بدل الثوب الذي تلف‪،‬‬ ‫درمهًا ُ‬
‫(ﺃكثر ما كانت من يوﻡ الغصب ﺇلى يوﻡ التلف) أي إذا اختلفت قيمة‬
‫املتقوم من‬
‫املتقوم أثناء مدة الغصب فيلزم الغاصب دفع أعلى قيمة وصل إليها ِّ‬
‫ِّ‬
‫دينارا حني‬
‫فرسا تساوي عشرين ً‬ ‫حني غصبه إىل حني تلفه‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬غصب ً‬
‫الغصب‪ ،‬مث صارت قيمتها عشرة دنانري‪ ،‬مث حني التلف أصبحت قيمتها مخسة‬
‫دينارا ألهنا أعلى قيمة‪.‬‬
‫دينارا‪ ،‬فتلزمه مخسة وعشرون ً‬
‫وعشرين ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪279‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الشفعة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع عشر من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الشفعة‪.‬‬
‫الشفعة‪:‬‬
‫تعريف ُّ‬
‫وشرعا‪ :‬استحقاق الشريك انتزاع حصة‬ ‫الشفعة ـ بضم الشني ـ لغة‪ :‬الضم‪ً .‬‬ ‫ُّ‬
‫ومسي شفعة ألن الشريك يضم نصيب شريكه إليه‪.‬‬ ‫شريكه ممن باعها له‪ُ ،‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬اشرتك زيد وعمرو يف متلك أرض‪ ،‬مث باع عمرو نصيبه على بكر‪،‬‬
‫بكرا الثمن‬
‫يدا له الشفعة‪ ،‬أي له أن ينتزع نصيب عمرو من بكر ويعطي ً‬ ‫فإن ز ً‬
‫الذي دفعه إىل عمرو‪.‬‬
‫أركان الشفعة وصورهتا‪:‬‬
‫أركان الشفعة ثالثة‪:‬‬
‫الركنان األول والثاين‪ :‬الشفيع واملشفوع منه‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬املشفوع‪.‬‬
‫صورة الشفعة‪ :‬أن يكون بني زيد وعمرو دار‪ ،‬فيبيع زيد حصته منها على بكر‪،‬‬
‫فيقول عمرو لبكر‪" :‬أخذت حصتك بالشفعة"‪ ،‬ويقبض بكر الثمن‪ .‬فالشفيع‪:‬‬
‫عمرو‪ ،‬واملشفوع منه‪ :‬بكر‪ ،‬واملشفوع‪ :‬حصة زيد‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪280‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يما يَ ْن َق ِس ُم ُدو َن َما َْل يَ ْن َق ِس ُم‪َ ،‬وفِي‬ ‫ِ ِ‬


‫ْخ ْلطَة ُدو َن الْج َوا ِر ف َ‬
‫اجبةٌ بِال ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫الش ْف َعةُ َو َ‬ ‫َو ُّ‬
‫ُك ِّل َما َْل يُ ْن َق ُل ِم ْن ْاْل َْر ِ‬
‫ض َكال َْع َقا ِر َوغَْي ِرهِ بِالث ََّم ِن الَّ ِذي َوقَ َع َعلَْي ِه الْبَ ْي ُع(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن ثبوت الشفعة‪.‬‬


‫قوله‪( :‬والشفعة واجبة) أي ثابتة للشريك (بالخلطة) أي بسبب االشرتاك يف‬
‫شرتكة‬
‫األعيان‪ ،‬وهي املسماة خبلطة الشيوع‪ ،‬النتشار نصيب كل شريك يف العني امل َ‬
‫وعدم متيُّزه إال باجلزئية كالنصف وحنوه‪( .‬دون الجوار) أي ال تثبت يف األعيان‬
‫املتجاورة غري املشرتكة سواء كانت متالصقة أو غري متالصقة‪ ،‬وعليه فلو كان‬
‫زيد ميلك بيتًا مالصقا لبيت عمرو فباع زيد بيته لبكر‪ ،‬فال شفعة لعمرو‪.‬‬
‫(فيما ينقسم ﺩﻭﻥ ما ْل ينقسم ﻭفي كل ما ْل ينقل من اْلﺭﺽ كالعقاﺭ‬
‫ﻭغيره) أي تثبت الشفعة يف العني املشرتكة بشرطني‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬أن ميكن تقسيمها كاحلمام الكبري‪ ،‬أما ما ال ميكن تقسيمها فال‬
‫تصح فيها الشفعة‪ ،‬وعلى هذا لو اشرتكا يف متلُّك محام صغري‪ ،‬مث باع أحدمها نصيبه‪،‬‬
‫فطالَب اآلخر بالشفعة‪ ،‬فال شفعة له‪ ،‬ألن احلمام الصغري ال ميكن تقسيمه‪.‬‬
‫الشرط الثاين‪ :‬أن ال ميكن نقلها من األرض‪ ،‬كالعقار وهو‪ :‬ما له أصل ثابت‪،‬‬
‫ويشمل األرض والبناء والشجر‪ ،‬وعلى هذا لو كان املبيع ميكن نقله كاحليوان‬
‫مثالً فال شفعة فيه‪.‬‬
‫(بالثمن الذي وقع عليه البيع) أي يأخذ الشفيع املبيع من املشرتي ويعطيه مقابله‬
‫مثل الثمن الذي حصل به البيع‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬اشرتى زيد من عمرو نصيبه من‬ ‫َ‬
‫دينارا‪ ،‬فإذا أراد بكر األخذ‬
‫الدار اليت ميلك نصفها والنصف اآلخر لبكر بعشرين ً‬
‫ينارا‪.‬‬
‫بالشفعة أخذها من املشرتي بالثمن الذي وقع عليه البيع وهو عشرون د ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪281‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َّرَها َم َع الْ ُق ْد َرةِ َعلَْي َها بَطَلَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ت(‪.)1‬‬ ‫َوه َي َعلَى الْ َف ْوِر‪ ،‬فَإ ْن أَخ َ‬
‫يع بِ َم ْه ِر ال ِْمثْ ِل(‪.)2‬‬ ‫َخ َذهُ َّ ِ‬ ‫ج ْام َرأَ ًة َعلَى ِش ْق ٍ‬
‫الشف ُ‬ ‫صأَ‬ ‫َوإِذَا تَ َزَّو َ‬
‫وها َعلَى قَ ْد ِر ْاْل َْم ََل ِك(‪.)3‬‬‫استَ َح ُّق َ‬
‫اعةً ْ‬ ‫َوإِ ْن َكا َن ُّ‬
‫الش َف َعاءُ َج َم َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن وقت املطالبة بالشفعة‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭهي) أي املطالبة بالشفعة (على الفوﺭ) أي يف احلال عند علم الشفيع‬
‫بالبيع‪( .‬فإﻥ ﺃخرها) أي بعد علمه بالبيع (مع القدﺭﺓ عليها) أي حيث مل‬
‫يكن له عذر يف التأخري (بطلت) أي سقط حقه يف الشفعة‪ ،‬أما لو أخر‬
‫املطالبة بالشفعة بعذر‪ ،‬كأن علم بالبيع وهو يف حال قضاء احلاجة‪ ،‬فال يبطل‬
‫حقه يف الشفعة‪ ،‬بل له التأخري إىل فراغ ذلك‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عما إذا ُملِك املشفوع مبهر‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫا تزﻭﺝ) أي الشريك (امرﺃﺓ على شقص) أي قطعة من األرض‬
‫مهرا‪( ،‬ﺃخذه الشفيع بمهر المثل) أي‬ ‫املشرتكة بينهما‪ ،‬أي أعطاها الشقص ً‬
‫الشقص من املرأة‪ ،‬ويعطيها مقابله مهر مثلها‪ ،‬وسيأيت الكالم عن‬
‫َ‬ ‫الشفيع‬
‫ُ‬ ‫يأخذ‬
‫مهر املثل يف كتاب النكاح إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن الشفعة إذا تعدد الشفعاء‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺇن كاﻥ الشفعاء جماعة) أي اثنني فأكثر (استحقوها) أي الشفعة‬
‫(على قدﺭ اْلمَلﻙ) أي حبسب حصصهم يف املشفوع‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬أرض‬
‫مشرتكة بني ثالثة‪ ،‬لواحد نصفها‪ ،‬وآلخر ثلثها‪ ،‬وآلخر سدسها‪ ،‬فباع األول‬
‫حصته‪ ،‬أخذها اآلخران أثالثًا‪ ،‬لصاحب الثلث ثلثاها‪ ،‬ولصاحب السدس‬
‫ثلثها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪282‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام القراض‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل اخلامس عشر من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام القراض‪.‬‬
‫تعريف القراض‪:‬‬
‫القراض لغة‪ :‬مأخوذ من القرض‪ ،‬وهو القطع‪.‬‬
‫ماال للعامل ليت ِجر فيه‪ ،‬والربح مشرتك بينهما‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬عقد يقتضي دفع املالك ً‬ ‫ً‬
‫ومسِّي بالقراض ألن املالك قطع للعامل قطعة من ماله يتصرف فيها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أركان القراض وصورته‪:‬‬
‫أركان القراض ستة‪ :‬الركن األول والثاين‪ :‬العاقدان‪ ،‬ومها‪ :‬املالك والعامل‪ ،‬والركن‬
‫الثالث‪ :‬املال‪ ،‬والركن الرابع‪ :‬العمل‪ ،‬والركن اخلامس‪ :‬الربح‪ ،‬والركن السادس‪ :‬الصيغة‪،‬‬
‫وهي‪ :‬اإلجياب والقبول‪ ،‬فاإلجياب هو‪ :‬اللفظ الصادر من املالك‪ ،‬الدال على ابتداء‬
‫القبول هو‪ :‬اللفظ الصادر من العامل‪ ،‬الدال على استجابته للعقد‪.‬‬ ‫العقد‪ ،‬و ُ‬
‫صورة القراض‪ :‬أن يقول زيد لعمرو‪" :‬قارضتك يف هذه األلف دينار لتَت ِجر فيها‬
‫بلت"‪ .‬فاملالك‪ :‬زيد‪ ،‬والعامل‪:‬‬ ‫على أن لك نصف الربح"؛ فيقول عمرو‪":‬قَ ُ‬
‫عمرو‪ ،‬واملال‪ :‬األلف دينار‪ ،‬والعمل‪ :‬االجتار‪ ،‬والربح‪ :‬نصفه‪ ،‬واإلجياب‪ :‬قول‬
‫زيد‪" :‬قارضتك إخل"‪ ،‬والقبول‪ :‬قول عمرو‪" :‬قبلت"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪283‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ط‪ :‬أَ ْن يَ ُكو َن َعلَى نَاض ِم ْن َّ‬


‫الد َر ِاه ِم َو َّ‬
‫الدنَانِي ِر‪َ ،‬وأَ ْن‬ ‫َولِل ِْق َر ِ‬
‫اض أ َْربَ َعةُ َش َرائِ َ‬
‫ودهُ غَالِبًا‪،‬‬ ‫ال لِلْع ِام ِل فِي الت ِ‬
‫يما َْل يَ ْن َق ِط ُع ُو ُج ُ‬ ‫ِ‬
‫َّص ُّرف ُمطْلَ ًقا أ َْو ف َ‬ ‫َ‬ ‫ب ال َْم ِ َ‬ ‫يَأْ َذ َن َر ُّ‬
‫وما ِم ْن ِّ‬
‫الربْ ِح‪َ ،‬وأَ ْن َْل يُ َق َّد َر بِ ُم َّدةٍ(‪.)1‬‬ ‫ط لَهُ ُج ْزًءا َم ْعلُ ً‬‫َوأَ ْن يَ ْشتَ ِر َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد شروط صحة القراض‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وللقراض أربعة شرائط) أي عدد شروط صحة القراض أربعة‪.‬‬
‫(ﺃﻥ يكوﻥ على ناﺽ من الدﺭاهم ﻭالدنانير) هذا الشرط األول‪.‬‬
‫الناض هو‪ :‬النقد اجملعول دراهم أو‬
‫ناض‪ ،‬و ُّ‬
‫أي أن يكون القراض يف مال ٍّ‬
‫وضا كالثياب‪ ،‬أو‬
‫دنانري‪ ،‬وعليه فال يصح القراض يف غري الناض‪ ،‬سواء كان عر ً‬
‫نقدا كاحللي‪.‬‬
‫ً‬
‫(ﻭﺃﻥ يأﺫﻥ ﺭﺏ الماﻝ للعامل في التصرﻑ مطلقًا ﺃﻭ فيما ْل ينقطع ﻭجوﺩه‬
‫غالبًا) هذا الشرط الثاين‪.‬‬
‫أي أن يأذن املالك للعامل يف التجارة‪ ،‬إما إذنًا مطل ًقا أي غري مقيد بنوع‬
‫معني‪ ،‬وإما إذنًا مقيد بنوع ال ينقطع وجوده يف الغالب كالرب‪ ،‬وعليه فلو أذن له‬
‫يف التجارة يف نوع يندر وجوده كالياقوت األمحر فإن القراض ال يصح‪.‬‬
‫وما من الربح) هذا الشرط الثالث‪.‬‬‫جزءا معل ً‬
‫(وأن يشترط له ً‬
‫معلوما من الربح باجلزئية‪ ،‬كنصفه أو‬
‫قدرا ً‬‫أي أن يشرط املالك للعامل يف العقد ً‬
‫قدرا‬
‫قدرا غري معلوم من الربح أو ً‬ ‫ثلثه‪ ،‬وعليه فال يصح القراض إذا شرط له ً‬
‫معينًا بغري اجلزئية كعشرة دراهم‪ ،‬أو شرط له كل الربح‪.‬‬
‫(ﻭﺃﻥ ْل يقدﺭ بمدﺓ) هذا الشرط الرابع‪.‬‬
‫أي أن ال يُقيد القراض مبدة معلومة كسنة‪ ،‬وعليه فلو قال له‪ :‬قارضتك سنة‪ ،‬مل‬
‫يصح‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪284‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ان(‪.)1‬‬‫ضما َن َعلَى الْع ِام ِل َّإْل بِع ْدو ٍ‬


‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َوَْل َ َ‬
‫ْخ ْس َرا ُن بِ ِّ‬
‫الربْ ِح(‪.)2‬‬ ‫ص َل ِربْ ٌح َو ُخ ْس َرا ٌن ُجبِ َر ال ُ‬
‫َوإِذَا َح َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن ضمان مال القراض‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭْل ضماﻥ على العامل) أي ال يتحمل العامل رد بدل مال القراض‬
‫عند تلفه (ﺇْل بعدﻭاﻥ) أي بتفريط فيضمن حينئذ‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬سافر باملال من غري إذن املالك فتلف‪ ،‬فيضمنه‪ ،‬وأما إذا مل يـُ َفِّرط‪،‬‬
‫فس ِرق‪ ،‬فالضمان عليه‪.‬‬ ‫ِ ٍ‬
‫كأن وضع املال يف حرز‪ُ ،‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن جرب اخلسران بالربح‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫا حصل) أي يف مال القراض (ﺭبح) أي زيادة (ﻭخسراﻥ) أي‬
‫نقصان (جبر الخسراﻥ بالربح)‪.‬‬
‫أحد العبدين‬ ‫عبدا‪ ،‬فباع َ‬ ‫مثال ذلك‪ :‬مال القراض ألفان‪ ،‬فاشرتى بكل ألف ً‬
‫بألف ومخسمائة‪ ،‬واآلخر خبمسمائة‪ ،‬فاخلمسمائة الزائدة حتل حمل اخلمسمائة‬
‫الناقصة‪ ،‬فريجع رأس املال إىل صاحبه‪ ،‬وليس للعامل شيء‪.‬‬
‫ويفهم من ذلك‪ :‬أن الربح الذي يقسم بني املالك والعامل هو ما زاد على رأس‬
‫مال القراض‪ ،‬فإذا مل يزد شيء فرأس املال يَ ِرجع إىل صاحبه‪ ،‬وال يتقامسان شيئًا‬
‫لعدم وجود الربح‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪285‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل أحكام املساقاة‬


‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السادس عشر من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام املساقاة‪.‬‬
‫تعريف املساقاة‪:‬‬
‫خمصوصا‬
‫ً‬ ‫شجرا‬
‫وشرعا‪ :‬عقد يقتضي دفع املالك ً‬ ‫املساقاة لغة‪ :‬مشتقة من السقي‪ً .‬‬
‫وما‬
‫ملن يتعهده بسقيه وما حيتاج إليه‪ ،‬حىت يثمر ويكتمل مثره‪ ،‬على أن له قد ًرا معل ً‬
‫ومسِّيت باملساقاة الحتياجها إىل السقي غالبا؛ ألنه أنفع أعماهلا‪.‬‬
‫من نفس الثمر‪ُ .‬‬
‫أركان املساقاة وصورهتا‪:‬‬
‫أركان املساقاة ستة‪ :‬الركنان األول والثاين‪ :‬العاقدان‪ ،‬ومها‪ :‬املالك والعامل‪،‬‬
‫والركن الثالث‪ :‬العمل‪ ،‬والركن الرابع‪ :‬مورد العمل‪ ،‬وهو‪ :‬الشجر املخصوص‪،‬‬
‫والركن اخلامس‪ :‬الثمرة‪ ،‬والركن السادس‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي‪ :‬اإلجياب والقبول‪،‬‬
‫قبول هو‪:‬‬
‫فاإلجياب هو‪ :‬اللفظ الصادر من املالك‪ ،‬الدال على ابتداء العقد‪ ،‬وال ُ‬
‫اللفظ الصادر من العامل‪ ،‬الدال على استجابته للعقد‪.‬‬
‫صورة املساقاة‪ :‬أن يقول زيد لعمرو‪" :‬ساقيتك على هذا النخل سنة لتتعهده‬
‫بلت"‪ .‬فاملالك‪ :‬زيد‪ ،‬والعامل‪ :‬عمرو‪،‬‬ ‫بنصف الثمرة"؛ فيقول عمرو‪" :‬قَ ُ‬
‫والعمل‪ :‬التعهد بالسقي وغريه‪ ،‬ومورد العمل‪ :‬النخل‪ ،‬والثمرة‪ :‬نصفها‪،‬‬
‫واإلجياب‪ :‬قول زيد‪" :‬ساقيتك إخل"‪ ،‬والقبول‪ :‬قول عمرو‪" :‬قبلت"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪286‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ساقَاةُ َجائَِزةٌ َعلَى النَّ ْخ ِل َوالْ َك ْرِم(‪.)1‬‬ ‫َوال ُْم َ‬


‫وم ٍة‪َ ،‬والثَّانِي‪ :‬أَ ْن يُ َعيِّ َن لِل َْع ِام ِل‬ ‫ٍ‬
‫ِّرَها بِ ُم َّدة َم ْعلُ َ‬
‫َح ُد ُه َما‪ :‬أَ ْن يُ َقد َ‬
‫ِ‬
‫َولَ َها َش ْرطَان‪ :‬أ َ‬
‫وما ِم َن الث ََّم َرةِ(‪.)2‬‬
‫ُج ْزًءا َم ْعلُ ً‬
‫ود نَ ْفعُهُ َعلَى الث ََّم َرةِ‪ ،‬فَ ُه َو َعلَى‬ ‫ض ْربَ ْي ِن‪َ :‬ع َم ٌل يَعُ ُ‬ ‫ثُ َّم ال َْع َم ُل فِ َيها َعلَى َ‬
‫ب الْم ِ‬ ‫ود نَ ْفعُهُ إلَى ْاْل َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫ال(‪.)3‬‬ ‫ض‪ ،‬فَ ُه َو َعلَى َر ِّ َ‬ ‫ال َْعام ِل‪َ ،‬و َع َم ٌل يَعُ ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم املساقاة‪.‬‬


‫قوله‪( :‬والمساقاة جائزة) أي صحيحة مباحة (على النخل والكرم) أي على‬
‫شيئني من الشجر‪ :‬األول‪ :‬شجر النخل‪ ،‬والثاين‪ :‬شجر الكرم أي العنب‪،‬‬
‫وعليه فال جتوز املساقاة على غريمها من الشجر كالتفاح والتني‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد شروط صحة املساقاة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ولها شرطان) أي عدد شروط صحة املساقاة اثنان‪.‬‬
‫(أحدهما) أي الشرط األول‪( :‬ﺃﻥ يقدﺭها) أي أن يُقيِّد املالك املساقاة (بمدﺓ‬
‫معلومة) أي يثمر فيها الشجر غالبًا كسنة‪ ،‬وعليه فال تصح املساقاة مبدة‬
‫جمهولة أو مدة ال يثمر فيها الشجر غالبًا‪.‬‬
‫(ﻭالثاني) أي الشرط الثاين‪( :‬ﺃﻥ يعين) أي املالك يف العقد (للعامل جز ًءا)‬
‫معلوما) أي باجلزئية (من الثمرﺓ) كنصفها أو ثلثها‪ ،‬وعليه فال تصح‬ ‫قدرا ( ً‬‫أي ً‬
‫قدرا معينًا بغري اجلزئية كعشرة‬
‫قدرا غري معلوم من الثمرة أو ً‬ ‫املساقاة إذا عني له ً‬
‫آصع‪ ،‬أو عني له كل الثمرة‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن عمل املساقاة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ثم العمل فيها) أي املساقاة (على ضربين) أي على نوعني‪:‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪287‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(عمل يعود نفعه على الثمرة) أي النوع األول‪ :‬العمل الذي تنتفع به الثمرة‬
‫لزيادهتا أو إصالحها‪ ،‬كسقي الشجر وتلقيحه وإزالة حشيش مضر به وحنو‬
‫ذلك (فهو على العامل) أي جيب عليه القيام به‪.‬‬
‫(ﻭعمل يعوﺩ نفعه ﺇلى اْلﺭﺽ) أي النوع الثاين‪ :‬العمل الذي تنتفع به أرض‬
‫البستان‪ ،‬كبناء احليطان وحفر األهنار وحنو ذلك (فهو على ﺭﺏ الماﻝ) جيب‬
‫على املالك القيام به‪.‬‬
‫وعلى هذا فلو شرط املالك على العامل ما ليس عليه كبناء حيطان البستان مل‬
‫تصح املساقاة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪288‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل أحكام اإلجارة‬


‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السابع عشر من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام اإلجارة‪.‬‬
‫تعريف اإلجارة‪:‬‬
‫اإلجارة لغة‪ :‬مشتقة من األجر‪ ،‬وهو‪ :‬العِ َوض‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬عقد يقتضي متليك منفعة مقيدة مبدة بعوض معلوم‪.‬‬ ‫ً‬
‫ومسِّيت باإلجارة ألن متليك املنفعة يكون بعوض‪.‬‬‫ُ‬
‫"استأجرت دارك للسكىن مدة سنة بعشرة‬
‫ُ‬ ‫قلت لصاحب الدار‪:‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬لو َ‬
‫كت السكىن يف الدار مدة معينة‪ ،‬ومل تتملك نفس‬ ‫دنانري" فتكون بذلك متل َ‬
‫الدار‪ ،‬والدنانري العشرة عوض مقابل سكىن الدار‪.‬‬
‫أركان اإلجارة وصورهتا‪:‬‬
‫أركان اإلجارة مخسة‪:‬‬
‫املؤجر واملستأجر‪ ،‬والركنان الثالث والرابع‪:‬‬
‫الركنان األول والثاين‪ :‬العاقدان‪ ،‬ومها‪ِّ :‬‬
‫املعقود عليه‪ ،‬ومها‪ :‬املنفعة واألجرة‪ ،‬والركن اخلامس‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي‪ :‬اإلجياب‬
‫والقبول‪ ،‬فاإلجياب هو‪ :‬اللفظ الصادر من املؤجر‪ ،‬الدال على ابتداء العقد‪،‬‬
‫القبول هو‪ :‬اللفظ الصادر من املستأجر‪ ،‬الدال على استجابته للعقد‪.‬‬ ‫و ُ‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪289‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫صورة اإلجارة‪ :‬أن يقول زيد لعمرو‪" :‬آجرتك هذه الدار سنة لتسكنها مبائة‬
‫دينار"؛ فيقول عمرو‪" :‬قبلت"‪ .‬فاملؤجر‪ :‬زيد‪ ،‬واملستأجر‪ :‬عمرو‪ ،‬واألجرة‪ :‬مائة‬
‫دينار‪ ،‬واملنفعة‪ :‬سكىن الدار‪ ،‬واإلجياب‪ :‬قول زيد‪" :‬آجرتك إخل"‪ ،‬والقبول‪:‬‬
‫قول عمرو‪" :‬قبلت"‪.‬‬
‫أقسام اإلجارة‪:‬‬
‫اإلجارة قسمان‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬إجارة عني‪ ،‬وهي الواردة على العني؛ كمن استأجر دابة بعينها‬
‫شخصا بعينه خلياطة ثوب‪.‬‬
‫ً‬ ‫لريكبها‪ ،‬أو‬
‫القسم الثاين‪ :‬إجارة ذمة‪ ،‬وهي الواردة على الذمة؛ كمن استأجر دابة موصوفة‬
‫لريكبها‪ ،‬أو قال‪ :‬ألزمت ذمتك خياطة هذا الثوب‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪290‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ت َم ْن َف َعتُهُ‬
‫ِّر ْ‬
‫ارتُهُ إ َذا قُد َ‬
‫إج َ‬
‫ت َ‬ ‫َوُك ُّل َما أ َْم َك َن اْلنْت َفاعُ بِه َم َع بَ َقاء َع ْينه َ‬
‫ص َّح ْ‬
‫َح ِد أ َْم َريْ ِن‪ :‬بِ ُم َّدةٍ أ َْو َع َم ٍل(‪.)1‬‬
‫بِأ َ‬
‫يل(‪.)2‬‬ ‫ُجرةِ َّإْل أَ ْن ي ْشر َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ط التَّأْج ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫يل ْاْل ْ َ‬
‫َوإط ََْلقُ َها يَ ْقتَضي تَ ْعج َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن شروط صحة اإلجارة اليت تتعلق باملنفعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭكل ما ﺃمكن) أي كل شيء سهل (اْلنتفاﻉ به مع بقاء عينه) أي‬
‫من غري نقصان يف ذاته كالدار‪( ،‬صحت ﺇجاﺭته) أي صح أن يكون مؤجًرا‪،‬‬
‫أما ما ينتفع به مع ذهاب عينه كالشمعة فال تصح إجارهتا (ﺇﺫا قدﺭﺕ‬
‫منفعته) أي بشرط أن تُقيد يف العقد املنفعة املستفادة منه (بأحد ﺃمرين بمدﺓ)‬
‫أي األمر األول‪ :‬تقديرها بوقت معلوم‪ ،‬كشهر أو سنة (ﺃﻭ عمل) أي األمر‬
‫عمل‪ ،‬كخياطة الثوب‪ ،‬فاخلياطة هي العمل والثوب هو‬ ‫الثاين‪ :‬تقديرها مب َح ِّل ِ‬
‫حمل العمل‪.‬‬
‫مثال اإلجارة املقدرة منفعتها مبدة‪ :‬أن يقول زيد لعمرو‪" :‬آجرتك هذه الدار‬
‫سنة لتسكنها مبائة دينار"؛ فيقول عمرو‪" :‬قبلت"‪.‬‬
‫عمل‪ :‬أن يقول زيد لعمرو‪" :‬استأجرتك‬ ‫مبح ِّل ِ‬
‫ومثال اإلجارة املقدرة منفعتها َ‬
‫قميصا بعشرة دراهم"؛ فيقول عمرو‪" :‬قبلت"‪.‬‬‫لتخيط ل هذا الثوب ً‬
‫ويفهم من كالم املؤلف أنه ال تصح اإلجارة إذا مجع يف تقدير املنفعة بني املدة‬
‫وحمل العمل‪.‬‬
‫مثال ذلك‪" :‬استأجرتك لتخيط ل هذا الثوب يف هذا النهار"‪ ،‬فهذه اإلجارة‬
‫باطلة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن إطالق عقد اإلجارة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪291‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْج َرةِ(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تأ ِ‬


‫َحد ال ُْمتَ َعاق َديْ ِن‪َ ،‬وتَ ْبطُ ُل بِتَ لَف ال َْع ْي ِن ال ُْم ْستَأ َ‬
‫ِ‬
‫ارةُ بِ َم ْو َ‬ ‫َوَْل تَ ْبطُ ُل ِْ‬
‫اْل َج َ‬

‫قوله‪( :‬ﻭﺇطَلقها) أي اإلجارة‪ ،‬واملراد باإلطالق عدم تقييد األجرة فيها حبلول‬
‫وال تأجيل (يقتضي تعجيل اْلجرﺓ) أي ُحت َمل األجرة فيها على أهنا حالة‬
‫معجلة (ﺇْل ﺃﻥ يشرط) أي يف اإلجارة (التأجيل) أي تأخري األجرة ملدة‬
‫معلومة‪ ،‬وعلى هذا فعلى املستأجر أن يُسلِّم األجرة للمؤجر عند متام العقد إال‬
‫إذا اتفقا على تأجيل األجرة‪ ،‬كأن يتفقا على أن يكون تسليمها بعد انتهاء‬
‫مدة اإلجارة‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬حمل جواز تأجيل األجرة هو يف إجارة العني‪ ،‬وأما إجارة الذمة فيشرتط‬
‫فيها كون األجرة حالة‪ ،‬وأن تُسلم يف جملس العقد‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن عقد اإلجارة هل ينفسخ باملوت أو بالتلف؟‬
‫قوله‪( :‬ﻭْل تبطل اْلجاﺭﺓ) أي ال تنفسخ (بموﺕ ﺃحد المتعاقدين) أي‬
‫املؤجر أو املستأجر أو كليهما‪ ،‬بل تبقى حىت انقضاء املدة‪ ،‬ويقوم ورثتهما‬
‫مقامهما‪.‬‬
‫دارا مدة سنة ليسكنها مبائة درهم‪ ،‬وبعد ستة أشهر مات‬ ‫مثال ذلك‪ :‬استأجر ً‬
‫ِ‬
‫املستأجر فليس لورثته أن‬ ‫أحدمها‪ ،‬فال ينفسخ العقد‪ ،‬وعلى هذا فلو مات‬
‫املؤجر بنصف األجرة‪ ،‬وهلم أن يسكنوا بدل امليت بقية املدة‪ ،‬ولو مات‬‫يطالبوا ِّ‬
‫املؤجر فليس لورثته أن يُطالبوا املستأجر بإخالء الدار‪ ،‬أو بإنشاء عقد جديد‬
‫ِّ‬
‫تُدفع فيه أجرة جديدة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭتبطل) أي تنفسخ اإلجارة (بتلف العين المستأجرﺓ) أي كلها حبيث‬
‫ال ميكن االنتفاع هبا‪ ،‬لكن جيب على املستأجر قسط ما مضى من األجرة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪292‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َجي ِر َّإْل بِع ْدو ٍ‬


‫ان(‪.)1‬‬ ‫ضما َن َعلَى ْاْل ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َوَْل َ َ‬

‫دارا مدة سنة ليسكنها مبائة درهم وهي أجرة مثلها‪ ،‬وبعد‬ ‫مثال ذلك‪ :‬استأجر ً‬
‫ستة أشهر اهندت‪ ،‬فينفسخ العقد‪ ،‬وجيب على املستأجر أن يدفع مخسني درمهًا‬
‫للمؤجر‪ ،‬ألهنا قسط املاضي من األجرة‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬حمل انفساخ اإلجارة بالتلف هو يف إجارة العني‪ ،‬وإما إجارة الذمة فال‬
‫تنفسخ فيها اإلجارة‪ ،‬بل تبقى وجيب على املؤجر استبدال العني التالفة بغريها‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن ضمان األجري‪.‬‬
‫لحق به املستأجر‪.‬‬
‫واألجري هو‪ :‬من آجر نفسه ليعمل للناس‪ ،‬ويُ َ‬
‫قوله‪( :‬ﻭْل ضماﻥ على اْلجير) أي ال يتحمل األجري رد بدل مال املؤجر يف‬
‫حال تلف شيء عنده‪ ،‬وكذا املستأجر يف حال تلف العني املستأجرة (ﺇْل‬
‫بعدﻭاﻥ) أي بتفريط فيضمن حينئذ‪.‬‬
‫شخصا ليخيط له ثوبًا‪ ،‬فوضع الثوب يف غري حرز مثله‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مثال ذلك‪ :‬استأجر‬
‫فس ِرق‪ ،‬فعليه قيمته‪ ،‬وأما إذا مل يفرط‪ ،‬كأن يكون وضع الثوب يف ِحرز‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وس ِرق‪ ،‬فالضمان عليه‪ ،‬أي ال يتحمل قيمته‪.‬‬‫ُ‬
‫مثال آخر‪ :‬استأجر دابة لريكبها فضرهبا فوق العادة فماتت‪ ،‬فعليه قيمتها‪ ،‬وأما‬
‫إذا مل يفرط‪ ،‬كأن ماتت من نفسها‪ ،‬فال ضمان عليه‪ ،‬أي ال يتحمل قيمتها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪293‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام اجلعالة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثامن عشر من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام اجلِعالة‪.‬‬
‫تعريف اجلِعالة‪:‬‬
‫اجلعالة ـ بكسر اجليم ـ لغة‪ :‬اجلُعل‪ ،‬وهو األجر‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬سيأيت يف كالم املؤلف‪.‬‬
‫ً‬
‫أركان اجلعالة وصورهتا‪:‬‬
‫أركان اجلعالة مخسة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬اجلاعل‪ ،‬وهو امللتزم للعوض‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬العامل‪ ،‬والركنان‬
‫الثالث والرابع‪ :‬العمل والـ ُجعل وهو‪ :‬العوض‪ ،‬والركن اخلامس‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫اللفظ الصادر من اجلاعل‪ ،‬الدال على اجلعالة‪.‬‬
‫دت بعريي الضال فلك دينار"؛‬ ‫صورة اجلعالة‪ :‬أن يقول زيد لعمرو‪" :‬إن َرد َ‬
‫فريده‪ .‬فاجلاعل‪ :‬زيد‪ ،‬والعامل‪ :‬عمرو‪ ،‬والعمل‪ :‬رد البعري‪ ،‬واجلُعل‪ :‬الدينار‪،‬‬
‫والصيغة‪ :‬قول زيد‪" :‬إن رددت إخل"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪294‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وما(‪.)1‬‬ ‫ضالَّتِ ِه ِع َو ً‬
‫ضا َم ْعلُ ً‬ ‫ط فِي َر ِّد َ‬‫ْج َعالَةُ َجائَِزةٌ‪َ ،‬و ِه َي‪ :‬أَ ْن يَ ْشتَ ِر َ‬
‫َوال َ‬
‫َّها استَح َّق ذَلِ َ ِ‬
‫ط ‪.‬‬ ‫ض ال َْم ْش ُرو َ‬
‫ك الْع َو َ‬ ‫فَِإذَا َرد َ ْ َ‬
‫(‪. )2‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم اجلعالة وتعريفها‪.‬‬


‫شرعا‪( :‬أن‬
‫قوله‪( :‬والجعالة جائزة) أي مباحة صحيحة (وهي) أي اجلعالة ً‬
‫معلوما على‬
‫ضا ً‬ ‫معلوما) أي أن يلتزم الشخص عو ً‬‫عوضا ً‬‫يشترط في رد ضالته ً‬
‫ومسِّيت‬
‫عمل معني‪ ،‬كرد الضالة وهو احليوان الضائع أو بناء احلائط أو غريمها‪ُ ،‬‬
‫عوضا‪.‬‬
‫عال على القيام بالعمل‪ ،‬أي ً‬ ‫باجلعالة ألن فيها ُج ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن مىت يستحق العامل العوض؟‬
‫العامل الضالةَ (استحق ﺫلك العوﺽ‬ ‫ُ‬ ‫قوله‪( :‬فإﺫا ﺭﺩها) أي إذا أرجع‬
‫المشرﻭﻁ) مراد املؤلف أن العامل يستحق مجيع العوض بالقيام بالعمل املعني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪295‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام املزارعة واملخابرة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل التاسع عشر من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام املزارعة واملخابرة‪.‬‬
‫تعريف املزارعة واملخابرة‪:‬‬
‫املزارعة لغة‪ :‬مأخوذة من الزرع‪.‬‬
‫واملخابرة لغة‪ :‬مأخوذة من اخلرب أي الزرع‪.‬‬
‫أرضا لشخص يزرعها ببعض ما‬ ‫ومها عند الفقهاء‪ :‬عقد يقتضي دفع املالك ً‬
‫خيرج منها‪ ،‬فإن كان البذر من املالك مسيت مزارعة‪ ،‬وإن كان من العامل مسيت‬
‫خمابرة‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬الفرق بني املساقاة واملزارعة واملخابرة‪ :‬أن املساقاة يف شجر النخل‬
‫والعنب خاصة‪ ،‬واملزارعة واملخابرة يف الزرع كالرب والذرة وحنومها‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪296‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وما ِم ْن َريْ ِع َها لَ ْم يَ ُج ْز(‪.)1‬‬ ‫ضا لِيَ ْزَر َع َها َو َش َر َ‬


‫ط لَهُ ُج ْزًءا َم ْعلُ ً‬ ‫َوإِ َذا َدفَ َع إلَى َر ُج ٍل أ َْر ً‬
‫وما فِي ِذ َّمتِ ِه َج َ‬
‫از(‪.)2‬‬ ‫ط لَهُ طَ َع ًاما َم ْعلُ ً‬
‫ب أَو فِض ٍ‬
‫َّة‪ ،‬أ َْو َش َر َ‬ ‫اها بِ َذ َه ٍ ْ‬ ‫َوإِ ْن أَ ْك َراهُ إيَّ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم املزارعة واملخابرة‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫا ﺩفع) أي املالك (ﺇلى ﺭجل ﺃﺭضًا ليزﺭعها) أي سواء كان مزارعة‬
‫علوما) أي‬
‫أو خمابرة (ﻭشرﻁ) أي التزم املالك (له) أي للعامل (جز ًءا م ً‬
‫باجلزئية كالنصف والثلث (من ريعها) أي من منائها وفوائدها (لم يجز) أي مل‬
‫يبح ومل يصح‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬دفع زيد أرضه لعمرو ليزرع فيها ًّبرا‪ ،‬وكان البذر من زيد‪ ،‬واشرتط‬
‫عليه نصف حمصول الرب‪ ،‬فهذه مزارعة باطلة‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬دفع زيد أرضه لعمرو ليزرع فيها ًّبرا‪ ،‬وكان البذر من عمرو‪ ،‬واشرتط‬
‫عليه نصف حمصول الرب‪ ،‬فهذه خمابرة باطلة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن حكم كراء األرض‪.‬‬
‫األرض ليزرعها (بذهب ﺃﻭ فضة)‬ ‫َ‬ ‫قوله‪( :‬ﻭﺇﻥ ﺃكراه ﺇياها) أي آجره املالك‬
‫أي بأجرة معلومة من دنانري أو دراهم كعشرة دنانري أو عشرين درمهًا (ﺃﻭ شرﻁ‬
‫وما) أي‬
‫طعاما) أي كالرب أو الذرة أو حنومها (معل ً‬
‫له) أي شرط املالك للعامل ( ً‬
‫غري جمهول القدر كعشرة آصع (في ﺫمته) أي دينًا على العامل (جاﺯ) أي‬
‫صح تأجريها بالذهب أو الفضة أو الطعام‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪297‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام إحياء املوات‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل العشرون من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام إحياء املوات‪.‬‬
‫تعريف إحياء املوات‪:‬‬
‫املوات ـ بفتح امليم والواوـ مشتقة من املوت‪.‬‬
‫واملوت لغة هو‪ :‬عدم احلياة‪.‬‬
‫واملوات عند الفقهاء هي‪ :‬األرض اخلراب‪ ،‬سواء مل تعمر أصال‪ ،‬أو عُ ِمرت يف‬
‫عرف مالكها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اجلاهلية أي قبل البعثة وتُركت وآلت إىل اخلراب ومل يُ َ‬
‫ومعىن (إحياء املوات) أي إعمار األرض اخلراب‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪298‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ش ْرطَْي ِن‪ :‬أَ ْن يَ ُكو َن ال ُْم ْحيِي ُم ْسلِ ًما‪َ ،‬وأَ ْن تَ ُكو َن‬
‫ات َجائٌِز بِ َ‬ ‫وإِ ْحياء الْمو ِ‬
‫َ َ ُ ََ‬
‫ض ُح َّرةً لَ ْم يَ ْج ِر َعلَْي َها ِمل ٌ‬
‫ْك لِ ُم ْسلِ ٍم(‪.)1‬‬ ‫ْاْل َْر ُ‬
‫ْم ْحيَا(‪.)2‬‬ ‫ادةِ ِعم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َفةُ ِْ ِ‬ ‫وِ‬
‫ارةً لل ُ‬
‫اْل ْحيَاء َما َكا َن في ال َْع َ َ َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم إحياء املوات‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وإحياء الموات) أي حكم إعمار األرض اخلراب (جائز) أي مباح‬
‫صحيح (بشرطين) أي بتحقق شرطني‪:‬‬
‫عمر لألرض‬ ‫(أن يكون المحيي مسلما) أي الشرط األول‪ :‬أن يكون الـم ِ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫مسلما سواء كان مكل ًفا أم ال‪ ،‬وسواء كان بإذن اإلمام أم ال‪ ،‬وعليه فال جيوز‬
‫ً‬
‫للكافر أن حييي شيئًا من بالد اإلسالم‪ ،‬وأما إحياء بالده فيجوز‪.‬‬
‫(ﻭﺃﻥ تكوﻥ اْلﺭﺽ حرﺓ) أي الشرط الثاين‪ :‬أن تكون األرض غري مملوكة (لم‬
‫يجر عليها ملك لمسلم) هذا تفسري لألرض احلرة‪ ،‬وقوله‪( :‬ملسلم) ال مفهوم‬
‫كافرا‬
‫له‪ ،‬وعليه فال جيوز إحياء األرض اململوكة سواء كان مالكها مسل ًما أو ً‬
‫ِذميًّا‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن صفة إحياء األرض‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭصفة اْلحياء) أي كيفية إحياء األرض اليت يرتتب عليها امللك هلا (ما‬
‫كاﻥ في العاﺩﺓ) أي ما عده عرف الناس (عماﺭﺓ للمحيا) أي ً‬
‫إعمارا له حبيث‬
‫يُهيِّئ األرض ملا يريده منها‪ ،‬وخيتلف هذا باختالف الغرض الذي يقصده‬
‫احمليي‪ ،‬فإن أرادها مسكنًا اشرتط فيه حتويطها ببناء ونصب باب عليها وسقف‬
‫بعضها‪ ،‬وإن أرادها مزرعة اشرتط فيه مجع الرتاب حوهلا وتسوية األرض وترتيب‬
‫ماء هلا حبفر بئر أو حنوه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪299‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اج إلَْي ِه‬ ‫ضل َعن ح ِ ِ‬


‫اجته‪َ ،‬وأَ ْن يَ ْحتَ َ‬ ‫ط‪ :‬أَ ْن يَ ْف ُ َ ْ َ َ‬ ‫ب بَ ْذ ُل ال َْم ِاء بِثَ ََلثَِة َش َرائِ َ‬ ‫ِ‬
‫َويَج ُ‬
‫يمتِ ِه‪َ ،‬وأَ ْن يَ ُكو َن ِم َّما يُ ْستَ ْخلَ ُ‬
‫ف فِ ْي بِْئ ٍر أ َْو َع ْي ٍن(‪.)1‬‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫غَْي ُرهُ لنَ ْفسه أ َْو لبَ ِه َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن عدد شروط وجوب بذل املاء‪.‬‬
‫واملراد ببذل املاء‪ :‬متكني غريه من أخذ املاء النابع يف ملكه بال مقابل‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيجب بذﻝ الماء بثَلثة شرائط) أي عدد شروط وجوب بذل املاء‬
‫ثالثة‪.‬‬
‫(ﺃﻥ يفضل عن حاجته) أي الشرط األول‪ :‬أن يزيد املاء عما حيتاجه صاحبه‪،‬‬
‫فضل شيء عن حاجته ال جيب بذله لغريه‪.‬‬ ‫وعليه فلو مل يَ ُ‬
‫(ﻭﺃﻥ يحتاﺝ ﺇليه غيره لنفسه ﺃﻭ لبهيمته) أي الشرط الثاين‪ :‬أن تكون حاجة‬
‫غريه للماء إما لشربه أو شرب هبيمته‪ ،‬وعليه فال جيب بذل املاء لسقي شجر‬
‫غريه أو زرعه‪.‬‬
‫(ﻭﺃﻥ يكوﻥ مما يستخلف في بئر أو عين) أي الشرط الثالث‪ :‬أن يكون‬
‫املاء مما يتجدد يف مقره من بئر أو عني‪ ،‬وعليه فلو كان معه ماء يف إناء مل‬
‫جيب بذله لغريه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪300‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الوقف‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل احلادي والعشرون من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الوقف‪.‬‬
‫تعريف الوقف‪:‬‬
‫الوقف لغة‪ :‬احلبس‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬حبس عني مالية على معني أو جهة تُصرف منافعها إليه‪.‬‬ ‫ً‬
‫مثال حبس العني املالية على معني‪ :‬إذا قال‪ :‬هذا البستان وقف على زيد‪،‬‬
‫فنفس البستان ال يُباع‪ ،‬وغلته تُصرف لزيد‪.‬‬
‫مثال حبس العني املالية على جهة‪ :‬إذا قال‪ :‬هذا البستان وقف على طلبة‬
‫العلم‪ ،‬فنفس البستان ال يُباع‪ ،‬وغلته تُصرف لطلبة العلم‪.‬‬
‫أركان الوقف وصورته‪:‬‬
‫أركان الوقف أربعة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬الواقف‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬املوقوف عليه‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬املوقوف‪،‬‬
‫والركن الرابع‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي‪ :‬اللفظ الصادر من الواقف‪ ،‬الدال على الوقف‪.‬‬
‫"وقفت هذا البستان على الفقراء"‪ .‬فالواقف‪ :‬زيد‪،‬‬
‫ُ‬ ‫صورة الوقف‪ :‬أن يقول زيد‪:‬‬
‫واملوقوف عليه‪ :‬الفقراء‪ ،‬واملوقوف‪ :‬البستان‪ ،‬والصيغة‪ :‬قول زيد‪" :‬وقفت إخل"‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬بالوقف ينتقل ملك املوقوف من الواقف إىل اهلل تعاىل‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪301‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ط‪ :‬أَ ْن يَ ُكو َن ِم َّما يُ ْنتَ َف ُع بِ ِه َم َع بَ َق ِاء َع ْينِ ِه‪َ ،‬وأَ ْن‬
‫ْف َجائٌِز بِثَ ََلثَِة َش َرائِ َ‬
‫َوال َْوق ُ‬
‫ود َوفَ ْر ٍع َْل يَ ْن َق ِط ُع‪َ ،‬وأَن َْل يَ ُكو َن فِي َم ْحظُوٍر(‪.)1‬‬ ‫َص ٍل موج ٍ‬
‫يَ ُكو َن َعلَى أ ْ َ ْ ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم الوقف‪.‬‬


‫قوله‪( :‬والوقف) أي حكمه (جائز) أي مباح صحيح (بثَلثة شرائط) أي‬
‫بتحقق شروط ثالثة‪( :‬ﺃﻥ يكوﻥ مما ينتفع به مع بقاء عينه) أي الشرط‬
‫األول‪ :‬أن يكون املوقوف عينًا ميكن االنتفاع هبا مع عدم نقصان يف ذاهتا‬
‫كالدار والكتاب‪ ،‬وعليه فال يصح وقف ما ينتفع به مع ذهاب عينه‪ ،‬كالطعام‪،‬‬
‫فإنه إمنا يكون االنتفاع به بتناوله أي بإتالفه‪.‬‬
‫(ﻭﺃﻥ يكوﻥ على ﺃصل موجوﺩ ﻭفرﻉ ْل ينقطع) أي الشرط الثاين‪ :‬يتضمن‬
‫أمرين‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬أن يكون الوقف على أصل متحقق وجوده عند الوقف‪ ،‬واملراد‬
‫باألصل الطبقة األوىل من املوقوف عليهم‪ ،‬وعليه فلو كان األصل غري متحقق‬
‫الوجود عند الوقف فإن الوقف ال يصح‪ ،‬ويسمى الوقف حينئذ منقطع األول‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬قال‪ :‬وقفت هذه الدار على أوالدي مث على الفقراء‪ ،‬فاألوالد هم‬
‫األصل ألهنم الطبقة األوىل من املوقوف عليهم‪ ،‬فإن كان له أوالد حال الوقف‬
‫صح‪ ،‬وإن مل يكن له أوالد حال الوقف مل يصح‪.‬‬
‫األمر الثاين‪ :‬أن يكون الوقف على فرع يدوم‪ ،‬واملراد بالفرع ما عدا الطبقة األوىل‬
‫منقطعا ال يدوم فإن الوقف ال يصح‪،‬‬‫ً‬ ‫من املوقوف عليهم‪ ،‬وعليه فلو كان الفرع‬
‫ويسمى الوقف حينئذ منقطع اآلخر‪ ،‬واملعتمد يف املذهب أن هذا األمر ال‬
‫يشرتط‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪302‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ضٍ‬
‫يل(‪.)1‬‬ ‫ف ِمن تَ ْق ِد ٍيم وتَأ ِْخي ٍر وتَس ِوي ٍة وتَ ْف ِ‬‫و ُهو َعلَى ما َشر َ ِ‬
‫َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ط ال َْواق ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬

‫مثال ذلك‪ :‬قال‪ :‬وقفت هذه الدار على زيد مث على الفقراء‪ ،‬فالفقراء هم‬
‫الفرع ألهنم الطبقة الثانية من املوقوف عليهم‪ ،‬وهم فرع دائم ال ينقطع‪ ،‬وعليه‬
‫فالوقف صحيح‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬قال‪ :‬وقفت هذه الدار على زيد مث على ذريته‪ ،‬فالذرية هم الفرع‬
‫ألهنم الطبقة الثانية من املوقوف عليهم‪ ،‬وهم فرع منقطع ال يدوم‪ ،‬وعليه‬
‫فالوقف صحيح على املعتمد‪.‬‬
‫(ﻭﺃﻥ ْل يكوﻥ في محظوﺭ) أي الشرط الثالث‪ :‬أن ال يكون الوقف على‬
‫ُحمرم‪ ،‬وعليه فال يصح الوقف على جهة معصية؛ كعمارة البِيَ ِع والكنائس‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن كيفية تقسيم منفعة الوقف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وهو) أي الوقف من حيث كيفية تقسيم منفعته (على ما شرط‬
‫الواقف) أي مبين على اتِّباع ما شرطه الواقف يف صيغته (من تقديم وتأخير)‬
‫كقوله‪ :‬وقفت هذا على أوالدي فإن انقرضوا فعلى أوالدهم‪ ،‬فال يصرف شيء‬
‫من الوقف ألوالد األوالد حىت يذهب أوالد الواقف كلهم (وتسوية) كقوله‪:‬‬
‫وقفت هذا على أوالدي بالسوية بني ذكورهم وإناثهم‪( ،‬وتفضيل) كقوله‪:‬‬
‫وقفت هذا على أوالدي‪ ،‬للذكر مثل حظ األنثيني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪303‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام اهلبة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين والعشرون من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام اهلبة‪.‬‬
‫تعريف اهلبة‪:‬‬
‫وشرعا‪ :‬عقد يقتضي متليك مال يف احلياة بال عوض؛ مسيت‬ ‫اهلبة لغة‪ :‬العطية‪ً .‬‬
‫هبة ألن فيها إعطاء مال لغريه‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬إذا قال عمرو لزيد‪ :‬هذه الدار هبة لك‪ ،‬فهذا َمتليك من عمرو يف‬
‫حال حياته‪ ،‬ملك ماله اليت هي الدار لزيد بال عوض‪.‬‬
‫أركان اهلبة وصورهتا‪:‬‬
‫أركان اهلبة أربعة‪ :‬الركن األول‪ :‬الواهب‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬املوهوب له‪ ،‬والركن‬
‫الثالث‪ :‬املوهوب‪ ،‬والركن الرابع‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي‪ :‬اإلجياب والقبول‪ ،‬فاإلجياب‬
‫هو‪ :‬اللفظ الصادر من الواهب‪ ،‬الدال على ابتداء العقد‪ ،‬والقبو ُل هو‪ :‬اللفظ‬
‫الصادر من املوهوب له‪ ،‬الدال على استجابته للعقد‪.‬‬
‫قبلت"‬
‫صورة اهلبة‪ :‬أن يقول زيد لعمرو‪" :‬وهبتك هذا الكتاب"؛ فيقول عمرو‪ُ " :‬‬
‫فالواهب‪ :‬زيد‪ ،‬واملوهوب له‪ :‬عمرو‪ ،‬واملوهوب‪ :‬الكتاب‪ ،‬واإلجياب‪ :‬قول زيد‪:‬‬
‫"وهبتك إخل"‪ ،‬والقبول‪ :‬قول عمرو‪" :‬قبلت"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪304‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ت ِهبَتُهُ(‪.)1‬‬‫از ْ‬ ‫از بَ ْي عُهُ َج َ‬ ‫َوُك ُّل َما َج َ‬


‫ض(‪.)2‬‬ ‫َوَْل تَل َْزُم الْ ِهبَةُ َّإْل بِالْ َق ْب ِ‬
‫ب أَْﻥ َيْرِجَع فِ َيها َّإْل أَ ْن يَ ُكو َن‬ ‫وب لَهُ لَ ْم يَ ُك ْن لِل َْو ِاه ِ‬ ‫ض َها ال َْم ْو ُه ُ‬ ‫َوإِذَا قَ بَ َ‬
‫َوالِ ًدا(‪.)3‬‬
‫ب َولَِوَرثَتِ ِه ِم ْن بَ ْع ِدهِ(‪.)4‬‬
‫ْم ْرقَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوإِذَا أَ ْع َم َر َش ْيئًا أ َْو أ َْرقَ بَهُ َكا َن لل ُ‬
‫ْم ْع َم ِر أ َْو لل ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن شروط صحة اهلبة اليت تتعلق باملوهوب‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وكل ما جاز بيعه) أي كل شيء صح بيعه (جازت هبته) أي صح أن‬
‫يكون موهوبًا‪ ،‬وعليه فشرط املوهوب أن يكون عينًا قابلة للبيع‪ ،‬وعلى هذا فما‬
‫ال يصح بيعه ال يصح هبته‪ ،‬كاخلمر‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن لزوم اهلبة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل تلزم الهبة) أي ال متلك العني املوهوبة (إْل بالقبض) أي بقبض‬
‫املوهوب له‪ ،‬فإذا قبضها بإذن الواهب دخلت يف ملكه‪ ،‬وعليه فإذا مل يقبضها‬
‫فإهنا ما زالت يف ملك الواهب‪ ،‬فله أن يرتاجع عن اهلبة‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن الرجوع يف اهلبة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫا قبضها الموهوﺏ له لم يكن) أي مل جيز (للواهب ﺃﻥ يرجع‬
‫لدا) أي يستثىن من ذلك أن‬ ‫فيها) أي أن يرتاجع يف هبته (ﺇْل ﺃﻥ يكوﻥ ﻭا ً‬
‫الدا للموهوب له فله أن يرجع يف هبته‪ ،‬والوالد يشمل األب‬ ‫يكون الواهب و ً‬
‫واألم وإن عليا كاجلد واجلدة‪ ،‬وعلى هذا فلو وهب األب البنه د ًارا وقبضها‬
‫االبن‪ ،‬فلألب الرجوع يف هبته وأخذ الدار‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫الرقىب‪.‬‬
‫هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن العُمرى و ُ‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪305‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الرقىب‪ :‬صيغتان خمصوصتان من صيغ اهلبة‪.‬‬


‫والعُمرى و ُ‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫا ﺃعمر شيئًا) أي كأن يقول‪ :‬أعمرتك هذه الدار‪ ،‬يعين هذه الدار هبة‬
‫لك مدة عمرك‪ ،‬فإن مت عادت ل‪ ،‬ومسيت هذه اهلبة عمرى لتقييدها بالعمر‪،‬‬
‫(ﺃﻭ ﺃﺭقبه) أي كأن يقول‪ :‬أرقبتك هذه الدار‪ ،‬يعين وهبتك هذه الدار على أين‬
‫مت قبلك فهي لك‪ ،‬وإن مت قبلي عادت إل‪ ،‬وبذلك مسيت رقىب ألن‬ ‫إن ُّ‬
‫كل واحد منهما يرقب موت صاحبه (كاﻥ) أي صار ذلك الشيء املوهوب‬
‫(للمعمر ﺃﻭ للمرقب) أي مل ًكا للموهوب له إن قبضه (ﻭلوﺭثته من بعده)‬
‫أي فينتقل املوهوب بعد موت املوهوب له لورثته فيملكونه‪ ،‬ويلغو الشرط‬
‫املذكور يف العمرى والرقىب‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪306‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام اللقطة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث والعشرون من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام اللُّ َقطة‪.‬‬
‫تعريف اللُّ َقطة‪:‬‬
‫اللقطة لغة‪ :‬الشيء امللت َقط‪.‬‬
‫ِ‬
‫مستحقه؛ ومسي لقطة ألنه يُلت َقط أي‬ ‫وشرعا‪ :‬املال الذي ال يع ِرف ِ‬
‫امللتقط‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫يؤخذ‪.‬‬
‫َ‬
‫أركان اللقطة‪:‬‬
‫أركان اللقطة ثالثة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬االلتقاط أي األخذ‪ ،‬والركن الثاين‪ِ :‬‬
‫امللتقط‪ ،‬والركن الثالث‪:‬‬
‫اللقطة‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪307‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ات أ َْو طَ ِر ٍيق فَ لَهُ أَ ْخ ُذ َها أ َْو تَ ْرُك َها‪َ ،‬وأَ ْخ ُذ َها أ َْولَى ِم ْن‬ ‫وإِذَا وج َد لَُقطَةً فِي مو ٍ‬
‫ََ‬ ‫َ ََ‬
‫تَ ْركِ َها إ ْن َكا َن َعلَى ثَِق ٍة ِم ْن ال ِْقيَ ِام بِ َها(‪.)1‬‬
‫ِ‬ ‫َخ َذ َها وجب َعلَي ِه أَ ْن ي ْع ِر َ ِ‬
‫اص َها‪َ ،‬و ِوَك َ‬
‫اء َها‪،‬‬ ‫اء َها‪َ ،‬وع َف َ‬ ‫اء‪ِ :‬و َع َ‬ ‫ف ستَّةَ أَ ْشيَ َ‬ ‫َوإِذَا أ َ َ َ َ ْ َ‬
‫س َها‪َ ،‬و َع َد َد َها‪َ ،‬وَوْزنَ َها‪َ ،‬ويَ ْح َفظَ َها فِي ِح ْرِز ِمثْلِ َها(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫َوج ْن َ‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم أخذ اللقطة‪.‬‬
‫ماال ال يعرف ِ‬
‫مستحقه (في مواﺕ)‬ ‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫا ﻭجد) أي الشخص (لقطة) أي ً ُ َ‬
‫أي يف أرض غري مملوكة (ﺃﻭ طريق فله ﺃخذها ﺃﻭ تركها) أي جيوز له األخذ‬
‫والرتك‪ ،‬وأما إذا وجد املال يف موضع مملوك فليس بلقطة بل هو ملالك املوضع‪.‬‬
‫(ﻭﺃخذها ﺃﻭلى من تركها) أي يستحب له أخذها (ﺇﻥ كاﻥ على ثقة من‬
‫القياﻡ بها) أي بشرط أن يعلم من نفسه القيام حبفظها وعدم اخليانة فيها‪،‬‬
‫وعليه فلو مل يعلم من نفسه ذلك مل يستحب له أخذها‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عما جيب على ِ‬
‫امللتقط‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫا ﺃخذها) أي اللقطة (ﻭجب عليه) أي على امللتقط عقب أخذها‬
‫(ﺃﻥ يعرﻑ) أي يف اللقطة (ستة ﺃشياء) واملعتمد يف املذهب أن معرفة هذه‬
‫األشياء يف اللقطة عقب أخذها مستحب وليس بواجب‪ ،‬وأما معرفتها عند‬
‫َمتلُّكها بعد التعريف فواجب‪.‬‬
‫(ﻭعاءها) أي الشيء األول‪ :‬الظرف من جلد أو خرقة أو حنومها (ﻭعفاصها) أي‬
‫الشيء الثاين‪ :‬اجللد الذي يلبس رأس القارورة (ﻭﻭكاءها) أي الشيء الثالث‪ :‬ما‬
‫تُربَط به من خيط أو غريه (ﻭجنسها) أي الشيء الرابع‪ :‬النوع والصفة من نقد أو‬
‫غريه (ﻭعدﺩها ﻭﻭﺯنها) أي الشيئان اخلامس والسادس‪ :‬العدد كاثنني فأكثر‪،‬‬
‫والوزن كرطل أو أكثر‪ ،‬واملراد معرفة القدر فيشمل العدد والوزن والكيل والذرع‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪308‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ض ِع الَّ ِذي‬
‫اج ِد‪ ،‬وفِي الْمو ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫اب الْمس ِ‬
‫ََ‬
‫اد تَ َملُّ َك َها َع َّرفَ َها َسنَةً َعلَى أَبْ َو ِ‬
‫ثُ َّم إ َذا أ ََر َ‬
‫شر ِط الضَّم ِ‬ ‫وج َدها فِ ِيه‪ ،‬فَِإ ْن لَم ي ِج ْد ِ‬
‫ان(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫صاحبَ َها َكا َن لَهُ أَ ْن يَتَ َملَّ َك َها بِ َ ْ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ََ َ‬

‫امللتقط حفظ اللقطة ملالكها إىل ظهوره (في‬‫قوله‪( :‬ﻭيحفظها) أي جيب على ِ‬
‫حرﺯ مثلها) أي يف املكان الذي ُحيفظ فيه مثلها عادة‪ ،‬وعليه فلو مل حيفظها‬
‫يف حرز مثلها ضمنها‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن متلُّك اللقطة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ثم ﺇﺫا ﺃﺭاﺩ) أي امللتقط (تملكها) أي اللقطة (عرفها سنة على‬
‫ﺃبواﺏ المساجد ﻭفي الموضع الذﻱ ﻭجدها فيه) أي وجب عليه أن يعرف‬
‫الناس مدة سنة بأن عنده لقطة‪ ،‬كأن يقول‪ :‬من ضاع منه حيوان‪ ،‬من ضاع منه‬
‫نقود‪ ،‬وحنو ذلك‪ ،‬من غري أن يذكر مجيع أوصافها‪ ،‬ويكون التعريف يف أماكن‬
‫جتمعات الناس‪ ،‬كعند ﺃبواﺏ المساجد عند خروج الناس من اجلماعة ﻭفي‬
‫املكان الذﻱ ﻭجدها فيه‪ ،‬وابتداء السنة من وقت التعريف ال من وقت االلتقاط‪،‬‬
‫(فإﻥ لم يجد صاحبها) أي إذا مضت السنة ومل يظهر مالكها (كاﻥ له) أي‬
‫جاز للملتقط (ﺃﻥ يتملكها) أي اللقطة‪ ،‬ويكون متلُّكها باللفظ كأن يقول‪:‬‬
‫متلكت هذه اللقطة (بشرﻁ الضماﻥ) أي بشرط حتمل ردها أو رد بدهلا عند‬
‫تلفها لصاحبها‪ ،‬فإذا متلكها وظهر صاحبها بعد ذلك؛ فإن كانت اللقطة باقية‬
‫ردها إىل صاحبها‪ ،‬وإن كانت تالفة رد مثلها إن كانت مثلية أو قيمتها إن‬
‫كانت متقومة‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬ظاهر كالم املؤلف أن تعريف اللقطة ال جيب إال إذا أراد امل ِ‬
‫لتقط متلُّكها‪،‬‬
‫أما إذا أراد حفظها فال جيب‪ ،‬واملعتمد يف املذهب وجوب التعريف سواء‬
‫للحفظ أو للتملُّك‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪309‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الد َو ِام‪ ،‬فَ َه َذا ُح ْك ُمهُ‪.‬‬ ‫َح ِد َها‪َ :‬ما يَ ْب َقى َعلَى َّ‬ ‫ب‪ :‬أ َ‬ ‫ضر ٍ‬ ‫ِ‬
‫َوالل َقطَةُ َعلَى أ َْربَ َعة أَ ْ ُ‬
‫ُّ‬
‫ْب‪ ،‬فَ ُه َو ُم َخيَّ ٌر بَ ْي َن أَ ْكلِ ِه َوغُ ْرِم ِه‪ ،‬أ َْو‬ ‫الد َو ِام َكالطَّ َع ِام َّ‬
‫الرط ِ‬ ‫الثَّانِي‪َ :‬ما َْل يَ ْب َقى َعلَى َّ‬
‫صلَ َحةُ ِم ْن‬ ‫ب‪ ،‬فَ يَ ْف َع ُل َما فِ ِيه ال َْم ْ‬ ‫الرطَ ِ‬ ‫ث‪َ :‬ما يَ ْب َقى بِ ِع ََل ٍج َك ُّ‬ ‫ب ْي ِع ِه و ِح ْف ِظ ثَمنِ ِه‪ .‬الثَّالِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ان‪،‬‬ ‫الرابِ ِع‪ :‬ما ي ْحتَاج إلَى نَ َف َق ٍة َكالْحي و ِ‬ ‫ِ ِِ ِ ِِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِِ‬
‫ََ َ‬ ‫بَ ْيعه َوح ْفظ ثَ َمنه‪ ،‬أ َْو تَ ْجفيفه َوح ْفظه‪ُ َ َ َّ .‬‬
‫ان‪َ :‬حيَ َوا ٌن َْل يَ ْمتَنِ ُع بِنَ ْف ِس ِه‪ ،‬فَ ُه َو ُم َخيَّ ٌر بَ ْي َن أَ ْكلِ ِه َوغُ ْرِم ثَ َمنِ ِه‪ ،‬أ َْو تَ ْركِ ِه‬ ‫ضرب ِ‬
‫َو ُه َو َ ْ َ‬
‫ِ‬
‫اق َعلَْي ِه‪ ،‬أ َْو بَ ْي ِع ِه َوح ْف ِظ ثَ َمنِ ِه‪َ .‬و َحيَ َوا ٌن يَ ْمتَنِ ُع بِنَ ْف ِس ِه‪ ،‬فَِإ ْن َو َج َدهُ‬ ‫اْلنْ َف ِ‬
‫َوالتَّطَُّو ِع بِ ِْ‬
‫ض ِر فَ ُه َو ُم َخيَّ ٌر بَ ْي َن ْاْلَ ْشيَ ِاء الث َََّلثَِة فِ ِيه(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫فِي َّ ِ‬
‫الص ْح َراء تَ َرَكهُ‪َ ،‬وإِ ْن َو َج َدهُ في ال َ‬
‫ْح َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن عدد أنواع اللقطة‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭاللقطة على ﺃﺭبعة ﺃضرﺏ) أي عدد أنواع اللقطة أربعة‪:‬‬
‫(ﺃحدها) أي النوع األول‪( :‬ما يبقى على الدﻭاﻡ) أي ما ال يفسد كالذهب‬
‫والفضة (فهذا حكمه) أي حكمه ما سبق من الكالم‪ ،‬وعليه فامللتقط يتخري‬
‫فيه بني حفظه وبني متلكه‪.‬‬
‫(الثاني) أي النوع الثاين‪( :‬ما ْل يبقى) أي على الدوام‪ ،‬بل يفسد (كالطعاﻡ‬
‫الرطب) أي مثل اخلضروات (فهو مخير بين ﺃكله ﻭغرمه ﺃﻭ بيعه ﻭحفظ‬
‫ثمنه) أي حكمه أنه يتخري فيه بني أمرين‪ :‬األمر األول‪ :‬أن يتملكه يف احلال مث‬
‫يأكله ويغرم بدله ملالكه من مثل يف املثلي أو قيمة يف املتقوم‪ ،‬واألمر الثاين‪ :‬أن‬
‫يبيعه وحيفظ مثنه ملالكه‪.‬‬
‫(الثالث) أي النوع الثالث‪( :‬ما يبقى) أي على الدوام (بعَلﺝ) أي مبعاجلة‬
‫مترا (فيفعل ما فيه المصلحة من بيعه‬ ‫كالتجفيف (كالرطب) أي الذي يصري ً‬
‫ﻭحفظ ثمنه ﺃﻭ تجفيفه ﻭحفظه) أي حكمه أنه يفعل املتلقط األنفع للمالك‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪310‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫من أحد أمرين‪ :‬األمر األول‪ :‬أن يبيعه وحيفظ مثنه ملالكه‪ ،‬واألمر الثاين‪ :‬أن‬
‫جيففه وحيفظه ملالكه‪.‬‬
‫(الرابع) أي النوع الرابع‪( :‬ما يحتاﺝ ﺇلى نفقة) أي إىل طعام وشراب‬
‫(كالحيواﻥ) أي كالشاة والبعري (وهو ضربان) أي هذا النوع صنفان‪:‬‬
‫(حيواﻥ ْل يمتنع بنفسه) أي الصنف األول‪ :‬احليوان الذي ليس له قوة يدافع‬
‫السباع‪ ،‬كالشاة (فهو مخير بين ﺃكله ﻭغرﻡ ثمنه ﺃﻭ‬ ‫هبا عن نفسه من صغار ِّ‬
‫تركه ﻭالتطوﻉ باْلنفاﻕ عليه ﺃﻭ بيعه ﻭحفظ ثمنه) أي حكمه أنه يتخري فيه‬
‫بني ثالثة أمور‪ :‬األمر األول‪ :‬أن يتملكه يف احلال مث يأكله ويغرم قيمته ملالكه‪،‬‬
‫واألمر الثاين‪ :‬أن ميسكه ملالكه‪ ،‬وينفق عليه من ماله‪ ،‬واألمر الثالث‪ :‬أن يبيعه‬
‫وحيفظ مثنه ملالكه‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬حمل جواز أكل هذا احليوان إذا وجده يف الصحراء‪ ،‬وأما إذا وجده يف‬
‫احلضر فيمتنع أكله‪ ،‬ويتخري فيه بني األمر الثاين والثالث فقط‪.‬‬
‫(ﻭحيواﻥ يمتنع بنفسه) أي الصنف الثاين‪ :‬احليوان الذي له قوة يدافع هبا عن‬
‫السباع‪ ،‬كالبعري (فإﻥ ﻭجده في الصحراء تركه) أي ال جيوز‬ ‫نفسه من صغار ِّ‬
‫التقاطه يف الصحراء لتملُّكه بل حلفظه ملالكه (ﻭﺇﻥ ﻭجده في الحضر) أي‬
‫كبلدة أو قرية (فهو مخير بين اْلشياء الثَلثة فيه) أي حكمه أنه يتخري فيه‬
‫بني األمور الثالثة يف احليوان الذي ال ميتنع بنفسه‪ ،‬وظاهر كالم املؤلف أنه جيوز‬
‫أكله يف احلضر وليس مر ًادا‪ ،‬بل يتخري فيه بني أمرين فقط‪ :‬األمر األول‪ :‬أن‬
‫ميسكه ملالكه‪ ،‬وينفق عليه من ماله‪ ،‬واألمر الثاين‪ :‬أن يبيعه وحيفظ مثنه ملالكه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪311‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام اللقيط‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع والعشرون من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام اللقيط‪.‬‬
‫تعريف اللقيط‪:‬‬
‫اللقيط لغة‪ :‬مشتق من اللقط وهو األخذ‪.‬‬
‫عرف له كافل‪ ،‬ومسي لقيطًا‬‫ذكرا أو أنثى الذي ال يُ َ‬
‫وشرعا‪ :‬الصغري سواء كان ً‬‫ً‬
‫ألنه غالبًا يوجد مرميًا على الطريق فيلتقط منها أي يؤخذ‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪312‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْك َفايَِة(‪.)1‬‬ ‫اجبةٌ َعلَى ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوإِذَا ُو ِج َد لَِقي ٌ‬


‫ط بَِقا ِر َعة الطَّ ِر ِيق فَأَ ْخ ُذهُ َوتَ ْربِيَتُهُ َوَك َفالَتُهُ َو َ‬
‫َوَْل يُ َق ُّر َّإْل فِي يَ ِد أ َِمي ٍن(‪.)2‬‬
‫ال أَنْ َف َق علَي ِه ال ِ ِ‬ ‫فَِإ ْن ُو ِج َد َم َعهُ َم ٌ‬
‫ال فَ نَ َف َقتُهُ‬ ‫ْحاك ُم م ْنهُ‪َ ،‬وإِ ْن لَ ْم يُ َ‬
‫وج ْد َم َعهُ َم ٌ‬ ‫َْ َ‬
‫ال(‪.)3‬‬‫ت الْم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م ْن بَ ْي َ‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم أخذ اللقيط وما جيب له‪.‬‬
‫ذكرا أو أنثى ال كافل له (بقاﺭعة‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫا ﻭجد لقيط) أي صغري سواء كان ً‬
‫الطريق) أي مرميًّا يف وسط الطريق‪ ،‬واملراد هنا مطلق الطريق وحنوها كأبواب‬
‫املساجد (فأخذه) أي التقاطه (ﻭتربيته) أي تعهده مبا يصلحه (ﻭكفالته) أي‬
‫حفظه وتربيته‪ ،‬وعلى هذا فهو من عطف العام على اخلاص لشمول الكفالة‬
‫لألخذ والرتبية‪( .‬ﻭاجبة) أي حكمها مفروضة (على الكفاية) أي إذا قام هبا‬
‫من يكفي سقط اإلمث عن الباقني‪ ،‬فإن مل يلتقطه أحد أمث اجلميع‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي شروط الالقط‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل يقر) أي ال يرتك اللقيط (إْل في يد أمين) أي يشرتط يف الالقط أن‬
‫يكون أمينًا‪ ،‬واألمني هنا‪ :‬املسلم البالغ العاقل احلر العدل‪ ،‬وعليه فلو كان‬
‫الالقط كافرا أو صبيًّا أو جمنونًا أو رقي ًقا أو فاس ًقا انتزع احلاكم اللقيط منه‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن النفقة على اللقيط‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فإﻥ ﻭجد معه) أي اللقيط (ماﻝ ﺃنفق عليه الحاكم منه) أي بأن يأذن‬
‫لِالقط أن ينفق على اللقيط من ماله (ﻭﺇﻥ لم يوجد معه) أي اللقيط (ماﻝ‬
‫فنفقته في بيت الماﻝ) أي يُن َفق عليه من بيت املال‪.‬‬
‫وبيت املال هو‪ :‬الذي يضع اإلمام فيه أموال املسلمني اليت حتصل هلم ويفرقها عليهم‪.‬‬
‫ويفهم من كالم املؤلف‪ :‬أنه أي ال يلزم الالقط النفقة من ماله على اللقيط‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪313‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الوديعة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل اخلامس والعشرون من كتاب البيوع‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الوديعة‪.‬‬
‫تعريف الوديعة‪:‬‬
‫الوديعة لغة‪ :‬مشتقة من الودع أي الرتك‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬طلب حفظ عني من غريه وتركها عنده‪.‬‬ ‫ً‬
‫أركان الوديعة وصورهتا‪:‬‬
‫أركان الوديعة أربعة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬الـم ِ‬
‫ودع‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬الوديع‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬الوديعة أي العني‬ ‫ُ‬
‫املودعة‪ ،‬والركن الرابع‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي‪ :‬اللفظ الصادر من ا ِ‬
‫ملودع‪ ،‬الدال على‬ ‫َ‬
‫الوديعة‪.‬‬
‫صورة الوديعة‪ :‬أن يقول زيد لعمرو‪" :‬أودعتك هذا الكتاب"؛ فيأخذه عمرو‪.‬‬
‫فاملودع‪ :‬زيد‪ ،‬والوديع‪ :‬عمرو‪ ،‬والوديعة‪ :‬الكتاب‪ ،‬والصيغة‪ :‬قول زيد‪" :‬أودعتك‬ ‫ِ‬
‫إخل"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخس مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪314‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ام بِ ْاْل ََمانَِة فِ َيها(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ال َْوِد َيعةُ أ ََمانَةٌ‪َ ،‬ويُ ْستَ َح ُّ‬
‫ب قَ بُولُ َها ل َم ْن قَ َ‬
‫َّعدِّي(‪.)2‬‬‫ض َم ُن َّإْل بِالت َ‬ ‫َوَْل يَ ْ‬
‫ِّها َعلَى الْم ِ‬
‫ود ِع(‪.)3‬‬ ‫ُ‬ ‫ول فِي َرد َ‬‫ود ِع َم ْقبُ ٌ‬‫َوقَ ْو ُل ال ُْم َ‬
‫َو َعلَْي ِه أَ ْن يَ ْح َفظَ َها فِي ِح ْرِز ِمثْلِ َها(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم الوديعة‪.‬‬


‫املودعة (ﺃمانة) أي يف يد الوديع‪ ،‬فالقصد منها احلفظ‪،‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭالوﺩيعة) أي العني َ‬
‫وينبين على أهنا أمانة ما سيأيت يف املسألتني الثانية والثالثة‪( .‬ﻭيستحب قبولها)‬
‫أي أخذها (لمن قاﻡ باْلمانة فيها) أي للذي يعلم من نفسه القيام حبفظها‬
‫وعدم اخليانة فيها‪ ،‬وعليه فلو مل يعلم من نفسه ذلك مل يستحب له قبوهلا‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن ضمان الوديعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭْل يضمن) أي ال يتحمل الوديع رد بدل الوديعة عند تلفها (ﺇْل‬
‫بالتعدﻱ) أي بالتفريط‪ ،‬وهذا مبين على أن الوديعة أمانة‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬أودع عنده إناء فاستعمله من غري إذنه وتلف‪ ،‬فعليه قيمة اإلناء‪،‬‬
‫وأما إذا مل يفرط‪ ،‬كأن وضع اإلناء يف ِحرز ومل يستعمله‪ ،‬و ُس ِرق‪ ،‬فال ضمان‬
‫عليه‪ ،‬أي ال يتحمل قيمته‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن حكم قول الوديع يف الرد‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭقوﻝ الموﺩﻉ مقبوﻝ في ﺭﺩها على الموﺩﻉ) أي إذا ادعى الوديع‬
‫املودع فيصدق الوديع بيمينه ويقبل قوله‪ ،‬وهذا مبين على أن‬ ‫رد الوديعة على ِ‬
‫الوديعة أمانة‪.‬‬
‫(‪ )4‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عما جيب على الوديع‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪315‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ض ِم َن(‪.)1‬‬ ‫ب بِ َها فَ لَ ْم يُ ْخ ِر ْج َها َم َع الْ ُق ْد َرةِ َعلَْي َها َحتَّى تَلِ َف ْ‬ ‫ِ‬
‫ت َ‬ ‫َوإِ َذا طُول َ‬

‫قوله‪( :‬ﻭعليه ﺃﻥ يحفظها) أي جيب على الوديع حفظ الوديعة (في حرﺯ‬
‫مثلها) أي يف املكان الذي ُحيفظ فيه مثلها عادة‪ ،‬وعليه فلو مل حيفظها يف حرز‬
‫مثلها ضمنها‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي املطالبة برد الوديعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫا طولب) أي الوديع (بها) أي بالوديعة (فلم يخرجها) أي مل‬
‫ِ‬
‫ع من أخذها (مع القدﺭﺓ عليها) أي مع متكنه من إخراجها وقت‬ ‫ميَُ ِّكن املود َ‬
‫طلبها (حتى تلفت ضمن) أي َحتمل الوديع رد بدل الوديعة مبثلها إن كانت‬
‫مثلية أو قيمتها إن كانت متقومة‪ ،‬وأما إذا أخر إخراجها بعذر كأن يكون‬
‫مشغوال بصالة مل يضمن‪.‬‬
‫ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪316‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫كتاب الفرائض والوصايا‬


‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب الثاين من قسم األموال‪.‬‬


‫تعريف الفرائض والوصايا‪:‬‬
‫الفرائض لغة‪ :‬مجع فريضة‪ ،‬مبعىن مفروضة أي مقدرة‪.‬‬
‫شرعا‪.‬‬
‫وسيأيت تعريفها ً‬
‫والوصايا لغة‪ :‬مجع وصية‪ ،‬وهي الوصل‪.‬‬
‫شرعا‪.‬‬
‫وسيأيت تعريفها ً‬
‫عدد فصول هذا الكتاب‪:‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن فصلني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪317‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الفرائض‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب الفرائض والوصايا‪.‬‬


‫واملؤلف مل يذكر هذا الفصل‪ ،‬وإمنا ذكرته بناء على احملتوى الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الفرائض‪.‬‬
‫تعريف الفرائض‪:‬‬
‫الفرائض يف الشرع تتضمن أمرين‪ :‬األمر األول‪َ :‬من يرث؟ أي َمن احلي الذي‬
‫ينتقل مال امليت إليه‪ ،‬واألمر الثاين‪ :‬كم يرث؟ أي كم من املال ينتقل إليه‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬هلك هالك أي مات عن زوجة‪ ،‬وأخ شقيق‪ ،‬وخال‪.‬‬
‫فبالفرائض يُعرف أن الزوجة واألخ يرثان دون اخلال‪ ،‬وهبا يُعرف أن نصيب‬
‫الزوجة مقدر‪ ،‬وهو الربع‪ ،‬ونصيب األخ الباقي‪.‬‬
‫ومسي هذان األمران بالفرائض؛ ألن بعض الورثة نصيبهم مقدر‪ ،‬كنصيب‬
‫الزوجة‪ ،‬كما يف املثال السابق‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬تعريف اإلرث وأركانه وشروطه وأسبابه وموانعه‪:‬‬
‫اإلرث لغة‪ :‬البقاء واالنتقال‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬بقاء مال امليت‪ ،‬وانتقاله إىل احلي لسبب‪.‬‬ ‫ً‬
‫وأركانه ثالثة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬ال ُـم ِّورث‪ ،‬وهو الشخص الذي يَنتَ ِقل املال منه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪318‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الركن الثاين‪ :‬الوارث‪ ،‬وهو الشخص الذي يَنتَ ِقل املال إليه‪.‬‬
‫املورث إىل الوارث‪.‬‬
‫الركن الثالث‪ :‬املرياث‪ ،‬وهو املال الذي ينتقل من ِّ‬
‫وشروطه ثالثة‪:‬‬
‫املورث‪.‬‬
‫الشرط األول‪ :‬حتقق موت ِّ‬
‫املورث‪.‬‬
‫موت ِّ‬ ‫الشرط الثاين‪ :‬حتقق حياة الوارث‪ ،‬وقت ِ‬
‫َ‬
‫الشرط الثالث‪ :‬وجود سبب اإلرث‪ ،‬وانتفاء املانع‪.‬‬
‫وأسبابه ثالثة‪:‬‬
‫السبب األول‪ :‬النسب‪ ،‬وهو القرابة‪.‬‬
‫السبب الثاين‪ :‬النكاح‪ ،‬وهو عقد الزواج الصحيح‪.‬‬
‫السبب الثالث‪ :‬الوالء‪ ،‬وهو قرابة حكمية بني املعتِق وعتيقه‪.‬‬
‫وموانعه ثالثة‪:‬‬
‫املانع األول‪ِ :‬ر ُّق الوارث‪.‬‬
‫املانع الثاين‪ :‬قتل ُم ِّورثه‪.‬‬
‫املانع الثالث‪ :‬اختالف دينهما‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع عشرة مسألة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪319‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْج ُّد‬
‫َب‪َ ،‬وال َ‬
‫ِ‬ ‫ال َع َ ِ‬
‫ش َرةٌ‪ :‬اْلبْ ُن‪َ ،‬وابْ ُن اْلبْ ِن َوإِ ْن َس َف َل‪َ ،‬و ْاْل ُ‬ ‫َوال َْوا ِرثُو َن ِم ْن ِّ‬
‫الر َج ِ‬
‫اع َدا‪،‬‬‫اخى‪َ ،‬وال َْع ُّم‪َ ،‬وابْ ُن ال َْع ِّم َوإِ ْن تَبَ َ‬ ‫َخ َوإِ ْن تَ َر َ‬‫َخ‪َ ،‬وابْ ُن ْاْل ِ‬ ‫َوإِ ْن َع ََل‪َ ،‬و ْاْل ُ‬
‫ت ِاْلبْ ِن َوإِ ْن‬ ‫ات ِمن الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‪َ ،‬وبِْن ُ‬ ‫ِّساء َس ْب ٌع‪ :‬الْبِْن ُ‬‫ج‪َ ،‬وال َْم ْولَى ال ُْم ْعت ُق‪َ .‬وال َْوا ِرثَ ُ ْ َ‬ ‫الزْو ُ‬
‫َو َّ‬
‫الزْو َجةُ‪ ،‬وال َْم ْوَْلةُ ال ُْم ْعتِ َقةُ(‪.)1‬‬ ‫ت‪َ ،‬و ْاْلُ ْخ ُ‬
‫ت‪َ ،‬و َّ‬ ‫ْج َّدةُ َوإِ ْن َعلَ ْ‬
‫ت‪َ ،‬و ْاْل ُُّم‪َ ،‬وال َ‬‫َس َفلَ ْ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد الورثة اجملمع على توريثهم‪.‬‬
‫ومجلة ذلك أن الورثة اجملمع على توريثهم سبعة عشر‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والوارثون من الرجال عشرة) أي الذين يرثون من الذكور إمجاالً‬
‫عددهم عشرة‪ ،‬وهم على ثالثة أقسام‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬الوارثون بالنسب وهم مثانية‪( :‬اْلبن وابن اْلبن وإن سفل) أي‬
‫اثنان من جهة الوالدة ومها األول‪ :‬االبن‪ ،‬والثاين‪ :‬ابن االبن وإن نزل مبحض‬
‫الذكور‪ ،‬واملقصود مبحض الذكور هنا وفيما بعده‪ :‬أن ال يكون بينهم أنثى‪ ،‬كابن‬
‫ابن االبن‪ ،‬وابن ابن ابن االبن‪( .‬واْلب والج ّد وإن عَل) أي اثنان من جهة‬
‫اجلد أبو األب‪ ،‬وإن عال مبحض الذكور‪،‬‬ ‫األبوة ومها األول‪ :‬األب‪ ،‬والثاين‪ُّ :‬‬
‫كأيب أيب األب‪ ،‬وأيب أيب أيب األب‪( .‬واْلخ وابن اْلخ وإن تراخى) أي اثنان‬
‫من جهة األخوة ومها األول‪ :‬األخ مطل ًقا الشقيق أو ألب أو ألم‪ ،‬والثاين‪ :‬ابن‬
‫والعم وابن‬
‫األخ الشقيق أو ألب وإن بَـعُد مبحض الذكور‪ ،‬كابن ابن األخ‪ّ ( .‬‬
‫العم وإن تباعدا) أي اثنان من جهة العمومة ومها األول‪ :‬العم الشقيق أو ألب‬ ‫ِّ‬
‫وإن بَـعُد مبحض الذكور‪ ،‬كعم األب‪ ،‬وعم أيب األب‪ ،‬والثاين‪ :‬ابن العم الشقيق‬
‫أو ألب وإن بعد مبحض الذكور‪ ،‬كابن ابن العم‪ ،‬وابن ابن ابن العم‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬الوارث بالنكاح (و) هو واحد‪( :‬الزوج)‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪320‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الصل ِ‬
‫ْب(‪.)1‬‬ ‫ان‪ ،‬و ْاْلَب و ِ‬
‫ان‪َ ،‬وَولَ ُد ُّ‬ ‫ال َخمسةٌ‪ِ َّ :‬‬
‫ط بِ َح ٍ‬
‫الزْو َج َ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َوَم ْن َْل يَ ْس ُق ُ‬

‫القسم الثالث‪ :‬الوارث بالوالء (و) هو واحد‪( :‬المولى المعتق) أي السيد املعتِق‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والوارثات من النساء سبع) أي الاليت يرثن من اإلناث إمجاالً عددهن‬
‫سبع‪ ،‬وهن على ثالثة أقسام‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬الوارثات بالنسب وهن مخس‪( :‬البنت وبنت اْلبن وإن سفلت)‬
‫أي اثنتان من جهة الوالدة ومها األوىل‪ :‬البنت‪ ،‬والثانية‪ :‬بنت االبن وإن نزل‬
‫مبحض الذكور‪ ،‬كبنت ابن االبن‪ ،‬وبنت ابن ابن االبن‪( .‬واْلم والجدة وإن‬
‫علت) أي اثنتان من جهة األمومة ومها األوىل‪ :‬األم‪ ،‬والثانية‪ :‬اجلدة سواء من‬
‫جهة األم‪ ،‬كأم األم‪ ،‬أو من جهة األب‪ ،‬كأم األب وأم أيب األب‪( .‬واْلخت)‬
‫أي واحدة من جهة األخوة وهي األخت مطل ًقا الشقيقة أو ألب أو ألم‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬الوارثة بالنكاح (و) هي واحدة‪( :‬الزوجة)‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬الوارثة بالوالء (و) هي واحدة‪( :‬الموْلة المعتقة) أي السيدة‬
‫املعتِقة‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬اجلدة اليت بينها وبني امليت جد غري وارث ال ترث‪ ،‬كأم أيب األم‪ ،‬وأم أيب‬
‫أم األب‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫دائما‪.‬‬
‫هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد الذين يرثون ً‬
‫قوله‪( :‬ومن ْل يسقط بحال خمسة) أي عدد الذين يرثون ً‬
‫دائما مخسة‪.‬‬
‫(الزوجان) أي األول والثاين‪ :‬الزوج والزوجة‪.‬‬
‫(واْلبوان) أي الثالث والرابع‪ :‬األب واألم‪.‬‬
‫الصلب) أي اخلامس‪ :‬ولد امليت املباشر‪ ،‬ويشمل االبن والبنت‪.‬‬ ‫(وولد ُّ‬
‫ومفهوم كالمه‪ :‬أن غري هؤالء من الورثة قد يرثون وقد ال يرثون‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪321‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ب‪َ ،‬والْ َقاتِ ُل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وَم ْن َْل يَ ِر ُ ِ ٍ‬


‫ث ب َحال َس ْب َعةٌ‪ :‬ال َْع ْب ُد‪َ ،‬وال ُْم َدبَّ ُر‪َ ،‬وأ ُُّم ال َْولَد‪َ ،‬وال ُْم َكاتَ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ َّ ِ (‪)1‬‬
‫َوال ُْم ْرتَ ُّد‪َ ،‬وأ َْه ُل ملتَ ْين ‪.‬‬

‫فائدة‪ :‬املنع من اإلرث قسمان‪:‬‬


‫القسم األول‪ :‬منع الوارث من اإلرث حرمانًا أو نقصانًا بسبب وجود من هو‬
‫أوىل منه‪ ،‬ويسمى احلجب‪ ،‬وسيأيت الكالم عليه يف املسألة الثانية عشر‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬منع الوارث من اإلرث بسبب وجود وصف فيه‪ ،‬وتسمى موانع‬
‫اإلرث‪ ،‬وسيأيت الكالم عنها يف املسألة التالية‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أبدا‪.‬‬
‫هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن عدد الذين ال يرثون ً‬
‫قوله‪( :‬ومن ْل يرث بحال سبعة) أي عدد الورثة الذين ال يرثون أب ًدا بسبب‬
‫وصف فيهم سبعة‪.‬‬
‫مقدمات العتق‪،‬‬‫الق ُّن أي الذي مل يتعلق به شيء من ِّ‬ ‫(العبد) أي األول‪ :‬اململوك ِ‬
‫عبدا‪ ،‬واألنثى تسمى أمة‪.‬‬
‫ذكرا أو أنثى‪ ،‬واملشهور أن الذكر يسمى ً‬ ‫سواء كان ً‬
‫(والمدبر) أي الثاين‪ :‬اململوك الذي علق السيد عت َقه مبوته‪ ،‬سواء كان ذكًرا أو‬
‫مت فأنت حر‪.‬‬ ‫أنثى‪ ،‬مثل أن يقول لعبده‪ :‬إذا ُّ‬
‫(وأم الولد) أي الثالث‪ :‬اململوكة اليت أتت بولد من سيدها‪.‬‬
‫(والمكاتب) أي الرابع‪ :‬اململوك الذي كتب السيد بينه وبينه كتابًا على مال‬
‫حرا‪.‬‬
‫مؤجل‪ ،‬يسعى يف حتصيله‪ ،‬فإن حصل عليه قبل انتهاء األجل صار ً‬
‫ويشري املؤلف بذكر هؤالء األربعة إىل أن سبب منعهم من اإلرث هو الرق‪.‬‬
‫أخ رقيق‪ ،‬فاألخ يرث أخاه بسبب النسب‪،‬‬ ‫مثال ملانع الرق‪ :‬هلك رجل عن ٍ‬ ‫ٌ‬
‫إال أنه ُمينع من اإلرث هنا مبانع الرق‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪322‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َب‬‫َخ لِ ْْل ِ‬ ‫َب‪ ،‬ثُ َّم أَبُوهُ‪ ،‬ثُ َّم ْاْل ُ‬ ‫وأَقْرب الْع ِ ِ‬
‫صبَات‪ :‬اْلبْ ُن‪ ،‬ثُ َّم ابْ نُهُ‪ ،‬ثُ َّم ْاْل ُ‬ ‫َ َُ َ َ‬
‫َب‪ ،‬ثُ َّم ال َْع ُّم‬‫َخ لِ ْْل ِ‬ ‫َخ لِ ْْل ِ‬
‫َب َو ْاْل ُِّم‪ ،‬ثُ َّم ابْ ُن ْاْل ِ‬ ‫َب‪ ،‬ثُ َّم ابْ ُن ْاْل ِ‬‫َخ لِ ْْل ِ‬
‫َو ْاْل ُِّم‪ ،‬ثُ َّم ْاْل ُ‬
‫ات فَال َْم ْولَى ال ُْم ْعتِ ُق(‪.)1‬‬
‫صبَ ُ‬ ‫يب‪ ،‬ثُ َّم ابْ نُهُ؛ فَِإذَا عُ ِد َم ْ‬
‫ت ال َْع َ‬ ‫َعلَى َه َذا الت َّْرتِ ِ‬

‫(والقاتل) أي اخلامس‪ :‬الشخص الذي قتل ِّ‬


‫مورثه‪ ،‬سواء كان القتل عم ًدا أو‬
‫خمتارا‪ ،‬ويشري املؤلف هبذا إىل أن سبب منعه‬
‫مكرًها أو ً‬‫غريه‪ ،‬وسواء كان القاتل َ‬
‫من اإلرث هو القتل‪.‬‬
‫مثال ملانع القتل‪ُ :‬معتِق قَـتَ َل عتي َقه‪ ،‬فاملعتق يرث العتيق بسبب الوالء‪ ،‬إال أنه‬
‫ٌ‬
‫ُمينع من اإلرث هنا مبانع القتل‪.‬‬
‫(والمرتد) أي السادس‪ :‬الراجع عن دين اإلسالم إىل الكفر‪ ،‬فال يرث املر ُّ‬
‫تد‬
‫أحدا وال يُ َورث‪.‬‬
‫ً‬
‫(وأهل ملتين) أي السابع‪ :‬أهل دينني خمتلفني‪ ،‬كملة اإلسالم وملة الكفر ألن‬
‫الكفر ُكله ملة واحدة وإن اختلف‪ ،‬كيهودية ونصرانية وغريمها‪ ،‬وعليه فال يرث‬
‫افر ولو اختلف دينهما‪،‬‬ ‫الكافر الك َ‬
‫ُ‬ ‫املسلم‪ ،‬ويرث‬
‫َ‬ ‫الكافر‪ ،‬وال الكا ُفر‬
‫َ‬ ‫املسلم‬
‫ُ‬
‫اليهودي النصراين‪ ،‬والنصراينُّ اليهودي‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫وعليه فريث‬
‫ويشري املؤلف بذكر السادس والسابع إىل أن سبب منعهما من اإلرث هو‬
‫اختالف الدين‪.‬‬
‫مثال ملانع اختالف الدين‪ :‬هلك مسلم عن زوجته الكتابية‪ ،‬فالزوجة ترث‬ ‫ٌ‬
‫زوجها بسبب النكاح‪ ،‬إال أهنا ُمتنع من اإلرث هنا مبانع اختالف الدين‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن ترتيب العصبات‪.‬‬
‫ومجلة ذلك أن الوارث باعتبار الفرض والتعصيب قسمان‪:‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪323‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫القسم األول‪ :‬ذو فرض‪ ،‬أي صاحب فرض‪ ،‬وهو‪ :‬من له نصيب مقدر‪،‬‬
‫وسيأيت الكالم عن ذوي الفروض يف املسائل اآلتية‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬عصبة‪ ،‬وهو‪ :‬من له نصيب غري مقدر‪.‬‬
‫والعصبة يف اللغة‪ :‬مشتقة من العصب‪ ،‬وهو‪ :‬اإلحاطة‪ ،‬أو الشد‪.‬‬
‫وعصبة الرجل هم‪ :‬بنوه وقرابته من جهة أبيه‪ ،‬مسوا بذلك ألهنم حميطون به‪،‬‬
‫فاألب طرف‪ ،‬واالبن طرف‪ ،‬والعم جانب واألخ جانب‪ ،‬أو ألهنم يشُّد‬
‫عدوهم‪.‬‬
‫بعضهم أزر بعض فيمتنعون من ِّ‬
‫والعصبة نوعان‪ :‬النوع األول‪ :‬عصبة النسب‪ ،‬والنوع الثاين‪ :‬عصبة الوالء‪.‬‬
‫ولفظ عصبة يُطلق على الواحد وعلى اجلماعة‪.‬‬
‫وحكم العصبة أنه إما أن يكون له املال كله إذا انفرد‪ ،‬أو الباقي بعد أخذ ذوي‬
‫الفروض فروضهم‪ ،‬فإن مل يَبق شيء سقط‪.‬‬
‫أخ شقيق‪ ،‬فاألخ الشقيق عصبة‪،‬‬ ‫العصبة له املال كله‪ :‬هلك هالك عن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مثال‬
‫وليس معه ذو فرض‪ ،‬فله املال كله‪.‬‬
‫العصبة له الباقي‪ :‬هلك هالك عن زوجة‪ ،‬وأخ شقيق‪ ،‬فالزوجة ذات‬ ‫ِ‬ ‫مثال‬
‫فرض‪ ،‬وفرضها الربع‪ ،‬واألخ الشقيق عصبة فله الباقي‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وأقرب العصبات) أي أوالهم بالتقدمي باإلرث عند وجود أكثر من واحد‬
‫منهم (اْلبن ثم ابنه) أي ابن االبن وإن نزل؛ كابن ابن االبن (ثم اْلب ثم أبوه)‬
‫أي اجلد أبو األب‪ ،‬وإن عال كأيب أيب األب (ثم اْلخ لْلب واْلم) أي األخ‬
‫الشقيق (ثم اْلخ لْلب ثم ابن اْلخ لْلب واْلم) أي ابن األخ الشقيق وإن‬
‫نزل؛ كابن ابن األخ الشقيق (ثم ابن اْلخ لْلب) أي وإن نزل؛ كابن ابن األخ‬
‫ألب (ثم العم على هذا الترتيب) أي فيقدم العم الشقيق مث العم لألب (ثم‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪324‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ُّم ُن‪،‬‬
‫الربُ ُع‪َ ،‬والث ُ‬
‫ف‪َ ،‬و ُّ‬ ‫اب اللَّ ِه تَ َعالَى ِستَّةٌ‪ :‬الن ْ‬
‫ِّص ُ‬ ‫وض ال ُْم َق َّد َرةُ فِي كِتَ ِ‬
‫َوالْ ُف ُر ُ‬
‫س(‪.)1‬‬ ‫والثُّلُثَ ِ‬
‫ان‪َ ،‬والثُّلُ ُ‬
‫الس ُد ُ‬
‫ث‪َ ،‬و ُّ‬ ‫َ‬

‫ابنه) أي ابن العم‪ ،‬ويكون على ترتيب أبيه فيقدم ابن العم الشقيق وإن نزل؛‬
‫كابن ابن العم الشقيق مث ابن العم لألب وإن نزل؛ كابن ابن العم لألب‪.‬‬
‫حيجب املؤخر‪.‬‬
‫وفائدة القرب أن املقدم منهم ُ‬
‫مثال ذلك‪ :‬هلك هالك عن أب‪ ،‬وجد‪ ،‬وأخ‪ ،‬وابن أخ‪ ،‬وعم‪ ،‬وابن عم‪ ،‬فغري‬
‫األب حمجوبون به‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬هلك هالك عن ابن أخ‪ ،‬وعم‪ ،‬وابن عم‪ ،‬فغري ابن األخ حمجوبون به‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬كالم املؤلف يقتضي أن اجلد ُمقدم يف اإلرث على اإلخوة‪ ،‬وليس‬
‫كذلك؛ ألن اجلد يشارك اإلخوة على تفصيل مذكور يف املطوالت‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فإن عدمت العصبات) أي من النسب (فالمولى المعتق) أي السيد‬
‫ذكرا كان أو أنثى‪ ،‬وعليه فال يرث إال بشرط فَـ ْق ِد عصبة النسب‪ ،‬فلو‬ ‫املعتق ً‬
‫ُوِجد أحد من عصبة النسب فإنه ُحي َجب‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬هلك هالك عن ابنه‪ ،‬ومعتقه‪ ،‬فاملعتق حمجوب باالبن‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن عدد الفروض املذكورة يف كتاب اهلل تعاىل‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والفروض المقدرة في كتاب الل ستة) أي عدد الفروض املذكورة يف‬
‫نصا ستة‪.‬‬
‫القرآن الكرمي ً‬
‫(النصف والربع والثمن) أي النصف‪ ،‬ونصفه‪ ،‬ونصف نصفه‪ ،‬فالنصف هو‪:‬‬
‫جزء من جزأين‪.‬‬
‫دينارا‪ ،‬نصفها اثنا عشر؛ ألهنا إذا قُ ِّس َمت إىل‬
‫مثال ذلك‪ :‬أربعة وعشرون ً‬
‫جزأين يكون كل جزء منها اثين عشر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪325‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ت ِم ْن ْاْل ِ‬
‫َب َو ْاْل ُِّم‪،‬‬ ‫ت ِاْلبْ ِن‪ ،‬و ْاْلُ ْخ ِ‬ ‫ت‪ ،‬وبِْن ِ‬ ‫ض َخم ٍ ِ ِ‬
‫سة‪ :‬الْب ْن َ‬
‫َ‬ ‫ف فَ ْر ُ ْ َ‬ ‫ِّص ُ‬
‫فَالن ْ‬
‫الزْو ِج إذَا لَ ْم يَ ُك ْن َم َعهُ َولَ ٌد(‪.)1‬‬ ‫ت ِم ْن ْاْل ِ‬
‫َب‪َ ،‬و َّ‬ ‫و ْاْلُ ْخ ِ‬
‫َ‬

‫والربع هو‪ :‬جزء من أربعة أجزاء‪.‬‬


‫دينارا‪ ،‬ربعها ستة؛ ألهنا إذا قُ ِّس َمت إىل أربعة أجزاء‬
‫مثال ذلك‪ :‬أربعة وعشرون ً‬
‫يكون كل جزء منها ستة‪.‬‬
‫والثمن هو‪ :‬جزء من مثانية أجزاء‪.‬‬
‫دينارا‪ ،‬مثنها ثالثة؛ ألهنا إذا قُ ِّس َمت إىل مثانية أجزاء‬
‫مثال ذلك‪ :‬أربعة وعشرون ً‬
‫يكون كل جزء منه اثالثة‪.‬‬
‫(والثلثان والثلث والسدس) أي الثلثان‪ ،‬ونصفه‪ ،‬ونصف نصفه‪ ،‬فالثلثان هو‪:‬‬
‫جزءان من ثالثة أجزاء‪.‬‬
‫دينارا‪ ،‬ثلثاها ستة عشر؛ ألهنا إذا قُ ِّس َمت إىل ثالثة‬
‫مثال ذلك‪ :‬أربعة وعشرون ً‬
‫أجزاء يكون جزءان منها ستة عشر‪.‬‬
‫والثلث هو‪ :‬جزء من ثالثة أجزاء‪.‬‬
‫دينارا‪ ،‬ثلثها مثانية؛ ألهنا إذا قُ ِّس َمت إىل ثالثة أجزاء‬
‫مثال ذلك‪ :‬أربعة وعشرون ً‬
‫يكون كل جزء منها مثانية‪.‬‬
‫والسدس هو‪ :‬جزء من ستة أجزاء‪.‬‬
‫دينارا‪ ،‬سدسها أربعة؛ ألهنا إذا قُ ِّس َمت إىل ستة‬ ‫مثال ذلك‪ :‬أربعة وعشرون ً‬
‫أجزاء يكون كل جزء منها أربعة‪.‬‬
‫فأي صاحب فرض فإن فرضه ال خيرج عن هذه الفروض الستة‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن عدد أصحاب فرض النصف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فالنصف فرض خمسة) أي عدد من يرث النصف مخسة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪326‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الزوج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ات َم َع‬ ‫الزْو ِج َم َع ال َْولَد أ َْو َولَد اْلبْ ِن‪َ ،‬وا َّلزْو َجة أَ ْو َّ ْ َ‬
‫ض اثْ نَ ْي ِن‪َّ :‬‬‫الربُ ُع فَ ْر ُ‬ ‫َو ُّ‬
‫َع َدِم ال َْولَ ِد أ َْو َولَ ِد ِاْلبْ ِن(‪.)1‬‬

‫(البنت) أي األول‪ :‬البنت‪ ،‬وترث النصف بشرطني‪ :‬األول‪ :‬أن ال يكون هلا‬
‫معصب‪ ،‬أي ابن للميت‪ ،‬والثاين‪ :‬أن ال يكون هلا مماثل‪ ،‬أي بنت أخرى للميت‪.‬‬
‫(وبنت اْلبن) أي الثاين‪ :‬بنت االبن‪ ،‬وترث النصف بثالثة شروط‪ :‬األول‪ :‬أن ال‬
‫يكون للميت ولد‪ ،‬سواء كان ابنًا أو بنتًا‪ ،‬والثاين‪ :‬أن ال يكون هلا معصب‪ ،‬أي‬
‫ابن ابن للميت‪ ،‬والثالث‪ :‬أن ال يكون هلا مماثل‪ ،‬أي بنت ابن أخرى للميت‪.‬‬
‫(واْلخت من اْلب واْلم) أي الثالث‪ :‬األخت الشقيقة‪ ،‬وترث النصف بأربعة‬
‫شروط‪ :‬األول‪ :‬أن ال يكون للميت ولد أو ولد ابن‪ ،‬سواء كان الولد ابنًا أو‬
‫بنت اب ٍن‪ ،‬والثاين‪ :‬أن ال يكون للميت‬ ‫ابن اب ٍن أو َ‬
‫بنتًا‪ ،‬وسواء كان ولد االبن َ‬
‫أب‪ ،‬والثالث‪ :‬أن ال يكون هلا معصب‪ ،‬أي أخ شقيق للميت‪ ،‬والرابع‪ :‬أن ال‬
‫يكون هلا مماثل‪ ،‬أي أخت شقيقة أخرى للميت‪.‬‬
‫(واْلخت من اْلب) أي الرابع‪ :‬األخت ألب‪ ،‬وترث النصف خبمسة شروط‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن ال يكون للميت ولد أو ولد ابن‪ ،‬سواء كان الولد ابنًا أو بنتًا‪ ،‬وسواء‬
‫بنت اب ٍن‪ ،‬والثاين‪ :‬أن ال يكون للميت أب‪ ،‬والثالث‪ :‬أن‬
‫ابن اب ٍن أو َ‬
‫كان ولد االبن َ‬
‫ال يكون للميت أحد من اإلخوة األشقاء‪ ،‬والرابع‪ :‬أن ال يكون هلا معصب‪ ،‬أي أخ‬
‫ألب للميت‪ ،‬واخلامس‪ :‬أن ال يكون هلا مماثل‪ ،‬أي أخت ألب أخرى للميت‪.‬‬
‫(والزوج إذا لم يكن معه ولد) أي اخلامس‪ :‬الزوج بشرط واحد‪ ،‬وهو‪ :‬أن ال‬
‫يكون للزوجة امليتة ولد أو ولد ابن‪ ،‬سواء كان الولد ابنا أو بنتا‪ ،‬وسواء كان‬
‫بنت اب ٍن‪.‬‬
‫ابن اب ٍن أو َ‬
‫ولد االبن َ‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة السابعة‪ ،‬وهي عن عدد أصحاب فرض الربع‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪327‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ات َم َع ال َْولَ ِد أ َْو َولَ ِد ِاْلبْ ِن(‪.)1‬‬


‫الزوج ِ‬ ‫والثُّمن فَ رض‪ِ َّ :‬‬
‫الزْو َجة َو َّ ْ َ‬ ‫َ ُُ ْ ُ‬
‫ض أ َْربَ َع ٍة‪ :‬الْبِْنتَ ْي ِن‪َ ،‬وبِْنتَي ِاْلبْ ِن‪َ ،‬و ْاْلُ ْختَ ْي ِن ِم ْن ْاْل ِ‬
‫َب َو ْاْل ُِّم‪،‬‬ ‫والثُّلُثَ ِ‬
‫ان فَ ْر ُ‬ ‫َ‬
‫َو ْاْلُ ْختَ ْي ِن ِم ْن ْاْلَب ‪.‬‬
‫ِ (‪) 2‬‬

‫قوله‪( :‬والربع فرض اثنين) أي عدد من يرث الربع اثنان‪.‬‬


‫(الزوج مع الولد أو ولد اْلبن) أي األول‪ :‬الزوج بشرط واحد‪ ،‬وهو‪ :‬أن‬
‫يكون للزوجة امليتة ولد أو ولد ابن‪ ،‬سواء كان الولد ابنًا أو بنتًا‪ ،‬وسواء كان‬
‫بنت اب ٍن‪.‬‬
‫ابن ابن أو َ‬ ‫ولد االبن َ‬
‫(والزوجة أو الزوجات مع عدم الولد أو ولد اْلبن) أي الثاين ممن يرث‬
‫الربع‪ :‬الزوجة أو الزوجات بشرط واحد‪ ،‬وهو‪ :‬أن ال يكون للزوج امليت ولد أو‬
‫ابن اب ٍن أو َ‬
‫بنت‬ ‫ولد ابن‪ ،‬سواء كان الولد ابنًا أو بنتًا‪ ،‬وسواء كان ولد االبن َ‬
‫اب ٍن‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثامنة‪ ،‬وهي عن صاحب فرض الثمن‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والثمن فرض الزوجة والزوجات مع الولد أو ولد اْلب ِن) أي أن الثمن‬
‫ترثه الزوجة أو الزوجات بشرط واحد‪ ،‬وهو‪ :‬أن يكون للزوج امليت ولد أو ولد‬
‫ابن‪ ،‬سواء كان الولد ابنًا أو بنتًا‪ ،‬وسواء كان ولد االبن اب َن اب ٍن أو َ‬
‫بنت ابن‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة التاسعة‪ ،‬وهي عن عدد أصحاب فرض الثلثني‪.‬‬
‫ومجلة ذلك‪ :‬أن أصحاب فرض الثلثني هم أصحاب فرض النصف إذا تعددوا‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والثلثان فرض أربعة) أي عدد من يرث الثلثني أربعة‪.‬‬
‫(البنتين) أي األول‪ :‬البنتان فأكثر‪ ،‬وترثان الثلثني بشرط واحد‪ ،‬وهو‪ :‬أن ال‬
‫يكون هلما معصب‪ ،‬أي ابن للميت‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪328‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اع ًدا ِم ْن‬


‫ث فَ رض اثْ ن ي ِن‪ :‬اْل ُِّم إ َذا لَم تُحجب‪ ،‬وهو لَِِلثْ ن ي ِن فَص ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ ْ َ ْ َ َُ‬ ‫َوالثُّلُ ُ ْ ُ َ ْ‬
‫ات ِم ْن َولَ ِد ْاْل ُِّم(‪.)1‬‬
‫اْل ْخوةِ و ْاْلَ َخو ِ‬
‫ِْ َ َ َ‬

‫(وبنتي اْلبن) أي الثاين‪ :‬بنتا االبن فأكثر‪ ،‬وترثان الثلثني بشرطني‪ :‬األول‪ :‬أن‬
‫ال يكون للميت ولد‪ ،‬أي ابن أو بنت والثاين‪ :‬أن ال يكون هلما معصب‪ ،‬أي‬
‫ابن اب ِن للميت‪.‬‬
‫(واْلختين من اْلب واْلم) أي الثالث‪ :‬األختان الشقيقتان فأكثر‪ ،‬وترثان‬
‫الثلثني بثالثة شروط‪ :‬األول‪ :‬أن ال يكون للميت ولد أو ولد ابن‪ ،‬سواء كان‬
‫بنت اب ٍن‪ ،‬والثاين‪ :‬أن ال‬
‫ابن اب ٍن أو َ‬
‫الولد ابنًا أو بنتًا‪ ،‬وسواء كان ولد االبن َ‬
‫يكون للميت أب‪ ،‬والثالث‪ :‬أن ال يكون هلا معصب‪ ،‬أي أخ شقيق للميت‪.‬‬
‫(واْلختين من اْلب) أي الرابع‪ :‬األختان ألب فأكثر‪ ،‬وترثان الثلثني بأربعة‬
‫شروط‪ :‬األول‪ :‬أن ال يكون للميت ولد أو ولد ابن‪ ،‬سواء كان الولد ابنا أو‬
‫بنت اب ٍن‪ ،‬والثاين‪ :‬أن ال يكون للميت‬‫ابن اب ٍن أو َ‬
‫بنتا‪ ،‬وسواء كان ولد االبن َ‬
‫أب‪ ،‬والثالث‪ :‬أن ال يكون للميت أحد من اإلخوة األشقاء‪ ،‬والرابع‪ :‬أن ال‬
‫يكون هلا معصب‪ ،‬أي أخ ألب للميت‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة العاشرة‪ ،‬وهي عن عدد أصحاب فرض الثلث‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والثلث فرض اثنين) أي عدد من يرث الثلث اثنان‪.‬‬
‫حجب) أي األول‪ :‬األم إذا مل ُحت َجب حجب نقصان‪ُ ،‬‬
‫وحت َجب‬ ‫(اْلم إذا لم تُ َ‬
‫األم نقصانًا ـ ـ أي ُمتنع من أوفر حظيها وهو الثلث ـ ـ إذا كان للميت ولد أو ولد‬
‫ابن‪ ،‬أو كان له اثنان فأكثر من اإلخوة‪ ،‬سواء كانوا أشقاء أو ألب أو ألم‪،‬‬
‫ذكورا أو إناثًا‪ ،‬وعلى هذا فرتث األم الثلث بشرطني‪ :‬األول‪ :‬أن ال‬
‫وسواء كانوا ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪329‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اع ًدا ِم ْن‬ ‫الس ُدس فَ رض سب ع ٍة‪ :‬ا ْْل ُِّم مع الْولَ ِد أَو ولَ ِد ِاْلب ِن أَو اثْ ن ي ِن فَص ِ‬
‫ْ ْ َْ َ‬ ‫ََ َ ْ َ‬ ‫َو ُّ ُ ْ ُ َ ْ َ‬
‫الصل ِ‬ ‫ت ِاْلبْ ِن مع بِْن ِ‬ ‫ات‪ ،‬و ُهو لِلْج َّدةِ ِع ْن َد َع َدِم ْاْل ُِّم‪ ،‬ولِبِْن ِ‬
‫اْل ْخوةِ و ْاْل َ ِ‬
‫ْب‪،‬‬ ‫ت ُّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َخ َو َ َ َ‬ ‫ِْ َ َ‬
‫َب َم َع ال َْولَ ِد‬
‫ض ْاْل ِ‬ ‫ت ِم ْن ْاْل ِ‬
‫َب َو ْاْل ُِّم‪َ ،‬و ُه َو فَ ْر ُ‬ ‫َب مع ا ْْلُ ْخ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َو ُه َو ل ْْلُ ْخت م ْن ْاْل ِ َ َ‬
‫اح ِد ِم ْن َولَ ِد‬‫َب‪ ،‬وهو فَ رض الْو ِ‬
‫ْج ِّد ع ْن َد َع َدِم ْاْل ِ َ ُ َ ْ ُ َ‬
‫أَو ولَ ِد ِاْلب ِن‪ ،‬وفَ رض ال ِ‬
‫ْ َ ْ ُ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ْاْل ُِّم(‪.)1‬‬

‫يكون للميت ولد وال ولد ابن‪ ،‬والثاين‪ :‬أن ال يكون للميت اثنان فأكثر من‬
‫اإلخوة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وهو لَلثنين فصاع ًدا من اْلخوة واْلخوات من ولد اْلم) أي الثاين‬
‫كورا أو إناثًا‪،‬‬
‫ممن يرث الثلث‪ :‬االثنان فأكثر من اإلخوة ألم‪ ،‬سواء كانوا ذ ً‬
‫ويتقامسونه بينهم بالسوية الذكر مثل األنثى‪ ،‬وجمموع كالم املؤلف يدل على‬
‫أهنم يرثون الثلث بشرط واحد‪ ،‬وهو‪ :‬أن ال ُحي َجبوا‪ ،‬وسيأيت من حيجبهم يف‬
‫املسألة الثانية عشر‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة احلادية عشر‪ ،‬وهي عن عدد أصحاب فرض السدس‪.‬‬
‫والسدس فرض سبعة) أي عدد من يرث السدس سبعة‪.‬‬ ‫قوله‪ُّ ( :‬‬
‫(اْلم مع الولد أو ولد اْلب ِن أو اثنين فصاعدا من اْلخوة واْلخوات) أي‬
‫األول‪ :‬األم بشرط واحد‪ ،‬وهو‪ :‬أن يكون للميت ولد أو ولد اب ٍن‪ ،‬أو اثنان فأكثر‬
‫ذكورا أو إناثًا‪.‬‬
‫من اإلخوة‪ ،‬سواء كانوا أشقاء أو ألب أو ألم‪ ،‬وسواء كانوا ً‬
‫قوله‪( :‬وهو للجدة عند عدم اْلم) أي الثاين ممن يرث السدس‪ :‬اجلدة‪ ،‬سواء‬
‫كانت اجلدة من جهة األم أو من جهة األب‪ ،‬وسواء كانت واحدة أو أكثر‬
‫بشرط واحد‪ ،‬وهو‪ :‬أن ال ُحت َجب‪ ،‬وحتجبها أم امليت‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪330‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(ولبنت اْلبن مع بنت الصلب) أي الثالث ممن يرث السدس‪ :‬بنت االبن‪،‬‬
‫سواء كانت واحدة أو أكثر‪ ،‬وترث السدس بثالثة شروط‪ :‬األول‪ :‬أن ال يكون‬
‫للميت ابن‪ ،‬والثاين‪ :‬أن يكون للميت بنت واحدة فقط‪ ،‬والثالث‪ :‬أن ال يكون‬
‫هلا معصب‪ ،‬أي ابن ابن للميت‪.‬‬
‫(وهو لْلخت من اْلب مع اْلخت من اْلب واْلم) أي الرابع ممن يرث‬
‫السدس‪ :‬األخت ألب سواء كانت واحدة أو أكثر‪ ،‬وترث السدس خبمسة‬
‫شروط‪ :‬األول‪ :‬أن ال يكون للميت ولد أو ولد ابن‪ ،‬سواء كان الولد ابنًا أو‬
‫بنت اب ٍن‪ ،‬والثاين‪ :‬أن ال يكون للميت‬
‫ابن اب ٍن أو َ‬
‫بنتًا‪ ،‬وسواء كان ولد االبن َ‬
‫أب‪ ،‬والثالث‪ :‬أن ال يكون للميت أخ شقيق‪ ،‬والرابع‪ :‬أن يكون للميت أخت‬
‫شقيقة واحدة فقط‪ ،‬واخلامس‪ :‬أن ال يكون هلا معصب‪ ،‬أي أخ ألب للميت‪.‬‬
‫قوله‪(:‬وهو فرض اْلب مع الولد أو ولد اْلب ِن) أي اخلامس ممن يرث‬
‫السدس‪ :‬األب بشرط واحد‪ ،‬وهو‪ :‬أن يكون للميت ولد أو ولد ابن‪ ،‬سواء‬
‫ابن اب ٍن أو َ‬
‫بنت ابن‪.‬‬ ‫لد االبن َ‬
‫كان الولد ابنًا أو بنتًا‪ ،‬وسواء كان و ُ‬
‫قوله‪( :‬وفرض الج ّد عند عدم اْلب) أي السادس ممن يرث السدس‪ :‬اجلد‬
‫بشرطني‪ :‬األول‪ :‬أن ال يكون للميت أب‪ ،‬والثاين‪ :‬أن يكون للميت ولد أو ولد‬
‫ابن‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬لألب واجلد يف إرثهما ثالث حاالت‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬إذا مل يكن معه ولد امليت فهو عصبة‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬هلك هالك‬
‫عن أب‪ ،‬وجدة أم األم‪ ،‬فاجلدة هلا السدس‪ ،‬والباقي لألب‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬إذا كان معه ولد امليت الذكر‪ ،‬فهو ذو فرض‪ ،‬وفرضه السدس‪،‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬هلك هالك عن ابن‪ ،‬وأب‪ ،‬فاألب له السدس‪ ،‬والباقي لالبن‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪331‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ط َولَ ُد ْاْل ُِّم َم َع أ َْربَ َع ٍة‪:‬‬ ‫َب‪َ .‬ويَ ْس ُق ُ‬ ‫اد بِ ْاْل ِ‬ ‫ات بِ ْاْل ُِّم‪َ ،‬و ْاْل ْ‬
‫َج َد ُ‬ ‫ْج َّد ُ‬
‫ط ال َ‬ ‫َوتَ ْس ُق ُ‬
‫َب َو ْاْل ُِّم َم َع ثَََلثٍَة‪ِ :‬اْلبْ ِن‪،‬‬ ‫ط َولَ ُد ْاْل ِ‬ ‫ْجدِّ‪َ .‬ويَ ْس ُق ُ‬‫َب‪َ ،‬وال َ‬ ‫ال َْولَ ِد‪َ ،‬وَولَ ِد ِاْلبْ ِن‪َ ،‬و ْاْل ِ‬
‫ب َو ْاْل ُِّم(‪.)1‬‬ ‫َب بِ َه ُؤَْل ِء الث َََّلثَِة‪َ ،‬وبِ ْاْل ِ‬
‫َخ لِ ْْلَ ِ‬ ‫ط َولَ ُد ْاْل ِ‬
‫َب‪َ .‬ويَ ْس ُق ُ‬‫َوابْ ِن ِاْلبْ ِن‪َ ،‬و ْاْل ِ‬

‫احلالة الثالثة‪ :‬إذا كان معه ولد امليت األنثى‪ ،‬فهو ذو فرض وعصبة‪ ،‬فله فرضه‬
‫الذي هو السدس‪ ،‬وإن بقي شيء بعد إعطاء أصحاب الفروض فروضهم‪ ،‬فله‬
‫الباقي تعصيبًا‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬هلك هالك عن بنت‪ ،‬وأب‪ ،‬فالبنت هلا النصف‪،‬‬
‫فرضا‪ ،‬وله الباقي أي الثلث تعصيبًا‪.‬‬
‫واألب له السدس ً‬
‫قوله‪( :‬وهو فرض الواحد من ولد اْلم) أي السابع ممن يرث السدس‪ :‬الواحد‬
‫ذكرا أو أنثى‪ ،‬وجمموع كالم املؤلف يدل على أنه يرث‬ ‫من اإلخوة ألم‪ ،‬سواء كان ً‬
‫الثلث بشرط واحد‪ ،‬وهو‪ :‬أن ال ُحي َجب‪ ،‬وسيأيت من حيجبه يف املسألة التالية‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية عشر‪ ،‬وهي عن احلجب‪.‬‬
‫ومجلة ذلك‪ :‬أن احلجب نوعان‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬حجب حرمان‪ ،‬وهو‪ :‬أن ُمينَع الوارث من اإلرث بالكلية‪ ،‬وهو‬
‫مراد املؤلف هبذه املسألة‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬هلك هالك عن أم‪ ،‬وجدة‪ ،‬فاألم ذات فرض‪ ،‬واجلدة ذات فرض‪ ،‬واألم‬
‫حتجب اجلدة؛ أي أن وجود األم مينع اجلدة من اإلرث‪.‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬حجب نقصان‪ ،‬وهو‪ :‬أن ُمينَع الوارث من أوفر حظيه‪ ،‬وهذا يفهم‬
‫تلقائيًّا مما مر من املسائل من غري النص عليه بلفظ احلجب‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬هلك هالك عن ابن وأم‪ ،‬فاألم ذات فرض‪ ،‬وفرضها الثلث أو السدس‪،‬‬
‫واالبن حيجب األم من الثلث إىل السدس‪ ،‬أي أن وجود االبن مينع األم من‬
‫أوفر حظيها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪332‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬وتسقط الجدات باْلم) أي مجيع اجلدات حتجبهن األم‪ ،‬سواء كانت‬
‫اجلدة من جهة األم أو من جهة األب‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬هلك هالك عن أم‪ ،‬وجدة أم األم‪ ،‬وجدة أم األب‪ ،‬فاجلدتان‬
‫حمجوبتان باألم‪.‬‬
‫(واْلجداد باْلب) أي مجيع األجداد حيجبهم األب‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬هلك هالك عن أب‪ ،‬وجد‪ ،‬فاجلد حمجوب باألب‪.‬‬
‫(ويسقط ولد اْلم مع أربعة الولد وولد اْلبن واْلب والجدِّ) أي األخ ألم‬
‫واألخت ألم حيجبهما أربعة‪ :‬األول‪ :‬ولد امليت‪ ،‬سواء كان ابنًا أو بنتًا‪ ،‬الثاين‪:‬‬
‫بنت ابن‪ ،‬الثالث‪ :‬األب‪ ،‬الرابع‪ :‬اجلد‪.‬‬‫ابن اب ٍن أو َ‬
‫ولد االبن‪ ،‬سواء كان َ‬
‫مثال ذلك‪ :‬هلك هالك عن بنت‪ ،‬وأخ ألم‪ ،‬وأخت ألم‪ ،‬فاألخ واألخت‬
‫حمجوبان بالبنت‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬هلك هالك عن أب‪ ،‬وأختني ألم‪ ،‬فاألختان حمجوبتان باألب‪.‬‬
‫(ويسقط ولد اْلب واْلم مع ثَلثة اْلبن وابن اْلبن واْلب) أي األخ‬
‫الشقيق واألخت الشقيقة حيجبهما ثالثة‪ :‬األول‪ :‬االبن‪ ،‬الثاين‪ :‬ابن االبن‪،‬‬
‫الثالث األب‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬هلك هالك عن ابن‪ ،‬وأخ شقيق‪ ،‬وأخت شقيقة‪ ،‬فاألخ واألخت‬
‫حمجوبان باالبن‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬هلك هالك عن أب‪ ،‬وأختني شقيقتني‪ ،‬فاألختان حمجوبتان باألب‪.‬‬
‫(ويسقط ولد اْلب بهؤْلء الثَلثة وباْلخ لْلب واْلم) أي األخ ألب‬
‫واألخت ألب حيجبهما أربعة‪ :‬األول‪ :‬االبن‪ ،‬الثاين‪ :‬ابن االبن‪ ،‬الثالث‪ :‬األب‪،‬‬
‫الرابع‪ :‬األخ الشقيق‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪333‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َخ‬ ‫َخ ِم ْن ْاْل ِ‬


‫َب َو ْاْل ُِّم‪َ ،‬و ْاْل ُ‬ ‫َخ َواتِ ِه ْم‪ِ :‬اْلبْ ُن‪َ ،‬وابْ ُن ِاْلبْ ِن‪َ ،‬و ْاْل ُ‬
‫صبُو َن أ َ‬
‫َوأ َْربَ َعةٌ يُ َع ِّ‬
‫َب(‪.)1‬‬ ‫ِم ْن ْاْل ِ‬
‫ام‪َ ،‬وبَنُو ْاْلَ ْع َم ِام‪َ ،‬وبَنُو ْاْل ِخ‪،‬‬ ‫وأَرب عةٌ ي ِرثُو َن ُدو َن أ َ ِ‬
‫َخ َوات ِه ْم َو ُه ْم‪ْ :‬اْلَ ْع َم ُ‬ ‫َ َْ َ َ‬
‫ات ال َْم ْولَى ال ُْم ْعتِ ِق(‪.)2‬‬
‫صبَ ُ‬ ‫َو َع َ‬

‫مثال ذلك‪ :‬هلك هالك عن ابن ابن‪ ،‬وأخ ألب‪ ،‬فاألخ حمجوب بابن االبن‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬هلك هالك عن أخ شقيق‪ ،‬وأخت ألب‪ ،‬فاألخت ألب حمجوبة‬
‫باألخ الشقيق‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة عشر‪ ،‬وهي عن عدد الذين يعصبون أخواهتم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وأربعة يعصبون أخواتهم) أي عدد الذين يعصبون أخواهتم أربعة‪ ،‬واملراد‬
‫بتعصيبهن أي جيعلوهنن عصبة مثلهم يرثن بال تقدير‪ ،‬فيكون للذكر مثل حظ‬
‫األنثيني‪.‬‬
‫عصب بنت االبن‬ ‫عصب البنت الواحدة فأكثر (وابن اْلبن) أي يُ ِّ‬
‫(اْلبن) أي يُ ِّ‬
‫عصب األخت الشقيقة‬ ‫الواحدة فأكثر )واْلخ من اْلب واْلم) أي الشقيق يُ ِّ‬
‫عصب األخت ألب الواحدة فأكثر‪.‬‬ ‫الواحدة فأكثر (واْلخ من اْلب) أي يُ ِّ‬
‫مثال ذلك‪ :‬هلك هالك عن ابن‪ ،‬وبنت‪ ،‬فاملال بينهما للذكر مثل حظ‬
‫األنثيني‪ ،‬أي جيعل املال ثالثة أسهم‪ ،‬لالبن سهمان‪ ،‬وللبنت سهم‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬هلك هالك عن أخ شقيق‪ ،‬وأختني شقيقتني‪ ،‬فاملال بينهم للذكر‬
‫مثل حظ األنثيني‪ ،‬أي جيعل املال أربعة أسهم‪ ،‬لألخ سهمان‪ ،‬ولكل أخت‬
‫سهم‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة عشر‪ ،‬وهي عن عدد الذين يرثون دون أخواهتم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪334‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬وأربعة يرثون دون أخواتهم) أي عدد الذين يرثون دون أن ترث‬
‫أخواهتم أربعة‪.‬‬
‫(وهم اْلعمام وبنو اْلعمام وبنو اْلخ) أي أن العمات وبنات العم وبنات‬
‫األخ ال يرثن‪.‬‬
‫(وعصبات المولى المعتق) أي إذا مات السيد املعتِق قبل عتيقه فإنه يقوم‬
‫مقامه يف اإلرث من عتيقه أقرب ذكر من عصبته‪ ،‬وال يعصب هذا الذكر أخته‪،‬‬
‫وعليه فال ترث‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬هلك زيد املعتِق‪ ،‬مث هلك عمرو العتيق عن أخوين للمعتِق‪،‬‬
‫أحدمها أخ شقيق‪ ،‬وثانيهما أخت شقيقة‪ ،‬فأما أخت املعتق الشقيقة فإهنا‬
‫عصبة باألخ الشقيق‪ ،‬ولكنها هنا ال ترث ألهنا أنثى‪ ،‬واألنثى ال تقوم مقام‬
‫املعتق‪ ،‬وعليه فيكون املال كله ألخ املعتق الشقيق‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪335‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الوصية‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب الفرائض والوصايا‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الوصايا‪.‬‬
‫تعريف الوصية‪:‬‬
‫الوصية عند الفقهاء هلا معنيان‪:‬‬
‫املعىن األول‪ :‬التربع جبزء من املال مضاف ملا بعد املوت‪ ،‬مثل أن يوصي إلنسان‬
‫ومسِّ َي وصية ألنه وصل ما كان يف حياته مبا بعد موته‪.‬‬
‫بربع ماله؛ ُ‬
‫املعىن الثاين‪ :‬إثبات تصرف لشخص مضاف ملا بعد املوت‪ ،‬ويسمى إيصاءً‪،‬‬
‫مثل أن يوصي إىل إنسان برعاية أوالده أو بقضاء ديونه‪.‬‬
‫أركان الوصية وصورهتا‪:‬‬
‫أركان الوصية أربعة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬املوصي‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬املوصى له‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬املوصى به‪،‬‬
‫والركن الرابع‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي‪ :‬اللفظ الصادر من املوصي‪ ،‬الدال على الوصية‪.‬‬
‫صورة الوصية‪ :‬أن يقول زيد‪" :‬أوصيت لعم ٍرو بربع مال"‪ .‬فاملوصي‪ :‬زيد‪،‬‬
‫واملوصى له‪ :‬عمرو‪ ،‬واملوصى به‪ :‬ربع املال‪ ،‬والصيغة‪" :‬أوصيت إخل "‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪336‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫أركان اإليصاء وصورته‪:‬‬


‫أركان اإليصاء أربعة‪ :‬الركن األول‪ :‬املوصي‪ ،‬والركن الثاين‪ِ :‬‬
‫الوصي‪ ،‬والركن‬
‫الثالث‪ :‬املوصى فيه‪ ،‬والركن الرابع‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي‪ :‬اللفظ الصادر من املوصي‪،‬‬
‫الدال على اإليصاء‪.‬‬
‫صورة اإليصاء‪ :‬أن يقول زيد‪" :‬أوصيت لعم ٍرو يف رعاية أوالدي وقضاء ديوين"‪.‬‬
‫فاملوصي‪ :‬زيد‪ ،‬والوصي‪ :‬عمرو‪ ،‬واملوصى فيه‪ :‬رعاية األوالد وقضاء الديون‪،‬‬
‫والصيغة‪" :‬أوصيت إخل"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخس مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪337‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ود َوال َْم ْع ُد ِوم(‪.)1‬‬


‫ول‪ ،‬والْموج ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتَج ُ ِ‬
‫وز ال َْوصيَّةُ بِال َْم ْعلُوم َوال َْم ْج ُه ِ َ َ ْ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ازةِ ال َْوَرثَِة(‪.)2‬‬
‫إج َ‬ ‫اد ُوقِ َ‬ ‫ث‪ ،‬فَِإ ْن َز َ‬ ‫و ِهي ِمن الثُّلُ ِ‬
‫ف َعلَى َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم الوصية باجملهول املعدوم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وتجوز الوصية) أي تباح وتصح (بالمعلوم والمجهول والموجود‬
‫عدوما أي‬
‫موجودا حال الوصية‪ ،‬أو م ً‬ ‫ً‬ ‫والمعدوم) أي بشيء معلوم‪ ،‬سواء كان‬
‫جودا‬
‫غري موجود حال الوصية‪ ،‬وجتوز الوصية أيضا بشيء جمهول‪ ،‬سواء كان مو ً‬
‫معدوما أي غري موجود حال الوصية‪.‬‬
‫ً‬ ‫حال الوصية‪ ،‬أو‬
‫مثال الوصية باملعلوم املوجود‪ :‬أوصيت لفالن هبذا العبد‪.‬‬
‫مثال الوصية باملعلوم املعدوم‪ :‬أوصيت لفالن بعشر شياه مما ستُنتِجه غنمي اليت‬
‫هي من النوع الفالين‪.‬‬
‫مثال الوصية باجملهول املوجود‪ :‬أوصيت لفالن هبذه الدراهم وهي جمهولة القدر‪.‬‬
‫مثال الوصية باجملهول املعدوم‪ :‬أوصيت لفالن بثمر هذه الشجرة‪ ،‬قبل وجود‬
‫الثمرة‪.‬‬
‫موجودا‪.‬‬
‫ً‬ ‫لوما أو‬
‫ومقتضى كالم املؤلف أنه ال يشرتط يف املوصى به أن يكون مع ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن الوصية مبا زاد عن الثلث‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وهي من الثلث) أي ُخترج الوصية من ثلث مال املوصي َ‬
‫وقت موته‪،‬‬
‫سواء كانت الوصية يف حال صحته أو يف حال مرضه‪( ،‬فإن زادت) أي إن‬
‫كانت الوصية بأكثر من ثلث مال املوصي (وقف على إجازة الورثة) أي مل‬
‫جيز تنفيذ ما زاد على الثلث‪ ،‬إال إذا أذن الورثة بذلك‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬رجل له أربعة أبناء‪ ،‬فأوصى لشخص ال يرثه بنصف الرتكة‪ ،‬فال‬
‫جيوز تنفيذ ما زاد على الثلث‪ ،‬إال إذا أذن الورثة‪ ،‬فإذا أذنوا أُعطي نصف‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪338‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ث َّإْل أَ ْن يُ ِج َيزَها بَاقِي ال َْوَرثَِة(‪.)1‬‬ ‫صيَّةُ لِوا ِر ٍ‬


‫وز الْو ِ‬
‫َ‬ ‫َوَْل تَ ُج ُ َ‬
‫يل اللَّ ِه تَ َعالَى(‪.)2‬‬
‫ك َوفِي َسبِ ِ‬ ‫صيَّةُ ِمن ُك ِّل بالِ ٍغ َعاقِ ٍل لِ ُك ِّل متَملِّ ٍ‬‫وز الْو ِ‬
‫َُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َوتَ ُج ُ َ‬

‫الرتكة‪ ،‬مث قسم الباقي بني األبناء‪ ،‬وإذا مل يأذنوا أُعطي ثلث الرتكة‪ ،‬مث قسم‬
‫الباقي بني األبناء‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن الوصية لوارث‪.‬‬
‫والوارث هو‪ :‬من يرث امليت ِ‬
‫املوص َي‪.‬‬ ‫َ‬
‫قوله‪( :‬وْل تجوز الوصية) أي ال تنفذ وصية امليت )لوارث) أي ألحد ورثته‬
‫إذا أوصى له بشيء من ماله (إْل أن يجيزها باقي الورثة) أي يستثىن من‬
‫ذلك إذا أذن بقية الورثة بتنفيذها‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬رجل له أربعة أبناء‪ ،‬فأوصى ألحد أبنائه بربع الرتكة‪ ،‬فال تنفذ‬
‫الوصية؛ ألن االبن وارث‪ ،‬إال إذا أذن بقية األبناء بتنفيذها‪ ،‬فإذا أذنوا أُعطي‬
‫ربع الرتكة مث قسم الباقي بينهم بالسوية‪ ،‬وإذا مل يأذنوا قسمت الرتكة كلها‬
‫بينهم بالسوية‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عمن جتوز وصيته ومن جتوز الوصية له‪.‬‬
‫وصي أن يكون‬ ‫قوله‪( :‬وتجوز الوصية من كل بالغ عاقل) أي يشرتط يف امل ِ‬
‫كافرا‪ ،‬وعليه فال تصح الوصية إذا كان‬ ‫مسلما أو ً‬
‫ً‬ ‫عاقال‪ ،‬سواء كان‬ ‫بالغًا ً‬
‫املوصي صبيًّا أو جمنونًا‪.‬‬
‫تملِّك وفي سبيل الل تعالى) أي َ‬
‫املوصى له على صورتني‪:‬‬ ‫قوله‪( :‬لكل ُم َ‬
‫الصورة األوىل‪ :‬أن يكون معيـنًا‪ ،‬كقوله‪ :‬أوصيت لزيد بكذا‪ ،‬فيشرتط فيه أن‬
‫عاقال أو جمنونًا‪ ،‬وأشار إليه‬
‫أهال للملك‪ ،‬سواء كان صبيًّا أو بالغًا‪ً ،‬‬ ‫يكون ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪339‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫صٍ‬
‫ال‪ِْ :‬‬
‫اْل ْس ََل ُم‪َ ،‬والْبُ لُوغُ‪،‬‬ ‫ت فِ ِيه َخم ِ‬ ‫ص ُّح الْو ِ‬ ‫وتَ ِ‬
‫سخَ‬
‫ْ ُ‬ ‫اجتَ َم َع ْ‬
‫صيَّةُ إلَى َم ْن ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْح ِّريَّةُ‪َ ،‬و ْاْل ََمانَةُ ‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫َوال َْع ْق ُل‪َ ،‬وال ُ‬

‫تملِّك)‪ ،‬وعلى هذا فال تصح الوصية إذا كان املوصى له‬ ‫املؤلف بقوله‪( :‬لكل ُم َ‬
‫دابة‪ ،‬ألهنا ليست أهال للملك‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أن يكون غري معني‪ ،‬أي جهة عامة‪ ،‬كقوله‪ :‬أوصيت للفقراء‬
‫غري معصية‪ ،‬وأشار إليه املؤلف بقوله‪( :‬ويف سبيل‬ ‫بكذا‪ ،‬فيشرتط فيها أن تكون َ‬
‫اهلل تعاىل)‪ ،‬وعلى هذا فلو كان املوصى له جهةَ معصية‪ ،‬كأن أوصى لعمارة‬
‫كنيسة للتعبد فيها‪ ،‬فإن الوصية ال تصح‪.‬‬
‫ص ِرفت للغزاة املتطوعني‬ ‫فائدة‪ :‬إذا أوصى بشيء يف سبيل اهلل صحت الوصية‪ ،‬و ُ‬
‫باجلهاد‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن عدد اخلصال اليت تشرتط يف ا َلو ِص ِّي‪.‬‬
‫التصرف بعد املوت‪ ،‬كأن أوصى‬ ‫َ‬ ‫الو ِصي هو‪ :‬الشخص الذي أَثبت له ِ‬
‫املوصي‬ ‫ََ‬ ‫َ ِّ‬
‫إليه برعاية أوالده أو بقضاء ديونه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وتصح الوصية) أي اإليصاء (إلى من اجتمعت فيه خمس خصال)‬
‫أي يشرتط يف الوصي حتقق مخس صفات‪.‬‬
‫(اْلسَلم والبلوغ والعقل والحرية واْلمانة) هذه هي اخلصال اخلمس‪ ،‬واملراد‬
‫افرا أو صبيًا أو‬
‫باألمانة هنا العدالة‪ ،‬وعليه فال يصح اإليصاء إذا كان الوصي ك ً‬
‫جمنونًا أو رقي ًقا أو فاس ًقا‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪340‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫(‪)1‬‬
‫كتاب النكاح وما يتعلق به‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب الوحيد يف قسم النكاح والطالق‪.‬‬


‫تعريف النكاح‪:‬‬
‫وشرعا‪ :‬عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ إنكاح أو تزويج‪.‬‬ ‫النكاح لغة‪ :‬الوطء‪ً .‬‬
‫أركان النكاح وصورته‪:‬‬
‫أركان النكاح مخسة‪:‬‬
‫ل الزوجة‪ ،‬والركن الرابع‪:‬‬
‫الركنان األول والثاين‪ :‬الزوج‪ ،‬والزوجة‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬و ُّ‬
‫الشاهدان‪ ،‬والركن اخلامس‪ :‬الصيغة وهي‪ :‬اإلجياب والقبول‪ ،‬فاإلجياب هو‪:‬‬
‫ول الزوجة‪ ،‬الدال على ابتداء العقد‪ ،‬والقبول هو‪ :‬اللفظ‬ ‫اللفظ الصادر من ِّ‬
‫الصادر من الزوج‪ ،‬الدال على استجابته للعقد‪.‬‬
‫صورة النكاح‪ :‬أن يقول زيد لعمرو‪" :‬زوجتك ابنيت هند"‪ ،‬فيقول عمرو‪" :‬قبلت‬
‫ول الزوجة‪:‬‬
‫تزوجيها" ويشهد ذلك بكر وسامل‪ .‬فالزوج‪ :‬عمرو‪ ،‬والزوجة‪ :‬هند‪ ،‬و ُّ‬
‫زيد‪ ،‬والشاهدان‪ :‬بكر وسامل‪ ،‬واإلجياب‪ :‬قول زيد‪" :‬زوجتك ابنيت هند"‪،‬‬
‫والقبول‪ :‬قول عمرو‪" :‬قبلت تزوجيها"‪.‬‬
‫كل ما له صلة بالنكاح كالطالق والعِدد‪ ،‬والرضاع‪،‬‬ ‫قوله‪( :‬وما يتعلق به) أي و ُّ‬
‫والنفقات‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫عدد فصول هذا الكتاب‪:‬‬
‫فصال‪.‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ستة عشر ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪341‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل حكم النكاح والنظر إىل املرأة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب النكاح‪.‬‬


‫واملؤلف مل يذكر هذا الفصل‪ ،‬وإمنا ذكرته بناءً على احملتوى الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬حكم النكاح والنظر إىل املرأة‪.‬‬
‫تعريف النظر إىل املرأة‪:‬‬
‫النظر معناه‪ :‬الرؤية‪.‬‬
‫والنظر إىل املرأة‪ :‬رؤية شيء من بدهنا‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪342‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اج إِلَْي ِه(‪.)1‬‬ ‫والنِّ َكاح مستح ٌّ ِ‬


‫ب ل َم ْن يَ ْحتَ ُ‬ ‫ُ ُ َْ َ‬ ‫َ‬
‫ْح ِّر أَ ْن يَ ْج َم َع بَ ْي َن أ َْربَ ِع َح َرائَِر‪َ ،‬ولِل َْع ْب ِد أَ ْن يَ ْج َم َع بَ ْي َن اثْ نَتَ ْين ‪.‬‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ويج ُ ِ‬
‫وز لل ُ‬ ‫ََ ُ‬
‫ت(‪.)3‬‬ ‫ْح َّرةِ‪َ ،‬و َخ ْو ُ‬
‫ف ال َْعنَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َداق ال ُ‬ ‫ش ْرطَْي ِن‪َ :‬ع َد ُم َ‬ ‫ْح ُّر أ ََمةً َّإْل بِ َ‬ ‫ِ‬
‫َوَْل يَ ْنك ُح ال ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم النكاح‪.‬‬


‫قوله‪( :‬والنكاح) أي حكمه (مستحب لمن يحتاج إليه) أي ملن له شهوة‬
‫ذكرا أو أنثى‪ ،‬بشرط أن جيد الذكر مؤن النكاح من‬ ‫واشتياق للجماع سواء كان ً‬
‫مهر ونفقة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن حكم تعدد الزوجات‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويجوز) أي يباح ويصح (للحر أن يجمع بين أربع حرائر) أي أن‬
‫يتزوج أربع نساء حرائر‪ ،‬سواء كن مسلمات أو كتابيات أومسلمات وكتابيات‪،‬‬
‫وعلى هذا فيحرم عليه الزواج بأكثر من أربع‪ ،‬فلو نكح مخس نساء بعقد واحد‬
‫بطل نكاح الكل‪ ،‬وإن نكح اخلمس بعدة عقود بطل نكاح املرأة اخلامسة‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬الكتابيات مجع كتابية‪ ،‬وهي اليهودية والنصرانية‪.‬‬
‫قوله‪(:‬وللعبد أن يجمع بين اثنتين) أي جيوز للعبد أن يتزوج امرأتني‪ ،‬سواء‬
‫أمة‪ ،‬وعلى هذا فيحرم عليه الزواج بأكثر من‬ ‫كانتا حرتني أو أمتني أو حرةٍ و ٍ‬
‫اثنتني‪ ،‬فلو نكح ثالث نساء بعقد واحد بطل نكاح الكل‪ ،‬وإن نكح الثالث‬
‫بعدة عقود بطل نكاح املرأة الثالثة‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن شروط نكاح احلر لألمة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل ينكح الحر أمة) أي ال جيوز له أن يتزوج امرأة مملوكة (إْل‬
‫بشرطين) أي يستثىن من ذلك إذا حتقق شرطان‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪343‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َجنَبِيَّ ٍة لِغَْي ِر‬


‫َح ُد َها‪ :‬نَظَُرهُ إلَى أ ْ‬ ‫ب‪ :‬أ َ‬ ‫ضر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ُج ِل إلَى ال َْم ْرأَة َعلَى َس ْب َعة أَ ْ ُ‬ ‫َونَظَُر َّ‬
‫وز أَ ْن يَ ْنظَُر إلَى َما‬ ‫اج ٍة‪ ،‬فَ غَْي ُر َجائِ ٍز‪َ .‬والثَّانِي‪ :‬نَظَُرهُ إلَى َزْو َجتِ ِه أَ ْو أ ََمتِ ِه‪ ،‬فَ يَ ُج ُ‬ ‫َح َ‬
‫ات َم َحا ِرِم ِه أ َْو أ ََمتِ ِه ال ُْم َزَّو َج ِة‪ ،‬فَ يَ ُج ُ‬
‫وز‬ ‫ث‪ :‬نَظَرهُ إلَى ذَو ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ج م ْن ُه َما‪َ .‬والثَّال ُ ُ‬
‫ع َدا الْ َفر ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫اح‪ ،‬فَ يَ ُجوُز إلَى ال َْو ْج ِه‬ ‫َج ِل النِّ َك ِ‬ ‫ِ‬
‫الرابِ ُع‪ :‬النَّظَُر ْل ْ‬ ‫الس َّرةِ َو ُّ‬
‫الرْكبَ ِة‪َ .‬و َّ‬ ‫يما َع َدا َما بَ ْي َن ُّ‬ ‫فَ‬
‫ِ‬
‫ِ َِّ‬ ‫ْم َد َاواةِ‪ ،‬فَ يَ ُج ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْخ ِ‬ ‫َّ‬
‫اج إلَْي َها‪.‬‬ ‫وز إلَى ال َْم َواض ِع التي يُ ْحتَ ُ‬ ‫س‪ :‬النَّظَُر لل ُ‬ ‫َوالْ َكف ْي ِن‪َ .‬وال َ ُ‬
‫ام‬
‫السابِ ُع‪:‬‬ ‫وز النَّظَُر إلَى ال َْو ْج ِه َخ َّ‬ ‫ْم َع َاملَ ِة‪ ،‬فَ يَ ُج ُ‬ ‫لشه َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َّ ِ‬
‫اصةً‪َ .‬و َّ‬ ‫ادة أ َْو لل ُ‬ ‫س‪ :‬النَّظَُر ل َّ َ‬ ‫الساد ُ‬ ‫َ‬
‫اج إلَى تَ ْقلِيبِ َها(‪.)1‬‬ ‫ِ َِّ‬ ‫النَّظَر إلَى ْاْلَم ِة ِع ْن َد ابتِي ِ‬
‫وز إلَى ال َْم َواض ِع التي يَ ْحتَ ُ‬ ‫اع َها‪ ،‬فَ يَ ُج ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫(عدم صداق الحرة) أي الشرط األول‪ :‬عدم القدرة على مهر احلرة‪ ،‬سواء‬
‫كانت مسلمة أو كتابية‪.‬‬
‫(وخوف العنت) أي الشرط الثاين‪ :‬خوف الوقوع يف الزنا‪ ،‬ومعىن العنت املشقة‪،‬‬
‫ومسي الزنا عنتًا‪ ،‬ألنه سبب للمشقة يف الدنيا بإقامة احلد ويف اآلخرة بالعقوبة‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬يُزاد يف حق احلر املسلم إذا أراد أن يتزوج أمة شرط ثالث وهو إسالم‬
‫األمة‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن حكم نظر الرجل إىل املرأة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ونظر الرجل إلى المرأة على سبعة أضرب) الرجل هو‪ :‬الذكر البالغ‪،‬‬
‫واملرأة هي‪ :‬األنثى البالغة‪ ،‬ويُلحق هبا الصغرية اليت تُشتَـ َهى‪ ،‬واملعىن‪ :‬عدد أنواع‬
‫نظر الرجل إىل املرأة سبعة‪.‬‬
‫(أحدها نظره إلى أجنبية لغير حاجة( أي النوع األول‪ :‬أن ينظر إىل بدن امرأة‬
‫أجنبية من غري حاجة‪ ،‬سواء كان بشهوة أو بغريها‪ ،‬واألجنبية هنا هي‪ :‬غري‬
‫احملرم والزوجة واألمة‪( ،‬فغير جائز) أي فحكمه أنه حرام‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪344‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(والثاني نظره إلى زوجته أو أمته) أي النوع الثاين‪ :‬أن ينظر إىل بدن زوجته أو‬
‫أمته غري املـَُزو َجة‪( ،‬فيجوز أن ينظر إلى ما عدا الفرج منهما) أي فحكمه أنه‬
‫يباح له أن ينظر إىل كل بدهنما‪ ،‬ويستثىن من ذلك الفرج فيكره النظر إليه‪،‬‬
‫سواء كان قُـبُ ًال أو ُدبـًُرا‪.‬‬
‫المزوجة( أي النوع الثالث‪ :‬أن‬
‫(والثالث نظره إلى ذوات محارمه أو أمته َّ‬
‫ينظر بغري شهوة إىل بدن حمرم له بنسب أو رضاع أو مصاهرة‪ ،‬أو إىل أمته اليت‬
‫َزوجها من غريه‪( ،‬فيجوز فيما عدا ما بين السرة والركبة) أي فحكمه أنه‬
‫يباح له أن ينظر إىل مجيع بدهنما ما عدا ما بني السرة والركبة‪ ،‬فيحرم النظر‬
‫إليه‪ ،‬وأما النظر إليهما بشهوة فيحرم مطل ًقا‪.‬‬
‫(والرابع النظر ْلجل النكاح) أي النوع الرابع‪ :‬أن ينظر إىل بدن امرأة أجنبية‬
‫التزوج هبا‪ ،‬سواء كان بشهوة أو بغريها‪( ،‬فيجوز إلى الوجه والكفين)‬ ‫لغرض ُّ‬
‫أي فحكمه أنه يباح له أن ينظر إىل وجهها وكفيها فقط‪.‬‬
‫(والخامس النظر للمداواة) أي النوع اخلامس‪ :‬أن ينظر إىل بدن امرأة أجنبية‬
‫لغرض عالجها‪( ،‬فيجوز إلى المواضع التي يحتاج إليها) أي فحكمه أنه يباح‬
‫له أن ينظر إىل املواضع اليت حيتاج إليها يف العالج فقط بشرطني‪ :‬الشرط األول‪:‬‬
‫أن يكون ذلك حبضرة حمرم أو زوج‪ ،‬والشرط الثاين‪ :‬أن ال توجد امرأة تعاجلها‪.‬‬
‫(والسادس النظر للشهادة أو للمعاملة) أي النوع السادس‪ :‬أن ينظر إىل بدن‬
‫امرأة أجنبية لغرض أداء الشهادة عليها‪ ،‬مثل أن يشهد بأهنا ولدت أو أرضعت‬
‫فالنًا‪ ،‬أو لغرض معاملتها كأن يبيع هلا شيئًا‪( ،‬فيجوز النظر إلى الوجه خاصة)‬
‫أي فحكمه أنه يباح له أن ينظر إىل وجهها فقط‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪345‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫تنبيه‪ :‬جيوز يف حتمل الشهادة على املرأة األجنبية أن ينظر إىل ما حيتاج إليه يف‬
‫الشهادة من وجه وغريه‪.‬‬
‫(والسابع النظر إلى اْلمة عند ابتياعها) أي النوع السابع‪ :‬أن ينظر إىل بدن‬
‫األمة اليت يريد شراءها‪( ،‬فيجوز إلى المواضع التي يحتاج إلى تقليبها) أي‬
‫فحكمه أنه يباح أن ينظر إىل املواضع اليت حيتاج إىل تَـ َفقُّدها من بدهنا وهي‪ :‬ما‬
‫عدا ما بني السرة والركبة‪ ،‬وعليه فيحرم عليه النظر إىل ما بينهما‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪346‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل شرائط صحة النكاح‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬شرائط صحة النكاح‪.‬‬
‫تعريف شرائط صحة النكاح‪:‬‬
‫الشرائط‪ :‬مجع شريطة‪ ،‬وهي مبعىن الشروط‪ :‬مجع شرط‪.‬‬
‫خارجا عنه‪.‬‬
‫والشرط هو‪ :‬ما ال يتم الشيء إال به ويكون ً‬
‫وشروط صحة النكاح هي‪ :‬اليت ال تتم صحة النكاح إال هبا‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مثاين مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪347‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اح َّإْل بِولِي و َش ِ‬


‫اه َد ْي َع ْد ٍل(‪.)1‬‬ ‫وَْل ي ِ‬
‫ص ُّح َع ْق ُد النِّ َك ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ط ‪ِْ :‬‬
‫اْل ْس ََل ُم‪َ ،‬والْبُ لُوغُ‪ ،‬وال َْع ْق ُل‪،‬‬ ‫ان إلَى ِست َِّة َش َرائِ َ‬
‫اه َد ِ‬ ‫َويَ ْفتَ ِق ُر ال َْولِ ُّي َو َّ‬
‫الش ِ‬
‫إس ََلِم ال َْولِ ِّي‪َ ،‬وَْل‬ ‫الذ ُكورةُ‪ ،‬والْع َدالَةُ َّإْل أَنَّهُ َْل ي ْفتَ ِقر نِ َكاح ِّ ِ‬
‫الذ ِّميَّة إلَى ْ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ْح ِّريَّةُ‪َ ،‬و ُّ َ َ َ‬ ‫َوال ُ‬
‫السيِّ ِد(‪.)2‬‬
‫اح ْاْل ََم ِة إلَى َع َدالَ ِة َّ‬ ‫ن َك ُ‬
‫ِ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن اشرتاط الول والشاهدين يف النكاح‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وْل يصح عقد النكاح) أي ال يصح عقد الزواج إال بشروط‪ ،‬منها‬
‫شرطان‪:‬‬
‫(إْل بولي) أي الشرط األول‪ :‬عقد ول املرأة‪.‬‬
‫(وشاهدي عدل) أي الشرط الثاين‪ :‬حضور شاهدين عدلني‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد شروط الول والشاهدين‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويفتقر الولي والشاهدان إلى ستة شرائط) أي عدد الشروط اليت حيتاج‬
‫إليها الول والشاهدان لكي يصح النكاح ستة‪.‬‬
‫)اْلسَلم والبلوغ والعقل والحرية والذكورة والعدالة) هذه هي الشروط‬
‫كافر أو صيب أو جمنون أو رقيق‬ ‫شاهدا ٌ‬
‫الستة‪ ،‬وعليه فال يصح أن يكون وليًا أو ً‬
‫أو أنثى أو فاسق‪ ،‬وإذا كان الول أو الشاهدان أحد هؤالء فإن النكاح باطل‪.‬‬
‫(إْل أنه ْل يفتقر نكاح الذمية إلى إسَلم الولي) أي يستثىن من اشرتاط‬
‫الذ ِّمية‪ ،‬فيصح نكاحها بعقد وليها الكافر‪ ،‬واملراد بالذمية‬ ‫ول املرأة ِّ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ُّ‬
‫هنا‪ :‬الكتابية‪.‬‬
‫(وْل نكاح اْلمة إلى عدالة السيّد) أي يستثىن من اشرتاط العدال ِة سي ُد األمة‪،‬‬
‫فيصح تزوجيه هلا ولو كان فاس ًقا‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪348‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َخ‬
‫َب َو ْاْل ُِّم‪ ،‬ثُ َّم ْاْل ُ‬‫َخ لِ ْْل ِ‬
‫َب‪ ،‬ثُ َّم ْاْل ُ‬‫ْج ُّد أَبُو ْاْل ِ‬ ‫َب‪ ،‬ثُ َّم ال َ‬
‫ِ‬
‫َوأ َْولَى ال ُْوَْلة‪ْ :‬اْل ُ‬
‫َخ لِ ْْل ِ‬
‫َب‪ ،‬ثُ َّم ال َْع ُّم‪ ،‬ثُ َّم ابْ نُهُ َعلَى‬ ‫َخ لِ ْْل ِ‬
‫َب َو ْاْل ُِّم‪ ،‬ثُ َّم ابْ ُن ْاْل ِ‬ ‫َب‪ ،‬ثُ َّم ابْ ُن ْاْل ِ‬‫لِ ْْل ِ‬
‫صبَاتُهُ‪ ،‬ثُ َّم‬ ‫ِ‬
‫ات فَال َْم ْولَى ال ُْم ْعت ُق‪ ،‬ثُ َّم َع َ‬ ‫صبَ ُ‬ ‫ت ال َْع َ‬ ‫يب‪ .‬فَِإذَا عُ ِد َم ْ‬ ‫َه َذا الت َّْرتِ ِ‬
‫ْحاكِ ُم(‪.)1‬‬ ‫ال َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن ترتيب األولياء يف النكاح‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وأولى الوْلة) أي أوىل الناس بتزويج املرأةِ العصبةُ من أقارهبا إال االبن‬
‫وابنه فإنه ال والية هلما‪ ،‬وهم على مراتب‪ ،‬فال والية لألدىن مع وجود األعلى‪:‬‬
‫(اْلب ثم الجد أبو اْلب) أي وإن عال؛ كأيب أيب األب (ثم اْلخ لْلب‬
‫واْلم( أي األخ الشقيق (ثم اْلخ لْلب ثم ابن اْلخ لْلب واْلم) أي ابن‬
‫األخ الشقيق وإن نزل؛ كابن ابن األخ الشقيق )ثم ابن اْلخ لْلب) أي وإن‬
‫نزل؛ كابن ابن األخ ألب (ثم العم) أي فيقدم العم الشقيق مث العم ألب )ثم‬
‫ابنه) أي ابن العم (على هذا الترتيب) أي فيقدم ابن العم الشقيق وإن نزل؛‬
‫كابن ابن العم الشقيق مث ابن العم ألب وإن نزل؛ كابن ابن العم ألب‪( .‬فإذا‬
‫عدمت العصبات) أي إذا فُِقد العصبة من األقارب (فالمولى المعتق) أي‬
‫فتنتقل الوالية إىل العصبة بالوالء‪ ،‬أي إىل السيد الْ ُم ْعتِق (ثم عصباته) أي مث‬
‫تنتقل بعد املعتِق إىل عصبته األقرب فاألقرب على ترتيبهم يف اإلرث؛ فيقدم ابن‬
‫املعتق مث ابن ابنه مث أبوه وهكذا‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬إذا كان املعتِق امرأ ًة فإنه يُ ِّزوج عتيقتها يف حال حياهتا من يزوج املعتِقة؛‬
‫فيزوجها أبو املعتِقة مث جدُّها وهكذا‪ ،‬أما بعد موت املعتِقة فإنه يزوجها عصبة‬
‫ابن ابنها مث أبوها وهكذا‪.‬‬
‫ابن املعتقة مث ُ‬
‫املعتقة فيزوجها ُ‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪349‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ض لَ َها َويَ ْن ِك َح َها بَ َع َد‬ ‫ح بِ ِخطْبَ ِة ُم ْعتَ َّدةٍ‪َ ،‬ويَ ُج ُ‬


‫وز أَ ْن يُ َع ِّر َ‬ ‫وز أَ ْن يُ َ‬
‫ص ِّر َ‬ ‫َوَْل يَ ُج ُ‬
‫ض ِاء ِع َّدتِ َها(‪.)1‬‬
‫انْ ِق َ‬

‫(ثم الحاكم) أي إذا فُِقد العصبة من األقارب والعصبة بالوالء فتنتقل الوالية‬
‫إىل احلاكم‪ ،‬وهو اإلمام أو نائبه‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬أوىل الناس بتزويج املرأةِ العصبةُ من أقارهبا‪ ،‬هذا إذا كانت املرأة حرة‪ ،‬وأما‬
‫إذا كانت أمة فوليُّها سيِّ ُدها‪ ،‬ال العصبةُ من أقارهبا‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن خطبة املعتدة‪.‬‬
‫اخلِطبة ـ ـ بكسر اخلاء ـ ـ هي‪ :‬طلب الزواج‪.‬‬
‫شرعا‪،‬‬
‫وال ُـمعتدة هي‪ :‬املرأة اليت متتنع من الزواج بعد فراق زوجها مدة مقدرة ً‬
‫واملعتدة ال ختلو من حالتني‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن تكون معتدة من طالق رجعي‪ ،‬فال حيل ألحد التصريح أو‬
‫التعريض خبطبتها‪ ،‬ألهنا ال تزال يف حكم الزوجة‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬أن تكون معتدة من غري طالق رجعي‪ ،‬كاملرأة اليت خالعها‬
‫زوجها‪ ،‬وهذه احلالة هي اليت عناها املؤلف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل يجوز) أي حيرم على اخلاطب غري زوجها (أن يصرح بخطبة‬
‫معتدة) أي خبطبة املرأة ما دامت يف العدة‪ ،‬أما إذا كان اخلاطب زوجها‬
‫صاحب العدة فله التصريح خبطبتها‪( ،‬ويجوز) أي يباح للخاطب (أن يعرض‬
‫لها) أي باخلطبة (وينكحها بعد انقضاء عدتها) أي مث يتزوجها بعد انتهاء‬
‫العدة‪ ،‬وعليه فال يصح أن يتزوجها قبل انتهاء العدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪350‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ارَها‬ ‫ْج ِّد ْ‬


‫إجبَ ُ‬ ‫وز لِ ْْل ِ‬
‫َب َوال َ‬ ‫ب؛ فَالْبِ ْك ُر‪ :‬يَ ُج ُ‬‫ض ْربَ ْي ِن‪ :‬بِ ْك ٌر‪َ ،‬وثَيِّ ٌ‬
‫ِّساءُ َعلَى َ‬ ‫َوالن َ‬
‫وز تَ ز ِويجها َّإْل ب ع َد ب لُ ِ‬
‫وغ َها َوإِ ْذنِ َها(‪.)1‬‬ ‫ب‪َْ :‬ل يَ ُج ُ ْ ُ َ َ ْ ُ‬ ‫اح‪َ ،‬والثَّيِّ ُ‬
‫َعلَى النِّ َك ِ‬

‫والتصريح‪ :‬أن يفصح برغبته يف الزواج‪ ،‬كقوله‪ :‬أريد نكاحك‪ ،‬والتعريض‪ :‬أن‬
‫فهم منه أنه يرغب يف الزواج منها‪ ،‬كقوله‪ :‬رب راغب فيك‪.‬‬ ‫يأيت مبا يُ َ‬
‫ويفهم من كالم املؤلف أن املرأة اخللية أي غري املتزوجة وغري املعتدة جتوز‬
‫يضا وتصرحيًا‪.‬‬
‫خطبتها تعر ً‬
‫ويشري املؤلف هبذه املسألة إىل أن من شروط صحة النكاح أن تكون الزوجة‬
‫خالية من نكاح وعدة‪ ،‬فال يصح نكاح متزوجة وال معتدة من غريه‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن اإلجبار يف التزويج‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والنساء على ضربين) أي على نوعني‪( :‬بكر) أي النوع األول‪ :‬البكر‬
‫وهي‪ :‬اليت مل تَـ ُزل بكارهتا بسبب وطئها يف قُـبُلها‪ ،‬سواء كانت كبرية أو صغرية‪،‬‬
‫أصال أو زالت بكارهتا من غري وطء كسقطة‪( ،‬وثيب)‬ ‫وسواء مل تزل بكارهتا ً‬
‫أي النوع الثاين‪ :‬الثيِّب وهي‪ :‬اليت زالت بكارهتا بسبب وطئها يف قُـبُلها‪ ،‬سواء‬
‫كانت كبرية أو صغرية‪( .‬فالبكر) أي حكمها أنه (يجوز) أي يباح ويصح‬
‫(لْلب والجد) أي دون بقية األولياء (إجبارها على النكاح) أي تزوجيها بغري‬
‫إذهنا‪ ،‬سواء كانت صغرية أو كبرية‪ ،‬وعلى هذا فال جيوز لألخ أن يزوج أخته إال‬
‫ب) أي حكمها أنه (ْل يجوز) ال يباح وال يصح‬ ‫بعد بلوغها وإذهنا‪( .‬والثيِّ ُ‬
‫للول سواء كان أبًا أو جدًّا أو غريمها (تزويجها إْل بعد بلوغها وإذنها) أي يف‬
‫الزواج‪ ،‬وصفة إذهنا أن تصرح برضاها نُط ًقا‪.‬‬
‫ويشري املؤلف هبذه املسألة إىل أن من شروط صحة النكاح أن تأذن الزوجة يف‬
‫الزواج إال البكر بالنسبة لألب واجلد‪ ،‬فال يشرتط إذهنا‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪351‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ت‪،‬‬ ‫ب‪َ ،‬و ُه َّن‪ْ :‬اْل ُُّم َوإِ ْن َعلَ ْ‬ ‫َّس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات بِالنَّ ِّ‬
‫ص أ َْربَ َع َع ْش َرَة‪َ :‬س ْب ٌع بالن َ‬ ‫َوال ُْم َح َّرَم ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت ْاْلُ ْخ ِ‬ ‫َخ‪َ ،‬وبِْن ُ‬‫ت ْاْل ِ‬ ‫ْخالَةُ‪َ ،‬وال َْع َّمةُ‪َ ،‬وبِْن ُ‬
‫ت‪َ ،‬وال َ‬ ‫ت‪َ ،‬و ْاْلُ ْخ ُ‬ ‫ت َوإِ ْن َس َفلَ ْ‬ ‫َوالْبِْن ُ‬
‫ض ِاع‪َ .‬وأ َْربَ ٌع‬
‫الر َ‬‫ت ِم ْن َّ‬ ‫ض َعةُ‪َ ،‬و ْاْلُ ْخ ُ‬ ‫ض ِاع‪ ،‬و ُهما‪ْ :‬اْل ُُّم الْمر ِ‬
‫ُْ‬ ‫َ َ‬ ‫ان بِ َّ‬
‫الر َ‬ ‫واثْ نَتَ ِ‬
‫َ‬
‫َب‪َ ،‬وَزْو َجةُ‬ ‫الربِيبَةُ إذَا َد َخل بِ ْاْل ُِّم‪َ ،‬وَزْو َجةُ ْاْل ِ‬
‫َ‬ ‫الزْو َج ِة‪َ ،‬و َّ‬‫اه َرةِ‪َ ،‬و ُه َّن‪ :‬أ ُُّم َّ‬‫صَ‬ ‫بِال ُْم َ‬
‫الزْو َج ِة(‪.)1‬‬
‫ت َّ‬ ‫اح َدةٌ ِم ْن ِج َه ِة الْ َج ْم ِع َو ِه َي أُ ْخ ُ‬
‫ِاْلب ِن‪ .‬وو ِ‬
‫ْ ََ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن عدد احملرمات بالنص من النساء‪.‬‬


‫قوله‪( :‬والمحرمات بالنص أربع عشرة) أي عدد النساء الاليت حيرم ال ُّ‬
‫تزوج هبن‬
‫بنص القرآن الكرمي أربع عشرة‪.‬‬
‫وهن)‪:‬‬
‫(سبع بالنسب) أي احملرمات بسبب القرابة عددهن سبع ( ّ‬
‫األوىل‪( :‬اْلم وإن علت) أي كأم األم وأم األب وإن علتا‪( ،‬و) الثانية‪( :‬البنت‬
‫وإن سفلت) أي كبنت االبن وبنت البنت وإن نزلتا‪( ،‬و) الثالثة‪( :‬اْلخت)‬
‫أي الشقيقة أو ألب أو ألم‪( ،‬و) الرابعة‪( :‬الخالة) أي املباشرة اليت هي أخت‬
‫األم‪ ،‬وغري املباشرة كخالة األب وخالة األم وإن علتا‪( ،‬و) اخلامسة‪( :‬العمة)‬
‫أي املباشرة اليت هي أخت األب‪ ،‬وغري املباشرة كعمة األب وعمة األم وإن‬
‫علتا‪( ،‬و) السادسة‪( :‬بنت اْلخ) أي املباشرة‪ ،‬وغري املباشرة كبنت ابن األخ‬
‫وبنت بنت األخ وإن نزلتا‪( ،‬و) السابعة‪( :‬بنت اْلخت) أي املباشرة‪ ،‬وغري‬
‫املباشرة كبنت ابن األخت وبنت بنت األخت وإن نزلتا‪ ،‬وعلى هذا فغري هؤالء‬
‫من القريبات ال حيرم التزوج هبن‪ ،‬وهن أربع‪ :‬بنت العم‪ ،‬وبنت العمة‪ ،‬وبنت‬
‫اخلال‪ ،‬وبنت اخلالة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪352‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(واثنتان بالرضاع) أي احملرمات بسبب الرضاعة حبسب نص القرآن الكرمي‪،‬‬


‫عددهن اثنتان (وهما)‪:‬‬
‫األوىل‪( :‬اْلم المرضعة) (و) الثانية‪( :‬اْلخت من الرضاع) أي الشقيقة أو‬
‫ألب أو ألم‪.‬‬
‫(وأربع بالمصاهرة) أي احملرمات بسبب املصاهرة أي الزواج‪ ،‬عددهن أربع‪،‬‬
‫(وهن)‪:‬‬
‫األوىل‪( :‬أم الزوجة) أي وإن علت كأم أم الزوجة وأم أيب الزوجة وإن علتا‪( ،‬و)‬
‫الثانية‪( :‬الربيبة) أي بنت الزوجة وإن سفلت كبنت ابن الزوجة وبنت بنت‬
‫الزوجة وإن نزلتا‪( ،‬إذا دخل باْلم) أي بشرط وطء أمها‪ ،‬وال يضر عقده هبا‪،‬‬
‫(و) الثالثة‪( :‬زوجة اْلب) (و) الرابعة‪( :‬زوجة اْلبن)‪.‬‬
‫وما عدا الربيبة حيصل حترميهن مبجرد العقد‪ ،‬وعلى هذا لو عقد بامرأة ولكن مل‬
‫يدخل هبا بسبب موهتا أو طالقها‪ ،‬فله أن يتزوج ابنتها وليس له أن يتزوج أمها‪.‬‬
‫(وواحدة من جهة الجمع وهي أخت الزوجة) أي عدد النساء الاليت نص‬
‫القرآن على حترمي اجلمع بينهن‪ :‬األختان فقط‪ ،‬ومعىن حترمي اجلمع بني األختني‪:‬‬
‫أن الرجل لو تزوج امرأة فيحرم عليه أن يتزوج أختها ما دامت األوىل يف‬
‫عصمته‪ ،‬وعلى هذا لو فارق األوىل بسبب كموت أو طالق فله أن يتزوج‬
‫الثانية‪.‬‬
‫ويفهم من كالم املؤلف أن احملرمات بالنسب أو بالرضاع أو باملصاهرة حترم‬
‫على التأبيد‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪353‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َوَْل يُ ْج َم ُع بَ ْي َن ال َْم ْرأَةِ َو َع َّمتِ َها‪َ ،‬وَْل بَ ْي َن ال َْم ْرأَةِ َو َخالَتِ َها(‪.)1‬‬
‫ب(‪.)2‬‬ ‫َّس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َويَ ْح ُرُم ِم ْن َّ‬
‫ض ِاع َما يَ ْح ُرُم م ْن الن َ‬ ‫الر َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة السابعة‪ ،‬وهي عن احملرمات باجلمع‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وْل يجمع بين المرأة وعمتها وْل بين المرأة وخالتها) أي أن القرآن‬
‫نص على حترمي اجلمع بني األختني‪ ،‬والسنة نصت على حترمي اجلمع بني املرأة‬
‫وعمتها واملرأة وخالتها‪.‬‬
‫ومعىن حترمي اجلمع بني املرأة وعمتها واملرأة وخالتها‪ :‬أن الرجل لو تزوج امرأة فال‬
‫جيوز له أن يتزوج عمتها أو خالتها ما دامت تلك يف عصمته‪ ،‬وكذلك العكس‬
‫إذا تزوج امرأة فيحرم عليه أن يتزوج ابنة أخيها أو ابنة أختها ما دامت تلك يف‬
‫عصمته‪ ،‬وعلى هذا لو فارق إحدامها بسبب كموت أو طالق فله أن يتزوج‬
‫األخرى‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثامنة‪ ،‬وهي عن احملرمات بالرضاع‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) أي أن القرآن نص على حترمي‬
‫اثنتني بسبب الرضاعة‪ ،‬ومها‪ :‬األم واألخت‪ ،‬وأما السنة فنصت على أن كل‬
‫امرأة َح ُرَمت بالنسب فإنه َْحي ُرُم مثلها بالرضاع‪ ،‬وعلى هذا فاحملرمات بالرضاع‬
‫سبع‪ :‬األم‪ ،‬والبنت‪ ،‬واألخت‪ ،‬والعمة‪ ،‬واخلالة‪ ،‬وبنت األخ‪ ،‬وبنت األخت‪.‬‬
‫ويشري املؤلف باملسائل الثالث األخرية إىل أن من شروط صحة النكاح أن‬
‫حالال للزوج‪ ،‬فال يصح نكاح حمرمة على التأبيد أو من جهة‬ ‫تكون الزوجة ً‬
‫اجلمع‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪354‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل العيوب املثبتة للخيار يف النكاح‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬العيوب املثبتة للخيار يف النكاح‪.‬‬
‫تعريف العيوب املثبتة للخيار‪:‬‬
‫العيوب‪ :‬مجع عيب‪ ،‬وهو النقص‪.‬‬
‫خيار الفسخ للنكاح‪ ،‬فإذا َو َجد‬ ‫ِ‬
‫والعيوب املثبتة للخيار‪ :‬هي النقائص اليت تُثبت َ‬
‫أحد الزوجني باآلخر عيبا فله أن يفسخ النكاح‪ ،‬وله أن ُمي ِ‬
‫ضيَه‪.‬‬ ‫ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪355‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الرتَ ِق‪َ ،‬والْ َق َر ِن(‪.)1‬‬ ‫ْج َذ ِام‪َ ،‬والْبَ َر ِ‬ ‫وب‪ :‬بِال ِ‬ ‫وتُر ُّد الْمرأَةُ بِ َخم ِ‬
‫ص‪َ ،‬و َّ‬ ‫سة عُيُ ٍ ُ‬
‫ْجنُون‪َ ،‬وال ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َْ‬
‫ِ (‪) 2‬‬ ‫ْج َذ ِام‪َ ،‬والْبَ َر ِ‬ ‫وب‪ :‬بِال ِ‬ ‫الرجل بِ َخم ِ‬
‫ب‪َ ،‬والْعُنَّة ‪.‬‬ ‫ْج ِّ‬‫ص‪َ ،‬وال َ‬ ‫سة عُيُ ٍ ُ‬
‫ْجنُون‪َ ،‬وال ُ‬ ‫َويُ َر ُّد َّ ُ ُ ْ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد عيوب الزوجة‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وترد المرأة بخمسة عيوب) أي عدد عيوب الزوجة اليت يَثبُت هبا‬
‫اخليار للزوج مخسة‪.‬‬
‫(بالجنون) أي العيب األول‪ :‬اجلنون وهو‪ :‬زوال العقل كليًّا مع بقاء القوة‬
‫واحلركة يف األعضاء‪ ،‬وال فرق فيه بني الدائم أو الذي يأيت يف وقت دون وقت‪،‬‬
‫وال يدخل فيه اإلغماء الذي هو زوال العقل جزئيًّا مع الفتور يف األعضاء‪.‬‬
‫(والجذام) أي العيب الثاين‪ :‬اجلذام وهو داء معروف تتساقط منه األطراف‬
‫ويتناثر منه اللحم‪.‬‬
‫(والبرص) أي العيب الثالث‪ :‬الربص ـ ـ بفتح الباء والراء ـ ـ وهو بياض شديد يف‬
‫ذهب دم اجللد‪ ،‬والبهق ال ي ِ‬
‫ذهبه‪.‬‬ ‫اجللد‪ ،‬والفرق بينه وبني البـهق أن الربص ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫(والرتق( أي العيب الرابع‪ :‬الرتق ـ ـ بفتح الراء والتاء ـ ـ وهو انسداد حمل اجلماع‬
‫بلحم‪.‬‬
‫)والقرن) أي العيب اخلامس‪ :‬القرن ـ ـ بفتح القاف والراء ـ ـ وهو انسداد حمل‬
‫اجلماع بعظم‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد عيوب الزوج‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويرد الرجل بخمسة عيوب) أي عدد عيوب الزوج اليت يَثبت هبا اخليار‬
‫للزوجة مخسة‪.‬‬
‫(بالجنون والجذام والبرص) هذه العيوب الثالثة قد تقدم بياهنا‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪356‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(والجب) أي العيب الرابع‪ :‬اجلب‪ ،‬وأصل اجلب القطع‪ ،‬واملراد به هنا‪ :‬أن‬
‫الذكر مقطوع كله أو بعضه‪ ،‬حبيث ال يكون الباقي قدر احلشفة‪.‬‬
‫(والعنة) أي العيب اخلامس‪ :‬العُنة وهو العجز عن إيالج الذكر يف قبل املرأة‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬اخليار يف الفسخ هبذه العيوب على الفور‪ ،‬ويشرتط فيه الرفع إىل القاضي‬
‫وال ينفرد الزوجان بالرتاضي بالفسخ فيها‪.‬‬
‫تنبيه آخر‪ :‬إذا ادعت املرأة أن زوجها عنني فإهنا ترفع أمرها إىل احلاكم‪ ،‬فإذا‬
‫ثبتت العُّنة ضرب له احلاكم مدة قدرها سنة‪ ،‬وسبب ضرب املدة هو أن عجزه‬
‫عن اجلماع حيتمل أن يكون ملرض‪ ،‬فيضرب له سنة لتمر عليه الفصول األربعة‪،‬‬
‫فإن كان من يبس زال يف زمن الرطوبة‪ ،‬وإن كان من رطوبة زال يف زمن احلرارة‪،‬‬
‫وإن كان من احنراف مزاج زال يف زمن االعتدال‪ ،‬فإن عجز عن مجاعها يف املدة‬
‫املضروبة ثبت هلا خيار الفسخ‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪357‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الصداق‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الصداق‪.‬‬
‫تعريف الصداق‪:‬‬
‫الصداق ـ بفتح الصاد ـ لغة‪ :‬مأخوذ من الصدق‪.‬‬
‫عوضا عن استحالل مجاعها‪ ،‬مسي‬
‫وشرعا‪ :‬هو املهر الواجب على الزوج للزوجة ً‬
‫ً‬
‫بذلك إلشعاره بصدق رغبة الزوج يف الزوجة‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ست مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪358‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اح(‪.)1‬‬ ‫ب تَ ْس ِميَةُ ال َْم ْه ِر فِي النِّ َك ِ‬‫َويُ ْستَ َح ُّ‬


‫اء‪ :‬أَ ْن يَ ْف ِر َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ج َعلَى‬
‫الزْو ُ‬
‫ضهُ َّ‬ ‫ب ال َْم ْه ُر بثَ ََلثَة أَ ْشيَ َ‬ ‫ص َّح ال َْع ْق ُد َوَو َج َ‬
‫س ِّم َ‬ ‫فَإ ْن لَ ْم يُ َ‬
‫ب َم ْه ُر ال ِْمثْ ِل(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضهُ ال ِ‬ ‫ِِ‬
‫ْحاك ُم‪ ،‬أ َْو يَ ْد ُخ َل ب َها فَ يَج ُ‬ ‫نَ ْفسه‪ ،‬أ َْو يَ ْف ِر َ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم تسمية املهر يف النكاح‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ويستحب تسمية المهر) أي ذكره (في النكاح) أي يف عقد الزواج‪،‬‬
‫مثل أن يقول الول‪ :‬زوجتك ابنيت خبمسمائة درهم فيقول الزوج‪ :‬قبلت تزوجيها‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عما إذا مل يسم املهر يف العقد‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فإن لم يسم) أي مل يذكر املهر يف عقد الزواج (صح العقد) أي‬
‫النكاح‪ ،‬وعلى هذا فيجوز إخالء عقد الزواج عن املهر‪.‬‬
‫وعدم تسمية املهر يف العقد ال خيلو من حالتني‪:‬‬
‫فوضة‪ ،‬ففي هذه احلالة جيب هلا مهر مثلها‬ ‫احلالة األوىل‪ :‬أن تكون املرأة غري ُم ِّ‬
‫بنفس العقد‪.‬‬
‫فوضة وهي‪ :‬البالغة العاقلة غري احملجور عليها‬ ‫احلالة الثانية‪ :‬أن تكون املرأة ُم ِّ‬
‫بسفه اليت قالت لوليها‪ِّ :‬زوجين بال مهر‪ ،‬فهذه احلالة هي اليت عناها املؤلف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ووجب المهر بثَلثة أشياء) أي إذا مل يُ َسم املهر يف العقد وكانت املرأة‬
‫فوضة فإن املهر جيب على الزوج بأحد ثالثة أشياء‪.‬‬ ‫ُم ِّ‬
‫(أن يفرضه الزوج على نفسه) أي الشيء األول‪ :‬أن يُقدِّره الزوج على نفسه‬
‫قبل الدخول‪ ،‬وترضى الزوجة مبا قدره‪.‬‬
‫(أو يفرضه الحاكم) أي الشيء الثاين‪ :‬أن يُقدِّره احلاكم على الزوج يف حالة‬
‫هر املثل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تنازعهما أو امتناع الزوج من الفرض‪ ،‬ويكون املفروض من قبَل احلاكم م َ‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪359‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اق َوَْل ِْلَ ْكثَ ِرهِ َح ٌّد(‪.)1‬‬ ‫س ِْلَقَ ِّل َّ‬


‫الص َد ِ‬
‫َولَْي َ‬
‫وم ٍة(‪.)2‬‬ ‫ٍ‬
‫وز أَ ْن يَتَ َزَّو َج َها َعلَى َم ْن َف َعة َم ْعلُ َ‬
‫َويَ ُج ُ‬
‫ف ال َْم ْه ِر(‪.)3‬‬‫ص ُ‬ ‫ول نِ ْ‬ ‫الد ُخ ِ‬ ‫ط بِالطَََّل ِق قَ ْب َل ُّ‬ ‫َويَ ْس ُق ُ‬

‫(أو يدخل بها فيجب مهر المثل) أي الشيء الثالث‪ :‬أن يدخل هبا الزوج‪،‬‬
‫ففي هذه احلالة جيب على الزوج مهر املثل‪ ،‬واملرد بالدخول هبا‪ :‬وطؤها يف‬
‫الفرج‪ ،‬ويف معىن الدخول هبا موت أحد الزوجني‪ ،‬ومهر املثل هو‪ :‬القدر الذي‬
‫يُر َغب به عادة يف مثلها يف النسب والسن واجلمال وحنوها‪ .‬ومقتضى كالم‬
‫املؤلف أهنا إذا طُلِّقت قبل الدخول هبا وقبل الفرض من الزوج أو احلاكم مل‬
‫جيب هلا شيء من املهر‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن أقل الصداق وأكثره‪.‬‬
‫الصداق وْل ْلكثره حد) أي ليس ملقدار املهر َحد معني‬‫قوله‪( :‬وليس ْلقل َّ‬
‫يف القلة أو الكثرة‪ ،‬بل الضابط يف ذلك‪ :‬أن كل شيء صح جعله مثنًا يف البيع‬
‫صح جعله صداقًا يف النكاح‪ ،‬ويسن أن ال ينقص عن عشرة دراهم‪ ،‬وال يزيد‬
‫على مخسمائة درهم‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن الصداق إذا كان منفعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويجوز) أي يباح ويصح (أن يتزوجها على منفعة معلومة) أي أن جيعل‬
‫الزوج مهر زوجته منفعة بشرط أن تكون معلومة؛ كتعليمها الفاحتة أو أن َخييط‬
‫هلا ثوبًا‪ ،‬وعلى هذا فلو كانت املنفعة جمهولة؛ كسكىن دار مدة جمهولة فال‬
‫يصح أن تكون صداقًا‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عما يسقط من املهر بالطالق قبل الدخول‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪360‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اجبَةٌ َّإْل ِم ْن عُ ْذ ٍر(‪.)1‬‬


‫اْلجابةُ إلَْي َها و ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫س ُم ْستَ َحبَّةٌ‪َ ،‬و ِْ َ َ‬
‫يمةُ َعلَى الْعُ ْر ِ‬
‫َوال َْول َ‬

‫قوله‪( :‬ويسقط بالطَلق قبل الدخول نصف المهر) أي أن املرأة إذا طُلِّقت‬
‫قبل الدخول هبا فإنه جيب هلا نصف املهر‪ ،‬ويسقط نصفه اآلخر‪ ،‬ومفهوم كالم‬
‫كل املهر‪ ،‬وال يسقط منه‬ ‫املؤلف‪ :‬أنه إذا طُلِّقت بعد الدخول هبا فإنه جيب هلا ُّ‬
‫املفوضة إذا طلقت قبل الدخول هبا وقبل الفرض من الزوج‬ ‫شيء‪ ،‬لكن تستثىن ِّ‬
‫أو احلاكم فإنه ال جيب هلا شيء من املهر كما تقدم‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن وليمة العرس‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والوليمة) أي حكمها (على العرس) أي ألجل عقد النكاح‬
‫(مستحبة) أي للزوج‪ ،‬ووليمة العرس هي‪ :‬طعام يـُتخذ للزواج‪ ،‬وحتصل بأي‬
‫طعام‪ ،‬وأقل كماهلا للغين شاة‪ ،‬ويدخل وقتها من حني العقد‪ ،‬واألفضل فعلها‬
‫بعد الدخول‪.‬‬
‫قوله‪( :‬واْلجابة إليها) أي حكم إجابة الدعوة إىل وليمة العرس (واجبة) أي‬
‫فرض عني‪ ،‬وتتحقق اإلجابة مبجرد احلضور‪ ،‬وأما األكل فغري واجب‪ ،‬ويشري‬
‫املؤلف إىل أن اإلجابة إىل بقية الوالئم غري وليمة العرس غري واجبة‪.‬‬
‫(إْل من عذر) أي يستثىن من وجوب اإلجابة إذا كان هناك عذر مينع من‬
‫اإلجابة إليها فإهنا حينئذ ال جتب‪ ،‬مثل أن يصاحب الوليمة منكر ال يزول‬
‫حبضوره‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪361‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل أحكام القسم والنشوز‬


‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل اخلامس من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام القسم والنشوز‪.‬‬
‫تعريف القسم والنشوز‪:‬‬
‫القسم‪ :‬مبعىن التقسيم‪.‬‬
‫واملراد به هنا‪ :‬تقسيم أيام اإليواء واملبيت‪.‬‬
‫والنشوز لغة‪ :‬االرتفاع‪.‬‬
‫واملراد به هنا‪ :‬معصية الزوجة لزوجها‪ ،‬باالرتفاع عن أداء احلق الواجب له‬
‫عليها‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخس مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪362‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ات و ِ‬
‫اجبَةٌ(‪.)1‬‬ ‫والتَّس ِويةُ فِي الْ َقس ِم ب ْين َّ ِ‬
‫الزْو َج َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫اج ٍة(‪.)2‬‬ ‫وَْل ي ْد ُخل َعلَى غَي ِر الْم ْق ِ ِ‬
‫سوم لَ َها لغَْي ِر َح َ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫َ َ ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم التسوية يف القسم‪.‬‬


‫قوله‪( :‬والتسوية) أي العدل (في القسم) أي تقسيم أيام اإليواء واملبيت (بين‬
‫الزوجات واجبة) أي على الزوج‪ ،‬وعلى هذا فمن تزوج بأكثر من واحدة جيب‬
‫عليه أن جيعل نصيب كل واحدة يف أيام اإليواء واملبيت مواف ًقا لنصيب‬
‫األخريات‪ ،‬فإذا بات عند واحدة منهن ليلة وجب عليه أن يبيت عند كل‬
‫واحدة من األخريات ليلة‪ ،‬ويشري املؤلف إىل أنه ال جتب عليه التسوية بينهن يف‬
‫التمتع باجلماع أو غريه‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬حمل وجوب التسوية يف القسم إذا كانت الزوجات كلهن حرائر أو كلهن‬
‫إماء‪ ،‬أما إذا كان بعضهن حرائر وبعضهن إماء فال جتب التسوية بينهن‪ ،‬بل‬
‫جيعل نصيب احلرة يف القسم ضعف نصيب األمة؛ فيجعل للحرة ليلتني ولألمة‬
‫ليلة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن الدخول على غري املقسوم هلا‪.‬‬
‫ومجلة ذلك‪ :‬أن يوم اإليواء واملبيت يشمل الليل والنهار إال أن األهم والعماد‬
‫هو الليل وأما النهار فتبع له؛ وذلك ألن الليل هو وقت اإليواء والراحة‪ ،‬والنهار‬
‫وقت اخلروج للتكسب واالشتغال‪ ،‬وعلى هذا فدخول الزوج على غري املقسوم‬
‫هلا ال خيلو من حالتني‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن يدخل عليها يف الليل‪ ،‬فحكم الدخول هنا أنه ال جيوز إال‬
‫لضرورة؛ كخوف حريق وحنوه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪363‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ج لَ َها الْ ُق ْر َعةُ(‪.)1‬‬ ‫ع ب ْي نَ ُه َّن‪ ،‬و َخر ِ َِّ‬ ‫َوإِ َذا أ ََر َ‬
‫ج بالتي تَ ْخ ُر ُ‬ ‫َ ََ‬ ‫الس َف َر أَقْ َر َ َ‬
‫اد َّ‬
‫ت ثَيِّبًا(‪.)2‬‬
‫ث إ ْن َكانَ ْ‬ ‫ت بِ ْكرا‪ ،‬وبِثَ ََل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وإِذَا تَ َزَّوج َج ِدي َد ًة َخ َّ ِ‬
‫س ْب ِع لَيَال إ ْن َكانَ ْ ً َ‬ ‫ص َها ب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وز َه َج َرَها‪ ،‬فَِإ ْن أَقَ َام ْ‬
‫ت‬ ‫شَ‬ ‫ت َّإْل النُّ ُ‬‫وز ال َْم ْرأَةِ َو َعظَ َها‪ ،‬فَِإ ْن أَبَ ْ‬
‫شَ‬ ‫اف نُ ُ‬‫َوإِذَا َخ َ‬
‫ط بِالنُّ ُ‬
‫شوِز قَ ْس ُم َها َونَ َف َقتُ َها(‪.)3‬‬ ‫َعلَْي ِه َ‬
‫ض َربَ َها‪َ ،‬ويَ ْس ُق ُ‬

‫احلالة الثانية‪ :‬أن يدخل عليها يف النهار‪ ،‬وهذه احلالة هي اليت عناها املؤلف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل يدخل) أي ال جيوز للزوج أن يدخل يف النهار (على غير المقسوم‬
‫لها) أي غري صاحبة القسم (لغير حاجة) أي إال حلاجة فيجوز‪ ،‬كعيادة‬
‫وحنوها‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن السفر ببعض الزوجات‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وإذا أراد) أي الزوج (السفر أقرع بينهن) أي إذا أحب أن حيمل معه‬
‫بعض زوجاته‪ ،‬فال جيوز له السفر ببعضهن إال بقرعة‪( ،‬وخرج بالتي تخرج لها‬
‫القرعة) أي فمن خرجت هلا القرعة سافر هبا‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬ال يلزم الزوج أن يقضي للمقيمات ما فاهتن من القسم مدة السفر‬
‫ذهاب وإيابًا‪ ،‬وإمنا يقضي مدة اإلقامة إذا سكن مع اليت صحبها‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عمن تزوج جبديدة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وإذا تزوج) أي إذا نكح املتزوج بزوجة فأكثر (جديدة) أي امرأة فوق‬
‫بكرا وبثَلث إن كانت ثيبًا) أي قطع‬ ‫اليت معه (خصها بسبع ليال إن كانت ً‬
‫بكرا أقام عندها وجوبًا سبع ليال متواليات‪ ،‬وإن كانت ثيبًا‬ ‫ال َقسم‪ ،‬فإن كانت ً‬
‫قسم هلا معهن‪.‬‬ ‫أقام عندها وجوبا ثالث ليال متواليات‪ ،‬مث يرجع إىل ال َقسم‪ ،‬وي ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن تأديب الزوج لزوجته عند نشوزها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪364‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬وإذا خاف نشوز المرأة) أي إذا بان من الزوجة عالمة تدل على‬
‫عبوسا بعد طالقة وجه‪ ،‬أو كأن خترج من َمْن ِزلِه‬‫معصيتها لزوجها‪ ،‬كأن جيد منها ً‬
‫بغري إذنه‪ ،‬أو تتمنع من فراشه‪( ،‬وعظها) أي فله أن يَعِظها أي يُ َذ ِّكرها مبا يلني‬
‫قلبها من وجوب طاعتها لزوجها وحترمي معصيتها له‪( ،‬فإن أبت إْل النشوز)‬
‫أي إن امتنعت بعد وعظها من طاعة زوجها واستمرت على نشوزها (هجرها)‬
‫أي فله أن يرتك مضاجعتها يف فراشها‪ ،‬وإذا أراد هجرها بالكالم فله ذلك لكن‬
‫فيما دون ثالثة أيام‪( ،‬فإن أقامت عليه) أي إذا استمرت على نشوزها ومل‬
‫ترتدع باهلجر‪( ،‬ضربها) أي فله أن يضرهبا ضربًا غري مربح أي غري شديد‪،‬‬
‫التأديب ال اإلتالف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫املقصود‬
‫َ‬ ‫وذلك ألن‬
‫تنبيه‪ :‬ظاهر كالم املؤلف أن مراتب تأديب الزوج لزوجته عند نشوزها ثالثة‪:‬‬
‫الوعظ مث اهلجر مث الضرب‪ ،‬فليس له الضرب إال إذا تكرر منها النشوز‪،‬‬
‫واملعتمد يف املذهب أن التأديب مرتبتان الوعظ مث اهلجر والضرب وعليه فيجوز‬
‫له الضرب وإن مل يتكرر نشوزها‪.‬‬
‫(ويسقط بالنشوز قسمها ونفقتها) أي يرتتب على نشوز الزوجة سقوط‬
‫أمرين من حقوقها‪ :‬األمر األول‪ :‬حقها يف ال َقسم‪ ،‬فال جيب على الزوج ال َقسم‬
‫هلا إال إذا عادت إىل الطاعة قبل جميء نوبتها‪ ،‬واألمر الثاين‪ :‬حقها يف النفقة‪،‬‬
‫وتوابعها كالسكىن وحنوها‪ ،‬فال جيب على الزوج سكىن ونفقة اليوم الذي نشزت‬
‫فيه ومل تعد فيه للطاعة‪ ،‬فإن عادت إىل الطاعة فيه عادت هلا السكىن‪ ،‬وال تعود‬
‫هلا النفقة إال إذا َمتتع هبا يف هذا اليوم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪365‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام اخللع‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السادس من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام اخلُلع‪.‬‬
‫تعريف اخلُلع‪:‬‬
‫وشرعا‪ :‬الفرقة بني الزوجني على ِع َوض يُب َذل‬
‫اخللع ـ بضم اخلاء ـ لغة‪ :‬النزع‪ً .‬‬
‫للزوج‪ ،‬ومسي خلعا ألنه مبفارقتها له نزعت النكاح الذي هو كاللباس‪.‬‬
‫أركان اخللع وصورته‪:‬‬
‫أركان اخللع مخسة‪ :‬الركنان األول والثاين‪ :‬الزوج املخالِع والزوجة‪ ،‬والركن الثالث‪:‬‬
‫امللت ِزم للعوض‪ ،‬والركن الرابع‪ :‬العوض‪ ،‬والركن اخلامس‪ :‬الصيغة وهي‪ :‬اإلجياب‬
‫والقبول‪ ،‬فاإلجياب هو‪ :‬اللفظ الصادر من الزوج‪ ،‬الدال على ابتداء اخللع‪ ،‬والقبول‬
‫هو‪ :‬اللفظ الصادر من الزوجة امللتزم للعوض‪ ،‬الدال على االستجابة للخلع‪.‬‬
‫ك بألف دينار"‪ ،‬فتقول له‪:‬‬ ‫صورة اخللع‪ :‬أن يقول زيد لزوجته هند‪" :‬خالعتُ ِ‬
‫ت"‪ .‬فالزوج املخالع‪ :‬زيد‪ ،‬والزوجة وهي هنا امللتزم للعوض‪ :‬هند‪ ،‬والعوض‪:‬‬ ‫"قَبِْل ُ‬
‫ت"‪.‬‬ ‫األلف دينار‪ ،‬واإلجياب‪ :‬قول زيد‪" :‬خالعتك إخل"‪ ،‬والقبول‪ :‬قول هند‪" :‬قَبِْل ُ‬
‫فسخا‪ ،‬وعليه فينقص به عدد الطالق‪.‬‬‫فائدة‪ :‬اخللع يـُ َعد طالقًا ال ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪366‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ض معلُ ٍ‬ ‫ِ‬
‫وم(‪.)1‬‬ ‫ْع َجائٌِز َعلَى ع َو ٍ َ ْ‬ ‫ْخل ُ‬
‫َوال ُ‬
‫اح ج ِد ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وتَملِ ُ ِ ِ‬
‫يد(‪.)2‬‬ ‫س َها‪َ ،‬وَْل َر ْج َعةَ لَهُ َعلَْي َها َّإْل بِن َك ٍ َ‬
‫ك به ال َْم ْرأَةُ نَ ْف َ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬ ‫ْخل ِ‬
‫ض(‪.)3‬‬ ‫ْع في الطُّ ْه ِر َوفي ال َ‬
‫ْح ْي ِ‬ ‫وز ال ُ ُ‬ ‫َويَ ُج ُ‬
‫ْح ُق ال ُْم ْختَلِ َعةَ الطَََل ُق(‪.)4‬‬ ‫َوَْل يَل َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم اخللع‪.‬‬


‫قوله‪( :‬والخلع) أي حكمه (جائز) أي صحيح (على عوض معلوم) أي يلزم‬
‫معلوما‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬خالع زوجته على ألف دينار‪،‬‬
‫به العوض املسمى إذا كان ً‬
‫فاخللع صحيح ويلزمها أن تدفع العوض املسمى وهو ألف دينار‪ ،‬وعليه فلو‬
‫جمهوال فإن اخللع صحيح‪ ،‬لكن ال يلزم به العوض املسمى بل‬ ‫كان العوض ً‬
‫جيب له مهر املثل‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬خالع زوجته على ثوب غري معني‪ ،‬فاخللع‬
‫صحيح وجيب عليها أن تدفع له مهر مثلها‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن فائدة اخللع‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وتملك به المرأة نفسها) أي فائدة اخللع أن املختلعة تستخلص به‬
‫نفسها‪ ،‬وتفارق زوجها‪( ،‬وْل رجعة له عليها) أي َ‬
‫املفارقة تكون على وجه ال‬
‫يقدر فيها على مراجعتها (إْل بنكاح جديد) أي بعقد جديد ورضاها‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن اخللع يف الطهر واحليض‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويجوز) أي يباح ويصح (الخلع في الطهر) أي يف حال طهر املرأة‬
‫سواء جامعها فيه أو ال‪( ،‬وفي الحيض) أي ويف حال حيضها‪.‬‬
‫(‪ )4‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن حلوق الطالق للمختلعة‪.‬‬
‫واملختلعة‪ :‬هي املرأة اليت خالعها زوجها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪367‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬وْل يلحق المختلعة الطَلق) أي إذا خالع الزوج زوجته‪ ،‬مث طلقها يف‬
‫حال عدهتا فال يقع طالقه‪ ،‬ووجه عدم وقوع الطالق أن املختلعة ليست زوجة‬
‫للمخالع يف هذه احلالة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪368‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الطَلق‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السابع من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الطالق‪.‬‬
‫تعريف الطالق‪:‬‬
‫ومسي‬
‫وشرعا‪ :‬الفرقة بني الزوجني حبل قيد النكاح‪ُ ،‬‬ ‫الطالق لغة‪ :‬التخلية والرتك‪ً .‬‬
‫طالقًا ألنه إذا حل قيد النكاح فقد ُخليت الزوجة وتُركت‪.‬‬
‫أركان الطالق وصورته‪:‬‬
‫أركان الطالق ثالثة‪:‬‬
‫الركنان األول والثاين‪ :‬الزوج ال ُـمطلِّق والزوجة‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬الصيغة وهي‪:‬‬
‫اللفظ الصادر من الزوج ال ُـمطلِّق الدال على الطالق‪.‬‬
‫صورة الطالق‪ :‬أن يقول زيد لزوجته هند‪" :‬أنت طالق"‪ .‬فالزوج ال ُـمطلِّق‪ :‬زيد‪،‬‬
‫والزوجة‪ :‬هند‪ ،‬والصيغة‪ :‬قول زيد‪ " :‬أنت طالق"‪.‬‬
‫أقسام الفرقة بني الزوجني يف حال احلياة‪:‬‬
‫الفرقة بني الزوجني يف حال احلياة قسمان‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬الفسخ‪ ،‬والقسم الثاين‪ :‬الطالق‪.‬‬
‫فأما الفسخ ففرقة بائنة ليست حمصورة بعدد‪ ،‬فإذا فسخ الرجل نكاح املرأة ولو‬
‫مائة مرة فله حق الزواج هبا‪ ،‬وأما الطالق فهو فرقة حمصورة بعدد‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪369‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫أنواع الطالق‪:‬‬
‫الطالق نوعان‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬الطالق الرجعي‪ ،‬وهو‪ :‬الذي ميكن فيه للزوج املطلِّق العودة إىل‬
‫زوجته املطلقة يف العدة من غري عقد جديد‪ ،‬وسيأيت ضابطه يف فصل أحكام‬
‫الرجعة‪ ،‬ومسي رجعيًا ألن املطلِّق يستحق فيه إرجاع مطلقته من غري عقد‬
‫جديد‪ ،‬فإذا مل يسرتجعها حىت انقضت العدة فحكمه حكم البائن بينونة‬
‫صغرى‪.‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬الطالق البائن‪ ،‬وهو الذي ال ميكن فيه للزوج املطلِّق العودة إىل‬
‫زوجته املطلقة يف العدة من غري عقد جديد‪ ،‬ومسي بائنًا ألن املطلِّق ال يستحق‬
‫فيه إرجاع مطلقته من غري عقد جديد‪ ،‬وهو صنفان‪:‬‬
‫الصنف األول‪ :‬البائن بينونة صغرى‪ ،‬ويكون يف الطالق قبل الدخول ويف‬
‫ديدا وإن مل تنكح‬‫عقدا ج ً‬
‫اخللع‪ ،‬ومسيت بينونته صغرى ألنه جيوز أن يعقد هبا ً‬
‫زوجا غريه‪ ،‬ويشرتط يف العقد اجلديد شروط النكاح‪.‬‬
‫ً‬
‫الصنف الثاين‪ :‬البائن بينونة كربى‪ ،‬ويكون يف الطالق بالثالث‪ ،‬ومسيت بينونته‬
‫زوجا غريه‪.‬‬
‫جديدا حىت تنكح ً‬‫عقدا ً‬
‫كربى ألنه ال جيوز أن يعقد هبا ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن سبع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪370‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الص ِريح ثَََلثَةُ أَلْ َف ٍ‬


‫اظ‪ :‬الطَََّل ُق‪َ ،‬وال ِْف َرا ُق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫والطَََّل ُق َ ِ‬
‫ص ِر ٌ‬
‫يح‪َ ،‬وكنَايَةٌ؛ فَ َّ ُ‬ ‫ض ْربَان‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫احتَ َم َل الطَََّل َق َوغَْي َرهُ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اح‪َ .‬وَْل يَ ْفتَق ُر إلَى النِّ يَّة‪َ .‬والْكنَايَةُ‪ُ :‬ك ُّل لَْفظ ْ‬ ‫الس َر ُ‬
‫َو َّ‬
‫َويَ ْفتَ ِق ُر إلَى النِّ يَّ ِة(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن صيغة الطالق‪.‬‬


‫قوله‪( :‬والطَلق ضربان) أي الطالق حبسب اللفظ الذي حيصل به نوعان‪،‬‬
‫والطالق ال يقع إال بلفظ‪ ،‬فلو نواه بقلبه من غري لفظ مل يقع‪( ،‬صريح) أي‬
‫النوع األول‪ :‬طالق صريح‪( ،‬وكناية) أي النوع الثاين‪ :‬طالق كناية‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فالصريح ثَلثة ألفاظ) أي الطالق الصريح‪ :‬هو الذي حيصل بلفظ ب ِّ ٍ‬
‫ني‬
‫يف داللته على الطالق‪ ،‬وهو ثالثة ألفاظ‪( :‬الطَلق) أي اللفظ األول‪ :‬الطالق‬
‫وما اشتق منه‪ ،‬كقوله‪ :‬أنت طالق‪( ،‬والفراق) أي اللفظ الثاين‪ :‬الفراق وما‬
‫فارقة‪( ،‬والسراح) أي اللفظ الثالث‪ :‬السراح وما‬ ‫اشتق منه‪ ،‬كقوله‪ :‬أنت ُم َ‬
‫اشتق منه‪ ،‬كقوله‪ :‬أنت ُم َسرحة‪( ،‬وْل يفتقر إلى النية) أي ال حيتاج الطالق‬
‫الصريح إىل نية‪ ،‬فمىت تلفظ به الزوج وقع الطالق به‪ ،‬نواه أو مل ينوه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والكناية كل لفظ احتمل الطَلق وغيره) أي الطالق الكناية‪ :‬هو‬
‫حمتمل يف داللته على الطالق‪ ،‬كقوله‪ :‬أنت بائن‪ ،‬أو أنت‬ ‫الذي حيصل بلفظ ٍ‬
‫خلية‪( ،‬ويفتقر إلى النية) أي ال يقع الطالق الكناية إال بنية‪ ،‬فإن نوى به‬
‫الطالق وقع‪ ،‬وإال فال يقع‪.‬‬
‫ويفهم من كالم املؤلف أن أي لفظ ليس بصريح وال كناية يف الطالق‪ ،‬فال يقع‬
‫به طالق‪ ،‬ولو نواه‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬لو قال‪" :‬أنت قبيحة" ونوى بذلك الطالق‬
‫فإهنا ال تطلق‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪371‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ض؛‬ ‫ْح ْي ِ‬‫ات ال َ‬‫ب فِي طَََلقِ ِه َّن ُسنَّةٌ َوبِ ْد َعةٌ‪َ ،‬و ُه َّن‪َ :‬ذ َو ُ‬ ‫ض ْر ٌ‬ ‫ان‪َ :‬‬ ‫ضرب ِ‬ ‫والن ِ ِ‬
‫ِّساءُ فيه َ ْ َ‬
‫َ َ‬
‫السنَّةُ‪ :‬أَ ْن يُوقِ َع الطَََّل َق فِي طُ ْه ٍر غَْي ِر ُم َج ِام ٍع فِ ِيه‪َ ،‬والْبِ ْد َعةُ‪ :‬أَ ْن يُوقِ َع الطَََّل َق‬
‫فَ ُّ‬
‫س فِي طَََلقِ ِه َّن ُسنَّةٌ َوَْل بِ ْد َعةٌ‪،‬‬ ‫ب لَْي َ‬ ‫ض ْر ٌ‬ ‫ض أ َْو فِي طُ ْه ٍر َج َام َع َها فِ ِيه‪َ .‬و َ‬‫ْح ْي ِ‬
‫في ال َ‬
‫ِ‬
‫ْح ِام ُل‪َ ،‬وال ُْم ْختَلِ َعةُ الَّتِي لَ ْم يَ ْد ُخ ْل بِ َها(‪.)1‬‬
‫سةُ‪َ ،‬وال َ‬ ‫ِ‬ ‫و ُه َّن أَربع‪ِ َّ :‬‬
‫الصغ َيرةُ‪َ ،‬و ْاآلي َ‬ ‫َ َْ ٌ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن طالق السنة‪ ،‬وطالق البدعة‪.‬‬


‫وطالق السنة هو‪ :‬الطالق املوافق للشرع‪ ،‬وطالق البدعة هو‪ :‬الطالق املخالف‬
‫للشرع‪ ،‬وكالمها يقع‪ ،‬والفرق بينهما أن األول جائز ال يأمث فاعله‪ ،‬والثاين حمرم‬
‫يأمث فاعله‪.‬‬
‫قوله‪( :‬والنساء فيه ضربان) أي النساء يف حكم الطالق على نوعني‪.‬‬
‫(ضرب في طَلقهن سنة وبدعة) أي النوع األول‪ :‬النساء الاليت يتعلق‬
‫بطالقهن السنة والبدعة‪( ،‬وهن ذوات الحيض) أي هن النساء املدخول هبن‬
‫الاليت حيضن‪ ،‬أما غري املدخول هبن فال يتعلق بطالقهن السنة والبدعة‪.‬‬
‫(فالسنة أن يوقع الطَلق في طهر غير مجامع فيه والبدعة أن يوقع الطَلق‬
‫في الحيض أو في طهر جامعها فيه) أي يكون الطالق ُسنيًا بشرطني‪:‬‬
‫طاهرا غري حائض‪ ،‬الشرط الثاين‪ :‬أن ال يكون قد‬‫الشرط األول‪ :‬أن تكون املرأة ً‬
‫جامعها يف هذا الطهر‪.‬‬
‫فإذا انتفى أحد الشرطني األول أو الثاين بأن كانت املطلقة غري طاهر‪ ،‬أو‬
‫طاهرا لكن قد جامعها يف هذا الطهر فهو طالق بدعي‪.‬‬ ‫كانت ً‬
‫قوله‪( :‬وضرب ليس في طَلقهن سنة وْل بدعة) أي النوع الثاين‪ :‬النساء‬
‫الاليت ال يتعلق بطالقهن السنة والبدعة‪( ،‬وهن أربع) أي عددهن أربع‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪372‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ات‪َ ،‬وال َْع ْب ُد تَطْلِي َقتَ ْي ِن(‪.)1‬‬


‫ث تَطْلِي َق ٍ‬
‫ْح ُّر ثَََل َ‬ ‫َويَ ْملِ ُ‬
‫ك ال ُ‬
‫صلَهُ بِ ِه(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫َويَص ُّح اْل ْستثْ نَاءُ في الطَََّلق إذَا َو َ‬

‫(الصغيرة) أي األوىل‪ :‬اليت مل َِحتض سواء كانت بالغة أو غري بالغة‪( .‬واآليسة)‬
‫أي الثانية‪ :‬اليت انقطع حيضها وبلغت سن اليأس‪ ،‬وهو اثنتان وستون سنة‪.‬‬
‫(والحامل) أي الثالثة‪ :‬اليت ظهر محلها‪( .‬والمختلعة) أي الرابعة‪ :‬اليت خالعها‬
‫زوجها‪ ،‬وقوله‪( :‬التي لم يدخل بها) أي اليت مل جيامعها‪ ،‬وهذا ليس بقيد‪ ،‬ألن‬
‫املختلعة ليس يف طالقها سنة وال بدعة‪ ،‬سواء دخل هبا أو مل يدخل‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عما ميلكه الزوج من عدد الطالق‪.‬‬
‫ومجلة ذلك‪ :‬أن عدد الطالق معترب حبسب الزوج فهو الذي ميلك الطالق‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويملك الحر ثَلث تطليقات) أي إذا كان الزوج ً‬
‫حرا فنهاية ما ميلكه‬
‫ثالث طلقات‪ ،‬وعلى هذا فلو طلق زوجته ثالث طلقات‪ ،‬سواء كانت زوجته‬
‫زوجا غريه‪( ،‬والعبد تطليقتين) أي إذا كان‬ ‫حرة أو أمة فال حتل له حىت تنكح ً‬
‫عبدا فنهاية ما ميلكه اثنتان‪ ،‬وعلى هذا فلو طلق زوجته طلقتني‪ ،‬سواء‬ ‫الزوج ً‬
‫زوجا غريه‪.‬‬
‫كانت زوجته حرة أو أمة فال حتل له حىت تنكح ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن االستثناء يف الطالق‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويصح اْلستثناء) أي اإلخراج بإال أو إحدى أخواهتا (في الطَلق إذا‬
‫وصله به) أي بشرط أن يكون االستثناء مت ِ‬
‫ص ًال بالكالم‪ ،‬فال يكون بني املستثىن‬
‫واملستثىن منه فاصل زمين‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬إذا قال‪ :‬أنت طالق ثالثًا إال واحدة؛‬
‫وقعت تطليقتان‪ ،‬وعليه فلو كان بني املستثىن واملستثىن منه فاصل زمين مل يصح‬
‫االستثناء‪ ،‬مثال ذلك لو قال‪ :‬أنت طالق ثالثًا وبعد يوم قال‪ :‬إال واحدة فهذا‬
‫استثناء غري صحيح؛ ألنه غري متصل باملستثىن منه‪ ،‬وعليه فتطلق ثالثًا‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪373‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الش ْر ِط(‪.)1‬‬ ‫ص ُّح تَ ْعلِي ُقهُ بِ ِّ‬


‫الص َف ِة َو َّ‬ ‫وي ِ‬
‫ََ‬
‫اح(‪.)2‬‬ ‫َوَْل يَ َق ُع الطَََّل ُق قَ ْب َل النِّ َك ِ‬
‫الصبِ ُّي‪َ ،‬وال َْم ْجنُو ُن‪َ ،‬والنَّائِ ُم‪َ ،‬وال ُْم ْك َرهُ(‪.)3‬‬
‫َوأ َْربَ ٌع َْل يَ َق ُع طَََلقُ ُه ْم‪َّ :‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن تعليق الطالق‪.‬‬


‫تعليق الطالق هو‪ :‬ربط الطالق بشيء‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويصح تعليقه) أي الطالق (بالصفة) أي بالوصف من زمان أو مكان‬
‫أو غريمها (والشرط) أي بأن يكون بأداة من أدوات الشرط‪ ،‬فمثال تعليق‬
‫الطالق بالصفة أن يقول‪ :‬أنت طالق يف أول شهر رجب‪ ،‬فال تطلق إال إذا‬
‫دخل شهر رجب‪ ،‬ومثال تعليق الطالق بالشرط أن يقول‪ :‬إن دخلت الدار‬
‫فأنت طالق‪ ،‬فال تطلق إال إذا دخلت الدار‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن الطالق قبل النكاح‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل يقع الطَلق قبل النكاح) أي ال يقع الطالق إال على زوجة‪ ،‬وعلى‬
‫هذا فال يصح طالق األجنبية اليت سيتزوجها‪ ،‬كأن قال هلا‪ :‬إن تزوجتك فأنت‬
‫طالق‪ ،‬مث تزوجها‪ ،‬فإهنا ال تطلق ألهنا ليست زوجة له حال الطالق‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة السابعة‪ ،‬وهي عن عدد الذين ال يقع طالقهم‪.‬‬
‫(وأربع ْل يقع طَلقهم) أي عدد الذين ال حيصل طالقهم أربعة‪.‬‬
‫(الصبي والمجنون والنائم والمكره) هؤالء هم األربعة‪ ،‬واملكره هو‪ :‬املغصوب‬
‫على إيقاع الطالق‪ ،‬ويشري املؤلف هبذه املسألة إىل أن شرط الزوج املطلِّق أن‬
‫خمتارا‪.‬‬
‫عاقال ً‬
‫يكون بالغًا ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪374‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الرجعة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثامن من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الرجعة‪.‬‬
‫تعريف الرجعة‪:‬‬
‫الرجعة‪ :‬ـ ـ بفتح الراء ـ ـ لغة‪ :‬العودة‪.‬‬
‫وهي عند الفقهاء‪ :‬عودة املطلقة إىل نكاح زوجها من غري عقد جديد‪.‬‬
‫أركان الرجعة وصورهتا‪:‬‬
‫أركان الرجعة ثالثة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬الزوج املر ِجتع‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬املطلقة الرجعية منه‪ ،‬والركن الثالث‪:‬‬
‫الصيغة وهي‪ :‬اللفظ الصادر من املر ِجتع الدال على الرجعة‪.‬‬
‫ك"‪ .‬فالزوج املر ِجتع‪ :‬زيد‪،‬‬‫صورة الرجعة‪ :‬أن يقول زيد ملطلقته هند‪" :‬راجعتُ ِ‬
‫واملطلقة الرجعية منه‪ :‬هند‪ ،‬والصيغة‪ :‬قول زيد‪" :‬راجعتك"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪375‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ض ِع َّدتُ َها‪ ،‬فَِإ ْن‬ ‫ِ‬


‫َوإِ َذا طَلَّ َق ْام َرأَتَهُ َواح َدةً أ َْو اثْ نَتَ ْي ِن فَ لَهُ ُم َر َ‬
‫اج َعتُ َها َما لَ ْم تَ ْن َق ِ‬
‫يد‪َ ،‬وتَ ُكو ُن َم َعهُ َعلَى َما بَِق َي ِم ْن‬ ‫ت ِع َّدتُها َكا َن لَهُ نِ َكاحها بِع ْق ٍد ج ِد ٍ‬
‫َُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ض ْ‬ ‫انْ َق َ‬
‫الطَََّل ِق(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن املطلقة الرجعية‪.‬‬


‫ومجلة ذلك أن املطلقة ال ختلو من حالتني‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬أن تُطلق قبل الدخول هبا‪ ،‬ففي هذه احلال ال تكون رجعية بل بائنة‪،‬‬
‫ـخطاب يتزوجها برضاها بنكاح جديد‪.‬‬ ‫فإذا رغب فيها فهو خاطب من ال ُ‬
‫احلالة الثانية‪ :‬أن تُطلق بعد الدخول هبا‪ ،‬وهذه احلالة هي اليت عناها املؤلف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وإذا طلق امرأته واحدة أو اثنتين) أي إذا طلق الزوج زوجته املدخول‬
‫هبا تطليقة واحدة أو تطليقتني (فله مراجعتها) أي فيجوز له إعادهتا إىل نكاحه‬
‫من غري عقد جديد ومن غري رضاها‪( ،‬مالم تنقض عدتها) أي بشرط عدم‬
‫انتهاء عدهتا‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬تكون املطلقة رجعية إذا طلِّقت واحدة أو اثنتني يف حق الزوج احلر‪ ،‬وأما‬
‫يف حق الزوج العبد فإهنا ال تكون رجعية إال إذا طلِّقت واحدة فقط‪.‬‬
‫(فإن انقضت عدتها) أي إذا انتهت عدهتا من غري أن يراجعها (كان له‬
‫نكاحها بعقد جديد) أي فإهنا تصري بائنة‪ ،‬فإذا رغب فيها فهو خاطب من‬
‫اخلطاب يتزوجها برضاها ونكاح جديد‪( ،‬وتكون معه على ما بقي من‬
‫الطَلق) أي إذا تزوجها عادت إليه مبا بقي له من عدد الطالق‪ ،‬سواء اتصلت‬
‫بزوج غريه أم ال‪ ،‬وعلى هذا فلو كان قد طلقها تطليقة واحدة فتبقى له‬
‫تطليقتان‪ ،‬وإن كان قد طلقها تطليقتني فتبقى له تطليقة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪376‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِع َّدتِ َها‬ ‫اء‪ :‬انْ ِق َ‬


‫ضاءُ‬
‫ود َخم ِ‬
‫سة أَ ْشيَ َ‬ ‫َْ‬
‫فَِإ ْن طَلَّ َقها ثَََلثًا لَم تَ ِح َّل لَهُ إَِّْل ب ْع َد وج ِ‬
‫َ ُُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِع َّدتِ َها‬ ‫صابَتُ َها‪َ ،‬وبَ ْي نُونَتُ َها ِم ْنهُ‪َ ،‬وانْ ِق َ‬
‫ضاءُ‬
‫ِ‬
‫يج َها بِغَْي ِره‪َ ،‬و ُد ُخولُهُ بِ َها َوإِ َ‬
‫م ْنهُ‪َ ،‬وتَ ْز ِو ُ‬
‫ِ‬
‫ِم ْنهُ(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن املطلقة ثالثًا‪.‬‬


‫قوله‪( :‬فإن طلقها ثَلثًا) أي إذا طلق الزوج زوجتَه ثالثةَ تطليقات‪ ،‬سواء كانت‬
‫مدخوال هبا أو غري مدخول هبا‬ ‫ً‬ ‫دفعة واحدة أو دفعات‪ ،‬وسواء كانت الزوجة‬
‫(لم تحل له) أي فإن املطلقة تكون بائنًا بينونة كربى‪ ،‬فال حيل له نكاحها (إْل‬
‫بعد وجود خمسة أشياء)‪:‬‬
‫(انقضاء عدتها منه) أي الشيء األول‪ :‬انتهاء عدهتا من املطلِّق ثالثًا‪.‬‬
‫(وتزويجها بغيره) أي الشيء الثاين‪ :‬أن تتزوج بعد انقضاء عدهتا بغري الزوج‬
‫صحيحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫اجا‬
‫األول زو ً‬
‫(ودخوله بها وإصابتها) أي الشيء الثالث‪ :‬أن يطأها الزوج الثاين يف قبلها مع‬
‫انتشار ذكره‪.‬‬
‫الزوج الثاين إما بطالق أو فسخ أو‬ ‫(وبينونتها منه) أي الشيء الرابع‪ :‬أن تفا ِرق َ‬
‫موت‪.‬‬
‫(وانقضاء عدتها منه) أي الشيء اخلامس‪ :‬انتهاء عدهتا من الزوج الثاين‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬تكون املطلقة بائنا بينونة كربى إذا طُلِّقت ثالثًا يف حق الزوج احلر‪ ،‬وأما‬
‫يف حق الزوج العبد فإهنا تكون بائنًا بينونة كربى إذا طُلِّقت اثنتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪377‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام اإليَلء‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل التاسع من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام اإليالء‪.‬‬
‫تعريف اإليالء‪:‬‬
‫احلَلِف‪.‬‬
‫اإليالء لغة‪ْ :‬‬
‫وشرعا‪ :‬حلف الزوج على االمتناع من وطء زوجته مدة خمصوصة‪.‬‬ ‫ً‬
‫حكم اإليالء‪:‬‬
‫اإليالء حمرم ملا فيه من اإليذاء‪.‬‬
‫أركان اإليالء وصورته‪:‬‬
‫أركان اإليالء ستة‪:‬‬
‫الركنان األول والثاين‪ :‬الزوج والزوجة‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬احمللوف به‪ ،‬والركن الرابع‪:‬‬
‫احمللوف عليه‪ ،‬والركن اخلامس‪ :‬املدة‪ ،‬والركن السادس‪ :‬الصيغة وهي‪ :‬اللفظ‬
‫الصادر من الزوج الدال على اإليالء‪.‬‬
‫صورة اإليالء‪ :‬أن يقول زيد لزوجته هند‪" :‬واهلل ال أطؤك مخسة أشهر"‪ .‬فالزوج‪:‬‬
‫زيد‪ ،‬والزوجة‪ :‬هند‪ ،‬واحمللوف به‪ :‬لفظ اجلاللة‪ ،‬واحمللوف عليه‪ :‬وطء الزوجة‪،‬‬
‫واملدة‪ :‬مخسة أشهر‪ ،‬والصيغة‪ :‬قول زيد‪" :‬واهلل إخل"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪378‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ف أَ ْن َْل يَطَأَ َزْو َجتَهُ ُمطْلَ ًقا أ َْو ُم َّد ًة تَ ِزي ُد َعلَى أ َْربَ َع ِة أَ ْش ُه ٍر فَ ُه َو‬ ‫َوإِ َذا َحلَ َ‬
‫ول(‪.)1‬‬‫ُم ٍ‬
‫ت ذَلِ َ‬
‫ك أ َْربَ َعةَ أَ ْش ُه ٍر‪ ،‬ثُ َّم يُ َخيَّ ُر بَ ْي َن الْ َف ْيئَ ِة َوالتَّ ْك ِفي ِر‪ ،‬أ َْو‬ ‫َويُ َؤ َّج ُل لَهُ إ ْن َسأَلَ ْ‬
‫ْحاكِ ُم(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطَََّلق‪ ،‬فَِإ ْن ْامتَ نَ َع طَلَّ َق َعلَْيه ال َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن مىت يصري الشخص م ٍ‬


‫ول؟‬ ‫ُ‬
‫قوله‪( :‬وإذا حلف) أي الزوج (أن ْل يطأ زوجته) أي ال جيامعها (مطلقا) أي‬
‫من غري تقييد مبدة‪ ،‬كأن يقول لزوجته‪ :‬واهلل ال أطؤك‪( ،‬أو مدة تزيد على‬
‫أربعة أشهر) أي أو مدة مقيدة بأكثر من أربعة أشهر‪ ،‬كأن يقول لزوجته‪ :‬واهلل‬
‫ول‪ ،‬فإن جامعها قبل‬ ‫ال أطؤك مخسة أشهر‪) ،‬فهو مول) أي فإنه يصري م ٍ‬
‫ُ‬
‫مضي أربعة أشهر فعليه كفارة ميني‪ ،‬وإن مل جيامعها حىت مضت أربعة أشهر‬
‫فيرتتب على ذلك ما سيأيت ذكره يف املسألة الثانية‪.‬‬
‫ويفهم من كالم املؤلف أن من حلف أن ال جيامع زوجته أربعة أشهر فأقل‪،‬‬
‫ول‪ ،‬فإذا جامع زوجته يف هذه احلالة فإما أن جيامعها قبل مضي املدة‬ ‫فليس مبُ ٍ‬
‫اليت عينها فعليه كفارة ميني‪ ،‬وإما أن جيامعها بعد مضي املدة فليس عليه كفارة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عما يلزم املول‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويؤجل له) أي ُمي َهل الزوج املول وجوبًا (إن سألت ذلك أربعة أشهر)‬
‫أي يؤجل له مدة أربعة أشهر إن طلبت زوجته التأجيل‪( ،‬ثم يخير) أي إن مل‬
‫جيامع زوجته حىت مضت املدة خيريه احلاكم بني شيئني‪( :‬بين الفيئة) أي‬
‫الشيء األول‪ :‬العودة إىل مجاعها (والتكفير) أي إذا اختار الفيئة فتلزمه كفارة‬
‫ميني (أو الطَلق) أي الشيء الثاين‪ :‬طالقها‪( ،‬فإن امتنع) أي املول من الفيئة‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪379‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫والطالق (طلق عليه الحاكم) أي فإن احلاكم يُطَلِّق نيابة عنه طلقة واحدة‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬أوقعت عن فالن على فالنة طلقة واحدة‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬التأجيل مدةَ أربعة أشهر للمول ال يتوقف على طلب الزوجة خبالف ما‬
‫يفهم من عبارة املؤلف‪ ،‬بل تضرب املدة بنفسها من حني اإليالء‪ ،‬سواء علمت‬
‫بثبوت حقها يف الطلب‪ ،‬أم مل تعلم به‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪380‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الظهار‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل العاشر من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الظِّهار‪.‬‬
‫تعريف الظِّهار‪:‬‬
‫الظهار ـ بكسر الظاء ـ لغة‪ :‬مأخوذ من الظهر‪.‬‬
‫شرعا يف كالم املؤلف‪.‬‬ ‫وسيأيت تعريفه ً‬
‫حكم الظهار‪:‬‬
‫الظهار حمرم من كبائر الذنوب‪.‬‬
‫أركان الظهار وصورته‪:‬‬
‫أركان الظهار أربعة‪:‬‬
‫ظاهر منها‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬الـ ُمشبه‬ ‫ِ‬
‫الركنان األول والثاين‪ :‬الزوج ال ُـمظاهر والزوجة ال ُـم َ‬
‫به‪ ،‬والركن الرابع‪ :‬الصيغة وهي‪ :‬اللفظ الصادر من الزوج الدال على الظهار‪.‬‬
‫صورة الظهار‪ :‬أن يقول زيد لزوجته هند‪" :‬أنت علي كظهر أمي"‪ .‬فالزوج‬
‫املظاهر‪ :‬زيد‪ ،‬والزوجة‪ :‬هند‪ ،‬واملشبه به‪ :‬ظهر األم‪ ،‬والصيغة‪ :‬قول زيد‪" :‬أنت‬ ‫ِ‬
‫علي إخل"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪381‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الرجل لَِزوجتِ ِه‪ :‬أَنْ ِ‬


‫ت َعلَ َّي َكظَ ْه ِر أ ُِّمي(‪.)1‬‬ ‫ول َّ ُ ُ ْ َ‬ ‫َوالظِّ َه ُ‬
‫ار أَ ْن يَ ُق َ‬
‫ك ولَم ي ْتبِ ْعهُ بِالطَََّل ِق ص ِ‬ ‫فَِإذَا قَ َ ِ‬
‫ار َعائ ًدا‪َ ،‬ولَ ِزَم ْتهُ الْ َك َّف َ‬
‫ارةُ(‪.)2‬‬ ‫ََ‬ ‫ال ذَل َ َ ْ ُ‬
‫ض َّرةِ بِال َْع َم ِل‪ ،‬فَِإ ْن لَ ْم يَ ِج ْد‬
‫وب الْم ِ‬ ‫والْ َك َّفارةُ‪ِ :‬ع ْت ُق رقَ ب ٍة م ْؤِمن ٍة سلِ ٍ ِ‬
‫يمة م ْن الْعُيُ ِ ُ‬ ‫ََ ُ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِّين ِم ْس ِكينًا‪ُ ،‬ك ُّل ِم ْس ِكي ٍن‬ ‫ام ست َ‬
‫صيام َش ْهري ِن متَتَابِعي ِن‪ ،‬فَِإ ْن لَم يستَ ِطع فَِإطْع ِ‬
‫ْ َْ ْ َُ‬ ‫فَ ِ َ ُ َ ْ ُ َ ْ‬
‫ُم ٌّد(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫شرعا‪.‬‬
‫هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن تعريف الظهار ً‬
‫شرعا‪( :‬أن يقول الرجل لزوجته أنت علي كظهر‬ ‫قوله‪( :‬والظهار) أي تعريفه ً‬
‫أمي) أي يريد بذلك أنه حيرم عليه مجاعها كما َْحي ُرم عليه مجاع ِّأمه‪ ،‬وال تنحصر‬
‫صيغة الظِّهار يف اللفظ الذي ذكره املؤلف بل حيصل بكل لفظ يدل على‬
‫نت علي‬ ‫أنت علي كبطن بنيت‪ ،‬أو أ ِ‬ ‫تشبيه زوجته بالـمحرم يف احلرمة‪ ،‬كقوله‪ِ :‬‬
‫َ َ‬
‫كيد أخيت‪ ،‬أو حنو ذلك‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عما يرتتب على الظهار‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فإذا قال ذلك) أي إذا قال الزوج لزوجته‪ :‬أنت علي كظهر أمي‪( ،‬ولم‬
‫عقب ذلك بطالقها مع متكنه منه (صار عائ ًدا) أي‬ ‫يتبعه بالطَلق) أي مل ي ِ‬
‫ُ‬
‫عائدا يف قوله أي خمالفا ملا التزمه؛ ألن تشبيهها باألم يقتضي‬
‫فحكمه أنه يصري ً‬
‫أن ال ميسكها زوجة له‪ ،‬فإن أمسكها صار خمالفا ملا التزمه (ول ِزمته الكفارة)‬
‫أي وجبت عليه كفارة الظِّهار‪ ،‬ومفهوم كالم املؤلف أنه لو أتبع ِظهاره منها‬
‫بطالقها كأن قال هلا‪ :‬أنت علي كظهر أمي‪ ،‬أنت طالق‪ ،‬مل ي ِ‬
‫صر عائ ًدا وال‬ ‫َ‬
‫تلزمه الكفارة‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن كفارة الظهار‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪382‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َوَْل يَ ِح ُّل لَهُ َوط ُْؤ َها َحتَّى يُ َك ِّف َر(‪.)1‬‬

‫قوله‪( :‬والكفارة) أي كفارة الظهار‪ ،‬وهي مرتبة على ثالث خصال‪ ،‬فيجب‬
‫عليه أوال (عتق رقبة) أي إعتاق مملوك ٍ‬
‫عبد أو ٍ‬
‫أمة‪ ،‬فالرقبة كناية عن اململوك‪،‬‬
‫(مؤمنة سليمة من العيوب المضرة بالعمل) أي اململوك الذي جيزئ إعتاقه هو‬
‫مسلما‪ ،‬فال جيزئ الكافر‪ ،‬والثانية‪ :‬أن‬‫ً‬ ‫املتصف بصفتني‪ :‬األوىل‪ :‬أن يكون‬
‫يكون ساملـًا من العيوب اليت بسببها ال ُحي ِسن القيام بالعمل‪ ،‬فال جيزئ األعمى‬
‫واملشلول ومقطوع اليد وحنو ذلك‪( ،‬فإن لم يجد) أي فإن مل جيد الرقبة أو مل‬
‫جيد مثنها (فصيام شهرين) أي فيجب عليه صيام شهرين هالليني (متتابعين)‬
‫أي متتاليني‪ ،‬وعليه فلو شرع يف صيام الشهرين وأثناء صيامهما أفطر من غري‬
‫عذر ابتدأ صيام الشهرين ومل حيتسب األيام اليت صامها‪( ،‬فإن لم يستطع) أي‬
‫إن مل يقدر على الصيام املتتابع هلرم وحنوه (فإطعام ستين مسكينا) أي فيجب‬
‫عليه اإلطعام‪ ،‬واملسكني هو احملتاج فيشمل الفقري وغريه‪ ،‬واملراد باإلطعام‬
‫متليكهم الطعام نيئًا‪ ،‬وعدد املساكني الذين يطعمهم ستون‪( ،‬كل مسكين مد)‬
‫أي قدر الطعام لكل واحد منهم ُمد‪ ،‬وجيزئ من الطعام هنا ما جيزئ يف زكاة‬
‫الفطر‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن حكم وطء الزوجة اليت ظاهر منها‪.‬‬
‫املظاهر (وطؤها) أي مجاع زوجته اليت‬‫قوله‪( :‬وْل يحل له) أي حيرم على الزوج ِ‬
‫ظاهر منها (حتى يكفر) أي إىل أن يُ َكفِّر عن ِظهاره‪ ،‬فإذا َكفر حل له‬
‫مجاعها‪ ،‬ويشري املؤلف إىل أنه جيوز له االستمتاع بزوجته اليت ظاهر منها بغري‬
‫اجلماع كاللمس والقبلة لكن يف غري ما بني السرة والركبة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪383‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام اللعان‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل احلادي عشر من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام اللِّعان‪.‬‬
‫تعريف اللِّعان‪:‬‬
‫اللِّعان لغة‪ :‬مشتق من اللعن‪ ،‬وأصل اللعن‪ :‬الطرد واإلبعاد‪ ،‬يُقال‪ :‬لعنه اهلل أي‬
‫أبعده‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬قول كلمات خمصوصة ُجعِلت حجة للمضطر إىل قذف زوجته اليت‬ ‫ً‬
‫أحلقت العار به‪ُ ،‬مسي بذلك ألن الزوج يلعن نفسه يف اخلامسة إن كان كاذبًا‪.‬‬
‫أركان اللعان‪:‬‬
‫أركان اللعان ثالثة‪:‬‬
‫الركنان األول والثاين‪ :‬املتالعنان ومها‪ :‬الزوج والزوجة‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬الصيغة‬
‫وهي‪ :‬اللفظ الصادر من الزوج الدال على اللعان‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪384‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُج ُل َزْو َجتَهُ بِ ِّ‬


‫َوإِذَا َرَمى َّ‬
‫الزنَا فَ َعلَْيه َح ُّد الْ َق ْذف‪َّ ،‬إْل أَ ْن يُق َ‬
‫يم الْبَ يِّ نَةَ‪ ،‬أ َْو‬
‫يََُل ِع َن(‪.)1‬‬
‫َّاس‪" :‬أَ ْش َه ُد‬ ‫اع ٍة ِم ْن الن ِ‬
‫ْجام ِع َعلَى ال ِْم ْنبَ ِر فِي َج َم َ‬
‫ول ِع ْن َد الْحاكِ ِم فِي ال ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَ يَ ُق َ‬
‫ت بِ ِه َزْو َجتِي فََُلنَةَ ِم ْن ِّ‬
‫الزنَا‪َ ،‬وإِ َّن َه َذا ال َْولَ َد‬ ‫يما َرَم ْي ُ‬ ‫ادقِ ِ‬
‫ين ف َ‬ ‫الص َ‬
‫بِاللَّ ِه؛ إنَّنِي لَ ِمن َّ ِ‬
‫ْ‬
‫ْحاكِ ُم‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْخام ِ‬ ‫ات‪ ،‬وي ُق َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سة بَ ْع َد أَ ْن يَعظَهُ ال َ‬ ‫ول في ال َ َ‬ ‫س منِّي" أ َْربَ َع َم َّر َ َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫و‬‫َ‬ ‫ا‬‫ن‬
‫َ‬‫الز‬
‫ِّ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫" َو َعلَ َّي لَ ْعنَةُ اللَّه إ ْن ُك ْن ُ‬
‫ين" ‪.‬‬ ‫ت م ْن الْ َكاذب َ‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن سبب اللِّعان‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وإذا رمى) أي قذف (الرجل زوجته بالزنا) أي اهتمها بذلك كأن يقول‬
‫لزوجته‪ :‬أنت زانية‪ ،‬وعلى هذا فسبب اللِّعان هو قذف الزوج لزوجته‪( ،‬فعليه‬
‫حد القذف) أي إذا قذفها بالزنا وجب عليه حد القذف (إْل أن يقيم البينة‬
‫أو يَلعن) أي ال يسقط عنه احلد إال بأحد شيئني‪ :‬الشيء األول‪ :‬إقامة البينة‬
‫وهم أربعة شهود‪ ،‬والشيء الثاين‪ :‬لعان زوجته‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن صورة اللِّعان وصفته‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فيقول) أي الزوج املالعن (عند الحاكم) أي يشرتط يف اللعان أن‬
‫يكون مبحض ٍر من احلاكم أو من يقوم مقامه‪( ،‬في الجامع على المنبر في‬
‫جماعة من الناس) أي يسن أن يكون يف مسجد جامع على املنرب‪ ،‬وأن يكون‬
‫حبضور مجع من أعيان الناس وصلحائهم‪( ،‬أشهد بالل إنني لمن الصادقين‬
‫فيما رميت به زوجتي فَلنة من الزنا وأن هذا الولد من الزنا وليس مني أربع‬
‫مرات ويقول في الخامسة بعد أن يعظه الحاكم وعلي لعنت الل إن كنت‬
‫من الكاذبين) أي فيُقال للزوج قل‪ :‬كذا وكذا؛ فيقول على حسب التفصيل‬
‫املذكور يف كالم املؤلف‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪385‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْح ِّد َعلَْي َها‪،‬‬ ‫َح َك ٍام‪ُ :‬س ُقو ُ‬ ‫َّ ِِ ِِ‬
‫ْح ِّد َع ْنهُ‪َ ،‬وُو ُج ُ‬
‫وب ال َ‬ ‫ط ال َ‬ ‫سةُ أ ْ‬ ‫َويَتَ َعل ُق بل َعانه َخ ْم َ‬
‫يم َعلَى ْاْلَبَ ِد(‪.)1‬‬ ‫َّح ِر ُ‬
‫ِ‬
‫اش‪َ ،‬ونَ ْف ُي ال َْولَد‪َ ،‬والت ْ‬ ‫ال ال ِْف َر ِ‬
‫َوَزَو ُ‬
‫ول‪" :‬أَ ْش َه ُد بِاللَّ ِه؛ إِ َّن فََُلنًا َه َذا لَ ِم ْن‬ ‫ْح ُّد َع ْن َها بِأَ ْن تَ ْلتَ ِع َن‪ ،‬فَ تَ ُق َ‬
‫ط ال َ‬‫َويَ ْس ُق ُ‬
‫س ِة بَ ْع َد أَ ْن‬ ‫ول فِي ال َ ِ‬ ‫الزنَا" أَربع م َّر ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اذبِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْخام َ‬ ‫ات‪َ ،‬وتَ ُق َ‬ ‫يما َرَماني بِه م ْن ِّ َْ َ َ‬ ‫ين ف َ‬ ‫الْ َك َ‬
‫ين"(‪.)2‬‬ ‫ضب اللَّ ِه إ ْن َكا َن ِمن َّ ِ ِ‬ ‫ي ِعظَها ال ِ‬
‫الصادق َ‬ ‫ْ‬ ‫ْحاك ُم‪َ " :‬و َعلَ َّي غَ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫وقوله‪( :‬وأن هذا الولد من الزنا وليس مني) أي إن كان هناك ولد ينفيه عنه‬
‫ذَ َكره يف كلمات اللعان لينتفي عنه نسبه‪.‬‬
‫العن من عذاب‬ ‫وقوله‪( :‬بعد أن يعظه الحاكم) أي يسن للحاكم أن خيوف امل ِ‬
‫اآلخرة قبل املرة اخلامسة؛ كأن يقول له‪ :‬اتق اهلل فإن عذاب الدنيا أهون من‬
‫عذاب اآلخرة‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن عدد األحكام املرتتبة على اللعان‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويتعلق بلعانه خمسة أحكام) أي عدد األحكام املرتتبة على لعان‬
‫الزوج مخسة‪.‬‬
‫(سقوط الحد عنه) أي احلكم األول‪ :‬سقوط حد القذف عن الزوج‪.‬‬
‫(ووجوب الحد عليها) أي احلكم الثاين‪ :‬وجوب حد الزنا على الزوجة‪.‬‬
‫(وزوال الفراش) أي احلكم الثالث‪ :‬انتهاء الزوجية؛ النفساخ النكاح بينهما‪.‬‬
‫(ونفي الولد) أي احلكم الرابع‪ :‬نفي نسب الولد عن الزوج ا ِ‬
‫ملالعن‪ ،‬وعليه فال‬
‫املالعنة فال ينتفي عنها نسب الولد‪ ،‬وعليه فتكون أمه‪.‬‬
‫يكون أباه‪ ،‬أما َ‬
‫مؤبدا‪،‬‬
‫ملالعن ً‬‫(والتحريم على اْلبد) أي احلكم اخلامس‪ :‬حترمي املالعنة على ا ِ‬
‫َ‬
‫فال حيل له نكاحها بعد اللِّعان وال وطؤها مبلك اليمني أ ً‬
‫بدا‪.‬‬
‫سقط احلد عن الزوجة‪.‬‬ ‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عما ي ِ‬
‫ُ‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪386‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬ويسقط الحد عنها بأن تلتعن) أي يسقط حد الزنا عن الزوجة إذا‬
‫العنت بعد لعان زوجها مبحضر من احلاكم أو من يقوم مقامه‪ ،‬ويسن فيه ما‬
‫سبق يف لِعان الزوج‪( ،‬فتقول أشهد بالل أن فَلنًا هذا لمن الكاذبين فيما‬
‫رماني به من الزنا أربع مرات وتقول في الخامسة بعد أن يعظها الحاكم‬
‫وعلي غضب الل إن كان من الصادقين) أي فيقال للزوجة قول‪ :‬كذا وكذا‪،‬‬
‫فتقول على حسب التفصيل املذكور يف كالم املؤلف‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬بعد أن يعظها الحاكم) أي يسن للحاكم أن خيوف امل َ‬
‫العنة من‬
‫عذاب اآلخرة قبل املرة اخلامسة؛ كأن يقول هلا‪ :‬اتقي اهلل فإن عذاب الدنيا‬
‫أهون من عذاب اآلخرة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪387‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل أحكام العدة‬


‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين عشر من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام العِدة‪.‬‬
‫تعريف العِدة‪:‬‬
‫العِدة ـ بكسر العني ـ لغة‪ :‬مأخوذة من العدد‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬اسم للمدة اليت متتنع فيها املرأة عن الزواج بعد فراق زوجها بسبب‬ ‫ً‬
‫طالق أو فسخ أو موت‪ ،‬مسيت بذلك الشتماهلا على العدد غالبًا‪ ،‬فإهنا‬
‫تشتمل على عدد من األقراء أو األشهر كما سيأيت‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪388‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ض ْربَ ْي ِن‪ُ :‬متَ َوفًّى َع ْن َها‪َ ،‬وغَْي ُر ُمتَ َوفًّى َع ْن َها؛ فَال ُْمتَ َوفَّى َع ْن َها‪:‬‬ ‫َوال ُْم ْعتَ َّدةُ َعلَى َ‬
‫ت َحائًَِل فَ ِع َّدتُ َها أ َْربَ َعةُ أَ ْش ُه ٍر‬ ‫ْح ْم ِل‪َ ،‬وإِ ْن َكانَ ْ‬
‫ض ِع ال َ‬ ‫ت َح ِام ًَل فَ ِع َّدتُ َها بَِو ْ‬‫إ ْن َكانَ ْ‬
‫ْح ْم ِل‪َ ،‬وإِ ْن‬ ‫ض ِع ال َ‬ ‫ت َح ِام ًَل فَ ِع َّدتُ َها بَِو ْ‬ ‫َو َع ْش ٌر‪َ .‬وغَْي ُر ال ُْمتَ َوفَّى َع ْن َها‪ :‬إ ْن َكانَ ْ‬
‫ار‪َ .‬وإِ ْن‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ات الْح ْي ِ ِ‬ ‫ت حائًَِل‪ ،‬و ِهي ِمن ذَو ِ‬
‫ض فَع َّدتُ َها ثَََلثَةُ قُ ُروء؛ َوه َي‪ْ :‬اْلَط َْه ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫َكانَ ْ َ‬
‫ول بِ َها َْل ِع َّدةَ‬ ‫الد ُخ ِ‬ ‫سةً فَ ِع َّدتُ َها ثَََلثَةُ أَ ْش ُه ٍر‪َ .‬وال ُْمطَلََّقةُ قَ ْب َل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ت ِ‬
‫صغ َيرةً أ َْو آي َ‬
‫َكانَ ْ َ‬
‫َعلَْي َها(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد أنواع املعتدة احلرة‪.‬‬


‫قوله‪( :‬والمعتدة على ضربين) أي عدد أنواع املعتدة احلرة اثنان‪.‬‬
‫واملعتدة هي‪ :‬املرأة اليت متتنع من الزواج بعد فراق زوجها‪.‬‬
‫(متوفى عنها) أي النوع األول‪ :‬اليت فارقها زوجها بسبب وفاته‪( ،‬وغير متوفى‬
‫عنها( أي النوع الثاين‪ :‬اليت فارقها زوجها يف حياته بسبب طالق أو فسخ‪.‬‬
‫مدخوال هبا أو غري مدخول هبا أن‬
‫ً‬ ‫(فالمتوفى عنها) أي فحكمها‪ ،‬سواء كانت‬
‫حامَل فعدتها بوضع الحمل) أي احلالة األوىل‪:‬‬ ‫عدهتا هلا حالتان‪( :‬إن كانت ً‬
‫أن تكون ذات محل فتنتهي عدهتا بوضع احلمل‪( ،‬وإن كانت حائ ًَل فعدتها‬
‫حائال أي غري حامل فتعتد‬ ‫أربعة أشهر وعشر) أي احلالة الثانية‪ :‬أن تكون ً‬
‫أربعة أشهر وعشرة أيام من وفات زوجها‪.‬‬
‫(وغير المتوفى عنها) أي حكمها أن عدهتا هلا حالتان‪:‬‬
‫حامَل فعدتها بوضع الحمل) أي احلالة األوىل‪ :‬أن تكون ذات‬ ‫(إن كانت ً‬
‫حائَل) أي احلالة الثانية‪ :‬أن‬
‫محل فتنتهي عدهتا بوضع احلمل‪( ،‬وإن كانت ً‬
‫حائال أي غري حامل فعدهتا هلا صورتان‪( :‬وهي من ذوات الحيض‬ ‫تكون ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪389‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْح َّرةِ‪َ ،‬وبِ ْاْلَق َْر ِاء أَ ْن تَ ْعتَ َّد بِ ُق ْرأَيْ ِن‪َ ،‬وبِ ُّ‬
‫الش ُهوِر َع ْن‬ ‫ِ ِ‬
‫ْح ْم ِل َكع َّدة ال ُ‬
‫ِ‬
‫َوع َّدةُ ْاْل ََمة بِال َ‬
‫ِ‬
‫ف‪،‬‬ ‫صِ‬ ‫ش ْه ٍر َونِ ْ‬
‫ال‪َ ،‬و َع ْن الطَََّل ِق أَ ْن تَ ْعتَ َّد بِ َ‬ ‫س لَيَ ٍ‬ ‫ال َْوفَاةِ أَ ْن تَ ْعتَ َّد بِ َ‬
‫ش ْه َريْ ِن َو َخ ْم ِ‬
‫ت بِ َ‬
‫ش ْه َريْ ِن َكا َن أ َْولَى(‪.)1‬‬ ‫فَِإ ْن ا ْعتَ َّد ْ‬

‫فعدتها ثَلثة قروء وهي اْلطهار) أي الصورة األوىل‪ :‬أن تكون من الاليت‬
‫حيضن فتعتد ثالثة أطهار‪( ،‬وإن كانت صغيرة أو آيسة فعدتها ثَلثة أشهر)‬
‫أي الصورة الثانية‪ :‬أن تكون من الاليت ال حيضن‪ ،‬كالصغرية أو الكبرية اليائسة‬
‫من حصول احليض منها‪ ،‬فتعتد ثالثة أشهر هاللية‪.‬‬
‫(والمطلقة قبل الدخول بها ْلعدة عليها) الدخول هنا هو‪ :‬الوطء يف الفرج‪،‬‬
‫أي حكم املطلقة اليت مل يطأها زوجها يف فرجها أهنا ال عدة عليها‪ ،‬ومثلها‬
‫املفسوخ نكاحها قبل الدخول‪ ،‬وعليه فيجوز هلا أن تتزوج بعد الطالق مباشرة‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدة األمة‪.‬‬
‫واألمة هي‪ :‬املرأة اململوكة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وعدة اْلمة بالحمل كعدة الحرة) أي أن األمة إن كانت حا ً‬
‫مال فعدهتا‬
‫بوضع احلمل كاحلرة‪ ،‬سواء كانت متوىف عنها زوجها أو غري متوىف عنها‪،‬‬
‫(وباْلقراء أن تعت ّد بقرأين) أي أهنا إن كانت من ذوات احليض وفارقها زوجها‬
‫يف حياته بطالق أو فسخ فعدهتا طهران‪( ،‬وبالشهور عن الوفاة أن تعتد‬
‫بشهرين وخمس ليال وعن الطَلق أن تعتد بشهر ونصف فإن اعتدت‬
‫بشهرين كان أولى) أي أهنا إن كانت من غري ذوات احليض كالصغرية واآليسة‪،‬‬
‫فإذا فارقها زوجها بسبب وفاته فعدهتا شهران ومخسة أيام‪ ،‬وإذا فارقها زوجها‬
‫يف حياته بطالق أو فسخ فعدهتا شهر ونصف‪ ،‬واألوىل أن تعتد بشهرين‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪390‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الس ْكنَى ُدو َن‬ ‫ب لِلْبَائِ ِن ُّ‬ ‫ِ‬


‫الس ْكنَى‪َ ،‬والنَّ َف َقةُ‪َ .‬ويَج ُ‬ ‫ْم ْعتَ َّدةِ َّ‬
‫الر ْج ِعيَّ ِة‪ُّ :‬‬ ‫وي ِج ِ‬
‫ب لل ُ‬ ‫ََ ُ‬
‫النَّ َف َق ِة َّإْل أَ ْن تَ ُكو َن َح ِام ًَل(‪.)1‬‬
‫اد‪َ ،‬و ُه َو‪ِ :‬اْل ْمتِنَاعُ ِم ْن ِّ‬
‫الزينَ ِة‬ ‫ب َعلَى ال ُْمتَ َوفَّى َع ْن َها َزْو ُج َها ِْ‬
‫اْل ْح َد ُ‬ ‫ِ‬
‫َويَج ُ‬
‫اج ٍة(‪.)2‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوالطِّ ِ‬
‫يب‪َ .‬و َعلَى ال ُْمتَ َوفَّى َع ْن َها َزْو ُج َها َوال َْم ْبتُوتَة ُم ََل َزَمةُ الْبَ ْيت َّإْل ل َح َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عما جيب للمعتدة‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ويجب للمعتدة الرجعية السكنى والنفقة) أي املعتدة بسبب طالق‬
‫رجعي ال تزال زوجة حىت تنقضي عدهتا‪ ،‬ولذلك فتستحق وجوبًا السكن يف‬
‫بيت زوجها والنفقة عليها‪.‬‬
‫حامَل) أي املعتدة بسبب‬
‫(ويجب للبائن السكنى دون النفقة إْل أن تكون ً‬
‫فراق بائن ليست بزوجة‪ ،‬وذلك كأن يطلقها ثالثًا أو خيالعها أو يفسخ‬
‫نكاحها‪ ،‬ففي هذه احلالة إن مل تكن حامالً فال نفقة هلا‪ ،‬وتستحق وجوبًا‬
‫السكىن‪ ،‬وإن كانت حامالً فتستحق وجوبًا النفقة بسبب احلمل‪ ،‬والسكىن‬
‫حىت تضع محلها‪.‬‬
‫ويفهم من كالم املؤلف‪ :‬أن املعتدة بسبب وفاة زوجها ال جتب هلا نفقة وإن‬
‫حامال‪ ،‬لكن جتب هلا السكىن‪.‬‬
‫كانت ً‬
‫واخلالصة‪ :‬أن السكىن جتب للمعتدة مطل ًقا‪ ،‬وأما النفقة فتجب للرجعية مطل ًقا‬
‫وللبائن احلامل فقط‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عما جيب على املعتدة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ويجب على المتوفى عنها زوجها) أي املعتدة بسبب وفاة زوجها جيب‬
‫عليها (اْلحداد) أي يف زمن العدة (وهو اْلمتناع من الزينة والطيب) أي هو‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪391‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫أن تتجنب املرأة شيئني‪ :‬الشيء األول‪ :‬الزينة‪ ،‬سواء زينة البدن بأن ُحت ِّمر‬
‫وجهها‪ ،‬أو زينة الثياب‪ ،‬أو زينة احللي‪ ،‬والشيء الثاين‪ :‬التطيب‪ ،‬سواء يف البدن‬
‫أو يف الثوب‪.‬‬
‫ويفهم من كالم املؤلف‪ :‬أن اإلحداد ال جيب على غري املعتدة بسبب الوفاة‪،‬‬
‫كاملعتدة بسبب طالق سواء كان رجعيًا أو بائنًا‪.‬‬
‫(وعلى المتوفى عنها زوجها والمبتوتة مَلزمة البيت إْل لحاجة) املبتوتة هي‪:‬‬
‫املفارقة فراقًا بائنًا‪ ،‬كاملختلعة واملطلقة ثالثًا‪ ،‬ومعىن كالمه‪ :‬أنه جيب على املعتدة‬
‫َ‬
‫بسبب وفاة زوجها أو بسبب فراق بائن أن تالزم املسكن الذي فارقها فيه‬
‫زوجها‪ ،‬وال خترج منه إال إذا احتاجت للخروج‪ ،‬كأن خترج لشراء طعام‪ ،‬ومفهوم‬
‫كالم املؤلف أن املعتدة الرجعية ال جيب عليها مالزمة املسكن الذي فارقها فيه‬
‫زوجها‪ ،‬واملعتمد يف املذهب أهنا كغريها يف وجوب مالزمة املسكن‪ ،‬وعليه فال‬
‫جيوز للزوج إخراجها منه وإسكاهنا يف مسكن آخر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪392‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام االسترباء‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث عشر من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام االسترباء‪.‬‬
‫تعريف االسترباء‪:‬‬
‫االسترباء لغة‪ :‬طلب الرباءة‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬التأكد من براءة رحم األمة من احلمل بصفة خمصوصة‪.‬‬‫ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪393‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ت‬ ‫ث ِمل َ‬
‫ْك أ ََم ٍة َح ُرَم َعلَْي ِه ِاْل ْستِ ْمتَاعُ بِ َها َحتَّى يَ ْستَْب ِرئَ َها‪ ،‬إ ْن َكانَ ْ‬ ‫استَ ْح َد َ‬
‫َوَم ْن ْ‬
‫ش ْه ٍر‪َ ،‬وإِ ْن َكانَ ْ‬ ‫الش ُهوِر بِ َ‬ ‫ت ِمن ذَو ِ‬ ‫ض بِحي َ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫ات ُّ‬ ‫ضة‪َ ،‬وإِ ْن َكانَ ْ ْ َ‬ ‫ْح ْي ِ َ ْ‬ ‫م ْن ذَ َوات ال َ‬
‫ض ِع(‪.)1‬‬ ‫ْح ْم ِل بِال َْو ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م ْن ذَ َوات ال َ‬
‫س َها َك ْاْل ََم ِة(‪.)2‬‬
‫َت نَ ْف َ‬
‫استَْب َرأ ْ‬ ‫ِ‬
‫ات َسيِّ ُد أ ُِّم ال َْولَد ْ‬‫َوإِذَا َم َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عمن ملك أمة‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ومن استحدث ِملك أمة) أي من انتقل إليه ملك أمة‪ ،‬كأن اشرتاها أو‬
‫حرم عليه اْلستمتاع بها حتى يستبرئها) أي ال جيوز له‬ ‫ورثها أو غري ذلك‪ُ ( ،‬‬
‫أن يستمتع هبا بوطء أو تقبيل أو غريمها إال بعد أن يستربئها‪( ،‬إن كانت من‬
‫ذوات الحيض بحيضة وإن كانت من ذوات الشهور بشهر وإن كانت من‬
‫ذوات الحمل بالوضع) أي كيفية استربائها أهنا إذا كانت من ذوات احليض‬
‫فبأن حتيض حيضة واحدة‪ ،‬وإن كانت من ذوات الشهور‪ ،‬وهن من ال حيضن‬
‫كصغرية وآيسة فبثالثة أشهر‪ ،‬وإن كانت حامالً فبوضع احلمل‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬حيل االستمتاع باألمة املسبية من غري وطء ملن وقعت يف نصيبه من‬
‫الغنيمة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن استرباء أم الولد‪.‬‬
‫وأم الولد هي‪ :‬اململوكة اليت أتت بولد من سيدها‬
‫قوله‪( :‬وإذا مات سيد أم الولد استبرأت نفسها كاْلمة) أي أن أم الولد إذا‬
‫مات سيدها فليس حكمها حكم الزوجة إذا مات زوجها‪ ،‬بل حكمها حكم‬
‫األمة اليت انتقل ملكها من شخص إىل آخر؛ فيجب عليها أن تستربئ نفسها‬
‫قبل أن تتزوج‪ ،‬وكيفية استربائها حبسب ما تقدم يف األمة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪394‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الرضاع‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع عشر من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الرضاع‪.‬‬
‫تعريف الرضاع‪:‬‬
‫الرضاع ـ بفتح الراء وكسرها ـ لغة‪ :‬مص وشرب اللنب من الثدي‪.‬‬
‫رضاعا ألن الغالب أنه يدخل‬
‫وشرعا‪ :‬دخول لنب املرأة يف جوف الطفل‪ ،‬ومسي ً‬ ‫ً‬
‫يف اجلوف مبصه وشربه بالفم من الثدي‪.‬‬
‫أركان الرضاع‪:‬‬
‫أركان الرضاع ثالثة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬الـم ِ‬
‫رضع‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬الرضيع‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬اللنب‪.‬‬ ‫ُ‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪395‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يع َولَ َد َها بِ َ‬ ‫ت الْمرأَةُ بِلَبنِ َها ولَ ًدا صار َّ ِ‬ ‫َوإِ َذا أ َْر َ‬
‫ش ْرطَْي ِن‪ :‬أ َ‬
‫َح ُد ُه َما‪ :‬أَ ْن‬ ‫الرض ُ‬ ‫ض َع ْ َ ْ َ َ َ َ‬
‫ات‪ .‬وي ِ‬ ‫ات متَ َف ِّرقَ ٍ‬
‫ضعهُ َخمس ر َ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُير‬ ‫ََ‬ ‫ض َع ُ‬ ‫الح ْولَْي ِن‪َ .‬والثَّاني‪ :‬أَ ْن تُ ْر َ ْ َ َ‬ ‫يَ ُكو َن لَهُ ُدو َن َ‬
‫َزْو ُج َها أَبًا لَهُ(‪.)1‬‬

‫(‪)1‬‬
‫حرم‪.‬‬
‫هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن شروط الرضاع املـُ ِّ‬
‫قوله‪( :‬وإذا أرضعت المرأة بلبنها ول ًدا صار الرضيع ولدها بشرطين) أي أن‬
‫املرأة سواء كانت متزوجة أو ال‪ ،‬إذا أرضعت بلبنها و ًلدا فإهنا تصري أمه من‬
‫الرضاع‪ ،‬وهو يصري ولدها من الرضاع إذا حتقق شرطان‪:‬‬
‫(أحدهما أن يكون له دون الحولين) أي الشرط األول‪ :‬أن يكون الرضيع‬
‫ذكرا أو أنثى‪ ،‬وعلى هذا لو أرضعت من‬ ‫طفالً عمره سنتان فأقل‪ ،‬سواء كان ً‬
‫عمره أكثر من ذلك فال يثبت به حترمي‪.‬‬
‫(والثاني أن ترضعه خمس رضعات متفرقات) أي الشرط الثاين‪ :‬أن يكون‬
‫اضا عنه‪ ،‬فإذا‬‫مخسا متفرقة‪ ،‬وذلك يتحقق مبفارقة الثدي إعر ً‬ ‫عدد الرضعات ً‬
‫الثدي مث فارقه متت رضعة‪ ،‬وإذا التقمه مرة أخرى متت رضعة‬ ‫َ‬ ‫الطفل‬
‫ُ‬ ‫التقم‬
‫ثانية‪ ،‬وهكذا‪ ،‬وعلى هذا لو أرضعته أقل من مخس رضعات أو مص الطفل‬
‫اضا عنه فال يثبت به التحرمي‪.‬‬
‫الثدي مخس مرات فأكثر من غري أن يفارقه إعر ً‬
‫(ويصير زوجها أبًا له) أي كما أن املرضعة تصري ًّأما للرضيع فكذلك زوجها‬
‫الذي َدر اللنب بسببه يصري أبًا للرضيع‪.‬‬
‫وعلى هذا فتحرم على الرضيع أمهات أبيه من الرضاع‪ ،‬ألهنن صرن جداته‪،‬‬
‫وحترم بناته سواء من املرضعة أو من غريها ألهنن صرن أخواته‪ ،‬وحترم أخواته‬
‫ألهنن صرن عماته‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪396‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اسبَ َها‪َ ،‬ويَ ْح ُرُم َعلَْي َها‬


‫يج إلَْي َها‪َ ،‬وإلَى ُك ِّل َم ْن نَ َ‬ ‫ض ِع الت َّْز ِو ُ‬
‫َويَ ْح ُرُم َعلَى ال ُْم ْر َ‬
‫ض ِع َوَولَ ِدهِ ُدو َن َم ْن َكا َن فِي َد َر َجتِ ِه أ َْو أَ ْعلَى طَبَ َقةً ِم ْنهُ(‪.)1‬‬ ‫الت َّْز ِو ُ‬
‫يج إلَى ال ُْم ْر َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عما َحي ُرم بالرضاع‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ويحرم على المرضع) أي ال جيوز للرضيع (التزويج إليها) أي التزوج‬
‫باملرضعة ألهنا صارت أمه‪( ،‬وإلى كل من ناسبها) أي وكذلك ال جيوز له‬
‫التزوج بكل من انتمى إليها بنسب‪ ،‬وعلى هذا فتحرم عليه أمهات املرضعة‬
‫ألهنن صرن جداته‪ ،‬وحترم بناهتا سواء من زوج املرضعة الذي هو أبوه من‬
‫الرضاع أو من زوج آخر‪ ،‬ألهنن صرن أخواته‪ ،‬وحترم أخواهتا ألهنن صرن خالته‪.‬‬
‫(ويحرم عليها) أي ال جيوز للمرضعة (التزويج إلى المرض ِع) أي التزوج‬
‫بالرضيع ألنه صار ولدها من الرضاع‪( ،‬وولده) أي وكذلك ال جيوز هلا التزوج‬
‫بأبنائه وإن نزلوا كابن ابنه وابن بنته‪( ،‬دون من كان في درجته أو أعلى طبقة‬
‫منه) أي أنه جيوز هلا أن تتزوج مبن كان مساويًا للرضيع يف درجة النسب أو‬
‫أعلى منه‪ ،‬فاملساوي له يف الدرجة كاإلخوة من النسب‪ ،‬واألعلى منه درجة‬
‫كاألب واجلد‪ ،‬وعلى هذا فيجوز للمرضعة أن تتزوج من أخي الرضيع أو أبيه‬
‫أو جده‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬جيوز النظر واخللوة بالنساء احملرمات بالرضاع‪ ،‬وال ينتقض الوضوء‬
‫بلمسهن‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪397‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام النفقة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل اخلامس عشر من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام النفقة‪.‬‬
‫تعريف النفقة‪:‬‬
‫النفقة لغة‪ :‬مأخوذة من اإلنفاق وهو‪ :‬اإلخراج‪.‬‬
‫وهي عند الفقهاء‪ :‬إخراج ما جيب على املرء لغريه مما ال بد منه من الطعام‬
‫والشراب‪.‬‬
‫وكل من وجبت عليه نفقة غريه من اآلدميني؛ وجبت عليه توابعها من أدم‬
‫وغريه‪ ،‬ووجبت عليه كسوته وسكنه‪.‬‬
‫أسباب وجوب النفقة ثالثة‪:‬‬
‫األول‪ :‬القرابة‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬النكاح‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬امللك‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن سبع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪398‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ودين و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اجبَةٌ(‪.)1‬‬ ‫َونَ َف َقةُ ال َْوال َديْ ِن َوال َْم ْولُ َ َ‬
‫ب نَ َف َقتُ ُه ْم بِ َ‬
‫ش ْرطَْي ِن‪ :‬الْ َف ْق ُر َو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزَمانَةُ‪ ،‬أ َْو الْ َف ْق ُر َوال ُ‬
‫ْجنُو ُن(‪.)2‬‬ ‫فَأ ََّما ال َْوال ُدو َن فَ تَج ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم النفقة على القريب‪.‬‬


‫والقريب الذي جتب له النفقة هو‪ :‬الوالد والولد؛ فالوالد يشمل األب واألم وإن‬
‫عليا كاجلد واجلدة‪ ،‬والولد يشمل االبن والبنت وإن نزال كابن االبن وبنت‬
‫البنت‪ ،‬وعليه فال جتب النفقة على األخ واألخت وغريهم من سائر األقارب‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ونفقة الوالدين والمولودين واجبة) الوالدون مجع مفرده والد‪،‬‬
‫واملولودون مجع مفرده مولود أي ولد‪ .‬ومعىن كالمه‪ :‬أنه بسبب القرابة جيب‬
‫يضا على الوالد‬
‫على الولد ابنًا كان أو بنتًا نفقةُ والديه الذكور واإلناث‪ ،‬وجيب أ ً‬
‫أبًا كان أو ًّأما نفقةُ أوالده الذكور واإلناث‪.‬‬
‫تنبيهان‪:‬‬
‫مقتدرا‪ ،‬أي عنده ما يفضل على نفقة نفسه‬ ‫ِ‬
‫األول‪ :‬يشرتط يف املنفق أن يكون ً‬
‫وزوجته‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬املعترب يف نفقة القريب أن تكون حبسب الكفاية‪ ،‬وعليه فيجب إشباعه‬
‫إشباعا يقدر معه على الرتدد والتصرف‪.‬‬‫ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن مىت جتب النفقة للوالد؟‬
‫قوله‪( :‬فأما الوالدون فتجب نفقتهم بشرطين) أي يشرتط يف وجوب اإلنفاق‬
‫على الوالد حتقق أحد أمرين‪.‬‬
‫(الفقر والزمانة) أي األمر األول‪ :‬أن جيتمع يف الوالد صفيت الفقر والزمانة‪.‬‬
‫ِ‬
‫الكسب الذي يقوم بكفايته‪.‬‬ ‫فالفقر‪ :‬عدم ِ‬
‫املال و‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪399‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الصغَ ُر‪ ،‬أ َْو الْ َف ْق ُر‬ ‫ب نَ َف َقتُ ُه ْم بِثَ ََلثَِة َش َرائِ َ‬
‫ط‪ :‬الْ َف ْق ُر َو ِّ‬ ‫ِ‬
‫ودو َن فَ تَج ُ‬ ‫َوأ ََّما ال َْم ْولُ ُ‬
‫الزَمانَةُ‪ ،‬أ َْو الْ َف ْق ُر َوال ُ‬
‫ْجنُو ُن(‪.)1‬‬ ‫َو َّ‬

‫والزمانة هي‪ :‬اآلفة اليت متنع من العمل كاملرض والعمى‪.‬‬


‫(أو الفقر والجنون) أي األمر الثاين‪ :‬أن جيتمع يف الوالد صفيت الفقر واجلنون‪.‬‬
‫ومفهوم كالم املؤلف‪ :‬أنه ال جيب اإلنفاق على الوالد الغين مطل ًقا ولو كان َزِمنًا‬
‫عاقال‪،‬‬
‫صحيحا ً‬
‫ً‬ ‫أو جمنونًا‪ ،‬وكذلك ال جيب اإلنفاق على الوالد الفقري إذا كان‬
‫قريا سواء كان‬ ‫لكن املعتمد يف املذهب أنه جيب اإلنفاق على الوالد إذا كان ف ً‬
‫قادرا على العمل‪.‬‬
‫عاقال أو ال‪ ،‬ولو كان ً‬
‫صحيحا ً‬
‫ً‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن مىت جتب النفقة للولد؟‬
‫قوله‪( :‬وأما المولودون فتجب نفقتهم بثَلثة شرائط) أي يشرتط يف وجوب‬
‫اإلنفاق على الولد حتقق أحد ثالثة أمور‪.‬‬
‫(الفقر والصغر) أي األمر األول‪ :‬أن جيتمع يف الولد صفيت الفقر والصغر أي‬
‫عدم البلوغ‪.‬‬
‫(أو الفقر والزمانة( أي األمر الثاين‪ :‬أن جيتمع يف الولد صفيت الفقر والزمانة‪،‬‬
‫كبريا‪.‬‬
‫صغريا أو ً‬
‫سواء كان ً‬
‫)أو الفقر والجنون) أي األمر الثالث‪ :‬أن جيتمع يف الولد صفيت الفقر‬
‫كبريا‪.‬‬
‫صغريا أو ً‬
‫واجلنون‪ ،‬سواء كان ً‬
‫ومفهوم كالم املؤلف‪ :‬أنه ال جيب اإلنفاق على الولد الغين مطل ًقا سواء كان‬
‫صغريا أو زمنًا أو جمنونًا‪ ،‬وكذلك ال جيب اإلنفاق على الولد الفقري الكبري إذا‬ ‫ً‬
‫عاقال‪ ،‬لقدرته على العمل‪.‬‬
‫صحيحا ً‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪400‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْك َفايَِة‪َ ،‬وَْل يُ َكلَّ ُفو َن ِم ْن ال َْع َم ِل َما َْل‬ ‫اجبةٌ بَِق ْد ِر ال ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يق َوالْبَ َهائ ِم َو َ‬ ‫الرقِ ِ‬
‫َونَ َف َقةُ َّ‬
‫يُ ِطي ُقو َن(‪.)1‬‬
‫اجبَةٌ(‪.)2‬‬ ‫الزوج ِة الْمم ِّكنَ ِة ِمن نَ ْف ِس َها و ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َونَ َف َقةُ َّ ْ َ ُ َ‬
‫ب قُوتِ َها‪َ ،‬وِم ْن ْاْلُ ْدِم‬ ‫ان ِم ْن غَالِ ِ‬ ‫وسرا فَم َّد ِ‬
‫ج ُم ً ُ‬
‫الزو ِ‬
‫َوه َي ُم َق َّد َرةٌ‪ :‬فَِإ ْن َكا َن َّ ْ ُ‬
‫ِ‬
‫ادةُ‪َ .‬وإِ ْن َكا َن ُم ْع ِس ًرا فَ ُم ٌّد‪َ ،‬وَما يَأْتَ ِد ُم بِ ِه ال ُْم ْع ِس ُرو َن‬ ‫ت بِ ِه ال َْع َ‬ ‫ْك ْس َوةِ َما َج َر ْ‬ ‫وال ِ‬
‫َ‬
‫ْك ْس َوةِ ال َْو َس ِط‪َ .‬وإِ ْن‬ ‫ف‪ ،‬وِمن ْاْلُ ْدِم وال ِ‬ ‫سونَهُ‪َ .‬وإِ ْن َكا َن ُمتَ َو ِّسطًا فَ ُم ٌّد َونِ ْ‬
‫َ‬ ‫صٌ َ ْ‬ ‫َويَ ْك ُ‬
‫ت ِم َّم ْن يُ ْخ َد ُم ِمثْ لُ َها فَ َعلَْي ِه إ ْخ َد ُام َها(‪.)3‬‬‫َكانَ ْ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن حكم النفقة للرقيق وللبهائم‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ونفقة الرقيق والبهائم واجبة بقدر الكفاية) الرقيق هو‪ :‬اإلنسان‬
‫عبدا‪ ،‬واألنثى تسمى أمةً‪ ،‬والبهائم مجع هبيمة واملراد هبا‬
‫اململوك‪ ،‬والذكر يسمى ً‬
‫هنا‪ :‬احليوان‪ ،‬ومعىن كالم املؤلف أنه جيب على مالك الرقيق والبهيمة بسبب‬
‫امللك أن ينفق عليهما بقدر ما يكفيهما‪.‬‬
‫(وْل يكلفون من العمل ما ْل يطيقون) أي ال جيوز ملالك الرقيق والبهيمة أن‬
‫قيق هن ًارا‬ ‫يُكلِّفهم من العمل ما ال يستطيعونه‪ ،‬وعلى هذا فإذا استعمل ا ُ‬
‫ملالك الر َ‬
‫ليال‪ ،‬وال يُكلِّف دابته ما ال تستطيع محله‪.‬‬
‫أراحه ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن حكم النفقة للزوجة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ونفقة الزوجة الممكنة من نفسها واجبة) أي نفقة الزوجة واجبة على‬
‫متكن زوجها من االستمتاع هبا‪ ،‬وعليه فلو‬ ‫زوجها بسبب النكاح‪ ،‬بشرط أن ِّ‬
‫امتنعت من متكينه سقطت نفقتها‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن مقدار نفقة الزوجة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪401‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬وهي مقدرة) أي نفقة الزوجة هلا مقدار حمدد حبسب حال الزوج‪.‬‬
‫موسرا فمدان من غالب قوتها ومن اْلدم والكسوة‬ ‫ً‬ ‫(فإن كان الزوج‬
‫ماجرت به العادة) أي يف حالة غىن الزوج جيب عليه لزوجته ثالثة أمور‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬مدان من الطعام‪ ،‬واملعترب فيهما أن يكونا من غالب قوت بلد‬
‫الزوجة من بر أو شعري أو غريمها‪.‬‬
‫األمر الثاين‪ :‬األدم وهو‪ :‬ما يُساغ به الطعام من زيت وخل وجنب وغريها‪،‬‬
‫حبسب ما هو متعارف عليه بني األغنياء‪.‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬الكسوة كقميص وسراويل ومخار وغريها‪ ،‬حبسب ما هو متعارف‬
‫عليه بني األغنياء‪.‬‬
‫معسرا فمد وما يأتدم به المعسرون ويكسونه) أي يف حالة فقر‬ ‫ً‬ ‫(وإن كان‬
‫الزوج جيب عليه لزوجته ثالثة أمور‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬مد من الطعام‪ ،‬واملعترب فيه أن يكون من غالب قوت بلد الزوجة‪.‬‬
‫األمر الثاين‪ :‬األدم‪ ،‬حبسب ما هو متعارف عليه بني الفقراء‪.‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬الكسوة‪ ،‬حبسب ما هو متعارف عليه بني الفقراء‪.‬‬
‫(وإن كان متوسطًا فمد ونصف ومن اْلدم والكسوة الوسط) أي يف حالة‬
‫توسط الزوج بني الغىن والفقر جيب عليه لزوجته ثالثة أمور‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬مد ونصف من الطعام‪ ،‬واملعترب فيه أن يكون من غالب قوت بلد‬
‫الزوجة‪.‬‬
‫األمر الثاين‪ :‬األدم‪ ،‬حبسب ما هو متعارف عليه بني املتوسطني‪.‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬الكسوة‪ ،‬حبسب ما هو متعارف عليه بني املتوسطني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪402‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الص َد ِ‬
‫اق قَ ْب َل‬ ‫س َر بِ َّ‬ ‫اح‪َ ،‬وَك َذلِ َ‬
‫ك إ ْن أَ ْع َ‬ ‫س َر بِنَ َف َقتِ َها فَ لَ َها فَ ْس ُخ النِّ َك ِ‬ ‫ِ‬
‫َوإ ْن أَ ْع َ‬
‫ول(‪.)1‬‬ ‫الد ُخ ِ‬
‫ُّ‬

‫تنبيه‪ :‬ضابط املوسر هنا‪َ :‬من كان عنده ما يكفيه بقية عمره الغالب وزاد عليه‬
‫مدان فأكثر‪ ،‬وضابط املتوسط‪َ :‬من كان عنده ما يكفيه بقية عمره الغالب وزاد‬
‫عليه مد ونصف ومل يبلغ املدين‪ ،‬وضابط املعسر‪َ :‬من مل يكن عنده ما يكفيه‬
‫بقية عمره الغالب أو كان عنده ما يكفيه بقية عمره الغالب ومل يزد شيء أو زاد‬
‫أقل من مد ونصف‪ .‬والعمر الغالب‪ :‬اثنتان وستون سنة‪.‬‬
‫(وإن كانت ممن يخدم مثلها فعليه إخدامها) أي إذا تزوج الشخص بامرأة‬
‫خيدم مثلها يف العادة‪ ،‬كأن تكون هلا خادمة ختدمها يف بيت أبيها‪ ،‬فيجب على‬
‫معسرا أن يوفر هلا خاد ًما‪ ،‬كأن يشرتي‬
‫موسرا أو متوسطًا أو ً‬
‫زوجها سواء كان ً‬
‫هلا أمة ختدمها‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬جتب النفقة للزوجة يف أول كل يوم‪ ،‬وجتب الكسوة هلا يف أول كل فصل‪،‬‬
‫والفصل ستة أشهر‪ ،‬وعليه فتجب هلا يف العام كسوتان‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة السابعة‪ ،‬وهي عمن أعسر بالنفقة والصداق‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وإن أعسر بنفقتها) أي إذا عجز الزوج عن دفع نفقة املعسرين لزوجته‬
‫(فلها فسخ النكاح) أي فإهنا ُختري بني الصرب والفسخ للنكاح‪ ،‬فإذا اختارت‬
‫الفسخ رفعت قضيتها إىل احلاكم فيأمر بفسخ النكاح‪( ،‬وكذلك إن أعسر‬
‫بالصداق قبل الدخول) أي وكذلك ُختري بني الصرب والفسخ للنكاح إذا عجز‬
‫عن دفع مهرها قبل أن يدخل هبا‪ ،‬وعلى هذا فليس هلا احلق يف فسخ النكاح‬
‫إذا عجز عن دفع املهر بعد الدخول هبا‪ ،‬بل يصري املهر دينًا يف ذمته‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪403‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل أحكام احلضانة‬


‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السادس عشر من كتاب النكاح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام احلضانة‪.‬‬
‫تعريف احلضانة‪:‬‬
‫احلضانة لغة‪ :‬الضم‪.‬‬
‫ويف الشرع‪ :‬تربية الصغري باالهتمام مبصاحله وحفظه عما يضره‪ ،‬وذلك بتغسيله‬
‫الصغري إليها‪.‬‬
‫َ‬ ‫ودهنه وحنو ذلك‪ ،‬ومسي ذلك باحلضانة لضم احلاضنة‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪404‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ضانَتِ ِه إِلَى َس ْب ِع ِسنِْي َن‪،‬‬


‫َح ُّق بِ َح َ‬ ‫ِ‬
‫الر ُج ُل َزْو َجتَهُ َولَهُ م ْن َها َولَ ٌد فَ ِه َي أ َ‬
‫ار َق َّ‬ ‫َوإِ َذا فَ َ‬
‫ارهُ ُسلِّ َم إلَْي ِه(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫ثُ َّم يُ َخيَّ ُر بَ ْي َن أَبَ َويْه فَأَيُّ ُه َما ا ْختَ َ‬
‫ِّين‪َ ،‬وال ِْع َّفةُ‪َ ،‬و ْاْلََمانَةُ‪،‬‬ ‫ط الْح َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْح ِّريَّةُ‪َ ،‬والد ُ‬
‫ضانَة َس ْب ٌع‪ :‬ال َْع ْق ُل‪َ ،‬وال ُ‬ ‫َو َش َرائ ُ َ‬
‫ت(‪.)2‬‬
‫ط َس َقطَ ْ‬ ‫ْخلُُّو ِم ْن َزْو ٍج‪ .‬فَِإ ْن ا ْختَ َّل ِم ْن َها َش ْر ٌ‬ ‫اْلقَ َامةُ‪َ ،‬وال ُ‬ ‫َو ِْ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن األحق حبضانة الصغري‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وإذا فارق الرجل زوجته) أي بطالق أو فسخ‪( ،‬وله منها ولد) أي سواء‬
‫ذكرا أو أنثى (فهي أحق بحضانته إلى سبع سنين) أي فهي املقدمة يف‬ ‫كان ً‬
‫استحقاق حضانة الولد‪ ،‬وتستمر حضانتها إىل أن مييز‪ ،‬وغالبًا ما يكون يف سن‬
‫السابعة‪( ،‬ثّم يخير بين أبويه فأيهما اختاره سلم إليه) أي إذا ميز الصغري سواء‬
‫ذكرا أو أنثى‪ ،‬فإنه خيري بني ِّأمه وأبيه فيكون يف حضانة من خيتار منهما‪.‬‬ ‫كان ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد شروط استحقاق احلضانة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وشرائط الحضانة سبع) أي عدد شروط استحقاق احلضانة سبعة‪.‬‬
‫(العقل والحرية والدين) هذه الشروط األول والثاين والثالث‪ ،‬واملراد بالدين اإلسالم‪.‬‬
‫(والعفة واْلمانة) هذان الشرطان الرابع واخلامس‪ ،‬ومعنامها متقارب وهو‪:‬‬
‫الكف عما ال حيل‪ ،‬واملراد هبما العدالة‪.‬‬
‫(واْلقامة) هذا الشرط السادس‪ ،‬وهو املكث يف بلد احملضون‪.‬‬
‫(والخلو من زوج) هذا الشرط السابع‪ ،‬وهو أن ال تكون احلاضنة متزوجة‪.‬‬
‫(فإن اختل شرط منها سقطت) أي إن فقد أحد هذه الشروط سقط‬
‫ألم جمنونة أو مملوكة أو كافرة أو‬ ‫استحقاق احلضانة‪ ،‬وعلى هذا فال حضانة ٍ‬
‫فاسقة أو مسافرة أو متزوجة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪405‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫كتاب اجلنايات‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب األول من قسم اجلنايات‪.‬‬


‫تعريف اجلنايات‪:‬‬
‫اجلنايات‪ :‬مجع جناية‪ ،‬وهي لغة‪ :‬التعدي‪.‬‬
‫واملراد هبا هنا‪ :‬التعدي على البدن املوجب للعقوبة‪.‬‬
‫أقسام اجلناية‪:‬‬
‫اجلناية أربعة أقسام‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬اجلناية بالقتل‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬اجلناية بإزالة الطرف‪ ،‬مثل قطع اليد‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬اجلناية باجلرح‪ ،‬مثل الطعن يف البطن‪.‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬اجلناية بإزالة املعاين أي املنافع‪ ،‬مثل إذهاب البصر‪.‬‬
‫عدد فصول هذا الكتاب‪:‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربعة فصول‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪406‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل أحكام القتل‬


‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب اجلنايات‪.‬‬


‫واملؤلف مل يذكر هذا الفصل‪ ،‬وإمنا ذكرته بناء على احملتوى الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام القتل‪.‬‬
‫تعريف القتل‪:‬‬
‫القتل لغة‪ :‬إزهاق الروح‪.‬‬
‫واملراد به هنا‪ :‬إزهاق روح اآلدمي بغري حق‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪407‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وع ْم ٍد َخطٍَأ(‪.)1‬‬‫ض‪َ ،‬‬ ‫ض‪َ ،‬و َخطٍَأ َم ْح ٍ‬ ‫ب‪َ :‬ع ْم ٍد َم ْح ٍ‬ ‫ضر ٍ‬ ‫ِ‬
‫الْ َق ْت ُل َعلَى ثَََلثَة أَ ْ ُ‬
‫ص ُد قَ ْت لَهُ بِ َذلِ َ‬
‫ك؛‬ ‫ضربِ ِه بِما ي ْقتُل غَالِبا وي ْق ِ‬
‫ض‪ :‬أَ ْن يَ ْعم َد إلَى َ ْ َ َ ُ ً َ َ‬
‫ِ‬ ‫فَال َْع ْم ُد ال َْم ْح ُ‬
‫ال الْ َقاتِ ِل(‪.)2‬‬ ‫ت ِديَةٌ ُمغَلَّظَةٌ َحالَّةٌ فِي َم ِ‬‫ب الْ َق َو ُد َعلَْي ِه‪ ،‬فَِإ ْن َع َفا َع ْنهُ َو َجبَ ْ‬ ‫ِ‬
‫فَ يَج َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد أنواع القتل‪.‬‬


‫قوله‪( :‬القتل على ثَلثة أضرب) أي عدد أنواع القتل ثالثة‪.‬‬
‫(عمد محض) أي النوع األول‪ :‬قتل عمد خالص‪ ،‬فال يشبه القتل اخلطأ‪.‬‬
‫(وخطأ محض) أي النوع الثاين‪ :‬قتل خطأ خالص‪ ،‬فال يشبه القتل العمد‪.‬‬
‫(وعمد خطأ) أي النوع الثالث‪ :‬قتل عمد خطأ‪ ،‬ويسمى أيضا شبه العمد‪،‬‬
‫وإمنا مسي عمد خطأ؛ لكونه يشبه القتل العمد من وجه ويشبه القتل اخلطأ من‬
‫وجه آخر‪ ،‬وسيتكلم املؤلف عن صفة كل قسم يف املسائل التالية‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن صفة قتل العمد احملض وما جيب به‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فالعمد المحض) أي صفته (أن يعمد إلى ضربه بما يقتل غالبا) أي‬
‫أن يتحقق فيه أمران‪ :‬األمر األول‪ :‬أن يقصد اجلاين الفعل والشخص‪ ،‬مثل أن‬
‫يقصد ضرب شخص معني فيقتله‪ ،‬األمر الثاين‪ :‬أن يكون بشيء يقتل يف‬
‫الغالب‪ ،‬كالسيف‪( .‬ويقصد قتله بذلك) ظاهره أنه يشرتط يف قتل العمد‬
‫احملض أن يقصد اجلاين القتل‪ ،‬وليس كذلك فإنه ال يشرتط قصد القتل بل‬
‫الذي يشرتط األمران السابقان فقط‪ ،‬وعليه فلو ضربه بشيء يقتل غالبًا فقتله‬
‫ومل يقصد قتله فهذا القتل عمد حمض‪.‬‬
‫(فيجب القود عليه) أي جيب يف قتل العمد احملض ال َق َود على القاتل‪ ،‬ما مل‬
‫ومسي‬
‫القصاص‪ُ ،‬‬ ‫يعف أولياء املقتول عنه‪ ،‬وال َقود ـ ـ بفتح القاف والواو ــ‪ِ :‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪408‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يب َر ُج ًَل فَ يَ ْقتُ لَهُ؛ فَ ََل قَ َو َد َعلَْي ِه‪،‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬


‫ض‪ :‬أَ ْن يَ ْرم َي إلَى َش ْيء فَ يُص َ‬
‫ْخطَأُ ال َْم ْح ُ‬ ‫َوال َ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫بل تَ ِج ِ‬
‫ين(‪.)1‬‬ ‫ب ديَةٌ ُم َخ َّف َفةٌ َعلَى ال َْعاقلَة ُم َؤ َّجلَةٌ في ثَََلث سن َ‬
‫َْ ُ‬

‫القصاص بالقود ألن املقتص منه يف الغالب يُقاد بشيء يُربط فيه أو بيده‬
‫قتص منه‪( ،‬فإن عفا عنه) أي إن عفا أولياء املقتول عن القاتل‪( ،‬وجبت دية‬ ‫ليُ َ‬
‫مغلظة حالة في مال القاتل) أي فتجب فيه دية موصوفة بثالث صفات‪:‬‬
‫الصفة األوىل‪ :‬أهنا مغلظة‪ ،‬وستأيت صفة تغليظها يف فصل أحكام الدية‪،‬‬
‫والصفة الثانية‪ :‬أهنا حالة‪ ،‬أي غري مؤجلة‪ ،‬والصفة الثالثة‪ :‬أهنا يف مال القاتل‪،‬‬
‫أي تؤخذ من ماله‪ ،‬وظاهر كالم املؤلف أن العفو مطل ًقا يوجب الدية‪ ،‬واملعتمد‬
‫يف املذهب أنه ال جتب الدية بالعفو إال إذا عفا الول على الدية‪ ،‬أما إذا عفا‬
‫وأطلق فال جتب‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن صفة قتل اخلطأ احملض وما جيب به‪.‬‬
‫جَل‬
‫قوله‪( :‬والخطأ المحض) أي صفته (أن يرمي إلى شيء فيصيب ر ً‬
‫فيقتله) أي أن يتحقق فيه أمر واحد‪ ،‬هو‪ :‬أن ال يقصد الشخص سواء قصد‬
‫صيدا‪،‬‬
‫الفعل أو ال‪ ،‬وسواء كان بشيء يقتل غالبًا أو ال‪ ،‬مثل أن يرمي اجلاين ً‬
‫فتقع الرمية على إنسان فيموت‪.‬‬
‫(فَل قود عليه) أي يسقط يف قتل اخلطأ احملض القصاص على القاتل‪( ،‬بل‬
‫تجب دية مخففة على العاقلة مؤجلة في ثَلث سنين) أي لكن جتب فيه‬
‫دية موصوفة بثالث صفات‪ :‬الصفة األوىل‪ :‬أهنا خمففة‪ ،‬وستأيت صفة ختفيفها‬
‫يف فصل أحكام الدية‪ ،‬والصفة الثانية‪ :‬أهنا على عاقلة القاتل‪ ،‬أي تؤخذ من‬
‫ماهلم وليست من مال القاتل‪ ،‬وعاقلة القاتل هم‪ :‬عصبته ما عدا أباه وإن عال‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪409‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ض ْربَهُ بِ َما َْل يَ ْقتُ ُل غَالِبًا فَ يَ ُم َ‬


‫وت؛ فَ ََل قَ َو َد َعلَْي ِه‪،‬‬ ‫ص َد َ‬‫ْخطَِأ‪ :‬أَ ْن ي ْق ِ‬
‫َو َع ْم ُد ال َ‬
‫َ‬
‫ث ِسنِْي َن(‪.)1‬‬ ‫بل تَ ِجب ِديةٌ مغَلَّظَةٌ َعلَى الْعاقِلَ ِة‪ ،‬م َؤ َّجلَةٌ فِي ثَََل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ َ ُ‬

‫وابنَه وإن نزل‪ ،‬مسوا بذلك لتحملهم عن القاتل العقل‪ ،‬أي الدية‪ ،‬والصفة‬
‫الثالثة‪ :‬أهنا مؤجلة يف ثالث سنني‪ ،‬أي تؤدى خالل ثالث سنني‪ ،‬يُؤدى يف‬
‫آخر كل سنة ثلثها‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن صفة قتل عمد اخلطأ وما جيب به‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وعمد الخطأ) أي صفته (أن يقصد ضربه بما ْل يقتل غالبًا فيموت)‬
‫أي أن يتحقق فيه أمران‪ :‬األمر األول‪ :‬أن يقصد اجلاين الفعل والشخص‪ ،‬مثل‬
‫أن يقصد ضرب شخص معني فيقتله‪ ،‬وهبذا أشبه القتل العمد‪ ،‬األمر الثاين‪ :‬أن‬
‫يكون بشيء ال يقتل يف الغالب‪ ،‬كعصا خفيفة‪ ،‬وهبذا أشبه القتل اخلطأ‪.‬‬
‫(فَل قود عليه) أي يسقط يف قتل عمد اخلطأ القصاص على القاتل (بل‬
‫تجب دية مغلظة على العاقلة مؤجلة في ثَلث سنين) أي لكن جتب فيه دية‬
‫موصوفة بثالث صفات‪ :‬الصفة األوىل‪ :‬أهنا مغلظة‪ ،‬وستأيت صفة تغليظها يف‬
‫فصل أحكام الدية‪ ،‬والصفة الثانية‪ :‬أهنا على عاقلة القاتل‪ ،‬والصفة الثالثة‪ :‬أهنا‬
‫مؤجلة يف ثالث سنني‪ ،‬أي تؤدى خالل ثالث سنني‪ ،‬يُؤدى يف آخر كل سنة‬
‫ثلثها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪410‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام القصاص‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب اجلنايات‪.‬‬


‫القصاص‪.‬‬‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام ِ‬
‫القصاص‪:‬‬ ‫تعريف ِ‬
‫القصاص لغة‪ :‬مأخوذ من اقتصاص األثر أي تَـتَبُّعه‪.‬‬
‫وشرعا هو‪ :‬أن يُفعل باجلاين مثل ما فُعِل باجملين عليه من قتل أو قطع أو جمرد‬
‫ً‬
‫جرح‪ ،‬مسي بذلك ألن الـ ُمقتَص يتبع جناية اجلاين فيأخذ مثلها‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخس مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪411‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اص أ َْربَ َعةٌ‪ :‬أَ ْن يَ ُكو َن الْ َقاتِ ُل بَالِغًا َعاقِ ًَل‪َ ،‬و َّأْل يَ ُكو َن‬
‫ص ِ‬ ‫ط وج ِ ِ‬
‫وب الْق َ‬
‫ِ‬
‫َو َش َرائ ُ ُ ُ‬
‫ص ِم ْن الْ َقاتِ ِل بِ ُك ْف ٍر‪ ،‬أ َْو ِرق(‪.)1‬‬
‫ول أَنْ َق َ‬ ‫والِ ًدا لِلْم ْقتُ ِ‬
‫ول‪َ ،‬و َّأْل يَ ُكو َن ال َْم ْقتُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫اعةُ بِال َْواحد ‪.‬‬ ‫ْج َم َ‬
‫َوتُ ْقتَ ُل ال َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد شروط وجوب القصاص يف النفس‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وشرائط وجوب القصاص أربعة) أي عدد شروط وجوب القصاص يف‬
‫النفس أربعة‪.‬‬
‫عاقَل) هذان الشرطان األول والثاين‪ ،‬وعليه فال‬ ‫(أن يكون القاتل بالغًا ً‬
‫قصاص على الصيب واجملنون إذا قَـتَال‪.‬‬
‫(وأْل يكون وال ًدا للمقتول) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫أي أن ال يكون القاتل أبًا وإن عال أو ًّأما وإن علت للمقتول‪ ،‬وعليه فال‬
‫قصاص على الوالد إذا قتل ولده‪ ،‬أما الولد فإنه يقتص منه إذا قتل والده‪.‬‬
‫(وأْل يكون المقتول أنقص من القاتل بكفر أو رق) هذا الشرط الرابع‪.‬‬
‫أي أن يكون القاتل مكافِئًا للمقتول يف اإلسالم واحلرية‪ ،‬وعليه فال قصاص‬
‫بدا‪ ،‬والسبب‬‫كافرا‪ ،‬وكذلك ال قصاص على احلر إذا قتل ع ً‬ ‫على املسلم إذا قتل ً‬
‫يف ذلك أن املقتول أنقص من القاتل‪.‬‬
‫وإذا سقط القصاص عن القاتل لعدم توفر شروط القصاص‪ ،‬فعليه الدية‪ ،‬وعلى‬
‫هذا فالوالد إذا قتل ولده فعليه الدية من ماله‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي تتعلق بالقصاص يف النفس‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وتقتل الجماعة بالواحد) أي إذا اشرتك مجاعة وإن كثروا يف قتل‬
‫عمدا‪ ،‬فإهنم كلهم يُقتَلون به‪ ،‬كأن ألقوه يف حبر فمات‪.‬‬ ‫شخص واحد ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪412‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫س يَ ْج ِري بَ ْي نَ ُه َما فِي‬ ‫اص بَ ْي نَ ُه َما فِي النَّ ْف ِ‬‫ص ُ‬


‫ِ‬
‫ص ْي ِن َج َرى الْق َ‬ ‫َوُك ُّل َش ْخ َ‬
‫شرائِ ِط الْم ْذ ُكورةِ‬ ‫ِ‬ ‫وب ال ِْقص ِ ِ‬ ‫ط ُو ُج ِ‬ ‫اف‪َ .‬و َش َرائِ ُ‬ ‫ْاْلَطْر ِ‬
‫َ َ‬ ‫اص في ْاْلَط َْراف بَ ْع َد ال َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اص‪ ،‬الْيُ ْمنَى بِالْيُ ْمنَى‪َ ،‬والْيُ ْس َرى بِالْيُ ْس َرى‪َ ،‬و َّأْل‬ ‫اك فِي ِاْل ْس ِم ال َ‬
‫ْخ ِّ‬ ‫ان‪ِ :‬اْل ْشتِ َر ُ‬‫اثْ نَ ِ‬
‫َح ِد الطََّرفَ ْي ِن َشلَ ٌل(‪.)1‬‬
‫يَ ُكو َن بِأ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن شروط وجوب القصاص يف قطع األطراف‪.‬‬
‫والطرف هو‪ :‬العضو كاليد‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وكل شخصين جرى القصاص بينهما في النفس يجري بينهما في‬
‫اْلطراف) أي يشرتط يف وجوب القصاص يف قطع األطراف نفس شروط‬
‫القصاص يف النفس‪ ،‬وعليه فال قصاص على قاطع الطرف إذا كان صبيًّا أو‬
‫الدا للمقطوع أو أكمل من املقطوع بإسالم أو حرية‪.‬‬
‫جمنونًا أو و ً‬
‫(وشرائط وجوب القصاص في اْلطراف بعد الشرائط المذكورة اثنان) أي‬
‫عدد شروط القصاص يف األطراف اخلاصة زيادة على الشروط األربعة السابقة‬
‫اثنان‪( :‬اْلشتراك في اْلسم الخاص اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى) أي‬
‫الشرط األول‪ :‬أن يتماثل طرف اجلاين وطرف اجملين عليه يف التسمية اخلاصة‪،‬‬
‫مثل اليد اليمىن‪ ،‬فيقطع الطرف األمين بالطرف األمين وكذلك يقطع الطرف‬
‫مثال‪ ،‬واختلفا‬
‫األيسر بالطرف األيسر‪ ،‬وعليه فلو اشرتكا يف االسم العام كاليد ً‬
‫يف االسم اخلاص كأن تكون أحدمها ميىن واألخرى يسرى فال قصاص لعدم‬
‫التماثل‪( ،‬وأْل يكون بأحد الطرفين شلل) أي الشرط الثاين‪ :‬أن ال يكون يف‬
‫طرف اجلاين أو اجملين عليه شلل‪ ،‬وعليه فلو كانت يد القاطع صحيحة ويد‬
‫املقطوع شالء‪ ،‬فال يقتص من يد القاطع لعدم التماثل‪ ،‬والشلل‪ :‬بطالن حركة‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪413‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِ ِِ ِ‬ ‫وُك ُّل ع ْ ِ ِ‬
‫اص(‪.)1‬‬
‫ص ُ‬ ‫ض ٍو أُخ َذ م ْن َم ْفص ٍل فَفيه الْق َ‬‫َ ُ‬
‫وض َح ِة(‪.)2‬‬
‫وح َّإْل فِي الْم ِ‬
‫ُ‬ ‫ْج ُر ِ‬ ‫وَْل قِص ِ‬
‫اص في ال ُ‬ ‫َ َ َ‬

‫الطرف من آفة تعرتيه‪ ،‬وظاهر كالم املؤلف أنه ال قصاص إذا كان طرف‬
‫القاطع أشل وطرف املقطوع صحيح واملعتمد يف املذهب أنه يقتص منه‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن مىت يكون القصاص يف العضو؟‬
‫قوله‪( :‬ﻭكل عضو ﺃخذ من مفصل ففيه ﺍلقصاﺹ) الـم ِ‬
‫فصل ـ ـ بفتح امليم‬ ‫َ‬
‫وكسر الصاد ـ ـ هو‪ :‬ما بني األعضاء‪ ،‬كما بني األنامل‪ ،‬وما بني الكف‬
‫والساعد‪ ،‬ومعىن كالمه‪ :‬أن القصاص جيب إذا قُ ِطع العضو من املفصل‪ ،‬ويفهم‬
‫منه أنه إذا قُ ِطع العضو من غري املفصل فال قصاص‪ ،‬وعليه فلو قُ ِطع نصف‬
‫الذراع فال ميكن قطع نصف ذراع اجلاين‪ ،‬ألنه ال تؤمن الزيادة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن القصاص يف اجلروح‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وْل قصاص في الجروح) أي ال جيوز القصاص يف اجلروح إال إذا أمكن‬
‫انضباطه من غري زيادة وال نقصان‪ ،‬وكل اجلروح ال ميكن ضبطها (إْل في‬
‫الموضحة) أي يستثىن من ذلك املوضحة وهي‪ :‬كل جرح انتهى إىل عظم‬
‫ففيها القصاص‪ ،‬فإذا جرحه يف رأسه فظهر العظم فله القصاص إلمكان‬
‫ضبطه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪414‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الدية‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث من كتاب اجلنايات‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الدية‪.‬‬
‫تعريف الدية‪:‬‬
‫الدية هي‪ :‬املال الذي جيب للمجين عليه أو ألوليائه باجلناية‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن إحدى عشرة مسألة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪415‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ض ْربَ ْي ِن‪ُ :‬مغَلَّظَةٌ‪َ ،‬وُم َخ َّف َفةٌ؛ فَال ُْمغَلَّظَةُ‪ِ :‬مائَةٌ ِم ْن ِْ‬
‫اْلبِ ِل؛ ثَََلثُو َن‬ ‫َوالدِّيَةُ َعلَى َ‬
‫ِح َّقةً‪َ ،‬وثَََلثُو َن َج َذ َعةً‪َ ،‬وأ َْربَعُو َن َخلِ َفةً فِي بُطُونِ َها أ َْوَْل ُد َها‪َ .‬وال ُْم َخ َّف َفةُ‪ِ :‬مائَةٌ ِم ْن‬
‫ون‪َ ،‬و ِع ْش ُرو َن ابْ َن‬ ‫ت لَب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اْلبِ ِل؛ ع ْش ُرو َن ح َّقةً‪َ ،‬وع ْش ُرو َن َج َذ َعةً‪َ ،‬وع ْش ُرو َن بِْن َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِْ‬
‫اض(‪.)1‬‬‫ت َم َخ ٍ‬ ‫ون‪َ ،‬و ِع ْش ُرو َن بِْن َ‬
‫لَب ٍ‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد أنواع الدية‪.‬‬


‫واملراد بالدية هنا‪ :‬دية املسلم احلر‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺍلدية على ضربين) أي عدد أنواع دية قتل املسلم احلر اثنان‪.‬‬
‫(مغلظة) أي النوع األول‪ :‬دية مغلظة أي مشدد فيها‪ ،‬وتكون يف قتل العمد‬
‫وشبه العمد‪.‬‬
‫(ﻭمخففة) أي النوع الثاين‪ :‬دية خمففة أي غري مشدد فيها‪ ،‬وتكون يف قتل‬
‫اخلطأ‪.‬‬
‫(فالمغلظة) أي صفتها (مائة من ﺍلإبل ثلاثوﻥ حقة ﻭثلاثوﻥ جذعة ﻭﺃﺭبعوﻥ‬
‫خلفة في بطونها ﺃﻭلاﺩها) أي مائة من اإلبل تكون على ثالثة أقسام حبسب‬
‫أسناهنا؛ فالقسم األول‪ :‬ثالثون ناقة أكملت ثالث سنني ودخلت يف الرابعة‪،‬‬
‫والقسم الثاين‪ :‬ثالثون ناقة أكملت أربع سنني ودخلت يف اخلامسة‪ ،‬والقسم‬
‫حامال‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أربعون ناقة ً‬
‫(ﻭﺍلمخففة) أي صفتها (مائة من ﺍلإبل عشرﻭﻥ حقة ﻭعشرﻭﻥ جذعة‪،‬‬
‫ﻭعشرﻭﻥ بنت لبوﻥ‪ ،‬ﻭعشرﻭﻥ ﺍبن لبوﻥ‪ ،‬ﻭعشرﻭﻥ بنت مخاﺽ) أي‬
‫مائة من اإلبل تكون على مخسة أقسام حبسب أسناهنا؛ فالقسم األول‪ :‬عشرون‬
‫ناقة أكملت ثالث سنني ودخلت يف الرابعة‪ ،‬والقسم الثاين‪ :‬عشرون ناقة‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪416‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْف ِدينَا ٍر‪ ،‬أ َْو اثْ نَ ْي‬


‫اْلبِل انْ تَ َقل إلَى قِيمتِ َها‪ ،‬وقِيل‪ :‬ي ْنتَ ِقل إلَى أَل ِ‬
‫َ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ت ِْ ُ‬ ‫فَِإ ْن عُ ِد َم ْ‬
‫ث(‪.)1‬‬ ‫ْف ِد ْرَه ٍم‪َ .‬وإ ْن غُلِّظَ ْ‬
‫ت ِزي َد َعلَْي َها الثُّلُ ُ‬ ‫ش َر أَل َ‬ ‫َع َ‬
‫ْح َرِم‪ ،‬أ َْو فِي ْاْلَ ْش ُه ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْخطَأ في ثَََلثَة َم َواض َع‪ :‬إذَا قَ تَ َل في ال َ‬
‫ظ ِديةُ ال َ ِ ِ‬
‫َوتُغَلَّ ُ َ‬
‫ْح ُرِم‪ ،‬أ َْو قَ تَ َل ذَا َرِح ٍم َم ْح َرٍم(‪.)2‬‬
‫ال ُ‬

‫أكملت أربع سنني ودخلت يف اخلامسة‪ ،‬والقسم الثالث‪ :‬عشرون ناقة أكملت‬
‫ذكرا من اإلبل أكمل سنتني‬ ‫سنتني ودخلت يف الثالثة‪ ،‬والقسم الرابع‪ :‬عشرون ً‬
‫ودخل يف الثالثة‪ ،‬والقسم اخلامس‪ :‬عشرون ناقة أكملت سنة ودخلت يف‬
‫الثانية‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن فقد اإلبل‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فإﻥ عدمت ﺍلإبل) أي إذا فقدت اإلبل‪ ،‬كأن تكون غري موجودة يف‬
‫البلد (ﺍنتقل ﺇلى قيمتها) أي فيلزمه أن يدفع بدل اإلبل قيمتها بالغةً ما بلغت‪،‬‬
‫وهذا على املذهب اجلديد وهو املعتمد‪( ،‬ﻭقيل) أي يف املذهب القدمي (ينتقل‬
‫ﺇلى ﺃلف ﺩيناﺭ ﺃﻭ ﺍثني عشر ﺃلف ﺩﺭهم ﻭﺇﻥ غلظت ﺯيد عليها ﺍلثلث) أي‬
‫حمددا من النقد بدل اإلبل‪ ،‬فإن كانت الدية خمففة فيلزمه‬ ‫مقدارا ً‬
‫يلزمه أن يدفع ً‬
‫أن يدفع ألف دينار إن كان من أصحاب الدنانري‪ ،‬وإن كان من أصحاب‬
‫الدراهم فيدفع اثين عشر ألفا درهم‪ ،‬وإن كانت الدية مغلظة فيجب أن يُزاد‬
‫على ما تقدم ثلثه‪ ،‬وعليه فيلزمه أن يدفع أل ًفا وثالمثائة وثالثة وثالثون دينا ًرا‬
‫وثلث دينار إن كان من أصحاب الدنانري‪ ،‬وإن كان من أصحاب الدراهم‬
‫فيدفع ستة عشر ألف درهم‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن عدد مواضع تغليظ دية القتل اخلطأ‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪417‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الر ُج ِل(‪.)1‬‬‫ف ِم ْن ِديَِة َّ‬ ‫ِّص ِ‬ ‫ِ‬


‫َوِديَةُ ال َْم ْرأَة َعلَى الن ْ‬
‫ث ِديَِة ال ُْم ْسلِ ِم(‪.)2‬‬
‫َّص َرانِ ِّي ثُلُ ُ‬
‫ي َوالن ْ‬ ‫وِديةُ الْي ه ِ‬
‫ود ِّ‬ ‫َ َ َُ‬

‫قوله‪( :‬ﻭتغلظ ﺩية ﺍلخطأ في ثلاثة موﺍضع) أي عدد املواضع اليت يلزم فيها‬
‫دفع دية مغلظة يف القتل اخلطأ ثالثة‪.‬‬
‫(ﺇﺫﺍ قتل في ﺍلحرﻡ) أي املوضع األول‪ :‬إذا حصل القتل يف حرم مكة‪.‬‬
‫(ﺃﻭ في ﺍلأشهر ﺍلحرﻡ) أي املوضع الثاين‪ :‬إذا حصل القتل يف أحد األشهر‬
‫احلرم األربعة‪ :‬وهي ذو القعدة وذو احلجة واحملرم ورجب‪.‬‬
‫(ﺃﻭ قتل ﺫﺍ ﺭحم محرﻡ) أي املوضع الثالث‪ :‬إذا اتصف املقتول بصفتني‪:‬‬
‫الصفة األوىل‪ :‬القرابة أي كونه قريبًا للقاتل من حيث النسب‪ ،‬والصفة الثانية‪:‬‬
‫حمرما للقاتل‪ ،‬كاألم واألخت‪ ،‬وعليه فال تُغلظ الدية إذا كان‬ ‫احملرمية أي كونه ً‬
‫حمرما فقط‬ ‫حمرما‪ ،‬أو كان املقتول ً‬ ‫املقتول قريبًا فقط‪ ،‬كبنت العم ألهنا ليست ً‬
‫كأم الزوجة‪ ،‬ألهنا ليست قريبة‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن دية قتل املرأة‪.‬‬
‫واملراد باملرأة هنا‪ :‬احلرة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ودية المرأة على النصف من دية الرجل) أي ديتها نصف دية الرجل‬
‫املوافق لدينها‪ ،‬فإذا كانت مسلمة فديتها نصف دية املسلم وهي‪ :‬مخسون من‬
‫اإلبل‪ ،‬وإذا كانت يهودية فديتها نصف دية اليهودي‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن دية قتل اليهودي والنصراين‪.‬‬
‫واملراد هبما‪ :‬احلرين غري احملا ِربَني‪ ،‬أما احملا ِرب سواء كان يهوديًّا أو نصرانيًّا فال‬
‫شيء يف قتله ألنه مهدر الدم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪418‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وس ِّي ثُلُثَا عُ ْش ِر ِديَِة ال ُْم ْسلِ ِم(‪.)1‬‬


‫وِديةُ الْمج ِ‬
‫َ َ َُ‬
‫ف‪َ ،‬و ْاْلُذُنَ ْي ِن‪،‬‬ ‫الر ْجلَْي ِن‪ ،‬و ْاْلَنْ ِ‬
‫َ‬ ‫س فِي قَطْ ِع الْيَ َديْ ِن‪َ ،‬و ِّ‬ ‫َوتُ َك َّم ُل ِديَةُ النَّ ْف ِ‬
‫اب الْ َك ََلِم‪َ ،‬وذَ َه ِ‬
‫اب‬ ‫الش َفتَ ْي ِن‪َ ،‬وذَ َه ِ‬
‫ان‪َ ،‬و َّ‬ ‫ون ْاْلَرب ع ِة‪ ،‬واللِّس ِ‬ ‫والْع ْي نَ ْي ِن‪ ،‬والْج ُف ِ‬
‫َْ َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫اب ال َْع ْق ِل‪َ ،‬و َّ‬
‫الذ َك ِر‪َ ،‬و ْاْلُنْ ثَ يَ ْي ِن(‪.)2‬‬ ‫الش ِّم‪َ ،‬وذَ َه ِ‬
‫اب َّ‬ ‫الس ْم ِع‪َ ،‬وذَ َه ِ‬‫اب َّ‬ ‫ص ِر‪َ ،‬وذَ َه ِ‬ ‫الْبَ َ‬

‫قوله‪( :‬ودية اليهودي والنصراني ثلث دية المسلم) أي ديتهما ثلث دية احلر‬
‫بعريا وثلث بعري‪.‬‬
‫املسلم وهي‪ :‬ثالثة وثالثون ً‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن دية قتل اجملوسي‪.‬‬
‫واملراد به‪ :‬احلر غري احملا ِرب‪ ،‬أما احملا ِرب فال شيء يف قتله ألنه مهدر الدم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ودية المجوسي ثلثا عشر دية المسلم) أي ديته ثلثا عشر دية احلر‬
‫املسلم وهي‪ :‬ستة أبعرة وثلثا بعري‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة السابعة‪ ،‬وهي عن دية إزالة األطراف واملعاين‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭتكمل ﺩية ﺍلنفس) أي جتب دية كاملة ختتلف حبسب اجملين عليه‪،‬‬
‫حرا‪ ،‬فهي مائة من اإلبل وإن كان يهوديًّا فهي ثالثة وثالثون‬ ‫مسلما ً‬
‫فإن كان ً‬
‫وثلث بعري‪ ،‬وهكذا‪( ،‬في قطع ﺍليدين ﻭﺍلرجلين ﻭﺍلأنف ﻭﺍلأﺫنين ﻭﺍلعينين‬
‫ﻭﺍلجفوﻥ ﺍلأﺭبعة ﻭﺍللساﻥ ﻭﺍلشفتين ﻭﺫهاﺏ ﺍلكلاﻡ ﻭﺫهاﺏ ﺍلبصر‬
‫ﻭﺫهاﺏ ﺍلسمع ﻭﺫهاﺏ ﺍلشم ﻭﺫهاﺏ ﺍلعقل ﻭﺍلذكر ﻭﺍلأنثيين) أي تكمل‬
‫الدية يف إزالة واحد من عشرة أطراف أو إزالة واحد من مخسة معان‪:‬‬
‫فأما األطراف فهي‪:‬‬
‫األول‪ :‬قطع ﺍليدين السليمتني من الكوعني‪ ،‬ويف قطع اليد الواحدة نصف‬
‫الدية‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪419‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الثاين‪ :‬قطع ﺍلرجلين السليمتني من الكعبني‪ ،‬ويف قطع الرجل الواحدة نصف‬
‫الدية‪.‬‬
‫اللني من األنف اخلال من‬ ‫الثالث‪ :‬قطع األنف أي قطع مارهنا‪ ،‬وهو اجلزء ِّ‬
‫العظم‪ ،‬واملارن حيتوي على ثالثة أجزاء‪ ،‬املنخرين واحلاجز بينهما‪ ،‬ويف قطع‬
‫أحد هذه الثالثة ثلث الدية‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬قطع األﺫنين‪ ،‬ولو كانت ألصم‪ ،‬ويف قطع األذن الواحدة نصف الدية‪.‬‬
‫اخلامس‪ :‬قلع ﺍلعينين من غري األعمى‪ ،‬ويف قلع العني الواحدة نصف الدية‪.‬‬
‫السادس‪ :‬قطع ﺍلجفوﻥ ﺍلأﺭبعة‪ ،‬ولو كانت ألعمى‪ ،‬واجلفن غطاء العني‪ ،‬ففي‬
‫كل عني جفنان علوي وسفلي‪ ،‬ويف قطع اجلفن الواحد ربع الدية‪.‬‬
‫السابع‪ :‬قطع ﺍللساﻥ من شخص ناطق سليم الذوق‪ ،‬وأما إن قطعت اللسان‬
‫من شخص أخرس أو عدمي الذوق ففيها حكومة وسيأيت بياهنا‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬قطع ﺍلشفتين العليا والسفلى‪ ،‬ويف قطع الشفة الواحدة نصف الدية‪.‬‬
‫التاسع‪ :‬قطع ﺍلذكر السليم‪.‬‬
‫العاشر‪ :‬قطع األنثيين أي البيضتني‪ ،‬ويف قطع البيضة الواحدة نصف الدية‪.‬‬
‫وأما املعاين فهي‪:‬‬
‫األول‪ :‬إﺫهاﺏ ﺍلكالﻡ أي النطق كليًّا‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬إﺫهاﺏ ﺍلبصر أي الرؤية من العينني كليًّا‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬إﺫهاﺏ ﺍلسمع من األذنني كليًّا‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬إﺫهاﺏ ﺍلشم من األنف كليًّا‪.‬‬
‫اخلامس‪ :‬إﺫهاﺏ ﺍلعقل أي اجلنو ُن‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪420‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫س ِم ْن ِْ‬
‫اْلبِ ِل(‪.)1‬‬ ‫وض َح ِة َو ِّ‬
‫الس ِّن َخ ْم ٌ‬
‫وفِي الْم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬ ‫َوفِي ُك ِّل عُ ْ‬
‫ومةٌ ‪.‬‬ ‫ض ٍو َْل َم ْن َف َعةَ فيه ُح ُك َ‬
‫(‪)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫السن‪.‬‬
‫هذه املسألة الثامنة‪ ،‬وهي عن دية املوضحة وقلع ِّ‬
‫قوله‪( :‬ﻭفي الموضحة) أي إذا كانت يف الرأس والوجه‪( ،‬ﻭﺍلسن) أي الواحدة‬
‫إذا قُلِعت‪( ،‬خمس من اْلبل) أي جيب يف كل منهما نصف عشر الدية‪ ،‬فإذا‬
‫كانت من املسلم احلر ففيها‪ :‬مخس من اإلبل‪ ،‬أما إذا كانت املوضحة يف غري‬
‫الرأس والوجه ففيها حكومة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة التاسعة‪ ،‬وهي تتعلق بإزالة الطرف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭفي كل عضو ْل منفعة فيه حكومة) أي العضو الذي ذهبت منفعته‬
‫ليس فيه دية إذا أزيل؛ كاليد الشالء وعني األعمى ولسان األخرس والذكر‬
‫األشل‪ ،‬بل جيب فيه حكومة‪ ،‬وكيفية احلكومة تتضمن مخسة أمور‪:‬‬
‫احلر أنه عبد‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬يُفرتض يف املصاب ِّ‬
‫صب فكم قيمته؟‬ ‫ثانيًا‪ :‬يُفرتض أنه لو مل يُ َ‬
‫ثالثًا‪ :‬يُفرتض أنه قد برئ من اإلصابة فكم قيمته؟‬
‫ابعا‪ :‬يُنظر كم نسبة النقص بني القيمتني؟‬ ‫رً‬
‫خامسا‪ :‬هذه النسبة بعينها له مثلها من الدية‪.‬‬‫ً‬
‫مثال ذلك‪ُ :‬حر مسلم قطعت يده الشالء‪.‬‬
‫فأوالً‪ :‬اُ ُفرتض أنه عبد‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬اُ ُفرتض أنه من غري إصابة قيمته مائة درهم‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬اُ ُفرتض أنه بعد برئه من اإلصابة قيمته تسعون درمهًا‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪421‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يمتُهُ(‪.)1‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬


‫َوديَةُ ال َْع ْبد ق َ‬
‫يم ِة أ ُِّم ِه(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫وِديةُ الْجنِي ِن الْح ِّر غُ َّرةٌ َع ْب ٌد أَو أَمةٌ‪ ،‬وِديةُ ال ِ‬
‫ْجني ِن ﺍل َّرِقيِقعُ ْش ُر ق َ‬
‫ْ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬

‫ابعا‪ :‬نسبة النقص بني القيمتني العُشر‪.‬‬


‫رً‬
‫خامسا‪ :‬هذه النسبة بعينها يُعطى له مثلها من الدية‪ ،‬وعلى هذا فيُعطى عُ ْشَر‬ ‫ً‬
‫الدية‪ ،‬وألن دية املسلم احلر مائة من اإلبل وعُ ْش ُرها َع ْشٌر فيُعطى َع ْشًرا من‬
‫اإلبل‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة العاشرة‪ ،‬وهي عن دية قتل العبد‪.‬‬
‫ذكرا أو أنثى‪.‬‬
‫واملراد بالعبد هنا‪ :‬اململوك سواء كان ً‬
‫قوله‪( :‬ودية العبد قيمته) أي ديته هي قيمته بالغةً ما بلغت وإن جتاوزت دية‬
‫احلر‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة احلادية عشر‪ ،‬وهي عن دية اجلنني‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺩية ﺍلجنين ﺍلحر) أي إذا انفصل ميِّتًا باجلناية على أ ُِّمه (غرﺓ عبد ﺃﻭ‬
‫ﺃمة) أي جيب فيه غرة‪ ،‬وهي عبد أو أمة قيمة الواحد منهما يساوي عشر دية‬
‫ِّأم اجلنني‪ ،‬وعليه فيجب يف اجلنني املسلم عبد قيمته مخس من اإلبل‪( .‬ﻭﺩية‬
‫ﺍلجنين ﺍلرقيق) أي إذا انفصل ميِّتًا باجلناية على أ ُِّمه (عشر قيمة ﺃمه) أي‬
‫جيب فيه عُشر قيمة األم‪ ،‬وعلى هذا فلو كان قيمة أمه أل ًفا مث ًال فدية اجلنني‬
‫مائة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪422‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام القسامة وكفارة القتل‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع من كتاب اجلنايات‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام ال َقسامة وكفارة القتل‪.‬‬
‫تعريف ال َقسامة والكفارة‪:‬‬
‫القسامة ـ ـ بفتح القاف ـ ـ لغةً‪ :‬احللِف‪.‬‬
‫واملراد هبا هنا‪ :‬حلف أولياء املقتول على شخص بأنه القاتل‪.‬‬
‫والكفارة‪ :‬فعل شيء ما بسبب ارتكاب حمظور‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪423‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ص ْد ُق ال ُْم َّد ِعي ُحلِّ َ‬


‫ف‬ ‫س ِ‬ ‫النَّ ْف ِ‬ ‫ث يَ َق ُع بِ ِه فِي‬ ‫َوإِ َذا اقْتَ َر َن بِ َد ْع َوى َّ‬
‫الدِم لَ ْو ٌ‬
‫اك لَو ٌ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َعلَى‬
‫ث فَالْيَم ُ‬ ‫يَ ُك ْن ُهنَ َ ْ‬ ‫استَ َح َّق الدِّيَةَ‪َ ،‬وإِ ْن لَ ْم‬ ‫ين يَ ِمينًا َو ْ‬
‫ال ُْم َّدعي َخ ْمس َ‬
‫ال ُْم َّد َعى َعلَْي ِه(‪.)1‬‬
‫يم ٍة ِم ْن الْعُيُ ِ‬
‫وب‬ ‫ٍ ٍِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ارةٌ‪ :‬ع ْت ُق َرقَ بَة ُم ْؤمنَة َسل َ‬
‫ِ‬ ‫َو َعلَى قَاتِ ِل النَّ ْف ِ‬
‫س ال ُْم َح َّرَمة َك َّف َ‬
‫ام َش ْه َريْ ِن ُمتَتَابِ َع ْي ِن(‪.)2‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ال ُْمض َّرة‪ ،‬فَِإ ْن لَ ْم يَج ْد فَصيَ ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي تتعلق بدعوى القتل‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫﺍ ﺍقترﻥ بدعوﻯ ﺍلدﻡ لوﺙ يقع ب ه ف ي ﺍلن ف س ص د ﻕ المدعي)‬
‫اللوث هو‪ :‬القرينة اليت تدل على ِصدق املدعي‪ ،‬ومعىن كالمه‪ :‬أنه إذا مل تكن‬
‫لقتل بينة‪ ،‬وصاحبت دعوى القتل قرينة تدل على صدق املدعي يف‬ ‫ملدعي ا ِ‬
‫دعواه‪ ،‬كأن يوجد شخص ميتًا يف قرية صغرية‪ ،‬بينه وبني أهلها عداوة‪ ،‬فادعى‬
‫أولياء القتيل أهنم قتلوه (حلف ﺍلمدعي خمسين يمينا ﻭﺍستحق ﺍلدية) أي ففي‬
‫هذه احلال يستحق املدعي ـ وهو ول املقتول ـ الديةَ إذا حلف مخسني ميينًا‬
‫عمدا أو شبه‬
‫على املدعى عليه بأنه قتله‪ ،‬وتكون الدية مغلظة إذا كان القتل ً‬
‫عمد‪ ،‬وخمففةً إذا كان القتل خطأ‪ ،‬وال يثبت بالقسامة قصاص ألهنا حجة‬
‫ضعيفة‪.‬‬
‫(ﻭﺇﻥ لم يكن هناﻙ لوﺙ) أي إذا مل تصاحب دعوى الدم قرينة تدل على‬
‫صدق املدعي (فاليمين على ﺍلمدعى عليه) أي ففي هذه احلال حيلف املدعى‬
‫عليه مخسني ميينًا بأنه مل يقتل‪ ،‬فإذا حلف املدعى عليه مل يستحق املدعي‬
‫شيئًا‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن كفارة القتل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪424‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬ﻭعلى قاتل ﺍلنفس ﺍلمحرمة كفاﺭﺓ) أي جتب كفارة القتل على من‬
‫عمدا أو شبه عمد أو خطأ‪ ،‬ومفهوم‬ ‫نفسا حيرم قتلها‪ ،‬سواء كان القتل ً‬‫قتل ً‬
‫نفسا يباح قتلها‪ ،‬كالكافر احملارب‪ ،‬فليس عليه كفارة‬ ‫كالمه‪ :‬أن من قتل ً‬
‫عمدا أو شبه عمد أو خطأً‪ ،‬وكفارة القتل مرتبة على‬ ‫مطل ًقا‪ ،‬سواء كان القتل ً‬
‫خصلتني‪ ،‬فيجب عليه أوال (عتق رقبة) أي إعتاق مملوك ٍ‬
‫عبد أو أ ٍ‬
‫مة‪ ،‬فالرقبة‬
‫كناية عن اململوك‪( ،‬مؤمنة سليمة من العيوب المضرة) أي اململوك الذي‬
‫مسلما‪ ،‬فال جيزئ الكافر‪،‬‬
‫جيزئ إعتاقه هو املتصف بصفتني‪ :‬األوىل‪ :‬أن يكون ً‬
‫والثانية‪ :‬أن يكون ساملـًا من العيوب اليت بسببها ال ُحي ِسن القيام بالعمل‪ ،‬فال‬
‫جيزئ األعمى واملشلول ومقطوع اليد وحنو ذلك‪( ،‬فإﻥ لم يجد) أي فإن مل‬
‫جيد الرقبة أو مل جيد مثنها‪( ،‬فصياﻡ شهرين) فيجب عليه صيام شهرين هالليني‬
‫(متتابعين) أي متتاليني‪ ،‬وعليه فلو شرع يف صيام الشهرين وأثناء صيامهما‬
‫أفطر من غري عذر ابتدأ صيام الشهرين ومل حيتسب األيام اليت صامها‪ ،‬ويفهم‬
‫من اقتصار املؤلف على هاتني اخلصلتني أنه ليس يف كفارة القتل إطعام‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪425‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫كتاب احلدود‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب الثاين من قسم اجلنايات‪.‬‬


‫تعريف احلدود‪:‬‬
‫احلدود‪ :‬مجع حد‪ ،‬وهو لغة‪ :‬املنع‪.‬‬
‫واملراد به هنا‪ :‬عقوبة مقدرة جلرمية خمصوصة؛ واجلرمية املخصوصة هي‪ :‬الزنا‬
‫واللواط والقذف وشرب املسكر والسرقة وقطع الطريق والردة وترك الصالة؛‬
‫حدودا ألهنا مقدرة مينع من الزيادة فيها أو النقص عنها‪،‬‬
‫ً‬ ‫وهذه العقوبات مسيت‬
‫لتُفا ِرق بذلك التعزير الذي هو‪ :‬عقوبة اجتهادية ألي معصية ال َحد فيها وال‬
‫كفارة‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬احلدود ختتلف عن القصاص من حيث إن القصاص يتعلق حبق اآلدمي‪،‬‬
‫واحلدود تتعلق حبق اهلل تعاىل‪ ،‬ولذلك فالقصاص يسقط بالعفو‪ ،‬واحلد ال‬
‫يسقط بالعفو إال حد القذف فهو حق لآلدمي‪ ،‬ويسقط بالعفو‪.‬‬
‫عدد فصول هذا الكتاب‪:‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن تسعة فصول‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪426‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل حد الزنا‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب احلدود‪.‬‬


‫واملؤلف مل يذكر هذا الفصل‪ ،‬وإمنا ذكرته بناء على احملتوى الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬حد الزنا‪.‬‬
‫تعريف الزنا‪:‬‬
‫الزنا لغة‪ :‬اإليالج‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬إيالج البالغ العاقل ذكره يف فرج امرأة ال حتل له‪ ،‬سواء أوجل يف قبلها أو‬
‫ً‬
‫دبرها‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ست مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪427‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ص ٍن؛ فَال ُْم ْح َ‬


‫ص ُن‪َ :‬ح ُّدهُ َّ‬
‫الر ْج ُم‪.‬‬ ‫ص ٍن‪َ ،‬وغَْي ِر ُم ْح َ‬ ‫الزانِي َعلَى َ‬
‫ض ْربَ ْي ِن‪ُ :‬م ْح َ‬ ‫َو َّ‬
‫سافَ ِة الْ َق ْ‬
‫ص ِر(‪.)1‬‬ ‫ص ِن‪َ :‬ح ُّدهُ ِمائَةُ َج ْل َدةٍ‪َ ،‬وتَ ْغ ِر ُ ٍ‬
‫يب َعام إلَى َم َ‬ ‫َوغَْي ُر ال ُْم ْح َ‬
‫ْء فِي نِ َك ٍ‬ ‫اْلحصا ِن أَربع‪ :‬الْب لُوغُ‪ ،‬والْع ْقل‪ ،‬والْح ِّريَّةُ‪ ،‬ووجود الْوط ِ‬ ‫َو َش َرائِ ُ‬
‫اح‬ ‫َ َ ُ َ ُ َُ ُ ُ َ‬ ‫ط ِْ ْ َ ْ َ ٌ ُ‬
‫يح(‪.)2‬‬ ‫ص ِح ٍ‬ ‫َ‬

‫وح ُّده‪.‬‬
‫هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد أنواع الزاين احلر َ‬
‫(‪)1‬‬

‫قوله‪( :‬ﻭﺍلزﺍني على ضربين) أي الشخص الذي يفعل الزنا سواء كان ً‬
‫ذكرا‬
‫أو أنثى على نوعني‪( :‬محصن) أي النوع األول‪ :‬الزاين احملصن‪ ،‬وهو من‬
‫حتققت فيه شروط اإلحصان كلها‪ ،‬وسيأيت بياهنا يف املسألة الثانية‪( ،‬ﻭغير‬
‫محصن) أي النوع الثاين‪ :‬الزاين غري احملصن وهو من مل تتحقق فيه شروط‬
‫اإلحصان كلها أو بعضها‪.‬‬
‫(فالمحصن حده ﺍلرجم) أي حد الزاين احملصن سواء كان ً‬
‫ذكرا أو أنثى الرجم‬
‫حبجارة معتدلة حىت املوت‪( ،‬ﻭغير ﺍلمحصن حده مائة جلدﺓ ﻭتغريب عاﻡ ﺇلى‬
‫مسافة ﺍلقصر) أي حد الزاين غري احملصن سواء كان ً‬
‫ذكرا أو أنثى يتضمن‬
‫شيئني‪:‬‬
‫عاما‪ ،‬أي يُبعد ملدة سنة عن وطنه إىل‬‫األول‪ُ :‬جيلَد مائة جلدة‪ ،‬والثاين‪ :‬يُغرب ً‬
‫مكان تكون بينه وبني وطنه مسافة قصر‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد شروط اإلحصان‪.‬‬
‫واإلحصان لغة‪ :‬املنع‪ ،‬واملراد به هنا‪ :‬حتقق الشروط األربعة اآلتية؛ مسي بذلك‬
‫ألنه مينع من الوقوع يف الزنا‪ ،‬ألن من حتققت فيه هذه الشروط استوىف شهوة‬
‫نفسه‪ ،‬فإذا وقع يف الزنا غُلِّظ عليه بالرجم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪428‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ف َح ِّد ال ُ‬
‫ْح ِّر(‪.)1‬‬ ‫ص ُ‬ ‫َوال َْع ْب ُد َو ْاْل ََمةُ َح ُّد ُه َما نِ ْ‬
‫اط وإِتْ ي ِ‬
‫ان الْبَ َهائِ ِم َك ُح ْك ِم ِّ‬ ‫ِ‬
‫الزنَا(‪.)2‬‬ ‫َو ُح ْك ُم اللِّ َو َ َ‬

‫قوله‪( :‬ﻭشرﺍئط ﺍلإحصاﻥ ﺃﺭبع) أي عدد شروط إحصان الزاين أو الزانية‬


‫أربعة‪.‬‬
‫(ﺍلبلوﻍ ﻭﺍلعقل) هذان الشرطان األول والثاين‪.‬‬
‫أي ال حد على الصيب واجملنون إذا زنيا‪.‬‬
‫(ﻭﺍلحرية) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫أي يشرتط يف اإلحصان أن يكون الشخص ُحًّرا‪ ،‬وعليه فال يكون الرقيق‬
‫حمصنًا‪.‬‬
‫(ﻭﻭجوﺩ ﺍلوﻁﺀ في نكاﺡ صحيح) هذا الشرط الرابع‪.‬‬
‫صحيحا وهو بالغ‬
‫ً‬ ‫اجا‬
‫أي يشرتط يف اإلحصان أن يكون الشخص قد تزوج زو ً‬
‫عاقل حر‪ ،‬وحصل منه يف هذا الزواج مجاع يف القبل‪.‬‬
‫واخلالصة‪ :‬أن احملصن هو البالغ العاقل احلر الذي جامع يف القبل يف زواج‬
‫صحيح‪ ،‬واحملصنة هي البالغة العاقلة احلرة اليت جومعت يف القبل يف زواج‬
‫صحيح‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن حد زنا العبد واألمة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺍلعبد ﻭﺍلأمة) أي البالغني العاقلني إذا زنيا (حدهما نصف حد ﺍلحر)‬
‫أي حيدان نصف حد احلر غري احملصن‪ ،‬ألهنما غري حمصنني‪ ،‬وعليه فيكون‬
‫حدمها مخسني جلدة وتغريب نصف عام أي ستة أشهر‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن حد اللواط وإتيان البهائم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪429‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يما ُدو َن الْ َف ْر ِج عُ ِّزَر(‪.)1‬‬ ‫ِ ِ‬


‫َوَم ْن َوط َئ ف َ‬
‫ود(‪.)2‬‬‫َّع ِزي ِر أَ ْدنَى الْح ُد ِ‬
‫َوَْل يَ ْب لُ ُغ بِالت ْ‬
‫ُ‬

‫واللواط هو‪ :‬إيالج الشخص ذكره يف دبر رجل‪ ،‬وإتيان البهائم هو‪ :‬إيالج‬
‫ذكره يف فرج البهيمة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭحكم ﺍللوﺍﻁ ﻭﺇتياﻥ ﺍلبهائم كحكم ﺍلزنا) أي جيب باللواط وإتيان‬
‫البهيمة حد كحد الزنا‪ ،‬وعليه فالذي يفعل اللواط ويأيت البهائم إن كان حمصنًا‬
‫فحده الرجم‪ ،‬وإن كان غري حمصن فحده اجللد مائة جلدة وتغريب عام إن كان‬
‫عبدا فحده اجللد مخسني جلدة وتغريب نصف عام‪ ،‬واملعتمد يف‬ ‫حرا‪ ،‬وإن كان ً‬ ‫ًّ‬
‫املذهب أن إتيان البهائم ليس فيه حد الزنا بل فيه التعزير فقط‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن مباشرة من ال حتل له‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭمن ﻭطئ فيما ﺩﻭﻥ ﺍلفرﺝ) أي من باشر من ال حتل له من غري‬
‫مجاع‪ ،‬كأن قبلها أو عانقها (عزﺭ) أي فحكمه أنه يعزر‪ ،‬والتعزير‪ :‬عقوبة‬
‫اجتهادية من احلاكم ألي معصية ال حد فيها وال كفارة‪ ،‬وعلى هذا فيعاقبه‬
‫احلاكم مبا يراه مناسبًا‪ ،‬من جلد أو حبس أو غري ذلك‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن قدر التعزير‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭلا يبلغ بالتعزير ﺃﺩنى ﺍلحدﻭﺩ) أي إذا عزر احلاكم ً‬
‫أحدا فال جيوز له‬
‫حرا باجللد فيجب أن ينقص‬ ‫أن يصل بالتعزير إىل أقل احلدود‪ًّ ،‬‬
‫فمثال إذا عزر ًّ‬
‫عن أربعني جلدة‪ ،‬ألنه أدىن احلدود وهو حد شرب املسكر كما سيأيت‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪430‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل حد القذف‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب احلدود‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬حد القذف‪.‬‬
‫تعريف القذف‪:‬‬
‫القذف لغة‪ :‬الرمي‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬رمي الشخص بالزنا على وجه التعيري‪.‬‬ ‫ً‬
‫أركان القذف وصورته‪:‬‬
‫أركان القذف ثالثة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬القاذف‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬املقذوف‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬الصيغة وهي‪:‬‬
‫اللفظ الصادر من القاذف الدال على القذف‪.‬‬
‫صورة القذف‪ :‬أن يقول زيد لعمرو‪" :‬يا زاين"‪ .‬فالقاذف‪ :‬زيد‪ ،‬واملقذوف‪:‬‬
‫عمرو‪ ،‬والصيغة‪ :‬قول زيد‪" :‬يا زاين"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪431‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ط‪ :‬ثَََلثَةٌ ِم ْن َها فِي‬‫ف‪ ،‬بِثَ َمانِيَ ِة َش َرائِ َ‬ ‫الزنَا فَ علَي ِه ح ُّد الْ َق ْذ ِ‬
‫ف غَْي َرهُ بِ ِّ َ ْ َ‬ ‫َوإِ َذا قَ َذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫الْ َقاذف‪َ ،‬و ُه َو‪ :‬أَ ْن يَ ُكو َن بَالغًا َعاق ًَل‪َ ،‬وأَ ْن َْل يَ ُكو َن َوال ًدا لل َْم ْق ُذوف‪َ .‬و َخ ْم َ‬
‫سةٌ‬
‫وف‪َ ،‬و ُه َو‪ :‬أَ ْن يَ ُكو َن ُم ْسلِ ًما بَالِغًا َعاقِ ًَل ُح ًّرا َع ِفي ًفا(‪.)1‬‬
‫فِي الْم ْق ُذ ِ‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد شروط وجوب حد القذف‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫﺍ قذﻑ غيره بالزنا) أي رماه به على وجه التعيري (فعليه حد‬
‫ﺍلقذﻑ بثمانية شرﺍئط) أي جيب على القاذف احلد بتحقق شروط مثانية‪.‬‬
‫(ثَلثة منها في ﺍلقاﺫﻑ) أي يشرتط يف القاذف ثالثة شروط من ضمن الثمانية‪.‬‬
‫(ﻭهو ﺃﻥ يكوﻥ بالغًا عاق ًَل) هذان الشرطان األول والثاين‪.‬‬
‫غريمها‪.‬‬
‫أي ال حد على الصيب واجملنون إذا قذفا َ‬
‫(ﻭﺃﻥ لا يكوﻥ ﻭﺍلًدﺍ للمقذﻭﻑ) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫أي أن ال يكون القاذف أبًا وإن عال أو ًّأما وإن علت للمقذوف‪ ،‬وعليه فال‬
‫حد على الوالد إذا قذف ولده‪.‬‬
‫(ﻭخمسة في ﺍلمقذﻭﻑ) أي يشرتط يف املقذوف مخسة شروط من ضمن‬
‫الثمانية‪.‬‬
‫عاقَل ح ًّرﺍ) هذه الشروط األول والثاين والثالث‬
‫(ﻭهو ﺃﻥ يكوﻥ مسلًما بالًغا ً‬
‫والرابع‪.‬‬
‫عبدا‪.‬‬
‫كافرا أو صبيًّا أو جمنونًا أو ً‬
‫أي ال حد على القاذف إذا قذف ً‬
‫(عفيًفا) هذا الشرط اخلامس‪.‬‬
‫أي أن يكون املقذوف كافًّا عن ثالثة أشياء‪ :‬الشيء األول‪ :‬الزنا‪ ،‬والشيء‬
‫الثاين‪ :‬وطء زوجته يف دبرها‪ ،‬والشيء الثالث‪ :‬وطء حمرمه اململوكة له كاألخت‪،‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪432‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الرقِ ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين(‪.)1‬‬
‫يق أ َْربَع َ‬ ‫ين‪َ ،‬و َّ‬ ‫َويُ َح ُّد ال ُ‬
‫ْح ُّر ثَ َمان َ‬
‫ف بِثَ ََلثَِة أَ ْشياء‪ :‬إقَامةُ الْب يِّ نَ ِة‪ ،‬أَو َع ْفو الْم ْق ُذ ِ‬
‫وف‪ ،‬أ َْو‬ ‫ط ح ُّد الْ َق ْذ ِ‬
‫ْ ُ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َويَ ْس ُق ُ َ‬
‫الزْو َج ِة(‪.)2‬‬
‫اللِّ َعا ُن فِي َح ِّق َّ‬

‫وعليه فال حد على القاذف إذا قذف زانيًا أو َمن وطئ زوجته يف الدبر أو َمن‬
‫وطئ أخته اململوكة له‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن حد القذف‪.‬‬
‫ذكرا أو أنثى‬
‫حرا سواء كان ً‬ ‫قوله‪( :‬ﻭيحد ﺍلحر ثمانين) أي إذا كان القاذف ًّ‬
‫فحده أن جيلد مثانني جلدة‪( ،‬ﻭﺍلرقيق ﺃﺭبعين) أي إذا كان القاذف رقي ًقا سواء‬
‫عبدا أو أمة فحده نصف حد احلر وهو أربعون جلدة‪.‬‬ ‫كان ً‬
‫سقط حد القذف‪.‬‬ ‫(‪ )2‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن عدد األشياء اليت تُ ِ‬
‫سقط حد‬ ‫قوله‪( :‬ﻭيسقط حد ﺍلقذﻑ بثلاثة ﺃشياﺀ) أي عدد األشياء اليت تُ ِ‬
‫القذف ثالثة‪.‬‬
‫(ﺇقامة ﺍلبينة) أي الشيء األول‪ :‬إذا أقام القاذف بينة على زنا املقذوف‪ ،‬والبينة‬
‫هنا أربعة شهود‪.‬‬
‫(ﺃﻭ عفو ﺍلمقذﻭﻑ) أي الشيء الثاين‪ :‬إذا عفا املقذوف عن القاذف‪.‬‬
‫(ﺃﻭ ﺍللعاﻥ في حق ﺍلزﻭجة) أي الشيء الثالث‪ :‬إذا العن الزوج زوجته اليت‬
‫قادرا على إقامة البينة‪ ،‬وقد تقدم بيان اللعان يف كتاب النكاح‪.‬‬
‫قذفها‪ ،‬ولو كان ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪433‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل حد شرب املسكر‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث من كتاب احلدود‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬حد شرب املسكر‪.‬‬
‫تعريف املسكر‪:‬‬
‫املسكر هو‪ :‬الشراب الذي جيعل شاربه سكران‪ ،‬أو كانت فيه قوة تفعل ذلك‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪434‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وز أَ ْن يَ ْب لُ َغ به ثَ َمان َ‬
‫ين‬ ‫ين‪َ ،‬ويَ ُج ُ‬ ‫ب َخ ْم ًرا أ َْو َش َرابًا ُم ْسك ًرا يُ َح ُّد أ َْربَع َ‬ ‫َوَم ْن َش ِر َ‬
‫َعلَى َو ْج ِه الت ْ‬
‫َّع ِزي ِر(‪.)1‬‬
‫َح ِد أ َْم َريْ ِن‪ :‬بِالْبَ يِّ نَ ِة‪ ،‬أ َْو ِْ‬
‫اْلق َْرا ِر(‪.)2‬‬ ‫ْح ُّد بِأ َ‬
‫ِ‬
‫ب َعلَْيه ال َ‬
‫ِ‬
‫َويَج ُ‬
‫َوَْل يُ َح ُّد بِالْ َق ْي ِء َو ِاْل ْستِْن َكاهِ(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حد شرب املسكر‪.‬‬


‫مسكرا) أي البالغ العاقل الذي شرب ً‬
‫مخرا‬ ‫ً‬ ‫خمرا أو شرابًا‬
‫قوله‪( :‬ومن شرب ً‬
‫مسكرا غري اخلمر كنبيذ التمر‬
‫ً‬ ‫وهي‪ :‬املسكر من عصري العنب‪ ،‬أو شرب شرابًا‬
‫(يحد ﺃﺭبعين) أي حده أن جيلد أربعني جلدة إذا كان ً‬
‫حرا‪ ،‬أما العبد فحده‬
‫نصف حد احلر وهو عشرين جلدة‪( ،‬ﻭيجوﺯ ﺃﻥ يبلغ به ثمانين) أي جيوز‬
‫للحاكم أن يوصل جلد الشارب احلر إىل مثانني جلدة (على ﻭجه ﺍلتعزير) أي‬
‫حدا‪ ،‬واألربعون األخرى تعز ًيرا‪ ،‬أما حد العبد فيجوز أن يبلغ به‬
‫فتكون أربعون ً‬
‫أربعني على جهة التعزير‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد األمور اليت يثبت هبا شرب املسكر‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيجب عليه الحد بأحد ﺃمرين) أي عدد األمور اليت يثبت هبا شرب‬
‫املسكر وتوجب حده اثنان‪.‬‬
‫(بالبينة) أي األمر األول‪ :‬إقامة البينة وهي هنا‪ :‬شاهدان يشهدان بأنه شرب‬
‫مسكرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫مسكرا‪( ،‬ﺃﻭ ﺍلإقرﺍﺭ) أي األمر الثاين‪ :‬إقرار الشارب بأنه شرب‬
‫ً‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن احلد بالقيء واالستنكاه‪.‬‬
‫قوله‪(:‬ﻭلا يحد) أي ال يقام على الشخص حد شرب املسكر (بالقيﺀ) أي‬
‫مخرا (ﻭﺍلاستنكاه) أي أن يشم من فمه رائحة اخلمر‪.‬‬ ‫كأن تقايأ ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪435‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل حد السرقة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع من كتاب احلدود‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬حد الس ِرقة‪.‬‬
‫تعريف الس ِرقة‪:‬‬
‫السرقة لغة‪ :‬أخذ الشيء خفية‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬أخذ املال خفية‪.‬‬
‫ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪436‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َش َرائِ َ‬ ‫السا ِر ِق بِ ِست َِّة‬


‫ط‪ :‬أَ ْن يَ ُكو َن بَالغًا َعاق ًَل‪َ ،‬وأَ ْن يَ ْس ِر َق ن َ‬
‫صابًا‬ ‫َوتُ ْقطَ ُع يَ ُد َّ‬
‫ال‬‫ْك لَهُ فِ ِيه‪ ،‬وَْل ُش ْب َهةَ لَهُ فِي َم ِ‬
‫َ‬ ‫ِمثْلِ ِه‪َْ ،‬ل ِمل َ‬ ‫يمتُهُ ُربُ ُع ِدينَا ٍر‪ِ ،‬م ْن ِح ْرِز‬ ‫ِ‬
‫قَ‬
‫وق ِم ْنهُ(‪.)1‬‬
‫الْمسر ِ‬
‫َ ُْ‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حد السرقة وعدد شروط وجوبه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭتقطع يد ﺍلسارق بستة شرﺍئط) أي حد السرقة هو قطع اليد‪،‬‬
‫وعدد شروط وجوب قطع يد السارق ستة‪.‬‬
‫(ﺃﻥ يكوﻥ بالغًا عاق ًَل) هذان الشرطان األول والثاين‪.‬‬
‫أي ال حد على الصيب واجملنون إذا سرقا‪.‬‬
‫(ﻭﺃﻥ يسرﻕ نصابًا قيمته ﺭبع ﺩيناﺭ) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫أي أن يكون املال املسروق نِصابًا قدره ربع دينار فأكثر إن كان املسروق ذهبًا‪،‬‬
‫أو ما قيمته ربع دينار فأكثر إن كان املسروق غري ذهب‪ ،‬وعلى هذا فإذا كان‬
‫املسروق أقل من ذلك فال حد فيه‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬لو سرق حبالً قيمته عُشر دينار‪ ،‬فال قطع فيه‪ ،‬ألنه ليس نصابًا‪.‬‬
‫(من حرﺯ مثله) هذا الشرط الرابع‪.‬‬
‫أي أن يأخذ املال من املكان الذي ُحيفظ فيه مثله عادة‪ ،‬فإن كان املال مل ُخيرج‬
‫من حرز فال قطع فيه‪.‬‬
‫وس ِر َق املال ففيه احلد‪،‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬وضع ماله يف خزانته املعدة لذلك وأغلقها ُ‬
‫وس ِر َق فال حد فيه‪.‬‬
‫ولو وضعه فوق اخلزانة ُ‬
‫(ْل ملك له فيه) هذا الشرط اخلامس‪.‬‬
‫أي أن ال يكون املال املسروق مل ًكا للسارق‪ ،‬فال قطع بسرقة ماله الذي حتت‬
‫يد غريه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪437‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وع‪ ،‬فَِإ ْن َس َر َق ثَانِيًا قُ ِط َع ْ‬


‫ت ِر ْجلُهُ الْيُ ْس َرى‪،‬‬ ‫ص ِل الْ ُك ِ‬‫وتُ ْقطَع ي ُدهُ الْيمنَى ِمن م ْف ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ ُ َ ُْ‬
‫ت ِر ْجلُهُ الْيُ ْمنَى(‪.)1‬‬ ‫ت يَ ُدهُ الْيُ ْس َرى‪ ،‬فَِإ ْن َس َر َق َرابِ ًعا قُ ِط َع ْ‬‫فَِإ ْن َس َر َق ثَالِثًا قُ ِط َع ْ‬
‫ص ْب ًرا(‪.)2‬‬
‫يل‪ :‬يُ ْقتَ ُل َ‬
‫ِ‬
‫ك عُ ِّزَر‪َ ،‬وق َ‬ ‫فَِإ ْن َس َر َق بَ ْع َد ذَلِ َ‬

‫مثال ذلك‪ :‬لو سرق ماله الذي أعاره لغريه فال حد فيه‪.‬‬
‫(ﻭلا شبهة له في ماﻝ ﺍلمسرﻭﻕ منه) هذا الشرط السادس‪.‬‬
‫أي أن ال يكون املال املسروق فيه حق للسارق‪ ،‬فال قطع بسرقة العبد م َال‬
‫سيده‪ ،‬لوجود الشبهة وهي‪ :‬استحقاق النفقة للعبد على السيد‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن صفة القطع‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭتقطع يده ﺍليمنى من مفصل ﺍلكوﻉ) أي إن سرق ً‬
‫أوال فإنه تقطع‬
‫يده اليمىن‪ ،‬ومكان القطع من مفصل الكف مما يلي اإلهبام وهو‪ :‬الكوع‪( ،‬فإﻥ‬
‫سرﻕ ثانًيا) أي بعد قطع يده اليمىن (قطعت ﺭجله ﺍليسرﻯ) أي من املفصل‬
‫الذي بني الساق والقدم‪( ،‬فإﻥ سرﻕ ثالثًا) أي بعد قطع رجله اليسرى (قطعت‬
‫يده ﺍليسرﻯ) أي من مفصل الكوع‪( ،‬فإﻥ سرﻕ ﺭﺍبًعا) أي إن سرق بعد‬
‫قطع يده اليسرى (قطعت ﺭجله ﺍليمنى) أي من املفصل الذي بني الساق‬
‫والقدم‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن عقوبة السرقة بعد املرة الرابعة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬فإﻥ سرﻕ بعد ﺫلك) أي بعد قطع أعضائه األربعة (عزﺭ) أي يُعاقَب‬
‫مبا يراه احلاكم من جلد أو حبس أو غري ذلك‪ ،‬وهذا هو املشهور واملعتمد يف‬
‫املذهب‪( ،‬ﻭقيل) أي يف املذهب القدمي (يقتل صبًرﺍ) أي حيبس مدة مث يقتل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪438‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل حد قطع الطريق‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل اخلامس من كتاب احلدود‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬حد قطع الطريق‪.‬‬
‫تعريف قطع الطريق‪:‬‬
‫القطع‪ :‬مبعىن املنع‪ ،‬والطريق‪ :‬موضع مرور الناس‪.‬‬
‫اعتمادا على القوة باإلخافة أو‬
‫ً‬ ‫وقطع الطريق‪ :‬هو منع الناس من املرور فيها‬
‫أخذ املال أو القتل‪.‬‬
‫وقاطع الطريق هو‪ :‬الذي مينع الناس من املرور فيها‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪439‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ال قُتِلُوا‪ ،‬فَِإ ْن‬ ‫ْس ٍام‪ :‬إ ْن قَ تَ لُوا َولَ ْم يَأ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ْخ ُذوا ال َْم َ‬ ‫َوقُطاعُ الط ِر ِيق َعلَى أ َْربَ َعة أَق َ‬
‫ت أَيْ ِدي ِه ْم‬
‫ال َولَ ْم يَ ْقتُ لُوا قُطِّ َع ْ‬
‫َخ ُذوا ال َْم َ‬ ‫صلِبُوا‪َ ،‬وإِ ْن أ َ‬ ‫َخ ُذوا الْم َ ِ‬
‫ال قُتلُوا َو ُ‬ ‫َ‬ ‫قَ تَ لُوا َوأ َ‬
‫سوا‬ ‫ِ‬ ‫َخافُوا َّ ِ‬ ‫ف‪ ،‬فَِإ ْن أ َ‬ ‫وأَرجلُهم ِمن ِخ ََل ٍ‬
‫ْخ ُذوا َم ًاْل َولَ ْم يَ ْقتُ لُوا ُحب ُ‬ ‫يل َولَ ْم يَأ ُ‬
‫السب َ‬ ‫َ ُْ ُ ْ ْ‬
‫َوعُ ِّزُروا(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد أقسام قطاع الطريق ِّ‬
‫وحدهم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭقطاﻉ ﺍلطريق على ﺃﺭبعة ﺃقساﻡ) أي عدد أقسام قطاع الطريق أربعة‪.‬‬
‫(ﺇﻥ قتلوﺍ ﻭلم يأخذﻭﺍ ﺍلماﻝ) أي القسم األول‪ :‬الذين حيصل منهم القتل‬
‫املوجب للقصاص‪ ،‬ومل يأخذوا شيئًا من املال (قتلوﺍ) أي َحدُّهم أنه يتحتم‬
‫قتلهم‪ ،‬فال يسقط بعفو أولياء املقتول‪ ،‬أما إذا حصل منهم قتل ال يوجب‬
‫قصاصا كالقتل اخلطأ فال يقتلون‪.‬‬
‫ً‬
‫(فإﻥ قتلوﺍ ﻭﺃخذﻭﺍ ﺍلماﻝ) أي القسم الثاين‪ :‬الذين حيصل منهم القتل‬
‫املوجب للقصاص وأخذ املال بالشروط املارة يف السرقة‪( ،‬قتلوﺍ ﻭصلبوﺍ) أي‬
‫َحدُّهم أنه يتحتم قتلهم‪ ،‬فال يسقط بعفو أولياء املقتول‪ ،‬ويتحتم صلبهم على‬
‫خشبة مدة ثالثة أيام بعد غسلهم وتكفينهم والصالة عليهم‪.‬‬
‫(ﻭﺇﻥ ﺃخذﻭﺍ ﺍلماﻝ ﻭلم يقتلوﺍ) أي القسم الثالث‪ :‬الذين حيصل منهم أخذ‬
‫املال بالشروط املارة يف السرقة‪ ،‬ومل حيصل منهم قتل (قطعت ﺃيديهم ﻭﺃﺭجلهم‬
‫من خَلﻑ) أي َحدُّهم أنه تقطع اليد اليمىن والرجل اليسرى منهم‪ ،‬فإن عادوا‬
‫ثانيًا بعد قطعهما قطعت اليد اليسرى والرجل اليمىن‪.‬‬
‫(فإﻥ ﺃخافوﺍ ﺍلسبيل ﻭلم يأخذﻭﺍ مالا ﻭلم يقتلوﺍ) أي القسم الرابع‪ :‬الذين‬
‫حيصل منهم اإلخافة للمارين يف الطريق‪ ،‬ومل حيصل منهم قتل وال أخذ مال‪،‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪440‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ت ع ْنه الْح ُدود وأ ِ‬


‫ُخ َذ بِالْح ُق ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ومن تَ ِ‬
‫وق(‪.)1‬‬ ‫ُ‬ ‫اب م ْن ُه ْم قَ ْب َل الْ ُق ْد َرة َعلَْيه َس َقطَ ْ َ ُ ُ ُ َ‬
‫ََ ْ َ‬

‫(حبسوﺍ ﻭعزﺭﻭﺍ) أي يعاقبهم احلاكم حبسب ما يراه‪ ،‬فقوله‪( :‬حبسوﺍ‬


‫ﻭعزﺭﻭﺍ) من عطف العام على اخلاص‪ ،‬ألن احلبس من مجلة التعزير‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن حكم قطاع الطريق إذا تابوا‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭمن تاﺏ منهم) أي من قطاع الطريق (قبل ﺍلقدﺭﺓ عليه) أي قبل‬
‫قبض اإلمام عليه (سقطت عنه ﺍلحدﻭﺩ) أي حكمه أنه تسقط عنه احلدود‬
‫اخلاصة بقطع الطريق من حتتم القتل والصلب وقطع اليد والرجل‪( ،‬ﻭﺃخذ‬
‫بالحقوﻕ) أي يطالب حبقوق اآلدميني من القصاص واألموال؛ سواء كان‬
‫القصاص يف النفس أو يف األطراف‪ ،‬وسواء كانت األموال أمواًال أُخذت من‬
‫الناس‪ ،‬أو أمو ًاال هي ديات عن النفس أو الطرف أو اجلرح‪ ،‬فإن عفا أصحاهبا‬
‫أيضا‪.‬‬
‫عنها سقطت ً‬
‫ويفهم من كالم املؤلف‪ :‬أن قاطع الطريق إذا تاب بعد القدرة عليه أي بعد‬
‫قبض اإلمام عليه ال يسقط عنه حد قطع الطريق‪ ،‬وعليه فيكون حكمه كما‬
‫تقدم يف املسألة السابقة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪441‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل أحكام الصيال‬


‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السادس من كتاب احلدود‪.‬‬


‫الصيال‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام ِّ‬
‫الصيال‪:‬‬
‫تعريف ِّ‬
‫الصيال لغة‪ :‬االعتداء‪.‬‬
‫ظلما‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬االعتداء على اآلخرين ً‬
‫ً‬
‫ظلما‪.‬‬
‫والصائل هو‪ :‬املعتدي على اآلخرين ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪442‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يم ِه فَ َقاتَ َل َع ْن َذلِ َ‬


‫ك َوقَ تَ َل فَ ََل‬ ‫ص َد بِأَ ًذى فِي نَ ْف ِس ِه أَو مالِ ِه أَو ح ِر ِ‬
‫ْ َ ْ َ‬
‫ومن قُ ِ‬
‫ََ ْ‬
‫ض َما َن َعلَْي ِه(‪.)1‬‬
‫َ‬
‫الدابَِّة َ‬
‫ض َما ُن َما أَتْ لَ َف ْتهُ َدابَّتُهُ(‪.)2‬‬ ‫ب َّ‬‫َو َعلَى َراكِ ِ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن دفع الصائل‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭمن قصد) أي من أراد آدمي أو هبيمة أن يعتدي عليه (بأﺫﻯ في‬
‫نفسه) أي كأن يريد قتله أو قطع طرفه‪( ،‬ﺃﻭ ماله) أي كأن يريد أخذه أو‬
‫إتالفه‪( ،‬ﺃﻭ حريمه) أي كأن يريد الزنا هبن‪ ،‬واحلرمي يشمل الزوجة واألمة والولد‬
‫والقريب‪( ،‬فقاتل عن ﺫلك ﻭقتل) أي فدافع عن ذلك ومل يندفع الصائل إال‬
‫بقتله فقتله (فلا ضماﻥ عليه) أي فيجوز له قتله وال قصاص على القاتل وال دية‬
‫وال كفارة إن كان الصائل آدميًا‪ ،‬وإن كان هبيمة فال جتب قيمتها‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن إتالف البهائم إذا كان عليها راكب‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وعلى راكب الدابة) أي سواء كان مالكا للبهيمة‪ ،‬أو غري مالك هلا‪،‬‬
‫كاملستأجر (ضمان ما أتلفته دابته) أي جيب عليه رد بدل ما أهلكته البهيمة‬
‫هنارا‪.‬‬
‫ليال أو ً‬
‫اليت هو راكب عليها‪ ،‬سواء كان اإلتالف ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪443‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل أحكام أهل البغي‬


‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل السابع من كتاب احلدود‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام أهل البغي‪.‬‬
‫تعريف البغي‪:‬‬
‫البغي هو‪ :‬االعتداء‪.‬‬
‫وأهل البغي هنا هم‪ :‬املسلمون اخلارجون عن طاعة اإلمام‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪444‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ط‪ :‬أَ ْن يَ ُكونُوا فِي َمنَ َع ٍة‪َ ،‬وأَ ْن يَ ْخ ُر ُجوا َع ْن‬ ‫َويُ َقاتَ ُل أ َْه ُل الْبَ غْ ِي بِثَ ََلثَِة َش َرائِ َ‬
‫يل َسائِ ٌغ(‪.)1‬‬ ‫ض ِة ِْ ِ‬
‫اْل َمام‪َ ،‬وأَ ْن يَ ُكو َن لَ ُه ْم تَأْ ِو ٌ‬ ‫قَ ْب َ‬
‫ف َعلَى ج ِر ِ‬
‫يح ِه ْم(‪.)2‬‬ ‫وَْل ي ْقتَل أ ِ‬
‫َس ُيرُه ْم‪َ ،‬وَْل يُغْنَ ُم َمالُ ُه ْم‪َ ،‬وَْل يُ َذفَّ ُ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد شروط وجوب قتال أهل البغي‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيقاتل ﺃهل ﺍلبغي بثلاثة شرﺍئط) أي عدد شروط وجوب قتال اإلمام‬
‫ألهل البغي ثالثة‪ ،‬وهذا ظاهر كالم املؤلف وهو‪ :‬أن البغي يوجد بدون هذه‬
‫الشروط‪ ،‬وهذه الشروط إمنا هي لوجوب القتال؛ وليس األمر كذلك‪ ،‬بل ال‬
‫حيصل البغي إال بتحقق هذه الشروط‪ ،‬وبعد ذلك يقاتلون‪ ،‬وعلى هذا فهذه‬
‫الشروط هي شروط لتسميتهم أهل بغي‪ ،‬فال يكونون أهل بغي إال إذا حتققت‬
‫هذه الشروط‪.‬‬
‫(ﺃﻥ يكونوﺍ في منعة) أي الشرط األول‪ :‬أن يكون ألهل البغي عزة وقدرة‪،‬‬
‫وهي تتحقق بأمرين‪ :‬األمر األول‪ :‬وجود مطاع فيهم ال خيرجون عن طاعته‪،‬‬
‫واألمر الثاين‪ :‬وجود قوة فيهم بكثرة أو حتصن حبصن‪ ،‬حبيث حيتاج اإلمام يف‬
‫ردهم للطاعة إىل بذل مال وهتيئة جيش‪ ،‬وعليه فلو كانوا أفر ًادا يسهل الظفر‬
‫أهل بغي‪.‬‬‫هبم فليسوا َ‬
‫(ﻭﺃﻥ يخرجوﺍ عن قبضة ﺍلإماﻡ) أي الشرط الثاين‪ :‬أن خيرجوا عن طاعة‬
‫حقا وجب عليهم؛ كالزكاة‪.‬‬ ‫اإلمام‪ ،‬بأن يرتكوا االنقياد ألمره وهنيه‪ ،‬أو مينعوا ًّ‬
‫(ﻭﺃﻥ يكوﻥ لهم تأﻭيل سائغ) أي الشرط الثالث‪ :‬أن تكون هلم شبهة حمتملة‬
‫للصحة حبسب الظاهر يعتقدون هبا جواز اخلروج على اإلمام‪ ،‬وعليه فلو كان‬
‫عنادا فليسوا أهل بغي‪.‬‬‫خروجهم على اإلمام ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن حكم أهل البغي بعد انتهاء القتال‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪445‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ومجله ذلك أهنم ال يُعاملون معاملة الكفار‪ ،‬ألهنم مسلمون‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭلا يقتل ﺃسيرهم) أي من قُبِض عليه منهم ال يُقتل‪( ،‬ﻭلا يغنم مالهم)‬
‫أي وأمواهلم ال تكون غنيمة للمقاتلني‪( ،‬ﻭلا يذفف على جريحهم) التذفيف‪:‬‬
‫تعجيل القتل‪ ،‬أي ومن أُصيب منهم ال يُقضى عليه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪446‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الردة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثامن من كتاب احلدود‪.‬‬


‫الردة‪ ،‬أعاذنا اهلل منها‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام ِّ‬
‫الردة‪:‬‬
‫تعريف ِّ‬
‫الردة لغة‪ :‬الرجوع‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬الرجوع عن دين اإلسالم إىل الكفر باعتقاد أو فعل أو قول‪.‬‬
‫ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪447‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اب‪َ ،‬وإَِّْل قُتِ َل(‪.)1‬‬


‫يب ثَََلثًا‪ ،‬فَِإ ْن تَ َ‬
‫ِ‬
‫اْل ْس ََلِم ا ْستُت َ‬
‫َوَم ِن ْارتَ َّد َع ِن ِْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َّل َعلَْيه‪َ ،‬ولَ ْم يُ ْدفَ ْن في َم َقاب ِر ال ُْم ْسلم َ‬
‫ين(‪.)2‬‬ ‫س ْل‪َ ،‬ولَ ْم يُ َ‬
‫َولَ ْم يُغَ َّ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم املرتد‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭمن ﺍﺭتد عن ﺍلإسلاﻡ) أي البالغ العاقل‪ ،‬سواء كان ً‬
‫ذكرا أو أنثى إذا‬
‫رجع عن دين اإلسالم إىل الكفر (ﺍستتيب ثَلثًا) أي حكمه أنه يدعوه احلاكم‬
‫وجوبًا إىل العودة إىل اإلسالم‪ ،‬وميهل مدة ثالثة أيام (فإﻥ تاﺏ ﻭﺇلا قتل) أي‬
‫فإن عاد إىل اإلسالم ترك‪ ،‬وإن أصر على الردة قُتِل‪ ،‬واملعتمد يف املذهب أنه‬
‫حاال‪ ،‬وال ميهل ثالثة أيام‪.‬‬
‫يستتاب ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن حكم املرتد بعد قتله‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭلم يغسل ﻭلم يصل عليه ﻭلم يدفن في مقابر ﺍلمسلمين) أي املرتد‬
‫كافر‪ ،‬ويعامل بعد قتله معاملة الكفار‪ ،‬فال جيب تغسيله وحترم الصالة عليه‬
‫وحيرم دفنه يف مقابر املسلمني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪448‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل حد ترك الصَلة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل التاسع من كتاب احلدود‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬حد ترك الصالة‪.‬‬
‫تعريف ترك الصالة‪:‬‬
‫املراد بالصالة هنا‪ :‬الصالة اليت هي فرض عني‪ ،‬وهي اجلمعة والصلوات‬
‫اخلمس‪.‬‬
‫متعمدا إىل أن خيرج وقتها‪ ،‬فإن كانت الصالة‬ ‫ً‬ ‫واملراد برتكها‪ :‬أن ال يصليها‬
‫ُجت َمع مع ما بعدها كالظهر واملغرب فال يـُ َع ُّد تارًكا هلا حىت خيرج وقت الصالة‬
‫اليت بعدها‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪449‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َح ُد ُه َما‪ :‬أَ ْن يَ ْت ُرَك َها غَْي َر ُم ْعتَ ِق ٍد لِ ُو ُجوبِ َها‪،‬‬ ‫الص ََلةِ َعلَى َ‬
‫ض ْربَ ْي ِن‪ :‬أ َ‬ ‫َوتَا ِر ُك َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫س ًَل ُم ْعتَق ًدا ل ُو ُجوبِ َها؛ فَ يُ ْستَتَ ُ‬
‫اب‪،‬‬ ‫فَ ُح ْك ُمهُ ُح ْك ُم ال ُْم ْرتَدِّ‪َ .‬والثَّاني‪ :‬أَ ْن يَ ْت ُرَك َها َك َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ين(‪.)1‬‬ ‫صلَّى‪َ ،‬وإَِّْل قُت َل َح ًّدا‪َ ،‬و ُح ْك ُمهُ ُح ْك ُم ال ُْم ْسلم َ‬ ‫اب َو َ‬‫فَِإ ْن تَ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن عدد أنواع تارك الصالة وحكم‬
‫كل نوع‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭتاﺭﻙ ﺍلصلاﺓ على ضربين) أي عدد أنواع تارك الصالة اثنان‪.‬‬
‫(ﺃحدهما) أي النوع األول‪( :‬ﺃﻥ يتركها غير معتقد لوجوبها) أي أن يرتك‬
‫جاحدا لوجوهبا‪( ،‬فحكمه حكم ﺍلمرتد) أي حكمه أنه مرتد‪ ،‬ألن‬ ‫ً‬ ‫الصالة‬
‫جحد وجوب الصالة ردة‪ ،‬وعلى هذا فيأيت فيه ما سبق ذكره يف الفصل‬
‫السابق‪.‬‬
‫(ﻭﺍلثاني) أي النوع الثاين‪( :‬ﺃﻥ يتركها كسَل معتقدا لوجوبها) أي أن يرتك‬
‫تكاسال‪ ،‬وهو مقر بوجوهبا (فيستتاﺏ فإﻥ تاﺏ ﻭصلى ﻭﺇلا قتل ح ًّدﺍ)‬
‫ً‬ ‫الصالة‬
‫أي حكمه أنه مسلم‪ ،‬فيأمره احلاكم بالصالة إذا ضاق وقتها ويتوعده بالقتل‬
‫إن أخرجها عن الوقت‪ ،‬فإن امتثل األمر ترك‪ ،‬وإن أصر على ترك الصالة حىت‬
‫فحدُّه القتل‪( ،‬ﻭحكمه حكم ﺍلمسلمين) أي حكمه بعد قتله أنه‬ ‫خرج الوقت َ‬
‫مسلم يعامل معاملة املسلمني‪ ،‬فيجب تغسيله وتكفينه والصالة عليه ودفنه‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪450‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫كتاب الجهاد‬

‫(‪)1‬‬
‫املكمالت‪.‬‬
‫هذا الكتاب األول من قسم ِّ‬
‫تعريف اجلهاد وأقسامه‪:‬‬
‫اجلهاد لغة‪ :‬بذل اجلهد‪ .‬واملراد به هنا‪ :‬قتال الكفار‪ ،‬وهو قسمان‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬جهاد الدعوة‪ ،‬وهو‪ :‬قتال الكفار المتناعهم عن قبول الدين احلق‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬جهاد الدفاع‪ ،‬وهو‪ :‬قتال الكفار لصدهم عن االعتداء‪.‬‬
‫والقسم األول هو املراد يف كالم املؤلف‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬كتاب اجلهاد مكمل لقسم العبادات‪ ،‬ولقسم األموال‪ ،‬ولقسم‬
‫اجلنايات؛ فهو مكمل لقسم العبادات ألن اجلهاد عبادة‪ ،‬ومكمل لقسم‬
‫األموال ألن الغنيمة والفيء واجلزية أموال حتصل بسبب اجلهاد‪ ،‬ومكمل لقسم‬
‫اجلنايات ألنه قد حيصل يف اجلهاد قتل وحنوه‪.‬‬
‫شرط النصر‪:‬‬
‫يشرتط للنصر شرطان‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬إقامة الدين؛ إميانًا وعمالً‪ ،‬وعدم التفرق فيه‪.‬‬
‫الشرط الثاين‪ :‬إعداد القوة قدر االستطاعة‪.‬‬
‫عدد فصول هذا الكتاب‪:‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربعة فصول‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪451‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل شرائط وجوب اجلهاد وأحكام األسرى‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب اجلهاد‪.‬‬


‫واملؤلف مل يذكر هذا الفصل‪ ،‬وإمنا ذكرته بناء على احملتوى الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬شرائط وجوب اجلهاد وأحكام األسرى‪.‬‬
‫تعريف شرائط وجوب اجلهاد واألسرى‪:‬‬
‫الشرائط‪ :‬مجع شريطة‪ ،‬وهي مبعىن الشروط‪ :‬مجع شرط‪.‬‬
‫خارجا عنه‪.‬‬
‫والشرط هو‪ :‬ما ال يتم الشيء إال به ويكون ً‬
‫واملراد بوجوب اجلهاد‪ :‬أنه فرض كفاية كل عام على من حتققت فيه الشروط‬
‫اآلتية‪ ،‬فإذا فعله من فيه كفاية سقط اإلمث عن الباقني‪.‬‬
‫وشرائط وجوب اجلهاد هي‪ :‬األشياء اليت ال يتم وجوب اجلهاد إال هبا‪.‬‬
‫واألسرى‪ :‬مجع أسري وهو‪ :‬الشخص الذي قُبِض عليه يف املعركة‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪452‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْح ِّريَّةُ‪،‬‬ ‫ال‪ِْ :‬‬ ‫صٍ‬ ‫ِ‬ ‫ط وج ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫اْل ْس ََل ُم‪َ ،‬والْبُ لُوغُ‪َ ،‬وال َْع ْق ُل‪َ ،‬وال ُ‬ ‫وب الْج َهاد َس ْب ُع خ َ‬ ‫َو َش َرائ ُ ُ ُ‬
‫ال(‪.)1‬‬‫الص َّحةُ‪ ،‬والطَّاقَةُ َعلَى ال ِْقتَ ِ‬ ‫َو ُّ‬
‫ورةُ‪َ ،‬و ِّ َ‬ ‫الذ ُك َ‬
‫الس ْب ِي‪َ ،‬و ُه ُم‬
‫س َّ‬ ‫ص ُير َرقِي ًقا بِنَ ْف ِ‬
‫بيِ‬
‫ض ْر ٍ َ‬ ‫ض ْربَ ْي ِن‪َ :‬‬ ‫ُس َر ِم ْن الْ ُك َّفا ِر فَ َعلَى َ‬
‫ومن أ ِ‬
‫ََ ْ‬
‫ام‬ ‫ال الْبَالِغُو َن‪َ ،‬و ِْ‬
‫اْل َم ُ‬ ‫الر َج ُ‬
‫الس ْب ِي‪َ ،‬و ُه ُم ِّ‬
‫س َّ‬ ‫ب َْل يَ ِر ُّق بِنَ ْف ِ‬
‫ض ْر ٍ‬
‫ِّساءُ‪َ .‬و َ‬ ‫الص ْب يَا ُن َوالن َ‬
‫ِّ‬
‫ال أ َْو‬ ‫ُم َخيَّ ر فِي ِه ْم بَ ْين أ َْربَ َع ِة أَ ْشيَاء‪ :‬الْ َق ْتل‪ ،‬و ِاْل ْستِ ْرقَا ُق‪ ،‬والْم ُّن‪ ،‬وال ِْف ْديَةُ بِالْم ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ين(‪.)2‬‬ ‫صلَحةُ لِل ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫بِ ِّ ِ‬
‫ْم ْسلم َ‬ ‫الر َجال‪ ،‬يَ ْف َع ُل َما فيه ال َْم ْ َ ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد شروط وجوب اجلهاد‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭشرﺍئط ﻭجوﺏ ﺍلجهاﺩ سبع خصاﻝ) أي األشياء اليت جتعل اجلهاد‬
‫واجبًا عددها سبعة‪.‬‬
‫(ﺍلإسلاﻡ ﻭﺍلبلوﻍ ﻭﺍلعقل ﻭﺍلحرية ﻭﺍلذكوﺭﺓ ﻭﺍلصحة ﻭﺍلطاقة على ﺍلقتاﻝ)‬
‫هذه هي الشروط السبعة‪ ،‬واملراد بالطاقة على القتال‪ :‬القدرة عليه بالبدن‬
‫واملال‪ ،‬ومفهوم كالمه‪ :‬أنه ال جيب اجلهاد على كافر وال صغري وال جمنون وال‬
‫مملوك وال أنثى وال مريض يشق عليه القتال وال غري القادر على القتال بالبدن‬
‫كاألعمى واألعرج أو غري القادر عليه باملال كفاقد النفقة والسالح‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد أنواع األسرى من الكفار وحكم كل نوع‪.‬‬
‫قوله‪(:‬ﻭمن ﺃسر من ﺍلكفاﺭ فعلى ضربين) األسر هنا هو‪ :‬القبض على‬
‫الشخص يف املعركة‪ ،‬أي عدد أنواع األسرى من الكفار اثنان‪.‬‬
‫(ضرﺏ يصير رقي ًقا بنفس ﺍلسبي) أي النوع األول‪ :‬ال خيار لإلمام فيهم بل‬
‫يصريون أرقاء مبجرد السيب وهو األسر (ﻭهم ﺍلصبياﻥ ﻭﺍلنساﺀ) أي صبيان‬
‫الكفار ونساؤهم ويلحق هبم اجملانني واملماليك‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪453‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ار أ َْوَْل ِدهِ(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫َس ِر أ ْ‬


‫َح َرَز َمالَهُ َو َد َمهُ َوصغَ َ‬ ‫َسلَ َم قَ ْب َل ْاْل ْ‬
‫َوَم ْن أ ْ‬

‫(ﻭضرﺏ لا يرﻕ بنفس ﺍلسبي) أي النوع الثاين‪ :‬ال يصريون أرقاء مبجرد األسر‬
‫(ﻭهم ﺍلرجاﻝ ﺍلبالغوﻥ) أي الذكور البالغون العقالء األحرار من الكفار‪،‬‬
‫(ﻭﺍلإماﻡ مخير فيهم بين ﺃﺭبعة ﺃشياﺀ) أي يتخري اإلمام فيهم بني أربعة أشياء‪:‬‬
‫(ﺍلقتل) أي الشيء األول‪ :‬أن يقتلهم‪.‬‬
‫(ﻭﺍلاسترقاﻕ) أي الشيء الثاين‪ :‬أن جيعلهم أرقاء‪ ،‬أي مملوكني‪.‬‬
‫(ﻭﺍلمن) أي الشيء الثالث‪ :‬أن مين عليهم أي خيلي سبيلهم بال عوض‪.‬‬
‫(ﻭﺍلفدية بالماﻝ ﺃﻭ بالرجاﻝ) أي الشيء الرابع‪ :‬أن يفديهم‪ ،‬أي أن يردهم‬
‫ماال أو يردوا ما لديهم من أسرى املسلمني‪.‬‬
‫للعدو مقابل أن يدفعوا ً‬
‫(يفعل من ﺫلك ما فيه ﺍلمصلحة للمسلمين) أي خيتار اإلمام من هذه‬
‫تشهيًا‪.‬‬
‫األشياء ما يراه أنفع للمسلمني‪ ،‬وليس ِّ‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن حكم األسري الكافر إذا أسلم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭمن ﺃسلم قبل ﺍلأسر) أي الكافر سواء كان ً‬
‫رجال أو امرأة إذا أسلم‬
‫قبل وقوعه يف األسر (ﺃحرﺯ ماله ﻭﺩمه) أي حكمه أنه يعصم ماله ونفسه فال‬
‫جيوز أخذ ماله وال قتله‪( ،‬ﻭصغاﺭ ﺃﻭلاﺩه) أي ويعصم ً‬
‫أيضا أوالده غري البالغني‬
‫من السيب‪ ،‬ألهنم يتبعونه يف اإلسالم‪ ،‬أما أوالده الكبار فال يعصمهم‪.‬‬
‫ويشري املؤلف هبذه املسألة إىل أن من أسلم بعد األسر فحكمه أنه يعصم نفسه‬
‫وخيري فيه اإلمام بني ثالثة أمور االسرتقاق واملن والفدية‪،‬‬
‫فقط فيمتنع قتله‪ُ ،‬‬
‫وعلى هذا فال يعصم ماله وأوالده الصغار بل يصريون غنيمة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪454‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َح ُد أَبَ َويْ ِه‪ ،‬أ َْو‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َويُ ْح َك ُم لِ َّ‬
‫لصبِ ِّي بِ ِْ‬
‫اْل ْس ََلِم ع ْن َد ُو ُجود ثَََلثَة أ ْ‬
‫َسبَ ٍ‬
‫اب‪ :‬أَ ْن يُ ْسل َم أ َ‬
‫وج َد لَِقيطًا فِي َدا ِر ِْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اْل ْس ََلِم(‪.)1‬‬ ‫يَ ْسبِيَهُ ُم ْسل ٌم ُم ْن َف ِر ًدا َع ْن أَبَ َويْه‪ ،‬أ َْو يُ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن عدد أسباب احلكم للصيب باإلسالم‪.‬‬
‫قوله‪(:‬ﻭيحكم للصبي بالإسلاﻡ عند ﻭجوﺩ ثَلثة ﺃسباﺏ) أي عدد األشياء‬
‫ذكرا أو أنثى عند وجود أحدها ثالثة‪.‬‬
‫اليت حيكم للصغري باإلسالم سواء كان ً‬
‫(ﺃﻥ يسلم ﺃحد ﺃبويه) هذا السبب األول‪.‬‬
‫مسلما‪.‬‬
‫أي أن يكون أحد والديه ً‬
‫(ﺃﻭ يسبيه مسلم منفر ًدا عن ﺃبويه) هذا السبب الثاين‪.‬‬
‫ؤسر معه أحد والديه‪ ،‬وعليه فلو أسر معه‬ ‫أي أن يأسره مسلم بشرط أن ال يُ َ‬
‫أحد والديه فهو على دين والده‪.‬‬
‫(ﺃﻭ يوجد لقيطًا في ﺩﺍﺭ ﺍلإسلاﻡ) هذا السبب الثالث‪.‬‬
‫أي أن يُل َقط الصغري الذي ال يعلم كافله يف بالد اإلسالم‪.‬‬
‫ويفهم من اقتصار املؤلف على هذه األسباب أنه ال حيكم بإسالم الصيب إذا‬
‫نطق الشهادتني‪ ،‬ألن نطقه هبما غري معترب‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪455‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل قسم الغنيمة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب اجلهاد‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬قَسم الغنيمة‪.‬‬
‫تعريف قَسم الغنيمة‪:‬‬
‫القسم ـ بفتح القاف وسكون السني ـ‪ :‬مبعىن التقسيم‪.‬‬
‫والغنيمة لغة‪ :‬الربح‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬املال الذي يُؤخذ من الكفار بالقتال‪ ،‬ومسي هذا املال غنيمة ألن‬ ‫ً‬
‫املسلمني رحبوه من الكفار‪.‬‬
‫وقسم الغنيمة‪ :‬صفة تقسيمها‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪456‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َوَم ْن قَ تَ َل قَتِ ًيَل أُ ْع ِط َي َسلَبَهُ(‪.)1‬‬


‫اس؛ فَ ي ْعطَى أَرب عةُ أَ ْخم ِ‬
‫اس َها‬ ‫َْ َ َ‬ ‫سة أَ ْخ َم ٍ ُ‬
‫ك َعلَى َخم ِ‬
‫َْ‬ ‫يمةُ بَ ْع َد ذَلِ َ‬ ‫ِ‬
‫س ُم الْغَن َ‬ ‫َوتُ ْق َ‬
‫َس ُه ٍم‪َ ،‬ولِ َّ‬
‫لر ِ‬
‫اج ِل َس ْه ٌم(‪.)2‬‬ ‫ْعةَ لِ ْل َفا ِر ِ‬
‫س ثَََلثَةُ أ ْ‬
‫ِ‬
‫ل َم ْن َش ِه َد ال َْوق َ‬

‫(‪)1‬‬
‫كافرا حربيًّا‪.‬‬
‫هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي حكم من قَـتَل ً‬
‫كرا أو أنثى إذا قتل‬ ‫حرا أو عب ًدا ذ ً‬ ‫قتيَل) أي املسلم سواء كان ًّ‬
‫قوله‪( :‬ومن قتل ً‬
‫ب الكافر بشرط أن يـُ َعِّرض القاتل‬ ‫كافرا حربيًّا (أعطي سلبه) أي يستحق َسلَ َ‬
‫ً‬
‫نائما فقتله فال يستحق‬ ‫الكافر ً‬
‫َ‬ ‫نفسه للخطر بسبب القتل‪ ،‬وعليه فلو َو َجد‬
‫شيئًا لعدم املخاطرة‪ ،‬والسلب هو‪ :‬الثياب واحللي اليت علي القتيل ونفقته اليت‬
‫معه ومركوبه واحللي اليت عليه وسالح احلرب‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن صفة تقسيم الغنيمة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭتقسم ﺍلغنيمة) أي صفة تقسيمها (بعد ذلك) أي بعد إخراج السلب‬
‫(على خمسة ﺃخماﺱ) أي ُْجت َعل مخسة أقسام متساوية‪( ،‬فيعطى ﺃﺭبعة‬
‫قسم أربعة أقسام الغنيمة (لمن شهد ﺍلوقعة) أي على كل من‬ ‫ﺃخماسها) أي تُ َ‬
‫حضر املعركة سواء قاتل فيها‪ ،‬أو مل يقاتل لكن حضر بنية القتال‪ ،‬وعليه فمن‬
‫مل يقاتل ومل ينو حبضوره القتال مل يعط من الغنيمة‪( ،‬للفاﺭﺱ ثلاثة ﺃسهم‬
‫ﻭللرﺍجل سهم) أي صفة تقسيم األربعة األمخاس بني الغامنني أن الفارس وهو‪:‬‬
‫من حضر ومعه فرس‪ ،‬يعطى ثالثة أسهم‪ ،‬سهم له وسهمان لفرسه‪ ،‬والراجل‬
‫احدا‪ ،‬ومثل الراجل من معه مركوب‬ ‫سهما و ً‬‫وهو‪ :‬املاشي على رجليه‪ ،‬يعطى ً‬
‫احدا‪ ،‬والسهم‪ :‬جزء مقدر من الغنيمة‪.‬‬ ‫سهما و ً‬
‫فرسا‪ ،‬كالبعري فيعطى ً‬
‫ليس ً‬
‫وسيأيت بيان ما يفعل بالقسم اخلامس من الغنيمة يف املسألة الرابعة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪457‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫س َش َرائِ َ‬
‫ط ‪ِْ :‬‬
‫اْل ْس ََل ُم‪َ ،‬والْبُ لُوغُ‪،‬‬ ‫وَْل يسهم َّإْل لِم ِن استَ ْكملَ ْ ِ ِ‬
‫ت فيه َخ ْم ُ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ ُ َْ ُ‬
‫ك رِ‬ ‫الذ ُكورةُ‪ .‬فَِإ ْن ا ْخت َّل َشر ٌ ِ ِ‬
‫ض َخ لَهُ َولَ ْم يُ ْس َه ْم‬ ‫ط م ْن ذَل َ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْح ِّريَّةُ‪َ ،‬و ُّ َ‬
‫َوال َْع ْق ُل‪َ ،‬وال ُ‬
‫لَهُ(‪.)1‬‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫ْخمس َعلَى َخمس ِة أَسه ٍم‪ :‬س ْهم لِرس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ْ َ ُْ َ ٌ َ ُ‬ ‫س ُم ال ُ ُ ُ‬ ‫َويُ ْق َ‬
‫اش ٍم َوبَنُو‬ ‫ف ب ْع َدهُ لِلْمصالِ ِح‪ ،‬وس ْهم لِ َذ ِوي الْ ُقربى‪ ،‬و ُهم‪ :‬ب نُو َه ِ‬ ‫َو َسلَّ َم يُ ْ‬
‫َْ َ ْ َ‬ ‫ََ ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ص َر ُ َ‬
‫ساكِي ِن‪َ ،‬و َس ْه ٌم ِْلَبْ نَ ِاء َّ‬
‫السبِ ِ‬
‫يل(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪َ ،‬و َس ْه ٌم للْيَتَ َامى‪َ ،‬و َس ْه ٌم لل َْم َ‬ ‫ال ُْمطَّلِ ِ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن عدد شروط استحقاق الغامن للسهم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭلا يسهم ﺇلا لمن ﺍستكملت فيه خمس شرﺍئط) أي عدد شروط‬
‫استحقاق الغامن للسهم مخسة‪.‬‬
‫(ﺍلإسلاﻡ ﻭﺍلبلوﻍ ﻭﺍلعقل ﻭﺍلحرية ﻭﺍلذكوﺭﺓ) هذه هي الشروط اخلمسة‪.‬‬
‫أي الذي يستحق السهم هو املسلم البالغ العاقل احلر الذكر‪.‬‬
‫(فإﻥ ﺍختل شرﻁ من ﺫلك ﺭضخ له ﻭلم يسهم له) الرضخ لغة‪ :‬العطاء القليل‪،‬‬
‫وشرعا هو‪ :‬شيء دون السهم من غري تقدير‪ ،‬يعطى ملن اختل فيه شرط‬ ‫ً‬
‫مثال أن قدر السهم مائة دينار فالرضخ يكون أقل‬‫استحقاق السهم‪ ،‬فلو فرض ً‬
‫رضخ هلم هم‪ :‬الكافر الذمي والصيب واجملنون‬
‫من مائة دينار‪ ،‬وعلى هذا فالذين يُ َ‬
‫واململوك واملرأة إذا حضروا املعركة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن صفة تقسيم اخلمس اخلامس من الغنيمة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيقسم ﺍلخمس على خمسة ﺃسهم) أي صفة تقسيم مخس الغنيمة‬
‫اخلامس أن جيعل على مخسة أجزاء متساوية‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪458‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(سهم لرسوﻝ ﺍلله صلى ﺍلله عليه ﻭسلم يصرﻑ بعده للمصالح) أي يعطى‬
‫السهم األول للرسول ‪ ‬يف حال حياته‪ ،‬أما بعد وفاته فيصرف يف مصاحل‬
‫املسلمني‪ ،‬كعمارة املساجد وغريها من املصاحل‪( .‬ﻭسهم لذﻭﻱ ﺍلقربى ﻭهم بنو‬
‫هاشم ﻭبنو ﺍلمطلب) أي يعطى السهم الثاين لقرابة النيب ‪ ‬املسلمني‪ ،‬وهم‬
‫أوالد هاشم وأوالد املطلب‪ ،‬ويعطى للذكر منهم مثل حظ األنثيني‪ ،‬وإطالق‬
‫املؤلف يدل على أنه يشرتك فيه غنيهم وفقريهم‪( .‬ﻭسهم لليتامى) أي يعطى‬
‫السهم الثالث لليتامى املسلمني احملتاجني‪ ،‬واليتيم هو‪ :‬من ال أب له ومل يبلغ‬
‫ذكرا أو أنثى‪( .‬ﻭسهم للمساكين) أي يعطى السهم الرابع‬ ‫احللم‪ ،‬سواء كان ً‬
‫للمساكني املسلمني‪ ،‬واملسكني هو‪ :‬احملتاج‪ ،‬ويدخل فيه الفقري وتقدم بيان‬
‫الفقري واملسكني يف كتاب الزكاة‪( .‬ﻭسهم لأبناﺀ ﺍلسبيل) أي يعطى السهم‬
‫اخلامس ألبناء السبيل املسلمني‪ ،‬وتقدم بيان ابن السبيل يف كتاب الزكاة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪459‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل قسم الفيء‬


‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث من كتاب اجلهاد‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬قَسم ال َفيء‪.‬‬
‫تعريف قَسم ال َفيء‪:‬‬
‫القسم ـ بفتح القاف وسكون السني ـ‪ :‬مبعىن التقسيم‪.‬‬
‫الفيء لغة‪ :‬الرجوع‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬املال الذي يُؤخذ من الكفار من غري قتال‪ ،‬ومسي هذا املال فيئًا لرجوعه‬‫ً‬
‫من الكفار إىل املسلمني وحصوهلم عليه‪.‬‬
‫وقسم الفيء‪ :‬صفة تقسيمه‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألة واحدة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪460‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ف َعلَْي ِه ْم‬‫ص َر ُ‬
‫سهُ َعلَى َم ْن يُ ْ‬
‫ف ُخ ُم ُ‬
‫ص َر ُ‬‫س‪ :‬يُ ْ‬ ‫ال الْ َف ْي ِء َعلَى َخ ْم ٍ‬
‫س ُم َم ُ‬ ‫َويُ ْق َ‬
‫ين(‪.)1‬‬ ‫ِِ‬ ‫اس ِه لِلْم َقاتِلَ ِة وفِي م ِ‬
‫ُخمس الْغَنِيم ِة‪ ،‬وي ْعطَى أَرب عةُ أَ ْخم ِ‬
‫صال ِح ال ُْم ْسلم َ‬‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الوحيدة يف هذا الفصل‪ ،‬وهي عن صفة تقسيم الفيء‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيقسم ماﻝ ﺍلفيﺀ على خمس) أي صفة تقسيم الفيء أن ُْجي َعل‬
‫مخسة أقسام متساوية (يصرف خمسه على من يصرﻑ عليهم خمس‬
‫ﺍلغنيمة) أي يعطى مخس الفيء ملن يصرف له مخس الغنيمة وهم‪ :‬رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم وذوو القرىب واليتامى واملساكني وأبناء السبيل‪ ،‬وصفة‬
‫تقسيمه مثل صفة تقسيم مخس الغنيمة‪( ،‬ﻭيعطى ﺃﺭبعة ﺃخماسه للمقاتلة) أي‬
‫تعطى األربعة األمخاس الباقية للمقاتلة وهم‪ :‬اجلنود الذين عينهم اإلمام للجهاد‬
‫وأثبت أمساءهم يف ديوان املرتزقة‪ ،‬ويعطون قدر كفايتهم‪( ،‬ﻭفي مصالح‬
‫ﺍلمسلمين) أشار به إىل أنه جيوز لإلمام أن يصرف ما زاد عن حاجات املقاتلة‬
‫يف مصاحل املسلمني من إصالح احلصون والثغور وشراء السالح وغريها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪461‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام اجلزية‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع من كتاب اجلهاد‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام اجلِزية‪.‬‬
‫تعريف اجلِزية‪:‬‬
‫اجلزية لغة‪ :‬مشتقة من اجلزاء مبعىن اجملازاة‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬عقد يقتضي أخذ مال من كافر خمصوص إلقامته بدار اإلسالم وجمازاة‬ ‫ً‬
‫أيضا عقد الذمة‪.‬‬
‫لكفِّنا عن قتاله‪ ،‬ويسمى هذا العقد ً‬
‫أيضا على املال الذي يؤخذ من الكافر املخصوص‪.‬‬ ‫تنبيه‪ :‬تطلق اجلزية ً‬
‫أركان عقد اجلزية وصورهتا‪:‬‬
‫أركان عقد اجلزية مخسة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬العاقد‪ ،‬وهو اإلمام أو نائبه‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬املعقود له‪ ،‬وهو الكافر‬
‫الذمي‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬املال‪ ،‬وهو‪ :‬اجلزية‪ ،‬والركن الرابع‪ :‬مكان سكىن أهل‬
‫الذمة‪ ،‬ويشرتط فيه أن يكون غري احلجاز وهو‪ :‬مكة واملدينة واليمامة وطرقها‬
‫وقراها‪ ،‬والركن اخلامس‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي اإلجياب والقبول‪ ،‬فاإلجياب هو‪ :‬اللفظ‬
‫الصادر من اإلمام أو نائبه الدال على ابتداء العقد‪ ،‬والقبول هو‪ :‬اللفظ الصادر‬
‫من الكافر الذمي الدال على استجابته للعقد‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪462‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِ‬
‫صورة عقد اجلزية‪ :‬أن يقول اإلمام أو نائبه للكافر الذمي‪":‬أَذ ُ‬
‫نت لك يف اإلقامة‬
‫دينارا كل سنة جزية‪ ،‬وتنقاد حلكمنا"؛ فيقول الكافر‬ ‫بدارنا على أن تلتزم ً‬
‫الذمي‪" :‬قبلت ورضيت"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخس مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪463‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْح ِّريَّةُ‪،‬‬ ‫صٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َو َش َرائِ ُ‬


‫ال‪ :‬الْبُ لُوغُ‪َ ،‬وال َْع ْق ُل‪َ ،‬وال ُ‬ ‫س خَ‬ ‫ط ُو ُجوب الْج ْزيَة َخ ْم ُ‬
‫اب(‪.)1‬‬ ‫اب أ َْو ِم َّم ْن لَهُ ُش ْب َهةُ كِتَ ٍ‬ ‫الذ ُكورةُ‪ ،‬وأَ ْن ي ُكو َن ِمن أ َْه ِل ال ِ‬
‫ْكتَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َو ُّ َ َ َ‬
‫ان وِمن الْم ِ‬
‫وس ِر‬ ‫ْج ْزي ِة ِدينَار فِي ُك ِّل حوٍل‪ ،‬وي ْؤ َخ ُذ ِمن الْمتَ و ِّس ِط ِدينَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ار َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َُ‬ ‫َ ْ َُ‬ ‫ٌ‬ ‫َوأَقَ ُّل ال َ‬
‫استِ ْحبَابًا(‪.)2‬‬
‫أ َْربَ َعةُ َدنَانِ َير ْ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد شروط وجوب اجلزية‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭشرﺍئط ﻭجوﺏ ﺍلجزية خمس خصاﻝ) أي عدد شروط وجوب مال‬
‫أيضا شروط لصحة عقد اجلزية ألهنا شروط املعقود له‪.‬‬ ‫اجلزية مخسة‪ ،‬وهي ً‬
‫(ﺍلبلوﻍ ﻭﺍلعقل) هذان الشرطان األول والثاين‪.‬‬
‫أي ال جتب اجلزية على صيب وال جمنون وال يصح عقدها هلما‪.‬‬
‫(ﻭﺍلحرية) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫أي ال جتب اجلزية على مملوك وال يصح عقدها له‪.‬‬
‫(ﻭﺍلذكوﺭﺓ) هذا الشرط الرابع‪.‬‬
‫أي ال جتب اجلزية على امرأة وال يصح عقدها هلا‪.‬‬
‫(ﻭﺃﻥ يكوﻥ من ﺃهل ﺍلكتاﺏ ﺃﻭ ممن له شبهة كتاﺏ) هذا الشرط اخلامس‪.‬‬
‫أي أن يكون البالغ العاقل احلر الذكر من أهل الكتاب وهم‪ :‬اليهود والنصارى‪ ،‬أو‬
‫ممن له شبهة كتاب وهم‪ :‬اجملوس‪ ،‬ألهنم يزعمون أن هلم كتابًا باقيًا وليس كذلك‪،‬‬
‫وعلى هذا فال جتب اجلزية وال يصح عقدها للبالغ العاقل احلر الذكر إذا مل يكن‬
‫من أهل الكتاب أو ممن له شبهة كتاب‪ ،‬بل ال يقبل منه إال اإلسالم‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن قدر اجلزية‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺃقل ﺍلجزية ﺩيناﺭ في كل حوﻝ) أي أقل القدر الواجب يف اجلزية‬
‫موسرا‪،‬‬
‫دينار يُدفع آخر كل سنة‪ ،‬سواء كان الدافع معسًرا أو متوسطًا أو ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪464‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ض ًَل َعن ِم ْق َدا ِر ال ِ‬


‫ْج ْزيَِة(‪.)1‬‬ ‫ط َعلَْي ِه ُم الضِّيَافَةَ فَ ْ ْ‬ ‫وز أَ ْن يَ ْشتَ ِر َ‬
‫َويَ ُج ُ‬
‫َعلَْي ِه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اء‪ :‬أَ ْن يُ َؤدُّوا الْج ْزيَةَ‪َ ،‬وأَ ْن تَ ْج ِر َ‬
‫ي‬ ‫ض َّم ُن َع ْق ُد الْج ْزيَة أ َْربَ َعةَ أَ ْشيَ َ‬‫َويَتَ َ‬
‫َما فِ ِيه‬ ‫اْل ْس ََلِم َّإْل بِ َخ ْي ٍر‪َ ،‬وأَ ْن َْل يَ ْف َعلُوا‬
‫ين ِْ‬ ‫ِ‬
‫اْل ْس ََلِم‪َ ،‬وأَ ْن َْل يَ ْذ ُك ُروا د َ‬ ‫ام ِْ‬‫َح َك ُ‬
‫أْ‬
‫ين(‪.)2‬‬ ‫ِِ‬
‫ض َرٌر َعلَى ال ُْم ْسلم َ‬ ‫َ‬

‫(ﻭيؤخذ من ﺍلمتوسط ﺩيناﺭﺍﻥ ﻭمن ﺍلموسر ﺃﺭبعة ﺩنانير استحبابا) أي‬


‫يُستحب لإلمام أن يزيد على املتوسط والغين يف مقدار اجلزية؛ فيأخذ دينارين‬
‫من املتوسط وأربعة دنانري من الغين‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬ضابط املوسر واملتوسط واملعسر هنا‪ :‬ما تقدم يف فصل النفقة‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن اشرتاط الضيافة على أهل الذمة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيجوﺯ) أي يستحب لإلمام (ﺃﻥ يشترﻁ عليهم) أي على أهل الذمة‬
‫غري الفقراء (ﺍلضيافة) أي أن يضيفوا من َمر هبم من املسلمني ثالثة أيام فأقل‬
‫فضَل عن مقدﺍﺭ ﺍلجزية) أي وتكون هذه الضيافة زائدة على ما يدفعونه من‬ ‫( ً‬
‫جزية‪ ،‬ويشرتط رضاهم بالضيافة فإذا مل يرضوا مل يشرتطها عليهم‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن عدد األشياء اليت يتضمنها عقد اجلزية‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيتضمن عقد ﺍلجزية ﺃﺭبعة ﺃشياﺀ) أي عدد األشياء اليت يستلزمها‬
‫عقد اجلزية أربعة‪.‬‬
‫(ﺃﻥ يؤﺩﻭﺍ ﺍلجزية) أي الشيء األول‪ :‬أن يدفع أهل الذمة اجلزية آخر كل عام‪.‬‬
‫(وأن تجري عليهم أحكام اْلسَلم) أي الشيء الثاين‪ :‬أن ينقادوا ألحكام اإلسالم‬
‫ضمنون ما يتلفونه على املسلمني من نفس أو مال‪ ،‬وكذلك نضمن‬ ‫اليت يعتقدوهنا‪ ،‬فيَ َ‬
‫ما نتلفه عليهم من نفس أو مال‪ ،‬ويؤاخذون مبا يعتقدون حترميه كالزنا والسرقة فيقام‬
‫عليهم حدُّمها‪ ،‬أما إذا فعلوا ما ال يعتقدون حترميه كشرب اخلمر فال حد عليهم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪465‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْخ ْي ِل(‪.)1‬‬ ‫الزنَّا ِر‪َ ،‬ويُ ْمنَ عُو َن ِم ْن رُك ِ‬


‫وب ال َ‬ ‫س ال ِْغيَا ِر َو َش ِّد ُّ‬
‫َويُ َع َّرفُو َن بِلُْب ِ‬
‫ُ‬

‫(ﻭﺃﻥ لا يذكرﻭﺍ ﺩين ﺍلإسلاﻡ ﺇلا بخير) أي الشيء الثالث‪ :‬أن ال يصدر منهم‬
‫قول فيه طعن يف اإلسالم‪ ،‬ويدخل يف ذلك الطعن يف القرآن الكرمي أو‬
‫الرسول‪.‬‬
‫(ﻭﺃﻥ لا يفعلوﺍ ما فيه ضرﺭ على ﺍلمسلمين) أي الشيء الربع‪ :‬أن ال يصدر‬
‫ؤووا من‬ ‫منهم فعل حيصل به ضرر على املسلمني‪ ،‬مثل أن يقاتلوا املسلمني أو يُ ُ‬
‫يتجسس عليهم‪.‬‬
‫وإذا مل ُِخيل أهل الذمة هبذه األشياء يلزم املسلمني الكف عنهم‪ ،‬فال يُتعرض‬
‫أيضا دفع العدو عنهم‪ ،‬أما إذا أ َخلُّوا‬ ‫هلم مبا يؤذيهم يف أنفسهم وأمواهلم‪ ،‬ويَ َلزم ً‬
‫بشيء مما سبق فينتقض عهدهم إال إذا أخلُّوا بالشيء الثالث فال ينتقض‬
‫عهدهم باإلخالل به إال إذا شرط عليهم اإلمام االنتقاض بذلك‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن أمور خيتص هبا أهل الذمة عن املسلمني‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيعرفوﻥ) أي يؤمر أهل الذمة أن يتميزوا عن املسلمني بأحد أمرين‪:‬‬
‫(بلبس ﺍلغياﺭ) أي األمر األول‪ :‬أن يلبسوا الغِيار ـ بكسر الغني ـ وهو‪ :‬أن‬
‫خييط شيئًا على ثوبه خيالف لونه لون الثوب‪ ،‬ويكون ذلك مبوضع ال يعتاد‬
‫الزنار ـ بضم‬ ‫اخلياطة عليه كالكتف‪( .‬ﻭشد ﺍلزناﺭ) أي األمر الثاين‪ :‬أن يشدوا ُّ‬
‫الزاي ـ وهو‪ :‬خيط غليظ يُ َش ُّد به الوسط ُجيعل فوق الثياب‪.‬‬
‫(ﻭيمنعوﻥ من ﺭكوﺏ ﺍلخيل) أي ُمينَع أهل الذمة من أن يركبوا اخليل يف بالد‬
‫املسلمني‪ ،‬وأما غري اخليل من الدواب كاحلمري فال ُمينَعون من ركوهبا‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪466‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َّ‬ ‫َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫كتاب الصيد والذبائح‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب الثاين من قسم املكمالت‪.‬‬


‫تعريف الصيد والذبائح‪:‬‬
‫الصيد‪ :‬مصدر صاد‪ ،‬مث أُطلِق على املصيد‪ ،‬وهو‪ :‬كل حيوان وحشي حيل‬
‫أكله‪ ،‬بريًّا كالغزال‪ ،‬أو حبريًا كالسمك‪.‬‬
‫والذبائح‪ :‬مجع ذبيحة أي مذبوحة‪ ،‬وهي‪ :‬كل حيوان إنسي حيل أكله‪ ،‬كبهيمة‬
‫األنعام‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬كتاب الصيد والذبائح مكمل لقسم العبادات‪ ،‬ولقسم األموال؛ فهو‬
‫مكمل لقسم العبادات ألن من الذبائح األضحية والعقيقة ومها عبادتان‪،‬‬
‫ومكمل لقسم األموال ألن الصيد والذبائح من مجلة األموال‪.‬‬
‫عدد فصول هذا الكتاب‪:‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربعة فصول‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪467‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الذكاة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب الصيد والذبائح‪.‬‬


‫واملؤلف مل يذكر هذا الفصل‪ ،‬وإمنا ذكرته بناء على احملتوى الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الذكاة‪.‬‬
‫تعريف الذكاة‪:‬‬
‫الذكاة لغة‪ :‬التتميم‪.‬‬
‫وشرعا هي‪ :‬الذبح فيما يذبح والصيد فيما يصاد‪ ،‬مسي بذلك ملا فيه من تتميم‬ ‫ً‬
‫إباحة أكل حلم احليوان الذي ميوت هبا‪.‬‬
‫أركان الذكاة‪:‬‬
‫أركان الذكاة أربعة‪:‬‬
‫املذكي‪ ،‬وهو‪ :‬الذابح والصائد‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬املذكى‪ ،‬وهو‪:‬‬ ‫الركن األول‪ِّ :‬‬
‫املذبوح واملصاد‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬التذكية‪ ،‬وهي‪ :‬الذبح والصيد‪ ،‬والركن الرابع‪:‬‬
‫آلة التذكية‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مثاين مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪468‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َوَما قُ ِد َر َعلَى ذَ َكاتِِه فَ َذ َكاتُهُ فِي َحل ِْق ِه َولَبَّتِ ِه‪َ ،‬وَما لَ ْم يُ ْق َد ْر َعلَى ذَ َكاتِِه فَ َذ َكاتُهُ‬
‫ث قُ ِد َر َعلَْي ِه(‪.)1‬‬
‫َع ْق ُرهُ َح ْي ُ‬
‫ِ‬ ‫الذ َكاةِ أَرب عة أَشياء‪ :‬قَطْع ال ِ‬
‫ْح ْل ُقوم‪َ ،‬وال َْم ِريء‪َ ،‬وال َْو َد َج ْي ِن‪َ .‬وال ُْم ْج ِز ُ‬
‫ئ‬ ‫ال َّ َْ َ ُ ْ َ َ ُ ُ‬ ‫َوَك َم ُ‬
‫يء(‪.)2‬‬ ‫وم والْم ِر ِ‬ ‫ان‪ :‬قَطْع ال ِ‬ ‫ِم ْن َها َش ْيئَ ِ‬
‫ْح ْل ُق َ َ‬ ‫ُ ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن ذكاة احليوان‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭما قدﺭ) أي واحليوان الربي املقدور (على ﺫكاته) أي ذحبه‪ ،‬سواء كان‬
‫متوح ًشا كالغزال (فذكاته في حلقه ﻭلبته) أي فذكاته تكون‬ ‫إنسيًّا كالغنم أو ِّ‬
‫بذحبه يف احللق وهو‪ :‬أعلى العنق‪ ،‬أو يف اللبة وهي‪ :‬أسفل العنق؛ فالذكاة يف‬
‫احللق تسمى ذحبًا‪ ،‬وتستحب إذا كان احليوان قصري الرقبة‪ ،‬كالغنم‪ ،‬والذكاة يف‬
‫حنرا‪ ،‬وتستحب إذا كان احليوان طويل الرقبة كاإلبل‪ ،‬وعلى هذا لو‬ ‫اللبة تسمى ً‬
‫أُثْبِت الصيد كالغزال بالشباك فإن ذكاته بالذبح ألنه مقدور عليه‪( .‬ﻭما لم‬
‫يقدﺭ) أي واحليوان الربي غري املقدور (على ﺫكاته) أي ذحبه‪ ،‬سواء كان‬
‫متوح ًشا كالغزال أو إنسيًّا كاإلبل (فذكاته عقره حيث قدﺭ عليه) أي فذكاته‬ ‫ِّ‬
‫تكون بعقره يف أي موضع من جسده‪ ،‬والعقر هو‪ :‬القتل باجلرح‪ ،‬وعلى هذا لو‬
‫نَد بعري ـ ـ أي هرب ـ ـ ومل يقدر على إيقافه وإمساكه‪ ،‬فذكاته تكون بعقره يف أي‬
‫موضع من جسده‪ ،‬ومثله الصيد كالغزال‪ ،‬وأما احليوان البحري فيحل أكله بال‬
‫ذكاة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن الذكاة الكاملة واجملزئة يف احليوان املقدور عليه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭكماﻝ ﺍلذكاﺓ ﺃﺭبعة ﺃشياﺀ) أي عدد األشياء اليت يتحقق هبا الذبح‬
‫الكامل وهو املشتمل على الواجب واملستحب أربعة أشياء‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪469‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِح الطَّْي ِر(‪.)1‬‬‫ْسبَ ِاع َوِم ْن َج َوار ِ‬ ‫اد بِ ُك ِّل جا ِرح ٍة معلَّم ٍة ِمن ال ِ‬
‫َ َ َُ َ ْ‬ ‫ص ِطيَ ُ‬ ‫وز ِاْل ْ‬
‫َويَ ُج ُ‬
‫ت‬ ‫ت‪َ ،‬وإذَا ُزِج َر ْ‬ ‫استَ ْر َسلَ ْ‬‫ت ْ‬ ‫يم َها أ َْربَ َعةٌ‪ :‬أَ ْن تَ ُكو َن إذَا أ ُْر ِسلَ ْ‬ ‫ط تَ ْعلِ ِ‬
‫َو َش َرائِ ُ‬
‫ك ِم ْن َها‪ .‬فَِإ ْن‬ ‫صي ًدا لَ ْم تَأْ ُك ْل ِم ْنهُ َش ْيئًا‪َ ،‬وأَ ْن يَتَ َك َّرَر ذَلِ َ‬‫ت‪َ ،‬وإذَا قَ تَ لْت َ‬ ‫انْ َز َج َر ْ‬
‫الش َرائ ِط لَ ْم يَ ِح َّل َما أ َ‬
‫َخ َذتْهُ َّإْل أَ ْن يُ ْد َر َك َحيًّا فَ يُ َذ َّكى(‪.)2‬‬ ‫ت إِ َح َدى َّ‬ ‫عُ ِد َم ْ‬

‫(قطع ﺍلحلقوﻡ) أي الشيء األول‪ :‬قطع مجيع احللقوم‪ ،‬وهو‪ :‬جمرى النفس‪.‬‬
‫(ﻭﺍلمرﻱﺀ) أي الشيء الثاين‪ :‬قطع مجيع املريء‪ ،‬وهو‪ :‬جمرى الطعام والشراب‪.‬‬
‫(ﻭﺍلوﺩجين) أي الشيئان الثالث والرابع‪ :‬قطع مجيع الودجني‪ ،‬ومها‪ :‬عرقان يف‬
‫جانيب العنق حميطان باحللقوم‪.‬‬
‫(ﻭﺍلمجزﺉ منها شيئاﻥ) أي عدد األشياء اليت يتحقق هبا الذبح الكايف اثنان‪.‬‬
‫(قطع ﺍلحلقوﻡ) أي الشيء األول‪ :‬قطع مجيع احللقوم‪.‬‬
‫(ﻭﺍلمرﻱﺀ) أي الشيء الثاين‪ :‬قطع مجيع املريء‪ ،‬وعلى هذا فقطع احللقوم‬
‫واملريء دفعة واحدة واجب ال حتل الذبيحة إال به‪ ،‬وقطع الودجني مستحب‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن حكم الصيد باحليوان‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيجوﺯ ﺍلاصطياﺩ) أي يباح الصيد (بكل جاﺭحة معلمة) أي إذا كان‬
‫املصطاد به جارحة معلمة‪ ،‬واجلارحة هي احليوان الذي جيرح الصيد بنابه أو‬
‫مبخلبه‪ ،‬ومعىن معلمة أي عُلِّمت كيفية الصيد‪( ،‬من ﺍلسباﻉ ﻭمن جوﺍﺭﺡ‬
‫ﺍلطير) أي سواء كانت اجلارحة املعلمة من السباع وهي اليت تصيد بناهبا‬
‫كالكلب والفهد‪ ،‬أو كانت من جوارح الطري وهي اليت تصيد مبخلبها كالصقر‬
‫والبازي‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن عدد شروط تعليم اجلارحة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪470‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ح َّإْل بِ ِّ‬
‫الس ِّن َوالظُّْف ِر(‪.)1‬‬ ‫وز َّ ِ‬
‫الذ َكاةُ ب ُك ِّل َما يَ ْج َر ُ‬ ‫َوتَ ُج ُ‬

‫قوله‪( :‬ﻭشرﺍئط تعليمها ﺃﺭبعة) أي عدد شروط تعليم اجلارحة سواء كانت من‬
‫السباع أو من جوارح الطري أربعة‪.‬‬
‫(ﺃﻥ تكوﻥ ﺇﺫﺍ ﺃﺭسلت ﺍسترسلت) هذا الشرط األول‪.‬‬
‫أي أن تكون اجلارحة حبيث إذا أطلقها صاحبها هاجت وانطلقت‪.‬‬
‫(ﻭﺇﺫﺍ ﺯجرﺕ ﺍنزجرﺕ) هذا الشرط الثاين‪.‬‬
‫أي أن تكون اجلارحة حبيث إذا كفها صاحبها كفت ووقفت‪ ،‬واملعتمد يف‬
‫املذهب أن هذا شرط يف تعليم اجلارحة من السباع فقط دون اجلارحة من الطري‪.‬‬
‫(ﻭﺇﺫﺍ قتلت صي ًدﺍ لم تأكل منه شيئًا) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫أي أن ال تأكل اجلارحة من الصيد شيئًا قبل قتله أو بعده‪.‬‬
‫(ﻭﺃﻥ يتكرﺭ ﺫلك منها) هذا الشرط الرابع‪.‬‬
‫أي أن يتكرر حصول هذه األمور منها أكثر من مرة حبيث يظن تأدهبا‪.‬‬
‫(فإﻥ عدمت إحدى ﺍلشرﺍئط) أي إذا فقد أحد هذه الشروط أربعة مثل أن‬
‫تأكل اجلارحة من الصيد (لم يحل ما ﺃخذته) أي مل حيل الصيد الذي قتلته‬
‫(ﺇلا ﺃﻥ يدﺭﻙ حيًّا) أي يستثىن من ذلك إذا ُوِجد الصيد الذي أخذته اجلارحة‬
‫غري املعلمة وهو حي حياة مستقرة (فيذكى) أي فيذبح فإنه حيل حينئذ‪ ،‬ألن‬
‫ذكاة املقدور عليه ذحبه‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن اآللة اليت يذكى هبا‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭتجوﺯ ﺍلذكاﺓ) أي يباح الذبح والصيد (بكل ما يجرﺡ) أي بكل‬
‫شيء حمدد ينهر الدم حبدِّه‪ ،‬كالسكني والسهم‪ ،‬وعليه فال جتوز الذكاة باملثقل‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪471‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وسي َوَْل َوثَنِي(‪.)1‬‬ ‫وتَ ِح ُّل ذَ َكاةُ ُك ِّل مسلِ ٍم وكِتَابِي‪ ،‬وَْل تَ ِح ُّل ذَ َكاةُ مج ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫وذَ َكاةُ ال ِ‬
‫وج َد َحيًّا فَ يُ َذ َّكى(‪.)2‬‬ ‫ْجني ِن بِ َذ َكاة أ ُِّمه َّإْل أَ ْن يُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ور ال ُْم ْنتَ َف َع بِ َها فِي ال َْم َفا ِر ِ‬
‫ش َوال َْم ََلبِ ِ‬
‫س‬ ‫ت َّإْل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشعُ َ‬ ‫َوَما قُط َع م ْن َحي فَ ُه َو َميِّ ٌ‬
‫َوغَْي ِرَها(‪.)3‬‬

‫الصيد حبجر فقتله فإنه ال حيل‪( ،‬ﺇلا بالسن‬‫وهو ما يقتل بثقله‪ ،‬وعليه فلو رمى َ‬
‫ﻭﺍلظفر) أي يستثىن من احملدد شيئان السن والظفر فال جتوز الذكاة هبا‪ ،‬سواء‬
‫كانت متصلة باحليوان أو منفصلة عنه‪ ،‬ويلحق بالسن والظفر باقي العظام فال‬
‫جتوز الذكاة هبا‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬ما قتلته اجلارحة املعلمة بناهبا أو ظفرها حالل‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن من حتل ذكاته ومن ال حتل‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭتحل ﺫكاﺓ كل مسلم ﻭكتابي) أي يباح أكل ذبيحة وصيد أي‬
‫كرا أو أنثى بالغًا‬
‫مسلم وأي يهودي أو نصراين‪ ،‬سواء كان املسلم أو الكتايب ذ ً‬
‫أو صبيًّا‪( ،‬ﻭلا تحل ﺫكاة مجوسي ﻭلا ﻭثني) أي حيرم أكل ذبيحة وصيد‬
‫اجملوسي والوثين وهو عابد األوثان‪ ،‬ويلحق هبما املرتد والكافر غري الكتايب‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة السابعة‪ ،‬وهي عن ذكاة اجلنني‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺫكاﺓ ﺍلجنين بذكاﺓ ﺃمه) أي حتصل ذكاة اجلنني بذكاة أمه‪ ،‬سواء‬
‫كانت ذكاهتا بذحبها أو صيدها‪ ،‬وعلى هذا لو ذحبت شاة ووجد يف بطنها‬
‫جنني ميت فإنه حيل أكله (ﺇلا ﺃﻥ يوجد حيا فيذكى) أي يستثىن من ذلك إذا‬
‫خرج اجلنني وبه حياة مستقرة فإنه ال حيل أكله إال بذحبه‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثامنة‪ ،‬وهي عن حكم اجلزء املقطوع من احليوان يف حال حياته‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪472‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬ﻭما قطع من حي فهو ميت) أي اجلزء املقطوع من احليوان يف حال‬


‫حياته حكمه أنه كميتة ذلك احليوان‪ ،‬فيكون طاهرا من اآلدمي والسمك‬
‫واجلراد‪ ،‬وجنسا من غريها من احليوانات‪ ،‬وعليه فلو قطعت يد شاة يف حال‬
‫حياهتا فإنه حيرم أكلها ألهنا جنسة (إْل الشعور المنتفع بها في المفارش‬
‫والمَلبس وغيرها) أي يستثىن من ذلك الشعر املنفصل من احليوان املأكول‬
‫كالشاة‪ ،‬فإنه طاهر‪ ،‬ويلحق بالشعر الصوف والوبر والريش‪ ،‬وأما الشعر‬
‫املنفصل من احليوان غري املأكول كاحلمار فإنه جنس‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪473‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام األطعمة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب الصيد والذبائح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام األطعمة‪.‬‬
‫تعريف األطعمة‪:‬‬
‫األطعمة‪ :‬مجع طعام‪ ،‬وهو املأكول واملشروب‪.‬‬
‫أقسام األطعمة‪:‬‬
‫األطعمة قسمان‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬األطعمة من احليوان‪ ،‬وهذا القسم هو الذي ذكر املؤلف ما حيل‬
‫وما حيرم تناوله منه‪.‬‬
‫والقسم الثاين‪ :‬األطعمة من غري احليوان‪ ،‬فيحل تناول ما ليس بضار وال‬
‫تقذرا‪ ،‬سواء كان‬
‫ضارا كالزجاج أو مس ً‬ ‫مستقذر منه‪ ،‬وعلى هذا فيحرم ما كان ًّ‬
‫جنسا كالدم‪ ،‬وهذا القسم مل يذكره املؤلف‪.‬‬
‫طاهرا كاملخاط أو ً‬
‫ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخس مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪474‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يم ِه(‪.)1‬‬
‫الشرعُ بِتَ ْح ِر ِ‬
‫ب فَ ُه َو َح ََل ٌل‪َّ ،‬إْل َما َوَر َد َّ ْ‬ ‫استَطَابَ ْتهُ ال َْع َر ُ‬
‫ان ْ‬‫وُك ُّل حي و ٍ‬
‫َ ََ َ‬
‫احتِ ِه(‪.)2‬‬
‫الش ْرعُ بِِإبَ َ‬
‫ب فَ ُه َو َح َر ٌام‪َّ ،‬إْل َما َوَر َد َّ‬
‫استَ ْخبَثَْتهُ ال َْع َر ُ‬
‫ان ْ‬‫وُك ُّل حي و ٍ‬
‫َ ََ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َويَ ْح ُرُم ِم ْن ِّ‬
‫ي يَ ْع ُدو بِه‪َ .‬ويَ ْح ُرُم م ْن الطُّيُوِر َما لَهُ م ْخلَ ٌ‬
‫ب‬ ‫اب قَ ِو ٌّ‬
‫السبَ ِاع َما لَهُ نَ ٌ‬
‫ح بِ ِه(‪.)3‬‬ ‫قَ ِو ٌّ‬
‫ي يَ ْج َر ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم احليوان الذي استطابته العرب‪.‬‬
‫واملراد بالعرب هنا‪ :‬أهل الغىن واخلصب والطباع السليمة منهم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭكل حيوﺍﻥ ﺍستطابته ﺍلعرﺏ فهو حلاﻝ) أي األصل يف أي حيوان‬
‫احلل‪ ،‬مثل هبيمة األنعام (ﺇلا ما ﻭﺭﺩ ﺍلشرﻉ بتحريمه) أي‬ ‫عده العرب طيبًا ُّ‬
‫حالال‪ ،‬مثل‬
‫يستثىن من ذلك احليوان الذي جاء الشرع بتحرميه‪ ،‬فإنه ال يكون ً‬
‫احلمار األهلي‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن حكم احليوان الذي استخبثته العرب‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭكل حيوﺍﻥ ﺍستخبثته ﺍلعرﺏ فهو حرﺍﻡ) أي األصل يف أي حيوان‬
‫عده العرب خبيثًا احلرمة‪ ،‬مثل احلشرات (ﺇلا ما ﻭﺭﺩ ﺍلشرﻉ بإباحته) أي‬
‫يستثىن من ذلك احليوان الذي جاء الشرع حبله‪ ،‬فإنه ال يكون حر ًاما‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن ما حيرم من السباع والطري‪.‬‬
‫(ﻭيحرﻡ من ﺍلسباﻉ ما له ناﺏ قوﻱ يعدﻭ به) أي حترم الدواب اليت هلا‬
‫أنياب قوية تسطو هبا على فريستها وتصيدها‪ ،‬كالكلب واألسد واهلرة‪ ،‬ويفهم‬
‫من كالم املؤلف‪ :‬أنه حيل أكل ما له ناب ضعيف ال يعدو به كالضبع‪.‬‬
‫(ﻭيحرﻡ من ﺍلطيوﺭ ما له مخلب قوﻱ يجرﺡ به) أي حترم الطيور اليت هلا‬
‫أظفار قوية جترح هبا فريستها وتصيدها‪ ،‬كالصقر والنسر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪475‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫س ُّد بِ ِه َرَم َقهُ(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضطَِّر فِي الْم ْخم ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫صة أَ ْن يَأْ ُك َل م َن ال َْم ْيتَة ال ُْم َح َّرَمة َما يَ ُ‬
‫َ َ َ‬ ‫ْم ْ‬ ‫َويَح ُّل لل ُ‬
‫ال(‪.)2‬‬ ‫ان َح ََل َْل ِن‪ :‬الْ َكبِ ُد َوالطِّ َح ُ‬ ‫اد‪ ،‬و َدم ِ‬
‫ْج َر ُ َ َ‬ ‫ك َوال َ‬ ‫ان َح ََل َْل ِن‪َّ :‬‬
‫الس َم ُ‬ ‫وم ْيتَتَ ِ‬
‫ََ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن املضطر إىل أكل امليتة‪.‬‬


‫واملضطر‪ :‬من وقع يف الضرورة بأن خاف على نفسه اهلالك من عدم األكل ومل‬
‫حالال‪.‬‬
‫طعاما ً‬‫جيد ً‬
‫قوله‪( :‬ﻭيحل للمضطر) أي يباح له (في ﺍلمخمصة) أي يف حال اجملاعة (ﺃﻥ‬
‫يأكل من ﺍلميتة ﺍلمحرمة) أي كميتة الشاة واحلمار‪ ،‬وأما امليتة احلالل كميتة‬
‫السمك‪ ،‬فيحل أكلها للمضطر ولغريه‪( ،‬ما يسد به ﺭمقه) أي يأكل منها‬
‫بقدر ما يبقي به روحه‪ ،‬ويأمن به من املوت‪ ،‬وال جيوز له ال ِّشبَ ُع‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عما حيل من امليتة والدم‪.‬‬
‫وامليتة هي‪ :‬كل حيوان مات بغري ذكاة شرعية‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وميتتان حَلْلن السمك والجراد) أي األصل يف امليتة حرمة أكلها‪ ،‬لكن‬
‫يباح أكل ميتتان مها ميتة السمك وميتة اجلراد‪ ،‬واملراد بالسمك احليوان الذي ال‬
‫يعيش إال يف املاء‪( .‬ﻭﺩماﻥ حلالاﻥ ﺍلكبد ﻭﺍلطحاﻝ) أي األصل يف الدم حرمة‬
‫تناوله‪ ،‬لكن يباح تناول دمني مها الكبد والطحال‪ ،‬فإن أصلهما دم متجمد‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬يُعلَم من كالم املؤلف أن احليوان على قسمني‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬ما ال يؤكل كاحلمار األهلي‪ ،‬فيحرم أكله سواء ذُِّكي أو مل يُ َذك‪،‬‬
‫ألن ذكاته ال تفيد شيئًا‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬ما يؤكل‪ ،‬وهو نوعان‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬ما حترم ميتته كبهيمة األنعام‪ ،‬فال حيل إال بالذكاة الشرعية‪.‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬ما حتل ميتته كالسمك واجلراد‪ ،‬فيحل مطل ًقا‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪476‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام األضحية‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث من كتاب الصيد والذبائح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام األضحية‪.‬‬
‫تعريف األضحية‪:‬‬
‫األضحية لغة‪ :‬مشتقة من الضحوة‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬ما يذبح من األنعام تقربًا هلل تعاىل يوم عيد النحر وأيام التشريق؛ مسيت‬
‫ً‬
‫بذلك ألن أول وقت ذحبها ضحى يوم النحر‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن تسع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪477‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ض ِحيَّةُ ُسنَّةٌ ُم َؤَّك َدةٌ(‪.)1‬‬ ‫َو ْاْلُ ْ‬


‫ْن‪َ ،‬والثَّنِ ُّي ِم َن ال َْم ْع ِز‪َ ،‬والثَّنِ ُّي ِم َن ِْ‬
‫اْلبِ ِل‪َ ،‬والثَّنِ ُّي‬ ‫ْج َذعُ ِم َن َّ‬
‫الضأ ِ‬
‫ئ ف َيها ال َ‬
‫ويج ِز ُ ِ‬
‫َُ ْ‬
‫ِم َن الْبَ َق ِر(‪.)2‬‬
‫اح ٍد(‪.)3‬‬ ‫الشاةُ عن و ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ئ الْبَ َدنَةَ َع ْن َس ْب َعة‪َ ،‬والْبَ َق َرةُ َع ْن َس ْب َعة‪َ ،‬و َّ َ ْ َ‬ ‫َوتُ ْج ِز ُ‬
‫َّحايَا‪ :‬ال َْع ْوَراءُ الْبَ يِّ ُن َع َوُرَها‪َ ،‬وال َْع ْر َجاءُ الْبَ يِّ ُن َع َر ُج َها‪،‬‬ ‫وأَربع َْل تُج ِز ُ ِ‬
‫ئ في الض َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ ٌ‬
‫ُّها ِم ْن ال ُْه َز ِال(‪.)4‬‬
‫ب ُمخ َ‬ ‫َِّ‬
‫ض َها‪َ ،‬وال َْع ْج َفاءُ التي ذَ َه َ‬ ‫َوال َْم ِر َ‬
‫يضةُ الْبَ يِّ ُن َم َر ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم األضحية‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭﺍلأضحية سنة مؤكدﺓ) أي حكم التضحية أهنا سنة مؤكدة‪ ،‬وال جتب إال‬
‫بالنذر‪ .‬ومعىن سنة‪ :‬مستحبة‪ ،‬ومقتضى أهنا مؤكدة يكره تركها للقادر عليها‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن أقل السن اجملزئ يف األضحية‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيجزﺉ فيها) أي يف األضحية (ﺍلجذﻉ من ﺍلضأﻥ ﻭﺍلثني من ﺍلمعز‬
‫ﻭﺍلثني من ﺍلإبل ﻭﺍلثني من ﺍلبقر) أي إذا كانت األضحية من الضأن فأقله‬
‫اجلذع‪ ،‬وأما إذا كانت من غريه أي من اإلبل أو البقر أو املعز فأقله الثين‪،‬‬
‫واجلذع من الضأن‪ :‬ما جتاوز سنة‪ ،‬والثين من املعز ومن البقر‪ :‬ما جتاوز سنتني‪،‬‬
‫ومن اإلبل‪ :‬ما جتاوز مخس سنني‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن االشرتاك يف األضحية‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭتجزﺉ ﺍلبدنة عن سبعة ﻭﺍلبقرﺓ عن سبعة) أي جيزئ اشرتاك سبعة‬
‫أشخاص يف التضحية ببدنة واحدة أو بقرة واحدة‪( ،‬ﻭﺍلشاﺓ عن ﻭﺍحد) أي ال‬
‫جتزئ الشاة الواحدة إال عن شخص واحد‪ ،‬وعلى هذا فال جيزئ االشرتاك فيها‪.‬‬
‫(‪ )4‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن األضحية املعيبة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪478‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ب(‪.)1‬‬ ‫وعةُ ْاْلُذُ ِن َو َّ‬


‫الذنَ ِ‬ ‫ور الْ َق ْر ِن‪َ ،‬وَْل تُ ْج ِز ُ‬
‫ئ ال َْم ْقطُ َ‬ ‫س ُ‬
‫ئ ال َ ِ‬
‫ْخص ُّي َوال َْم ْك ُ‬ ‫َويُ ْج ِز ُ‬

‫واألضحية املعيبة قسمان‪:‬‬


‫القسم األول‪ :‬املعيبة بغري قطع جزء منها‪ ،‬وهي اليت عناها املؤلف هبذه املسألة‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬املعيبة بقطع جزء منها‪ ،‬وهي اليت عناها املؤلف باملسألة التالية‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺃﺭبع لا تجزﺉ في ﺍلضحايا) أي عدد األضاحي اليت ال يصح‬
‫التضحية هبا بسبب عيبها أربع‪.‬‬
‫(ﺍلعوﺭﺍﺀ) أي األوىل‪ :‬اليت تبصر بعني واحدة (البيِّن عورها) أي املتضح عورها‪،‬‬
‫كثريا‪ ،‬ويفهم من هذا عدم إجزاء العمياء بطريق األوىل‪.‬‬
‫وذلك بأن يكون ً‬
‫(ﻭﺍلعرجاﺀ ﺍلبين عرجها) أي الثانية‪ :‬اليت هبا عرج شديد‪ ،‬حبيث تسبقها‬
‫صواحبها إىل املرعى وتتخلف هي عنهن‪.‬‬
‫(ﻭﺍلمريضة ﺍلبين مرضها) أي الثالثة‪ :‬املريضة الشديدة املرض‪ ،‬حبيث يظهر‬
‫بسببه هزاهلا وفساد حلمها‪.‬‬
‫ومفهوم كالم املؤلف‪ :‬أن اليسري من العور والعرج واملرض ال يضر يف األضحية‪.‬‬
‫(ﻭﺍلعجفاﺀ) أي الرابعة‪ :‬اهلزيلة (ﺍلتي ﺫهب مخها من ﺍلهزﺍﻝ) أي اليت ال مخ‬
‫يف عظامها لشدة هزاهلا‪ ،‬فليس فيها حلم‪ ،‬إمنا هي عظام جمتمعة‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن األضحية املقطوع جزء منها‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيجزﺉ ﺍلخصي ﻭﺍلمكسوﺭ ﺍلقرﻥ) أي جتزئ األضحية إذا كان اجلزء‬
‫املقطوع منها خصيتيها أو قرهنا‪( ،‬ﻭلا تجزﺉ ﺍلمقطوعة ﺍلأﺫﻥ ﻭﺍلذنب) أي‬
‫ال جتزئ األضحية إذا كان اجلزء املقطوع منها أذهنا أو ذيلها‪ ،‬ويشري املؤلف‬
‫هبذا إىل أن ضابط األضحية اجملزئة سالمتها من أي عيب يُن ِقص حلمها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪479‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫س ِمن ِ‬
‫آخ ِر أَيَّ ِام‬ ‫يد إلَى غُر ِ‬ ‫ْت ص ََلةِ ال ِْع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْت َّ ِ‬
‫الش ْم ِ ْ‬ ‫وب َّ‬ ‫ُ‬ ‫الذبْ ِح‪ :‬م ْن َوق َ‬ ‫َوَوق ُ‬
‫التَّ ْش ِر ِيق(‪.)1‬‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫الص ََلةُ َعلَى النَّبِ ِّي َ‬‫َّس ِميَةُ‪َ ،‬و َّ‬
‫اء‪:‬الت ْ‬‫سةُ أَ ْشيَ َ‬ ‫ب ِع ْن َد َّ‬
‫الذبْ ِح َخ ْم َ‬ ‫َويُ ْستَ َح ُّ‬
‫الد َعاء بِالْ َقبُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذبِ ِ‬ ‫َعلَي ِه وسلَّم‪ ،‬واستِ ْقب ُ ِ ِ‬
‫ول(‪.)2‬‬ ‫يحة‪َ ،‬والتَّ ْكب ُير‪َ ،‬و ُّ ُ‬‫ال الْق ْب لَة بِ َّ َ‬ ‫ْ ََ َ َ ْ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن وقت ذبح األضحية‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭﻭقت ﺍلذبح) أي الزمن اجملزئ لذبح األضحية (من ﻭقت صلاﺓ‬
‫ﺍلعيد) أي أول وقته هو أن ميضي زمن بعد طلوع مشس يوم األضحى ميكن فيه‬
‫فعل صالة العيد وخطبتيه بأخف ما يكون‪ ،‬وليس املعترب مضي نفس الصالة‬
‫واخلطبتني‪ ،‬واألفضل تأخريها إىل ارتفاع الشمس قدر رمح‪( ،‬ﺇلى غرﻭﺏ‬
‫ﺍلشمس من ﺁخر ﺃياﻡ ﺍلتشريق ) أي آخر وقته هو هناية اليوم الثالث من أيام‬
‫التشريق وذلك بغروب مشسه‪ ،‬وعلى هذا فاأليام اليت جيزئ فيها الذبح أربعة‬
‫هنارا‬
‫أيام؛ يوم األضحى‪ ،‬وأيام التشريق الثالثة سواء كان الذبح يف هذه األيام ً‬
‫ليال‪ ،‬وعلى هذا فلو ذبح يف غري هذه األيام مل يقع أضحية‪.‬‬
‫أو ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة السابعة‪ ،‬وهي عن عدد األشياء اليت تستحب عند ذبح األضحية‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيستحب عند ﺍلذبح خمسة ﺃشياﺀ) أي عدد األشياء اليت تستحب‬
‫عند ذبح األضحية مخسة‪.‬‬
‫(ﺍلتسمية) أي الشيء األول‪ :‬أن يقول الذابح‪ :‬باسم اهلل‪ ،‬واألكمل بسم اهلل‬
‫الرمحن الرحيم‪.‬‬
‫(ﻭﺍلصلاﺓ على ﺍلنبي صلى ﺍلله عليه ﻭسلم) أي الشيء الثاين‪ :‬أن يصلي الذابح‬
‫ويسلم على النيب ‪ ‬بعد التسمية‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪480‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ورةِ‪َ ،‬ويَأْ ُك ُل ِم ْن ال ُْمتَطََّو ِع بِ َها‪،‬‬ ‫ض ِّحي َشيئًا ِمن ْاْلُ ْ ِ ِ‬


‫ضحيَّة ال َْم ْن ُذ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َوَْل يَأْ ُك ُل ال ُْم َ‬
‫يع ِم ْن ْاْلُ ْ‬
‫ض ِحيَّ ِة(‪.)1‬‬ ‫َوَْل يَبِ ُ‬
‫ين(‪.)2‬‬ ‫ويط ِْعم الْ ُف َقراء والْم ِ‬
‫ساك َ‬ ‫َُ ُ َ َ َ َ َ‬

‫(ﻭﺍستقباﻝ ﺍلقبلة بالذبيحة) أي الشيء الثالث‪ :‬أن يوجه الذابح مذحبها للقبلة‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ليمكنه االستقبال ً‬
‫(ﻭﺍلتكبير) أي الشيء الرابع‪ :‬أن يقول الذابح‪ :‬اهلل أكرب مرة قبل التسمية أو‬
‫بعدها‪ ،‬واألكمل أن يقوهلا ثالثًا قبل التسمية وبعدها‪.‬‬
‫(ﻭﺍلدعاﺀ بالقبوﻝ) أي الشيء اخلامس‪ :‬أن يقول الذابح‪ :‬اللهم هذه منك‬
‫وإليك فتقبل مين‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثامنة‪ ،‬وهي عن التصرف يف األضحية باألكل والبيع‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭلا يأكل ﺍلمضحي شيئا من ﺍلأضحية ﺍلمنذﻭﺭﺓ) أي ال جيوز‬
‫للمضحي أن يأكل شيئًا من األضحية اليت نذرها‪( ،‬ﻭيأكل من ﺍلمتطوﻉ بها)‬
‫أي يستحب له األكل من األضحية اليت تطوع هبا‪( .‬ﻭلا يبيع من ﺍلأضحية)‬
‫لدا أو‬
‫أي ال جيوز للمضحي أن يبيع شيئًا من األضحية‪ ،‬سواء كان حل ًما أو ج ً‬
‫متطوعا هبا‪.‬‬
‫ً‬ ‫غريمها‪ ،‬وسواء كانت منذورة أو‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة التاسعة‪ ،‬وهي عن التصدق باألضحية‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيطعم ﺍلفقرﺍﺀ ﻭﺍلمساكين) أي جيب على املضحي التصدق على‬
‫احملتاجني جبميع حلم األضحية املنذورة‪ ،‬وببعض حلم األضحية املتطوع هبا‪،‬‬
‫ويشرتط أن يكون اللحم نِيئًا‪ ،‬ويكفي أن يعطي و ً‬
‫احدا من احملتاجني‪ ،‬سواء‬
‫فقريا أو مسكينًا‪.‬‬
‫كان ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪481‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام العقيقة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع من كتاب الصيد والذبائح‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام العقيقة‪.‬‬
‫تعريف العقيقة‪:‬‬
‫العقيقة لغة‪ :‬اسم لشعر رأس املولود‪.‬‬
‫شرعا‪.‬‬
‫وسيذكر املؤلف تعريفها ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪482‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ود يَ ْوَم َسابِ ِع ِه(‪.)1‬‬


‫الذبِيحةُ َع ِن الْمولُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫َوال َْعقي َقةُ ُم ْستَ َحبَّةٌ‪َ ،‬وه َي‪َ َّ :‬‬
‫ْجا ِريَِة َشاةٌ(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫َويُ ْذبَ ُح َع ِن الْغُ ََلِم َشاتَان‪َ ،‬و َع ِن ال َ‬
‫ين(‪.)3‬‬ ‫ويط ِْعم الْ ُف َقراء والْم ِ‬
‫ساك َ‬‫َُ ُ َ َ َ َ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم العقيقة وتعريفها‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭﺍلعقيقة مستحبة) أي حكم العقيقة أهنا مستحبة لول املولود‪ ،‬وال‬
‫جتب إال بالنذر‪( ،‬ﻭهي ﺍلذبيحة عن ﺍلمولوﺩ يوﻡ سابعه) أي هي ً‬
‫شرعا‪ :‬اسم‬
‫للذبيحة اليت تذبح عن املولود‪ ،‬ويدخل وقت ذحبها بالوالدة‪ ،‬واألفضل ذحبها يف‬
‫اليوم السابع من والدته؛ مسيت بذلك ألهنا تذبح عند حلق شعر املولود‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن األكمل يف العقيقة‪.‬‬
‫ذكرا أو أنثى‪.‬‬
‫واجملزئ يف العقيقة شاة واحدة للمولود‪ ،‬سواء كان ً‬
‫قوله‪( :‬ﻭيذبح عن ﺍلغلاﻡ شاتاﻥ ﻭعن ﺍلجاﺭية شاﺓ) أي األكمل يف العقيقة‬
‫أن يذبح عن املولود الذكر شاتان‪ ،‬وعن األنثى شاة واحدة‪ ،‬وحكمها فيما‬
‫جيزئ منها وما ال جيزئ نفس حكم األضحية‪ ،‬وعلى هذا فال جتزئ العقيقة‬
‫املعيبة كالعوراء ومقطوعة الذنب وحنومها‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن التصدق بالعقيقة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيطعم ﺍلفقرﺍﺀ ﻭﺍلمساكين) أي جيب على الذي يعق التصدق على‬
‫احملتاجني جبميع حلم العقيقة املنذورة وببعض حلم العقيقة املتطوع هبا‪ ،‬وال‬
‫مطبوخا‪ ،‬ويكفي أن يعطي‬‫ً‬ ‫يشرتط أن يكون اللحم نِيئًا‪ ،‬بل يسن أن يكون‬
‫فقريا أو مسكينًا‪.‬‬
‫احدا من احملتاجني‪ ،‬سواء كان ً‬
‫و ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪483‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َّ‬ ‫َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫كتاب السبق والرمي‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب الثالث من قسم املكمالت‪.‬‬


‫تعريف السبق والرمي‪:‬‬
‫السبق ـ ـ بسكون الباء ــ‪ :‬املسابقة‪ ،‬وبفتح الباء‪ :‬العوض الذي ُجعِل يف‬
‫املسابقة‪.‬‬
‫والرمي‪ :‬القذف‪ ،‬واملراد قذف السهام‪.‬‬
‫أقسام املسابقة‪:‬‬
‫املسابقة قسمان‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬املسابقة بغري عوض‪ ،‬وهي جائزة؛ كاملسابقة على األقدام والبغال‬
‫واحلمري والفيلة واملصارعة ورفع احلجر‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬املسابقة بعوض‪ ،‬وهو القسم الذي عناه املؤلف‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬كتاب السبق والرمي مكمل لقسم األموال‪ ،‬ولكتاب اجلهاد؛ فهو مكمل‬
‫لقسم األموال ألهنما قد يكونان مبقابل مال‪ ،‬ومكمل لكتاب اجلهاد ألنه قد‬
‫يقصد هبما التأهب للجهاد‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الكتاب‪:‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪484‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫سافَةُ‬ ‫الس َه ِام إ َذا َكانَ ْ‬‫اضلَةُ بِ ِّ‬ ‫سابَ َقةُ َعلَى َّ‬ ‫ِ‬
‫ت ال َْم َ‬ ‫اب‪َ ،‬وال ُْمنَ َ‬ ‫الد َو ِّ‬ ‫َوتَص ُّح ال ُْم َ‬
‫ومةً(‪.)1‬‬ ‫ص َفةُ الْمنَ َ ِ‬ ‫م ْعلُومةً‪ ،‬و ِ‬
‫اضلَة َم ْعلُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫استَ َردَّهُ‪َ ،‬وإِ ْن ُسبِ َق أ َ‬ ‫وي ْخ ِر ِ‬
‫َخ َذهُ‬ ‫سابَِق ْي ِن َحتَّى إِنَّهُ إذَا َسبَ َق ْ‬ ‫َح ُد ال ُْمتَ َ‬
‫ضأَ‬ ‫ج الْع َو َ‬ ‫َُ ُ‬
‫احبُهُ‪َ .‬وإِ ْن أَ ْخ َر َجاهُ َم ًعا لَ ْم يَ ُج ْز َّإْل أَ ْن يُ ْد ِخ ََل بَ ْي نَ ُه َما ُم َحلِّ ًَل‪ ،‬إِ ْن َسبَ َق أ َ‬
‫َخ َذ‬ ‫صِ‬
‫َ‬
‫ض‪َ ،‬وإِ ْن ُسبِ َق لَ ْم يَغْ َرْم(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫الْع َو َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن شروط املسابقة بعوض‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭتصح ﺍلمسابقة) أي جتوز بعوض (على ﺍلدﻭﺍﺏ) أي اليت تنفع يف‬
‫القتال‪ ،‬وهي مخس‪ :‬اخليل واإلبل والبغال واحلمري والفيلة‪ ،‬وعليه فال تصح‬
‫املسابقة بعوض على غري هذه اخلمسة‪ ،‬كالبقر‪( ،‬ﻭﺍلمناضلة بالسهاﻡ) أي جتوز‬
‫املغالبة برمي السهام بعوض (ﺇﺫﺍ كانت ﺍلمسافة معلومة) أي يف كل من‬
‫املسابقة واملناضلة‪ ،‬فيشرتط يف املسابقة أن تكون املسافة بني الراكبني والغاية‬
‫اليت ينتهيان إليها معلومة إما بالقدر‪ ،‬كاألذرع أو األميال‪ ،‬وإما باملشاهدة‪،‬‬
‫وكذلك يشرتط يف املناضلة أن تكون املسافة بني الرامي واهلدف الذي يرمي إليه‬
‫معلومة إما بالقدر‪ ،‬كاألذرع‪ ،‬وإما باملشاهدة‪( ،‬ﻭصفة ﺍلمناضلة معلومة) أي‬
‫يبني املتناضالن كيفية الرمي‪ ،‬فيبيِّنان الرتتيب يف‬
‫أيضا يف املناضلة أن ِّ‬
‫ويشرتط ً‬
‫الرمي والبادئ منهما‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عمن يبذل العوض يف املسابقة‪.‬‬
‫والعوض هو‪ :‬املال الذي ُخيَرج يف املسابقة‪ ،‬فإذا كان باذل العوض من غري‬
‫املتسابقني جاز باإلطالق‪ ،‬سواء كان من احلاكم أو من غريه‪ ،‬كأن يقول‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪485‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الباذل‪ :‬من سبق منكما فله كذا وكذا‪ ،‬وأما بذل العوض من نفس املتسابقني‬
‫فله حالتان‪ ،‬وهي اليت تكلم عنها املؤلف‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيخرﺝ ﺍلعوﺽ ﺃحد ﺍلمتسابقين) أي احلالة األوىل‪ :‬أن ُخيْرِج العوض‬
‫أحدمها دون اآلخر‪ ،‬كأن يقول أحدمها‪ :‬إن سبقتين فلك كذا وكذا وإن سبقتك‬
‫فال شيء ل‪ ،‬فيقول اآلخر‪ :‬قبلت‪( .‬حتى ﺇنه ﺇﺫﺍ سبق ﺍسترﺩه) أي إذا َسبَق‬
‫املـُخرِج للعوض أخذ عوضه الذي أخرجه‪( ،‬ﻭﺇﻥ سبق ﺃخذه صاحبه) أي إن‬
‫َسبَق غري املخرج للعوض صار العوض مل ًكا له‪ ،‬فهذه احلالة جائزة‪.‬‬
‫(ﻭﺇﻥ ﺃخرجاه مًعا لم يجز) أي احلالة الثانية‪ :‬أن ُخيْ ِرج العوض كالمها‪ ،‬كأن‬
‫ُخيرج أحدمها عشرة دنانري‪ ،‬وخيرج اآلخر مثلها أو أقل أو أكثر‪ ،‬ويقوالن‪ :‬من‬
‫محلَل)‬
‫سبق فله جمموع ما أخرجنا‪ ،‬فهذه احلالة ال جتوز (ﺇلا ﺃﻥ يدخلا بينهما ً‬
‫أي يستثىن من ذلك إذا أدخال بينهما شخصا ثالثًا (ﺇﻥ سبق ﺃخذ ﺍلعوﺽ) أي‬
‫صار العوض مل ًكا له‪( ،‬ﻭﺇﻥ سبق لم يغرﻡ) أي وإن مل يَسبِق مل يدفع شيئًا‪،‬‬
‫ومسي ُحمَلِّالً ألن العوض صار حالالً بدخوله‪.‬‬
‫فحينئذ جتوز‪ُ ،‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪486‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ُّ‬
‫(‪)1‬‬
‫كتاب األميان والنذور‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب الرابع من قسم املكمالت‪.‬‬


‫تعريف األميان والنذور‪:‬‬
‫ف ِمبَُعظم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األميان‪ :‬بفتح اهلمزة مجع ميني‪ ،‬وهي لغة‪ :‬احلَل ُ‬
‫شرعا‪.‬‬
‫وسيأيت تعريفه ً‬
‫والنذور‪ :‬مجع نذر‪ ،‬وهو لغة‪ :‬الوعد‪.‬‬
‫شرعا‪.‬‬
‫وسيأيت تعريفه ً‬
‫فائدة‪ :‬كتاب األميان والنذور مكمل لقسم العبادات‪ ،‬ولقسم األموال‪ ،‬ولقسم‬
‫اجلنايات؛ فهو مكمل لقسم العبادات ألن أحد قسمي النذر ـ ـ وهو نذر التربر‬
‫ـ ـ عبادة وألن النذر يكون بالتزام عبادة‪ ،‬ومكمل لقسم األموال ألن اليمني قد‬
‫يثبت هبا املال عند القاضي وألن النذر قد يكون باملال‪ ،‬ومكمل لقسم‬
‫اجلنايات ألن اليمني قد يثبت هبا القتل عند القاضي وذلك يف القسامة‪.‬‬
‫عدد فصول هذا الكتاب‪:‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن فصلني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪487‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام اليمني‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب األميان والنذور‪.‬‬


‫واملؤلف مل يذكر هذا الفصل‪ ،‬وإمنا ذكرته بناء على احملتوى الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام اليمني‪.‬‬
‫تعريف اليمني‪:‬‬
‫ف باهلل تعاىل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫شرعا‪ :‬احلَل ُ‬
‫اليمني ً‬
‫والغرض من احللف توكيد احمللوف عليه أو احلث عليه أو املنع منه‪.‬‬
‫أركان اليمني وصورته‪:‬‬
‫أركان اليمني أربعة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬احلالف‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬احمللوف به‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬احمللوف عليه‪،‬‬
‫والركن الرابع‪ :‬الصيغة وهي‪ :‬اللفظ الصادر من احلالف الدال على احللف‪.‬‬
‫صورة اليمني‪ :‬أن يقول زيد‪" :‬واهلل ألدخلن الدار"‪ .‬فاحلالف‪ :‬زيد‪ ،‬واحمللوف‬
‫به‪ :‬لفظ اجلاللة "اهلل"‪ ،‬واحمللوف عليه‪ :‬دخول الدار‪ ،‬والصيغة‪ :‬قول زيد‪" :‬واهلل‬
‫إخل"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ست مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪488‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ص َف ٍة ِمن ِ‬
‫ص َف ِ‬ ‫َسمائِِه‪ ،‬أَو ِ‬ ‫وَْل ي ْن ع ِق ُد الْي ِمين إَِّْل بِاللَّ ِه تَ عالَى‪ ،‬أَو بِ ِ‬
‫ات‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫اس ٍم م ْن أ ْ َ‬
‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ ُ‬
‫ذَاتِِه(‪.)1‬‬
‫ارةِ الْيَ ِمي ِن(‪.)2‬‬ ‫ف بِص َدقَ ِة مالِ ِه فَ هو م َخيَّ ر ب ين َّ ِ‬
‫الص َدقَة أ َْو َك َّف َ‬ ‫َوَم ْن َحلَ َ َ َ ُ َ ُ ٌ َ ْ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عما ينعقد به اليمني‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭلا ينعقد ﺍليمين) أي ال حيصل وال يصح احللف (ﺇلا بالله تعالى) أي‬
‫إال إذا كان بأحد ثالثة أشياء‪ :‬الشيء األول‪ :‬بلفظ اجلاللة "اهلل" كقوله‪ :‬واهلل‪،‬‬
‫(ﺃﻭ باسم من ﺃسمائه) أي الشيء الثاين‪ :‬باسم من أمساء اهلل تعاىل غري لفظ‬
‫خمتصا به تعاىل‪ ،‬كرب العاملني‪ ،‬أو مشرتًكا بينه وبني‬ ‫اجلاللة‪ ،‬سواء كان االسم ًّ‬
‫لعامل‪ ،‬فالعطف يف كالمه املؤلف من عطف العام على‬ ‫املخلوق كالرحيم وا ِ‬
‫اخلاص‪( ،‬ﺃﻭ صفة من صفاﺕ ﺫﺍته) أي الشيء الثالث‪ :‬بصفة من صفات اهلل‬
‫تعاىل‪ ،‬كعلم اهلل وعظمته‪ ،‬ومفهوم كالم املؤلف‪ :‬عدم انعقاد اليمني مبخلوق‬
‫كالكعبة‪ ،‬وعليه فلو قال احلالف‪ :‬والكعبة‪ ،‬فليس ميينًا‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن حكم نذر اللجاج‪.‬‬
‫ونذر اللجاج‪ :‬هو الذي ُخي ِرجه املرء خمرج اليمني للحث على فعل شيء أو‬
‫أيضا ميني اللجاج؛ ألن النذر‬ ‫منعه بالتزام قربة غري قاصد به التقرب‪ ،‬ويسمى ً‬
‫هنا خرج خمرج اليمني؛ ملا فيه من احلث أو املنع‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭمن حلف بصدقة ماله) أي ومن نذر أن يتصدق مباله‪ ،‬كأن قال‪ :‬إن‬
‫دخلت الدار فلله علي أن أتصدق مبال (فهو مخير بين ﺍلصدقة ﺃﻭ كفاﺭﺓ‬
‫ﺍليمين) أي فحكمه إذا ُوِجد الـ ُمعلق به أنه يتخري بني أن يويف بنذره وهو‬
‫التصدق مباله‪ ،‬وبني أن ال يويف به فيُكفِّر كفارة ميني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪489‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َوَْل َش ْي َء فِي لَ ْغ ِو الْيَ ِمي ِن(‪.)1‬‬


‫ف أَ ْن َْل‬
‫ث‪َ .‬وَم ْن َحلَ َ‬‫ف أَ ْن َْل يَ ْف َع َل َش ْيئًا فَأ ََم َر غَْي َرهُ بِِف ْعلِ ِه لَ ْم يَ ْحنَ ْ‬‫َوَم ْن َحلَ َ‬
‫ث(‪.)2‬‬ ‫يَ ْف َع َل َش ْيئًا فَ َف َع َل غَْي َرهُ لَ ْم يَ ْحنَ ْ‬
‫ِ‬
‫ث(‪.)3‬‬ ‫َح َد ُه َما لَ ْم يَ ْحنَ ْ‬ ‫ف َعلَى ف ْع َل أ َْم َريْ ِن‪ ،‬فَ َف َع َل أ َ‬ ‫َوَم ْن َحلَ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن لغو اليمني‪.‬‬


‫قوله‪( :‬وْل شيﺀ في لغو ﺍليمين) أي ال يلزم احلالف شيء يف لغو اليمني‪،‬‬
‫وهي‪ :‬أن يسبق لسانه إىل لفظ اليمني من غري أن يقصدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عمن حلف أن ال يفعل شيئًا‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ومن حلف ﺃﻥ لا يفعل شيًئا) أي كأن حلف أنه ال يبيع عبده (فأمر‬
‫شخصا يف بيعه فباعه (لم يحنث) أي مل خيالِف ما‬ ‫ً‬ ‫غيره بفعله) أي فوكل‬
‫حلف عليه‪ ،‬فليس عليه كفارة ميني‪.‬‬
‫(ومن حلف ﺃﻥ لا يفعل شيًئا) أي كأن حلف أنه ال يبيع عبده (ففعل غيره)‬
‫أي كأن وهبه (لم يحنث) أي مل خيالِف ما حلف عليه‪ ،‬فليس عليه كفارة‬
‫خمتارا فإنه‬
‫عامدا عال ًـما ً‬
‫ميني‪ ،‬ومفهوم كالم املؤلف أنه إذا فعل ما حلف عليه ً‬
‫حينث أي يصري خمالًِفا ملا حلف عليه‪ ،‬وعلى هذا فتلزمه كفارة ميني‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عمن حلف على فعل أمرين‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭمن حلف على فعل ﺃمرين) أي ومن حلف على نفي فعل أمرين كأن‬
‫قال‪ :‬واهلل ال ألبس هذين الثوبني (ففعل ﺃحدهما) أي فلبس أحد الثوبني (لم‬
‫يحنث) أي مل خيالِف ما حلف عليه‪ ،‬فليس عليه كفارة ميني‪ ،‬وعليه فلو‬
‫معا أو مرتبًا حنث ولزمته كفارة ميني‪.‬‬
‫لبسهما ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪490‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ام‬ ‫ٍ ٍِ‬ ‫وَك َّفارةُ الْي ِمي ِن هو م َخيَّ ر فِيها ب ين ثَََلثَِة أَ ْشي ِ‬
‫اء‪ :‬ع ْت ُق َرقَ بَة ُم ْؤمنَة‪ ،‬أ َْو إط َْع ُ‬
‫ََ‬ ‫َ َ َ ُ َ ُ ٌ َ َْ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫شرةِ م ِ‬
‫ين؛ ُك ُّل م ْسكي ٍن ُم ًّدا‪ ،‬أ َْو ك ْس َوتُ ُه ْم ثَ ْوبًا ثَ ْوبًا‪ ،‬فَِإ ْن لَ ْم يَج ْد فَصيَ ُ‬
‫ام‬ ‫ساك َ‬‫َع َ َ َ َ‬
‫ثَََلثَِة أَيَّ ٍام(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن كفارة اليمني‪.‬‬


‫وكفارة اليمني تلزم احلالف إذا حنث‪ ،‬واحلنث‪ :‬هو أن خيالف ما حلف عليه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭكفاﺭﺓ ﺍليمين هو مخير فيها بين ثلاثة ﺃشياﺀ) أي من وجبت عليه‬
‫كفارة اليمني يتخري فيها بني فعل واحد من ثالثة أشياء‪( :‬عتق ﺭقبة مؤمنة)‬
‫أي الشيء األول‪ :‬حترير مملوك مسلم‪ ،‬واملعترب فيه سالمته من العيوب اليت ختل‬
‫بالعمل‪( ،‬ﺃﻭ ﺇطعاﻡ عشرﺓ مساكين كل مسكين م ًّدﺍ) أي الشيء الثاين‪ :‬متليك‬
‫طعام لعشرة مساكني فيعطي كل مسكني مدًّا‪ ،‬وجيزئ يف الطعام هنا ما جيزئ‬
‫يف زكاة الفطر‪( ،‬ﺃﻭ كسوتهم ثوبًا ثوبًا) أي الشيء الثالث‪ :‬دفع عشرة أثواب‬
‫لعشرة مساكني فيعطي كل مسكني ثوبًا‪ ،‬واملعترب يف الثوب أن يسمى كسوة مما‬
‫ملبوسا؛ كالقميص والعمامة‪( ،‬فإﻥ لم يجد‬ ‫ديدا أو ً‬ ‫يعتاد لبسه‪ ،‬سواء كان ج ً‬
‫فصياﻡ ثلاثة ﺃياﻡ) أي فإن مل يقدر املكفِّر على واحد من هذه الثالثة صام‬
‫ثالثة أيام‪ ،‬سواء كانت متتابعة أو متفرقة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪491‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام النذر‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب األميان والنذور‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام النذر‪.‬‬
‫تعريف النذر‪:‬‬
‫شرعا‪ :‬التزام قربة غري واجبة عينًا بالشرع‪.‬‬
‫النذر ً‬
‫أقسام النذر‪:‬‬
‫النذر قسمان‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬نذر اللجاج‪ ،‬وهو الذي َخي ُرج خمرج اليمني للحث على فعل‬
‫شيء أو منعه بالتزام قربة‪ .‬واللجاج هو‪ :‬التمادي يف اخلصومة‪ ،‬ومسي هذا النذر‬
‫باللجاج؛ ألنه ينشأ غالبًا عنه‪ ،‬فهذا النذر ال يلزم الوفاء به كما تقدم‪ ،‬بل إما‬
‫أن يويف بالنذر وال شيء عليه‪ ،‬وإما أن ال يُويف به فعليه كفارة ميني‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬نذر التربر‪ ،‬وهو التزام قربة من غري تعليق أو بتعليق مبرغوب فيه‪،‬‬
‫وهذا القسم هو الذي عناه املؤلف هبذا الفصل‪.‬‬
‫أركان النذر وصورته‪:‬‬
‫أركان النذر ثالثة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬الناذر‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬املنذور‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬الصيغة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫اللفظ الصادر من الناذر الدال على النذر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪492‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫صورة نذر اللجاج‪ :‬أن يقول زيد‪" :‬إن مل أدخل الدار فلله علي أن أتصدق‬
‫بدينار"‪ ،‬أو‪" :‬إن دخلت الدار فلله علي أن أتصدق بدينار"‪ .‬فالناذر‪ :‬زيد‪،‬‬
‫واملنذور‪ :‬التصدق بدينار‪ ،‬والصيغة يف املثال األول‪ :‬قول زيد‪" :‬إن مل أدخل‬
‫إخل"‪ ،‬ويف املثال الثاين‪ :‬قوله‪" :‬إن دخلت إخل"‪.‬‬
‫صورة نذر التربر‪ :‬أن يقول زيد‪" :‬هلل علي أن أتصدق بدينار"‪ ،‬أو‪" :‬إن شفى‬
‫اهلل مريضي فلله علي أن أتصدق بدينار"‪ .‬فالناذر‪ :‬زيد‪ ،‬واملنذور‪ :‬التصدق‬
‫بدينار‪ ،‬والصيغة يف املثال األول‪ :‬قول زيد‪" :‬هلل علي إخل"‪ ،‬ويف املثال الثاين‪:‬‬
‫قوله‪" :‬إن شفى إخل"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪493‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يضي‬ ‫اع ٍة؛ َك َقولِ ِه‪ :‬إ ْن َش َفى اللَّهُ م ِر ِ‬ ‫اح َوطَ َ‬ ‫ازاةِ َعلَى ُمبَ ٍ‬ ‫َوالنَّ ْذ ُر يَل َْزُم فِي ال ُْم َج َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ك َما يَ َق ُع َعلَْي ِه‬ ‫‪.‬ويَل َْزُمهُ ِم ْن ذَلِ َ‬ ‫ص َّد َق َ‬
‫وم‪ ،‬أ َْو أَتَ َ‬‫َص َ‬ ‫ُصلِّ َي‪ ،‬أ َْو أ ُ‬‫فَللَّه َعلَ َّي أَ ْن أ َ‬
‫ِِ‬

‫صيَ ٍة؛ َك َق ْولِ ِه‪ :‬إ ْن قَ تَ ل ُ‬


‫ْت فََُلنًا فَلِلَّ ِه َعلَ َّي َك َذا(‪.)1‬‬ ‫ِاْل ْسم‪.‬وَْل نَ ْذر فِي م ْع ِ‬
‫َُ َ َ‬
‫ِِ‬ ‫َوَْل يَل َْزُم النَّ ْذ ُر َعلَى تَ ْر ِك ُمبَ ٍ‬
‫ب لَبَ نًا‪َ ،‬وَما‬ ‫اح؛ َك َق ْوله‪َْ :‬ل آ ُك ُل لَ ْح ًما‪َ ،‬وَْل أَ ْش َر ُ‬
‫ك(‪.)2‬‬ ‫أَ ْشبَهَ ذَلِ َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم نذر التربر املعلق مبرغوب فيه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺍلنذﺭ يلزﻡ) أي حكمه أنه جيب الوفاء به (في ﺍلمجاﺯﺍﺓ على مباﺡ‬
‫ﻭطاعة) أي إذا كان معل ًقا بأمر مباح أو بقربة إذا وجد املعلق به‪ ،‬واملراد‬
‫عال للناذر أو ال‪ ،‬وعلى هذا فعطف‬ ‫باملباح‪ :‬ما ليس مبعصية‪ ،‬سواء كان فِ ً‬
‫الطاعة على املباح من عطف اخلاص على العام‪.‬‬
‫(كقوله ﺇﻥ شفى ﺍلله مريضي فلله علي ﺃﻥ ﺃصلي ﺃﻭ ﺃصوﻡ ﺃﻭ ﺃتصدﻕ)‬
‫هذا متثيل للنذر املعلق باملباح وهو شفاء املريض‪ ،‬ومل ميثل املؤلف للنذر املعلق‬
‫وما‪.‬‬
‫بالطاعة‪ ،‬ومثاله‪ :‬أن يقول‪ :‬إن صليت الظهر فلله علي أن أصوم ي ً‬
‫(ﻭيلزمه من ﺫلك ما يقع عليه ﺍلاسم) أي يلزم الناذر مما نذره ومل يقيِّده بقدر‬
‫معلوم أقل ما ينطلق عليه اسم ذلك الشيء؛ فيلزمه يف الصالة ركعتان ويف‬
‫الصوم يوم واحد ويف الصدقة أقل ُمتَ َمول‪.‬‬
‫(ﻭلا نذﺭ في معصية) أي وال يصح النذر املعلق مبعصية‪( ،‬كقوله ﺇﻥ قتلت‬
‫فلانا فلله علي كذﺍ) هذا متثيل للنذر املعلق مبعصية وهي القتل‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن نذر املباح‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪494‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬ﻭلا يلزﻡ ﺍلنذﺭ على ترﻙ مباﺡ) أي ال ينعقد النذر برتك شيء مباح؛‬
‫ألن املنذور ال يكون إال قربة‪( ،‬كقوله لا ﺁكل لحما ﻭلا ﺃشرﺏ لبنا) أي كأن‬
‫حلما‪ ،‬أو هلل علي أن ال أشرب لبنًا‪( ،‬ﻭما ﺃشبه‬
‫قال‪ :‬هلل علي أن ال آكل ً‬
‫ﺫلك) أي وما يشبه نذر ترك املباح‪ ،‬مثل نذر فعله‪ ،‬كقوله‪ :‬هلل علي أن آكل‬
‫حلما‪ ،‬فحكمه أنه ال ينعقد‪.‬‬
‫ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪495‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫كتاب األقضية والشهادات‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب اخلامس من قسم املكمالت‪.‬‬


‫تعريف األقضية والشهادات‪:‬‬
‫األقضية‪ :‬مجع قضاء‪ ،‬والقضاء لغة‪ :‬احلكم‪.‬‬
‫شرعا‪.‬‬
‫وسيأيت تعريفه ً‬
‫والشهادات‪ :‬مجع شهادة‪ ،‬والشهادة لغة‪ :‬املعاينة‪.‬‬
‫شرعا‪.‬‬
‫وسيأيت تعريفها ً‬
‫فائدة‪ :‬كتاب األقضية والشهادات مكمل لقسم األموال‪ ،‬ولقسم النكاح‬
‫والطالق‪ ،‬ولقسم اجلنايات؛ ألن الفصل يف حال اخلصومة يف مجيع ذلك يكون‬
‫بالقضاء‪.‬‬
‫عدد فصول هذا الكتاب‪:‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربعة فصول‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪496‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام القضاء‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب األقضية والشهادات‪.‬‬


‫واملؤلف مل يذكر هذا الفصل‪ ،‬وإمنا ذكرته بناء على احملتوى الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام القضاء‪.‬‬
‫تعريف القضاء‪:‬‬
‫شرعا‪ :‬فصل اخلصومة بني خصمني حبكم اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫القضاء ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ست مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪497‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ضاء َّإْل من استَ ْكملَ ْ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫صلَةً‪:‬‬ ‫س َع ْش َرَة َخ ْ‬ ‫ت فيه َخ ْم َ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫وز أَ ْن يَل َي الْ َق َ َ‬ ‫َوَْل يَ ُج ُ‬
‫َح َك ِام‬
‫ورةُ‪َ ،‬وال َْع َدالَةُ‪َ ،‬وَم ْع ِرفَةُ أ ْ‬ ‫ْح ِّريَّةُ‪َ ،‬و ُّ‬
‫الذ ُك َ‬ ‫اْل ْس ََل ُم‪َ ،‬والْبُ لُوغُ‪َ ،‬وال َْع ْق ُل‪َ ،‬وال ُ‬ ‫ِْ‬
‫ف ِمن لِس ِ‬
‫ان‬ ‫اد‪ ،‬وطَر ٍ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫السن َِّة‪َ ،‬و ِْ‬ ‫ْكتَ ِ‬ ‫ال ِ‬
‫ْ َ‬ ‫اْل ْج َم ِاع َواْل ْخت ََلف‪َ ،‬وطُُرق اْل ْجت َه َ َ‬ ‫اب َو ُّ‬
‫ص ًيرا‪َ ،‬وَكاتِبًا‪،‬‬ ‫اب اللَّ ِه تَ عالَى‪ ،‬وأَ ْن ي ُكو َن س ِميعا‪ ،‬وب ِ‬ ‫ب‪َ ،‬وتَ ْف ِسي ِر كِتَ ِ‬ ‫ال َْعر ِ‬
‫َ ً ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َوُمتَ يَ ِّقظًا(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد اخلصال اليت تشرتط يف القاضي‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭلا يجوﺯ ﺃﻥ يلي ﺍلقضاﺀ ﺇلا من ﺍستكملت فيه خمس عشرﺓ‬
‫خصلة) أي ال يصح وال يباح أن يكون قاضيًا إال شخص اجتمعت فيه مخس‬
‫عشرة صفة‪.‬‬
‫(ﺍلإسلاﻡ ﻭﺍلبلوﻍ ﻭﺍلعقل ﻭﺍلحرية والذكورة ﻭﺍلعدﺍلة) هذه ست خصال‪.‬‬
‫أي ال يصح أن يتوىل القضاء كافر وال صيب وال جمنون وال مملوك وال امرأة وال‬
‫فاسق‪.‬‬
‫(ﻭمعرفة ﺃحكاﻡ ﺍلكتاﺏ ﻭﺍلسنة ﻭﺍلإجماﻉ ﻭﺍلاختلاﻑ ﻭطرﻕ ﺍلاجتهاﺩ‬
‫ﻭطرﻑ من لساﻥ ﺍلعرﺏ ﻭتفسير كتاﺏ ﺍلله تعالى) يشري املؤلف هبذه‬
‫جمتهدا‪ ،‬وحيصل له ذلك‬
‫اخلصال اخلمس إىل أنه يشرتط يف القاضي أن يكون ً‬
‫خبمسة أشياء‪:‬‬
‫الشيء األول‪ :‬معرفة األحكام الواردة يف القرآن واألحاديث‪ ،‬وذلك حيصل‬
‫مبعرفة آيات وأحاديث األحكام‪.‬‬
‫الشيء الثاين‪ :‬معرفة املسائل املتفق عليها بني العلماء واملسائل املختلف فيها‬
‫بينهم‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪498‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الشيء الثالث‪ :‬معرفة طرق االجتهاد أي كيفية االستدالل وذلك حيصل مبعرفة‬
‫أصول الفقه‪.‬‬
‫حنوا وصرفًا ولغة وغري ذلك‪ ،‬وال‬
‫الشيء الرابع‪ :‬معرفة جزء كاف من لغة العرب ً‬
‫يشرتط التبَ ُّحر فيها‪.‬‬
‫الشيء اخلامس‪ :‬معرفة جزء كاف من تفسري القرآن الكرمي‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬إمنا تشرتط هذه األشياء اخلمسة يف القاضي اجملتهد املطلق‪ ،‬وهو الذي‬
‫يقدر على استنباط األحكام من الكتاب والسنة فيقضي باجتهاده‪ ،‬وأما‬
‫القاضي اجملتهد املقيد مبذهب إمام خاص كالشافعي؛ فيشرتط فيه ضبط مذهب‬
‫وفروعا‪ ،‬فيقضي بنص إمامه يف املسائل املنصوص عليها‪ ،‬واملسائل‬‫أصوال ً‬ ‫إمامه ً‬
‫غري املنصوص عليها يقضي فيها باجتهاده وفق قواعد إمامه‪ ،‬واليشرتط فيه‬
‫هذه األشياء اخلمسة‪.‬‬
‫وبصيرا) هاتان اخلصلتان الثانية عشر والثالثة عشر‪.‬‬
‫ً‬ ‫سميعا‬
‫(وأن يكون ً‬
‫أي ال يصح أن يتوىل القضاء أصم وال أعمى‪.‬‬
‫(وكاتبًا) هذه اخلصلة الرابعة عشر‪.‬‬
‫يدا للكتابة‪ ،‬واملعتمد يف املذهب عدم اشرتاطه‪ ،‬بل يشرتط أن‬ ‫أي أن يكون ُجم ً‬
‫يكون ناط ًقا‪ ،‬فال يصح أن يتوىل القضاء أخرس‪ ،‬وعليه فيكون هذا الشرط بدل‬
‫ذاك‪.‬‬
‫(ومتيقظًا) هذه اخلصلة اخلامسة عشر‪.‬‬
‫أي أن يكون صحيح النظر والفكر‪ ،‬فال يصح أن يتوىل القضاء مغفل خمتل‬
‫النظر والفكر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪499‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ب لَهُ‬ ‫ِ‬
‫َّاس َوَْل َحاج َ‬ ‫ض ٍع بَا ِرٍز لِلن ِ‬
‫ب أَ ْن ي ْجلِس فِي وس ِط الْب لَ ِد فِي مو ِ‬
‫َْ‬ ‫َويُ ْستَ َح ُّ َ َ َ َ َ‬
‫ض ِاء فِي ال َْم ْس ِج ِد(‪.)1‬‬‫ُدونَ ُه ْم‪َ ،‬وَْل يَ ْقعُ ُد لِ ْل َق َ‬
‫س‪َ ،‬واللَّ ْف ِظ‪َ ،‬واللَّ ْح ِظ(‪.)2‬‬
‫اء‪ :‬فِي ال َْم ْجلِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْخ ْ ِ‬
‫ص َم ْي ِن في ثَََلثَة أَ ْشيَ َ‬ ‫س ِّوي بَ ْي َن ال َ‬ ‫َويُ َ‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن صفة مكان القضاء‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيستحب ﺃﻥ يجلس) أي القاضي للقضاء (في ﻭسط ﺍلبلد) أي يف‬
‫ط البلد‪ ،‬ليتساوى أهل البلد يف القرب منه‪( ،‬في موضع باﺭﺯ‬ ‫مكان وس َ‬
‫للناﺱ) أي يف مكان ظاهر للناس‪ ،‬ليعرفه من أراده من مستوطن أو غريب‪،‬‬
‫(ﻭلا حاجب له دونهم) أي يستحب أن ال يتخذ القاضي ِ‬
‫حاجبًا إال حلاجة‪،‬‬
‫احلاجب هو‪ :‬من مينع الناس من الدخول إال باستئذان‪ ،‬فإن كان هناك حاجة‬ ‫و ِ‬
‫كزحام فال بأس باختاذه‪( ،‬ﻭلا يقعد للقضاﺀ في ﺍلمسجد) أي يستحب أن ال‬
‫املسجد‪ ،‬وذلك صيانة له عن ارتفاع األصوات واللغط‬ ‫َ‬ ‫يكون مكا ُن القضاء‬
‫الواقعني مبجلس القضاء عادة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن عدد األشياء اليت يُ َس ِّوي القاضي فيها بني اخلصمني‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيسوﻱ بين ﺍلخصمين في ثلاثة ﺃشياﺀ) أي عدد األشياء اليت جيب‬
‫على القاضي أن يعدل فيها بني اخلصمني ثالثة‪.‬‬
‫(في ﺍلمجلس) أي الشيء األول‪ :‬أن يعدل بينهما يف حمل اجللوس‪،‬‬
‫فيُجلسهما بني يديه أو أحدمها عن ميينه واآلخر عن مشاله‪ ،‬وال يرفع أحدمها‬
‫على اآلخر وال جيعل أحدمها أقرب إليه من اآلخر‪.‬‬
‫(ﻭﺍللفظ) أي الشيء الثاين‪ :‬أن يعدل بينهما يف الكالم سواء منه أو منهما‪،‬‬
‫أما منه فال يكلِّم أحدمها أكثر من اآلخر أو أطيب منه‪ ،‬وأما منهما فال يَسمع‬
‫ويُنصت ألحدمها دون اآلخر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪500‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وز أَ ْن يَ ْقبَ َل ال َْه ِديَّةَ ِم ْن أ َْه ِل َع َملِ ِه(‪.)1‬‬


‫َوَْل يَ ُج ُ‬
‫ش‪،‬‬‫وع‪َ ،‬وال َْعطَ ِ‬ ‫ْج ِ‬‫ب‪َ ،‬وال ُ‬ ‫ضِ‬ ‫اض َع‪ِ :‬ع ْن َد الْغَ َ‬ ‫شرةِ مو ِ‬
‫اء في َع َ َ َ َ‬
‫ض ِ‬
‫ب الْ َق َ َ‬
‫ِ‬
‫َويَ ْجتَن ُ‬
‫ْح ْز ِن‪َ ،‬والْ َف َر ِح ال ُْم ْف ِرطَْي ِن‪َ ،‬و ِع ْن َد ال َْم َر ِ‬
‫ض‪َ ،‬وُم َدافَ َع ِة ْاْلَ ْخبَثَ ْي ِن‪،‬‬ ‫و ِش َّدةِ َّ ِ‬
‫الش ْه َوة‪َ ،‬وال ُ‬ ‫َ‬
‫ْح ِّر َوالْبَ ْرِد(‪.)2‬‬ ‫و ِع ْن َد النُّع ِ ِ ِ‬
‫اس‪َ ،‬وش َّدة ال َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫(ﻭﺍللحظ) أي الشيء الثالث‪ :‬أن يعدل بينهما يف النظر‪ ،‬فال ينظر ألحدمها‬
‫دون اآلخر أو أكثر منه‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن قبول اهلدية للقاضي‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭْل يجوﺯ) أي حيرم على القاضي إذا كان يف حمل واليته (ﺃﻥ يقبل‬
‫ﺍلهدية من أهل عمله) أي من أهل حمل واليته‪ ،‬وظاهر إطالق املؤلف أنه حيرم‬
‫هدي خصومة أو ال‪ ،‬وسواء كان يعتاد منه اهلدية‬ ‫قبول اهلدية سواء كانت للم ِ‬
‫ُ‬
‫قبل أن يتوىل القضاء أو ال‪ ،‬واملعتمد يف املذهب أنه حيل للقاضي قبول اهلدية‬
‫إذا كان املهدي له عادة باإلهداء قبل أن يتوىل القضاء ومل تكن له خصومة‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن عدد املواضع اليت ُجيتنب القضاء فيها‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيجتنب ﺍلقضاﺀ في عشرﺓ موﺍضع) أي عدد املواضع اليت يستحب‬
‫للقاضي أن جيتنب القضاء فيها عشرة‪.‬‬
‫(عند ﺍلغضب) أي املوضع األول‪ :‬إذا كان القاضي غاضبًا غضبًا غري شديد‪،‬‬
‫أما الغضب الشديد فيحرم على القاضي القضاء عنده‪.‬‬
‫جوعا مفرطًا‪.‬‬
‫جائعا ً‬ ‫(ﻭﺍلجوﻉ) أي املوضع الثاين‪ :‬إذا كان ً‬
‫(ﻭﺍلعطش) أي املوضع الثالث‪ :‬إذا كان عطشانًا ً‬
‫عطشا مفرطًا‪.‬‬
‫(ﻭشدﺓ ﺍلشهوﺓ) أي املوضع الرابع‪ :‬إذا كان تائ ًقا إىل اجلماع‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪501‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫الد ْع َوى‪َ ،‬وَْل يُ َحلِّ ُفهُ َّإْل بَ ْع َد ُس َؤ ٍال‬


‫ال َّ‬ ‫َل الْم َّد َعى َعلَْي ِه َّإْل بَ ْع َد َكم ِ‬
‫َ‬ ‫َوَْل يَ ْسأ ُ ُ‬
‫الش َه َد ِاء‪َ .‬وَْل‬
‫َّت بِ ُّ‬‫ص ًما ُح َّجةً َوَْل يُ ْف ِه ُمهُ َك ََل ًما َوَْل يَتَ َعن ُ‬ ‫ِ‬
‫ال ُْم َّدعي‪َ .‬وَْل يُلَ ِّق ُن َخ ْ‬
‫ادةَ َع ُدو َعلَى َع ُد ِّوهِ‪َ ،‬وَْل‬ ‫ت َع َدالَتُهُ‪َ .‬وَْل يَ ْقبَ ُل َش َه َ‬ ‫ادةَ َّإْل ِم َّم ْن ثَبَتَ ْ‬ ‫يَ ْقبَ ُل َّ‬
‫الش َه َ‬
‫آخ َر فِي‬‫اض َ‬ ‫اض إلَى قَ ٍ‬ ‫اب قَ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ ِِِ‬ ‫َشه َ ِ ٍ ِ ِ ِ‬
‫اد َة َوالد ل َولَده‪َ ،‬وَْل َولَد ل َوالده‪َ .‬وَْل يَ ْقبَ ُل كتَ َ‬ ‫َ‬
‫ان بِ َما فِ ِيه(‪.)1‬‬ ‫ادةِ َش ِ‬
‫اه َديْ ِن ي ْش َه َد ِ‬
‫َ‬ ‫َح َك ِام َّإْل بَ ْع َد َش َه َ‬
‫ْاْل ْ‬

‫(ﻭﺍلحزﻥ ﻭﺍلفرﺡ ﺍلمفرطين) أي املوضعان اخلامس والسادس‪ :‬إذا كان حزينًا‬


‫شديدا أو فَ ِر ًحا َفر ًحا ً‬
‫شديدا‪.‬‬ ‫حزنًا ً‬
‫مرضا مؤلِمـًا‪.‬‬
‫ضا ً‬ ‫(ﻭعند ﺍلمرﺽ) أي املوضع السابع‪ :‬إذا كان مري ً‬
‫(ﻭمدﺍفعة ﺍلأخبثين) أي املوضع الثامن‪ :‬إذا كان يدافع البول أو الغائط‪ ،‬ويلحق‬
‫هبما مدافعة الريح‪.‬‬
‫(ﻭعند ﺍلنعاﺱ) أي املوضع التاسع‪ :‬إذا غلب عليه النعاس‪.‬‬
‫(ﻭشدﺓ ﺍلحر ﻭﺍلبرﺩ) أي املوضع العاشر‪ :‬إذا كان يف شدة احلر أو شدة الربد‪.‬‬
‫وضابط هذه املواضع هو‪ :‬كل حال يتغري فيه خلق القاضي‪ ،‬أو يتشوش فكره‪،‬‬
‫وإذا حكم يف حال مما تقدم نفذ حكمه مع الكراهة‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن صفة القضاء‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭلا يسأﻝ المدعى عليه) أي ال جيوز للقاضي إذا جلس اخلصمان بني‬
‫املدعي من‬‫يديه أن يسأل املدعى عليه (ﺇلا بعد كماﻝ ﺍلدعوﻯ) أي بعد فراغ ِ‬
‫َ‬
‫املدعى عليه‪،‬‬‫كملت الدعوى يسأل القاضي َ‬ ‫دعواه‪ ،‬ومفهوم كالمه أنه إذا ُ‬
‫فيقول له‪ :‬اخرج من دعواه‪ ،‬فإن أقر مبا ادعى به عليه لزمه ما أقر به‪ ،‬وإن أنكر‬
‫ما ادعى به عليه فللقاضي أن يقول للمدعي‪ :‬ألك حجة؟‪ ،‬فإن كانت له حجة‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪502‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫أقامها‪ ،‬وإن مل تكن له حجة وطلب حتليف املدعى عليه حلفه القاضي‪( ،‬ﻭلا‬
‫يحلفه) أي ال جيوز له حتليف املدعى عليه (ﺇلا بعد سؤﺍﻝ ﺍلمدعي) أي بعد‬
‫طلب املدعي حتليفه‪ ،‬فلو حلفه قبل طلبه مل يُعتد به‪.‬‬
‫(ﻭلا يلقن خصما حجته) أي ال جيوز له بعد الشروع يف الدعوى أن يلقن أحد‬
‫اخلصمني حجة يستظهر هبا على خصمه اآلخر‪ ،‬كأن يقول له قل كذا وكذا‪،‬‬
‫كَلما) أي ال جيوز له أن يعطي أحد اخلصمني ً‬
‫كالما قبل الشروع‬ ‫(ﻭلا يفهمه ً‬
‫يف الدعوى يعرف به كيفية الدعوى‪ ،‬أو كيفية اإلجابة على الدعوى‪.‬‬
‫(ﻭلا يتعنت بالشهدﺍﺀ) أي ال جيوز له أن يُوقِع الشهداء يف العنت أي املشقة‪،‬‬
‫فال يشق عليهم‪ ،‬كأن يقول هلم‪ :‬مل شهدمت؟ وحنو ذلك‪.‬‬
‫(ﻭلا يقبل ﺍلشهاﺩﺓ) أي ال جيوز له قبول الشهادة (ﺇلا ممن ثبتت عدﺍلته) أي‬
‫من شخص حتققت عدالته‪ ،‬فإذا حضر عند القاضي شاهد يعلم عدالته أو‬
‫فسقه حكم بعلمه يف ذلك‪ ،‬وإذا حضر عنده شاهد جمهول العدالة فعليه أن‬
‫يسأل عنه‪ ،‬وال يقبل التعديل إال من اثنني‪ ،‬فإذا عدله اثنان قَبِل شهادته‪ ،‬وعلى‬
‫هذا ال يقبل القاضي شهادة جمهول العدالة حىت يـُ َعدل‪.‬‬
‫(ﻭلا يقبل شهاﺩﺓ عدﻭ على عدﻭه) أي ال جيوز له قبول شهادة العدو على‬
‫عدوه‪ ،‬كأن يشهد بأن على عدوه دينًا لفالن‪ ،‬وعدو الشخص هو‪ :‬من يبغضه‬
‫بسبب دنيوي‪ ،‬ومفهوم كالمه أنه تقبل شهادة العدو لعدوه كأن يشهد بأن‬
‫لعدوه دينًا على فالن‪( ،‬ﻭلا شهاﺩﺓ ﻭﺍلد لولده) أي ال جيوز له قبول شهادة‬
‫والد وإن عال أبًا كان أو ًّأما لولده وإن نزل ابنًا كان أو بنتًا‪ ،‬مثاله‪ :‬أن يشهد‬
‫األب بأن البنه دينًا على فالن‪( ،‬ﻭلا ﻭلد لوﺍلده) أي ال جيوز له قبول شهادة‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪503‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ولد وإن نزل ابنًا كان أو بنتًا لوالده وإن عال أبًا كان أو ًّأما‪ ،‬مثاله‪ :‬أن يشهد‬
‫االبن بأن ألبيه دينا على فالن‪ ،‬ومفهوم كالمه أنه تقبل شهادة الوالد على‬
‫ولده‪ ،‬وكذلك شهادة الولد على والده‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬أن يشهد األب بأن على‬
‫ابنه دينًا لفالن‪ ،‬أو يشهد االبن بأن على أبيه دينًا لفالن‪ ،‬ويعلم من كالم‬
‫املؤلف أنه تقبل شهادة كل من الزوجني لآلخر وكذلك شهادة اإلخوة‬
‫لبعضهم‪.‬‬
‫(ﻭلا يقبل كتاﺏ قاﺽ ﺇلى قاﺽ ﺁخر في ﺍلأحكاﻡ) أي ال جيوز له أن يعمل‬
‫حبك ٍم كتبه إليه قاض آخر (ﺇلا بعد شهاﺩﺓ شاهدين يشهدﺍﻥ بما فيه) أي‬
‫املكتوب إليه‪ ،‬فإذا شهدا عمل مبا فيه من‬‫ِ‬ ‫مبضمون الكتاب عند القاضي‬
‫احلكم‪ .‬مثال ذلك‪ :‬أن حيكم القاضي بني خصمني‪ ،‬فينتقل احملكوم عليه إىل‬
‫بلد آخر هروبًا من أداء احلق الذي عليه‪ ،‬فيطلب احملكوم له من القاضي أن‬
‫يكتب له كتابًا مبا حكم به إىل قاضي البلد اليت انتقل إليها احملكوم عليه‬
‫ليستوفيه حقه‪ ،‬فيكتب له إليه‪ .‬والقاضي اآلخر ال يقبل كتاب القاضي األول‬
‫إال بشاهدين‪ ،‬وصفة الشهادة‪ :‬أن القاضي األول يقرأ الكتاب عليهما أو يقرؤه‬
‫غريه حبضرهتما‪ ،‬مث يقول‪ :‬اشهدا علي أن هذا كتايب إىل فالن‪ ،‬فإذا أوصال‬
‫الكتاب إىل القاضي اآلخر قاال‪ :‬نشهد أن هذا كتاب فالن إليك‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪504‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام القسمة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب األقضية والشهادات‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام القسمة‪.‬‬
‫تعريف القسمة‪:‬‬
‫وشرعا‪ :‬متييز حصص الشركاء بعضها من بعض يف‬ ‫ً‬ ‫القسمة لغة‪ :‬التفريق‪.‬‬
‫األعيان املشرتكة‪ ،‬وتفريقها عليهم‪.‬‬
‫أنواع القسمة‪:‬‬
‫القسمة ثالثة أنواع‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬قسمة اإلفراز وهي‪ :‬قسمة األشياء املتساوية يف الصورة والقيمة‪،‬‬
‫فتفرز احلصص بعضها عن بعض‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬اشرتك اثنان يف أرض أجزاؤها‬
‫متشاهبة من حيث خصوبة األرض‪ ،‬ألحدمها نصفها ولآلخر نصفها‪ ،‬فيعطى‬
‫أحدمها نصفها واآلخر نصفها‪.‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬قسمة التعديل وهي‪ :‬قسمة األشياء املختلفة يف القيمة من غري‬
‫احتياج لرد شيء آخر‪ ،‬فتعدل احلصص بالقيمة‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬اشرتك اثنان يف‬
‫أرض ألحدمها نصفها ولآلخر نصفها ولكن أجزاؤها خمتلفة يف القيمة من‬
‫حيث خصوبة األرض‪ ،‬فقيمة ثلث األرض خلصوبته تساوي قيمة ثلثيها اآلخران‪،‬‬
‫فيجعل الثلث سهما ويُعطاه أحدمها‪ ،‬وجيعل الثلثان سهما ويُعطاه اآلخر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪505‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫النوع الثالث‪ :‬قسمة الرد وهي‪ :‬قسمة األشياء املختلفة يف القيمة مع احتياج لرد‬
‫شيء آخر‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬اشرتك اثنان يف أرض ألحدمها نصفها ولآلخر نصفها‪،‬‬
‫ولكن أجزاؤها خمتلفة يف القيمة؛ ألن يف أحد جانبيها بئر ال ميكن قسمتها‪،‬‬
‫فيعطى أحدمها نصفها واآلخر نصفها‪ ،‬لكن يَـ ُرُّد من كان يف نصيبه البئر نصف‬
‫قيمتها لآلخر‪ ،‬فلو كانت قيمة البئر ألف درهم فيلزمه أن يعطي شريكه‬
‫مخسمائة درهم‪.‬‬
‫أركان القسمة‪:‬‬
‫أركان القسمة ثالثة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬القاسم‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬املقسوم‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬املقسوم عليه‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪506‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْح ِّريَّةُ‪،‬‬
‫اْل ْس ََل ُم‪َ ،‬والْبُ لُوغُ‪َ ،‬وال َْع ْق ُل‪َ ،‬وال ُ‬ ‫ط ‪ِْ :‬‬ ‫اس ُم إلَى َس ْب َع ِة َش َرائِ َ‬‫وي ْفتَ ِقر الْ َق ِ‬
‫ََ ُ‬
‫ان بِ َم ْن يَ ْق ِس ُم بَ ْي نَ ُه َما لَ ْم‬
‫الش ِري َك ِ‬
‫اضى َّ‬ ‫اب‪ .‬فَِإ ْن تَ َر َ‬
‫س ُ‬
‫ِ‬
‫ورةُ‪َ ،‬وال َْع َدالَةُ‪َ ،‬والْح َ‬
‫َو ُّ‬
‫الذ ُك َ‬
‫ك(‪.)1‬‬ ‫يَ ْفتَ ِق ْر إلَى ذَلِ َ‬
‫ص ْر فِ ِيه َعلَى أَقَ َّل ِم ِن اثْ نَ ْي ِن(‪.)2‬‬
‫وإِذَا َكا َن فِي ال ِْقسم ِة تَ ْق ِويم لَم ي ْقتَ ِ‬
‫ٌ َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد الشروط اليت يفتقر إليها القاسم‪.‬‬
‫والقاسم هو الذي يتوىل القسمة يف األعيان املشرتكة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيفتقر ﺍلقاسم ﺇلى سبعة شرﺍئط) أي عدد الشروط اليت حيتاج إليها‬
‫القاسم سبعة‪.‬‬
‫(ﺍلإسلاﻡ ﻭﺍلبلوﻍ ﻭﺍلعقل ﻭﺍلحرية ﻭﺍلذكوﺭﺓ ﻭﺍلعدﺍلة ﻭﺍلحساﺏ) هذه‬
‫هي الشروط السبعة‪ .‬واحلساب هو‪ :‬معرفة مقادير األشياء‪ ،‬ومفهوم كالم‬
‫كافرا أو صبيًّا أو جمنونًا أو مملوًكا أو أنثى‬
‫املؤلف‪ :‬أنه ال جيوز أن يكون القاسم ً‬
‫جاهال باحلساب‪( .‬فإﻥ ترﺍضى ﺍلشريكاﻥ بمن يقسم بينهما لم‬ ‫أو فاس ًقا أو ً‬
‫يفتقر ﺇلى ﺫلك) أي إمنا يشرتط يف القاسم ما ذُكِر إذا كان ُمنصبًا من جهة‬
‫القاضي‪ ،‬أما إذا رضي الشريكان بشخص يقسم بينهما املال املشرتك فال‬
‫اقال‪.‬‬
‫يُشرتط يف القاسم مجيع الشروط السابقة بل يشرتط فيه أن يكون بالغًا ع ً‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عما إذا كان يف القسمة تقومي‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫﺍ كاﻥ في ﺍلقسمة تقويم) أي تقدير لقيمة املال املقسوم‪ ،‬والقسمة‬
‫اليت يدخلها التقومي هي قسمة التعديل وقسمة الرد (لم يقتصر فيه على ﺃقل من‬
‫ﺍثنين) أي ال يُكت َفى يف التقومي بتقومي قاسم واحد بل ال بد فيه من قامسني‪،‬‬
‫ويفهم من هذا أن قسمة اإلفراز يكفي فيها قاسم واحد‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪507‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ض َرَر فِ ِيه لَ ِزَم ْاآل َخ َر‬


‫الش ِري َك ْي ِن َش ِري َكهُ إلَى قِ ْس َم ِة َما َْل َ‬ ‫َوإِ َذا َد َعا أ َ‬
‫َح ُد َّ‬
‫إجابَتُهُ(‪.)1‬‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عما إذا طلب أحد الشريكني القسمة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫﺍ ﺩعا ﺃحد ﺍلشريكين شريكه ﺇلى قسمة ما لا ضرﺭ فيه) أي إذا‬
‫أحد الشريكني من شريكه اآلخر قسمةَ املال الذي بينهما‪ ،‬ومل يكن يف‬ ‫طلب ُ‬
‫القسمة ضرر على طالبها (لزﻡ ﺍلﺂخر ﺇجابته) أي ُجي َرب الشريك اآلخر على‬
‫القسمة ولو تضرر هبا‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬لو كان ألحد الشريكني عُشر دا ٍر ال يصلح‬
‫للسكىن‪ ،‬ولآلخر باقيها‪ ،‬فإذا طلب الذي ميلك تسعة أعشار الدار القسم َة‬
‫ُجي َرب صاحب العُشر عليها وإن كان عليه ضرر‪ ،‬خبالف ما إذا طلب القسمةَ‬
‫صاحب العُشر فإنه ال ُجي َرب عليها اآلخر‪ ،‬ألنه ال يستفيد شيئًا بالقسمة بل‬
‫ُ‬
‫يتضرر هبا‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪508‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الدعوى والبينات‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث من كتاب األقضية والشهادات‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الدعوى والبينات‪.‬‬
‫تعريف الدعوى والبينات‪:‬‬
‫الدعوى لغة‪ :‬الطلب‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬طلب حق للشخص على غريه عند القاضي‪.‬‬ ‫ً‬
‫والبينات‪ :‬مجع بينة‪ ،‬صفة حملذوف‪ ،‬والتقدير‪ :‬احلجة البينة أي الواضحة‪.‬‬
‫وهي عند الفقهاء‪ :‬الشهود‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪509‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْحاكِ ُم َو َح َك َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫لَهُ بِ َها‪َ .‬وإِ ْن لَ ْم تَ ُك ْن لَهُ‬ ‫َوإِ َذا َكا َن َم َع ال ُْم َّدعي بَيِّ نَةٌ َسم َع َها ال َ‬
‫َّت َعلَى‬ ‫َع ْن الْيَ ِمي ِن ُرد ْ‬ ‫بَيِّ نَةٌ فَالْ َق ْو ُل قَ ْو ُل ال ُْم َّد َعى َعلَْي ِه بيَ ِمينِ ِه‪ ،‬فَِإ ْن نَ َك َل‬
‫ال ُْم َّد ِعي‪ ،‬فَ يَ ْحلِ ُ‬
‫ف َويَ ْستَ ِح ُّق(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عما إذا ادعى الشخص شيئًا‪.‬‬
‫واملدعي هو‪ :‬من خيالف قولُه الظاهر‪ ،‬واملدعى عليه هو‪ :‬من يوافق قولُه‬
‫الظاهر‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬ادعى زيد أن الدار اليت يسكن فيها عمرو مل ُكه‪ ،‬فأنكر‬
‫عمرو‪ .‬فاملدعى عليه هو‪ :‬عمرو؛ ألن الظاهر أن الدار ملكه لكونه يسكنها‪،‬‬
‫واملدعي هو‪ :‬زيد؛ ألن قوله خيالف الظاهر‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫﺍ كاﻥ مع ﺍلمدعي بينة) أي إذا ادعى شخص شيئًا على خصمه فأنكر‪،‬‬
‫شهودا على ما ادعاه (سمعها ﺍلحاكم ﻭحكم له بها) أي يلزم‬ ‫وأحضر املدعي ً‬
‫احلاكم مساع شهادة الشهود بعد تعديلهم‪ ،‬وحيكم للمدعي مبقتضى البينة‪.‬‬
‫(ﻭﺇﻥ لم تكن له بينة) أي وإن مل يكن للمدعي شهود على ما ادعاه‪ ،‬أو كان‬
‫عدوال (فالقوﻝ قوﻝ ﺍلمدعى‬ ‫له شهود لكن مل تقبل شهادهتم ألهنم ليسوا ً‬
‫عليه بيمينه) أي ففي هذه احلالة يُصدق املدعى عليه بعد أن حيلف‪ ،‬وعليه فال‬
‫يستحق املدعي شيئًا‪.‬‬
‫(فإﻥ نكل عن ﺍليمين) أي إن امتنع املدعى عليه من اليمني املطلوبة منه‪ ،‬كأن‬
‫يقول‪ :‬أنا ناكل عنها‪ ،‬أو يقول ال أحلف‪ ،‬أو يسكت (ﺭﺩﺕ على ﺍلمدعي‬
‫فيحلف ﻭيستحق) أي يُ ِرجع القاضي اليمني على املدعي‪ ،‬فيطلب منه‬
‫احللف‪ ،‬فإذا حلف املدعي استحق ما ادعاه‪ ،‬ومفهوم كالمه أنه إذا مل حيلف‬
‫املدعي مل يستحق شيئًا‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪510‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ب الْيَ ِد بِيَ ِمينِ ِه‪َ ،‬وإِ ْن َكا َن‬ ‫وإِ َذا تَ َداعيا َشيئًا فِي ي ِد أَح ِد ِهما فَالْ َقو ُل قَ و ُل ص ِ‬
‫اح ِ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ ْ‬ ‫َ‬
‫فِي أَيْ ِديْ ِه َما تَ َحالََفا َو ُج ِع َل بَ ْي نَ ُه َما ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ف َعلَى فِ ْع ِل‬ ‫ْع‪َ .‬وَم ْن َحلَ َ‬ ‫ت َوالْ َقط ُ‬


‫ف َعلَى الْبَ ِّ‬ ‫ف َعلَى فِ ْع ِل نَ ْف ِس ِه َحلَ َ‬ ‫َوَم ْن َحلَ َ‬
‫ف َعلَى نَ ْف ِي‬ ‫ت َوالْ َقطْ ِع‪َ ،‬وإِ ْن َكا َن نَ ْفيًا َحلَ َ‬ ‫ف َعلَى الْبَ ِّ‬ ‫غَْي ِرهِ‪ :‬فَِإ ْن َكا َن إثْ بَاتًا َحلَ َ‬
‫ال ِْعل ِْم(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عما ﺇﺫﺍ تدﺍعيا شيئًا‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫﺍ تدﺍعيا شيئًا في يد ﺃحدهما) أي إذا ادعى كل من اخلصمني أن‬
‫الشيء له‪ ،‬وكان حتت يد أحدمها ومل يكن هلما بينة (فالقوﻝ قوﻝ صاحب ﺍليد‬
‫بيمينه) أي ففي هذه احلالة يُصدق الذي حتت يده ذلك الشيء‪ ،‬بعد أن‬
‫حيلف‪ ،‬فيُح َكم بأن الشيء له‪ .‬مثال ذلك‪ :‬ادعى كل منهما د ًارا يسكن‬
‫وحيكم له هبا‪( .‬ﻭﺇﻥ‬‫أحدمها فيها‪ ،‬ومل تكن هلما بينة فيحلف من يسكن الدار‪ُ ،‬‬
‫كاﻥ في ﺃيديهما) أي إذا كان الشيء الذي ادعياه حتت يدمها ً‬
‫معا‪ ،‬ومل يكن‬
‫هلما بينة (تحالفا ﻭجعل بينهما) أي ففي هذه احلالة حيلف كل منهما على‬
‫املدعى‬
‫قسم َ‬ ‫نفي كونه لآلخر‪ ،‬بأن يقول‪ :‬واهلل إن هذا ليس لك‪ ،‬فإذا حلَفا يُ َ‬
‫دارا يسكنان فيها‪ ،‬ومل تكن هلما‬
‫بينهما نصفني‪ .‬مثال ذلك‪ :‬ادعى كل منهما ً‬
‫بينة فيتحالفان‪ ،‬وي ِ‬
‫قسم احلاكم بينهما هذه الدار نصفني‪.‬‬ ‫َ‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن صفة احللف يف الدعوى‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭمن حلف على فعل نفسه حلف على ﺍلبت ﻭﺍلقطع) البت مبعىن‬
‫القطع‪ ،‬وعليه فيكون العطف من عطف املرادف‪ ،‬واملعىن‪ :‬إذا كان الشخص‬
‫حيلف عن فعل نفسه‪ ،‬سواء كان يثبته أو ينفيه‪ ،‬فال بد من القطع‪ ،‬كأن يقول‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪511‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يف اإلثبات‪ :‬واهلل لقد بعت بكذا‪ ،‬ويف النفي‪ :‬واهلل ما بعت بكذا‪( .‬ﻭمن حلف‬
‫على فعل غيره) أي إذا كان الشخص حيلف عن فعل غريه‪ ،‬ففيه تفصيل؛‬
‫(فإﻥ كاﻥ ﺇثباتًا حلف على ﺍلبت ﻭﺍلقطع ﻭﺇﻥ كاﻥ نفيًا حلف على نفي‬
‫ﺍلعلم) أي فإن كان يُثبِته فيحلف على القطع‪ ،‬كأن يقول‪ :‬واهلل أقرضك ُم ِّورثي‬
‫كذا‪ ،‬وإن كان ينفيه فيحلف على نفي علمه بذلك‪ ،‬كأن يقول‪ :‬واهلل ما‬
‫علمت أن ُم ِّورثي أبرأك من الدين‪.‬‬
‫ُ‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪512‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الشهادة‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع من كتاب األقضية والشهادات‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الشهادة‪.‬‬
‫تعريف الشهادة‪:‬‬
‫شرعا‪ :‬اإلخبار حبق لغريه على غريه بلفظ أشهد‪ ،‬مسي شهادة ألن‬ ‫الشهادة ً‬
‫اإلخبار وقع عن معاينة‪.‬‬
‫أركان الشهادة وصورهتا‪:‬‬
‫أركان الشهادة مخسة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬الشاهد‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬املشهود له‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬املشهود به‪،‬‬
‫والركن الرابع‪ :‬املشهود عليه‪ ،‬والركن اخلامس‪ :‬الصيغة وهي‪ :‬اللفظ الصادر من‬
‫الشاهد الدال على الشهادة‪.‬‬
‫صورة الشهادة‪ :‬أن يقول زيد بعد أن يدعي عمرو على بكر مائة دينار‪" :‬أشهد‬
‫أن لعمرو على بكر مائة دينار"‪ .‬فالشاهد‪ :‬زيد‪ ،‬واملشهود له‪ :‬عمرو‪ ،‬واملشهود‬
‫به‪ :‬املائة دينار‪ ،‬واملشهود عليه‪ :‬بكر‪ ،‬والصيغة‪ :‬قول زيد‪" :‬أشهد إخل"‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن أربع مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪513‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ال‪ِْ :‬‬ ‫صٍ‬ ‫ت فِ ِيه َخم ِ‬ ‫ِ‬


‫اْل ْس ََل ُم‪َ ،‬والْبُ لُوغُ‪،‬‬ ‫سخ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ادةُ َّإْل م َّم ِن ْ‬
‫اجتَ َم َع ْ‬ ‫َوَْل تُ ْقبَ ُل َّ‬
‫الش َه َ‬
‫ط‪ :‬أَ ْن يَ ُكو َن ُم ْجتَنِبًا لِ ْل َكبَائِ ِر‪،‬‬
‫س َش َرائِ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْح ِّريَّةُ‪َ ،‬وال َْع َدالَةُ‪َ .‬ولل َْع َدالَة َخ ْم ُ‬
‫َوال َْع ْق ُل‪َ ،‬وال ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ضِ‬ ‫الس ِر َيرةِ‪َ ،‬مأ ُْمونًا ِع ْن َد الْغَ َ‬
‫يم َّ‬ ‫ِ‬ ‫يل ِمن َّ ِ‬
‫الصغَائ ِر‪َ ،‬سل َ‬
‫ِ‬
‫غَْي َر ُمصر َعلَى الْ َقل ِ ْ‬
‫ِ‬
‫وءةِ ِمثْلِ ِه(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫ُم َحافظًا َعلَى ُم ُر َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن عدد اخلصال اليت تشرتط يف الشاهد‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭلا تقبل ﺍلشهاﺩﺓ ﺇلا ممن ﺍجتمعت فيه خمس خصاﻝ) أي ال يقبل‬
‫أداء الشهادة إال من شخص اجتمعت فيه مخس صفات‪.‬‬
‫(ﺍلإسلاﻡ ﻭﺍلبلوﻍ ﻭﺍلعقل ﻭﺍلحرية ﻭﺍلعدﺍلة) هذه هي اخلصال اخلمس‪.‬‬
‫أي ال تقبل شهادة الكافر والصيب واجملنون واململوك والفاسق‪.‬‬
‫(ﻭللعدﺍلة خمس شرﺍئط) أي عدد شروط حتقق العدالة مخسة‪ ،‬والعدالة لغة‪:‬‬
‫االستقامة‪ ،‬واملراد هبا هنا‪ :‬االستقامة على الدين‪ ،‬وحتصل بتوفر شروطها‪،‬‬
‫والعدل هو‪ :‬املستقيم على دينه‪.‬‬
‫(ﺃﻥ يكوﻥ مجتنبًا للكبائر) هذا الشرط األول‪.‬‬
‫أي أن يكون تارًكا جلميع الذنوب الكبرية‪ ،‬والذنب الكبري هو‪ :‬ما حلق مرتكبه‬
‫وعيد شديد بنص الكتاب أو السنة‪ ،‬مثل القتل والزنا‪ ،‬والذنب الصغري عكسه‪،‬‬
‫وعليه فمن ارتكب كبرية واحدة صار فاس ًقا‪.‬‬
‫(غير مصر على ﺍلقليل من ﺍلصغائر) هذا الشرط الثاين‪.‬‬
‫صًّرا على بعض الذنوب الصغرية‪ ،‬مثل النظر إىل احلرام‪،‬‬ ‫أي أن ال يكون م ِ‬
‫ُ‬
‫واإلصرار هو‪ :‬املداومة عليها‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪514‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫دال‪.‬‬
‫وعليه فمن ارتكب بعض الصغائر ومل يداوم عليها فال يزال ع ً‬
‫وظاهر إطالق املؤلف أن من أصر على ذنب صغري يصري فاس ًقا باإلطالق‪،‬‬
‫واملعتمد يف املذهب أنه ال يصري فاس ًقا إال بشرط عدم غلبة طاعاته على‬
‫معاصيه‪ ،‬وعلى هذا فمن أصر على ذنب صغري‪ ،‬وكانت طاعاته أكثر من‬
‫عدال‪.‬‬
‫معاصيه فال يزال ً‬
‫(سليم ﺍلسريرﺓ) هذا الشرط الثالث‪.‬‬
‫أي أن يكون صحيح العقيدة‪.‬‬
‫عدال‪.‬‬
‫وعليه فاملبتدع الذي يكفر ببدعته أو يفسق ليس ً‬
‫(مأمونًا عند ﺍلغضب) هذا الشرط الرابع‪.‬‬
‫أي أن يؤمن عند غضبه‪ ،‬فال توقعه نفسه حالة الغضب يف قول زور أو إصرار‬
‫عدال‪.‬‬
‫على غيبة أو حنو ذلك‪ ،‬فمن مل يكن مأمونًا عند الغضب فليس ً‬
‫(محافظًا على مرﻭﺀﺓ مثله) هذا الشرط اخلامس‪.‬‬
‫أي أن حيافظ على مروءته‪ ،‬واملروءة هي‪ :‬التخلق بأخالق أمثاله من أهل‬
‫عصره‪ ،‬وختتلف باختالف الزمان واملكان‪.‬‬
‫وعليه فال تقبل شهادة من ال حيافظ على مروءته‪ ،‬مثل من ميشي يف السوق‬
‫مكشوف البدن غري العورة‪ ،‬واملعتمد يف املذهب أن هذا الشرط ليس من‬
‫شروط العدالة‪ ،‬بل من شروط قبول الشهادة‪ ،‬وعليه فهو عدل لكن ال تقبل‬
‫شهادته‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪515‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والْح ُقو ُق َ ِ‬


‫ين‬ ‫ض ْربَان‪ُ :‬ح ُقو ُق اللَّه تَ َعالَى‪َ ،‬و ُح ُقو ُق ْاآل َدميِّ َ‬
‫ين؛ فَأ ََّما ُح ُق ْو ُق ْاآل َدميِّ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ان‪َ ،‬و ُه َو‪َ :‬ما َْل‬ ‫ان ذَ َكر ِ‬ ‫اه َد ِ‬‫ضرب َْل ي ْقبل فِ ِيه َّإْل َش ِ‬ ‫فَ ِهي َعلَى ثَََلثَِة أَ ْ ٍ‬
‫َ‬ ‫ض ُرب‪ُ َ ُ ٌ ْ َ :‬‬ ‫َ‬
‫ان‪ ،‬أ َْو َر ُج ٌل‬ ‫ِ‬
‫ب ي ْقبل فِ ِيه َشاه َد ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪َ ،‬ويَطَّل ُع َعلَْي ِه ِّ‬ ‫ِ‬
‫ض ْر ٌ ُ َ ُ‬ ‫ال‪َ .‬و َ‬ ‫الر َج ُ‬ ‫ص ُد م ْنهُ ال َْم ُ‬‫يُ ْق َ‬
‫ب‬‫ض ْر ٌ‬ ‫ال‪َ .‬و َ‬ ‫ص ُد ِم ْنهُ ال َْم َ‬ ‫ِ‬
‫ين ال ُْم َّدعي‪َ ،‬و ُه َو‪َ :‬ما َكا َن الْ َق ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َو ْام َرأَتَان‪ ،‬أ َْو َشاه ٌد َويَم ُ‬
‫ال‪َ .‬وأ ََّما‬ ‫ان‪ ،‬أ َْو أ َْربَ ُع نِ ْس َوةٍ‪َ ،‬و ُه َو‪َ :‬ما َْل يَطَّلِ ُع َعلَْي ِه ِّ‬
‫الر َج ُ‬ ‫ي ْقبل فِ ِيه رجل و ْامرأَتَ ِ‬
‫ُ َ ُ َُ ٌ َ َ‬
‫ضر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ب َْل‬ ‫ض ْر ٌ‬
‫ب‪َ :‬‬ ‫ِّساءُ‪َ ،‬وه َي َعلَى ثَََلثَة أَ ْ ُ‬ ‫ُح ُقو ُق الله تَ َعالَى فَ ََل تُ ْقبَ ُل ف َيها الن َ‬
‫ان‪َ ،‬و ُه َو‪َ :‬ما ِس َوى‬ ‫ب ي ْقبل فِ ِيه اثْ نَ ِ‬
‫ض ْر ٌ ُ َ ُ‬ ‫يُ ْقبَ ُل فِ ِيه أَقَ ُّل ِم ْن أ َْربَ َع ٍة‪َ ،‬و ُه َو‪ِّ :‬‬
‫الزنَا‪َ .‬و َ‬
‫ضا َن(‪.)1‬‬ ‫اح ٌد‪َ ،‬و ُه َو‪ِ :‬ه ََل ُل َش ْه ِر َرَم َ‬‫ضرب ي ْقبل فِ ِيه و ِ‬ ‫الزنَا ِمن ال ِ‬
‫ْح ُدود‪َ .‬و َ ْ ٌ ُ َ ُ َ‬ ‫ِّ َ ُ‬

‫(‪)1‬‬
‫شرتط يف الشهادة‪.‬‬
‫هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن عدد الشهود ال ُـم َ‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺍلحقوﻕ ضرباﻥ) أي عدد أقسام احلقوق اثنان‪( :‬حقوﻕ ﺍلله تعالى)‬
‫أي القسم األول‪ :‬حقوق خمتصة باهلل تعاىل‪( ،‬ﻭحقوﻕ ﺍلﺂﺩميين) أي القسم‬
‫الثاين‪ :‬حقوق خمتصة باآلدميني‪.‬‬
‫(فأما حقوﻕ ﺍلﺂﺩميين فهي على ثلاثة ﺃضرﺏ) أي عدد أنواع احلقوق املختصة‬
‫باآلدميني ثالثة‪.‬‬
‫(ضرﺏ لا يقبل فيه ﺇلا شاهدﺍﻥ ﺫكرﺍﻥ ﻭهو ما لا يقصد منه ﺍلماﻝ ﻭيطلع‬
‫عليه ﺍلرجاﻝ) أي النوع األول‪ :‬ما مل يكن الغرض منه املال وميكن اطالع‬
‫الرجال عليه غالبًا‪ ،‬كالنكاح واإلقرار‪ ،‬فهذا يثبت بشهادة رجلني فقط وال يقبل‬
‫فيه شهادة النساء‪.‬‬
‫(ﻭضرﺏ يقبل فيه شاهدﺍﻥ ﺃﻭ ﺭجل ﻭﺍمرﺃتاﻥ ﺃﻭ شاهد ﻭيمين ﺍلمدعي ﻭهو‬
‫ما كاﻥ ﺍلقصد منه ﺍلماﻝ) أي النوع الثاين‪ :‬ما كان الغرض منه املال‪ ،‬كالبيع‪،‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪516‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ب‪ ،‬وال ِْمل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬


‫ْك‬ ‫َّس ِ َ‬
‫ادةُ ْاْلَ ْع َمى َّإْل في ستَّة َم َواض َع‪ :‬الْ َم ْوت‪َ ،‬والن َ‬ ‫َوَْل تُ ْقبَ ُل َش َه َ‬
‫ضب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وط(‪.)1‬‬ ‫ال ُْمطْلَ ِق‪َ ،‬والت َّْر َج َمة‪َ ،‬وَما َش ِه َد بِه قَ ْب َل ال َْع َمى‪َ ،‬وَما َش ِه َد بِه َعلَى ال َْم ْ ُ‬

‫فهذا يثبت بشهادة رجلني أو رجل وامرأتني‪ ،‬أو رجل مع ميني املدعي‪ ،‬وعلى‬
‫هذا لو ادعى شخص أن له على فالن ماالً‪ ،‬وأنكر املدعى عليه‪ ،‬وليس مع‬
‫ف املدعي‪.‬‬‫املدعي إال رجل واحد يشهد معه؛ فيستحق ما ادعاه إذا َحلَ َ‬
‫(ﻭضرﺏ يقبل فيه ﺭجل ﻭﺍمرﺃتاﻥ ﺃﻭ ﺃﺭبع نسوﺓ ﻭهو ما لا يطلع عليه ﺍلرجاﻝ)‬
‫أي النوع الثالث‪ :‬ما ال ميكن اطالع الرجال عليه غالبًا‪ ،‬كالوالدة والرضاع‪،‬‬
‫فهذا يثبت بشهادة رجلني أو رجل وامرأتني أو أربع نساء‪.‬‬
‫(وأما حقوق الل تعالى فَل تقبل فيها النساء وهي على ثَلثة أضرب) أي احلقوق‬
‫املختصة باهلل تعاىل ال تثبت بشهادة النساء مطل ًقا‪ ،‬وعدد أنواعها ثالثة‪.‬‬
‫(ضرﺏ لا يقبل فيه ﺃقل من ﺃﺭبعة ﻭهو ﺍلزنا) أي النوع األول‪ :‬حد الزنا‪،‬‬
‫فثبوت الزنا على املتهم ال يُقبل فيه أقل من أربعة رجال‪.‬‬
‫(ﻭضرﺏ يقبل فيه ﺍثناﻥ ﻭهو ما سوﻯ ﺍلزنا من ﺍلحدﻭﺩ) أي النوع الثاين‪:‬‬
‫ثبوت باقي احلدود غري الزنا كحد شرب اخلمر‪ ،‬فال يثبت بأقل من رجلني‪.‬‬
‫(ﻭضرﺏ يقبل فيه ﻭﺍحد ﻭهو هلاﻝ شهر ﺭمضاﻥ) أي النوع الثالث‪ :‬ثبوت‬
‫هالل شهر رمضان‪ ،‬فيثبت بشهادة رجل واحد‪ ،‬ويفهم من كالمه أن هالل‬
‫بقية الشهور ال يثبت بأقل من رجلني‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن حكم شهادة األعمى‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭلا تقبل شهاﺩﺓ ﺍلأعمى ﺇلا في ستة موﺍضع) أي األصل أن شهادة‬
‫األعمى غري مقبولة‪ ،‬ويستثىن ستة مواضع تقبل فيها شهادته‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪517‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ادةُ َجار لِنَ ْف ِس ِه نَ ْف ًعا َوَْل َدافِ ٍع َع ْن َها َ‬


‫ض َرًرا(‪.)1‬‬ ‫َوَْل تُ ْقبَ ُل َش َه َ‬

‫(ﺍلموﺕ) أي املوضع األول‪ :‬أن يشهد مبوت أحد من الناس‪.‬‬


‫(ﻭﺍلنسب) أي املوضع الثاين‪ :‬أن يشهد بإثبات نسب ألحد من الناس‪ ،‬كأن‬
‫يشهد بأن فالنًا هو ابن فالن‪.‬‬
‫(ﻭﺍلملك ﺍلمطلق) أي املوضع الثالث‪ :‬أن يشهد بامللك املطلق ألحد من‬
‫الناس‪ ،‬واملراد باملطلق غري املقيد بسبب كالشراء‪ ،‬وعليه فلو شهد أعمى بأن‬
‫الدار ملك لزيد قُبِلت شهادته‪ ،‬خبالف ما لو شهد بأن ز ً‬
‫يدا اشرتاها فال تقبل‬
‫شهادته‪.‬‬
‫(ﻭﺍلترجمة) أي املوضع الرابع‪ :‬أن يرتجم الكالم‪ ،‬ألنه يشهد بأن معىن الكالم‬
‫الذي مسعه هو كذا وكذا‪.‬‬
‫(ﻭما شهد به قبل ﺍلعمى) أي املوضع اخلامس‪ :‬أن يشهد مبا َحتمل شهادته قبل‬
‫عمرا داره‪ ،‬مث عمي بعد ذلك فهنا تقبل‬‫يدا باع ً‬‫إصابته بالعمى‪ ،‬كأن رأى ز ً‬
‫شاهدته بالبيع؛ ألنه حتملها قبل العمى‪.‬‬
‫(ﻭما شهد به على ﺍلمضبوﻁ) أي املوضع السادس‪ :‬أن يشهد على شخص‬
‫ميسكه‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬أن يقر شخص يف أذن أعمى بطالق‪ ،‬فيتعلق األعمى به‬
‫وميسكه حىت يشهد عليه مبا مسعه منه عند القاضي‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫نفعا أو يدفع عنها‬
‫هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن حكم شهادة من جير لنفسه ً‬
‫ضررا‪.‬‬
‫ً‬
‫قوله‪( :‬ﻭلا تقبل شهاﺩﺓ جاﺭ لنفسه نف ًعا) أي ال تقبل الشهادة ممن جيلب‬
‫ماال عند فالن‪،‬‬
‫نفعا بشهادته‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬أن يشهد الورثة بأن للميت ً‬ ‫لنفسه ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪518‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ضررا) أي ال‬
‫فال تقبل شهادهتم؛ ألن مآل املال يكون هلم‪( ،‬ﻭلا ﺩﺍفع عنها ً‬
‫ضررا بشهادته‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬أن تشهد عاقلة‬‫تقبل الشهادة ممن يدفع عن نفسه ً‬
‫عمدا‪ ،‬فال تقبل شهادهتم؛ ألهنم بذلك يدفعون الدية عن‬ ‫القاتل بأنه قتل ً‬
‫أنفسهم‪.‬‬
‫ويشري املؤلف هبذه املسألة إىل أنه يشرتط يف قبول الشهادة عدم التُّهمة للشاهد‬
‫ضررا عنه‪.‬‬
‫نفعا إليه أو يدفع هبا ً‬
‫وهي‪ :‬أن َجيُر بشهادته ً‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪519‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫كتاب العتق‬

‫(‪ )1‬هذا الكتاب السادس من قسم املكمالت‪.‬‬


‫تعريف العتق‪:‬‬
‫العتق لغة‪ :‬احلرية‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬ختليص اململوك من الرق تقربًا هلل تعاىل‪.‬‬
‫ً‬
‫فخصت الرقبة دون سائر‬ ‫ويقال ملن أعتق مملوًكا‪ :‬أعتق رقبة‪ ،‬وفك رقبة‪ُ ،‬‬
‫األعضاء‪ ،‬مع أن العتق تناول اجلميع؛ لكون الرقبة فيها معظم احلياة‪ ،‬بل‬
‫مجيعها‪ ،‬فإذا قطعت زالت حياته‪ ،‬خبالف غريها من اليدين والرجلني وغري‬
‫ذلك‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬كتاب العتق مكمل لقسم العبادات‪ ،‬ولقسم األموال؛ فهو مكمل لقسم‬
‫العبادات ألن العتق عبادة‪ ،‬ومكمل لقسم األموال ألن املماليك من مجلة‬
‫األموال‪.‬‬
‫أركان العتق وصورته‪:‬‬
‫أركان العتق ثالثة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬املعتِق‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬العتيق‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬الصيغة وهي‪ :‬اللفظ‬
‫الصادر من املعتِق الدال على العتق‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪520‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫صورة العتق‪ :‬أن يقول زيد ململوكه عمرو‪" :‬أعتقتك"‪ .‬فاملعتق‪ :‬زيد‪ ،‬والعتيق‪:‬‬
‫عمرو‪ ،‬والصيغة‪ :‬قول زيد‪" :‬أعتقتك"‬
‫مناسبة ختم املختصر بكتاب العتق‪:‬‬
‫ناسب أن خيتم املؤلف هذا املختصر بكتاب العتق رجاء ا ِ‬
‫لعتق من النار؛‬ ‫َ‬
‫فنسأل اهلل تعاىل أن يعتقنا وإياه من النار‪.‬‬
‫عدد فصول هذا الكتاب‪:‬‬
‫هذا الكتاب حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخسة فصول‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪521‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل أحكام عتق اململوك القن‬


‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل األول من كتاب العتق‪.‬‬


‫واملؤلف مل يذكر هذا الفصل‪ ،‬وإمنا ذكرته بناء على احملتوى الذي ذكره املؤلف‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام عتق اململوك ِ‬
‫الق ِّن‪.‬‬
‫تعريف اململوك ِ‬
‫الق ِّن‪:‬‬
‫الق ُّن‪ :‬هو اململوك الذي مل يتعلق به شيء من مقدمات العتق سواء‬ ‫اململوك ِ‬
‫عبدا أو أمة‪ ،‬فهو غري املكاتَب واملدبر و ِّأم الولد‪.‬‬
‫كان ً‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مخس مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪522‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ف فِي ِمل ِ‬
‫ْك ِه(‪.)1‬‬ ‫ك جائِ ِز التَّص ُّر ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َويَص ُّح الْع ْت ُق م ْن ُك ِّل َمال َ‬
‫ْكنَايَِة َم َع النِّ يَّ ِة(‪.)2‬‬
‫يح ال ِْع ْت ِق‪ ،‬وال ِ‬
‫َ‬ ‫ص ِر ِ‬‫َويَ َق ُع بِ َ‬
‫ض َع ْب ٍد َعتَ َق َج ِميعُهُ(‪.)3‬‬ ‫َوإِذَا أَ ْعتَ َق بَ ْع َ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عمن يصح عتقه‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ويصح العتق) أي يصح اإلعتاق من الشحص بشرطني‪( :‬من كل مالك) أي‬
‫الشرط األول‪ :‬أن يكون مال ًكا للمملوك‪( ،‬جائز ﺍلتصرﻑ في ملكه) أي الشرط‬
‫رشيدا‪ ،‬وعلى هذا‬‫الثاين‪ :‬أن يكون نافذ التصرف فيما ميلكه‪ ،‬أي أن يكون بالغًا عاق ًال ً‬
‫فال يصح العتق من غري مالك أو من صيب أو جمنون أو سفيه حمجور عليه‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن صيغة العتق‪.‬‬
‫وصيغة العتق هي‪ :‬اللفظ الذي حيصل به العتق‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيقع) أي وحيصل العتق بنوعني من األلفاظ‪( :‬بصريح ﺍلعتق) أي النوع‬
‫األول‪ :‬لفظ صريح أي ال حيتمل إال العتق‪ ،‬وهو ثالثة ألفاظ‪ :‬اللفظ األول‪:‬‬
‫اإلعتاق وما اشتق منه‪ ،‬كقوله ململوكه‪ :‬أعتقتك‪ ،‬واللفظ الثاين‪ :‬التحرير وما‬
‫اشتق منه‪ ،‬كقوله ململوكه‪ :‬أنت حر‪ ،‬واللفظ الثالث‪ :‬فك الرقبة وما اشتق منه‪،‬‬
‫كقوله ململوكه‪ :‬أنت مفكوك الرقبة‪ ،‬فهذا يقع به العتق مبجرد اللفظ سواء كان‬
‫جادا أو هازًال‪ ،‬وال حيتاج إىل نية العتق‪( ،‬ﻭﺍلكناية مع ﺍلنية) أي النوع الثاين‪:‬‬ ‫ًّ‬
‫لفظ كناية أي حيتمل العتق وغريه‪ ،‬مثل قوله ململوكه‪ :‬ال ملك ل عليك‪ ،‬فهذا‬
‫ال يقع به العتق إال إذا نواه‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عما إذا أعتق بعض عبده‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫﺍ ﺃعتق) أي السيد (بعض عبد) أي جزءًا من مملوكه سواء كان ً‬
‫عبدا‬
‫حرا‪ ،‬سواء كان ذلك اجلزء معيـنًا‬ ‫أو أمة‪( ،‬عتق جميعه) أي صار مجيع اململوك ًّ‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪523‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وس ٌر َس َرى ال ِْع ْت ُق إلَى بَاقِ ِيه‪َ ،‬وَكا َن َعلَْي ِه‬


‫وإِ ْن أَ ْعتَ َق ِشرًكا لَهُ فِي َعب ٍد و ُهو م ِ‬
‫ْ َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يك ِه(‪.)1‬‬
‫يب َش ِر ِ‬
‫ص ِ‬ ‫قِيمةُ نَ ِ‬
‫َ‬
‫ود ِيه َعتَ َق َعلَْيه ‪.‬‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك واح ًدا من وال ِد ِيه أَو مولُ ِ‬
‫ْ َْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َوَم ْن َملَ َ َ‬

‫أو ال‪ ،‬مثل أن يقول ململوكه‪ :‬أعتقت يدك‪ ،‬أو يقول له‪ُ :‬ربـُعُك حر‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عما إذا أعتق ِشرًكا له يف عبد‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺇﻥ ﺃعتق شر ًكا له في عبد) أي إذا كان اململوك َ‬
‫مشرتًكا بني اثنني وأعتق‬
‫أحدمها نصيبه يف اململوك‪ ،‬كأن يقول‪ :‬أعتقت نصييب‪( ،‬ﻭهو موسر) أي وكان‬
‫موسرا (سرﻯ ﺍلعتق ﺇلى باقيه) أي فإن العتق يسري إىل نصيب شريكه‬ ‫ِ‬
‫املعتق ً‬
‫حرا‪( ،‬ﻭكاﻥ عليه قيمة نصيب شريكه) أي فيلزم املعتِق‬ ‫اآلخر فيصري مجيع العبد ًّ‬
‫عبدا‪،‬‬
‫يف هذه احلالة أن يدفع إىل شريكه قيمة نصيبه‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬اثنان ميلكان ً‬
‫كل واحد منهما ميلك منه نصفه‪ ،‬فإذا أعتق أحدمها نصيبه وكان قيمة العبد‬
‫عشرين درمهًا فيلزم املعتِق أن يدفع عشرة دراهم لآلخر‪ ،‬ويفهم من كالم املؤلف‪:‬‬
‫معسرا فإنه يَعتَق نصيبُه فقط من اململوك وال يسري العتق إىل‬ ‫ِ‬
‫أنه إذا كان املعتق ً‬
‫ضا أي بعضه حر وبعضه مملوك‪ .‬واملراد‬ ‫باقيه‪ ،‬وعلى هذا فيصري العبد ُمبَـع ً‬
‫باملوسر هنا‪ :‬من معه مال وقت اإلعتاق يفي بقيمة شريكه‪ ،‬واملعسر عكسه‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عمن ملك أحد والديه أو مولوديه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭمن ملك) أي إذا ملك الشخص (واح ًدا من ﻭﺍلديه) أي سواء كانوا‬
‫حدا من أوالده‪ ،‬سواء‬ ‫ذكورا أو إناثًا وإن علو‪( ،‬ﺃﻭ مولوﺩيه) أي أو ملك أ ً‬ ‫ً‬
‫حرا مبجرد امللك‪،‬‬ ‫ذكورا أو إناثًا وإن نزلوا‪( ،‬عتق عليه) أي صار اململوك ًّ‬ ‫كانوا ً‬
‫سواء كان امللك قهريًّا كاإلرث‪ ،‬أو اختياريًّا كالشراء‪.‬‬
‫حرا مبجرد ملك االبن له‪.‬‬ ‫األب يصري ًّ‬
‫اململوك‪ ،‬فإن َ‬ ‫َ‬ ‫االبن أباه‬
‫مثال ذلك‪ :‬اشرتى ُ‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪524‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام الوالء‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثاين من كتاب العتق‪.‬‬


‫الوالء‪.‬‬
‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام َ‬
‫الوالء‪:‬‬
‫تعريف َ‬
‫الوالء ـ بفتح الواو ـ لغة‪ :‬القرابة‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬قرابة حكمية بني املعتِق وعتيقه‪ ،‬أي يف احلقيقة ليس بني املعتِق وعتيقه‬
‫ً‬
‫قرابة‪ ،‬لكن حكمهما كحكم من بينهما قرابة من حيث استحقاق اإلرث وغري‬
‫ذلك‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن مسألتني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪525‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫يب ِع ْن َد َع َد ِم ِه‪َ ،‬ويَ ْنتَ ِق ُل‬


‫ص ِ‬‫َّع ِ‬ ‫والْوَْلء ِمن ح ُق ِ‬
‫وق ال ِْع ْت ِق‪َ ،‬و ُح ْك ُمهُ ُح ْك ُم الت ْ‬ ‫َ َ ُ ْ ُ‬
‫ات فِي ال َْوَْل ِء‬ ‫الذ ُكوِر ِمن َعصبتِ ِه‪ ،‬وتَرتِْيب الْعصب ِ‬ ‫ال َْوَْلءُ َع ْن ال ُْم ْعتِ ِق إلَى ُّ‬
‫ْ ََ َ ْ ُ َ ََ‬
‫اْلر ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ث(‪.)1‬‬ ‫َكتَ ْرتيبِ ِه ْم في ِْ ْ‬
‫وز بَ ْي ُع ال َْوَْل ِء َوَْل ِهبَتُهُ(‪.)2‬‬
‫َوَْل يَ ُج ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن الوالء لِ َمن يكون؟‬


‫قوله‪( :‬ﻭﺍلوْلﺀ من حقوﻕ ﺍلعتق) أي الوالء من الفوائد الالزمة للعتق‪ ،‬فيكون‬
‫للذي باشر العتق وال ينتفي الوالء عنه‪ ،‬وعلى هذا فلو أعتق العبد على أن ال‬
‫والء له صح العتق وبطل الشرط‪( .‬ﻭحكمه حكم ﺍلتعصيب عند عدمه) أي يأخذ‬
‫حكم التعصيب بالنسب إذا مل يوجد للعتيق عصبة نسب‪ ،‬وعلى هذا‬ ‫الوالءُ َ‬
‫فريثه املعتِق‪ ،‬ويكون وليًّا له يف النكاح‪( .‬ﻭينتقل ﺍلولاﺀ عن ﺍلمعتق ﺇلى ﺍلذكوﺭ‬
‫من عصبته) أي إذا مات املعتِق فإن الوالء ينتقل عنه إىل عصبته الذكور‪( ،‬ﻭترتيب‬
‫ﺍلعصباﺕ في ﺍلولاﺀ كترتيبهم في ﺍلإﺭﺙ) أي ويكون ترتيبهم يف األولوية مثل‬
‫ترتيبهم يف اإلرث‪ ،‬لكن يقدم هنا أخو املعتق وابن أخيه على جد املعتق‪ ،‬وعلى‬
‫هذا فينتقل الوالء بعد موت املعتِق إىل ابنه‪ ،‬مث إىل ابن ابنه وهكذا‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬يُفهم من كالم املؤلف أن الوالء ال يثبت لعصبة املعتق مع وجود املعتق‬
‫وليس كذلك‪ ،‬بل يثبت هلم الوالء يف حياته‪ ،‬واملتأخر هلم عنه إمنا هو الفوائد‬
‫املرتتبة على الوالء كاإلرث وحنوه‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن بيع الوالء وهبته‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭلا يجوﺯ بيع ﺍلولاﺀ ﻭلا هبته) أي يرتتب على أن الوالء من حقوق‬
‫العتق أنه ال يصح بيعه لغريه‪ ،‬وال يصح أن يهبه له؛ ألن الوالء كالنسب فكما‬
‫ال يصح بيع النسب وال هبته‪ ،‬فكذلك ال يصح بيع الوالء وال هبته‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪526‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام املدبر‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الثالث من كتاب العتق‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام الـ ُمدبر‪.‬‬
‫تعريف الـ ُمدبر‪:‬‬
‫الدبُر‪ .‬وسيأيت تعريفه عند الفقهاء‪.‬‬
‫املدبر لغة‪ :‬مأخوذ من ُ‬
‫أركان التدبري وصورته‪:‬‬
‫أركان التدبري ثالثة‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬املالك‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬اململوك‪ ،‬والركن الثالث‪ :‬الصيغة وهي‪:‬‬
‫اللفظ الصادر من املالك الدال على التدبري‪.‬‬
‫مت فأنت حر"‪ .‬فاملالك‪ :‬زيد‪،‬‬
‫صورة التدبري‪ :‬أن يقول زيد ململوكه عمرو‪" :‬إذا ُّ‬
‫مت إخل"‬
‫واململوك‪ :‬عمرو‪ ،‬والصيغة‪ :‬قول زيد‪" :‬إذا ُّ‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪527‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ت فَأَ ْن تَ ُح ٌّر" فَ ُه َو ُم َدبَّ ٌر‪ ،‬يَ ْعتِ ُق بَ ْع َد َوفَاتِِه ِم ْن ثُلُثِ ِه(‪.)1‬‬‫ال لِ َع ْب ِدهِ‪" :‬إ َذا ِم ُّ‬
‫َوَم ْن قَ َ‬
‫ال َحيَاتِِه‪َ ،‬ويَ ْبطُ ُل تَ ْدبِ ُيرهُ(‪.)2‬‬ ‫وز لَهُ أَ ْن يَبِ َيعهُ فِي َح ِ‬‫َويَ ُج ُ‬
‫ال َحيَاةِ َّ‬
‫السيِّ ِد َك ُح ْك ِم ال َْع ْب ِد ال ِْق ِّن(‪.)3‬‬ ‫و ُح ْكم الْم َدبَّ ِر فِي َح ِ‬
‫َ ُ ُ‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي تعريف املدبر وحكمه‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭمن قاﻝ لعبده ﺇﺫﺍ مت فأنت حر فهو مدبر) أي املدبر هو‪ :‬اململوك‬
‫مت فأنت حر‪ ،‬مسي بذلك‬ ‫الذي علق سيِّ ُده عت َقه مبوته‪ ،‬مثل أن يقول‪ :‬إذا ُّ‬
‫ألنه يعتق بعد ما يُ ْدبُِر سيده أي ميوت‪ ،‬واملوت ُدبـُُر احلياة‪ .‬ويشري املؤلف هبذا‬
‫إىل أنه يشرتط يف التدبري لفظ يدل عليه سواء كان صرحيًا وهو‪ :‬ما ال حيتمل‬
‫غري التدبري‪ ،‬كاللفظ الذي ذكره املؤلف‪ ،‬أو كان كناية مع النية‪ :‬وهو ما حيتمل‬
‫التدبري وغريه‪ ،‬كقوله‪ :‬خليت سبيلك بعد مويت‪ ،‬ناويًا به العتق‪( .‬يعتق بعد‬
‫ﻭفاته من ثلثه) أي حكم املدبر أنه يعتق بعد موت سيده‪ ،‬ويكون حمسوبًا من‬
‫ثلث مال الرتكة‪ ،‬وعلى هذا لو كانت قيمة املدبر أكثر من ثلث املال فيعتق منه‬
‫مقدار ثلث املال فقط‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن بيع املدبر‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭيجوﺯ له ﺃﻥ يبيعه في حاﻝ حياته) أي يصح ويباح للسيد بيع العبد‬
‫ورجوعا‬
‫ً‬ ‫املدبر يف حال حياته (ﻭيبطل تدبيره) أي ويكون بيعه ً‬
‫إبطاال لتدبريه‬
‫عنه‪ ،‬ويشري املؤلف هبذا إىل أن الرجوع عن تدبري العبد ال يكون إال مبا يزيل‬
‫وهبته وحنومها‪ ،‬وعليه فلو قال لعبده املدبر‪ :‬فسخت تدبريك أو‬ ‫ملكه عنه‪ ،‬كبيعه ِ‬
‫مدبرا‪.‬‬
‫رجوعا عن التدبري‪ ،‬بل يبقى العبد ً‬
‫أبطلته مل يكن ً‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن حكم املدبر يف حياة سيده‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪528‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫قوله‪( :‬ﻭحكم ﺍلمدبر في حاﻝ حياﺓ ﺍلسيد كحكم ﺍلعبد ﺍلقن) أي يف سائر‬
‫األحكام‪ ،‬وعليه فيصح بيعه وهبته‪ ،‬وما اكتسبه املدبر من مال قبل موت سيده‬
‫يكون للسيد‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬يستثىن من إطالق املؤلف الرهن‪ ،‬فإنه يصح رهن العبد القن وال يصح‬
‫رهن املدبر‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪529‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام املكاتب‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل الرابع من كتاب العتق‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام املكاتَب‪.‬‬
‫تعريف املكاتَب‪:‬‬
‫املكاتب‪ :‬ـ بفتح التاء ـ لغة‪ :‬مشتق من الكتابة‪.‬‬
‫عقدا على مال مؤجل‪،‬‬‫وعند الفقهاء هو‪ :‬اململوك الذي عقد السيد بينه وبينه ً‬
‫حرا‪ ،‬مسي‬
‫يسعى العبد يف حتصيله‪ ،‬فإن حصل عليه قبل انتهاء األجل صار ً‬
‫بذلك ألن العقد يُوثق بالكتابة غالبًا‪.‬‬
‫أركان الكتابة وصورهتا‪:‬‬
‫أركان الكتابة أربعة‪ :‬الركن األول‪ :‬املالك‪ ،‬والركن الثاين‪ :‬اململوك‪ ،‬والركن الثالث‪:‬‬
‫املال‪ ،‬والركن الرابع‪ :‬الصيغة وهي‪ :‬اإلجياب والقبول‪ ،‬فاإلجياب هو‪ :‬اللفظ‬
‫الصادر من املالك الدال على ابتداء العقد‪ ،‬والقبول هو‪ :‬اللفظ الصادر من‬
‫اململوك الدال على استجابته للعقد‪.‬‬
‫صورة الكتابة‪ :‬أن يقول زيد ململوكه عمرو‪" :‬كاتبتك على ألف درهم إىل‬
‫قبلت"‪ .‬فاملالك‪:‬‬
‫سنتني‪ ،‬تؤدي عند انقضاء كل سنة مخسمائة"‪ ،‬فيقول العبد‪ُ " :‬‬
‫زيد‪ ،‬واململوك‪ :‬عمرو‪ ،‬واملال‪ :‬األلف درهم‪ ،‬واإلجياب‪ :‬قول زيد‪" :‬كاتبتك‬
‫إخل"‪ ،‬والقبول‪ :‬قول عمرو‪" :‬قبلت"‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ست مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪530‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ْكتَابَةُ ُم ْستَ َحبَّةٌ إذَا َسأَلَ َها ال َْع ْب ُد َوَكا َن َمأ ُْمونًا ُم ْكتَ ِسبًا(‪.)1‬‬
‫وال ِ‬
‫َ‬
‫وم‪ ،‬أَقَ لُّهُ‪ :‬نَ ْجم ِ‬‫وم‪ ،‬إلَى أَج ٍل معلُ ٍ‬ ‫ال معلُ ٍ‬ ‫وَْل تَ ِ‬
‫ان(‪.)2‬‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ص ُّح َّإْل بِ َم ٍ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ب َجائَِزةٌ‪ ،‬فَ لَهُ تَ ْع ِج ُيز نَ ْف ِس ِه‬ ‫ِ‬
‫السيِّ ِد َْل ِزَمةٌ‪َ ،‬وم ْن ِج َه ِة ال ُْم َكاتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫َوه َي م ْن ِج َه ِة َّ‬ ‫ِ‬
‫اء(‪.)3‬‬ ‫َوفَ ْس ُخ َها َمتَى َش َ‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عن حكم الكتابة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﺍلكتابة مستحبة) أي حكمها أهنا مستحبة للسيد بثالثة شروط‪( :‬ﺇﺫﺍ‬
‫سألها ﺍلعبد) أي الشرط األول‪ :‬أن يطلبها العبد من السيد‪( ،‬ﻭكاﻥ مأموًنا)‬
‫أي الشرط الثاين‪ :‬أن يكون العبد أمينًا فيما يكسبه من املال حبيث ال يضيعه‬
‫يف معصية‪( ،‬مكتسبًا) أي الشرط الثالث‪ :‬أن يكون ً‬
‫قادرا على عمل يويف به‬
‫املال املطلوب أداؤه‪ ،‬وعلى هذا فلو فُِقد شرط من هذه الثالثة فإن الكتابة ال‬
‫تستحب بل تباح‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عما يشرتط لصحة الكتابة‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭلا تصح ﺇلا بماﻝ معلوﻡ) أي يشرتط لصحة الكتابة ثالثة شروط‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬أن يكون املال املطلوب أداؤه معلوم اجلنس والقدر والصفة‪( ،‬ﺇلى‬
‫ﺃجل معلوﻡ) أي الشرط الثاين‪ :‬أنيكون أداؤه مؤخًرا إىل وقت معلوم‪( ،‬ﺃقله‬
‫نجماﻥ) أي الشرط الثالث‪ :‬أن يكون على أجنم‪ ،‬أي أوقات متفرقة‪ ،‬أي أن‬
‫املال املطلوب يؤدى مقسطًا على أوقات متفرقة‪ ،‬أقلُّها وقتان‪ ،‬وال حد ألكثرها‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬أن يقول السيد لعبده‪ :‬كاتبتك على ألف درهم إىل سنتني‪ ،‬تؤدي‬
‫قبلت‪.‬‬
‫عند انقضاء كل سنة مخسمائة‪ ،‬فيقول العبد‪ُ :‬‬
‫فإن فُِقد شرط من تلك الشروط الثالثة فإن الكتابة ال تصح‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عن فسخ الكتابة‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪531‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫ال(‪.)1‬‬ ‫ف فِيما فِي يَ ِدهِ ِم ْن الْم ِ‬ ‫ْم َكاتَ ِ‬ ‫ِ‬


‫َ‬ ‫َّص ُّر ُ َ‬ ‫ب الت َ‬ ‫َولل ُ‬
‫ين بِ ِه َعلَى أ ََد ِاء نُ ُج ْوِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫ض َع َع ْنهُ م ْن َمال الْكتَابَة َما يَ ْستَع ُ‬ ‫السيِّ ِد أَ ْن يَ َ‬
‫َو َعلَى َّ‬
‫ْكتَابَِة(‪.)2‬‬‫ال ِ‬
‫وع َع ْنهُ(‪.)3‬‬‫ض ِ‬ ‫وَْل يَ ْعتِ ُق َّإْل بِأ ََد ِاء َج ِمي ِع الْم ِ‬
‫ال بَ ْع َد الْ َق ْد ِر ال َْم ْو ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله‪( :‬ﻭهي) أي الكتابة (من جهة ﺍلسيد لاﺯمة) أي ال جيوز للسيد فسخها‬
‫(ﻭمن جهة ﺍلمكاتب) أي اململوك (جائزﺓ فله تعجيز نفسه) أي إظهار‬
‫عجزه‪ ،‬كأن يقول‪ :‬عجزت نفسي (وفسحها متى شاﺀ) أي وله أن يفسخها‬
‫ادرا على أداء املال‪ ،‬وإذا عجز نفسه أو فسخ‬ ‫يف أي وقت شاء‪ ،‬ولو كان ق ً‬
‫الكتابة عاد مملوًكا قنًّا‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الرابعة‪ ،‬وهي عن تصرف املكاتب يف املال‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭللمكاتب) أي جيوز للمملوك (ﺍلتصرﻑ فيما في يده من ﺍلماﻝ) أي‬
‫الذي اكتسبه‪ ،‬بأن يبيعه أو يؤجره أو حنو ذلك‪ ،‬ويشري املؤلف هبذا إىل أن‬
‫املكاتب ميلك ما يكتسبه من مال إال أنه حمجور عليه فيه ألجل حق السيد‪،‬‬
‫فال يتصرف مبا فيه تربع أو خطر‪ ،‬وعليه فال جيوز له هبة املال وال إقراضه‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة اخلامسة‪ ،‬وهي عن وضع جزء من مال الكتابة ‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭعلى ﺍلسيد) أي جيب عليه (ﺃﻥ يضع عنه من ماﻝ ﺍلكتابة) أي أن‬
‫حيط شيئًا من مال الكتابة قبل عتق العبد (ما يستعين به على ﺃﺩﺍﺀ نجوﻡ‬
‫ﺍلكتابة) أي شيئًا يعينه على أداء مال الكتابة لتحصيل العتق‪ ،‬والواجب َح ُّ‬
‫ط‬
‫أقل متمول‪ ،‬واألَوىل أن حيط عنه ربع مال الكتابة‪ ،‬ويقوم مقام احلط‪ :‬الدفع‪،‬‬
‫املكاتب شيئًا من املال‪.‬‬
‫َ‬ ‫السيد‬
‫كأن يعطي ُ‬
‫(‪ )3‬هذه املسألة السادسة‪ ،‬وهي عن مىت يعتق املكاتب؟‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪532‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫حرا (ﺇلا بأﺩﺍﺀ جميع‬


‫قوله‪( :‬ﻭلا يعتق) أي ال يصري شيء من اململوك املكاتب ًّ‬
‫ﺍلماﻝ) أي مال الكتابة (بعد القدر الموضوع عنه) أي من غري القدر الذي‬
‫َحطِّه السيد عنه‪ ،‬وعليه فلو بقي عليه شيء من مال الكتابة ولو درمهًا مل يعتق‬
‫منه شيء‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪533‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫(‪)1‬‬
‫فصل أحكام أم الولد‬

‫(‪ )1‬هذا الفصل اخلامس من كتاب العتق‪.‬‬


‫وموضوع هذا الفصل‪ :‬أحكام أم الولد‪.‬‬
‫تعريف أم الولد‪:‬‬
‫أم الولد‪ :‬هي األمة اليت أتت بولد من سيِّدها‪.‬‬
‫عدد مسائل هذا الفصل‪:‬‬
‫هذا الفصل حبسب ما ذكر املؤلف يتضمن ثالث مسائل‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪534‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫آد ِمي َح ُرَم‬ ‫ِ‬


‫ت َما تَ بَ يَّ َن فِ ِيه َش ْيءٌ م ْن َخل ِْق َ‬‫ض َع ْ‬
‫السيِّ ُد أ ََمتَهُ‪ ،‬فَ َو َ‬‫اب َّ‬ ‫َص َ‬ ‫َوإِذَا أ َ‬
‫ف فِيها بِ ِاْلستِ ْخ َد ِام والْوط ِ‬
‫ْء‪َ ،‬وإِ َذا‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّص ُّر ُ َ‬ ‫َعلَْي ِه بَ ْي عُ َها َوَرْهنُ َها َو ِهبَتُ َها‪َ ،‬و َج َ‬
‫از لَهُ الت َ‬
‫س مالِ ِه قَ ْبل ُّ ِ‬ ‫السيِّ ُد عت َق ْ ِ‬
‫صايَا(‪.)1‬‬‫الديُون َوال َْو َ‬ ‫َ‬ ‫ت م ْن َرأْ ِ َ‬ ‫ات َّ َ َ‬ ‫َم َ‬
‫َوَولَ ُد َها ِم ْن غَْي ِرهِ بِ َم ْن ِزلَتِ َها(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬هذه املسألة األوىل‪ ،‬وهي عمن أصاب أمته‪.‬‬


‫قوله‪( :‬ﻭﺇﺫﺍ ﺃصاﺏ ﺍلسيد ﺃمته) أي إذا وطئ الرجل احلر أمته‪ ،‬سواء كان الوطء‬
‫حالال أو حر ًاما‪ ،‬كأن وطئها يف احليض‪( ،‬فوضعت ما تبين فيه شيﺀ من‬ ‫ً‬
‫خلق ﺁﺩمي) أي فحملت منه ووضعت إنسانًا كامالً أو مضغة ظهر فيها شيء‬
‫من صورة خلق اآلدمي (حرﻡ عليه بيعها ﻭﺭهنها ﻭهبتها) أي فإهنا تصري‬
‫بذلك أم ولد‪ ،‬ويرتتب عليه ثالثة أحكام‪ :‬احلكم األول‪ :‬أنه حيرم وال يصح‬
‫بيعها ورهنها وهبتها‪ ،‬وفيه إشارة إىل أنه ال يصح أن يُزيل ملكه عنها بأي‬
‫سبب كان‪( ،‬ﻭجاﺯ له ﺍلتصرﻑ فيها بالاستخدﺍﻡ ﻭﺍلوﻁﺀ) أي احلكم الثاين‪:‬‬
‫أنه يباح للسيد أن يطلب خدمتها وأن جيامعها‪( ،‬ﻭﺇﺫﺍ ماﺕ ﺍلسيد عتقت من‬
‫ﺭﺃﺱ ماله قبل ﺍلديوﻥ ﻭﺍلوصايا) أي احلكم الثالث‪ :‬أهنا تعتق مبوت السيد‪،‬‬
‫بدأ بعتقها قبل قضاء الديون والوصايا‪ ،‬وعلى هذا لو‬‫وحتسب من رأس املال‪ ،‬فيُ َ‬
‫مات السيد وال ميلك شيئًا غري أم الولد فليس للورثة شيء‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه املسألة الثانية‪ ،‬وهي عن ولد أم الولد من غري سيدها‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭﻭلدها) أي الذين ولدهتم بعد أن صارت أم ولد سواء كانوا ذكوًرا أو‬
‫إناثًا (من غيره) أي من غري سيدها‪ ،‬وأما إذا كان من سيدها فإنه حر‪( ،‬بمنزلتها)‬
‫السيد أم الولد من غريه‪ ،‬فولدت‬
‫أي حكمهم مثل حكم أمهم‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬زوج ُ‬
‫لزوجها‪ ،‬فالولد مملوك للسيد ويتبع أمه يف احلكم‪ ،‬وعلى هذا فيعتقون مبوت السيد‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪535‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫وك لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب أ ََمةَ غَْي ِرهِ بِنِ َك ٍ‬


‫َصابَ َها‬‫سيِّد َها‪َ ،‬وإِ ْن أ َ‬ ‫اح فَ َولَ ُدهُ م ْن َها َم ْملُ ٌ َ‬ ‫َص َ‬‫َوَم ْن أ َ‬
‫ك ْاْل ََمةَ ال ُْمطَلَّ َقةَ بَ ْع َد‬ ‫يمتُهُ لِ َّ‬
‫لسيِّ ِد‪َ ،‬وإِ ْن َملَ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ُ ٍ‬
‫ش ْب َهة فَ َولَ ُدهُ م ْن َها ُح ٌّر‪َ ،‬و َعلَْيه ق َ‬
‫ت أ َُّم ولَ ٍد لَه بِالْوط ِ‬ ‫صر أ َُّم ولَ ٍد لَه بِالْوط ِ‬
‫ْء‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ار ْ‬
‫صَ‬ ‫اح‪َ ،‬و َ‬ ‫ْء فِي النِّ َك ِ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ِ‬
‫ك لَ ْم تَ ْ‬ ‫ذَلِ َ‬
‫َح ِد الْ َق ْولَْي ِن‪َ .‬واللَّهُ أَ ْعلَ ُم(‪.)1‬‬ ‫بِ ُّ ِ‬
‫الش ْب َهة َعلَى أ َ‬
‫تبعا هلا وحيرم بيعهم ورهنهم وهبتهم وجيوز له استخدامهم‪.‬‬
‫ً‬
‫ويفهم من كالم املؤلف‪ :‬أن األوالد الذين ولدهتم قبل أن تصري أم ولد فإهنم‬
‫مملوكون للسيد وال يتبعون أمهم يف احلكم‪ ،‬وعلى هذا فيجوز بيعهم ورهنهم‬
‫وهبتهم وال يعتقون مبوت السيد‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه املسألة الثالثة‪ ،‬وهي عمن أصاب أمة غريه‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ﻭمن ﺃصاﺏ ﺃمة غيره بنكاﺡ) أي من تزوج أمة غريه فوطئها وولدت له‬
‫(فولده منها مملوﻙ لسيدها) أي فحكم ولده منها أنه رقيق مملوك لسيد‬
‫األمة‪( ،‬ﻭﺇﻥ ﺃصابها بشبهة) أي ومن وطئ أمة غريه بشبهة‪ ،‬كأن ظنها أمتَه‬
‫(فولده منها حر ﻭعليه قيمته للسيد) فحكم ولده منها أنه حر‪ ،‬وجيب على‬
‫الواطئ أن يدفع قيمة الولد لسيد األمة لتفويت رق الولد عليه‪.‬‬
‫(ﻭﺇﻥ ملك ﺍلأمة ﺍلمطلقة بعد ﺫلك لم تصر ﺃﻡ ﻭلد له بالوﻁﺀ في ﺍلنكاﺡ‬
‫ﻭصاﺭﺕ ﺃﻡ ﻭلد له بالوﻁﺀ بالشبهة على ﺃحد ﺍلقولين) أي إذا متلك‬
‫الشخص أمة غريه اليت ولدت له من قبل‪ ،‬فلها حالتان‪ :‬احلالة األوىل‪ :‬أن يكون‬
‫متلكها بعد أن ولدت له يف نكاح فارقها منه‪ ،‬فإهنا ال تصري أم ولد‪ .‬احلالة‬
‫الثانية‪ :‬أن يكون متلكها بعد أن ولدت له بوطء شبهة‪ ،‬فإهنا تصري أم ولد يف‬
‫قول‪ ،‬ويف قول آخر ال تصري أم ولد وهو املعتمد يف املذهب‪.‬‬
‫(والل أعلم) وصلى اهلل وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني‪.‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪536‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫احملتويات‬

‫مقدمة ‪3 .................................................................‬‬
‫قبل الشروع يف شرح الكتاب‪4 ..............................................‬‬
‫[مقدمة املؤلف]‪6 .........................................................‬‬
‫اب الط َه َارةِ ‪9 ..........................................................‬‬ ‫ِ‬
‫كتَ ُ‬
‫فصل أحكام املياه ‪11 ...................................................‬‬
‫فصل أحكام أجزاء امليتة ‪16 ............................................‬‬
‫فصل أحكام استعمال األواين ‪19 ........................................‬‬
‫فصل أحكام السواك ‪21 ................................................‬‬
‫فصل فروض الوضوء وسننه ‪23 ..........................................‬‬
‫فصل أحكام االستنجاء وآداب قضاء احلاجة ‪28 ..........................‬‬
‫فصل نواقض الوضوء ‪32 ...............................................‬‬
‫فصل موجبات الغسل ‪36 ..............................................‬‬
‫فصل فرائض الغسل وسننه ‪39 ..........................................‬‬
‫فصل االغتساالت املسنونة ‪42 ..........................................‬‬
‫فصل أحكام املسح على اخلفني ‪47 ......................................‬‬
‫فصل أحكام التيمم ‪51 ................................................‬‬
‫فصل أحكام الطهارة من النجاسة ‪58 ....................................‬‬
‫فصل أحكام احليض والنفاس واالستحاضة ‪63 ............................‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪537‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫اب الص َالةِ ‪71 ........................................................‬‬ ‫ِ‬


‫كتَ ُ‬
‫فصل الصالة املفروضة ومواقيتها ‪72 ......................................‬‬
‫فصل شرائط وجوب الصالة ‪76 .........................................‬‬
‫فصل صالة التطوع ‪78 .................................................‬‬
‫فصل شرائط صحة الصالة ‪81 ..........................................‬‬
‫فصل أركان الصالة ‪84 .................................................‬‬
‫فصل سنن الصالة ‪89 ..................................................‬‬
‫فصل هيئات الصالة ‪91 ................................................‬‬
‫فصل األشياء اليت ختالف فيها املرأة الرجل يف الصالة ‪95 ...................‬‬
‫فصل مبطالت الصالة ‪98 ..............................................‬‬
‫فصل ركعات الفرائض ‪102 ..............................................‬‬
‫فصل سجود السهو ‪105 ................................................‬‬
‫فصل األوقات اليت ال يصلى فيها ‪108 ...................................‬‬
‫فصل صالة اجلماعة ‪111 ................................................‬‬
‫فصل صالة املسافر ‪115 ................................................‬‬
‫فصل صالة اجلمعة ‪119 ................................................‬‬
‫فصل صالة العيدين ‪124 ...............................................‬‬
‫فصل صالة الكسوف ‪127 .............................................‬‬
‫فصل صالة االستسقاء ‪129 ............................................‬‬
‫فصل صالة اخلوف ‪132 ................................................‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪538‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل ما حيرم ويباح من اللباس ‪135 ......................................‬‬


‫فصل أحكام اجلنائز ‪137 ...............................................‬‬
‫اب الزَكاةِ ‪142 ........................................................‬‬
‫كتَ ُ‬
‫ِ‬
‫فصل شرائط وجوب زكاة املال ‪143 ......................................‬‬
‫فصل قدر زكاة املال ‪150 ................................................‬‬
‫فصل شرائط وجوب زكاة الفطر وقدرها ‪163 ..............................‬‬
‫فصل األصناف الذين تُدفَع هلم الزكاة ‪167 ................................‬‬
‫الصيَ ِام ‪172 ........................................................‬‬
‫اب ِّ‬ ‫ِ‬
‫كتَ ُ‬
‫فصل شرائط وجوب الصيام ‪173 ........................................‬‬
‫فصل فرائض الصوم ‪175 ................................................‬‬
‫فصل مفطرات الصوم ‪177 ...............................................‬‬
‫فصل مستحبات الصوم ‪181 .............................................‬‬
‫فصل األيام املنهي عن صيامها ‪183 ......................................‬‬
‫فصل القضاء والكفارة يف الصيام ‪185 .....................................‬‬
‫ص ٌل‪ :‬أحكام االعتكاف ‪189 ...........................................‬‬ ‫فَ ْ‬
‫احلَ ِّج ‪192 .........................................................‬‬
‫اب ْ‬ ‫ِ‬
‫كتَ ُ‬
‫فصل شرائط وجوب احلج ‪193 ...........................................‬‬
‫فصل أركان احلج والعمرة ‪196 ............................................‬‬
‫فصل واجبات احلج ‪200 ...............................................‬‬
‫فصل سنن احلج ‪204 ...................................................‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪539‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل صفة لباس احملرم ‪207 ..............................................‬‬


‫فصل حمظورات اإلحرام ‪209 .............................................‬‬
‫فصل أحكام ترك الركن أو الواجب ‪213 ...................................‬‬
‫ص ٌل‪ :‬الدماء الواجبة يف اإلحرام ‪215 .....................................‬‬ ‫فَ ْ‬
‫وع َو َغ ِريَها ِمن امل َع َام َال ِت ‪222 .....................................‬‬
‫اب البُـيُ ِ‬
‫ُ‬ ‫كِتَ‬
‫ُ‬
‫فصل أحكام البيع ‪224 ..................................................‬‬
‫فصل أحكام السلم ‪234 ................................................‬‬
‫فصل أحكام الرهن ‪240 .................................................‬‬
‫فصل أحكام احلجر ‪244 ................................................‬‬
‫فصل أحكام الصلح ‪248 ................................................‬‬
‫فصل أحكام احلوالة ‪252 ................................................‬‬
‫فصل أحكام الضمان ‪256 ...............................................‬‬
‫فصل أحكام الكفالة ‪259 ...............................................‬‬
‫فصل أحكام الشركة ‪261 ................................................‬‬
‫فصل أحكام الوكالة ‪265 ................................................‬‬
‫فصل أحكام اإلقرار ‪269 ................................................‬‬
‫فصل أحكام العارية ‪273 ................................................‬‬
‫فصل أحكام الغصب ‪276 ...............................................‬‬
‫فصل أحكام الشفعة ‪279 ...............................................‬‬
‫فصل أحكام القراض ‪282 ...............................................‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪540‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل أحكام املساقاة ‪285 ...............................................‬‬


‫فصل أحكام اإلجارة ‪288 ...............................................‬‬
‫فصل أحكام اجلعالة ‪293 ................................................‬‬
‫فصل أحكام املزارعة واملخابرة ‪295 ........................................‬‬
‫فصل أحكام إحياء املوات ‪297 ..........................................‬‬
‫فصل أحكام الوقف ‪300 ................................................‬‬
‫فصل أحكام اهلبة ‪303 ..................................................‬‬
‫فصل أحكام اللقطة ‪306 ................................................‬‬
‫فصل أحكام اللقيط ‪311 ................................................‬‬
‫فصل أحكام الوديعة‪313 ................................................‬‬
‫صايَا ‪316 ..............................................‬‬ ‫الو َ‬ ‫ضوَ‬ ‫اب ال َفَرائِ ِ‬ ‫ِ‬
‫كتَ ُ‬
‫فصل أحكام الفرائض ‪317 ..............................................‬‬
‫فصل أحكام الوصية ‪335 ................................................‬‬
‫وما يَـتَـ َعل ُق بِِه ‪340 ...........................................‬‬
‫اح َ‬‫اب النِّ َك ِ‬ ‫ِ‬
‫كتَ ُ‬
‫فصل حكم النكاح والنظر إىل املرأة ‪341 ..................................‬‬
‫فصل شرائط صحة النكاح ‪346 ..........................................‬‬
‫فصل العيوب املثبتة للخيار يف النكاح ‪354 ................................‬‬
‫فصل أحكام الصداق ‪357 ..............................................‬‬
‫فصل أحكام القسم والنشوز ‪361 .........................................‬‬
‫فصل أحكام اخللع ‪365 .................................................‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪541‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل أحكام الطالق ‪368 ...............................................‬‬


‫فصل أحكام الرجعة ‪374 ................................................‬‬
‫فصل أحكام اإليالء ‪377 ................................................‬‬
‫فصل أحكام الظهار ‪380 ................................................‬‬
‫فصل أحكام اللعان ‪383 ................................................‬‬
‫فصل أحكام العدة ‪387 .................................................‬‬
‫فصل أحكام االسترباء ‪392 ..............................................‬‬
‫فصل أحكام الرضاع‪394 ................................................‬‬
‫فصل أحكام النفقة ‪397 .................................................‬‬
‫فصل أحكام احلضانة ‪403 ...............................................‬‬
‫اب اجلِنَايَات ‪405 ......................................................‬‬ ‫ِ‬
‫كتَ ُ‬
‫فصل أحكام القتل ‪406 .................................................‬‬
‫فصل أحكام القصاص ‪410 ..............................................‬‬
‫فصل أحكام الدية ‪414 .................................................‬‬
‫فصل أحكام القسامة وكفارة القتل ‪422 ...................................‬‬
‫ود ‪425 ........................................................‬‬‫كِتاب احل ُد ِ‬
‫َ ُ ُ‬
‫فصل حد الزنا ‪426 .....................................................‬‬
‫فصل حد القذف ‪430 ..................................................‬‬
‫فصل حد شرب املسكر ‪433 ............................................‬‬
‫فصل حد السرقة ‪435 ...................................................‬‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪542‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل حد قطع الطريق ‪438 ..............................................‬‬


‫فصل أحكام الصيال ‪441 ...............................................‬‬
‫فصل أحكام أهل البغي‪443 .............................................‬‬
‫فصل أحكام الردة ‪446 ..................................................‬‬
‫فصل حد ترك الصالة ‪448 ..............................................‬‬
‫اجلِ َه ِاد ‪450 ........................................................‬‬ ‫اب ْ‬ ‫ِ‬
‫كتَ ُ‬
‫فصل شرائط وجوب اجلهاد وأحكام األسرى ‪451 ..........................‬‬
‫فصل قسم الغنيمة ‪455 .................................................‬‬
‫فصل قسم الفيء ‪459 ..................................................‬‬
‫فصل أحكام اجلزية ‪461 .................................................‬‬
‫يد والذبَائِ ِح ‪466 ................................................‬‬‫كِتاب الص ِ‬
‫َ ُ‬
‫فصل أحكام الذكاة ‪467 ................................................‬‬
‫فصل أحكام األطعمة ‪473 ..............................................‬‬
‫فصل أحكام األضحية ‪476 ..............................................‬‬
‫فصل أحكام العقيقة‪481 ................................................‬‬
‫اب الس ِبق والرم ِي ‪483 ..................................................‬‬ ‫ِ‬
‫كتَ ُ‬
‫كِتَاب األَميَ ِ‬
‫ان والنُّ ُذوِر ‪486 .................................................‬‬ ‫ُ‬
‫فصل أحكام اليمني ‪487 ................................................‬‬
‫فصل أحكام النذر ‪491 .................................................‬‬
‫َقضي ِة والشهاد ِ‬
‫ات ‪495 ............................................‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ‬ ‫اب األ َ‬ ‫كتَ ُ‬
‫شرح مختصر أبي شجاع‬ ‫‪543‬‬ ‫مكتبة المبتدئ‬

‫فصل أحكام القضاء ‪496 ...............................................‬‬


‫فصل أحكام القسمة ‪504 ...............................................‬‬
‫فصل أحكام الدعوى والبينات ‪508 .......................................‬‬
‫فصل أحكام الشهادة‪512 ...............................................‬‬
‫اب العِ ِتق ‪519 .........................................................‬‬ ‫ِ‬
‫كتَ ُ‬
‫فصل أحكام عتق اململوك القن ‪521 ......................................‬‬
‫فصل أحكام الوالء ‪524 .................................................‬‬
‫فصل أحكام املدبر ‪526 .................................................‬‬
‫فصل أحكام املكاتب ‪529 ..............................................‬‬
‫فصل أحكام أم الولد ‪533 ...............................................‬‬

You might also like