You are on page 1of 10

ISSN: 1112-9212 ‫ تطوير العلوم االجتماعية‬:‫مجلة‬

2017 01 :‫ الجزء‬02 :‫ عدد‬10 :‫مجلد‬ ‫ جامعة الجلفة‬- ‫مخبر استراتيجيات الوقاية ومكافحة المخدرات في الجزائر‬

‫وظيفية الكتاب المدرسي في ظل المقاربة بالكفاءات‬


-‫دراسة نقدية للكتاب المدرسي للسنة الثانية ثانوي مادة التاريخ‬-

‫ خنيش عبد الفتاح‬.‫أ‬


2‫قسنطينة‬- ‫جامعة عبد احلميد مهري‬
khennicheabdelfettah@yahoo.fr

: ‫امللخص‬

‫ترتكز األداءات واألنشطة الرتبوية يف ظل املقاربة بالكفاءات على عدة وسائل تربوية ضرورية إلجناح العملية‬
،‫ ويعترب الكتاب املدرسي من أكثر الوسائل استغالال من املعلم واملتعلم على حد سواء‬،‫التعليمية التعلمية‬
‫ ومن جهة أخرى يستعني به‬،‫فالتلميذ يستأنس به يف عملية التحضري ويعينه يف الفهم والتحصيل من جهة‬
‫ ومع أن املكلفني‬،‫األستاذ للتحضري وتوجيه التالميذ وهو وسيلة فعالة لتسيري األنشطة الرتبوية بالنسبة له‬
‫بتطبيق طريقة املقاربة بالكفاءات يف التدريس واملكلفني بإعداد الكتاب املدرسي من أساتذة ومفتشني مل‬
‫ ظهرت عدة نقائص يف إعداد وإخراج الكتاب‬،‫يتحكموا بعد يف هذا املنهج اجلديد يف التعليم مبختلف أطواره‬
‫ وجعلت من عملية استغالل الكتاب املدرسي‬،‫املدرسي جعلت من املدرسني جيدون صعوبة يف تطبيق املناهج‬
. ‫أمرا مستعصيا وسنحاول يف هذه الدراسة حتليل حمتوى الكتاب ونقد مكوناته‬
.‫ العملية التعليمية التعلمية‬،‫ وظيفية‬،‫ املقاربة بالكفاءات‬،‫ الكتاب املدرسي‬:‫الكلمات املفتاحية‬
: Résumé

On the competency approach, the educational performance and activities are based on several
educational means necessary for the success of the learning process. The school book is
considered one of the most exploitative methods of the teacher and the learner alike. The
student adopts him in the preparatory process and prepares him for understanding and
collection on the one hand, Professor of preparation and guidance of students is an effective
way to conduct educational activities for him, and although those charged with applying the
method of approach to competencies in teaching and the authors of the textbook teachers and
inspectors have not yet mastered this new approach to education at various lengths Rh,
several shortcomings in the preparation of and directed the textbook appeared made teachers
find it difficult to apply the curriculum, and made from the exploitation of the textbook
process an order and we will try to elude in this study book content analysis and criticism of
its components.
Keywords : school book, Competency approach, Functional, Educational learning process

294
‫‪ISSN: 1112-9212‬‬ ‫مجلة‪ :‬تطوير العلوم االجتماعية‬
‫‪2017‬‬ ‫مجلد‪ 10 :‬عدد‪ 02 :‬الجزء‪01 :‬‬ ‫مخبر استراتيجيات الوقاية ومكافحة المخدرات في الجزائر ‪ -‬جامعة الجلفة‬

‫املقدمة‪:‬‬
‫حتتل مادة التاريخ مكانة بارزة يف املناهج الدراسية وذلك ملا هلا من أهمية يف تربية النشء وربطه‬
‫برتاث جمتمعه ووطنه وأمته وتراث اإلنسانية‪ ،‬و كمادة دراسية تهدف إىل حتقيق تنمية شاملة لشخصية‬
‫املتعلم ليعي ذاته كجزء من عامل تتشابك فيه القضايا واألبعاد‪ ،‬ولتدريس هذه املادة يعتمد االستاذ على‬
‫عدة وسائ ل تعليمية منها اخلرائط‪ ،‬اشرطة فيديو‪ ،‬صور‪ ،‬نصوص ووثائق تارخيية ‪ ،‬اجهزة العرض‪...‬اخل‪،‬‬
‫ويأتي يف مقدمة هذه الوسائل الكتاب املدرسي الذي يعد حبق الوسيلة االساسية االكثر استعماال يف‬
‫املدرسة اجلزائرية سواء من املعلم او املتعلم على حد سواء‪.‬‬
‫الكتاب املدرسي هو الوعاء الذي حيتوي املادة الدراسية واملقرر الدراسي الذي يتضمنه املنهاج‬
‫مبفهومه الشامل‪ ،‬كما يعد وسيلة تعليمية قاعدية موجهة لألستاذ والتلميذ معا ال نه يتكفل مبجمل‬
‫اهداف املنهاج‪ ،‬ويتضمن مفاهيم ينبغي اكتسابها وانشطة للتعلم تتماشى وسن التلميذ وواقعه التارخيي‪،‬‬
‫كما حيت وى على وسائل للتقييم التكويين املدمج يف مسعى التعلم‪ ،‬ويعرض الكتاب احملتوى ويقدمه بشكل‬
‫يسهل الفهم وحيفز التلميذ‪ ،‬فهو بالنسبة لألستاذ وسيلة تعليمية اساسية ومرجع معريف وسند بيداغوجي‪،‬‬
‫كما ميثل بالنسبة له مصدر حلدود االلتزام الرتبوي ووثيقة مرجعية ترتجم االهداف العامة والنوعية‬
‫واالجرائية‪ ،‬والكتاب املدرسي يضمن وحدة التعليم والتكوين وفق مقاييس منظمة حملتواه املعريف والرتبوي‪،‬‬
‫وهو وسيط ملزم يف العمل الرتبوي التعليمي من حيث تطبيق التعليمات والتوجيهات الوزارية من طرف‬
‫االستاذ(‪ ،)1‬اما بالنسبة للتلميذ فهو مرجع تعليمي تعلمي‪ ،‬ووسيلة تعليمية لإلعداد القبلي ولتعميق‬
‫املكتسب من خالل التطبيقات والسندات اليت اعدت للدعم والبحث واالستثمار‪ ،‬وهو مرجع اساسي لضمان‬
‫املشاركة الفعالة اثناء حل الوضعية االشكالية وبناء املعرفة‪.‬‬
‫وقد استوحى الكتاب املدرسي من املنهاج املقرر ما يضمن به التكوين الفكري والثقايف والوجداني‬
‫للمتعلم وجيعله اداة لتحفيز الفكر‪ ،‬ووسيلة تتيح له اكتشاف املعرفة واملهارات‪ ،‬واذا كان املنهاج هو االداة‬
‫املرجعية لألستاذ فالكتاب املدرسي هو االداة املرجعية للتلميذ‪ ،‬مما يستوجب على االستاذ االقالع عن ظاهرة‬
‫االعتماد املطلق على الكتاب املدرسي‪.‬‬
‫بعد اعتماد خيار التدريس باملقاربة بالكفاءات ‪ ،‬مت تصميم الكتب املدرسية ملختلف املواد من طرف‬
‫جلان خمتصة عينتها وزارة الرتبية الوطنية ‪ ،‬حيث يشرف على إعداد هذه الكتب مفتشون وأساتذة وأخصاء‬
‫يف اإلعالم اآللي والتصميم والرتكيب‪ ،‬غري ان االساتذة املكلفون بتطبيق املقرر واملنهاج ميدانيا واجهتهم‬
‫‪-‬وال تزال تواجههم ‪ -‬عدة صعوبات يف ما خيص حمتويات الكتب واالخطاء اللغوية الواردة فيها وحتى يف‬
‫منهجية استغالل الكتاب املدرسي‪ .‬وهلذا قررنا القيام بدراسة نقدية لكتاب التاريخ اخلاص بالسنة الثانية‬
‫ثانوي لتقيم حمتواه وتقييم امل نهجية اليت صمم ليعمل االستاذ والتلميذ بها‪ ،‬وسنحاول يف هذه الدراسة‬
‫االجابة على االسئلة التالية‪:‬‬
‫؟‬ ‫وقدراتهم‬ ‫التالميذ‬ ‫نضج‬ ‫مستوى‬ ‫الكتاب‬ ‫حمتوى‬ ‫يناسب‬ ‫هل‬ ‫‪-‬‬

‫‪295‬‬
‫‪ISSN: 1112-9212‬‬ ‫مجلة‪ :‬تطوير العلوم االجتماعية‬
‫‪2017‬‬ ‫مجلد‪ 10 :‬عدد‪ 02 :‬الجزء‪01 :‬‬ ‫مخبر استراتيجيات الوقاية ومكافحة المخدرات في الجزائر ‪ -‬جامعة الجلفة‬

‫‪ -‬مبا أن صعوبة احملتوى يف كل مرحلة تعليمية ترتبط خبربات سابقة‪ ،‬فهل باإلمكان أن تشمل املراحل‬
‫السابقة مثل هذه اخلربات لتكون خلفية جيدة للتالميذ يف املواقف التعلمية اجلديدة ؟‬
‫‪ -‬هل صمم الكتاب املدرسي فعليا حتى يتوافق مع منهجية التدريس بالكفاءات؟‬
‫‪ -‬ماهي الصعوبات امليدانية اليت يواجهها األساتذة يف عملية استغالل الكتاب املدرسي؟‬
‫‪ 1‬اهداف الدراسة‪:‬‬
‫يهدف حبثنا اىل حتليل جزئيات الكتاب املدرسي من مضامني ومعارف تارخيية ولغة وطريقة‬
‫التصميم ووسائل االيضاح الواردة فيه والتحقق من مدى جتاوبه مع الغايات واالهداف اليت نص عليها‬
‫مشروع اصالح املنظومة الرتبوية‪ ،‬ومدى توافق ما ورد فيه مع طريقة التدريس املعتمدة ‪ ،‬كما نهدف اىل‬
‫تشخيص العوائق املنهجية اليت تواجه تدريس مادة التاريخ يف الثانويات اجلزائرية ‪ ،‬خصوصا وان هناك عدم‬
‫رضا لدي اساتذة املادة املكلفني بتطبيق املناهج داخل احلجرة الدراسية‪ ،‬ونهدف يف هذه الدراسة النقدية اىل‬
‫التشخيص الدقيق هلذه النقائص واقرتاح حلول نراها مناسبة لتحسني صورة الكتاب وحتسني االداء‬
‫الرتبوي لدي االستاذ والتلميذ‪ .‬وسنركز اكثر على اجلانب املنهجي ومدى تالؤمه مع طريقة التدريس‬
‫احلديثة ونهدف أكثر اىل الربط بني منهج التدريس باملقاربة بالكفاءات ومضمون الكتاب املدرسي‪.‬‬

‫‪ 2‬اهمية الدراسة‪:‬‬
‫تكتسي دراستنا اهمية بالغة لكونها مست عنصرا مهما من العملية التعليمية التعلمية وهو الكتاب‬
‫املدرسي‪ ،‬فالوسائل وفق املقاربة بالكفاءات تلعب دورا مهما عكس النظام القديم اين كان االستاذ حمور‬
‫العملية التعليمية التعلمية‪ ،‬وكان الكتاب املدرسي حينذاك وسيلة مطالعة للتلميذ ال اكثر‪ ،‬اما يف النظام‬
‫اجلديد فقد اصبح للكتاب املدرسي دور فعال وي عد من اكثر الوسائل الرتبوية استعماال ‪ ،‬بل يعد وسيلة‬
‫اساسية وضرورية داخل احلجرة الدراسية‪ ،‬فباإلضافة اىل كونه يعكس حمتوى املنهاج واملقرر فانه يعد‬
‫احملرك الرئيسي للدرس حيث ترتبط تعليمات وتوجيهات االستاذ واسئلته به‪ ،‬وهلذا جيب ان يكون الكتاب‬
‫املدرسي معدا بطريقة دقيقة حيت يتالءم مع االسئلة واالهداف اليت يصبو االستاذ اىل حتقيقها وجيب ان‬
‫يعني التلميذ بطريقة فعالة يف الفهم واستخراج املعلومات وحل االشكاليات‪.‬‬
‫ومن شان دراستنا ان تقدم تقييما للكتاب املدرسي اخلاص بالسنة الثانية ثانوي وحتدد خاصة‬
‫مواطن النقص واخللل ‪ ،‬ان ا عداد الكتاب املدرسي حتى يتماشى مع الطريقة اجلديدة يف التدريس وهي‬
‫املقاربة بالكفاءات يعد امرا صعبا للمرة االوىل وجيب ان يعاد النظر فيه من فرتة ألخرى حتى يتم تنقيحه‬
‫وتصحيحه‪ ،‬واذا كانت االخطاء اللغوية واملعرفية امرا يسهل مالحظته وحيت تصحيحه يف الطبعات‬
‫الالحقة فان ما يطرح االشكال هو اجلانب املنهجي‪ ،‬حيث ان ما يالحظ يف امليدان هو وجود صعوبة بالغة‬
‫الستغالله نظرا الحتوائه على ملخصات للعناصر واجابات إلشكاليات كان من املفروض ان املتعلم هو‬
‫الذي سيصل اليها ويستخرجها من السندات؟ كان جيب ان يكون الكتاب عبارة عن جمموعة من السندات‬
‫ووسائل ايضاح ال غري‪ ،‬والقارئ غري املتخصص يف املادة ويف املقاربة بالكفاءات لن يالحظ ذلك‪ ،‬وال يعرف‬
‫مواطن اخللل اال االستاذ الذي يالحظ هذا اخللل ميدانيا‪.‬‬
‫‪296‬‬
‫‪ISSN: 1112-9212‬‬ ‫مجلة‪ :‬تطوير العلوم االجتماعية‬
‫‪2017‬‬ ‫مجلد‪ 10 :‬عدد‪ 02 :‬الجزء‪01 :‬‬ ‫مخبر استراتيجيات الوقاية ومكافحة المخدرات في الجزائر ‪ -‬جامعة الجلفة‬

‫وجب قبل الشروع يف حتليل حمتوى الكتاب تقديم بطاقة تعريفية به‪:‬‬

‫كتاب التاريخ للسنة الثانية من التعليم الثانوي(الديوان الوطين للمطبوعات املدرسية)‬


‫العنوان‬
‫‪2008- 2007‬م‬
‫فاطمة بومعراف(مفتشة الرتبية والتكوين للتاريخ واجلغرافيا)‬ ‫االشراف‬
‫سعيدة داودي‪ ،‬سكينة حراث‪ ،‬موسى السبيت‪ ،‬بلقاسم حايف‬ ‫التأليف‬
‫تركيب وتصميم‪ :‬حكيم رباش‪ ،‬الصور‪ :‬كمال ساسي‪ ،‬اخلرائط‪ :‬خالد بلعيد‪.‬‬ ‫االخراج‬
‫‪144‬صفحة‬ ‫عدد الصفحات‬
‫الوحدة التعلمية االوىل‪ :‬االستعمار االوروبي يف أفريقيا واسيا ومقاومته(عدد الصفحات‪21‬‬
‫بنسبة‪)%14.58‬‬
‫الوحدة التعلمية الثانية‪ :‬العالقات األوروبية األوروبية وانعكاساتها القارية والعاملية‪- 1815‬‬
‫‪1954‬م(عدد الصفحات‪ 44‬بنسبة‪)%30.55‬‬
‫اجلانب الكمي‬
‫الوحدة التعلمية الثالثة‪ :‬االستعمار الفرنسي يف اجلزائر واملقاومة الوطنية‪- 1830‬‬
‫‪1954‬م(عدد الصفحات‪ 50‬بنسبة‪)%34.72‬‬
‫وضعيات ادماج وتقويم‪( :‬عدد الصفحات‪ 21‬بنسبة‪)%14.58‬‬
‫صفحات ارشادية‪(:‬عدد الصفحات‪ 8‬بنسبة‪)%5.55‬‬
‫أ ‪-‬من حيث احملتوى املعريف للكتاب‪:‬‬
‫تلعب املعرفة يف ظل املقاربة بالكفاءات دور الوسيلة اليت تضمن حتقيق األهداف املتوخاة من الرتبية‬
‫والتدريس وهي بذلك تندرج ضمن وسائل متعددة تعاجل يف إطار شامل تتكفل باألنشطة وتربز التكامل‬
‫بينها‪ ،‬وتسمح املقاربة عن طريق الكفاءات بتجاوز الواقع السابق الذي يركز على احلفظ واالسرتجاع وعلى‬
‫منهج املواد الدراسية املنفصلة ويتجاوزه اىل االستنتاج والربط والتحليل والنقد ‪...‬اخل‪ ،‬وينبغي ان يعتمد‬
‫على تنظيم احملتوى املعريف للكتاب املدرسي على تقسيم الزمن اىل عصور وفرتات تارخيية‪ ،‬وترتيب االحداث‬
‫وفق التسلسل الزمين إلكساب املتعل م بعض احلقائق التارخيية املهمة‪ ،‬وإلعانته على فهم الواقع التارخيي‬
‫مبختلف جوانبه‪ ،‬وجيب ان تكون الوحدات املقررة مكملة للوحدات السابقة اليت درسها املتعلم يف مراحل‬
‫سابقة حيت يتمكن املتعلم من الربط بني بني االحداث ويصل اىل مستوى يتمكن خالله من تفسري االحداث‬
‫واستنتاج االسباب والعوامل وقراءة االنعكاسات ‪...‬اخل‪.‬‬
‫واملالحظ ان الكتاب املدرسي للسنة الثانية ثانوي فيه تعتيم شبه كلي لتاريخ املغرب‬
‫العربي(تونس ‪-‬املغرب االقصى –ليبيا )‪ ،‬فقد اهتم اكثر بالتحرر يف العامل الثالث واجلزائر خالل فرتة‬
‫االحتالل الفرنسي باإلضافة اىل تاريخ اوروبا ممثال يف احلربني العامليتني االوىل والثانية‪ ،‬وهذا ما اخل‬
‫بالتوازن يف تدريس املادة واليت كان من املفروض ان يشمل الكتاب تاريخ العامل ككل وال ينبغي اقصاء‬
‫مرحلة معينة او منطقة معينة من احملتوى‪ ،‬ولذلك انعكاس سليب حيث يؤدي اىل خلق قصور لدى املتعلم‬
‫يف ما خيص الصريورة التارخيية والربط بني االحداث‪ ،‬وهو ما صور اجلزائر كدولة منتمية اىل املشرق‬
‫االسالمي والدولة العثمانية متناسيا االنتماء احلضاري للجزائر اىل املغرب االسالمي او العربي‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫‪ISSN: 1112-9212‬‬ ‫مجلة‪ :‬تطوير العلوم االجتماعية‬
‫‪2017‬‬ ‫مجلد‪ 10 :‬عدد‪ 02 :‬الجزء‪01 :‬‬ ‫مخبر استراتيجيات الوقاية ومكافحة المخدرات في الجزائر ‪ -‬جامعة الجلفة‬

‫ومن جهة اخرى‪ ،‬يصور حمتوى الكتاب املدرسي وسنداته وجزئياته الغرب واوروبا خاصة على انها‬
‫العدو االبدي للجزائر ولإلسالم‪ ،‬حيث تغيب فيه روح االنفتاح والتضامن والتحاور بني االديان ‪ ،‬وعلى سبيل‬
‫املثال فإنها تنمي روح احلقد ضد كل ما هو اوروبي بعيدا عن املوضوعية التارخيية اليت ينبغي ان يتحلى‬
‫بها املؤرخ ويكتسبها القارئ او املتعلم‪ ،‬فاملتعلم ببساطة يكتسب احلقد قبل اكتسابه مهارات اخرى كالنقد‬
‫والتحليل‪...‬اخل‪.‬‬
‫ان املالحظ ايضا ان األيديولوجيا التارخيية الوطنية تدعو خلطاب تارخيي معني‪ ،‬وتقوم على عناصر‬
‫تستدعي العاطفة اكثر من النقد والتحليل وتقوم على االعتزاز باملاضي الوطين ال على البحث عن‬
‫قوانني ومراحل التطور الوطين‪ ،‬كما يالحظ ايضا ختصيص نسبة كبرية من الكتاب املدرسي ومن‬
‫الوضعيات التعلمية لتاريخ اجلزائر خالل فرتة االستعمار الفرنسي من االحتالل اىل غاية قيام الثورة‬
‫(‪1830‬م ‪)1954-‬م‪)2(.‬‬
‫ب ‪ -‬من حيث املنهجية‪:‬‬
‫تقتضي منهجية تناول املادة االنطالق من أهداف عامة متكن املتعلمني من اكتساب كفاءات دائمة‬
‫باعتبارهم حمور الفعل الرتبوي أو العملية التعليمية‪ ،‬حبيث متكنهم من بناء واكتساب معارف وظيفية يف‬
‫مادة التاريخ تستجيب حلاجياتهم احلينية واملستقبلية‪ ،‬مبعنى أنهم يتعلمون كيف يتعلمون؟ وكيف‬
‫وهي التغيري احلاصل الذي يتجاوز‬ ‫يوظفون مكتسباتهم يف وضعيات جديدة؟ وهي الصفة اإلدماجية‬
‫التلقني وهي ايضا مساعدة املتعلمني على القيام بدور فعال و مسؤول يف تكوينهم الذاتي‪ ،‬من خالل توفري‬
‫الظروف اليت جيدون فيها إجابات عن تساؤالتهم تبعا ملكتسباتهم القبلية وخرباتهم اليومية وإكسابهم‬
‫سلوكات مسؤولة تدرجييا للوصول اىل االستقاللية‪.‬‬
‫متكن املقاربة بالكفاءات بعد اعتمادها يف تدريس التاريخ من االهتمام باخلربة الرتبوية الكتساب‬
‫عادة جديدة سليمة ومتكن ايضا من تنمية املهارات املختلفة وامليول مع ربط البيئة تارخييا وتراثيا وقيما‬
‫مبواضيع دراسة التلميذ وحاجياته الضرورية‪ ،‬ويؤدي بناء املناهج بهذه املقاربة إىل إعطاء مرونة اكثر‬
‫وقابلية اكرب يف االنفتاح على كل جديد يف املعرفة وكل ما له عالقة بتطور شخصية املتعلم‪.‬‬
‫إنّ املقاربة بالكفاءات اختيار منهجي بنائي يؤثر إجيابا على تعليمية مادة التاريخ وذلك من خالل‬
‫اعتماد مساعي بيداغوجية متكن من تنمية قدرات املتعلمني الكتساب كفاءات ومنهجيات عمل يف إطار‬
‫بناء املعرفة وصوال إىل توظيف مكتسباتهم يف وضعيات احلياة خارج القسم‪ ،‬ومتكن املتعلمني من العمل‬
‫والدراسة على أساس عقد تعلمي يكون فيه دور األستاذ ممثال يف التخطيط والتنشيط والتوجيه والتقويم‪،‬‬
‫ويكو ن فيه دور املتعلم مشاركا منتجا لألفكار واملعرفة بشكل فردي أو مجاعي‪ ،‬وهذه املقاربة متكن ايضا‬
‫املتعلمني من كلّ األدوات اليت تساعدهم على اكتساب منهجيات عمل ملعاجلة اإلشكاليات وجتاوز أسلوب‬
‫احلفظ والتلقني والرتكيز على التقويم التكويين واملعاجلة اآلنية للثغرات يف جو مريح للمتعلم‪ ،‬حيث‬
‫يفكر املتعلمون يف مساعي تعلماتهم اخلاصة اليت تساعدهم على تدعيم مكتسباتهم واستثمارها يف إطار‬
‫عملية بناء املعرفة اليت تضع املتعلم أمام وضعيات معقدة وذات داللة تكون مساعيهم التعلمية قوية تعتمد‬

‫‪298‬‬
‫‪ISSN: 1112-9212‬‬ ‫مجلة‪ :‬تطوير العلوم االجتماعية‬
‫‪2017‬‬ ‫مجلد‪ 10 :‬عدد‪ 02 :‬الجزء‪01 :‬‬ ‫مخبر استراتيجيات الوقاية ومكافحة المخدرات في الجزائر ‪ -‬جامعة الجلفة‬

‫على موارد معرفية ومهارية وسلوكية‪ ،‬تأخذ بعني االعتبار حميطهم االجتماعي والثقايف واالقتصادي‬
‫والسياسي‪...‬اخل‬
‫حسب منهجية التدريس وفق املقاربة بالكفاءات يف املدارس اجلزائرية فان العناصر املنهجية‬
‫الرئيسية لبناء الوضعيات تتكون من‪:‬‬
‫‪-‬السند ‪ :‬وهي عناصر مادية يقرتحها االستاذ على املتعلم اما نصوصا او خرائط اومقتطفات فيديو او‬
‫صور‪...‬اخل‪ ،‬يستند اليها املتعلم للوصول اىل حل للمشكلة املطروحة‪.‬‬
‫‪-‬التعليمة ‪ :‬وهي جمموع توصيات العمل يقدمها االستاذ للتالميذ‪ ،‬وعادة ما تكون عبارة عن اسئلة واضحة‬
‫ودقيقة‪.‬‬
‫‪-‬املدة الزمنية‪ :‬حيددها االستاذ للتالميذ إلجناز العمل املطلوب‪ ،‬وتكون حسب ما يراه االستاذ كافيا‬
‫للقيام بالعمل‪.‬‬
‫‪-‬طبيعة العمل‪ :‬اما يكون عمال فرديا او ثنائيا او مجاعيا‪.‬‬
‫‪-‬املنتوج املرتقب‪ :‬هو املنتوج الذي يصل التالميذ اليه بعد استغالهلم للسندات ‪.‬‬
‫‪-‬التقويم‪ :‬يكون من طرف االستاذ ويتمثل اساسا يف تقييم عمل التالميذ وتصحيح االخطاء وتقديم‬
‫التوجيهات واملالحظات‪.‬‬
‫والبد للوضعية ان يكون هلا دالالت‪ ،‬وتظهر اساسا يف مستويات خمتلفة ترتبط مبكونات الوضعية‪،‬‬
‫وتعطي معنى ملا يتعلمه املتعلم وهي ‪:‬‬
‫السياق ‪ :‬حيث تكون قريبة من حياة املتعلم واهتماماته‪.‬‬
‫الوظيفة ‪ :‬متكن املتعلم من التقدم يف إجناز عمل معقد‪.‬‬
‫املعلومات‪ :‬تنبه املتعلم اىل املسافة الفاصلة بني ما هو نظري وما هو تطبيقي‪.‬‬
‫املهمة ‪ :‬إدراك املتعلم للتحدي الذي ترفعه أمامه هذه الوضعية(‪.)3‬‬
‫عند القاء نظرة ولو بسيطة على الكتاب املدرسي للسنة الثانية ثانوي يالحظ خلل منهجي كبري‬
‫يف حمتوى الكتاب‪ ،‬واذا كان الكتاب يعترب سابقا وسيلة لتبليغ املعارف فانه حاليا يعترب وسيلة لتنمية‬
‫القدرات واملعارف‪ ،‬لكن املالحظ يف كتاب السنة الثانية ثانويهو ان املنتوج الذي من املفروض ان يصل اىل‬
‫بنائه املتعلم بعد معاجلته للسندات يتواجد داخل الكتاب املدرسي بعناصره الدقيقة(‪ ،)4‬وهذا ما وضع‬
‫االستاذ امام مشكلة وحرج كبري‪ ،‬فحتى وان قدم االستاذ تعليمة للتالميذ فانهم ال يكلفون انفسهم عناء‬
‫البحث عن اجابة هلا باعتبار اجابتها متوفرة وملخصة داخل الكتاب املدرسي‪ ،‬فكل صفحتني متقابلتني يف‬
‫الكتاب املدرسي تتواجد يف االوىل ملخصات لعناصر مقررة ويف الثانية سندات وهنا انعكست العملية ومل تعد‬
‫لطريقة حل املشكالت معنى ‪ ،‬حيث اصبحت السندات كشرح للملخصات الواردة فيها‪ ،‬وهلذا ظهر الكتاب‬
‫غري وظيفي ألنه ببساطة ال خيدم الطريقة احلديثة يف التدريس‪ ،‬وكان جيب ان يتوفر فقط على سندات‬
‫علمية يوظفها التلميذ للوصول اىل بناء منتوج‪ ،‬ثم ان عملية تقديم ملخصات داخل الكتاب املدرسي جعل‬
‫من عملية تطبيق املقاربة بالكفاءات امرا صعبا‪ ،‬فالتلميذ ال يستطيع التفكري واستخراج معلومات من‬

‫‪299‬‬
‫‪ISSN: 1112-9212‬‬ ‫مجلة‪ :‬تطوير العلوم االجتماعية‬
‫‪2017‬‬ ‫مجلد‪ 10 :‬عدد‪ 02 :‬الجزء‪01 :‬‬ ‫مخبر استراتيجيات الوقاية ومكافحة المخدرات في الجزائر ‪ -‬جامعة الجلفة‬

‫السندات وهي متوفرة وملخصة بطريقة دقيقة داخل الكتاب املدرسي‪ ،‬وهذا اخللل يف نظرنا يستدعى‬
‫معاجلة مستعجلة ألنه يضرب طريقة املقاربة بالكفاءات يف الصميم‪.‬‬
‫كما يالحظ ان املناهج املتبعة يف تأليف الكتب املدرسية تستند اىل السرد والتلقني وهو منحى ال‬
‫يرسي ثقافة تارخيية علمية تأخذ بعني االعتبار مستجدات البحث التارخيي ‪ ،‬وال تعمل على تنمية امللكات‬
‫النقدية لدى املتعلمني‪.‬‬
‫ج ‪ -‬من حيث تنظيم السنداتووسائل االيضاح‪:‬‬

‫ان السندات اليت ترد يف الكتاب املدرسي متكن االستاذ من اعتمادها لالنطالق لبناء وضعيات تعلمية‬
‫ختدم الكفاءة القاعدية اليت ترتمجها الوحدة التعلمية واخلتامية اليت يصبو االستاذ لتحقيقها‪ ،‬ويف نفس‬
‫الوقت الذي ميكن استعماهلا لإليضاح ولتعميق الفهم والدعم‪ ،‬وجيب الرتكيز على السندات الن منهجية‬
‫استغالهلا حتتل حيزا معتربا يف املعاجلة واجناز التعليمات من طرف التلميذ‪ ،‬وألنه ايضا ال تاريخ بدون‬
‫سندات(صور‪ ،‬نصوص‪ ،‬خرائط‪ ،‬جداول زمنية‪ )......‬وكل ما هو كفيل بتقريب املفاهيم اىل ذهن املتعلم‬
‫ويساعد على بناء التصورات واستيعاب احملتويات اجلديدة‪.‬‬

‫ان املتعمق يف كتاب السنة الثانية ثانوي اخلاص مبادة تاريخ يستنتج عدة مالحظات ختص‬
‫السندات ميكن اجيازها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬مت ذكر مصادر السندات بإجياز غري مربر‪ ،‬وبعض السندات بدون مصدر‪ ،‬ويظهر أن اغلبها مستقاة من‬
‫شبكة اإلنرتنيت دون تفحص ودون التدقيق فيها ودون العودة اىل مصادرها االصلية‪ ،‬اما ذكر صفحة املصدر‬
‫او املرجع فهي نادرة وهذا من شانه ان يطعن يف مصداقية الكتاب املدرسي ومن شانه ايضا ان يصعب العمل‬
‫على االستاذ او التلميذ على حد سواء‪ ،‬ففي هذه احلالة حتى عملية تصحيح االخطاء يف حالة ورودها يف‬
‫الكتاب املدرسي تصبح مستعصية على االستاذ‪ ،‬ويف حاالت اخري يذكر اسم الكاتب فقط‪ ،‬او اسم الكتاب او‬
‫الوثيقة فقط‪ ،‬ولتحقي ق مبدا االمانة وجب على القائمني على اخراج واجناز الكتاب املدرسي ذكر مصادر‬
‫السندات بدقة لتمكني االستاذ والتلميذ للعودة اىل املصادر االصلية لتوسيع املعلومات او للتدقيق فيها‪،‬‬
‫ولتعليم الناشئة اجلديدة اصول االمانة العلمية ومنهجية البحث العلمي‪.‬‬

‫‪ -‬من املفروض ان ي كون الكتاب عبارة عن دفرت لألنشطة ‪ ،‬يتكون من نصوص وسندات مناسبة خمتصرة‬
‫وهادفة ختدم الكفاءات املستهدفة ومتمحورة حول الوحدة التعلمية اليت هي حمل الدراسة‪ ،‬ولكن املالحظ‬
‫ان اغلبها يف الكتاب املدرسي للسنة الثانية عبارة عن نصوص علمية دون اسئلة واضحة ‪ ،‬بعضها طويل جدا‬
‫يستلزم وقتا كثريا لقراءته وفهمه من طرف املتعلم‪.‬‬

‫‪ -‬من املفروض ان الكتاب املدرسي وفق نظام املقاربة بالكفاءات يتوفر على وسائل ايضاح وسندات تهدف‬
‫اىل تنمية الكفاءات املعرفية و الوجدانية لدى املتعلمني‪ ،‬واهلدف ليس تبليغ معلومات ومعارف بل وضع‬
‫املتعلمني يف وضعيات يستثمرون فيها معارف قبلية ومعارف جديدة لنجاز نشاطات فكرية‪.‬‬

‫‪300‬‬
‫‪ISSN: 1112-9212‬‬ ‫مجلة‪ :‬تطوير العلوم االجتماعية‬
‫‪2017‬‬ ‫مجلد‪ 10 :‬عدد‪ 02 :‬الجزء‪01 :‬‬ ‫مخبر استراتيجيات الوقاية ومكافحة المخدرات في الجزائر ‪ -‬جامعة الجلفة‬

‫‪ -‬هناك توظيف لسندات ال عالقة هلا بالوضعيات التعلمية‪ ،‬والرتكيز على احداث يف مناطق معينة من‬
‫اجلزائر دون غريها يعيب يف الوحدة الوطنية والشمولية الثورية‪ ،‬وهناك استعمال خلطاب تارخيي يعتمد‬
‫على املبالغة والعاطفة اكثر منه على التحليل والنقد‪.‬‬

‫‪-‬هي نادرة تلك اخلرائط اليت حتتوى على أساسيات اخلريطة(العنوان‪ ،‬املفتاح‪ ،‬املصدر‪ ،‬االجتاه) فهذه‬
‫العناصر ضرورية لفهم اخلريطة واستغالهلا‪ ،‬فبالرغم من ختصيص وحدة تعليمية كاملة يف السنة األوىل‬
‫ثانوي يف مادة اجلغرافيا تؤكد طرق االستغالل األمثل هلذه األدوات إال أن القائمني على اجناز هذا الكتاب‬
‫جتاهلوا ذلك متاما؟ ولنا أن تصور صعوبة بل استحالة قراءة وفهم خريطة دون مفتاح واألمثلة يف الكتاب‬
‫املدرسي عديدة ومتعددة(‪.)5‬‬

‫‪ -‬السندات اليت من املفروض يعتمد عليها التلميذ إلجناز العمل اغلبها حييل اىل معارف قدمية ال تتوفر‬
‫على إمكانية للنقد أو التحليل‪.‬‬

‫‪-‬يتميز اخلطاب التارخيي املدرسي الذي تسوقه الكتب املدرسية مبعارف ونشاطات ال تناسب املتعلم وال‬
‫تهيؤه الكتساب القدرة على التحليل واالستنتاج الن السندات املقدمة ذات مضمون وصفي تقريري ال‬
‫تشجع على النقد وال تكرس الروح املوضوعية‪.‬‬

‫د ‪ -‬من حيث طرح االشكاليات‪:‬‬

‫تكون كل وضعية تعلمية مقرتحة متفقة مع منصوص الكفاءة وتتضمن مشكلة متكن من معاجلة‬
‫احملتويات املعرفية املختارة بالنسبة للوحدة التعلمية‪ ،‬ووضعية التعلّم هي جمموعة ظروف تضع املتعلّم أمام‬
‫حتدي معريف يوظف فيه قدراته ملعاجلة اإلشكال املطروح وهو بذلك يكتسب كفاءات متكنه من بناء‬
‫معرفته وبتعبري آخر فإنّ الوضعية هي احمليط الذي يتحقق داخله نشاط املتعلم‪.‬‬

‫إنّ املقاربة بالكفاءات تؤكد على ضرورة التخلي عن الرتتيب التقليدي للمادة التعليمية‪ ،‬بل تتبنى‬
‫هيكلة جديدة للمحتويات مبا ميكن املتعلمني من توظيف مكتسباتهم القبلية للتعرف على اإلشكاليات‬
‫املطروحة كتحدي معريف ومعاجلتها يف إطار بناء املعرفة‪ ،‬وعليه يتم اختيار املفاهيم األساسية والقواعد‬
‫املنظمة للمادة باعتبارها مفاهيم مستهدفة للبناء مع مراعاة التدرج يف بنائها وتوظيفها توظيفا سليما‪.‬‬

‫ومن حيث تطور معاجلة اإلشكاليات فإنّه مير املتعلم من خربة واقعية حمسوسة ‪ ،‬وما متثله يف‬
‫ذاكرته من قراءات يف توثيق تارخيي متنوع جيمع اخلربة احملسوسة مع درجات التجريد للعمل العقلي‬
‫الناضج‪ ،‬وطريقة حل املشكالت تعتمد على اثارة املشكالت امام التالميذ باستعمال السندات التعليمية وعلى‬
‫التالميذ التفكري يف املشكلة وحتديد ابعادها واالسباب املسؤولة عنها والبحث عن سبل عالجها وفق مراحل‬
‫التفكري العلمي‪.‬‬

‫‪301‬‬
‫‪ISSN: 1112-9212‬‬ ‫مجلة‪ :‬تطوير العلوم االجتماعية‬
‫‪2017‬‬ ‫مجلد‪ 10 :‬عدد‪ 02 :‬الجزء‪01 :‬‬ ‫مخبر استراتيجيات الوقاية ومكافحة المخدرات في الجزائر ‪ -‬جامعة الجلفة‬

‫هذه القواعد كان جيب اخذها بعني االعتبار اثناء صياغة حمتوي الكتاب املدرسي‪ ،‬فمحتواه واقعيا‬
‫ال يثري اشكاليات وتساؤالت عميقة‪ ،‬هذا ما يالحظ على الكتاب املدرسي ‪ ،‬فحسب السندات واحملتوي الوارد‬
‫يف الكتاب املدرسي فانه ال ميكن لألستاذ طرح اشكاليات عميقة تستدعي على التلميذ التفكري يف التفسري او‬
‫التحليل او النقد ‪ ،‬وكل ما يف االمر هو طرح اسئلة مباشرة مثل ماهي اسباب كذا؟ وما هو مفهوم‬
‫كذا؟‪...‬ينبغي على االشكالية ان تكون عميقة توضع يف سياق تارخيي خاص ومنطلقة من واقع حمسوس‬
‫للتلميذ وبعيدة عن التجريد وهو امر غائب يف الكتاب املدرسي حمل الدراسة‪.‬‬

‫هـ ‪ -‬من حيث عالقة االنشطة باحلجم الساعي املخصص‪:‬‬

‫ان االستثمار االمثل للوقت املتاح للنشاطات الواجب تنفيذها والتمييز بني االساليب والطرق‬
‫وانعكاساتها على اهدار الوقت وعلى عمل الفرد وعمل الفرق الدراسية وعلى سري الدرس عموما يطرح‬
‫اشكالية اخرى‪ ،‬ففي النظام القديم اين كان االستاذ يلعب دورا حموريا يف سري الدرس كانت مهمة‬
‫التلميذ هو االنصات بإمعان لكالم االستاذ وتلقي املعلومات وتسجيلها‪ ،‬وكان االستاذ هو املخطط واملتحكم‬
‫يف توز يع الوقت املناسب لكل عنصر دراسي‪ ،‬ان شاء اختصر وان شاء مدد الوقت حسب درجة التقدم يف‬
‫الربنامج الدراسي‪ ،‬اما يف ظل هذا النظام اصبحت عملية ختصيص الوقت املناسب لكل نشاط امرا صعبا‬
‫باعتبار ان التالميذ هم املكلفون بإجناز االنشطة ‪ ،‬ومع تدخل عدة عوامل منها تفاوت مستوى التالميذ‬
‫وطول بعض االنشطة وعدد التالميذ داخل احلجرة الدراسية‪...‬اخل فان عملية اجناز هذه االنشطة كاملة‬
‫من طرف مجيع التالميذ يستلزم وقتا كثريا‪ ،‬واذا ربطها االستاذ بوقت معني فإنها حتما ستكون اعماال‬
‫مبتورة وغري كاملة‪ ،‬حيث ان العمل امليداني مغاير متاما ملا كان يتصوره معدو الربامج‪ ،‬ومن الصعوبة‬
‫البالغة ان يتمكن االستاذ من انهاء الربنامج الدراسي يف وقته احملدد اذا التزم حرفيا بتطبيق طريقة املقاربة‬
‫بالكفاءات‪.‬‬

‫و ‪ -‬من حيث وضعيات التقويم‪:‬‬

‫يف ظل هذه املقاربة يوضع التقويم خلدمة املتعلم‪ ،‬اذ ال يقوّم التلميذ على انه ناجح او راسب بقدر‬
‫ما يهدف اىل مساعدته على معرفة تنمية كفاءاته وتوجيهها بالطرق البيداغوجية يف التدريس واليت‬
‫تتماشى واالسرتاتيجيات املعتمدة وفقا لكفاءاته‪ ،‬ومن املفرتض ان تكون وضعيات التقويم شاملة ملختلف‬
‫مكتسبات املتعلمني وذات عالقة مباشرة مع العناصر الرئيسية للربنامج‪ ،‬واملالحظ يف كتاب السنة الثانية‬
‫ثانوي ان وضعيات التقويم قليلة جدا ‪ ،‬وان وجدت فإنها تشتت معارف التالميذ وحتول نظرهم اىل قضايا‬
‫اخرى بعيدا عن العناصر الرئيسية املقررة‪ ،‬وكان جيب ختصيص وضعيات تقويم متعددة تفرض اجباريا‬
‫على التالميذ‪ ،‬وعلى االستاذ مراقبتها وتصحيحها داخل احلجرة الدراسية‪ ،‬وجيب ان تكون ايضا ذات عالقة‬
‫مباشرة مع املقرر الدراسي وبعناصره ‪ ،‬أي ان تكون هادفة اىل التدقيق يف تلك العناصر ال اىل حتويل انظار‬
‫التالميذ اىل قضايا اخرى حتى وان كانت ختدم جزئيا الربنامج الدراسي‪ ،‬فوضعيات التقويم الواردة يف‬

‫‪302‬‬
‫‪ISSN: 1112-9212‬‬ ‫مجلة‪ :‬تطوير العلوم االجتماعية‬
‫‪2017‬‬ ‫مجلد‪ 10 :‬عدد‪ 02 :‬الجزء‪01 :‬‬ ‫مخبر استراتيجيات الوقاية ومكافحة المخدرات في الجزائر ‪ -‬جامعة الجلفة‬

‫الكتا ب املدرسي اقرب اىل البحوث املدرسية واىل عمليات املطالعة اهلادفة اىل توسيع املعلومات منها اىل‬
‫التقويم واختبار درجة استيعاب التالميذ للمقرر الدراسي‪.‬‬

‫‪ 3‬النتائج والتوصيات‪:‬‬

‫انّ الكتاب املدرسي ليس غاية يف حدّ ذاتها ليلتزم مبا ورد فيه حرفيا‪ ،‬وإنّما هو عبارة عن وسيلة‬
‫مساعدة يستثمرها االستاذ لتخطيط عمله يف ضوء التوجيهات الواردة ويستثمرها التلميذ ايضا لتنمية‬
‫قدراته وتوسيع مكتسباته وخرباته الشخصية‪ ،‬وعلى ضوء احملتوى الوارد فيه يتمكن االستاذ من صياغة‬
‫الوضعيات اإلشكالية‪ ،‬وبناء الكثري من الوضعيات يف كلّ وحدة تعلمية واليت تساعده يف حتقيق الكفاءة‬
‫القاعدية املرصدة لكلّ وحدة تعلمية‪ ،‬وكذا حتقيق اهلدف اخلتامي االندماجي للسنة‪ ،‬وهو ال خيتلف من‬
‫حيث املبدأ عن الوثائق املخصصة لتسهيل عمل االستاذ كاملنهاج واملذكرات والوثيقة املرافقة للمنهاج‪،‬‬
‫ومن الضروري اعتماد عدة معايري تتماشى وبيداغوجيا املقاربة بالكفاءات اثناء اجناز الكتاب املدرسي من‬
‫طرف اللجان املختصة‪ ،‬وهلذا نقدم جمموعة من التوصيات لتحسني صورة الكتاب املدرسي اهمها‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة اعادة النظر يف الكتاب املدرسي خاصة يف ما خيص املنهجية ‪ ،‬فالكتاب احلالي خيدم الطريقة‬
‫السابقة وال خيدم طريقة التدريس باملقاربة بالكفاءات‪ ،‬وجيب الغاء مجيع امللخصات الواردة فيه وختصيصه‬
‫للسندات فقط او تصميمه على شكل نشاطات كما هو معمول به يف التعليم االبتدائي‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة تصحيح االخطاء املعرفية الواردة يف سندات الكتاب املدرسي ومراقبة لغتها واعادة استقائها من‬
‫مصادرها االص لية‪ ،‬مع ضرورة االشارة اىل مصدرها(الكاتب‪ ،‬اسم الكتاب‪ ،‬الصفحة)‪ ،‬باإلضافة اىل حتسني‬
‫صورة اخلرائط الواردة فيه عن طريق ذكر العنوان واملفتاح لتسهيل عملية قراءتها‪.‬‬
‫‪ -‬تكليف اساتذة يتمتعون خبربة ميدانية يف عملية اجناز الكتب املدرسية النهم هم الذين يعرفون مواطن‬
‫اخللل وابعاد املفتشني من هذه العملية النهم ال حيتكون فعليا بالكتاب املدرسي وال يعرفون نقائصه بدقة‪.‬‬
‫‪-‬حتقيق توازن بني وحدات الكتاب املدرسي واالبتعاد عن اخلطاب التارخيي غري املوضوعي‪.‬‬
‫اهلوامش‪:‬‬
‫(‪ )1‬دليل االستاذ يف تطبيق كتاب التاريخ للسنة الثانية من التعليم الثانوي العام والتكنولوجي‪ ،‬وزارة‬
‫الرتبية الوطنية‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )2‬وذلك بنسبة‪ ، %34.72‬انظر اجلدول اعاله‪.‬‬
‫(‪) 3‬الوثيقة املرافقة ملنهاج مادة التاريخ للسنة الثالثة من التعليم الثانوي‪ ،‬اللجنة الوطنية للمناهج‪،‬‬
‫اكتوبر ‪2008‬م‪ ،‬ص‪.8‬‬

‫(‪ )4‬كتاب التاريخ للسنة الثانية من التعليم الثانوي‪ ،‬الديوان الوطين للمطبوعات املدرسية‪- 2007،‬‬
‫‪2008‬م‪.‬‬

‫(‪ )5‬انظر خرائط وسندات كتاب التاريخ للسنة الثانية من التعليم الثانوي‪.‬‬

‫‪303‬‬

You might also like