Professional Documents
Culture Documents
من متاهات الحياة عبدالهادي بن سعود السبيعي
من متاهات الحياة عبدالهادي بن سعود السبيعي
ISBN: 978-614-02-2444-5
توزيع
يمنع نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب بأية وسيلة تصويرية أو الكترونية أو ميكانيكية بما فيه التسجيل الفوتوغرافي
والتسجيل على أشرطة أو أقراص مقروءة أو بأية وسيلة نشر أخرى بما فيها حفظ المعلومات ،واسترجاعها من دون إذن خطي
من الناشر.
إن اآلراء الواردة في هذا الكتاب ال تعبر بالضرورة عن رأي الدار العربية للعلوم ناشرون ش .م .ل
العناية األسرية:
من واجبات األسرة وخاصة األب واألم توفير العناية الدائمة والمتنوعة ألفراد أسرتهما ،ويجب
أن ترافق هذه الرعاية األوالد في مختلف مراحل عمرهم لكي تكون أساسًا لنضوجهم الفكري والجسدي
معًا.
يجب على الوالدين حض أوالدهما على التعلم ومتابعتهم في المنـزل والمدرسة على حٍّد سواء،
وعدم تركهم بين يدي المجهول .فالعناية ال تقتصر على انفاق المال وأخذهم إلى المدرسة وإرجاعهم
منها ،بل يجب أن تشمل السؤال عنهم في المدرسة ،ومتابعة تقاريرهم الشهرية التعليمية وتحفيزهم
داخل المنـزل للقيام بواجباتهم ومساعدتهم على إنهائها بالشكل الُم الئم ،وكذلك يفترض بالوالدين
متابعة حالتهم الصحية بصورة دائمة وعدم إهمالها لكي ال تنعكس حالتهم الصحية ،وتصبح جزء
نفسيًا يؤثر على أبنائهم خصوصًا إذا كانت أمراضًا ُم زمنة.
مع توافر العناية األسرية باألبناء سيكون ذلك بمثابة الطريق السليم الذي يبعد األبناء عن
متاهات الحياة األسرية والتي نسمع أن الكثير من األبناء يعانون منها ،بحيث ال يرغبون بالعيش في
نظر لقلة العناية بهم نفسيًا واجتماعيًا.
كنف أسرهم ًا
ويمكننا اعتبار انسجام الوالدين ،وعيشهما بوئام ،وعدم تشاجرهما باستمرار أمام أبنائهم،
وقيامهما بمعالجة خالفاتهما بعيدًا عن أبنائهما ،والسعي الدؤوب دون تراكمها كي ال تصبح قابلة
لالنفجار في أي لحظة مما يهدد تماسك األسرة ويتسبب بتشتتها أحد سبل العناية األسرية.
فمتاهات األسرة غير المنسجمة ،لها عظيم األثر على تماسك األسرة ،وقد تؤدي إلى تشتت
ضرر حتميًا
ًا األبناء في دوامة ال يعرفون سبيًال للخروج منها ،وقد تنعكس آثار عدم االنسجام هذا
على المجتمع بأكمله ،ولن تقتصر نتائجه على األسرة فقط.
أشكال التربية:
صنف الباحثون أشكاًال للتربية وهي:
أوًال تربية "محددة":
والتربية المحددة تتم من خالل التربية المدرسية ومناهجها ،ويكون لها نسق منظم من خالل ما
يطرح ومن خالل تنظيمات هرمية إداريًا وتعليميًا وإرشاديًا ،كما تتمتع بالترتيبات المكانية من أبنية
ومرافق تعليمية ورياضية داخل المنشأة التعليمية.
ثانيًا تربية "غير محددة":
وهي التي تجري ضمن النطاق األسري والُم جتمعي المحيط ،وتكون غير واضحة المعالم وغير
نظر لتأثيرها السلبـي المباشر خصوصًا
محددة األهداف ،وهذا ما يزيد من خطورتها كطريقة تربوية ًا
مع التطور التكنولوجي وسهولة تغيير معتقدات وتقاليد النشء الُم ستهدف من التربية من خالل
نظر الفتقادها للتوجيه المحدد والمنظم الذي يستدعي تواجد التربية النظامية جنبًا
صعوبة التحكم بها ًا
إلى جنب مع التربية غير النظامية.
مسالك التربية الخاطئة:
تختلف التربية من أسرة إلى أخرى والتي قد يتضرر منها األبناء .وهناك نوعان من األسر التي
تتبع مسالك خاطئة:
النوع األول :األسر التي تسلك درب الشدة في التربية بحيث ال تتهاون مع أي أمر مهما كان
صغير ،وال تسعى لمعالجته أو معرفة السبب الكامن خلفه.
ًا
والنوع الثاني :األسر التي تسلك درب التهاون والتغاضي عن أي فعل مهما كان جسيمًا ،مبررة
ذلك بالحرية الشخصية لألبناء وترك لجام األمور بأيديهم.
في النوعين السابقين هناك خطأ فادح قد يتسبب بتدهور األبناء وابتعادهم عن الدرب القويم،
وقد تكون العواقب في كلتا الحالتين وخيمة وتسبب األذى للمجتمع وتزيد من حاالت الشذوذ
األخالقي واألدبـي.
من هنا نعرف بأن التربية تدخل في متاهات خطيرة ما لم نسلك الدرب الصحيح في هذه
المهمة الجليلة ،وهو ما يمكن أن نسميه درب التربية الصالحة المعتدلة.
ونحن كمجتمعات مسلمة ال بد لنا أن نستمد وسائل تربيتنا من شريعتنا السمحاء القويمة التي ال
بد من غرزها في نفوس أبنائنا فقد قال الرسول صّلى هللا عليه وسلم( :كلكم راع وكل ارٍع مسؤوٌل
عن رعيته) .فهذا تنبيه نبوي ألرباب األسر من أب وأم بأنهما مسؤولين أمام هللا عن رعيتهم.
أساليب التربية:
لكل ُم شكلة حل وللتربية أساليب يتخذها الُم ربـي الفاضل للوصول ألهدافه التربوية الحسنة.
vإتباع هدي القرآن والسنة النبوية:
مجتمعنا اإلسالمي ُيحتم علينا إتباع القرآن والسنة النبوية التي هي نبراس ونور ُيقتدى به عبر
األزمان وهما صالحان لكل زمان ومكان.
فيجب أن نحتذي بالتربية اإلسالمية الوسطية المبنية على ما كفله اإلسالم للحياة البشرية عامة
التي شملت جميع مجاالتها الحياتية ،ويجب غرس محبة ومخافة هللا في نفوس النشء ُم نذ الِص غر
وتدريبهم لفظيًا وفعليًا.
وهناك عدة طرق ُتسلك في هذا السبيل من التربية منها:
جعل محبة هللا في قلوبهم ،واستشعارها باألساليب البسيطة التي ُتقربهم من •
ُح ب الِع بادات والعمل بها.
العمل على تربيتهم على أساس أن ما يحصل لهم من أمور حسنة فهو ِه بة •
وُم كافئة ُيكافئهم هللا بها.
تعويدهم على الصالة بشكل ُم حبب دون تنفير ،وأخذهم من فترة إلى أخرى •
إلى المسجد وهذا لألطفال ما دون سن السابعة.
lغرس مخافة هللا في قلوبهم ،بحيث نجعل كل أمر ُم شين وغير صحيح تحت
دائرة العقوبة من هللا؛ كتلفظهم باألقوال البذيئة وقيامهم باألفعال الُم شينة وكذلك عدم طاعة
والديهم فنجعل مثل تلك األمور ُم حاطة بالعقوبة أمامهم إن قاموا بها.
vبناء الثقة الشخصية:
من المؤكد أن غرس الثقة في نفوس األبناء من األساليب الُم همة في التربية ،وستكون بمثابة
الطريق الثابت والُم مهد لُم ستقبل ُم شرق.
لبناء الثقة الشخصية يجب أن يؤخذ العمر بعين االعتبار ،فالشخصية تبنى بالتدرج مع التقدم
بالعمر من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة ،فمن خالل الوالدين ُهناك ُفرصة أكبر لبناء شخصية
قوية ومتينة مهما كانت العوامل الخارجية عكسية ،بحيث يكونان داعمين أساسيين بعيدين ُك ل البعد
عن التثبيط النفسي واالجتماعي.
هناك عوامل نفسية تشتت األبناء وتزيد من احتمال فقدانهم للثقة ،منها:
< قلة احترام الوالدين ألبنائهم ،وجعلهم تحت وطأة االستهزاء شبه الدائم.
< التقليل من شأنهم أمام الناس.
السعي الدائم والمباشر لتربية األبناء نتيجة أي خطاء قد يبدر منهم <
وخصوصًا بحضور الغرباء.
< ضرب األبناء أمام الناس ،والتفوه بألفاظ سيئة بحقهم.
< عدم احترام رأيهم في أمورهم الشخصية ومقتنياتهم مثل األلعاب والمالبس
وغيرها.
< إسكاتهم بأسلوب ُم هين عند إبداء رأي غير مناسب وتهديدهم بعدم إبداء أي
رأي آخر.
ومن العوامل الُم ساعدة على بناء الثقة الشخصية:
< احترام الوالدين ألبنائهم ،والثناء عليهم.
مدح الوالدين ألبنائهم بلطف ودون مبالغة أمام الناس خصوصًا عندما <
يستحسنون تصرفهم ،فهذا المديح يغرس في نفوسهم ثقة بأن ما قاموا به أمر حسن
فيداومون عليه مستقبًال.
< عدم توبيخ األبناء أمام الناس عما يرتكبونه من أخطاء مهما كانت كبيرة أو
صغيرة ،بل يقومون بتوجيههم وتبيان الخطأ الذي قاموا به على انفراد بعيدًا عن مرأى
الناس ،وعن سائر اإلخوة .وفي حال تكرار الخطأ يعاقب المخطئ بعيدًا عن عيون الناس
وبأساليب تربوية صحيحة إما بحرمانه من أمر يحبه أو عدم محادثته لفترة حتى يعود
ويتأسف عما بدر منه والطرق كثيرة في هذا الشأن.
< منح األبناء فرصة االعتماد على أنفسهم في أمور بسيطة ،مثل ارتداء
المالبس ،وعدم التدخل حتى ولو طلبوا المساعدة ،لكي تنشأ لديهم ملكة االعتماد على
النفس وتصبح محًال للتطبيق ُم ستقبًال في مراحل حياتهم المختلفة.
من هنا وبهذه األساليب نستطيع الخروج من متاهات التربية التي تؤرق الكثير من اآلباء
واألمهات ،ونبني أجياًال تسلك المسلك القويم والبعيد عن أي اختالل وضياع بإذن هللا.
الفصل الثالث
متاهات الُم راهقة
المراهقة واألسرة:
متاهات المراهقة بحّد ذاتها من أصعب المتاهات وأكثرها غموضًا وأصعبها حًال وأعسرها فهمًا،
وبعض األسر -إن لم نقل أغلبها -تعاني منها ،لما تفرضه من عناية خاصة تستوجب على
الوالدين أن يكونا أكثر ِح رصًا في التعامل مع أبنائهم المراهقين.
متاهات الفشل:
للنجاح والوصول إليه ال بد من الحذر من متاهات الفشل ،التي يجب وضعها في الحسبان،
وكذلك ال بد من السالك لطريق النجاح أن يحذر من ُح فر وطرقات تؤدي إلى تلك المتاهات التي
غالبًا ما تكون ًا
بئر ال قرار لها.
بالفعل وراء ُك ل فشل نجاح ،ولكن وراء ُك ل متاهة ضياع إن لم تتدارك الطريق الصحيح في
لحظته ُم بتعدًا عن اآلراء العكسية التي تزيدك فشًال.
من يأس وجعل ما أمامه سوادًا ،فهذا حتمًا سيظل في فشله ،وهائمًا في متاهاته التي لن تزيده
إال سقوطًا.
ال تستسلم وال تيأس وال تتقهقر عن موقفك الذي بدأته عن قناعة .ولكن جدد الُط رق ،وحاول
وأعد الكرة مرة تلو األخرى ،وأستفد من سقوطك الماضي لتصحيح مسيرك الحاضر ،واجعل األمل
نبراس طريقك وحتمًا ستجد أبوابًا ِع دة توصلك إلى باب النجاح المأمول والذي طالما حلمت به.
للفشل أسباب ومنها:
vاليأس من المحاولة األولى.
vاالستماع للنقد كأداة ُم حبطة بدًال من كسبه كأداة للتصحيح.
♣ العودة لفشلك السابق باألساليب نفسها والطرق السابقة من دون تصحيح.
vعدم استشارة أهل الخبرة ومن سبقوك بما أنت مقدم عليه.
استشارة من ال يعرف وليس لديه خبرة كافية في المجال الذي تعمل فيه v
واألخذ برأيه.
♣ البدء بما تقوم به سواء أكان مشروعًا أو مقابلة لوظيفة وغير ذلك من دون
دراسته أو التحضير له.
ومن هنا ندرك أن الفشل له أسباب تمنع من الوصول إلى النجاح ،وإذا ما تم إدراكها وتالفيها،
فالنجاح يحتاج لثقة ومعرفة بعيدًا عن التخبط واليأس.
الكثيرون يريدون سبًال تحول بينهم وبين الفشل .في الحقيقة ،إن الفشل ُم الزم دائمًا للنجاح،
ولكن ُهناك من يجعل من فشله نجاحًا بعدة طرق مع وجود الثقة بأنه سيصل ألعلى القمم في يوٍم
من األيام.
ُهناك عدد من الُس بل للنجاح منها:
vالثقة بالنفس.
vاألمل وعدم اليأس.
إعادة المحاولة عند ُك ل فشل ،واالستفادة من أسباب الفشل السابق لتحقيق v
النجاح في الخطوات القادمة.
استشارة أهل الخبرة فقط ممن سبق وأن خاضوا في المجال المزمع الخوض v
فيه.
عدم البدء بأي عمل أو مشروع إال بعد دراسة أو تحضير له بما يضمن دقة v
ما تقوم به.
vهذه بعض الُس بل التي قد تساعد في السعي نحو طريق النجاح والتي قد تبعد عن متاهات
الفشل التي وقع بها الكثيرون.
وهنا أقول :في كل فشل ال تقل "خسرت" ..بل ُق ل ربحت "ِخ برة" وعزز ثقتك بنفسك وال تيأس.
متاهات شبابية:
عندما نتحدث عن الشباب ،يطول الحديث وتدور القصص ،منها ما هو جميل ،ومنها ما هو
قبيح ،ومنها ما يدعو للفخر ،ومنها ما يدعو للُخ زي والعار.
للشباب زهرة وللشباب حالوة ال يتذوقها إال من عاش تفاصيلها الجميلة التي ال تحمل سيئات
وإن قّلت ،فقد قال أبو العتاهية في إحدى قصائده:
بكيت على الشباب بدمع عيني
فلم ُيغِن الُبكاُء وال النحيُب
فيا أسفًا أسفُت على شباٍب
ِض
نعاُه الشيُب وال أرُس الَخ يُب
عريُت من الّش باِب وكنُت غضًا
ِق
كَم ا َيعَرى مَن الَو َر الَق ضيُب
فَيا َليَت الّش باَب َيُع وُد َيومًا
فُأخبَرُه بَم ا َف َع َل اَلمشيُب
فحديث الشباب ال ينتهي وال ُيمل .ممن فاتهم قطار الزمن تجدهم يعودون أليام شبابهم لكي
يروا قصص أيام الشباب والقوة والنشاط ،فبعض الشباب تاه وتاهت ُخ طاه والبعض اآلخر اعتلى
وعلت مكانته.
هدر بال
كلمة الشباب رديفة للهمة واالجتهاد ..ومن أضاع شبابه فيما ال ينفعه وجعل أوقاته ًا
فائدة فقد ظلم نفسه ،ومن أقوال علي بن أبـي طالب رضي هللا عنه( :الوقت كالسيف إن لم تقطعه
قطعك) ،فهذا داللة على أن للوقت أهمية وخصوصًا في وقت الشباب فمن أضاعه فقد خاب
وخسر.
رحلة الشباب إلى المشيب:
لكل بداية نهاية ،وللشباب نهاية عندما تكبر في العمر ،وتخبو همتك ،ويشح نظرك ،ويضعف
عكاز لتسند قوتك التي فنيت مع تقدمك في العمر.
ًا سمعك وتحمل
ِه
دع الكسل والخمول ،وشد من عزيمتك ،واشحذ متك ،وبادر بالدنيا قبل أن ُتبادر عليك،
استنشق الهواء بكلتا رئتيك ،فغدًا سيصعب عليك التنفس لضعفهما ،ونفذ عن ساعديك ،وابحث عن
رزقك ونجاحك ،وال تقف عند مستوى واحد في حياتك ،بل ضاعف جهدك ،وطّو ر نفسك لألفضل
فاألفضل.
رحلة الشباب ال تتوقف بل سائرة رضيت أم أبيت ،فأغتنم شبابك قبل هرمك ،وابِن ُم ستقبًال
ُم شرقًا لك يعيش به أفراد أسرتك من بعدك وترتاُح به في مشيبك من عناء الُد نيا.
غفوة الشباب:
للشباب غفوة وكبوة ،ولكن ُهناك من ُيفيق منها ويقف على قدميه بعد سقوطه ،وهناك من يغفو
في ُس باٍت عميق ال ُيدرك ما حوله ،فتجده يعيش باألحالم الواهية ،وبالصداقات الزائلة ،وباألوقات
حائر ال يعرف للمجِد طريقًا وال للسعادِة مكانًا ،يرى هذا وذاك ،ويقول ليتني بمكان ًا الفاسدة ،تائهًا
ذاك وذاك ،من دون أن يسير بنفسه لما يحلم وُيريد ،يعيش في التقليل من شأن من سبقوه بالعلم
والنجاح ،ويسُب من يعلوه شأنًا ألنه أخفق في الوصول بسبب متاهات الحياِة التي لم يعرف لها حًال
وباألصح لم يبذل جهدًا إليجاد الحلول لها والخروج منها.
متاهات إلكترونية:
يزخر عالم التكنولوجيا منذ بدايته حتى يومنا هذا بالمنافع الكثيرة والكبيرة التي خدمت الدول
والُم جتمعات واألفراد ،إن هذه التقنيات الحالية أصبحت جزءًا ال يتج أز من الحياِة عامة ،وبكل تأكيد
لكل إيجابـي جوانب سلبية تؤثر عليه بشكٍل أو بآخر.
كبير
ًا ومما ال شك فيك أن التكنولوجيا بمختلف أنواعها ألقت بظاللها على أفراد الُم جتمع
وصغير وأدخلتهم في عالٍم صغير ،مما جعل لها متاهات خطيرة جدًا خاصة على النشء ،فجعلتهم ًا
تائهين داخل العالم االفتراضي البعيد عن الواقع ،وسلبت العقول والُم عتقدات والتقاليد لدى البعض
من ُم ستخدميها من ِص غار السن ،وأصبح الممنوع مسموحًا والُم غلق مفتوحًا ،ولم تعد ُهناك قيود،
وزادت الُح رية من خالل الغوص في متاهاتها الُم ظلمة.
لقد أصبح من الملح والضروري أن تلعب األسرة والمجتمع ًا
دور إيجابيًا في حماية العقول
والمعتقدات الدينية التي هي أساس مجتمعنا اإلسالمي الُم حافظ ،من خالل تفعيل إيجابيات
التكنولوجيا ونبذ سلبياتها بشتى الطرق والوسائل الُم تاحة.
متاهات تعليمية:
كلنا نعلم أن للعلم نور ُيستضاء به ،وهو الهدف األسمى للوصول للنجاح األعلى والمعرفة
والثقافة التي ترفع شأن صاحبها ،يعيش بعض الطالب في المراحل الدراسية شتاتًا خصوصًا بعد
تخرجهم من مرحلٍة إلى مرحلٍة أخرى ،وذلك لخروجهم من بيئٍة مدرسية ُم عتادة إلى أخرى جديدة ُك ليًا
مكانيًا وطالبيًا وموادًا وُم علمين .هنا تبدأ نقطة المتاهة التي تستوجب وقوف الوالدين إلى جانب
أبنائهم حتى يعتاد األبناء على ما استجد حولهم وما انتقلوا إليه.
متاهة ما بعد المرحلة الثانوية:
هذه المرحلة هي مدخل لمكانين إما االنتقال للُم ستقبل الوظيفي وإما إكمال الدراسة ،فإذا انتقل
الطالب إلى الوظيفة ُهنا يحتاج للتحفيز والشد من أزره ،وإذا انتقل إلى مرحلة الدراسة الجامعية
وإكمال الدراسة فهنا يحتاج للتوجيه نحو الُم ستقبل الوظيفي واختيار التخصص الذي يتوافق مع ما
يراه الطالب دون إرغامه على تخصص معين يراه أحد الوالدين مناسبًا ،ألنه إذا أرغم سيعود عليه
بالضرر وربما لن يستطيع إكمال ما بدأه.
متاهات أخالقية:
من أنقى وأسمى صفات البشر هي األخالق التي ُتكسب الشخص ِص فًة تجعله أكثر جاذبية
ويستحوذ بواسطتها في قلوب البشر مكانًا ومكانة ،فغيابها له مساوئ تجعل من فقدها مذمومًا
ومنبوذًا بين الناس.
في متاهات سوء الُخ لق نجد من اكتسبها من والديه وذلك بسبب سوء معاملة والديه له أو
بسبب داللهما الزائد له ،فلألمرين دور في سوء الُخ لق ُم ستقبًال ،مما يجعل الشخص تائهًا لوصف
الناس له بقبيح الُخ لق مما ينعكس على الشخص نفسيًا ويجعله كارهًا للمجتمع الُم حيط به.
لزرع المودة والمحبة منذ الصغر إيجابيات في جعل الشخص حسن الُخ لق بحيث تصبح المودة
والمحبة إحدى صفاته التي يتعامل بها مع الُم حيطين به.
متاهة الشيخوخة:
لكبار السن متاهة قد يواجهونها في مرحلة معينة ،وذلك عندما يخرج أبنائهم من كنفهم إلى
ُم جتمع وأسرٍة جديدة بعد زواجهم ،وهذا ما قد يعود عليهم بالوحدة بعد التفاف أبنائهم حولهم.
توتر نفسيًا لدى
فغياب األبناء الُم ستمر عن آبائهم وأمهاتهم لظروفهم األسرية الجديدة سيخلق ًا
الوالدين ،مما يزيد تشتتهم ومتاهتهم ورؤية ما حولهم فارغًا ،فيهربون من واقعهم بالعودة الُم ستمرة إلى
الماضي من خالل ذاكرتهم ،وقد يترافق ذلك مع الحزن إذا كان األبناء في غياب ُم ستمر.
متاهة ُم عاق:
هذه الفئة الغالية على الُم جتمع التي تستحق الكثير والكثير من الُم جتمع ،أقصد ذوي
االحتياجات الخاصة الذي َم ّن هللا عليهم باالبتالء في حياتهم .فعن أنس بن مالك رضي هللا عنه
َأ
أنه النبـي صلى هللا عليه وسلم َق اَل ِ( :إَّن ِع َظ َم الَج َزاِء َم َع ِع َظ ِم الَبَالِء َ ،و ِإَّن َهَّللا ِإَذ ا َأَح َّب َق ْو ًم ا
اْب َتَالُهْم َ ،ف َم ْن َر ِض َف َلُه الِّر َض اَ ،و َم ْن َس ِخ َط َف َلُه الَّس َخ ُط ).
َي
وقال صلى هللا عليه وسلمِ( :إَّن اْل َع ْب َد ِإَذ ا َس َبَق ْت َلُه ِم ْن ِهَّللا َم ْن ِز َلٌة َلْم َيْب ُلْغ َه ا ِبَع َم ِلِه اْب َتَالُه ُهَّللا ِفي
َج َس ِد ِه َأْو ِفي َم اِلِه َأْو ِفي َو َلِد ِه ).
ِع
من هذه األحاديث النبوية التي ُتبشر بالخير لمن ابتالهم هللا وصبروا واحتسبوا يتبين َظ َم
األجر والمثوبة.
الُم عاق واألسرة:
يحتاج الُم عاق لِع نايٍة خاصة تختلف ُك ليًا عن العناية باألسوياء ،وكٍل على حسب مدى وشدة
كبير في رعايتها له خصوصًا إذا كانت تعيش بمستوى محدود ماديًا ًا إعاقته ،فاألسرة تحمل همًا
واجتماعيًا ،ولكن للمعاق حقوق أسرية يجب أن تقوم بها األسرة ،وتكفلها له بما يربطه بها من قرابة،
وال تقتصر الحقوق على اإلنفاق المادية وتغطية نفقات المعاق ،فهو يحتاج فضًال عن الدعم المادي
دعمًا معنويًا ونفسيًا قد يكون له أثر عالجي في بعض األحيان والحاالت.
الُم عاق والُم جتمع:
ُيعتبر الُم جتمع داعمًا نفسيًا قويًا لذوي االحتياجات الخاصة ،إذا انتشرت ثقافة التعامل الجيد
معهم ،ولكن هذه الثقافة ولهذا اليوم محدودة االنتشار في الُم جتمعات ،وذلك لقلة الداعمين لنشرها،
وهنا الكل مسؤول عن نشر هذه الثقافة سواء أكانت مؤسسات حكومية وإعالمية وتعليمية أو
مؤسسات خاصة ،فبتظافر الجميع سيكون ُهناك دراية وثقافة للتعامل مع هذه الفئِة الغالية ،والتي
يعيش معظم أفرادها في متاهات اجتماعية بسبب غياب فن التعامل مع ذوي االحتياجات الخاصة
واألسلوب األنسب واألجمل في كيفية األخذ والعطاء بينهم وبين الُم جتمع.
الفصل السادس
ُم قتطفات خاصة
< الصغير يرى الِك بار أقوياء ..والكبير يرى الِص غار أنقياء.
هنا الكل يرى النقص الذي لديه في اآلخر.
أحيانًا نفعل ما ال ُنريده وهذا الِفعل ُم كتسب من أشخاص يتحتم علينا <
ُم جا ارِت هم واالنصياع النفعاالتهم.
< في هذا الزمن عندما ُتبدي النصيحة تكون في نظر من تقدمها له ُم تخلفًا
وغير مرغوب بك ،لذا نتجنب دائمًا تقديم النصح للغير ،وهذا في األصل أمر سلبـي وغير
ديني.
< العقول الناقصة هي من ترى نفسها في درجة الكمال ،متناسية أن الكمال هلل
وحده.
< دائمًا ُن لقي اللوم على الوقت والزمن ونقول تبدل واختلف ،ولكن في حقيقة
األمر ُهما بريئان من ذلك ،والذي تبدل واختلف هو نفوس البشر وقلوبهم.
< من أشد أنواع الفشل تقليل الشخص من شأن نفسه وذوبان ثقته في مزيج من
كالم الحاقدين وأعداء النجاح..
انتهى