Professional Documents
Culture Documents
الشركات التجارية. سعيد الروبيو
الشركات التجارية. سعيد الروبيو
سعيـــــد الروبيـــــو
أستـــــاذ بجامعة محمــــد األول
وجـــــــدة
الوجيز في قانون
الشركات التجـاريـة
2019
بسم هللا الرحمن الرحيم
-2-
تقديــم
عندما يرغب الشخص في ممارسة نشاط اقتصادي ،قد يقرر
ممارسته بإسمه الشخصي ،ويكون مسؤوال عن الديون المترتبة عن
هذا النشاط في جميع أمواله .إذ أنه وفقا للقانون المدني فجميع أموال
المدين ضامنة لديونه بصرف النظر عن مصدرها .1وقد يقرر
ممارسة هذا النشاط في إطار شركة تربط بينه وبين أشخاص
آخ رين بناء على عقد أو نظام .وعند اختيار هذا الحل ،وقبل البدء
في ممارسة النشاط ،يجب القيام بمجموعة من العمليات التي تؤدي
إلى تمتع الشركة بالشخصية القانونية وتسمح لها بالتصرف عن
طريق ممثلها القانوني.
ولتأسيس الشركة عدة إيجابيات ،فهو من جهة يسمح بتجميع
إمكانيات عدة أشخاص لممارسة نشاط معين ،كما أنه يسمح للشريك
بتخصيص جزء من أمواله فقط لنشاط الشركة وحماية أمواله
األخرى من المخاطر.
وتنقسم الشركات إلى صنفين ،فهناك الشركات المدنية
والشركات التجارية .يقصد بهذه أألخيرة المقاوالت التي تتخذ إحدى
األشكال القانونية التالية :المحاصة ،التضامن ،التوصية ،ذات
المسؤولية المحدودة ،المساهمة .فاختيار األفراد لشكل من هذه
األشكال هو الذي يضفي الطابع التجاري على الشركة ،2وذلك
بغض النظر عن طبيعة النشاط االقتصادي الذي تمارسه .3أما
- 1ينص الفصل ( 1241ق.ل.ع) على أن " ":أموال المدين ضمان لدائنيه ،ويوزع ثمنها
عليهم بنسبة دين كل واحد منهم ما لم توجد بينهم أسباب مشروعة لألولوية".
2ـ باستثناء شركة المحاصة التي هي شركة تجارية بالغرض.
3ـفهذه الشركات تعتبر تجارية ولو مارست نشاطا مدنيا كالزراعة مثال.
-3-
الشركات المدنية فهي شركات يمنع عليها ممارسة األنشطة
التجارية ،1كما ال يحق لها اتخاذ إحدى األشكال القانونية
المخصصة للشركات التجارية.
وأمام اتساع قائمة األنشطة التجارية ،2تراجعت أهمية هذه
الشركات ،وذلك عكس الشركات التجارية التي أصبحت تحتل مكانة
بارزة في النسيج االقتصادي نتيجة تأطيرها لمقاوالت من مختلف
األحجام.
لكن قبل إبراز أهمية الشركات التجارية ( ،)IIIوتوضيح
مختلف أشكالها ( ،)IIالبد من التوقف عند النقاش الفقهي الدائر حول
الطبيعة القانونية للشركة(.)I
1ـ وذلك تحت طائلة البطالن ،راجع ـ علي العريف ،الشركات ،أطلس ،القاهرة ،طبعة ثالثة،
،1990ص.15 :
2ـ راجع المادة السادسة من مدونة التجارة.
-4-
Iـ الطبيعة القانونية للشركة
لقد انقسم الفقه إلى اتجاهين بمناسبة الحديث عن الطبيعة
القانونية للشركة .االتجاه األول يؤكد على أن الشركة عقد ،أي
مجرد توافق إرادتين أو أكثر على إحداث مشروع مشترك .1هذا
التوجه التعاقدي الذي يؤطره مبدأ سلطان اإلرادة تبناه المشرع من
خالل الفصل ( 982ق.ل.ع) الذي ينص على أن..." :الشركة عقد
بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا لتكون
مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها".
ومن دعائم هذا التوجه وجوب احترام عقد الشركة لألركان
العامة الالزم توفرها في باقي العقود ،وهي التراضي والمحل
والسبب .كما أن حياة الشركة تتوقف على جملة من العقود ،إذ يمكن
الشركاء المتصرف أو المدير من وكالة تسيير الشركة؛ والمراقب
من وكالة مراقبة حساباتها.
لكن بالرغم من أهمية نظرية العقد ،فقد أصبحت عاجزة عن
اإلحاطة بالطبيعة القانونية للشركة ،وذلك بسبب تراجع دور اإلرادة
وتزايد تدخل المشرع .فهذا األخير يحدد بطريقة آمرة كيفية تأسيس
الشركات ،وخصوصا شركات األموال .كما أنه يرخص بإمكانية
تغيير ميثاق الشركة عن طريق قرار يتخذه الشركاء باألغلبية.2
إضافة إلى ذلك فمدير الشركة ليس وكيل الشركاء وإنما جهاز
الشركة الذي حدد المشرع سلطاته ومسؤولياته.3
1ـ بخصوص النقاش الدائر حول الطبيعة القانونية للشركة ،راجع :ـ أحمد شكري السباعي،
الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع االقتصادي ،الجزء األول ،المعارف الجديدة،
الرباط ،2003 ،ص.55 :
2ـ وهو ما ال يتناسب والعقد الذي يتطلب إجماع أطرافه من أجل تعديله.
3
- MERCADAL (B). JANIN (PH), Sociétés commerciales, Lefebvre,
Paris 1987, P.19.
-5-
لتبرير القواعد السابقة ذهب جانب من الفقه إلى أن الشركة
مؤسسة أو نظام من صنع المشرع ،وليس إلرادة األفراد من دور
سوى االنضمام إلى هذا الهيكل أو عدم االنضمام إليه .1وبعبارة
أخرى ،فالشركة مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم اجتماع
األشخاص حول هدف اقتصادي محدد .ومن شأن هذه الفكرة أن
تجعل مختلف المصالح الخاصة تابعة لالستغالل المشترك أو
غرض الشركة .وهكذا مثال يمكن القول بأن حقوق الشركاء غير
محددة بشكل نهائي في الميثاق التأسيسي للشركة ،بل يمكن تعديلها
بقرار أغلبية الشركاء إذا تطلب ذلك غرض الشركة.2بالرغم من
األهمية السابقة لفكرة النظام القانوني ،وبالرغم من تبريرها الفعال
لتبني المشرع للشركة ذات المسؤولية المحدودة المكونة من شخص
وحيد ،3إال أن ذلك ال يعني اندثار أي دور لإلرادة في مجال
الشركات ،وإنما فقط تقييد هذا الدور بوجوب مراعاة الضوابط
القانونية الخاصة بكل شكل من أشكال الشركات.
IIـ أشكال الشركات التجارية
لقد صنف المشرع الشركات التجارية إلى أشكال محددة على
النحو اآلتي :المحاصة ،التضامن ،التوصية البسيطة ،ذات
المسؤولية المحدودة ،التوصية باألسهم ،المساهمة.
1ـ مصطفى كمال طه ،الشركات التجارية ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية،2000 ،
ص.18 :
2
- MERCADAL (B). JANIN (PH), op.cit, 19.
3ـ إلهام الهواس ،شركة المسؤولية المحدودة ذات الشريك الوحيد ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
الحقوق ،جامعة محمد الخامس ،أكدال ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط،
2001ـ 2002ص.37:
-6-
وأمام تشابه الخصائص الجوهرية لبعض هذه األشكال ،قام
الفقه بتجميع الشركات التجارية في ثالث مجموعات.1
فهناك شركات األشخاص التي يعتمد نظامها على شخصية
الشريك والثقة المتبادلة بين الشركاء .لذلك يتميز هذا النظام
بالبساطة وبترك مجال واسع إلرادة الشركاء الذين يتعارفون فيما
بينهم.
ومن مظاهر هذا االعتبار الشخصي وجوب موافقة جميع
الشركاء على قيام الشريك ببيع حصته إلى الغير وإدخاله إلى
الشركة ،كما أن الشريك يتحمل ديون وخسائر الشركة في أمواله
الخاصة .إضافة إلى ذلك ،تنتهي الشركة نتيجة وفاة أحد الشركاء أو
تعرضه لصعوبات مالية .وفي إطار هذه المجموعة نجد شركة
التضامن والتوصية البسيطة وشركة المحاصة.
فشركة التضامن هي شركة يكتسب فيها جميع الشركاء صفة
تاجر ويسألون عن ديون الشركة في أموالهم الخاصة مسؤولية غير
محدودة وعلى وجه التضامن .أما بالنسبة للشركة ذات التوصية
البسيطة فهي تتضمن نوعين من الشركاء ،شركاء متضامنين
يخضعون للنظام المطبق على الشركاء في شركة التضامن وشركاء
موصين ال يكتسبون صفة تاجر وال يسألون عن ديون الشركة إال
في حدود مساهمتهم في رأسمالها.
وبالنسبة لشركة المحاصة فهي شركة خفية من حيث المبدأ،
إذ ال تتمتع بالشخصية المعنوية وال وجود لها إال في العالقة القائمة
بين الشركاء ،فهي ال تخضع إلجراءات الشهر وال تهدف إلى علم
األغيار بها؛ ويمكن إثبات وجودها بكافة الوسائل .فكل شريك
1ـ أحمد شكري السباعي ،الوسيط في القانون التجاري المغربي والمقارن ،الجزء الخامس،
المعارف الجديدة ،الرباط ،1984 ،ص.326 :
-7-
محاص يتعاقد مع الغير بإسمه الشخصي ويسأل وحده عن الديون
المترتبة ،لكن إذ تصرف المحاصون علنا بصفتهم شركاء ،فهو
يسألون عن الديون كشركاء متضامنين.
إضافة إلى المجموعة السابقة ،هناك شركات األموال التي ال
يهتم نظامها بشخصية الشريك ،ولكن يهتم باألموال التي يقدمها
للشركة ،فهي شركات مقررة لتجميع عدد كبير من الشركاء ال
يتعارفون فيها بينهم ،لذلك يتميز نظامها بكثرة القواعد اآلمرة التي
ال تترك أي مجال للحرية التعاقدية.
ومن مظاهر هذا االعتبار المالي أن الشريك يستطيع بيع
حصته إلى الغير وإدخاله إلى الشركة دون اشتراط موافقة باقي
الشركاء ،إذ أن األسهم التي تمثل حصته في الشركة تقبل التداول
عن طريق التظهير .كما أن الشريك ال يمكن أن يفقد إال حصته إذا
تعرضت الشركة لخسائر ،إذ ال يحق لدائن الشركة متابعة الشريك
في أمواله الخاصة .
وفي إطار هذه المجموعة نجد شركة المساهمة وشركة
التوصية باألسهم.
ففي شركة المساهمة ال يكتسب الشركاء صفة تاجر وال
يتحملون ديون الشركة إال في حدود حصصهم الممثلة بأسهم قابلة
للتداول .وبالنسبة لشركة التوصية باألسهم التي يقسم رأسمالها كذلك
إلى أسهم ،فهي تتضمن نوعين من الشركاء .إلى جانب الشركاء
المتضامنين الذين لهم صفة تاجر و يسألون بشكل مطلق عن ديون
الشركة ،هناك الشركاء الموصين الذين ال يكتسبون صفة تاجر وال
يسألون عن ديون الشركة إال في حدود حصصهم الممثلة بأسهم.
لكن رغم أهمية التمييز بين شركات األشخاص وشركات
األموال ،إال أنه في اآلونة األخيرة بدأت تتقلص الفوارق بينهما .فإذا
كانت شركة األشخاص تنتهي بوفاة أحد الشركاء ،إال أن المشرع
-8-
سمح بإدراج شرط في نظام الشركة يقضي باستمرارها رغم وفاة
أحد الشركاء 1.وإذا كانت شركة األموال تقوم على قاعدة أساسية
تتمثل في حرية تفويت األسهم ،إال أن المشرع سمح بإدراج شرط
في نظام الشركة يقضي بإخضاع تفويت األسهم إلى الغير لموافقة
الشركة.2
أما المجموعة الثالثة والتي تسمى بالشركات المختلطة؛ فهي
تضم فقط الشركة ذات المسؤولية المحدودة .ومرد هذه التسمية كون
هذه الشركة لها طابع مزدوج ،حيث تجمع بين خصائص شركات
األشخاص وخصائص شركات األموال .فهي تشبه األولى في أن
تقديم الشريك للحصة يقابل بنصيب من األرباح وليس أسهم قابلة
للتداول ،كما أن تنازله عن الحصة إلى الغير يتوقف على موافقة
باقي الشركاء .وهي تشبه شركات األموال من خالل انحصار
مسؤولية الشريك عن خسائر الشركة في إطار حصته ،وكذلك من
خالل عدم تأثر الشركة بالحادث الذي قد يتعرض له الشريك؛
كالوفاة أو التصفية القضائية.
ولعل تنوع خصائص هذه الشركة هو الذي يبرر إقبال
األفراد عليها أكثر من غيرها.3
1ـ وذلك طبقا لمبدأ وحدة الذمة المالية الذي يجد سنده في الفصل ( 1241ق.ل.ع).
2ـ بخصوص المزايا األخرى لإلشتراك ،راجع :عز الدين بنستي ،الشركات في التشريع
المغربي والمقارن ،الجزء األول ،النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،1996 ،ص.10 :
- 10 -
أمام تطور النسيج االقتصادي المغربي وانفتاحه ظهرت
الحاجة ماسة إلى تشريع متطور للشركات التجارية .هذا األمر تمت
االستجابة إليه من خالل قانونين ،يتعلق األول بشركة المساهمة
(قانون رقم 95ـ 17لسنة 1)1996؛ والثاني بباقي الشركات
التجارية األخرى (قانون رقم 96ـ 5لسنة .2)1997
وبهذا اإلصالح التشريعي يكون المشرع قد وضع اإلطار
القانوني المالئم لتفعيل الخوصصة ومسايرة العولمة واالستجابة
لتوصيات المنظمات المالية الدولية ،وبعبارة موجزة االنخراط في
عصر األلفية الثالثة.3
وبإلقاء نظرة أولية على القوانين السابقة ،يتضح أن المشرع
اعتبر قانون شركة المساهمة بمثابة شريعة عامة لباقي الشركات،
وذلك بالنظر إلى احتواء قانون هذه األخيرة إلحاالت عدة على
قانون شركة المساهمة.4
هذا العيب المنهجي كان باإلمكان تفاديه من خالل تجميع
القواعد العامة المؤطرة لمختلف أنواع الشركات في مدونة واحدة،
وذلك بالتركيز على محوري العقد والشخص المعنوي .فباستثناء
شركة الشخص الواحد ،5تجد باقي الشركات مصدرها في العقد.
1ـ ظهير شريف رقم ،1 .96 .124الصادر بتاريخ 30غشت ،1996الجريدة الرسمية عدد
4422بتاريخ 17أكتوبر .1996
2ـ ظهير شريف رقم ،1 .97 .49الصادر بتاريخ 13فبراير ،1997الجريدة الرسمية عدد
4478بتاريخ فاتح ماي .1997
3ـ لمعرفة مختلف الدوافع الكامنة وراء هذا اإلصالح التشريعي .راجع :ـ أحمد شكري
السباعي ،مرجع سابق ،ص.16:
4ـ محمد اإلدريسي العلمي المشيشي ،خصائص الشركات التجارية في التشريع الجديد ،مجلة
المحاكم المغربية ،عدد ،2000 ،80ص.23:
5ـ هذه الشركة تقوم بإرادة منفردة وليس العقد ،وقد تبناها المشرع في المادة 44من قانون
باقي الشركات التي تنص على أنه" :تتكون الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص أو
أكثر ال يتحملون الخسائر سوى في حدود حصصهم"...
- 11 -
وبمجرد تسجيل الشركة ينضاف الشخص المعنوي ،1أي النظر إلى
الشركة كشخصية قانونية مستقلة عن شخصية الشركاء الذين
أسسوها.
وبناء عليه ،سنعالج األحكام العامة للشركات التجارية من
خالل فصلين على النحو اآلتي:
الفصل األول :الشركة كعقد
الفصل الثاني :الشركة كشخص معنوي.
1ـ وتستثني شركة المحاصة التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية وال تخضع للقيد في السجل
التجاري ،وذلك طبقا للمادة 88من قانون باقي الشركات التجارية.
- 12 -
الفصـل األول
الشـركــة كعقـد
قبل تواجد الشركة كشخص معنوي مستقل له مصالحه
الخاصة ،البد من إعداد عقدها التأسيسي أو ما يسمى بالنظام
األساسي .هذا العمل األولي يتواله المؤسسون ،أي كل شخص يقوم
باإلجراءات المادية والقانونية لتأسيس الشركة مع تحمل المسؤولية
الناتجة عن ذلك.1
وباستثناء شركة الشخص الواحد التي تنشأ بتصرف انفرادي،
تستمد باقي الشركات التجارية وجودها من العقد .هذا األخير يمكن
تكوينه بكل حرية ،لكن شريطة مراعاة مجموعة من األركان
الموضوعية (المبحث األول) والشكلية (المبحث الثاني) ،وذلك
لتفادي الجزاءات التي رتبها المشرع (المبحث الثالث).
1ـ ينص الفصل ( 2ق.ل.ع)على أن" :األركان الالزمة لصحة االلتزامات الناشئة عن التعبير
عن اإلرادة هي:
1ـ األهلية لاللتزام.
2ـ تعبير صحيح عن اإلرادة يقع على العناصر األساسية لاللتزام.
3ـ شيء محقق يصلح ألن يكون محال لاللتزام.
-24سبب مشروع لاللتزام"
- 14 -
العقد ،كما هو الشأن بالنسبة لرأسمال الشركة وغرضها ومدتها
وطريقة إدارتها...
ويجب أن تكون إرادة الشركاء حقيقية وليست صورية.
وتكون اإلرادة صورية حين تؤدي إلى إبرام تصرف قانوني ظاهر
يخفي تصرفا آخر معارض له كليا أو جزئيا يعبر فعال عن إرادة
المتعاقدين.1
فبواسطة الصورية يتم إظهار عقد الشركة من أجل إخفاء
العقد الحقيقي ،كما هو الشأن بالنسبة إلخفاء عقد الشركة لعقد العمل
من اجل تهرب رب العمل من تطبيق الضمانات التي يوفرها
القانون االجتماعي للعمال 2،وكما هو الشأن بالنسبة إلخفاء عقد
الشركة لعقد تولية الكراء المبرم بين المكتري األصلي والمكتري
الفرعي ،وخصوصا عندما ينص عقد الكراء على منع المكتري
األصلي من تأجير المحل المكترى للغير .3وكما هو الشأن بالنسبة
إلبرام عقد الشركة إلخفاء مقاولة فردية ،حيث يستعمل المقاول
الشركة لمصالحه الخاصة ،وينحصر دور باقي الشركاء في التوقيع
على عقد الشركة .
وبخصوص آثار الصورية ،تنص المادة ( 22ق.ل.ع) على
أن ":االتفاقات السرية المعارضة أو غيرها من التصريحات
المكتوبة ال يكون لها أثر إال فيما بين المتعاقدين ومن يرثهما.
فال يحتج بها على الغير إذا لم يكن له علم بها"....
- 1محمد شعيب المذكوري ،نظرية الصورية في ضوء قانون االلتزامات والعقود ،المجلة
المغربية لقانون واقتصاد التنمية ،ع ،1984 ،7ص.127 :
2
-MERCADAL (5).JANIN (PH),op.cit, P 26.
- 3المادة 24من القانون رقم 49 -16المتعلق بكراء المحالت المخصصة لالستعمال التجاري
أو الصناعي أو الحرفي.
- 15 -
وبناء عليه فالعقد السري هو الذي ينظم العالقة بين
األطراف ،وذلك احتراما إلرادتهم .أما بالنسبة لألغيار فلهم أن
يتمسكوا بالعقد الظاهر أو العقد السري في حالة إثبات وجوده.
ولقيام التراضي ال يكفي أن تكون إرادة الشركاء حقيقية ،بل
يجب كذلك أن تكون سليمة خالية من العيوب المتمثلة في الغلط
والتدليس واإلكراه والغبن ،وإال كان عقد الشركة قابال لإلبطال
لمصلحة المتعاقد الذي شاب العيب رضاه.
وإذا كان من النادر تعرض الشريك لإلكراه أو االستغالل،
فإن األمر على خالفه بالنسبة للغلط والتدليس .والغلط الذي يجعل
العقد قابال لإلبطال هو الغلط الجوهري الذي لواله لما تعاقد
الشخص ،1كما هو الشأن بالنسبة للغلط في مؤهالت الشريك أو
الغلط في شكل الشركة ،كأن يعتقد الشخص بأنه انظم إلى شركة
ذات مسؤولية محدودة بينما هي في الواقع شركة تضامن حيث
المسؤولية مطلقة .وبدوره يجعل التدليس العقد قابال لإلبطال في
حالة كون التعاقد ناتج عن استعمال وسائل احتيالية ،كما هو الشأن
بالنسبة للجوء الشخص إلى الكذب ليوهم الغير بثرائه ويدفعه إلى
إبرام عقد الشركة.2
وحسب الفقه فالتدليس ال يعتبر سببا إلبطال الشركة إال في
حالة ارتكابه من قبل جميع الشركاء أو ممثليهم ،أما في حالة
ارتكابه من قبل شريك واحد أو ممثله فليس للضحية إال دعوى
التعويض في مواجهة مرتكب التدليس.3
- 1عبد القادر العرعاري ،النظرية العامة لاللتزامات في القانون المغربي ،الكتاب األول في
نظرية العقد ،مطبعة فضالة ،المحمدية ،1995 ،ص.101 :
- 2أحمد شكري السباعي ،مرجع سابق ،ص.72 :
3
-RIPERT (G).ROBLOT (R), Traité de Droit Commercial, Tome I,
17éd, L.G.D.J ; Paris, 1998,P 805.
- 16 -
الفقرة الثانية
أهلية الشركاء
لصحة عقد الشركة يجب أن يصدر الرضا الحقيقي والسليم
عن شخص ذي أهلية .وتختلف األهلية الواجب توافرها في الشريك
باختالف صفته داخل الشركة .فإذا تعلق األمر بشريك متضامن في
شركات التضامن والتوصية ،فيجب التمتع باألهلية التجارية .1ويجد
هذا التوجه سنده في أن الشريك يكتسب صفة التاجر بانضمامه إلى
الشركة ،ويسأل عن ديونها بشكل غير محدود.2
أما إذا تعلق األمر بشريك موصي أو مساهم أو شريك في
الشركة ذات المسؤولية المحدودة ،فيكفي توافر أهلية القيام
بالتصرفات القانونية ،وذلك بالنظر إلى عدم اكتسابه لصفة التاجر
وانحصار مسؤوليته عن ديون الشركة في حدود الحصة التي
قدمها .3وبناء عليه ،يمكن للصغير المميز المأذون له بإدارة جزء
من أمواله االستفادة من الوضعية السابقة 4،لكن شريطة أن ال يكون
نائبه الشرعي طرفا في عقد الشركة .إذ يمنع القانون إنشاء شركة
بين القاصر ونائبه الشرعي.5
- 1وطبقا للمادة 12من مدونة التجارية تخضع األهلية التجارية لمقتضيات مدونة األسرة.
وحسب المادة 209من هذه المدونة فالشخص كامل األهلية لمزاولة التجارة ببلوغ 18سنة
كاملة من دون أن يعترضه عارض كالسفه والجنون.
-لمزيد من التفاصيل حول الموضوع ،راجع-:عبد الواحد الحمداوي ،القانون التجاري
األولي ،مطبوعات الهالل ،وجدة ،2005ص.108 :
- 2راجع المواد 3و20و 31من قانون باقي الشركات التجارية ( قانون رقم .)5-96
- 3فؤاد معالل ،شرح القانون التجاري المغربي الجديد ،1999 ،ص.234 :
- 4تنص المادة 214من مدونة األسرة على أن ":الصغير المميز هو الذي أتم اثنتي عشرة
سنة شمسية كاملة".
- 5ينص الفصل ( 984ق.ل.ع) على أنه ":ال يجوز عقد الشركة:
أوال :بين األب وابنه المشمول بواليته
- 17 -
وتأكيدا لما سبق ،ذهب المشرع إلى أنه في حالة استمرار
شركة التضامن رغم وفاة أحد الشركاء ،فإن ورثته القاصرين ال
يسألون عن ديون الشركة إال في حدود أموال التركة ،كما يجب
تحويل الشركة إلى شركة توصية يصبح فيها القاصر موصيا ،وذلك
خالل أجل سنة من تاريخ الوفاة.1
الفقرة الثالـثة
محـل الشركـة
يقصد بمحل الشركة غرضها ،أي النشاط االقتصادي الذي
ستمارسه الشركة .2ولغرض الشركة أهمية كبيرة على المستوى
القانوني ،فهو الذي يحدد مدى أو نطاق سلطات مسيرها في مواجهة
الغير .3كما أن إنجازه يؤدي من حيث المبدأ إلى انحالل الشركة.4
ثانيا :بين الوصي والقاصر إلى أن يبلغ هذا األخير رشده ويقدم الوصي الحساب عن مدة
وصايته ويحصل إقرار هذا الحساب.
ثالثا :بين مقدم على ناقص األهلية أو متصرف في مؤسسة خيرية وبين الشخص الذي يدير
أمواله ذلك المقدم أو المتصرف"
- 1المادة 17من قانون باقي الشركات .وفي نفس االتجاه ذهبت المادة 29إلى انه في حالة
استمرار شركة التوصية البسيطة مع الورثة القاصرين ألحد الشركاء المتضامنين ،فإن هؤالء
سيصبحون شركاء موصين.
- 2وبهذا المعنى فمحل الشركة يختلف عن محل التزام الشريك والمتمثل في تقديمه لحصته من
أجل تكوين رأسمال الشركة
راجع-:احمد شكري السباعي ،مرجع سابق ،ص.85 ،
- RIPERT (G).ROBLOT (R),Op.Cit,P: 816.
- 3وينطبق القول على شركة التضامن والتوصية البسيطة (م 8و 21من قانون رقم ،)5-96
أما الشركات األخرى فهي تلتزم في عالقاتها مع األغيار حتى بأعمال المسير التي ال تدخل في
إطار غرضها ،وذلك باستثناء حالة ثبوت علم الغير بان العمل يتجاوز غرض الشركة ،وال
يعتبر شهر النظام األساسي كافيا إلقامة هذه الحجة ( م 35.و 63من قانون ،5-96م 69من
قانون .)17-95
- 4ينص الفصل ( 1051ق.ل.ع) على انه ":تنتهي الشركة ... :ثانيا :بتحقق األمر الذي
أنشئت من أجله أو باستحالة تحققه".
- 18 -
واحتراما لمبدأ التخصص الذي تخضع له الشركات يجب أن يحدد
الغرض من قبل أنظمتها.1
إضافة إلى ما سبق ،يجب أن يكون الغرض ممكنا ،أي غير
مستحيل .ومثال ذلك تأسيس شركة لبيع بضاعة ال وجود لها .كما
يجب أن يكون الغرض مشروعا ،أي غير مخالف للقانون أو النظام
العام واألخالق الحميدة .وهكذا تعتبر باطلة الشركة التي تأسست من
أجل ممارسة التهريب أو الهجرة السرية .2وللقول بمشروعية
غرض الشركة ،ال يجب االقتصار على النشاط المحدد في نظامها
األساسي بل يجب النظر كذلك إلى النشاط الذي تمارسه الشركة
بشكل فعلي .وبعبارة أخرى تعتبر الشركة باطلة رغم أن الغرض
المسطر في نظامها مشروعا إذا كان النشاط الحقيقي غير مشروع.3
لكن بالرغم من مشروعية بعض األنشطة ،فقد منع المشرع
استغاللها في إطار شركة تجارية أو فقط في إطار بعض أشكالها.
وهكذا مثال يمنع ممارسة مهنة المحاماة في إطار شركة تجارية،4
كما يمنع ممارسة العمل البنكي أو التأمين في غير شكل شركة
المساهمة.5
إلى جانب األركان العامة يقوم عقد الشركة على مجموعة من
األركان الموضوعية الخاصة التي تميزه عن غيره من العقود.
وتتمثل هذه األركان في تعدد الشركاء وتقديم الحصة واقتسام
األرباح والخسائر ونية المشاركة.
الفقرة األولى
تعــدد الشركــاء
احتراما لمفهوم العقد ال يمكن أن تتواجد الشركة إال
بشخصين أو أكثر ،سواء تعلق األمر بشخص طبيعي أو معنوي.
لكن تجدر اإلشارة إلى أن ما يسمى بشركة المساهمة المبسطة
تتكون فقط من الشركات المتمتعة بالشخصية المعنوية. 1
وإذا كانت القاعدة هي وجوب توفر شخصين لقيام الشركة،
إال أنه في بعض الحاالت يتطلب المشرع عددا أكبر ،كفرضه
خمسة مساهمين كحد أدنى لتأسيس شركة المساهمة ،2وأربعة
شركاء لتأسيس شركة التوصية باألسهم ،حيث ال يجب أن يقل عدد
- 1تنص المادة 425من قانون شركات المساهمة على أنه ":يمكن لشركتين أو عدة شركات
قصد إنشاء شركة تابعة مشتركة أو تسييرها أو شركة ستصبح أمالهما ،أن تشكل فيما بينها
شركة مساهمة مبسطة تخضع ألحكام هذا القسم.
تؤسس شركة المساهمة المبسطة المكونة بين الشركات باعتبار شخصية أعضائها".
- 2المادة األولى من قانون شركات المساهمة.
- 21 -
الشركاء الموصين عن ثالثة إلى جانب شريك متضامن على
األقل.1
وكاستثناء من مبدأ التعدد ،أجاز المشرع تأسيس الشركة ذات
المسؤولية المحدودة من قبل شريك وحيد .وبعبارة أخرى فالشخص
يقوم بتخصيص جزء من أمواله للشركة ،تعتبر وحدها الضامنة
للديون المترتبة على عاتقها .2ومن شأن اإلقرار التشريعي لشركة
الشخص الواحد أن يؤدي إلى التقليص من عدد الشركات الصورية،
أي تلك الشركات التي تبدوا وكأنها مكونة من عدة شركاء بينما هي
في الحقيقة مكونة من شريك وحيد.3
وتجدر اإلشارة إلى انه يمكن أن يكون الشريك الوحيد شخصا
طبيعيا أو معنويا ،لكن ال يمكن لشركة الشخص الواحد كشخص
معنوي أن تكون بمثابة شريك وحيد في شركة أخرى ذات مسؤولية
محدودية .4ورغم أهمية هذا التوجه التشريعي إال أنه محل نظر،
فإذا كان يمنع على الشخص المعنوي المتمثل في شركة الشخص
الواحد أن يكون شريكا وحيدا في شركة أخرى ،فالمشرع لم يمنع
الشخص الطبيعي أو المعنوي المؤسس للشركة السابقة من تكوين
شركات أخرى ذات شريك وحيد .وبعبارة أخرى فليس هناك ما
يمنع الشخص من تأسيس عشرات الشركات يكون هو الشريك
الوحيد في كل واحدة منها .5ومن شأن هذه الثغرة أن تؤدي إلى
تجزئة ذمة الشخص الواحد إلى عدة ذمم وهمية ال تؤمن حقوق
1
- FLORES(G). MESTER (J), L’entereprise Unipersonnelles, Rev. Soc,
1986, P15.
- 2م 47.من قانون باقي الشركات.
ـ عبد القادر الحسني ،قراءة في القانون الجديد لشركات المسؤولية المحدودة ،مجلة القسطاس،
العدد األول ،أكتوبر ،1997ص.92
- 23 -
اقتصادية يمكن أن تستفيد منها الشركة ،كتقديم أصل تجاري أو
- 1اذ .عند بيع العقار المرهون المقدم كحصة من قبل الدائنين المستفيدين من حق الرهن ال
تحصل الشركة على أي مبلغ من ثمن البيع.
- 2تنص المادة 90من قانون باقي الشركات على أنه ":يحتفظ كل شريك بملكية حصته ما لم
يوجد شرط مخالف.
غير أن الشركاء يمكن أن يتفقوا على اعتبار بعض الحصص في حالة شياع".
- 3مصطفى كمال طه ،مرجع سابق ،ص.82 :
- 4ينص الفصل ( 1010ق.ل.ع) على أنه ":ال يسوغ لشريك ،وإن كان متصرفا للشركة،
بدون موافقة كل شركائه اآلخرين أن يدخل أحدا من الغير في الشركة باعتباره شريكا فيها ،ما
لم يكن عقد الشركة قد خوله ذلك ،وإنما يجوز له أن يشرك الغير في نصيبه أو أن يحوله له،
- 24 -
وكنتيجة لتقديم الحصة يستفيد الشريك من مجموعة من
الحقوق .فهناك الحقوق المالية كالحق في األرباح وحق استغالل
السندات والحق في استرجاع مبلغ الحصة وقسط من موجودات
الشركة عند انحاللها ،وهناك الحقوق المعنوية المتمثلة في
الصالحيات القانونية المخولة للشريك ،كالحق في الترشح لشغل
منصب في الجهاز اإلداري للشركة و التصويت داخل الجمعيات
وحق المراقبة واإلعالم.1
وليس من المفروض أن تكون حصص الشركاء متساوية من
حيث القيمة ،إذ يتولى عقد الشركة تبيان قيمة كل حصة وما يقابلها
من نصيب .وعند إهمال الشركاء اإلشارة إلى التفاوت الحاصل في
قيمة الحصص ،يفترض أنهم قدموا حصصا متساوية .2إضافة إلى
اختالفها من حيث القيمة ،قد تختلف الحصص من حيث الطبيعة.
وفي هذا اإلطار يتم التمييز بين الحصة النقدية والحصة العينية
وحصة العمل أو ما يسمى بالحصة الصناعية .3لكن قبل إلقاء نظرة
على هذه األصناف وبيان أهميتها على مستوى تكوين رأس مال
الشركة ،تجدر اإلشارة إلى انه ليس هناك مانع من أن تكون حصة
أحد الشركاء ذات طبيعة مختلطة ،كأن يقدم إلى جانب مهاراته مبلغا
من النقود وعقارات.
كما أن له أن يحول للغير الحصة التي ستصيبه من راس المال عند القسمة .،وذلك كله ،ما لم
يقض االتفاق بخالفه".
- 1عز الدين بنستي ،مرجع سابق ،ص.149 :
- 2ينص الفص ( 990ق.ل.ع ) على أنه ":يصح أن تكون حصص الشركاء في راس المال
متفاوتة في قيمتها ومختلفة في طبيعتها.
وعند الشك ،يعتبر أن الشركاء قد قدموا حصصا متساوية".
- 3ينص الفصل ( 988ق.ل.ع) على أنه ":يسوغ أن تكون الحصة في راس المال نقودا أو
أشياء أخرى ،منقولة كانت أو عقارية أم حقوقا معنوية .كما يسوغ أيضا أن تكون عمل أحد
الشركاء أو حتى عملهم جميعا.
وال يسوغ بين المسلمين ،أن تكون هذه الحصة مواد غذائية"
- 25 -
أوال :الحصة النقدية
يقصد بالحصة النقدية مساهمة الشريك في تكوين رأسمال الشركة
بمبلغ من النقود .1وفي هذا اإلطار يتم التمييز بين االكتتاب وتحرير
الحصة النقدية .فعملية االكتتاب تعني تعهد الشريك بتقديم المبلغ
النقدي موضوع الحصة ،أي ذلك التصرف القانوني الذي يلتزم
بمقتضاه الشخص المكتتب بتقديم الحصة إلى مؤسس الشركة ،أما
التحرير فيعني التنفيذ الفعلي للتعهد ،أي وضع الحصة التي تعهد
بتقديمها بين يدي مؤسس الشركة.2،
ويختلف أجل التحرير أو األداء باختالف شكل الشركة.
فبالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة ،يجب عل األقل أداء ربع
الحصة النقدية ،أما الباقي فيتم دفعه داخل أجل ال يتجاوز 5سنوات
ابتداء من تقييد الشركة في السجل التجاري .3وبالنسبة لشركة
المساهمة ،يجب على األقل تحرير ربع الحصة (أداء ربع قيمة
األسهم التي تم اقتناؤها) ،أما الباقي فيمكن تأديته داخل أجل ال
يتجاوز ثالث سنوات ابتداء من تقييد الشركة في السجل التجاري.
وإذا لم يتم األداء خالل اآلجال المحددة ،يمكن للشركة بيع األسهم
غير المحررة ،وذلك بعد مرور ثالثين يوما على توجيه إنذار
باألداء .4وبخصوص شركة المساهمة المبسطة يجب أن يتم
- 1وحسب تعبير أستاذنا شكري السباعي ،فاألمر يتعلق " باقتناء األنصبة أو األسهم التي
تصدرها الشركة نظير النقود"
-أحمد شكري السباعي ،مرجع سابق ،ص.125 :
2
-COZIAN (M).VIANDIER (A), Op.Cit; P53.
- 3م 51من قانون باقي الشركات التجارية.
- 4م 274من قانون شركات المساهمة .وتطبق هذه المادة كذلك على شركة التوصية باألسهم
( م 31من قانون باقي الشركات).
- 26 -
التحرير الفوري للحصص النقدية عند توقيع عقد الشركة أو نظامها
األساسي.1
ولحماية المكتتب نص المشرع على وجوب ايداع األموال
المستخلصة نقدا في حساب بنكي مجمد مفتوح باسم الشركة التي
هي في طور التأسيس ،2وال يمكن للمتصرف بإسمها سحب هذه
األموال إال بعد تقديم شهادة صادرة عن مصلحة السجل التجاري
تفيد تقييد الشركة بهذا السجل.
أما بالنسبة لشركات األشخاص ،فيترك األمر إلرادة
الشركاء ،أي إمكانية االتفاق على تأجيل أداء المبلغ النقدي.ويصبح
الشريك مدينا بهذا المبلغ للشركة ،3وعليه الدفع في األجل المحدد.
فإذا تأخر في تنفيذ تعهده ،يمكن لباقي الشركاء إما إرغامه على دفع
المبلغ أو طلب الحكم بإخراجه من الشركة ،وذلك إلى جانب حقهم
في مطالبته بتعويض األضرار التي لحقت بالشركة.4
وبالنظر إلمكانية تأجيل دفع المبلغ النقدي ،تم الترخيص
بتقديم الحصة في شكل دين ألحد الشركاء على الغير .لكن الشريك
ال يضمن فقط وجود الحق قبل الغير ،وإنما استيفاء الحق كذلك.5
- 1تنص المادة 427من قانون شركات المساهمة على أنه ... ":يجب أن يحرر راس مال
المحدد في العقد بكامله بمجرد توقيع النظام األساسي".
- 2م 22ق.ش.م.
- 3ينص الفصل ( 995ق.ل.ع) على أنه ":كل شريك مدين للشركاء اآلخرين بكل ما وعد
بتقديمه للشركة".
- 4الفصل ( 996ق.ل.ع).
- 5وذلك على خالف ما هو مقرر في إطار القواعد العامة المتعلقة بحوالة الحق .فإذا كان
المحيل للدين يضمن وجوده ،فهو بالمقابل ال يضمن يسر المدين أو مالءة ذمته إال في حالة
التزامه بذلك أو إذا أحال دينا على شخص معسر وقت إبرام الحوالة ( م 204و.205ق.ل.ع).
- 27 -
وبعبارة أخرى فذمة الشريك ال تبرأ تجاه الشركة إال من تاريخ
حصول هذه األخيرة على الدين.1
ثانيا :الحصة العينية
يقصد بالحصة العينية مساهمة الشريك بمال آخر غير النقود،
كأن يقدم عقارا أو منقوال ماديا كالبضائع أو منقوال معنويا كاألصل
التجاري وبراءة االختراع.
ومن الخصوصيات المرتبطة بالحصة العينية وجوب تقديرها
أو تقييمها عند تأسيس الشركة ،أي تحديد قيمتها النقدية ،إذ يجب أن
يتضمن النظام األساسي وصفا للحصص العينية وقيمتها .2أما
بخصوص أجل تحريرها فاألمر يختلف باختالف شكل الشركة.
فإذا تعلق األمر بشركات األشخاص ،فليس هناك ما يمنع من
االتفاق على تأجيل دفع الحصة العينية ،لكن شريطة تحديد قيمتها
أثناء تأسيس الشركة .3وعند إغفال هذا األمر يفترض اعتماد
الشركاء للسعر الجاري في السوق لمثل هذه األموال ،وفي حالة
عدم وجوده تقدر قيمة هذه األموال من قبل أهل الخبرة.4
أما بالنسبة لشركات المساهمة وشركة التوصية باألسهم
فيجب أن يتم التحرير الكامل والفوري للحصص العينية وقت
- 1ينص الفصل ( 997ق.ل.ع) على أنه":إذا تضمنت حصة الشريك في رأس مال الشركة
دينا أو عدة ديون له على الغير،فإن ذمته ال تبرأ إال من وقت استيفاء الشركة المبلغ الذي قدم
لها الدين في مقابله .والشريك مسؤول أيضا تجاه الشركة عن التعويضات ،إذا لم يقع استيفاء
الدين الذي قدمه عند حلول أجل استحقاقه ".
- 2م 24ق.ش.م.
- 3فحسب المادة ( 991ق.ل.ع) يجب تقييم الحصة العينية وقت تقديمها للشركة ووضعها في
رأسمالها .هذا التوقيت يبدو وانه تغير بصدور قانون ،5-96إذ نجد المادة 5تنص على
وجوب تضمين النظام األساسي لشركة التضامن والتوصية البسيطة حصة كل شريك وبيان
قيمتها إذا كانت حصة عينية.
- 4م ( 991ق.ل.ع).
- 28 -
التأسيس ،إذ يمنع تعليق هذا التحرير على شرط أو أجل .وال يتم
تحويلها إلى الشركة إال بعد تقييمها وتحديد الملبغ النقدي الذي
يقابلها .1وقد يلجأ الشركاء إلى المبالغة في تقييم الحصة العينية
ورفع مبلغ رأسمال الشركة بشكل مصطنع ،وذلك لغايات عدة،
كالحصول على عدد اكبر من األنصبة واألسهم أو تقوية ثقة الدائنين
واألبناك وممولي الشركة بشكل عام.2
هذه العملية تضر بمصالح الشركاء ودائني الشركة ،فالمساهم
صاحب الحصة العينية المبالغ في تقييمها سيحصل على اسهم غير
مستحقة ،وذلك على حساب باقي المساهمين .وبالنسبة للدائنين،
فالتقييم المبالغ فيه للحصة العينية يجعلهم أمام ضمان عام غير
حقيقي ،إذ أن هذا األخير يتمثل في رأسمال الشركة المكون من
مجموع الحصص المقدمة من طرف الشركاء.
لمواجهة هذه العملية وتأمين إجراء تقييم صحيح يعتمد القيمة
التجارية لألموال المقدمة كحصة ،أوجب المشرع ضرورة إجراء
التقييم من قبل جهاز مراقب الحصص وتحت مسؤوليته ،3كما قام
بتشديد عقوبة جريمة التقييم غير الحقيقي للحصة العينية.4
وبخصوص الشركة ذات المسؤولية المحدودة ،فقد فرض
المشرع كذلك وجوب التحرير الفوري للحصص العينية وتقييمها
عند التأسيس .وهذه العملية األخيرة يتوالها مراقب الحصص تحت
-1الفصل ( 998ق.ل.ع).
- 2احمد شكري السباعي ،مرجع سابق ،ص.130 :
- 3ينص الفصل ( 1051ق.ل.ع) على أنه ":تنتهي الشركة :ثالثا :بهالك المال المشترك هالكا
كليا ،أو بهالكه هالكا جزئيا يبلغ من الجسامة حدا بحيث يحول دون االستغالل المفيد".
- 31 -
الجريدة الرسمية وفي إحدى الجرائد المخول لها نشر اإلعالنات
القانونية ،وذلك على نفقة مقدم الحصة والشركة .ويتم تجديد النشر
بسعي من الشركة بين اليوم الثامن والخامس عشر بعد النشر األول.
وعلى كل دائن للشريك الذي قدم األصل التجاري كحصة أن
يصرح بالمبلغ المستحق داخل أجل خمسة عشر يوما الموالية للنشر
الثاني لدى كتابة الضبط التي تسلم له إيصاال بذلك .1إذا تم التصريح
بالدين ولم يقدم أحد الشركاء دعوى إبطال الحصة تصبح الشركة
ملزمة على وجه التضامن مع المدين الرئيسي بأداء الدين المصرح
به. 2
وخارج إطار الحالة المتعلقة باألصل التجاري ،لدائني
الشريك بعض الوسائل المستخلصة من القواعد العامة .كما هو
الشأن بالنسبة لرفع دعوى الصورية التي تؤدي إلى التصريح
ببطالن الشركة ،وبالنتيجة إرجاع الحصة إلى ذمة المدين من أجل
التنفيذ عليها .وفي حالة كون الشخص مقدم الحصة له صفة تاجر
وفي حالة توقف عن دفع الديون خالل هذه الفترة ،بإمكان دائنيه
إرجاع المال موضوع الحصة إلى ذمته بهدف بيعها ،وذلك بعد
إعالن تصفية أمواله.3
-2تقديم الحصة العينية على سبيل االنتفاع
إضافة إلى تمليك الحصة للشركة كشخص معنوي ،قد يختار
الشريك تقديم الحصة على سبيل االنتفاع .لكن يجب التمييز بين
االنتفاع كحق شخصي واالنتفاع كحق عيني.
في الحالة األولى تتمثل حصة المنفعة في التزام الشريك
بتمكين الشركة طيلة مدتها من االنتفاع بمال يملكه .فالشريك يقدم
- 1م 104من مدونة التجارة ،والتي تحيل على المادة 83من نفس المدونة.
- 2م 105من مدونة التجارة.
3
- COZIAN (M).VIANDIER (A), Op.Cit; P55.
- 32 -
منفعة المال وال يتنازل عن ملكيته ،وبالتالي تكتفي الشركة
باالستفادة منه دون إمكانية التصرف فيه .1وفي مواجهة الشركة
يتحمل الشريك بنفس الضمان الذي يتحمله المكري تجاه المكتري،
فهو ملزم بتقديم المال وهو صالح لالستعمال وان يمتنع عن كل ما
يؤدي إلى حرمان الشركة من مزاياه.2
وما دام مقدم حصة المنفعة يبقى مالكا للعين ،فهو الذي
يتحمل تبعة الهالك ،كما أنه يمنع على الشركة التصرف في المال،
كما يمنع على دائنيها توقيع الحجز عليه لكونه ليس جزءا من
أصول الشركة .وعند انحالل الشركة يسترجع الشريك المال
موضوع حصة المنفعة.
وتجدر اإلشارة إلى أنه قد ترد حصة المنفعة على أموال
مثلية ،أي تلك التي لها ما يقابلها في السوق من حيث النوع
والمواصفات ،ويقوم بعضها مقام البعض في الوفاء .3ومن حيث
األصل تستهلك هذه األموال عند استعمالها كما هو الشأن بالنسبة
للبضائع .وما دامت الشركة تستهلك هذه األموال فهي تتصرف فيها
وال تنتفع بها فقط ،وبالتالي فالشركة تمتلك المال وتلتزم برد مثله أو
4
قيمته بعد انتهاء مدة االنتفاع
أما بخصوص الحالة الثانية فهي تتمثل في تقديم الحصة على
سبيل االنتفاع العيني ،وذلك من خالل قيام الشريك بإنشاء حق
انتفاع للشركة على عقار مملوك له .5فإذا كان الشريك يتنازل على
1
GUYON (y), droit des affaires, tome1 , 11ed, p 101.ـ
- 34 -
الملكية ،وبالتالي فعند سكوت النظام األساسي للشركة عن شكل
التقديم يفترض أنه تم على سبيل الملكية ما لم يثبت العكس.1
ثالثا :الحصة الصناعية
يقصد بالحصة الصناعية مساهمة الشريك في الشركة
بمجهوده الشخصي أو عمله .والعمل الذي يعتد به كحصة في
الشركة هو العمل الفني المتمثل في خبرة أو مهارة أو معرفة تحقق
نفعا ماديا للشركة ،كما هو الشأن بالنسبة للخبرة اإلدارية أو
المحاسبية أو التسويقية ....إذن يشترط أن يكون العمل على قدر من
المهارة ،أما العمل التافه الذي ال قيمة له فال يمكن تقديمه كحصة
في الشركة.2
ويجب عدم الخلط بين العامل والشريك بحصة العمل ،فهذا
األخير يقدم عمله لفائدة الشركة بشكل مستقل ،أي دون الخضوع
لتبعيتها ،كما أنه ال يتلقى أجرا مقابل عمله وإنما يستفيد بذات
الحقوق التي يستفيد منها باقي الشركاء في الشركة.3
وتتميز حصة العمل بخاصيتين أساسيتين ،فمن جهة فهي ال
تقدم دفعة واحدة ولذلك تتميز بطابع االستمرارية ،أي أن الشريك
يستمر في تقديم خدماته للشركة مادام عضوا فيها .وكل ما يحققه
من كسب نتيجة ذلك يكون من نصيب الشركة ،وذلك باستثناء ما قد
يتوصل إليه من اختراع ،حيث يظل ملكا له ما لم ينص عقد الشركة
على خالف ذلك .4ويمنع على الشريك منافسة الشركة عن طريق
ممارسة عمل مماثل لحسابه أو لحساب الغير ،وعند مخالفته لهذا
1ـ م ( 1004ق.ل.ع)
2ـ م ( 1005ق.ل.ع)
3ـ م ( 1052ق.ل.ع)
4ـ فالشريك بالعمل يحصل مقابل حصته على أنصبة ذات طابع خاص ،ألن األنصبة الفعلية
تمثل نسبة من رأسمال الشركة .راجع:
-GUYON (Y), op.cit, p105.
- 5المادة األولى من قانون شركات المساهمة.
- 6المادة 20من قانون الشركات التجارية.
- 7المادة 51من قانون الشركات التجارية.
- 36 -
استثناء من هذه القاعدة ،سمح المشرع للشريك في الشركة
ذات المسؤولية المحددة بتقديم الحصة الصناعية ،ولكن بشرط
ارتباطها بحصة عينية يتمثل موضوعها في أصل تجاري أو مقاولة
حرفية.1
وفي إطار حصة العمل ،تجدر اإلشارة إلى أن المشرع أجاز
تقديم حصة االئتمان التجاري ،أي مساهمة الشريك بما يتمتع به من
نفوذ أو ثقة مالية .2ورغم أن هذه الحصة ال تنطوي على جهد يقدمه
الشريك كما هو الشأن بالنسبة لحصة العمل ،إال أنها تقدم فائدة
كبيرة بالنسبة للشركة .فتقديم الشخص لسمعته التجارية كحصة في
شركة التضامن من خالل إدراج اسمه ضمن عنوانها سيجعله
ضامنا اللتزاماتها ،وبالتالي ثقة الجمهور في الشركة .وعلى خالف
النفوذ المالي يمنع تقديم النفوذ السياسي كحصة في الشركة ،وذلك
بالنظر إلى إخالل ذلك بمبدأ المساواة العامة .وكمثال للنفوذ السياسي
عالقات الشخص بأعضاء البرلمان أو الحكومة.3
وخالصة القول فحصص العمل واالئتمان التجاري ال تدخل
في تكوين رأس مال الشركة ألنه ال يمكن تقييمها بمبلغ نقدي،
وبالتالي فالحصص النقدية والعينية التي لها وجود فعلي عند تأسيس
الشركة هي التي تكون رأسمالها.4
- 1تنص المادة 51على أنه":ال يمكن أن تمثل األنصبة حصصا صناعية .غير أنه إذ تعلق
غرض الشركة باستغالل أصل تجاري أ مقاولة حرفية ،تم تقديمها حصة للشركة أو إنشاؤها
من طرفها انطالقا من عناصر مادية أو معنوية قدمت لها بصفة عينية ،جاز لمقدمها أن يقدم
حصته الصناعية حينما يكون نشاطه الرئيسي مرتبطا بتحقيق غرض الشركة".
2ـ م ( 989ق.ل.ع).
3ـ أحمد شكري السباعي ،مرجع سابق ،ص .122
4ـ وبناء عليه ،فصياغة المادة ( 992ق.ل.ع) محل نظر ،وذلك بقولها" :رأسمال الشركة
يتكون من مجموع الحصص المقدمة من الشركاء"...
- 37 -
رابعا :أهمية رأسمال الشركة
رأسمال الشركة هو مجموع الحصص النقدية والعينية
المقدمة من طرف الشركاء سواء عند تأسيس الشركة أو عند الزيادة
في رأس المال خالل حياة الشركة .وقد فرض المشرع ضرورة
االكتتاب في رأس المال بالكامل عند تأسيس الشركة ،1كما أوجب
تضمين مبلغ رأس المال في جميع الوثائق الصادرة عن الشركة
كالفاتورات واإلعالنات.2
ولرأس المال أهمية قصوى بالنسبة للشركة والشركاء
ودائنيها .فهو يعد الركيزة األساسية للبدء في ممارسة النشاط
االقتصادي للشركة ،لذلك اشترط الفقه والقضاء تناسب مبلغ رأس
المال مع حجم نشاط الشركة ،إذ أن تأسيسها بأموال غير كافية
لتحقيق غرضها يعني اللجوء إلى االقتراض المفرط ،وهو ما من
شأنه أن يعرض الشركة لصعوبات مالية .وفي هذا اإلطار لم يتردد
القضاء في تحميل المسؤولية لمؤسسي الشركة عند عدم تناسب
رأس المال مع غرض الشركة ،ولو في حالة احترامهم للحد األدنى
لراس المال الذي فرضه المشرع بالنسبة لبعض الشركات.3
وإلى جانب كونه الممول الرئيسي لنشاط الشركة ،يوفر
رأس المال حماية لحقوق دائني الشركة باعتباره ضمانهم العام الذي
يمكن الحجز عليه وبيعه للحصول على ديونهم.
- 1م .21ق.ش.م.
- 2م . 4ق.ش.م.
- 3عالل فالي ،مفهوم رس المال في شركة المساهمة ،طوب بريس ،الرباط ،ص.48 :
- 38 -
لكن هذا الدور تقل أهميته في شركات األشخاص بالنظر إلى
المسؤولية المطلقة والتضامنية للشركاء .1وعلى خالف ذلك تزداد
أهمية رأس المال في حماية الدائنين على مستوى شركات األموال
والشركة ذات المسؤولية المحدودة ،وذلك نتيجة النحصار مسؤلية
الشركاء عن ديون الشركة في حدود قيمة الحصص .ولهذا السبب
قام المشرع بفرض حد أدنى لرأس مال هذه الشركات ،وهكذا ال
يمكن أن يقل رأس المال عن ثالثمائة ألف درهم في شركة
المساهمة المغلقة وعن ثالثة ماليين درهم إذا تعلق األمر بشركة
مساهمة تدعو الجمهور لالكتتاب ،2أما بالنسبة للشركة ذات
المسؤولية المحدودة فرغم األهمية القصوى لرأس المال بالنسبة
لدائنيها ،إال أن المشرع لم يفرض أي حد أدنى ،بل ترك األمر
إلرادة الشركاء.3
وبالنسبة لبعض شركات المساهمة التي تمارس أنشطة
اقتصادية هامة فقد خصها المشرع بتنظيم خاص ،إذ يجب أن تتوفر
1ـ فبالنسبة لشركات أألشخاص ال يخلو رأس المال من أهمية بالنسبة للدائنين ،وذلك بالنظر
إلى أن تنفيذ دائني الشركة على رأسمالها يتم دون أية مزاحمة من قبل الدائنين الشخصيين
للشركاء ،عكس ما هو عليه األمر بالنسبة لتنفيذهم على الذمة المالية للشريك المتضامن.
راجع :ـ محمود بربري ،الشخصية المعنوية للشركة التجارية ،دار الفكر العربي ،القاهرة،
،1985ص .49
2ـ المادة 6من قانون شركات المساهمة .ويقصد بشركة المساهمة المغلقة تلك التي توزع
أسهمها بين مؤسسيها ،أما شركة المساهمة التي تدعو الجمهور إلى شراء أسهمها ،فقد حددت
معاييرها المادة 9كاآلتي:
ـ كل شركة تطلب تقييد سنداتها في جدول أسعار بورصة القيم أو في أي سوق منظمة أخرى
أو تصدر أو تفوت هذه السندات وفق الشروط المنصوص عليها في األحكام التشريعية الجاري
بها العمل.
- 3تنص المادة 46من قانون باقي الشركات على أنه ":يحدد رأسمال الشركة ذات المسؤولية
المحدودة بحرية من طرف الشركاء في النظام األساسي ويقسم الرأس المال إلى أنصبة قيمتها
اإلسمية متساوية.
- 39 -
شركات التأمين على رأس مال ال يقل عن 50مليون درهم ،1كما
يجب أن تتوفر الشركات الراغبة في التسجيل في بورصة القيم
المنقولة على رأسمال ال يقل عن 5ماليين درهم.2
وإذا كان تمتع الشريك ببعض الحقوق ال عالقة له بحجم
مساهمته في رأسمال الشركة ،كالحق في اإلعالم وحق بيع
األسهم .3...فإن تمتع الشريك بالحقوق األخرى يرتبط بحجم
مساهمته في رأسمال الشركة ،كالحق في التصويت داخل جمعيات
الشركاء .4فنطاق هذه الحقوق يتوقف على النسبة التي تمثلها
مساهمة الشريك في رأسمال الشركة ،أي الخضوع لقاعدة التناسبية.
وهكذا تكون سلطة اتخاذ القرار والتحكم في تدبير أمور
الشركة بيد الشركاء الذين يملكون أغلبية رأس المال .فعلى مستوى
شركات المساهمة كل سهم يمكن المساهم من الحق في الحصول
على صوت واحد داخل الجمعيات العامة للمساهمين ،5وبالتالي
فالمجموعة التي تتوفر على أغلبية األصوات هي التي تتحكم في
تدبير الشركة ،6كتعيين وعزل المتصرفين...
لكن هذا االرتباط بين نصيب المساهم في رأس المال وحقه في
التصويت ليس ارتباطا مطلقا ،اذ سمح المشرع بإمكانية إيراد
استثناءات عليه.
- 1م .127ق.ش.م.
- 2م .257ق.ش.م.
- 3م.282ق.ش.م
- 41 -
وذلك بالتناسب مع ما يملكون من أسهم .أي أن هؤالء سيحصلون
على أصوات إضافية رغم عدم تقديمهم لحصص جديدة.1
إضافة إلى دور الحصص والمساهمات في رأسمال الشركة
على مستوى تحديد سلطات الشريك في تدبير شؤونها ،فهي التي
تعتمد كذلك على مستوى تحديد الحقوق المالية للشريك ،وخصوصا
بالنسبة لتوزيع األرباح والخسائر.
الفقرة الثالـثة
اقتسام األرباح والخسائر
لصحة عقد الشركة البد من اتجاه إرادة الشركاء إلى تقسيم
األرباح وتحمل الخسائر المحتمل تحققها بفعل استغالل الحصص
المقدمة .فعقد الشركة عقد مجازفة أو مخاطرة ،فقد يزدهر نشاط
الشركة وتتحقق األرباح وقد تعترضه مصاعب تؤدي إلى خسائر
يتحملها الشركاء.2
لكن درجة تحمل الشريك لخسائر وديون الشركة تختلف
باختالف أشكال الشركات ،فالشركاء المتضامنون في شركة
التضامن وشركات التوصية يسألون عن خسائر وديون الشركة
بشكل غير محدود ،أما المساهمون في شركات المساهمة والتوصية
باألسهم والشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة والموصون
في شركة التوصية البسيطة فال يسألون عن خسائر الشركة إال في
حدود حصصهم.
وخسائر الشركة ال تبرز من حيث المبدأ إال وقت انحاللها،
حيث يساهم الشريك في الخسائر عندما ال يسترجع حصته أو جزء
- 1فؤاد معالل ،شهادات االستثمار الصادرة عن شركات المساهمة ،مجلة القانون واالقتصاد
ع ،16ص.33.
2ـ أحمد شكري السباعي ،مرجع سابق.150 ،
- 42 -
منها عند انحالل الشركة .إضافة إلى ذلك ،فقد تتجاوز مساهمة
الشريك المتضامن في الخسائر خطر فقدان الحصة ،اذ قد تتم
متابعته من قبل دائني الشركة في أمواله الخاصة ،وبالتالي يفقد
كذلك المبالغ التي يؤديها.
أما بالنسبة لألرباح التي حققتها الشركة فهي توزع سنويا
على الشركاء .ويعتبر استهداف الربح واقتسامه بين الشركاء من
المعايير المميزة للشركة عن غيرها من التجمعات المتمتعة
بالشخصية المعنوية ،لكن توضيح ذلك رهين بتحديد المقصود
بالربح ،وتحديد الضوابط المتبعة لتوزيعه.
أوال :األرباح القابلة للتوزيع
بمناسبة مصادقة جمعية الشركاء على حسابات السنة المالية
التي يقدمها الجهاز اإلداري ،تتأكد من مدى تحقيق الشركة ألرباح
يمكن توزيعها على الشركاء ،وذلك من خالل مقارنة أصول وأموال
الشركة بمبلغ رأسمالها .فال يمكن الحديث عن أرباح إال في حالة
تجاوز أصول الشركة لرأسمالها.
هذا الفرق بين أصول الشركة ورأسمالها هو الذي يمثل الربح
الصافي القابل للتوزيع على الشركاء .لكن ال تتم عملية التوزيع إال
بعد إجراء مجموعة من االقتطاعات من هذا المبلغ منها:
-اقتطاع الخسائر التي تعرضت لها الشركة في السنوات
السابقة .فرغم تحقيق الشركة ألرباح ،فال يحق توزيعها على
الشركاء ما لم يتم استرجاع القيمة األصلية لرأسمال الشركة
والمحددة في نظامها األساسي ،والتي انخفضت بفعل الخسائر التي
تعرضت لها الشركة.
-اقتطاع نسبة من األرباح لتكوين االحتياطي الذي يفرضه
القانون أو نظام الشركة ،أي وضع مبلغ نقدي بين يدي الشركة
- 43 -
يخصص لمواجهة ما قد يعترضها من صعوبات في المستقبل.
وبالنسبة لشركة المساهمة فقد فرض المشرع اقتطاع 5في المائة
من األرباح السنوية لتكوين االحتياطي القانوني الذي يجب أن يصل
إلى عشر رأسمال الشركة.1
-اقتطاع الضرائب المفروضة على الشركة.
وبعد القيام بهذه االقتطاعات يتم توزيع المبالغ المتبقية على
الشركاء ،وعند تأخر الشركة في تمكين الشريك من نصيبه من
األرباح يمكن الزامها عن طريق القضاء.2
بناء على ما سبق ،فالربح الحقيقي الذي يوزع على الشركاء
هو المبلع الذي يمثل الفرق إليجابي بين أصول الشركة ورأسمالها.
وكل توزيع ألموال الشركة خارج هذا اإلطار هو بمثابة توزيع
ألرباح وهمية .فال يجب اقتطاع مبالغ من رأسمال الشركة لتوزيعها
على الشركاء ،إذ يتعين عدم المساس بهذا األخير لكونه مخصص
لضمان حقوق دائني الشركة .وتسمى هذه القاعدة بقاعدة ثبات رأس
المال ،أي منع الشركاء من اقتطاع مبلغ من رأسمال الشركة
لتوزيعه فيما بينهم .وعند مخالفة هذا المنع تقوم جنحة توزيع
األرباح الوهمية ،أي ترتيب المسؤولية الجنائية ألجهزة التدبير
ولكل من ساهم في عملية التوزيع .3كما يمكن مطالبة الشركاء
بإرجاع ما حصلوا عليه من أرباح وهمية.4
وال يجب أن يفهم من قاعدة ثبات رأس المال عدم إمكانية
تغييره .فقد يقرر الشركاء الزيادة في رأسمال الشركة ،كما أن
- 1م 329ق.ش.م.
- 2بالنسبة لشركة المساهمة فقد فرض المشرع أداء األرباح خالل أجل 9أشهر من اختتام
السنة المالية (م.335ق.ش.م).
- 3م( 384 .ق.ش.م)
- 4م( 336 .ق.ش.م) ،م 84 .من قانون باقي الشركات التجارية.
- 44 -
لممثل الشركة التصرف في الحصص المكونة له ،وقد تستهلك أو
تختفي نتيجة لذلك .فهذه القاعدة تخص فقط الشركاء ،إذ يجب
عليهم ترك رأس المال في ذمة الشركة وعدم توزيع مكوناته فيما
بينهم.
ويعد استهداف الربح وتوزيعه على الشركاء احدى المعايير
األساسية التي تعتمد لتمييز الشركة عن المؤسسات المشابهة
كالجمعية والتعاونية والمجموعة ذات النفع االقتصادي.
وبناء عليه ،فإذا كانت الشركة تجمع يهدف تحقيق كسب نقدي
أو مادي يوزع على الشركاء ،فالجمعية بمفهومها الضيق تجمع
يهدف إلى غايات أخرى غير الربح ،كاألهداف الرياضية أو الثقافية
أو السياسية ...وال تعتبر الجمعية بمثابة شركة ولو في حالة تحقيقها
الربح ،وذلك بالنظر إلى أن األرباح ال توزع على أعضائها وإنما
تخصص لتحقيق األهداف التي نشأت من أجلها الجمعية.1
وعلى خالف الشركة ،فالتعاونية تجمع ال يهدف إلى تحقيق
الربح المادي أو النقدي بشكل مباشر ،وإنما إلى تجنيب األعضاء
الخسائر أو التقليل من مصاريفهم من خالل تجميع الوسائل
واإلمكانيات ،كتقديم السلع والخدمات لألعضاء بأقل من سعر
التكلفة .2وعلى غرار التعاونية ال تهدف المجموعة ذات النفع
االقتصادي إلى تحقيق الكسب المادي .3فهذه المجموعة يتم تكوينها
فقط من قبل األشخاص المعنوية ،وذلك من أجل تسخير الوسائل
1
- GUYON (Y), op. cit, P 113.
ـ أحمد شكري السباعي ،مرجع سابق ،ص 150
2
-GUYON (Y) op. cit., P 112.
3ـ المجموعات ذات النفع االقتصادي ينظمها القانون رقم 97ـ 13الصادر بتاريخ 5فبراير
،1999والمنشور بالجريدة الرسمية عدد .4678
- 45 -
التي من شأنها تسهيل أو تنمية نشاطهم االقتصادي .1ومثال ذلك قيام
عدة شركات بتكوين مجموعة ذات نفع اقتصادي تتولى البحث عن
أسواق لمنتوجاتها أو البحث عن المواد األولية .إذن فالمجموعة
تمارس نشاطا مرتبطا بنشاط أعضائها ولحسابهم ،2ولذلك فهي
تتمتع بالشخصية المعنوية ابتداء من تقييدها في السجل التجاري،3
إال أن نشاط المجموعة هو الذي يحدد صفتها المدنية أو التجارية،
سواء كان أعضاؤها تجارا أم ال.4
ثانيا :طريقة توزيع األرباح
بالنسبة لطريقة توزيع األرباح والخسائر فهي تتم وفق مبدأ
التوزيع النسبي ،أي أن نصيب كل شريك يكون بنسبة حصته في
رأسمال الشركة .5لكن مع مراعاة الوضعية الخاصة للشريك
بالعمل ،إذ يحدد نصيبه في األرباح في نظام الشركة .وكل شرط
يقضي بمنح أحد الشركاء نصيبا يختلف عن القدر الذي يتناسب مع
حصته يكون باطال ومبطال لعقد الشركة .6وكمثال لهذه الشروط
تنصيص عقد الشركة على قسمة متساوية لألرباح والخسائر رغم
اختالف قيمة الحصص.
وفي إطار الشروط التي تتعارض ومبدأ التوزيع النسبي ،قد
يتضمن عقد الشركة ما يسمى بشرط األسد ،وهو شرط يقضي بمنح
أحد الشركاء أو بعضهم كل األرباح أو يقضي بإعفاء أحدهم أو
بعضهم من تحمل أية خسائر .وقد يتواجد هذا الشرط في شركات
1
COZIAN (M). VIANDIER (A), op.cit, P64.ـ
- 2فهذا الشرط يعني ضمان أداء نسبة معينة من األرباح للمساهم ولو في حالة عدم تحقيقها.
ولم يسمح المشرع باعتماد هذا الشرط إال بخصوص األسهم المملوكة للمؤسسات
العامة(ف 331ق.ش.م).
.262 - 3ق.ش.م.
- 48 -
فهذه األسهم تمثل استثناء على قاعدة التناسبية المعتمدة على
مستوى توزيع األرباح ،إذ أنها تمكن المساهم من الحصول على
أرباح تفوق ما يحصل عليه مساهم آخر يملك نفس عدد األسهم.
وبناء عليه ،يمكن القول بأن مبدأ التناسبية ليس من النظام العام على
مستوى شركات المساهمة ،أي يمكن للشركاء مخالفته من خالل
االتفاق على توزيع لألرباح ال يراعي حصة الشريك في الشركة،
لكن ال يجب أن يصل األمر إلى حد اعتماد شرط األسد.1
1
-MERCADAL (B). Janin (PH), op. cit, P80.
2
GUYON (Y), OP. cit, 127.ـ
3ـ فؤاد معالل ،مرجع سابق ،ص .247
- 50 -
األطراف عن إرادتهم بشكل واضح .وهكذا يتم اعتماد هذا الركن
لتمييز عقد الشركة عن العقود التي تؤطر بدورها مساهمة الشخص
بالمال أو العمل مقابل الحصول على نسبة من األرباح ،كما هو
الشأن بالنسبة لعقد القرض مقابل نسبة من األرباح وعقد العمل مع
اشتراك العامل في األرباح.1
فبالنسبة للعقد األول ،فالشخص يقرض شخصا آخر مبلغا من
النقود الستثماره في مشروع معين ،وذلك مقابل حصوله على نسبة
من األرباح بدل الفائدة الثابتة .فرغم تواجد عنصر تقديم الحصة
وعنصر المساهمة في األرباح ال يمكن اعتبار هذا العقد بأنه عقد
شركة النعدام عنصرنية المشاركة لدى المقرض ،إذ أنه ال يتدخل
في إدارة المشروع.
وبالنسبة للعقد الثاني ،فصاحب العمل يخصص نسبة من
األرباح للعامل من أجل تشجيعه ودفعه إلى بذل المزيد من الجهود.
فرغم تواجد حصة العمل واقتسام األرباح ال يمكن تكييف العقد
بكونه عقد شركة ،وذلك النعدام عنصر نية المشاركة ،وبشكل
خاص انعدام التعاون على قدم المساواة بين العامل وصاحب العمل،
وذلك بفعل وضعية التبعية التي يتواجد فيها العامل.
إضافة إلى ما سبق ،تظهر األهمية العملية لركن نية
المشاركة في استخالص وجود الشركة رغم انعدام أي اتفاق بين
الشركاء ،إذ أن هذا العنصر يسمح باستخالص وجود ما يسمى
بالشركة الناشئة بفعل الواقع .2فهذه الشركة تنشأ عن تصرف
مجموعة من األشخاص وكأنهم شركاء ،لكن دون اتباع إجراءات
1
-COZIAN (M), OP. CIT, P 446.
2
-CASS.CIV, 13 nov 1980, Rev. Soc, 1981, p788.
- 3وإلثبات وجود هذه الشركة من قبل األطراف ،البد من إثبات وجود نية المشاركة وتقديم
الح صص واقتسام األرباح والخسائر .أما بالنسبة للغير فيكفيه إثبات تصرف األشخاص
كشركاء اتجاهه ،أي فقط استدعاء الوضع الظاهر.
- 52 -
املبحـث الثاني
- 1وخرق التعهد بتاسيس الشركة يوجب تعويض األضرار الناتجة ،إذ أن كل تعهد يجب تنفيذه
بحسن نية طبقا للفصل ( 231ق.ل.ع).
- 2أحمد شكري السباعي ،مرجع سابق ،ص.172 :
- 3لحسن بيهي ،الشكلية في ضوء قانون الشركات التجارية المغربي ،دار السالم ،الرباط،
،2005ص.11 :
4
-GUYON ( Y), Op ; Cit p: 143.
- 53 -
وتتمثل هذه اإلجراءات الشكلية في وجوب كتابة النظام
األساسي وكذلك شهره بالنظر لآلثار التي يرتبها عقد الشركة
بالنسبة لألغيار.
المطلـب األول
الكتـابـة
باستثناء شركة المحاصة ،فرض المشرع كتابة األنظمة
األساسية المتعلقة بباقي الشركات التجارية .1وذلك في شكل
محررات رسمية أو عرفية.2
ولكن في بعض الحاالت قد تفرض كتابة النظام في وثيقة
رسمية ،كما هو الشأن في حلة تقديم الشريك لعقار كحصة .فهنا
نكون أمام نقل ملكية العقار للشركة ،وهذا النقل يجب أن يتم
بمقتضى عقد رسمي وفقا للمادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية.
وباعتبار النظام األساسي هو الميثاق الذي سينظم عمل
الشركة ،فيجب أن تتم صياغته وفق بيانات حددها المشرع .فالبد
من اإلشارة إلى هوية الشركاء وحصة ونصيب كل واحد منهم،
شكل الشركة وغرضها ،تسميتها ومقرها ،مبلغ راس المال ،مدة
- 1أما بالنسبة للشركات المدنية فالمشرع ال يتطلب من حيث المبدأ كتابة العقد ،وذلك طبقا
للمادة ( 987ق.ل.ع) التي ت نص على انه ":تعقد الشركة بتراضي أطرافها على إنشائها وعلى
شروط العقد األخرى ،مع استثناء الحاالت التي يتطلب القانون فيها شكال خاصا .إال أنه إذا كان
محل الشركة عقارات أو غيرها من األموال ،مما يمكن رهنه رهنا رسميا ،وأبرمت لتستمر
أكثر من ثالث سنوات ،وجب أن يحرر العقد كتابة وأن يسجل على الشكل الذي يحدده القانون
".
- 2م 11.من قانون شركات المساهمة ،م 1من قانون باقي الشركات.
- 54 -
الشركة ،هوية األشخاص المكلفين بإدارة الشركة ،كتابة ضبط
المحكمة التي سيودع بها النظام األساسي.1
وعند إغفال نظام الشركة لبيان إلزامي ،يمكن لكل ذي
مصلحة وكذلك للنيابة العامة تقديم طلب إلى المحكمة التجارية التي
يتواجد في دائرتها مقر الشركة ،وذلك من اجل توجيه أمر بتسوية
عملية التأسيس تحت طائلة غرامة تهديدية.2
لكن التساؤل المطروح هو ما دور شكلية الكتابة ،أي هل
يتعلق األمر بشكلية لإلثبات أم النعقاد الشركة.
إن لكتابة النظام نتائج تتجاوز دور اإلثبات ،إذ أنه في حالة
تخلفها ال يمكن تقييد الشركة في السجل التجاري ،وبالتالي ال يمكن
أن تكتسب الشركة الشخصية المعنوية .ولكن بالمقابل ال يمكن القول
بأن الكتابة مقررة النعقاد الشركة ،ألن تخلفها ال يعني بطالن
الشركة ،بل قد نكون أمام شركة محاصة ال تتمتع بالشخصية
المعنوية.
وفي المجال العملي غالبا ما يتم تحرير النظام األساسي
للشركة وفق طريقتين .تتمثل الطريقة األولى في وضع النظام بشكل
مفصل يتضمن مختلف شروط عمل الشركة ،ولو تعلق األمر
بالشروط المنظمة بقواعد آمرة .هذه الطريقة تمكن الشريك من أخذ
فكرة عامة عن الشركة دون الرجوع إلى القوانين التي تنظمها ،لكن
يؤخذ عليها أنها تؤدي إلى تعقيدات ومصاريف إضافية ،إذ أنه يجب
تغيير النظام بمناسبة كل تعديل للقانون المنظم للشركة .وتتمثل
الطريقة الثانية في وضع نظام مختصر يتضمن فقط البيانات
اإللزامية دون الجزئيات .ورغم صعوبة تفسير هذا النظام من قبل
- 1م 2و 12من قانون شركات المساهمة ،م 5و21و23و31و 50من قانون باقي الشركات
- 2م 12من قانون شركات المساهمة ،م 1من قانون باقي الشركات.
- 55 -
الشريك الذي ال يعلم أسس وقواعد الشركة ،إال أن هذه الطريقة
تجنب الشركاء ضرورة تعديل النظام عند تغيير النص القانوني.1
وبعد إدراج البيانات اإللزامية في النظام األساسي للشركة،
يجب أن يوقع من قبل جميع الشركاء .وقد يتم التوقيع من قبل
الشريك شخصيا أو بواسطة وكيل بيده وكالة خاصة تتعلق
بإجراءات تأسيس الشركة .2لكن بالنسبة لشركات المساهمة
والتوصية باألسهم ،وفي حالة تعذر اجتماع الشركاء بالنظر لكبر
عددهم ،يمكن تعويض توقيع النظام األساسي بتوقيع كل شريك على
بطاقة اكتتاب تحيل بدورها على مشروع هذا النظام .3
وفرض كتابة العقد التأسسي للشركة ال يهدف فقط توضيح
حقوق والتزامات الشركاء ،وإنما يهدف أيضا االستجابة إلجراءات
الشهر التي أوردها المشرع.
1
-GUYON (Y), Op, Cit, P 146.
- 2هذه القاعدة تتعلق بالمساهم في شركات المساهمة والتوصية باألسهم والشريك في الشركة
ذات المسؤولية المحدودة ،وذلك طبقا للمادة 18من قانون شركات المساهمة والمادة 31و50
من قانون باقي الشركات .لكن نفس الحل يمكن إقراره بالنسبة لشركات األشخاص رغم انعدام
النص في قانون الشركات .راجع -:أحمد شكري السباعي ،مرجع سابق ،ص.182 :
- 3م 17و 19من قانون شركات المساهمة.
- 56 -
المطلـب الثـانـي
اإلشهــار
بعد توقيع النظام األساسي للشركة ،يتم وضعه بين يدي
اإلدارة الضريبية وأداء رسوم التسجيل .ثم يتم إشهار هذا النظام من
خالل إيداعه لدى المحكمة بهدف قيده في السجل التجاري ثم نشره.
الفقرة األولى
اإليداع
بعد تحرير نظام الشركة يقع على المؤسسين أو الممثلين
القانونيين للشركة واجب إيداع وثائق التأسيس لدى كتابة ضبط
المحكمة االبتدائية أو التجارية التي يتواجد ضمن دائرتها مقر
الشركة ،ويتم تجميع هذه الوثائق في ملف الشركة الذي سيفتح
باسمها عند قيدها في السجل التجاري.
وإليداع وثائق الشركة أهمية بالغة ،فهو يمكن من حفظ هذه
الوثائق والسماح لألغيار باإلطالع عليها ،كما يمكن كاتب الضبط
والقاضي المكلف بمراقبة السجل التجاري من إعمال رقابة على
إجراءات تأسيس الشركة.1
لإلحاطة باإلجراءات القانونية المنظمة إليداع النظام األساسي
يجب التمييز بين شركات المساهمة وباقي الشركات التجارية.
فبالنسبة لهذه األخيرة يجب إيداع نسختين من النظام األساسي إذا
1
- GUYON (Y), Op; Cit, p: 151.
- 57 -
كان موثقا أو نظيرين منه إذا كان عرفيا ،وذلك خالل أجل ثالثين
يوما من تاريخ إبرامه.1
ويترتب على عدم احترام إجراءات اإليداع بطالن الشركة،
وذلك مع مراعاة إمكانيات التسوية 2.كما أن عدم قيام ممثلي الشركة
باإليداع داخل األجل القانوني يعرضهم لغرامة (من 10،000إلى
50،000درهم).3
وبالنسبة لشركات المساهمة ،فقد أحاط المشرع اإليداع
ببعض الخصوصيات ،وخصوصا شركة المساهمة التي تدعو
الجمهور لإلكتتاب.
وهكذا الزم المشرع مؤسسي الشركة أو ممثليها بإيداع اصل
النظام األساسي أو نظير منه لدى كتابة الضبط ،كما يجب إيداع
نظير من شهادة االكتتاب والدفع تبين االكتتابات في راس المال
وحصة األسهم المحررة من قبل كل مساهم ،وذلك مع ارفاق هذه
الوثائق بقائمة تبين هوية المكتتبين في راس المال وعدد األسهم
المكتتب فيها .إضافة إلى ذلك يجب إيداع تقرير مراقب الحصص
العينية ونسخة من وثيقة تعيين أعضاء مجلس اإلدارة والمراقبة،
وذلك في حالة إجراء التعيين بمقتضى عقد منفصل عن النظام
األساسي.4
ويتم إيداع هذه الوثائق من خالل نسختين مشهود بمطابقتهما
لألصل ،5وعند إغفال اإليداع فذلك ال يؤدي إلى بطالن شركات
المساهمة وإنما إلى عدم قبول طلب التقييد في السجل التجاري.1
- 1م 31من قانون شركات المساهمة .وذلك دون إغفال إمكانية تقديم طلب إلى المحكمة
التجارية من اجل توجيه أمر بإجراء اإليداع تحت طائلة غرامة تهديدية (م.)12
- 2م 19من قانون شركات المساهمة.
- 3م 75من مدونة التجارية.
- 4م 62من مدونة التجارية.
- 59 -
قيدها في هذا السجل .1فنتيجة للقيد في السجل التجاري تتمتع
الشركة بحياة قانونية عادية ،إذا أنه التاريخ المحدد لممارسة المهام
بشكل فعلي من قبل أجهزة الشركة المكلفة بالتدبير والمراقبة.2
إضافة إلى ما سبق ،فالقيد في السجل التجاري هو الذي يسمح
لممثلي شركات األموال والشركة ذات المسؤولية المحدودة بسحب
الحصص النقدية المودعة في حساب بنكي مجمد بإسم الشركة التي
هي في طور التأسيس ،إذ أن هذا السحب ال يتم إال بعد تقديم شهادة
تسلمها كتابة الضبط تثبت تقييد الشركة في السجل التجاري.3
وبعد اإليداع والقيد في السجل التجاري ،يتم نشر إعالن في
الجريدة الرسمية وفي جريدة مرخص لها بنشر اإلعالنات القانونية،
وذلك خالل أجل ال يتعدى ثالثين يوما ابتداء من تاريخ تقييد الشركة
في السجل التجاري .4ويتضمن هذا اإلعالن ملخصا لنظام الشركة،
وبشكل أخص البيانات اآلتية :5
-شكل الشركة واسمها وغرضها وعنوانها ومدتها ومبلغ
رأسمالها.
-هوية الشركاء وممثلي الشركة.
-كتابة ضبط المحكمة التي تم بها إيداع النظام األساسي.
وقد يتضمن النص المنشور معلومات تتعارض مع تلك التي
تم إيداعها لدى المحكمة .في هذه الحالة ال يمكن للشركة أن تحتج
- 1م 7من قانون شركات المساهمة والمادة 2من قانون باقي الشركات.
- 2م 20من قانون شركات المساهمة
- 3م 34من قانون شركات المساهمة والمادة 52من قانون باقي الشركات.
- 4م 33من قانون شركات المساهمة .ويبدو أن الربط بين قيد الشركة في السجل وانطالق
أجل النشر مسألة منطقية تتناسب ومنح المشرع أجل ثالثة اشهر إلجراء القيد في السجل
التجاري .وبناء عليه فالمشرع لم يكن موفقا بالنسبة لباقي الشركات ،حيث جعل من إبرام
النظام كتاريخ النطالق أجل النشر ( م .)96
- 5م 30من قانون شركات المساهمة و المادة 96من قانون باقي الشركات.
- 60 -
على األغيار بالنص المنشور ،لكن بالمقابل يمكن لهؤالء التمسك
بهذا النص في مواجهة الشركة ،وذلك ما لم يثبت إطالعهم على
النص الذي تم إيداعه.1
وبالنسبة لشركات األموال والشركة ذات المسؤولية
المحدودة ،فالعمليات التي تقوم بها قبل اليوم السادس عشر من
النشر في الجريدة الرسمية ال يواجه بها األغيار الذين يثبتون
استحالة علمهم بها.2
املبحـث الثالث
بطـالن الشركـة
- 1م 16من قانون شركات المساهمة والمادة 94من قانون باقي الشركات.
- 2م 16من قانون شركات المساهمة والمادة 94من قانون باقي الشركات.
- 61 -
المطلـب األول
أسبــاب البطـالن
لتأمين بقاء الشركات التجارية قام المشرع بتحديد أسباب
بطالنها بشكل صارم ،وذلك من خالل المادة 337من قانون
شركات المساهمة التي تنص على أنه":ال يمكن أن يترتب بطالن
شركة ...إال عن نص صريح من هذا القانون أو لكون غرضها غير
مشروع أو لمخالفته للنظام العام أو النعدام أهلية جميع المؤسسين.
يعتبر كأن لم يكن كل شرط مخالف لقاعدة آمرة من هذا
القانون ال يترتب على خرقها بطالن الشركة".1
وإذا كانت هذه المادة قد أشارت إلى أحد األسباب العامة
لبطالن العقد ،والمتمثل في الغرض غير المشروع لعقد الشركة،
فإن ذلك ال يعني استبعاد اإلخالل بباقي األركان الموضوعية
العامة 2،وذلك بالنظر إلى أن قانون االلتزامات والعقود بمثابة
مصدر احتياطي لقانون الشركات التجارية .3بناء عليه فانعدام
المحل أو السبب وعدم مشروعيتهما من أسباب بطالن عقد الشركة،
كما أن هذا العقد يكون قابال لإلبطال إذا تعيبت إرادة احد الشركاء،
أو كان ناقص األهلية.
- 1هذه المادة تطبق على باقي الشركات التجارية ،وذلك بناء على المادة األولى من قانون رقم
.96-5
- 2عدم ذكر المادة 337ألسباب بطالن العقود بشكل عام يعتبر مجرد سهو ،إذ أن المشرع
تدارك ذلك عند تنظيمه للمجموعات ذات النفع االقتصادي ،وذلك بمقتضى المادة 55من قانون
هذه المجموعات التي نصت على أنه ":ال يمكن أن يترتب بطالن المجموعة ذات النفع
االقتصاد ي أو بطالن العقود أو المداوالت المغيرة للعقد إال على أحد األحكام الصريحة الواردة
في هذا القانون أو على احد أسباب بطالن العقود بصفة عامة".
- 3أحمد شكري السباعي :مرجع سابق ،ص.222 :
- 62 -
إلى جانب األركان العامة يترتب عن اإلخالل باألركان
الموضوعية الخاصة بعقد الشركة البطالن ،لكن مع مراعاة إمكانية
تحول عقد الشركة الباطل إلى عقد آخر طبقا لنظرية تحول العقد.
وهكذا يمكن أن يتحول هذا العقد إلى عقد قرض مقابل نسبة من
األرباح عند انتفاء عنصر نية المشاركة.1
لكن بالنسبة لتخلف ركن شكلي ،يجب التمييز بين نظام شركة
المساهمة وأنظمة باقي الشركات التجارية .فبالنسبة لهذه األخيرة
يترتب البطالن عن عدم كتابة النظام األساسي أو عدم تضمينه أحد
البيانات األساسية أو عدم نشره.
وبالنسبة لشركة المساهمة فقد تم تعويض البطالن بإمكانية
إعمال إجراءات التسوية أو التصحيح في حالة اختالل نظامها
األساسي أو عدم نشره ،حيث يمكن لكل ذي مصلحة وللنيابة العامة
تقديم طلب إلى المحكمة لكي توجه أمرا بتسوية الوضعية تحت
طائلة غرامة تهديدية ,ويتقادم هذا الطلب بمرور ثالث سنوات على
قيد الشركة في السجل التجاري.2
وفي حالة عدم تقييد الشركة بالسجل التجاري فذلك ال يؤدي
إلى البطالن وإنما إلى عدم قيام الشركة كشخص معنوي .وبعبارة
أخرى فالشركة غير موجودة قانونا وال يحتج بها تجاه األغيار،
وتظل مجرد اتفاق ملزم ألطرافه ،أي أن العالقة بين المؤسسين
تبقى منظمة بمقتضى هذا االتفاق والمبادئ العامة لقانون االلتزامات
والعقود.3
- 1فؤاد معالل :مرجع سابق ،ص ،253 :وكمثال لتطبيقات نظرية تحول العقد ،راجع النظام
القانوني لشرط األسد.
- 2م 12من قانون شركات المساهمة.
- 3م 8من قانون شركات المساهمة والمادة األولى من قانون باقي الشركات
- 63 -
إضافة إلى االخالل بالشروط الشكلية ،قد يتضمن النظام
األساسي للشركة شروطا تخالف قاعدة آمرة في قانون الشركات.
في هذه الحالة ال يترتب البطالن إال إذا وجد نص صريح في هذا
القانون ينص على ذلك ،أما في حالة عدم وجوده فتطبق القاعدة
التي تقضي باعتبار هذه الشروط كأنها غير موجودة.1
- 1م 341من قانون شركات المساهمة ،م 1من قانون باقي الشركات
- 2م ( 306ق.ل.ع) .راجع :أحمد شكري السباعي ،نظرية بطالن العقود ،منشورات عكاظ،
،1987ص.317 :
- 3م 346من قانون شركات المساهمة ،م 1من قانون باقي الشركات
- 4مع مراعاة بقاء الشركة بعد انحاللها ألغراض التصفية ،وهو ما سنتوقف عنده الحقا.
- 66 -
المشرع لماضي الشركة هو أن هذا العقد عقد مستمر ينتج آثاره مع
مرور الزمن ،وبالتالي ال يمكن إرجاع الوضع إلى ما كان عليه
أثناء التعاقد بالنسبة للشركاء في حالة تعرض الشركة لخسائر قبل
التصريح ببطالنها ،كما أنه ال يعقل إهدار العالقات التي كانت قائمة
1
بين الشركة والغير قبل التصريح بالبطالن.
ومن المبادئ التي أقرها المشرع انه ال يمكن للشركة
وللشركاء االحتجاج بالبطالن تجاه األغيار حسني النية 2.وبالنظر
إلقرار المشرع بأن لبطالن الشركة أثر اإلنحالل القضائي ،فإنه ال
يمكن كذلك لألغيار التمسك بالبطالن في مواجهة الشركة والشركاء
3
للتهرب من تنفيذ االلتزامات.
ومجمل القول فالشخص المعنوي الذي مارس نشاطه يعتبر
موجودا وقائما في الفترة الممتدة من تأسيسه إلى التصريح ببطالنه،
لكن األمر يتعلق بوجود فعلي أو واقعي وليس قانوني ،لذلك تسمى
الشركة في هذه المرحلة بالشركة الفعلية أو شركة الواقع .ونظرية
الشركة الفعلية من ابتداع الفقه والقضاء لحماية المراكز القانونية
4
للشركاء وحماية حقوق األغيار الذين تعاملوا مع الشركة الباطلة.
وإلى جانب تعطيل األثر الرجعي لبطالن الشركة ،رخص
المشرع للشركاء واألغيار الذين تضرروا بفعل التصريح ببطالن
الشركة بإمكانية إقامة المسؤولية التضامنية لمؤسسيها أو المتسببين
- 1م 350من قانون شركات المساهمة ،م 92من قانون باقي الشركات
- 2م 351من قانون شركات المساهمة ،م 92من قانون باقي الشركات
- 3م .351وتساير هذه القاعدة المبادئ العامة للمسؤولية المدنية وبالتالي يمكن تطبيقها على
باقي الشركات التجارية رغم انعدام النص .راجع:ـ أحمد شكري السباعي :مرجع سابق ،ص
.267
4
- GUYON (Y), Op.Cit.P 167.
- 68 -
الفصـل الثـانـي
- 1محمد اإلدريسي العلمي ،خصائص الشركات التجارية في التشريع الجديد ،مجلة المحاكم
المغربية ،ع ،2000 ،80ص.61:
2ـ أبو زيد رضوان ،مفهوم الشخصية المعنوية بين الحقيقة والخيال ،مجلة العلوم القانونية
واالقتصادية ،العدد األول ،جامعة عين شمس ،يناير ،1970ص.194 :
33
- Guyon (y), Personnalité morale des sociétés, J-Cl, soc, Fasc 24E1,
1980, P5
- 69 -
ودراسة الشركة كشخص معنوي يقتضي التوقف عند قيام
هذه الشخصية وما يرتبه من نتائج ثم عند اختفائها.
- 70 -
املبحث األول
1ـ مصطفى كمال طه ،الشركات التجارية ،دار المطبوعات الجامعية ،االسكندرية،2000 ،
ص.52
- 71 -
المطلـب األول
1
- PAILLET (E), L’activité de la société en formation, Rev. Soc, 1980,
1, P427.
-DAGOT (M), op. cit. P241.
- 74 -
الفقرة األولى
القواعد المنظمة للعالقة بين الشركاء خالل مرحلة
التأسيس
للحديث عن القواعد التي تؤطر العالقة بين الشركاء خالل
فترة تأسيس الشركة البد من الفصل بين مرحلتين ،مرحلة ما قبل
توقيع األطراف على العقد التأسيسي أو النظام األساسي ومرحلة ما
بعد التوقيع.
فقبل توقيع النظام األساسي ليست هناك عالقة تعاقدية تحدد
التزامات األشخاص الراغبين في االشتراك ،بل هناك فقط
مفاوضات أولية حول ما يلزم إلخراج فكرة الشركة إلى حيز
الوجود .وقد تؤدي هذه المفاوضات إلى تعهد األطراف بإبرام
العقد التأسيسي ،أي قيام وعد بتأسيس الشركة .وهذا الوعد غالبا
ما يأتي على شكل محضر اتفاق أولي ملزم ،إذ أن اإلخالل به
بشكل تعسفي يؤدي إلى قيام مسؤولية الطرف المخل.1
وبالتوقيع على العقد التأسيسي يتم تنفيذ الوعد بتأسيس
الشركة ،وبالتالي يصبح هذا العقد هو المنظم للعالقة بين الشركاء،
إذ تنص المادة 8من قانون شركات المساهمة على أنه" :إلى غاية
تقييد الشركة بالسجل التجاري تبقى العالقات بين المساهمين
خاضعة لعقد الشركة وللمبادئ العامة للقانون المطبقة على
االلتزامات والعقود".2
1
- COZIAN (M). VIANDIER (A), Droit des sociétés, 4éd, Litec, Paris,
1991, P84.
ـ أحمد شكري السباعي ،الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع االقتصادي ،الجزء
األول ،المعارف الجديدة ،الرباط ،2003 ،ص.172
2ـ تطبق هذه المادة على باقي الشركات التجارية بمقتضى المادة األولى من قانونها.
- 75 -
بالرغم من أهمية هذا المقتضى إال أنه في حاجة إلى تحديد،
وذلك بالنظر إلى أنه إذا كان العقد التأسيسي للشركة يعني توافق
اإلرادات حول النشاط االقتصادي والحصص فهو يعني أيضا
االتفاق على إنشاء شخص معنوي مستقل ،لذلك يتم إدراج بعض
القواعد المتعلقة بوجود وعمل الشخص المعنوي في هذا العقد،
كما هو الشأن بالنسبة لمدة الشخص المعنوي ومقره .فهذه القواعد
ال تطبق قبل قيد الشركة في السجل التجاري .ومثال ذلك حالة
تنصيص النظام األساسي على إمكانية تعديله بقرار أغلبية
الشركاء .فإذا قرر هؤالء تعديل هذا النظام قبل قيد الشركة في
السجل التجاري ،فيجب عليهم اتخاذ القرار باإلجماع ،أي أنه ال يتم
إعمال قاعدة األغلبية التي تتعلق بحياة الشخص المعنوي.1
الفقرة الثانية
مصير التصرفات المبرمة مع األغيار خالل مرحلة
التأسيس
كما رأينا سابقا فميالد المقاولة غالبا ما يسبق ميالد الشركة
كشخص معنوي ،أي أن مؤسسي الشركة غالبا ما يقدمون خالل
فترة تأسيسها على إبرام عدة تصرفات مع األغيار من أجل
التحضير إلنجاز الغرض االقتصادي للشركة بعد قيدها في السجل
التجاري .فمن يتحمل االلتزامات المترتبة عن هذه التصرفات ،هل
1
- MERCADAL (B) JANIN (PH), sociétés commerciales 18 éd,
LEFEBVRE, Paris, 1987, P 107.
- COZIAN (M), op. cit. p 84.
- 76 -
أولئك الذين قاموا بإبرامها؟ أم الشركة بعد قيدها في السجل التجاري
وتمتعها بالشخصية المعنوية1؟
من حيث المبدأ ،فاألشخاص الذين أنجزوا هذه التصرفات هم
المسؤولون بشكل شخصي وبالتضامن عن تنفيذها .وال يمكن إعفاء
هؤالء األشخاص إال في حالة تحمل الشركة مسؤولية هذه
التصرفات بعد قيدها في السجل التجاري .2وهو ما أكدته المادة 27
(ق.ش.م) التي نصت على أنه" :يسأل األشخاص الذين قاموا بعمل
باسم شركة في طور التأسيس وقبل اكتسابها الشخصية المعنوية،
على وجه التضامن وبصفة مطلقة ،عن األعمال التي تمت باسمها
إال إذا تحملت الجمعية العامة األولى العادية أو غير العادية للشركة
االلتزامات الناشئة عن هذه األعمال بعد تأسيسها وتقييدها بشكل
قانوني .يعتبر حينئذ هذه االلتزامات كما لو قامت بها الشركة منذ
البداية" .وبعبارة أخرى ،فلتفادي إهدار حقوق الطرف المتعاقد مع
المتصرف لحساب الشركة؛ تم إقرار مسؤولية هذا األخير في حالة
عدم تبني الشركة للتصرف بعد قيدها في السجل التجاري ،وكذلك
في حالة عدم القيام بهذا القيد نتيجة التوقف عن تكوين الشركة.
وبتحمل الشركة بعد قيدها مسؤولية هذه التصرفات تحل محل
مؤسسيها ،وبالتالي تصبح هذه التصرفات وكأنها أبرمت منذ البداية
من قبل الشركة ،أي أن هذه األخيرة تتحمل التصرفات بأثر رجعي
من تاريخ إبرامها .وهكذا مثال تبدأ أقدمية العمال من تاريخ إبرام
1ـ لهذا التساؤل أهمية قصوى ،ألنه ال يمكن مماثلة القوة المالية للشركة بالقوة المالية للشخص
الذي تصرف لحسابها خالل فترة التأسيس .راجع:
- GUYON (Y), Droit des affaires, T1, 11 éd, P.168
2ـ م 27من قانون شركات المساهمة ،م 1من قانون باقي الشركات التجارية.
- 77 -
عقودهم مع المتصرفين لحساب شركة في طور التأسيس ،وليس من
تاريخ تحمل الشركة لهذه العقود.1
وتحمل الشركة كشخص معنوي لهذه التصرفات ال يتوقف
على موافقة المتعاقد لكونه على علم أن العقد يبرم بإسم شركة في
طور التأسيس ،وهذا التحمل يتم وفق شكلين ،فإما أن يتم بشكل
تلقائي بعد قيد الشركة في السجل التجاري ،وإما أن يتم بناء على
قرار للجمعية العامة للشركاء.
بخصوص الشكل األول يجب التمييز بين التصرفات التي
أبرمت قبل توقيع الشركاء على النظام األساسي؛ وتلك التي أبرمت
بعد التوقيع وقبل قيد الشركة في السجل التجاري .فبالنسبة
للتصرفات المبرمة قبل التوقيع على النظام األساسي تتحملها
الشركة تلقائيا بعد قيدها في السجل التجاري ،وذلك في حالة إرفاق
النظام األساسي عند تقديمه للتوقيع ببيان للتصرفات المنجزة لحساب
الشركة .2وبالنسبة للتصرفات المبرمة بعد التوقيع على النظام
األساسي فال تتحملها الشركة بشكل تلقائي يوم تسجيلها ،إال في حالة
1
DAUBLON (G), Validité des actes et contrats réalisés par lesـ
sociétés commerciales avant leur immatriculation, Rép. Defrénois, 15
mai 1977, N°9, 31393, p675.
2ـ إن تحمل الشركة بشكل تلقائي للتصرفات في هذه الحالة مسألة تستخلص من خالل الربط
بين الفقرة األولى والفقرة األخيرة من المادة 29من قانون شركات المساهمة ،والتي تنص على
أنه" :يوضع بيان األعمال المنجزة لحساب الشركة التي هي في طور التأسيس طبقا للمادة ،27
مع اإلشارة إلى االلتزام الذي سيترتب عن كل عمل من هذه األعمال بالنسبة للشركة ،رهن
إشارة المساهمين....
سواء تمت دعوة الجمهور لالكتتاب أم ال ،يجب أن يتم وبقرار من الجمعية العامة العادية
للمساهمين تحمل األعمال المنجزة لفائدة الشركة الموجودة في طور التأسيس التي لم يقع إعالم
المساهمين المحتملين بها وفق ما هو مشار إليه في الفقرات الثالث السابقة" .ويبدو أنه ليس
هناك ما يمنع من تطبيق هذه المادة على باقي الشركات التجارية بالرغم من انعدام اإلحالة،
وذلك بالنظر إلى أن المادة 29تكمل المادة 27التي تمت اإلحالة عليها من قبل المادة األولى
من قانون باقي الشركات.
- 78 -
كون إجراء هذه التصرفات قد تم بناء على تفويض الشركاء بموجب
النظام األساسي أو بموجب عقد منفصل.1
لكن إذا كان التصرف يتجاوز حدود الوكالة أو التفويض
الممنوح للمتصرفين لحساب الشركة ،أو إذا تم إغفال ذكر التصرف
في البيان المعروض على الشركاء للمصادقة عليه مع النظام
األساسي ،فال محل للحديث عن تحمل الشركة للمسؤولية بشكل
تلقائي عند قيدها في السجل التجاري ،وإنما يقتضي األمر انعقاد
الجمعية العامة للشركاء واتخاذها قرارا بتحمل الشركة مسؤولية
هذه التصرفات.2
وفي األخير تجدر اإلشارة إلى أنه سواء تعلق األمر بتحمل
الشركة لهذه العقود بشكل تلقائي لحظة القيد في السجل التجاري أو
بتحملها بناء على قرار لجمعية الشركاء ،فالشركة ال يمكنها أن
تتحمل إال العقود التي أبرمت بإسمها والتي تهدف إلى التحضير
النطالق نشاطها فور القيد في السجل التجاري ،كشراء اآلالت
وإبرام عقود الكراء .......أما إذا كانت هذه العقود تهدف البدء
بشكل فعلي في إنجاز غرض الشركة قبل قيدها في السجل
التجاري ،فالفقه والقضاء ال يتردد في اعتبار الشركة في مرحلة
التأسيس بمثابة شركة ناشئة بفعل الواقع .3وهذا التوجه يوفر ضمانة
هامة للشخص المتعاقد مع شركة في مرحلة التأسيس ،فوفقا لما
رأ يناه سابقا يسأل األشخاص الذين أبرموا العقود عن تنفيذها إذا لم
تتحملها الشركة بعد قيدها في السجل التجاري ،لكن في حالة تقرير
1ـ الفقرة الثانية من المادة 29من قانون شركات المساهمة .وقد استثنت هذه الفقرة شركات
المساهمة التي تدعو الجمهور لالكتتاب ،أي أنه بالنسبة لهذه األخيرة ولو تم منح التفويض
للمتصرف فال تتحمل الشركة مسؤولية التصرف إال إذا قررت الجمعية العامة ذلك.
2ـ م 27من قانون شركات المساهمة.
3
- MERCADAL (B). JANIN (PH), op.cit, p112.
- 79 -
وجود شركة ناشئة بفعل الواقع يسأل جميع الشركاء عن تنفيذ هذه
العقود ،أي حتى أولئك الذين لم يشاركوا في إبرامها.1
1
- GUYON (Y), op. Cit, P.170.
- 80 -
المطلـب الثانـي
النتائـج المترتبة عـن اكتسـاب
الشركـة للشخصيـة المعنويـة
يؤدي اكتساب الشركة للشخصية المعنوية إلى عدة نتائج،
حيث تكتسب الشركة عناصر تميزها عن غيرها ،كما تتمتع بأهلية
قانونية تمكنها من إجراء مختلف التصرفات في حدود غرضها ،كما
تصبح الشركة مالكة لذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء.
الفقرة األولى
تمتع الشركة بعناصر تميزها
بتواجد الشخصية المعنوية تصبح للشركة هويتها القانونية
الخاصة ،وذلك من خالل االستفادة من العناصر التي تميزها
كشخص ،وخصوصا االسم والمقر والجنسية.
أوال :اسم الشركة
على غرار الشخص الطبيعي تنفرد الشركة باسم يميزها عن
باقي الشركات .ويحدد اسم الشركة بمقتضى نظامها األساسي ،أي
أنه تكون للشركاء حرية اختياره ،فقد يكون مشتقا من غرض
الشركة أو مبتكرا .وإذا كانت شركة المساهمة ال تعين إال باسم
مبتكر أو مستوحى من غرضها ،فبالنسبة لشركات التضامن
والتوصية يمكن إضافة اسم واحد أو أكثر من الشركاء المتضامنين
إلى اسم الشركة ،1كما يمكن إضافة اسم أحد الشركاء إلى اسم
الشركة ذات المسؤولية المحدودة.1
- 81 -
وحسب القضاء فعند اعتماد اسم شريك يصبح هذا االسم ملكا
معنويا للشركة ،وبالتالي فعند انسحاب هذا الشريك من الشركة ال
يمكنه المطالبة بعدم استعمالها لهذا االسم ما لم يوجد اتفاق مخالف.2
وإذا كان للشركاء حرية اختيار االسم ،إال أن هذه الحرية
مقيدة بوجوب اختيار اسم ال يتعارض مع فكرة النظام العام
واألخالق الحميدة ،كما أنه يمنع تقليد اسم شركة منافسة تزاول نفس
النشاط .ولتفادي ذلك ،وبالتالي تفادي الدخول في منافسة غير
مشروعة ،يستحسن قبل تحديد االسم الحصول على الشهادة السلبية
التي تؤكد عدم سبق استعمال هذا االسم من قبل شركة أخرى ،وهذه
الشهادة تسلم من قبل مصلحة السجل التجاري المركزي أو ما يسمى
بالمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية الموجود بالدار
البيضاء.3
ولتأمين حق اإلعالم بالنسبة للمتعامل مع الشركة ،فقد فرض
المشرع وضع اسم الشركة على كافة الوثائق الصادرة عنها
والموجهة إلى األغيار ،كما هو الشأن بالنسبة للفاتورات
واإلعالنات .كما فرض المشرع ضرورة أن يكون اإلسم مسبوقا أو
متبوعا بعبارة تفيد الشكل القانوني للشركة ،لكن بالنسبة لشركة
المساهمة والشركة ذات المسؤولية المحدودة يمكن اختزال الشكل
القانوني في حروف.4
وبالنسبة لشركات التوصية ،فإذا سمح الشريك الموصي أو المساهم بإضافة اسمه إلى اسم
الشركة فإنه يصبح مسؤوال عن التزاماتها وفق نفس الشروط التي تسري على الشركاء
المتضامنين ،وذلك طبقا للفقرة الثالثة من المادة الرابعة من قانون رقم 96ـ .5
1ـ م 45من قانون باقي الشركات التجارية.
2
Cass. Com, 12 mars 1985, J.C. P,1985, 20400, Note Bonnet.ـ
3ـ أحمد شكري السباعي ،مرجع سابق ،ص.316 :
4ـ م 4من قانون شركات المساهمة ،م 4و 21و 31و 45من قانون باقي الشركات التجارية.
- 82 -
ويمكن للشركاء تعديل اسم الشركة ،وذلك بقرار يتخذ في ظل
الشروط المطلوبة لتعديل النظام األساسي للشركة ،1لكن يجب إعالم
األغيار بهذا التعديل عن طريق النشر والقيام بإجراء قيد تعديلي في
السجل التجاري.
وبالنسبة لشركة المساهمة والشركة ذات المسؤولية المحدودة يمكن التعبير باألحرف األولى
على النحو اآلتي( :ش.م) (( )S.Aش.ذ.م.م) ).(S.A.R.L
1ـ أي بناء على قرار يتخذ باالجماع بالنسبة لشركة التضامن ،ويتخذ بإجماع الشركاء
المتضامنين وأغلبية الشركاء الموصين بالنسبة لشركات التوصية ،ويتخذ بأغلبية الشركاء
الممثلين لثالثة أرباع رأس المال بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة ،وبخصوص شركة
المساهمة يتخذ القرار بأغلبية ثلثي أصوات المساهمين الحاضرين المالكين لنصف األسهم
خالل الدعوة األولى ،أو المالكين لربع أسهم الشركة خالل الدعوة الثانية.
- 83 -
ثانيا :مقر الشركة
كما هو الشأن بالنسبة للشخص الطبيعي تتمتع الشركة بموطن
أو مقر .ويقصد بمقر الشركة المكان الذي تتمركز فيه مصالحها
اإلدارية وتتخذ منه مختلف القرارات المتعلقة بشؤونها ،وبالتالي
فهو ال يعني بالضرورة مركز استغالل النشاط االقتصادي ،إذ قد
يتواجد هذا المركز في مكان آخر غير مركز اإلدارة.1
وقد تلجأ بعض الشركات ذات األهمية االقتصادية إلى خلق
فروع في أقاليم مختلفة ،فيعتبر مكان تواجد الفرع بمثابة مقر
بخصوص األعمال التي تتعلق به ،وبالتالي يمكن رفع الدعوى ضد
الفرع أمام المحكمة التجارية التي يتواجد في دائرتها.2
ولمقر الشركة أهمية خاصة ،حيث يحدد القانون الواجب
التطبيق على الشركة .فالتشريع المغربي ال يطبق إال على الشركات
الكائن مقرها في المغرب .3كما أنه باالعتماد على المقر يتم تحديد
المحكمة المختصة محليا بالنظر في الدعاوى المرفوعة ضد
الشركات ،إذ أن هذه الدعاوى تقام أمام المحكمة التابع لدائرتها مقر
الشركة .4إضافة إلى ذلك يعتبر مقر الشركة المعيار األساسي
لتحديد جنسيتها.
مراعاة لهذه األهمية ،فقد فرض المشرع ضرورة تحديد مقر
الشركة في نظامها األساسي ،ولذلك يعبر عنه بمقر الشركة
1
MERCADAL (B). JANIN (PH), op. cit, P.134.ـ
2ـ تنص المادة 11من قانون المحاكم التجارية على أنه...." :ترفع الدعاوى:
ـ فيما يتعلق بالشركات ،إلى المحكمة التجارية التابع لها مقر الشركة أو فرعها"...،
3ـ تنص الفقرة األولى من المادة 5من قانون شركات المساهمة على أنه" :تخضع شركات
المساهمة الكائن مقرها االجتماعي في المغرب إلى التشريع المغربي".
4ـ م 11من قانون المحاكم التجارية
- 84 -
النظامي .1لكن ال يعتد بهذا المقر إذا كان صوريا ال يعبر فعال عن
مركز إدارة الشركة .والتحديد الصوري للمقر قد يكون ألهداف
غير مشروعة ،كالتحايل على التشريع الضريبي أو قواعد
االختصاص القضائي .وللمحكمة السلطة التقديرية لتحديد مدى
حقيقة المقر النظامي ،وذلك باالعتماد على مكان تواجد الجهاز
اإلداري للشركة أو باالعتماد على عناصر أخرى كمكان انعقاد
الجمعية العامة للشركاء أو مكان حفظ وثائق الشركة.2
وعند إثبات صورية المقر النظامي ،يكون لألغيار الخيار بين
اعتماد هذا المقر أو المقر الحقيقي والفعلي .لكن بالنسبة للشركة فال
يمكنها أن تحتج ضد الغير إال بالمقر النظامي.3
وعلى غرار االسم يمكن للشركاء اتخاذ قرار بتغيير مقر
الشركة .لكن بخصوص هذه المسألة يجب التمييز بين نقل المقر من
مكان إلى آخر داخل الوطن وبين نقله إلى دولة أخرى .فبخصوص
الحالة األولى يتخذ القرار في ظل الشروط المطلوبة لتعديل النظام
األساسي ،4أما بالنسبة للحالة الثانية ،ومادام نقل المقر من دولة إلى
أخرى يؤدي إلى تغيير جنسية الشركة ،فال يمكن اتخاذ قرار النقل
إال بإجماع الشركاء.5
1
-COZIAN (M). VIANDIER (A), op.cit, p 89.
2
- MERCADAL (B). JANIN (PH), op.cit, p135.
- GUYON (Y), op. Cit, P.181.
3ـ تنص الفقرة الثانية من المادة 5من قانون شركات المساهمة على أنه...." :يمكن للغير
االحتجاج بالمقر االجتماعي المذكور في النظام األساسي للشركة ،وال يمكن لها أن تواجه الغير
بمقرها الحقيقي إن كان موجودا بمكان آخر".
4ـ راجع ما سبق ،هامش 2ص .73
5ـ أحمد شكري السباعي ،مرجع سابق ،ص .328
- 85 -
ثالثا :جنسية الشركة
الجنسية رابطة قانونية وسياسية بين الدولة والشخص.
وللشركة كشخص معنوي جنسية خاصة مميزة عن جنسية
الشركاء.1
ولجنسية الشركة أهمية في تحديد مدى تمتعها بمنافع
المواطنة ،إذ أن الدولة قد تخصص امتيازات معينة للشركات
الوطنية كاالستفادة من المشروعات العامة .كما أن جنسية الشركة
هي التي تحدد القانون الواجب التطبيق على إجراءات تأسيسها
وإدارتها وانحاللها ،وهي التي تحدد الدولة التي تتولى الحماية
السياسية والدبلوماسية للشركة على المستوى الدولي.2
وهناك معيارين أساسيين لتحديد جنسية الشركة .المعيار
األول هو معيار مقر الشركة ،أي أن الشركة تتمتع بجنسية الدولة
التي يتواجد بإقليمها مركز اإلدارة الرئيسي ،وذلك بصرف النظر
عن جنسية الشركاء أو جنسية أعضاء جهاز اإلدارة .أما المعيار
الثاني فهو معيار مراقبة الشركة ،أي أن جنسية الشركة تتحدد
بالنظر إلى جنسية األشخاص الذين يسيرون الشركة والمالكين
ألغلبية رأسمالها.3
وقد اعتمد المشرع المعيار األول المتمثل في مقر اإلدارة
المركزي ،وهو ما يتضح من خالل المادة 7من ظهير 12غشت
1913المتعلق بالوضعية المدنية للفرنسيين واألجانب في المغرب
ـ حسين الماحي ،الشركات التجارية ،دار أم القرى ،المنصورة ،1992 ،ص.35 1
2
- MERCADAL (B). JANIN (PH), op.cit, p139.
3
- COZIAN (M). VIANDIER (A), op.cit, p 90.
- 86 -
والتي تنص على أن" :جنسية الشركة تحدد بمقتضى قانون البالد
الذي تتخذ منه الشركة بال احتيال مركزها االجتماعي الشرعي".
وإذا كان قانون الشركات قد التزم الصمت بخصوص مسألة
اكتساب الشركة للجنسية ،فهو بالمقابل قد تعرض لمسألة تغيير هذه
الجنسية بنصوص غامضة .وهكذا نجد المادة 110من قانون
شركات المساهمة تنص على أنه" :ال يمكن تغيير النظام األساسي
تغييرا يمس أي مقتضى من مقتضياته إال من طرف الجمعية العامة
غير العادية ....كما ال يمكنها تغيير جنسية الشركة" ،وقد تكررت
هذه الجملة األخيرة في المادة 28و 75من قانون باقي الشركات
التجارية .فهل يعني ذلك أنه يمنع على الشركاء تغيير جنسية
الشركة المغربية؟
ال نعتقد ذلك ،ألن المنع ال يتناسب وسياسة االنفتاح
االقتصادي للدولة .ولو كان المشرع يقصد المنع لقام كذلك بمنع نقل
مقر الشركة إلى خارج الوطن ،إذ أن ذلك يؤدي إلى تغيير جنسية
الشركة .ولذلك فالمشرع قصد منع تغيير الجنسية وفقا لألغلبية
المطلوبة لتغيير النظام األساسي ،أي أنه فرض بشكل ضمني
ضرورة موافقة جميع الشركاء لتغيير جنسية الشركة.1
الفقرة الثانية
تمتع الشركة بأهلية وذمة مالية
أوال :أهلية الشركة
يترتب على اكتساب الشخصية المعنوية تمتع الشركة بأهلية
في حدود غرضها ،وذلك تطبيقا لقاعدة تخصص الشخص المعنوي.
- 87 -
فيمكن للشركة أن تكتسب أمواال جديدة أو تتصرف في أموالها وأن
تتعامل مع الغير لتصبح دائنة أو مدينة ،كما للشركة أهلية التقاضي،
أي أن يكون الشخص المعنوي مدعيا أو مدعى عليه.1
لكن الشركة كشخص معنوي ال يمكنها ممارسة هذه الحقوق
إال من خالل المسير أو المدير ،أي من خالل شخص طبيعي يمثلها.
باعتبار هذا المدير من أعضاء الشركة ،فهو ال يعد وكيال بل
يخضع لنظام قانوني خاص ،سواء على مستوى سلطاته أو على
مستوى مسؤوليته.
-1سلطات مدير الشركة:
رغم تعيينه من قبل الشركاء ،2إال أن سلطات المدير يحددها
القانون.وهو يتمتع بسلطات واسعة ،إذ له القيام بجميع أعمال
التسيير لمصلحة الشركة.
وقد يقدم الشركاء على تقييد هذه السلطات ،وذلك من خالل
منع المدير بمقتضى النظام األساسي من القيام ببعض التصرفات،
أو إخضاع القيام بها لترخيص مسبق لجهاز آخر للشركة ،كجمعية
الشركاء.
هذه القيود االتفاقية ال يحتج بها على األغيار ،فإذا كان عدم
3
- 1تنص المادة 8من قانون باقي الشركات على أنه":تلزم الشركة في العالقات مع األغيار
بأعمال المسير التي تدخل ضمن غرضها".
- 89 -
وإذا كان ما سبق يتعلق بالمسؤولية المدنية للشركة اتجاه
المتضرر من أخطاء المدير المرتكبة أثناء قيامه بمهام التسيير ،فهل
يمكن الحديث عن إمكانية مساءلة المدير عن هذه األخطاء؟
-2مسؤولية مدير الشركة
ينتج عن أهلية الشركة لمباشرة التصرفات القانونية واألعمال
المادية مسؤوليتها المدنية عن تعويض األضرار التي أحدثها خطأ
ممثليها بمناسبة القيام بهذه التصرفات واألعمال ،وهكذا يمكن
االستناد إلى المسؤولية العقدية عند تقاعس مدير الشركة عن تنفيذ
عقد معين ،كما يمكن االستناد إلى المسؤولية التقصيرية المبنية على
إهمال أو عدم تبصر مدير الشركة .وقد تسأل الشركة مدنيا عن
األفعال الضارة المرتكبة من قبل األشخاص التابعين لها أثناء تأدية
عملهم أو بسببه كاألجراء ،وذلك طبقا لقواعد مسؤولية المتبوع عن
أعمال التابع.1
إذا كان المدير يتمتع بسلطات واسعة للقيام بمختلف أعمال
التسيير ،فهو بالمقابل يسأل من قبل الجهة المتضررة من أخطائه،
سواء تعلق األمر بالشركة التي يمثلها أو الشركاء أو األغيار.
فالضرر المترتب للشركة عن خطأ المدير يسمح لها برفع
دعوى المسؤولية ضده .وهذه الدعوى تسمى بدعوى الشركة ،وهي
تهدف إلى الحصول على تعويض لمصلحة الشركة .وما دام المدير
كممثل للشركة ال يمكنه رفع هذه الدعوى ضد نفسه ،فقد نص
المشرع على إمكانية رفعها من قبل أحد الشركاء لمصلحة الشركة.2
وعندما يؤدي خطأ المدير إلى إلحاق ضرر شخصي بأحد
الشركاء ،يحق لهذا األخير رفع دعوى المسؤولية ضده .وهذه
ـ حسين الماحي ،مرجع سابق ،ص .33 :ـ عز الدين بنستي ،مرجع سابق ،ص .126 1
- 1تنص المادة 127من القانون الجنائي على أنه":ال يمكن أن يحكم على األشخاص المعنوية
إال بالعقوبات المالية والعقوبات اإلضافية الواردة في األرقام 5و 6و 7من الفصل ،36
ويجوز أيضا أن يحكم عليها بالتدابير الوقائية العينية الواردة في الفصل ."62
- 91 -
الشخص المعنوي ال تستبعد مساءلة األشخاص الطبيعية الفاعلين أو
المشاركين في نفس الفعل اإلجرامي .1فال يمكن للمسير الدفع
بارتكاب الفعل الجرمي لحساب الشركة ،وذلك بالنظر إلى أن
المسير هو الذي قام بارتكابه وهو الذي يملك كافة السلط لتدبير
غرض الشركة المحدد في نظامها.
وفي هذا االتجاه ذهبت محكمة النقض إلى أنه ":ال يوجد في
القانون ما يعفي مدير شركة ما باعتباره ممثال للشخص المعنوي
من المسؤولية الجنائية متى ثبت أن األفعال التي ارتكبها ولو باسم
الشركة التي يمثلها أو بتفويض منها يندرج ضمن األفعال المجرمة
قانونا".2
ولهذا التوجه ما يبرره ،فالشخص المعنوي في حقيقته مجرد
إجراء أو تقنية لتدبير األنشطة االقتصادية ،وبالتالي فإقرار
مسؤوليته الجنائية كان يهدف دفع الشركاء الذين أسسوا هذا
الشخص المعنوي إلى القيام بوظيفتهم المتمثلة في مراقبة كيفية
اشتغال هذه التقنية ،وبالتالي الحيلولة دون توظيفها كوسيلة لإلجرام،
وليس بهدف تملص الشخص الطبيعي الذي يتولى التسيير من
المسؤولية الجنائية.
وعندما يكون الممثل القانوني بدوره محل متابعة إلى جانب
الشخص المعنوي تقوم المحكمة بتعيين وكيل قضائي لتمثيل
الشركة.
1
MERCADAL (B). JANIN (PH), op. cit, p145.ـ
ـ م 4من قانون شركات المساهمة ،م 4و 21و 45من قانون باقي الشركات. 2
- 93 -
ميزانية الشركة ،وذلك بالنظر إلى أن رأس المال بمثابة دين على
عاتق الشركة تجاه الشركاء ،لكن تاريخ استحقاق هذا الدين مؤجل
إلى حين انحالل الشركة وتصفيتها ،1إذ أن قاعدة ثبات رأس المال
تمنع إرجاعه قبل هذا التاريخ.
وإذا كان رأس مال الشركة يتميز نسبيا بالثبات ،فاألمر على
خالفه بالنسبة للذمة المالية .فمحتوى هذه األخيرة يتغير بحسب ما
تنجزه الشركة من عمليات وصفقات ،وهكذا يتقوى المركز المالي
للشركة عندما تتحقق األرباح وترتفع بالنتيجة األصول على حساب
الخصوم ،وبالمقابل يضعف هذا المركز عند حدوث العكس .2وبناء
عليه فالضمان الفعلي لدائني الشركة ،وخصوصا تلك التي تكون
فيها مسؤولية الشركاء عن الديون محدودة ،ال يتمثل في رأس المال
وإنما في أصول الشركة ،أي األموال التي قدمت للشركة وقت
التأسيس وما تكتسبه من منقوالت وعقارات خالل حياتها.3
ومجمل القول ،فباستثناء شركة المحاصة تتمتع باقي
الشركات التجارية بذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء ،ويترتب عن
هذا االستقالل المالي الفصل بين ديون الشريك وديون الشركة (،)1
كما يسمح لهذه األخيرة بالقيام بعمليات تمس بنيتها كالزيادة في
رأسمالها ( ،)2وبنقل ذمتها المالية أو جزء منها إلى شركة أخرى
عن طريق اإلندماج واالنفصال(. )3
-1الفصل بين ديون الشريك وديون الشركة
لدائني الشركة حق األولوية على أموالها التي تمثل ضمانهم
العام ،وبالتالي ال يجوز للشركاء التصرف في هذه األموال ألنهم ال
1
COZIAN (M), op. cit, p97.ـ
ـ محمد اإلدريسي العلمي ،مرجع سابق ،ص.46 : 2
3
- GUYON (Y), op. Cit, P.188.
- 94 -
يملكون أي حق مباشر عليها ،وإنما يعترف لهم فقط بحقوق ذات
طبيعة منقولة كالحق في األرباح والحق في تسيير ومراقبة الشركة.
وعلى غرار الشريك ليس لدائنه الشخصي التنفيذ والحجز على
الحصة التي قدمها الشريك المدين للشركة ،وذلك بالنظر إلى أن
المال موضوع الحصة لم يعد من ممتلكات الشريك وإنما من
ممتلكات الشخص المعنوي .وال يبقى لدائني الشريك سوى إمكانية
الحجز على نصيبه في األرباح بين يدي الشركة ،وذلك عن طريق
حجز ما للمدين لدى الغير.
إضافة إلى ذلك ال يجوز إجراء المقاصة بين ديون الشركة
والديون الشخصية للشريك ،وهكذا ال يمكن للشريك رفض األداء
لدائنه بعلة أن هذا األخير مدين للشركة بمبلغ مماثل ،كما أن مدين
الشركة ال يحق له التمسك بالمقاصة بين ما عليه من دين للشركة
وبين ما له من دين قبل احد الشركاء .1وتعذر إجراء المقاصة بين
ديون الشركة وديون الشريك راجع إلى عدم وجود تقابل بين الدائن
والمدين ،حيث أن ذمة الشركة مستقلة عن ذمة الشريك.2
كما تجدر اإلشارة أن إعالن التسوية أو التصفية القضائية
للشركة المتوقفة عن دفع ديونها ال يؤدي إلى تمديد المسطرة إلى
الشركاء .وبالمثل ال يترتب عن فتح هذه المساطر ضد أحد الشركاء
تمديدها إلى الشركة .لكن هذا المبدأ ترد عليه استثناءات حيث
يترتب عن التصفية القضائية لشركات األشخاص فتح المسطرة ضد
1ـ ينص الفصل ( 360ق.ل.ع) على أنه" :ليس للشريك في شركة أن يتمسك في مواجهة
دائنه بالمقاصة بما هو مستحق على هذا الدائن للشركة ،وليس لدائن الشركة أن يتمسك في
مواجهة الشري ك بالمقاصة بما هو مستحق له على الشركة ،كما أنه ليس له أن يتمسك في
مواجهة الشركة بما هو مستحق له على أحد الشركاء شخصيا".
2ـ ينص الفصل ( 357ق.ل.ع) على أنه" :تقع المقاصة إذا كان كل من الطرفين دائنا لآلخر
ومدينا له بصفة شخصية."....
- 95 -
الشركاء المتضامنين ،وذلك بسبب مسؤوليتهم غير المحدودة عن
ديون الشركة .كما أن التصفية القضائية للشركة تؤدي إلى فتح
المسطرة ضد مسيرها الذي أساء استعمال أموالها أو تصرف فيها
كما لو كانت أمواله الخاصة.1
-2الزيادة في رأسمال الشركة
لتمكين الشركة من دعم مركزها المالي ،قد يقرر الشركاء
الزيادة في رأسمالها ،وذلك عن طريق تقديم حصص جديدة نقدية أو
عينية .ولتحقيق العدالة بين الشريك القديم والشريك الجديد ،يمكن
للشركة فرض عالوة تتمثل في مبلغ محدد يقدمه الشريك الجديد
زيادة على حصته ،وذلك كثمن الستفادته من موجودات الشركة وما
تتوفر عليه من احتياطات.
إضافة إلى هذه الطريقة تعتمد وسائل أخرى للزيادة في
رأسمال الشركة ،وخصوصا شركة المساهمة ،2كتحويل الديون إلى
أسهم وادماج احتياطي الشركة في رأس المال.
❖ تحويل الديون إلى أسهم:
قد تتم عملية الزيادة في رأسمال الشركة عن طريق تحويل
ما عليها من ديون إلى أسهم ،وذلك لتفادي تحمل الشركة لفوائد هذه
الديون ،وعند موافقة الدائن على العملية يتحول إلى مساهم يملك
عددا من األسهم تتناسب مع دينه ،وبالتالي تتفادى الشركة اخراج
مبلغ نقدي من رأسمالها.3
-3االندماج
من أجل الزيادة في حجم المشروعات لمواجهة المنافسة،
تقوم األشخاص المعنوية بتجميع ذممها المالية عن طريق تقنية
االندماج.
فاإلندماج هو اتفاق يترتب عليه انحالل شركتين أو أكثر
وتقديم ذممهم المالية إلى شركة جديدة تنشأ لهذا الغرض ،وتسمى
هذه العملية باإلندماج عن طريق تكوين شركة جديدة .كما قد يترتب
- 1م 292.ق.ش.م
- 2مصطفى كمال طه ،مرجع سابق ،ص179.
- 3عالل فالي ،مرجع سابق ،ص.64 .
- 97 -
عن هذا االتفاق انحالل شركتين أو أكثر وتقديم ذممهم المالية إلى
شركة قائمة يزداد رأسمالها نتيجة لذلك ،وتسمى هذه العملية
باإلندماج بالضم.
فاالندماج وسيلة هامة لتجميع أدوات االنتاج وتخفيض
التكاليف ،وقد يتم بين شركات لها نفس الشكل أو ذات أشكال
مختلفة .1وإذا كانت العملية تؤدي إلى اكتساب شركاء الشركة
المنحلة لصفة شركاء الشركة القائمة أو الجديدة ،وبالتالي الحصول
على أنصبة أو أسهم هذه األخيرة ،فإن التساؤل يطرح حول مصير
حقوق دائني الشركة المنحلة.
من اآلثار المهمة لعملية االندماج النقل الشامل للذمة المالية
للشركة المنحلة إلى الشركة الدامجة ،أي نقل األصول والخصوم.
وبالتالي فديون الشركة المنحلة تتحول مباشرة إلى الشركة الدامجة،
مع االحتفاظ بكافة الضمانات المرتبطة بها ،كالرهون وأسعار
الفائدة .وهو ما نصت عليه المادة ( 239ق.ش.م) بقولها":تعتبر
الشركة الضامة مدينة ،بدل الشركة المضمومة ،لدائني هذه األخيرة
من غير حاملي سندات القرض ،دون أن يؤدي هذا االستبدال إلى
تجديد الدين اتجاه الدائنين".
وقد يبدو هذا التوجه فعاال ،ما دامت الشركة الدامجة تحل
محل الشركة المنحلة في مواجهة دائني هذه األخيرة ،ويصبح
بإمكانهم التنفيذ على جميع أموال الشركة الدامجة بدل االقتصار
على أموال الشركة المنحلة .لكن قد ال يكون لهذه الضمانة جدوى،
كما هو الشأن في حالة كون الشركة الدامجة مثقلة بالديون .مراعاة
- 1دنيا مباركة ،إنهاء عالقات العمل ألسباب اقتصادية ،المناظرة ،ع ،1999 ،4ص .75
- 2أحمد محرز ،مرجع سابق ،ص .12
3
- Cass.com, 7 déc 1966, Rev.tim.d.com, 1976, p 526.
- 100 -
بتقديم جزء من أصولها كحصة في شركة أخرى ،وذلك مقابل
الحصول على أنصبة أو أسهم في الشركة المستقبلة للحصة.1
فهذه العملية ال تؤدي إلى انحالل الشركة التي قدمت الحصة،
كما أن األسهم أو األنصبة التي تم الحصول عليها ال تعود ملكيتها
إلى الشركاء وإنما إلى الشخص المعنوي الذي قدم الحصة.
1
- LAGARD (G), Cours de droit commercial, Paris V, 1961 – 1962,
p285.
ـ م 18و30من قانون باقي الشركات التجارية. 2
ـ م ( 1051ق.ل.ع). 4
ـ م ( 1051ق.ل.ع). 7
2
- GUYON (Y), op. Cit, P.203.
3
- COZIAN (M). VIANDIER (A), op.cit, p 169.
4
-GUYON (Y), op. Cit, P.204.
5ـ م 346من قانون شركات المساهمة.
6ـ عز الدين بنستي ،مرجع سابق ،ص .252
7ـ أحمد شكري السباعي ،مرجع سابق ،ص .112
- 104 -
لكن هذه القاعدة ال تنطبق على الشركة ذات المسؤولية
المحدودة ،حيث تستمر في حالة امتالك جميع األنصبة من لدن
شخص واحد .1وبالنسبة لشركات المساهمة فاجتماع األسهم في يد
شريك واحد ال يؤدي فورا وبقوة القانون إلى انحالل الشركة ،إذ أن
المشرع منح هذا الشريك اجل سنة لتسوية الوضعية2؛ وهو ما
نصت عليه المادة ( 358ق.ش.م) بقولها":إذا تقلص عدد
المساهمين إلى ما يقل عن خمسة لما يزيد عن عام ،جاز للقضاء أن
يقضي بحل الشركة بناءا على طلب يتقدم به كل ذي مصلحة" .بل
أكثر من ذلك مادام بإمكان المحكمة منح أجل إضافي في حدود ستة
أشهر.3
-5االنحالل الرضائي والقضائي
يقصد باالنحالل الرضائي اتفاق الشركاء على وضع حد
للشركة .4وغالبا ما يلجأ الشركاء إلى فسخ عقد الشركة عندما
يتضح أن النشاط االقتصادي المستغل تواجهه صعوبات.
إضافة إلى االنحالل الرضائي يحق ألحد الشركاء مطالبة
المحكمة بحل الشركة بناء على أسباب مشروعة ،5كما هو الشأن
في حالة عدم تنفيذ أحد الشركاء اللتزاماته ،6أو في حالة وجود
خالفات خطيرة بين الشركاء تؤدي إلى عرقلة سير الشركة .7لكن
ـ م ( 1051ق.ل.ع). 4
ـ م ( 1051ق.ل.ع). 5
ـ م ( 259ق.ل.ع). 6
ـ م ( 1056ق.ل.ع). 7
1ـ تنص المادة 361من قانون شركات المساهمة على أنه" :تعتبر الشركة في طور
التصفية بمجرد حلها ألي سبب من األسباب".
2ـ سعيد الروبيو ،وضعية دائني شركة تجارية في طور التصفية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
الحقوق ،جامعة محمد الخامس ،الرباط 2002ـ ،2003ص.4
3ـ ينص الفصل ( 1070ق.ل.ع) على أن" :المصفي يمثل الشركة في طور التصفية ويتولى
إدارتها".
- 107 -
إلى وضع حد لوجودها وحماية الحقوق المكتسبة لألغيار والحفاظ
على قيمة أموالها ،وهكذا يمكن للمصفي بيع أموال الشركة ألن
ذلك يؤدي إلى وضع حد للشخص المعنوي ،كما يحق له إبرام عقود
شراء أو توريد سواء من أجل إتمام العمليات التي سبق البدء في
تنفيذها قبل انحالل الشركة1؛ أو من أجل الحفاظ على قيمة األصل
التجاري للشركة.2
أما بالنسبة للحد الزمني المتمثل في إقفال التصفية فهو يعني
أنه ال وجود للشركة كشخص معنوي بعد اإلقفال ،لكن التساؤل
المطروح هو ما المقصود بإقفال التصفية؟
لقد ألزم المشرع المصفي بالقيام بمجموعة من اإلجراءات
إلقفال التصفية ،فبعد إعداده الحساب النهائي للتصفية يجب على
المصفى استدعاء جمعية الشركاء من أجل تقرير اختتام التصفية.3
وفي حالة عدم تمكن الشركاء من التداول يعود للمحكمة التجارية
أمر تقرير اإلقفال بناء على طلب كل ذي مصلحة.4
وبغض النظر عن الجهة التي أعلنت إقفال التصفية فالمصفي
ملزم بإيداع الحسابات النهائية لدى كتابة الضبط ،ثم القيام بنشر
إعالن إقفال التصفية في صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية
وكذلك في الجريدة الرسمية إذا كانت التصفية تتعلق بشركة مساهمة
تدعو الجمهور لالكتتاب .5وبعد النشر على المصفي تقديم طلب
شطب الشركة من السجل التجاري.6
1ـ م ( 1074ق.ل.ع).
2
- VERDIER (J.M), Rép. Soc, V, Liquidation et partage, P29.
3ـ م 368من قانون شركات المساهمة.
4ـ م 369من قانون شركات المساهمة
5ـ م 370من قانون شركات المساهمة
6ـ م 51من مدون التجارة.
- 108 -
من حيث المبدأ فبإجراء هذه الشكليات يتم إقفال التصفية
وبالتالي وضع حد للشخصية المعنوية ،لكن قد يتم القيام بهذه
الشكليات بشكل مستعجل أو قبل األوان ،أي قبل تسوية جميع الديون
المطلوبة من الشركة .فمن أجل حماية دائني الشركة الذين لم
يحصلوا على حقوقهم ،ذهب القضاء إلى أن إجراء شكليات إقفال
التصفية ال يؤدي إلى سقوط الشخصية المعنوية إال في حالة تسوية
جميع ديون الشركة ،وبعبارة أخرى فالشخصية المعنوية تبقى
مادامت هناك حقوق وإلتزامات مرتبطة بالشركة لم تتم تصفيتها.1
وهكذا مثال تم الترخيص للدائن صاحب البناء بإقامة دعوى
المسؤولية ضد الشركة التي شيدته ،وذلك بالنظر لالختالالت التي
ظهرت في هذا البناء بعد نشر إعالن قفل التصفية ،2كما تم قبول
طلب افتتاح مساطر المعالجة ضد الشركة بعد اإلقفال الشكلي
لتصفيتها. 3
« La personnalité morale d’une société subsiste aussi longtemps que les
» droits et obligations à caractère social ne sont pas liquidés
2
- Cass. Com, 11 Juillet 1988, Rév. Soc, 1988, 2, P 521, Note GUYON
(Y).
3
- Cass. Com, 12 Avril 1983, Rév. tim, d.com, 1983, 2, Chorn P 605,
Obs MERLE (PH).