You are on page 1of 111

‫د‪ .

‬سعيـــــد الروبيـــــو‬
‫أستـــــاذ بجامعة محمــــد األول‬
‫وجـــــــدة‬

‫الوجيز في قانون‬
‫الشركات التجـاريـة‬

‫‪2019‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫الكتاب‪ :‬الشركات التجارية ـ أحكام عامة ـ‬


‫المؤلف‪ :‬د‪ .‬سعيد الروبيو‬

‫‪-2-‬‬
‫تقديــم‬
‫عندما يرغب الشخص في ممارسة نشاط اقتصادي‪ ،‬قد يقرر‬
‫ممارسته بإسمه الشخصي‪ ،‬ويكون مسؤوال عن الديون المترتبة عن‬
‫هذا النشاط في جميع أمواله‪ .‬إذ أنه وفقا للقانون المدني فجميع أموال‬
‫المدين ضامنة لديونه بصرف النظر عن مصدرها‪ .1‬وقد يقرر‬
‫ممارسة هذا النشاط في إطار شركة تربط بينه وبين أشخاص‬
‫آخ رين بناء على عقد أو نظام‪ .‬وعند اختيار هذا الحل‪ ،‬وقبل البدء‬
‫في ممارسة النشاط‪ ،‬يجب القيام بمجموعة من العمليات التي تؤدي‬
‫إلى تمتع الشركة بالشخصية القانونية وتسمح لها بالتصرف عن‬
‫طريق ممثلها القانوني‪.‬‬
‫ولتأسيس الشركة عدة إيجابيات‪ ،‬فهو من جهة يسمح بتجميع‬
‫إمكانيات عدة أشخاص لممارسة نشاط معين‪ ،‬كما أنه يسمح للشريك‬
‫بتخصيص جزء من أمواله فقط لنشاط الشركة وحماية أمواله‬
‫األخرى من المخاطر‪.‬‬
‫وتنقسم الشركات إلى صنفين‪ ،‬فهناك الشركات المدنية‬
‫والشركات التجارية‪ .‬يقصد بهذه أألخيرة المقاوالت التي تتخذ إحدى‬
‫األشكال القانونية التالية‪ :‬المحاصة‪ ،‬التضامن‪ ،‬التوصية‪ ،‬ذات‬
‫المسؤولية المحدودة‪ ،‬المساهمة‪ .‬فاختيار األفراد لشكل من هذه‬
‫األشكال هو الذي يضفي الطابع التجاري على الشركة‪ ،2‬وذلك‬
‫بغض النظر عن طبيعة النشاط االقتصادي الذي تمارسه‪ .3‬أما‬

‫‪ - 1‬ينص الفصل ‪( 1241‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على أن ‪" ":‬أموال المدين ضمان لدائنيه‪ ،‬ويوزع ثمنها‬
‫عليهم بنسبة دين كل واحد منهم ما لم توجد بينهم أسباب مشروعة لألولوية"‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ باستثناء شركة المحاصة التي هي شركة تجارية بالغرض‪.‬‬
‫‪ 3‬ـفهذه الشركات تعتبر تجارية ولو مارست نشاطا مدنيا كالزراعة مثال‪.‬‬
‫‪-3-‬‬
‫الشركات المدنية فهي شركات يمنع عليها ممارسة األنشطة‬
‫التجارية‪ ،1‬كما ال يحق لها اتخاذ إحدى األشكال القانونية‬
‫المخصصة للشركات التجارية‪.‬‬
‫وأمام اتساع قائمة األنشطة التجارية‪ ،2‬تراجعت أهمية هذه‬
‫الشركات‪ ،‬وذلك عكس الشركات التجارية التي أصبحت تحتل مكانة‬
‫بارزة في النسيج االقتصادي نتيجة تأطيرها لمقاوالت من مختلف‬
‫األحجام‪.‬‬
‫لكن قبل إبراز أهمية الشركات التجارية (‪ ،)III‬وتوضيح‬
‫مختلف أشكالها (‪ ،)II‬البد من التوقف عند النقاش الفقهي الدائر حول‬
‫الطبيعة القانونية للشركة(‪.)I‬‬

‫‪ 1‬ـ وذلك تحت طائلة البطالن‪ ،‬راجع ـ علي العريف‪ ،‬الشركات‪ ،‬أطلس‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ثالثة‪،‬‬
‫‪ ،1990‬ص‪.15 :‬‬
‫‪ 2‬ـ راجع المادة السادسة من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪-4-‬‬
‫‪ I‬ـ الطبيعة القانونية للشركة‬
‫لقد انقسم الفقه إلى اتجاهين بمناسبة الحديث عن الطبيعة‬
‫القانونية للشركة‪ .‬االتجاه األول يؤكد على أن الشركة عقد‪ ،‬أي‬
‫مجرد توافق إرادتين أو أكثر على إحداث مشروع مشترك‪ .1‬هذا‬
‫التوجه التعاقدي الذي يؤطره مبدأ سلطان اإلرادة تبناه المشرع من‬
‫خالل الفصل ‪( 982‬ق‪.‬ل‪.‬ع) الذي ينص على أن‪..." :‬الشركة عقد‬
‫بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا لتكون‬
‫مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها"‪.‬‬
‫ومن دعائم هذا التوجه وجوب احترام عقد الشركة لألركان‬
‫العامة الالزم توفرها في باقي العقود‪ ،‬وهي التراضي والمحل‬
‫والسبب‪ .‬كما أن حياة الشركة تتوقف على جملة من العقود‪ ،‬إذ يمكن‬
‫الشركاء المتصرف أو المدير من وكالة تسيير الشركة؛ والمراقب‬
‫من وكالة مراقبة حساباتها‪.‬‬
‫لكن بالرغم من أهمية نظرية العقد‪ ،‬فقد أصبحت عاجزة عن‬
‫اإلحاطة بالطبيعة القانونية للشركة‪ ،‬وذلك بسبب تراجع دور اإلرادة‬
‫وتزايد تدخل المشرع‪ .‬فهذا األخير يحدد بطريقة آمرة كيفية تأسيس‬
‫الشركات‪ ،‬وخصوصا شركات األموال‪ .‬كما أنه يرخص بإمكانية‬
‫تغيير ميثاق الشركة عن طريق قرار يتخذه الشركاء باألغلبية‪.2‬‬
‫إضافة إلى ذلك فمدير الشركة ليس وكيل الشركاء وإنما جهاز‬
‫الشركة الذي حدد المشرع سلطاته ومسؤولياته‪.3‬‬

‫‪ 1‬ـ بخصوص النقاش الدائر حول الطبيعة القانونية للشركة‪ ،‬راجع‪ :‬ـ أحمد شكري السباعي‪،‬‬
‫الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع االقتصادي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المعارف الجديدة‪،‬‬
‫الرباط‪ ،2003 ،‬ص‪.55 :‬‬
‫‪ 2‬ـ وهو ما ال يتناسب والعقد الذي يتطلب إجماع أطرافه من أجل تعديله‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- MERCADAL (B). JANIN (PH), Sociétés commerciales, Lefebvre,‬‬
‫‪Paris 1987, P.19.‬‬
‫‪-5-‬‬
‫لتبرير القواعد السابقة ذهب جانب من الفقه إلى أن الشركة‬
‫مؤسسة أو نظام من صنع المشرع‪ ،‬وليس إلرادة األفراد من دور‬
‫سوى االنضمام إلى هذا الهيكل أو عدم االنضمام إليه‪ .1‬وبعبارة‬
‫أخرى‪ ،‬فالشركة مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم اجتماع‬
‫األشخاص حول هدف اقتصادي محدد‪ .‬ومن شأن هذه الفكرة أن‬
‫تجعل مختلف المصالح الخاصة تابعة لالستغالل المشترك أو‬
‫غرض الشركة‪ .‬وهكذا مثال يمكن القول بأن حقوق الشركاء غير‬
‫محددة بشكل نهائي في الميثاق التأسيسي للشركة‪ ،‬بل يمكن تعديلها‬
‫بقرار أغلبية الشركاء إذا تطلب ذلك غرض الشركة‪.2‬بالرغم من‬
‫األهمية السابقة لفكرة النظام القانوني‪ ،‬وبالرغم من تبريرها الفعال‬
‫لتبني المشرع للشركة ذات المسؤولية المحدودة المكونة من شخص‬
‫وحيد‪ ،3‬إال أن ذلك ال يعني اندثار أي دور لإلرادة في مجال‬
‫الشركات‪ ،‬وإنما فقط تقييد هذا الدور بوجوب مراعاة الضوابط‬
‫القانونية الخاصة بكل شكل من أشكال الشركات‪.‬‬
‫‪ II‬ـ أشكال الشركات التجارية‬
‫لقد صنف المشرع الشركات التجارية إلى أشكال محددة على‬
‫النحو اآلتي‪ :‬المحاصة‪ ،‬التضامن‪ ،‬التوصية البسيطة‪ ،‬ذات‬
‫المسؤولية المحدودة‪ ،‬التوصية باألسهم‪ ،‬المساهمة‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ مصطفى كمال طه‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،2000 ،‬‬
‫ص‪.18 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- MERCADAL (B). JANIN (PH), op.cit, 19.‬‬
‫‪ 3‬ـ إلهام الهواس‪ ،‬شركة المسؤولية المحدودة ذات الشريك الوحيد‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬أكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫‪ 2001‬ـ ‪2002‬ص‪.37:‬‬
‫‪-6-‬‬
‫وأمام تشابه الخصائص الجوهرية لبعض هذه األشكال‪ ،‬قام‬
‫الفقه بتجميع الشركات التجارية في ثالث مجموعات‪.1‬‬
‫فهناك شركات األشخاص التي يعتمد نظامها على شخصية‬
‫الشريك والثقة المتبادلة بين الشركاء‪ .‬لذلك يتميز هذا النظام‬
‫بالبساطة وبترك مجال واسع إلرادة الشركاء الذين يتعارفون فيما‬
‫بينهم‪.‬‬
‫ومن مظاهر هذا االعتبار الشخصي وجوب موافقة جميع‬
‫الشركاء على قيام الشريك ببيع حصته إلى الغير وإدخاله إلى‬
‫الشركة‪ ،‬كما أن الشريك يتحمل ديون وخسائر الشركة في أمواله‬
‫الخاصة‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬تنتهي الشركة نتيجة وفاة أحد الشركاء أو‬
‫تعرضه لصعوبات مالية‪ .‬وفي إطار هذه المجموعة نجد شركة‬
‫التضامن والتوصية البسيطة وشركة المحاصة‪.‬‬
‫فشركة التضامن هي شركة يكتسب فيها جميع الشركاء صفة‬
‫تاجر ويسألون عن ديون الشركة في أموالهم الخاصة مسؤولية غير‬
‫محدودة وعلى وجه التضامن‪ .‬أما بالنسبة للشركة ذات التوصية‬
‫البسيطة فهي تتضمن نوعين من الشركاء‪ ،‬شركاء متضامنين‬
‫يخضعون للنظام المطبق على الشركاء في شركة التضامن وشركاء‬
‫موصين ال يكتسبون صفة تاجر وال يسألون عن ديون الشركة إال‬
‫في حدود مساهمتهم في رأسمالها‪.‬‬
‫وبالنسبة لشركة المحاصة فهي شركة خفية من حيث المبدأ‪،‬‬
‫إذ ال تتمتع بالشخصية المعنوية وال وجود لها إال في العالقة القائمة‬
‫بين الشركاء‪ ،‬فهي ال تخضع إلجراءات الشهر وال تهدف إلى علم‬
‫األغيار بها؛ ويمكن إثبات وجودها بكافة الوسائل‪ .‬فكل شريك‬

‫‪ 1‬ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في القانون التجاري المغربي والمقارن‪ ،‬الجزء الخامس‪،‬‬
‫المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،1984 ،‬ص‪.326 :‬‬
‫‪-7-‬‬
‫محاص يتعاقد مع الغير بإسمه الشخصي ويسأل وحده عن الديون‬
‫المترتبة‪ ،‬لكن إذ تصرف المحاصون علنا بصفتهم شركاء‪ ،‬فهو‬
‫يسألون عن الديون كشركاء متضامنين‪.‬‬
‫إضافة إلى المجموعة السابقة‪ ،‬هناك شركات األموال التي ال‬
‫يهتم نظامها بشخصية الشريك‪ ،‬ولكن يهتم باألموال التي يقدمها‬
‫للشركة‪ ،‬فهي شركات مقررة لتجميع عدد كبير من الشركاء ال‬
‫يتعارفون فيها بينهم‪ ،‬لذلك يتميز نظامها بكثرة القواعد اآلمرة التي‬
‫ال تترك أي مجال للحرية التعاقدية‪.‬‬
‫ومن مظاهر هذا االعتبار المالي أن الشريك يستطيع بيع‬
‫حصته إلى الغير وإدخاله إلى الشركة دون اشتراط موافقة باقي‬
‫الشركاء‪ ،‬إذ أن األسهم التي تمثل حصته في الشركة تقبل التداول‬
‫عن طريق التظهير‪ .‬كما أن الشريك ال يمكن أن يفقد إال حصته إذا‬
‫تعرضت الشركة لخسائر‪ ،‬إذ ال يحق لدائن الشركة متابعة الشريك‬
‫في أمواله الخاصة ‪.‬‬
‫وفي إطار هذه المجموعة نجد شركة المساهمة وشركة‬
‫التوصية باألسهم‪.‬‬
‫ففي شركة المساهمة ال يكتسب الشركاء صفة تاجر وال‬
‫يتحملون ديون الشركة إال في حدود حصصهم الممثلة بأسهم قابلة‬
‫للتداول‪ .‬وبالنسبة لشركة التوصية باألسهم التي يقسم رأسمالها كذلك‬
‫إلى أسهم‪ ،‬فهي تتضمن نوعين من الشركاء‪ .‬إلى جانب الشركاء‬
‫المتضامنين الذين لهم صفة تاجر و يسألون بشكل مطلق عن ديون‬
‫الشركة‪ ،‬هناك الشركاء الموصين الذين ال يكتسبون صفة تاجر وال‬
‫يسألون عن ديون الشركة إال في حدود حصصهم الممثلة بأسهم‪.‬‬
‫لكن رغم أهمية التمييز بين شركات األشخاص وشركات‬
‫األموال‪ ،‬إال أنه في اآلونة األخيرة بدأت تتقلص الفوارق بينهما‪ .‬فإذا‬
‫كانت شركة األشخاص تنتهي بوفاة أحد الشركاء‪ ،‬إال أن المشرع‬
‫‪-8-‬‬
‫سمح بإدراج شرط في نظام الشركة يقضي باستمرارها رغم وفاة‬
‫أحد الشركاء‪ 1.‬وإذا كانت شركة األموال تقوم على قاعدة أساسية‬
‫تتمثل في حرية تفويت األسهم‪ ،‬إال أن المشرع سمح بإدراج شرط‬
‫في نظام الشركة يقضي بإخضاع تفويت األسهم إلى الغير لموافقة‬
‫الشركة‪.2‬‬
‫أما المجموعة الثالثة والتي تسمى بالشركات المختلطة؛ فهي‬
‫تضم فقط الشركة ذات المسؤولية المحدودة‪ .‬ومرد هذه التسمية كون‬
‫هذه الشركة لها طابع مزدوج‪ ،‬حيث تجمع بين خصائص شركات‬
‫األشخاص وخصائص شركات األموال‪ .‬فهي تشبه األولى في أن‬
‫تقديم الشريك للحصة يقابل بنصيب من األرباح وليس أسهم قابلة‬
‫للتداول‪ ،‬كما أن تنازله عن الحصة إلى الغير يتوقف على موافقة‬
‫باقي الشركاء‪ .‬وهي تشبه شركات األموال من خالل انحصار‬
‫مسؤولية الشريك عن خسائر الشركة في إطار حصته‪ ،‬وكذلك من‬
‫خالل عدم تأثر الشركة بالحادث الذي قد يتعرض له الشريك؛‬
‫كالوفاة أو التصفية القضائية‪.‬‬
‫ولعل تنوع خصائص هذه الشركة هو الذي يبرر إقبال‬
‫األفراد عليها أكثر من غيرها‪.3‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 17‬من قانون الشركات التجارية‪.‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 253‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.41 :‬‬
‫‪-9-‬‬
‫‪ III‬ـ أهمية الشركات التجارية‬
‫للشركات التجارية أهمية بالغة لكونها هياكل مقررة الستقبال‬
‫األنشطة الهامة التي لها تأثير إيجابي في الحياة االقتصادية‪ ،‬إضافة‬
‫إلى ذلك فالشركة تقنية تؤمن االستمرارية للنشاط االقتصادي‬
‫المستغل‪ .‬فإذا كانت وفاة المقاول الفرد غالبا ما تؤدي إلى توقف‬
‫النشاط الممارس بفعل وقوع الورثة في نظام الشياع‪ ،‬فوفاة الشريك‬
‫ال تؤثر على استمرار الشركة‪ ،‬وخصوصا شركات األموال‪.‬‬
‫ومن الناحية القانونية فالشركة وسيلة تجعل الشخص يضع‬
‫حدا إلمكانية تنفيذ الدائنين على عناصر ذمته المالية‪ .‬فإذا كانت‬
‫جميع أموال التاجر ضامنة لديونه‪ ،1‬فالشريك في شركة المساهمة‬
‫أو ذات المسؤولية المحدودة ال يسأل عن الديون التي تقع على‬
‫عاتقها إال في حدود حصته‪.2‬‬
‫بالرغم من هذه األهمية‪ ،‬لم يعر المشرع عناية كبيرة‬
‫للشركات التجارية إال حديثا‪ .‬فإلى جانب نصوص قانون االلتزامات‬
‫والعقود الخاصة بالشركة (من ‪ 959‬إلى ‪ ،)1091‬تناولت مدونة‬
‫التجارة القديمة لسنة ‪ 1913‬الموضوع في الفصول من ‪ 29‬إلى ‪.54‬‬
‫هذه المقتضيات أهملت أهم أشكال الشركات التجارية‪ ،‬ويتعلق‬
‫األمر بشركة المساهمة والشركة ذات المسؤولية المحدودة‪ .‬مراعاة‬
‫لذلك‪ ،‬أصدر المشرع ظهير ‪ 1922‬الخاص بشركة المساهمة‬
‫وشركة التوصية باألسهم‪ ،‬ثم ظهير ‪ 1926‬الخاص بالشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ وذلك طبقا لمبدأ وحدة الذمة المالية الذي يجد سنده في الفصل ‪( 1241‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ بخصوص المزايا األخرى لإلشتراك‪ ،‬راجع‪ :‬عز الدين بنستي‪ ،‬الشركات في التشريع‬
‫المغربي والمقارن‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1996 ،‬ص‪.10 :‬‬
‫‪- 10 -‬‬
‫أمام تطور النسيج االقتصادي المغربي وانفتاحه ظهرت‬
‫الحاجة ماسة إلى تشريع متطور للشركات التجارية‪ .‬هذا األمر تمت‬
‫االستجابة إليه من خالل قانونين‪ ،‬يتعلق األول بشركة المساهمة‬
‫(قانون رقم ‪ 95‬ـ ‪ 17‬لسنة ‪1)1996‬؛ والثاني بباقي الشركات‬
‫التجارية األخرى (قانون رقم ‪ 96‬ـ ‪ 5‬لسنة ‪.2)1997‬‬
‫وبهذا اإلصالح التشريعي يكون المشرع قد وضع اإلطار‬
‫القانوني المالئم لتفعيل الخوصصة ومسايرة العولمة واالستجابة‬
‫لتوصيات المنظمات المالية الدولية‪ ،‬وبعبارة موجزة االنخراط في‬
‫عصر األلفية الثالثة‪.3‬‬
‫وبإلقاء نظرة أولية على القوانين السابقة‪ ،‬يتضح أن المشرع‬
‫اعتبر قانون شركة المساهمة بمثابة شريعة عامة لباقي الشركات‪،‬‬
‫وذلك بالنظر إلى احتواء قانون هذه األخيرة إلحاالت عدة على‬
‫قانون شركة المساهمة‪.4‬‬
‫هذا العيب المنهجي كان باإلمكان تفاديه من خالل تجميع‬
‫القواعد العامة المؤطرة لمختلف أنواع الشركات في مدونة واحدة‪،‬‬
‫وذلك بالتركيز على محوري العقد والشخص المعنوي‪ .‬فباستثناء‬
‫شركة الشخص الواحد‪ ،5‬تجد باقي الشركات مصدرها في العقد‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ظهير شريف رقم ‪ ،1 .96 .124‬الصادر بتاريخ ‪ 30‬غشت ‪ ،1996‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 4422‬بتاريخ ‪ 17‬أكتوبر ‪.1996‬‬
‫‪ 2‬ـ ظهير شريف رقم ‪ ،1 .97 .49‬الصادر بتاريخ ‪ 13‬فبراير ‪ ،1997‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 4478‬بتاريخ فاتح ماي ‪.1997‬‬
‫‪ 3‬ـ لمعرفة مختلف الدوافع الكامنة وراء هذا اإلصالح التشريعي‪ .‬راجع‪ :‬ـ أحمد شكري‬
‫السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.16:‬‬
‫‪ 4‬ـ محمد اإلدريسي العلمي المشيشي‪ ،‬خصائص الشركات التجارية في التشريع الجديد‪ ،‬مجلة‬
‫المحاكم المغربية‪ ،‬عدد ‪ ،2000 ،80‬ص‪.23:‬‬
‫‪ 5‬ـ هذه الشركة تقوم بإرادة منفردة وليس العقد‪ ،‬وقد تبناها المشرع في المادة ‪ 44‬من قانون‬
‫باقي الشركات التي تنص على أنه‪" :‬تتكون الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص أو‬
‫أكثر ال يتحملون الخسائر سوى في حدود حصصهم‪"...‬‬
‫‪- 11 -‬‬
‫وبمجرد تسجيل الشركة ينضاف الشخص المعنوي‪ ،1‬أي النظر إلى‬
‫الشركة كشخصية قانونية مستقلة عن شخصية الشركاء الذين‬
‫أسسوها‪.‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬سنعالج األحكام العامة للشركات التجارية من‬
‫خالل فصلين على النحو اآلتي‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الشركة كعقد‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشركة كشخص معنوي‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ وتستثني شركة المحاصة التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية وال تخضع للقيد في السجل‬
‫التجاري‪ ،‬وذلك طبقا للمادة ‪ 88‬من قانون باقي الشركات التجارية‪.‬‬
‫‪- 12 -‬‬
‫الفصـل األول‬

‫الشـركــة كعقـد‬
‫قبل تواجد الشركة كشخص معنوي مستقل له مصالحه‬
‫الخاصة‪ ،‬البد من إعداد عقدها التأسيسي أو ما يسمى بالنظام‬
‫األساسي‪ .‬هذا العمل األولي يتواله المؤسسون‪ ،‬أي كل شخص يقوم‬
‫باإلجراءات المادية والقانونية لتأسيس الشركة مع تحمل المسؤولية‬
‫الناتجة عن ذلك‪.1‬‬
‫وباستثناء شركة الشخص الواحد التي تنشأ بتصرف انفرادي‪،‬‬
‫تستمد باقي الشركات التجارية وجودها من العقد‪ .‬هذا األخير يمكن‬
‫تكوينه بكل حرية‪ ،‬لكن شريطة مراعاة مجموعة من األركان‬
‫الموضوعية (المبحث األول) والشكلية (المبحث الثاني)‪ ،‬وذلك‬
‫لتفادي الجزاءات التي رتبها المشرع (المبحث الثالث)‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.66 :‬‬


‫‪- 13 -‬‬
‫املبحـث األول‬

‫األرك ـان املوضوعية‬

‫إن دراسة تكوين العقد التأسيسي للشركة تعني التوقف عند‬


‫عقد خاص‪ ،‬إذ ال يكفي احترام األركان الموضوعية العامة المطلوبة‬
‫لصحة أي عقد (المطلب األول)‪ ،‬بل يجب كذلك احترام األركان‬
‫الموضوعية الخاصة به‪ ،‬والتي تميزه عن باقي العقود (المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬
‫المطلـب األول‬

‫األركان الموضوعية العامة‬


‫لصحة عقد الشركة البد من احترام األركان العامة التي‬
‫يتطلب المشرع توفرها في سائر العقود‪ ،‬وهي الرضا واألهلية‬
‫والمحل والسبب‪. 1‬‬
‫الفقرة األولى‬
‫رضا الشركاء‬
‫يقصد بتراضي الشركاء اتجاه إرادتهم إلى إنشاء عقد‬
‫الشركة‪ .‬وللقول بحصوله يجب أن يتم التوافق على مختلف شروط‬

‫‪ 1‬ـ ينص الفصل ‪( 2‬ق‪.‬ل‪.‬ع)على أن‪" :‬األركان الالزمة لصحة االلتزامات الناشئة عن التعبير‬
‫عن اإلرادة هي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ األهلية لاللتزام‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تعبير صحيح عن اإلرادة يقع على العناصر األساسية لاللتزام‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ شيء محقق يصلح ألن يكون محال لاللتزام‪.‬‬
‫‪-24‬سبب مشروع لاللتزام"‬
‫‪- 14 -‬‬
‫العقد‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لرأسمال الشركة وغرضها ومدتها‬
‫وطريقة إدارتها‪...‬‬
‫ويجب أن تكون إرادة الشركاء حقيقية وليست صورية‪.‬‬
‫وتكون اإلرادة صورية حين تؤدي إلى إبرام تصرف قانوني ظاهر‬
‫يخفي تصرفا آخر معارض له كليا أو جزئيا يعبر فعال عن إرادة‬
‫المتعاقدين‪.1‬‬
‫فبواسطة الصورية يتم إظهار عقد الشركة من أجل إخفاء‬
‫العقد الحقيقي‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة إلخفاء عقد الشركة لعقد العمل‬
‫من اجل تهرب رب العمل من تطبيق الضمانات التي يوفرها‬
‫القانون االجتماعي للعمال‪ 2،‬وكما هو الشأن بالنسبة إلخفاء عقد‬
‫الشركة لعقد تولية الكراء المبرم بين المكتري األصلي والمكتري‬
‫الفرعي‪ ،‬وخصوصا عندما ينص عقد الكراء على منع المكتري‬
‫األصلي من تأجير المحل المكترى للغير‪ .3‬وكما هو الشأن بالنسبة‬
‫إلبرام عقد الشركة إلخفاء مقاولة فردية‪ ،‬حيث يستعمل المقاول‬
‫الشركة لمصالحه الخاصة‪ ،‬وينحصر دور باقي الشركاء في التوقيع‬
‫على عقد الشركة ‪.‬‬
‫وبخصوص آثار الصورية‪ ،‬تنص المادة ‪( 22‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على‬
‫أن ‪":‬االتفاقات السرية المعارضة أو غيرها من التصريحات‬
‫المكتوبة ال يكون لها أثر إال فيما بين المتعاقدين ومن يرثهما‪.‬‬
‫فال يحتج بها على الغير إذا لم يكن له علم بها‪"....‬‬

‫‪- 1‬محمد شعيب المذكوري‪ ،‬نظرية الصورية في ضوء قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية لقانون واقتصاد التنمية‪ ،‬ع‪ ،1984 ،7‬ص‪.127 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-MERCADAL (5).JANIN (PH),op.cit, P 26.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 24‬من القانون رقم ‪ 49 -16‬المتعلق بكراء المحالت المخصصة لالستعمال التجاري‬
‫أو الصناعي أو الحرفي‪.‬‬
‫‪- 15 -‬‬
‫وبناء عليه فالعقد السري هو الذي ينظم العالقة بين‬
‫األطراف‪ ،‬وذلك احتراما إلرادتهم‪ .‬أما بالنسبة لألغيار فلهم أن‬
‫يتمسكوا بالعقد الظاهر أو العقد السري في حالة إثبات وجوده‪.‬‬
‫ولقيام التراضي ال يكفي أن تكون إرادة الشركاء حقيقية‪ ،‬بل‬
‫يجب كذلك أن تكون سليمة خالية من العيوب المتمثلة في الغلط‬
‫والتدليس واإلكراه والغبن‪ ،‬وإال كان عقد الشركة قابال لإلبطال‬
‫لمصلحة المتعاقد الذي شاب العيب رضاه‪.‬‬
‫وإذا كان من النادر تعرض الشريك لإلكراه أو االستغالل‪،‬‬
‫فإن األمر على خالفه بالنسبة للغلط والتدليس‪ .‬والغلط الذي يجعل‬
‫العقد قابال لإلبطال هو الغلط الجوهري الذي لواله لما تعاقد‬
‫الشخص‪ ،1‬كما هو الشأن بالنسبة للغلط في مؤهالت الشريك أو‬
‫الغلط في شكل الشركة‪ ،‬كأن يعتقد الشخص بأنه انظم إلى شركة‬
‫ذات مسؤولية محدودة بينما هي في الواقع شركة تضامن حيث‬
‫المسؤولية مطلقة‪ .‬وبدوره يجعل التدليس العقد قابال لإلبطال في‬
‫حالة كون التعاقد ناتج عن استعمال وسائل احتيالية‪ ،‬كما هو الشأن‬
‫بالنسبة للجوء الشخص إلى الكذب ليوهم الغير بثرائه ويدفعه إلى‬
‫إبرام عقد الشركة‪.2‬‬
‫وحسب الفقه فالتدليس ال يعتبر سببا إلبطال الشركة إال في‬
‫حالة ارتكابه من قبل جميع الشركاء أو ممثليهم‪ ،‬أما في حالة‬
‫ارتكابه من قبل شريك واحد أو ممثله فليس للضحية إال دعوى‬
‫التعويض في مواجهة مرتكب التدليس‪.3‬‬

‫‪- 1‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات في القانون المغربي‪ ،‬الكتاب األول في‬
‫نظرية العقد‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬المحمدية‪ ،1995 ،‬ص‪.101 :‬‬
‫‪- 2‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72 :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-RIPERT (G).ROBLOT (R), Traité de Droit Commercial, Tome I,‬‬
‫‪17éd, L.G.D.J ; Paris, 1998,P 805.‬‬
‫‪- 16 -‬‬
‫الفقرة الثانية‬
‫أهلية الشركاء‬
‫لصحة عقد الشركة يجب أن يصدر الرضا الحقيقي والسليم‬
‫عن شخص ذي أهلية‪ .‬وتختلف األهلية الواجب توافرها في الشريك‬
‫باختالف صفته داخل الشركة‪ .‬فإذا تعلق األمر بشريك متضامن في‬
‫شركات التضامن والتوصية‪ ،‬فيجب التمتع باألهلية التجارية‪ .1‬ويجد‬
‫هذا التوجه سنده في أن الشريك يكتسب صفة التاجر بانضمامه إلى‬
‫الشركة‪ ،‬ويسأل عن ديونها بشكل غير محدود‪.2‬‬
‫أما إذا تعلق األمر بشريك موصي أو مساهم أو شريك في‬
‫الشركة ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬فيكفي توافر أهلية القيام‬
‫بالتصرفات القانونية‪ ،‬وذلك بالنظر إلى عدم اكتسابه لصفة التاجر‬
‫وانحصار مسؤوليته عن ديون الشركة في حدود الحصة التي‬
‫قدمها‪ .3‬وبناء عليه‪ ،‬يمكن للصغير المميز المأذون له بإدارة جزء‬
‫من أمواله االستفادة من الوضعية السابقة‪ 4،‬لكن شريطة أن ال يكون‬
‫نائبه الشرعي طرفا في عقد الشركة‪ .‬إذ يمنع القانون إنشاء شركة‬
‫بين القاصر ونائبه الشرعي‪.5‬‬

‫‪ - 1‬وطبقا للمادة ‪ 12‬من مدونة التجارية تخضع األهلية التجارية لمقتضيات مدونة األسرة‪.‬‬
‫وحسب المادة ‪ 209‬من هذه المدونة فالشخص كامل األهلية لمزاولة التجارة ببلوغ ‪ 18‬سنة‬
‫كاملة من دون أن يعترضه عارض كالسفه والجنون‪.‬‬
‫‪ -‬لمزيد من التفاصيل حول الموضوع‪ ،‬راجع‪-:‬عبد الواحد الحمداوي‪ ،‬القانون التجاري‬
‫األولي‪ ،‬مطبوعات الهالل‪ ،‬وجدة ‪ ،2005‬ص‪.108 :‬‬
‫‪ - 2‬راجع المواد ‪3‬و‪20‬و‪ 31‬من قانون باقي الشركات التجارية ( قانون رقم ‪.)5-96‬‬
‫‪ - 3‬فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري المغربي الجديد‪ ،1999 ،‬ص‪.234 :‬‬
‫‪ - 4‬تنص المادة ‪ 214‬من مدونة األسرة على أن‪ ":‬الصغير المميز هو الذي أتم اثنتي عشرة‬
‫سنة شمسية كاملة"‪.‬‬
‫‪ - 5‬ينص الفصل ‪ ( 984‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على أنه‪ ":‬ال يجوز عقد الشركة‪:‬‬
‫أوال‪ :‬بين األب وابنه المشمول بواليته‬
‫‪- 17 -‬‬
‫وتأكيدا لما سبق‪ ،‬ذهب المشرع إلى أنه في حالة استمرار‬
‫شركة التضامن رغم وفاة أحد الشركاء‪ ،‬فإن ورثته القاصرين ال‬
‫يسألون عن ديون الشركة إال في حدود أموال التركة‪ ،‬كما يجب‬
‫تحويل الشركة إلى شركة توصية يصبح فيها القاصر موصيا‪ ،‬وذلك‬
‫خالل أجل سنة من تاريخ الوفاة‪.1‬‬
‫الفقرة الثالـثة‬
‫محـل الشركـة‬
‫يقصد بمحل الشركة غرضها‪ ،‬أي النشاط االقتصادي الذي‬
‫ستمارسه الشركة‪ .2‬ولغرض الشركة أهمية كبيرة على المستوى‬
‫القانوني‪ ،‬فهو الذي يحدد مدى أو نطاق سلطات مسيرها في مواجهة‬
‫الغير‪ .3‬كما أن إنجازه يؤدي من حيث المبدأ إلى انحالل الشركة‪.4‬‬

‫ثانيا‪ :‬بين الوصي والقاصر إلى أن يبلغ هذا األخير رشده ويقدم الوصي الحساب عن مدة‬
‫وصايته ويحصل إقرار هذا الحساب‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬بين مقدم على ناقص األهلية أو متصرف في مؤسسة خيرية وبين الشخص الذي يدير‬
‫أمواله ذلك المقدم أو المتصرف"‬
‫‪ - 1‬المادة ‪ 17‬من قانون باقي الشركات‪ .‬وفي نفس االتجاه ذهبت المادة ‪ 29‬إلى انه في حالة‬
‫استمرار شركة التوصية البسيطة مع الورثة القاصرين ألحد الشركاء المتضامنين‪ ،‬فإن هؤالء‬
‫سيصبحون شركاء موصين‪.‬‬
‫‪ - 2‬وبهذا المعنى فمحل الشركة يختلف عن محل التزام الشريك والمتمثل في تقديمه لحصته من‬
‫أجل تكوين رأسمال الشركة‬
‫راجع‪-:‬احمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.85 ،‬‬
‫‪- RIPERT (G).ROBLOT (R),Op.Cit,P: 816.‬‬
‫‪ - 3‬وينطبق القول على شركة التضامن والتوصية البسيطة (م ‪ 8‬و ‪ 21‬من قانون رقم ‪،)5-96‬‬
‫أما الشركات األخرى فهي تلتزم في عالقاتها مع األغيار حتى بأعمال المسير التي ال تدخل في‬
‫إطار غرضها‪ ،‬وذلك باستثناء حالة ثبوت علم الغير بان العمل يتجاوز غرض الشركة‪ ،‬وال‬
‫يعتبر شهر النظام األساسي كافيا إلقامة هذه الحجة ( م‪ 35.‬و‪ 63‬من قانون ‪ ،5-96‬م ‪ 69‬من‬
‫قانون ‪.)17-95‬‬
‫‪ - 4‬ينص الفصل ‪ ( 1051‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على انه‪ ":‬تنتهي الشركة‪ ... :‬ثانيا‪ :‬بتحقق األمر الذي‬
‫أنشئت من أجله أو باستحالة تحققه"‪.‬‬
‫‪- 18 -‬‬
‫واحتراما لمبدأ التخصص الذي تخضع له الشركات يجب أن يحدد‬
‫الغرض من قبل أنظمتها‪.1‬‬
‫إضافة إلى ما سبق‪ ،‬يجب أن يكون الغرض ممكنا‪ ،‬أي غير‬
‫مستحيل‪ .‬ومثال ذلك تأسيس شركة لبيع بضاعة ال وجود لها‪ .‬كما‬
‫يجب أن يكون الغرض مشروعا‪ ،‬أي غير مخالف للقانون أو النظام‬
‫العام واألخالق الحميدة‪ .‬وهكذا تعتبر باطلة الشركة التي تأسست من‬
‫أجل ممارسة التهريب أو الهجرة السرية‪ .2‬وللقول بمشروعية‬
‫غرض الشركة‪ ،‬ال يجب االقتصار على النشاط المحدد في نظامها‬
‫األساسي بل يجب النظر كذلك إلى النشاط الذي تمارسه الشركة‬
‫بشكل فعلي‪ .‬وبعبارة أخرى تعتبر الشركة باطلة رغم أن الغرض‬
‫المسطر في نظامها مشروعا إذا كان النشاط الحقيقي غير مشروع‪.3‬‬
‫لكن بالرغم من مشروعية بعض األنشطة‪ ،‬فقد منع المشرع‬
‫استغاللها في إطار شركة تجارية أو فقط في إطار بعض أشكالها‪.‬‬
‫وهكذا مثال يمنع ممارسة مهنة المحاماة في إطار شركة تجارية‪،4‬‬
‫كما يمنع ممارسة العمل البنكي أو التأمين في غير شكل شركة‬
‫المساهمة‪.5‬‬

‫‪ - 1‬م‪5‬و‪23‬و‪31‬و‪ 50‬من قانون ‪ ،5-96‬م ‪ 2‬من قانون ‪.17-95‬‬


‫‪ - 2‬ينص الفصل ‪( 986‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على أنه‪ ":‬تبطل بقوة القانون‪ ،‬بين المسلمين‪ ،‬كل شركة يكون‬
‫محلها أشياء محرمة بمقتضى الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وبين جميع الناس‪ ،‬كل شركة يكون محلها‬
‫أشياء خارجة عن دائرة التعامل"‪.‬‬
‫‪- 3‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.86 :‬‬
‫‪ - 4‬تنص المادة ‪ 26‬من القانون المنظم لمهنة المحاماة على أنه ‪":‬يمكن للمحامي أن يمارس‬
‫مهنته وحده‪ ،‬أو مع غيره من المحامين‪ ،‬في نطاق المشاركة‪ ،‬أو في إطار شركة مدنية‬
‫مهنية‪"...‬‬
‫‪- 5‬راجع المادة ‪ 35‬من القانون البنكي ( قانون رقم ‪ ،103 -12‬لسنة ‪ ،)2014‬وكذلك المادة‬
‫‪ 170‬من مدونة التأمينات ( قانون رقم ‪ ،)17-99‬منشور بالجريدة الرسمية ع ‪ ،5054‬بتاريخ‬
‫‪ 3‬أكتوبر ‪.)2002‬‬
‫‪- 19 -‬‬
‫الفقرة الرابـعة‬
‫سبـب الشركـة‬
‫إضافة إلى المحل يجب أن يكون للشركة سبب مشروع‪ .‬وقد‬
‫ذهب جانب من الفقه إلى أن السبب يختلط بمحل الشركة‪ ،1‬وهو ما‬
‫عبرت عنه استئنافية الرباط بقولها‪ ":‬تعتبر باطلة الستنادها إلى‬
‫سبب غير مشروع شركة المحاصة التي تهدف إلى استغالل دار‬
‫للعهارة‪ .2"...‬هذا التوجه محل نظر‪ ،‬إذ أنه إذا كان المحل يتمثل في‬
‫النشاط الذي تمارسه الشركة‪ ،‬فالسبب هو الباعث الذي دفع‬
‫األشخاص إلى إبرام عقد الشركة‪ .3‬وحسب الفقه فالتساؤل يطرح‬
‫بالنسبة للمحل حول وجود الشركة‪ ،‬أما بخصوص السبب فالتساؤل‬
‫يطرح حول مشروعية هذا الوجود‪.4‬‬
‫والباعث المشروع الذي يدفع األشخاص إلى إبرام عقد‬
‫الشركة هو جني الربح وتوزيعه‪ ،‬لكن قد يتمثل هذا الدافع في شيء‬
‫آخر غير مشروع يترتب عليه بطالن عقد الشركة‪ ،‬كما هو الشأن‬
‫بالنسبة للشخص الذي يقدم أمواله للشركة بهدف تهريبها عن دائنية‬
‫أو بهدف التحايل على الحظر من مزاولة التجارة الواقع عليه‪.5‬‬

‫‪- 1‬مصطفى كمال طه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.24 :‬‬


‫‪- 2‬استئنافية الرباط‪ ،‬قرار رقم ‪ ،731‬بتاريخ ‪ 12‬فبراير ‪ ،1929‬مجموعة قرارات محكمة‬
‫االستئناف بالرباط‪ ،‬ص‪.21 :‬‬
‫‪- 3‬عز الدين بنستي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.46 :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- COZIAN (M).VIANDIER (A), Op.Cit,P 48.‬‬
‫‪- 5‬فؤاد معالل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.235 :‬‬
‫‪- 20 -‬‬
‫املطلب الثـانـي‬

‫األرك ـان املوضوعية الخـاصـة‬

‫إلى جانب األركان العامة يقوم عقد الشركة على مجموعة من‬
‫األركان الموضوعية الخاصة التي تميزه عن غيره من العقود‪.‬‬
‫وتتمثل هذه األركان في تعدد الشركاء وتقديم الحصة واقتسام‬
‫األرباح والخسائر ونية المشاركة‪.‬‬
‫الفقرة األولى‬
‫تعــدد الشركــاء‬
‫احتراما لمفهوم العقد ال يمكن أن تتواجد الشركة إال‬
‫بشخصين أو أكثر‪ ،‬سواء تعلق األمر بشخص طبيعي أو معنوي‪.‬‬
‫لكن تجدر اإلشارة إلى أن ما يسمى بشركة المساهمة المبسطة‬
‫تتكون فقط من الشركات المتمتعة بالشخصية المعنوية‪. 1‬‬
‫وإذا كانت القاعدة هي وجوب توفر شخصين لقيام الشركة‪،‬‬
‫إال أنه في بعض الحاالت يتطلب المشرع عددا أكبر‪ ،‬كفرضه‬
‫خمسة مساهمين كحد أدنى لتأسيس شركة المساهمة‪ ،2‬وأربعة‬
‫شركاء لتأسيس شركة التوصية باألسهم‪ ،‬حيث ال يجب أن يقل عدد‬

‫‪- 1‬تنص المادة ‪ 425‬من قانون شركات المساهمة على أنه ‪ ":‬يمكن لشركتين أو عدة شركات‬
‫قصد إنشاء شركة تابعة مشتركة أو تسييرها أو شركة ستصبح أمالهما‪ ،‬أن تشكل فيما بينها‬
‫شركة مساهمة مبسطة تخضع ألحكام هذا القسم‪.‬‬
‫تؤسس شركة المساهمة المبسطة المكونة بين الشركات باعتبار شخصية أعضائها"‪.‬‬
‫‪- 2‬المادة األولى من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫‪- 21 -‬‬
‫الشركاء الموصين عن ثالثة إلى جانب شريك متضامن على‬
‫األقل‪.1‬‬
‫وكاستثناء من مبدأ التعدد‪ ،‬أجاز المشرع تأسيس الشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة من قبل شريك وحيد‪ .‬وبعبارة أخرى فالشخص‬
‫يقوم بتخصيص جزء من أمواله للشركة‪ ،‬تعتبر وحدها الضامنة‬
‫للديون المترتبة على عاتقها‪ .2‬ومن شأن اإلقرار التشريعي لشركة‬
‫الشخص الواحد أن يؤدي إلى التقليص من عدد الشركات الصورية‪،‬‬
‫أي تلك الشركات التي تبدوا وكأنها مكونة من عدة شركاء بينما هي‬
‫في الحقيقة مكونة من شريك وحيد‪.3‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى انه يمكن أن يكون الشريك الوحيد شخصا‬
‫طبيعيا أو معنويا‪ ،‬لكن ال يمكن لشركة الشخص الواحد كشخص‬
‫معنوي أن تكون بمثابة شريك وحيد في شركة أخرى ذات مسؤولية‬
‫محدودية‪ .4‬ورغم أهمية هذا التوجه التشريعي إال أنه محل نظر‪،‬‬
‫فإذا كان يمنع على الشخص المعنوي المتمثل في شركة الشخص‬
‫الواحد أن يكون شريكا وحيدا في شركة أخرى‪ ،‬فالمشرع لم يمنع‬
‫الشخص الطبيعي أو المعنوي المؤسس للشركة السابقة من تكوين‬
‫شركات أخرى ذات شريك وحيد‪ .‬وبعبارة أخرى فليس هناك ما‬
‫يمنع الشخص من تأسيس عشرات الشركات يكون هو الشريك‬
‫الوحيد في كل واحدة منها‪ .5‬ومن شأن هذه الثغرة أن تؤدي إلى‬
‫تجزئة ذمة الشخص الواحد إلى عدة ذمم وهمية ال تؤمن حقوق‬

‫‪- 1‬المادة ‪ 31‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬


‫‪- 2‬وكما تنشأ بشخص واحد‪ ،‬فالشركة ذات المسؤولية المحدودة تستمر بشخص واحد في حالة‬
‫قيامها بعدة أطراف ثم اجتمعت الحصص في يد هذا الشخص ( م ‪ 48‬من قانون باقي‬
‫الشركات)‪.‬‬
‫‪- 3‬إلهام الهواس‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.2 :‬‬
‫‪- 4‬م ‪ 49‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬
‫‪- 5‬محمد اإلدريسي العلمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34 :‬‬
‫‪- 22 -‬‬
‫األغيار المتعاملين معها‪ ،‬وبالتالي فقدان الثقة في شركة الشخص‬
‫الواحد‪.1‬‬
‫وإذا كان المشرع قد نص على حد أدنى لعدد الشركاء‪ ،‬فهو‬
‫بالمقابل لم ينص على حد أقصى‪ ،‬وذلك باستثناء ذهابه إلى وجوب‬
‫عدم تجاوز عدد الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫خمسين شريكا‪ .‬فعند تجاوز هذا العدد يجب تحويل الشركة إلى‬
‫شركة مساهمة داخل أجل سنتين وإال تم حلها‪.2‬‬
‫الفقرة الثانـية‬
‫تقديــم الحصـــة‬
‫تقديم الحصة هي تلك العملية التي بمقتضاها يتم وضع المال‬
‫أو العمل رهن إشارة مؤسس الشركة‪ ،‬وهي التي تؤدي إلى اكتساب‬
‫الشخص مقدم الحصة لصفة الشريك‪ ،‬كما أن الحصص هي التي‬
‫تشكل النواة األولى لذمة الشركة‪.‬‬
‫فلقيام عقد الشركة أو نظامها األساسي البد من تنصيصه‬
‫على حصة كل شريك‪ ،‬أي ما يقدمه من مال للشركة‪ .‬وكل شيء‬
‫يمثل قيمة اقتصادية قابلة للتقويم بالنقود يصلح لكي يكون حصة‪،‬‬
‫لكن ال يجب أن تكون صورية أو وهمية‪ ،‬أي ليس لها قيمة‬

‫‪1‬‬
‫‪- FLORES(G). MESTER (J), L’entereprise Unipersonnelles, Rev. Soc,‬‬
‫‪1986, P15.‬‬
‫‪ - 2‬م‪ 47.‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬
‫ـ عبد القادر الحسني‪ ،‬قراءة في القانون الجديد لشركات المسؤولية المحدودة‪ ،‬مجلة القسطاس‪،‬‬
‫العدد األول‪ ،‬أكتوبر ‪ ،1997‬ص‪.92‬‬
‫‪- 23 -‬‬
‫اقتصادية يمكن أن تستفيد منها الشركة‪ ،‬كتقديم أصل تجاري أو‬

‫عقار مثقل بديون تفوق قيمته‪.1‬‬


‫ومقابل الحصة يحصل الشريك على نصيب من األرباح في‬
‫شركات األشخاص والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة‬
‫التوصية باألسهم‪ -‬بالنسبة للشريك المتضامن‪ ،-‬باإلضافة إلى‬
‫األرباح يحصل الشريك المساهم على سندات أو قيم منقولة تسمى‬
‫باألسهم في شركات المساهمة وشركة التوصية باألسهم‪ .‬أما‬
‫بخصوص شركة المحاصة‪ ،‬وأمام انعدام الشخصية المعنوية‪،‬‬
‫فيحتفظ كل شريك بحصته ما لم يتم االتفاق على خالف ذلك‪.2‬‬
‫وإذا كانت األسهم قابلة للتداول‪ ،‬أي تخضع لمبدأ حرية‬
‫التفويت‪ ،‬فاألنصبة أو الحصص على عكس ذلك‪ ،‬إذ أنها ال تقبل‬
‫التفويت إال بموافقة باقي الشركاء‪ .‬ولتجاوز هذه الصعوبة تم ابتكار‬
‫ما يسمى باتفاقية الرديف‪ ،3‬أي إمكانية تنازل الشريك عن نصيبه‬
‫من األرباح الناتجة عن الشركة أو جزء منها إلى شخص أجنبي عن‬
‫الشركة‪ .‬هذا الشخص الرديف ليس له عالقة مباشرة بالشركة‪ ،‬فهو‬
‫ال يستفيد من الحقوق المخولة للشريك وال يتحمل بأي التزام تجاه‬
‫‪4‬‬
‫الشركة‪ ،‬كااللتزام بديونها‪.‬‬

‫‪ - 1‬اذ‪ .‬عند بيع العقار المرهون المقدم كحصة من قبل الدائنين المستفيدين من حق الرهن ال‬
‫تحصل الشركة على أي مبلغ من ثمن البيع‪.‬‬
‫‪ - 2‬تنص المادة ‪ 90‬من قانون باقي الشركات على أنه‪ ":‬يحتفظ كل شريك بملكية حصته ما لم‬
‫يوجد شرط مخالف‪.‬‬
‫غير أن الشركاء يمكن أن يتفقوا على اعتبار بعض الحصص في حالة شياع"‪.‬‬
‫‪ - 3‬مصطفى كمال طه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.82 :‬‬
‫‪ - 4‬ينص الفصل ‪ ( 1010‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على أنه‪ ":‬ال يسوغ لشريك‪ ،‬وإن كان متصرفا للشركة‪،‬‬
‫بدون موافقة كل شركائه اآلخرين أن يدخل أحدا من الغير في الشركة باعتباره شريكا فيها‪ ،‬ما‬
‫لم يكن عقد الشركة قد خوله ذلك‪ ،‬وإنما يجوز له أن يشرك الغير في نصيبه أو أن يحوله له‪،‬‬
‫‪- 24 -‬‬
‫وكنتيجة لتقديم الحصة يستفيد الشريك من مجموعة من‬
‫الحقوق‪ .‬فهناك الحقوق المالية كالحق في األرباح وحق استغالل‬
‫السندات والحق في استرجاع مبلغ الحصة وقسط من موجودات‬
‫الشركة عند انحاللها‪ ،‬وهناك الحقوق المعنوية المتمثلة في‬
‫الصالحيات القانونية المخولة للشريك‪ ،‬كالحق في الترشح لشغل‬
‫منصب في الجهاز اإلداري للشركة و التصويت داخل الجمعيات‬
‫وحق المراقبة واإلعالم‪.1‬‬
‫وليس من المفروض أن تكون حصص الشركاء متساوية من‬
‫حيث القيمة‪ ،‬إذ يتولى عقد الشركة تبيان قيمة كل حصة وما يقابلها‬
‫من نصيب‪ .‬وعند إهمال الشركاء اإلشارة إلى التفاوت الحاصل في‬
‫قيمة الحصص‪ ،‬يفترض أنهم قدموا حصصا متساوية‪ .2‬إضافة إلى‬
‫اختالفها من حيث القيمة‪ ،‬قد تختلف الحصص من حيث الطبيعة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار يتم التمييز بين الحصة النقدية والحصة العينية‬
‫وحصة العمل أو ما يسمى بالحصة الصناعية‪ .3‬لكن قبل إلقاء نظرة‬
‫على هذه األصناف وبيان أهميتها على مستوى تكوين رأس مال‬
‫الشركة‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى انه ليس هناك مانع من أن تكون حصة‬
‫أحد الشركاء ذات طبيعة مختلطة‪ ،‬كأن يقدم إلى جانب مهاراته مبلغا‬
‫من النقود وعقارات‪.‬‬

‫كما أن له أن يحول للغير الحصة التي ستصيبه من راس المال عند القسمة‪ .،‬وذلك كله‪ ،‬ما لم‬
‫يقض االتفاق بخالفه"‪.‬‬
‫‪ - 1‬عز الدين بنستي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.149 :‬‬
‫‪ - 2‬ينص الفص ‪( 990‬ق‪.‬ل‪.‬ع ) على أنه‪ ":‬يصح أن تكون حصص الشركاء في راس المال‬
‫متفاوتة في قيمتها ومختلفة في طبيعتها‪.‬‬
‫وعند الشك‪ ،‬يعتبر أن الشركاء قد قدموا حصصا متساوية"‪.‬‬
‫‪ - 3‬ينص الفصل ‪( 988‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على أنه‪ ":‬يسوغ أن تكون الحصة في راس المال نقودا أو‬
‫أشياء أخرى‪ ،‬منقولة كانت أو عقارية أم حقوقا معنوية‪ .‬كما يسوغ أيضا أن تكون عمل أحد‬
‫الشركاء أو حتى عملهم جميعا‪.‬‬
‫وال يسوغ بين المسلمين‪ ،‬أن تكون هذه الحصة مواد غذائية"‬
‫‪- 25 -‬‬
‫أوال‪ :‬الحصة النقدية‬
‫يقصد بالحصة النقدية مساهمة الشريك في تكوين رأسمال الشركة‬
‫بمبلغ من النقود‪ .1‬وفي هذا اإلطار يتم التمييز بين االكتتاب وتحرير‬
‫الحصة النقدية‪ .‬فعملية االكتتاب تعني تعهد الشريك بتقديم المبلغ‬
‫النقدي موضوع الحصة‪ ،‬أي ذلك التصرف القانوني الذي يلتزم‬
‫بمقتضاه الشخص المكتتب بتقديم الحصة إلى مؤسس الشركة‪ ،‬أما‬
‫التحرير فيعني التنفيذ الفعلي للتعهد‪ ،‬أي وضع الحصة التي تعهد‬
‫بتقديمها بين يدي مؤسس الشركة‪.2،‬‬
‫ويختلف أجل التحرير أو األداء باختالف شكل الشركة‪.‬‬
‫فبالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬يجب عل األقل أداء ربع‬
‫الحصة النقدية‪ ،‬أما الباقي فيتم دفعه داخل أجل ال يتجاوز ‪ 5‬سنوات‬
‫ابتداء من تقييد الشركة في السجل التجاري‪ .3‬وبالنسبة لشركة‬
‫المساهمة‪ ،‬يجب على األقل تحرير ربع الحصة (أداء ربع قيمة‬
‫األسهم التي تم اقتناؤها)‪ ،‬أما الباقي فيمكن تأديته داخل أجل ال‬
‫يتجاوز ثالث سنوات ابتداء من تقييد الشركة في السجل التجاري‪.‬‬
‫وإذا لم يتم األداء خالل اآلجال المحددة‪ ،‬يمكن للشركة بيع األسهم‬
‫غير المحررة‪ ،‬وذلك بعد مرور ثالثين يوما على توجيه إنذار‬
‫باألداء‪ .4‬وبخصوص شركة المساهمة المبسطة يجب أن يتم‬

‫‪ - 1‬وحسب تعبير أستاذنا شكري السباعي‪ ،‬فاألمر يتعلق " باقتناء األنصبة أو األسهم التي‬
‫تصدرها الشركة نظير النقود"‬
‫‪ -‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.125 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-COZIAN (M).VIANDIER (A), Op.Cit; P53.‬‬
‫‪ - 3‬م ‪ 51‬من قانون باقي الشركات التجارية‪.‬‬
‫‪ - 4‬م ‪ 274‬من قانون شركات المساهمة‪ .‬وتطبق هذه المادة كذلك على شركة التوصية باألسهم‬
‫( م ‪ 31‬من قانون باقي الشركات)‪.‬‬
‫‪- 26 -‬‬
‫التحرير الفوري للحصص النقدية عند توقيع عقد الشركة أو نظامها‬
‫األساسي‪.1‬‬
‫ولحماية المكتتب نص المشرع على وجوب ايداع األموال‬
‫المستخلصة نقدا في حساب بنكي مجمد مفتوح باسم الشركة التي‬
‫هي في طور التأسيس‪ ،2‬وال يمكن للمتصرف بإسمها سحب هذه‬
‫األموال إال بعد تقديم شهادة صادرة عن مصلحة السجل التجاري‬
‫تفيد تقييد الشركة بهذا السجل‪.‬‬
‫أما بالنسبة لشركات األشخاص‪ ،‬فيترك األمر إلرادة‬
‫الشركاء‪ ،‬أي إمكانية االتفاق على تأجيل أداء المبلغ النقدي‪.‬ويصبح‬
‫الشريك مدينا بهذا المبلغ للشركة‪ ،3‬وعليه الدفع في األجل المحدد‪.‬‬
‫فإذا تأخر في تنفيذ تعهده‪ ،‬يمكن لباقي الشركاء إما إرغامه على دفع‬
‫المبلغ أو طلب الحكم بإخراجه من الشركة‪ ،‬وذلك إلى جانب حقهم‬
‫في مطالبته بتعويض األضرار التي لحقت بالشركة‪.4‬‬
‫وبالنظر إلمكانية تأجيل دفع المبلغ النقدي‪ ،‬تم الترخيص‬
‫بتقديم الحصة في شكل دين ألحد الشركاء على الغير‪ .‬لكن الشريك‬
‫ال يضمن فقط وجود الحق قبل الغير‪ ،‬وإنما استيفاء الحق كذلك‪.5‬‬

‫‪ - 1‬تنص المادة ‪ 427‬من قانون شركات المساهمة على أنه‪ ... ":‬يجب أن يحرر راس مال‬
‫المحدد في العقد بكامله بمجرد توقيع النظام األساسي"‪.‬‬
‫‪ - 2‬م ‪ 22‬ق‪.‬ش‪.‬م‪.‬‬
‫‪ - 3‬ينص الفصل ‪ ( 995‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على أنه‪ ":‬كل شريك مدين للشركاء اآلخرين بكل ما وعد‬
‫بتقديمه للشركة"‪.‬‬
‫‪ - 4‬الفصل ‪ ( 996‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫‪ - 5‬وذلك على خالف ما هو مقرر في إطار القواعد العامة المتعلقة بحوالة الحق‪ .‬فإذا كان‬
‫المحيل للدين يضمن وجوده‪ ،‬فهو بالمقابل ال يضمن يسر المدين أو مالءة ذمته إال في حالة‬
‫التزامه بذلك أو إذا أحال دينا على شخص معسر وقت إبرام الحوالة ( م ‪ 204‬و‪.205‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫‪- 27 -‬‬
‫وبعبارة أخرى فذمة الشريك ال تبرأ تجاه الشركة إال من تاريخ‬
‫حصول هذه األخيرة على الدين‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحصة العينية‬
‫يقصد بالحصة العينية مساهمة الشريك بمال آخر غير النقود‪،‬‬
‫كأن يقدم عقارا أو منقوال ماديا كالبضائع أو منقوال معنويا كاألصل‬
‫التجاري وبراءة االختراع‪.‬‬
‫ومن الخصوصيات المرتبطة بالحصة العينية وجوب تقديرها‬
‫أو تقييمها عند تأسيس الشركة‪ ،‬أي تحديد قيمتها النقدية‪ ،‬إذ يجب أن‬
‫يتضمن النظام األساسي وصفا للحصص العينية وقيمتها‪ .2‬أما‬
‫بخصوص أجل تحريرها فاألمر يختلف باختالف شكل الشركة‪.‬‬
‫فإذا تعلق األمر بشركات األشخاص‪ ،‬فليس هناك ما يمنع من‬
‫االتفاق على تأجيل دفع الحصة العينية‪ ،‬لكن شريطة تحديد قيمتها‬
‫أثناء تأسيس الشركة‪ .3‬وعند إغفال هذا األمر يفترض اعتماد‬
‫الشركاء للسعر الجاري في السوق لمثل هذه األموال‪ ،‬وفي حالة‬
‫عدم وجوده تقدر قيمة هذه األموال من قبل أهل الخبرة‪.4‬‬
‫أما بالنسبة لشركات المساهمة وشركة التوصية باألسهم‬
‫فيجب أن يتم التحرير الكامل والفوري للحصص العينية وقت‬

‫‪ - 1‬ينص الفصل ‪( 997‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على أنه‪":‬إذا تضمنت حصة الشريك في رأس مال الشركة‬
‫دينا أو عدة ديون له على الغير‪،‬فإن ذمته ال تبرأ إال من وقت استيفاء الشركة المبلغ الذي قدم‬
‫لها الدين في مقابله‪ .‬والشريك مسؤول أيضا تجاه الشركة عن التعويضات‪ ،‬إذا لم يقع استيفاء‬
‫الدين الذي قدمه عند حلول أجل استحقاقه "‪.‬‬
‫‪ - 2‬م ‪ 24‬ق‪.‬ش‪.‬م‪.‬‬
‫‪ - 3‬فحسب المادة ‪( 991‬ق‪.‬ل‪.‬ع) يجب تقييم الحصة العينية وقت تقديمها للشركة ووضعها في‬
‫رأسمالها‪ .‬هذا التوقيت يبدو وانه تغير بصدور قانون ‪ ،5-96‬إذ نجد المادة ‪ 5‬تنص على‬
‫وجوب تضمين النظام األساسي لشركة التضامن والتوصية البسيطة حصة كل شريك وبيان‬
‫قيمتها إذا كانت حصة عينية‪.‬‬
‫‪- 4‬م ‪( 991‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫‪- 28 -‬‬
‫التأسيس‪ ،‬إذ يمنع تعليق هذا التحرير على شرط أو أجل‪ .‬وال يتم‬
‫تحويلها إلى الشركة إال بعد تقييمها وتحديد الملبغ النقدي الذي‬
‫يقابلها‪ .1‬وقد يلجأ الشركاء إلى المبالغة في تقييم الحصة العينية‬
‫ورفع مبلغ رأسمال الشركة بشكل مصطنع‪ ،‬وذلك لغايات عدة‪،‬‬
‫كالحصول على عدد اكبر من األنصبة واألسهم أو تقوية ثقة الدائنين‬
‫واألبناك وممولي الشركة بشكل عام‪.2‬‬
‫هذه العملية تضر بمصالح الشركاء ودائني الشركة‪ ،‬فالمساهم‬
‫صاحب الحصة العينية المبالغ في تقييمها سيحصل على اسهم غير‬
‫مستحقة‪ ،‬وذلك على حساب باقي المساهمين‪ .‬وبالنسبة للدائنين‪،‬‬
‫فالتقييم المبالغ فيه للحصة العينية يجعلهم أمام ضمان عام غير‬
‫حقيقي‪ ،‬إذ أن هذا األخير يتمثل في رأسمال الشركة المكون من‬
‫مجموع الحصص المقدمة من طرف الشركاء‪.‬‬
‫لمواجهة هذه العملية وتأمين إجراء تقييم صحيح يعتمد القيمة‬
‫التجارية لألموال المقدمة كحصة‪ ،‬أوجب المشرع ضرورة إجراء‬
‫التقييم من قبل جهاز مراقب الحصص وتحت مسؤوليته‪ ،3‬كما قام‬
‫بتشديد عقوبة جريمة التقييم غير الحقيقي للحصة العينية‪.4‬‬
‫وبخصوص الشركة ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬فقد فرض‬
‫المشرع كذلك وجوب التحرير الفوري للحصص العينية وتقييمها‬
‫عند التأسيس‪ .‬وهذه العملية األخيرة يتوالها مراقب الحصص تحت‬

‫‪- 1‬م ‪ 17‬من قانون ‪ 17-95‬والمادة ‪ 31‬من القانون رقم ‪.5-96‬‬


‫‪- 2‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.128 :‬‬
‫‪. COZIAN (M).VIANDIER (A), Op.Cit; P54.‬‬
‫‪- 3‬م‪ 24.‬من القانون رقم ‪ -17-95‬وتنص المادة ‪ 25‬منه على انه‪ ":‬يتم اختيار مراقب أو‬
‫مراقبي الحصص من بين األشخاص المخول لهم ممارسة مهام مراقبي الحسابات"‪.‬‬
‫‪- 4‬تنص المادة ‪ 379‬من قانون شركات المساهمة على أنه‪ ":‬يعاقب بعقوبة الحبس من شهر إلى‬
‫ستة اشهر وبغرامة من ‪ 8000‬إلى ‪ 40000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪:‬‬
‫‪-4‬من عمل عن طريق الغش على تقييم حصة عينية تقييما يفوق قيمتها الحقيقية"‪.‬‬
‫‪- 29 -‬‬
‫مسؤوليته‪،‬إال أنه بإمكان الشركاء اإلجماع على عدم اللجوء إلى هذا‬
‫المراقب‪ ،‬وذلك في حالة عدم تجاوز أية حصة عينية لمبلغ مائة ألف‬
‫درهم‪ ،‬لكن شريطة عدم تجاوز قيمة الحصص الغير الخاضعة لتقييم‬
‫المراقب نصف رأسمال الشركة‪.1‬‬
‫وبشكل عام فتقديم الشريك للحصة العينية قد يتم إما على‬
‫سبيل التمليك أو على سبيل االنتفاع‪.‬‬
‫‪ -1‬تقديم الحصة العينية على سبيل التمليك‬
‫حق الملكية حق عيني يخول صاحبه سلطات ثالث على‬
‫الشيء موضوع الحق‪ ،‬وهي االستعمال واالستغالل والتصرف‪.‬‬
‫وبنقل ملكية الشيء موضوع الحصة إلى الشركة تنتقل إليها هذه‬
‫السلطات‪ .‬ومادام نقل ملكية الحصة من الشريك إلى الشركة يفترض‬
‫وجود هذه األخيرة كشخص قانوني‪ ،‬فال يمكن إجراء العملية بالنسبة‬
‫لشركة المحاصة التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية‪ .‬في هذا اإلطار‬
‫يحتفظ كل شريك بملكية حصته‪ ،‬كما يمكن االتفاق على وضع‬
‫األموال في الشياع‪.‬‬
‫وتقترب عملية تقديم الحصة على سبيل الملكية من عقد البيع‪،‬‬
‫حيث يتنازل كل من الشريك والبائع عن كافة سلطاته على المال‪.‬‬
‫لكن بالرغم من ذلك هناك فرق جوهري بين العمليتين‪ ،‬فإذا كان‬
‫البائع يحصل على مبلغ نقدي من المشتري فالشريك ال يحصل إال‬
‫على حق احتمالي في األرباح التي قد تحققها الشركة‪.2‬‬
‫وأمام هذا التقارب تم تطبيق بعض قواعد عقد البيع على‬
‫عملية تقديم الحصة على سبيل الملكية‪ .‬فالشريك مقدم الحصة بمثابة‬
‫بائع بالنسبة للشركة‪ ،‬وبالتالي فهو ملزم بضمان حيازة الشركة للمال‬

‫‪- 1‬م ‪51‬و‪ 53‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬


‫‪- 2‬عبد اإلاله بناني‪ ،‬تقديم الحصة في الشركة‪ ،‬المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،1996 ،‬ص‪.56 :‬‬
‫‪- 30 -‬‬
‫وضمان ما علق به من عيوب خفية‪ .1‬ففي حالة كون انتقال ملكية‬
‫المال يتوقف على مسطرة التسجيل‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للعقار‬
‫المحفظ واألصل التجاري‪ ،‬فالشريك ملزم بإتباع هذا المسطرة لكي‬
‫ينتج االنتقال آثاره‪ .‬وبالنسبة للشركة فهي بمثابة مشتري‪ ،‬حيث‬
‫تصبح مالكة للمال موضوع الحصة‪ ،‬ويمكنها بالنتيجة استعماله أو‬
‫التصرف فيه‪ .‬وفي حالة هالك المال المقدم على سبيل الملكية‬
‫تتحمل الشركة نتائجه‪ ،‬أي أن الشريك يظل محتفظا بكامل حقوقه‪.2‬‬
‫لكن إذا كان هالك الحصة يقف عائقا أمام تنفيذ غرض الشركة‪ ،‬يتم‬
‫تقرير انحالل هذه األخيرة‪ .3‬إضافة إلى ما سبق‪ ،‬فعند انحالل‬
‫الشركة ال يعود المال إلى الشريك الذي قدمه على سبيل الملكية‪،‬‬
‫وإنما يتم تحويله إلى مبلغ نقدي يوزع على جميع الشركاء‪.‬‬
‫ومن شأن عملية تقديم الحصة على سبيل التمليك اإلضرار‬
‫بحقوق دائني الشخص مقدم الحصة‪ ،‬إذ أن األمر يؤدي إلى انتقاص‬
‫ذمته المالية‪ ،‬وبالتالي ضعف ضمانهم العام‪ .‬فال يمكن للدائنين‬
‫الشخصيين للشريك التنفيذ على المال موضوع الحصة‪ ،‬لكونه لم‬
‫يعد ملكا لمدينهم بعد دخوله في الذمة المالية للشخص المعنوي‪.‬‬
‫ولتفادي جعل تقديم الحصة وسيلة إلهدار حقوق الدائنيين‪ ،‬تم‬
‫وضع إجراءات خاصة تطبق في حالة كون األصل التجاري هو‬
‫موضوع الحصة‪ .‬فلقد فرضت مدونة التجارة إيداع نسخة من العقد‬
‫لدى كتابة الضبط بالمحكمة التي يستغل في دائرتها األصل التجاري‬
‫داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ إبرامه‪ .‬وبعد إيداع العقد‬
‫يقوم كاتب الضبط بنشر المستخرج المقيد بالسجل التجاري في‬

‫‪-1‬الفصل ‪ ( 998‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫‪- 2‬احمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.130 :‬‬
‫‪- 3‬ينص الفصل ‪( 1051‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على أنه‪ ":‬تنتهي الشركة‪ :‬ثالثا‪ :‬بهالك المال المشترك هالكا‬
‫كليا‪ ،‬أو بهالكه هالكا جزئيا يبلغ من الجسامة حدا بحيث يحول دون االستغالل المفيد"‪.‬‬
‫‪- 31 -‬‬
‫الجريدة الرسمية وفي إحدى الجرائد المخول لها نشر اإلعالنات‬
‫القانونية‪ ،‬وذلك على نفقة مقدم الحصة والشركة‪ .‬ويتم تجديد النشر‬
‫بسعي من الشركة بين اليوم الثامن والخامس عشر بعد النشر األول‪.‬‬
‫وعلى كل دائن للشريك الذي قدم األصل التجاري كحصة أن‬
‫يصرح بالمبلغ المستحق داخل أجل خمسة عشر يوما الموالية للنشر‬
‫الثاني لدى كتابة الضبط التي تسلم له إيصاال بذلك‪ .1‬إذا تم التصريح‬
‫بالدين ولم يقدم أحد الشركاء دعوى إبطال الحصة تصبح الشركة‬
‫ملزمة على وجه التضامن مع المدين الرئيسي بأداء الدين المصرح‬
‫به‪. 2‬‬
‫وخارج إطار الحالة المتعلقة باألصل التجاري‪ ،‬لدائني‬
‫الشريك بعض الوسائل المستخلصة من القواعد العامة‪ .‬كما هو‬
‫الشأن بالنسبة لرفع دعوى الصورية التي تؤدي إلى التصريح‬
‫ببطالن الشركة‪ ،‬وبالنتيجة إرجاع الحصة إلى ذمة المدين من أجل‬
‫التنفيذ عليها‪ .‬وفي حالة كون الشخص مقدم الحصة له صفة تاجر‬
‫وفي حالة توقف عن دفع الديون خالل هذه الفترة‪ ،‬بإمكان دائنيه‬
‫إرجاع المال موضوع الحصة إلى ذمته بهدف بيعها‪ ،‬وذلك بعد‬
‫إعالن تصفية أمواله‪.3‬‬
‫‪ -2‬تقديم الحصة العينية على سبيل االنتفاع‬
‫إضافة إلى تمليك الحصة للشركة كشخص معنوي‪ ،‬قد يختار‬
‫الشريك تقديم الحصة على سبيل االنتفاع‪ .‬لكن يجب التمييز بين‬
‫االنتفاع كحق شخصي واالنتفاع كحق عيني‪.‬‬
‫في الحالة األولى تتمثل حصة المنفعة في التزام الشريك‬
‫بتمكين الشركة طيلة مدتها من االنتفاع بمال يملكه‪ .‬فالشريك يقدم‬

‫‪- 1‬م ‪ 104‬من مدونة التجارة‪ ،‬والتي تحيل على المادة ‪ 83‬من نفس المدونة‪.‬‬
‫‪- 2‬م‪ 105‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- COZIAN (M).VIANDIER (A), Op.Cit; P55.‬‬
‫‪- 32 -‬‬
‫منفعة المال وال يتنازل عن ملكيته‪ ،‬وبالتالي تكتفي الشركة‬
‫باالستفادة منه دون إمكانية التصرف فيه‪ .1‬وفي مواجهة الشركة‬
‫يتحمل الشريك بنفس الضمان الذي يتحمله المكري تجاه المكتري‪،‬‬
‫فهو ملزم بتقديم المال وهو صالح لالستعمال وان يمتنع عن كل ما‬
‫يؤدي إلى حرمان الشركة من مزاياه‪.2‬‬
‫وما دام مقدم حصة المنفعة يبقى مالكا للعين‪ ،‬فهو الذي‬
‫يتحمل تبعة الهالك‪ ،‬كما أنه يمنع على الشركة التصرف في المال‪،‬‬
‫كما يمنع على دائنيها توقيع الحجز عليه لكونه ليس جزءا من‬
‫أصول الشركة‪ .‬وعند انحالل الشركة يسترجع الشريك المال‬
‫موضوع حصة المنفعة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه قد ترد حصة المنفعة على أموال‬
‫مثلية‪ ،‬أي تلك التي لها ما يقابلها في السوق من حيث النوع‬
‫والمواصفات‪ ،‬ويقوم بعضها مقام البعض في الوفاء‪ .3‬ومن حيث‬
‫األصل تستهلك هذه األموال عند استعمالها كما هو الشأن بالنسبة‬
‫للبضائع‪ .‬وما دامت الشركة تستهلك هذه األموال فهي تتصرف فيها‬
‫وال تنتفع بها فقط‪ ،‬وبالتالي فالشركة تمتلك المال وتلتزم برد مثله أو‬
‫‪4‬‬
‫قيمته بعد انتهاء مدة االنتفاع‬
‫أما بخصوص الحالة الثانية فهي تتمثل في تقديم الحصة على‬
‫سبيل االنتفاع العيني‪ ،‬وذلك من خالل قيام الشريك بإنشاء حق‬
‫انتفاع للشركة على عقار مملوك له‪ .5‬فإذا كان الشريك يتنازل على‬

‫‪- 1‬عبد االالله لحكيم بناني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.64 :‬‬


‫‪- 2‬ينص الفصل ‪( 998‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على أنه‪ ... ":‬فإن لم ترد حصة الشريك إال على منفعة العين‬
‫تحمل الضمان الذي يتحمل به المكري‪ .‬ويضمن الشريك كذلك‪ ،‬بنفس الشروط ما وسعته‬
‫العين"‪.‬‬
‫‪ - 3‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.142 :‬‬
‫‪- 4‬عبد االاله لحكيم بناني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.70 :‬‬
‫‪ 5‬ـ حق االنتفاع نظمه المشرع في مدونة الحقوق العينية في الفصول من ‪ 79‬إلى ‪.104‬‬
‫‪- 33 -‬‬
‫جميع سلطاته على العقار موضوع الحصة على سبيل الملكية‪ ،‬فهو‬
‫يتنازل فقط عن سلطة استعمال واستغالل العقار موضوع حصة‬
‫االنتفاع العيني‪ .‬ورغم التقارب الموجود بين هذه العملية وعملية‬
‫تقديم الحصة على وجه االنتفاع الشخصي‪ ،‬إال أن ما يميز حق‬
‫االنتفاع العيني كونه ينتقل إلى الشركة وتصبح مالكة له باعتباره‬
‫حقا عينيا‪ .‬وباعتبار حق االنتفاع العيني من أهم تفرعات حق‬
‫الملكية‪ ،‬فتقديم الحصة على وجه االنتفاع ينتج نفس آثار تقديم‬
‫الحصة على وجه الملكية‪ ،‬وذلك باستثناء عدم إمكانية تصرف‬
‫الشركة في العقار موضوع حق االنتفاع‪ .1‬ومن القواعد المنظمة‬
‫لحق االنتفاع العيني كونه ينقضي لزوما بموت المنتفع‪ ،‬وبالتالي‬
‫فصالحية هذا االنتفاع تمتد طيلة حياة الشركة باعتبارها الشخص‬
‫المنتفع‪.‬‬
‫إضافة إلى إمكانية تنازل الشريك المالك للعقار عن حق‬
‫االنتفاع للشركة‪ ،‬يمكن تصور تنازل الشريك للشركة عن حق انتفاع‬
‫مقرر له من قبل الغير على عقار هذا األخير‪ ،‬أي أن حق االنتفاع‬
‫المقدم كحصة يكون مقررا لفائدة الشريك قبل تأسيس الشركة‪ .‬وما‬
‫دام حق االنتفاع ينتهي بحلول األجل أو موت المنتفع‪ ،‬أي الشريك‬
‫في هذه الحالة‪ ،‬فيجب على الشركة التوقف عن االنتفاع بالعقار عند‬
‫انتهاء األجل الذي حدده المالك للشريك‪ ،‬وكذلك عند وفاة هذا‬
‫األخير‪.‬‬
‫وخالصة القول فتقديم الحصة على سبيل االنتفاع نادر‬
‫الوقوع في المجال العلمي‪ ،‬إذ أن األصل هو التقديم على سبيل‬

‫‪1‬‬
‫‪ GUYON (y), droit des affaires, tome1 , 11ed, p 101.‬ـ‬
‫‪- 34 -‬‬
‫الملكية‪ ،‬وبالتالي فعند سكوت النظام األساسي للشركة عن شكل‬
‫التقديم يفترض أنه تم على سبيل الملكية ما لم يثبت العكس‪.1‬‬
‫ثالثا‪ :‬الحصة الصناعية‬
‫يقصد بالحصة الصناعية مساهمة الشريك في الشركة‬
‫بمجهوده الشخصي أو عمله‪ .‬والعمل الذي يعتد به كحصة في‬
‫الشركة هو العمل الفني المتمثل في خبرة أو مهارة أو معرفة تحقق‬
‫نفعا ماديا للشركة‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للخبرة اإلدارية أو‬
‫المحاسبية أو التسويقية‪ ....‬إذن يشترط أن يكون العمل على قدر من‬
‫المهارة‪ ،‬أما العمل التافه الذي ال قيمة له فال يمكن تقديمه كحصة‬
‫في الشركة‪.2‬‬
‫ويجب عدم الخلط بين العامل والشريك بحصة العمل‪ ،‬فهذا‬
‫األخير يقدم عمله لفائدة الشركة بشكل مستقل‪ ،‬أي دون الخضوع‬
‫لتبعيتها‪ ،‬كما أنه ال يتلقى أجرا مقابل عمله وإنما يستفيد بذات‬
‫الحقوق التي يستفيد منها باقي الشركاء في الشركة‪.3‬‬
‫وتتميز حصة العمل بخاصيتين أساسيتين‪ ،‬فمن جهة فهي ال‬
‫تقدم دفعة واحدة ولذلك تتميز بطابع االستمرارية‪ ،‬أي أن الشريك‬
‫يستمر في تقديم خدماته للشركة مادام عضوا فيها‪ .‬وكل ما يحققه‬
‫من كسب نتيجة ذلك يكون من نصيب الشركة‪ ،‬وذلك باستثناء ما قد‬
‫يتوصل إليه من اختراع‪ ،‬حيث يظل ملكا له ما لم ينص عقد الشركة‬
‫على خالف ذلك‪ .4‬ويمنع على الشريك منافسة الشركة عن طريق‬
‫ممارسة عمل مماثل لحسابه أو لحساب الغير‪ ،‬وعند مخالفته لهذا‬

‫‪ 1‬ـ عبد اإلله لحكيم بناني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- GUYON (Y), op. cit, p.104.‬‬
‫‪ 3‬ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.137‬‬
‫‪ 4‬ـ م ‪( 999‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‬
‫‪- 35 -‬‬
‫المنع يمكن للشركاء طلب إخراجه من الشركة وحيازة المكاسب‬
‫الناتجة عن هذه العمليات أو مطالبته بالتعويض‪ .1‬وال يطبق هذا‬
‫المقتضى إذا كان الشريك يقوم بهذه األعمال قبل انضمامه للشركة‬
‫ولم يمنعه نظامها من ذلك‪ .2‬ومن شأن خاصية االستمرارية أن‬
‫تجعل بقاء الشركة رهين بتنفيذ الشريك بالعمل اللتزاماته‪ ،‬وذلك‬
‫بالنظر إلى أن الشركة تنحل نتيجة توقف الشريك عن العمل ألي‬
‫سبب من األسباب‪.3‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تتميز حصة العمل بكونها حصة غير‬
‫مادية ال يمكن تقويمها بالنقود‪ ،‬وبالتالي فهي ال تدخل في تكوين‬
‫رأسمال الشركة وال تمثل ضمانا لدائنيها‪ .4‬وباعتبار الحصة‬
‫الصناعية ال تعد ماال‪ ،‬فمقدمها ال يخاطر بأي شيء يمكن الحجز‬
‫عليه من قبل دائني الشركة‪ ،‬لذلك ال يمكن تقديمها من قبل الشريك‬
‫الذي تكون مسؤوليته عن ديون الشركة محددة في إطار الحصة‪،‬‬
‫كالمساهم‪ 5‬والموصي‪ 6‬والشريك في الشركة ذات المسؤولية‬
‫المحددة‪ .7‬وبالتالي فال تقدم الحصة الصناعية إال من قبل الشريك‬
‫الذي يسأل عن ديون الشركة بصفة غير محدودة كالشريك‬
‫المتضامن‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ م ‪( 1004‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‬
‫‪ 2‬ـ م ‪( 1005‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‬
‫‪ 3‬ـ م ‪( 1052‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‬
‫‪ 4‬ـ فالشريك بالعمل يحصل مقابل حصته على أنصبة ذات طابع خاص‪ ،‬ألن األنصبة الفعلية‬
‫تمثل نسبة من رأسمال الشركة‪ .‬راجع‪:‬‬
‫‪-GUYON (Y), op.cit, p105.‬‬
‫‪ - 5‬المادة األولى من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫‪ - 6‬المادة ‪ 20‬من قانون الشركات التجارية‪.‬‬
‫‪ - 7‬المادة ‪ 51‬من قانون الشركات التجارية‪.‬‬
‫‪- 36 -‬‬
‫استثناء من هذه القاعدة‪ ،‬سمح المشرع للشريك في الشركة‬
‫ذات المسؤولية المحددة بتقديم الحصة الصناعية‪ ،‬ولكن بشرط‬
‫ارتباطها بحصة عينية يتمثل موضوعها في أصل تجاري أو مقاولة‬
‫حرفية‪.1‬‬
‫وفي إطار حصة العمل‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن المشرع أجاز‬
‫تقديم حصة االئتمان التجاري‪ ،‬أي مساهمة الشريك بما يتمتع به من‬
‫نفوذ أو ثقة مالية‪ .2‬ورغم أن هذه الحصة ال تنطوي على جهد يقدمه‬
‫الشريك كما هو الشأن بالنسبة لحصة العمل‪ ،‬إال أنها تقدم فائدة‬
‫كبيرة بالنسبة للشركة‪ .‬فتقديم الشخص لسمعته التجارية كحصة في‬
‫شركة التضامن من خالل إدراج اسمه ضمن عنوانها سيجعله‬
‫ضامنا اللتزاماتها‪ ،‬وبالتالي ثقة الجمهور في الشركة‪ .‬وعلى خالف‬
‫النفوذ المالي يمنع تقديم النفوذ السياسي كحصة في الشركة‪ ،‬وذلك‬
‫بالنظر إلى إخالل ذلك بمبدأ المساواة العامة‪ .‬وكمثال للنفوذ السياسي‬
‫عالقات الشخص بأعضاء البرلمان أو الحكومة‪.3‬‬
‫وخالصة القول فحصص العمل واالئتمان التجاري ال تدخل‬
‫في تكوين رأس مال الشركة ألنه ال يمكن تقييمها بمبلغ نقدي‪،‬‬
‫وبالتالي فالحصص النقدية والعينية التي لها وجود فعلي عند تأسيس‬
‫الشركة هي التي تكون رأسمالها‪.4‬‬

‫‪ - 1‬تنص المادة ‪ 51‬على أنه‪":‬ال يمكن أن تمثل األنصبة حصصا صناعية‪ .‬غير أنه إذ تعلق‬
‫غرض الشركة باستغالل أصل تجاري أ مقاولة حرفية‪ ،‬تم تقديمها حصة للشركة أو إنشاؤها‬
‫من طرفها انطالقا من عناصر مادية أو معنوية قدمت لها بصفة عينية‪ ،‬جاز لمقدمها أن يقدم‬
‫حصته الصناعية حينما يكون نشاطه الرئيسي مرتبطا بتحقيق غرض الشركة"‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ م ‪( 989‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ 4‬ـ وبناء عليه‪ ،‬فصياغة المادة ‪( 992‬ق‪.‬ل‪.‬ع) محل نظر‪ ،‬وذلك بقولها‪" :‬رأسمال الشركة‬
‫يتكون من مجموع الحصص المقدمة من الشركاء‪"...‬‬
‫‪- 37 -‬‬
‫رابعا‪ :‬أهمية رأسمال الشركة‬
‫رأسمال الشركة هو مجموع الحصص النقدية والعينية‬
‫المقدمة من طرف الشركاء سواء عند تأسيس الشركة أو عند الزيادة‬
‫في رأس المال خالل حياة الشركة‪ .‬وقد فرض المشرع ضرورة‬
‫االكتتاب في رأس المال بالكامل عند تأسيس الشركة‪ ،1‬كما أوجب‬
‫تضمين مبلغ رأس المال في جميع الوثائق الصادرة عن الشركة‬
‫كالفاتورات واإلعالنات‪.2‬‬
‫ولرأس المال أهمية قصوى بالنسبة للشركة والشركاء‬
‫ودائنيها‪ .‬فهو يعد الركيزة األساسية للبدء في ممارسة النشاط‬
‫االقتصادي للشركة‪ ،‬لذلك اشترط الفقه والقضاء تناسب مبلغ رأس‬
‫المال مع حجم نشاط الشركة‪ ،‬إذ أن تأسيسها بأموال غير كافية‬
‫لتحقيق غرضها يعني اللجوء إلى االقتراض المفرط‪ ،‬وهو ما من‬
‫شأنه أن يعرض الشركة لصعوبات مالية‪ .‬وفي هذا اإلطار لم يتردد‬
‫القضاء في تحميل المسؤولية لمؤسسي الشركة عند عدم تناسب‬
‫رأس المال مع غرض الشركة‪ ،‬ولو في حالة احترامهم للحد األدنى‬
‫لراس المال الذي فرضه المشرع بالنسبة لبعض الشركات‪.3‬‬
‫وإلى جانب كونه الممول الرئيسي لنشاط الشركة‪ ،‬يوفر‬
‫رأس المال حماية لحقوق دائني الشركة باعتباره ضمانهم العام الذي‬
‫يمكن الحجز عليه وبيعه للحصول على ديونهم‪.‬‬

‫‪ - 1‬م ‪ .21‬ق‪.‬ش‪.‬م‪.‬‬
‫‪ - 2‬م ‪ . 4‬ق‪.‬ش‪.‬م‪.‬‬
‫‪ - 3‬عالل فالي‪ ،‬مفهوم رس المال في شركة المساهمة‪ ،‬طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص‪.48 :‬‬
‫‪- 38 -‬‬
‫لكن هذا الدور تقل أهميته في شركات األشخاص بالنظر إلى‬
‫المسؤولية المطلقة والتضامنية للشركاء‪ .1‬وعلى خالف ذلك تزداد‬
‫أهمية رأس المال في حماية الدائنين على مستوى شركات األموال‬
‫والشركة ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬وذلك نتيجة النحصار مسؤلية‬
‫الشركاء عن ديون الشركة في حدود قيمة الحصص‪ .‬ولهذا السبب‬
‫قام المشرع بفرض حد أدنى لرأس مال هذه الشركات‪ ،‬وهكذا ال‬
‫يمكن أن يقل رأس المال عن ثالثمائة ألف درهم في شركة‬
‫المساهمة المغلقة وعن ثالثة ماليين درهم إذا تعلق األمر بشركة‬
‫مساهمة تدعو الجمهور لالكتتاب‪ ،2‬أما بالنسبة للشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة فرغم األهمية القصوى لرأس المال بالنسبة‬
‫لدائنيها‪ ،‬إال أن المشرع لم يفرض أي حد أدنى‪ ،‬بل ترك األمر‬
‫إلرادة الشركاء‪.3‬‬
‫وبالنسبة لبعض شركات المساهمة التي تمارس أنشطة‬
‫اقتصادية هامة فقد خصها المشرع بتنظيم خاص‪ ،‬إذ يجب أن تتوفر‬

‫‪ 1‬ـ فبالنسبة لشركات أألشخاص ال يخلو رأس المال من أهمية بالنسبة للدائنين‪ ،‬وذلك بالنظر‬
‫إلى أن تنفيذ دائني الشركة على رأسمالها يتم دون أية مزاحمة من قبل الدائنين الشخصيين‬
‫للشركاء‪ ،‬عكس ما هو عليه األمر بالنسبة لتنفيذهم على الذمة المالية للشريك المتضامن‪.‬‬
‫راجع‪ :‬ـ محمود بربري‪ ،‬الشخصية المعنوية للشركة التجارية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1985‬ص ‪.49‬‬
‫‪ 2‬ـ المادة ‪ 6‬من قانون شركات المساهمة‪ .‬ويقصد بشركة المساهمة المغلقة تلك التي توزع‬
‫أسهمها بين مؤسسيها‪ ،‬أما شركة المساهمة التي تدعو الجمهور إلى شراء أسهمها‪ ،‬فقد حددت‬
‫معاييرها المادة ‪ 9‬كاآلتي‪:‬‬
‫ـ كل شركة تطلب تقييد سنداتها في جدول أسعار بورصة القيم أو في أي سوق منظمة أخرى‬
‫أو تصدر أو تفوت هذه السندات وفق الشروط المنصوص عليها في األحكام التشريعية الجاري‬
‫بها العمل‪.‬‬
‫‪ - 3‬تنص المادة ‪ 46‬من قانون باقي الشركات على أنه‪ ":‬يحدد رأسمال الشركة ذات المسؤولية‬
‫المحدودة بحرية من طرف الشركاء في النظام األساسي ويقسم الرأس المال إلى أنصبة قيمتها‬
‫اإلسمية متساوية‪.‬‬
‫‪- 39 -‬‬
‫شركات التأمين على رأس مال ال يقل عن ‪ 50‬مليون درهم‪ ،1‬كما‬
‫يجب أن تتوفر الشركات الراغبة في التسجيل في بورصة القيم‬
‫المنقولة على رأسمال ال يقل عن ‪ 5‬ماليين درهم‪.2‬‬
‫وإذا كان تمتع الشريك ببعض الحقوق ال عالقة له بحجم‬
‫مساهمته في رأسمال الشركة‪ ،‬كالحق في اإلعالم وحق بيع‬
‫األسهم‪ .3...‬فإن تمتع الشريك بالحقوق األخرى يرتبط بحجم‬
‫مساهمته في رأسمال الشركة‪ ،‬كالحق في التصويت داخل جمعيات‬
‫الشركاء‪ .4‬فنطاق هذه الحقوق يتوقف على النسبة التي تمثلها‬
‫مساهمة الشريك في رأسمال الشركة‪ ،‬أي الخضوع لقاعدة التناسبية‪.‬‬
‫وهكذا تكون سلطة اتخاذ القرار والتحكم في تدبير أمور‬
‫الشركة بيد الشركاء الذين يملكون أغلبية رأس المال‪ .‬فعلى مستوى‬
‫شركات المساهمة كل سهم يمكن المساهم من الحق في الحصول‬
‫على صوت واحد داخل الجمعيات العامة للمساهمين‪ ،5‬وبالتالي‬
‫فالمجموعة التي تتوفر على أغلبية األصوات هي التي تتحكم في‬
‫تدبير الشركة‪ ،6‬كتعيين وعزل المتصرفين‪...‬‬
‫لكن هذا االرتباط بين نصيب المساهم في رأس المال وحقه في‬
‫التصويت ليس ارتباطا مطلقا‪ ،‬اذ سمح المشرع بإمكانية إيراد‬
‫استثناءات عليه‪.‬‬

‫‪ - 1‬م ‪ 171‬من مدونة التأمينات‪.‬‬


‫‪ - 2‬م ‪ 14‬من قانون بورصة القيم‪.‬‬
‫‪ - 3‬وهي الحقوق التي تسمى بالحقوق الخاصة‪.‬‬
‫‪ - 4‬وهو حق يندرج في إطار ما يسمى بالحقوق السياسية‪.‬‬
‫‪ - 5‬م ‪ .259‬ق‪.‬ش‪.‬م‪.‬‬
‫‪ - 6‬لتفادي تعسف األغلبية مكن المشرع األقلية من مجموعة من الوسائل لممارسة الرقابة على‬
‫تدبير الشركة‪ ،‬كمطالبة المحكمة بتعيين خبير إلنجاز تقرير عن عمليات التسيير‪ .‬وبخصوص‬
‫هذا الموضوع‪ ،‬راجع‪ :‬د‪.‬عبد الواحد حمداوي‪ ،‬تعسف األغلبية في شركة المساهمة‪ ،‬مطبعة‬
‫األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،2013 ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪- 40 -‬‬
‫وهكذا يمكن لنظام الشركة تقييد حق حضور ومشاركة‬
‫المساهم في الجمعيات العامة بالتوفر على عدد معين من األسهم‪،1‬‬
‫كما رخص المشرع بإمكانية منح بعض المساهمين عددا من‬
‫األصوات يفوق ما يتناسب مع أسهمهم‪ .‬فلتشجيع بعض المساهمين‬
‫على البقاء في الشركة‪ ،‬يمكن اتخاذ قرار بمنح أسهمهم تصويتا‬
‫مضاعفا‪ ،2‬وال يمكن إنشاء هذه األسهم ذات التصويت المضاعف‬
‫إال عند تحقق مجموعة من الشروط‪ ،‬وبشكل خاص وجوب أن‬
‫تكون هذه األسهم محررة كليا ومقيدة بإسم نفس المساهم لمدة سنتين‬
‫على األقل‪ .‬وهذا االمتياز مرتبط بشخص المساهم وال ينتقل إلى‬
‫مشتري األسهم ذات التصويت المضاعف‪.‬‬
‫إضافة إلى ما سبق‪ ،‬يمكن للمساهمين الحصول على األموال‬
‫الضرورية والرفع من رأسمال الشركة بإدخال مساهمين جدد‪ ،‬لكن‬
‫دون إحداث تغيير على األغلبية المتحكمة في أمور الشركة‪ ،‬وذلك‬
‫عن طريق إنشاء أسهم تمنح للمساهم مجموعة من االمتيازات‬
‫باستثناء الحق في التصويت‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لألسهم ذات‬
‫األولوية في األرباح دون حق التصويت وبالنسبة لألسهم التي تسمى‬
‫بشهادة االستثمار‪.‬‬
‫فشهادة االستثمار هي أسهم تمكن مقدم الحصة فقط من التمتع‬
‫بالحقوق المالية كاألرباح‪ ،‬ويمنع عليه ممارسة الحقوق األخرى‬
‫المرتبطة باألسهم كالحق في التصويت‪ .3‬فحق التصويت المترتب‬
‫عن هذه الشهادات يعود إلى المساهمين الموجودين وقت انشائها‪،‬‬

‫‪ - 1‬م ‪ .127‬ق‪.‬ش‪.‬م‪.‬‬
‫‪ - 2‬م ‪ .257‬ق‪.‬ش‪.‬م‪.‬‬
‫‪ - 3‬م‪.282‬ق‪.‬ش‪.‬م‬
‫‪- 41 -‬‬
‫وذلك بالتناسب مع ما يملكون من أسهم‪ .‬أي أن هؤالء سيحصلون‬
‫على أصوات إضافية رغم عدم تقديمهم لحصص جديدة‪.1‬‬
‫إضافة إلى دور الحصص والمساهمات في رأسمال الشركة‬
‫على مستوى تحديد سلطات الشريك في تدبير شؤونها‪ ،‬فهي التي‬
‫تعتمد كذلك على مستوى تحديد الحقوق المالية للشريك‪ ،‬وخصوصا‬
‫بالنسبة لتوزيع األرباح والخسائر‪.‬‬
‫الفقرة الثالـثة‬
‫اقتسام األرباح والخسائر‬
‫لصحة عقد الشركة البد من اتجاه إرادة الشركاء إلى تقسيم‬
‫األرباح وتحمل الخسائر المحتمل تحققها بفعل استغالل الحصص‬
‫المقدمة‪ .‬فعقد الشركة عقد مجازفة أو مخاطرة‪ ،‬فقد يزدهر نشاط‬
‫الشركة وتتحقق األرباح وقد تعترضه مصاعب تؤدي إلى خسائر‬
‫يتحملها الشركاء‪.2‬‬
‫لكن درجة تحمل الشريك لخسائر وديون الشركة تختلف‬
‫باختالف أشكال الشركات‪ ،‬فالشركاء المتضامنون في شركة‬
‫التضامن وشركات التوصية يسألون عن خسائر وديون الشركة‬
‫بشكل غير محدود‪ ،‬أما المساهمون في شركات المساهمة والتوصية‬
‫باألسهم والشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة والموصون‬
‫في شركة التوصية البسيطة فال يسألون عن خسائر الشركة إال في‬
‫حدود حصصهم‪.‬‬
‫وخسائر الشركة ال تبرز من حيث المبدأ إال وقت انحاللها‪،‬‬
‫حيث يساهم الشريك في الخسائر عندما ال يسترجع حصته أو جزء‬

‫‪ - 1‬فؤاد معالل‪ ،‬شهادات االستثمار الصادرة عن شركات المساهمة‪ ،‬مجلة القانون واالقتصاد‬
‫ع ‪ ،16‬ص‪.33.‬‬
‫‪ 2‬ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪.150 ،‬‬
‫‪- 42 -‬‬
‫منها عند انحالل الشركة‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد تتجاوز مساهمة‬
‫الشريك المتضامن في الخسائر خطر فقدان الحصة‪ ،‬اذ قد تتم‬
‫متابعته من قبل دائني الشركة في أمواله الخاصة‪ ،‬وبالتالي يفقد‬
‫كذلك المبالغ التي يؤديها‪.‬‬
‫أما بالنسبة لألرباح التي حققتها الشركة فهي توزع سنويا‬
‫على الشركاء‪ .‬ويعتبر استهداف الربح واقتسامه بين الشركاء من‬
‫المعايير المميزة للشركة عن غيرها من التجمعات المتمتعة‬
‫بالشخصية المعنوية‪ ،‬لكن توضيح ذلك رهين بتحديد المقصود‬
‫بالربح‪ ،‬وتحديد الضوابط المتبعة لتوزيعه‪.‬‬
‫أوال‪ :‬األرباح القابلة للتوزيع‬
‫بمناسبة مصادقة جمعية الشركاء على حسابات السنة المالية‬
‫التي يقدمها الجهاز اإلداري‪ ،‬تتأكد من مدى تحقيق الشركة ألرباح‬
‫يمكن توزيعها على الشركاء‪ ،‬وذلك من خالل مقارنة أصول وأموال‬
‫الشركة بمبلغ رأسمالها‪ .‬فال يمكن الحديث عن أرباح إال في حالة‬
‫تجاوز أصول الشركة لرأسمالها‪.‬‬
‫هذا الفرق بين أصول الشركة ورأسمالها هو الذي يمثل الربح‬
‫الصافي القابل للتوزيع على الشركاء‪ .‬لكن ال تتم عملية التوزيع إال‬
‫بعد إجراء مجموعة من االقتطاعات من هذا المبلغ منها‪:‬‬
‫‪-‬اقتطاع الخسائر التي تعرضت لها الشركة في السنوات‬
‫السابقة‪ .‬فرغم تحقيق الشركة ألرباح‪ ،‬فال يحق توزيعها على‬
‫الشركاء ما لم يتم استرجاع القيمة األصلية لرأسمال الشركة‬
‫والمحددة في نظامها األساسي‪ ،‬والتي انخفضت بفعل الخسائر التي‬
‫تعرضت لها الشركة‪.‬‬
‫‪-‬اقتطاع نسبة من األرباح لتكوين االحتياطي الذي يفرضه‬
‫القانون أو نظام الشركة‪ ،‬أي وضع مبلغ نقدي بين يدي الشركة‬
‫‪- 43 -‬‬
‫يخصص لمواجهة ما قد يعترضها من صعوبات في المستقبل‪.‬‬
‫وبالنسبة لشركة المساهمة فقد فرض المشرع اقتطاع ‪ 5‬في المائة‬
‫من األرباح السنوية لتكوين االحتياطي القانوني الذي يجب أن يصل‬
‫إلى عشر رأسمال الشركة‪.1‬‬
‫‪-‬اقتطاع الضرائب المفروضة على الشركة‪.‬‬
‫وبعد القيام بهذه االقتطاعات يتم توزيع المبالغ المتبقية على‬
‫الشركاء‪ ،‬وعند تأخر الشركة في تمكين الشريك من نصيبه من‬
‫األرباح يمكن الزامها عن طريق القضاء‪.2‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬فالربح الحقيقي الذي يوزع على الشركاء‬
‫هو المبلع الذي يمثل الفرق إليجابي بين أصول الشركة ورأسمالها‪.‬‬
‫وكل توزيع ألموال الشركة خارج هذا اإلطار هو بمثابة توزيع‬
‫ألرباح وهمية‪ .‬فال يجب اقتطاع مبالغ من رأسمال الشركة لتوزيعها‬
‫على الشركاء‪ ،‬إذ يتعين عدم المساس بهذا األخير لكونه مخصص‬
‫لضمان حقوق دائني الشركة‪ .‬وتسمى هذه القاعدة بقاعدة ثبات رأس‬
‫المال‪ ،‬أي منع الشركاء من اقتطاع مبلغ من رأسمال الشركة‬
‫لتوزيعه فيما بينهم‪ .‬وعند مخالفة هذا المنع تقوم جنحة توزيع‬
‫األرباح الوهمية‪ ،‬أي ترتيب المسؤولية الجنائية ألجهزة التدبير‬
‫ولكل من ساهم في عملية التوزيع‪ .3‬كما يمكن مطالبة الشركاء‬
‫بإرجاع ما حصلوا عليه من أرباح وهمية‪.4‬‬
‫وال يجب أن يفهم من قاعدة ثبات رأس المال عدم إمكانية‬
‫تغييره‪ .‬فقد يقرر الشركاء الزيادة في رأسمال الشركة‪ ،‬كما أن‬

‫‪ - 1‬م ‪ 329‬ق‪.‬ش‪.‬م‪.‬‬
‫‪ - 2‬بالنسبة لشركة المساهمة فقد فرض المشرع أداء األرباح خالل أجل ‪ 9‬أشهر من اختتام‬
‫السنة المالية (م‪.335‬ق‪.‬ش‪.‬م)‪.‬‬
‫‪ - 3‬م‪( 384 .‬ق‪.‬ش‪.‬م)‬
‫‪ - 4‬م‪( 336 .‬ق‪.‬ش‪.‬م)‪ ،‬م‪ 84 .‬من قانون باقي الشركات التجارية‪.‬‬
‫‪- 44 -‬‬
‫لممثل الشركة التصرف في الحصص المكونة له‪ ،‬وقد تستهلك أو‬
‫تختفي نتيجة لذلك‪ .‬فهذه القاعدة تخص فقط الشركاء‪ ،‬إذ يجب‬
‫عليهم ترك رأس المال في ذمة الشركة وعدم توزيع مكوناته فيما‬
‫بينهم‪.‬‬
‫ويعد استهداف الربح وتوزيعه على الشركاء احدى المعايير‬
‫األساسية التي تعتمد لتمييز الشركة عن المؤسسات المشابهة‬
‫كالجمعية والتعاونية والمجموعة ذات النفع االقتصادي‪.‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬فإذا كانت الشركة تجمع يهدف تحقيق كسب نقدي‬
‫أو مادي يوزع على الشركاء‪ ،‬فالجمعية بمفهومها الضيق تجمع‬
‫يهدف إلى غايات أخرى غير الربح‪ ،‬كاألهداف الرياضية أو الثقافية‬
‫أو السياسية‪ ...‬وال تعتبر الجمعية بمثابة شركة ولو في حالة تحقيقها‬
‫الربح‪ ،‬وذلك بالنظر إلى أن األرباح ال توزع على أعضائها وإنما‬
‫تخصص لتحقيق األهداف التي نشأت من أجلها الجمعية‪.1‬‬
‫وعلى خالف الشركة‪ ،‬فالتعاونية تجمع ال يهدف إلى تحقيق‬
‫الربح المادي أو النقدي بشكل مباشر‪ ،‬وإنما إلى تجنيب األعضاء‬
‫الخسائر أو التقليل من مصاريفهم من خالل تجميع الوسائل‬
‫واإلمكانيات‪ ،‬كتقديم السلع والخدمات لألعضاء بأقل من سعر‬
‫التكلفة‪ .2‬وعلى غرار التعاونية ال تهدف المجموعة ذات النفع‬
‫االقتصادي إلى تحقيق الكسب المادي‪ .3‬فهذه المجموعة يتم تكوينها‬
‫فقط من قبل األشخاص المعنوية‪ ،‬وذلك من أجل تسخير الوسائل‬

‫‪1‬‬
‫‪- GUYON (Y), op. cit, P 113.‬‬
‫ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪150‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-GUYON (Y) op. cit., P 112.‬‬
‫‪ 3‬ـ المجموعات ذات النفع االقتصادي ينظمها القانون رقم ‪ 97‬ـ ‪ 13‬الصادر بتاريخ ‪ 5‬فبراير‬
‫‪ ،1999‬والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪.4678‬‬
‫‪- 45 -‬‬
‫التي من شأنها تسهيل أو تنمية نشاطهم االقتصادي‪ .1‬ومثال ذلك قيام‬
‫عدة شركات بتكوين مجموعة ذات نفع اقتصادي تتولى البحث عن‬
‫أسواق لمنتوجاتها أو البحث عن المواد األولية‪ .‬إذن فالمجموعة‬
‫تمارس نشاطا مرتبطا بنشاط أعضائها ولحسابهم‪ ،2‬ولذلك فهي‬
‫تتمتع بالشخصية المعنوية ابتداء من تقييدها في السجل التجاري‪،3‬‬
‫إال أن نشاط المجموعة هو الذي يحدد صفتها المدنية أو التجارية‪،‬‬
‫سواء كان أعضاؤها تجارا أم ال‪.4‬‬
‫ثانيا‪ :‬طريقة توزيع األرباح‬
‫بالنسبة لطريقة توزيع األرباح والخسائر فهي تتم وفق مبدأ‬
‫التوزيع النسبي‪ ،‬أي أن نصيب كل شريك يكون بنسبة حصته في‬
‫رأسمال الشركة‪ .5‬لكن مع مراعاة الوضعية الخاصة للشريك‬
‫بالعمل‪ ،‬إذ يحدد نصيبه في األرباح في نظام الشركة‪ .‬وكل شرط‬
‫يقضي بمنح أحد الشركاء نصيبا يختلف عن القدر الذي يتناسب مع‬
‫حصته يكون باطال ومبطال لعقد الشركة‪ .6‬وكمثال لهذه الشروط‬
‫تنصيص عقد الشركة على قسمة متساوية لألرباح والخسائر رغم‬
‫اختالف قيمة الحصص‪.‬‬
‫وفي إطار الشروط التي تتعارض ومبدأ التوزيع النسبي‪ ،‬قد‬
‫يتضمن عقد الشركة ما يسمى بشرط األسد‪ ،‬وهو شرط يقضي بمنح‬
‫أحد الشركاء أو بعضهم كل األرباح أو يقضي بإعفاء أحدهم أو‬
‫بعضهم من تحمل أية خسائر‪ .‬وقد يتواجد هذا الشرط في شركات‬

‫‪ 1‬ـ المادة ‪ 1‬من قانون ‪ 97‬ـ ‪.13‬‬


‫‪ 2‬ـ المادة ‪ 2‬من نفس القانون‬
‫‪ 3‬ـ المادة ‪ 4‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ المادة ‪ 5‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ المادة ‪( 1033‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‬
‫‪ 6‬ـ المادة ‪( 1034‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‬
‫‪- 46 -‬‬
‫األشخاص‪ ،‬حيث تحتفظ إرادة الشركاء بدور بارز‪ .‬أما بالنسبة‬
‫لشركات األموال فتواجده مستبعد‪ ،‬بالنظر إلى أن نصيب المساهم‬
‫في األرباح والخسائر يحدد تبعا لعدد األسهم التي يمتلكها‪.1‬‬
‫وإذا كان المشرع قد رتب بطالن كل شرط ال يحترم مبدأ‬
‫التوزيع النسبي وبطالن عقد الشركة نفسه كما رأينا‪ ،‬إال أنه تراجع‬
‫عن هذا الحكم نسبيا بالنسبة لشرط األسد‪ .‬وهكذا ذهب إلى أنه إذا‬
‫تعلق شرط األسد باألرباح‪ ،‬فالشرط باطل ومبطل لعقد الشركة‪.‬‬
‫ويمكن للقضاء في هذه الحالة اعتبار عقد الشركة بمثابة عقد تبرع‬
‫من الشريك الذي تنازل عن نصيبه في األرباح‪ ،‬أي أن بطالن عقد‬
‫الشركة يؤدي إلى تحوله إلى عقد تبرع‪ .2‬وإذا تعلق شرط األسد‬
‫بالخسائر‪ ،‬فالبطالن يلحق الشرط فقط دون عقد الشركة‪ .‬أي أن‬
‫شرط األسد يعتبر كأنه غير موجود في هذه الحالة‪.3‬‬
‫وبالنسبة لجانب من الفقه فهذا التمييز غير مبرر‪ ،‬وبالتالي‬
‫كان على المشرع تقرير بطالن عقد الشركة وشرط األسد سواء‬
‫تعلق هذا الشرط باألرباح أو الخسائر‪ .4‬لكن يبدو أن هذا التوجه ال‬
‫ينسجم ورغبة مختلف التشريعات في الحفاظ على بقاء الشركة‬
‫وتفادي تقرير بطالنها ما أمكن‪ .‬هذه الرغبة تقتضي اإلقرار ببطالن‬
‫شرط األسد أو أي شرط آخر ال يتناسب والتوزيع النسبي لألرباح‬
‫والخسائر‪ ،‬وذلك دون عقد الشركة الذي يبقى صحيحا‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ عز الدين بنستي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.62 :‬‬


‫‪ 2‬ـ وهذا األمر من تطبيقات نظرية تحول العقد التي تجد أساسها في المادة ‪( 309‬ق‪.‬ل‪.‬ع) التي‬
‫تنص على أنه‪" :‬إذا أبطل االلتزام باعتبار ذاته وكان من الشروط ما يصح به التزام آخر جرت‬
‫عليه القواعد المقررة لهذا االلتزام األخير"‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ المادة ‪( 1035‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‬
‫‪ 4‬ـ عز الدين بنستي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪- 47 -‬‬
‫ويتم التصريح ببطالن شرط األسد سواء تم إيراد هذا الشرط‬
‫في عقد الشركة أو في عقد آخر يقوم بين الشركاء‪ .‬فلتفادي جزاء‬
‫البطالن قد يقدم الشركاء على إيراد شروط ال تهدف إعفاء أحد‬
‫الشركاء من تحمل الخسائر إال بشكل غير مباشر‪ .‬وهكذا يعتبر‬
‫بمثابة شرط أسد‪ ،‬الشرط الذي يلزم شركة المساهمة بشراء أسهم‬
‫مديرها بثمن محدد عند تخليه عن مهامه‪ .‬فبفضل هذا الوعد بشراء‬
‫األسهم يكون المدير قد ضمن استرجاع حصته كاملة ولو حققت‬
‫الشركة خسائر‪.1‬‬
‫إذن فمبدأ التناسبية‪ ،‬الذي نص عليه المشرع في المادة‬
‫‪( 1033‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪ ،‬يفرض أن يتمتع كل شريك بنصيب من األرباح‬
‫يتناسب مع حصته في رأسمال الشركة‪ .‬لكن آال يمكن مخالفة هذا‬
‫المبدأ؟‬
‫بالرجوع إلى القانون المتعلق بشركة المساهمة‪ ،‬وبعد منعه‬
‫التنصيص في النظام األساسي على ربح محدد وقار للمساهم‪ ،2‬نجده‬
‫يسمح للشركاء باتخاذ قرار يسمح ألحد الشركاء بالتمتع بأرباح‬
‫تفوق ما يتناسب مع حصته‪ .‬وهكذا يمكن لشركة المساهمة إنشاء‬
‫أسهم ذات أولوية في األرباح دون حق التصويت‪ ،3‬وهي أسهم‬
‫تسمح لحاملها بالحصول على نسبة معينة من األرباح قبل توزيع‬
‫الباقي على جميع المساهمين‪ ،‬بما في ذلك صاحب األسهم ذات‬
‫األولوية‪ ،‬استنادا إلى قاعدة التناسبية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪COZIAN (M). VIANDIER (A), op.cit, P64.‬ـ‬
‫‪ - 2‬فهذا الشرط يعني ضمان أداء نسبة معينة من األرباح للمساهم ولو في حالة عدم تحقيقها‪.‬‬
‫ولم يسمح المشرع باعتماد هذا الشرط إال بخصوص األسهم المملوكة للمؤسسات‬
‫العامة(ف‪ 331‬ق‪.‬ش‪.‬م)‪.‬‬
‫‪ .262 - 3‬ق‪.‬ش‪.‬م‪.‬‬
‫‪- 48 -‬‬
‫فهذه األسهم تمثل استثناء على قاعدة التناسبية المعتمدة على‬
‫مستوى توزيع األرباح‪ ،‬إذ أنها تمكن المساهم من الحصول على‬
‫أرباح تفوق ما يحصل عليه مساهم آخر يملك نفس عدد األسهم‪.‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬يمكن القول بأن مبدأ التناسبية ليس من النظام العام على‬
‫مستوى شركات المساهمة‪ ،‬أي يمكن للشركاء مخالفته من خالل‬
‫االتفاق على توزيع لألرباح ال يراعي حصة الشريك في الشركة‪،‬‬
‫لكن ال يجب أن يصل األمر إلى حد اعتماد شرط األسد‪.1‬‬

‫‪ - 1‬عالل فالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.227 .‬‬


‫‪- 49 -‬‬
‫الفقرة الرابـعة‬
‫نيــة المشـاركـة‬
‫إضافة إلى األركان السابقة لعقد الشركة‪ ،‬اتفق الفقه والقضاء‬
‫على إضافة ركن آخر ذو طبيعة معنوية يتمثل في ركن نية‬
‫المشاركة‪ .‬ويقصد به أن تتواجد لدى الشركاء إرادة التعاون على‬
‫قدم المساواة‪ ،‬وذلك من أجل تحقيق مصلحة جماعية أو مشتركة‪.‬‬
‫وتواجد إرادة التعاون يستخلص من مساهمة الشريك بشكل إيجابي‬
‫في تدبير شؤون الشركة واستعماله لسلطة المراقبة والنقد‪ .‬أما‬
‫المساواة‪ ،‬فيقصد بها المساواة على مستوى الحقوق المرتبطة بصفة‬
‫الشريك وليس المساواة على مستوى المصالح المالية‪.1‬‬
‫فركن نية المشاركة يترجم االلتزام بحسن النية الملقى على‬
‫عاتق كل شريك أثناء حياة الشركة‪ ،‬وذلك بالتصرف وفق المصلحة‬
‫الجماعية‪ .2‬لكن قوة هذا الركن تختلف بحسب شكل الشركة وما‬
‫يتحمله الشريك من مخاطر‪ ،‬فإذا كانت إرادة العمل الجماعي بارزة‬
‫على مستوى شركات األشخاص‪ ،‬فإن األمر على خالفه بالنسبة‬
‫لشركات األموال‪ ،‬حيث نجد عددا من المساهمين ال يهتمون بحياة‬
‫الشركة بقدر ما يهتمون بالحصول على األرباح والمنافع الناتجة‬
‫عن بيع األسهم‪ .3‬وبالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة يختفي‬
‫ركن نية المشاركة عندما تتكون من شريك وحيد‪ ،‬أي أن هذا‬
‫األخير ليس له نية االشتراك والتعاون‪.‬‬
‫وفي المجال العملي تظهر أهمية ركن نية المشاركة بمناسبة‬
‫تمييز عقد الشركة عن غيره من العقود‪ ،‬وخصوصا عندما ال يعبر‬

‫‪1‬‬
‫‪-MERCADAL (B). Janin (PH), op. cit, P80.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ GUYON (Y), OP. cit, 127.‬ـ‬
‫‪ 3‬ـ فؤاد معالل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.247‬‬
‫‪- 50 -‬‬
‫األطراف عن إرادتهم بشكل واضح‪ .‬وهكذا يتم اعتماد هذا الركن‬
‫لتمييز عقد الشركة عن العقود التي تؤطر بدورها مساهمة الشخص‬
‫بالمال أو العمل مقابل الحصول على نسبة من األرباح‪ ،‬كما هو‬
‫الشأن بالنسبة لعقد القرض مقابل نسبة من األرباح وعقد العمل مع‬
‫اشتراك العامل في األرباح‪.1‬‬
‫فبالنسبة للعقد األول‪ ،‬فالشخص يقرض شخصا آخر مبلغا من‬
‫النقود الستثماره في مشروع معين‪ ،‬وذلك مقابل حصوله على نسبة‬
‫من األرباح بدل الفائدة الثابتة‪ .‬فرغم تواجد عنصر تقديم الحصة‬
‫وعنصر المساهمة في األرباح ال يمكن اعتبار هذا العقد بأنه عقد‬
‫شركة النعدام عنصرنية المشاركة لدى المقرض‪ ،‬إذ أنه ال يتدخل‬
‫في إدارة المشروع‪.‬‬
‫وبالنسبة للعقد الثاني‪ ،‬فصاحب العمل يخصص نسبة من‬
‫األرباح للعامل من أجل تشجيعه ودفعه إلى بذل المزيد من الجهود‪.‬‬
‫فرغم تواجد حصة العمل واقتسام األرباح ال يمكن تكييف العقد‬
‫بكونه عقد شركة‪ ،‬وذلك النعدام عنصر نية المشاركة‪ ،‬وبشكل‬
‫خاص انعدام التعاون على قدم المساواة بين العامل وصاحب العمل‪،‬‬
‫وذلك بفعل وضعية التبعية التي يتواجد فيها العامل‪.‬‬
‫إضافة إلى ما سبق‪ ،‬تظهر األهمية العملية لركن نية‬
‫المشاركة في استخالص وجود الشركة رغم انعدام أي اتفاق بين‬
‫الشركاء‪ ،‬إذ أن هذا العنصر يسمح باستخالص وجود ما يسمى‬
‫بالشركة الناشئة بفعل الواقع‪ .2‬فهذه الشركة تنشأ عن تصرف‬
‫مجموعة من األشخاص وكأنهم شركاء‪ ،‬لكن دون اتباع إجراءات‬

‫‪ - 1‬ـ فؤاد معالل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.248‬‬


‫‪- 2‬يجب التمييز بين الشركة الناشئة بفعل الواقع وشركة الواقع‪ ،‬فهذه األخيرة شركة مسجلة‬
‫بالسجل التجاري‪ ،‬لكن تم التصريح ببطالنها‪.‬‬
‫‪- 51 -‬‬
‫تأسيس الشركة‪ ،‬كما هو الشأن في حالة تعاون شخصين الستغالل‬
‫أصل تجاري مملوك ألحدهم‪.1‬‬
‫فعند توقف التعاون بين الشخصين يحصل مالك األصل‬
‫التجاري على جميع األموال‪ ،‬لكن إذا أثبت الشخص اآلخر وجود‬
‫شركة ناشئة بفعل الواقع تتم قسمة هذه األموال‪ .‬وقد يتم إثبات وجود‬
‫هذه الشركة من قبل الغير‪ ،‬إذ قد يعلم دائن األصل التجاري بأن‬
‫مالكه يواجه صعوبات مالية‪ ،‬وبالتالي يقوم بإثبات شركة ناشئة بفعل‬
‫الواقع من أجل مساءلة الشخص اآلخر عن ديون الشركة‪.‬‬
‫والعنصر الحاسم الذي يعتمده القضاء الستخالص وجود هذه‬
‫الشركة هو عنصر نية المشاركة‪ ،2‬أي وجود تعاون بين الشخصين‬
‫على قدم المساواة لتحقيق مصلحة مشتركة‪ .‬ومن مظاهر هذا‬
‫التعاون‪ ،‬قيام الشخص غير المالك لألصل التجاري بإبرام مختلف‬
‫العقود المرتبطة به‪ ،‬كعقود العمل وإيداع النقود في الحساب‬
‫البنكي‪.3...‬‬
‫وعند إثبات وجود الشركة الناشئة بفعل الواقع تطبق عليها‬
‫قواعد شركة المحاصة‪ ،‬إذ تنص المادة ‪ 88‬من قانون الشركات‬
‫التجارية على أنه"ال وجود لشركة المحاصة إال في العالقات بين‬
‫الشركاء‪ ...‬يمكن أن تنشأ بفعل الواقع"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-COZIAN (M), OP. CIT, P 446.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-CASS.CIV, 13 nov 1980, Rev. Soc, 1981, p788.‬‬
‫‪ - 3‬وإلثبات وجود هذه الشركة من قبل األطراف‪ ،‬البد من إثبات وجود نية المشاركة وتقديم‬
‫الح صص واقتسام األرباح والخسائر‪ .‬أما بالنسبة للغير فيكفيه إثبات تصرف األشخاص‬
‫كشركاء اتجاهه‪ ،‬أي فقط استدعاء الوضع الظاهر‪.‬‬
‫‪- 52 -‬‬
‫املبحـث الثاني‬

‫شكليـات تأسيـس الشركـة‬

‫بهدف إبراز األركان السابقة يقوم مؤسسوا الشركة بإجراء‬


‫مفاوضات ونقاشات حولها‪ ،‬كالتفاوض بشأن غرض الشركة‬
‫ورأسمالها وشكلها والرخص اإلدارية وغيرها من العناصر‬
‫الجوهرية‪ .‬وإذا سارت المفاوضات في االتجاه الصحيح ترتب عنها‬
‫تعهد األطراف بتأسيس الشركة‪ ،1‬وهو ما يترجمه النظام األساسي‬
‫للشركة‪ .2‬ومن حيث األصل تنعقد التصرفات بمجرد تراضي‬
‫األطراف‪ ،‬لكن بالنسبة لبعض التصرفات يجب أن يتم التعبير عن‬
‫اإلرادة وفق شكل يحدده القانون‪ .‬إذن فالشكلية تقوم كلما فرض‬
‫المشرع ضرورة إتباع بعض اإلجراءات من أجل االعتداد بصحة‬
‫التعبير عن اإلرادة‪.3‬‬
‫وعقد الشركة من التصرفات التي أحاطها المشرع بشكليات‬
‫صارمة‪ ،‬وذلك بهدف ضبط حقوق والتزامات الشركاء‪ ،‬وكذلك‬
‫إعالم األغيار الذين يقبلون على التعامل مع الشركة بعناصرها‪،‬‬
‫كرأسمال وشكل الشركة وهوية األشخاص الذين يتصرفون باسمها‬
‫ولحسابها‪.4‬‬

‫‪ - 1‬وخرق التعهد بتاسيس الشركة يوجب تعويض األضرار الناتجة‪ ،‬إذ أن كل تعهد يجب تنفيذه‬
‫بحسن نية طبقا للفصل ‪ ( 231‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫‪- 2‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.172 :‬‬
‫‪- 3‬لحسن بيهي‪ ،‬الشكلية في ضوء قانون الشركات التجارية المغربي‪ ،‬دار السالم‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص‪.11 :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-GUYON ( Y), Op ; Cit p: 143.‬‬
‫‪- 53 -‬‬
‫وتتمثل هذه اإلجراءات الشكلية في وجوب كتابة النظام‬
‫األساسي وكذلك شهره بالنظر لآلثار التي يرتبها عقد الشركة‬
‫بالنسبة لألغيار‪.‬‬
‫المطلـب األول‬

‫الكتـابـة‬
‫باستثناء شركة المحاصة‪ ،‬فرض المشرع كتابة األنظمة‬
‫األساسية المتعلقة بباقي الشركات التجارية‪ .1‬وذلك في شكل‬
‫محررات رسمية أو عرفية‪.2‬‬
‫ولكن في بعض الحاالت قد تفرض كتابة النظام في وثيقة‬
‫رسمية‪ ،‬كما هو الشأن في حلة تقديم الشريك لعقار كحصة‪ .‬فهنا‬
‫نكون أمام نقل ملكية العقار للشركة‪ ،‬وهذا النقل يجب أن يتم‬
‫بمقتضى عقد رسمي وفقا للمادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫وباعتبار النظام األساسي هو الميثاق الذي سينظم عمل‬
‫الشركة‪ ،‬فيجب أن تتم صياغته وفق بيانات حددها المشرع‪ .‬فالبد‬
‫من اإلشارة إلى هوية الشركاء وحصة ونصيب كل واحد منهم‪،‬‬
‫شكل الشركة وغرضها‪ ،‬تسميتها ومقرها‪ ،‬مبلغ راس المال‪ ،‬مدة‬

‫‪ - 1‬أما بالنسبة للشركات المدنية فالمشرع ال يتطلب من حيث المبدأ كتابة العقد‪ ،‬وذلك طبقا‬
‫للمادة ‪ ( 987‬ق‪.‬ل‪.‬ع) التي ت نص على انه‪ ":‬تعقد الشركة بتراضي أطرافها على إنشائها وعلى‬
‫شروط العقد األخرى‪ ،‬مع استثناء الحاالت التي يتطلب القانون فيها شكال خاصا‪ .‬إال أنه إذا كان‬
‫محل الشركة عقارات أو غيرها من األموال‪ ،‬مما يمكن رهنه رهنا رسميا‪ ،‬وأبرمت لتستمر‬
‫أكثر من ثالث سنوات‪ ،‬وجب أن يحرر العقد كتابة وأن يسجل على الشكل الذي يحدده القانون‬
‫"‪.‬‬
‫‪ - 2‬م‪ 11.‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬م‪ 1‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬
‫‪- 54 -‬‬
‫الشركة‪ ،‬هوية األشخاص المكلفين بإدارة الشركة‪ ،‬كتابة ضبط‬
‫المحكمة التي سيودع بها النظام األساسي‪.1‬‬
‫وعند إغفال نظام الشركة لبيان إلزامي‪ ،‬يمكن لكل ذي‬
‫مصلحة وكذلك للنيابة العامة تقديم طلب إلى المحكمة التجارية التي‬
‫يتواجد في دائرتها مقر الشركة‪ ،‬وذلك من اجل توجيه أمر بتسوية‬
‫عملية التأسيس تحت طائلة غرامة تهديدية‪.2‬‬
‫لكن التساؤل المطروح هو ما دور شكلية الكتابة‪ ،‬أي هل‬
‫يتعلق األمر بشكلية لإلثبات أم النعقاد الشركة‪.‬‬
‫إن لكتابة النظام نتائج تتجاوز دور اإلثبات‪ ،‬إذ أنه في حالة‬
‫تخلفها ال يمكن تقييد الشركة في السجل التجاري‪ ،‬وبالتالي ال يمكن‬
‫أن تكتسب الشركة الشخصية المعنوية‪ .‬ولكن بالمقابل ال يمكن القول‬
‫بأن الكتابة مقررة النعقاد الشركة‪ ،‬ألن تخلفها ال يعني بطالن‬
‫الشركة‪ ،‬بل قد نكون أمام شركة محاصة ال تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية‪.‬‬
‫وفي المجال العملي غالبا ما يتم تحرير النظام األساسي‬
‫للشركة وفق طريقتين‪ .‬تتمثل الطريقة األولى في وضع النظام بشكل‬
‫مفصل يتضمن مختلف شروط عمل الشركة‪ ،‬ولو تعلق األمر‬
‫بالشروط المنظمة بقواعد آمرة‪ .‬هذه الطريقة تمكن الشريك من أخذ‬
‫فكرة عامة عن الشركة دون الرجوع إلى القوانين التي تنظمها‪ ،‬لكن‬
‫يؤخذ عليها أنها تؤدي إلى تعقيدات ومصاريف إضافية‪ ،‬إذ أنه يجب‬
‫تغيير النظام بمناسبة كل تعديل للقانون المنظم للشركة‪ .‬وتتمثل‬
‫الطريقة الثانية في وضع نظام مختصر يتضمن فقط البيانات‬
‫اإللزامية دون الجزئيات‪ .‬ورغم صعوبة تفسير هذا النظام من قبل‬

‫‪ - 1‬م ‪2‬و‪ 12‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬م‪ 5‬و‪21‬و‪23‬و‪31‬و‪ 50‬من قانون باقي الشركات‬
‫‪ - 2‬م ‪ 12‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬م‪ 1‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬
‫‪- 55 -‬‬
‫الشريك الذي ال يعلم أسس وقواعد الشركة‪ ،‬إال أن هذه الطريقة‬
‫تجنب الشركاء ضرورة تعديل النظام عند تغيير النص القانوني‪.1‬‬
‫وبعد إدراج البيانات اإللزامية في النظام األساسي للشركة‪،‬‬
‫يجب أن يوقع من قبل جميع الشركاء‪ .‬وقد يتم التوقيع من قبل‬
‫الشريك شخصيا أو بواسطة وكيل بيده وكالة خاصة تتعلق‬
‫بإجراءات تأسيس الشركة‪ .2‬لكن بالنسبة لشركات المساهمة‬
‫والتوصية باألسهم‪ ،‬وفي حالة تعذر اجتماع الشركاء بالنظر لكبر‬
‫عددهم‪ ،‬يمكن تعويض توقيع النظام األساسي بتوقيع كل شريك على‬
‫بطاقة اكتتاب تحيل بدورها على مشروع هذا النظام ‪.3‬‬
‫وفرض كتابة العقد التأسسي للشركة ال يهدف فقط توضيح‬
‫حقوق والتزامات الشركاء‪ ،‬وإنما يهدف أيضا االستجابة إلجراءات‬
‫الشهر التي أوردها المشرع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-GUYON (Y), Op, Cit, P 146.‬‬
‫‪- 2‬هذه القاعدة تتعلق بالمساهم في شركات المساهمة والتوصية باألسهم والشريك في الشركة‬
‫ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬وذلك طبقا للمادة ‪ 18‬من قانون شركات المساهمة والمادة ‪ 31‬و‪50‬‬
‫من قانون باقي الشركات‪ .‬لكن نفس الحل يمكن إقراره بالنسبة لشركات األشخاص رغم انعدام‬
‫النص في قانون الشركات‪ .‬راجع‪ -:‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.182 :‬‬
‫‪- 3‬م ‪ 17‬و‪ 19‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫‪- 56 -‬‬
‫المطلـب الثـانـي‬

‫اإلشهــار‬
‫بعد توقيع النظام األساسي للشركة‪ ،‬يتم وضعه بين يدي‬
‫اإلدارة الضريبية وأداء رسوم التسجيل‪ .‬ثم يتم إشهار هذا النظام من‬
‫خالل إيداعه لدى المحكمة بهدف قيده في السجل التجاري ثم نشره‪.‬‬
‫الفقرة األولى‬
‫اإليداع‬
‫بعد تحرير نظام الشركة يقع على المؤسسين أو الممثلين‬
‫القانونيين للشركة واجب إيداع وثائق التأسيس لدى كتابة ضبط‬
‫المحكمة االبتدائية أو التجارية التي يتواجد ضمن دائرتها مقر‬
‫الشركة‪ ،‬ويتم تجميع هذه الوثائق في ملف الشركة الذي سيفتح‬
‫باسمها عند قيدها في السجل التجاري‪.‬‬
‫وإليداع وثائق الشركة أهمية بالغة‪ ،‬فهو يمكن من حفظ هذه‬
‫الوثائق والسماح لألغيار باإلطالع عليها‪ ،‬كما يمكن كاتب الضبط‬
‫والقاضي المكلف بمراقبة السجل التجاري من إعمال رقابة على‬
‫إجراءات تأسيس الشركة‪.1‬‬
‫لإلحاطة باإلجراءات القانونية المنظمة إليداع النظام األساسي‬
‫يجب التمييز بين شركات المساهمة وباقي الشركات التجارية‪.‬‬
‫فبالنسبة لهذه األخيرة يجب إيداع نسختين من النظام األساسي إذا‬

‫‪1‬‬
‫‪- GUYON (Y), Op; Cit, p: 151.‬‬

‫‪- 57 -‬‬
‫كان موثقا أو نظيرين منه إذا كان عرفيا‪ ،‬وذلك خالل أجل ثالثين‬
‫يوما من تاريخ إبرامه‪.1‬‬
‫ويترتب على عدم احترام إجراءات اإليداع بطالن الشركة‪،‬‬
‫وذلك مع مراعاة إمكانيات التسوية‪ 2.‬كما أن عدم قيام ممثلي الشركة‬
‫باإليداع داخل األجل القانوني يعرضهم لغرامة (من ‪ 10،000‬إلى‬
‫‪ 50،000‬درهم)‪.3‬‬
‫وبالنسبة لشركات المساهمة‪ ،‬فقد أحاط المشرع اإليداع‬
‫ببعض الخصوصيات‪ ،‬وخصوصا شركة المساهمة التي تدعو‬
‫الجمهور لإلكتتاب‪.‬‬
‫وهكذا الزم المشرع مؤسسي الشركة أو ممثليها بإيداع اصل‬
‫النظام األساسي أو نظير منه لدى كتابة الضبط‪ ،‬كما يجب إيداع‬
‫نظير من شهادة االكتتاب والدفع تبين االكتتابات في راس المال‬
‫وحصة األسهم المحررة من قبل كل مساهم‪ ،‬وذلك مع ارفاق هذه‬
‫الوثائق بقائمة تبين هوية المكتتبين في راس المال وعدد األسهم‬
‫المكتتب فيها‪ .‬إضافة إلى ذلك يجب إيداع تقرير مراقب الحصص‬
‫العينية ونسخة من وثيقة تعيين أعضاء مجلس اإلدارة والمراقبة‪،‬‬
‫وذلك في حالة إجراء التعيين بمقتضى عقد منفصل عن النظام‬
‫األساسي‪.4‬‬
‫ويتم إيداع هذه الوثائق من خالل نسختين مشهود بمطابقتهما‬
‫لألصل‪ ،5‬وعند إغفال اإليداع فذلك ال يؤدي إلى بطالن شركات‬
‫المساهمة وإنما إلى عدم قبول طلب التقييد في السجل التجاري‪.1‬‬

‫‪- 1‬م‪ 95‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬


‫‪- 2‬م ‪ 98‬من قانون باقي الشركات‬
‫‪ - 3‬م ‪ 108‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬
‫‪- 4‬م ‪ 31‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫‪ - 5‬م ‪ 14‬من قانون شركات المساهمة‬
‫‪- 58 -‬‬
‫لكن تجدر اإلشارة إلى انه بالنسبة لشركة المساهمة التي‬
‫تدعو الجمهور لإلكتتاب أجاز المشرع أن يتم اإليداع إما لدى كتابة‬
‫الضبط أو لدى مكتب موثق‪ ،‬كما فرض وجوب أن يتم إيداع نظامها‬
‫األساسي قبل إجراء االكتتاب في راس المال‪ ،‬وذلك للسماح‬
‫لألشخاص باإلطالع عليه قبل اإلقدام على اإلكتتاب‪.2‬‬
‫وإذا كان المشرع قد حدد أجل ثالثين يوما لإليداع بالنسبة‬
‫لباقي الشركات التجارية‪ ،‬فقد سكت عن هذه النقطة بخصوص‬
‫شركات المساهمة‪ .‬لكن يبدو أنه يجب أن يتم اإليداع داخل اجل‬
‫ثالثة أشهر ابتداء من تأسيس الشركة‪ ،‬وذلك بالنظر إلى أن هذا‬
‫األجل هو المحدد إلجراء القيد في السجل التجاري‪ ،‬وهي العملية‬
‫الموالية لإليداع‪.3‬‬
‫الفقرة الثانية‬
‫القيد في السجل التجاري والنشر‬
‫باستثناء شركة المحاصة‪ ،‬فجميع الشركات التجارية ملزمة‬
‫بالقيد في السجل التجاري داخل أجل ثالثة اشهر من تاريخ‬
‫التأسيس‪ .‬وفي حالة تقاعس ممثل الشركة عن القيام بذلك يعاقب‬
‫بغرامة جنائية من ‪ 1000‬إلى ‪ 5000‬درهم‪.4‬‬
‫ولهذه الشكلية أهمية كبيرة‪ ،‬فإضافة إلى أن السجل التجاري‬
‫وسيلة للشهر وتمكين الجمهور من اإلطالع على مقتضيات نظام‬
‫الشركة‪ ،‬فال تتمتع الشركة بالشخصية المعنوية إال انطالقا من تاريخ‬

‫‪ - 1‬م ‪ 31‬من قانون شركات المساهمة‪ .‬وذلك دون إغفال إمكانية تقديم طلب إلى المحكمة‬
‫التجارية من اجل توجيه أمر بإجراء اإليداع تحت طائلة غرامة تهديدية (م‪.)12‬‬
‫‪- 2‬م ‪ 19‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫‪- 3‬م ‪ 75‬من مدونة التجارية‪.‬‬
‫‪- 4‬م ‪ 62‬من مدونة التجارية‪.‬‬
‫‪- 59 -‬‬
‫قيدها في هذا السجل‪ .1‬فنتيجة للقيد في السجل التجاري تتمتع‬
‫الشركة بحياة قانونية عادية‪ ،‬إذا أنه التاريخ المحدد لممارسة المهام‬
‫بشكل فعلي من قبل أجهزة الشركة المكلفة بالتدبير والمراقبة‪.2‬‬
‫إضافة إلى ما سبق‪ ،‬فالقيد في السجل التجاري هو الذي يسمح‬
‫لممثلي شركات األموال والشركة ذات المسؤولية المحدودة بسحب‬
‫الحصص النقدية المودعة في حساب بنكي مجمد بإسم الشركة التي‬
‫هي في طور التأسيس‪ ،‬إذ أن هذا السحب ال يتم إال بعد تقديم شهادة‬
‫تسلمها كتابة الضبط تثبت تقييد الشركة في السجل التجاري‪.3‬‬
‫وبعد اإليداع والقيد في السجل التجاري‪ ،‬يتم نشر إعالن في‬
‫الجريدة الرسمية وفي جريدة مرخص لها بنشر اإلعالنات القانونية‪،‬‬
‫وذلك خالل أجل ال يتعدى ثالثين يوما ابتداء من تاريخ تقييد الشركة‬
‫في السجل التجاري‪ .4‬ويتضمن هذا اإلعالن ملخصا لنظام الشركة‪،‬‬
‫وبشكل أخص البيانات اآلتية ‪:5‬‬
‫‪-‬شكل الشركة واسمها وغرضها وعنوانها ومدتها ومبلغ‬
‫رأسمالها‪.‬‬
‫‪ -‬هوية الشركاء وممثلي الشركة‪.‬‬
‫‪-‬كتابة ضبط المحكمة التي تم بها إيداع النظام األساسي‪.‬‬
‫وقد يتضمن النص المنشور معلومات تتعارض مع تلك التي‬
‫تم إيداعها لدى المحكمة‪ .‬في هذه الحالة ال يمكن للشركة أن تحتج‬

‫‪- 1‬م ‪ 7‬من قانون شركات المساهمة والمادة ‪ 2‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬
‫‪ - 2‬م ‪ 20‬من قانون شركات المساهمة‬
‫‪ - 3‬م ‪ 34‬من قانون شركات المساهمة والمادة ‪ 52‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬
‫‪ - 4‬م ‪ 33‬من قانون شركات المساهمة‪ .‬ويبدو أن الربط بين قيد الشركة في السجل وانطالق‬
‫أجل النشر مسألة منطقية تتناسب ومنح المشرع أجل ثالثة اشهر إلجراء القيد في السجل‬
‫التجاري‪ .‬وبناء عليه فالمشرع لم يكن موفقا بالنسبة لباقي الشركات‪ ،‬حيث جعل من إبرام‬
‫النظام كتاريخ النطالق أجل النشر ( م ‪.)96‬‬
‫‪ - 5‬م ‪ 30‬من قانون شركات المساهمة و المادة ‪ 96‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬
‫‪- 60 -‬‬
‫على األغيار بالنص المنشور‪ ،‬لكن بالمقابل يمكن لهؤالء التمسك‬
‫بهذا النص في مواجهة الشركة‪ ،‬وذلك ما لم يثبت إطالعهم على‬
‫النص الذي تم إيداعه‪.1‬‬
‫وبالنسبة لشركات األموال والشركة ذات المسؤولية‬
‫المحدودة‪ ،‬فالعمليات التي تقوم بها قبل اليوم السادس عشر من‬
‫النشر في الجريدة الرسمية ال يواجه بها األغيار الذين يثبتون‬
‫استحالة علمهم بها‪.2‬‬
‫املبحـث الثالث‬

‫بطـالن الشركـة‬

‫من حيث المبدأ‪ ،‬فعدم احترام إجراءات تأسيس الشركة يؤدي‬


‫إلى التصريح ببطالنها‪ .‬هذا التوجه يؤدي إلى نتائج سلبية على‬
‫المستوى االقتصادي‪ ،‬ولذلك قام المشرع بحصر نطاق جزاء‬
‫البطالن‪ ،‬سواء من حيث األسباب أو من حيث آثار التصريح‬
‫ببطالن الشركة‪.‬‬

‫‪- 1‬م ‪ 16‬من قانون شركات المساهمة والمادة ‪ 94‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬
‫‪ - 2‬م ‪ 16‬من قانون شركات المساهمة والمادة ‪ 94‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬
‫‪- 61 -‬‬
‫المطلـب األول‬

‫أسبــاب البطـالن‬
‫لتأمين بقاء الشركات التجارية قام المشرع بتحديد أسباب‬
‫بطالنها بشكل صارم‪ ،‬وذلك من خالل المادة ‪ 337‬من قانون‬
‫شركات المساهمة التي تنص على أنه‪":‬ال يمكن أن يترتب بطالن‬
‫شركة‪ ...‬إال عن نص صريح من هذا القانون أو لكون غرضها غير‬
‫مشروع أو لمخالفته للنظام العام أو النعدام أهلية جميع المؤسسين‪.‬‬
‫يعتبر كأن لم يكن كل شرط مخالف لقاعدة آمرة من هذا‬
‫القانون ال يترتب على خرقها بطالن الشركة"‪.1‬‬
‫وإذا كانت هذه المادة قد أشارت إلى أحد األسباب العامة‬
‫لبطالن العقد‪ ،‬والمتمثل في الغرض غير المشروع لعقد الشركة‪،‬‬
‫فإن ذلك ال يعني استبعاد اإلخالل بباقي األركان الموضوعية‬
‫العامة‪ 2،‬وذلك بالنظر إلى أن قانون االلتزامات والعقود بمثابة‬
‫مصدر احتياطي لقانون الشركات التجارية‪ .3‬بناء عليه فانعدام‬
‫المحل أو السبب وعدم مشروعيتهما من أسباب بطالن عقد الشركة‪،‬‬
‫كما أن هذا العقد يكون قابال لإلبطال إذا تعيبت إرادة احد الشركاء‪،‬‬
‫أو كان ناقص األهلية‪.‬‬

‫‪ - 1‬هذه المادة تطبق على باقي الشركات التجارية‪ ،‬وذلك بناء على المادة األولى من قانون رقم‬
‫‪.96-5‬‬
‫‪- 2‬عدم ذكر المادة ‪ 337‬ألسباب بطالن العقود بشكل عام يعتبر مجرد سهو‪ ،‬إذ أن المشرع‬
‫تدارك ذلك عند تنظيمه للمجموعات ذات النفع االقتصادي‪ ،‬وذلك بمقتضى المادة ‪ 55‬من قانون‬
‫هذه المجموعات التي نصت على أنه‪ ":‬ال يمكن أن يترتب بطالن المجموعة ذات النفع‬
‫االقتصاد ي أو بطالن العقود أو المداوالت المغيرة للعقد إال على أحد األحكام الصريحة الواردة‬
‫في هذا القانون أو على احد أسباب بطالن العقود بصفة عامة"‪.‬‬
‫‪- 3‬أحمد شكري السباعي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.222 :‬‬
‫‪- 62 -‬‬
‫إلى جانب األركان العامة يترتب عن اإلخالل باألركان‬
‫الموضوعية الخاصة بعقد الشركة البطالن‪ ،‬لكن مع مراعاة إمكانية‬
‫تحول عقد الشركة الباطل إلى عقد آخر طبقا لنظرية تحول العقد‪.‬‬
‫وهكذا يمكن أن يتحول هذا العقد إلى عقد قرض مقابل نسبة من‬
‫األرباح عند انتفاء عنصر نية المشاركة‪.1‬‬
‫لكن بالنسبة لتخلف ركن شكلي‪ ،‬يجب التمييز بين نظام شركة‬
‫المساهمة وأنظمة باقي الشركات التجارية‪ .‬فبالنسبة لهذه األخيرة‬
‫يترتب البطالن عن عدم كتابة النظام األساسي أو عدم تضمينه أحد‬
‫البيانات األساسية أو عدم نشره‪.‬‬
‫وبالنسبة لشركة المساهمة فقد تم تعويض البطالن بإمكانية‬
‫إعمال إجراءات التسوية أو التصحيح في حالة اختالل نظامها‬
‫األساسي أو عدم نشره‪ ،‬حيث يمكن لكل ذي مصلحة وللنيابة العامة‬
‫تقديم طلب إلى المحكمة لكي توجه أمرا بتسوية الوضعية تحت‬
‫طائلة غرامة تهديدية‪ ,‬ويتقادم هذا الطلب بمرور ثالث سنوات على‬
‫قيد الشركة في السجل التجاري‪.2‬‬
‫وفي حالة عدم تقييد الشركة بالسجل التجاري فذلك ال يؤدي‬
‫إلى البطالن وإنما إلى عدم قيام الشركة كشخص معنوي‪ .‬وبعبارة‬
‫أخرى فالشركة غير موجودة قانونا وال يحتج بها تجاه األغيار‪،‬‬
‫وتظل مجرد اتفاق ملزم ألطرافه‪ ،‬أي أن العالقة بين المؤسسين‬
‫تبقى منظمة بمقتضى هذا االتفاق والمبادئ العامة لقانون االلتزامات‬
‫والعقود‪.3‬‬

‫‪- 1‬فؤاد معالل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،253 :‬وكمثال لتطبيقات نظرية تحول العقد‪ ،‬راجع النظام‬
‫القانوني لشرط األسد‪.‬‬
‫‪- 2‬م ‪ 12‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫‪ - 3‬م ‪ 8‬من قانون شركات المساهمة والمادة األولى من قانون باقي الشركات‬
‫‪- 63 -‬‬
‫إضافة إلى االخالل بالشروط الشكلية‪ ،‬قد يتضمن النظام‬
‫األساسي للشركة شروطا تخالف قاعدة آمرة في قانون الشركات‪.‬‬
‫في هذه الحالة ال يترتب البطالن إال إذا وجد نص صريح في هذا‬
‫القانون ينص على ذلك‪ ،‬أما في حالة عدم وجوده فتطبق القاعدة‬
‫التي تقضي باعتبار هذه الشروط كأنها غير موجودة‪.1‬‬

‫‪ - 1‬م ‪ 337‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬


‫‪- 64 -‬‬
‫المطلب الثـانـي‬

‫آثـار التصريـح بالبطـالن‬


‫عند توفر سبب البطالن يمكن لكل شخص تضررت مصالحه‬
‫المشروعة إقامة الدعوى أمام المحكمة التجارية لمقر الشركة من‬
‫أجل استصدار حكم يقضي ببطالنها‪ .‬وهكذا يمكن أن تقام دعوى‬
‫بطالن الشركة من قبل أحد الشركاء في مواجهة اآلخرين‪ ،‬كما‬
‫يمكن أن تقام من قبل دائن الشركة أو الدائن الشخصي للشريك‪.‬أما‬
‫بالنسبة لدعوى اإلبطال فهي تمارس فقط من قبل الشريك الذي‬
‫تعيبت إرادته أو ناقص األهلية‪.1‬‬
‫لكن دعوى البطالن تخضع لقواعد خاصة‪ ،‬فهي تسقط بمرور‬
‫ثالث سنوات عن قيام سبب البطالن‪ .2‬كما تسقط هذه الدعوى بعد‬
‫تحريكها في حالة زوال سبب البطالن قبل بت المحكمة في‬
‫الموضوع‪ 3.‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن للمحكمة عند عدم زوال سبب‬
‫البطالن منح آجال لتسوية الوضعية‪ ،‬سواء بناء على طلب أو بشكل‬
‫تلقائي‪ 4.‬لكن تجدر اإلشارة إلى أن هذه اإلجراءات المقررة للتسوية‬
‫ال تطبق في حالة كون سبب البطالن يتمثل في عدم مشروعية‬

‫‪- 1‬أحمد شكري السباعي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.239 :‬‬


‫‪ - 2‬م ‪ 345‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬م ‪ 1‬من قانون باقي الشركات‪ .‬ونشير إلى أن دعوى‬
‫اإلبطال تتقادم بمرور سنة ابتداء من يوم زوال اإلكراه أو من يوم اكتشاف الغلط والتدليس أو‬
‫من يوم بلوغ سن الرشد‪( ،‬راجع المادة ‪ 312‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪ .‬كما تجدر اإلشارة إلى أنه ال مجال‬
‫للحديث عن تقادم الدعوى إذا كان سبب البطالن هو عدم مشروعية غرض الشركة‪.‬‬
‫‪ - 3‬م ‪ 339‬من قانون شركات المساهمة‬
‫‪ - 4‬م ‪ 340‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬م ‪ 1‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬
‫‪- 65 -‬‬
‫غرض الشركة‪ ،‬كما ال تطبق في حالة كون البطالن ناتج عن‬
‫تأسيس الشركة بين القاصر ونائبه الشرعي‪.1‬‬
‫بالرغم من تواجد اآلليات السابقة قد تصل دعوى البطالن إلى‬
‫نهايتها‪ ،‬أي تصريح المحكمة ببطالن الشركة‪ .‬فهل يؤدي ذلك إلى‬
‫آثار مماثلة لتلك المنصوص عليها في قانون االلتزامات والعقود؟‪.‬‬
‫طبقا للقواعد العامة فالتصريح بالبطالن يؤدي إلى إهدار‬
‫العقد تجاه الجميع‪ ،‬أي أنه يعتبر كأن لم يكن‪ .‬والبطالن ال يعطل‬
‫العقد من تاريخ التصريح به فقط‪ ،‬وإنما يعطله من تاريخ إبرامه‪،‬‬
‫وذلك من خالل إرجاع األطراف إلى الحالة التي كانوا عليها وقت‬
‫التعاقد‪ ،‬وهو ما يسمى باألثر الرجعي للبطالن‪ .2‬هذا اآلثر الرجعي‬
‫هو الذي ينتج في حالة التصريح ببطالن عقد الشركة خالل فترة‬
‫التأسيس‪ ،‬إذ يتم إرجاع الوضع إلى ما كان عليه قبل إبرام العقد‪.‬‬
‫لكن إذا تم التصريح ببطالن عقد الشركة بعد تأسيسها وقيامها‬
‫كمؤسسة لها زبناء وموردين‪ ،‬فالقول باآلثر الرجعي للبطالن‬
‫سيلحق أضرارا بكل المتعاملين مع هذه المؤسسة‪ .‬لذلك أورد‬
‫المشرع قاعدة خاصة تتمثل في أنه عند صدور الحكم ببطالن‬
‫الشركة تنحل هذه األخيرة دون أثر رجعي‪.3‬‬
‫فالحكم القضائي ال يزيل العقد الباطل إال بالنسبة للمستقبل‪،4‬‬
‫أي يتم فقط وضع حد لتنفيذ عقد الشركة‪ .‬أما بالنسبة للماضي –‬
‫مرحلة ما قبل التصريح بالبطالن ـ فعقد الشركة يظل قائما ومنتجا‬
‫آلثاره سواء في مواجهة الشركاء أو األغيار‪ .‬وسبب عدم تجاهل‬

‫‪ - 1‬م ‪ 341‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬م‪ 1‬من قانون باقي الشركات‬
‫‪- 2‬م ‪ ( 306‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪ .‬راجع‪ :‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬نظرية بطالن العقود‪ ،‬منشورات عكاظ‪،‬‬
‫‪ ،1987‬ص‪.317 :‬‬
‫‪- 3‬م ‪ 346‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬م ‪ 1‬من قانون باقي الشركات‬
‫‪- 4‬مع مراعاة بقاء الشركة بعد انحاللها ألغراض التصفية‪ ،‬وهو ما سنتوقف عنده الحقا‪.‬‬
‫‪- 66 -‬‬
‫المشرع لماضي الشركة هو أن هذا العقد عقد مستمر ينتج آثاره مع‬
‫مرور الزمن‪ ،‬وبالتالي ال يمكن إرجاع الوضع إلى ما كان عليه‬
‫أثناء التعاقد بالنسبة للشركاء في حالة تعرض الشركة لخسائر قبل‬
‫التصريح ببطالنها‪ ،‬كما أنه ال يعقل إهدار العالقات التي كانت قائمة‬
‫‪1‬‬
‫بين الشركة والغير قبل التصريح بالبطالن‪.‬‬
‫ومن المبادئ التي أقرها المشرع انه ال يمكن للشركة‬
‫وللشركاء االحتجاج بالبطالن تجاه األغيار حسني النية‪ 2.‬وبالنظر‬
‫إلقرار المشرع بأن لبطالن الشركة أثر اإلنحالل القضائي‪ ،‬فإنه ال‬
‫يمكن كذلك لألغيار التمسك بالبطالن في مواجهة الشركة والشركاء‬
‫‪3‬‬
‫للتهرب من تنفيذ االلتزامات‪.‬‬
‫ومجمل القول فالشخص المعنوي الذي مارس نشاطه يعتبر‬
‫موجودا وقائما في الفترة الممتدة من تأسيسه إلى التصريح ببطالنه‪،‬‬
‫لكن األمر يتعلق بوجود فعلي أو واقعي وليس قانوني‪ ،‬لذلك تسمى‬
‫الشركة في هذه المرحلة بالشركة الفعلية أو شركة الواقع‪ .‬ونظرية‬
‫الشركة الفعلية من ابتداع الفقه والقضاء لحماية المراكز القانونية‬
‫‪4‬‬
‫للشركاء وحماية حقوق األغيار الذين تعاملوا مع الشركة الباطلة‪.‬‬
‫وإلى جانب تعطيل األثر الرجعي لبطالن الشركة‪ ،‬رخص‬
‫المشرع للشركاء واألغيار الذين تضرروا بفعل التصريح ببطالن‬
‫الشركة بإمكانية إقامة المسؤولية التضامنية لمؤسسيها أو المتسببين‬

‫‪- 1‬فؤاد معالل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.257 :‬‬


‫‪ - 2‬م ‪ 347‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬م ‪ 1‬من قانون باقي الشركات‬
‫‪ - 3‬قبل تدخل المشرع بمقتضى المادة ‪ ،346‬كان للدائنين إمكانية التمسك بالبطالن تجاه الشركة‬
‫من أجل التخلص من التزاماتهم‪ .‬وفي هذا اإلطار ذهبت استئنافية الرباط إلى أنه‪":‬يجوز للمالك‬
‫الذي تطلب منه الشركة تعويضا عن اإلفراغ أن يحتج ببطالن الشركة"‪ .‬قرار ‪ ،4307‬بتاريخ‬
‫‪ 2‬فبراير ‪ ،1951‬مجموعة قرارات استئنافية الرباط‪ ،1953-1949 ،‬ص‪.236:‬‬
‫‪ - 4‬عز الدين بنستي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.92 :‬‬
‫‪- 67 -‬‬
‫في بطالنها من أجل تعويض األضرار الناتجة عن ذلك‪ .1‬وتتقادم‬
‫دعوى المسؤولية بمرور خمس سنوات انطالقا من تاريخ اكتساب‬
‫قرار البطالن لحجية الشيء المقضي به‪.2‬‬
‫وإذا كانت هذه الدعوى تهدف تعويض الضرر الناتج عن‬
‫اختفاء الشركة بفعل التصريح بالبطالن‪ ،‬إال انه يمكن إقامتها كذلك‬
‫من أجل تعويض الضرر الناتج فقط عن تواجد سبب البطالن‪ ،‬وذلك‬
‫بالرغم من عدم تصريح المحكمة بالبطالن نتيجة تسوية الخلل أو‬
‫زوال سبب البطالن‪ .‬وتتقادم الدعوى في هذه الحالة بمرور خمس‬
‫سنوات عن تاريخ تدارك سبب البطالن‪ .3‬فتواجد سبب البطالن من‬
‫شانه أن يؤدي إلى أضرار‪ ،‬وكمثال لذلك امتناع شخص عن التعاقد‬
‫مع شركة مشكوك في صحتها‪ ،‬فهذا الضياع لفرصة إبرام الصفقة‬
‫‪4‬‬
‫يمكن أن يكون محل تعويض‪.‬‬

‫‪ - 1‬م‪ 350‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬م ‪ 92‬من قانون باقي الشركات‬
‫‪ - 2‬م ‪ 351‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬م ‪ 92‬من قانون باقي الشركات‬
‫‪ - 3‬م ‪ .351‬وتساير هذه القاعدة المبادئ العامة للمسؤولية المدنية وبالتالي يمكن تطبيقها على‬
‫باقي الشركات التجارية رغم انعدام النص‪ .‬راجع‪:‬ـ أحمد شكري السباعي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.267‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- GUYON (Y), Op.Cit.P 167.‬‬
‫‪- 68 -‬‬
‫الفصـل الثـانـي‬

‫الشركة كشخص معنوي‬


‫إن الغاية األساسية من إعداد النظام األساسي للشركة هو‬
‫جعل هذه األخيرة تتمتع بشخصية معنوية‪ ،‬ويقصد بهذه الشخصية‬
‫صالحية الشركة الكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات والقيام‬
‫بالتصرفات‪ ،‬أو بعبارة أخرى تجمع لألموال واألفراد يضفي عليه‬
‫القانون خصائص األهلية والمسؤولية المرتبطة بالشخص الطبيعي‪.1‬‬
‫وقد اختلف الفقه حول الطبيعة القانونية للشخصية المعنوية‪،‬‬
‫فوجدت نظرية الخيال أو االفتراض التي تربط وجود هذه الشخصية‬
‫بإرادة المشرع‪ ،‬أي أن الشخصية المعنوية مجرد حيلة قانونية‬
‫ابتدعها المشرع ألسباب سياسية واقتصادية‪ .‬وإلى جانب هذه‬
‫النظرية وجدت نظرية الحقيقة التي حاولت إقصاء دور المشرع‪،‬‬
‫إذ أنها تؤكد أن اإلرادة هي التي تكشف وجود هذه الشخصية وليس‬
‫النص القانوني‪ .‬وبعبارة أخرى فاقتراب بعض التجمعات من‬
‫الشخص الطبيعي هو الذي أدى إلى االعتراف لها بالشخصية‬
‫المعنوية وليس إرادة المشرع‪.2‬‬
‫وإلى جانب هذين االتجاهين يذهب االتجاه الحديث إلى أن‬
‫الشخصية المعنوية مجرد إجراء تقني لتدبير المقاولة‪ ،‬أي أنها‬
‫وسيلة إلنشاء ذمة مالية تخصص لتحقيق غرض اقتصادي‪.3‬‬

‫‪ - 1‬محمد اإلدريسي العلمي‪ ،‬خصائص الشركات التجارية في التشريع الجديد‪ ،‬مجلة المحاكم‬
‫المغربية‪ ،‬ع ‪ ،2000 ،80‬ص‪.61:‬‬
‫‪ 2‬ـ أبو زيد رضوان‪ ،‬مفهوم الشخصية المعنوية بين الحقيقة والخيال‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬يناير ‪ ،1970‬ص‪.194 :‬‬
‫‪33‬‬
‫‪- Guyon (y), Personnalité morale des sociétés, J-Cl, soc, Fasc 24E1,‬‬
‫‪1980, P5‬‬
‫‪- 69 -‬‬
‫ودراسة الشركة كشخص معنوي يقتضي التوقف عند قيام‬
‫هذه الشخصية وما يرتبه من نتائج ثم عند اختفائها‪.‬‬

‫‪- 70 -‬‬
‫املبحث األول‬

‫قيام الشخصية املعنوية‬

‫باستثناء شركات المحاصة والشركات الناشئة بفعل الواقع‬


‫تتمتع باقي الشركات التجارية بالشخصية المعنوية‪ ،‬أي أن القانون‬
‫يعترف لها بحياة قانونية تميزها عن الشركاء الذين تجمعوا من أجل‬
‫إنشائها‪ .1‬وباكتساب الشخصية المعنوية تصبح للشركة إمكانية‬
‫اكتساب الحقوق والتحمل بااللتزامات‪ ،‬كما أن التعامل معها يتم‬
‫بعيدا عن أشخاص الشركاء‪.‬‬
‫لكن قبل معالجة هذه النتائج (المطلب الثاني)‪ ،‬البد من‬
‫التوقف عند تاريخ اكتساب الشركة للشخصية المعنوية وما يثيره‬
‫من مشاكل (المطلب األول)‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ مصطفى كمال طه‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪،2000 ،‬‬
‫ص‪.52‬‬
‫‪- 71 -‬‬
‫المطلـب األول‬

‫المشاكـل المرتبطـة بتاريـخ‬

‫قيـام الشخصيـة المعنويـة‬


‫قبل صدور القانون الجديد للشركات‪ ،‬كانت شركات المساهمة‬
‫تكتسب الشخصية المعنوية من تاريخ مصادقة جمعيتها التأسيسية‬
‫على النظام األساسي‪ ،1‬وبالنسبة لباقي الشركات فهي تكتسب‬
‫الشخصية المعنوية من لحظة التوقيع على عقد الشركة أو قبل ذلك‬
‫بناء على اتفاق الشركاء‪.2‬‬
‫وعند وضع القانون الجديد تم التأكيد على أن أحد األهداف‬
‫الرئيسية التي يتوخاها تتمثل في جعل المتعاقد مع الشركة في مأمن‬
‫من كل مفاجأة من شأنها أن تؤثر سلبا على التزامات الشركة‬
‫تجاهه‪ .3‬وباسم هذه الفكرة جعل المشرع من القيد في السجل‬
‫التجاري اإلجراء الذي يسمح للشركة التجارية بالتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية‪ ،4‬وبالنتيجة جعل الراغب في التعامل معها على علم‬
‫بالتاريخ الدقيق اللتزامها تجاهه‪ .5‬وذلك بمقتضى المادة ‪7‬‬
‫(ق‪.‬ش‪.‬م‪ ).‬التي نصت على أنه‪" :‬تتمتع شركات المساهمة‬

‫‪ 1‬ـ م‪ 24‬و‪ 25‬من قانون ‪ 11‬غشت ‪.1922‬‬


‫‪ 2‬ـ م ‪( 994‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ عرض وزير التجارة بمجلس النواب بمناسبة تقديم مشروع قانون شركات المساهمة‬
‫بتاريخ ‪ 24‬ـ ‪ 07‬ـ ‪ ،1995‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة نصوص‬
‫ووثائق‪ ،‬ع‪ ،28‬الطبعة الثالثة‪ ،1999 ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ 4‬ـ م ‪ 7‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬م‪ 2‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ DAGOT (M), Un text contestable – l’article 5 de la loi du 24 juillet‬ـ‬
‫‪1966-, D.S, 1974, 2, p241.‬‬
‫‪- 72 -‬‬
‫بالشخصية المعنوية ابتداء من تاريخ تقييدها في السجل التجاري‪.‬‬
‫وال يترتب عن التحويل القانوني لشركة المساهمة إلى شركة ذات‬
‫شكل آخر‪ ،‬أو العكس‪ ،‬إنشاء شخص معنوي جديد‪ .‬ويسري نفس‬
‫الحكم في حالة التمديد"‪.‬‬
‫وهكذا أضاف المشرع وظيفة جديدة إلى السجل التجاري‬
‫تتمثل في تمكين الشركة من الشخصية القانونية‪ ،‬وذلك إلى جانب‬
‫وظائفه الكالسيكية المتمثلة في الشهر واإلحصاء‪ .‬هذا التوجه‬
‫تعرض لبعض االنتقادات‪ ،‬وبشكل خاص التأكيد على أنه يؤدي إلى‬
‫عرقلة االستثمار من خالل تأخير البدء في استغالل وإنجاز‬
‫الغرض االقتصادي للشركة‪ .‬هذا النقد له ما يبرره‪ ،‬وذلك بالنظر‬
‫إلى الصعوبات التي تواجه مؤسسي الشركة من أجل الحصول على‬
‫شهادة القيد في جدول الضريبة المهنية (البتانتا)؛ والتي تعد شرطا‬
‫لقبول قيد الشركة في السجل التجاري‪ .1‬كما أن طلب القيد في هذا‬
‫السجل يجب أن يتضمن عدة بيانات (تاريخ ازدياد المسير‪ ،‬رقم‬
‫بطاقته الوطنية‪ ،)....‬وعند إغفال إحداها يتم إهمال الطلب‪ .‬أضف‬
‫إلى ما سبق ما تعانيه محاكمنا من نقص في التجهيزات والموارد‬
‫البشرية‪.2‬‬
‫وبالرغم من هذه الصعوبات يظل التوجه التشريعي الجديد‬
‫آلية أساسية لحماية المتعامل مع الشركة؛ ولتبديد الغموض الذي‬
‫كان قائما حول تاريخ تمتع الشركة بالشخصية المعنوية‪.‬‬
‫وبشكل عام فقد فرض هذا التوجه وجوب مرور الشركة‬
‫بفترة زمنية تمتد من تاريخ بدء الشركاء في تكوين الشركة إلى حين‬

‫‪ 1‬ـ م ‪ 76‬من مدونة التجارة‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ EL MERNISSI (M), Rapport Introductive, colloque : La nouvelle‬ـ‬
‫‪réforme des sociétés anonymes, R.M.D.E..D, 1996, N37,P.36‬‬
‫‪- 73 -‬‬
‫قيدها في السجل التجاري واكتسابها الشخصية المعنوية‪ ،‬ويطلق‬
‫على الشركة خالل هذه المرحلة إسم شركة في طور التأسيس‪.‬‬
‫ومن حيث المبدأ ال تكتسب الشركة أي حق وال تتحمل أي‬
‫التزام خالل مرحلة التأسيس أو مرحلة ما قبل القيد في السجل‬
‫التجاري‪ ،‬لكن بالمقابل فالحاجيات العملية تفرض خالل هذه‬
‫المرحلة إبرام مجموعة من العقود مع األغيار من قبل مؤسسي‬
‫الشركة ولحسابها‪ ،‬وذلك من أجل االستعداد للبدء في إنجاز غرض‬
‫الشركة بعد القيد في السجل التجاري‪ .‬وكمثال لهذه األعمال إبرام‬
‫عقود كراء المحالت التي سيمارس النشاط االقتصادي في إطارها؛‬
‫وإبرام عقود العمل والتعاقد مع مكتب الدراسات‪.1....‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يطرح التساؤل عن المسؤول عن تنفيذ‬
‫هذه العقود‪ ،‬هل الشركة بعد تمتعها بالشخصية المعنوية أم‬
‫األشخاص الذين تعاقدوا بإسمها؟‬
‫قبل اإلجابة عن هذا التساؤل‪ ،‬وبالتالي تحديد مصير‬
‫التصرفات المبرمة مع األغيار خالل مرحلة تأسيس الشركة (الفقرة‬
‫الثانية)‪ ،‬البد من توضيح القواعد التي تنظم العالقة بين الشركاء‬
‫خالل هذه المرحلة (الفقرة األولى)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- PAILLET (E), L’activité de la société en formation, Rev. Soc, 1980,‬‬
‫‪1, P427.‬‬
‫‪-DAGOT (M), op. cit. P241.‬‬
‫‪- 74 -‬‬
‫الفقرة األولى‬
‫القواعد المنظمة للعالقة بين الشركاء خالل مرحلة‬
‫التأسيس‬
‫للحديث عن القواعد التي تؤطر العالقة بين الشركاء خالل‬
‫فترة تأسيس الشركة البد من الفصل بين مرحلتين‪ ،‬مرحلة ما قبل‬
‫توقيع األطراف على العقد التأسيسي أو النظام األساسي ومرحلة ما‬
‫بعد التوقيع‪.‬‬
‫فقبل توقيع النظام األساسي ليست هناك عالقة تعاقدية تحدد‬
‫التزامات األشخاص الراغبين في االشتراك‪ ،‬بل هناك فقط‬
‫مفاوضات أولية حول ما يلزم إلخراج فكرة الشركة إلى حيز‬
‫الوجود‪ .‬وقد تؤدي هذه المفاوضات إلى تعهد األطراف بإبرام‬
‫العقد التأسيسي‪ ،‬أي قيام وعد بتأسيس الشركة‪ .‬وهذا الوعد غالبا‬
‫ما يأتي على شكل محضر اتفاق أولي ملزم‪ ،‬إذ أن اإلخالل به‬
‫بشكل تعسفي يؤدي إلى قيام مسؤولية الطرف المخل‪.1‬‬
‫وبالتوقيع على العقد التأسيسي يتم تنفيذ الوعد بتأسيس‬
‫الشركة‪ ،‬وبالتالي يصبح هذا العقد هو المنظم للعالقة بين الشركاء‪،‬‬
‫إذ تنص المادة ‪ 8‬من قانون شركات المساهمة على أنه‪" :‬إلى غاية‬
‫تقييد الشركة بالسجل التجاري تبقى العالقات بين المساهمين‬
‫خاضعة لعقد الشركة وللمبادئ العامة للقانون المطبقة على‬
‫االلتزامات والعقود"‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- COZIAN (M). VIANDIER (A), Droit des sociétés, 4éd, Litec, Paris,‬‬
‫‪1991, P84.‬‬
‫ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع االقتصادي‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،2003 ،‬ص‪.172‬‬
‫‪ 2‬ـ تطبق هذه المادة على باقي الشركات التجارية بمقتضى المادة األولى من قانونها‪.‬‬
‫‪- 75 -‬‬
‫بالرغم من أهمية هذا المقتضى إال أنه في حاجة إلى تحديد‪،‬‬
‫وذلك بالنظر إلى أنه إذا كان العقد التأسيسي للشركة يعني توافق‬
‫اإلرادات حول النشاط االقتصادي والحصص فهو يعني أيضا‬
‫االتفاق على إنشاء شخص معنوي مستقل‪ ،‬لذلك يتم إدراج بعض‬
‫القواعد المتعلقة بوجود وعمل الشخص المعنوي في هذا العقد‪،‬‬
‫كما هو الشأن بالنسبة لمدة الشخص المعنوي ومقره‪ .‬فهذه القواعد‬
‫ال تطبق قبل قيد الشركة في السجل التجاري‪ .‬ومثال ذلك حالة‬
‫تنصيص النظام األساسي على إمكانية تعديله بقرار أغلبية‬
‫الشركاء‪ .‬فإذا قرر هؤالء تعديل هذا النظام قبل قيد الشركة في‬
‫السجل التجاري‪ ،‬فيجب عليهم اتخاذ القرار باإلجماع‪ ،‬أي أنه ال يتم‬
‫إعمال قاعدة األغلبية التي تتعلق بحياة الشخص المعنوي‪.1‬‬
‫الفقرة الثانية‬
‫مصير التصرفات المبرمة مع األغيار خالل مرحلة‬
‫التأسيس‬
‫كما رأينا سابقا فميالد المقاولة غالبا ما يسبق ميالد الشركة‬
‫كشخص معنوي‪ ،‬أي أن مؤسسي الشركة غالبا ما يقدمون خالل‬
‫فترة تأسيسها على إبرام عدة تصرفات مع األغيار من أجل‬
‫التحضير إلنجاز الغرض االقتصادي للشركة بعد قيدها في السجل‬
‫التجاري‪ .‬فمن يتحمل االلتزامات المترتبة عن هذه التصرفات‪ ،‬هل‬

‫‪1‬‬
‫‪- MERCADAL (B) JANIN (PH), sociétés commerciales 18 éd,‬‬
‫‪LEFEBVRE, Paris, 1987, P 107.‬‬
‫‪- COZIAN (M), op. cit. p 84.‬‬
‫‪- 76 -‬‬
‫أولئك الذين قاموا بإبرامها؟ أم الشركة بعد قيدها في السجل التجاري‬
‫وتمتعها بالشخصية المعنوية‪1‬؟‬
‫من حيث المبدأ‪ ،‬فاألشخاص الذين أنجزوا هذه التصرفات هم‬
‫المسؤولون بشكل شخصي وبالتضامن عن تنفيذها‪ .‬وال يمكن إعفاء‬
‫هؤالء األشخاص إال في حالة تحمل الشركة مسؤولية هذه‬
‫التصرفات بعد قيدها في السجل التجاري‪ .2‬وهو ما أكدته المادة ‪27‬‬
‫(ق‪.‬ش‪.‬م) التي نصت على أنه‪" :‬يسأل األشخاص الذين قاموا بعمل‬
‫باسم شركة في طور التأسيس وقبل اكتسابها الشخصية المعنوية‪،‬‬
‫على وجه التضامن وبصفة مطلقة‪ ،‬عن األعمال التي تمت باسمها‬
‫إال إذا تحملت الجمعية العامة األولى العادية أو غير العادية للشركة‬
‫االلتزامات الناشئة عن هذه األعمال بعد تأسيسها وتقييدها بشكل‬
‫قانوني‪ .‬يعتبر حينئذ هذه االلتزامات كما لو قامت بها الشركة منذ‬
‫البداية"‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فلتفادي إهدار حقوق الطرف المتعاقد مع‬
‫المتصرف لحساب الشركة؛ تم إقرار مسؤولية هذا األخير في حالة‬
‫عدم تبني الشركة للتصرف بعد قيدها في السجل التجاري‪ ،‬وكذلك‬
‫في حالة عدم القيام بهذا القيد نتيجة التوقف عن تكوين الشركة‪.‬‬
‫وبتحمل الشركة بعد قيدها مسؤولية هذه التصرفات تحل محل‬
‫مؤسسيها‪ ،‬وبالتالي تصبح هذه التصرفات وكأنها أبرمت منذ البداية‬
‫من قبل الشركة‪ ،‬أي أن هذه األخيرة تتحمل التصرفات بأثر رجعي‬
‫من تاريخ إبرامها‪ .‬وهكذا مثال تبدأ أقدمية العمال من تاريخ إبرام‬

‫‪ 1‬ـ لهذا التساؤل أهمية قصوى‪ ،‬ألنه ال يمكن مماثلة القوة المالية للشركة بالقوة المالية للشخص‬
‫الذي تصرف لحسابها خالل فترة التأسيس‪ .‬راجع‪:‬‬
‫‪- GUYON (Y), Droit des affaires, T1, 11 éd, P.168‬‬
‫‪ 2‬ـ م ‪ 27‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬م‪ 1‬من قانون باقي الشركات التجارية‪.‬‬
‫‪- 77 -‬‬
‫عقودهم مع المتصرفين لحساب شركة في طور التأسيس‪ ،‬وليس من‬
‫تاريخ تحمل الشركة لهذه العقود‪.1‬‬
‫وتحمل الشركة كشخص معنوي لهذه التصرفات ال يتوقف‬
‫على موافقة المتعاقد لكونه على علم أن العقد يبرم بإسم شركة في‬
‫طور التأسيس‪ ،‬وهذا التحمل يتم وفق شكلين‪ ،‬فإما أن يتم بشكل‬
‫تلقائي بعد قيد الشركة في السجل التجاري‪ ،‬وإما أن يتم بناء على‬
‫قرار للجمعية العامة للشركاء‪.‬‬
‫بخصوص الشكل األول يجب التمييز بين التصرفات التي‬
‫أبرمت قبل توقيع الشركاء على النظام األساسي؛ وتلك التي أبرمت‬
‫بعد التوقيع وقبل قيد الشركة في السجل التجاري‪ .‬فبالنسبة‬
‫للتصرفات المبرمة قبل التوقيع على النظام األساسي تتحملها‬
‫الشركة تلقائيا بعد قيدها في السجل التجاري‪ ،‬وذلك في حالة إرفاق‬
‫النظام األساسي عند تقديمه للتوقيع ببيان للتصرفات المنجزة لحساب‬
‫الشركة‪ .2‬وبالنسبة للتصرفات المبرمة بعد التوقيع على النظام‬
‫األساسي فال تتحملها الشركة بشكل تلقائي يوم تسجيلها‪ ،‬إال في حالة‬

‫‪1‬‬
‫‪ DAUBLON (G), Validité des actes et contrats réalisés par les‬ـ‬
‫‪sociétés commerciales avant leur immatriculation, Rép. Defrénois, 15‬‬
‫‪mai 1977, N°9, 31393, p675.‬‬
‫‪ 2‬ـ إن تحمل الشركة بشكل تلقائي للتصرفات في هذه الحالة مسألة تستخلص من خالل الربط‬
‫بين الفقرة األولى والفقرة األخيرة من المادة ‪ 29‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬والتي تنص على‬
‫أنه‪" :‬يوضع بيان األعمال المنجزة لحساب الشركة التي هي في طور التأسيس طبقا للمادة ‪،27‬‬
‫مع اإلشارة إلى االلتزام الذي سيترتب عن كل عمل من هذه األعمال بالنسبة للشركة‪ ،‬رهن‬
‫إشارة المساهمين‪....‬‬
‫سواء تمت دعوة الجمهور لالكتتاب أم ال‪ ،‬يجب أن يتم وبقرار من الجمعية العامة العادية‬
‫للمساهمين تحمل األعمال المنجزة لفائدة الشركة الموجودة في طور التأسيس التي لم يقع إعالم‬
‫المساهمين المحتملين بها وفق ما هو مشار إليه في الفقرات الثالث السابقة"‪ .‬ويبدو أنه ليس‬
‫هناك ما يمنع من تطبيق هذه المادة على باقي الشركات التجارية بالرغم من انعدام اإلحالة‪،‬‬
‫وذلك بالنظر إلى أن المادة ‪ 29‬تكمل المادة ‪ 27‬التي تمت اإلحالة عليها من قبل المادة األولى‬
‫من قانون باقي الشركات‪.‬‬
‫‪- 78 -‬‬
‫كون إجراء هذه التصرفات قد تم بناء على تفويض الشركاء بموجب‬
‫النظام األساسي أو بموجب عقد منفصل‪.1‬‬
‫لكن إذا كان التصرف يتجاوز حدود الوكالة أو التفويض‬
‫الممنوح للمتصرفين لحساب الشركة‪ ،‬أو إذا تم إغفال ذكر التصرف‬
‫في البيان المعروض على الشركاء للمصادقة عليه مع النظام‬
‫األساسي‪ ،‬فال محل للحديث عن تحمل الشركة للمسؤولية بشكل‬
‫تلقائي عند قيدها في السجل التجاري‪ ،‬وإنما يقتضي األمر انعقاد‬
‫الجمعية العامة للشركاء واتخاذها قرارا بتحمل الشركة مسؤولية‬
‫هذه التصرفات‪.2‬‬
‫وفي األخير تجدر اإلشارة إلى أنه سواء تعلق األمر بتحمل‬
‫الشركة لهذه العقود بشكل تلقائي لحظة القيد في السجل التجاري أو‬
‫بتحملها بناء على قرار لجمعية الشركاء‪ ،‬فالشركة ال يمكنها أن‬
‫تتحمل إال العقود التي أبرمت بإسمها والتي تهدف إلى التحضير‬
‫النطالق نشاطها فور القيد في السجل التجاري‪ ،‬كشراء اآلالت‬
‫وإبرام عقود الكراء‪ .......‬أما إذا كانت هذه العقود تهدف البدء‬
‫بشكل فعلي في إنجاز غرض الشركة قبل قيدها في السجل‬
‫التجاري‪ ،‬فالفقه والقضاء ال يتردد في اعتبار الشركة في مرحلة‬
‫التأسيس بمثابة شركة ناشئة بفعل الواقع‪ .3‬وهذا التوجه يوفر ضمانة‬
‫هامة للشخص المتعاقد مع شركة في مرحلة التأسيس‪ ،‬فوفقا لما‬
‫رأ يناه سابقا يسأل األشخاص الذين أبرموا العقود عن تنفيذها إذا لم‬
‫تتحملها الشركة بعد قيدها في السجل التجاري‪ ،‬لكن في حالة تقرير‬

‫‪ 1‬ـ الفقرة الثانية من المادة ‪ 29‬من قانون شركات المساهمة‪ .‬وقد استثنت هذه الفقرة شركات‬
‫المساهمة التي تدعو الجمهور لالكتتاب‪ ،‬أي أنه بالنسبة لهذه األخيرة ولو تم منح التفويض‬
‫للمتصرف فال تتحمل الشركة مسؤولية التصرف إال إذا قررت الجمعية العامة ذلك‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ م ‪ 27‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- MERCADAL (B). JANIN (PH), op.cit, p112.‬‬
‫‪- 79 -‬‬
‫وجود شركة ناشئة بفعل الواقع يسأل جميع الشركاء عن تنفيذ هذه‬
‫العقود‪ ،‬أي حتى أولئك الذين لم يشاركوا في إبرامها‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- GUYON (Y), op. Cit, P.170.‬‬
‫‪- 80 -‬‬
‫المطلـب الثانـي‬
‫النتائـج المترتبة عـن اكتسـاب‬
‫الشركـة للشخصيـة المعنويـة‬
‫يؤدي اكتساب الشركة للشخصية المعنوية إلى عدة نتائج‪،‬‬
‫حيث تكتسب الشركة عناصر تميزها عن غيرها‪ ،‬كما تتمتع بأهلية‬
‫قانونية تمكنها من إجراء مختلف التصرفات في حدود غرضها‪ ،‬كما‬
‫تصبح الشركة مالكة لذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء‪.‬‬
‫الفقرة األولى‬
‫تمتع الشركة بعناصر تميزها‬
‫بتواجد الشخصية المعنوية تصبح للشركة هويتها القانونية‬
‫الخاصة‪ ،‬وذلك من خالل االستفادة من العناصر التي تميزها‬
‫كشخص‪ ،‬وخصوصا االسم والمقر والجنسية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اسم الشركة‬
‫على غرار الشخص الطبيعي تنفرد الشركة باسم يميزها عن‬
‫باقي الشركات‪ .‬ويحدد اسم الشركة بمقتضى نظامها األساسي‪ ،‬أي‬
‫أنه تكون للشركاء حرية اختياره‪ ،‬فقد يكون مشتقا من غرض‬
‫الشركة أو مبتكرا‪ .‬وإذا كانت شركة المساهمة ال تعين إال باسم‬
‫مبتكر أو مستوحى من غرضها‪ ،‬فبالنسبة لشركات التضامن‬
‫والتوصية يمكن إضافة اسم واحد أو أكثر من الشركاء المتضامنين‬
‫إلى اسم الشركة‪ ،1‬كما يمكن إضافة اسم أحد الشركاء إلى اسم‬
‫الشركة ذات المسؤولية المحدودة‪.1‬‬

‫ـ م ‪ 4‬و‪ 22‬و‪ 31‬من قانون رقم ‪ 96‬ـ ‪.5‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪- 81 -‬‬
‫وحسب القضاء فعند اعتماد اسم شريك يصبح هذا االسم ملكا‬
‫معنويا للشركة‪ ،‬وبالتالي فعند انسحاب هذا الشريك من الشركة ال‬
‫يمكنه المطالبة بعدم استعمالها لهذا االسم ما لم يوجد اتفاق مخالف‪.2‬‬
‫وإذا كان للشركاء حرية اختيار االسم‪ ،‬إال أن هذه الحرية‬
‫مقيدة بوجوب اختيار اسم ال يتعارض مع فكرة النظام العام‬
‫واألخالق الحميدة‪ ،‬كما أنه يمنع تقليد اسم شركة منافسة تزاول نفس‬
‫النشاط‪ .‬ولتفادي ذلك‪ ،‬وبالتالي تفادي الدخول في منافسة غير‬
‫مشروعة‪ ،‬يستحسن قبل تحديد االسم الحصول على الشهادة السلبية‬
‫التي تؤكد عدم سبق استعمال هذا االسم من قبل شركة أخرى‪ ،‬وهذه‬
‫الشهادة تسلم من قبل مصلحة السجل التجاري المركزي أو ما يسمى‬
‫بالمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية الموجود بالدار‬
‫البيضاء‪.3‬‬
‫ولتأمين حق اإلعالم بالنسبة للمتعامل مع الشركة‪ ،‬فقد فرض‬
‫المشرع وضع اسم الشركة على كافة الوثائق الصادرة عنها‬
‫والموجهة إلى األغيار‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للفاتورات‬
‫واإلعالنات‪ .‬كما فرض المشرع ضرورة أن يكون اإلسم مسبوقا أو‬
‫متبوعا بعبارة تفيد الشكل القانوني للشركة‪ ،‬لكن بالنسبة لشركة‬
‫المساهمة والشركة ذات المسؤولية المحدودة يمكن اختزال الشكل‬
‫القانوني في حروف‪.4‬‬

‫وبالنسبة لشركات التوصية‪ ،‬فإذا سمح الشريك الموصي أو المساهم بإضافة اسمه إلى اسم‬
‫الشركة فإنه يصبح مسؤوال عن التزاماتها وفق نفس الشروط التي تسري على الشركاء‬
‫المتضامنين‪ ،‬وذلك طبقا للفقرة الثالثة من المادة الرابعة من قانون رقم ‪ 96‬ـ ‪.5‬‬
‫‪ 1‬ـ م ‪ 45‬من قانون باقي الشركات التجارية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ Cass. Com, 12 mars 1985, J.C. P,1985, 20400, Note Bonnet.‬ـ‬
‫‪ 3‬ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.316 :‬‬
‫‪ 4‬ـ م ‪ 4‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬م‪ 4‬و‪ 21‬و‪ 31‬و‪ 45‬من قانون باقي الشركات التجارية‪.‬‬
‫‪- 82 -‬‬
‫ويمكن للشركاء تعديل اسم الشركة‪ ،‬وذلك بقرار يتخذ في ظل‬
‫الشروط المطلوبة لتعديل النظام األساسي للشركة‪ ،1‬لكن يجب إعالم‬
‫األغيار بهذا التعديل عن طريق النشر والقيام بإجراء قيد تعديلي في‬
‫السجل التجاري‪.‬‬

‫وبالنسبة لشركة المساهمة والشركة ذات المسؤولية المحدودة يمكن التعبير باألحرف األولى‬
‫على النحو اآلتي‪( :‬ش‪.‬م) (‪( )S.A‬ش‪.‬ذ‪.‬م‪.‬م) )‪.(S.A.R.L‬‬
‫‪ 1‬ـ أي بناء على قرار يتخذ باالجماع بالنسبة لشركة التضامن‪ ،‬ويتخذ بإجماع الشركاء‬
‫المتضامنين وأغلبية الشركاء الموصين بالنسبة لشركات التوصية‪ ،‬ويتخذ بأغلبية الشركاء‬
‫الممثلين لثالثة أرباع رأس المال بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬وبخصوص شركة‬
‫المساهمة يتخذ القرار بأغلبية ثلثي أصوات المساهمين الحاضرين المالكين لنصف األسهم‬
‫خالل الدعوة األولى‪ ،‬أو المالكين لربع أسهم الشركة خالل الدعوة الثانية‪.‬‬
‫‪- 83 -‬‬
‫ثانيا‪ :‬مقر الشركة‬
‫كما هو الشأن بالنسبة للشخص الطبيعي تتمتع الشركة بموطن‬
‫أو مقر‪ .‬ويقصد بمقر الشركة المكان الذي تتمركز فيه مصالحها‬
‫اإلدارية وتتخذ منه مختلف القرارات المتعلقة بشؤونها‪ ،‬وبالتالي‬
‫فهو ال يعني بالضرورة مركز استغالل النشاط االقتصادي‪ ،‬إذ قد‬
‫يتواجد هذا المركز في مكان آخر غير مركز اإلدارة‪.1‬‬
‫وقد تلجأ بعض الشركات ذات األهمية االقتصادية إلى خلق‬
‫فروع في أقاليم مختلفة‪ ،‬فيعتبر مكان تواجد الفرع بمثابة مقر‬
‫بخصوص األعمال التي تتعلق به‪ ،‬وبالتالي يمكن رفع الدعوى ضد‬
‫الفرع أمام المحكمة التجارية التي يتواجد في دائرتها‪.2‬‬
‫ولمقر الشركة أهمية خاصة‪ ،‬حيث يحدد القانون الواجب‬
‫التطبيق على الشركة‪ .‬فالتشريع المغربي ال يطبق إال على الشركات‬
‫الكائن مقرها في المغرب‪ .3‬كما أنه باالعتماد على المقر يتم تحديد‬
‫المحكمة المختصة محليا بالنظر في الدعاوى المرفوعة ضد‬
‫الشركات‪ ،‬إذ أن هذه الدعاوى تقام أمام المحكمة التابع لدائرتها مقر‬
‫الشركة‪ .4‬إضافة إلى ذلك يعتبر مقر الشركة المعيار األساسي‬
‫لتحديد جنسيتها‪.‬‬
‫مراعاة لهذه األهمية‪ ،‬فقد فرض المشرع ضرورة تحديد مقر‬
‫الشركة في نظامها األساسي‪ ،‬ولذلك يعبر عنه بمقر الشركة‬

‫‪1‬‬
‫‪ MERCADAL (B). JANIN (PH), op. cit, P.134.‬ـ‬
‫‪ 2‬ـ تنص المادة ‪ 11‬من قانون المحاكم التجارية على أنه‪...." :‬ترفع الدعاوى‪:‬‬
‫ـ فيما يتعلق بالشركات‪ ،‬إلى المحكمة التجارية التابع لها مقر الشركة أو فرعها‪"...،‬‬
‫‪ 3‬ـ تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 5‬من قانون شركات المساهمة على أنه‪" :‬تخضع شركات‬
‫المساهمة الكائن مقرها االجتماعي في المغرب إلى التشريع المغربي"‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ م ‪ 11‬من قانون المحاكم التجارية‬
‫‪- 84 -‬‬
‫النظامي‪ .1‬لكن ال يعتد بهذا المقر إذا كان صوريا ال يعبر فعال عن‬
‫مركز إدارة الشركة‪ .‬والتحديد الصوري للمقر قد يكون ألهداف‬
‫غير مشروعة‪ ،‬كالتحايل على التشريع الضريبي أو قواعد‬
‫االختصاص القضائي‪ .‬وللمحكمة السلطة التقديرية لتحديد مدى‬
‫حقيقة المقر النظامي‪ ،‬وذلك باالعتماد على مكان تواجد الجهاز‬
‫اإلداري للشركة أو باالعتماد على عناصر أخرى كمكان انعقاد‬
‫الجمعية العامة للشركاء أو مكان حفظ وثائق الشركة‪.2‬‬
‫وعند إثبات صورية المقر النظامي‪ ،‬يكون لألغيار الخيار بين‬
‫اعتماد هذا المقر أو المقر الحقيقي والفعلي‪ .‬لكن بالنسبة للشركة فال‬
‫يمكنها أن تحتج ضد الغير إال بالمقر النظامي‪.3‬‬
‫وعلى غرار االسم يمكن للشركاء اتخاذ قرار بتغيير مقر‬
‫الشركة‪ .‬لكن بخصوص هذه المسألة يجب التمييز بين نقل المقر من‬
‫مكان إلى آخر داخل الوطن وبين نقله إلى دولة أخرى‪ .‬فبخصوص‬
‫الحالة األولى يتخذ القرار في ظل الشروط المطلوبة لتعديل النظام‬
‫األساسي‪ ،4‬أما بالنسبة للحالة الثانية‪ ،‬ومادام نقل المقر من دولة إلى‬
‫أخرى يؤدي إلى تغيير جنسية الشركة‪ ،‬فال يمكن اتخاذ قرار النقل‬
‫إال بإجماع الشركاء‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-COZIAN (M). VIANDIER (A), op.cit, p 89.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪- MERCADAL (B). JANIN (PH), op.cit, p135.‬‬
‫‪- GUYON (Y), op. Cit, P.181.‬‬
‫‪ 3‬ـ تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 5‬من قانون شركات المساهمة على أنه‪...." :‬يمكن للغير‬
‫االحتجاج بالمقر االجتماعي المذكور في النظام األساسي للشركة‪ ،‬وال يمكن لها أن تواجه الغير‬
‫بمقرها الحقيقي إن كان موجودا بمكان آخر"‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ راجع ما سبق‪ ،‬هامش ‪ 2‬ص ‪.73‬‬
‫‪ 5‬ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.328‬‬
‫‪- 85 -‬‬
‫ثالثا‪ :‬جنسية الشركة‬
‫الجنسية رابطة قانونية وسياسية بين الدولة والشخص‪.‬‬
‫وللشركة كشخص معنوي جنسية خاصة مميزة عن جنسية‬
‫الشركاء‪.1‬‬
‫ولجنسية الشركة أهمية في تحديد مدى تمتعها بمنافع‬
‫المواطنة‪ ،‬إذ أن الدولة قد تخصص امتيازات معينة للشركات‬
‫الوطنية كاالستفادة من المشروعات العامة‪ .‬كما أن جنسية الشركة‬
‫هي التي تحدد القانون الواجب التطبيق على إجراءات تأسيسها‬
‫وإدارتها وانحاللها‪ ،‬وهي التي تحدد الدولة التي تتولى الحماية‬
‫السياسية والدبلوماسية للشركة على المستوى الدولي‪.2‬‬
‫وهناك معيارين أساسيين لتحديد جنسية الشركة‪ .‬المعيار‬
‫األول هو معيار مقر الشركة‪ ،‬أي أن الشركة تتمتع بجنسية الدولة‬
‫التي يتواجد بإقليمها مركز اإلدارة الرئيسي‪ ،‬وذلك بصرف النظر‬
‫عن جنسية الشركاء أو جنسية أعضاء جهاز اإلدارة‪ .‬أما المعيار‬
‫الثاني فهو معيار مراقبة الشركة‪ ،‬أي أن جنسية الشركة تتحدد‬
‫بالنظر إلى جنسية األشخاص الذين يسيرون الشركة والمالكين‬
‫ألغلبية رأسمالها‪.3‬‬
‫وقد اعتمد المشرع المعيار األول المتمثل في مقر اإلدارة‬
‫المركزي‪ ،‬وهو ما يتضح من خالل المادة ‪ 7‬من ظهير ‪ 12‬غشت‬
‫‪ 1913‬المتعلق بالوضعية المدنية للفرنسيين واألجانب في المغرب‬

‫ـ حسين الماحي‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬دار أم القرى‪ ،‬المنصورة‪ ،1992 ،‬ص‪.35‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪- MERCADAL (B). JANIN (PH), op.cit, p139.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- COZIAN (M). VIANDIER (A), op.cit, p 90.‬‬

‫‪- 86 -‬‬
‫والتي تنص على أن‪" :‬جنسية الشركة تحدد بمقتضى قانون البالد‬
‫الذي تتخذ منه الشركة بال احتيال مركزها االجتماعي الشرعي"‪.‬‬
‫وإذا كان قانون الشركات قد التزم الصمت بخصوص مسألة‬
‫اكتساب الشركة للجنسية‪ ،‬فهو بالمقابل قد تعرض لمسألة تغيير هذه‬
‫الجنسية بنصوص غامضة‪ .‬وهكذا نجد المادة ‪ 110‬من قانون‬
‫شركات المساهمة تنص على أنه‪" :‬ال يمكن تغيير النظام األساسي‬
‫تغييرا يمس أي مقتضى من مقتضياته إال من طرف الجمعية العامة‬
‫غير العادية‪ ....‬كما ال يمكنها تغيير جنسية الشركة"‪ ،‬وقد تكررت‬
‫هذه الجملة األخيرة في المادة ‪ 28‬و‪ 75‬من قانون باقي الشركات‬
‫التجارية‪ .‬فهل يعني ذلك أنه يمنع على الشركاء تغيير جنسية‬
‫الشركة المغربية؟‬
‫ال نعتقد ذلك‪ ،‬ألن المنع ال يتناسب وسياسة االنفتاح‬
‫االقتصادي للدولة‪ .‬ولو كان المشرع يقصد المنع لقام كذلك بمنع نقل‬
‫مقر الشركة إلى خارج الوطن‪ ،‬إذ أن ذلك يؤدي إلى تغيير جنسية‬
‫الشركة‪ .‬ولذلك فالمشرع قصد منع تغيير الجنسية وفقا لألغلبية‬
‫المطلوبة لتغيير النظام األساسي‪ ،‬أي أنه فرض بشكل ضمني‬
‫ضرورة موافقة جميع الشركاء لتغيير جنسية الشركة‪.1‬‬
‫الفقرة الثانية‬
‫تمتع الشركة بأهلية وذمة مالية‬
‫أوال‪ :‬أهلية الشركة‬
‫يترتب على اكتساب الشخصية المعنوية تمتع الشركة بأهلية‬
‫في حدود غرضها‪ ،‬وذلك تطبيقا لقاعدة تخصص الشخص المعنوي‪.‬‬

‫ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.366‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪- 87 -‬‬
‫فيمكن للشركة أن تكتسب أمواال جديدة أو تتصرف في أموالها وأن‬
‫تتعامل مع الغير لتصبح دائنة أو مدينة‪ ،‬كما للشركة أهلية التقاضي‪،‬‬
‫أي أن يكون الشخص المعنوي مدعيا أو مدعى عليه‪.1‬‬
‫لكن الشركة كشخص معنوي ال يمكنها ممارسة هذه الحقوق‬
‫إال من خالل المسير أو المدير‪ ،‬أي من خالل شخص طبيعي يمثلها‪.‬‬
‫باعتبار هذا المدير من أعضاء الشركة‪ ،‬فهو ال يعد وكيال بل‬
‫يخضع لنظام قانوني خاص‪ ،‬سواء على مستوى سلطاته أو على‬
‫مستوى مسؤوليته‪.‬‬
‫‪ -1‬سلطات مدير الشركة‪:‬‬
‫رغم تعيينه من قبل الشركاء‪ ،2‬إال أن سلطات المدير يحددها‬
‫القانون‪.‬وهو يتمتع بسلطات واسعة‪ ،‬إذ له القيام بجميع أعمال‬
‫التسيير لمصلحة الشركة‪.‬‬
‫وقد يقدم الشركاء على تقييد هذه السلطات‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫منع المدير بمقتضى النظام األساسي من القيام ببعض التصرفات‪،‬‬
‫أو إخضاع القيام بها لترخيص مسبق لجهاز آخر للشركة‪ ،‬كجمعية‬
‫الشركاء‪.‬‬
‫هذه القيود االتفاقية ال يحتج بها على األغيار ‪ ،‬فإذا كان عدم‬
‫‪3‬‬

‫احترامها من قبل المسير يجعله مسؤوال تجاه الشركة‪ ،‬إال أن هذه‬


‫األخيرة ملزمة تجاه الغير بتصرف المدير الذي لم يحترم هذه‬
‫القيود‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ مصطفى كمال طه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬


‫‪ - 2‬كما ألزم المشرع الشركاء بشهر تعيين مدير الشركة‪ .‬ولهذا الشهر أهمية كبيرة‪ ،‬إذ ال يمكن‬
‫للشركة وال للغير من أجل التهرب من التزاماتهم التمسك بأي عيب على مستوى تعيين المدير‬
‫عندما يتم شهر هذا التعيين‪( .‬المادة ‪( 68‬ق‪.‬ش‪.‬م))‪.‬‬
‫‪ - 3‬تنص المادة‪ 69‬من قانون شركات المساهمة على أنه ‪":‬ال يحتج ضد األغيار بمقتضيات‬
‫النظام األساسي التي تحد من سلط مجلس اإلدارة"‪ .‬راجع المواد ‪ 35 ،12 ،8‬و‪ 63‬من قانون‬
‫باقي الشركات‬
‫‪- 88 -‬‬
‫إلى جانب قيود النظام األساسي هناك قيد آخر يحد من‬
‫سلطات مدير الشركة‪ ،‬ويتعلق األمر بغرض الشركة‪ .‬فالمدير له‬
‫سلطات واسعة ولكن في نطاق غرض الشركة‪ ،‬إال أن فعالية هذا‬
‫القيد تختلف من شركة إلى أخرى‪.‬‬
‫فبالنسبة لشركات المساهمة والشركة ذات المسؤولية‬
‫المحدودة‪ ،‬فهذا القيد‪ ،‬شأنه شأن القيود االتفاقية التي تحد من سلطات‬
‫المدير‪ ،‬ال يحتج به على الغير حسن النية‪ .‬فإذا أقدم المدير على‬
‫تصرف ال عالقة له بغرض الشركة‪ ،‬فهذا التصرف صحيح وملزم‬
‫للشركة‪ ،‬ولكن بشرط عدم إثبات أن المتعاقد كان علم بأن التصرف‬
‫يتجاوز غرض الشركة‪ .‬إال أنه ال يجب االكتفاء بمجرد نشر النظام‬
‫األساسي للشركة إلقامة الدليل على علم الغير‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار ذهبت المادة ‪ 69‬من قانون شركات‬
‫المساهمة إلى أنه‪":‬تلتزم الشركة في عالقاتها باألغيار حتى‬
‫بتصرفات مجلس اإلدارة التي ال تدخل ضمن غرضها‪ ،‬ما لم تثبت‬
‫أن الغير كان على علم بأن تلك التصرفات تتجاوز هذا الغرض أو‬
‫لم يكن ليجهله نظرا للظروف‪ ،‬وال يكفي مجرد نشر النظام األساسي‬
‫إلقامة هذه الحجة"‪.‬‬
‫أما بالنسبة لباقي الشركات التجارية‪ ،‬فالقيد المتمثل في‬
‫غرض الشركة ينتج آثاره على مستوى عالقتها باألغيار‪ ،‬إذ أن‬
‫الشركة ال تتحمل تصرف المدير الذي ال عالقة له بغرض‬
‫الشركة‪.1‬‬

‫‪ - 1‬تنص المادة ‪ 8‬من قانون باقي الشركات على أنه‪":‬تلزم الشركة في العالقات مع األغيار‬
‫بأعمال المسير التي تدخل ضمن غرضها"‪.‬‬
‫‪- 89 -‬‬
‫وإذا كان ما سبق يتعلق بالمسؤولية المدنية للشركة اتجاه‬
‫المتضرر من أخطاء المدير المرتكبة أثناء قيامه بمهام التسيير‪ ،‬فهل‬
‫يمكن الحديث عن إمكانية مساءلة المدير عن هذه األخطاء؟‬
‫‪ -2‬مسؤولية مدير الشركة‬
‫ينتج عن أهلية الشركة لمباشرة التصرفات القانونية واألعمال‬
‫المادية مسؤوليتها المدنية عن تعويض األضرار التي أحدثها خطأ‬
‫ممثليها بمناسبة القيام بهذه التصرفات واألعمال‪ ،‬وهكذا يمكن‬
‫االستناد إلى المسؤولية العقدية عند تقاعس مدير الشركة عن تنفيذ‬
‫عقد معين‪ ،‬كما يمكن االستناد إلى المسؤولية التقصيرية المبنية على‬
‫إهمال أو عدم تبصر مدير الشركة‪ .‬وقد تسأل الشركة مدنيا عن‬
‫األفعال الضارة المرتكبة من قبل األشخاص التابعين لها أثناء تأدية‬
‫عملهم أو بسببه كاألجراء‪ ،‬وذلك طبقا لقواعد مسؤولية المتبوع عن‬
‫أعمال التابع‪.1‬‬
‫إذا كان المدير يتمتع بسلطات واسعة للقيام بمختلف أعمال‬
‫التسيير‪ ،‬فهو بالمقابل يسأل من قبل الجهة المتضررة من أخطائه‪،‬‬
‫سواء تعلق األمر بالشركة التي يمثلها أو الشركاء أو األغيار‪.‬‬
‫فالضرر المترتب للشركة عن خطأ المدير يسمح لها برفع‬
‫دعوى المسؤولية ضده‪ .‬وهذه الدعوى تسمى بدعوى الشركة‪ ،‬وهي‬
‫تهدف إلى الحصول على تعويض لمصلحة الشركة‪ .‬وما دام المدير‬
‫كممثل للشركة ال يمكنه رفع هذه الدعوى ضد نفسه‪ ،‬فقد نص‬
‫المشرع على إمكانية رفعها من قبل أحد الشركاء لمصلحة الشركة‪.2‬‬
‫وعندما يؤدي خطأ المدير إلى إلحاق ضرر شخصي بأحد‬
‫الشركاء‪ ،‬يحق لهذا األخير رفع دعوى المسؤولية ضده‪ .‬وهذه‬

‫ـ حسين الماحي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .33 :‬ـ عز الدين بنستي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.126‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬م ‪ 353‬و ‪( 354‬ق‪.‬ش‪.‬م)‪ ،‬م ‪ 67‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬


‫‪- 90 -‬‬
‫الدعوى تختلف عن دعوى الشركة‪ ،‬لكونها تتعلق بتعويض ضرر‬
‫شخصي وخاص بالشريك ومميز عن الضرر الذي لحق الشركة‪.‬‬
‫وقد يضر خطأ المدير بالزبون أو بشخص له عالقة بالشركة‪ .‬في‬
‫هذه الحالة يحق للغير مساءلة الشركة ومطالبتها بالتعويض كما‬
‫تمت اإلشارة إلى ذلك‪ ،‬ولكن إذا تعلق األمر بخطأ ارتكبه المدير وال‬
‫عالقة له بمهام التسيير‪ ،‬يمكن مساءلته من قبل الغير‪.‬‬
‫وفي األخير تجدر اإلشارة إلى أنه إضافة إلى المسؤولية‬
‫المدنية للشركة عن أخطاء ممثلها‪ ،‬فإذا كان المشرع يضفي الطابع‬
‫الجرمي على هذه األخطاء‪ ،‬يمكن الحديث عن المسؤولية الجنائية‬
‫للشركة كشخص معنوي‪ .‬فقد أقر المشرع هذه المسؤولية في المادة‬
‫‪ 127‬من القانون الجنائي من خالل تنصيصه على إمكانية تعرض‬
‫الشخص المعنوي لبعض العقوبات المالية والتدابير الوقائية العينية‪.1‬‬
‫كما أقرها بمقتضى بعض القوانين الخاصة‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة‬
‫للمادة ‪ 227‬من القانون الجمركي‪.‬‬
‫لكن هذا ال يعني أن الشركة تسأل جنائيا عن كل فعل جرمي‬
‫صادر عن أعضائها‪ ،‬بل هذا األمر مقيد بمجموعة من الشروط‪.‬‬
‫فالشركة تتحمل فقط مسؤولية الجرائم الصادرة عن أجهزتها‬
‫أو ممثلها كالمدير أو المتصرف‪ ،‬كما يجب ارتكاب الجرم بمناسبة‬
‫ممارسة المهام القانونية أو النظامية‪ .‬إضافة إلى ذلك يجب ارتكاب‬
‫التصرف الذي ينطوي على جريمة باسم ولحساب الشركة كشخص‬
‫معنوي‪ ،‬أي أن يحقق التصرف مصلحة أو فائدة للشركة‪.‬‬
‫وفي حالة تحقق المسؤولية الجنائية للشركة كشخص معنوي‪،‬‬
‫فذلك ال يعني استبعاد مسؤولية المسير القانوني‪ .‬إذ أن مسؤولية‬

‫‪ - 1‬تنص المادة ‪ 127‬من القانون الجنائي على أنه‪":‬ال يمكن أن يحكم على األشخاص المعنوية‬
‫إال بالعقوبات المالية والعقوبات اإلضافية الواردة في األرقام ‪ 5‬و ‪ 6‬و ‪ 7‬من الفصل ‪،36‬‬
‫ويجوز أيضا أن يحكم عليها بالتدابير الوقائية العينية الواردة في الفصل ‪."62‬‬
‫‪- 91 -‬‬
‫الشخص المعنوي ال تستبعد مساءلة األشخاص الطبيعية الفاعلين أو‬
‫المشاركين في نفس الفعل اإلجرامي‪ .1‬فال يمكن للمسير الدفع‬
‫بارتكاب الفعل الجرمي لحساب الشركة‪ ،‬وذلك بالنظر إلى أن‬
‫المسير هو الذي قام بارتكابه وهو الذي يملك كافة السلط لتدبير‬
‫غرض الشركة المحدد في نظامها‪.‬‬
‫وفي هذا االتجاه ذهبت محكمة النقض إلى أنه ‪":‬ال يوجد في‬
‫القانون ما يعفي مدير شركة ما باعتباره ممثال للشخص المعنوي‬
‫من المسؤولية الجنائية متى ثبت أن األفعال التي ارتكبها ولو باسم‬
‫الشركة التي يمثلها أو بتفويض منها يندرج ضمن األفعال المجرمة‬
‫قانونا"‪.2‬‬
‫ولهذا التوجه ما يبرره‪ ،‬فالشخص المعنوي في حقيقته مجرد‬
‫إجراء أو تقنية لتدبير األنشطة االقتصادية‪ ،‬وبالتالي فإقرار‬
‫مسؤوليته الجنائية كان يهدف دفع الشركاء الذين أسسوا هذا‬
‫الشخص المعنوي إلى القيام بوظيفتهم المتمثلة في مراقبة كيفية‬
‫اشتغال هذه التقنية‪ ،‬وبالتالي الحيلولة دون توظيفها كوسيلة لإلجرام‪،‬‬
‫وليس بهدف تملص الشخص الطبيعي الذي يتولى التسيير من‬
‫المسؤولية الجنائية‪.‬‬
‫وعندما يكون الممثل القانوني بدوره محل متابعة إلى جانب‬
‫الشخص المعنوي تقوم المحكمة بتعيين وكيل قضائي لتمثيل‬
‫الشركة‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ عز الدين بنستي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.129‬‬


‫‪ - 2‬قرار صادر بتاريخ ‪ ،1998‬مجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬ع ‪.55‬‬
‫‪- 92 -‬‬
‫ثانيا‪ :‬الذمة المالية للشركة‬
‫من أهم النتائج المترتبة عن اكتساب الشركة للشخصية‬
‫المعنوية االعتراف لها بذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء‪ .‬ويقصد‬
‫بالذمة المالية ما للشركة من حقوق وما عليها من التزامات‪ ،‬أي أنها‬
‫تمثل أصول وخصوم الشركة‪ .‬فاألصول هي ما للشركة من أموال‬
‫وحقوق‪ ،‬كاألموال موضوع حصص الشركاء وما تكتسبه الشركة‬
‫بفعل االستثمار واالستغالل وما لها من ديون على عاتق الغير‪ .‬أما‬
‫خصوم الشركة فتتمثل في التزاماتها أو ما يقع على عاتقها من‬
‫ديون‪.1‬‬
‫وبناء عليه يجب التمييز بين رأس مال الشركة وذمتها‬
‫المالية‪ .‬فرأس مال الشركة هو عبارة عن رقم يشير فقط إلى قيمة‬
‫الحصص النقدية والعينية المقدمة من قبل الشركاء وقت تأسيس‬
‫الشركة وعند الزيادة في رأس المال‪ ،‬وهو من البيانات التي يجب‬
‫أن تدرج في الوثائق الموجهة من الشركة إلى األغيار‪ ،‬كالرسائل‬
‫والفاتورات واإلعالنات ‪ ،2‬وهو ما نصت عليه المادة‪( 4‬ق‪.‬ش‪.‬م)‬
‫بقولها ‪":‬يجب أن تتضمن المحررات والوثائق الصادرة عن الشركة‬
‫والموجهة إلى الغير‪ ،‬خاصة منها الرسائل والفاتورات ومختلف‬
‫اإلعالنات والمنشورات‪ ،‬تسمية الشركة مسبوقة أو متبوعة مباشرة‬
‫وبشكل مقروء بعبارة "شركة مساهمة" أو األحروف األولى "ش‪.‬م"‬
‫ومبلغ رأس مال الشركة‪ ،‬ومقرها االجتماعي‪ ،‬باإلضافة إلى رقم‬
‫تقييدها في السجل التجاري"‪.‬‬
‫فرأس المال إذن هو مجرد عنصر من عناصر ذمة الشركة‪،‬‬
‫بل أبعد من ذلك فهو عنصر يندرج ضمن الخصوم عند تحديد‬

‫‪1‬‬
‫‪ MERCADAL (B). JANIN (PH), op. cit, p145.‬ـ‬
‫ـ م ‪ 4‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬م ‪ 4‬و‪ 21‬و‪ 45‬من قانون باقي الشركات‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 93 -‬‬
‫ميزانية الشركة‪ ،‬وذلك بالنظر إلى أن رأس المال بمثابة دين على‬
‫عاتق الشركة تجاه الشركاء‪ ،‬لكن تاريخ استحقاق هذا الدين مؤجل‬
‫إلى حين انحالل الشركة وتصفيتها‪ ،1‬إذ أن قاعدة ثبات رأس المال‬
‫تمنع إرجاعه قبل هذا التاريخ‪.‬‬
‫وإذا كان رأس مال الشركة يتميز نسبيا بالثبات‪ ،‬فاألمر على‬
‫خالفه بالنسبة للذمة المالية‪ .‬فمحتوى هذه األخيرة يتغير بحسب ما‬
‫تنجزه الشركة من عمليات وصفقات‪ ،‬وهكذا يتقوى المركز المالي‬
‫للشركة عندما تتحقق األرباح وترتفع بالنتيجة األصول على حساب‬
‫الخصوم‪ ،‬وبالمقابل يضعف هذا المركز عند حدوث العكس‪ .2‬وبناء‬
‫عليه فالضمان الفعلي لدائني الشركة‪ ،‬وخصوصا تلك التي تكون‬
‫فيها مسؤولية الشركاء عن الديون محدودة‪ ،‬ال يتمثل في رأس المال‬
‫وإنما في أصول الشركة‪ ،‬أي األموال التي قدمت للشركة وقت‬
‫التأسيس وما تكتسبه من منقوالت وعقارات خالل حياتها‪.3‬‬
‫ومجمل القول‪ ،‬فباستثناء شركة المحاصة تتمتع باقي‬
‫الشركات التجارية بذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء‪ ،‬ويترتب عن‬
‫هذا االستقالل المالي الفصل بين ديون الشريك وديون الشركة (‪،)1‬‬
‫كما يسمح لهذه األخيرة بالقيام بعمليات تمس بنيتها كالزيادة في‬
‫رأسمالها (‪ ،)2‬وبنقل ذمتها المالية أو جزء منها إلى شركة أخرى‬
‫عن طريق اإلندماج واالنفصال(‪. )3‬‬
‫‪-1‬الفصل بين ديون الشريك وديون الشركة‬
‫لدائني الشركة حق األولوية على أموالها التي تمثل ضمانهم‬
‫العام‪ ،‬وبالتالي ال يجوز للشركاء التصرف في هذه األموال ألنهم ال‬

‫‪1‬‬
‫‪ COZIAN (M), op. cit, p97.‬ـ‬
‫ـ محمد اإلدريسي العلمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.46 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪- GUYON (Y), op. Cit, P.188.‬‬
‫‪- 94 -‬‬
‫يملكون أي حق مباشر عليها‪ ،‬وإنما يعترف لهم فقط بحقوق ذات‬
‫طبيعة منقولة كالحق في األرباح والحق في تسيير ومراقبة الشركة‪.‬‬
‫وعلى غرار الشريك ليس لدائنه الشخصي التنفيذ والحجز على‬
‫الحصة التي قدمها الشريك المدين للشركة‪ ،‬وذلك بالنظر إلى أن‬
‫المال موضوع الحصة لم يعد من ممتلكات الشريك وإنما من‬
‫ممتلكات الشخص المعنوي‪ .‬وال يبقى لدائني الشريك سوى إمكانية‬
‫الحجز على نصيبه في األرباح بين يدي الشركة‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫حجز ما للمدين لدى الغير‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك ال يجوز إجراء المقاصة بين ديون الشركة‬
‫والديون الشخصية للشريك‪ ،‬وهكذا ال يمكن للشريك رفض األداء‬
‫لدائنه بعلة أن هذا األخير مدين للشركة بمبلغ مماثل‪ ،‬كما أن مدين‬
‫الشركة ال يحق له التمسك بالمقاصة بين ما عليه من دين للشركة‬
‫وبين ما له من دين قبل احد الشركاء‪ .1‬وتعذر إجراء المقاصة بين‬
‫ديون الشركة وديون الشريك راجع إلى عدم وجود تقابل بين الدائن‬
‫والمدين‪ ،‬حيث أن ذمة الشركة مستقلة عن ذمة الشريك‪.2‬‬
‫كما تجدر اإلشارة أن إعالن التسوية أو التصفية القضائية‬
‫للشركة المتوقفة عن دفع ديونها ال يؤدي إلى تمديد المسطرة إلى‬
‫الشركاء‪ .‬وبالمثل ال يترتب عن فتح هذه المساطر ضد أحد الشركاء‬
‫تمديدها إلى الشركة‪ .‬لكن هذا المبدأ ترد عليه استثناءات حيث‬
‫يترتب عن التصفية القضائية لشركات األشخاص فتح المسطرة ضد‬

‫‪ 1‬ـ ينص الفصل ‪( 360‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على أنه‪" :‬ليس للشريك في شركة أن يتمسك في مواجهة‬
‫دائنه بالمقاصة بما هو مستحق على هذا الدائن للشركة‪ ،‬وليس لدائن الشركة أن يتمسك في‬
‫مواجهة الشري ك بالمقاصة بما هو مستحق له على الشركة‪ ،‬كما أنه ليس له أن يتمسك في‬
‫مواجهة الشركة بما هو مستحق له على أحد الشركاء شخصيا"‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ينص الفصل ‪( 357‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على أنه‪" :‬تقع المقاصة إذا كان كل من الطرفين دائنا لآلخر‬
‫ومدينا له بصفة شخصية‪."....‬‬
‫‪- 95 -‬‬
‫الشركاء المتضامنين‪ ،‬وذلك بسبب مسؤوليتهم غير المحدودة عن‬
‫ديون الشركة‪ .‬كما أن التصفية القضائية للشركة تؤدي إلى فتح‬
‫المسطرة ضد مسيرها الذي أساء استعمال أموالها أو تصرف فيها‬
‫كما لو كانت أمواله الخاصة‪.1‬‬
‫‪-2‬الزيادة في رأسمال الشركة‬
‫لتمكين الشركة من دعم مركزها المالي‪ ،‬قد يقرر الشركاء‬
‫الزيادة في رأسمالها‪ ،‬وذلك عن طريق تقديم حصص جديدة نقدية أو‬
‫عينية‪ .‬ولتحقيق العدالة بين الشريك القديم والشريك الجديد‪ ،‬يمكن‬
‫للشركة فرض عالوة تتمثل في مبلغ محدد يقدمه الشريك الجديد‬
‫زيادة على حصته‪ ،‬وذلك كثمن الستفادته من موجودات الشركة وما‬
‫تتوفر عليه من احتياطات‪.‬‬
‫إضافة إلى هذه الطريقة تعتمد وسائل أخرى للزيادة في‬
‫رأسمال الشركة‪ ،‬وخصوصا شركة المساهمة‪ ،2‬كتحويل الديون إلى‬
‫أسهم وادماج احتياطي الشركة في رأس المال‪.‬‬
‫❖ تحويل الديون إلى أسهم‪:‬‬
‫قد تتم عملية الزيادة في رأسمال الشركة عن طريق تحويل‬
‫ما عليها من ديون إلى أسهم‪ ،‬وذلك لتفادي تحمل الشركة لفوائد هذه‬
‫الديون‪ ،‬وعند موافقة الدائن على العملية يتحول إلى مساهم يملك‬
‫عددا من األسهم تتناسب مع دينه‪ ،‬وبالتالي تتفادى الشركة اخراج‬
‫مبلغ نقدي من رأسمالها‪.3‬‬

‫‪ 1‬ـ م‪ 704‬من مدونة التجارة‪.‬‬


‫‪ - 2‬م‪ 183 .‬ق‪.‬ش‪.‬م‪.‬‬
‫‪ - 3‬عالل فالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪- 96 -‬‬
‫ومن بين الديون التي يمكن ادماجها في رأس المال تلك التي‬
‫تتضمنها سندات القرض‪ ،1‬وهي عبارة عن أوراق مالية أو قيم‬
‫منقولة متساوية القيمة قابلة للتداول تصدرها شركة المساهمة‬
‫للحصول على قرض طويل األجل‪ ،2‬وعند موافقة حاملي سندات‬
‫القرض على العملية تتحول هذه السندات إلى أسهم في الشركة‪.‬‬
‫❖ إدماج االحتياطي في رأس المال‪:‬‬
‫يقصد باالحتياطي تلك األرباح التي ال يوزعها الشركاء ويتم‬
‫تركها في ذمة الشركة‪ .‬وقد يقرر الشركاء ضم هذا االحتياطي إلى‬
‫مبلغ رأس المال من أجل الزيادة فيه‪ .‬وهو ما يؤدي إلى توزيع أسهم‬
‫جديدة على المساهمين أو الزيادة في القيمة اإلسمية ألسهمهم‬
‫القديمة‪ .‬إضافة إلى الشركاء تكتسي هذه العملية أهمية بالغة بالنسبة‬
‫لدائني الشركة‪ ،‬إذ أن ادماج االحتياطي في رأس المال يؤدي إلى‬
‫استبعاد امكانية توزيعه على شكل أرباح‪ ،‬وذلك بسب خضوعه‬
‫لقاعدة ثبات رأس المال‪.3‬‬

‫‪-3‬االندماج‬
‫من أجل الزيادة في حجم المشروعات لمواجهة المنافسة‪،‬‬
‫تقوم األشخاص المعنوية بتجميع ذممها المالية عن طريق تقنية‬
‫االندماج‪.‬‬
‫فاإلندماج هو اتفاق يترتب عليه انحالل شركتين أو أكثر‬
‫وتقديم ذممهم المالية إلى شركة جديدة تنشأ لهذا الغرض‪ ،‬وتسمى‬
‫هذه العملية باإلندماج عن طريق تكوين شركة جديدة‪ .‬كما قد يترتب‬

‫‪ - 1‬م‪ 292.‬ق‪.‬ش‪.‬م‬
‫‪ - 2‬مصطفى كمال طه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪179.‬‬
‫‪ - 3‬عالل فالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.64 .‬‬
‫‪- 97 -‬‬
‫عن هذا االتفاق انحالل شركتين أو أكثر وتقديم ذممهم المالية إلى‬
‫شركة قائمة يزداد رأسمالها نتيجة لذلك‪ ،‬وتسمى هذه العملية‬
‫باإلندماج بالضم‪.‬‬
‫فاالندماج وسيلة هامة لتجميع أدوات االنتاج وتخفيض‬
‫التكاليف‪ ،‬وقد يتم بين شركات لها نفس الشكل أو ذات أشكال‬
‫مختلفة‪ .1‬وإذا كانت العملية تؤدي إلى اكتساب شركاء الشركة‬
‫المنحلة لصفة شركاء الشركة القائمة أو الجديدة‪ ،‬وبالتالي الحصول‬
‫على أنصبة أو أسهم هذه األخيرة‪ ،‬فإن التساؤل يطرح حول مصير‬
‫حقوق دائني الشركة المنحلة‪.‬‬
‫من اآلثار المهمة لعملية االندماج النقل الشامل للذمة المالية‬
‫للشركة المنحلة إلى الشركة الدامجة‪ ،‬أي نقل األصول والخصوم‪.‬‬
‫وبالتالي فديون الشركة المنحلة تتحول مباشرة إلى الشركة الدامجة‪،‬‬
‫مع االحتفاظ بكافة الضمانات المرتبطة بها‪ ،‬كالرهون وأسعار‬
‫الفائدة‪ .‬وهو ما نصت عليه المادة ‪( 239‬ق‪.‬ش‪.‬م) بقولها‪":‬تعتبر‬
‫الشركة الضامة مدينة‪ ،‬بدل الشركة المضمومة‪ ،‬لدائني هذه األخيرة‬
‫من غير حاملي سندات القرض‪ ،‬دون أن يؤدي هذا االستبدال إلى‬
‫تجديد الدين اتجاه الدائنين"‪.‬‬
‫وقد يبدو هذا التوجه فعاال‪ ،‬ما دامت الشركة الدامجة تحل‬
‫محل الشركة المنحلة في مواجهة دائني هذه األخيرة‪ ،‬ويصبح‬
‫بإمكانهم التنفيذ على جميع أموال الشركة الدامجة بدل االقتصار‬
‫على أموال الشركة المنحلة‪ .‬لكن قد ال يكون لهذه الضمانة جدوى‪،‬‬
‫كما هو الشأن في حالة كون الشركة الدامجة مثقلة بالديون‪ .‬مراعاة‬

‫‪- 1‬م ‪ 223‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬


‫تجدر اإلشارة إلى انه يمكن للشركة أن تحول شكلها القانوني‪ ،‬كأن تتحول شركة المساهمة إلى‬
‫شركة التضامن‪ .‬وال يترتب عن عملية تحويل أو تغيير الشكل القانوني للشركة قيام شخص‬
‫معنوي جديد‪ ،‬بل يستمر نفس الشخص (م‪.216‬ق‪.‬ش‪.‬م)‬
‫‪- 98 -‬‬
‫لهذا األمر مكن المشرع الدائنين من حق االعتراض على عملية‬
‫االندماج‪ ،‬حيث يؤدي في حالة تقرير المحكمة ألحقيته إلى األداء‬
‫الفوري لهم أو تمكينهم من ضمانات تؤمن حصولهم على حقوقهم‪،‬‬
‫وذلك تحت طائلة عدم إمكانية احتجاج الشركة الدامجة باالندماج‪.1‬‬
‫وبناء عليه فإذا كان التعرض الممارس خالل األجل المقرر ال‬
‫يوقف عملية االندماج‪ ،2‬فهو يسمح لدائن الشركة المنحلة بالتنفيذ‬
‫على أموالها التي انتقلت إلى ذمة الشركة الدامجة باألولوية في‬
‫مواجهة دائني هذه األخيرة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المقتضيات المتعلقة بالتعرض ال‬
‫تطبق إال على االندماج الذي يقع بين شركات المساهمة‪ ،3‬أما‬
‫بالنسبة لدائني باقي الشركات فليس لهم سوى الحق بالمطالبة‬
‫ببطالن عملية االندماج إذا ثبت أن الغرض منها هو حرمانهم من‬
‫حقوقهم عن طريق الغش‪ .4‬كما يمكن لهم االستفادة من مقتضيات‬
‫مدونة التجارة المتعلقة بتقديم األصل التجاري كحصة في شركة‪.5‬‬
‫وفي إطار حماية حقوق الدائنين أوجد المشرع مقتضيات‬
‫خاصة باألجراء‪ ،‬وذلك من خالل تنصيصه على وجوب استمرار‬
‫الشركة الدامجة في تنفيذ عقود العمل المبرمة مع الشركة المنحلة‬
‫بجميع حقوقها والتزاماتها‪6‬؛ سواء تلك الناشئة بنص القانون أو‬

‫‪ - 1‬م ‪ 239‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬


‫‪ - 2‬من أجل االندماج يجب إعداد وثيقة أولية تحدد شروط وأهداف العملية؛ والتي تسمى‬
‫بمشروع االندماج‪ .‬هذا المشروع يتم إيداعه بكتابة ضبط المحكمة التجارية‪ ،‬كما يتم نشره في‬
‫جريدة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية‪ .‬وانطالقا من هذا الشهر األخير للدائنين أجل ثالثين‬
‫يوما للتعرض على اإلندماج‪.‬‬
‫‪ - 3‬ألن المادة ‪ 239‬وردت ضمن الفصل المتعلق باألحكام الخاصة بشركات المساهمة‪.‬‬
‫‪ - 4‬عبد الرحمن اللمتوني‪ ،‬اندماج الشركات‪ ،‬ص ‪.261‬‬
‫‪ - 5‬راجع ما سبق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ - 6‬م ‪ 19‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪- 99 -‬‬
‫الناشئة بمقتضى العقد‪ ،‬كاألقدمية والمكافآت‪ ...‬لكن بالرغم مما سبق‬
‫قد تتأثر وضعية العمال نتيجة االندماج‪ ،‬إذ قد يتم فصل بعضهم‬
‫بفعل تغيير النشاط االقتصادي أو ألسباب هيكلية‪.1‬‬
‫‪-4‬االنفصال ‪:‬‬
‫يقصد بهذه العملية انحالل الشركة بهدف تجزئة ذمتها إلى‬
‫عدة أجزاء تقدم إلى عدة شركات قائمة أو جديدة‪.2‬‬
‫وقد تقدم الشركة على هذه العملية من أجل الفصل بين‬
‫األنشطة المختلفة التي تمارسها ‪.‬‬
‫من خالل التحديد السابق تتضح الفوارق الموجودة بين عملية‬
‫االندماج واالنفصال‪ .‬فإذا كانت العملية األولى بمثابة تقنية لتركيز‬
‫المشروعات االقتصادية ألنها تؤدي إلى تجميع األشخاص المعنوية‪،‬‬
‫فاالنفصال تقنية الالتركيز ألنها تؤدي إلى تفكيك الذمة المالية‬
‫للشخص المعنوي لصالح أشخاص معنوية موجودة أو جديدة‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى فاالندماج يتميز بالنقل الشامل للذمة المالية للشركة‬
‫المنحلة‪ ،‬بينما يتميز االنفصال بنقل جزئي لهذه الذمة‪.‬‬
‫رغم هذه الفوارق إال أن عملية االنفصال تقوم على نفس‬
‫العناصر التي تؤطر االندماج‪ ،‬فهناك انحالل للشركة ونقل شامل‬
‫لذمتها المالية‪ ،‬كما أن الشركاء يحصلون على أنصبة أو أسهم على‬
‫مستوى الشركة المستقبلة لجزء من ذمة الشركة المنحلة‪.‬‬
‫لذلك تم اخضاع االنفصال للنظام القانوني المطبق على‬
‫االندماج‪ ،‬وهو ما يوفر حماية لحقوق دائني الشركة المنحلة‪.3‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى وجوب تمييز العمليات السابقة عن‬
‫عملية النقل الجزئي ألصول الشركة‪ ،‬والتي تتمثل في قيام الشركة‬

‫‪ - 1‬دنيا مباركة‪ ،‬إنهاء عالقات العمل ألسباب اقتصادية‪ ،‬المناظرة‪ ،‬ع ‪ ،1999 ،4‬ص ‪.75‬‬
‫‪ - 2‬أحمد محرز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Cass.com, 7 déc 1966, Rev.tim.d.com, 1976, p 526.‬‬
‫‪- 100 -‬‬
‫بتقديم جزء من أصولها كحصة في شركة أخرى‪ ،‬وذلك مقابل‬
‫الحصول على أنصبة أو أسهم في الشركة المستقبلة للحصة‪.1‬‬
‫فهذه العملية ال تؤدي إلى انحالل الشركة التي قدمت الحصة‪،‬‬
‫كما أن األسهم أو األنصبة التي تم الحصول عليها ال تعود ملكيتها‬
‫إلى الشركاء وإنما إلى الشخص المعنوي الذي قدم الحصة‪.‬‬

‫‪ - 1‬عز الدين بنستي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.234‬‬


‫‪- 101 -‬‬
‫املبحـث الثـانـي‬

‫انتهاء الشركة كشخص معنوي‬

‫على غرار الشخص الطبيعي فالشخص المعنوي يولد ويحيى‬


‫ثم يموت‪ ،‬لكن ال يمكن الحديث عن اختفاء الشخص المعنوي عند‬
‫انحالل أو انقضاء الشركة‪ ،‬وذلك بالنظر إلى أن االنحالل هو مجرد‬
‫إعالن عن انتهاء الشركة ال يتم تنفيذه إال بمقتضى مسطرة‬
‫التصفية‪ .1‬بناء عليه فانتهاء الشركة كشخص معنوي يقتضي التوقف‬
‫عند أسباب تصفية الشركة أو أسباب انحاللها (المطلب األول)‪،‬‬
‫وكذلك تحديد تاريخ انتهاء عملية التصفية باعتباره التاريخ الفعلي‬
‫الختفاء الشركة كشخص معنوي (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‬

‫األسباب العامة النحالل الشركة‬


‫هناك أسباب خاصة لالنحالل تطبق على بعض الشركات‬
‫فقط‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة النحالل شركات األشخاص بفعل‬
‫صدور الحكم بالتصفية القضائية ضد أحد الشركاء المتضامنين‪ ،2‬أو‬
‫نتيجة وفاته‪ ،3‬وكما هو الشأن بالنسبة النحالل شركات المساهمة‬

‫‪1‬‬
‫‪- LAGARD (G), Cours de droit commercial, Paris V, 1961 – 1962,‬‬
‫‪p285.‬‬
‫ـ م ‪ 18‬و‪30‬من قانون باقي الشركات التجارية‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ـ م ‪ 17‬من قانون باقي الشركات التجارية‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 102 -‬‬


‫نتيجة تقلص عدد المساهمين إلى ما يقل عن خمسة‪ ،1‬أو نتيجة‬
‫انخفاض رأس المال عن الحد األدنى الذي فرضه المشرع‪.2‬‬
‫لكن ما يهمنا في هذا المقام هو التوقف عند األسباب العامة‬
‫لالنحالل‪ ،‬أي تلك األسباب المتعلقة بكل أشكال الشركات‪ ،‬وهي‬
‫كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬حلول األجل‬
‫تبرم الشركة لمدة معينة يتم تحديدها في النظام األساسي‪،‬‬
‫وهذه المدة ال تبتدئ إال من تاريخ قيد الشركة في السجل التجاري‪،‬‬
‫لكن ال يجب أن تبرم الشركة لمدة تزيد عن ‪ 99‬سنة‪ .3‬وبانقضاء‬
‫المدة المحددة تنحل الشركة‪ ،4‬لكن يمكن للشركاء تفادي االنحالل‬
‫من خالل اتخاذ قرار بتمديد الشركة‪ ،‬شريطة عدم تجاوز مدة كل‬
‫تمديد ‪ 99‬سنة‪ .5‬وعند تقرير التمديد فذلك ال يؤثر على حياة‬
‫الشخص المعنوي‪ ،‬أي أنه ال يقوم شخص معنوي جديد محل‬
‫القديم‪.6‬‬

‫‪ - 2‬تحقيق الغرض أو استحالة تحققه‬


‫تنحل الشركة أيضا نتيجة انجاز غرضها‪ ،7‬لكن هذا السبب‬
‫نادر الوقوع ألن أغلب الشركات تعتمد الغرض الذي يتسم بالتنوع‬

‫ـ م ‪ 358‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ـ م ‪ 360‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ـ م ‪ 2‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫ـ م ‪( 1051‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫ـ م ‪ 3‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫ـ م ‪ 7‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫ـ م ‪( 1051‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪- 103 -‬‬


‫والشمولية‪ .1‬كما تنحل الشركة نتيجة استحالة تحقيق غرضها‪ ،‬وذلك‬
‫ألسباب خارجة عن إرادة الشركاء‪ ،‬كما هو الشأن في حالة قيام‬
‫المشرع بمنع ممارسة النشاط المحدد كغرض للشركة‪2‬؛ أو كما هو‬
‫الشأن في حالة تأسيس الشركة من أجل استغالل امتياز ثم امتنعت‬
‫الجهات المعينة عن إعطائه‪.3‬‬
‫وقد تتوقف الشركة عن استغالل غرضها أو ممارسة أي‬
‫نشاط‪ ،‬فال يعد هذا التوقف سببا النحالل الشركة‪ ،‬ألنه من المحتمل‬
‫أن ال يكون إال توقفا مؤقتا‪.4‬‬
‫‪ -3‬بطالن الشركة وتصفيتها القضائية‬
‫تنحل الشركة عند التصريح ببطالنها‪ ،‬إذ أن بطالن الشركة ال‬
‫ينتج أي أثر رجعي وإنما ينتج أثره بالنسبة للمستقبل فقط‪ ،‬وبالتالي‬
‫فهو بمثابة انحالل‪ .5‬كما تنحل الشركة عند تصريح المحكمة‬
‫بتصفيتها القضائية نتيجة توقفها عن دفع الديون‪ ،‬وكذلك عند‬
‫التصريح بالتفويت الكامل ألصولها خالل التسوية القضائية‪.6‬‬
‫‪-4‬اجتماع الحصص أو األسهم في يد شريك واحد‬
‫لقد رأينا سابقا أن من األركان الخاصة لعقد الشركة نجد ركن‬
‫تعدد الشركاء‪ ،‬فإذا اجتمعت الحصص في يد شريك واحد أثناء‬
‫تأسيس الشركة فذلك يؤدي إلى عدم قيامها‪ ،‬أما إذا اجتمعت بعد‬
‫التأسيس فاألمر يؤدي إلى انحالل الشركة‪.7‬‬

‫ـ عز الدين بنستي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪248‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪- GUYON (Y), op. Cit, P.203.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- COZIAN (M). VIANDIER (A), op.cit, p 169.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-GUYON (Y), op. Cit, P.204.‬‬
‫‪ 5‬ـ م ‪ 346‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ عز الدين بنستي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.252‬‬
‫‪ 7‬ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪- 104 -‬‬
‫لكن هذه القاعدة ال تنطبق على الشركة ذات المسؤولية‬
‫المحدودة‪ ،‬حيث تستمر في حالة امتالك جميع األنصبة من لدن‬
‫شخص واحد‪ .1‬وبالنسبة لشركات المساهمة فاجتماع األسهم في يد‬
‫شريك واحد ال يؤدي فورا وبقوة القانون إلى انحالل الشركة‪ ،‬إذ أن‬
‫المشرع منح هذا الشريك اجل سنة لتسوية الوضعية‪2‬؛ وهو ما‬
‫نصت عليه المادة ‪( 358‬ق‪.‬ش‪.‬م) بقولها‪":‬إذا تقلص عدد‬
‫المساهمين إلى ما يقل عن خمسة لما يزيد عن عام‪ ،‬جاز للقضاء أن‬
‫يقضي بحل الشركة بناءا على طلب يتقدم به كل ذي مصلحة"‪ .‬بل‬
‫أكثر من ذلك مادام بإمكان المحكمة منح أجل إضافي في حدود ستة‬
‫أشهر‪.3‬‬
‫‪-5‬االنحالل الرضائي والقضائي‬
‫يقصد باالنحالل الرضائي اتفاق الشركاء على وضع حد‬
‫للشركة‪ .4‬وغالبا ما يلجأ الشركاء إلى فسخ عقد الشركة عندما‬
‫يتضح أن النشاط االقتصادي المستغل تواجهه صعوبات‪.‬‬
‫إضافة إلى االنحالل الرضائي يحق ألحد الشركاء مطالبة‬
‫المحكمة بحل الشركة بناء على أسباب مشروعة‪ ،5‬كما هو الشأن‬
‫في حالة عدم تنفيذ أحد الشركاء اللتزاماته‪ ،6‬أو في حالة وجود‬
‫خالفات خطيرة بين الشركاء تؤدي إلى عرقلة سير الشركة‪ .7‬لكن‬

‫م ‪ 48‬من قانون باقي الشركات التجارية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ـ م ‪ 358‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ـ م ‪ 359‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫ـ م ‪( 1051‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫ـ م ‪( 1051‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫ـ م ‪( 259‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫ـ م ‪( 1056‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪- 105 -‬‬


‫يشترط في هذه الحالة األخيرة أن ال يكون رافع الدعوى هو‬
‫المتسبب في حدوث هذه الخالفات‪.1‬‬

‫ـ عز الدين بنستي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.254‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪- 106 -‬‬


‫المطلب الثانـي‬

‫تصفية الشركة المنحلة‬


‫التصفية مسطرة إلزامية تمر منها الشركة بعد انحاللها‪،1‬‬
‫وذلك بهدف إنهاء ذمتها المالية‪ .‬فالتصفية مجموعة من العمليات‬
‫الالزمة إلنهاء ما التزمت به الشركة وتحصيل ديونها وتحويل‬
‫موجوداتها إلى نقود‪ ،‬وذلك بهدف سداد الديون المطلوبة من الشركة‬
‫وتخريج األصول الصافية التي يمكن توزيعها على الشركاء‪.2‬‬
‫وتحتفظ الشركة بعد انحاللها بالشخصية المعنوية‪ ،‬لكن بقاء‬
‫هذه الشخصية مقيد بحدود مادية وزمنية‪ ،‬حيث تنص المادة ‪362‬‬
‫من قانون شركات المساهمة على أنه‪" :‬تظل الشخصية المعنوية‬
‫للشركة قائمة ألغراض التصفية إلى حين اختتام إجراءاتها"‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى فبقاء الشخصية المعنوية مقيد بحد مادي يتمثل في‬
‫أغراض التصفية وبحد زمني يتمثل في اختتام أو إقفال التصفية‪.‬‬
‫فبالنسبة للحد األول فهو يعني أن الشخصية المعنوية التي‬
‫تتمتع بها الشركة ليست مماثلة لتلك التي كانت لها قبل االنحالل‪،‬‬
‫فالشركة ال تتحمل إال األعمال التي لها صلة بأغراض التصفية‬
‫والتي يقوم بها المصفي الممثل القانوني للشركة‪ ،3‬أما بخصوص‬
‫األعمال األخرى فالشركة ليست شخصا قانونيا وال أهلية لها‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى فالشركة المنحلة ال تتحمل إال األعمال التي تهدف‬

‫‪ 1‬ـ تنص المادة ‪ 361‬من قانون شركات المساهمة على أنه‪" :‬تعتبر الشركة في طور‬
‫التصفية بمجرد حلها ألي سبب من األسباب"‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ سعيد الروبيو‪ ،‬وضعية دائني شركة تجارية في طور التصفية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط ‪ 2002‬ـ ‪ ،2003‬ص‪.4‬‬
‫‪ 3‬ـ ينص الفصل ‪( 1070‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على أن‪" :‬المصفي يمثل الشركة في طور التصفية ويتولى‬
‫إدارتها"‪.‬‬
‫‪- 107 -‬‬
‫إلى وضع حد لوجودها وحماية الحقوق المكتسبة لألغيار والحفاظ‬
‫على قيمة أموالها‪ ،‬وهكذا يمكن للمصفي بيع أموال الشركة ألن‬
‫ذلك يؤدي إلى وضع حد للشخص المعنوي‪ ،‬كما يحق له إبرام عقود‬
‫شراء أو توريد سواء من أجل إتمام العمليات التي سبق البدء في‬
‫تنفيذها قبل انحالل الشركة‪1‬؛ أو من أجل الحفاظ على قيمة األصل‬
‫التجاري للشركة‪.2‬‬
‫أما بالنسبة للحد الزمني المتمثل في إقفال التصفية فهو يعني‬
‫أنه ال وجود للشركة كشخص معنوي بعد اإلقفال‪ ،‬لكن التساؤل‬
‫المطروح هو ما المقصود بإقفال التصفية؟‬
‫لقد ألزم المشرع المصفي بالقيام بمجموعة من اإلجراءات‬
‫إلقفال التصفية‪ ،‬فبعد إعداده الحساب النهائي للتصفية يجب على‬
‫المصفى استدعاء جمعية الشركاء من أجل تقرير اختتام التصفية‪.3‬‬
‫وفي حالة عدم تمكن الشركاء من التداول يعود للمحكمة التجارية‬
‫أمر تقرير اإلقفال بناء على طلب كل ذي مصلحة‪.4‬‬
‫وبغض النظر عن الجهة التي أعلنت إقفال التصفية فالمصفي‬
‫ملزم بإيداع الحسابات النهائية لدى كتابة الضبط‪ ،‬ثم القيام بنشر‬
‫إعالن إقفال التصفية في صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية‬
‫وكذلك في الجريدة الرسمية إذا كانت التصفية تتعلق بشركة مساهمة‬
‫تدعو الجمهور لالكتتاب‪ .5‬وبعد النشر على المصفي تقديم طلب‬
‫شطب الشركة من السجل التجاري‪.6‬‬

‫‪ 1‬ـ م ‪( 1074‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- VERDIER (J.M), Rép. Soc, V, Liquidation et partage, P29.‬‬
‫‪ 3‬ـ م ‪ 368‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ م ‪ 369‬من قانون شركات المساهمة‬
‫‪ 5‬ـ م ‪ 370‬من قانون شركات المساهمة‬
‫‪ 6‬ـ م ‪ 51‬من مدون التجارة‪.‬‬
‫‪- 108 -‬‬
‫من حيث المبدأ فبإجراء هذه الشكليات يتم إقفال التصفية‬
‫وبالتالي وضع حد للشخصية المعنوية‪ ،‬لكن قد يتم القيام بهذه‬
‫الشكليات بشكل مستعجل أو قبل األوان‪ ،‬أي قبل تسوية جميع الديون‬
‫المطلوبة من الشركة‪ .‬فمن أجل حماية دائني الشركة الذين لم‬
‫يحصلوا على حقوقهم‪ ،‬ذهب القضاء إلى أن إجراء شكليات إقفال‬
‫التصفية ال يؤدي إلى سقوط الشخصية المعنوية إال في حالة تسوية‬
‫جميع ديون الشركة‪ ،‬وبعبارة أخرى فالشخصية المعنوية تبقى‬
‫مادامت هناك حقوق وإلتزامات مرتبطة بالشركة لم تتم تصفيتها‪.1‬‬
‫وهكذا مثال تم الترخيص للدائن صاحب البناء بإقامة دعوى‬
‫المسؤولية ضد الشركة التي شيدته‪ ،‬وذلك بالنظر لالختالالت التي‬
‫ظهرت في هذا البناء بعد نشر إعالن قفل التصفية‪ ،2‬كما تم قبول‬
‫طلب افتتاح مساطر المعالجة ضد الشركة بعد اإلقفال الشكلي‬
‫لتصفيتها‪. 3‬‬

‫ـ سعيد الروبيو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.199‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪« La personnalité morale d’une société subsiste aussi longtemps que les‬‬
‫» ‪droits et obligations à caractère social ne sont pas liquidés‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Cass. Com, 11 Juillet 1988, Rév. Soc, 1988, 2, P 521, Note GUYON‬‬
‫‪(Y).‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Cass. Com, 12 Avril 1983, Rév. tim, d.com, 1983, 2, Chorn P 605,‬‬
‫‪Obs MERLE (PH).‬‬

‫‪- 109 -‬‬


‫الفهرس‬
‫تقديــم ‪- 3 - ................ ................................ ................................‬‬
‫‪ I‬ـ الطبيعة القانونية للشركة ‪- 5 - ....................... ................................‬‬
‫‪ III‬ـ أهمية الشركات التجارية ‪- 10 - .................... ................................‬‬
‫الفصـل األول الشـركــة كعقـد ‪- 13 - .................... ................................‬‬
‫املبحـث األول األركــان املوضوعية ‪- 14 - ..................... ................................‬‬
‫المطلـب األول األركان الموضوعية العامة ‪- 14 - ......................................‬‬
‫الفقرة األولى رضا الشركاء ‪- 14 - ...................... ................................‬‬
‫الفقرة الثانية أهلية الشركاء ‪- 17 - ...................... ................................‬‬
‫الفقرة الثالـثة محـل الشركـة ‪- 18 - ..................... ................................‬‬
‫الفقرة الرابـعة سبـب الشركـة ‪- 20 - .................... ................................‬‬
‫املطلب الثـانـي األركــان املوضوعية الخـاصـة ‪- 21 - ............ ................................‬‬
‫الفقرة األولى تعــدد الشركــاء ‪- 21 - ................... ................................‬‬
‫الفقرة الثانـية تقديــم الحصـــة ‪- 23 - ................... ................................‬‬
‫أوال‪ :‬الحصة النقدية ‪- 26 - ............................... ................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحصة العينية ‪- 28 - ............................... ................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬الحصة الصناعية ‪- 35 - ........................... ................................‬‬
‫رابعا‪ :‬أهمية رأسمال الشركة ‪- 38 - ..................... ................................‬‬
‫الفقرة الثالـثة اقتسام األرباح والخسائر ‪- 42 - .........................................‬‬
‫أوال‪ :‬األرباح القابلة للتوزيع ‪- 43 - ...................... ................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬طريقة توزيع األرباح ‪- 46 - ....................... ................................‬‬
‫الفقرة الرابـعة نيــة المشـاركـة ‪- 50 - .................. ................................‬‬
‫املبحـث الثاني شكليـات تأسيـس الشركـة ‪- 53 - ............... ................................‬‬
‫المطلـب األول الكتـابـة ‪- 54 - ........................... ................................‬‬
‫المطلـب الثـانـي اإلشهــار ‪- 57 - ........................ ................................‬‬
‫الفقرة األولى اإليداع ‪- 57 - .............................. ................................‬‬
‫الفقرة الثانية القيد في السجل التجاري والنشر ‪- 59 - ...................................‬‬
‫املبحـث الثالث بطـالن الشركـة ‪- 61 - ........................ ................................‬‬
‫المطلـب األول أسبــاب البطـالن ‪- 62 - ................. ................................‬‬
‫المطلب الثـانـي آثـار التصريـح بالبطـالن ‪- 65 - .......................................‬‬
‫الفصـل الثـانـي الشركة كشخص معنوي ‪- 69 - .........................................‬‬
‫املبحث األول قيام الشخصية املعنوية ‪- 71 - ................ ................................‬‬
‫المطلـب األول المشاكـل المرتبطـة بتاريـخ قيـام الشخصيـة المعنويـة ‪- 72 - ........‬‬
‫‪- 110 -‬‬
‫الفقرة األولى القواعد المنظمة للعالقة بين الشركاء خالل مرحلة التأسيس ‪- 75 - ....‬‬
‫الفقرة الثانية مصير التصرفات المبرمة مع األغيار خالل مرحلة التأسيس ‪- 76 - ....‬‬
‫المطلـب الثانـي النتائـج المترتبة عـن اكتسـاب الشركـة للشخصيـة المعنويـة ‪- 81 - ..‬‬
‫الفقرة األولى تمتع الشركة بعناصر تميزها ‪- 81 - ......................................‬‬
‫أوال‪ :‬اسم الشركة ‪- 81 - .................................. ................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬مقر الشركة ‪- 84 - .................................. ................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬جنسية الشركة ‪- 86 - ............................... ................................‬‬
‫الفقرة الثانية تمتع الشركة بأهلية وذمة مالية ‪- 87 - .....................................‬‬
‫أوال‪ :‬أهلية الشركة ‪- 87 - ................................. ................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الذمة المالية للشركة ‪- 93 - ......................... ................................‬‬
‫املبحـث الثـانـي انتهاء الشركة كشخص معنوي ‪- 102 - ........................................‬‬
‫المطلب األول األسباب العامة النحالل الشركة ‪- 102 - ...............................‬‬
‫المطلب الثانـي تصفية الشركة المنحلة ‪- 107 - .........................................‬‬

‫‪- 111 -‬‬

You might also like