You are on page 1of 5

‫شروط صحة العقد‬

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 Imprimé par: ‫مستخدم ضيف‬


Cours: ‫مصادر االلتزام‬- Date: Saturday 9 December 2023, 23:15
Livre: ‫شروط صحة العقد‬
‫‪Table des matières‬‬

‫شرط األهلية ‪1.‬‬

‫خلو االرادة من العيوب ‪2.‬‬


‫شرط األهلية ‪1.‬‬

‫تتوقف صحة العقد على توافر شرطين أولهما أن يكون لكال الطرفين أهلية إبرام العقد الذي تم التراضي بشأنه‪ ،‬و الشرط الثاني أن تكون ارادتيهما خاليتين من العيوب‪ ،‬لذلك سوف نقوم‬
‫بتقسيم هذا المطلب إلى فرعين نتناول في كل منهما شرطا من شروط صحة العقد‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أهلية التعاقد‬

‫يفرق الفقهاء عادة بين أهلية الوجوب و أهلية اآلداء‪ ،‬فاألولى تعني صالحية الشخص الكتساب الحقوق و تحمل االلتزامات و هذا النوع يثبت لإلنسان منذ أن يرى نور الحياة‪ ،‬بل حتى‬
‫الجنين في بطن أمه بشرط أن يولد حيا فأهلية الوجوب ال ترتبط بقدرة االنسان على التمييز أو عدم التمييز‪ ،‬فكما تثبت للعاقل تثبت للمجنون و كما تثبت للكبير تثبت للصغير‪ ،‬اما أهلية‬
‫اآلداء فتعني قدرة الشخص على التصرف في أمواله أي صالحيته إلبرام تصرفات قانونية‪ ،‬و هذه األهلية ال تثبت لكل األشخاص كما هو الشأن بالنسبة للنوع األول (أهلية الوجوب)‪ ،‬و إنما‬
‫تثبت لمن عنده القدرة على إبرام التصرفات القانونية له و لغيره‪ ،‬و من ثمة فإن أهلية االداء ترتبط ارتباطا بقدرة االنسان على التمييز‪ ،‬هذه القدرة تختلف من إنسان إلى آخر‪ ،‬و يرجع ذلك‬
‫إما لصغر السن و إما لتأثرها بعوارض األهلية‪ ،‬كالجنون و العته و السفه و الغفلة‪.‬‬

‫و تمر أهلية اإلنسان بثالث مراحل‪ ،‬و هي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬مرحلة عدم التمييز‪:‬‬

‫تبدأ هذه المرحلة من تاريخ والدة اإلنسان إلى غتية بلوغه سن الثالثة عشرة( ‪ )13‬سنة كاملة و هذا حسب ما تقضي به المادة ‪ 42‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬و خالل هذه المرحلة العمرية تكون كل تصرفات‬
‫الشخص باطلة بطالنا مطلقا‪ ،‬ألن المشرع وضع قرينة قانونية قاطعة ال تقبل إثبات العكس مفادها ان اإلنسان قبل بلوغه سن الثالثة عشرة سنة تعتبر إرادته منعدمة و ال يمكن لعقله أن‬
‫يميز الصحيح من الخطأ و النافع من الضار‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬مرحلة التمييز‪:‬‬

‫و التي تببدأ من بلوغ الشخص سن الثالثة عشرة سنة كاملة إلى غاية بلوغه سن الرشد المقدرة في المادة ‪ 40‬ق‪.‬م‪.‬ج ب تسعة عشرة (‪ )19‬سنة كاملة‪ ،‬في هذه المرحلة يسمى الشخص‬
‫مميزا أو ناقص األهلية فيسمح له القانون بإبرام التصرفات القانونية‪ ،‬و لكن في حدود معينة مع إحاطته بحماية خاصة تتناسب و النقص الذهني الذي يعتريه مقارنة بالشخص كامل‬
‫األهلية‪.‬‬

‫و في هذه المرحلة يميز الفقهاء بين ثالث صور للتصرفات القانونية‪ ،‬هي‪:‬‬

‫التصرفات النافعة نفعا محضا‪ :‬هذه التصرفات تعتبر صحيحة و ال غبار عليها‪ ،‬ألنها تكسب الشخص حقوقا و ال تحمله التزامات و مثال ذلك أن يبرم عقد هبة و يكون في مركز‬ ‫‪-‬‬
‫الموهوب له‪.‬‬

‫التصرفات الضارة ضررا محضا‪ :‬تعتبر هذه التصرفات باطلة بطالنا مطلقا لما فيها من آثار سلبية على الذمة المالية للشخص الذي يتحمل التزامات دون أن يتلقى حقوقا‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫التصرفات الدائرة بين النفع و الضرر‪ :‬و تتمثل في قيام الشخص بإبرام عقود معاوضة ال يمكن معها معرفة ما إذا كان القاصر سيستفيد ماليا من إبرامها أم أنه سيتضرر‪ ،‬فحكم هذه‬ ‫‪-‬‬
‫التصرفات هو القابلية لإلبطال فهي صحيحة من حيث المبدأ لكن إذا تمسك الولي أو الوصي بإبطالها فإنها تبطل و يعاد األطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد‪ ،‬كما يمكن للقاصر‬
‫الذي ألبرم هذه التصرفات أن يتمسك بإبطالها بعد بلوغه سن الرشد‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬مرحلة اكتمال األهلية‪:‬‬

‫و تبدأ من تاريخ بلوغ الشخص سن ‪ 19‬سنة كاملة ( المادة ‪ 40‬ق‪.‬م‪.‬ج) مع عدم إصابته بعارض من عوارض األهلية التي تعدم اإلرادة( الجنون و العته) أو التي تنقص اإلرادة ( السفه و‬
‫الغفلة)‪ ،‬ففي هذه المرحلة تكون كل تصرفات الشخص صحيحة سواء الضارة منها أو النافعة أو الدائرة بين النفع و الضرر و بالتالي تكون نافذة و مرتبة آلثارها دون أي تهديد بإبطالها‪.‬‬
‫خلو االرادة من العيوب ‪2.‬‬

‫تناول المشرع الجزائري عيوب اإلرادة في المواد من ‪ 81‬حتى ‪ 90‬من القانون المدني‪ ،‬إذ تناولت المادة ‪ 81‬الغلط‪ ،‬و المادة ‪ 86‬التدليس و المادة ‪ 88‬اإلكراه بينما تناولت المادة ‪90‬‬
‫االستغالل‪ ،‬و بهذا فإن عيوب اإلرادة أربعة و التي سنتناولها على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الغلط‪:‬‬

‫‪ .1‬تعريف الغلط‪:‬لم يعرف المشرع الجزائري الغلط كعيب من عيوب اإلرادة بل ترك ذلك للفقه و القضاء و هو ذات التوجه الذي سلكته التشريعات المقارنة‪ ،‬و يعرف الفقه الغط على أنه‬
‫" وهم يقع فيه الشخص فيدفعه إلى التعاقد‪ ،‬كأن يشتري شخص شيئا على أنه من اآلثار التاريخية المهمة ثم يتبين له بعد ذلك أنه ال يمثل أي قيمة تاريخية أو أثرية‪.‬‬
‫‪ .2‬حاالت الغلط المعيب لإلرادة‪ :‬باستقراء نص المادة ‪ 82‬ق‪.‬م‪.‬ج نجد أن الشرط الوحيد العتبار الغلط عيبا من عيوب االرادة هو أن يكون جوهريا و يعتبر كذلك إذا بلغ حدا من‬
‫الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط‪ ،‬و هكذا فإن المشرع الجزائري يخضع مسألة جوهرية الغلط أو عدم جوهريته للشخص الذي وقع فيه‪،‬‬
‫و بالتالي فإن القانون المدني الجزائري كباقي التشريعات المقارنة يأخذ بالمعيار الشخصي أو الذاتي أي وفقا ألوصاف الشيء المعتبرة التي قامت في ذهن المتعاقد و جعلته يبرم‬
‫العقد‪ ،‬و الذي لو كان يعلم بحقيقة هذه األوصاف لما أقبل ‘لى التعاقد‪.‬‬

‫غير المادة ‪ 82‬سالفة الذكر و بعد أن بينت لنا المقصود بالغلط الجوهري‪ ،‬أعطتنا الحاالت التي يكون فيها الغلط كذلك أي جوهريا‪ ،‬و هي‪:‬‬

‫الغلط في صفة جوهرية للشيء محل العقد‪ :‬و تتحقق هذه الحالة إذا كانت هذه الصفة هي التي دفعته للتعاقد‪ ،‬و مثال ذلك أن يشتري شخص حقا يعتقد أنه غير مثقل برهن و‬
‫يتبين له الحقا أنه مرهون‪.‬‬
‫الغلط في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته‪ :‬وال يعتبر الغلط في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته معيبا إلرادته إال إذا كان هو الدافع للتعاقد‪ ،‬و تظهر هذه الصورة بجالء‬
‫في عقود التبرع كأن يتبرع شخص لشخص لذاته أو لصفة متوفرة فيه‪ ،‬ففي هذه الحالة يمكن للمتبرع االستناد إلى الغلط كعيب في االرادة للتمسك بإبطال العقد‪.‬‬
‫الغلط في القانون‪ :‬نصت على هذه الحالة المادة ‪ 83‬ق‪.‬م‪.‬ج التي جعلت الغلط في القانون معيبا لالرادة متى توفرت فيه شروط الغلط في الواقع أي أن يكون جوهريا و مؤثرا‬
‫في ارادة المتعاقد‪ ،‬و يكون ذلك في حالة ما إذا اعتقد الشخص أن القانون يحكم بحكم معين و الحقيقة أن القانون يقضي بخالف ذلك‪ ،‬و مثال ذلك أن يتنازل شخص عن‬
‫نصيبه في التركة مقابل ثمن نقدي معتقدا أنه يرث ثمن التركة في حين ظان القانون يعطيه الحق في ربعها‪.‬‬

‫غير أن نص المادة ‪ 83‬لم تترك هذا الحكم على إطالقه بل قيدته بوجوب أن ال ينص القانون على خالف ذلك‪ ،‬و من أمثلة النصوص القانونية الت ال تجيز التمسك بالغلط في القانون‬
‫إلبطال التصرفات القانونية نجد المادة ‪ 46‬ق‪.‬م‪.‬ج و التي تقضي بأنه " ال يجوز الطععن في الصلح بسبب غلط في القانون)‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التدليس‬

‫يعتبر التدليس ثاني عيوب االرادة التي نظمها المشرع الجزائري في القانون المدني في المادتين ‪ 86‬و ‪ ، 87‬هذا العيب سنتناوله في النقاط التالية‬

‫‪ .1‬تعريف التدليس‪ :‬لم يعرف المشرع الجزائري التدليس و اكتفى فقط باألثر المترتب عليه‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 86‬ق‪.‬م‪.‬ج على ما يلي‪ ":‬يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل‬
‫التي لجأ إليها أحد المتعاقدين أو النائب عنه من الجسامة بحيث لوالها لما أبرم الطرف الثاني العقد"‪ ،‬من هذه الفقرة يتضح لنا أن التدليس كعيب من عيوب االرادة هو إيقاع احد‬
‫االشخاص في الغلط فيكون هو الدافع له إلبرام التصرف القانوني‪ ،‬و بهذا فالتدليس ليس هو بحد ذاته العيب الذي يؤثر سلبا أو إيجابا في االرادة و إنما الغلط الذي يقع فيه‬
‫الشخص نتيجة إيهامه بغير الحقيقة عن طريق بعض الحيل التي يستخدمها الغير أو شخص المتعاقد اآلخر‪.‬‬
‫‪ .2‬شروط التدليس‪ :‬لكي يتمكن المتعاقد من التمسك بالتدليس كعيب من عيوب االرادة يتيح له فرصة التمسك بإبطال العقد ينبغي أن تجتمع الشروط التالية‪:‬‬

‫استعمال طرق احتيالية بقصد إيقاع المتعاقد في الغلط‪ :‬و يقصد بذلك كل فعل أو قول يؤدي إلى وقوع أحد األشخاص في الغلط المعيب لإلرادة‪ ،‬و قد تكون هذه األفعال و‬
‫األقوال إيجابية أو سلبية و تكون إيجابية في حالة الكذب كأن يطلب شخص من اآلخر تقديم بيانات أو معلومات معينة عن شيء يريد أن يشتريه فيقدم له الشخص اآلخر‬
‫بيانات و معلومات مغلوطة ال تدل على حقيقة الشيء الذي اتجهت اإلرادة لشرائه‪.‬‬

‫و الحقيقة أن الكذب ال يمكن في الواقع أن يكون طريقا من طرق االحتيال إال إذا تبين أن المتعاقد المخدوع ما كان يستطيع أن يتبين أو أن يستجلي الحقيقة بسبب هذا الكذب‪ ،‬فإذا كان‬
‫يستطيع اسنجالء أو معرفة الحقيقة رغم الكذب فال يجوز له التمسك بالتدليس كعيب من عيوب اإلرادة‪.‬‬

‫و تكون أساليب التدليس سلبية في حالة الكتمان أي إخفاء بعض البيانات أو المعلومات التي تهم المتعاقد‪ ،‬و التي لو علم بها لما أقدم على إبرام العقد‪ ،‬و كثيرا ما يظهر التدليس السلبي‬
‫في عقود التأمين حيث حيث يلتزم طالب التأمين بإعالن كل عناصر الخطر المؤمن منه لدى شركة التأمين‪،‬ألن ذلك له أثر في تحديد قيمة األقساط التي يدفعها المؤمن‪.‬‬

‫أن يكون االحتيال دافعا إلبرام التصرف‪ :‬من خالل قراءة الفقرة األولى من المادة ‪ 86‬ق م ج يتضح لنا أنه ال يعتد بالتدليس كعيب من عيوب اإلرادة إال إذا بلغت نتيجته حدا‬
‫من الجسامة لوالها لما تعاقد الشخص‪ ،‬و هذا يعني أن االساليب االحتيالية و ما ترتب عليها من غلط هي التي دفعت الشخص المخدوع إلى إبرام العقد‬
‫أن يصدر التدليس من المتعاقد اآلخر‪ :‬إذا صدر التدليس من المتعاقد اآلخر كان كافيا ليكون عيبا من عيوب اإلرادة متى توافرت معه الشروط األخرى‪ ،‬أما إذا كان الكذب و‬
‫الخداع و التضليل صادرا من شخص غير المتعاقد فال يمكن اعتباره تدليسا بمفهوم المادة ‪ 86‬ق م ج إال إذا اتصل بعلم المتعاقد اآلخر أي أنه كان على علم به أو أنه يفترض أن‬
‫يعلم به‪ ،‬و الحكمة من ذلك هي التقليل من حاالت إبطال العقود رغبة في تحقيق استقرار أكبر للمعامالت المالية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اإلكراه ‪la violence‬‬

‫تناول المشرع الجزائري في المادة ‪ 88‬من القانون المدني اإلكراه كعيب من عيوب اإلرادة‪ ،‬فما هو االكراه و ما هي شروطه؟‬

‫‪.1‬تعريف اإلكراه‪ :‬هو عبارة عن ضغط مادي أو معنوي يمارسه شخص على شخص آخر فيدفعه للتعاقد معه‪ ،‬إذ لوال هذا الضغط لما تعاقد الشخص المكره‪ ،.‬فهذا األخير لم يقع في غلط كما‬
‫هو الحال بالنسبة للغلط و التدليس و إنما إرادته لم تكن تتمتع بالحربة الكاملة عند إبرام العقد نتيجة الضغط الذي مورس عليه و الخوف الذي تولدعنده‪.‬‬

‫و بهذا يمكن أن يعرف اإلكراه بأنه الرهبة أو الخوف الذي ينشأ في نفس المتعاقد و الذي يدفعه إلبرام التصرف القانوني‪ ،‬و اإلكراه في هذه الحالة ال يؤدي إلى إعدام اإلرادة كليا بل فقط‬
‫يضيق من حرية االختيار لدى الشخص فيدفعه لتعاقد لم يكن يرتضيه‪ ،‬أما إذا أدى اإلكراه إلى إعدام اإلرادة بصفة نهائية فإن العقد يكون في هذه الحالة باطل بطالنا مطلقا و ذلك النعدام‬
‫ركن من أركان العقد و هو التراضي‪ ،‬كأن يمسك شخص شخصا آخر بالقوة و يجبره على التوقيع فهنا اإلرادة لم تفسد و إنما أعدمت نهائيا‪.‬‬

‫‪.2‬شروط اإلكراه المعيب لإلرادة‪ :‬تنص المادة ‪ 88‬ف ‪ 1‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه‪ " :‬يجوز إبطال العقد لإلكراه إذا تعاقد شخص تحت سلطان رهبة بينة بعثها المتعاقد اآلخر في نفسه دون حق)‪.‬‬

‫من خالل استقراء نص المادة المذكورة و كذا المادة ‪ 89‬يتضح لنا أن االكراه كعيب من عيوب اإلرادة يستلزم اجتماع الشروط التالية‪:‬‬
‫استعمال وسائل لإلكراه تهدد بخطر جسيم محدق‪ :‬لكي تتولد الرهبة الدافعة للتعاقد و التي من شأنها أن تعيب إرادته ال بد أن يستعمل المكره وسائل معينة تهدد المكره بخطر‬
‫جسيم محدق الوقوع في جسمه أو ماله أو بأحد أقاربه‪.‬‬

‫و هذه الوسائل قد تكون مادية بإلحاق األذى بالشخص و هو ما يسمى باإلكراه الحسي كالضرب و اإليذاء بأنواعه المختلفة‪ ،‬و قد تكون معنوية نفسية تتمثل في التهديد باإليذاء الذي يولد‬
‫رهبة و ألما معنويا كاختطاف ولد و تهديد والده بالقتل في حالة عدم القيام بتصرف معين‪.‬‬

‫و اإلكراه سواء كان ماديا أو أدبيا يعيب اإلرادة و يجعل التصرف القانوني قابال لإلبطال‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن اإلكراه المادي نادر الحدوث في الواقع العملي مقارنة باإلكراه النفسي‪.‬‬

‫و يشترط في استعمال اإلكراه أن يهدد بخطر محدق سيلحق الشخص إذا لم يوقع على التصرف القانوني و عليه يشترط أن يكون الخطر جسيما‪ ،‬و العبرة في ذلك بنفسية الشخص‬
‫المكره أي الذي وقع تحت طائلة اإلكراه‪ ،‬بمعنى أنه إذا استخدمت وسائل إكراه غير جدية كالشعوذة و السحر و لكنها رغم ذلك أحدثت في نفسه رهبة و خوفا بأن خطرا كبيرا يتهدده فإن‬
‫ذلك يكفي إلفسد رضاه و بالتالي تجعل التصرف القانوني المبرم قابال لإلبطال‪.‬‬

‫الرهبة في النفس الدافعة للتعاقد‪ :‬و يعتبر هذا الخوف أو الرهبة بمثابة تحقق اإلكراه الذي يدفعه للتعاقد‪ ،‬بحيث لواله لما أقدم الشخص على التصرف القانوني لو كان في‬
‫ظروف طبيعية‪ ،‬أما إذا لم يترتب على اإلكراه أي خوف أو رهبة في نفسية من تعرض له فإنه ال أثر له على اإلرادة و بالتبعية على صحة التصرف القانوني المبرم‪.‬‬

‫و لمعرفة ما إذا كان الشخص قد تأثر بوسائل اإلكراه التي مورست ضده ينبغي األخذ بعين االعتبار جنس الشخص و سنه و حالته االجتماعية و الصحية و كل ظرف من شأنه أن يؤثر في‬
‫جسامة اإلكراه في نظره و هذا ما نصت عليه المادة ‪ 88‬ف ‪ 2‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬و هو ما يعني أن المشرع الجزائري قد أخذ بالمعيار الذاتي الذي يرجع إلى الشخص الذي تعرض للضغط و إلى مدى‬
‫تأثره بوسائل اإلكراه‪.‬‬

‫اتصال اإلكراه بالطرف اآلخر‪ :‬و اشتراط هذا االتصال تستلزمه الرغبة في عدم مفاجأته بالمطالبة بإبطال العقد‪ ،‬و هو أمر تقتضيه طبيعة األمور من حيث استعمال وسائل‬
‫اإلكراه إذ ال بد أن يتم عن طريق شخص من األشخاص ليجبر الشخص اآلخر بناء على ما تولد لديه من رهبة على إثر استعمال وسائل اإلكراه على التعاقد‪.‬‬

‫أما إذا وقع اإلكراه من شخص آخر غير المتعاقد فإن المادة ‪ 89‬ق م ج تشترط للمطالبة بإبطال العقد علم الطرف اآلخر به و بمن صدر عنه أو كان من المفروض حتما أن يعلم بهذا اإلكراه‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬االستغالل ‪l’exploitation‬‬

‫يعتبر االستغالل رابع و آخر عيب من عيوب اإلرادة التي جاء بها القانون المدني الجزائري بنص المادة ‪ ، 90‬و عليه سنتناول هذا العيب من خالل فقرتين نخصص األولى لتعريف‬
‫االستغالل و الثانية لشروط االعتداد به كسبب يجيز المطالبة بإبطال العقد‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف االستغالل‪ :‬يعرف االستغالل بأنه عدم التعادل بينما يحصل عليه المتعاقد و بين ما يلتزم نتيجة الستغالل المتعاقد اآلخر له‪.‬‬

‫و من خالل هذا التعريف يتضح لنا أن المعيار الذي اعتمده المشرع للقول بوجود استغالل م عدمه هو معيار ذاتي و ليس موضوعي أي أنه ينبغي النظر لقيمة الشيء في نظر المتعاقد أما‬
‫الغبن فيمثل المظهر المادي لالستغالل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شروط االستغالل‬

‫من خالل قراءة نص المادة ‪ 90‬ق م ج فإنه يشترط العتبار االستغالل عيبا من عيوب اإلرادة يتيح للشخص فرصة التمسك بإبطال العقد أن تتوفر فيه الشروط التالية‪:‬‬

‫‪.1‬عدم التعادل بين ما يحصل عليه المتعاقد و ما يلتزم به‪ :‬و المقصود بعدم التعادل وجود اختالل و تفاوت بين التزامات المتعاقدين‪ ،‬بحيث تكون التزامات أحدهما أقل من التزامات‬
‫اآلخر بصورة كبيرة‪ ،‬ألنه من البديهي ان يوجد تفاوت طفيف في اآلداءات بين البائع و المشتري أو بين المؤجر و المستأجر وفقا لمصالحهما المتعارضة‪ ،‬لكن هذا التفاوت يكون في الغالب‬
‫يسيرا و ال يؤثر في التوازنات المالية للعقود إذ ال يبدو أن أحد األطراف قد استغل الطرف اآلخر مثل أن يشتري الشخص دارا ب ‪ 10‬مليون دينارجزائري و قيمتها الحقيقية ‪ 9.8‬مليون‬
‫دينار فالفرق بين ثمن البيع و الثمن الحقيقي ال يتعدى ‪ 200‬ألف دج و هو مبلغ يسير عكس ما إذا كانت القيمة الحقيقية للدار ‪ 20‬مليون دينار‪.‬‬

‫و العبرة في تقدير قيمة الشيء ليست بقيمته الحقيقية و إنما بقيمته الشخصية لدى المتعاقد و هذا يعني أن القاضي لما يقدر التفاوت ال يستند إلى معيار مادي موضوعي‪ ،‬و إنما يجب أن‬
‫يأخذ بعين االعتبار قيمة الشيء كما قدرها المشتري وقت التعاقد‪ ،‬و هذه المسألة أي التفاوت في اآلداءات مسألة واقع و ليست مسألة قانون حيث يستقل قاضي الموضوع بتقديرها وفقا‬
‫لظروف كل حالة من الحاالت التي تطرح أمامه و ال رقابة عليه من طرف المحكمة العليا في هذه النقطة‪.‬‬

‫‪.2‬استغالل ضعف معين في المتعاقد المغبون‪ :‬و يتمثل هذا الضعف النفسي حسب نص المادة ‪ 90‬ق م ج في الطيس البين أو الهوى الجامح‪ ،‬فالطيش هو الخفة و التسرع في اتخاذ‬
‫القرارات و عدم المباالة بنتائجها‪ ،‬و هذا الطيش يجب أن يكون بينا أي واضحا و مشهورا‪ ،‬كالشاب الصغير الذي يرث فتكون له رغبة كبيرة في الحصول على نقود لسد حاجته في التبذير‬
‫و البذخ األمر الذي يدفعه لبيع األمالك التي ورثها بمبالغ ال تعكس قيمتها الحقيقية‪.‬‬

‫أما الهوى الجامح فهو الرغبة التي تملك علة اإلنسان زمام نفسه فتجعله مدفوعا إلى الرضوخ لكل ما يفرضه هذا الهوى دون أن يستطيع مناقشته أو خياره‪ ،‬كأن يتزوج شاب امرأة كبية‬
‫في السن فيعمد إلى استغاللها و ابتزازها عن طريق عقود هو يمليها عليها‪ ،‬أو كأن يتزوج شيخ كبير شابة في مقتبل عمرها و يتعلق بها تعلقا شديدا يسلبه القدرة على رفض أي طلب لها‬
‫خوفا من فراقها‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬الجزاء المترتب على تحقق عيب من عيوب اإلرادة‬

‫إذا تحقق عيب من عيوب اإلرادة السالفة الذكر فإن العقد يكون قابال لإلبطال و يسمى كذلك بالبطالن النسبي‪ ،‬أي أن العقد ينشأ صحيحا و لكنه معيب بمعنى أنه مهدد بالزوال متى تمسك‬
‫به من تقرر اإلبطال لمصلحته و هو الطرف الذي كانت إرادته مشوبة بغلط أو تدليس أو إكراه أو استغالل‪ ،‬ففي هذه الحالة أي التمسك باإلبطال فأن أطرف العقد يعادون إلى الحالة التي‬
‫كانوا عليها قبل التعاقد‪ ،‬ففي البيع مثال إذا كان المشتري ضحية تدليس من البائع فإن العقد ينفذ بطريقة عادية فتنتقل الملكية للمشتري و يقوم بتسديد الثمن للبائع إلى غاية تمسك‬
‫المشتري باإلبطال نتيجة التدليس الذي وقع ضحيته‪ ،‬ففي هذه الحالة فإن كل طرف يسترد ما دفعه فيسترجع المشتري الثمن المدفوع و يقوم بإرجاع الشيء المبيع للبائع‪.‬‬

‫غير أن البطالن النسبي على عكس البطالن المطلق ال يعتبر من النظام العام‪ ،‬إذ أنه مقرر لمصلحة شخصية و هي مصلحة الشخص الواقع في عيب من عيوب اإلرادة الذي يبقى الوحيد‬
‫المخول بالتمسك دون غيره بإبطال العقد‪ ،‬أما بالنسبة لنقص األهلية فحق التمسك باإلبطال يملكه الولي أو القاصر لما يبلغ سن الرشد‪.‬‬

‫و كنتيجة العتبار البطالن النسبي غير متعلق بالنظام العام فقد أجاز المشرع في المادة ‪ 100‬ق م ج لصاحب الحق أن يتنازل عن التمسك به‪ ،‬و ذلك بإجازة التصرف و بالتالي إزالة كل‬
‫تهديد عن العقد حيث تستقر الحقوق و المراكز القانونية ألصحابها باإلجازة‪ ،‬هذه األخيرة قد تكون صريحة و قد تكون ضمنية من خالل قيام الشخص المعيبة إرادته أو ناقص األهلية‬
‫باتخاذ أي سلوك‬

You might also like