You are on page 1of 26

‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫تنبيه أولي األبصار‬


‫من أن األخوة واملحبة يف اهلل‬

‫من أ مسى أصول أهل السنة واالعتبار‬

‫{إِ َّن اَم املمُ مؤمنُو ان إ مخ اوة}‬


‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪/‬‬ ‫كتبه‬
‫أبو عبد السالم حسن بن قاسم احلسني الريمي‬

‫غفر اهلل له‬

‫‪1‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم وبه نستعني‬

‫‪ ‬إ َّن احلمد هلل؛ نحمده‪ ،‬ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من رشور أنفسنا ومن‬
‫َّ‬
‫مضل له‪ ،‬ومن ُيضلل؛ فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال‬ ‫سيئات أعَملنا‪ ،‬امن هيده اهلل؛ فال‬

‫إله إال اهلل وحده ال رشيك له‪ ،‬وأشهد أن حممداً عبده ورسوله‪.‬‬

‫{ َيا أَ ه َُّيا ا َّل ِذي َن آَ َمنُوا ا َّت ُقوا اهللََّ َح َّق ُت َقاتِ ِه َو ََل ََتُو ُت َّن إِ ََّل َوأَ ْنتُ ْم ُم ْسلِ ُمو َن} [آل‬

‫عمران‪. ]102 :‬‬

‫اح َدةٍ َو َخ َل َق ِمنْ َها َز ْو َج َها‬ ‫س َو ِ‬ ‫َّاس ا َّت ُقوا َر َّب ُك ُم ا َّل ِذي َخ َل َق ُك ْم ِم ْن َن ْف ٍ‬
‫{ َيا أَ ه َُّيا الن ُ‬
‫َو َب َّث ِمنْ ُه ََم ِر َج ااَل كَثِ اريا َونِ َسا اء َوا َّت ُقوا اهللََّ ا َّل ِذي ت ََسا َء ُلو َن بِ ِه َو ْاْلَ ْر َحا َم إِ َّن اهللََّ كَا َن‬

‫َع َليْ ُك ْم َرقِيباا} [النساء‪. ]1 :‬‬

‫{ َيا أَ ه َُّيا ا َّل ِذي َن آَ َمنُوا ا َّت ُقوا اهللََّ َو ُقو ُلوا َق ْو اَل َس ِدي ادا (‪ُ )70‬ي ْصلِ ْح َل ُك ْم أَ ْع ََم َل ُك ْم‬

‫َو َي ْغ ِف ْر َل ُك ْم ُذنُو َب ُك ْم َو َم ْن ُيطِ ِع اهللََّ َو َر ُسو َل ُه َف َق ْد َف َاز َف ْو ازا َعظِ ايَم } [اْلحزاب‪70 :‬‬

‫و ‪. ]71‬‬

‫أما بعد ‪:‬‬


‫ُم َّم ٍد § َو ََش ْاْلُ ُم ِ‬
‫ور‬ ‫ْي ُ َ‬ ‫يث كِت ُ‬
‫َاب اهللَِّ َو َخ ْ َري ْاْلَد ِ‬
‫ْي َهد ُ‬ ‫احل ِد ِ‬
‫َفإِ َّن َخ ْ َري ْ َ‬
‫َّ‬
‫اُتا َوك َُّل بِ ْد َع ٍة َض َال َل ٌة َوك َُّل َضالَ َل ٍة ِِف النَّار ‪.‬‬
‫ُم َد َث ُ َ‬
‫ُْ‬

‫‪2‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫إننا نحمد اهلل عزوجل عىل تيسريه ْلذه الزيارة واللقاء الطيب بالشيخ‬
‫زائد الوصايب حفظه اهلل تعاىل القائم عىل هذا املركز املبارك وبطالبه اْلجالء‬
‫وإخوانه الكرماء وبكم مجيعاا فنسأل اهلل عزوجل كَم مجعنا ِف هذا املكان واملسجد‬
‫الطاهر املبارك أن جيمعنا ِف دار كرامته إنه ويل ذلك والقادر عليه ‪.‬‬
‫وهذه نعمة يا عباد اهلل أن يلتقي اْلخ بأخيه خصوصاا من كانت جتمعهم العقيدة‬
‫السلفية العقيدة الناصعة العقيدة الصحيحة واملنهج القويم ‪ ،‬فهم قلة ِف هذا‬
‫الزمان ونحتاج أن نتكاتف فيَم بيننا ونتعاضد فيَم بيننا ونتناصح وأن يأخذ اْلخ‬

‫بيد أخيه إىل بر النجاة بإذن اهلل عزوجل وما أمجل ما قاله سفيان الثوري ¬ ‪:‬‬
‫"إذا بلغك عن الرجل من أهل السنة باملرشق واآلخر باملغرب فابعث إليهَم‬
‫السالم وادع هلَم فَم أقل أهل السنة " ‪.‬‬

‫وذاك ِف الزمن الذي توِف فيه فقد توِف ¬ ِف القرن الثاين اْلجري سنة ‪160‬‬
‫هـ ونحن اآلن ِف القرن اخلامس عرش اْلجري ‪ ،‬فانظر إىل مقدار البعد ِف‬
‫السنوات‪ ،‬فهذا يقوله ِف عرصه ‪" :‬إذا بلغك عن الرجل من أهل السنة ِف املرشق‬
‫واآلخر باملغرب فابعث إليهَم السالم وادع ْلَم فَم أقل أهل السنة " ‪.‬‬
‫فَم بالك ِف هذا العرص الذي امتألت فيه الفتن وماجت كموج البحار‬
‫واشتدت فيه غربة الدين وَل حول وَل قوة إَل باهلل ‪ ،‬واملعصوم من عصمه اهلل‬
‫عزوجل ‪،‬فالغربة أشد وليس ثمة نجاة لنا عباد اهلل من الوقوع ِف الفتن والرزايا‬
‫واملحن إَل ب التمسك الصادق بالكتاب والسنة ‪ ،‬مها املخرج من ذلك كَم جاء عن‬

‫ااب اهللَِّ او ُسنَّتِي‪،‬‬


‫ُها‪ :‬كِت ا‬ ‫ِ‬ ‫مت فِي ُك مم اش ميئ م ِ‬
‫اْي لا من تاض ُّلوا اب معدا ُ ا‬ ‫‪ :‬إِ يِّن اقدم ت اارك ُ‬ ‫النبي §‬

‫‪3‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫احل موض ‪ .‬رواه احلاكم من حديث أيب هريرة ‪، ¢‬‬ ‫اولا من ايتا اف َّر اقا احتَّى اي ِر ادا اع ا َّ‬
‫َل ما‬

‫وصححه شيخنا اإلمام اْللباين ¬ ‪.‬‬


‫فالكتاب والسنة صَمما أمان ملن َتسك هبَم بإذن اهلل عز وجل ومن تنكب الطريق‬

‫هلك عياذاا باهلل كَم جاء عن اإلمام مالك ¬ ‪" :‬السنة سفينة نوح من ركبها‬
‫نجا ومن ختلف عنها هلك "‪.‬‬

‫والكتاب والسنة َلبد من أن يفهَم بفهم السلف الكرام ‪. €‬‬


‫فالسلف ‪:‬هم الصحابة والتابعون وأتباعهم من أعيان وعلَمء وأئمة الدين‬
‫الذين ُع رفوا باملعتقد الصحيح واملنهج القويم هؤَلء هم سلف اْلمة الذين أمرنا‬
‫أن نحذو حذوهم وأن نخطو خطوهم ‪:‬‬

‫أولئك آبائي فجئني بمثلهم ** إذا مجعتنا يا جرير املجامع‬

‫فمنهج السلف أهل السنة واجلَمعة هو ‪ :‬الكتاب والسنة ‪ ،‬وهو املنهج‬


‫وسلِم من الوقوع ِف الضالَلت‬
‫املعصوم الذي من َتسك به وفق ِف هذه الدنيا َ‬
‫واملنكرات وينجو بإذن اهلل عزوجل يوم القيامة من النار ‪ ،‬ولذلك هم الفرقة‬
‫الناجية هم الطائفة املنصورة هم أهل احلديث هم أتباع السلف هم أهل السنة‬
‫واجلَمعة ‪ ،‬فهم أهل السنة ْلهنم َتسكوا بالسنة ‪،‬واجلَمعة ْلهنم اجتمعوا عىل‬
‫اْلخذ بالسنة ‪ ،‬فهم أهل السنة واجلَمعة منهجهم منهج معصوم ولذلك أمرنا اهلل‬

‫‪4‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫تعاىل باتباعهم ‪ ،‬ب اتباع هذا املنهج القويم ‪ْ ،‬لن الكتاب والسنة َلبد أن يفهَم‬
‫بفهمهم فإذا فهم اإلنسان كتاب ربه وسنة نبيه بفهمه القارص ضل وانحرف‪.‬‬
‫ولذلك عند أن تنكب من تنكب طريق السلف ِف فهم الكتاب والسنة وقعوا ِف‬
‫مهاوي ووقعوا ِف ضالَلت وبدع ومنكرات وموبقات واختلفت هبم اْلهواء‬
‫وتشعبت هبم الطرق والبدع ‪.‬‬
‫فتجد أن اجلهمي ‪ :‬عقله ينفي اْلسَمء والصفات ‪.‬‬
‫واملعتزيل ‪ :‬عقله يثبت اْلسَمء دون الصفات ‪.‬‬
‫واألشعري‪ :‬يثبت سبعاا من الصفات بزعمه ‪ ،‬والبقية يؤوْلا وينفي صفة العلو‬
‫وهلَم جرا ‪.‬‬
‫كل هذا وذاك ْلهنم اعتمدوا عىل ما َل جيوز أن ُيعتمد عليه وهو ُمض العقل‬
‫ولذلك اضطربت هبم اْلهواء وتشعبت هبم البدع وتاهوا وضلوا وزاغوا قال‬

‫والعياذ باهلل ‪.‬‬ ‫وهب ْم}‪.‬‬


‫تعاىل ‪َ { :‬ف َل ََّم َزا ُغوا أَ َزا َغ اهللَُّ ُق ُل َ ُ‬

‫ت اق ملبِى‬ ‫ب الم ُق ُل ِ‬
‫وب اث يب م‬ ‫أكثر ما يدعو ربه ‪ :‬ايا ُم اق يل ا‬ ‫ولذلك كان النبي §‬
‫ك ‪ .‬كَم جاء عند الرتمذي من حديث أم سلمة ~ ‪ ،‬قيل له ِف ذلك ‪،‬‬ ‫اع اَل دِين ِ ا‬
‫ْي ِم من أا اصابِ ِع اهللَِّ اف ام من اشا اء أا اقا ام او ام من اشا اء‬ ‫قال ‪ :‬إِ َّن ُه لايم اس آ اد ِم ٌّى إِالَّ او اق ملبُ ُه اب م ا‬
‫ْي أُ مصبُ اع م ِ‬

‫أازاا اغ ‪.‬‬
‫هكذا أُّيا املؤمنون عباد اهلل ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫ومن النصوص التي تدل عىل اتباع منهج السلف ‪:‬‬

‫ول ِم ْن َب ْع ِد َما َتبَ َّ َ‬ ‫قوله تعاىل { َو َم ْن ُيشَ اق ِق َّ‬


‫ني َل ُه ْاْلُدَى َو َيتَّبِ ْع َغ ْ َري َسبِي ِل‬ ‫الر ُس َ‬ ‫ِ‬

‫املُْ ْؤ ِمنِ َني ن َُول ِه َما ت ََو َّىل َون ُْصلِ ِه َج َهنَّ َم َو َسا َء ْت َم ِص اريا}‪.‬‬

‫كَم ِف منهاج‬ ‫‪ ‬يقول شيخ اإلسالم وعالمة األنام ابن تيمية احلراِّن ¬‬
‫السنة ‪" :‬إن كال من الوصفني يقتيض الوعيد ْلنه مستلزم لآلخر ‪ ،‬فمن شاق‬

‫فقد اتبع غري سبيل املؤمنني ‪ -‬واملؤمنون هنا هم الصحابة ‪ -‬ومن‬ ‫الرسول §‬
‫اتبع غري سبيل املؤمنني فقد شاق الرسول ‪ ،‬فهذان وصفان متالزمان من شاق‬

‫فقد اتبع غري سبيل املؤمنني ومن اتبع غري سبيل املؤمنني فقد شاق‬ ‫الرسول §‬
‫الرسول § " بترصف‪.‬‬

‫ار َوا َّل ِذي َن ا َّت َب ُع ُ‬


‫وه ْم‬ ‫ْص ِ‬ ‫اج ِري َن َو ْاْلَن َ‬ ‫ويقول تعاىل { َو َّ‬
‫السابِ ُقو َن ْاْلَ َّو ُلو َن ِم َن املُْ َه ِ‬

‫َتتَ َها ْاْلَ ْ َهن ُار َخالِ ِدي َن‬


‫جت ِري َ ْ‬ ‫ان ر ِِض اهللَُّ َعنْ ُهم َور ُضوا َعنْ ُه َوأَ َع َّد َْلم َجن ٍ‬
‫َّات َ ْ‬ ‫ُْ‬ ‫ْ َ‬
‫ٍ‬
‫بِإِ ْح َس َ َ‬

‫فِي َها أَ َب ادا َذلِ َك ا ْل َف ْو ُز ا ْل َعظِيم}‪.‬‬

‫وهم الصحابة ‪.‬‬ ‫اج ِري َن َو ْاْلَن َْص ِار}‪.‬‬ ‫{ َو َّ‬


‫السابِ ُقو َن ْاْلَ َّو ُلو َن ِم َن املُْ َه ِ‬

‫أي ‪ِ :‬ف العقائد واْلقوال واْلعَمل‬ ‫ان}‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الشاهد قوله{ َوا َّلذي َن ا َّتبَ ُع ُ ْ‬
‫وهم بِإِ ْحس ٍ‬ ‫ِ‬

‫ِف تفسريه ‪ ،‬فهؤَلء سلموا من الوقوع‬ ‫؛ كَم ذكر ذلك العالمة السعدي ¬‬
‫ِف الضالَلت والبدع واملنكرات ‪ ،‬نجوا من ذلك سلم ْلم دينهم سلمت‬

‫‪6‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫عقيدُتم فأصبحوا من الفرقة الناجية ‪ -‬نعم ‪ -‬و التي تنجوا بإذن اهلل من الوقوع‬
‫ِف النار بإذن اهلل عزوجل ‪.‬‬

‫وهكذا حديث اَلفرتاق وهو حديث عوف بن مالك ‪ ¢‬الذي عند ابن ماجة‬

‫اجلن َِّة اوثِنمت ِ‬


‫اان‬ ‫ْي فِر اق ًة او ِ‬
‫احدا ة ِيف ما‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وهو قوله § ‪ :‬لاتا مف ا ِ‬
‫َت اق َّن أُ َّمتي اع اَل اث االث او اس مبع ا م‬
‫ول اهللَِّ ام من ُه مم اق اال ما‬
‫اجل اَم اع ُة ‪.‬‬ ‫َّار قِ ا‬
‫يل ايا ار ُس ا‬ ‫او اس مب ُعو ان ِيف الن ِ‬

‫وِف لفظ عند الرتمذي من حديث عبد اهلل بن عمرو ‪ ƒ‬وحسنه شيخنا اْلَمم‬

‫العالمة اْللباين ¬ ‪ :‬اما أاناا اع اليم ِه اوأا مص اح ِاب ‪ .‬هذا هو الشاهد لفظة ( اوأا مص اح ِاب)‬
‫‪.‬‬
‫إذاا ؛ ما كان عليه الصحابة الكرام يعترب ديناا جيب أن يدان به ْلهنم أخذوا الدين‬
‫من الرسول عليه الصالة وأتم التسليم ‪ ،‬واصطفاهم املوىل جل ِف عاله لصحبة‬

‫‪.‬‬ ‫خري البرشية نبينا ُممد §‬


‫‪ ‬وما أمجل ما قاله عبد اهلل بن مسعود ‪ ": ¢‬من كان مستنا فليستن بمن قد‬
‫مات فإن احلي ال تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب حممد هم أبر الناس قلوبا‬
‫وأعمقها علَم وأقلها تكلفا" ‪.‬‬

‫وقال اإلمام األوزاعي ¬ ‪ " :‬اصرب نفسك عَل السنة وقف حيث وقف القوم‬
‫– وهم الصحابة ‪ -‬وقل بَم قالوا وكف عَم كفوا واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه‬
‫يسعك ما وسعهم "‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫ويقول اإلمام الربهباري ¬ ‪" :‬واألساس الذي تبنى عليه اجلَمعة وهم أهل‬

‫فمن مل يأخذ عنهم فقد ضل‬ ‫وهم صحابة رسول اهلل §‬ ‫السنة واجلَمعة‬
‫وابتدع" ‪.‬‬

‫وهكذا شيخ اإلسالم ¬ يقول يف اجلَمعة ‪" :‬هم املجتمعون ‪ ،‬الذين ما فرقوا‬
‫دينهم وكانوا شيعا ‪ ،‬فالذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً قد برئ اهلل نبيه منهم " ‪.‬‬
‫كَم ِف قوله تعاىل { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم ِف يشء }‬

‫‪ ‬ذكر الشاطبي ¬ أثراا ومل يسنده ِف كتابه اَلعتصام عن أم سلمة ~‬


‫اب " ‪.‬‬ ‫ئ ِِم َّ من اف َّر اق دِينا ُه او م‬
‫احتاز ا‬ ‫عند هذه اآلية قالت ‪ :" :‬أا اال إِ َّن انبِ َّي ُك مم اقدم اب ِر ا‬
‫إذاا التمسك بَم كان عليه السلف الصالح هذا صَمم نجاة بإذن اهلل عزوجل ‪.‬‬
‫ولذلك جاءت اْلحاديث ِف احلث عىل التمسك باجلَمعة كَم ِف حديث عمر‬

‫اجلن َِّة‬ ‫‪ ¢‬عند احلاكم وابن أيب عاصم قال § ‪ ...( :‬اف ام من أا ارا اد ِمنم ُك مم ُب محبُ ا‬
‫وح اة ما‬
‫اح ِد او ُه او ِم ان ِاال مثن م ِ‬
‫اْي أا مب اعد‬ ‫اجلَم اع ِة‪ ،‬افإِ َّن الشَّ يطاا ان م اع الم او ِ‬
‫ا‬ ‫م‬ ‫اجل اَم اع اة ‪ ...‬او اع ال مي ُك مم بِ ما ا‬
‫اف مل اي مل از ِم ما‬

‫)‪.‬‬

‫وقال عبد اهلل بن مسعود ‪ ": ¢‬يا أهيا الناس عليكم بالسمع والطاعة واجلَمعة‬
‫فإهنا حبل اهلل وما تكرهون يف اجلَمعة خري ِما حتبون يف الفرقة" ‪.‬‬
‫ْحة‪ ،‬اوالم ُف مر اق ُة اع اذاب ‪.‬‬ ‫بل جاء ِف احلديث عند ابن أيب عاصم ‪ :‬ما‬
‫اجل اَم اع ُة ار م ا‬

‫يف عقيدته ‪ ":‬ونرى اجلَمعة حقاً وصواباً والفرقة زيغاً‬ ‫وقال الطحاوي ¬‬
‫وعذاباً "‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫‪ ‬إىل آخره من هذه النصوص والنقوَلت املتكاثرة ‪.‬‬

‫‪ ":‬ال عيب عَل من أظهر مذهب‬ ‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ¬‬
‫السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل جيب قبول ذلك منه باالتفاق فإن مذهب‬
‫السلف ال يكون إال حقاً " ‪.‬‬
‫إذاا هذا يعترب أمراا مه اَم وهو أن اإلنسان عليه أن ينهج منهج السلف الكرام ِف كل‬
‫أبواب الدين ‪.‬‬
‫‪ ‬فمن هذه اْلبواب ‪ :‬احلرص عَل وحدة الصف ‪ ،‬وعَل مجع الكلمة ‪ ،‬و عَل‬
‫اجلَمعة والرص عَل االجتَمع وعدم التفرق يف الدين ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن أعظم ركائز ذلك ‪ ،‬األخوة اإليَمنية التي أصبحت عند كثري من الناس‬
‫كَم يقال ‪ِ :‬ف خرب كان ‪ ،‬يعني نسيا منسيا ‪ ،‬وَل حول وَل قوة إَل باهلل ‪.‬‬
‫هذه اْلخوة العظيمة ‪ ،‬هذه تعترب يا عباد اهلل من أساسيات الدين ـ اإلخوة‬

‫وإنَم ‪ :‬أداة حرص تفيد إثبات‬ ‫اإليَمنية ـ قال اهلل تعاىل {إِن َََّم املُْ ْؤ ِمنُو َن إِ ْخ َو ٌة }‪.‬‬
‫احلكم ِف املذكور ونفيه عَم عداه ‪ ،‬كَم ِف قوله عليه الصالة والسالم ‪ :‬إِن َََّم ْاْلَ ْع ََمل‬
‫بِالن َّي ِ‬
‫ات‪.‬‬

‫{إِن َََّم املُْ ْؤ ِمنُو َن إِ ْخ َو ٌة َفأَ ْصلِ ُحوا َب ْ َني أَ َخ َو ْي ُك ْم َوا َّت ُقوا اهللََّ َل َع َّل ُك ْم ت ُْر َ ُمحو َن}‪.‬‬

‫وهكذا يقول ربنا ´{ َواملُْ ْؤ ِمنُو َن َواملُْ ْؤ ِمن ُ‬


‫َات َب ْع ُض ُه ْم أَ ْولِ َيا ُء َب ْع ٍ‬
‫ض َيأْ ُم ُرو َن‬

‫وف َو َينْ َه ْو َن َع ِن املُْنْ َك ِر}‪.‬‬


‫بِاملَْ ْعر ِ‬
‫ُ‬

‫ان}‪.‬‬
‫اونُوا َع َىل اإل ْث ِم َوا ْل ُع ْد َو ِ‬ ‫وقال تعاىل { َو َت َع َ‬
‫اونُوا َع َىل ا ْل ِرب َوالتَّ ْق َوى َوَل َت َع َ‬

‫‪9‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫وجاء ِف الصحيحني من حديث النعَمن بن بشري ‪ ¢‬قال § ‪ :‬ت اارى‬


‫ِ‬
‫اجلسد إِذا م‬
‫اشتاكاى عضوا تادا ا اعى لا ُه‬ ‫ِ‬
‫كمثل‬ ‫ِ‬
‫وتعاطفهم‬ ‫تراْحِهم وتوا يدهم‬ ‫ْي ِيف ُ‬ ‫املمُ مؤ ِمن ِ ا‬
‫الس اه ِر او مُ‬ ‫سائِر ما ِ‬
‫احل َّمى‪.‬‬ ‫اجل اسد بِ َّ‬ ‫ا ُ‬
‫وهكذا جاء ِف الصحيحني من حديث أنس ‪ ¢‬قال § ‪ :‬اوالَّ ِذي ان مف ِِس بِي ِدهِ‬
‫ا‬
‫ب لِنا مف ِس ِه‪.‬‬
‫يه اما ُُيِ ُّ‬
‫ب ِألا ِخ ِ‬
‫اال ُيؤمن أحد احتَّى ُُيِ َّ‬
‫وجاءت رواية خارج الصحيح ‪ :‬من اخلري ‪.‬‬

‫قال ‪:‬‬ ‫‪ ¢‬أن الرسول §‬ ‫وجاء ِف الصحيحني من حديث أيب موسى‬


‫املمُ مؤ ِم ُن لِ مل ُم مؤ ِم ِن كاالمبُنم اي ِ‬
‫ان ايشُ دُّ اب مع ُض ُه اب مع ًضا‪.‬‬
‫هذه آيات وأحاديث َتثنا عىل اْلخوة ِف اهلل ‪.‬‬
‫‪ ‬اْلخوة ِف اهلل يا عباد اهلل أمرها عظيم إهنا أخوة الدين التي هي أعظم من‬
‫أخوة النسب ‪ ،‬فهي إخوة جتمع املسلمني وإن نأت هبم بلداهنم وتباعدت‬
‫أقطارهم ْلهنا أخوة توجب أموراا كثرية ِف حق املسلم عىل أخيه املسلم ‪:‬‬

‫‪ ‬من ذلك املحبة يف اهلل ‪ :‬كَم جاء من حديث أنس ‪ِ ¢‬ف صحيح مسلم قال‬

‫اإل ايَم ِن‪ :‬ام من كاا ان اهللَُّ او ار ُسولُ ُه‬ ‫يه او اجدا ِ ِهب َّن اح اال او اة م ِ‬ ‫§ ‪ :‬قال ‪ :‬اث االث م من ك َُّن فِ ِ‬
‫ا‬
‫ب اع مبدً ا اال ُُيِ ُّب ُه إِ َّال هللَِّ او ام من ايك امر ُه أا من اي ُعو اد ِيف الم ُك مف ِر‬ ‫اُها او ام من أا اح َّ‬ ‫أا اح َّ ِ ِ ِ‬
‫ب إِلا ميه ِمَّا س او ُ ا‬
‫اب معدا أا من أا من اق اذ ُه اهللَُّ ِمنم ُه ك ااَم يكره أان يلقى ِيف النَّار ‪.‬‬
‫ب اعبمدً ا اال ُُيِبُّ ُه إِ َّال هللَِّ )‪.‬‬
‫الشاهد قوله ‪ (:‬او ام من أا اح َّ‬

‫‪10‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫‪ ":‬انرشح صدره‬ ‫ومعنى قوله ( او اجدا ِهبِ َّن اح اال او اة م ِاإل ايَم ِن ) قال النووي ¬‬
‫لإليَمن وتلذذ بالطاعة وحتمل املشاق يف الدين واحلالوة" ‪.‬‬
‫ب اعبمدً ا اال ُُيِبُّ ُه إِ َّال هللَِّ ) ليس ملصلحة دنيوية ليس ملال ليس‬
‫و قوله ‪ (:‬او ام من أا اح َّ‬
‫لسلطان ‪ ،‬السلطان قد يذهب واملال قد يذهب وهكذا إىل أخره فال يقصد من‬
‫حبه غرضا دنيوياا‪.‬‬

‫َق َال‪:‬‬ ‫فأنت َتب الشخص هلل وِف اهلل ؛ وِف احلديث ‪َ ،‬ع ِن ا ْب ِن َع َّبا ٍس‪ƒ‬‬
‫إل َيَم ِن أَظُنه ُه َق َال‪ :‬أَ ْو َث ُق؟ َق َال‪ :‬اهللَُّ‬
‫ْلَ ِيب َذ ٍّر‪ :‬أَ هي ُع َرى ا ِ‬ ‫َق َال َر ُس ُول اهللَِّ §‬
‫مض ِيف اهللَِّ)‬
‫ب ِيف اهللَِّ‪ ،‬اوالمبُغ ُ‬ ‫َو َر ُسو ُل ُه أَ ْع َل ُم ‪( :‬املمُ اواال ُة ِيف اهللَِّ‪ ،‬اواملمُ اعا ادا ُة ِيف اهللَِّ‪ ،‬او مُ‬
‫احل ُّ‬

‫رواه الطرباين وهو ِف صحيح اجلامع لشيخنا اْللباين ¬‪.‬‬


‫فأنت يا أخي الكريم َتب الشخص لتمسكه بالسنة بالتوحيد بالدين ‪ ،‬هكذا‬
‫بارك اهلل فيك ‪.‬‬
‫فهذه اْلخوة اإليَمنية توجب املحبة ِف اهلل ‪َ ،‬تب أخاك هلل وِف اهلل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وهكذا أيضا ِما توجبه األخوة يف اهلل ‪ :‬توجب املنارصة والتنارص يف احلق كَم ِف حديث‬

‫مُص أاخا ا اك اظاملً ِا أا مو امظم ُلو ًما» ‪ .‬اف اق اال‬


‫قال ‪ :‬ان ُ م‬ ‫أنس § عند البخاري أن النبي §‬
‫امل ِا؟ اق اال‪ :‬ا‬
‫«َتنع ُه من الظُّلم اف اذاك‬ ‫مُص ُه امظم ُلو ًما اف اك ميفا أان ُ ُ‬
‫مُص ُه اظ ً‬ ‫ول اهللَِّ أان ُ ُ‬
‫ار ُجل‪ :‬ايا ار ُس ا‬
‫نُصك إِ َّياه» ‪.‬‬
‫إنسان تراه ظاملاا تقول له ‪ :‬يا فالن إياك أن تتعدى عىل أخيك املسلم ِف ماله أو ِف‬
‫نفسه أو ِف عرضه اتق اهلل تذكره باهلل وَتجزه عن الظلم وَتنعه عن الظلم ‪،‬وتذكره‬

‫‪11‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫وأعراض ُك مم اع اليم ُك مم اح ارام؛ ك ُاح مر ام ِة‬


‫ا‬ ‫بقول النبي الكريم § ‪ :‬افإِ َّن دِ اما اء ُك مم اوأا مم اوالا ُك مم‬
‫اي مو ِم ُك مم اه اذا‪ِ ،‬يف اب ال ِد ُك مم اه اذا‪ِ ،‬يف اش مه ِر ُك مم اه اذا‪ ،‬إِ اَل اي مو ِم ات مل اق مو ان ار َّب ُك مم ‪ .‬رواه البخاري‬

‫‪ ،‬وبحديث ‪ :‬املسلم أخو املسلمِ؛ ال ايظملِ ُم ُه‪ ،‬وال‬ ‫ومسلم من حديث أيب بكرة ‪¢‬‬
‫ُي ِق ُر ُه) رواه مسلم ‪ ،‬وإن كان مظلوما تنرصه أيضا تقف معه‬ ‫ِ‬
‫ُي مسل ُم ُه ‪ .‬وِف لفظ ( او اال ا م‬
‫وتأخذ حقه ممن ظلمه ‪ ،‬هذه هي اْلخوة ِف اهلل التي توجب هذا ‪.‬‬
‫ليست أخوة كَم يقال عىل املايش ‪ ،‬يعني ملصلحة ‪ ،‬إن كانت هنالك مصلحة فتجد ما‬
‫شاء اهلل كَم قيل ‪:‬‬
‫وما أكثر األصحاب حْي تعدهم** ولكنهم يف النائبات قليل‬

‫يعني وقت ما َتتاج إليه ما جتده وكَم قيل ‪:‬‬


‫جزى اهلل الشدائد كل خري**عرفت هبا صديقي من عدوي‬

‫والصديق وقت الضيق ‪ ،‬كَم يقال ‪.‬‬

‫‪ ‬أيضا ِما توجبه هذه األخوة‪ :‬عدم الغش ؛فال جيوز لك أن تغش أخاك‬

‫املسلم َل جيوز أن تغشه ِف أمور الدنيا وَل ِف أمور الدين ‪( :‬من غش فليس منا)‬

‫كَم قال § ِف صحيح مسلم من حديث أيب هريرة ‪. ¢‬‬

‫‪ ‬أيضا ِما توجبه هذه األخوة اإليَمنية عباد اهلل ‪ :‬السَت ‪ ،‬أن يسرت املسلم عىل‬

‫أخيه املسلم ‪،‬‬

‫‪12‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫قال قال رسول اهلل § ‪ :‬الا اي مس ُ ُ‬


‫َت اعبمد‬ ‫كَم ِف مسلم من حديث أيب هريرة ‪¢‬‬
‫َت ُه اهللَُّ اي مو ام الم ِق ايا ام ِة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اع مبدً ا يف الدُّ من ايا إِالَّ اس ا ا‬

‫وِف لفظ ‪ :‬من سَت ُمسلَم ِيف الدُّ من ايا سَته اهلل ِيف الدُّ من ايا او ماآل ِخ ارة ‪.‬‬

‫أَل َتب أن يسرت اهلل عليك ؟!!!! ‪.‬‬

‫إن رأيت زلة من أخيك فاسرته وانصح له َل تأخذ هذه الزلة وتطري هبا ِف اآلفاق‬

‫وتنرشها َشقاا وغرباا عرب ما يسمى بالتواصل اَلجتَمعي ‪ ،‬قال تعاىل ‪{ :‬إِ َّن‬
‫اب أَلِيم ِِف ال هد ْنيَا َو ْاآل ِخرةِ‬
‫احشَ ُة ِِف ا َّل ِذي َن آ َمنُوا َْل ُ ْم َع َذ ٌ‬
‫ا َّل ِذي َن ُُيِبهو َن أَ ْن ت َِشي َع ا ْل َف ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬

‫َواهللَُّ َي ْع َل ُم َوأَ ْنتُ ْم ََل َت ْع َل ُمو َن }‪ .‬تفرح ْلن أخاك وقع ِف خطأ وقع ِف زلة ما ؛ قد‬

‫غلبه شيطانه أو هوى نفسه ‪:‬‬

‫إبليس والدنيا ونفِس واهلوى ** كيف النجاة وكلهم أعدائي‬

‫فأنت الذي ينبغي عليك إن رأيت من أخيك زلة أن تسرت عليه وتتذكر‬

‫أنك قد تكون أنت ِف هذا املوطن ‪ :‬من سَت ُمسلَم ِيف الدُّ منياا سَته اهلل ِيف الدُّ منياا‬

‫او ماآل ِخ ارة‪.‬‬

‫أفَم ترغب أن يسرتك اهلل ِف الدنيا واآلخرة ‪ ،‬يا سبحان اهلل!!‬

‫‪13‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫الدين النصيحة ‪َ .‬ل ترتكه انصح له قله يا أخي اتق اهلل هذا َل جيوز َشعا هذا كذا‬

‫‪ ،‬لعل اهلل عز وجل ُّيديه ويرتك ويقلع – عند أن يرى منك املعاملة الطيبة‬

‫والنصح بالتي هي أحسن ‪.‬‬

‫ِف‬ ‫وهكذا ِما توجبه األخوة التناصح ‪ :‬النصيحة كَم ِف حديث َتيم ‪¢‬‬ ‫‪‬‬

‫يح ُة» ‪-‬ويف خارج الصحيح اث اال ًثا ‪ُ .-‬ق ملناا‪:‬‬


‫َّص ا‬ ‫صحيح مسلم قال § ‪ :‬الدي ُ‬
‫ين الن ِ‬

‫ْي او اعا َّمتِ ِه مم ‪.‬‬


‫امل ِ من؟ اق اال‪« :‬هللَِّ اولِكِتاابِ ِه اولِ ار ُسولِ ِه او ِألائِ َّم ِة املمُ مسلِ ِم ا‬

‫ت ار ُس ِ‬
‫ول اهللَِّ اص ََّل اهللَُّ‬ ‫املتفق عليه قال ‪ " :‬ابا اي مع ُ‬ ‫وحديث جرير بن عبد اهلل ‪€‬‬
‫ااء ال َّزكااةِ اوالن مُّصحِ لكل ُمسلم " ‪.‬‬
‫الص االةِ اوإِيت ِ‬
‫اع ال مي ِه او اس َّل ام اع اَل إِ اقا ِم َّ‬

‫ِف معامل السنن ‪ " :‬إرادة اخلري‬ ‫والنصيحة كَم عرفها اإلمام اخلطايب ¬‬
‫للمنصوح "‪.‬‬

‫انصح أخاك إن رأيته عىل خطأ ‪ : ،‬املمُ مؤ ِم ُن ِم مرآ ُة املمُ مؤ ِم ِن ‪.‬كَم ِف حديث أيب هريرة‬

‫‪ ¢‬الذي أخرجه أبو داود ‪.‬‬

‫وكَم جاء عن عمر ‪ : ¢‬رحم اهلل امرأ أهدى إيل عيوب ‪.‬‬

‫الدين النصيحة ‪ ،‬قد الشخص َل يعرف العيب الذي هو فيه فأنت تنصحه بالتي‬

‫هي أحسن باْلسلوب احلسن كل بحسبه كل عىل حسب ما قامه ‪،‬‬

‫‪14‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫عند أن تنصح أباك غري أنك تنصح ابنك أو أخاك ‪ ،‬عند أن تنصح شيخك‬ ‫‪‬‬
‫غري أنك تنصح طالبك عند أن تنصح ويل اْلمر غري أنك تنصح الرعية ‪ ،‬كل‬

‫بحسبه لكن جيمع ذلك النصح ‪ ،‬تنصح حتى يشعر املنصوح أنك َتب له اخلري‬

‫َل أن تفضحه ‪ ،‬وما أمجل ما نُسب لإلمام الشافعي ¬ ِف ديوانه ‪:‬‬

‫تعمدِّن بنصحك بانفراد ** وجنبني النصيحة يف اجلَمعة‬

‫افإِ َّن الن مُّص اح اب م ا‬


‫ْي النَّا ِ‬
‫س ن ماوع ** من التوبيخِ ال أرىض استَمعه‬

‫اوإ من خا الا مفتنِي او اع اص مي ا‬


‫ت اق مو ِيل ** افالا ا م‬
‫َت از مع إ اذا امل م ُت مع اط اطا اعه‬

‫إن كان خطأ ليس ظاهراا ليس مشهورا ؛ َل ِف كتاب وَل ِف َشيط ‪ ،‬وإنَم‬ ‫‪‬‬

‫زلة أخطأ ‪ :‬الدين النصيحة ‪ ،‬بينك وبينه ‪.‬‬

‫أما أنك تأخذ هذه الزلة وتتحدث هبا ِف املحافل وِف املجالس وهكذا إىل آخره ‪،‬‬

‫وفالن قال كذا وكذا‪ ،‬وَتعل من احلبة قبة كَم يقال ‪ .‬فهذا من نرش الفاحشة ِف‬

‫صفوف أهل اإليَمن كَم قال اهلل عزوجل {إِ َّن ا َّل ِذي َن ُُيِ هبو َن أَ ْن ت َِشي َع ا ْل َف ِ‬
‫احشَ ُة ِِف‬

‫اب أَلِي ٌم ِِف ال هد ْن َيا َو ْاآل ِخ َرةِ َواهللَُّ َي ْع َل ُم َوأَ ْنتُ ْم ََل َت ْع َل ُمو َن}‪.‬‬
‫ا َّل ِذي َن آ َمنُوا َْل ُ ْم َع َذ ٌ‬

‫وإنَم السرت والنصح ‪ ،‬وهذا الذي ينبغي أن يكون بيننا ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫أما أنك إذا رأيت م ن أخيك زلة فتحت الدفرت وأخذت تقيد وترصد له اْلخطاء‬

‫التي قد َل تكون ِف احلقيقة أخطاء واقعية ‪:‬‬

‫اليوم الفالين أخطأ ‪ ،‬وِف اليوم الثاين والثالث ووووو وِف الشهر كذا املهم ُجيمع‬

‫دفرت أبو ‪ 40‬مثالا أو نحوه ‪ ،‬بدون نصح وَل سرت ‪.‬‬

‫ثم إذا حصلت بينك وبينه مشكلة فتحت الدفرت أنت وبدأت َتيص له وتعدد له‬

‫وفعلت كذا ونزلت كذا ‪، .. ....‬‬


‫َ‬ ‫قلت كذا‬
‫تلكم اْلخطاء ولو بعد أمد وحني ‪َ ,‬‬

‫هذا ما يصلح ‪.‬‬

‫طيب لو مات هذا الذي ترى عنده أخطاء ومل تبينها له قبل اجللسة هذه كيف‬

‫يكون حالك ؟!!!! ‪ ،‬يا مجاعة هذا ما يصلح الدين النصيحة رأيت من أخيك‬

‫خطأ خصوصا كَم أسلفت إذا كان اخلطأ ليس منترشا إما ِف كتاب أو ِف َشيط‬

‫ومذاع هنا وهناك ‪ ،‬فالذي ينبغي السرت عليه والنصح له ‪.‬‬

‫أما القلقالت وكالة قالوا وقالوا هذه أبعدوها ‪ ،‬قالوا كذا سمعنا كذا ثم‬

‫فهمت منه هذا اْلمر !!!! ‪،‬‬


‫َ‬ ‫إذا جئت إىل املصدر قال ‪ :‬واهلل أنا فهمت كذا وكذا ‪،‬‬

‫فتجد الرجل بعيد كل البعد عَم يدان به وإنَم جمرد أفهام أو ظنون أو نحو ذلك‬

‫عند التحقيق والنظر بعني اإلنصاف ‪،‬لكن لو كان إنساناا معانداا مكابراا هذا أمر‬

‫آخر خصوصاا إذا كان خطؤه متعدياا‪، ،‬كل يتخذ له اْلسلوب ِف حينه ‪ ،‬لكل مقام‬

‫مقال كَم يقال ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫‪ ‬وأيضا ِما حتث عليه هذه األخوة اإليَمنية عباد اهلل ‪ :‬التزاور هلل ‪ ،‬ال ألجل‬

‫مصلحة أو نحو ذلك ‪.‬‬

‫فقد جاء ِف احلديث الذي ِف صحيح مسلم من حديث أيب هريرة ‪: ¢‬‬

‫أا َّن ار ُج ًال ز ااار أاخً ا لا ُه ِيف اق مر اي ٍة أُخم ارى افأا مر اصدا اهللَُّ لا ُه اع اَل امدم ار اجتِ ِه ام الكًا اق اال‪ :‬أا مي ان ُت ِريدُ ؟‬

‫ك اع ال مي ِه ِم من نِ مع ام ٍة‬
‫يدُ أاخً ا ِيل ِيف اه ِذهِ الم اق مر اي ِة‪ .‬اق اال‪ :‬اه مل لا ا‬ ‫اق اال‪ :‬أُ ِر‬

‫ك بِأا َّن‬ ‫ت ُّار ُّ اهبا؟ اق اال‪ :‬اال اغ م اري أا يِّن أا محبابمتُ ُه ِيف اهللَِّ‪ .‬اق اال‪ :‬افإِ يِّن [ص‪ ]1395:‬ار ُس ُ‬
‫ول اهللَِّ إِلا مي ا‬
‫ك كاَم أا مح اب مبتا ُه فِ ِ‬
‫يه " ‪.‬‬ ‫اهللَّا اقدم أا اح َّب ا ا‬

‫اهلل أكرب ‪ :‬انظر أخي املسلم الكريم بمجرد أنك تزور أخاك ِف اهلل وهلل َل تريد‬

‫منه شيئاا ‪َ ،‬ل مصلحة وَل منفعة تزوره هلل وِف اهلل تنال بإذن ُمبة اهلل لك ‪.‬‬

‫انظروا إىل عظم التزاور ‪ ،‬ولذلك جاء ِف احلديث اآلخر الذي ِف املوطأ‬

‫حم َّبتِي‬ ‫وِف مسند اإلمام أمحد من حديث معاذ ‪ – ¢‬احلديث القديس – او اج اب م‬
‫ت اا‬

‫ين ِ َّيف اواملمُتابااذِلِ ا‬


‫ْي ِ َّيف – يعني بالعطاء ‪. -‬‬ ‫ااو ِر ا‬ ‫ْي ِ َّيف اواملمُت ااجالِ ِس ا‬
‫ْي ِ َّيف اواملمُتاز ِ‬ ‫لِ مل ُمت ااحا يب ا‬

‫ين ِ َّيف) ‪ ،‬فالزيارة عباد اهلل أمرها عظيم تقوي من أخيك‬


‫ااو ِر ا‬
‫الشاهد قوله ‪ ( :‬اواملمُتاز ِ‬

‫تشد من عضده ‪ ،‬أنت وهو يشد بعضكَم بعضاا خصوصا الدعاة إىل اهلل عز وجل‬

‫‪ ،‬فالدعاة إىل اهلل عز وجل السلفيون ِف غربة وأحياناا ُيصل ْلم ما ُيصل من‬

‫اْلذى وهكذا إىل آخره ‪ ،‬فعند أن تت صل بأخيك الداعية وتسأل عنه وتزره تشد‬

‫من أزره وتصربه عىل أعباء الدعوة ؛ فهذا لك فيه أجر عظيم ‪ ،‬أنت مأجور ‪،‬‬

‫‪17‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫ِف‬ ‫ُمبَّتِي لِ ْل ُمت ََحاب َ‬


‫ني ِ َّ‬ ‫وهذه من موجبات ُمبة اهلل عز وجل للعبد ‪َ :‬و َجبَ ْت َ َ‬

‫ِف ‪.‬‬ ‫ِف َواملُْتَبَاذِلِ َ‬


‫ني ِ َّ‬ ‫او ِري َن ِ َّ‬
‫ِف َواملُْت ََز ِ‬ ‫ِ ِِس َ‬
‫ني ِ َّ‬ ‫َواملُْت ََجال‬

‫إذا هذه اْلخوة يا عباد اهلل أمرها عظيم ؛ فاهلل اهلل بحفظها وإحاطتها‬

‫بسياج متني َل يسمح بأن ختدش ‪.‬‬

‫الشيطان يا عباد اهلل حريص ‪ ،‬حريص عىل أن يفرق مجعنا ‪ ،‬خصوصا أبناء املنهج‬

‫الواحد ‪ ،‬الذين وفقهم اهلل عز وجل وانتهجوا منهج السلف ‪ ،‬فشياطني اإلنس‬

‫واجلن حريصون كل احلرص عىل التفرقة ‪.‬‬

‫‪ :‬إِ َّن‬ ‫ولذلك جاء ِف احلديث حديث مسلم من حديث جابر ‪ ¢‬قال §‬
‫ب اولاكِ من ِيف الت مَّح ِري ِ‬
‫ش ابيمن ُاه مم » ؛‬ ‫الشَّ يمطاا ان اقدم أايِ اس أا من اي معبُدا ُه املمُ اص ُّلو ان ِيف اج ِز ايرةِ الم اع ار ِ‬

‫اجلنَّ اة اقتَّات) كَم قال § متفق عليه من حديث‬


‫َتريش ‪ ،،‬نميمة ‪ ( : ،‬الا ايدم خُ ُل ما‬

‫حذيفة ‪ ¢‬وِف لفظ ملسلم من حديث أيب وائل ( ن َّاَمم) فهذا وعيد شديد ‪.‬‬

‫بل النميمة من أسباب عذاب القرب كَم ِف الصحيحني من حديث ابن عباس‬

‫ان ِيف اكبِ ٍ‬


‫ري ‪-‬‬ ‫ان او اما ُي اع َّذ اب ِ‬
‫مر بقربين فقال ‪ :‬أا اما إِ َّ ُهن اَم لا ُي اع َّذ اب ِ‬ ‫‪ ƒ‬أن النبي §‬
‫ثم ذكر أحدُها – افكاا ان اي مم ِشى بِالن َِّمي ام ِة ‪.‬‬

‫النميمة ‪ :‬هي القا َّلة بني الناس ‪ ،‬يذهب إىل فالن يقول فالن يقول فيك كذا وكذا‬

‫ثم يذهب إىل اآلخر ويقول له فالن يقول فيك كذا وكذا حتى َتصل املشكلة‬

‫‪18‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫وُيصل التصادم ‪ ،‬يا أخي حتى لو حصل وأن سمعت أخال يتكلم عىل أخيك‬

‫اآلخر فالذي ينبغي عليك تنصح له وتذكره باهلل إذا كنت ترى أن ِف كالمه‬

‫القائل ‪ :‬ام من اذ َّب اع من ِع مر ِ‬


‫ض‬ ‫إجحافاا وتعدياا أخذاا بحديث النبي الكريم §‬
‫ب كاا ان اح ًّقا اع اَل اهللَِّ أا من ُي معتِ اق ُه ِم ان الن ِ‬
‫َّار ‪ .‬رواه أمحد من حديث أسَمء‬ ‫أا ِخ ِ‬
‫يه بِظا مه ِر الم اغيم ِ‬

‫بنت يزيد ~ ‪.‬‬

‫‪ ‬فيا أُّيا السلفي الكريم تنبه رعاك اهلل ْلذا الداء الفتاك ‪ ،‬واهلل إنه داء أخطر‬

‫من الرسطان ‪ ،‬الفرقة بني اْلخوة‪ :‬ال أقول حتلق الشعر ولكن حتلق الدين ‪ .‬كَم ِف‬

‫بلفظ ‪ :‬اد َّب إِلا مي ُك مم ادا ُء ماألُ ام ِم‬ ‫احلديث الذي ِف املسند من حديث الزبري ‪¢‬‬
‫ولكن حتلق الدّ ين ‪ .‬حسنه‬
‫م‬ ‫حتلِ ُق الشَّ مع ار‬ ‫احلالِ اق ُة اال أا ُق ُ‬
‫ول ا م‬ ‫احل اسدُ اوالمباغ امضا ُء ِه اي ما‬
‫اقبم ال ُك ُم ما‬

‫شيخنا كَم ِف صحيح اجلامع ‪،‬‬

‫قال ‪ :‬أا اال‬ ‫وثبت عند أيب داود من حديث أيب الدرداء ‪ ¢‬أن النبي §‬
‫الص االة؟» ُق ملناا‪ :‬اب اَل‪ .‬اق اال‪« :‬إِ مص اال ُح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رب ُك مم بِأا مف اض ال من‬ ‫ُ‬
‫والصدقة او َّ‬ ‫الصيا ِم‬
‫درجة ي‬ ‫أخم ِ ُ‬
‫احلالِ اق ُة ‪ - .‬أمر خطري – ‪.‬‬
‫ْي ِه اي ما‬ ‫ْي او افسا ُد اذ ِ‬
‫ات المبا م ِ‬ ‫ِ‬
‫اذات المبا م ِ ا‬

‫والسعي ِف الصلح واإلصالح بني الناس خصوصاا أبناء املنهج الواحد املنهج‬
‫السلفي الرصني أمر عظيم وعمل جليل القدر ّ‬
‫قل من يوفق له وُيسنه ‪ ،‬قال تعاىل‬

‫ْي‬ ‫ا ُ‬ ‫ا اا‬ ‫م‬ ‫{ال خا م اري ِيف كاثِ ٍ‬


‫ري ِم من ن ماج او ُاهم إِال م من أامر بِ اصدا اق ٍة أا مو م معر ٍ‬
‫وف أا مو إِ مصالحٍ اب م ا‬

‫‪19‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫بل ذلك من مقتضيات اإلخوة‬ ‫الص مل ُح خا مري}‪.‬‬


‫س}‪ .‬وقال تعاىل { او ُّ‬
‫النَّا ِ‬

‫اإليَمنية قال تعاىل {إِن َََّم املُْ ْؤ ِمنُو َن إِ ْخ َو ٌة َفأَ ْصلِ ُحوا َب ْ َني أَ َخ َو ْي ُك ْم}‪.‬‬

‫الصلح أمره عظيم ‪ ،‬عند أن ترى اثنني من إخوانك ِف تنازع فالذي ينبغي‬

‫أن تسعى ِف اإلصالح بينهَم ؛ ما تسعى ِف تأجيج الفتنة بينهَم وتطويرها وتكبريها‬

‫وتعريضها ‪ ،‬حاول أنك تلم املسألة وتنصح وتبني ْلم املسألة ‪ ،‬أنتم اآلن‬

‫ستتقاطعون ملاذا؟ أنتم ُتدمون أصل اَلجتَمع وعدم الفرقة ‪ ،‬الذي من أعظم‬

‫ركائزه اْلخوة ِف اهلل ‪،‬‬

‫يقول ‪ ... :‬او اال ا ا‬


‫حت َّس ُسوا او اال‬ ‫هذا يعرض وهذا يعرض ‪ ،‬النبي §‬ ‫كيف!!‬

‫اسدُ وا او اال اتباا اغ ُضوا او اال تادا ا اب ُروا اوكُونُوا ِعباا اد اهللَِّ‬ ‫ااجشُ وا او اال ا ا‬
‫حت ا‬ ‫اا‬
‫َت َّس ُسوا او اال اتن ا‬
‫إِخم اوانًا ‪.‬‬

‫هذا يدبر من طريق من هاهنا وهذا من هاهنا ‪ ،‬وهكذا ‪ ،...‬هذا ما جيوز ‪ ،‬وعىل‬

‫ماذا؟ ‪ ،‬كلنا عىل منهج قويم؛ الكتاب والسنة ُيكمنا ومنهج السلف أيضا هو‬

‫رائدنا ومبتغانا وعندنا علَمء سنة يرجع إليهم ِف املدْلَمت‪ ،‬قال تعاىل { َوإِ َذا‬
‫الر ُس ِ‬
‫ول َوإِ َىل أُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َجاء ُهم أَمر ِم َن ْاْلَم ِن أَ ِو ْ َ ِ‬
‫ويل ْاْلَ ْم ِر‬ ‫اخل ْوف أَ َذا ُعوا بِه َو َل ْو َر هدو ُه إِ َىل َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ٌْ‬
‫ِمنْ ُه ْم َل َعلِ َم ُه ا َّل ِذي َن َي ْستَنْبِطُو َن ُه ِمنْ ُه ْم َو َل ْو ََل َف ْض ُل اهللَِّ َع َل ْي ُك ْم َو َر ْ َ‬
‫محتُ ُه ََل َّت َب ْعتُ ُم‬

‫الشَّ يْطَا َن إِ ََّل َقلِ ايال}‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫إذا ملاذا اَلختالف ؟ ‪ ،‬نحاول أن نضيق دائرة اَلختالف قدر اإلمكان َل أن‬
‫نوسعها ‪ْ،‬لن اَلختالف َش وسبب للهزيمة وتأخر للدعوة بل لرضهبا خصوصاا‬

‫إذا كانت ظاهرة بارزة ‪ ،‬قال تعاىل { َو ََل َتن ََاز ُعوا َفتَ ْفشَ ُلوا َو َت ْذ َه َ‬
‫ب ِرُيُ ُك ْم‬

‫الصابِ ِري َن }‪ .‬وقال تعاىل { َوَل َي َزا ُلو َن ُ ْ‬


‫ُمتَلِ ِف َ‬
‫ني * إَِل َم ْن‬ ‫ربوا إِ َّن اهللََّ َم َع َّ‬
‫اص ِ ُ‬
‫َو ْ‬

‫َر ِح َم َر هب َك }‪.‬‬

‫وقال الصحايب اجلليل عبد اهلل بن مسعود ‪ " ¢‬اخلالف رش " ‪.‬‬

‫فاخلالف املبني عىل اْلوى وحظوظ النفوس هذا هو الرش ‪ ،‬أما اخلالف إذا كان‬

‫مبنياا عىل اجتهاد فنرجو أن يكون معفواا عنه مع ذمه ‪ ،‬ولذلك جتد هنا وهنا‬

‫مشاكل ‪ ،‬ملاذا هذا الداء أصبح منترش خصوصاا بني أوساط أبناء الدعوة السلفية ؛‬

‫؟! ‪.‬‬

‫‪ ‬فَم تكاد تذهب مكاناا إَل وجتد من هذا اخلالف الذي َل شك وَل ريب أنه‬

‫من ختطيط أعداء الدعوة السلفية حتى يضعفوا الدعوة بل يئدوها ِف مهدها ‪،‬‬

‫فالتنبه لذلك هو الواجب وُماولة عالج اْلمور بالرجوع واَللتفاف حول علَمء‬

‫التوحيد والسنة واْلخذ بتوجيهاُتم وإرشاداُتم خصوصاا ِف مثل هذه النزاعات‬

‫فهم ورثة اْلنبياء ‪ ،‬وأيضاا ينبغي النظر ِف مصالح اْلمور واحلرص عىل اجلَمعة‬

‫وتقديم مصلحة الدعوة عىل املصالح الشخصية ‪ ،‬فالشيطان اإلنيس واجلني‬

‫حريصان عىل بذرة أسباب الفرقة ويكربا اْلمور ويعطياهنا فوق حجمها الرشعي‬
‫‪21‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫‪ ،‬لكن لو رجعنا إىل أهل العلم من علَمء التوحيد والسنة ممن له قدم راسخة ِف‬

‫التبرص باْلمور ومعرفة الفتن واْلخذ بَم ينصحون به لسلم لنا اْلمر بإذن اهلل‬

‫وحافظنا عىل إخوتنا اإل يَمنية السلفية ودعوتنا التي هي رأس مالنا ودحضنا‬

‫الشيطان ومكره وكيده ومل نجعل ْلعداء دعوتنا السلفية شَمتة بنا وبدعوتنا ‪.‬‬

‫ِف احلقيقة دخل فينا من ليس منا‪ ،‬ف يأيت شخص يوسع الدائرة دائرة الفرقة‬ ‫‪‬‬
‫واَلختالف ‪ ،‬فبدل أن يضيقها يوسعها وجيعل اْلمر ليس ْلهله ‪ ،‬بل تراه ممكن‬

‫يستدل ببعض قواعد أهل العلم ِف ترويج الفرقة كأن يقول مثالا‪ :‬أهل مكة أدرى‬

‫بشعاهبا ‪ .‬وصاحب البيت أدرى بمن فيه‪ ،‬واجلرح املفرس مقدم عىل التعديل‬

‫املجمل ‪ ،‬وهلَم جرا من هذه القواعد التي كَم قال عَل ‪ : ¢‬كلمة حق أريد هبا‬

‫باطل ‪ .‬عندما قالت اخلوارج قالوا كيف ُيكم الرجال واهلل يقول {إِن ْ ُ‬
‫احل ْك ُم‬ ‫ِ‬

‫إِ ََّل هللَِّ }‪.‬‬

‫فبعض الناس ما ُيسن أن يستخدم عبارات أهل العلم وقواعد أهل السنة ِف‬

‫هذا الباب ‪ ،‬وإنَم خيلط وبعضهم يكون مغرض ‪.‬‬

‫نعم بارك اهلل فيك ‪ ،‬ولذلك عباد اهلل َلبد أن نحرص عىل أخوتنا ‪.‬‬

‫اهلل يقول { َف ْاسأَ ُلوا أَ ْه َل الذ ْك ِر إِ ْن ُكنْتُ ْم َل َت ْع َل ُمو َن}‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫ف أَ َذا ُعوا بِ ِه َو َل ْو َر هدو ُه إِ َىل‬ ‫واهلل يقول { َوإِ َذا َجا َء ُه ْم أَ ْم ٌر ِم َن اْل ْم ِن أَ ِو ْ َ‬
‫اخل ْو ِ‬

‫ويل اْل ْم ِر ِمنْ ُه ْم َل َعلِ َم ُه ا َّل ِذي َن َي ْستَنْبِطُو َن ُه ِمنْ ُه ْم}‪.‬‬ ‫الر ُس ِ‬
‫ول َوإِ َىل أُ ِ‬ ‫َّ‬

‫أولو األمر هنا ‪ :‬هم العلَمء ‪.‬‬

‫إذا يرجع اْلمر ْلهل العلم الذين أنار اهلل قلوهبم ويعرفون املصالح واملفاسد‬

‫ويقدرون ويعاجلون اْلمور ‪ ،‬يرجع ْلهل العلم ‪.‬‬

‫أنا وأنت اختلفنا ما تفقنا ِف مسألة ما ‪ ،‬نأخذ بعضنا إىل العامل ‪ :‬أهيا العامل وقع‬

‫بيني وبْي أخي كيت وكيت من هذه املسائل ‪:‬‬

‫‪ ‬املسألة اْلوىل كذا ‪ ،‬والثانية كذا وهكذا ‪ ،‬العامل ينظر فيها وُيلها بالدليل‬

‫بإذن اهلل تعاىل و نقتنع ونخرج سويا ونحن يدا واحدة ‪ ،‬أما أنه كل واحد يرشق‬

‫والثاين يغرب والدعوة تتفتت وأهل البدع والضالل يشمتون بنا ‪ ،‬هذا عمل‬

‫‪.‬‬ ‫خاطئ َل يرضاه اهلل وَل رسوله الكريم §‬


‫انتبه يا أخي املسلم ويا أُّيا السلفي الكريم خصوصاا الدعاة إىل اهلل الذين‬ ‫‪‬‬

‫يقتدى هبم بارك اهلل ِف اجلميع ‪ ،‬واهلل العظيم املسألة جد خطرية وينبغي عىل‬

‫الدعاة إىل اهلل عز وجل أن ينبهوا عىل هذه اْلمور وأن اإلنسان ينبغي أن ُيرص‬

‫عىل اْلخوة اإليَمنية وُيافظ عليها وُيفظها بسياج متني وَل َُتس اْلخوة‬

‫اإليَمنية ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫سبحان اهلل العظيم !!‬

‫‪ ‬أصل من أصول أهل السنة واجلَمعة هندمه بدون ما نشعر وهو ( االجتَمع‬

‫وترك الفرقة ) ‪.‬‬

‫احلرص عىل اَلجتَمع وترك الفرقة أصل من أصول أهل السنة قال تعاىل‬

‫{ ُمنِيبِ َ‬
‫ني إِ َليْ ِه َوا َّت ُقو ُه َوأَقِي ُموا‬ ‫{ َوا ْعت َِص ُموا بِ َحبْ ِل اهللَِّ َمجِي اعا َوَل َت َف َّر ُقوا}‪.‬‬
‫ني * ِم َن ا َّل ِذي َن َف َّر ُقوا دِينَ ُه ْم َوكَانُوا ِش َي اعا ك هُل ِح ْز ٍب‬
‫رشكِ َ‬
‫الصال َة َوَل َتكُونُوا ِم َن املُْ ْ ِ‬
‫َّ‬

‫حذر من الفرقة ‪.‬‬ ‫منهي عنه ‪ ،‬والنبي §‬


‫ٌ‬ ‫بِ ََم َل َد ُّْيِ ْم َف ِر ُحو َن }‪ .‬فهذا‬

‫فالواجب علينا أن نحذر من هذا الداء اخلبيث الفتاك وأن نحرص حفظكم‬ ‫‪‬‬
‫اهلل عىل أخوتنا اإليَمنية ‪.‬‬

‫أنت اآلن تدعو اىل ماذا ؟!!! أنت تدعو إىل منهج السلف وأنت اآلن ُتدم أصل‬

‫من أصول أهل السنة الذي هو اَلجتَمع وترك اَلفرتاق ‪.‬‬

‫اعقل بارك اهلل فيك ‪ ،‬بعض الناس ما يعقل ماذا يفعل ‪.‬‬

‫‪ ‬هذه آيات وهذه أحاديث وهذه نصوص وأثار عن أسالفنا الكرام رضوان‬

‫اهلل عليهم‪ ،‬اإلمام عبد اهلل بن مسعود ‪ ¢‬يقول ‪ " :‬يا أهيا الناس عليكم بالسمع‬

‫والطاعة واجلَمعة فإهنا حبل اهلل وما تكرهون يف اجلَمعة خري ِما حتبون يف الفرقة "‪.‬‬

‫وهذا عىل كال التفسريين ‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫‪ - 1‬ما يتعلق بويل اْلمر ‪.‬‬

‫‪ - 2‬وقد يكون بني املسلم وأخيه خصوصا السلفي ‪.‬‬

‫ِف ُخلق ما وأصابع اليد كَم يقال ما تستوي‪،‬‬


‫قد أنا أكره فيك ُخلق ما وأنت تكره ّ‬
‫ولكن مادام اخلالف ما وصل إىل املنهج إىل العقيدة ‪ ،‬املسألة َتتاج إىل تناصح‬

‫وَتتاج إىل بيان وَتتاج إىل صرب عىل بعضنا بعض وعىل عذر بعضنا لبعض مع‬

‫النصح َل نقول عىل قاعدة أهل البدع ‪ :‬ويعذر بعضنا بعضا فيَم اختلفنا فيه ‪ .‬ولو‬

‫ِف الباطل ؛ َل َل أبداا هذه نربأ إىل اهلل منها ‪.‬‬

‫نعم تصفية وتربية عىل املنهج القويم ‪ ،‬لكن تكون بيننا ‪ ،‬اخلالف حاصل ‪ ،‬وقد‬

‫حصل بني الصحابة ولكن يرجعون بعد ذلك إىل من ؟ إىل النبي § ‪ ،‬وانتهى‬

‫اْلمر ‪.‬‬

‫فأهل السنة منهجهم قويم فإ ذا حصل اختالف يرجعون إىل احلق من الكتاب‬

‫والسنة ‪ ،‬وإىل العلَمء النصحة ‪ ،‬هكذا أُّيا املسلمون عباد اهلل ‪.‬‬

‫نسأل اهلل عز وجل السداد والتوفيق ‪ ،‬وهذه ُماولة مني لبيان منزلة اْلخوة‬

‫اإليَمنية وأن اخلالفا ت التي َل َتس العقيدة واملنهج وإنَم هي جمرد اختالف أفهام‬

‫وقد يشوهبا يشء من حظوظ النفس ينبغي أن تتالشى أمام احلفاظ عىل إخوتنا‬

‫السلفية وأمام احلفاظ عىل دعوتنا وأن نلتف حول علَمئنا ونأخذ بتوجيهاُتم‬

‫‪25‬‬
‫أصول أهل السنة واالعتبار‬ ‫من أن األخوة والمحبة في هللا من أسمى‬ ‫تنبيه أولي األبصار‬

‫وإرشاداُتم وأن نتحىل بالصرب مع اإلكثار من الدعاء واللجوء إىل اهلل بأن ُيفظ لنا‬

‫عقيدتنا ودعوتنا السلفية الرصينة خصوصا ِف هذه اآلونة اْلخري التي أصبح أهل‬

‫احلق غرباء ِف جمتمعاُتم ‪ ،‬قال § ‪ :‬ابدا أا م ِ‬


‫اإل مس اال ُم اغ ِري ًبا او اس اي ُعو ُد ك ااَم ابدا أا افطُو ابى‬

‫للغرباء ‪ .‬رواه مسلم من حديث أيب هريرة ‪. ¢‬‬

‫‪‬‬

‫‪26‬‬

You might also like