Professional Documents
Culture Documents
علم النفس 2022 الإيجابي
علم النفس 2022 الإيجابي
تمهيد:
نشأ علم النفس اإليجابي في مقابل علم النفس الذي يركز في دراسته على الجوانب السلبية
للشخصية ،فعلى مر الزمن كانت تركز البحوث على دراسة الحاالت السلبية لإلنسان كاإلحباط
واإلضطرابات العقلية والنفسية وهذا ما أعطى للباحثين نظرة عن
والعدوان والتشاؤم ،وفقدان األمل إ
الصحة النفسية التي تعتبر الخلو من املرض ،األمر الذي ولد لدى عدد من الباحثين النفسانيين في
أواخر التسعينات من القرن العشرين بزعامة الدكتور "مارتن سيلجمان" M. Seligmanوهو أستاذ
علم النفس في جامعة بنسلفانيا ورئيس الجمعية النفسية األمريكية قناعة مفادها " :إن اإلنتباه يجب
أن يخرج من نموذج املرض إلى نموذج الصحة" .إ
فانطالقا من هذه القناعة عمل العديد من الباحثين على دراسة الحاالت اإليجابية في اإلنسان في إطار
رسمي علم النفس اإليجابي الذي يهدف إلى قياس وفهم وبناء مكامن القوى اإلنسانية وفضائلها وصوال
إلى إرشادنا لتطوير حياة جيدة وفاعلة فهو يركز على أوجه القوة عند الفرد بدال من التركيز على أوجه
القصور لديه ،ويركز على الفرص بدال من األخطاء وعلى تعزيز اإلمكانات بدال من التوقف عند
املعوقات .إ
يصف العاملون في مجال علم النفس اإليجابي هذا العلم بأنه" :دراسة كافة مكامن القوة لدى البشر ،
دراسة كل ما من شأنه وقاية البشر من الوقوع في االضطرابات النفسية والسلوكية ،إضافة إلى دراسة
كل العوامل الفردية ،االجتماعية ،واملجتمعية التي تجعل الحياة اإلنسانية جديرة بأن تعاش" إ
وقد عرف شيلدون وكينج ) Sheldon and King (2001علم النفس اإليجابي على النحو التالي :إ
" أنه ليس أكثر من الدراسة العلمية للقوة والفضائل البشرية ،حيث يعيد علم النفس اإليجابي
للشخص العادي القدرة على االستمتاع باألعمال التي يقوم بها وتحسين مستواه" .إ
1
فعلم النفس اإليجابي محاولة لحث علماء النفس ألن يكونوا أكثر انفتاحا في النظر إلى إمكانيات
اإلنسان ودوافعه اإليجابية" .إ
وتفيد كريستال بارك ) Crystal L. Park (2003في إطار إجابتها عن السؤال الخاص بما هو علم النفس
اإليجابي؟ أن التعريف الذي قدمه كل من مارتين سيلجمان وشيكيزينتمهالي ( )2000لعلم النفس
اإليجابي في مقال لهما نشر بمجلة األخصائي النفس ي األمريكي من التعاريف الجيدة التي توفر نظرية
مقنعة ملواصلة البحث في هذا املجال وينص هذا التعريف على أن "مجال علم النفس اإليجابي على
املستوى الذاتي أو الشخص ي هو علم يهتم بدراسة وتحليل الخبرات الشخصية الذاتية املقدرة أو ذات
القيمة مثل :الرفاه ية الشخصية أو جودة الوجود الذاتي الشخص ي ،القناعة ،والرضا (في املاض ي)،
األمل والتفاؤل (في املستقبل) ،التدفق والسعادة (في الحاضر) ،وعلى املستوى الفردي يتعلق علم
النفس اإليجابي بدراسة وتحليل السمات اإليجابية للفرد :القدرة على الحب والعمل ،مهارات اإلنفتاح
العقلي ،والتطلع للمستقبل ،الشغف الروحي ،املوهبة العالية والحكمة .إ
كما يعرف علم النفس اإليجابي على أنه الدراسة املوضوعية للخصال اإليجابية في االنسان واالهتمام
باملؤسسات النفسية واالجتماعية التي تعمل على تنمية هذه الخصال ،إذن موضوعه هو الشخصية
الطيبة الفاضلة وحسن الحال والسعادة .إ
يعرفه (أبو حالوة ،2014 ،ص )21بأنه فرع من فروع علم النفس يؤكد على دراسة كل من شأنه أن
يؤدي إلى تحسين األداء النفس ي الوظيفي للكائن البشري بما يتجاوز نطاق أو حدود الصحة النفسية
العادية .وقد ورد على الصفحة الرئيسية ملوقع مركز علم النفس اإليجابي على الشبكة املعلوماتية
العاملية أن علم النفس اإليجابي هو دراسة الفضائل ومكامن القوى التي تمكن األفراد واملجتمع من
االزدهار والرفاهية والتطور .إ
أما (الحجازي ،2012 ،ص )19فيرى بأن علم النفس اإليجابي تيار حديث في علم النفس يقدم منظورا
جديدا في النظرة إلى قضايا االنسان النفسية والوجودية .إنه يركز على دراسة أوجه النماء واالقتدار
2
والفضائل التي تمكن األفراد والجماعات أن تنطلق وتحقق مكانتها ،وهو بذلك يشكل املنظور املوازن
واملوازي لعلم النفس العيادي الذي يركز على األسباب املرضية .إ
ويرى "جاك الكونت" ( )leconte,2008,p. 55بأن علم النفس اإليجابي يدرس الشروط والعمليات التي
تبعث الفرحة والسرور ،أو الوظائف املثالية لألشخاص ،الجماعات واملؤسسات .فعلى املستوى
الشخص ي نجد حسن الحال والسعادة ،اإلبداعية ،اإلحساس بالفعالية الذاتية ،تقدير الذات ،معنى
الحياة ،التفاؤل......الخ إ
وعلى املستوى العالئقي نجد االيثار ،الحميمية والحب ،التعاون ،التعاطف الوجداني ،االعتذار...الخ إ
ويصرح (سليجمان )2006 ،أن علم النفس اإليجابي له ثالثة أعمدة :،إ
أوال املستوى الشخص ي :يهتم بدراسة الخب إرات اإليجابية مثل التفاؤل والسعادة والرضا والفرح
والرفاهية .إ
ثانيا املستوى الفردي :دراسة السمات اإليجابية وبصورة رئيسية دراسة القوى والفضائل في اإلنسان،
والقدرة على الحب والشجاعة واملثابرة وكذا القدرات مثل الذكاء والنشاط ،إ
ثالثا مستوى املجموعة أو املجتمع :دراسة املؤسسات اإليجابية مثل التسامح وأخالقيات العمل
الديمقراطية والعائالت املترابطة والتحقيقات الحرة التي تعضد الفضيلة وتعزز املشاعر اإليجابية .إ
ويعرفه (معمرية ،ب س) على أنه الدراسة املوضوعية للخصال اإليجابية في االنسان ،واملؤسسات
النفسية واالجتماعية التي تعمل على ترقية هذه الخصال وتنميتها إلعداد شخصيات ايجابية .إ
هذه التعاريف بمجملها تشير إلى أن علم النفس اإليجابي هو دراسة القوى اإلنسانية ،والوظائف
املثالية املؤدية للسعادة وحسن الحال ،والتي يعمل كذلك على تنميتها ،سواء على املستوى الفردي ،أو
املؤسساتي .إ
إ
3
تأسس علم النفس اإليجابي كفرع من فروع علم النفس سنة ،1998أثناء ترأس سيلجمان للجمعية أو
للرابطة األمريكية لعلم النفس ،فكان مارتن سليجمان بذلك األب الروحي لعلم النفس اإليجابي
ومؤسسه من خالل كتابه السعادة الحقيقية كفكرة لعلم النفس االيجابي أين ركز على كل ما يمكن
ماهو سلبي أو مكسور داخل الفرد فقط بل
أن يخلق السعادة البشرية ال من خالل التوقف على إ
التأكيد على كل ضرورة دراسة وتحديد كل ما يمكن أن يسير النمو وكل ما هو ذو عالقة بتحسين جودة
الحياة النفسية .فعلماء النفس ضمن فرع علم النفس اإليجابي يقومون بدراسات إمبريقية تناول
قضايا ذات طابع إيجابي منها محددات الرضا والقناعة ،االنفعاالت اإليجابية معنى الحياة وكل ما
يمكن اإلنسان من اإلندماج اإليجابي في الحياة بغض النظر عن الظروف ،ولقد أقر مؤسس علم
النفس اإليجابي سليجمان أن املدرسة اإلنسانية أنتجت الكثير من ما يعرف بحركات العالج املرتكزة
على فكرة وبرامج مساعدة الذات Therapeutic Self-help Movementsوالتي تعد أساس الذي بني
عليه علم النفس اإليجابي ،فاملدرسة اإلنسانية تتضمن تصورات نظريات وممارسات تطبيقية ذات
عالقة مباشرة في واقع األمر بالسعادة اإلنسانية أين يصح القول بكونها مقدمات منطقية لظهور علم
اإلمبريقية .إ
النفس اإليجابي على الرغم من افتقارها لألدلة إ
-التفكير اإليجابي هو األداة األكثر فعالية في التعامل مع مشكالت الحياة وتحديدها ،فهو يوفر املخارج
ويعتبر كموجه للطاقة للتعامل مع سلبيات وايجابيات الحياة بطريقة بناءة .ويعمل على تنمية ثبات
نسبي في املوقف نحو الذات ،فرغم العثرات والفشل يظل الفرد يمتلك تلك النظرة اإليجابية نحو ذاته
وقدراته.
والتدفق أو ما يسمى بنظرية الطالقة النفسية أو الخبرة املثلى flowكان من صياغة "ميهالي
شكيزنتميهالي" واستمدت هذه النظرية من نظرية الحاجات ملاسلوا ،فاألشخاص األصحاء عند اشباع
حاجاتهم األساسية سوف يتم دفعهم وتحفيزهم على االكتشاف والتعلم وتطوير مهاراتهم للتفاعل
بشكل أكثر كفاءة مع البيئة املحيطة بهم .ومنه الدفق هو حالة من املتعة التي يعيشها اإلنسان عندما
يقوم بنشاط ما إوبدون إنتظار أي عائد منها ويفقد إحساسه بذاته واالحساس بالوقت.
كما أن معنى الحياة meaning of lifeمن أهم املفاهيم في علم النفس اإليجابي ،وهو شعور عميق
بمغزى الحياة مع القدرة الفائقة على إدراك الهدف من وجود االنسان والشعور بالحيوية والسعادة
إ
حسب . debatesويرتبط بمفهوم نوعية الحياة التي يرغب االنسان في تحقيقها ،فذذا كان معنى الحياة
4
واضحا ومرتفعا لديه فالحياة تبدو له مثيرة كل يوم وتظل النشاطات تتمتع بجاذبيتها كأول مرة ،أما إذا
كان معنى الحياة متدنيا وغير واضح تبدوا له الحياة روتينية وكل يوم يشبه اليوم الذي مض ى .ويرى
جاهزا وإنما اكتشاف يصل إليه االنسان ،وهو
إ "فرانكل" وهو من التيار الوجودي أنه ليس تصو إرا
يختلف من شخص إلخر ،وعند الشخص الواحد من يوم لخر ومن ساعة ألخرى ،ويمكن االستفادة
منه واكتشافه بثالث طرق في العالج النفس ي :بواسطة مزاولة فعل أو عمل ما ،أو بواسطة أن نختبر
قيمة من القيم ،أو نعيش حالة من املعاناة .وهناك نظريات متعددة في هذا الصدد عند "ماسلو"
و"يالوم" و"فان دوزن" و"سميث" .إ
واألمل حسب )1991(synderهو التوقعات اإليجابية لبلوغ الهدف ،ويقوم على مفهومين أساسيين:
مستوى الطاقة املوجهة للهدف ،والقدرة على التخطيط لبلوغ الهدف .وترى نظرية "سليجمان" سنة
2002أن األمل يفسر بنقيضه أي اليأس ،ففي حالة األمل يكون االعتقاد في األسباب السعيدة مع
أسباب محدودة ومؤقتة لألحداث السلبية ،فأنا أتوقع 50باملئة أنني سأنجح ،و 50باملئة أنني
سأفشل ،لكنني أتبنى الطرح األول.
يعطيه الشخص لحياته ،وتتضمن 03مظاهر :حسن الحال النفسية ويعبر عنها بالنشاط النفس ي
الوظيفي ،وطور "كارول ريف" سنة 2003نموذج من 06أبعاد لتفسيرها :نظرة إيجابية نحو الذات-
حياة هادفة بذعطاء معنى لحياتنا-النمو الشخص ي والقدرة على مواجهة الصعاب-السيطرة على
املحيط-مواجهة الحياة بكل طاقاتنا-االستقاللية في نمط التفكير واتخاذ القرار-تكوين عالقات إيجابية
مع األخرين .أما حسن الحال االجتماعية فهي ذلك االندماج وااللتحام االجتماعي ،وطور keyesسنة
(2002نموذج من 05أبعاد لذلك .أما حسن الحال الذاتية أو ما يسمى بالسعادة فهي ذلك التقييم
االنفعالي الذي يتمثل في عيش خبرات انفعالية سارة ورضا عال عن الذات ما يجعل االنسان يقبل
حياته ويعتبرها جديرة أن تعاش .إذن هي تقييم عام لجودة الحياة انطالقا من 03نقاط :تخمين معرفي
كيف تكون الحياة الجيدة-تجربة مستويات عالية من املتعة االنفعالية-تجربة مستويات منخفضة من
االنفعاالت السالبة .ومن أشهر نظرياتها نظرية اللذة hidonicونظرية الحياة الطيبة eudaimonic
نظرية املقارنات ،والنظرية الهادفة ،telicوالنظريات التنازلية والتصاعدية.
-1التفاؤل:
5
عرفه "سليجمان" بأن الفرد يختبر تجارب حياة سلبية ،كالفشل في انجاز األهداف ،فيقوم بعزو هذا
الفشل إلى عوامل خارجية ثابتة وعامة .إ
يعرف كل من دمبر وبـروكس (د.ت) Dimber & Bruxالـتـفاؤل على أنه« :إمفهوم يظهر نظرة إيجابية
للحياة ،تتضمن إدراك الحاضر تقويمه وكذا املستقبل ،وهو استعداد انفعالي ،معرفي معمم ونزعة
لالعتقاد أو الستجابة انفعالية اتجاه الخرين ،واتجاه املواقف ،اتجاه األحداث بطريقة إيجابية
وواعدة ،وتوقع نتائج مستقبلية جيدة نافعة ،واملتفائل أكثر ميال لالعتقاد بأن األمور الطيبة ستحدث
الن وستكون مبهجة وسارة وستستمر لتسعده إ
والتفاؤل هو إدراك القدرة على التحرك نحو األهداف مع تقييم للنتائج وتجنب ما هو غير جيد فيها.
التركيز على األهداف لبلوغ نتائج
إ والتفاؤل له عالقة باألمل لكنه مختلف عليه .في نظرية األمل،
مستقبلية إيجابية.
أول من تحدث عن جودة الحياة كمفهوم وليس مصطلح هو أرسطو( 384-322ق م) حيث كان يعنى
به "حياة سعيدة" أو "الكائن السعيد" ،لكن لم يكن مصطلح جودة الحياة موجود في اللغة اليونانية ،
فقط أشار إليه أرسطو بأنه يعني أشياء مختلفة ألشخاص مختلفين كمتغير يرتبط باملواقف التي تواجه
األشخاص()fayers and machin,2007,p6
وتوجه هذا املفهوم إلى الرعاية الصحية ،حيث تم تعريف الصحة على أنها حالة صحية جيدة تشمل
الجوانب الفيزيولوجية والعقلية واالجتماعية وليس غياب املرض أو املرض .إ
وفي عام 1975بدأ استخدام مصطلح جودة الحياة وأصبح جزءا من املصطلحات الطبية املستخدمة
في املجال الطبي وعلم األورام (الهمص ،2010 ،ص ص .)47-46إ
في منتصف السبعينات فريقان من شيكاغو قاموا بذجراء بحوث وطنية أولى من نوعها حول جودة
الحياة لغرض تنموي .إ
أما سنة 1985باململكة املتحدة األمريكية في الوثيقة االستراتيجية لشمال غرب املنطقة ،أعلنت
السلطات الصحية بذلغاء اإلقامة طويلة املدى للمرض ى باملستشفيات ونقلهم للمجتمع لتحسين جودة
حياتهم (بحرة ،2014 ،ص ص.)23-22
6
االتجاهات والتوجهات النظرية املفسرة لجودة الحياة -2
-1االتجاهات:
أ .االتجاه االجتماعي :الدراسات في هذا املنحى تركز على املؤشرات املوضوعية في الحياة مثل
معدل الوالدات ،الوفايات ،معدل ضحايا املرض ونوعية السكن ،واملستويات التعليمية ألفراد
املجتمع ومستوى الدخل وطبيعة العمل.
ب .االتجاه النفس ي :ويعتمد على طريقة ادراك الفرد للمؤشرات املوضوعية املذكورة في االتجاه
االجتماعي ،وتظهر في مستوى السعادة والشقاء الذي يكون عليه ،ويرتبط بمفهوم جودة الحياة
العديد من املفاهيم النفسية منها :القيم ،االدراك الذاتي ،الحاجات ،مفهوم االتجاهات،
مفهوم الطموح ،مفهوم التوقع ومفهوم الرضا والتوافق والصحة النفسية .ويرى البعض أن
جوهر جودة الحياة يكمن في اشباع الحاجات كمكون أساس ي لجودة الحياة وذلك وفق مبدأ
نظرية أبراهام ماسلو.
ج .االتجاه الطبي :ويهدف لتحسين جودة الحياة لألفراد الذين يعانون من أمراض جسمية
مختلفة ،أو نفسية ،أو عقلية ،وذلك عن طريق البرامج االرشادية والعالجية التي تتعلق بالوضع
الصحي وتطوير الصحة (محمدي وبوعيشة ،2013 ،ص .)7إ
-2التوجهات :
-حسب الفروق الفردية في االدراك ،العوامل الذاتية هي ذات األثر القوي من العوامل املوضوعية
في درجة شعورهم بجودة الحياة .إ
أ .نظرية "الوتن" :)lawton theory( 1996حيث يرى بأن للبيئة دور كبير في التأثير على جودة
الحياة ،وهي تتأثر بالظرف الزماني والظرف املكاني.
ب .نظرية"شالوك" :)shalok theory( 2002قدم تحليال عن جودة الحياة على أساس أنه مفهوم
مركب من ثمانية مجاالت وهي :السعادة الوجدانية ،العالقات بين الشخصية ،السعادة املادية،
7
النمو الشخص ي ،السعادة البدنية ،تقرير املصير ،االندماج االجتماعي ،الحقوق البشرية والقانونية.
وكل مجال يتكون من ثالث مؤشرات .إ
تؤكد النظرية على أثر األبعاد الذاتية كونها املحددات األكثر أهمية من األبعاد املوضوعية في تحديد
درجة شعور الفرد بجودة الحياة ،على أن هناك نسبية في درجة هذا الشعور فالعامل الحاسم في
ذلك يكمن في طبيعة ادراك الفرد لجودة حياته إ
أ .نظرية "رايف" : )ryff theory(1999طور كل من "كارول رايف " و"بورتون سنجر" نموذجا من
ستة أبعاد تحيط بحسن الحال وهي :إ
-تقبل الذات :وتشمل التقويم اإليجابي للذات وللحياة بايجابياتها وسلبياتها .إ
-العالقات اإليجابية مع األخرين :وتشمل نوعية العالقات مع األخرين واملرتبطة بحب الخير
لألخرين وتقديرهم .إ
-االستقاللية :وتشمل حس تقدير الذات والقدرة على مقاومة التغيرات االجتماعية والقدرة على
التفكير والتصرف بطرق مختلفة .إ
-السيطرة على املحيط وتتضمن القدرة على إدارة الحياة ومجابهة التحديات املحيطة بها .إ
-الحياة الهادفة :وتتضمن االعتقاد بأن الحياة السابقة والحاضرة ذات هدف ومعنى .إ
وعلى العموم فليس غياب التجارب السلبية واالنفعاالت السلبية هي ما يحدث حسن الحال
النفس ي ،وإنما كيف نتعامل مع التحديات ونتصدى للصعوبات ونعمل على تغييرها .قد نصل إلى
أعمق معنى لحياتنا حين نجد أنفسنا وجها لوجه مع أوجه هشاشتنا ،وهكذا فنوعية الحياة ال
تتمثل في الهروب والتجنب مما هو سلبي في الحياة ،وإنما من خالل تعامل فاعل مع املحنة ،من
8
خالل الفعل واالستجابة اللذين يعمقان فهمنا لذواتنا وإعطاء الوجود معنى وانماء الروابط
اإلنسانية وبالتالي توسيع مجال االقتدار (حجازي ،2012 ،ص .)287إ
-3املنظور التكاملي:
اتخذت النظرية من مفهوم السعادة ومعنى الحياة ونظام املعلومات البيولوجي والحياة الواقعية
وتحقيق الحاجات فضال عن العوامل املوضوعية األخرى اطارا نظريا تكامليا لتفسير جودة الحياة،
ومن مسلماتها :إ
-أن نسعى إلشباع الحاجات ال يؤدي بالضرورة إلى رضا الفرد وإلى شعوره بجودة الحياة (شيخي،
،2014ص .)86إ
هو فرع من فروع علم النفس اإليجابي ،ويهتم علم نفس السعادة بدراسة الطرق التي تؤدي إلى تحقيق
السعادة لدى اإلنسان ،فعلم نفس السعادة هو مجموعة من البحوث والدراسات العلمية التي تهتم
بالتعرف على كيفية تحقيق السعادة لدى اإلنسان في مختلف مجاالت الحياة في الزواج ،األسرة في
العمل...إلخ .إ
فالسعادة مفهوم نسبي فالعلماء يختلفون فيما بينهم في تحديد مفهوم السعادة وكذا الناس بالنسبة
لذلك بمعنى أن ما يحقق السعادة لشخص ما ليس بالضرورة أن يكون هو ذاته ما يحققها لشخص
إلخر ،حيث قد يرى البعض السعادة باملال ،والبعض الخر يرى السعادة في اإلنجاز و النجاح ،كما قد
تكون في العيش في رغد ،ومجموعة أخرى السعادة في رعايته ألسرته وتربية األبناء أفضل تربية ،لكن
السعادة الحقيقة تكمن في ان يكون قلب اإلنسان عامرا بحب هللا سبحانه وتعالى فيعيش املرء براحة
وطمأنينة ورضا وقناعة( ،السعادة هي راحة البال وطاعة الرحمن والصحة والستر .إ
-1جانب معرفي :يظهر فيها الشخص السعيد كل من الرضا والنجاح ،والتوفيق واملعاونة.
-2جانب وجداني :يظهر الفرد كل مشاعر املتعة والفرح والسرور.
-3الجانب النزوعي (نفس ي حركي) :يعبر فيها الفرد السعيد عن سعادته سواء بالكالم فيقول :أنا
سعيد أو راض ،أو ناجح ،أو فرح.....إلخ ،أو بالحركات وتعبيرات الوجه مثل (اإلبتسامة،
والبشاشة وغيرها من التعبيرات الدالة على مشاعر السعادة وإدراك الرضا عن الحياة).
باملقابل يرى حامد زهران ( )2005أن السعادة تتضمن بعدين أساسين :إ
-1الشعور بالسعادة مع النفس :نستدل على ذلك عندما يشعر الفرد بالسعادة والراحة
النفسية ملا للفرد من ماض نظيف ،وحاضر سعيد ،ومستقبل مشرق ،ويأتي ذلك عن طريق
اإلستفادة من مسرات الحياة اليومية ،وإشباع الدوافع ،والحاجات النفسية األساسية
إ
والشعور باألمن ،والطمأنينة ،والثقة ووجود اتجاه متسامح تجاه الذات ،واحترام النفس
وتقبلها ،ونمو مفهوم موجب للذات وتقديرها حق قدرها.
-2الشعور بالسعادة مع اآلخرين :وينعكس ذلك من خالل حب إ
الخرين ،والثقة فيهم،
واحترامهم ،وتقبلهم ،ووجود إتجاه مسامح نحو الخرين ،والقدرة على إقامة عالقات اجتماعية
سليمة ودائمة والتفاعل االج السليم والقدرة على التضحية والتعاون ،وخدمة الخرين وتحمل
املسؤولية.
* -3تعريف علم نفس النجاح:
الطرق التي تؤدي إلى النجاح في مختلف املجاالت سواءا في الحياة أو في
يهتم علم نفس النجاح بدراسة إ
األسرة أو في العمل .إ
إذن فهو مجموعة من الدراسات العلمية التي تهتم بالتعرف على كيفية تعامل االفراد مع الفرص
املتاحة لهم ،من أجل الوصول لتحقيق النجاح فيها .إ
الفعالية الذاتية :عرفها "بندورا" سنة 1986بأنها إدراك ثقة الفرد التي يمتلكها حول سعته على
متابعة وبلوغ أهداف محددة ،التفكير في الفعالية الذاتية يفعل عندما يكون الشخص أمام موقف
محدد األهداف ومرتبط بالنتائج .كذلك ملتابعة هذه النتائج ،الشخص يجب أن يؤمن بأنه يستطيع
10
بلوغ هذه النتائج .إذن هو نفسه بالنسبة لنظرية األمل التي تتضمن دافعية الشخص للمبادرة للفعل
ملتابعة األهداف ،غير أن نظرية األمل املعارف واضحة في الحاضر وتأثير االنفعاالت في تفعيل طرق
التفكير أين هذا غير موجود في نظرية الفعالية الذاتية .إ
تقدير الذات :حسب "سنايدر" سنة ( )2002التفكير القائم على توجيه األهداف موجود في تقدير
الذات .فتقدير الذات يبرز من النجاح في متابعة وتقييم األهداف .والفرق بين نظرية األمل ونظرية
تقدير الذات هو أن تقدير الذات يرتكز على تخمين الشخص هو كيف يسلك حياته من خالل تقييم
النشاطات املختلفة له ،إذن هو حكم وتقدير شخص ي لكفاءته.
يؤكد علماء علم النفس اإليجابي على أن بؤرة تركيز هذا العلم هو مفهوم جودة الحياة من خالل
التوقف عن املجاالت األساسية لبحوثه والتي تتمثل فيما يلي :إ
بحوث في مجال طبيعة إومحددات الحياة السعيدة أو املمتعة Pleasant Lifeوتتناول هذه
البحوث تحليل الطرق التي يصل بها الفرد إلى اإلستمتاع واملحافظة على املشاعر واالنفعاالت
اإليجابية وتفعيلها وتوظيفها في الحياة اليومية (مثل :العالقات ،الهويات ،االهتمامات ،صيغ
الترفيه ،أو االستمتاع والترويح عن الذات).
دراسة الحياة الجيدة أو الحسنة Good Lifeأو حياة االندماج مثل هذه البحوث تهتم بدراسة
التأثيرات املفيدة للتفكير اإليجابي ،اإلستيعاب ،والتدفق وكل ما يؤدي إلى إحساس الفرد
باإلندماج املثالي في أنشطة حياتهم اليومية العادية ،فاالندماج اإلجتماعي يعتبر حالة إنسانية
يشعر بها الفرد عندما تتوافق القدرات واالمكانات التي يشعر بها مع مهامه التي يهدف إلى
تحقيقها.
دراسة الحياة الهادفة ذات املعنى والقيمة Meaningful Lifeأو حياة اإلنتماء Life of
Affiliationتحاول البحوث هنا معرفة كيفية وصول األفراد إلى اإلحساس بجودة الحياة من
خالل االنتماء للجماعات واالسهام في النشاطات والخبرات (الجماعات اإلجتماعية ،املؤسسات،
التقاليد ،ونظم االعتقاد).
*االستمتاع الذاتي Autotelic experiencesوهو الحالة التي يشعر بها الفرد بالرض ى عن نفسه عند
أداءه عمل معين .إ
11
نشأ علم النفس اإليجابي كمجابهة للهيمنة املرضية التي أوقعها املمارسون والباحثون في علم النفس،
أين ركزوا على جل جهودهم على عالج األمراض وحاالت القصور لدى األفراد ،وهنا كان الهدف
األساس ي له يدور حول تعزيز الصحة النفسية في أبعادها املختلفة املعرفية الوجدانية ،السلوكية ،ومع
أن النموذج املرض ي قد قدم الكثير في تفسير وعالج املرض النفس ي إال أنه أهمل باملقابل التعامل مع
هدفين أساسين كان علماء النفس قد وضعوهما منذ نشأة علم النفس وهما العمل على تنمية القدرة
على اإلنجاز لدى الفرد ورعاية وتنمية املواهب الفائقة هذان الهدفان ركز عليهما سليجمان مع
مجموعة من زمالئه لوضع أسس وأهداف علم النفس اإليجابي التي تقوم على مبدأ اإلعتراف بمكامن
القوة املوجودة بشكل متجذر لدى األفراد ،وعلى مبدأ العمل مع هؤالء األفراد لتمكنهم من استغالل
هذه املنابع من الطاقة والفضائل إضافة إلى مبدأ إشعار الفرد بشكل أكثر بأهمية عواطفه اإليجابية
وعلى رأسها التفاؤل واألمل ،وفيما يلي سنقتصر على مجموع الفروق بين النموذج املرض ى ونموذج
الصحة اإليجابي ،وبين العالجات املعرفية والعالجات اإليجابية.
جدول رقم ( )01يوضح الفرق بين النموذج املرض ي ونموذج الصحة اإليجابي
-اإليجابية رصد األفكار اإليجابية والحديث عنها -املعرفية رصد األفكار السلبية والحديث عنها .إ
12
وتعظيمها .إ
-املعرفية الحديث عن التجارب اليومية الصادمة -أما اإليجابية الحديث عن التجارب اليومية
اإليجابية ،وعن التجارب اليومية الصادمة ولكن ورصد األفكار السلبية منها .إ
برصد ماهو إيجابي منها دون التطرق للسلبي .إ
-العالجات املعرفية تعمل على تنمية الوعي -أما اإليجابية تنمية الوعي بالفعالية الذاتية والوعي
باالمكانات والفرص املتاحة للشخص .إ باملعوقات الذاتية الدافعة لتعطيل الطاقات .إ
*6الدور األساس ي للمعالج النفس ي ال يهدف فقط لخفض التوتر ،ومحاربة أعراض املرض لكن أيضا
املساعدة على التمتع بتحقيق الهناء واإلشباع النفس ي الذي ال يعتبر هدف في حد ذاته ولكن يؤدي
وظيفة وقائية من األمراض النفسية في املستقبل ،ومن ذلك فغن لعلم النفس اإليجابي مجموعة من
التطبيقات :إ
أوال :التنمية اإليجابية :حيث يتركز علم النفس اإليجابي على دراسة الجوانب اإلنسانية اإليجابية من
الشخصية والسمات اإليجابية التي تسهم في جودة الحياة ،ومن ثم الشعور بالسعادة واإلقبال على
هذه الحياة التي يعيشها الفرد ،وهذا يسهم بدور كبير في تحقيق التوافق النفس ي ،ومن تم علم النفس
اإليجابي يعمل على اكتشاف النواحي اإليجابية لدى اإلنسان ،واملبادئ والقدرات اإليجابية لدى الفرد
بمعنى البحث عن مراكز القوة والتميز لدى اإلنسان وتنميتها والتأكيد عليها .إ
ثانيا :الوقاية اإليجابية :من املمكن استخدام علم النفس اإليجابي بشكل فعال في ميدان الوقاية،
فاملهتمين بعلم النفس اإليجابي أكدوا على ما يسمى بالوقاية اإليجابية ،وأكد املهتمين في هذا املجال
على ضرورة منع ووقاية الشباب واملراهقين في الوقوع في مشكالت اإلكتئاب والقلق والوسواس،
واإلدمان .....وغيرها من األمراض النفسية التي تؤثر على سير حياة الفرد بشكل سوي ،ومن أفضل
الطرق في الوقاية هو ال تركيز على تدعيم وتمكين الكفاءة والقوة والشجاعة والنواحي اإليجابية لدى
الفرد بدال من حل املشكلة أو تصحيحها .إ
ثالثا :العالج :إن علم النفس اإليجابي بما يقدمه من مبادئ وخدمات وأسس إيجابية لألفراد تجعله
مكون عظيم ونشط في العالج ،ويمكن أن يصبح اتجاها أكثر فاعلية في العالج النفس ي خاصة إذا ما تم
اإللتفات إليه واإلهتمام به وتقويته ويقوم العالج النفس ي على تقوية الجوانب اإليجابية في الشخصية .إ
13
*آليات التغيير في العالجات اإليجابية :متعددة وكثيرة سأقتصر على عاملين:
*خلق األمل والتركيز على املستقبل واألحالم ووضع أهداف مستقبلية وهنا واألن.
*البحث عن قوى الزبو إن (العميل) وعن مصادر هذه القوى وعن العالقات اإليجابية في حياته وعن
التجارب الجميلة التي عاشها وعن شبكة املساندة األسرية واالجتماعية ،ومحاولة إبصاره بها وتنميتها.
14