You are on page 1of 6

‫االقتصادي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪/‬كريم بودخدخ‬ ‫حماضرات يف مقياس‪ :‬تاريخ الفكر‬

‫المحور السابع‪ :‬الفكر االقتصادي الكينزي‬


‫حصل الفكر االقتصادي الكينزي على امسه ونظرياته ومبادئه من عامل االقتصاد الربيطاين جون مينارد‬

‫كينز (‪ ، )3491-3881‬الذي يعترب مؤسس االقتصاد الكلي احلديث‪ .‬حيث نشرت أشهر أعماله ‪" ،‬النظرية‬

‫العامة للتوظيف والفائدة والنقود" يف عا ‪ .3411‬حىت ذلك احلني ‪ ،‬كان علم االقتصاد قائما على التحليل‬

‫الساكن‪ ،‬لكن كينز أنشأ التحليل الديناميكي القائم حول دراسة تدفق الدخل والنفقات يف النشاط االقتصادي‪،‬‬

‫وهو ما فتح آفاقا جديدة للتحليل االقتصادي‪.‬‬

‫‪ _1‬ما قبل الفكر الكينزي‬

‫خالل فرتة الكساد الكبري يف الثالثينيات من القرن املاضي ‪ ،‬كان الفكر االقتصادي الكالسيكي السائد‬

‫آنذاك عاجزا على تفسري أسباب االهنيار االقتصادي العاملي احلاد‪ .‬وقد متيز خبلوه من وجود تنظري حلاالت الكساد‬

‫اليت قد يشهدها النشاط االقتصادي نظرا ألنه مل يؤمن بامكانية وجودها أصال‪ ،‬والسبب يف ذلك هو أن الفكر‬

‫الكالسيكي ارتكز على تلقائية التوازن للسوق من تلقاء نفسه وعودته ملستوى ما عرف بـ"حالة التشغيل الكامل"‪،‬‬

‫واليت أساسها مرونة األجور واألسعار استجابة للتغريات احلاصلة يف السوق‪ .‬كما أن ارتكاز الفكر الكالسيكي‬

‫على "قانون ساي" ألغى أية إمكانية لوجود إشارة إىل حالة فائض يف اإلنتاج‪.‬‬

‫‪ _2‬الثورة الكينزية‬

‫قاد االقتصادي الربيطاين "جون ماينارد كينز" ثورة يف التفكري االقتصادي قلبت الفكرة السائدة آنذاك بأن‬

‫األسواق احلرة ستوفر العمالة الكاملة تلقائيًا‪ .‬جاءت هذه الثورة الكينزية باألساس بعد الكتاب الذي نشره كينز‬

‫سنة ‪" 3411‬النظرية العامة للعمالة الفائدة والنقود" والذي محل يف طياته العديد من األفكار اليت شكلت آنذاك‬

‫صورة على ماسبقها من أفكار لدى الكالسيك‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫االقتصادي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪/‬كريم بودخدخ‬ ‫حماضرات يف مقياس‪ :‬تاريخ الفكر‬
‫وقد حق على الفكر االقتصادي الكينزي أنه أحدث ثورة بفعل االنتشار والقبول الذي لقيه منذ نشر‬

‫كينز لكتابه سنة ‪ ،3411‬حيث سامهت أفكاره يف خروج العامل تدرجييا من تداعيات أزمة الكساد الكبري لسنة‬

‫‪ ،3494‬وهو ماكان دافعا لالرتكاز عليها يف صنع السياسات االقتصادية يف العقود الالحقة‪.‬‬

‫يف أواخر الثالثينيات واألربعينيات من القرن املاضي ‪ ،‬حاول االقتصاديون تفسري كتابات كينز وإضفاء‬

‫الطابع الرمسي عليها من حيث النماذج الرياضية الرمسية‪ ،‬وهو ما مهد لظهور االقتصاد الطلي خبلفية كينزية سادت‬

‫عاما الالحقة‪ .‬حيث أنه حبلول اخلمسينيات من القرن املاضي ‪ ،‬مت تبين السياسات الكينزية من‬
‫على مدار األربعني ً‬
‫قبل العامل املتقد بأكمله تقريبًا واستخدمت العديد من الدول النامية تدابري مماثلة لالقتصاد املختلط‪ .‬حبلول ذلك‬

‫الوقت ‪ ،‬أصبحت وجهات نظر كينز بشأن االقتصاد سائدة يف جامعات العامل‪ .‬خالل اخلمسينيات والستينيات‬

‫من القرن املاضي ‪ ،‬متتعت االقتصادات الرأمسالية احلرة املتقدمة والناشئة بنمو مرتفع بشكل استثنائي وبطالة‬

‫منخفضة‪ ،‬حيث اعتربها كثريون مبثابة عصر ذهيب للرأمسالية‪.‬‬

‫‪ _3‬مرتكزات الفكر االقتصادي الكينزي‬

‫ارتكز الفكر الكينزي على جمموعة أفكار أمهها‪:‬‬

‫_ الطلب الفعال (الطلب يخلق العرض)‬

‫ارتكز الفكر االقتصادي الكالسيكي على قانون ساي ألكثر من قرن من الزمن ‪ ،‬والذي مبوجبه خيلق العرض طلبًا‬

‫خاصا به‪ .‬حيث يسمح اإلنتاج بتوزيع األجور ‪ ،‬اليت تنفق على املنتجات اليت مت إنشاؤها ‪.‬وقد هاجم كينز آلية‬
‫ً‬
‫التنظيم الذايت هذه اليت اعتربها ناقصة‪ .‬حيث يكون قانون ساي عادالً فقط حسبه إذا كان املوظفون ينفقون‬

‫رواتبهم بالكامل‪ ،‬وهذا ليس هو احلال إضافة إىل أن االنتاج املستهلك ال يتعلق باالنتاج الوطين فقط‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫االقتصادي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪/‬كريم بودخدخ‬ ‫حماضرات يف مقياس‪ :‬تاريخ الفكر‬

‫وعلى هذا االساس‪ ،‬انتقد كينز قانون ساي الذي رأى بعد واقعيته وصحته وأقر بأن الطلب هو الذي خيلق‬

‫العرض انطالقا مما مساه هو "الطلب الفعال"‪ .‬والذي هو عبارة عن الطلب الذي يتوقعه رواد األعمال أصحاب‬

‫الشركات ‪ ،‬الذين يقدرون اإلنتاج الذي جيب عليهم حتقيقه من أجل تقدمي الكمية املثلى من السلع واخلدمات‬

‫نظرا ألن رواد األعمال يف‬


‫اليت يطلبها األعوان االقتصاديون‪ .‬وبالتايل‪ ،‬أقر كينز يف تفسريه ألزمة الكساد‪ ،‬أنه و ً‬
‫أوقات األزمات لديهم توقعات متشائمة ويقللون من تقدير الطلب احلقيقي‪ ،‬فإهنم يشغلون عوامل إنتاجهم‬

‫بشكل ناقص ‪ ،‬مما يؤدي إىل البطالة‪.‬‬

‫فعاال مناسبًا ‪ ،‬وميكن توقع فرتات‬


‫جادل كينز بأنه ال يوجد ضمان بأن السلع اليت ينتجها األفراد ستقابل طلبًا ً‬

‫بطالة عالية ‪ ،‬خاصة عندما كان االقتصاد ينكمش‪ .‬فقد رأى أن االقتصاد غري قادر على احلفاظ على نفسه عند‬

‫التوظيف الكامل تلقائيًا ‪ ،‬واعتقد أنه من الضروري أن تتدخل احلكومة وتضع القوة الشرائية يف أيدي السكان‬

‫العاملني من خالل اإلنفاق احلكومي‪.‬‬

‫_ البطالة ال إرادية‬

‫على عكس الكالسيك الذين افرتضوا أن البطالة إرادية بسبب رفض العمال ملستوى األجر اإلمسي املمنوح هلم‪،‬‬

‫رأى كينز أنه توجد إمكانية للبطالة الالإرادية أي املفروضة على العمال‪ .‬و حيدث هذا عندما يكون هناك بعض‬

‫القوة اليت متنع اخنفاض معدل األجور احلقيقي إىل معدل األجور احلقيقي الذي من شأنه أن يوازن العرض والطلب‬

‫على العمل كما افرتضه الكالسيك لتحقق التوازن‪ .‬هذا ما أطلق عليه كينز جبمود األجور اإلمسية حنو األسفل‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫االقتصادي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪/‬كريم بودخدخ‬ ‫حماضرات يف مقياس‪ :‬تاريخ الفكر‬

‫_ االستهالك لدى كينز‬

‫‪ .‬ينطلق كينز من أن اإلستهالك هو دالة يف الدخل‪ ،‬وأن تغري االستهالك وفق تغري الدخل يكون من خالل ما‬

‫أمساه "امليل احلدي لإلستهالك"‪ ،‬وهنا أطلق كينز ما سماه "القانون السيكولوجي النفسي الذي مفاده أنه‬

‫ضا ولكن بدرجة أقل إلى حد ما‪.‬‬


‫عندما يزيد إجمالي الدخل ‪ ،‬فإن اإلنفاق االستهالكي سيزداد أي ً‬

‫_ االدخار واالستثمار‬

‫يرى كينز أن االدخار هو أن جزءًا من الدخل غري خمصص لالستهالك‪ .‬حيث يرتبط أيضا بالدخل على عكس‬

‫الكالسيك الذين رفضوه بالفائدة‪ ،‬وهنا ارتكز كينز على ما أمساه "امليل احلدي لإلدخار"‪.‬‬

‫واقرتح كينز بديالً يعتمد على العالقة بني االدخار واالستثمار‪ .‬يف رأيه ‪ ،‬تنشأ البطالة عندما يفشل حافز رواد‬

‫األعمال على االستثمار يف مواكبة ميل اجملتمع إىل االدخار (امليل هو أحد مرادفات كينز لـ "الطلب")‪ .‬إن‬

‫مستويات ا الدخار واالستثمار متساوية بالضرورة ‪ ،‬وبالتايل يتم خفض الدخل إىل مستوى ال تكون فيه الرغبة يف‬

‫االدخار أكرب من احلافز على االستثمار‪.‬‬

‫ينشأ حافز االستثمار من التفاعل بني الظروف املادية لإلنتاج والتوقعات النفسية للرحبية املستقبلية‪ .‬وعلى هذا‬

‫االساس أقر كينز أن ال غستثمار ال يقو فقط بناء على مستوى سعر الفائدة‪ ،‬وإمنا مبقارنة سعر الفائدة مع ما مساه‬

‫هو بـ"الكفاية احلدية لرأس املال" اليت تعترب عن مردودية رأس املال‪ ،‬حيث أن سعر الفائدة ميثل تكلفة للمستثمر‬

‫يف حني أن الكفاية احلدية لرأس املال متثل العائد املتوقع حتقيقه من اإلستثمار‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫االقتصادي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪/‬كريم بودخدخ‬ ‫حماضرات يف مقياس‪ :‬تاريخ الفكر‬

‫_ سعر الفائدة ونظرية تفضيل السيولة‬

‫نظر كينز إىل عرض النقود باعتباره أحد احملددات الرئيسية حلالة االقتصاد احلقيقي‪ ،‬وهذه الفكرة كانت من أهم‬

‫دورا‬
‫األفكار الثورية أيضا على ماجاء به قبله الكالسيك الذين كانوا يفرتضون حيادية النقود‪.‬و يلعب عرض النقود ً‬
‫من خالل وظيفة تفضيل السيولة‪ ،‬حيث يقصد بتفضيل السيولة الطلب على النقود الذي يعترب سيولة‪ .‬مت تطوير‬

‫هذا املفهو ألول مرة من قبل جون ماينارد كينز يف كتابه النظرية العامة للتوظيف والفائدة واملال (‪ )3411‬لشرح‬

‫حتديد سعر الفائدة من خالل العرض والطلب على النقود‪.‬‬

‫و ن ِظر إىل الطلب على النقود كأصل لالعتماد على الفائدة املفقودة من خالل عد االحتفاظ بالسندات (هنا ‪،‬‬

‫أيضا األسهم واألصول األخرى األقل سيولة بشكل عا ‪ ،‬وكذلك‬


‫ميكن فهم مصطلح "السندات" على أنه ميثل ً‬
‫السندات احلكومية)‪ .‬حيث يقول "كينز" إن أسعار الفائدة ال ميكن أن تكون مكافأة على االدخار على هذا‬

‫نقدا فلن يتلقى أي فائدة ‪ ،‬على الرغم من أنه امتنع مع ذلك عن‬
‫النحو ألنه إذا قا شخص ما بتكديس مدخراته ً‬

‫استهالك كل دخله احلايل‪ .‬فبدالً من اعتبار الفائدة على أهنا مكافأة االدخار كما قال الكالسيك‪ ،‬فإن الفائدة يف‬

‫التحليل الكينزي هي مكافأة للتخلي عن السيولة‪ .‬ووف ًقا لكينز ‪ ،‬فإن النقود هي أكثر األصول سيولة‪.‬‬

‫وف ًقا لكينز ‪ ،‬يتم حتديد الطلب على السيولة من خالل ثالثة دوافع‪:‬‬

‫_دافع املعامالت‪ :‬يفضل الناس احلصول على السيولة لضمان املعامالت األساسية ‪ ،‬ألن دخلهم غري متوفر‬

‫باستمرار‪ .‬يتم حتديد مقدار السيولة املطلوبة من خالل مستوى الدخل‪ :‬فكلما زاد الدخل ‪ ،‬زادت األموال‬

‫املطلوبة لتنفيذ زيادة اإلنفاق‪.‬‬


‫‪5‬‬
‫االقتصادي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪/‬كريم بودخدخ‬ ‫حماضرات يف مقياس‪ :‬تاريخ الفكر‬
‫_ الدافع االحرتازي‪ :‬يفضل الناس احلصول على السيولة يف حالة املشكالت االجتماعية غري املتوقعة اليت حتتاج‬

‫إىل تكاليف غري عادية‪ .‬يزداد مقدار األموال املطلوبة هلذا الغرض مع زيادة الدخل‪.‬‬

‫_ دافع املضاربة‪ :‬حيتفظ الناس بالسيولة للتكهن بأن أسعار السندات ستنخفض‪ .‬عندما ينخفض سعر الفائدة‬

‫يطلب الناس املزيد من األموال لالحتفاظ هبا حىت يرتفع سعر الفائدة‪ ،‬مما قد يؤدي إىل اخنفاض سعر السند احلايل‬

‫للحفاظ على عائده يتماشى مع سعر الفائدة‪ .‬وبالتايل‪ ،‬كلما اخنفض سعر الفائدة زاد الطلب على األموال‬

‫(والعكس صحيح)‪.‬‬

‫_ فكرة أثر المضاعف‬

‫مت تطوير مفهو املضاعف ألول مرة بواسطة االقتصادي "كان" يف مقالته "عالقة االستثمار يف املنزل بالبطالة"‬

‫الصادرة يف يونيو ‪ .3413‬كان مضاعف "كان" هو مضاعف العمالة بينما أخذ كينز الفكرة من كان وصاغ ما‬

‫مسي بـ"مضاعف االستثمار"‪.‬‬

‫قامت فكرة "كان" على ما يلي‪ :‬لنفرتض أنين أوظف موارد عاطلة عن العمل لبناء مستودع حطب بقيمة ‪3111‬‬

‫دوالر‪ .‬سيحصل النجارون ومنتجو اخلشب لدي على دخل إضايف قدره ‪ 3111‬دوالر ‪ ...‬إذا كان لديهم ميل‬

‫دوالرا على السلع االستهالكية اجلديدة‪ .‬سيحصل‬


‫هامشي الستهالك ‪ ، 1/9‬فإهنم سينفقون اآلن ‪ً 111.16‬‬
‫دوالرا ‪ ...‬وهكذا يتم بدء سلسلة ال‬
‫منتجو هذه السلع اآلن على دخل إضايف ‪ ...‬وسينفقون بدورهم ‪ً 999.99‬‬
‫هناية هلا من إعادة االستهالك الثانوي من خالل استثماري األساسي البالغ ‪ 3111‬دوالر‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فإن فكرة املضاعف تعين كم عدد مرات تضاعف الدخل القومي عند زيادة أحد مكونات‬

‫الطلب الكلي (استهالك ‪ ،‬استثمار أو إنفاق عا )‪.‬‬

‫‪6‬‬

You might also like