You are on page 1of 13

‫مقدمة‬

‫المدرس ة الكالس يكية هي مدرس ة فكري ة في اإلدارة نش أت في أواخ ر الق رن التاس ع‬


‫عشر وأوائل القرن العشرين‪ .‬ركزت هذه المدرسة على تحسين الكفاءة اإلنتاجي ة من خالل‬
‫تحليل العمليات اإلدارية وتطوير مبادئ وتقنيات إلدارة األعمال‪.‬‬

‫نش أت المدرس ة الكالس يكية في الوالي ات المتح دة وفرنس ا في ظ ل الث ورة الص ناعية‪.‬‬
‫أدت ه ذه الث ورة إلى زي ادة كب يرة في اإلنت اج الص ناعي‪ ،‬مم ا أدى إلى زي ادة الحاج ة إلى‬
‫تحسين الكفاءة اإلدارية‪.‬‬

‫أب رز رواد المدرس ة الكالس يكية هم فري دريك ت ايلور‪ ،‬ه نري ف ايول‪ ،‬وموني ا ورايلي‪.‬‬
‫طوروا مبادئ اإلدارة الكالسيكية‪ ،‬التي تركز على التقسيم للعمل‪ ،‬والتخصص‪ ،‬والضبط‪،‬‬
‫والمكافأة‪ ،‬والسلطة‪.‬‬

‫س اهمت المدرس ة الكالس يكية في تط وير اإلدارة الحديث ة بع دة ط رق‪ ،‬منه ا تحس ين‬
‫الكفاءة اإلنتاجية‪ ،‬وتطوير اإلدارة كعلم‪ ،‬وإ نشاء هياكل تنظيمية فعالة‪.‬‬

‫على ال رغم من االنتق ادات ال تي تعرض ت له ا‪ ،‬إال أن المدرس ة الكالس يكية ك انت له ا‬
‫تأثير كبير على تطور اإلدارة الحديثة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية المدرسة الكالسيكية‬
‫المطلب األول‪ :‬المدرسة الكالسيكية‬
‫‪ -1‬مفهوم المدرسة الكالسيكية‪:‬‬

‫ُتعَر ف المدرسة الكالسيكّية (باإلنجليزّي ة‪ )Classical School :‬بأّنها أسلوب فكرّي‬


‫ارتب ط بك ل من العل وم اإلدارّي ة واالقتص ادّية‪ ،‬مّم ا س اهم في الوص ول إلى الكف اءة ال تي‬
‫ُتساعد على تحقيق المصالح‪ ،‬وتوفير القدرة في الحصول على األرباح‪ ،‬في ظ ِّل الُم نافسة‬
‫بين قطاعات األعمال الُم ختلفة‪ 1.‬وُتعرف المدرسة الكالسيكّية أيضًا بأّنها المدرسة الفكرّي ة‬
‫ال تي اس تخدمت أفكاره ا من أج ل دراس ة االقتص اد واإلدارة؛ من خالل االعتم اد على نم اذج‬
‫نظرّي ة‪ .‬وقد ساهمت هذه المدرسة في تطوير الفكر االقتصادّي في الفترة الزمنّي ة بين‬
‫‪2‬‬
‫القرنين الّثامن عشر والّتاسع عشر للميالد‪.‬‬

‫فالمدرس ة "الكالس يكية" هي ال تي عاص رت الث ورة الفرنس ية (‪1793‬م) وتبنت تل ك‬


‫المدرسة التعبير عن شعار الثورة األشهر "العدل ‪ -‬الحرية ‪ -‬المساواة"‪ ،‬هكذا تقول عنها‬
‫الكتب‪ ،‬لكن األعم ال الفني ة الكالس يكية نفس ها تعكس مجموع ة من القيم والمف اهيم‪ ،‬ربم ا ال‬
‫تتوافق مع شعار الثورة الفرنسية الذي اتخذته المدرسة الكالسيكية شعاًر ا لها‪.‬‬

‫فمن خص ائص األعم ال الفني ة في ه ذه المدرس ة أن يس ود العق ل ح تى يص بح ه و‬


‫المعب ود‪ ،‬وذل ك على اعتب ار أن غايته ا القص وى تتمث ل في تجس يد الجم ال في ج وهره‬
‫الخالص المجرد‪ ،‬دون ترك أي ُبعد للغيب أو الخيال في هذا التعبير الفني‪.‬‬

‫‪ -2‬مبادئ المدرسة الكالسيكية في اإلقتصاد‪:‬‬


‫البحث عن الت وازن‪ :‬يع ّد الّت وازن من المب ادئ الراس خة ال تي أرس تها‬ ‫‪‬‬
‫الكالس يكّية القديم ة وتابعته ا من بع دها المدرس ة الكالس يكية الحديث ة في‬
‫االقتص اد المدرس ة الكالس يكية‪ ،‬تهتّم أك ثر بمفه وم الت وازن في إط ار س اكن‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- classical economics", Business Dictionary, Retrieved 28-12-2016. Edited.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Classical Economics", Investopedia, Retrieved 28-12-2016. Edited.‬‬

‫‪2‬‬
‫حيث إّن التوازن يكون جزئًّيا "عرض = الطلب على السلعة" أو عاًّم ا شاماًل ؛‬
‫وذلك لتأكيد الترابط بين األسواق المختلفة لتلبية احتياجات المستهلك وتحقيق‬
‫‪1‬‬
‫الربح في آن مًع ا‪.‬‬
‫التس اوي لألس واق‪ :‬وه و ق انون ُيمّثل أهّم مب ادئ وق وانين الكالس يكّية‬ ‫‪‬‬
‫االقتصادّية‪ ،‬حيُث يحرص الكالسيكّيون من خالله على خلق ُم ساواة عادلة في‬
‫ُم عادلة العرض والطلب‪ ،‬فالعرض يخلق الطلب المساوي له؛ أي أّن العرض‬
‫ه و أس اس تحدي د ثمن الس لعة وإ ّن الطلب ت ابع ل ه‪ ،‬وعلى ذل ك ال يك ون هن اك‬
‫أّي ف ائض في اإلنت اج‪ ،‬ب ل يك ون الت وازن ال دقيق بين ك ل من الع رض‬
‫‪2‬‬
‫والطلب‪.‬‬
‫التوظ ف الكام ل‪ :‬وه و من المب ادئ الكالس يكّية األساس ّية ال تي ُتع نى بتوظي ف‬ ‫‪‬‬
‫األفراد‪ ،‬من خالل استخدام العمالة وعناصر االنتاج بشكل كامل لتحقيق إلغاء‬
‫البطال ة اإلجباري ة في المجتم ع‪ ،‬فس يادة البطال ة على نط اق واس ع أم ر ن ادر‬
‫الوق وع وهي بطال ة جزئّي ة‪ ،‬وإ ن ك ان ال ب ّد من ظه ور بعض مالمح البطال ة‬
‫‪3‬‬
‫فإّنها ستكون إّم ا بطالة اختيارّية أو موسمّية أو احتكاكية‪.‬‬
‫إدارة النشاط االقتصادي عن طريق جهاز الثمن أو قوى السوق‪ :‬تنطل ق ه ذه‬ ‫‪‬‬
‫الخاص ية من مب دأ أّن ق وى الع رض والّطلب في الس وق هي المس ؤولة عن‬
‫تحقق التوازن في االقتصاد‪ ،‬فتوضيح رغبات المستهلك وكمياتها بشكل دقيق‬
‫وقيم المنتج وخصائصه التي تكون مبنية على أساس رغبات المستهلك‪ ،‬وهذا‬
‫م ا دف ع أص حاب المدرس ة الكالس يكية إلى نب ذ دور الدول ة في الت دخل في‬
‫‪4‬‬
‫النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫‪ -‬أ ب ت ث شبكة طلبة الجزائر‪ ،‬المدارس االقتصادية‪ ،‬صفحة ‪ .3‬بتصّر ف‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬شبكة طلبة الجزائر‪ ،‬المدارس االقتصادية‪ ،‬صفحة ‪.6‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬أ ب ت ث شبكة طلبة الجزائر‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬أ ب ت ث شبكة طلبة الجزائر‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪3‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬رواد المدرسة الكالسيكية‬
‫على م ّر الت اريخ‪ ،‬أس هم العدي د من المفك رين في تغي ير طريق ة فهم االقتص اد بوض ع‬
‫نظريات مختلفة‪ ،‬وال تزال بعض النماذج التي كانت رائدة في السابق فعالة إلى اآلن حتى‬
‫بعد مرور قرون‪.‬‬

‫درس هؤالء االقتصاديون األسواق واألدوات المالية واالقتصاد السياسي والتفاوتات‬


‫االقتصادية واألحداث الكبرى‪ ،‬وعملوا في مجموعة متنوعة من التخصصات التي تركوا‬
‫فيه ا بص مة ال تمحى‪ .‬ك ذلك أث ر ه ؤالء في مختل ف المج االت السياس ية واالجتماعي ة‬
‫واالقتصادية بصورة ملحوظة‪ ،‬ومثلوا مصدر إلهام لبعض أبرز التيارات األيديولوجية‪.‬‬

‫تبعت المدرس ة الكالس يكية ال تي تبّناه ا اقتص اديون مث ل آدم س ميث أو ديفي د ريك اردو‬
‫تي ارات أخ رى مث ل الماركس ية (نس بة إلى ك ارل م اركس)‪ ،‬والمدرس ة الكينزي ة (نس بة إلى‬
‫جون ماينارد كينز)‪ ،‬ومدرسة شيكاغو التي برزت مع ميلتون فريدمان‪.‬‬

‫وتحّتم على المجتمعات باستمرار اتخاذ قرار بشأن اآلليات التي ينبغي اعتمادها من‬
‫أج ل التعام ل م ع المش كالت االقتص ادية القائم ة وإ يج اد أفض ل الحل ول‪ .‬ومن جهتهم‪ ،‬أخ ذ‬
‫هؤالء االقتصاديون على عاتقهم مهمة تحليل أهم التحديات االقتصادية في عصرهم بحثا‬
‫عن طرائ ق يس اعدون به ا مجتمع اتهم على فهم م ا يح دث فهم ا أفض ل وتوق ع المش كالت‬
‫األخرى التي قد تنشأ في المستقبل‪.‬‬

‫آدم سميث‬
‫يلقب آدم س ميث ب أبي علم االقتص اد الح ديث‪ ،‬وه و مؤل ف كت اب "ث روة األمم" ال ذي‬
‫حل ل في ه عملي ة تك وين ال ثروة وتراكمه ا‪ .‬وق د ابتك ر اس تعارة "الي د الخفي ة" لإلش ارة إلى أن‬
‫األفراد يحققون المصلحة العامة بسعيهم لتحقيق مصالحهم الخاصة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫كارل ماركس‬
‫كش ف م اركس عن نظري ة الص راع الطبقي وال دور الث وري للبروليتاري ا في ص ناعة‬
‫المجتمع الشيوعي‪ .‬وُيعرف ماركس بأنه أبو االشتراكية العلمية‪ ،‬وكتاب "رأس المال" من‬
‫أبرز مؤلفاته‪ ،‬وهو العمل الذي حفز الثورة العمالية في جميع أنحاء العالم‪.‬‬

‫جون ماينارد كينز‬


‫ك ان كي نز أح د أك ثر االقتص اديين نف وذا في الق رن الـ ‪ ،20‬وق د ط ّو ر نموذج ه‬
‫االقتص ادي الخ اص ال ذي يع رف باس م "النم وذج الكي نزي" ال ذي يحل ل العالق ة بين مع دل‬
‫التوظيف ومستوى الدخل‪.‬‬

‫ميلتون فريدمان‬
‫يعّد فريدمان أحد مؤسسي مدرسة شيكاغو لالقتصاد‪ ،‬وهي مدرسة اقتصاد كالسيكية‬
‫ت دافع عن الحري ة‪ .‬وك ان فري دمان ال ذي انتق د أفك ار كي نز واض حا بش أن الوظيف ة الفري دة‬
‫واألساس ية للش ركات داخ ل النظ ام الرأس مالي ال تي تتمث ل في "زي ادة األرب اح دون خ رق‬
‫القواعد‪ ،‬أي وفقا لمبادئ المنافسة المفتوحة‪ ،‬دون خداع أو احتيال"‪.‬‬

‫ديفيد ريكاردو‬
‫ُيع ّد ديفي د ريك اردو أح د أعظم دع اة الفك ر االقتص ادي الكالس يكي‪ ،‬وأس هم إس هاما‬
‫أساسيا في التاريخ المالي بنظرياته عن القيمة والتوزيع والدخل التفاضلي والميزة النسبية‪.‬‬

‫جون فوربس ناش‬


‫جون فوربس ناش‪ ،‬حائز جائزة نوبل في االقتصاد عام ‪ 1994‬عن "دوره الرائد في‬
‫تحليل أوجه التوازن في نظرية اللعبة غير التعاونية"‪ ،‬كان أحد أذكى علماء الرياضيات في‬
‫الت اريخ‪ .‬وق د أس هم فيم ا يع رف باس م مفه وم "ت وازن ن اش" بطريق ة فّعال ة في تحلي ل س لوك‬
‫الوكالء العقالنيين في العديد من الحاالت‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫جون فون نيومان‬
‫أبدع فون نيومان في مجموعة واسعة من التخصصات‪ ،‬فاقترح في مجال االقتصاد‬
‫إدخال نظرية األلعاب ونظرية التوازن العام التي طورها جون فوربس ناش‪ .‬وُع رف فون‬
‫نيومان بدوره الرئيس في مشروع مانهاتن الذي عمل على تطوير القنبلة الذرية للواليات‬
‫المتحدة خالل الحرب العالمية الثانية‪.‬‬

‫جوزيف ستيغليتز‬
‫حص ل س تيغليتز على ج ائزة نوب ل في االقتص اد ع ام ‪ ،2001‬ومن أعظم إنجازات ه‬
‫‪1‬‬
‫إسهامه في نظرية المعلومات غير المتماثلة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الفكر االقتصادي‬


‫المطلب األول‪ :‬األفكار االقتصادية ألدم سميث‬
‫كتب س ميث في فلس فة األخالق ثم في علم االقتص اد السياس ي‪ ،‬وق د أب دع في كليهم ا‬
‫مفكرا ومؤلفا‪ ،‬وكان إلسهاماته الفكرية في ميدان االقتصاد بالغ األثر فيمن عاصروه ومن‬
‫أتوا بعده‪.‬‬

‫صدر كتابه األول "نظرية المشاعر األخالقية" عام ‪ 1759‬وهو شاب في ‪ ،35‬وهذا‬
‫الكت اب عص ارة محاض راته ط وال س نوات تدريس ه لفلس فة األخالق بجامع ة غالس كو‪،‬‬
‫وترجمة لرؤيته الفلسفية عن طبيعة اإلنسان والمجتمع واألخالق في تلك المرحلة‪.‬‬

‫وق د انش غل في ه ذا الكت اب بس ؤال ش غل الكث ير من الفالس فة قبل ه بمن فيهم أس تاذه‬
‫هاتشيس ون‪ ،‬وه و من أين ت أتي ق درتنا على إص دار األحك ام األخالقي ة بش أن س لوكياتنا‬
‫وسلوكيات اآلخرين‪.‬‬

‫الكاتب خوان بيدرو فرنانديز‪ ،‬مجلة "موي نيغوثيوس إي إيكونوميا" اإلسبانية‬ ‫‪1‬‬

‫‪6‬‬
‫شرع سميث بعد ذلك بسنوات في كتابة أهم كتاب في االقتصاد خالل القرن الـ ‪،18‬‬
‫وه و "بحث في طبيع ة وأس باب ث روة األمم" المع روف اختص ارا بـ "ث روة األمم"‪ ،‬نش ر في‬
‫مارس‪/‬آذار ‪ 1776‬في لندن‪ ،‬وقد أنفق على كتابته سنوات عديدة‪.‬‬

‫لقي كت اب "ث روة األمم" نجاح ا ب اهرا‪ ،‬فق د أعي د نش ره ع دة م رات وت رجم إلى لغ ات‬
‫عدي دة خالل بض عة أع وام‪ ،‬وك ان ل ه ب الغ األث ر في توجي ه السياس ة االقتص ادية إلنجل ترا‪،‬‬
‫وصيغت االتفاقية التجارية التي ُو قعت مع فرنسا على ضوء مبادئه‪ ،‬كما اعُتمدت أفكاره‬
‫في وضع ميزانيات الدولة وفي إصالح منظومة الضرائب‪.‬‬

‫وقد سطر سميث في هذا الكتاب األسس العلمية األولى لالقتصاد السياسي معتم دا في‬
‫ذلك على المنهج العلمي في البحث‪ ،‬مما جعله يؤسس لالقتصاد بوصفه علما من العوم‪.‬‬

‫صاغ سميث الفرضيات األساسية للتحليل االقتصادي الليبرالي‪:‬‬

‫المصلحة الشخصية هي التي تحفز الناس وتقود العالم‪.‬‬

‫السوق كفيل بتحويل المصالح الشخصية األنانية لألفراد إلى مصلحة جماعية‪.‬‬

‫المنافسة قادرة على لعب دور الضبط بنجاعة‪.‬‬

‫آلية األسعار تقود األسواق إلى حالة التوازن‪.‬‬

‫توزيع العمل والتخصص هما مصدر الفعالية اإلنتاجية‪.‬‬

‫التبادل قادر على تحسين وضع الجميع‪.‬‬

‫وطّو ر نظريته الشهيرة حول "اليد الخفية" التي تقول بأن السوق قادرة على المواءمة‬
‫بين المصالح الشخصية األنانية والمتضاربة لألفراد وتقود في النهاية إلى تحقيق مصلحة‬
‫الجميع‪ ،‬كأن يدا تعمل في الخفاء على السير بالناس في اتجاه النظام بدال من الفوضى‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أح دثت األفك ار االقتص ادية ال تي ض منها س ميث كتاب ه قطيع ة م ع األفك ار المركنتيلي ة‬
‫الس ائدة قبل ه‪ ،‬وال تي ك انت ت رى أن ال ثروة تكمن في مراكم ة المع ادن النفيس ة من ذهب‬
‫وفضة بتشجيع الصادرات وتقليل الواردات‪ ،‬أو الفيزيوقراطية التي تعتبر أن األرض هي‬
‫مصدر الثروة‪.‬‬

‫فق د آمن س ميث خالف ا لمن س بقوه ب أن العم ل المنتج للس لع والخ دمات ه و المقي اس‬
‫الحقيقي لثروة األمم‪ ،‬ودعا إلى تخصص كل بلد في إنتاج السلع التي ُيحِس ن إنتاجها بأقل‬
‫تكلف ة مقارن ة م ع بقي ة البل دان واس تيراد بقي ة الس لع (نظري ة الم يزة المطلق ة) من أج ل‬
‫مضاعفة حجم السلع المنَتجة في العالم ورفاهية الجميع‪.‬‬

‫وق د أس س ب ذلك لض رورة اعتم اد األمم لمب دأ التج ارة الح رة خالف ا للحمائي ة ال تي‬
‫تشجعها األطروحة المركنتيلية‪.‬‬

‫مّهد سميث بأفكاره لظهور المدرسة الكالسيكية في االقتصاد (العمل هو منشأ القيمة‬
‫ومص در ال ثروة)‪ ،‬وأفس ح المج ال لمجموع ة من االقتص اديين المرم وقين (ديف د ريك اردو‪،‬‬
‫ج ون س تيوارت مي ل‪ ،‬ج ون باتيس ت س اي‪ )..‬ال ذين مش وا على خط اه وط وروا أفك ارهم‬
‫انطالقا من اإلرث الفكري الذي تركه‪.‬‬

‫رغم أن سميث لم يضف في كتابه ثروة األمم أفكارا ونظريات اقتصادية جديدة‪ ،‬إال‬
‫أن األخ ير يبقى واح دا من أهم المؤلف ات في االقتص اد الح ديث لكون ه أول كت اب ج امع‬
‫وملخص ألهم األفكار االقتصادية للفالسفة واالقتصاديين الذين سبقوه أمثال فرنسوا كيناي‬
‫وجون لوك وديفيد هيوم‪.‬‬

‫ويعرف أيضا بنظرية اقتصادية تحمل اسمه‪ ،‬تقوم هذه النظرية على اعتبار أن كل‬
‫أم ة أو ش عب يمل ك الق درة على إنت اج س لعة أو م ادة خ ام بكلف ة أق ل بكث ير من ب اقي ال دول‬
‫األخ رى‪ ،‬ف إذا م ا تب ادلت ال دول ه ذه الس لع عم الرخ اء بين الجمي ع‪ ،‬تق وم اتفاقي ة التج ارة‬
‫العالمية على كسر الحواجز أمام انتقال السلع لكي تعم العالم‪ ،‬لكن انتقال هذه السلع يتفاوت‬

‫‪8‬‬
‫من حيث اإلنتاج واالستهالك بين دولة وأخرى وبالتالي هناك دول مستفيدة اقتصاديا أكثر‬
‫بكثير من غيرها‪.‬‬

‫وأوض ح آدم س ميث ان جمي ع ال دول ملزم ة بالتب ادل الح ر وأك د على أن الدول ة يجب‬
‫أال ت تردد في الش راء من الخ ارج ك ل س لعة يمكن أن ينتجه ا المنتج األجن بي بكلف ة أق ل من‬
‫المنتج المحلي‪ ،‬فالدول ة ال تي ت بيع س لعا بكلف ة أق ل من ال دول األخ رى تمل ك امتي ازا مطلق ا‬
‫له ده الس لع‪ .‬وبه ذا فك ل دول ة يجب أن تختص في إنت اج الس لعة ال تي تمتل ك فيه ا امتي ازا‬
‫مطلقا وتشتري السلع األخرى‪.‬‬

‫وبتحليل ه ه ذا فق د اس تثنى آدم س ميث ال دول ال تي ال تمتل ك امتي ازا مطلق ا من التب ادل‬
‫التجاري العالمي وهذا ما جعل دافيد ريكاردو من وضع نظرية أكثر تفاؤال من آدم سميث‬
‫والتي أسماها نظرية االمتياز النسبي والتي ال تستثني أي دولة من التبادل الحر‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االنتقادات الموجهة للمدرسة الكالسيكية‬


‫بالرغم مما قدمته الواقعية الكالسيكية من جهود في دراسة العالقات الدولية وطموح‬
‫أتباعه ا في وض ع نظري ة عام ة للسياس ة الدولي ة إال أنه ا تعرض ت لموج ة من االنتق ادات‬
‫يمكن تلخيصها في‪:‬‬

‫‪ -‬تعميم ات النظري ة الواقعي ة ليس ت دائم ا ص حيحة ع بر الزم ان والمك ان فانتق اء‬
‫األح داث انتق اءا تعس فيا أدى إلى تحلي ل ج زئي ب ل وانحي ازي أيض ا فالتحلي ل ال واقعي بقي‬
‫أسيرا لتاريخ أوربا في القرن التاسع عشر‪.‬‬

‫‪ -‬التصور الواقعي جامد وساكن أستاتيكي ألنه عجز عن النظر نحو الماضي ومن‬
‫ثم االهتم ام بظه ور ظ واهر جدي دة في العالق ات الدولي ة مث ل ظ واهر االن دماج والعوام ل‬
‫اإليديولوجية ودور المنظمات الدولية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ -‬كم ا أن العالق ات الدولي ة عن د ه ذه المدرس ة تتلخص في العالق ات بين ال دول‬
‫فالدبلوماسي والجندي هما اللذان يصنعان من حيث األساس‪ ،‬العالقات الدولية‪ ،‬كما ركزوا‬
‫الدارس ون الواقعي ون على دراس ة السياس ة الخارجي ة ل ذلك ي رون ض رورة الفص ل بين‬
‫السياسة الخارجية والسياسة الدولية ألن السياسة الخارجية تتخذ المصلحة الوطنية أساسا‬
‫لها وال تراعي المعطيات الداخلية‪.‬‬

‫‪ -‬السوق هي ليست سوق منافسة تامة‪ ،‬بل هي أقرب الى سوق المنافسة االحتكارية‬

‫‪ -‬ان الفرد ال يستخدم النقود ألغراض المبادلة فحسب‪ ،‬بل قد يحتفظ بها ألغراض‬
‫الطوارئ أو للمضاربة في سوق األوراق المالية‪.‬‬

‫‪ -‬عدم صحة نظرية الفائدة الكالسيكية كون ان االدخار يرتبط بالدخل وليس بسعر‬
‫الفائدة‪ ،‬كما ان االستثمار يرتبط بالكفاية الحدية لرأس المال أكثر من سعر الفائدة‪.‬‬

‫‪ -‬نتيجة لما ج اء أعاله أكد كينز بعدم ص حة قانون س اي فليس بالض رورة أن ينفق‬
‫االفراد دخولهم النقدية بنفس سرعة استالم الدخل‪.‬‬

‫‪ -‬انتقد كينز فكرة الكالسيك في أن عرض العمل والطلب عليه دالة لألجر الحقيقي‪،‬‬
‫كم ا انتق د مب دأ المرون ة التام ة لألس عار واالج ور حيث ان وج ود نقاب ات العم ال يجع ل‬
‫االجور لزجة (‪ )Sticky‬اي مرنة الى أعلى وغير مرنة لألسفل‪.‬‬

‫‪ -‬ان االقتص اد ال يعم ل بالض رورة عن د مس توى االس تخدام الش امل‪ ،‬فق د يت وازن‬
‫االقتص اد في أي مس توى من المس تويات‪ ،‬وان االس تخدام الش امل هي حال ة خاص ة من‬
‫حاالت التوازن‪.‬‬

‫اإلض افة أيض ا إلى االنتق اء الالذع ال ذي وج ه للواقعي ة من أنص ار التي ار الس لوكي‬
‫خصوص ا ب الجوانب ذات الص لة بالبن اء النظ ري والمنهجي للواقعي ة حيث ك انت الث ورة‬
‫السلوكية على المناهج واألساليب السائدة منتقدة التوجه الفلسفي للواقعية وافتقار طروحاتها‬

‫‪10‬‬
‫للعلمية وعدم استخدامها المناهج الكمية واإلحصائية التي تضفي صبغة علمية على حقل‬
‫العالقات الدولية‪.‬‬

‫كل هذا أدى إلى تراجع الفكر الواقعي في فترة الخمسينات والستينات وفتح الطريق‬
‫أمام المنظور السلوكي بسبب ضعف أدواته وقدرته التحليلية‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫تع د المدرس ة الكالس يكية من الم دارس المهم ة في الفك ر اإلداري‪ ،‬حيث س اهمت في‬
‫تطوير اإلدارة الحديثة من خالل تركيزها على ثالثة جوانب رئيسية‪:‬‬

‫‪ -‬الكف اءة اإلنتاجي ة‪ :‬رك زت المدرس ة الكالس يكية على تحس ين الكف اءة اإلنتاجي ة من‬
‫خالل تحليل العمليات اإلدارية وتطوير طرق أكثر فعالية ألداء األعمال‪ .‬وقد ساهمت في‬
‫ذلك من خالل مبادئها‪ ،‬مثل التقسيم للعمل‪ ،‬والتخصص‪ ،‬والضبط‪ ،‬والمكافأة‪ ،‬والسلطة‪.‬‬

‫‪ -‬اإلدارة كعلم‪ :‬أس همت المدرس ة الكالس يكية في تط وير اإلدارة كعلم من خالل‬
‫الترك يز على تحلي ل العملي ات اإلداري ة وتط وير المب ادئ العام ة لإلدارة‪ .‬وق د س اهمت في‬
‫ذلك من خالل دراساتها حول الوظائف اإلدارية‪ ،‬والتخطيط‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والتوجيه‪ ،‬والرقابة‪.‬‬

‫‪ -‬الهيك ل التنظيمي‪ :‬س اعدت المدرس ة الكالس يكية في إنش اء هياك ل تنظيمي ة أك ثر‬
‫فعالي ة من خالل الترك يز على التنظيم واإلدارة‪ .‬وق د س اهمت في ذل ك من خالل مبادئه ا‪،‬‬
‫مثل تقسيم العمل‪ ،‬والتخصص‪ ،‬والتسلسل الهرمي‪ ،‬والمركزية‪ ،‬والالمركزية‪.‬‬

‫على ال رغم من بعض االنتق ادات ال تي تعرض ت له ا‪ ،‬مث ل الترك يز على اإلنتاجي ة‬
‫وتجاهل جوانب أخرى مهم ة لإلدارة‪ ،‬والنظرة المثالية للبشر‪ ،‬والترك يز على الهيكل‪ ،‬إال‬
‫أن المدرسة الكالسيكية ال تزال تحظى بأهمية كبيرة في تطور اإلدارة الحديثة‪.‬‬

‫وفيما يلي بعض النقاط اإلضافية التي يمكن استخالصها من المدرسة الكالسيكية‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ -‬األهمي ة النس بية لإلدارة‪ :‬أك دت المدرسة الكالس يكية على أهمي ة اإلدارة في تحقيق‬
‫أهداف المنظمات‪ .‬وقد ساهمت في ذلك من خالل تركيزها على تطوير المبادئ والتقنيات‬
‫اإلدارية التي يمكن استخدامها لتحسين الكفاءة اإلنتاجية‪.‬‬

‫‪ -‬ال دور القي ادي لإلدارة‪ :‬أك دت المدرس ة الكالس يكية على ال دور القي ادي لإلدارة في‬
‫المنظمات‪ .‬وقد ساهمت في ذلك من خالل تركيزها على تطوير المبادئ والتقنيات اإلدارية‬
‫التي يمكن استخدامها لتوجيه وتحفيز العمال‪.‬‬

‫‪ -‬األهمي ة النس بية للتنظيم‪ :‬أك دت المدرس ة الكالس يكية على أهمي ة التنظيم في‬
‫المنظم ات‪ .‬وق د س اهمت في ذل ك من خالل تركيزه ا على تط وير المب ادئ والتقني ات‬
‫التنظيمية التي يمكن استخدامها إلنشاء هياكل تنظيمية فعالة‪.‬‬

‫وبشكل عام‪ ،‬يمكن القول أن المدرسة الكالسيكية قد ساهمت بشكل كبير في تطوير‬
‫اإلدارة الحديثة من خالل تقديمها لنظريات ومبادئ وتقنيات إدارية مهمة ال تزال ُتستخدم‬
‫حتى اليوم‪.‬‬

‫وفيم ا يلي بعض األمثل ة على كيفي ة اس تخدام مب ادئ المدرس ة الكالس يكية في اإلدارة‬
‫الحديثة‪:‬‬

‫‪ -‬التقس يم للعم ل‪ :‬يمكن اس تخدام تقس يم العم ل في المنظم ات الحديث ة لتحس ين الكف اءة‬
‫اإلنتاجية من خالل تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام أصغر يمكن إكمالها بسهولة‪.‬‬

‫‪ -‬التخص ص‪ :‬يمكن اس تخدام التخص ص في المنظم ات الحديث ة لتحس ين الكف اءة‬


‫اإلنتاجية من خالل تخصيص العمال ألداء مهام معينة‪.‬‬

‫‪ -‬الضبط‪ :‬يمكن استخدام الضبط في المنظمات الحديثة لتحسين الكفاءة اإلنتاجية من‬
‫خالل استخدام األساليب العلمية لقياس العمل وتصحيحه‪.‬‬

‫‪ -‬المكاف أة‪ :‬يمكن اس تخدام المكاف أة في المنظم ات الحديث ة لتحف يز العم ال وتحس ين‬
‫اإلنتاجية‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -‬الس لطة‪ :‬يمكن اس تخدام الس لطة في المنظم ات الحديث ة لتنس يق األنش طة وض مان‬
‫تحقيق األهداف‪.‬‬

‫وب ذلك‪ ،‬يمكن الق ول أن مب ادئ المدرس ة الكالس يكية ال ت زال ُتس تخدم ح تى الي وم في‬
‫المنظمات الحديثة‪ ،‬حيث ُتعد األساس الذي قامت عليه اإلدارة الحديثة‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬
‫‪-Classical economics", Business Dictionary, Retrieved 28-12-‬‬
‫‪2016. Edited.‬‬

‫‪- Classical Economics", Investopedia, Retrieved 28-12-2016.‬‬


‫‪Edited.‬‬

‫‪ -‬أ ب ت ث شبكة طلبة الجزائر‪ ،‬المدارس االقتصادية‪ ،‬صفحة ‪ .3‬بتصّر ف‪.‬‬

‫‪ -‬شبكة طلبة الجزائر‪ ،‬المدارس االقتصادية‪ ،‬صفحة ‪.6‬‬

‫‪ -‬الكاتب خوان بيدرو فرنانديز‪ ،‬مجلة "موي نيغوثيوس إي إيكونوميا" اإلسبانية‬

‫‪13‬‬

You might also like