You are on page 1of 136

1

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫س َعلَ ْي ِه َدلِيالً "‬ ‫ساكِنا ً ُث َّم َج َع ْل َنا ال َّ‬
‫ش ْم َ‬ ‫شا َء لَ َج َع َل ُه َ‬ ‫" أَلَ ْم َت َر إِلَى َر ِّب َك َك ْي َ‬
‫ف َم َّد ال ِّظل َّ َولَ ْو َ‬
‫الفرقان ( ‪) 54‬‬

‫إنى رأيت وقلت يا قومى أرى *** ولى الفخار ومكتى أم القرى‬
‫ومدينتى أم المدائــــــن كلهــــا *** ومليكها جدى أمـــان للورى‬
‫من أقوال األمام فخر الدين‬

‫‪2‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫القصيدة الرابعة والثالثون‬
‫‪ 2‬أكتوبر ‪5895‬م‬ ‫عدد أبياتها (‪)55‬‬ ‫الثالثاء ‪ 7‬محرم ‪5034‬هـ‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ـ مناسبتها لما قبلها فى معنى البيت رقم (‪: )7‬‬
‫ولكنه الحج فرض فى مراتبه *** وذلك السر ال يفشيه إخبارى‬
‫بعد أن قال رضى هللا عنه الحج هلل فى مجاله ‪ ,‬أى فى موطن تجلى الحق عليه ‪ ,‬قال ولكنه الحج‬
‫الذى فرضه الحق على السائرين بين المراتب من أجل الوصول الى غاية القصد ‪ ,‬وهو الذى به‬
‫يكمل إيمان السائرين ‪ ,‬وكمال اإليمان ال يتأتى إال بعد اإلحسان الذى تتم فيه مشاهدة المكمل‬
‫(موالى كمال الدين) الذى به يكمل الدين ‪ ,‬وهو جدى المصطفى لجمع السائرين الذى سره مضمر‬
‫فى طى سروتنا ‪ ,‬وهو السر الذى قال عنه مشيراً فقط (وذلك السر ال يفشيه اخبارى) لماذا؟ ألنه‬
‫سر على كل العظام وفي ظهوره ظهور لغيب الذات وإفشائها ‪ ,‬وهذا السر ال يعلم الثقالن عنه‬
‫قدرما جهلوا فى جلى ضحاه ‪.‬‬
‫ـ الفكرة التى تدور حولها القصيدة فى معنى البيت رقم (‪:)7‬‬
‫من فوق ما ال تعلمون رأيته *** إنى رأيت وصدق ذاك ألم تر‬
‫إنى رأيت صاحب ذلك السر الذى ال يفشيه إخبارى من فوق الفوق (من فوق هامات الذرى) وهو‬
‫الموطن الذى ال تعلمونه وهو موطن قاب قوسين أو أدنى وهو موطن تالقى الحبيب بحبيبه وحينئذ‬
‫ترديت ملبوسى بزخرفه وتم معانقته لما نلت أوطارى ‪ ,‬إنى يوم رأيته جميل المحيا فائقا ً كل طلعة‬
‫فقد رأيته رؤيا العين ‪ ,‬وإنى رأيته فى موطن ( َد ْه َد ْه) وهو الذى تتم فيه المشاهدة الحقة ومما‬
‫يصدق ذاك قول الحق تبارك وتعالى {ألم تر الى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا‬
‫الشمس عليه دليالً ‪ ,‬ثم قبضناه قبضا ً يسيراً ‪ ,‬وهو الذى جعل لكم الليل لباسا ً والنوم سباتا ً وجعل‬
‫النهار نشوراً} اآليات ‪54‬و‪54‬و‪ 57‬سورة الفرقان ‪.‬‬

‫‪-----------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫يبدأ سيدى فخر الدين رضى هللا عنه القصيدة بقوله ‪:‬‬
‫‪5‬ـ إنى رأيت وقلت يا قومى أرى *** ولى الفخار ومكتى أم القرى‬
‫‪2‬ـ ومدينتى أم المدائــــــن كلهــــا *** ومليكها جدى أمـــان للورى‬

‫‪3‬‬
‫الشرح والتفصيل ‪:‬‬
‫يستنتج من قول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه فى البيت األول (إنى رأيت وقلت يا قومى أرى)‬
‫أنه دار حواراً بينه رضى هللا عنه وبين جمع من صفوة أبنائه قال فيه ‪:‬‬
‫إنى رأيت وقلت يا قومى أرى ‪ ,‬وقيل له ماذا رأيت يا موالنا ؟‬
‫مبحث حول قول موالنا رأيت ‪:‬‬
‫يقول رضى هللا عنه ‪:‬وإنى إذ أروى رأيت وعاينت *** معى سائر األقطاب أصل الرواية ‪5 /00‬‬
‫بمعنى إنى رأيت جميل المحيا بعينى رأسى فائقا ً كل طلعة وإنى حين أروى رأيته كما رأت وعاينت‬
‫معى سائر اآلقطاب أصل الرواية ‪.‬‬
‫اليكم احبابى أصل الرواية ‪:‬‬
‫فلتسمعوا قولى صحيحا ً مسنداً *** إن البيان بسورة الرحمن ‪2 /54‬‬
‫سبحان من خلق الحقيقـــة أوالً *** نور النبى معـــلم القرآن ‪2 /54‬‬
‫وفى معنى هذا البيان يقول رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫رويت عن المحبوب ما قد رأيته *** وســـر أبى العينين متن الرواية ‪5 /57‬‬
‫أال فخذوا عنى اآلحـــــاد معنعنا ً *** أصح روايــات الحديث روايتى ‪5 /59‬‬
‫وإنى إذ أروى رأيت وعاينت *** معى سائر األقطاب أصل الرواية ‪5 /00‬‬
‫يعنى يروى لنا سيدى فخر الدين رضى هللا عنه‪:‬‬
‫أن الحقيقة التى بيانها أوضحته سورة الرحمن هى حقيقة المشار اليه بأول الخلق فى إطالقه ألفا ً‬
‫‪ ,‬والمشار اليه بنور النبى أى النور المضاف الى حضرة النبى إضافة تكريم ‪ ,‬وهذا هو المحبوب‬
‫حب محمد (نور هللا)المضاف الى هللا إضافة تكريم ‪ ,‬وهذا هو ما قد رأيته ‪ ,‬حيث قلت فى القصيدة‬
‫(‪: )05‬‬
‫إنى رأيت وقلت يا قومى أرى *** ولى الفخار ومكتى أم القرى‬
‫ومدينتى أم المدائن كــــــــــلها *** ومليكــــها جدى أمان للورى‬
‫وعن جدى الذى هو أمان للورى يقول رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا ‪04 /29‬‬
‫وعسى الناس والمالئك تــــدرى *** فأبى عبده وجــــــــدى حادى ‪22 /25‬‬

‫‪4‬‬
‫والمعنى المقصود من (وسره مضمر ـ وجدى حادى) ‪:‬‬
‫السر هو محل المشاهدة ‪ :‬أى أن جدى الذى هو بمعنى حظى ورزقى سره مضمر فى طى سروتنا‬
‫ومحله ومكانه ‪ ,‬فى مرتبة المشاهده ‪ .‬وهو ولد الغيب الطالع من غيب األحدية ‪.‬‬
‫وجدى حادى ‪ :‬أى من درس وحلل وشاهد حقيقة ولد الغيب هذا عند خروجه من غيب األحدية‬
‫حاديا ً من بين الحاء والدال على أنه حمداً ومجاله محمداً ‪ ,‬أى حقيقة أحمدية وحقيقة محمدية ‪.‬‬
‫فغيب العمى الذى هو األحدية استخرج منها الكنز المشار اليه بكنز األحدية ‪ ,‬عند أول خروجه كان‬
‫الياقوته الحمراء ثم بعد تمام الوجود فى المرتبة العاشرة عند كماله كان الدرة البيضاء ‪ .‬فعند‬
‫مشاهدة جماله الطالع من صدفه األزفر‪ ,‬يقول عنه سيدى فخر الدين ‪:‬‬
‫هو ذا النور يا مريد تجلى *** هو ذا الغيث يا أهيل ودادى ‪22/55‬‬
‫ولد الغيب ال يجـــاوز غيبا ً *** وله الدر من فريـــد مدادى ‪22/52‬‬
‫غلب الحسن فالبواطن أنت *** وعلى أنتى يئن حـــــوادى ‪22/50‬‬
‫ومعنى هذا البيت ‪:‬‬
‫عند مشاهدة أنواره فى مرتبة المشاهدة غلبت محاسنه وجماالته ‪ْ ,‬‬
‫أنت كل البواطن المجتمعون فى‬
‫باطن دائرة الميم ‪ ,‬ميم حقيقته األحمدية ‪ ,‬وهم الصدور األوائل من أهل حضرة جمع الجمع ‪ ,‬وأول‬
‫رشحاتها وأول بواطنها (سيدى فخر الدين) اإلبن البكر القائل وعلى أنتى يئن حوادى ‪ ,‬والقائل أنا‬
‫أول من سجد لهذه الحقيقة عند ظهورها ‪:‬‬
‫فسجدت لما لم أجد غيراً له *** يا نعم وجه بالمحاسن أسفر ‪05/50‬‬

‫وهذا الجد هو الشيخ األحدى (حظى ورزقى) المقصود بالسيد البرهانى (موالى كمال الدين) الذى‬
‫أتى الحديث عنه فى أول القصيدة (‪ )2‬النونية التى منها أصل الرواية ‪:‬‬
‫هذا عطاء هللا من عليائه *** هذا إصطفاء السيد البرهانى‬
‫ومن البيت الثانى حتى البيت العاشر الذى تقول أوائل حروفه (مـ حـ مـ د عـ ثـ مـ ا ن)‬
‫وأوائل البيت ‪ 55‬و‪ 52‬و‪ 50‬و‪ 55‬يقول (عـ بـ د ه ) بعد ذلك تجد كلمة (ا لـ بـ ر هــ ا نـ ى)‬
‫وهذه هى الرواية التى رأيتها وعاينت معى سار األقطاب أصل الرواية ‪ ,‬والمشار اليه هذا هو‬
‫(أصل الرواية)‬
‫ويقول سيدى فخر الدين إذا بحثنا عن أصل الرواية نجد أن متنها لدى سيدى ابو العينين الذى‬
‫يروى لنا تفصيل الروايه قائالً‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫تجلى لى المحبوب من كل وجهة (من الجهات الستة) فشاهدته فى كل معنى وصورة‬
‫وخاطبنى منى بكشف سرائرى *** فقال أتدرى من أنا ؟ قلت منيتى‬
‫فأنت مناى بل أنت دائما ً *** إذا كنت أنت اليوم عين حقيقتى‬
‫وعن علو قدره ومقامه يقول ‪:‬‬
‫وعندما عاينوا عينى التى كتبت ** بأحرف من جالل القدرة اتضحت‬
‫رأوا مقامى وما باعى له وصلت ** قالوا جميعا ً شهدنا بالتى شهدت‬
‫عيناك من منح هللا الذى فيه‬
‫سريت كإسراء المقــــــــدم جلــــوة *** رأيت بمعراجى عجائب صنعة ‪5 /95‬‬
‫وإنى فى االسراء كنت إمامهــــــــم *** ألنى نجــــــم يقتفى بالثريــــــة ‪5 /94‬‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه وعندما حان يوم توجهى سريت مثلما سرى متقدم الجماعة‬
‫جدى المصطفى الذى سره مضمر طى سروتنا ‪ ,‬وحين تجلى علينا الحق رأيت بمعراجى عجائب‬
‫صنعتى ‪,‬‬
‫كما يقول رضى هللا عنه وإنى فى رحلة إسرائى بقومى (فى حضرة الجمع) كنت إمامهم ألنى نجم‬
‫المع يهتدى به فى سموات الغيب مثل نجم الثرية الذى يهتدى به من ضل فى الوديان ‪ ,‬وإنى نجم‬
‫ثاقب تسلل الى سموات الغيوب من أجل التعرف على حقيقة عالم الغيوب نورالنبى معلم األكوان‬
‫َمنْ مِنْ أجله أمليت قصائد هذا الديوان ‪ ,‬وعندها صحت قائالً ‪:‬‬
‫من كمال العطــــــــاء من فيض وهب *** أيها الناس جاءكم ابراهيــم ‪2 /5‬‬
‫أيا نار موسى من فوق ذا الطور اننى *** رأيت بعين هللا من قد أنارك ‪53 /55‬‬
‫ومن هذا المقــــــــــام " رأيت نوراً " *** يقول المصطفى عندى وفى ‪03 /50‬‬
‫من فوق ما ال تعلمــون رأيتــــــــــــــه *** إنى رأيت وصدق ذاك ألم تر ‪05 /7‬‬
‫فحقـــــــــــا ً مــا رأيت من الخبايــــــــا *** وإن السعى حقا ً مـــــا سعيت ‪53 /53‬‬
‫كما يقول إنى رأيت بعين هللا الذى أنار تلك النار التى قال عنها سيدنا موسى عليه السالم لزوجته‬
‫إنى آنست ناراً لعلى آتيكم منها بشهاب قبس ‪,‬‬
‫كما يقول أنى رأيت نورا من المقام الذى أنزلنى فيه المصطفى للجمع (ابراهيم) الذى يتم به الوفاء‬
‫بالوعود حيث تم لى ما أراد المصطفى صلة ‪ ,‬وكان هذا النور هو (نور النبى صاحب الحقيقة أوالً)‬
‫‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وهذا المقام مقام صاحب القدر الجليل السامى الذى ال تعلمون شيئا ً عنه فقد رأيته وصدق كالمى‬
‫اآلية الكريمة التى يقول فيها الحق تعالى (ألم تر الى ربك كيف مد الظل ) رقم ‪ 54‬سورة الفرقان ‪.‬‬
‫فحقا هذه من الخبايا التى رأيتها حين سعيت الى موالى (ابراهيم) صاحب الحقيقة أوالً وآتانى‬
‫يهرول وجهتى ‪ ,‬ويقول الحق لعبادة إن سعيكم لشتى ولكن سعيى هذا هو السعى الحقيقى ‪.‬‬
‫وهذا معنى (وإن السعى حقا ً ما سعيت) ‪.‬‬
‫ـ وقلت يا قومى أرى وحولها قلت ‪:‬‬
‫أرى من كريم المولدين إشــارة *** وإن إشـــارات الحبيب بشائر ‪25 /5‬‬
‫أرى الكل فى تيه الجمال وإننى *** هديت وقد ضلت هناك بصائر ‪25 /2‬‬
‫أى إننى طفت سموات الغيوب بحثا ً عن حقيقة كريم المولدين فالحت لى منه إشارة ترشدنى الى‬
‫الذهاب الى حقيقة المولدين حيث وضحت قولى عن ما شهدته وقلت ‪:‬‬
‫قد شهدنا ويالطيب شهــود *** ناشىء الليل وهو أقوم قيالً ‪23 /5‬‬
‫مولد النور والسرور تجلى *** كاشف الغـــــم نتخذه وكيالً ‪23 /2‬‬
‫وإتخذت المقام فيه مصلـى *** كإتخاذ المفيض جدى خليالً ‪23 /0‬‬
‫أننا فى حالة تلك المشاهده طاب لنا مشاهدة (ناشىء الليل) اإلنسان الذى خلق فى أحسن تقويم‬
‫وهو المشار اليه فى سورة التين {لقد خلقنا االنسان فى أحسن تقويم ‪ ,‬ثم رددناه أسفل سافلين}‬
‫وهذا االنسان هو أول شىء خلقه الحق فى أزل اآلزال المشار اليه بالحقيقة األحدية ‪,‬‬
‫فله مولدين األول مولد النور الذى منه إنفلقت األنوار والثانى مولد السرور الذى إنشقت منه‬
‫األسرار وفيه ارتقت الحقائق ‪ ,‬فهو كاشف الغم المحبوب الذى لما تجال لى إنكشفت لى حقائقه التى‬
‫غمت معانيها عن غيرى ‪,‬‬
‫ولما لم يكن غيرى عليم *** بما تحوى وما هو محتواها‬
‫وهذه الحقيقة التى عاينتها فوق االستواء حين قلبت وجهى فى سماها ‪ ,‬وشاهدت سماء الغيوب‬
‫وما بناها وهذه هى القبلة التى قلبت قلوبا ً على أعقابها يوم ان تم اصطفاها واختيارها أن تكون‬
‫رزقى وحظى المشار اليها فى القصيدة (‪:)04‬‬
‫وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا ‪04 /29‬‬
‫وعند وصولى الى هذا المقام شاهد ت نوراً منه وأتخذت فيه المصلى (حيث هو موطن اتصال) مثل‬
‫اتخاذ المفيض جدى خليالً ‪ ,‬وهذه إشارة من الحبيب الذى دائما ً ما تكون إشاراته بشائر ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ـ ولى الفخار ومكتى أم القرى ‪ ,‬فاذا كانت مكة هى األصل ‪ ,‬أصل القرى كما أنها مصدر أنوار‬
‫حقيقة الحقائق (أصل األصل) وهى ظهور نور الرسول صل هللا عليه وسلم وهذه حقيقة الحقائق‬
‫التى جاءت االشارة اليها بمكتى ‪.‬‬
‫وحول الفخار ‪:‬‬
‫وهذا الفخار هو الذى أتى لى بالعز الذى ال يكون إال لكل منفطم بفاطمة التى فى حجرها مهدى‬
‫وطاب رضاع ‪ ,‬من أجل ذلك جاء قولى عنها ‪:‬‬
‫فخراً تنادينى فأفخر شاكــراً *** فى الحضرتين وما الفخار مشاع ‪20 /57‬‬
‫فما وجه الغرابة فى كالمى *** وقد حزت الفخــــــــــار اليثربى ‪03 /04‬‬
‫وكان ذلك الفخار فخراً خاصا ً لى وليس إرثا ً على المشاع فهو منحة دونها المنائح جمعا ً ونعمة من‬
‫أجل النعم تستوجب الشكر ‪ ,‬وعليه أقول فأفخر شاكراً فى الحضرتين األحمدية والمحمدية ‪.‬‬
‫وأقول لميت القلب الذى ال تشجيه أوتارى ما وجه الغرابة فى كالمى هذا وقد حزت الفخار اليثربى‬
‫المؤيد من صاحب المدينة المنورة ذات اإلسم السابق يثرب ‪ ,‬وألجل ذلك كله أقول أنى حزت من‬
‫قبل الفخار حيث مكتى أم القرى وها أنا أقول ‪:‬‬
‫ومدينتى أم المدائن كلها ومليكها المنوط بها هو المشار اليه بجدى المصطفى للجمع الذى سره‬
‫مضمر ‪ ,‬والبيت الخامس الذى يأتى باألمان للورى هو كمال الدين الذى ال يكمل للسائرين الدين إال‬
‫به فهو المقصود ببيت رسول هللا خير الشواهد ‪ ,‬لذا جاء ختام قولى فى القصيدة النونية عن هذا‬
‫الخبر ‪:‬‬
‫كل الشواهد فى المشاهد أخبرت *** أنى بحق صاحب الديوان‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ 7‬أكتوبر ‪5895‬م‬ ‫األحد ‪ 52‬محرم ‪ 5534‬هـ‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫بعد خمسة أيام من تنزل الجزء األول من القصيدة جاء موالنا بتنزل اثنى عشر بيتا ً بدأها بقوله‬
‫رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫‪0‬ـ وبقيع أصحاب الهدايـــة مسكنى *** ولى الجوار وإن قدرى ال يرى‬
‫‪5‬ـ العرش والكرسى لى واللوح لى *** إرثـا ً وذا نســــب أراه موقــــراً‬
‫الشرح والتفصيل ‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫بعد أن قال موالنا فى الجزء األول من القصيدة إنى رأيت وقلت يا قومى أرى من كريم المولدين‬
‫مولد ا لنور ومولد السرور اإلشارة التى تأتى بالبشارة بمجيىء موالى كمال الدين الشيخ ابراهيم‬
‫على غرار بشارة المجيىء بقول الحق فى اآلية (‪ )42‬سورة الحج {إنا نبشرك بغالم عليم } من‬
‫كمال العطاء من فيض وهب أيها الناس جاءكم‬
‫فى يمينيه قوتى ومراسى *** بلسانيه عالم وعليم ‪52 /54‬‬
‫ثم قال رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫وبقيع أصحاب الهدايــــة مسكنى *** ولى الجوار وإن قدرى ال ُيرى‬
‫العرش والكرسى لى واللوح لى *** إرثا ً وذا نسب أراه موقـــــــــراً‬
‫مكتى أم القرى ومدينتى أم المدائن كلها وبقيع أصحاب الهداية مسكنى ‪ ,‬أى أن أصحاب الهداية‬
‫الذين يسكنون ال بقيع المجاور للمسجد النبوى الشريف والذين هم أصحاب رسول هللا هم بصحبتى‬
‫من األزل حيث أن لى الجوار ‪ ,‬وال أحد يعرف قدرى الذى يالزم قدر المصطفى عن علومنا الذى‬
‫غيبة قدره بها نزل القرآن فهى ليلة خير من ألف شهر من أيام الدهر التى عدتها إثنى عشر شهراً‬
‫فى كتاب هللا (جمعنا) فهو ذو القدر الجليل السامى الذى "ال" ُي َرى ‪ ,‬ولى العرش والكرسى ولى‬
‫اللوح إرثا ً ‪ ,‬وذا نسب غالى وعالى أراه موقراً وال يراه أحد غيرى مثلما أراه ‪,‬‬
‫‪4‬ـ عاينته نــــوراً وســــراً ســـاريا ً *** وشهدت طلعتـــه وأنـى ال أرى‬
‫‪4‬ـ وأطل قدرى عندمـــــا عاينتــــه *** بكماله من فوق هامــات الـذرى‬
‫وصاحب هذا القدر العالى عاينته نوراً كما عاينته سراً ساريا فى الوجود فهو المرموز له باأللف‬
‫السارى فى الوجود ألف أول الخلق فى إطالقه وهو المشار إليه فى القصيدة النونية بالحقيقة أوالً‬
‫نور النبى والتى بيانها بسورة الرحمن‪:‬‬
‫فلتسمعوا قولى صحيحا ً مسنداً *** إن البيان بسورة الرحمن‬
‫سبحان من خلق الحقيقـة أوالً *** نور النبى معلم القــــرآن‬
‫وهذه الحقيقة مشار اليها فى كتاب تبرئة الذمة ص ‪ 298‬فى شرح معنى اآلية األولى من القرآن‬
‫ومن سورة البقرة التى يقول الحق فيها ‪:‬‬
‫(ألـــــم ذلك الكتاب ال ريب فيه) األلف يشار به الى الذات األحدية أى الحق من حيث هو أول‬
‫األشياء فى أزل اآلزال ‪ ,‬والالم يشار به الى الوجود المنبسط على األعيان ‪ ,‬والميم يشار بها الى‬
‫الكون الجامع وهو االنسان الكامل ‪ ,‬فالحق والعالم واالنسان كتاب ال ريب فيه ‪ ,‬وهذا هو السر‬
‫الذى يقول عنه فى القصيدة (‪:)58‬‬
‫يا نعم ما طلع الجمال من العمى *** نعم الظهور وجل من يغشاه‬
‫‪9‬‬
‫سر على كل العظام وإنــــــــــه *** بظهور غيب الذات ما أفشاه‬
‫فهذا الجمال هو الذى شهدت طلعته وحدى وكيف يشاهده غيرى ‪.‬‬
‫(وأطل قدرى عندما عاينته)‬
‫األقدار ‪ :‬هى مكانة ومنازل الرجال جاءت إشارتها فى القصيدة التائية ‪:‬‬
‫وأعرف أقدار الرجال جميعهم *** ولكنهم ضلوا إبتداء مكانتى ‪5 /4‬‬
‫أال إن أقدار الرجال منـــــازل *** بها نزلوا ختما ً وتلك بدايتى ‪5 /555‬‬
‫القدر ‪ :‬هو منزلة قدر المصطفى عن علومنا جاءت إشارته فى القصيدة التائية ‪:‬‬
‫وغيبة قدر المصطفى عن علومنا *** بها نزل القرآن إن شئت فاصمت ‪5 /275‬‬
‫هال عرفـــــــــتم بعض قدر للذى *** أعطيت ابراهيم وهــــــو عطيتى ‪5 /023‬‬
‫قدرى ‪:‬هو حقيقة منزلتى وهى كمنزلة ألحمد أشارت اليها القصيدة (‪: )04‬‬
‫أنا الذى فى أنا إنى كمنزلـــــــــة *** ألحمد نورهـــــــــا منشى حقيقتنا‬
‫وحيث أن قدرى (منزلتى) هى كمنزلة للحقيقة األحمدية للمشار اليه بأحمد حيث األحمدية لما تنزل‬
‫من الحضرة األحدية الى الواحدية التى نورها منشى حقيقتنا ‪ ,‬حيث أن كل من فيها واحداً وجاءت‬
‫إشارتها فى القصيدة (‪:)97‬‬
‫وإستقاموا كلهم آحادها *** يوم كانوا واحداً فى مثله‬
‫وهذه المنزلة عالية فوق هامات الذرى ‪ ,‬وأطل منها قدرى عندما عاينته بكماله فكانت هذه عطيتى‬
‫من كمال العطاء من فيض وهب المنعم المتفضل ‪ ,‬وأقول عنها أيها الناس لقد جاءتنى البشرى‬
‫بمجيىء موالى كمال الدين (ابراهيم) ‪.‬‬
‫‪7‬ـ من فوق مــــــا ال تعلمون رأيته *** إنى رأيت وصدق ذاك ألـم تـر‬
‫وأكرر قولى إنى رأيته من فوق ما ال تعلمون أى من موطن كنزيته من حضرة غيب العمى‬
‫يا نعم ما طلع الجمال من العمى *** نعم الظهور وجل من يغشاه‬
‫سر على كل العظــــــــــام وإنه *** بظهور غيب الذات ما أفشاه‬
‫وصدق ذلك القول قول الحق تعالى فى سورة الفرقان اآلية (‪{)54‬ألم تر إلى ربك كيف مد الظل‬
‫ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليالً }‬
‫ألم تر ‪ ,‬أى ألم تشاهد ذلك الجمال الطالع من فوق هامات الذرى وهو حضرة كنز العمى‬

‫‪10‬‬
‫‪9‬ـ وفقهت من أسراره مــــا لو يشا *** سبعين راحلـــــة بذاك ألوقــــر‬
‫يقول سيدى فخر الدين فى مجموعة علموا عنى {اللى يسمع الخطاب ده (الالمرتب وال مفيد) يفقه‬
‫غيب كل شىء ‪ ,‬واللى أدرك التجلى اإللهى يدرك غيب كل شىء ‪ ,‬اللى فهم الخطاب اإللهى يسمع‬
‫غيب كل شىء ‪ ,‬ما يعجز عليه أى لغة}‬
‫لذا عن صاحب الحقيقة أوالً المشار اليه بـ(نور النبى) إنه سر علومى كلها التى فقهتها وسره‬
‫أودع بطون الغيب وأشارت اليه القصيدة (‪:)52‬‬
‫أودع السر والسرائر غيب *** كاظم علمه ونعم الكظيم‬
‫من رآنى لديه فـــاز بسرى *** فى جنى جنتيه ســــــر كتيم‬
‫فى جناحيه رحمتى ولديــه *** عوض الوالدين يلقى اللطيم‬
‫فى يمينيه قوتى ومراســى *** بلسانيه عالم وعليـــــــــــــم‬
‫يتحدث سيدى فخر الدين رضى هللا عنه عن المقصود بقوله (سر على كل العظام) قائالً للعظام‬
‫وفقهت من أسراره التى أودعت عالم الغيب والتى ال يعرفها وال يتحدث فيها أحد ألنها من علوم‬
‫الكتم وهو العلم الثالث من بين العلوم الثال ثة التى قال عنها المصطفى صلى هللا عليه وسلم أن‬
‫المولى تبارك وتعالى قد علمه إياها عند عروجه صلى هللا عليه وسلم فقد ورد أنه قال (علمنى ربى‬
‫علما أمرنى بتبليغه وهو االسالم وعلما ً خيرنى فيه وهو االيمان وعلما ً أمرنى بكتمانه وهو‬
‫االحسان) وهذه من مخصوصات علمى الذى جاءت به أم الكتاب الفاتحة التى يشار بها الى االنسان‬
‫الكامل فلو شاء لى معلم القرآن أن أتحدث فيها ألقتضت المشيئة سبعين راحلة ‪ ,‬سبعين بعيراً من‬
‫الكتب حتى أوفى حقها ‪,‬‬
‫‪8‬ـ من علمه فى علمـــــه وبعلمـــه *** حزت الكمــــال ولم أزل مدثرا‬
‫فهو سر علومى كلها المقصود بالذات المطلسم والغيث المطمطم والكمال المتمم الهوت الجمال‬
‫وناسوت الوصال طالعة الحق كنز عين إنسان األزل الذى من علمه وفى علمه وبعلمه حزت الكمال‬
‫فى كل شىء ولم أزل مدثرا ‪ ,‬أى ومازال عندى من أسرار العلوم الكثير والكثير ‪.‬‬
‫‪53‬ـ األصل عنــدى سنة مــن سنة *** هو ذا لسانى قد أفـــــــاد وأخبـر‬
‫واألصل عندى أى أصل جميع أسرار العلوم الثالثة (علم اليقين ـ عين اليقين ـ حق اليقين) عندى‬
‫سنة من سنة من السنن التى جاء عندها األحاديث ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى‬
‫أبداً كتاب هللا وسنتى ـ عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى ـ من سن سنة‬
‫حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ) فالسنة األولى هى أحاديث حضرة النبى صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ ,‬والسنة الثانية هى قولى الصحيح المسند التى أشارت اليه التائية ‪:‬‬
‫أال فخذوا عنى اآلحاد معنعنا ً *** أصح روايات الحديث روايتى ‪5 /59‬‬
‫‪11‬‬
‫يؤتى الفتــــــى فى صحبتى *** نسبـــا ً صحيحـــــــا ً مســـــنداً ‪5 /22‬‬
‫فالذى يسرى على يدى إنما هو الفتى الذى يحصل على النسب الصحيح المسند فيصير لسانى الذى‬
‫ينقل لكم معانى ما أقول عن الذى أرمى الى معناه أو إثباته وهو المعرفة بمن هو صاحب القدر‬
‫الجليل السامى ولسانى هو الذى أفاد وأخبر عن المراد ‪.‬‬
‫‪55‬ـ الموت حق والمهمين باعـــث *** بالحق عبــداً قد أمــــات فأقبـــر‬
‫الموت حق ‪:‬‬
‫الموت يكون للميت والجهل فى حد ذاته موت ‪:‬‬
‫يهاجر عندى من الى هللا وجهــــه *** ومات مريد الغير من غير هجرة ‪5 /292‬‬
‫عاش رغداً من سعى نحـو الحمى *** مات هجراً من نأى موت الكمـــد ‪9 /25‬‬
‫وحتى ال ينــــــال الدهــر ممـــــــا *** أفــــــاء هللا إن الجهـــــــــل موت ‪55 /52‬‬
‫لَقلـــــوب لم تذق من شـــــــربتى *** هى أموات تواريهـــــــا الحفـــــر ‪50 /58‬‬
‫الوصل فيه القرب والقرب منى فيه الحياة ‪ :‬من أجل ذلك يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه‪:‬‬
‫من يفــــــز بالوصل زلفــــــــــى *** كان بعد المــــــــــــوت حيـــــــــا ً ‪57 /43‬‬
‫والميت من انقطع رزقه من الدنيا ‪:‬‬
‫قلت إضربوه ببعضها فتعجبــــوا *** أهكذا يكون الميت كاليقظــــــان ؟ ‪2 /28‬‬
‫فمن يرضيه حكــــــــم هللا عبـــد *** يصير الحى من بعد الممــــــــات ‪08 /05‬‬
‫والمهيمن باعث عبداً ‪:‬‬
‫لذلك يؤكد سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أن الموت حق والمهيمن (هللا) ‪ ,‬وهو سبحانه وتعالى‬
‫المهيمن على األكوان ‪ ,‬وهو الذى بيده الملك والذى بيده الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عمالً ‪,‬‬
‫وبما أن المهيمن هو صاحب األمر من لديه اإلرادة ومحبة األمر ‪ ,‬وبيده تصوير األمر والقدرة على‬
‫تنفيذه ‪ ,‬من أجل ذلك قال رضى هللا عنه فهو الباعث بالحق عبداً قد أماته فأقبره ‪ ,‬أى هو الذى‬
‫بيده أمر البعث بعد موت ذلك العبد ودفنه ‪ ,‬وذلك ليبلوكم أيكم أحسن عمالً ‪.‬‬
‫‪52‬ـ سبحان من يشكى اليه من األذى *** سبحان من يرضى العبيد من القرى‬
‫الشكاية ‪:‬‬
‫يوضح سيدى فخر الدين كيف تكون الشكاية بقوله رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫أسلم قيادك فى رحاب آمــــــن *** وخذ التراحم قبل بث الشكاية ‪5 /049‬‬
‫‪12‬‬
‫صفاء السر فى ثنيـــــات حب *** وان بث الشكاية ما رحمنــــا ‪44 /55‬‬
‫مريدى ال عليك وكن صفوحا ً *** وحاذر واترك الشكوى تجدنا ‪44 /52‬‬
‫لقد حكمت يوما ً وهو يبكــــى *** وان بث الشكاية فاتقونـــــــــا ‪78 /22‬‬
‫ش َتكى ‪:‬‬
‫ال ُم ْ‬
‫ش َتكى *** فهو البرىء وكلنـــــــا خطاء ‪55 /5‬‬
‫الحكم فيه لمن اليــه ال ُم ْ‬
‫يشتكى ‪:‬‬
‫كم من فؤاد يشتكى بث القلى *** بالصمت تسمع آهة وأنيـــــن ‪47 /55‬‬
‫وهو سبحانه وتعالى الذى ال يحمد على مكروه سواه ‪ ,‬وهو سبحانه من يبث اليه الشكوى ليرفع‬
‫عنا األذى ‪ ,‬وهو الذى يرضى عباده ويقريهم بإطعامهم وسقايتهم من فيض فضله ‪.‬‬
‫‪50‬ـ وسجدت لما لم أجد غيراً لــــــه *** يا نعـــــم وجه بالمحاسن أسفــــــــر‬
‫كما يقول رضى هللا عنه وعند وصولى الى موطن تجلى حضرته حيث تجلى لقلبى بوجهه الكريم‬
‫الذى يفيض بالمحاسن ‪ ,‬فنظرت فى قلبى لم أرى غيراً له ‪ ,‬ونظرت حولى وكلى فلم أشاهد سواه ‪,‬‬
‫ولما الح لى رأيته موالى كمال الدين رضى هللا عنه وجه هللا فى األرض ‪ ,‬الفرد الصمد الذى ال‬
‫يقبل معه شريك فإذا بى أخر ساجداً وصحت قائالً يانعم وجه بالمحاسن أسفر ‪ ,‬فهو من أشارت اليه‬
‫القصيدة (‪:)44‬‬
‫ما سمعنا مثل هذا يــــوم نادى *** يا عبادى ال تخافــــــوا ذا أمانى‬
‫ما شهدنا مثل هذا من تجلــــى *** قد عرفنــــــا فيه أضداد المعانى‬
‫قد رأينا ما رأينـا ثم قلنــــــــــا *** كيف نحصى كيف نثنى يا مثانى‬
‫كل وصف من إمام حار فيهـــا *** كيف كانت فى التباعــد والتدانى‬
‫بين أهل االستقامة والتنحــــى *** بعـــد هـذا برزخ ال يبغيــــــــــان‬
‫معشر الثقالن آه لـو رأيتــــــم *** ما رأينا ما ثناكــــــم عنه ثانــــى‬
‫أو نزلتم فى مقـــــام مثل هـذا *** فى التقارب مـــــا طفقتم تشركان‬
‫أو بلغتم من معانى ما شهدنـا *** بعض شىء ما رضيتم بالتوانـــى‬
‫فاعقلوها ما استطعتم إن فيها *** جلوتــــى حق بغيث تجريــــــــان‬
‫‪55‬ـ وإذا أراد فقابض أو باســـــــــط *** وإذا أراد فبالمشيئة أنشـــــــــــــــــر‬

‫‪13‬‬
‫القبض والبسط يتعاقبان على السالك تعاقب الليل والنهار فالعوام ‪:‬‬
‫إذا غلب عليهم الخوف انقبضوا ‪ ,‬وإذا غلب عليهم الرجاء انبسطوا ‪.‬‬
‫والخواص ‪ :‬إذا تجلى لهم بوصف الجمال انبسطوا وإذا تجلى لهم بوصف الجالل‬
‫انقبضوا ‪.‬‬
‫وخواص الخواص ‪ :‬يستوى عندهم الجالل والجمال ألنهم باهلل وهلل ال لشيء سواه �‬

‫مبحث حول قوله رضى هللا عنه (وإذا أراد) ‪:‬‬


‫يقول الحق تبارك وتعالى {انما أمره إذا أراد شيئا ً أن يقول له كن فيكون}‬
‫وعن تفسير ذلك يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه بأن كلمة (كن) هى كلمة الحضرة اإللهية ‪,‬‬
‫وبعدين كالم هللا صنفين ‪ :‬المرتب المفيد ‪ ,‬والال مرتب وال مفيد ‪ ,‬فالكالم الال مرتب وال مفيد هو‬
‫(كن) تفهم منه آيه ؟ ‪ ,‬رد السائل يعنى يقول للشىء كن فيكون ‪ ,‬يعنى هللا بينفذ أمره فى لفظة كن‬
‫‪.‬‬
‫رد الشيخ ‪ :‬ال ‪ ,‬األمر ما {إنما أمره إذا أراد شيئا ً} ‪ ,‬كن ده الرابع ‪ ,‬احنا عندنا (كن) أمر ‪.‬‬
‫لكن واقع الحال مش أمر علشان { إنما أمره إذا أراد شيئا ً } حتى يقول كن ‪ ,‬األمر قبل كن بتالت‬
‫مرات ‪ ,‬يكون (كن) أمر كيف ؟ مش ممكن ‪.‬‬
‫أصالة تبارك وتعالى قال (إنما أمره) ما قال (إنما أمرى) وقعنا ‪ ,‬ظاهر ؟ واألمر أمر واحد وإثنان‬
‫بعد اإللتفات ‪ ,‬ظاهر ؟ إحنا بنقول معنى االمر ‪ :‬معناه إفعل ‪ ,‬لكن عند ربنا مش إفعل ‪,‬‬
‫حاجة إسمه األمر ‪ ,‬حاجة زى ما ده يد ‪ ,‬وده كرسى ‪ ,‬وده حيطة ‪ ,‬وده فالن ‪ .‬خالص ؟‬
‫بعدين األمر ده ‪ ,‬محبة األمر ‪ :‬إسمه اإلرادة ‪ ,‬تصوير محبة األمر ‪ :‬إسمه المشيئة ‪ ,‬تنفيذ محبة‬
‫األمر ‪ :‬إسمه كن ‪.‬‬
‫التكوين ‪ ,‬ظاهر ؟ يقول {خلق هللا آدم على صورته} حديث أخرجه البخارى فى كتاب اإلستئذان رقم‬
‫‪ , 4748‬يعنى خلق لنا من األمر الروح ‪ ,‬مش كده ؟ ومن اإلرادة القلب ‪ ,‬ومن المشيئة العقل ‪,‬‬
‫ومن القدرة اليدين ‪ ,‬واضح ؟ يعنى أى واحد منا بينفذ مشيئته بآيه ؟ بأديه ‪ ,‬يتخيله بعقله ‪,‬‬
‫يتصوره بعقله ‪ ,‬بيحبه بقلبه ‪ ,‬مش كده ؟ وضرب لنا الشيخ مثالً قائالً‪:‬‬
‫َق ًد ْرنا إنه األمر عايز عربية مثالً ‪ ,‬األمر طالب عربية ‪ ,‬طلب األمر للعربية ده نسميه ‪ :‬محبة ‪,‬‬
‫محبة األمر إسمه اإلرادة ‪ ,‬يعنى أراد وجود عربية ‪ ,‬خالص ؟ بعدين اإلرادة يتنزل الى المشيئة ‪,‬‬
‫اللى هو موطن التصوير ‪ ,‬عاوزين عربية بأربعة عجالت ‪ ,‬بثالث عجالت ‪ ,‬بسبع عجالت ‪ ,‬لونها‬
‫كده ‪ ,‬صورتها كذا ‪ ,‬فالن كذا فلتكان كذا ‪,‬‬
‫التنفيذ موطن األسماء اللى هو (كن) خالص ؟ ده الكالم الالمرتب وال مفيد ‪ ,‬ده الكالم القديم ‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫بعدين يقولوا الرؤساء ‪:‬‬
‫إذا قال كن أين كنت أنت يا حبيبى ‪ ,‬وأى شىء فهمت منه الكون ‪ ,‬أو كون عين أنت ‪ ,‬إنت فهمت‬
‫سوه وال فهمت من إنه (كن) واحد طالع‬‫آيه من (كن) ؟ فهمت من (كن) إنك إنت مكون فى الكون ً‬
‫من وحدة معينة ‪ ,‬فهمت آيه ؟ المشايخ يمدحوا النبى عليه الصالة والسالم يقولوا ‪:‬‬
‫سر إيجاد عالم الذر أنت *** مضمر بين الكاف والنون كنت‬
‫مفيش حاجة بين الكاف والنون إال واو اإلشباع (كون) ‪ ,‬واو اإلشباع لما تربطها فى إشباع للهوية‬
‫‪ ,‬تفيد الغيب الصرف ‪ ,‬وهو الحقيقة العينية ‪ ,‬وبعدين ‪:‬‬
‫طيب ربنا فى بداية الخلق قال (كن) ‪{ ,‬إنما أمره إذا أراد شيئا ً أن يقول له كن} ‪{ ,‬فيكون} ده‬
‫استجابة المكون طبعا ً ‪ ,‬مش داخل فى القصة ‪{ ,‬فيكون} يعنى آيه ؟ استجابة ظهور المكون ‪ ,‬مش‬
‫كده ؟‬
‫{بديع السماوات واالرض} {إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن} {إن مثل عيسى عند هللا كمثل آدم‬
‫خلقه من تراب} فقال له كن ‪{ ,‬إنما َق ْولنا لشىء إذا أردناه أن نقول له كن} ثمانية آيات ما فيه إال‬
‫كلمة التكوين ‪ .‬خالص؟ بعدين ده الخطاب اإللهى القديم الال مرتب وال مفيد ‪ ,‬اللى يسمع الخطاب‬
‫ده يفقه غيب كل شىء ‪ ,‬واللى أدرك التجلى اإللهى يدرك غيب كل شىء ‪ ,‬اللى فهم الخطاب اإللهى‬
‫يسمع غيب كل شىء ‪ ,‬ما يعجز عليه أى لغة ‪ ,‬خالص؟‬
‫بعدين {كن} فهمنا إنه ده كلمة الحضرة اإللهية القديمة ‪ ,‬يعنى فى بداية إرادة الخلق ربنا قال‬
‫{كن} ‪{ ,‬كن} ماشية لغاية يوم القيامة ‪{ ,‬كن} واحدة وما خلصت ‪ ,‬والخلق الجديد ماشى ‪.‬‬
‫لو سأل سائل قال ‪ :‬ربنا جل وعال ‪ ,‬انتوا بتعرفوا إنه الكتاب هو المصحف اللى جه من ربنا من‬
‫أوله آلخره ‪ ,‬أيوه ‪ ,‬ربنا بعد ما قال المصحف والنبى إتوفى ‪ ,‬قاعد يقول آيه ؟ مفيش رد للمسألة‬
‫دى ‪ ,‬خالص واضحين ؟‬
‫طيب الخلق الجديد آيه ؟ {وكلم هللا موسى تكليما ً} (كلم) وللتأكيد التانى (تكليما ً) كمان ‪,‬‬
‫كالم مرتب مفيد ‪ ,‬سيدنا موسى حادث ‪ ,‬فى موطن الحدوث ‪ ,‬فوق الجبل ‪ ,‬بعدين (كلم) أفادت‬
‫المعنى (تكليما ً) كمان زيادة تأكيد ‪ ,‬ده الخطاب القديم ‪ ,‬وده الخطاب الحادث الملحق بالقديم ‪,‬‬
‫الخطاب القديم عادة بيظهر من غيب الذات ‪ ,‬ظاهر؟ بعدين لما ندى ربنا جل وعال من حيث الذات‬
‫الصرف ‪ :‬الحياة ‪ ,‬وبعدين العلم ‪ ,‬وبعدين القدرة ‪ ,‬يكون تنزل من العلم الخطاب القديم ‪ ,‬من‬
‫الخطاب القديم حصل الخطاب الحادث ‪ ,‬اللى هو {كلم هللا موسى تكليما ً} بقى دغرى ؟‬
‫طيب نرجع الخطاب القديم من األول ‪ ,‬مش كده ؟‬
‫{إنما أمره إذا أراد شيئا ً أن يقول له كن} مش كده ؟ اللى أصله ما موجود ‪ ,‬يسمع (كن) كيف ؟‬

‫‪15‬‬
‫أنا قلت يا صالح ‪ ,‬مين راح يقول لى نعم ؟ واذا أنت بمصر أنا من هنا قلت يا صالح ‪ ,‬مين راح‬
‫يقول لى نعم ؟ مش ممكن ‪ ,‬أمال كيف الوجود ده ما كان موجود وقال لهم (كن) وظهروا ؟ أيوه ‪,‬‬
‫هنا قال (إنما أمره) ما قال (إنما أمرى) ‪ ,‬قال (أنما قولنا) ما قال (إنما قولى) فكان زى وجود‬
‫النقطة فى النواية بتاع التمر من حيث العلم اإللهى فى باطن النقطة ‪ ,‬فيه نخلة كلهــا ‪ ,‬ظاهر ؟‬
‫بالعود ‪ ,‬بالكرناف ‪ ,‬بالجريد ‪ ,‬بالزعف ‪ ,‬صح ؟ مش كده ؟ علشان ما بتطلعش النخلة إال من‬
‫النقطة دى ‪ .‬بقى دغرى ؟ وأخيراً وأخيراً وأخيراً ‪ ,‬كل نخلة فيها كذا سباط ‪ ,‬هذا األمر وكل سباط‬
‫فيه كذا تمر ‪ ,‬كل تمر فيه نواية ‪ ,‬كل نواية فيها نقطة ‪ ,‬ده أسمه آيه ؟‬
‫وجود الكثرة فى الواحد ‪ ,‬واضح ؟ بعدين وجود الواحد فى الكثرة هو المرتبة الثانية ‪ ,‬خالص؟‬
‫{من مجموعة علموا عنى الجزء األول من ص ‪ 593‬حتى ‪}594‬‬
‫ونستخلص مما سبق معنى قول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه‪:‬‬
‫وإذا أراد فقابض أو باســـــــــط *** وإذا أراد فبالمشيئة أنشــــــــــــر‬
‫بأن صاحب األمر إذا أحب شيئا ً ‪ ,‬فقد يقوم بتصوير ذلك األمر ويطلق يد القدرة اللى هيا(كن) ومن‬
‫حيث إن المشيئة مشيئته فقد تتم وال يعييه وال يعجزه تنفيذ أمره ‪ ,‬فبالمشيئة اإللهية يتم النشور‬
‫واالنتشار ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫ِين )‪ُ (38‬ثلَّ ٌة ِّمنَ‬
‫ب ا ْل َيم ِ‬ ‫ارا )‪ُ (36‬ع ُر ًبا أَ ْت َرا ًبا )‪ِّ (37‬ألَ ْ‬
‫ص َحا ِ‬ ‫اء( ‪َ )04‬ف َج َع ْل َناهُنَّ أَ ْب َك ً‬
‫ش ً‬‫شأْ َناهُنَّ إِن َ‬
‫إِ َّنا أَن َ‬
‫ْاألَ َّولِينَ )‪َ (39‬و ُثلَّ ٌة ِّمنَ ْاآلخ ِِرينَ )‪ (40‬سورة الواقعة‬

‫سفُنا‬
‫هذا كالمى قديــــــم يسبق الزمـــــــن *** فال تخوضوا بحاراً أهلكت ُ‬
‫أنـــا الذى فى أنــــا إنى كمنزلـــــــــة *** ألحمد نورهــــــا منشى حقيقتنا‬
‫من أقوال سيدى فخر الدين‬
‫‪17‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫القصيدة الخامسة والثالثون‬
‫‪ 23‬أكتوبر ‪5895‬م‬ ‫عدد أبياتها (‪)93‬‬ ‫السبت ‪ 24‬محرم ‪5534‬هـ‬
‫‪----------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫هذه القصيدة من أهم وأطول القصائد بعد القصيدة األولى المسماة بالتائية لكونها تحمل قافية حرف‬
‫التاء (ت) وهى التى ينعت فيها سيدى االمام فخر الدين رضى هللا عنه موالنا كمال الدين الشيخ‬
‫ابراهيم رضى هللا عنه من قيل عنه (من أجل ابراهيم قد أمليتها) هذا ومن المعلوم ان قافية هذه‬
‫القصيدة ( ُتـ نا) وقد أتى بها سيدى فخر الدين لينعت أتباعه ممن يؤمهم سيدى الشيخ ابراهيم‬
‫رضى هللا والذى قال عنه موالنا الشيخ ‪:‬‬
‫وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا‬
‫ـ مناسبتها لما قبلها فى معنى البيتان األول والثانى من القصيدة (‪: )05‬‬
‫إنى رأيت وقلت يا قومى أرى *** ولى الفخار ومكتى أم القرى‬
‫ومدينتى أم المدائن كلهــــــــا *** ومليكــــها جدى أمان للورى‬
‫وعن جدى الذى هو أمان للورى يقول رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا ‪04 /29‬‬
‫وعسى الناس والمالئك تــــدرى *** فأبى عبده وجــــــــدى حادى ‪22 /25‬‬
‫والمعنى المقصود من (وسره مضمر ـ وجدى حادى) ‪:‬‬
‫السر هو محل المشاهدة ‪ :‬أى أن جدى الذى هو بمعنى حظى ورزقى سره مضمر فى طى سروتنا‬
‫ومحله ومكانه ‪ ,‬فى مرتبة المشاهده ‪ .‬وهو ولد الغيب الطالع من غيب األحدية ‪ ,‬المشار اليه فى‬
‫توسل السادة البرهانية (إلهى بكنز الذات ذى األحدية بطلسم غيب الغيب سر الهوية )‪.‬‬
‫وجدى حادى ‪ :‬أى من درس وحلل وشاهد حقيقة ولد الغيب هذا عند خروجه من غيب األحدية‬
‫حاديا ً من بين الحاء والدال على هيئة الحمد ‪ :‬أحمداً ومجاله محمداً ‪ ,‬أى حقيقة أحمدية وحقيقة‬
‫محمدية ‪ .‬فغيب العمى الذى هو األحدية استخرج منها الكنز المشار اليه بكنز األحدية ‪ ,‬عند أول‬
‫خروجه كان الياقوته الحمراء ثم بعد تمام الوجود فى المرتبة العاشرة عند كماله كان الدرة‬
‫البيضاء ‪ .‬فعند مشاهدة جماله الطالع من صدفه األزفر‪ ,‬يقول عنه سيدى فخر الدين ‪:‬‬
‫هو ذا النور يا مريد تجلى *** هو ذا الغيث يا أهيل ودادى ‪22/55‬‬
‫ولد الغيب ال يجـــاوز غيبا ً *** وله الدر من فريـــد مدادى ‪22/52‬‬
‫‪18‬‬
‫غلب الحسن فالبواطن أنت *** وعلى أنتى يئن حـــــوادى ‪22/50‬‬
‫ومعنى هذا البيت ‪:‬‬
‫عند مشاهدة أنواره فى مرتبة المشاهدة غلبت محاسنه وجماالته ‪ْ ,‬‬
‫أنت كل البواطن المجتمعون فى‬
‫باطن دائرة الميم ‪ ,‬ميم حقيقته األحمدية ‪ ,‬وهم الصدور األوائل من أهل حضرة جمع الجمع ‪ ,‬وأول‬
‫رشحاتها وأول بواطنها (سيدى فخر الدين) اإلبن البكر القائل وعلى أنتى يئن حوادى ‪ ,‬والقائل أنا‬
‫أول من سجد لهذه الحقيقة عند ظهورها ‪:‬‬
‫فسجدت لما لم أجد غيراً له *** يا نعم وجه بالمحاسن أسفر ‪05/50‬‬
‫وهذا الجد هو الشيخ األحدى (حظى ورزقى) المقصود بالسيد البرهانى (موالى كمال الدين) الذى‬
‫أتى الحديث عنه فى أول القصيدة (‪ )2‬النونية التى منها أصل الرواية ‪:‬‬
‫هذا عطاء هللا من عليائه *** هذا إصطفاء السيد البرهانى‬
‫ومن البيت الثانى حتى البيت العاشر الذى تقول أوائل حروفه (مـ حـ مـ د عـ ثـ مـ ا ن)‬
‫وأوائل البيت ‪ 55‬و‪ 52‬و‪ 50‬و‪ 55‬يقول (عـ بـ د ه ) بعد ذلك تجد كلمة (ا لـ بـ ر هــ ا نـ ى)‬
‫وهذه هى الرواية التى رأيتها وعاينت معى سار األقطاب أصل الرواية ‪ ,‬والمشار اليه هذا هو‬
‫(أصل الرواية)‬
‫ويقول سيدى فخر الدين إذا بحثنا عن أصل الرواية نجد أن متنها لدى سيدى ابو العينين الذى‬
‫يروى لنا تفصيل الروايه قائالً‪:‬‬
‫تجلى لى المحبوب من كل وجهة (من الجهات الستة) فشاهدته فى كل معنى وصورة‬
‫وخاطبنى منى بكشف سرائرى *** فقال أتدرى من أنا ؟ قلت منيتى‬
‫فأنت مناى بل أنت دائمــــــــــا ً *** إذا كنت أنت اليوم عين حقيقتى‬
‫وعن علو قدره ومقامه يقول ‪:‬‬
‫وعندما عاينوا عينى التى كتبت ** بأحرف من جالل القدرة اتضحت‬
‫رأوا مقامى وما باعى له وصلت ** قالوا جميعا ً شهدنا بالتى شهدت‬
‫عيناك من منح هللا الذى فيه‬
‫ـ الفكرة التى تدور حولها القصيدة فى معنى البيت الثانى منها ‪:‬‬
‫أنـــا الذى فى أنــــا إنى كمنزلـــــــــة *** ألحمد نورهــــــا منشى حقيقتنا‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه فى هذا البيت ‪:‬‬
‫‪19‬‬
‫أنا الذى فى أنا إنى كمنزلة ألحمد األحدى الذى أحديته من (أحدية الكثرة) صاحب الحضرة‬
‫الواحدية المتنزلة من الحضرة األحدية التى ظهرت بحقائق األسماء الحسنى ‪ ,‬والصفات العليا ‪,‬‬
‫الذى تعشقت به الحضرة الكمالية تعشق اإلسم بالمسمى والصفة بالموصوف ‪ ,‬فكل معانى تلك‬
‫الكماالت ال تشير بحقيقتها اال اليه وال تدل بهويتها اال عليه ‪ .‬فلو تحقق أحد بكمال من تلك‬
‫الكماالت المشار اليها ‪ ,‬كان عطفا ً عليه لديها ‪ ,‬وتقدير هذا الكالم أنه لو تحقق ألف نبى أو ولى‬
‫كامل بالحقيقة النورانية ‪ ,‬حتى صار كل منهم نوراً مطلقا ً ‪ ,‬ثم أَ ْط َل ْقت إسمه (النور) ‪ ,‬لم يقع هذا‬
‫اإلسم إال عليه ‪ .‬ولم تسبق هذه الصفة اال اليه صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬ولهذا سماه هللا تعالى فى‬
‫كتابه العزيز بالنور دون غيره ‪.‬‬
‫وهذه الحقيقة هى حقيقة ألحمد الذى سماه هللا فى كتابة العزيز بالنور دون غيره ‪ ,‬حيث صار نور‬
‫هذه الحقيقة هو نوره الذى وقع عليه ‪.‬‬
‫(نورها منشى حقيقتنا) أى نوره صلى هللا عليه وسلم هو الذى إنفلقت منه األنوار التى تعلقت‬
‫بحقيقته ال ُمن َ‬
‫شأة منها كل الحقائق ‪.‬‬
‫من مسمياتها أنها حضرة جمع الجمع التى يؤمها ذلك النور والتى يقول عنها سيدى فخر الدين‬
‫رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫السادة األقطاب فينا أنجــم *** وبنــــــا أبو الدنيا وأول تائب‬
‫وكذلك األواب ممن خلفوا *** داود يرضى بالحكيم الصائب‬
‫أنعم بنوح من نبى بيننــــا *** أكرم به من جاهــر ومخاطب‬
‫وكذلك األواه بين جموعنا *** ســــراً يناجى للسميع الواهب‬
‫‪------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫يبدأ سيدى فخر الدين رضى هللا عنه القصيدة ‪:‬‬
‫سفُنا‬
‫‪5‬ـ هذا كالمى قديــــــم يسبق الزمـــــــن *** فال تخوضوا بحاراً أهلكت ُ‬
‫‪2‬ـ أنـــا الذى فى أنــــا إنى كمنزلـــــــــة *** ألحمد نورهــــــا منشى حقيقتنا‬
‫‪0‬ـ ولست نداً ألقطــــــــاب وال رســـــل *** وإنمـــا حلة التوحيـــــد حلتنــــا‬
‫‪5‬ـ لذا صبرنا وذات الحسن مسفــــــــرة *** وأدركتنـــا عيون قد أصابتنـــــا‬
‫‪4‬ـ ونزهتنـــــا عن اإلشـــــــراك أجمعه *** وكنية العبـــــد تاج فوق أرؤسنا‬
‫‪4‬ـ لنـــــا أكف السخـــا نعطى وال حرج *** لنـــا فتون ولكن لم تكــــــن فتنا ً‬
‫‪7‬ـ وأمرنـــــا كلـــــه ال غيب وال عجب *** وال عطاء لمن ترضيه فرقتنــــا‬
‫‪20‬‬
‫‪9‬ـ وإنمـــــــا نحن إخوان بال جــــــــدل *** أب لنـــــــا واحد أصل ألمتنــــا‬
‫‪8‬ـ وعن مكارمنـــــــــا حدث وال حرج *** وقل يسيراً إذا أبديت سطوتنـــــا‬
‫‪53‬ـ وعن منازلنــــــا أمسك فإن لهـــــا *** صحائف أودعت أيدى أئمتنـــــا‬
‫‪55‬ـ أما الرجال الذين عنيت من ذكروا *** وذكرهــــــم غاية فاهلل غايتنـــــا‬
‫الشرح والتفصيل ‪:‬‬
‫يشير سيدى فخر الدين رضى هللا عنه الى كالمه القديم الذى جاء به منظوما ً عندما وصفه من‬
‫خالل كتابه ديوان شراب الوصل قائالً ‪:‬‬
‫كم لى بفضل هللا مــــــن آيات *** مأثورتى وقطوفهـــــا كلماتى‬
‫يجنى األحبة سرها وسرورها *** وبطائن األســــــــرار متكآتى‬
‫مصدوقة كم أخبرت ما أقفرت *** كلماتهـــــا موسومة بسماتى‬
‫والعبقرى الخضرمن حباتهـــا *** منظومة يا نعـــــم منظوماتى‬
‫أنبيت فيها عن مكامن ُخصنى *** ترمى سديدات وطاش رماتى‬
‫ماغيرها نظمى وإن قطوفهـــا *** مصقولة من أعظـم الشفرات‬
‫صفت لها األمالك عند نزولها *** مولودة فى محكـــــــم اآليات‬
‫وبعدما وصف هذا الكالم لألحبة من أبنائه إذ به رضى هللا عنه يقول لجميع من فى الكون من إنس‬
‫وجان مؤمن ومنكر‪:‬‬
‫سفُنا‬
‫هذا كالمى قديــــــم يسبق الزمـــــــن *** فال تخوضوا بحاراً أهلكت ُ‬
‫فهذا الكالم هو نفحتى التى قلت عنها ماذا أنتم فاعلين بها ؟ ولها قطوف قد دنت فتدلت لتنهلوا‬
‫منها وتجنوا طيب ثمارها ‪ ,‬وهى أيضا ً مشربى الذى عنه جاء قولى ماذا عليكم لو وردتم مشربى‬
‫الصفى بتجلد وتثبت ‪ ,‬وهو كالمى الذى وضحت فيه مرادى حيث جئتكم بالقصيدة التائية التى‬
‫زلزلت أرض العقول فماذا أفدتم بعد منها ‪ ,‬وجئت بالقصيدة النونية التى تشبه األرض التى تحمل‬
‫الحقيقة فى باطنها ‪ ,‬فماذا جنيتم منها عندما وضعت أثقالها ‪ ,‬وبالبائية التى أخبرت عن عطاء‬
‫المحسنين وهو العطاء األقرب ‪ ,‬وباألحدية التى حدثت عن أبو العينين جل مقامه ‪ ,‬وبالهائية التى‬
‫كلت مبانيها بالمعانى فلما دنت وتدلت جعلت للكلمات مرآى ظاهراً ‪ ,‬وقلت فى الكافية هال وعيتم‬
‫ماحوت كافيتى ‪ ,‬وحول الخالفة واالختالف أخبرتكم فى النبائية ‪ ,‬والعطية التى بينت بعض قدر‬
‫عطيتى موالى الشيخ ابراهيم ‪ ,‬وهل شاهدتم العجب من اطالعكم على قمريتى التى قلت فيها ‪:‬‬
‫قلت يا موالى هل من كاظـم *** كأمينى قال كال والقمــــــــر‬
‫قلت يا موالى هل من عازل *** ألمينى قال ذى إحدى الكبر‬

‫‪21‬‬
‫وأخبرت قائالً فى صرحيتى معاتبا ً من جاوز المعنى ‪:‬‬
‫وكل فتى لو أم دارى يحتمى *** يطيب بها عيشا ً وما خاب قاصدى‬
‫وما ألولى التقتير فى الفضل خردل *** وما كفل االيتــــــام قطع العوائد‬
‫وألسن أهل القيل والقـــــال إنمــــا *** تكب على النيران بئس الحصائد‬
‫وإن طريقى فى هدى هللا عـــــروة *** ومـــــــا بدأت يوما ً بفض التعاقد‬
‫فطاعة ابراهيم إن رمتم الهـــــدى *** كمال عطائى بل نجـــاح المقاصد‬
‫وبالقصيدة الرجية التى حملت اليكم غايتى ورجيتى التى قلت فيها من أجل ابراهيم قد أمليتها ‪,‬‬
‫وقلت فيها ‪:‬‬
‫من أجل ابراهيم بعد رجائه *** هذا الحديث ومنحتى وكالمى‬
‫وبذلك يكون كالمى القديم هو هذا الحديث المنقول إليكم ومنحتى التى خصنى بها الحق من قديم‬
‫الزمن الذى بدايته خالفة قبل البعث التى تقوم على إتيان خرق العوائد ‪ ,‬منذ خلق هللا سيدنا آدم‬
‫عليه السالم ‪ ,‬وبذلك يتضح قوله رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫أن حقيقة كالمه‪ ,‬أتى بيانها بسورة الرحمن ‪ ,‬وأشارت اليها القصيدة النونية بقوله ‪:‬‬
‫سبحان من خلق الحقيقة أوال *** نور النبى معلم القرآن‬
‫وهذه الحقيقة تتجلى من تفسير قول الحق تعالى فى سورة البقرة {ألم ذلك الكتاب الريب فيه}‬
‫فاأللف يشار به الى الذات األحدية أى الحق من حيث هو أول األشياء فى أزل االزال ‪.‬‬
‫وكلمة (هذا) تشير الى الكالم الذى يسبق الزمن وهو يحمل معنى الحقيقة أوالً ‪ ,‬أى األلف الذى هو‬
‫أول األشياء فى أزل اآلزال ‪ ,‬والذى يقول عنه سيدى فخر الدين فى القصيدة (‪: )75‬‬
‫يا أول الخلق فى إطالقه ألفا ً *** به التآلف يا قاب الهدايات‬
‫وهذا األلف هو الذى تشير اليه كلمة (ذلك) أداة اإلشارة للبعيد ‪ ,‬فيكون هو الكتاب البعيد حيث أن‬
‫الالم كتاب متوسط البعد عن ذلك ‪ ,‬والميم كتاب قريب منها ‪ ,‬فعليه يكون األلف كتاب ال ريب فيه‬
‫هدى ‪ ,‬أى أنه (قاب للهدايات) من ذلك قال عنه هو القاب ذو األلقاب ‪ ,‬وهذا الكالم جاءت به قصائد‬
‫الديوان التى يقول عنها صاحب الديوان بحق (أن ثناها من ثنا األحدية) وتكون هذه إشارة من‬
‫الحق تبارك وتعالى بأن ديوان شراب الوصل هو الكتاب الذى يتحدث فيه الشيخ عن ألف أول‬
‫الخلق قاب الهدايات ‪ ,‬على غرار كتاب هللا الكريم الذى جاء لينعت حضرة النبى العظيم ‪ ,‬وديوان‬
‫شراب الوصل هو الكتاب الذى ينعت فيه موالى كمال الدين ليعرف الجميع بعض قدر للذى أعطيت‬
‫ابراهيم وهو عطيتى ونقول للقُ ًطاع منكرى تلك الحقيقة أن هذه الحقيقة تسبق الزمن فال تخوضوا‬

‫‪22‬‬
‫بحار القطيعة التى أهلكت كباركم كما صعب منالها على أهل المنازل ‪ ,‬الذين خاطبهم سيدى فخر‬
‫الدين بقوله ‪:‬‬
‫لو أن من خطب الحقيقة جاءنى *** بال عناء عندها يلقانى‬
‫‪2‬ـ أنـــا الذى فى أنــــا إنى كمنزلـــــــــة *** ألحمد نورهــــــا منشى حقيقتنا‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫أنا الذى فى أنا إنى كمنزلة ألحمد األحدى الذى أحديته من (أحدية الكثرة) صاحب الحضرة‬
‫الواحدية المتنزلة من الحضرة األحدية التى ظهرت بحقائق األسماء الحسنى ‪ ,‬والصفات العليا ‪,‬‬
‫الذى تعشقت به الحضرة الكمالية تعشق اإلسم بالمسمى والصفة بالموصوف ‪ ,‬فكل معانى تلك‬
‫الكماالت ال تشير بحقيقتها اال اليه وال تدل بهويتها اال عليه ‪ .‬فلو تحقق أحد بكمال من تلك‬
‫الكماالت المشار اليها ‪ ,‬كان عطفا ً عليه لديها ‪ ,‬وتقدير هذا الكالم أنه لو تحقق ألف نبى أو ولى‬
‫كامل بالحقيقة النورانية ‪ ,‬حتى صار كل منهم نوراً مطلقا ً ‪ ,‬ثم أَ ْط َل ْقت إسمه (النور) ‪ ,‬لم يقع هذا‬
‫اإلسم إال عليه ‪ .‬ولم تسبق هذه الصفة اال اليه صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬ولهذا سماه هللا تعالى فى‬
‫كتابه العزيز بالنور دون غيره ‪.‬‬
‫وهذه الحقيقة هى حقيقة ألحمد الذى سماه هللا فى كتابة العزيز بالنور دون غيره ‪ ,‬حيث صار نور‬
‫هذه الحقيقة هو نوره الذى وقع عليه ‪.‬‬
‫(نورها منشى حقيقتنا) أى نوره صلى هللا عليه وسلم هو الذى إنفلقت منه األنوار التى تعلقت‬
‫بحقيقته ال ُمن َ‬
‫شأة منها كل الحقائق ‪.‬‬
‫من مسمياتها أنها حضرة جمع الجمع التى إمامها ذلك النور والتى يقول عنها سيدى فخر الدين‬
‫رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫السادة األقطاب فينا أنجــم *** وبنــــــا أبو الدنيا وأول تائب‬
‫وكذلك األواب ممن خلفوا *** داود يرضى بالحكيم الصائب‬
‫أنعم بنوح من نبى بيننــــا *** أكرم به من جاهــر ومخاطب‬
‫وكذلك األواه بين جموعنا *** ســــراً يناجى للسميع الواهب‬
‫‪0‬ـ ولست نداً ألقطــــــــاب وال رســـــل *** وإنمـــا حلة التوحيـــــد حلتنــــا‬
‫حلة التوحيد ‪ :‬هى حلة األنوار التى يقول عندها سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أنها حلتنا ‪ ,‬أى‬
‫حلة كل من تحقق بحقيقة اإلسم النور الذى سماه به هللا فى كتابه العزيز ‪ ,‬والتى اذا تحقق بها‬
‫األنبياء واألولياء الكاملون صار كل واحد منهم نوراً مطلقا ً ‪ ,‬لذلك جاء قوله ولست نداً ألقطاب وال‬
‫رسل ‪ ,‬مؤكداً أن تلك الحلة هى حلة نور جمعت األنبياء واألولياء ‪ ,‬ومن مسمياتها حضرة (جمع‬

‫‪23‬‬
‫الجمع) التى إمامها ذلك (النور) المشار اليه بالقلم األعلى (أول كاتب) والتى يقول عنها سيدى فخر‬
‫الدين رضى هللا عنه فى القصيدة (‪:)45‬‬
‫إنا بجمع الجمع كنا عصبة *** وإمام هـــذا الجمع أول كاتب‬
‫السادة األقطاب فينــا أنجم *** وبنــــــا أبو الدنيا وأول تائب‬
‫وكذلك األواب ممن خلفوا *** داود يرضى بالحكيم الصائب‬
‫أنعم بنوح من نبى بيننــــا *** أكـرم به من جاهر ومخاطب‬
‫وكذلك األواه بين جموعنا *** ســراً يناجى للسميع الواهب‬
‫أما الكليم فقد بدى فى حلة *** ويداه نـور فى جناح الراهب‬
‫ويقول مشيراً اليها فى القصيدة (‪ )93‬أنها حضرة المعصوم وحضرة التقريب ‪:‬‬
‫خفى إشــــــاراتى يغيب ما به *** جلى عبـــــــارات إليه المنتهى ‪93 /9‬‬
‫الى حضرة التقريب كنا ثالثة *** لدى واحد التوكيد إنى وإنهـــــا ‪93 /8‬‬
‫فيا حلة األنوار يا صنو حلتى *** لقد كانت األسرار عقداً بجيدها ‪93 /53‬‬
‫كما يقول فى القصيدة (‪ )99‬أنها سماء تنطوى فيها كل الحقائق ‪:‬‬
‫ذى سماء بها الحقائق تطوى *** باؤها ياؤها وذا اإلنطــواء ‪99 /5‬‬
‫فرقها واحــــــد توسط جمعــا ً *** بل لهم حلة وفيهـا إحتواء ‪99 /4‬‬
‫أمرها واحـــــــد وثم التفــات *** دونه شبهة وليس التـــواء ‪99 /4‬‬
‫واألمر ‪ :‬هنا ليس معناه افعل ‪ ,‬ده حاجة اسمه األمر ‪ .‬واالمر واحد واثنان بعد االلتفات‬
‫من أجل ذلك قال أمرها واحد وغيره فيه شبهة (واحد وبس)‪.‬‬
‫ثم قال بعد أن أراد أن يفهمنا ذلك ‪:‬‬
‫إن فى األمر بعد ذلك ســـراً *** حار فيهــــــا دعاتها والدعاء‬
‫كلما جىء بالمفصل منهــــا *** جىء منها بها وغاب الوعاء‬
‫إنها تكأل الصدور جميعـــــا ً *** يستقى غيثها ويسقى الرعـاء‬
‫والسموات فى المراتب أمر *** ما الى غيره تشير السمــــــاء‬
‫ونستخلص من هذا البيت ان موالنا يقول رغم ما شاهدتم مما سبق فأنا لست نداً ألقطاب وال رسل‬
‫غير أن الحكاية ان حلة التوحيد هى سبب جمعنا هذا (إنما حلة التوحيد حلتنا) مثل قول الحق‬

‫‪24‬‬
‫لحضرة النبى صلى هللا عليه وسلم (قل إنما أنا بشر مثلكم) الحلة التى تجمعنا حلة البشرية اآلدمية‬
‫الجسمانية ‪ ,‬وإحنا الحلة التى جمعتنا هى الحضرة النورانية األزلية ‪.‬‬
‫‪5‬ـ لذا صبرنا وذات الحسن مسفــــــــرة *** وأدركتنـــا عيون قد أصابتنـــــا‬
‫ثم يقول رضى هللا عنه فى البيت الرابع من أجل ذلك الذى شرحناه سابقا ً وفُهم منه ما فُهم (لذا‬
‫صبرنا) هو ده سبب صبرنا عن التحدث حيث أن هذا الكالم قديم يسبق الزمن ‪ ,‬وزمن هذا الكالم‬
‫الحادث لم َيحِن بعد ‪ ,‬ألن الحقيقة واضحة وضوح الشمس للرائى (ذات الحسن مسفرة) والتى‬
‫تراها الوجوه وهى وجوه ضاحكة مستبشرة (وجوه يومئذ مسفرة ‪ ,‬ضاحكة مستبشرة) اآلية‬
‫(‪09‬و‪ )08‬من سورة عبس ‪ ,‬وأصحاب هذه العيون هم ذات الوجوه الناضرة الضاحكة المستبشرة‬
‫بأنها إطلعت على تلك الحقيقة وهى مسفرة فقد حصلت على نصيبها من المعرفة بها عندما أدركتنا‬
‫ونحن نحلق حولها ‪.‬‬
‫‪4‬ـ ونزهتنـــــا عن اإلشـــــــراك أجمعه *** وكنية العبـــــد تاج فوق أرؤسنا‬
‫وهذه العيون التى عاينت معنا تلك الحقيقة شهدت أنها حقيقتنا وليست حقيقة سوانا ‪ ,‬وبذلك تكون‬
‫قد نزهتنا عن اإلشراك أجمعه ‪ ,‬كما شوهد تاج العبودية الموضوع فوق أرؤسنا على رأس ذلك‬
‫العبد ‪ ,‬فصارت الكنية محل األسماء لذى قال سيدى فخر الدين رضى هللا عنه (وكنية فخر الدين ما‬
‫لها من سمية) أى أن الكنية ليس لها مثيل من قبل كما رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫كنيت فخر الدين فى العــ *** ـليا ولست ملقبا ً ‪55 /23‬‬
‫‪4‬ـ لنـــــا أكف السخـــا نعطى وال حرج *** لنـــا فتون ولكن لم تكــــــن فتنا ً‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه‪:‬‬
‫سقيت مريدى من شراب معتق *** وكفى كأس والخفـــــــاء مزيتى ‪5 /9‬‬
‫كفى الجود والسخاء عطائــــى *** لست من خاف شح نفس فيكدى ‪0 /58‬‬
‫أى سقيت مريدى الذى تربى على يدى من شراب معتق (شراب الوصل) بكفى والخفائ مزيتى ‪,‬‬
‫فكفى الجود الذى يعطى فى سخاء ’ فلست ممن يخاف من الشح فيمسك ‪ ,‬لكننا نعطى وال حرج ‪,‬‬
‫لنا فتون ولكن لم تكن فتنا أى أن هذه العيون هى ومضات من األنوار التى تترائى ألهل المشاهدة‬
‫ولكنها لم تكن فتنا ‪ ,‬ولكن قضت سنة المولى العظيم موالنا صاحب األمر أن يضىء عقول وقلوب‬
‫وأرواح تلك العيون التى أدركت معانى ما أقول عن الذى أرمى الى معناه أو إثباته ‪.‬‬
‫‪7‬ـ وأمرنـــــا كلـــــه غيب وال عجب *** وال عطاء لمن ترضيه فرقتنــــا‬
‫شاهد شهود عيان وليس مغيب ‪ ,‬و(ال) عجب حيث أن حرفى الـ‬ ‫وأمرنا كله غيب ال عجب ‪ ,‬فهو ُم َ‬
‫ال ـ ُت ْظ ِهر عالقتى بصاحب الكتاب المرموز له باأللف التى تلتف حولها الالم ‪ ,‬فهذا لواء الحمد‬
‫الذى يجمعنا تحته وهو موردنا يقينا ً ‪ ,‬المشار اليه فى قول الحق تعالى فى أول سورة البقرة (أ ل‬
‫‪25‬‬
‫م) ذلك الكتاب (ال) ريب فيه ‪ ,‬وحرفى الـ (ال) يشار بها الى الساق والساقى لألرواح من خالل‬
‫قصائد ديوان شراب الوصل الذى يقول فيه الشيخ رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫إنه إنســــــــــان عين شـــــاهدت *** نوره فى حضرة البر الصمـــد ‪9 /2‬‬
‫والتفت الساق بالساقى وال عجب *** إنسان عين ولألرواح قد ربى ‪73 /0‬‬
‫فان هلل فى آياتــــــــــــــــه عجب *** تبــــــارك هللا فى إحكام آيــات ‪75 /50‬‬
‫ويضيف أيضا ً قوله و(ال) عطاء لمن يرضيه فرقتنا ‪ ,‬فالذى يرضيه فرقتنا هو من شرب التفريق‬
‫بينى وبينه ‪ ,‬أى التفريق بينى وبين أول الخلق (أول شىء خلقه الحق فى أزل اآلزال) صاحب‬
‫الكمال موالى ‪ ,‬كمال الدين الشيخ ابراهيم موالى الذى سعيت اليه وأتانى مهروال حامال لذاك‬
‫العطاء ‪ ,‬فنحن أهل العطاء نعطى جميع الخير والمننا وفى أيدينا التحكم فى هذا العطاء ومثل ما‬
‫نعطى األحباب نمنع الخير والمننا عن القُطاَع والمنكرين الذى شربوا التفريق بينى وبينه ‪:‬‬
‫كما لن تشهد الدنيـــــــــا مثالى *** فنحن المــــــانعين المــــــانحينا ‪47 /0‬‬
‫ومن شرب التفريق بينى وبينه *** هنالك ال تجدى الرقى والمسابح ‪92 /52‬‬
‫‪9‬ـ وإنمـــــــا نحن إخوان بال جــــــــدل *** أب لنـــــــا واحد أصل ألمتنــــا‬
‫ثم يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ألحد هذه العيون ممن وضع على رأسه تاج العبوديه‬
‫الذى رزقناه من علومنا ذات الطلع النضيد الذى ال يناهى فى عبودتنا ‪ ,‬أن ما أشهدناك من أنوار‬
‫حضرة جمع الجمع التى أشارت اليها القصيدة (‪ )45‬حيثما قلت‪:‬‬
‫إنا بجمع الجمع كنا عصبة *** وإمام هذا الجمع أول كاتب‬
‫والعصبة هم أبناء الرجل الواحد ‪ ,‬مثل العصبة من أبناء سيدنا يعقوب ‪ ,‬كما نعلن للجميع أننا أى‬
‫موالنا الشيخ محمد عثمان يقول أنه وهؤالء العيون التى يقول عنها (وأدركتنا عيون قد أصابتنا)‬
‫نحن إخوان بال جدل والشك فى ذلك أن لنا أب واحد أصل وهو االب الرحيم ابراهيم أبو الرحمات‬
‫دعى أبناء الطريقة بأسمه الشريف (آل ابراهيم) فهو ابو‬ ‫الذى ينتسب اليه برهان الدين الذى ُي َ‬
‫العينين الذى فى جنى جنتية سر كتيم ‪ ,‬صاحب الرمحين صاحب الشرفين الذى أشار اليه موالنا‬
‫الشيخ محمد الشيخ ابراهيم رضى هللا عنهم بموالى كمال الدين ‪.‬‬
‫‪8‬ـ وعن مكارمنـــــــــا حدث وال حرج *** وقل يسيراً إذا أبديت سطوتنـــــا‬
‫س َكت عن الحديث عنها السادة‬‫وقد تستطيع التحدث فى سيرة السابقين إلظهار الحقائق التى َ‬
‫األقطاب أهل العلوم حيث كان مأخوذ عليهم بالكتمان حتى يأتى مظهر ما كان فى الكتمان فى زمن‬
‫ابو العينين على يد موالنا الشيخ محمد عثمان الذى يقول عن مكارمنا حدث وال حرج وقل يسيرا‬
‫وأوجز إذا وصلت بك المعانى العالية الثمينة فكنى ‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫‪53‬ـ وعن منازلنــــــا أمسك فإن لهـــــا *** صحائف أودعت أيدى أئمتنـــــا‬
‫وعن منازلنا أمسك ‪ ,‬أمسك عن (مواطن التنزيل) مثل األحدية الصرفة التى منها تتنزل أحدية‬
‫الكثرة ‪ ,‬وعن الواحدية أيضا ً أمسك حيث يقول (أحدية والواحدية دونها) ثم تنزل الواحدية فى‬
‫االسماء الحسنى والصفات العاليه ‪ ,‬وحضرة الكماالت وغيرها فإن لها صحائف مدون فيها كل‬
‫شىء وهى مودعة بين أيدى أئمتنا من الرجال أهل الذكر ‪ ,‬فيجب ترك ذلك أحتراما ً لمكانتهم العليا‬
‫‪.‬‬
‫‪55‬ـ أما الرجال الذين عنيت من ذكروا *** وذكرهــــــم غاية فاهلل غايتنـــــا‬
‫وهؤالء األئمة هم الرجال الذين أعنيهم بقولى فهم من ذكروا وصار ذكرهم غاية حتى تمكنوا من‬
‫الوصول الى غايتهم وهو هللا الذى هو غاية كل السائرين ‪.‬‬
‫‪52‬ـ منازل قدرت للذكر أجمعه *** وبعدها نصطفى هذى بدايتنا‬
‫وعن المنازل التى قلنا عنها أمسك فهى منازل قدرت للذكر أجمعه ‪ ,‬بداية من السير الى هللا فهو‬
‫طريق واحد على محطات مختلفة ‪ ,‬الى منطقة ما أو مرحلة معلومة فهو خط سير لمرتبة معينه‬
‫لبلوغ غرض معين ‪ ,‬ومن المعتمد عند أهل البصائر أن السالكين يصلون موطنا واحداً هو موطن‬
‫العتق ‪ ,‬ويستوى فى ذلك السالك المنظم السيرمن ناحية العبادات الصحيحة ‪ ,‬ومن حيث االرشاد‬
‫التام والمراقبة الصحيحة ‪ ,‬والمحبة الصادقة والسالك من كثرة العبادات النفلية ‪.‬‬
‫وأصحاب االوراد والمراقبة واالسم الصحاح والمحبة الحقة والعقيدة الصحيحة ‪ ,‬هم من اختارهم‬
‫الحق تعالى ل لترقى الى مراتب االحسان والترقى الى مراتب الشهود وأقصى ما يتمناه االولياء أن‬
‫يكونوا عبيداً صالحين وأكبر ما يتمنونه التحقق باالسماء الحسنى ‪ ,‬وان يمن هللا عليهم باستبدال‬
‫الصفات العالية ‪ ,‬وان يحظوا بخلع التشريف من حضرة النبى صلى هللا عليه وسلم ‪ .‬ف ِه َممِهم عالية‬
‫ومطالبهم غالية فهم ال يريدون العتق ‪ ,‬ال سيما وان لفظة العبد هى أعلى ما مدح هللا بها نبيه صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫وبعد كل هذا يأتى االصطفاء الذى يقول عنه رضى هللا عنه وبعدها نصطفى هذى بدايتنا ‪ ,‬يخصنا‬
‫الحق تعالى باالصطفاء الذى منه تبدأ منازلنا والذى أشارت اليه القصيدة (‪:)50‬‬
‫كيف نفشى الخبى إنا كرام *** ونزلنا مقامنا االصطفاء‬
‫‪50‬ـ شراب قومى عظيم جل صانعه *** وفى كؤوس الخفا نسقى احبتنا‬
‫‪55‬ـ معتق من قديــم الوصل متصل *** أكفه فى سخاء من حمايتنـــــــا‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أن شراب الوصل هو فى األصل شراب قومى ‪ ,‬ومن هم‬
‫قومى مثلما كان لسيدنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قوم وهم آهل مكة (قريش) وبعد الهجرة‬

‫‪27‬‬
‫الثانية صاروا أهل المدينة قال عنهم األهل من المهاجرين من مكة الى المدينة واألنصار من اهل‬
‫المدينة وبعد ذلك صار قومه صلى هللا عليه وسلم من سائر األمصار‪,‬‬
‫وقوم ى الذين أتحدث عنهم هم من سلك طريقى من أبنائى الذين هم أبناء الطريقة البرهانية‬
‫بالسودان ومصر ومن سائر البالد العربية واألجنبية ممن التحقوا بالطريقة البرهانية بعد ذلك ‪,‬‬
‫الذين سقوا شرابى العظيم الذى قيل عنه عذب سلسبيل مذاقه ‪ ,‬والذى بعضه أغرق الكل فى هوى‬
‫سيدى أبو العينين الذى عندما شهدناه بأعيننا التى عاينت عيناه من منح هللا الذى فيه ‪:‬‬
‫شربتهــــــــــــا شربة تشفى من العلل *** وكفها من يدى الساقى ُتقدم لى‬
‫فقال لى إشرب لك البشرى مـن األزل *** شربتهـا وأبو العباس يشهد لى‬
‫فى مجلس وأبو العباس قاضيه‬
‫فهذا هو شراب أبو العينين الذى ع ُظم جل ً صانعه ‪ ,‬وهذا الشراب نسقيه أحبتنا فقط ‪ ,‬وفى كؤوس‬
‫الخفا فتكون السقاية (بيد المشايخ الخلفاء عبر األزمان) فى الخفاء ‪ ,‬والناس فى غفلة وعنا ‪.‬‬
‫لذلك كان هذا الشراب المعتق من قديم الوصل متصل ألنه هو الرحيق المختوم بمسك الحقيقة العلم‬
‫الذى يأتى منه الكمال وهو العلم المكنوز فى (أنا) موالى كمال ‪( ,‬وإنى) الذى سعيت اليه مرفوع‬
‫هوا من قديم الوصل آت من األصل‬ ‫هامة ‪ ,‬وما زلت حتى اآلن للدنيا شعاع للهداية ‪ ,‬علشان كده ً‬
‫ومتصل بكل الفروع من مشايخ الطرق جميعا ً من األولياء الكاملين ‪ ,‬أكفه فى سخاء ‪ ,‬أى كل ساقى‬
‫لقومه يعتبر كف للسقاية والسقاية تتم فى سخاء وفى خفاء ‪ ,‬فال تجد خوف على الشراب من شح‬
‫نفس لوجود هذا الشراب تحت السيطرة وهى حمايتنا المشددة ‪.‬‬
‫‪54‬ـ فللتجلى شراب غير محتمـــــــــــل *** وكف بأس التجلى تلك صنعتنا‬
‫‪54‬ـ فيشرب الحب صافى العذب أعذبه *** وسلسبيل العطايــا ملء حانتنا‬
‫‪57‬ـ ويكرع العلم سهالً من منابعـــــــه *** ويشهد العلــــــم مكنوزاً بآيتنا‬
‫أوال التجلى ُي ْفنِى أهل المقامات عن السوى ويجعلهم فى حالة أ ْمن من بأس فرط التجلى ‪.‬‬
‫ثانيا ً التجلى له شراب غير محتمل ‪ ,‬ال يستطيع السالك تحمله وحده ‪ ,‬ولكن صنعتنا كف بأس هذا‬
‫التجلى ‪ ,‬أى حمايتنا ‪ ,‬وكف بأس التجلى هى من خصائص صنعتنا التى تحتاج الى من لديه القدرة‬
‫على معرفتها ‪ ,‬يعنى نحن أهل الطريق المؤهلون لحماية السالكين فتلك صنعتنا التى يقول فيها‬
‫سيدى أبو العينين الدسوقى ‪:‬‬
‫إسلك طريقى تعش فى نعمة وهنا *** والزم الذكر سراً كان أو علنا ً‬
‫وال تنم كسالً فالزهـــــد فيه غنى *** الزهد راحتنا والذكـــر حرفتنا‬
‫والعلم صنعتنا ُنقرا ونقريه‬
‫‪28‬‬
‫فيشرب الحب ‪ ,‬المحبوب من هذا الشراب العذب صافى صافيه ‪ ,‬الذى كؤوس الغرام به ممتلئة‬
‫حتى يشرب جميع األحباب فهيموا ‪ ,‬وهو الذى تمتلء حانتنا بعطاياه الغزيرة والكثيرة ‪ ,‬لذا أقول‬
‫لحبى ‪:‬‬
‫ينادمنى حبى فأكتم سره *** وبعد مزيدى طالب للزيادة ‪5 /299‬‬
‫كـــل ما يخشـــــاه حبى *** كان من ســـــــرى رميـــا ً ‪57 /02‬‬
‫ثم يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه فى القصيدة (‪:)42‬‬
‫إذا قلنـــــــــــا فتحقيق وحق *** وال يغنى عن الحقيق ظن ‪42 /5‬‬
‫إذا ما كان تحت السبع حبى *** أقربــــه وأحبــوه ويدنـــو ‪42 /50‬‬
‫ويكرع حبى العلم سهال من منابعه ألنى أنا الذى آخذ بيده لوصله حتى صار متص ً‬
‫ال بمنابع العلوم‬
‫فيشهد بنفسه آيتنا وهى مكنوز بها هذا العلم ُيغرق الكل فى الهوى ‪ ,‬وحبى يشرب ويرتوى ويسقى‬
‫غيره من األحباب ‪ ,‬ومثل ذلك وجود ديوان شراب الوصل الذى بين أيدينا حيث أمرنا موالنا الشيخ‬
‫بتدارسه إلستخراج معانى جل وصف غراسها فتخرج منها للجميع مخيطة ثم تكون بعدها محيطة‬
‫وتكون بالغا ً ألهل طريق ينشدون طريقة وهو ما نفعلة اآلن من شرح لقصائد الديوان ‪.‬‬
‫‪59‬ـ وليس فينا إمام غير معتمـــد *** إمامنا المصطفى والصفح شيمتنا‬
‫‪58‬ـ وكل شيخ عال البـــد ُم ًت ِبــــ ٌع *** ومن تولى فال يعطـــــــى أمانتنــا‬
‫‪23‬ـ وآيتى بالقوافى لم تكن ِبدَعا ً *** تبارك هللا ما أبهـــــــــى بديعتنــــا‬
‫ويقول فى هذه األبيات أنه هو من أتى بهذا الشراب العظيم الذى جل صانعه من مصب ينابيع العلوم‬
‫بأسرها ‪ ,‬وأشرب أحبابه كؤوس الحب فى حانة الصفا ‪ ,‬وألبسهم أبهج حلة وقربهم وأدناهم منه‬
‫قربا ً ‪ ,‬وحفظهم وكف عنهم بأس تجلى هذا الشراب حتى شربوا ثم طربوا وقال عنهم فأعزف‬
‫ألحانى فيطرب عاشقى ‪ ,‬عندما شربوا صافى العذب أعذبه ‪ ,‬وأكرعهم العلم سهالً وأشهدهم إياه‬
‫مكنوزاً حتى قال أن هذا الشراب يجعل من يشربه فى عداد األئمة حيث قوله رضى هللا عنه‪:‬‬
‫وتعكف منكم أمة لعلومنا *** لتخرج منهـــا للجميع مخيطة ‪70 /0‬‬
‫وتكرع منها أمة ويؤمها *** بنى وتسعى كى تكون محيطة ‪70 /5‬‬
‫وليس فينا إمام غير معتمد ‪ ,‬أى أعتبر أبناءه الذى أطلعهم على هذه العلوم وسقاهم منها حتى‬
‫صار كل منهم أئمة صحبه ‪ ,‬فكل واحد منهم يؤم إخوانه المتعطشين لهذا الشراب ولم تسعفهم‬
‫عقولهم وقلوبهم إلدراك معانيها التى تجل عن الحذاق كنهها ‪ ,‬فكل منهم أقرب من قرنائه يسهل‬
‫لهم المعانى من خالل مفردات الكلمات التى غالبا ما تحتاج الى إجراء عملية بحث ودرس ‪,‬‬

‫‪29‬‬
‫فهو رضى هللا عنه يقول أن كل منهم إمام إلخوانه ‪ ,‬وأنى وهم سائرين نحو إمام عزت مكانته فهو‬
‫إمامنا المصطفى للجمع جدى متقدم الجماعة حتى قيام الساعة ‪ ,‬ولمن أراد معرفته فعليه أن‬
‫يسألنى حيث أمده بتلك المعرفة فهو الذى سره مضمر فى طى سروتنا اليه ‪ ,‬أى جميع السائرين‬
‫يعرفونه ويتجهون نحوه فهو موالى كمال الدين الركن الخامس فى أركان االسالم الذى اشار القول‬
‫‪:‬‬
‫كمال الدين فى االركان حج *** لبيت هللا فى البلد الحرام‬
‫البيت الخامس الذى عنده وحدة الصف وغاية الوصل ‪ ,‬فنحن الذين من شيمتنا الصفح وهو‬
‫الصفوح الذى جاء فى حقه ‪:‬‬
‫وإذا بسطتم كف صفح فامسحوا *** دمع المسىء دونمــــــا إيــــالم ‪54 /54‬‬
‫صفحا إذا آب المسىء بتوبـــــة *** بين الرجال عرفت بالصفحـات ‪24 /24‬‬
‫فانى وابراهيم فى األصل واحد *** إذا طلبوا صفحا ً فال شك صافح ‪92 /55‬‬
‫ثم يقول وكل شيخ عال البد ُم َت ِب ٌع أى أن أى شيخ البد أن يسبقه من هو ِ‬
‫تاب ٌع له ‪ ,‬ومن تولى عن‬
‫إتباعنا فلن نعطية شىء من أمانتنا فنحن أهل العباءة وكل من أردناه أحببناه حتى أحبنا ننادى له‬
‫فى الكون أنا نحبه فيسمع من فى الكون أمر محبنا ‪.‬‬
‫وآيتى بالقوافى وهى قصائدى العصماء التى جئتكم بها برئا ً لساحتى ولتبرئة ذمتى بعد كتم الشهادة‬
‫التى كتمها السابقين وجئتكم بها فقلت ‪:‬‬
‫ما كل من كتم الشهادة آثم *** أو كل من وأد البريئة جانى ‪2 /2‬‬
‫فهى لم تكن بدعا ً ‪ ,‬شىء غريب ليس معتاد فكل الكبار لهم دواوين منظومة من القصائد ‪ ,‬أما‬
‫بديعتنا التى هى من صنيعتنا حيث جاءت فى أبهى الحلل تبارك هللا الذى أبهى وجمل بديعتنا ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫إغاثة مدٌه عونٌ لسادتنا‬ ‫‪25‬ـ فلى إمام بها عزت مكانته ***‬
‫لقد إختصنى الحق تعالى بإمام ليس ككل األئمة ولكنه ذا مقام عزيز عزت مكانته ‪ ,‬ومكانته هذه‬
‫فيها الحياة ويؤخذ منها المد والعون لسادتنا الكبار لذا نقول له ‪:‬‬
‫فأدم عزنا بوصلك نحيا *** فلنا فيك عروة وحبال ‪59 /8‬‬
‫ونقول له يا عزيز لم أزل بعزك عزيزاً يا عزيز (من الحزب الكبير) ‪.‬‬
‫‪22‬ـ فكل عبد شكور نحو حضرتنا *** يفر سعيا ً لنـــــا يرجـــو هدايتنا‬
‫العبد الشكور المتجه حال سيره ‪ ,‬وهو السائر بالذكر من ذكر اللسان الى ذكر القلب الى اإلصطالم‬
‫الى ذكر الروح ثم ذكر الذكر والحمد وحمد الحمد ثم الى الشكر وشكر الشكر متجها نحو حضرتنا ‪,‬‬
‫‪30‬‬
‫فانه يفر‪ ,‬كالحمر المستنفرة التى فرت من قصورة ‪ ,‬سعيا ً للحوق بنا راجيا ً وطالبا ً هدايتنا أى‬
‫تمهيد خط سير وتسهيله للوصول كى يهتدى الى حضرتنا ‪.‬‬
‫‪20‬ـ وذا بنـــى الذى تمت عطيتـــــة *** قد إصطفيناه من صافى عطيتنا‬
‫ٌ‬
‫ومرحمـــة *** ويحمـــــــل الكل ممدوداً بهمتنا‬ ‫‪25‬ـ ليجمع الشمل إمداداً‬
‫‪24‬ـ ويصبح الكل حشداً تحت رايته *** بال جفــــــــاء لمن يسعى بذمتنا‬
‫ثم يقول مشيراً ألحد أبنائه ممن تمت عطيته من فهم وادراك لمعانى ما يقول عن الذى يرمى الى‬
‫معناه أو إثباته ‪ ,‬قائالً وذا بنى القريب(اآلن) الذى تمت عطيته سابقا ً وقد إصطفيناه من األزل ساعة‬
‫الخطاب األلهى (ألست بربكم) فهو ممن قالوا ‪ ..‬بال ‪ ..‬أنت ربنا وسعت رحمة وعلما ً ‪ ,‬وكان هذا‬
‫األصطفاء هو عطيتة من صافى عطيتنا التى جاء القول عنها ‪:‬‬
‫هذا عطــــــاء هللا من عليائـــــــه *** هذا إصطفاء السيد البرهانى ‪2 /5‬‬
‫من كمال العطاء من فيض وهب *** أيهــــا الناس جاءكم ابراهيم ‪52/5‬‬
‫وهذا اإلبن الذى تمت عطيته ورفاقه فهما ً وادراكا ً لمعانى القصائد ‪ ,‬قد أرشدناه الى بحث ودراسة‬
‫تلك المعانى وتبسيطها واخراجها بصورة يسيرة فى كتيبات تحت إسم (شرح قصائد ديوان شراب‬
‫الوصل) ل يستطيع توضيحها إلخوانه من حوله وفى سائر المعمورة وتوصيلها لهم سواء بالطباعة‬
‫والتوزيع مجانا ً لسهولة الحصول عليها أو بثها عبر وسائل التواصل االجتماعى وذلك ليجمع شمل‬
‫اإلخوان وخاصة المتناحرين والمنكرين لبعض المعانى وهذا فيه اإلمداد والمرحمة التى تصل أ ُولى‬
‫األرحام ببعض ‪ ,‬وفى توصيلها مجانا ً حِمالً لل َكل َ الذى َكل َ ساعده ولم يتيسر له التدارس أو إقتناء‬
‫هذه الكتيبات ‪ ,‬فقد يقوم بهذا الجهد الذى به يحمل ال َكل َ ممدوداً بهمتنا حتى يأخذ بيد الهمم التى‬
‫َكلَت عن السير فى وضح النهار ‪.‬‬
‫وبذلك العمل الجليل (شرح قصائد ديوان شراب الوصل) يكون سببا فى لم الشمل وتجميع اإلخوان‬
‫حتى يصبح الجميع حشداً تحت رايته (تحت ظل الشرح ) أى على مائة علوم سيدى فخر الدين‬
‫وعلى الجميع عدم مجافاته واالبتعاد عنه وصده وانكار ما يفعله والتقليل من شأنه ألنه يسعى‬
‫بذمتنا وهو تحت رعايتنا ‪.‬‬
‫‪24‬ـ فكل قطب من األقطاب أو َملَك *** يزفنا حيث وفينـــــــا أهلتنا‬
‫ثم يتبع قوله رضى هللا عنه بأن األقطاب والمالئكة الذين تواكبوا يوم إجابتى وتزاحموا لخدمة‬
‫ش ُرفت بروضة النبى صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬أى جميع األنبياء‬ ‫ش ُرفت األرض بها كما َ‬
‫روضتى التى َ‬
‫واألولياء تواكبوا لزفافنا عندما وفينا أهلتنا باصطفائنا ألتمامنا عطيتهم حتى ساروا من أهله‬
‫صغيرة الى أقمار منيرات ‪ ,‬أى أتممنا عليهم الوالية فصاروا من عباد الرحمن الذين يمشون على‬
‫األرض هونا ً وإذا خاطبهم الجاهلون بهذا العلم قالوا سالما ً ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪27‬ـ ويوم حان اللقا جمعــــا ً رأيته ُم *** مواكبا ً يمموا أخرى ُمقامتنا‬
‫ثم قال رضى هللا عنه بعد زفاف األقطاب واألمالك لنا حيث وفينا أهلتنا أنى يوم حان اللقاء بينى‬
‫وبين الحق تعالى رأيت الجميع فى صورة جمع يسير فى مواكب مثل مواكب أفراح آل البيت‬
‫والمولد النبوى الشريف (يمموا أُخرى ُمقامتنا) أى أن هذه المواكب تقوم بالمرور على مقامات‬
‫أخرى (أخرى ُمقامتنا) ‪ ,‬وال ُمقام هو محل اإلقامة فهى محل إقامة هؤالء األبناء ممن تمت عطيتهم‬
‫حسب تواجدهم وفى مواطن سكنهم وهم أصحابى ‪ ,‬مثل أصحاب حضرة النبى الذين قال عنهم هم‬
‫أصحابى أحبوبنى ولم يرونى فهم على منابر من النور (نور العلم) تغبطهم االنبياء وما هم بأنبياء‬
‫‪ ,‬أصحاب الهداية من أهل البقيع الذى أشرت الى مسكنهم بقولى ‪:‬‬
‫وبقيع أصحاب الهداية مسكنى *** ولى الجوار وإن قدرى ال يرى ‪05 /0‬‬
‫وقلوبهم تشبه البقيع مسكنى أى البيت الذى عندما دخلته صار عامراً بالذكر ‪ ,‬فحق لى الجوار‬
‫والحماية حيث صار مسكنى بالجوار ‪ ,‬ولكنه غير مقامى الذى فيه روضتى فى مجمع االمام على‬
‫ابن ابى طالب بالخرطوم ‪ ,‬أقول وإن قدرى ال يرى أى فى المحفل العلى ‪.‬‬
‫‪29‬ـ وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا‬
‫‪28‬ـ ومن عطاياه بعضا ً قد سقيتكــم *** فأ ٌ ْغ ِر ْق الكل والقــــرآن وجهتنا‬
‫بتدقيق النظر فى هذا البيت نجد كلمة اليوم‬
‫نأخذ من كلمة المصطفى ا‬
‫لـ‬ ‫للجمع‬ ‫ومن كلمة‬
‫يـ‬ ‫يقدمهم‬ ‫ومن كلمة‬
‫و‬ ‫وسره‬ ‫ومن كلمة‬
‫م‬ ‫مضمر‬ ‫ومن كلمة‬
‫وهذا اليوم فيه اشارة جدى المصطفى الذى سره مضمر‬
‫وحيث أن األيام هى رمز لألولياء فالولى الذى سره مضمر هو (اليوم) الذى عال األيام واشارته فى‬
‫القصيدة (‪:)55‬‬
‫فابراهيم عندى من يرثنى على *** األيـــــــام ممن قد وصلت ‪55 /50‬‬
‫إمــــــــــــام فى كتاب هللا رمز *** يكنــــــاه األئمة قد رمزت ‪55 /55‬‬
‫على هذا فقيســـــــوا كل معنى *** وان ملتــم فان الفوق تحت ‪55 /54‬‬
‫أال فلتعلمــــــــــــــوا أنى أمين *** وإنى فى الحقائق مذ ولدت ‪55 /54‬‬
‫فهو جدى المصطفى للجمع (خاتم األولياء) كمال الدين الذى سره مضمر فى طى سروتنا‬
‫‪32‬‬
‫وهو الذى أورثته سراً عليه لثامى ‪ ,‬وهو سر على كل العظام وانه بظهور غيب الذات ما أفشاه ‪,‬‬
‫وهو االمام الرمز الذى يكناه األمة فى حضرة كتاب هللا الذى نحن آيات به ‪ ,‬وهو امام الحضرة التى‬
‫فيها الهدى ال ينتهى ‪.‬‬
‫وهو عطاء هللا من عليائه الذى من عطاياه بعضا ً من الشراب الذى منه سقيتكم ‪ ,‬فأغرق الكل‬
‫والقرآن وجهتنا وذلك بعد قولنا فى التائية ‪:‬‬
‫وبعض شرابى أغرق الكل فى الهوى *** ومنهجى القرآن وهللا وجهتى‬
‫‪03‬ـ فكل من كان فى األكوان لى سلما ً *** يفوز بالوصل محفوظا ً بعزتنا‬
‫‪05‬ـ وخاب من يحرم التسليم جارحــة *** وذا شقا ٌء لمــــن يبغى عداوتنا‬
‫فاذا فهمتم كالمى فلتعلموا أن كل من كان فى االكوان (من بداية التكوين) لى سلما ً فى حالة سلم‬
‫نفسى معى فإنه يفوز بالوصل (الوصال ووصل ِة) ويسير محفوظا وتحت حمايتنا بتعلقه بنا حيث‬
‫موطن عزتنا ‪.‬‬
‫وما خاب إال من حرم نفسه ولم يسلم لنا األمر فى جميع أحواله ‪ ,‬ومن يبغى عداوتنا فهو الشقى‬
‫الذى نقول له ‪:‬‬
‫فما فاز فى االكوان اال مسالمى *** وما خاب اال من أراد عداوتى ‪5 /53‬‬
‫وأشارت اليه القصيدة (‪:)52‬‬
‫أسلموا الوجه تسلموا وتفوزوا *** قولتى قالها الخليل ابراهيم ‪52 /4‬‬
‫من رآنى لديه فـــــــاز بسرى *** كاظم علمه ونعم الكظيـــم ‪52 /50‬‬
‫‪02‬ـ نمد عبداً ضعيفا ً غير محتمــــل *** لهول فرط التجلى نبــع حكمتنا‬
‫‪00‬ـ وننظر القلب مكســـوراً فنجبره *** بخلعة المصطفى جدى جبيرتنا‬
‫‪05‬ـ ونحن أهل الصفا حزناه تكرمة *** وسرنا كامـــن فى طى صبغتنا‬
‫شارقُه *** يؤرق الح ً‬
‫ِب إن وافته طلعتنـــا‬ ‫‪04‬ـ ولم يغب طالعى مذ الح ِ‬
‫يتحدث سيدى فخر الدين رضى هللا عنه عن مريده العبد الضعيف مكسور القلب الذى استقى من‬
‫آياتنا عذب الحديث وطيب الكلم حتى صار من أرباب حظوتنا قائالً ‪:‬‬
‫أن أهل الحضرة يقومون بإمداد هذا العبد الضعيف الذى ال يقدر على تحمل تنزيل آياتها وذلك لهول‬
‫وشدة تجلى تنزيل تلك اآليات من موطن الحقائق نبع الهدى ومعينه ومن فيه فى الغيب ارتقائها‬
‫الذى هو نبع حكمتنا الذى يأتى ببطون الغيب ‪,‬‬

‫‪33‬‬
‫كما يقومون بالنظر لذلك القلب المكسور حيث تم جبره ‪ ,‬بخلعة جدى المصطفى للجمع إمام هذه‬
‫الحضرة والقائم عليها وهى فى األصل جبيرتنا التى نجبر بها كسر القلوب الحظية بمحبتنا وجاءت‬
‫االشارة لهذا العبد الضعيف فى التائية ‪:‬‬
‫ويمنح قدراً ال بجهد وهمـــــــــة *** ليصبح مأمول القلوب الحظية ‪5 /534‬‬
‫إذا هو نادى فالورى طوع أمره *** إن هو ناجـــى فاألنا لألنيـــــة ‪5 /534‬‬
‫وأيضا ً فى القصيدة (‪: )57‬‬
‫كل من يرضيــه قولى *** كان محبوبــا ً حظيا ً ‪57 /22‬‬
‫كل من يأتــى فقيــــراً *** عندنا ُيضحـى غنيا ً ‪57 /20‬‬
‫أيهـــا المسؤول عنى *** إن سرى فى ذويــا ‪57 /25‬‬
‫كان سرى فى بطون *** أودعت غيبا ً خفيـــا ً ‪57 /24‬‬
‫لذلك أهل الحضرة يقولون ‪:‬‬
‫أن سرنا كامن فى طى صبغتنا التى هى صبغة نور األسم الذى يذكر به كل من هو فى طى سروتنا‬
‫صفا حذناه تكريما ً‬
‫وهو نور اإلسم (هللا) ‪ ,‬الذى اتصف به أهل الصفة الكبار وها نحن أهل ال ُ‬
‫وتعظيما ً ‪,‬‬
‫ثم يقول موالنا الشيخ رضى هللا عنه ولم يغب طالعى مذ الح شارقه ‪ ,‬مشيراً للجمال الطالع من كنز‬
‫العمى ‪ ,‬نعم الظهور حيث أن طلوعه فى آخر الليل الذى ألبسناه يكون بداية سطوع نهاره مذ الح‬
‫شروقه معلنا ً مماعشة نهاره أى (طول النهار من المعيشة) مصداقا ً لقوله تعالى {وجعلنا الليل‬
‫لبسا ً وجعلنا النهار معاشا ً} آية ‪53‬و‪ 55‬من سورة النبأ ‪.‬‬
‫‪04‬ـ فلى جمال وموصول ولى رحم *** ُم َعا َين حاضِ ٌر يا أهــل ملتنا‬
‫‪07‬ـ ومن قديم لنــــــــا عز ومفخرةٌ *** وبين أحبابنا صحت روايتنا‬
‫ثم يخاطب الشيخ رضى هللا عنه أهل الطريقة خاصة قائالً (ياأهل ملتنا) إعلموا أن هذا العبد‬
‫الضعيف (المريد المقصود) أضفناه الينا إضافة تكريم حيث وصلناه بآسرار آياتنا فصار من أرباب‬
‫حظوتنا الذى أستقوا منها عذب الحديث وطيب الكلم فأمنوا بحقيقة نور النبى معلم القرآن الحقيقة‬
‫التى إنشقت منها األسرار وإنفلقت منها األنوار وإرتقت فيها الحقائق وتنزلت منها علوم آدم‬
‫فأعجز الخالئق ولها تضائلت الفهوم (فهى الالتعينية) ‪ ,‬أى غير مرئية للذوات ‪ .‬وعندما عاينها‬
‫سيدى ابراهيم الدسوقى أبو العينين صارت معاينة (حقيقة تعينية) ‪ ,‬فأصبح هذا المريد جميالً‬
‫لمعرفته بالجمال الطالع من العمى ولقربه منه ‪ ,‬فهو موصول بى ولى رحم أى من أوالدى رحمى‬

‫‪34‬‬
‫على وصلهم ‪ُ ,‬معا َينٌ ألهل البصائر أى يعرفه من شاهده بعيون قلبه بجوارنا وهو‬
‫ً‬ ‫الذى وجب‬
‫بحصن أمننا وتحت سقف حمانا ‪.‬‬
‫حظى بعز العزيز الغالب حيث صار فى عز ومفخرة ‪ ,‬للحوقه بنا‬
‫َ‬ ‫وإنه من قديم الزمان ‪ ,‬وليس اآلن‬
‫عندما جاءنا ثم وافانا منحتنا وفى ذلك يقول سيدى ابو العينين ‪:‬‬
‫نحن الذى سخر هللا الوجود لنا *** ومن لباس التقى والعز ألبسنا‬
‫من جاءنا ثم وافانـــــــــا محبتنا *** فنحن أوفى لمن وافى نوافيـه‬
‫ويقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫على باب عز هللا كنت مناديا ً *** فمن جاءنى فهو العزيز بعزتى ‪5 /559‬‬
‫أنا كنت واقف على باب عز هللا منادى قائالً كل من يأتينى يستبدل الحق تعالى صفاته فيصبح‬
‫العزيز الذى أعزه الحق بعزتى ألتصافه بنا ‪ ,‬فاذا ببعض المريدين ومن بينهم هذا العبد الضعيف‬
‫الى قاصدين حماى فاجعلهم تحت سقف حمايتى ‪ ,‬فأصبح ذلك مفخرة لهم ‪ ,‬وصحت تلك‬ ‫يأتون ً‬
‫الرواية بين أحبتنا الذى قلت عنهم ‪:‬‬
‫فأكشف لألحباب عن علمى الذى *** جواهره فى كل صدر كمينة ‪5 /554‬‬
‫فكانوا هم األحباب الذى آمنوا بقولى ‪:‬‬
‫رويت عن المحبوب ما قد رأيته *** وسر أبى العينين متن روايتى ‪5 /57‬‬
‫أال فخذوا عنى اآلحـــــاد معنعنا ً *** أصح روايات الحديث روايتى ‪5 /59‬‬
‫لذلك قلت وبين أحبابنا صحت روايتنا‬
‫‪09‬ـ لنا سمات وأوصاف أُعددُها *** أولو قصاص لدى إنكار نعمتنا‬
‫ثم قال سيدى فخر الدين نحن أهل الحضرة العليا لنا عالمات وسمات وأوصاف متعددة تفوق‬
‫الفهوم وتعجز عن كنهها وإدراكها القلوب كما تعجزعن رؤيتها االبصار بل والبصائر ‪ ,‬ونستطيع‬
‫أن نقتص من السفهاء والمنكرين لتلك القصائد العصماء نعمتنا التى هى من أجل وأعظم النعم التى‬
‫أفاض بها علينا الوهاب فهى من كمال عطائه ومن فيض وهب المنعم المتفضل ‪,‬‬
‫‪08‬ـ ألو سالم على قد إتصلــــوا *** ألو سخاء لمن يرجـــــو إغاثتنا‬
‫كما أننا أهل سالم أى أننا نسالم من يسالمنا وخاصة على من قد إتصلوا ولحقوا بركبنا عندما‬
‫علموا بوصيتى وجاءهم قولى فى القصيدة الوصية (‪:)4‬‬
‫إركب معى إن العزيمة مركبى *** تستوقف الغر الكرام الكاتبين‬
‫أولو سخاء أى أهل سخاء فى العطاء لكل من يستغيث بنا طالبا ً منا العون والمساعدة له للوصول‬
‫فيجدنى وصلته حيث قلت فى القصيدة الهمزية ‪:‬‬
‫‪35‬‬
‫ما من عبيد نحو دارى قد سعى *** يرجو عظيم مكارمى وسخائى ‪7 /0‬‬
‫إال تداركه المغيث بدعوتــــــى *** لو كان فى أرضى تغثه سمائى ‪7 /5‬‬
‫‪53‬ـ لنا جالل غدا باهلل واهبــــــــــــه *** ورحمة المصطفى نوراً لصحبتنا‬
‫‪55‬ـ نطوف بالرحمة األكوان أجمعها *** نلقـــــــن الوالدات بعض رحمتنا‬
‫بعد حديثه رضى هللا عنه عن الجمال الذى مد به ذلك العبد الضعيف من جماله الطالع من غيب‬
‫العمى يقول مثل ما لنا من جمال فان لنا جالل كذلك غدا باهلل واهبه (العلى الوهاب) وعلى قدر ما‬
‫لنا من جالل نكسوا به أوالدنا المضافين لنا تكريما ً لهم آتى الينا من المنزلة األحمدية التى نورها‬
‫منشى حقيقتنا ‪ ,‬فلنا من هذه المنزلة األحمدية رحمة بوصفه رب رحيم ‪:‬‬
‫هو رحمة واألمهات به إقتدت *** رب رحيم ربه سمـــــاه ‪58 /52‬‬
‫وان المصطفى جدى وحـــدى *** رحيم فوق كل االمهات ‪08 /08‬‬
‫فهذه الرحمة نوراً يكسونا منيراً لنا الطريق حال السير بصحبتنا ‪.‬‬
‫وبهذه الرحمة الرحيمية االمتنانية البحتة الممنوحة لنا منه رضى هللا عنه نطوف بها األكوان‬
‫لتلقينهم بعضا ً من رحمتنا هذه ‪.‬‬
‫‪52‬ـ فإن نصحنا فوجه هللا مأملنا *** وقد حبينا بهــــا برءاً لساحتنا‬
‫جـل ٌ *** فذى عطاياهُ وفت فوق حاجتنا‬
‫‪50‬ـ ويغفر هللا ذنبى إننى َو ِ‬
‫وهذه الرحمة التى ورثناها من ذلك الرب الرحيم (أب الرحمة) واألمهات التى استمدت الرحمة من‬
‫ذلك الرب الرحيم الذى ربه سماه (تسمية) ‪ ,‬فهو سيدى كمال الدين (ابراهيم) االب الرحيم‬
‫ووصفة ‪ ,‬فصارت الرحمة له إسما ً وصفة ‪ ,‬وفاق بهذه الرحمة رحمة االمهات وصار من حظى‬
‫ورزقى أن يكون المصطفى للجمع هو جدى وحدى ‪ ,‬وورثناها عنه بعضا ً وجملة ‪ ,‬فان نصحنا‬
‫فتكون نصيحتنا لوجه هللا مأمول الجناب ومنها قولى ‪:‬‬
‫نصحت لوجه هللا أبغى رضاءه *** وحب ذوى القربى وبرأت ذمتى ‪5 /28‬‬
‫لذك مريدى كن الى هللا قاصداً *** نصحتك فانهل شاكراً بنصيحتى ‪5 /098‬‬
‫ومن يعمل بنصحى فى أمـــان *** ومن يعدل فانـــــــــى قد أُجرت ‪55 /2‬‬
‫وعن الذى فاز بنصحى قلت ‪:‬‬
‫ياسعد لقنهم حالوة طاعة *** كم كل فيها النصح واالرشاد ‪54 /23‬‬
‫وقبلها أنشأت كتابا ً أسميته {تبرئة الذمة فى نصح األمة}‬
‫وهذه الرحمة التى حبينا بها وتربينا عليها كان لنا منها الحظ األوفر فقد حبيناها برءاً أى تبرئة‬
‫لذمتنا ‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫فيا أيها األحباب المنشغلين بالذكر عبر األزمان نذكركم بقول الحق تعالى {إنما المؤمنون الذين اذا‬
‫ذكر هللا وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ً وعلى ربهم يتوكلون} اآلية (‪ )2‬االنفال‬
‫‪.‬‬
‫سائالً الحق جل وعال أن يغفر لى ذنبى حيث أننى وجل القلب ‪ ,‬وأن يغفر لكم ذنوبكم بتالوتكم‬
‫وترتيلكم ألبيات القصائد التى مأخوذة من آيات القرآن الكريم فهى عطاياه رضى هللا عنه والتى من‬
‫أجله أمليتها بعد رجائه فكان فى الوفاء لكل احتياجاتنا ‪.‬‬
‫‪ 29‬أكتوبر ‪5895‬م‬ ‫األحد ‪ 0‬صفر ‪5534‬هـ‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪55‬ـ يا آل عهدى لديكـــم قولنا حكم *** فال تكونوا كمن يستقبح الحسنـا‬
‫مبحث حول العهد وغير العهد‪:‬‬
‫العهد ‪ :‬الزمن ـ أهل الطريقة الذين هم يسيرون على أمرى (أمر هللا)‬
‫وأمرى بأمر هللا إن قل كن يكن ـ وباطن أمرى فى غيوب خفية ‪.‬‬
‫حول المعاهد ـ المعاند ‪:‬‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫يعاهدنى المثبوت فى اللوح مسعد *** يعاندنى األشقى ولـو باالشارة ‪5 /53‬‬
‫لوائى معقود وعهــــــــدى موثق *** ويستلم االركان من زار كعبتى ‪5 /54‬‬
‫أى أن الذى يأخذ العهد على يدى هو فى األصل مسعد فى الدارين (دنيا وآخرة) والشقى بل األشد‬
‫شقاوة هو من يعاندنى ولو باالشارة التى تليها العبارة ‪.‬‬
‫لوائى هو لواء الحق مربوط بالحق ال ينفك مقترنا ً ومن عالماته وسماته الذكر الذى هو بالعلم‬
‫مقترنا ً ‪ ,‬وعهدى بهذا اللواء قديم بقدم الزمان موثق العقال ومن العجيب أنه يظهر من خالل كلمة‬
‫مكونه من حرف األلف والالم ‪ ,‬الالم التى التفت حوله صيرت عجبا ً ‪ ,‬فهذا األلف الذى منه أنا وأنا‬
‫به المستعان المنجدا ‪ ,‬فمن جانى زائراً كمن زار مقام األلف المشار اليه بنور النبى أول الخلق فى‬
‫إطالقه ألفا ً الذى هو كعبة قصادى وبيت العقائد كما أنه بيت رسول هللا خير الشواهد ‪.‬‬
‫إنمــــــــا تعمر العناكب داراً *** بات أهلها على غير عهدى ‪0 /54‬‬
‫أما من باتوا على غير عهدى فهم أرباب القلوب أى الدور الخاوية التى تعمرها العناكب فتكون‬
‫محل للشيطان والس َوى ‪.‬‬
‫بنى عهدى ـ أبناء عهدى ـ آل عهدى ‪:‬‬
‫‪37‬‬
‫ال يشغلنى بعض شأن عن بنى *** عهدى وال عن صفوة األبناء ‪4 /20‬‬
‫أى أن بنى عهدى نصب عينى وال يشغلنى عنهم أى شأن كما ال يشغلنى بعض شأن عن صفوة‬
‫األبناء ‪.‬‬
‫طريد عهدى ‪:‬‬
‫وطريد عهدى بعد عز *** فهو غر قد صبا ‪55 /27‬‬
‫أما طريد عهدى الذى خرج من تحت عباءتى ولم يستظل بظلى فهو كالذى استهوته الشياطين‬
‫وغرته الحياة الدنيا وركب رأسه فصبا ‪.‬‬
‫أبناء عهدى غير آل عهدى ‪ :‬أبناء عهدى صفوة األبناء أوالدى المضافين بالنسبة‬
‫آل عهدى ‪ :‬كل من آل الى الطريقة وأخذ العهد وسار على نهجى فهم اآلل الذين آلوا للطريقة‬
‫أبناء عهدى بمصر الخير أنكم *** قد اصطفيتم بارفادى وتلقينى ‪07 /0‬‬
‫فالى كتاب تأخـــــذون بقــــوة *** أبنـاء عهدى والخالف يهون ‪47 /24‬‬
‫فال حجر على أبنــــاء عهـدى *** وال لـــوم لباغـــى اإلكتساب ‪75 /4‬‬
‫يساق الى الهجا أبنــاء عهـدى *** بأهـــــواء من المتسكعيـــــن ‪74 /5‬‬
‫ويظلم بعضهم أبنــــاء عهـدى *** وانى ناصر من ُي ْظلَمــــــون ‪78 /8‬‬
‫فيا أبنـــــــاء عهدى إن سألتـم *** سلونى ليتكم لو تسألــــــــون ‪78 /53‬‬
‫ان أمنتـــــــم فى جنابــــــــــى *** آل عهـــــــدى فاطمئنـــــــوا ‪59 /4‬‬
‫فى حجب أنوار الفرائد غصة *** يا آل عهدى لست أنهر سائلى ‪09 /5‬‬
‫فكـــم يا آل عهدى من عصى *** ومغبــــــون ولكنـــــى حلمت ‪55 /24‬‬
‫حرام آل عهدى إن قسوتـــــم *** حرام تلك روح حكمتنــــــــــا ‪44 /20‬‬
‫أردفتها ‪ :‬كلماتنا نهدى بهــــا *** يا آل عهدى ال تضلوا بعدهــا ‪79 /54‬‬
‫ففى البيت (‪ )55‬يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫يقول يا آل عهدى أى يا من آلوا الى الطريقة البرهانية (فى زمنى الذى هو زمن ابو العينين) لديكم‬
‫قولنا الذى قدمناه لكم فى صورة نصيحة لوجة هللا مأملنا ‪ ,‬وهذا هو قولنا الذى حبينا به فلم نبخل‬
‫عليكم بكل شىء خصنا ورثن اه عن المحبوب ومنه رحمة مافى الكون وهى من عطاياه التى وفت‬
‫حاجتنا فاجعلوه هو الحكم الذى بيننا وبينكم وال تكونوا كمن يستقبح كل ما هو حسن ‪,‬فكل شىء‬
‫حسن هو من عطاء المحسنين الذى أشارت اليه القصيدة (‪:)5‬‬
‫‪38‬‬
‫تاهلل مـا نضب المعـــيـ *** ن وال معينــى ينضب ‪5 /5‬‬
‫فأنا على مــر الســـنيـ *** ن لكل قوم مشـــــرب ‪5 /2‬‬
‫نورى من النور المبيـ *** ن ونور جدى األغلب ‪5 /0‬‬
‫لو كان من علم اليقيـــ *** ن فكــــل علــــم يغلب ‪5 /5‬‬
‫أو كان من عين اليقيــ *** ن فكـــــل عين تحجب ‪5 /4‬‬
‫إذ كان من حق اليقيـــ *** ن فما أجــــــل المأرب ‪5 /4‬‬
‫هو ذا عطاء المحسنيـ *** ن وذا العطــاء األقرب ‪5 /7‬‬

‫‪54‬ـ فال تمدوا الينــا كأس غفلتكـــم *** فأيمـــــا غافل ال يوقظ الوسنـــا‬
‫غافل ‪ :‬الميت (مثل الذاكر والغافل كالحى والميت)‬
‫الوسنا ‪ :‬ثقل النوم ‪.‬‬
‫كما يقول لهم أيضا ً فى هذا البيت ‪:‬‬
‫طالما أنى على مر السنين الساقى لكل قوم من معينى الذى ال ينضب وهو العطاء الكامل من علم‬
‫جدى (كمال الدين) العلم الذى يفوق كل العلوم فهو يقينا ً يغلب كل علم ‪ ,‬عين يقين تحجب كل عين‬
‫‪ ,‬وحق يقين من أجل وأعظم المآرب حيث أنه العطاء األقرب ألهل مراتب األحسان الكمال ‪ ,‬فال‬
‫تمدوا الينا كأس غفلتكم الذى به تشربون ‪ ,‬فأيما غافل (فهو ميت) ال يوقظ الوسنا وهو الذى يغط‬
‫فى النوم الثقيل فال يستطيع أن يفوق منه ‪.‬‬
‫‪54‬ـ وأيمـــا ظالم ال ُي ْر َتضى َح َكما ً *** و َي ْر َتضى الح ُ‬
‫ِب منهاجا ً شريعتنا‬
‫ظالم ‪ :‬من الظالم مثل ظلمة الليل األشد سواد ‪ ,‬الظالم الذى ال يميل الى العدل‬
‫ويعطف سيدى فخر الدين رضى هللا عنه قوله وأيما ظالم على وأيما غافل حيث يقول أن كل من‬
‫لدية قضية أو مشكلة ال يقبل أن يعرضها على ظالم حيث أن الظالم ال يعطى كل ذى حق حقة ألنه ال‬
‫يسلك الطرق الشرعية واألسس التى يقام عليها العدل وهذه من صفات الحق تعالى ‪ ,‬لكن الحب هو‬
‫الذى يتحلى بصفة العدل فيجتنب الظلم والتظالم ويتخذ شريعتنا منهاجا ً له يسير عليها لذا فالحب‬
‫هو الذى يرتضى حكما ً وليس الظالم ال يعرف العدل مسلكا ً ‪.‬‬
‫‪57‬ـ فيا بنى إذهبوا فتحسسوا رشداً *** ألمركـم فى رحاب السبط عدتنا‬
‫ثم يتبع قوله بتوجيه أبنائه الذين لهم مظلمة قائالً ‪ :‬فيا َب ً‬
‫نى إذهبوا فتحسسوا رشداً ألمركم ‪ ,‬مثل‬
‫قولة سيدنا يعقوب عليه السالم حينما طلب البحث عن سيدنا يوسف عليه السالم ‪ ,‬أى انكم ال‬
‫‪39‬‬
‫تستطيعون أن تحصلوا على إجابة طلباتكم إال فى رحاب السبط ‪ ,‬حيث أن هذا المقام هو الذى‬
‫يشتمل على عدتنا ‪ ,‬فهو موطن اإلجابات فتنال فيه المطالب وتلبى فيه الحاجات ‪.‬‬
‫فهذا السبط الذى عدتنا فى رحابه هو موالنا الشيخ محمد ابراهيم الذى بيده حل جميع األمور ‪.‬‬
‫‪59‬ـ فليتكم تعلموا أنا له خدم *** وقد حبينا أخوتنا بخدمتنا‬
‫وهنا موالنا الشيخ رضى هللا عنه يحدث أبناؤه من أصحاب المظالم ليطمئنهم على حالهم قائالً لهم‬
‫‪:‬‬
‫فليتكم تعرفوا جيداً وتعوا ما أقول (أ ًنـا له خدم) مجيبين كل طلباته من أجلكم فهو ولدى وحفيدى‬
‫ورفيقى فى المحفل األعلى فى الحضرتين ‪ ,‬ومعنى (وقد حبينا أخوتنا) حصلنا على هذه األخوة‬
‫التى جاءت من الحديث واآلية من سورة الحجرات (إنما المؤمنون أخوة) بخدمتنا لكم ومن أجلكم‬
‫وصدق ذاك قولى فى البيت (‪ )9‬من نفس القصيدة ‪:‬‬
‫فإنما نحن إخوان بال جدل *** أب لنا واحد أصل ألمتنا‬
‫‪58‬ـ فكلنا واحد فى واحديته *** وإنما فرق التوحيد رتبتنا‬
‫وأعقب قوله عن األخوة حيث قال نحن اخوان بال جدل ‪ ,‬بقوله ‪:‬‬
‫فكلنا أى اإلخوان أهل الحضرتين من األولياء األحدية والواحدية التى تنزلت من واحديته ‪ ,‬وهى‬
‫تنزل واحديتنا من واحدية هذا األب الواحد الذى تنزلت منه الكثرة ‪ ,‬وانما حالنا هو اإلقرار‬
‫بالتوحيد الذى فرق رتبتنا ‪,‬‬
‫‪43‬ـ بنى فروا الى هللا الذى ملئت *** خزائن الجود من إرفاده مننا‬
‫ثم يأمر سيدى فخر الدين رضى هللا عنه هؤالء األبناء باالستنفار فروا الى هللا أى سيروا الى هللا‬
‫وال تلتفتوا للغير ففى االسراع بالسير الى هللا تنالون الخير الكثير الذى خزائن جوده سبحانه‬
‫وتعالى ملئت من عطاياه ومن ارفاده مداً ‪ ,‬فهو الذى بمنه وكرمه رزقنا منه إرفاداً ومداً ‪.‬‬
‫‪45‬ـ بنى كفوا فما كفران نعمتنا *** يفيدكم والتآخى شكر نعمتنا‬
‫ثم يتحدث الى أبنائه من آل عهده الذين يستقبحون الحسنا ‪ ,‬قائالً لهم بنى كفوا عمن تفعلوه من‬
‫إنكار وكفران الحقيقة التى من أجلها جاءت (القصائد) وهى نعمتنا التى كفرانكم لها ال يفيدكم‬
‫والتفوا حولها وحاولوا تحصيل فوائدها ذات الخير الوفير ‪ ,‬وكونوا عباد هللا أخوانا ً ‪ ,‬وبالتآخى‬
‫شكر نعمتنا ‪.‬‬
‫‪42‬ـ وال تكونوا كمن يشكــوا بال ألم *** وال تكونوا كمـن يستمطر المحنا‬
‫‪40‬ـ وال كمن جاءه القــــرآن يرفعه *** فينثنى الهثـــا ً يسترحم الوثنــــــا‬
‫طيبة *** فغض عنها وأضحى يطلب النتنا‬ ‫ً‬ ‫‪45‬ـ وال كمن ُخص باألرزاق‬

‫‪40‬‬
‫ثم يبين موالنا الشيخ أهميه وفوائد علوم القصائد حيث يقول لكل من يتركها ويبتعد عنها بل‬
‫وينكرها ‪:‬‬
‫وال تكونوا مثل من يشكوا طول الوقت بدون ألم (كثير الشكوى) وال تكونوا مثل من يتعجل‬
‫المصائب والمحنا ‪.‬‬
‫وال مثل من كان كافراً قبل االسالم وجاءه االسالم بالقرآن الذى فيه الرفعة والفالح فى الدارين فال‬
‫يستجيب للقرآن وال تعليمات القرآن فينثنى عن طريق الحق ويذهب الى طريق الشيطان الذى‬
‫يدعوه لعبادة األوثان ‪.‬‬
‫وال مثل من أتى الحق تعالى اليه بالطيب من الرزق فيتركه ويغض بصره عنه ويسعى فى طلب‬
‫الرزق الخبيث النتنا ‪.‬‬
‫‪44‬ـ فلى علــــوم نضيد طلعهــا كرمـــا ً *** وحدهــــــا ال ُيناهى فى عبودتنــــا‬
‫‪44‬ـ وإنهــــا عندكـم فيكـــــــم معتقـــة *** فإن نضحنا بهـــا كونــوا سريرتنا‬
‫‪47‬ـ وراح سرى ُتريح القلب من عنت *** ويستقيها كـــــــــــرام فى ضيافتنا‬
‫‪49‬ـ فإن رأينا فال زيــغ لذى بصــــــر *** فأعين الحس قد ضاهت بصيرتنـا‬
‫‪48‬ـ وإن رأينـــــا روينـــــا ما نشاهده *** لنـــــا مقــــام به تمت درايتنـــــــا‬
‫وفى هذه األبيات يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه آلل عهده ‪:‬‬
‫فلى علوم نضيد طلعها كرما ً أى أننى أمتلك علوم خاصة بى ‪:‬‬
‫أنبيت فيها عن مكامن خصتى *** ترمى سديدات وطاش رماتى ‪24 /4‬‬
‫لكن هن مخصوصات علمــى *** وذو االحسان يرجوهن جاهـا ‪28 /4‬‬
‫ومن تدانى معانيها أخصكـــم *** شتان ما بين ذاكرها وناسينى ‪07 /24‬‬
‫اى هذه علوم أنبيت فيه عن أسرار كامنة تخصنى جاءتنى وحدى دون غيرى ‪ ,‬حيث أنها‬
‫مخصوصات علمى التى يتطلع اليها أهل االحسان ‪ ,‬من تدانى معانيها العالية التى جئتكم بها بصفة‬
‫خاصة شتان بين من يذكرها ويذاكرها ويتدارسها ومن ينسى كالمى هذا ‪ ,‬فهى ذات الطلع النضيد‬
‫الذى هو رزق للعباد (فهى تمثل شجرة التمرالتى تأتى بالثمار الجيدة رزقا ً لكم) وهذا تكرما ً من‬
‫الكريم المنعم المتفضل ‪ ,‬وحيث أن القرآن الكريم جدها من أب لها ‪,‬له ظهر وبطن وحد و ُمطلع ‪,‬‬
‫فان حدها ال يضاهى فى عبودتنا أى أن السر الكامن فى حدها ال يصل اليه من هم فى عبودتنا ‪,‬‬
‫حيث أنها تظهر فى حقيقة ميم الرحمن التى يقول عنها سيدى ابو العينين ودائرة الرحمن كنت‬
‫أميرها فهى من نوافح الجود التى انفرد بها حيث جاء قوله عنها ‪:‬‬
‫الى أتت‬
‫نوافح الجود فى العليا لى انفردت *** من عالم الغيب فى ســـــر ً‬

‫‪41‬‬
‫أقول ال فخر أسرارى بدت فعلت *** أنا الدسوقى بروقى فى السما لمعت‬
‫وصنجكى فى العال من ذا يضاهيه‬
‫ثم يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه لصفوة األبناء أن هذه العلوم عندكم فى أرضكم اآلن وهى‬
‫فيكم معتقة من قديم االزل مطبوعة على قلوبكم مثل القرآن والمطلوب جالء قلوبكم من الران الذى‬
‫يغطيها ‪ ,‬فان نضحنا بها أى رفعنا الران من عليها لنكشف لكم عن معانيها فكونوا عباد هللا أهالً‬
‫ألسرارنا وقد أشرت الى ذلك بقولى ‪:‬‬
‫يجنى األحبة سرها وسرورها *** وبطائن االســــــــــرار متكآتى ‪24 /2‬‬
‫ولى من سرهــا كشف الخبايا *** ودون الكل قد وضع الخمـــــار ‪05 /58‬‬
‫الهداة الصادقون أولوا خفــــاء *** أودعوا االسرار لم يدعوا نقيراً ‪40 /2‬‬
‫ثم يقول راح سرى أى رائحة سرى المختومة بالمسك تريح القلب الذى يفوز به من التعب والعنت‬
‫والمشقة ‪ ,‬وشرابها العذب يستقيه كرام مكرمون باستقبالهم فى ضيافتنا لهم ‪ ,‬أشارت اليهم‬
‫القصيدة(‪:)24‬‬
‫من يجرع الخمر المعتق سرها *** حتى الثمالة مـا عليه جناح ‪24 /4‬‬
‫طوبى لعبد يستقى من راحهــا *** طيب الوصال فطيبها فواح ‪24 /4‬‬
‫فإن رأينا فال زيغ لذى بصر أى حال مشاهدتنا فاالبصار تكون ثابتة شاخصة ‪ ,‬حيث انها الى ربها‬
‫ناظرة ‪ ,‬وقوله رضى هللا عنه (فأعين الحس قد ضاهت بصيرتنا) أى من أنيرت بصيرتهم على‬
‫أيدينا وكشفنا عن أعينهم الغطاء ‪ ,‬فقد ضاهت أعين الحس التى انكشف لها الغيب ‪.‬‬
‫وإن رأينا شيئا ً من الحقائق التى نشاهدها فقد رويناها ‪ ,‬لنا مقام به تمت درايتنا أى أن المقام الذى‬
‫نزلناه وأصبحنا على دراية كاملة به هو مقام االصطفاء وكل ما فيه خفى ال يرى ‪.‬‬
‫‪43‬ـ فكلنـــــــــــا وارث من جده سمة *** ونحن أهل العــــــال تمت وراثتنا‬
‫‪45‬ـ وراثة البعض إن قلت فقد كثرت *** ونحن أبعاض بعض الفرد ُجملتنا‬
‫وي قول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أننا متواجدون فى مقام تمت به دراينا ‪ ,‬وهو مقام‬
‫اإلصطفاء كل من فيه يأتى إصطفائهم من السيد البرهانى سيدى وموالى كمال الدين عطاء هللا من‬
‫عليائه وهذا المقام وضحتة وأشارت اليه القصيدة (‪:)40‬‬
‫هذا مقـــام االختيار *** بدت عليه مآثرى‬
‫هذا مقــام االنفطار *** وإن منه مفاخرى‬
‫فيه التحير والخيار *** وفيه رشد القاصر‬
‫‪42‬‬
‫هذا مقـــــام لم يرد *** أحد عليه بخاطـر‬
‫هذا مقـام االنشقاق *** لدى فطور الفاطر‬
‫هذا مقــــام ورثناه *** كابراً عن كابــــر‬
‫فهو المقصود بقولى ‪:‬‬
‫وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا‬
‫فهو جدنا وكلنا وارث منه سمة ‪ ,‬من أجل ذلك يقول رضى هللا عنه نحن أهل العال تمت وراثتنا‬
‫لمقامه العالى ‪.‬‬
‫ووراثة البعض فى حد ذاتها عظيمة وإن بدت فى الظاهر قليلة فقد كثرت ‪ ,‬ونحن أبعاض من الفرد‬
‫وبعض الفرد فى حد ذاتها جملتنا بصفة الفرد جامع لألبعاض ‪.‬‬
‫‪42‬ـ فال علينـــــــا جناح فى معيتــــه *** وال عليكم جنــــــاح فى معيتنا‬
‫فال يوجد ما يمنع من الدخول فى معيته رضى هللا عنه ‪ ,‬وأنتم كذلك ال يوجد ما يمنع دخولكم فى‬
‫معيتنا ‪.‬‬
‫ح ْك َمتنا‬ ‫ح َك ٌم *** ليرتوى ِ‬
‫ح ُبنـا من كأس ِ‬ ‫‪40‬ـ وليس من بعد ما جئنا بــــه ِ‬
‫وليس من بعد ما جئنا به من علوم ديوان شراب الوصل توجد حكم وأسرار باطنية أكثر منه ‪ ,‬فقد‬
‫جئناكم بهذا الشراب العذب حتى يشرب ويرتوى منه حبنا من كأس حكمتنا التى ال يضاهيها حكم ‪.‬‬
‫‪45‬ـ يعيش فى نعمة االرفـــاد مبتهجا ً *** يكابد الســــــر مأمونا ً ومؤتمنا ً‬
‫فكل من تقدم له هذا الشراب وذاق حالوته فيعيش فى نعمة االرفاد واالمداد مسروراً ومبتهجا ً ‪,‬‬
‫فيجتهد ويكابد للحصول على أسرار المعانى إلستخراج السر المراد منها ويقول عنه شيخه فى‬
‫التائية ‪:‬‬
‫ومكابد مضنى يؤرقه الجوى *** لما رنا المعنى رآه بمقلتى ‪5 /039‬‬
‫وبذلك فقد يؤتمن على المعنى الذى رأه بمقلتى ويعيش مأمونا والسر نظرتى ‪.‬‬
‫‪44‬ـ وال يالم الذى ما ذاق إن عثرت *** به الركائب فى يسرى طريقتنا‬
‫كما ال يالم الذى ما ذاق طعم شرابنا ‪ ,‬أى ما الشىء الذى يالم عليه الذى لم يذق طعم شرابنا ‪ ,‬ان‬
‫عثرت به الركائب بأنواعها فى يسرى طريقتنا ‪ ,‬حيث أن شرابنا عذب سلسبيل مذاقة ‪ ,‬وهو من‬
‫سر خمر به االرواح تسموا ‪ ,‬فال يالم أيضا ً ألنه لم يذق من ينبوع فضلى ولو شربة تجعله يوقى‬
‫النفاق وما له تقتير ‪ ,‬وألن شرابنا له مذاق لو يرى الناس بعض بعضه ‪ ,‬اذ سقى ساقيه كأسه‬
‫نديما ً نديما ‪ ,‬لتواصوا بما حواه نجاة ‪ ,‬قوة حولها العلى العظيم ‪ ,‬وخاصة أنه من شراب الكمل ‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫‪28‬ديسمبر‪5895‬م‬ ‫السبت ‪4‬ربيع ثانى ‪5534‬هـ‬
‫‪------------------------------------------------------------------------------------- --‬‬
‫‪44‬ـ فما على حبنا جرم إذا بدرت *** عليه بادرة األشواق فهى غنى‬
‫‪47‬ـ فيا هنيئا ً لعبد فيه قد رقصت *** وغردت روحه فخــــراً بمنحتنا‬
‫ثم جاء الشيخ رضى هللا عنه بعد ‪ 24‬يوما ً بقوله ‪:‬‬
‫فما على حبنا جرم إذا بدرت *** عليه بادرة األشواق فهى غنى‬
‫أى بعد قوله ال يالم الذى ما ذاق طعما ً لشراب طريقتنا (البرهانية الدسوقية الشاذلية) إن تعثر فى‬
‫السير بصحبتنا ‪ ,‬كما أن حبنا ذاق شرابنا وتغذى عليه فال يالم إذا الحت عليه باردة شوق ومحبة‬
‫للطريقة وأهلها ‪ ,‬وال يعد ذلك فى حقة جرما ً حتى إذا رقصت روحه وغردت فخراً بمنحتنا التى‬
‫نالها ‪ ,‬فيا هنيئا ً لهذا العبد ألنه حظى بعلومنا ذات الطلع النضيد وحدها الذى ال يضاهى فى عبودتنا‬
‫تكريما ً منا له ‪ ,‬حيث أنه وجد فيها الغنى الذى أغناه عما سوى هللا ‪.‬‬
‫‪49‬ـ لنفخة فى فؤاد الحب تجعلــــه *** أمين علـــــــــم لدنى بنفختنا‬
‫‪48‬ـ له الشفاعة موصول بنا كرما ً *** وهذه خصة الراعى طريقتنا‬
‫ثم يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه بصيغة الجزم ‪:‬‬
‫أن لدية نفخة تأتى بالخير كله ‪:‬‬
‫بعد قوله فى التائية ‪:‬‬
‫ورثت عن المحبوب بعضا ً وجملـة *** وأستعذب البلوى وصبرى مطيتى ‪5 /04‬‬
‫وأنفخ فى روع المريـــــد فينتقى *** جواهــــــر علــــــم األولين بنفختى ‪5 /04‬‬
‫يصدق بالكلمات أهـــــــل محبتـى *** فأنفخ فيهـم من علـــــــــوم زكيــــة ‪5 /554‬‬
‫وباطل موسى السامرى بنفخـــــة *** يصير هبــــــاءاً كى تسير مسيرتى ‪5 /232‬‬
‫وكل نــور لنــــا من نـــوره قبس *** وإنهــــــا نفخة من فيه مــــا فينــــا ‪29 /27‬‬
‫هو يـــــــوم آخـــــر مـــن نفختى *** الت حين البأس من أيــــــــام أخـر ‪50 /55‬‬
‫بعد وراثتى الكلية لألشياء من المحبوب (جدى المصطفى للجمع) ‪:‬‬
‫صارت لى نفخة اذا نفختها فى روع المريد يصير عالما ً لديه علم األولين بسر هذه النفخة ‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫أهل محبتى هم الذين يصدقون بالكلمات (كلمات ما يتلى) من علوم القصائد عندما أنفخ فيهم من‬
‫علوم زكية ‪.‬‬
‫ولكى تسير مسيرتى (تأخذ البرهانية مسيرتها عبر الزمان) فأى سحر ولو كان سحر السامرى‬
‫الذى احدث للعجل خواراً بهت عيون الناظرين فان نفختى تصيره هباءاً تمهيداً لسير تلك المسيرة‪.‬‬
‫وكل نور من نور جدى المصطفى قبس ‪ ,‬حيث أن جميع ما فينا من أنوار فهى نفخة من فيه ‪.‬‬
‫ثم يقول وهناك يوم آخر من نفختى مدخر ‪ ,‬وال سيما حين البأس لدينا آيام أخر نصنع فيها‬
‫المعجزات ‪.‬‬
‫ثم يجزم موالنا الشيخ بقوله لنفخة فى فؤاد الحب أى فى (عمق قلبه) تجعلة مؤتمن على تلقينا له‬
‫العلوم الالدنية والسر نفختنا ‪.‬‬
‫وللشيخ شفاعة قال عنها فى التائية ‪:‬‬
‫وأشفع فى أهل الزمان وإن بدت *** شقاوتهم اال بحق الطريقة ‪5 /07‬‬
‫بعد قوله وانفخ فى روع المريد قال وأشفع فى أهل الزمان جميعهم حتى وإن بدت وظهرت‬
‫شقاوتهم وعمت المعمورة إال بحق الطريقة‪ ,‬وبناءاً على ذلك يصير حبنا فى معيتنا ويحق له‬
‫الشفاعة ‪ ,‬فيصبح من أصحاب الشفاعة تكريما ً منا له ‪ ,‬والسر وصلتى ‪ ,‬وهى خصتى حيث أنى‬
‫راعى الطريقة والمسؤول عن القاصى والدانى فيها ‪ ,‬وهذا معنى خصه الراعى طريقتنا ‪.‬‬
‫‪73‬ـ بنظرة فى فؤاد الحب تحملــه *** يد العنايــــة معراجا ً لساحتنا‬
‫‪75‬ـ فيرتقى بل يرقى بل تحيط به *** مالئك الحفظ مأمونا ً لواحتنـا‬
‫كما أن للشيخ نظرة أتى القول عنها فى التائية ‪:‬‬
‫وأنظر فى قلب المريد فيرتقى *** معارج أهل هللا والسر نظرتى ‪5 /08‬‬
‫بعد قوله واسمع صوتى للمريد فيهتدى الى باب عز هللا بعد شقوة يقول رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫وأنظر فى قلبه ‪ ,‬أطهره وأزكيه ‪ ,‬وأرفعه بالذكر ليشهد ربوع ربانا ‪ ,‬وفى هذه الحالة يرتقى‬
‫ويصعد معارج أهل هللا ‪ ,‬والسر نظرتى فى قلبه ‪ ,‬أى فى فؤاده (أعماق قلبه) ‪ ,‬فتحملة يد العناية‬
‫(مشايخ التربية فى الحضرة) معراجا ً لساحتنا ‪ ,‬وهى ساحة الحضرة التى تسع الجمع ‪ ,‬فيرتقى بل‬
‫يرقى بل تحيط به مالئك الحفظ ‪ ,‬التى أشارت اليها اآلية (‪ )02‬سورة ق (هذا ما توعدون لكل أواب‬
‫حفيظ) التى توضح عملية التأمين أثناء السير حتى ال يضل السائر فى طرائق الشيطان ‪ ,‬ويصل‬
‫مأمونا لواحتنا ‪ ,‬المكان الكبير الذى يسع جمع الجمع ‪.‬‬
‫‪72‬ـ معارج القرب فى العلياء تعدلها *** لميعة من سماء النور لمعتنا‬

‫‪45‬‬
‫‪70‬ـ محبنا آمـــــــن الداريـن منتصر *** محبنا وادع فى كهف جنتنــا‬
‫ثم يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه معارج القرب فى العلياء(الحضرة العليا) وهى وسائل‬
‫التنقل فى مرتبة (قاب قوسين ـ أو أدنى) فإن الذى يعدلها أو (يضاهيها) لميعة تصغير لمعة من‬
‫سماء النور (شمس سماء االسرار) مشكاة النور التى زيتها سيد األكوان أحمد من حمد ‪( ,‬لمعتنا)‬
‫وهى الشجرة المباركة المشار اليها باآلية (‪ )04‬سورة النور {هللا نور السموات واألرض مثل‬
‫نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح فى زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة‬
‫زيتونة ال شرقية وال غربية يكاد زيتها يضىء ولو لم تمسسه نار نور على نور} وهى من ضمن‬
‫األشياء التى اختصنى بها الحق تعالى حيث قلت‪:‬‬
‫اليك مريدى ما به هللا خصنى *** بنور ورضوان وتأييد دولتى ‪5 /578‬‬
‫لذا أقول أن محبنا آمن الدارين (الدنيا واآلخرة) منتصر ‪ ,‬أى أن النصر يحالفه فى كل المواطن ‪,‬‬
‫وهو محفوظ بحفظنا له ووادع فى كهف جنتنا ‪ ,‬أى فى حالة تأمين كاملة ‪.‬‬
‫‪75‬ـ فيا نبى الهدى هلل نسألكــــــــــم *** وقاية الحب إذ أنتــــم وقايتنا‬
‫فبعد أن أوضح لنا حالة المحب بقوله محبنا آمن الدارين ‪ ,‬إذ به يناجى (نبى الهداية) الهادى الى‬
‫صراط هللا المستقيم ‪ ,‬حيث قال سيدى فخر الدين رضى هللا عنه (فيا نبى الهدى) هلل نسألكم واقية‬
‫الحب ‪ ,‬وقاية حبنا من كل مكروه ومن كل شر ‪ ,‬ومن كل أذى (إذ أنتم وقايتنا) أى جواركم فيه‬
‫الحماية والوقاية ‪.‬‬
‫‪74‬ـ ويا أمانا ً ألهل الدين أجمعهم *** ويا مجيراً فال يرضى إهانتنــا‬
‫ويا أمانا ً ألهل الدين جميعهم ‪ ,‬فال أمان بغيرحصنك ‪ ,‬وحصن أمان من جميع البوائق‬
‫وأمان بغير حصنك وهـــم *** وهدى غير ما تقول ضالل ‪59 /0‬‬
‫فاذا لم يكن بحصنك أمنى *** فالى من تــــرى يبث سؤال ‪59 /5‬‬
‫ويا مجيراً فال يرضى إهانتنا ‪,‬‬
‫وأجرنـــــا فان نورك فينا *** هو ذا الحسن أنت فيه مثــال ‪59 /9‬‬
‫أى أنت المجير الذى ال يرضى لنا االهانة ‪ ,‬والتحصن بغير حصنه وهم ‪ ,‬وقوله هداية ورشاد وقول‬
‫الغى الضالل ‪.‬‬
‫غيره فيه ْ‬
‫‪74‬ـ لقد شهدناك واالمالك تتبعنــــا *** ونتقى نوركم من خلف عزتنـا‬
‫ويؤكد سيدى فخر الدين الرؤية بقوله (لقد) شهدناك حين كنا شهوداً وأنت متقدم الجمع ‪ ,‬واالمالك‬
‫تتبعنا وتسير على هدانا مقتفية آثارنا ‪ ,‬وحين كنا غيوبا ً فأغشانا ستراً من النور كى نتقى نوركم‬
‫من خلف عزتنا ‪ ,‬وحال مشاهدتك كانت لنا أستاراً توارينا من خلف ستر الكبريا كرما ً‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫‪77‬ـ وقد عهدناك منذ ألست مفخرة *** وقد رأيناك فى التوحيد نشوتنا‬
‫وقد (عهدناك) أخذنا عليك العهد منذ ألست مفخرة حين أخذ هللا العهد والميثاق التى أشارت اليه‬
‫اآلية (‪ )572‬سورة االعراف { َوإِ ْذ َأ َخ َذ َر ُّب َك مِنْ َبنِي آ َد َم مِنْ ُظ ُه ِ‬
‫ور ِه ْم ُذ ِّر َّي َت ُه ْم َوأَ ْ‬
‫ش َه َد ُه ْم َعلَى‬
‫ش ِهدْ َنا َأنْ َتقُولُوا َي ْو َم ا ْلقِ َيا َم ِة إِ َّنا ُك َّنا َعنْ َه َذا }‬ ‫أَ ْنفُسِ ِه ْم أَلَ ْس ُ‬
‫ت ِب َر ِّب ُك ْم َقالُوا َبلَى َ‬
‫وقد (رأيناك فى التوحيد نشوتنا) فى موطن اإلنشاء الذى هو كمنزلة من منازل األحمدية أشار‬
‫اليها رضى هللا عنه فى البيت الثانى والتى تدور حولها هذه القصيدة بقوله ‪:‬‬
‫أنا الذى فى أنا إنى كمنزلة *** ألحمد نورها منشى حقيتنا‬
‫وهو الموطن الذى فيه نشوتنا ‪.‬‬
‫‪79‬ـ ويا ندى األكف البيض من كرم *** تجمعت عندكم أركان كعبتنــــــا‬
‫‪78‬ـ فما عهدناك إال راحمــا ً رحمــا ً *** وما ألفنــــــــاك إال ســــــر أُلفتنا‬
‫‪93‬ـ وما وطئت الذرى إال لتسعدها *** وصحبك الصفوة األعالم صحبتنا‬
‫وفى نهاية القصيدة ينادى سيدى فخر الدين رضى هللا عنه نبى الهداية (حيث أن ميراث نبوة‬
‫الهداية ممتدة عبر الوالية حتى خاتم األولياء ‪ ,‬وميراث نبوة التشريع قد إنقطع بظهور خاتم‬
‫النبيين صلى هللا عليه وسلم) موالى كمال الدين المقصود (بجدى المصطفى للجمع الذى سره‬
‫مضمر فى طى السير الى معارج القرب فى العلياء) قائالً ‪:‬‬
‫بعد قوله لقد شهدناك واالمالك تتبعنا وقد عهدناك منذ ألست مفخرة وقد رأيناك فى التوحيد نشوتنا‬
‫‪ ,‬ويا ندى األكف البيض الناصعة البياض من كرم ‪ ,‬ويا من تجمعت عندكم أركان كعبتنا فأنت القبلة‬
‫المعظمة التى تجمع حولها أركان الدين (الرفاعية ـ القادرية ـ اآلحمدية ـ الشاذلية) يا موالى كمال‬
‫الدين قبلتنا المعظمة إختصاصا ً بال كيفية فهى القبلة التى قلبت وجوها ً على أعقابها حين عاينتها‬
‫فى سماءها كما عاينت ما بناها ‪ ,‬وقد رأيتها على التحقيق من بدء استواها وقلت ‪:‬‬
‫وكل الكون من عـال ودان *** بمحمود الطليعة قد تباهى ‪28 /04‬‬
‫ولو قال السفيه لما التولى *** فمغرب طلعة االشراق طه ‪28 /04‬‬
‫فما عهدناك من يوم ان اخذ علينا العهد اال راحما ً رحما ً ‪ ,‬وما ألفناك إال سر ألفتنا‬
‫وسر األلفة فى األلف أول شى خلقه الحق تعالى فى أزل اآلزال وهى التى سارت سر ألفتنا التى‬
‫أشارت اليها القصيدة (‪:)45‬‬
‫ايالفهم بالجمع الف بينهــــم *** وأفاض معطيهم بهم ايالفا ‪45 /8‬‬
‫يا أول الخلق فى اطالقه ألفا *** به التآلف يا قاب الهدايات ‪75 /7‬‬
‫‪47‬‬
‫وهذه هى الحقيقة المقصودة فى القصيدة النونية بالحقيقة أوال نور النبى معلم القرآن التى بيانها‬
‫بسورة الرحمن ‪:‬‬
‫فلتسمعوا قولى صحيحا ً مسنداً *** إن البيان بسورة الرحمن‬
‫سبحان من خلق الحقيقــة أوال *** نور النبى معلــــم القرآن‬
‫وما وطئت الذرى إال لتسعدها *** وصحبك الصفوة األعالم صحبتنا‬
‫مبحث حول الذرى ‪:‬‬
‫الذرى ‪ :‬المكان المرتفع ‪.‬‬
‫قـــــــــــرى*** فذاك عطائى رقيــة تشربونها ‪02 /53‬‬
‫ً‬ ‫وحيث جنيتم من ذرى رفدهــا‬
‫وأطـــــــــل قـــــدرى عندمــــا عاينتــــــه *** بكمالـه من فوق هامات الذرى ‪05 /4‬‬
‫تجلى فقال الجمع ‪ :‬مافوق هامات الذرى *** فقلت ـ وال أدرى ـ تراه يريدنى ‪04 /5‬‬
‫وهنا يقول سي دى فخر الدين رضى هللا عنه أن الذرى هى المكان المرتفع أى الموطن الذى يأتى‬
‫منه عطائى فى صورة شرابا ً شافيا ً ‪( ,‬رقيه تشربونها) وهذا موطن تنزل العلوم التى منها القرآن‬
‫الكريم وكذا القصائد ويقال عنه (سنا األحدية) وصاحب هذا المكان هو الشيخ المعصوم الذى‬
‫رزقنا منه ارفاداً ومداً ‪ ,‬والمشار اليه فى القصيدة (‪:)49‬‬
‫عن المعصوم صلينا عليـــــه *** بتسليم الوجوه اليه عندا‬
‫وما المعصوم فينا غير شيخ *** رزقنـــــا منه ارفاداً ومداً‬
‫فعند وصولنا اليه عاينته بكماله من فوق هامات الذرى ‪ ,‬أى من أعلى شىء فيه عاينت ذلك الشيخ‬
‫المعصوم بكماله (بصفته كمال الدين) الذى تجمعت عنده اركان كعبتنا ‪ ,‬أى توفرت لديه كل‬
‫المواصفات والكماالت ‪ ,‬وأطل قدرى عليكم من فوق هامات الذرى إلبالغكم بما شاهدته وعاينته ‪,‬‬
‫ففى حالة تجليه للجمع ‪ ,‬دار الحوار التالى ‪:‬‬
‫حيث قال ذلك الجمع المتواجد فوق هامات الذرى ‪( :‬شيئا ً ؟)‬
‫وانا كذلك قلت ‪ :‬تراه يريدنى ‪ ,‬أما قولى ـ وال أدرى ـ يعنى أن هذا الحوار ال يعرفه سوانا (أنا‬
‫وهو)‬
‫وحينها صحت قائالً ‪:‬‬
‫لقد شهدناك واألمالك تتبعنا *** وتتقى نوركم من خلف عزتنا‬
‫وقد عهدناك منذ ألست مفخرة *** وقد رأيناك فى التوحيد نشوتنا‬
‫‪48‬‬
‫ويا ندى األكف البيض من كرم *** تجمعت عندكم أركان كعبتنا‬
‫فما عهدناك إال راحما ً رحما ً *** وما ألفناك إال سر ألفتنا‬
‫وما وطئت الذرى إال لتسعدها *** وصحبك الصفوة األعالم صحبتنا‬
‫وما وطئت الذرى أى صعدت الذرى اال لتسعدها أنت وصحبك ‪ ,‬هذا الجمع الذى جمعته فوق الذرى‬
‫‪ ,‬من الصفوة األعالم ‪ ,‬وهم معروفين لدى أهل الجمع ‪ ,‬صحبتنا حيث تواجدهم فى طى سروتنا ‪,‬‬
‫التى جاءت اإلشارة اليها فى القصيدة (‪:)04‬‬
‫وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا ‪04 /29‬‬

‫‪49‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫اج ُة َكأ َ َّن َها‬ ‫ت َو ْاألَ ْر ِ‬ ‫َّ‬
‫اجة ۖ ُّ‬
‫الز َج َ‬ ‫ح فِي ُز َج َ‬ ‫ح ۖ ا ْلم ْ‬
‫ِص َبا ُ‬ ‫ش َكاة فِي َها م ْ‬
‫ِص َبا ٌ‬ ‫ور ِه َك ِم ْ‬‫ض ۚ َم َثل ُ ُن ِ‬ ‫هللا ُ ُنو ُر ال َّ‬
‫س َم َاوا ِ‬
‫س ْس ُه‬ ‫ش ْرقِ َّية َو َال َغ ْر ِب َّية َي َكا ُد َز ْي ُت َها ُيضِ ي ُء َولَ ْو لَ ْم َت ْم َ‬
‫ار َكة َز ْي ُتو َنة َّال َ‬ ‫ي ُيو َق ُد مِن َ‬
‫ش َج َرة ُّم َب َ‬ ‫َك ْو َك ٌ‬
‫ب د ُِّر ٌّ‬
‫اس ۗ َو َّ‬ ‫ب َّ‬
‫هللا ُ ْاألَ ْم َثال َ لِل َّن ِ‬ ‫َّ‬
‫ش ْيء َعلِيم‬ ‫هللا ُ ِب ُكل ِّ َ‬ ‫ض ِر ُ‬ ‫ور ِه َمن َي َ‬
‫شا ُء ۚ َو َي ْ‬ ‫َنا ٌر ۚ ُّنو ٌر َعلَ ٰى ُنور ۗ َي ْهدِي هللا ُ لِ ُن ِ‬
‫(‪ )04‬سورة النور‬

‫تجلى إمام الكائنات بنوره *** لقلب ُع َب ْيد ال على بيت ُبنى‬
‫من أقوال األمام فخر الدين‬
‫‪50‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫القصيدة السادسة والثالثون‬
‫‪ 25‬ديسمبر ‪5895‬م‬ ‫عدد أبياتها (‪)50‬‬ ‫الجمعة ‪ 29‬ربيع األول ‪5534‬هـ‬
‫‪------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ـ مناسبتها لما قبلها ‪ :‬فى معنى البيت رقم (‪ )43‬من القصيدة (‪ )04‬التى تنزلت على ثالثة أجزاء‬
‫األول يوم ‪ 23‬أكتوبر ‪ 5895‬والثانى يوم ‪29‬أكتوبر ‪ 5895‬ثم تأخر تنزل الجزء الثالث الذى منه‬
‫هذا البيت ‪:‬‬
‫فكلنا وارث من جده سمة *** ونحن أهل العال تمت وراثتنا ‪04 /43‬‬
‫هذا مقــــام ورثناه *** كابراً عن كابــــر‬
‫فهو المقصود بقولى ‪:‬‬
‫وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا‬
‫فهو جدنا وكلنا وارث منه سمة ‪ ,‬من أجل ذلك يقول رضى هللا عنه نحن أهل العال تمت وراثتنا‬
‫لمقامه العالى ‪.‬‬
‫ووراثة البعض فى حد ذاتها عظيمة وإن بدت فى الظاهر قليلة فقد كثرت ‪ ,‬ونحن أبعاض من الفرد‬
‫وبعض الفرد فى حد ذاتها جملتنا بصفة الفرد جامع لألبعاض ‪.‬‬
‫ثم أتى بالجزء الثالث يوم ‪28‬ديسمبر ‪5895‬م والذى يصف فيه هذا ال ُعبيد الذى تجلى امام الكائنات‬
‫بنوره لقلبه ‪ ,‬والذى قال فيه ‪:‬‬
‫فما على حبنا جـرم إذا بدرت *** عليه بادرة االشواق فهى غنى ‪04 /44‬‬
‫ويا هنيئا ً لعبد فيه قد رقصت *** وغردت روحــــه فخراً بمنحتنا ‪04 /47‬‬
‫أى بعد قوله ال يالم الذى ما ذاق طعما ً لشراب طريقتنا (البرهانية الدسوقية الشاذلية) إن تعثر فى‬
‫السير بصحبتنا ‪ ,‬كما أن حبنا ذاق شرابنا وتغذى عليه فال يالم إذا الحت عليه باردة شوق ومحبة‬
‫للطريقة وأهلها ‪ ,‬وال يعد ذلك فى حقة جرما ً حتى إذا رقصت روحه وغردت فخراً بمنحتنا التى‬
‫نالها ‪ ,‬فيا هنيئا ً لهذا العبد ألنه حظى بعلومنا ذات الطلع النضيد وحدها الذى ال يضاهى فى عبودتنا‬
‫تكريما ً منا له ‪ ,‬حيث أنه وجد فيها الغنى الذى أغناه عما سوى هللا ‪.‬‬
‫ـ الفكرة التى تدور حولها القصيدة ‪:‬‬
‫تجلى إمام الكائنات بنوره *** لقلب ُع َب ْيد ال على بيت ُبنى‬

‫‪51‬‬
‫فقد تجلى وانكشف إمام الكائنات (موالى كمال الدين) بنور وجهه المشرق فى األرض (الذى أتى‬
‫بأنوار قصائد ديوان شراب الوصل) موالنا االمام فخر الدين رضى هللا عنه القائل ‪:‬‬
‫وأكشف لألحباب عن علمى الذى *** جواهره فى كل صدر كمينة‬
‫لـ قلب ُعبيد هو (أحد األحباب الذين أدركوا معانى ما أقول) أى من أجل هذا المريد كان ذلك التجلى‬
‫‪ ,‬وفى الحقيقة أن قلب العبد هو البيت الرابع من بيوت هللا المرفوعة بالذكر ‪ ,‬الذى هو قلب العبد‬
‫المؤمن الوادع اللين ‪ ,‬وهؤالء األحباب هم البيوت التى أذن هللا لها بالرفعة وهم األقمار المنيرات‬
‫التى أشارت اليهم القصيدة (القمرية)‪:‬‬
‫فى بيــــــوت أذن هللا لهــــــا *** جمعت عند المليك المقتدر ‪50 /52‬‬
‫ال تغيب الشمس عن عود لنا *** دون ظلى كل ستر ينحسر ‪50 /50‬‬
‫فهذه البيوت صارت مواطن سجود هلل ‪ ,‬أشارت اليها اآلية (‪ )59‬من سورة الجن {وأن المساجد هلل‬
‫فال تدعوا مع هللا أحداً} فهى بنيان الحق وليست كبيوتنا المبنية بالطين والحجارة ‪.‬‬
‫‪-----------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫‪5‬ـ تجلى إمام الكائنات بنـــــــــــوره *** لقلب عبيـــــــد ال على بيت ُبنى‬
‫‪2‬ـ تجلى بما يشفى الصدور كرامــة *** فقلت يســــــيراً والمعيب َيعي ُبنى‬
‫‪0‬ـ تجلى فأردى الجاهلين عطـــــاؤه *** وأومض عند البــارق ْين ُيصي ُبنى‬
‫‪5‬ـ تجلى فقال الجمع ‪ :‬مافوق الذرى *** فقلت ـ وال أدرى ـ ُتراه ُيريدنى‬
‫‪4‬ـ فقيل ‪ :‬وهل تبغى الزيادة بعدهــا *** فقلت ‪ :‬وهل غير الكريم ُيزيدُنى‬
‫الشرح والتفصيل ‪:‬‬
‫بحث ودراسة حول كلمة ال ًتجلى ‪:‬‬
‫بداية ماهو التجلى ‪:‬‬
‫‪5‬ـ تجلى ‪ :‬مصدر تجل ‪ :‬معجم الرائد‬
‫‪2‬ـ عند الصوفيين ‪ :‬ما ينكشف للقلوب من أنوارالغيب‬
‫‪0‬ـ عند النصارى ‪ :‬هو إشراق بهاء المسيح الذى أضاء كالشمس‬
‫وبعد ‪:‬التجلي لغة‪ :‬الظهور[‪ ,]5‬وهذا المعنى صادق بالنسبة الى هللا سبحانه وتعالى‪ ..‬سواء كان‬
‫الظهور بعد الخفاء أو ال ‪ ,‬والمراد بأن هللا ظهر بعد الخفاء‪ :‬ظهور آثاره ‪ ,‬فانه لم يكن خلق‪...‬‬
‫‪52‬‬
‫ويقول سيدى فخر الدين فى توسل السادة البرهانية ‪:‬‬
‫(إلهى بكنز الذات ذى األحدية ‪ ,‬بطلسم غيب الغيب سر الهوية ‪ ,‬بنور تجليها وحق صفاتها)‬
‫بحات وجه مهلكات ‪:‬‬
‫س َ‬‫بالنسبة لتجلى الذات موالنا بيقول علوم الذات دون الستر وهم ‪ ,‬لها ُ‬
‫سبحات إال محض نور *** كنار كان منها البينات‬
‫وما ال ُ‬
‫يكون التجلى هنا تجلى هوية ‪ ,‬والهوية خفاء وحين ظهورها فانها تظهر فى اآلثار ‪ ,‬لذا‬
‫يقول رضى هللا عنه فى القصيدة (‪: )84‬‬
‫كيف التجلى والهوية بلقـــع *** لكن مثلى عالــــــم بفنونها‬
‫ما عندها نــور ولكن ظلمة *** والقول فيها علمها بشئونها‬
‫ما نورها إال إنعكاس أشعة *** من عاينوهــــــا آية يتلونها‬
‫إذن قوله رضى هللا عنه تجلى امام الكائنات بنوره ‪ :‬فأنه يقصد أن الظهور واإلنكشاف ليس تجلى‬
‫موالنا االمام بذاته الصرف (أحديته) وليس بالهوية التى مكنوناتها كنزت لدى العماء الذى قد كان‬
‫منسدالً ‪ ,‬ولكن بظهور اآلثار ‪ ,‬وأن الذى يتحدث عنها البد أن يكون على علم ودراية بفنونها مثله‬
‫‪ ,‬ثم ينفى ظهور أى نور عندها والعلم بشئونها ليس سهالً ميسوراً حيث ال يوجد فيها من مرآئى ‪,‬‬
‫وكل ما فيها هو إنعكاس أشعة من عاينوها (آية يتلونها) مجرد حديث عنها ‪.‬‬
‫تعريف بسيط بمن هو إمام الكائنات ‪ ,‬وماهى الكائنات ‪ ,‬وما هو نوره ‪:‬‬
‫إمام الكائنات ‪ :‬هو األ لف الذى يشار به الى الذات األحدية أى الحق من حيث هو أول األشياء فى‬
‫أزل اآلزال ‪( .‬تبرئة الذمة ص ‪)298‬‬
‫وهو الذى قيل فى حقه فى القصيدة (‪:)75‬‬
‫يا أول الخلق فى إطالقه ألفــا ً *** به التآلف يا قاب الهدايـــــات‬
‫إلنك الرمز واإلعجاز أجمعه *** لمن توهم فى أوصاف أنعات‬
‫الكائنات ‪ :‬هى كل ماخلقه الحق تعالى من أشياء عندما كان وال شىء معه ‪ ,‬وهذا ما يوضحه‬
‫الحديث القدسى ‪( :‬كنت كنزاً مخفيا ً فأحببت أن أعرف ‪ ,‬فخلقت الخلق فتعرفت عليه فبى عرفونى)‬
‫‪.‬‬
‫نوره ‪ :‬وجه هللا الذى ظهر مشرقا ً فى األرض القائل ‪ :‬أنا مظهر ما كان فى الكتمان‬
‫واختص الحق تعالى ذلك النور وهى سورة النور وبين فيها مراده سبحانه فى اآليتين (‪04‬و‪)04‬‬

‫‪53‬‬
‫اج ُة َكأ َ َّن َها‬ ‫اجة ۖ ُّ‬
‫الز َج َ‬ ‫ح فِي ُز َج َ‬ ‫ح ۖ ا ْلم ْ‬
‫ِص َبا ُ‬ ‫ش َكاة فِي َها م ْ‬
‫ِص َبا ٌ‬ ‫ض ۚ َم َثل ُ ُن ِ‬
‫ور ِه َك ِم ْ‬ ‫ت َو ْاألَ ْر ِ‬ ‫{هللا ُ ُنو ُر ال َّ‬
‫س َم َاوا ِ‬
‫س ْس ُه‬ ‫ش ْرقِ َّية َو َال َغ ْر ِب َّية َي َكا ُد َز ْي ُت َها ُيضِ ي ُء َولَ ْو لَ ْم َت ْم َ‬
‫ار َكة َز ْي ُتو َنة َّال َ‬
‫ش َج َرة ُّم َب َ‬‫ي ُيو َق ُد مِن َ‬ ‫َك ْو َك ٌ‬
‫ب د ُِّر ٌّ‬
‫ب َّ‬ ‫َّ‬
‫هللا ُ األمثال للناس وهللا بكل شىء عليم ‪,‬‬ ‫ض ِر ُ‬
‫شا ُء ۚ َو َي ْ‬ ‫ور ِه َمن َي َ‬ ‫َنا ٌر ۚ ُّنو ٌر َعلَ ٰى ُنور ۗ َي ْهدِي هللا ُ لِ ُن ِ‬
‫فى بيوت أذن هللا أن ترفع ويذكر فيها إسمه يسبح له فيها بالغدو واآلصال }‬

‫بنـــــــــــــــــــــــــــوره ‪:‬‬
‫وحوارنا يدور حول ذلك (النور) ومما يثبت أسبقيته ما روى عن عبد الرازق بسنده فى كتابه (جنة‬
‫الخلد) عن سيدنا جابر األنصارى قال ‪ :‬قلت يا رسول هللا بأبى أنت وأمى أخبرنى عن أول شىء‬
‫خلقه هللا تعالى قبل األشياء قال " يا جابر ان هللا تعالى خلق قبل األشياء نور نبيك من نوره"‬
‫فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء تعالى ‪ ,‬ولم يكن فى ذلك الوقت لوح وال قلم ‪ ,‬وال جنة ال‬
‫نار ‪ ,‬والملك وال سماء وال أرض ‪ ,‬والشمس والقمر ‪ ,‬والجن وال إنس ‪ ,‬فلما أراد هللا أن يخلق‬
‫الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء ‪.‬‬
‫فخلق من الجزء األول القلم ‪ ,‬ومن الجزء الثانى اللوح ‪ ,‬ومن الجزء الثالث العرش ‪,‬‬
‫ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء ‪ ,‬فخلق من الجزء األول حملة العرش ‪ ,‬ومن الجزء الثانى‬
‫الكرسى ‪ ,‬ومن الجزء الثالث باقى المالئكة ‪,‬‬
‫ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء ‪ ,‬فخلق من الجزء األول السماوات‪ ,‬ومن الجزء الثانى األراضين‬
‫‪ ,‬ومن الجزء الثالث الجنة والنار ‪,‬‬
‫ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء ‪ ,‬فخلق من الجزء األول نور أبصار المؤمنين ‪ ,‬ومن الجزء‬
‫الثانى نور قلوبهم ‪ :‬وهى المعرفة باهلل ‪ ,‬ومن الجزء الثالث نور إنسهم وهو التوحيد ‪ :‬ال إله إال هللا‬
‫محمد رسول هللا ‪ ,‬ثم نظر اليه فترشح النور عرقا ً ‪ ,‬فتقطرت منه مائة ألف قطرة وعشرين ألفا ً‬
‫وأربعة آالف قطرة ‪ ,‬فخلق هللا من كل قطرة روح نبى ورسول ‪.‬‬
‫ثم تنفست أرواح األنبياء فخلق هللا من أنفاسهم أرواح األولياء ‪ ,‬والسعداء والشهداء والمطيعين‬
‫من المؤمنين الى يوم القيامة ‪ ,‬فالعرش والكرسى من نورى ‪ ,‬والكروبيين من نورى ‪,‬‬
‫والروحانيون من نورى ‪ ,‬والجنة وما فيها من النعيم من نورى ‪ ,‬والشمس والكواكب من نورى‪,‬‬
‫والعقل والعلم والتوفيق من نورى ‪ ,‬وأرواح األنبياء والرسل من نورى ‪ ,‬والسعداء والصالحون‬
‫من نتائج نورى ‪ ,‬ثم خلق هللا آدم من األرض وركب فيه النور وهو الجزء الرابع ‪ ,‬ثم إنتقل منه‬
‫الى شيث وكان ينتقل من طاهر الى طيب الى أن وصل الى صلب عبد هللا بن عبد المطلب ‪ ,‬ومنه‬
‫الى وجه أمى آمنة ثم أخرجنى الى الدنيا فجعلنى سيد المرسلين وخاتم النبيين وقائد الغر المحجلين‬
‫‪ .‬وهكذا بدأ خلق نبيك يا جابر ـ حديث صحيح ‪.‬‬
‫ووضح سيدى فخر الدين تلك الحقيقة فى مجموعة علموا عنى الجزء االول ص ‪ 49‬وما بعدها ‪:‬‬
‫‪54‬‬
‫من خالل حديثه رضى هللا عنه عن معنى اآلية (‪ )03‬من سورة االنبياء ‪:‬‬
‫{أو لم ير الذين كفروا أن السماوات واألرض كانتا رتقا ً ففتقناهما} حيث قال الرتق يعنى شىء‬
‫أصالً واحد ‪ ,‬ثم قال بداية الخلق تبارك وتعالى خلق قبضة النور النبوى ‪ ,‬أول شىء بعدين قبضة‬
‫النور فيه أحاديث كثيرة منها حديث سيدنا جابر وهو حديث مشهور ‪ ,‬وحديث غير ده سئل صلى‬
‫هللا عليه وسلم قال (أنا من نور هللا والمؤمنون من رشحات نورى ) (كنت نبيا ً وآدم منجدل فى‬
‫طينته) ومرة ثانية سئل متى نبئت يا رسول هللا ؟ قال (كنت نبيا ً وآدم بين الماء والطين) مرة ثالثة‬
‫(كنت نبيا ً وال ماء وال طين)‬
‫لما أراد هللا إظهار شرفه وفضله ‪ ,‬قبض قبضة النور النبوى صلوات هللا وسالمه عليه فكانت بداية‬
‫اإليجاد من غيب األحدية ‪ ,‬فال يصح ويظن ظان وال يقول قائل بأنه ذات البارى تبارك وتعالى نور ‪,‬‬
‫وحته من نوره كان النبى عليه الصالة والسالم ‪ ,‬ده كفر قوى ما ينفع ‪ ,‬فكان نور النبى مقبوض‬
‫من غيب األحدية ‪ ,‬يعنى غيب األحدية (موطن ما فيه أى موجود)‬
‫ولذلك فى أعظم ال صالة للسيد ابراهيم الدسوقى شىء هلل رضوان هللا عليه يقول {اللهم صل على‬
‫الذات المحمدية } ليس الذات المحمدية التى كان بها فى أرض مكة ‪ ,‬لما كان لطيفة فى األحدية ‪,‬‬
‫ع ًين الموطن الذى انقبض منه قبضة نور النبى عليه الصالة والسالم ‪ ,‬بعدين فهمنا إنه النور ده‬
‫سبح المولى تبارك وتعالى زى ما ربنا قال فى ال ُح ُجب العشرة ‪ ,‬والحجب العشرة هم ظاهر المعنى‬
‫فى {والفجر وليال عشر} أهل التفاسير يقولوا الليالى العشرة ده أيام ذو الحجة ‪ ,‬والمعتمد أنما هو‬
‫موطن تنقل نور النبى عليه الصالة والسالم من مرتبة لمرتبة ‪ ,‬فى المرتبة األوالنية كان يشكر هللا‬
‫بشكر الشكر ‪ ,‬وفى الثانية كان بيشكر بمجرد الشكر ‪ ,‬وبالتالى تحت منه كان يحمد هللا وهلمجرا ‪,‬‬
‫مر النبى عليه الصالة والسالم على الحجب العشرة ‪ ,‬وفى كل حجاب يعبد هللا عبادة معينة ‪ ,‬عبادة‬
‫األرواح ‪ ,‬أخيراً بعد الحجب العشرة أصله معنى الفجر ‪ :‬يعنى أول التعيينات ‪ ,‬أول الظهور من‬
‫غيب العما ‪ ,‬فمن غيب األحدية كان قبضة نور النبى عليه الصالة والسالم ‪,‬‬
‫الفجر عادة هو بداية الشىء ‪ ,‬وفجر الشىء بدايته ‪ ,‬والليالى العشرة بمعنى الحجب العشرة كما‬
‫فهمنا ‪{ ,‬والشفع والوتر} حالة وجود النبى عليه الصالة والسالم فى الحقيقة األحمدية والمحمدية‬
‫‪ ,‬سماهم الشفع للمناسبة هذه ‪{ ,‬والوتر} وجود الحقيقة ‪ ,‬الذات المحمدى فى باطن الحقيقة‬
‫المحمدية ‪ ,‬فى باطن الحقيقة األحمدية سموه ده ترية ‪,‬‬
‫{والشفع والوتر والليل إذا يسر} يعنى مع إجتماع الحضرات العالية الثالثة ‪ ,‬الذات المحمدى ربنا‬
‫ضارب عليه ليل العما ‪ ,‬ما حدش يقدر يعرف النبى ما لم يتعرفه ليه النبى ذاته ‪ ,‬يقولوا مشايخنا‬
‫رضوان هللا عليهم فى قصائد القوم ‪:‬‬
‫(إن رمت تعرفه فلست تنصفه) واحد ثانى يقول ‪( :‬ونراها إذا أظهرتنا عليها) الموضوع ده مطابق‬
‫عندهم كثير ‪ ,‬ما حد يقدر يعرف النبى ما لم يعرفه النبى عليه الصالة والسالم ‪ ,‬نسمى ده آيه ؟‬

‫‪55‬‬
‫الليالى العشر أو تجليات نور النبى فى البطون العشرة ‪ ,‬بعدين النور ده تقسم ‪ ,‬قسمة ربنا جل‬
‫وعال على حتت ‪ ,‬بعد منه خلق منه العرش والفرش والكرسى واللوح والقلم ‪ ,‬عالم الجبروت ‪,‬‬
‫شىء منه خلق منه عالم الملكوت اللى هو حضرة العرش ‪ ,‬ظاهر؟ شىء منه خلق منه كذا ‪ ,‬خلق‬
‫منه كذا ‪ ,‬خلق منه كذا ‪ ,‬أخيراً حتة منه سموه الدرة البيضاء ‪ ,‬تجلى عليه تبارك وتعالى ‪ ,‬ذابت‬
‫بقيت بحر ‪,‬سلط على البحر آلة األسماء ‪.‬‬
‫أوالً البحر ما ممكن البحر يقف كده سالكت فى الهوا ‪ ,‬خلق مالئكة واحد يقرأ الصمدية وواحد يقرأ‬
‫الصالة على النبى ‪ ,‬دايرين حوالين األرض ‪ ,‬معنى كالم سيدى عبد السالم بن بشيش يقول (وفيه‬
‫ارتقت الحقائق) أى فى حقيقة النبى ارتقت حقائق الوجود كله ‪ ,‬بعدين ده كان األصل الموية ‪,‬‬
‫الماء ‪ ,‬سلط على البحر آلة األسماء فاحتمل البحر زبداً رابيا ً ‪ ,‬الزب نشف بقى شوية تراب ‪,‬‬
‫برضه عمل نفس العملية ‪ ,‬ملك يقرأ الصمدية وملك يصلى على النبى ‪ ,‬حوالين األرض كده ‪ ,‬ثبتت‬
‫األرض لهذه المناسبة ‪ ,‬بعدين من دخان األرض اتخلقت السماء األوالنية ‪ ,‬عمل األراضين سبعة‬
‫والسموات سبعة ‪ ,‬ظاهر ده معنى فتق الرتق ‪ ,‬الفتق يعنى الفرتكة ‪ ,‬وعمل منه سماوات سبعة‬
‫وأراضين سبعة ‪ ,‬وأرياح سبعة ‪ ,‬وبحار سبعة ‪ ,‬بعدين نقول احنا الصنف البشرى من التراب‬
‫فمخلوقات التراب تعود الى التراب ‪ ,‬ومخاليق البحر تعود للبحر ‪ ,‬والعناصر األربعة تعود الى‬
‫أصلها الدرة ‪ ,‬والدرة ذابت فى البحر ‪ ,‬وبقى واضح وحدة الكون وهذا معنى قوله تعالى {أو لم ير‬
‫الذين كفروا أن السماوات واالرض كانتا رتقا ً ففتقناهما}‬
‫التعليق ‪:‬‬
‫ومن معنى {وجعلنا من الماء كل شىء حى} الماء صنفان االول الماء العذب الزالل الذى نشربه‪,‬‬
‫وده فى وحدة الكون ‪ ,‬والصنف الثانى هى الروح نسمى موطن الروح وحدة الوجود الصنفين يعنى‬
‫الكون والروح ‪ ,‬عاوزين أصل الروح ؟ أصل الروح كان فى األمر‬
‫(يسألونك عن الروح) (قل الروح من أمر ربى) فكان أصل الروح األمر ‪ ,‬موطن األمر نسميه إيه؟‬
‫داك وحدة الكون ‪ ,‬وده وحدة الوجود ‪ ,‬ظاهر؟ نسمى ده عين بحر الوحدة ‪ ,‬وفى صالة سيدى بن‬
‫بشيش نقول (انشلنى من أوحال التوحيد وأغرقنى فى عين بحر الوحدة)‪.‬‬
‫فكان عين بحر الوحدة الحقيقة المحمدية صرف نور النبى ‪ ,‬سمينا األوالنى وحدة الكون ‪ ,‬والثانى‬
‫وحدة الوجود ‪ ,‬والثالث عين بحر الوحدة ‪ ,‬أعلى منهم كنز األحدية ‪.‬‬
‫ـ كنز األحدية ‪ :‬كان منه نور النبى عليه الصالة والسالم ‪ ,‬ما فيش مطمع لبشر للموضوع ده أبداً‬
‫وما ممكن الوصول اليه ‪.‬‬
‫ـ عين بحر الوحدة ‪:‬‬
‫ـ وحدة الوجود ‪:‬‬
‫ـ وحدة الكون ‪:‬‬
‫‪56‬‬
‫وعن الروح األعظم ‪ :‬قيل أال له الخلق واألمر ‪.‬‬
‫واألمر عند ربنا ليس معناه افعل ‪ ,‬ولكن حاجة إسمه األمر ‪ ,‬وحبة االمر اسمه االرادة ‪ ,‬وتصوير‬
‫محبة األمر اسمه المشيئة ‪ ,‬وتنفيذ محبة االمر اسمه (كن) ‪ .‬وذلك من تفسير سيدى فخر الدين فى‬
‫مجموعة علموا عنى الجزء األول ص ‪. 592‬‬
‫واألمر ‪ :‬يحتاج الى القدرة ثم الى المشيئة ثم اإلرادة وهذا القول يتجلى فى معنى الحديث ‪:‬‬
‫فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء تعالى ‪ ,‬ولم يكن فى ذلك الوقت لوح وال قلم ‪ ,‬وال جنة‬
‫وال نار ‪ ,‬والملك وال سماء وال أرض ‪ ,‬والشمس والقمر ‪ ,‬والجن وال إنس ‪ ,‬فلما أراد هللا أن يخلق‬
‫الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء ‪.‬‬
‫وعلى هذا المنوال فقد قال صلى هللا عليه وسلم {أنا من نور هللا والمؤمنون من رشحات نورى}‬
‫والدليل المصحفى الثالث على أسبقية (نوره) صلى هللا عليه وسلم سورة اإلنسان {هل أتى على‬
‫اإلنسان حين من الدهر لم يكن شيئا ً مذكوراً ‪ ,‬إنا خلقنا اإلنسان من نطفة أمشاج نبتليه ‪ ,‬فجعلناه‬
‫سميعا ً بصيراً} ‪.‬‬
‫لقلب عبيد ال على بيت بنى ‪:‬‬
‫فقد تجلى وانكشف إمام الكائنات (موالى كمال الدين) بنور وجهه المشرق فى األرض (الذى أتى‬
‫بأنوار قصائد ديوان شراب الوصل) حيث قال ‪:‬‬
‫وأكشف لألحباب عن علمى الذى *** جواهره فى كل صدر كمينة‬
‫لـ قلب ُعبيد هو (أحد األحباب الذين أدركوا معانى أقواله) أى من أجل من إنكشفت له المعانى التى‬
‫جل وصف غراسها والمناقب التى جلت عن اآلفهام من األبناء ‪ ,‬وفى الحقيقة أن قلب العبد هو‬
‫البيت الرابع من بيوت هللا المرفوعة بالذكر ‪ ,‬الذى هو قلب العبد المؤمن الوادع اللين ‪ ,‬وهؤالء‬
‫األحباب هم البيوت التى أذن هللا لها بالرفعة وإستنارة قلوبهم بالعلم فصاروا األقمار المنيرات التى‬
‫أشارت اليهم القصيدة (القمرية)‪:‬‬
‫فى بيــــــوت أذن هللا لهــــــا *** جمعت عند المليك المقتدر ‪50 /52‬‬
‫ال تغيب الشمس عن عود لنا *** دون ظلى كل ستر ينحسر ‪50 /50‬‬
‫فهذه البيوت صارت مواطن سجود هلل ‪ ,‬أشارت اليها اآلية (‪ )59‬من سورة الجن {وأن المساجد هلل‬
‫فال تدعوا مع هللا أحداً} فهى بنيان الحق وليست كبيوتنا المبنية بالطين والحجارة ‪ ,‬وهى المنوطة‬
‫والمعنية بقول الحق تعالى يهدى هللا لنوره من يشاء وعند سماع تفسير اآلية من موالنا االمام‬
‫فخر الدين (نور على نور يهدى هللا لنوره من يشاء) سكن وقال (بنوره) أى أن البيوت التى أذن‬
‫لها أن ترفع كان رفعها (بنوره) فهو رافعهم وهم جمع (ثالثة) وهو رضى هللا عنه ورابعهم الذى‬
‫هو سبب رفعتهم ‪ ,‬حتى تجمع عند المليك المقتدر ‪ ,‬وهم واقفين كالعود منتصبين تحت شمس عاله‬
‫‪57‬‬
‫وسيأتى خلفهم أمثالهم عبر الزمان من الذين إنحسر عددهم فى ثالثتهم ‪ ,‬وهم الجمع المشار اليه‬
‫بقوله رضى هللا عنه (وقال الجمع ما فوق الذرى) ‪.‬‬
‫مبحث حول الذرى ‪:‬‬
‫الذرى ‪ :‬المكان المرتفع ‪.‬‬
‫قـــــــــــرى*** فذاك عطائى رقيــة تشربونها ‪02 /53‬‬
‫ً‬ ‫وحيث جنيتم من ذرى رفدهــا‬
‫وأطـــــــــل قـــــدرى عندمــــا عاينتــــــه *** بكمالـه من فوق هامات الذرى ‪05 /4‬‬
‫تجلى فقال الجمع ‪ :‬مافوق الذرى *** فقلت ـ وال أدرى ـ تراه يريدنى ‪04 /5‬‬
‫وهنا يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أن الذرى هى المكان المرتفع أى الموطن الذى يأتى‬
‫منه عطائى فى صورة شرابا ً شافيا ً ‪( ,‬رقيه تشربونها) وهذا موطن تنزل العلوم التى منها تنزل‬
‫القرآن الكريم وكذا القصائد ويقال عنه (سنا األحدية) وصاحب هذا المكان هو الشيخ المعصوم‬
‫الذى رزقنا منه ارفاداً ومداً ‪ ,‬والمشار اليه فى القصيدة (‪:)49‬‬
‫عن المعصوم صلينا عليـــــه *** بتسليم الوجوه اليه عندا‬
‫وما المعصوم فينا غير شيـخ *** رزقنــا منه ارفاداً ومداً‬
‫فعند وصولنا الى هامات الذرى عاينته بكماله من فوقها ‪ ,‬أى من أعلى مكان يصعب فيه الرؤيا‬
‫وهو موطن تسليم الوجوه عنده ‪ ,‬فقد عاينت ذلك المعصوم الذى تجمعت عنده اركان كعبتنا ‪ ,‬فما‬
‫أن عاينته بكماله فوجدته الذى توفرت لديه كل صفات الكمال ونظرت فيمن حولى فشهدت أنه‬
‫الشيخ المعصوم فينا الذى رزقنا منه إرفاداً ومداً (كمال الدين) الذى به كمل بمعرفته الدين القويم ‪,‬‬
‫وأطل قدرى عليكم من فوق هامات الذرى إلبالغكم بما أسعدنى بما شهدته وعاينته ‪ ,‬عندما كشف‬
‫لى عن وجهه حال تجليه للجمع حبث دار الحوار التالى ‪:‬‬
‫حيث قال ذلك الجمع المتواجد فوق هامات الذرى ‪( :‬شيئا ً ؟)‬
‫وانا كذلك قلت ‪ :‬تراه يريدنى ‪ ,‬أما قولى ـ وال أدرى ـ يعنى أن هذا الحوار ال يعرفه سوانا (أنا‬
‫وهو)‬
‫وحينها صحت قائالً ‪:‬‬
‫لقد شهدناك واألمالك تتبعنـــــــا *** وتتقى نوركــــم من خلف عزتنــا‬
‫وقد عهدناك منذ ألست مفخــرة *** وقد رأيناك فى التوحيــــد نشوتنـا‬
‫ويا ندى األكف البيض من كرم *** تجمعت عندكــــــم أركان كعبتنـــــا‬
‫فما عهدناك إال راحمـا ً رحمــــا ً *** وما ألفنـــــاك إال ســــــر ألفتنــــــا‬
‫‪58‬‬
‫وما وطئت الذرى إال لتسعدهــا *** وصحبك الصفوة األعالم صحبتنــا‬
‫وما وطئت الذرى أى صعدت الذرى اال لتسعدها أنت وصحبك ‪ ,‬هذا الجمع الذى جمعته فوق الذرى‬
‫‪ ,‬من الصفوة األعالم ‪ ,‬وهم معروفين لدى أهل الجمع ‪ ,‬صحبتنا المتواجدين فى طى سروتنا ‪ ,‬التى‬
‫جاءت اإلشارة اليها فى القصيدة (‪:)04‬‬
‫وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا ‪04 /29‬‬
‫وفى البيت األول والثانى من القصيدة يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫‪5‬ـ تجلى إمام الكائنات بنـــــــــوره *** لقلب عبيـد ال على بيت بنى‬
‫‪2‬ـ تجلى بما يشفى الصدور كرامة *** فقلت يسيراً والمعيب يعيبنى‬
‫المتجلى هنا هو (إمام الكائنات) أولها ‪ ,‬وهو أول شىء من األشياء أوجده الحق تعالى فى أزل‬
‫اآلزال ‪ ,‬وهو الذى قيل فى حقه ‪:‬‬
‫يا أول الخلق فى إطالقه ألفا ً *** به التآلف يا قاب الهدايات‬
‫يعنى أن أول الخلق هو (ألف) أتى به الحق تعالى للتآلف ‪ ,‬وقاب الهدايات ‪ ,‬يعنى أن األلف هو‬
‫الكتاب الهادى أى الدال على أنه حضرة قاب قوسيها الهدى ال ينتهى ‪ ,‬وإسم هذه الحضرة (كتاب‬
‫هللا) وأشارت اليه القصيدة (‪ )97‬بقوله رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫ما كتاب هللا اال جمعنــا *** إنمــــــــــا االحباب آيات به‬
‫ما كتاب هللا اال حضرة *** قاب قوسيها الهدى ال ينتهى‬
‫وكتاب هللا هذا هو (األلف) من اآلية األولى من سورة البقرة {ألــــم } فهو المشار اليه بأداة‬
‫اإلشارة للبعيد وهى (ذلك) ‪ ,‬أى أن األلف كتاب يشار به الى الحقيقة األحدية والميم كتاب يشار بها‬
‫الى الحقيقة المحمدية والالم الالمة كتاب يشار بها الى الذات المحمدية ‪.‬‬
‫وكلمة ذلك من اآلية الثانية يشار بها الى كتاب األلف ‪ ,‬وذلك (الكتاب) ال ريب فيه الهدى والداللة‬
‫للمتقين الى الحضرة التى فيها الهدى ال ينتهى ‪ ,‬بل هو قاب الهدايات لألحباب الذين هم آيات ذلك‬
‫الكتاب ‪.‬‬
‫وإمام الكائنات ‪ :‬نور عين النور والتى نناديه فى توسل السادة البرهانية (ويا نور عين النور حقق‬
‫عبودتى) ‪ ,‬وهو صاحب الحقيقة التى أتى بيانها بسورة الرحمن ووضحته القصيدة النونية فى قوله‬
‫رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫سبحان من خلق الحقيقة أوالً *** نور النبى معلـــــم القرآن‬

‫‪59‬‬
‫تجلى هذا االمام (بنوره) وهو سيدى االمام فخر الدين (النــور) الذى جاء بالنــور (شراب الوصل)‬
‫عندما قال ‪ :‬نورى من النور المبين ونور جدى األغلب ‪.‬‬
‫لقلب ُعبيد ال على بيت بنى ‪ :‬لم يقل لقلب عبد ألنه هو عبده الوحيد صاحب المنزلة القائل (أنا الذى‬
‫فى أنا إنى كمنزلة ألحمد) المنوط به كنية العبودية المشار اليها فى القصيدة (‪: )04‬‬
‫ونزهنا عن االشراك أجمعه *** وكنية العبد تاج فوق أرؤسنا ‪04 /4‬‬
‫كما أنه لم يقل ‪ :‬تجلى على قلب عبيد ‪ ,‬لماذا؟ ألن التجلى هو الظهور بالعلم ‪ ,‬والعلم الذى بين‬
‫أيدينا هو (كالم ديوان شراب الوصل) فهذا ال ُعب ْيد مريد أراد وأحب إرادة شيخه من أجله جاء‬
‫التكريم والتشريف بأن يكون قلبه أهالً إلستقبال مشيئة الحق تعالى بأختياره لنقل معانى علوم‬
‫ديوان شراب الوصل هو ورفاقه األوائل الذين تصدروا لهذا العلم الذى صار شفاءاً ودواءاً لقلوبهم‬
‫من العنت األدنى الى خيم على قلوب غيرهم ‪ ,‬وكان ذلك تكريما ً وكرامة من كرامات إمام الكائنات‬
‫ونوره ‪ ,‬حيث جاء هذا العلم بالقول والبيان اليسير الذى ُيبسط الفهم ويسع القلب إلدراك المعانى‬
‫العاليه بقوله فى القصيدة (‪: )95‬‬
‫أجعل القول والبيان يسيراً *** كلما غلت العقول قيود ‪59 /59‬‬
‫ولم ُيعيب ذلك القول اليسير سوى كل معيوب لديه نقص وتقصير فى فهم وإدراك تلك المعانى من‬
‫صفت بوهم فعادَهم عادُهم وعادت ثمود ‪.‬‬
‫أصحاب العقول التى ُ‬

‫‪0‬ـ تجلى فأردى الجاهلين عطاؤه *** وأومض عند البارق ْين ُيصيبنى‬
‫وعندما تجلى إمام الكائنات بنور عطائه حينها أردى الجاهلين الذين لم يصل اليهم فهم وإدراك‬
‫صفدت عقولهم بالوهم وعدم الفهم ‪ ,‬فهذا عطاء هللا من عليائه وكذا هو عطاء‬ ‫المعانى حيث ُ‬
‫الحضرتين الذى أومض سنا برقه مرسالً من قبل الحضرتين ُيصيبنى بسهامهما دون غيرى قصار‬
‫نعم الرمية فهو النور الذى يجمع النورين شمسا ً والقمر ‪.‬‬
‫‪5‬ـ تجلى فقال الجمع ‪ :‬مافوق الذرى *** فقلت ـ وال أدرى ـ ُتراه ُيريدنى‬
‫‪4‬ـ فقيل ‪ :‬وهل تبغى الزيادة بعدهــا *** فقلت ‪ :‬وهل غير الكريم ُيزيدُنى‬
‫عقب تجلى إمام الكائنات قال الجمع المجتمعون عند إمام الكائنات وموطنهم (فوق هامات الذرى)‬
‫فقلت ‪ :‬أى المتحدث سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪ ,‬أى رديت على حوار دار بين أهل هذا الجمع‬
‫وسيدى فخر الدين فى إحدى رحالت االسراء التى يتم فيها عطاء هللا بكف إمام الكائنات حالة تدانيه‬
‫التى فيها يطعمنا ويسقينا ‪ ,‬حيث قلت فى القصيدة (‪:)29‬‬
‫حلت على أهل هذا الحى فرحته *** كل ٌ تخلى فال معنـا وال فينا‬

‫‪60‬‬
‫لكنــــــــه من ندى الكف ألبسنا *** ثوبا ً صفيا ً شهدنـاه بدا فينا‬
‫وهذا معنى فقلت ‪ .‬حيث أن ذلك الموطن حضرة القرب والتالقى ‪ُ ,‬تراه يريدنى ‪ :‬من أجل أن يمنحنا‬
‫عطاءه من شراب الوصل ‪ ,‬ومعنى وال أدرى أى أن تفاصيل الحوار جاءت به بقية القصيدة (‪)29‬‬
‫‪:‬‬
‫وآية من تجلى نــــــــور طلعته *** فى آخر الليل تعطينـــــا فترضينا‬
‫لما دنا الرفرف األسمى لرقوته *** لمـــــا سمى فوق ذا أفنى تسامينا‬
‫كنـــا غيوبا ً فصرنا بعد سروته *** عين الشهود شعاع الشمس يفشينا‬
‫فقيل ‪ :‬من قِ َبل أهل الجمع ‪ ,‬وهل تبغى الزيادة بعدها ‪ ,‬حيث قلت عن الزيادة ‪:‬‬
‫هللا من بعد الزيــــــــادة زادنى *** فهو القدير ومن لديه قدير‬
‫والعيش فى دار السعادة راقنى *** وجهنم للمجرمين حصير‬
‫الوقت فى سنن العبـادة قد فنى *** وأنا بقولـــــى منذر وبشير‬
‫فقلت ‪ :‬وهل غير الكريم يزيدنى (وهل هناك غير الكريم الذى كرمه عميم) يزيدنى ‪.‬‬
‫‪4‬ـ فإن لى األخـــرى وجـــدى قدوتى *** وما شهدوا األنوار وهى ُتذي ُبنى‬
‫وحيث جاء قول الحق سبحانه وتعالى فى سورة الضحى التى قال عنها سيدنا اإلمام على أنها‬
‫أرجى آية فى كتاب هللا {ولآلخرة خير لك من األولى ولسوف يعطيك ربك فترضى} مثلى مثل جدى‬
‫فإن لى اآلخرة ونعيمها ‪ ,‬فهو باهلل قدوتى ‪ ,‬وما شهدوا األنوار التى تذيبنى حين تدور بالقدرة‬
‫فأتنقل بين المراتب من فناء لبقاء فى خفاء حتى صرت خفى مقام والخفاء وقايتى ‪ ,‬والخفاء‬
‫مزيتى ‪ ,‬والخفاء روادى ‪ ,‬وعلى ذلك جاء قولى ‪:‬‬
‫وأعرف أقدار الرجال جميعهم *** ولكنهم ضلوا ابتداء مكانتى ‪5 /4‬‬
‫‪7‬ـ وما شهدوا لما شهدت كمالـــــــــه *** وال عرفوا كيف الكريـــم ُيثي ُبنى‬
‫وحين سعيت اليه مرفوع هامة قلت ‪:‬‬
‫أشاهد محبوبى وأشهد فضله *** وغم على غيرى بغيب الغمامة ‪5 /270‬‬
‫لما شهدت كماله فهم لم يشاهدوا ماشهدته حيث أصبحت فى حالة صحو ويقظة عند مشهادته‬
‫بكماله كما أشهدت فضله ‪ ,‬و ُغم على غيرى تلك الشهادة لحجبنا عنهم ‪ ,‬وعليه لم يدركوا معرفة‬
‫كيف يثيبنى الكريم صاحب الفضل العيم بكرمه ‪,‬‬
‫‪9‬ـ دنيتكم بخس الجواهــــــــــر حقها *** وآخرتى قربــــــــاى منه ُتفيدُنى‬

‫‪61‬‬
‫وسبب وضع الحج اب على أعين المنكرين هو تدنى المعرفة بمعان جل وصف غراسها ومناقب‬
‫جلت عن االفهام و أعالها هو المعرفة الحقة بصاحب الحقيقة أوالً وقرباى منه هى التى تفيدنى‬
‫ودنيتكم بالمعرفة هو سبب بخسكم لجواهر علومنا التى فيها الفائدة ‪.‬‬
‫‪8‬ـ إذا ركب المغبـــــــون ألف مطية *** ليجمــــع فيهـــــــا كيدُه و َيكيدُنى‬
‫فكم يا آل عهـــــــدى من عصى *** ومغبـــــــون ولكنــــــــى حلمت ‪55 /24‬‬
‫ومن هو مغبون أراه وقد غوى *** فال هو فى صمت وال هو صائح ‪92 /55‬‬
‫وإن قلوبا ً كبل الوهـــــم سيرها *** اذا غبنت ماذا تفيـــــــد النصائح ‪92 /57‬‬
‫يق ول سيدى فخر الدين ضى هللا عنه لمريده العبيد التى تجلى عليه بنور علومه (التى تروى حكاية‬
‫امام الكائنات) ان من شرب التفريق بينى وبينه ال تجديه الرقى والمسابح ‪ ,‬وربك ابراهيم غافر‬
‫لمثل هذه الذنوب ولكنه غيب (فى المرتبة األوالنية) يعنى ما موجود أبداً حى على االطالق ‪ ,‬ال ملك‬
‫وال نبى وال صحابى وال ولى ‪ ,‬أيا ً ما كان من الوجود ‪ ,‬ما موجود غير هللا من كده تأكد بأنه ذات‬
‫البارى تبارك وتعالى فى نرتبته األوالنية حى بعدين عليم بعدين متكلم ‪ ,‬الصفات الثالثة دول مفاتح‬
‫الغيب ‪ ,‬ومفاتح الغيب عند الصوفية هى (حى عليم متكلم) ولكنه غيب لديه المفاتح ‪ ,‬فمن هو‬
‫مغبون أراه وقد غوى فال هو فى صمت وال هو صائح ‪ ,‬فإن أهل الزيغ غانت على عيونهم القرائح‬
‫‪ ,‬فيظهرون ماال يبطنون بزعمهم ‪ ,‬لذلك فال صفح اذا ما تصافحوا ‪ ,‬وان قلوبا ً كبل الوهم سيرها‬
‫فى حالة غبنها ال تفيد النصائح ‪ ,‬فكم يا آل عهدى من عصى ومغبون ولكنى حلمت كعادتى ‪,‬فإذا‬
‫ركب المغبون ألف مطية يحمل فيها كيده ويجمعه ليكيدنى ‪ ,‬ويذكرنى قول الحق تعالى ‪:‬‬
‫{إنهم يكيدون كيداً ‪ ,‬وأكيد كيداً ‪ ,‬فمهل الكافرون أمهلهم رويداً} ‪54‬و‪54‬و‪57‬من سورة الطارق‪.‬‬

‫العبيـــــد ُيعيدُنى‬
‫‪53‬ـ لمات ولم يبلغ منـــــــاه وبعدها *** تبارك معبــــود َ‬
‫اذا ركب المغبون العصى ألف مطية حامالً عليها كيده ليكيدنى لمات ولم يبلغ مناه وبعدها ‪ ,‬أى بعد‬
‫موته والقضاء عليه تبارك وتعالى معبود العبيد الذى بيده مبدئى ومعادى ‪.‬‬
‫‪55‬ـ فياليت أرباب الفهوم على هدى *** ويا ليت مستمــع الحديث ُيجي ُبنى‬
‫‪52‬ـ فال جدل بين الصحيـــح وضد ِه *** فإنى صرح والقـــــــرآن ُيشيدُنى‬
‫‪50‬ـ فجدى من َو ِر َث ال ُعلوم جمي َعها *** ولم ي ُك مقطــــوع الوتيـن ُيري ُبنى‬
‫فياليت أرباب الفهوم وأصحاب العقول على هدى ‪ ,‬أى نتمنى أن يكون كل من لديه عقل يرشده‬
‫ويهديه الى فهم المعان التى جل وصف غراسها أن يكون له ادراك ذلك ‪ ,‬كما أن كل مستمع لكالمى‬

‫‪62‬‬
‫وحديثى المنقول اليكم جميعا ً أن يجيبنى ‪ .‬أى يكون لديه االجابة الشافية عن كل تساؤالتى‪ ,‬فال جدل‬
‫بين الصحيح وضده (الباطل) الذى جئتكم به حينما قلت ‪:‬‬
‫فلتسمعوا قولى صحيحا ً مسنداً *** ان البيان بسورة الرحمن‬
‫سبحان من خلق الحقيقـة أوال *** نور النبى معلـــــم القرآن‬
‫وإنى حق والحقيقــــة اودعت *** غيابة جب يوسفى بفطنـة‬
‫ولوأن من خطب الحقيقة جاءنى *** فبال عنــــاء عندهـــــا يلقانى‬
‫كم لى على أهل الحقيقــة من يد *** غرقــوا الى األذقان فى آالئى‬
‫سلنى امدك يا بنى بعلمنـــــــــــا *** ان شئت فاسألنى عن اإليمان‬
‫سألتم *** سلونى ليتكـــــــــم لو تسألون‬
‫فيا أبناء عهدى ان َ‬
‫فإنى صرح كبير وكامل البنيان حيث أنى بنيان الحق تعالى ويظهر ذلك المعنى فى القرآن الذى أتى‬
‫به الحق تعالى ُيشِ يد بالبنيان الكامل وهوجدى القائل ‪ :‬مثلى ومثل االنبياء من قبل كصرح شيد‬
‫للناس زينه الحق تعالى وبقيت فيه موضع لبنة فكنت أنا اللبنة التى زينت ذلك البناء ‪ ,‬فجدى‬
‫وحظى الذى هو رزقى من ورث العلوم جميعها عن جده رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬وهذا‬
‫كالمى الذى يحتوى على الحقائق العالية الموصول التى ال يستطيع مقطوع الوتين أن يخيفنى ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫اجا َو َق َم ًرا ُّمن ً‬
‫ِيرا( ‪َ ) 45‬وه َُو الَّذِي َج َعل َ اللَّ ْيل َ‬ ‫وجا َو َج َعل َ فِي َها سِ َر ً‬ ‫اء ُب ُر ً‬ ‫س َم ِ‬ ‫ار َك الَّذِي َج َعل َ فِي ال َّ‬
‫َت َب َ‬
‫صدق هللا العظيم‬ ‫ورا)‪(62‬‬ ‫ش ُك ً‬‫خ ْل َف ًة لِّ َمنْ أَ َرا َد أَن َي َّذ َّك َر أَ ْو أَ َرا َد ُ‬ ‫َوال َّن َه َ‬
‫ار ِ‬
‫سورة الفرقان‬

‫‪5‬ـ تبـــــــارك هللا إن الحـــــــق منشينـــى *** وزفرة الحـال تطربنى وتشجينى‬
‫‪2‬ـ إذا جنحتم لهــــــــــا فاهلل حافظكــــــــم *** وإن جمحتــــم فإن هللا كافينـــــى‬
‫من اقوال األمام سيدى فخر الدين‬

‫‪64‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫القصيدة السابعة والثالثون‬
‫‪ 4‬يناير ‪5894‬م‬ ‫أبياتها (‪)04‬‬ ‫السبت ‪ 50‬ربيع ثانى ‪5534‬هـ‬
‫‪-------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫هذه القصيدة نزلت على ثالثة أجزاء ‪:‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬السـبت ‪ 4‬يناير ‪5894‬‬
‫الجزء الثانى ‪ :‬األحـد ‪ 4‬يناير ‪5894‬‬
‫الجزء الثالث ‪ :‬الثالثاء ‪ 9‬يناير ‪5894‬‬
‫ـ مناسبتها لما قبلها ‪ :‬فى معنى البيت األول من القصيدة (‪:)04‬‬
‫تجلى إمام الكائنات بنوره *** لقلب ُع َب ْيد ال على بيت ُبنِى‬
‫المتجلى هنا هو (إمام الكائنات) أولها ‪ ,‬وهو أول شىء من األشياء أوجده الحق تعالى فى أزل‬
‫اآلزال ‪ ,‬وهو الذى قيل فى حقه ‪:‬‬
‫يا أول الخلق فى إطالقه ألفا ً *** به التآلف يا قاب الهدايات‬
‫يعنى أن أول الخلق هو (ألف) أتى به الحق تعالى للتآلف ‪ ,‬وقاب الهدايات ‪ ,‬يعنى أن األلف هو‬
‫الكتاب الهادى أى الدال على أنه حضرة قاب قوسيها الهدى ال ينتهى ‪ ,‬وإسم هذه الحضرة (كتاب‬
‫هللا) وأشارت اليه القصيدة (‪ )97‬بقوله رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫ما كتاب هللا اال جمعنــا *** إنمــــــــــا االحباب آيات به‬
‫ما كتاب هللا اال حضرة *** قاب قوسيها الهدى ال ينتهى‬
‫وكتاب هللا هذا هو (األلف) من اآلية األولى من سورة البقرة {ألــــم } فهو المشار اليه بأداة‬
‫اإلشارة للبعيد وهى (ذلك) ‪ ,‬أى أن األلف كتاب يشار به الى الحقيقة األحدية والميم كتاب يشار بها‬
‫الى الحقيقة المحمدية والالم الالمة كتاب يشار بها الى الذات المحمدية ‪.‬‬
‫وكلمة ذلك من اآلية الثانية يشار بها الى كتاب األلف ‪ ,‬وذلك (الكتاب) ال ريب فيه الهدى والداللة‬
‫للمتقين الى الحضرة التى فيها الهدى ال ينتهى ‪ ,‬بل هو قاب الهدايات لألحباب الذين هم آيات ذلك‬
‫الكتاب ‪.‬‬
‫وإمام الكائنات ‪ :‬نور عين النور والتى نناديه فى توسل السادة البرهانية (ويا نور عين النور حقق‬
‫عبودتى) ‪ ,‬وهو المشار اليه بالحقيقة التى تأكد بيانها بسورة الرحمن ووضحته القصيدة النونية‬
‫فى قوله رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫فلتسمعوا قولى صحيحا ً مسنداً *** إن البيان بسورة الرحمن‬
‫‪65‬‬
‫سبحان من خلق الحقيقــة أوالً *** نور النبى معلــــم القرآن‬
‫تجلى إمام الكائنات بنوره ‪:‬‬
‫خ ْل َقة ‪ ,‬وهو الروح األعظم صلى هللا‬
‫من المفروض أصالً أن إمام الكائنات هو أول شىء َخ ْلقا ً و ِ‬
‫عليه وسلم ولكن صاحب الروح األعظم صلى هللا عليه وسلم هو المشار اليه بكنز األحدية ‪,‬‬
‫وسيدى فخر الدين رضى هللا عنه بين لنا أن األحدية كان منها نور النبى عليه الصالة والسالم ‪,‬‬
‫واألحدية دائرة مغلقة ما فيها مطمع لبشر وما ممكن الوصول اليها ‪ ,‬ألنه نور صرف ‪ ,‬مضاف الى‬
‫هللا لقوله عليه الصالة والسالم {أنا من نور هللا والمؤمنون من رشحات نورى} إذن نورى هو‬
‫النور المضاف اليه عليه الصالة والسالم إضافة تكريم ‪ ,‬من النور المبين وهو المشار اليه‬
‫بالحقيقة أوالً (نور النبى) نور جدى األغلب والذى من أجله قال رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫من أجل ابراهيم بعد رجائــــه *** هذا الحديث ومنحتى وكالمى‬
‫فهو الحبيب وال يخيب رجاؤه *** أورثته ســـــــــراً عليه لثامى‬
‫ما غير ابراهيم عبد ذو حمى *** هو مجتبى حتى يقـــوم مقامى‬
‫بعد أن قال ‪:‬‬
‫من أجل ابراهيــــم قد أمليتها *** حملت اليكــــم غايتى ورجيتى‬
‫لذا جاء قولنا أن (سيدى كمال الدين الشيخ ابراهيم) رضى هللا عنه هو المقصود بقول سيدى فخر‬
‫الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫تجلى إمام الكائنات (بنــوره) ‪.‬‬
‫للتوضيح أكثر ‪:‬‬
‫(نور هللا الصرف) الروح األعظم حضرة النبى عليه الصالة والسالم‬
‫(نــــــــــــــورى) هو الروح المستخرجه من الروح األعظم موالى كمال الدين رضى هللا عنه‬
‫المؤمنون{من أرواح الصف األول ‪ +‬المثانى}‬
‫(بنـــــوره) وسيدى االمام فخر الدين (النــور) الذى جاء بالنــور(شراب الوصل ) وهو القائل فى‬
‫القصيدة البائية‪:‬‬
‫تاهلل ما نضب المعـــــيـ *** ن وال معيــنى ينضب‬
‫فأنا على مر الســــــنيـ *** ن لكل قـــــوم مشرب‬
‫نورى من النور المبـيـ *** ن ونور جدى األغلب‬
‫لقلب ُعبيد ال على بيت بنى ‪:‬‬
‫لم يقل لقلب عبد ألنه هو عبده الوحيد صاحب منزلة النور ‪( ,‬منزلة األحدية) حيث أن األحدية‬
‫أحديتان ‪ ,‬أحدية صرفة وأحدية الكثرة المشار اليه فى القصيدة (‪ )04‬بقوله ‪:‬‬

‫‪66‬‬
‫أنا الذى فى أنا إنى كمنزلــة *** ألحمد نورهـا منشى حقيقتنا ‪04 /2‬‬
‫المنوط به كنية العبودية المشار اليها فى القصيدة (‪ )04‬بقوله ‪:‬‬
‫ونزهتنا عن االشراك أجمعه *** وكنية العبد تاج فوق أرؤسنا ‪04 /4‬‬
‫ـ الفكرة التى تدورحولها القصيدة ‪ :‬فى معنى البيت الخامس منها ‪:‬‬
‫و ُي ْؤ َج ُر العبـــــد عنـــد هللا منزلـــــــــة *** وقد أتى ذكـــرها فى نون والتين‬
‫وهذه المنزلة أتت اإلشارة اليها فى البيت الثانى من القصيدة (‪: )04‬‬
‫أنـــا الذى فى أنــــا إنى كمنزلـــــــــة *** ألحمد نورهــــــا منشى حقيقتنا‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫أنا الذى فى أنا إنى كمنزلة ألحمد (األحدى) الذى أحديته من (أحدية الكثرة) صاحب الحضرة‬
‫الواحدية المتنزلة من الحضرة األحدية التى ظهرت بحقائق األسماء الحسنى ‪ ,‬والصفات العليا ‪,‬‬
‫الذى تعشقت به الحضرة الكمالية تعشق اإلسم بالمسمى والصفة بالموصوف ‪ ,‬فكل معانى تلك‬
‫الكماالت ال تشير بحقيقتها اال اليه وال تدل بهويتها اال عليه ‪ .‬فلو تحقق أحد بكمال من تلك‬
‫الكماالت المشار اليها ‪ ,‬كان عطفا ً عليه لديها ‪ ,‬وتقدير هذا الكالم أنه لو تحقق ألف نبى أو ولى‬
‫كامل بالحقيقة النورانية ‪ ,‬حتى صار كل منهم نوراً مطلقا ً ‪ ,‬ثم أَ ْط َل ْق َت إسمه (النور) ‪ ,‬لم يقع هذا‬
‫اإلسم إال عل يه ‪ .‬ولم تسبق هذه الصفة اال اليه صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬ولهذا سماه هللا تعالى فى‬
‫كتابه العزيز بالنور دون غيره ‪.‬‬
‫وهذه الحقيقة هى حقيقة ألحمد الذى سماه هللا فى كتابه العزيز بالنور دون غيره ‪ ,‬حيث صار نور‬
‫هذه الحقيقة هو نوره الذى وقع عليه ‪.‬‬
‫(نورها منشى حقيق تنا) أى نوره صلى هللا عليه وسلم هو الذى إنفلقت منه األنوار التى تعلقت‬
‫بحقيقته التى أ ُ ْنشِ أت منها كل الحقائق ‪.‬‬
‫ثم يقول رضى هللا عنه أن هذه المنزلة هى فى الحقيقة منحة من الحق الى العبد (وارث مرتبة‬
‫العبودية) وهذه الحقيقة هى التى أتى ذكرها فى (نون) سورة القلم وسورة التين ‪ ,‬حيث خاطبه‬
‫الحق تعالى فى سورة القلم بقوله ‪:‬‬
‫{نون والقلم وما يسطرون ‪ ,‬ما أنت بنعمة ربك بمجنون ‪ ,‬وإن لك ألجراً غير ممنون} ‪.‬‬
‫وأتت اإلشارة اليها فى سورة التين بقوله تعالى {لقد خلقنا اإلنسان فى أحسن تقويم ‪ ,‬ثم رددناه‬
‫أسفل سافلين ‪ ,‬إال الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أج ٌر غير ممنون} ‪.‬‬
‫فالحقيقة التى أتى ذكرها فى نون والتين هى الحقيقة أوال نور النبى معلم القرآن ‪ ,‬وموطنها‬
‫الحضرة األحدية المتنزل منها الواحدية وهى كمنزلة ألحمد نورها منشى حقيقتنا ‪ ,‬وهذه حقيقة‬
‫‪67‬‬
‫أول شىء خلقه الحق تعالى قبل األشياء ‪ ,‬وهو اإلنسان الذى خلقه فى أحسن تقويم ‪ ,‬وقال عنه ‪:‬‬
‫ثم رددناه أسفل سافلين أى أنزلناه الى موطن التكوين البشرى ‪ ,‬فهو العبد الذى أجره غير ممنون‬
‫إلرشاد العباد ومعه الذين آمنوا وعملوا الصالحات (األوراد) ‪.‬‬
‫يبدأ سيدى فخر الدين القصيدة بقولة رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫‪5‬ـ تبـــــــارك هللا إن الحـــــــق منشينـــى *** وزفرة الحـال تطربنى وتشجينى‬
‫‪2‬ـ إذا جنحتم لهــــــــــا فاهلل حافظكــــــــم *** وإن جمحتــــم فإن هللا كافينـــــى‬
‫‪0‬ـ أبنــــــــاء عهدى بمصر الخير إنكــــم *** قد إصطفيتم بإرفــــــادى وتلقينى‬
‫‪5‬ـ وغايـــــــة القصد حسن القصد العوج *** ووحدة الصف عندى عمدة الدين‬
‫‪4‬ـ و ُي ْؤ َج ُر العبـــــد عنـــد هللا منزلـــــــــة *** وقد أتى ذكـــرها فى نون والتين‬
‫الشرح والتفصيل ‪:‬‬
‫‪5‬ـ تبـــــــارك هللا إن الحـــــــق منشينـــى *** وزفرة الحـال تطربنى وتشجينى‬
‫معنى تبارك هللا ‪ :‬تقدس وتنزه‬
‫منشينى ‪ :‬رعايتى وتربيتى فى كنفه‬
‫معنى َز ْف َر ٌة ـ الجمع ‪ُ :‬ز َف ٌرة ‪َ ,‬ز َفرات‬
‫حارا في ِه آه ٌَة َو َح َ‬
‫رارةٌ‪.‬‬ ‫زفر] َز َف َر َز ْف َرة‪َ ":‬ت َن َّف َ‬
‫س َت َن ُّف ً‬
‫سا ًًّ‬
‫زفرة الحال ‪ :‬وآهة تنفسى بها يجعلنى فى طرب وشجون ‪.‬‬
‫ـ يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه تبارك هللا المهيمن على الحضرة اإللهية وتقدست أسمائه‬
‫وتنزهت صفاته إلختيارى وتنشئتى تحت كنفه ورعايتى فى الحضرة وتلقينى وتمكينى من المعرفة‬
‫بالعطية (الوالية ـ الخالفة) التى إكتملت قبل الماء والطين ‪ ,‬وفى هذه الخالفة خدمة الطريقة‬
‫البرهانية التى تمثل مرتبة اإليمان من الدين ‪ ,‬حيث هيأ لى سفينتها التى ينجوا كل من ركبها‬
‫صحبتى فهى تحمل على عاتقها كل من نجى من الغرق والهالك ‪ ,‬فهى التى تجرى بعين هللا عند‬
‫مسيرها وسرعة سيرها تستوقف الكرام الكاتبين ‪ ,‬وكل من ركبها صار من السالمين ومن كان‬
‫حظه ركوبها فهو من المسلمين ‪ ,‬ففيها مسك الختام وبغية الواصلين وكل من يركبها يكون من‬
‫أهل االيمان بمعرفة حقيقتها وتكون التعاسة لدى الجهالء والمنكرين لها ‪ .‬وزفرة الحال ونطقى‬
‫بألفاظ هذه الحقيقة فيه آهة وحالوة وحرارة تجعل الحديث عنها يطربنى ويشجينى بمنحتى وكالمى‬
‫‪.‬‬
‫‪2‬ـ إذا جنحتم لهــــــــــا فاهلل حافظكــــــــم *** وإن جمحتــــم فإن هللا كافينـــــى‬
‫‪68‬‬
‫معنى جنح‪:‬‬
‫ح إليه ‪.‬‬‫نوحا‪ ,‬فهو جانِح‪ ,‬والمفعول مجنو ٌ‬ ‫ج َن َح‪/‬ج َن َح إلى‪/‬ج َن َح ل َيج َنح و َيج ُنح‪َ ,‬ج ْن ًحا و ُج ً‬
‫مس‪ :‬مالت للمغيب * ‪.‬ج َنح اللَّيلُ‪:‬‬
‫ش ُ‬ ‫ت ال َّ‬
‫وي‪ * .‬ج َنح ِ‬
‫س ًّ‬‫خص‪ :‬انقاد‪ ,‬حاد عن الطريق ال َّ‬ ‫ش ُ‬ ‫*ج َنح ال َّ‬
‫مال لذهاب‪...‬‬
‫معنى جمح ‪:‬‬
‫فرس جموح‪ -‬جمحت‬
‫ٌ‬ ‫وخرج عن سيطرته (حصانٌ جامح‪-‬‬
‫َ‬ ‫الفرس‪ :‬عصى أمر صاحبه‬ ‫ُ‬ ‫ج َمح‬
‫ُ‬
‫السفينة‪ :‬لم يتم ًّك ‪..‬‬
‫وج َمحت المرأةُ من‬
‫ح‪َ .‬‬ ‫فرس َجمو ٌ‬
‫ٌ‬ ‫س ُه وغل َبه‪ ,‬فهو‬ ‫اع َت َّز ِ‬
‫فار َ‬ ‫جماحاً‪ ,‬إذا ْ‬
‫َج َم َح الفرس ُجموحا ً و ِ‬
‫ت‬ ‫جها‪ ,‬وهو ُخرو ُجها من بيته إلى أهلها قبل أن ُي َطلِّ َقها‪ .‬قال الراجز‪ :‬إذا َرأَ ْتني ُ‬
‫ذات ضِ ْغن َح َّن ِ‬ ‫زو ِ‬
‫وج َم َح ْت من‪...‬‬
‫َ‬
‫جمح جمح جمحت المرأة تجمح جماحا من زوجها خرجت من بيته إلى أهلها قبل أن يطلقها ومثله‬
‫طمحت طماحا قال إذا رأتني ذات ضغن حنت وجمحت من زوجها وأنت وف‪..‬‬
‫جمح الفرس‪ ,‬و جمحت المرأة من زوجها ‪ :‬و هو خروجها من بيته الى أهلها قبل ان ‪-‬صحا‬
‫أسرع‪ .‬قال أبو عبيدة ‪: :‬يطلًّقها‪ .‬و الجموح من الرجال الًّذي يركب هواه فال يمكن ر ًّده‪ .‬و جمح‬
‫‪ ...‬في قوله‬
‫ـ فعلى الجميع أن يسلكوا طريقى الذى رسمه الحق تعالى لها ‪ ,‬واوصيتكم سابقا ً بقولى ‪:‬‬
‫أوصيكها نوحية فاعمــــل بهــــا *** فى ذكرها غصت صحاف األولين‬
‫فاركب معى ان العزيمة مركبى *** تستوقف الغــــر الكـــــرام الكاتبين‬
‫ٌ‬
‫همــة *** فى تركهــا يبــــدوا هالك المغرقين‬ ‫جودى‬
‫َ‬ ‫ترسو على جودى‬
‫تجرى بعين هللا عند مسيرهــــا *** فاهلل حصنى وهــــو خير العاصمين‬
‫أى أوصيتكم أنها مثل سفينة نوح التى ِذ ْكرها مأل كتب وصحائف األولين ‪ ,‬فهى تسير بهمتى وفى‬
‫تركها يبدوا هالك المغرقين ‪ ,‬فهى تجرى بعين هللا (عين َعل ِْى) وهى إحدى العيون األربعة التى‬
‫وردت إشارتها فى القصيدة (‪ )53‬بقولى ‪:‬‬
‫سفين نجى هللا هل تذكريننى *** ألست وآلى مذ نشرت شراعى ؟ ‪53 /52‬‬
‫فهى تسير آمنة تحت حراسة خير العاصمين ‪ ,‬وإذا جنحتم لها فاهلل حافظكم من الهالك والغرق ‪,‬‬
‫فمن ركبها نجا بنفسه ومن لم يركب معى وجمح وحاد عنها هلك وغرق ‪ ,‬فاهلل كافينى شر وبال‬
‫أمره وهو خير العاصمين ‪.‬‬
‫‪0‬ـ أبنــــــــاء عهدى بمصر الخير إنكــــم *** قد إصطفيتم بإرفــــــادى وتلقينى‬

‫‪69‬‬
‫في ا أبناء عهدى بمصر أى القاطنين مصر ‪ ,‬الخير إنكم أى فى تأكيد (نعمة) إصطفاكم باإلرفاد‬
‫واإلمداد بهذا العلم الذى جئتكم به وهو الذى حبيناه قبل الماء والطين وفى معرفته توحيد رب ‪,‬‬
‫حيث أنه سرى الذى أشرت اليه فى القصيدة (‪ )05‬بقولى ‪:‬‬
‫ويوم يطيب لى إفشــاء سرى *** ليوم فيه عطلت العشار ‪05 /22‬‬
‫وعلم يجتنى من بعض علمى *** لعلم منه سجرت البحار ‪05 /20‬‬
‫‪5‬ـ وغايـــــــة القصد حسن القصد العوج *** ووحدة الصف عندى عمدة الدين‬
‫وغاية القصد من العلم الذى جئتكم به هو حسن القصد العوج ‪ ,‬وحسن القصد يأتى من معرفة‬
‫المراد الذى هو عمدة الدين ‪ ,‬بل هو الدين القويم الذى ال ينال إال بوحدة الصف التى بها يستقيم‬
‫الدين للوصول للحقيقة المشار اليها فى القصيدة (‪:)99‬‬
‫ذى سماء بها الحقائق تطوى *** باؤها ياؤها وذا اإلنطواء ‪99 /5‬‬
‫فرقها واحــــــد توسط جمعا ً *** بل لهـم حلة وفيها إحتواء ‪99 /4‬‬
‫أمرها واحـــــــد وثم التفات *** دونه شبهة وليس إلتـــواء ‪99 /4‬‬
‫‪4‬ـ و ُي ْؤ َج ُر العبـــــد عنـــد هللا منزلـــــــــة *** وقد أتى ذكـــرها فى نون والتين‬
‫حوار حول منزلة العبد ‪:‬‬
‫هذه المنزلة أتت اإلشارة اليها فى البيت الثانى من القصيدة (‪: )04‬‬
‫أنـــا الذى فى أنــــا إنى كمنزلـــــــــة *** ألحمد نورهــــــا منشى حقيقتنا‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫أنا الذى فى أنا إنى كمنزلة ألحمد األحدى الذى أحديته من (أحدية الكثرة) صاحب الحضرة‬
‫الواحدية المتنزلة من الحضرة األحدية التى ظهرت بحقائق األسماء الحسنى ‪ ,‬والصفات العليا ‪,‬‬
‫ال ذى تعشقت به الحضرة الكمالية تعشق اإلسم بالمسمى والصفة بالموصوف ‪ ,‬فكل معانى تلك‬
‫الكماالت ال تشير بحقيقتها اال اليه وال تدل بهويتها اال عليه ‪ .‬فلو تحقق أحد بكمال من تلك‬
‫الكماالت المشار اليها ‪ ,‬كان عطفا ً عليه لديها ‪ ,‬وتقدير هذا الكالم أنه لو تحقق ألف نبى أو ولى‬
‫كامل بالحقيقة النورانية ‪ ,‬حتى صار كل منهم نوراً مطلقا ً ‪ ,‬ثم أَ ْط َل ْقت إسمه (النور) ‪ ,‬لم يقع هذا‬
‫اإلسم إال عليه ‪ .‬ولم تسبق هذه الصفة اال اليه صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬ولهذا سماه هللا تعالى فى‬
‫كتابه العزيز بالنور دون غيره ‪.‬‬
‫وهذه الحقيقة هى حقيقة ألحمد الذى سماه هللا فى كتابه العزيز بالنور دون غيره ‪ ,‬حيث صار نور‬
‫هذه الحقيقة هو نوره الذى وقع عليه ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫(نورها منشى حقيقتنا) أى نوره صلى هللا عليه وسلم هو الذى إنفلقت منه األنوار التى تعلقت‬
‫بحقيقته ال ُمن َ‬
‫شأة منها كل الحقائق ‪.‬‬
‫ثم يقول رضى هللا عنه أن هذه المنزلة هى فى الحقيقة منحة من الحق الى العبد (وارثه مرتبة)‬
‫وهى التى أتى ذكرها فى سورة القلم وسورة التين ‪ ,‬ثم خاطبه الحق تعالى فى سورة القلم بقوله‬
‫{نون والقلم وما يسطرون ‪ ,‬ما أنت بنعمة ربك بمجنون ‪ ,‬وإن لك ألجراً غير ممنون} ‪.‬‬
‫وأتت اإلشارة اليها فى سورة التين بقوله تعالى {لقد خلقنا اإلنسان فى أحسن تقويم ‪ ,‬ثم رددناه‬
‫أسفل سافلين ‪ ,‬إال الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أج ٌر غير ممنون} ‪ ,‬فالحقيقة التى أتى‬
‫ذكرها فى نون والتين هى الحقيقة أوال نور النبى معلم القرآن ‪ ,‬وموطنها الحضرة األحدية المتنزل‬
‫منها الواحدية وهى كمنزلة ألحمد منشى حقيقتنا ‪ ,‬وهى أول شىء خلقه الحق تعالى قبل األشياء‬
‫وهو اإلنسان الذى خلق فى أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين أى نزل الى موطن التكوين‬
‫البشرى وهو العبد الذى أجره غير ممنون ومعه الذين آمنوا وعملوا الصالحات (األوراد) إلرشاد‬
‫باقى العباد ‪.‬‬
‫‪4‬ـ فمن تصفى من األغيــــــــار أجمعهـــا *** لبؤأ الروح دك الطــــور بالسين‬
‫معنى كلمة (لبوأ) نأخذه من معنى اآلية (‪ )24‬سورة الحج‬
‫َوإِ ْذ َب َّو ْأ َنا ِإلِ ْب َراهِي َم َم َكانَ ا ْل َب ْي ِ‬
‫ت يقول الحافظ ابن كثير ‪-‬رحمه هللا ‪-:‬فذكر تعالى أنه بوأ إبراهيم مكان‬
‫البيت‪ ,‬أي أرشده إليه‪ ,‬وسلمه له‬
‫فكل من سلك طريق الصوفية وذكر حتى صفى قلبه من األغيار ‪ ,‬وتهيأ لتزكية روحه وأرشادها الى‬
‫التعرف علي المعنى المراد من الحقيقة التى أتى ذكرها فى نون والتين وهى الخالفة التى حبيناها‬
‫قبل الماء والطين وتذكر قول سيدى فخر الدين فى القصيدة النونية ‪:‬‬
‫فلتسمعوا قولى صحيحا ً مسنداً *** إن البيان بسورة الرحمن‬
‫سبحان من خلق الحقيقــة أوالً *** نور النبى معلــــم القرآن‬
‫فإذا سكن قلبه صار محالً لسر المعرفة بصاحب الحقيقة وحده المشار اليه فى القصيدة (‪: )58‬‬
‫يا نعم ما طلع الجمال من العمى *** نعم الظهور وجل من يغشاه‬
‫سر على كل العظام وإنــــــــــه *** بظهور غيب الذات ما أفشاه‬
‫‪7‬ـ وينفع الحب قــــول الحــــق فى وضح *** بال ريـــاء وإطـــــراء وتلـــوين‬
‫بعد وقوله رضى هللا عنه فمن تصفى من األغيار وأصبح قلبه ممتألً بحب شيخه ‪ ,‬قال‪:‬‬
‫وينفع الحب قول الحق الذى جاء فى البيت التاسع من نفس القصيدة الذى يقول فيه سيدى فخر‬
‫الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫‪71‬‬
‫وقولى الحق إن تابوا فقد سلموا *** وإن تولوا فرب البيت يغنينى‬
‫وحق له ذلك ألن القصائد تنزلت من منزلة (إنى)التى تشير الى الحقيقة األحدية فهو القائل رضى‬
‫هللا عنه ‪:‬‬
‫أنا الذى فى أنا إنى كمنزلــــــة *** ألحمد نورها منشى حقيقتنــا‬
‫بعد أن قال ‪:‬‬
‫وإنى ًحق والحقيقـــــة أودعت *** غيابـــــة جب يوسفى بفطنـــــة‬
‫وكان أبو العينيين وارد مائهـا *** فأدلى بدلـــو قال تلك بشارتـــى‬
‫وإنى حق شأن كل مؤيــــــــد *** وإنى رب البيت وهى بعصمتى‬
‫ً‬
‫غيابة جب كى تصان لوقتهــا *** وما قلت ألقــــوها ولكن وديعتى‬
‫ولما تغاشينا حملنـا أمانـــــــة *** فصرنا مزاجا ً واحداً فى الحقيقـة‬
‫وأيدنى األقطاب جمعا ً وقدموا *** مزاجى لألكوان تلك بشارتــــى‬
‫وهذا هو القول الواضح الذى ال رياء فيه وال إطراء وال تلوين ‪.‬‬
‫‪9‬ـ تقاذف القــــــوم زوراً باطـــالً دخــالً *** وما دروا أن ذاك األمــر يعنينـى‬
‫‪8‬ـ وقولى الحق إن تابــــــوا فقد سلمــــوا *** وإن تولـــــوا فرب البيت يغنينى‬
‫قرى عندهـــــــم فاهلل يقرينى‬
‫ً‬ ‫‪53‬ـ ويشهد الحق إن آبــــوا فقد غنمــــوا *** وال‬
‫وفى هذه األبيات يبين سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ماهية الحقيقة وكنهها وعالقته الوطيدة بها‬
‫وصياغتها على هيئة نظم در نفيس ‪ ,‬فهى رحيقه المختوم بالمسك الذى مزاجه من تسنيم ‪,‬‬
‫ويتنافس فيه المتنافسون ويتزاحم على شرابه المقربون ‪ ,‬فمن شربه بكفه وصل وبه إتصل ‪ ,‬وفى‬
‫التحقق به ُتنال غاية الغايات ‪ ,‬وحق له ذلك ألن القصائد تنزلت من منزلة (إنى)التى تشير الى‬
‫الحقيقة األحدية فهو القائل رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫أنــا فى أنا إنى وإنى فى أنا *** رحيقى مختوم بمسك الحقيقة‬
‫سعيت الى موالى مرفوع هامة *** ومازلت للدنيــــــــا شعاع الهداية‬
‫وأتيت ابراهيم من قبــــل رشده *** فمــــاهو اال فلذتــــــى وعطيتـــى‬
‫{موالنا بيقول (أنا) سعيت الى موالى مرفوع هامة الى أن وصلت بالـ (أنا) خاصتى فأصبحت فى‬
‫(إنى) ‪ .‬أى أن أنانيتى من موطن (إنى) ‪ ,‬وموالى الذى سعيت اليه هو صاحب الحقيقة التى علمها‬
‫مكنوز فى األحدية وهو الذى به كمال الدين والمشار اليه فى القصيدة (‪: )58‬‬
‫‪72‬‬
‫كمال الدين فى االركان حج *** لبيت هللا فى البلد الحرام‬
‫ثم جاء قوله حول هذا المعنى ‪:‬‬
‫(إني ) كناية عن ( غيب األحدية ) يعني ( الروح ) ‪ ,‬أى إننى أنا الساعى بروحى وصوالً الى غيب‬
‫األحدية وأن كلمة ( أنا ) كناية عن ( الهوية ) ‪ ,‬يعنى ( القلب ) كمان وصل لذلك الموطن} فالقلب‬
‫محل الهوية ‪.‬‬
‫وهذا معنى قول الحق تعالى {إننى أنا هللا ال إله إال أنا فعبدنى وأقم الصالة لذكرى}‬
‫وبما أن العبادة تتم بالذكر وإقامة الصالة ‪ ,‬فهى تبدأ بالذكر باللسان ثم يترحل للقلب ثم لإلصطالم‬
‫ثم للروح التى غايتها الوصول لمعرفة غيب األحدية مروراً بالقلب موطن الهوية التى هى محل الـ‬
‫(أنا والهو) ‪.‬‬
‫وحضرة األحدية تتنزل منها الحقيقة األحمدية ‪ ,‬وعن هذه المنزلة يقول سيدى فخر الدين ‪:‬‬
‫أنا الذى فى أنا إنى كمنزلــــــة *** ألحمد نورها منشى حقيقتنــا‬
‫بعد أن قال ‪:‬‬
‫وإنى ًحق والحقيقـــــة أودعت *** غيابـــــة جب يوسفى بفطنـــــة‬
‫وكان أبو العينيين وارد مائهـا *** فأدلى بدلـــو قال تلك بشارتـــى‬
‫وإنى حق شأن كل مؤيــــــــد *** وإنى رب البيت وهى بعصمتى‬
‫ً‬
‫غيابة جب كى تصان لوقتهــا *** وما قلت ألقــــوها ولكن وديعتى‬
‫ولما تغاشينا حملنـا أمانـــــــة *** فصرنا مزاجا ً واحداً فى الحقيقـة‬
‫وأيدنى األقطاب جمعا ً وقدموا *** مزاجى لألكوان تلك بشارتــــى‬
‫وإنى حق أى أن األحدية حق وهى موطن الحقيقة ‪ ,‬وكل من وصل الى منزلة (إنى) التى هى كنايه‬ ‫ً‬
‫عن األحدية كان شأنه حقا ً أن يكون مؤيداً ‪ ,‬وصاحب هذه الحقيقة يشار اليه ويقال عنه (كنز‬
‫األحدية) فهو رب البيت أى صاحب الحقيقة األوالنية نور النبى الذى أضافنى اليه ف ُنسِ َب ْت هذه‬
‫الى وصارت بعصمتى ‪ ,‬ووضعت وديعة بإسمى عبر الزمان وغيابة جب كى تصان لوقتها‬ ‫الحقيقة ً‬
‫الذى هو زمن أبو العينين والقائم على أمر هذا الزمان إمام الدين موالنا الشيخ محمد ابراهيم رضى‬
‫هللا عنهم ‪ ,‬وقصة هذه الرواية فى معنى األمانة التى عرضت على السموات واألرض والجبال‬
‫وتحملها اإلنسان الذى خلقة الرحمن وعلمه البيان فكان البيان هو بيانها عندما قال فلما تغاشينا‬
‫حملنا أمانة فصرنا مزاجا ً واحداً فى الحقيقة ‪ ,‬ثم قال وأيدنى األقطاب جمعا ً وقدموا (مزاجى) الذى‬
‫والالهوت والهاهوت) وتلك‬ ‫شربوه ممزوجا ً عن الحقيقة الصرفة لألكوان (الملك الملكوت الجبروت ً‬
‫هى بشارتى التى هى بشارة ابو العينين ‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫ولما أتينا بالمنظوم من هذه الحقيقة أنكرها المنكرون بل تقاذف القوم المنكرون ورموها بالزور‬
‫والبهتان والباطل ولم يعرفوا أن ذلك الذى يفعلونه أمره يعنينى ويقصدنى ‪ ,‬ولم يتذكروا أننى فى‬
‫كالمى هذا قد حضرت وتناسوا قولى فى القصيدة (‪:)55‬‬
‫إذا عم التقاذف أهل دار *** هجرت البيت حجا ً وإعتمرت ‪55 /45‬‬
‫سلِ ُموا من أى عقاب وحساب ‪,‬‬ ‫وأقول لكم قولى الحق إن تابوا وإستغفروا لما إقترفوا من ذنب لَ َ‬
‫وإن تولوا األدبار فرب البيت الذى أضافنى اليه وصيرنى (أنا وهو) مزاجا ً واحداً يغنينى عنهم‬
‫جميعا ً ‪,‬‬
‫ويشهد الحق إن آبوا وأنابوا ورجعوا الى الصواب فقد غنموا ‪ ,‬فليس عندهم من القرى ما‬
‫َي ْط َعمونه حيث أن القرى بيد الحق الذى يقرينى ‪.‬‬
‫العفو أعطانــــى ليرضينى‬
‫َ‬ ‫‪55‬ـ وفتنة ليس منكــــــم غير واردهـــــا *** وربى‬
‫‪52‬ـ محامد الحمـــــد ال تكفــــــى ألنعمه *** فال ُت َك ُبــوا على أخـرى بنى دينى‬
‫وهذه هى الفتنة الكبرى التى وقع فيها الجميع ولكن ربى العفو الرحيم وموالى أعطانى عفوه‬
‫ليرضينى فأعفوا وأصفح مثل جدى الكريم القائل ‪:‬‬
‫قلتم كريما ً يوم مكة إننى *** أعفو وأصفح والسبيل يضاء ‪57 /25‬‬
‫محامد الحمد وهى أعلى مراتب الذكر ال تكفى ألنعم المنعم المتفضل وأقول لكم محذراً (فال تكبوا‬
‫على أخرى بنى دينى) ‪.‬‬
‫‪50‬ـ فليس لى غير منظومى وإن زعمت *** هواجس الناس بين الحين والحين‬
‫فليس لى غير هذا الحديث الذى جئتكم به منظوما ً وهو منحتى وكالمى من أجل ابراهيم بعد رجائه‬
‫ومن أجله أمليته ‪ ,‬فآمن به من آمن وكفر به من كفر ‪ ,‬وأنكره من أنكر وإن زعمت هواجس‬
‫الناس بين الحين والحين ‪.‬‬

‫‪55‬ـ فال تصروا على إثـــــــــم ومعصية *** لتسلمــــــــوا يوم إبرازى وتعيينى‬
‫فاعلموا أن إنكار حرف من حديثى ومنحتى وكالمى معصية هلل وللرسول وإثم ‪ ,‬فال تصروا على إثم‬
‫ومعصية لكى تسلموا من أى حساب وعقاب حينما يأتى اليوم الذى أ ُ ْبرز فيه هذا العلم وأ ُ ْفشى‬
‫أخباره وأكشف من عينتهم عليه أمناء حيث صاروا يرتلونه ويتلونه ويتدارسوه فيما بينهم‬
‫و ُي ْخ ِرجون منه للجميع مخيطة ثم تصير محيطة ثم تكون بعدها بالغ لقوم ينشدون حقيقة ‪.‬‬
‫‪54‬ـ فإن ماجئتــــــه وهب وموهبـــــــــة *** وبث مارمته مــــــــــا كان يعيينى‬

‫‪74‬‬
‫فلتعلموا أيها األحباب أن ما جئته جمعا ً لفرقتكم فهو من العلوم الوهبية والمعرفة الالدنية ‪ ,‬وبث ما‬
‫رمته ونشره فى بقاع المعمورة ما كان ُيعيينى أو يعجزنى ‪.‬‬
‫‪54‬ـ فرتلـــــوا آيتى وإحصــــوا دقائقهــا *** وراقبــــــوا هجرتى فالغار يؤوينى‬
‫فهذا العلم هو آيتى التى يستقى منها أرباب حظوتنا عذب الحديث ومنها طيب الكلم ‪ ,‬فرتلوها‬
‫وإحصوا دقائقها ‪ ,‬وراقبوا هجرتى بصحبة سيدى الذى هو للسيادة رب والعيش فى معيته فهو‬
‫ثانى إثنين إذهما بفؤادى ‪ ,‬فالغار يؤوينى ‪ ,‬أى قلب العبد الذى فى أغواره قدر اإلمام وقدره نضاح‬
‫‪.‬‬
‫‪57‬ـ فمن وصلنـــاه موصـــول وال جدل *** وفى أمـــانى ومن آذاه يؤذينــــــــى‬
‫‪59‬ـ ومن قطعنــــــاه ال قــوس وال وتر *** له علينــــــــا وليس الســـين كالشين‬
‫‪58‬ـ فأجمعوا أمركـــــــم وهللا عاصمكم *** من الشتــات لـــــــدى بضع وسبعين‬
‫فمن وصلناه موصول بوصلتنا وال جدل وليس ذلك محتاج لمناقشة وفى أمانى ومن آذاه يؤذينى ‪,‬‬
‫وأمينى بأمانى مدد هبة هللا نذير للبشر ‪ ,‬ومن قطعناه ال قوس وال وتر له علينا فليس عنده ما‬
‫يحمى نفسه به ولم يجب حمايتنا له حيث لم يفعل خيراً يثاب عليه ‪ ,‬فاجمعوا أمركم ففى اجتماعكم‬
‫تكون عصمة هللا لكم من الشتات والشرذمة وتفككم مثل الفرق الضالة الى بضع وسبعون ‪,‬‬
‫‪23‬ـ وحاذروا من وسيط الســوء بينكـــم *** وأيقظــــــوا همـــة فيهــــــا رياحينى‬
‫‪25‬ـ إذا إجتمعتـــــم على حب ومرحمة *** فأيقنــــــــوا الوصــل إن هللا معطينى‬
‫ثم يلفت الشيخ أنظارهم بقوله رضى هللا عنه قائالً فحاذروا من وسيط السوء بينكم أى إنتبهوا من‬
‫أن يدخل أحد من قرناء السوء بينكم واستيقظوا همتكم التى فيها رياحينى ‪ ,‬وتذكروا قوله رضى‬
‫هللا عنه فى القصيدة (‪:)55‬‬
‫ليجمعكم مكان فيه صفو *** وإال عن تالقيكم أفلت ‪55 /43‬‬
‫إذا إجتمعتم فى مكان فيه صفو ‪ ,‬وعلى حب ومرحمة ‪ ,‬فأيقنوا الوصل أى فتيقنوا من إيتاء الوصل‬
‫الذى أشارت اليه القصيدة (‪:)39‬‬

‫نزلنـــا بحره كالسابحات *** وأيقنــــــا بأن الوصل آت‬


‫سبحنا والغياهب تحتوينا *** وكنا كالجوارى المنشآت‬
‫(إن هللا معطينى) وأشار أيضا ً الى العطايا بقوله رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫فغيبنا به حتى غرقنـــــــا *** يقينا ً فى العطايـــــا والهبات‬
‫‪75‬‬
‫وما زلنا به حتى عرفنــا *** على التحقيق أسرار النبــات‬
‫وحزنا من عطاياه جزيالً *** ولى من سرها جمع الشتات‬
‫‪-----------‬‬

‫‪ 4‬يناير ‪5894‬‬ ‫األحد ‪ 55‬ربيع ثانى ‪5534‬هـ‬


‫‪----------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ثم جاء سيدى فخر الدين فى اليوم الثانى من بداية القصيدة باألبيات التالية ‪:‬‬
‫‪22‬ـ وإن أردتم نوال القصد من منحى *** فأعقلوا العقل إن الروح تأتينى‬
‫بعد أن وضع شرطا ً لنوال القصد من منحه التى دونها المنائح جمعا ً يقول رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫وإن أردتم أن تنالوا حسن القصد من منحه وعطاياه التى ال تحصى وال تعد ‪ ,‬وهى التى تحتوى‬
‫على معانى جل وصف غراسها وتجل عن الحذاق فهمها وكنه معرفتها ‪ ,‬فعليكم بتجهيز وتهيئة‬
‫أنفسكم وأرواحكم إلستقبال المعانى العالية وتنحية العقل جانبا ً ألنه قاصر على الفهم فـ ‪:‬‬
‫كم من فهـــوم مادحات لى وقد *** ذمت ومن دبـــر قميصى قدت‬
‫ماذا عساكم فاعليـــن بنفحتـــى *** ولهـــــا قطوف قد دنت فتدلت‬
‫كم من غفول بالفصاحة قد أتى *** يكتال منهــــــا فالبضائع ردت‬
‫ولكم عقول مس طائف غرهـا *** ما أمعنت بل أعرضت وتولت‬
‫فمقارف المعنى الدنى جهالــــة *** محجوبة علــــــم اليقين تردت‬
‫ومكابد مضنى يؤرقه الجـــوى *** لما رنا المعنى رآه بمقلتــــــى‬
‫‪20‬ـ فأطلقوهـــــــا بال قيـــد وال حجــر *** وال تبثـــــوا خبيثـــــا ً اليوفينى‬
‫‪25‬ـ وال تحــدوا لهــــــــا حداً فيعجزها *** فال حـــرام على روح تناجينى‬
‫ثم أتبع كالمه رضى هللا عنه محذراً بقوله (فأطلقوها بال قيد والحجر) أى اتركوها تأتى بما تراه من‬
‫عظيم المعانى التى كلت بها المبانى حيث شبهها بناقة سيدنا صالح حين طلب من قومه ان يتركوا‬
‫الناقة ترعى فى أرض هللا كيفما تشاء لكنهم عقروها فحق عليهم العذاب ‪ ,‬وقال تدارسوا معانيها‬
‫وبثوا أحسن مافيها من المعانى وال تبثوا كلمات خبيثة ذات معانى رديئة ال توفى قدرها ‪ ,‬وال‬
‫تحدوا لها حداً أى تقيدوا معانيها على المعانى المتردية التى تعجزها ‪ ,‬ثم قال أن هناك من يقوم‬
‫برعاية شئونها وإعطائها حقها من المعانى العالية التى دنت له وتدلت حتى كشفت له عن ساقيها‬
‫‪76‬‬
‫وأظهرت له حسن معانيها حيث قطف من ثمارها ما يحتاجة ليطعم منها هو وأحبابه الذين عكفوا‬
‫عليها األيام والليالى إلستخراج المعانى المخبئة داخل األوانى ‪ ,‬لذا يقول رضى هللا عنه مادحا ً‬
‫الروح التى باتت ليلها وعاشت نهارها تناجيه إلدراك معنى كل أقواله عن الذى يرمى الى معاناه أو‬
‫إثباته ‪ ,‬وقوله فال حرام على روح تناجينى ‪.‬‬
‫صكم *** شتان ما بين ذاكرهــا وناسينى‬
‫‪24‬ـ ومن تدانــى معانيهــــــــا أخ ٌ‬
‫ثم يقول لمن يقومون برعايتها بالعكوف عليها متذكرين قوله رضى هللا عنه فى القصيدة (‪:)55‬‬
‫فإن غمت معانيها عليكم *** فإنى فى كالمى قد حضرت‬
‫كما يقول لألحباب ‪:‬‬
‫فأكشف لألحباب عن علمى الذى *** جواهره فى كل صدر كمينة‬
‫ومن تدانى معانيها (أَ ُخ ُ‬
‫ص ُك ْم) أى من معانى قطوفها التى دنت وتدلت لهم إلمدادهم بخفى اإلشارات‬
‫وجلى العبارات التى هن مخصوصات علمه رضى هللا عنه ‪ ,‬فشتان بين ذاكرها والمواظب على‬
‫دراستها وبين ناسينى ومتجاهلها ‪ ,‬الغافل عنها المشغول بغيرها ‪.‬‬
‫‪24‬ـ إذا حبستــم معانيهــــــا سأطلقهـــا *** فهذه لـــــى وال نـــــــد يدانينـى‬
‫‪27‬ـ إذا قصرتم معانيهــــا على لجـــج *** فقد أحصلهـــــا من غير تخمين‬
‫بما أنه رضى هللا عنه فى كالمه حاضر يبين كيفية تدارسها وتحصيل معانيها حيث يقول إذا نما الى‬
‫علمكم معانيها وحبستم تلك المعانى على أنفسكم ‪ ,‬ظنا ً منكم أن هذه المعانى ملككم ‪ ,‬وأتت اليكم من‬
‫ثمار جهدكم ‪ ,‬سأطلقها حيث أنها مخصوصات علمى ويا نعم منظوماتى التى معانيها من شأنى وال‬
‫يدانينى أحد فى معرفتها ‪ ,‬وإذا قصرتم معانيها على لجج (إخفائها) عن اآلخرين ‪ ,‬فقد أحصلها‬
‫(لتأكيد) تحصيلها وجمعها من غير تخمين ‪.‬‬
‫‪29‬ـ وأسلمـــــوا إن إبراهيـــــم بينكـــ ُم *** ولى يمين من الغــــــر الميامين‬
‫‪28‬ـ فإنما جئتهــــــا جمعـــا ً لفرقتكــــم *** ومن تباعــــده إصراراً يجافينى‬
‫‪03‬ـ تصافحوا بل أميطوا السوء بينكم *** بقربــــة الود ال قربــى القرابين‬
‫ويقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه (وأسلموا إن ابراهيم بينكم) أى أسلموا الوجه إلبراهيم‬
‫الذى من أجله جاء هذا الحديث المنقول عن الحقيقة منحتى وكالمى ‪ ,‬لتسلموا وتفوزوا وهذه‬
‫مقولة قالها الخليل ابراهيم عليه السالم ‪ ,‬وذلك لتأكيد التسليم لموالنا كمال الدين الشيخ ابراهيم‬
‫الموجود بيننا فى هذا الزمان ‪ ,‬فهو لى يمين من الغر الميامين ‪ ,‬وفى يمينيه قوتى ومراسى وهما‬
‫(موالنا امام الدين الشيخ محمد ابراهيم وولده موالنا الشيخ ابراهيم) ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫فإنما جئتها جمعا ً لفرقتكم ‪ ,‬أى أننى جئت بهذه (العلوم الحقية) التى تتحدث عن صاحب الحقيقة‬
‫أوالً لإلنسان الكامل {المشار اليه بألف أول شىء خلقه الحق قبل األشياء فى أزل اآلزال } وذلك‬
‫حقا ً ال خياالً لتجتمعوا عليها وال تتفرقوا شيعا ً وفرقا ً الى بضع وسبعين ‪ ,‬فمن آمن بها نجا بنفسه‬
‫وأهله ومن أنكرها ولم يؤمن بها فإنها تباعده ألنه إصراراً يجافينى ‪.‬‬
‫ثم نبه سيدى فخر الدين الجميع بقوله تصافحوا بل أميطوا السوء بينكم حيث أن التصافح من شيم‬
‫العظام وهذا التصافح ال يتأتى سوى بالمودة والمحبة بقربى الود ال قربى القرابين ‪.‬‬
‫‪----------------‬‬
‫‪ 9‬يناير ‪5894‬م‬ ‫الثالثاء ‪ 54‬ربيع ثانى ‪5534‬هـ‬
‫‪-------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫وجاء الجزء الثالث من القصيدة فى يوم ‪ 9‬يناير ‪ 5894‬أى بعد إمالء الجزء الثانى بيومين‬
‫حيث قال رضى هللا عنه بعد قوله تصافحوا بل أميطوا السوء‪:‬‬
‫‪05‬ـ وال تميلـــــــوا فإن الزيغ مهلكة *** فقدوتى سيدى شيخ المساكين‬
‫تصافحوا بل أميطوا السوء بينكم وال تميلوا لغير الحقيقة أى ال تجعلوا عيونكم تزوغ عنها فان‬
‫الزيغ مهلكة أى هالك وتدمير وتقطيع ألواصر المحبة ‪ ,‬والمطلوب هو التواصل من أجل الوصل‬
‫الى الحقيقة التى فيها غاية الغايات وغاية القصد حسن القصد ال عوج ‪ ,‬وقدوتى جدى محمود‬
‫المقام وشافعى وقدوتى هو المعلم نور النبى معلم القرآن ‪ ,‬وجدى رسول هللا وقدوتى ومليك الفضل‬
‫فى القدم ‪ ,‬ولكل قوم قدوة ‪ ,‬من يقتدى ؟‬
‫المصطفى المعصوم من هو قدوة لإلقتداء ‪ ,‬وهو سيدى شيخ المساكين المعصوم الذى صلينا عليه‬
‫حيث قلنا وما المعصوم فينا غير شيخ رزقنا منه ارفاداً ومداً ‪.‬‬
‫‪02‬ـ أقول كنوا فال تبخس غرائبهــــا *** لتأمنـوا شر إخوان الشياطين‬
‫حيث أن للقرآن غرائبه وعجائبه فلهذا العلم غرائب وعجاب ومن غرائبه جاء فى القصيدة (‪:)43‬‬
‫إنى سأمنح فى القريب غرائبا ً *** من طيب نظمى أو فريد مقالى‬
‫وسأغدق االرفــــــاد منى منة *** حتى تملوا أعذب األقـــــــوال‬
‫وستشربوا ما شاء ربى علمنا *** حتى تصيروا مضرب األمثال‬
‫وعن هذه الغرائب يقول رضى هللا عنه كنوا فال تبخس هذه الغرائب ‪ ,‬حتى تأمنوا شر إخوان‬
‫الشياطين ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫‪00‬ـ ففى الكناية ترغيـــــــم لذى سفه *** وقد تغشيتهــا ستراً يوارينى‬
‫ففى الكناية ترغيم لذى سفه أى أن الكناية جعلت لتغطية المعنى على السفاء من الناس حتى تأمنوا‬
‫شرهم وعليه يقول الحق تعالى سيقول السفهاء من الناس ما والهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل‬
‫هلل المشرق والمغرب يهدى من يشاء‬
‫ويقول الشيخ ‪:‬‬
‫فلو قال السفيه لما التولى *** فمغرب طلعة االشراق طه‬
‫فأنا الذى وضعت ستراً على المعانى ففى الستر مواراه للحقيقة التى قلت عنها ‪:‬‬
‫وأكشف لألحباب عن علمى الذى *** جواهره فى كل صدر كمينة‬
‫‪05‬ـ وال تضيفوا بحسن الظن منقصة *** وأ ْي ُمنُ هللا ما خفت موازينى‬
‫فعند الكشف عن معانى تلك الحقيقة والتعرف عليها معرفة كاملة اعلموا أنها كاملة ال ينقصها‬
‫المزيد فال تضيفوا الى علم غيرى فلست ينقصنى المزيد وال تضيفوا بحسن الظن منقصة ‪ ,‬وأيمن‬
‫هللا ما خفت موازينى ‪ ,‬فأنا الذى أضيف لغيرى وال يضاف لى أى شىء ‪.‬‬
‫‪04‬ـ فعلمنــــا فى خدور ال نفتقهــــــا *** وقد حبيناه قبل الماء والطين‬
‫لقد كفينا من التقتير وإكتملت *** عطية هللا قبل الماء والطين‬
‫فعلمنا الذى جئناكم به ‪ ,‬علم ظل ومازال مكنوزاً وفى خدور ال نفتقها ‪ ,‬فهو العلم الذى يخص‬
‫بالوالية وقد (حبيناه) حصلنا عليه قبل الماء والطين ‪ ,‬عطية مثل النبوة التى يقول عنها المصطفى‬
‫سئل عليه الصالة والسالم متى ُنبئت يا رسول هللا ؟ قال ‪:‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم عندما ُ‬
‫كنت بنيا ً وآدم قبل الماء والطين ‪ .‬كنت نبيا ً وآدم لم يكن ماء وال طين ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫{ ذلك الذى يبشر هللا عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل ال أسألكم عليه أجراً إال المودة فى‬
‫القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها ُح ْس َنا إن هللا غفور رحيم} اآلية (‪ )20‬سورة الشورى‬

‫‪5‬ـ كلمات مــــا يتلى كحـــد الفيصل *** هى من عطاء المنعـم المتفضل‬
‫‪2‬ـ من ظن أنى قد أضن فإنــــــــــه *** يرمى بنقص فى العطاء األكمل‬
‫من أقوال موالنا األمام فخر الدين‬
‫‪80‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫القصيدة الثامنة والثالثون‬
‫‪ 57‬يناير ‪5894‬م‬ ‫عدد أبياتها (‪)54‬‬ ‫الخميس ‪ 24‬ربيع الثانى ‪5534‬هـ‬
‫‪------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫تنزلت هذه القصيدة على جزئين ‪:‬‬
‫األول يوم ‪ 57‬ينايـــر ‪5894‬م وعدد األبيات ‪4‬‬
‫الثانى يوم ‪ 54‬فبراير ‪5894‬م وعدد األبيات ‪53‬‬
‫ـ مناسبتها لما قبلها ‪ :‬فى معنى البيت (‪ )04‬من القصيدة (‪:)07‬‬
‫فعلمنــــا فى خدور ال نفتقهــــــا *** وقد حبيناه قبل الماء والطين‬
‫فعلمنا الذى جئناكم به ‪ ,‬هو علم ظل ومازال مكنوزاً وفى خدور ال نفتقها ‪ ,‬فهو علم يختص‬
‫بالوالية (حبيناه) حصلنا عليه قبل الماء والطين ‪ ,‬عطية مثل العلم الذى يختص بالنبوة التى يقول‬
‫سئل عليه الصالة والسالم متى ُنبئت يا رسول هللا ؟‬
‫عنها المصطفى صلى هللا عليه وسلم عندما ُ‬
‫كنت نبيا ً وآدم قبل الماء والطين ‪ .‬كنت نبيا ً وآدم لم يكن ماء وال طين ‪.‬‬
‫ـ الفكرة التى تدور حولها القصيدة فى معنى البيت األول منها ‪:‬‬
‫‪ 5‬ـ كلمات مــــا يتلى كحـــد الفيصل *** هى من عطاء المنعـم المتفضل‬
‫كلمات ما يتلى من القصائد العصماء كلمات حق كحد الفيصل (السيف) فى رقة نظمها ودقته ‪ ,‬وهى‬
‫تتلى ككلمات القرآن الذى يتلى آناء الليل وأطراف النهار ‪ ,‬ولها عجائبها وغرائبها كما للقرآن‬
‫عجائب وغرائب ‪ ,‬ثم يقول إنها عطية من عطايا المنعم المتفضل المتعددة التى أغدقنا بها ‪ ,‬مثل‬
‫قدرها فى العطاء كليلة القدر التى قال الحق فيه {إنا أنزلناه فى ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر‬
‫ليلة القدر خير من ألف شهر سالم هى حتى مطلع الفجر} وجاءت إشارتها فى التائية بقوله رضى‬
‫هللا عنه ‪:‬‬
‫وغيبة قدر المصطفى عن علومنا *** بها نزل القرآن إن شئت فاصمت‬
‫فأ ُ ْن ِز ًلــــــ ُه فى َغ ْي ِب ِه َك َتــــــــــ َن ُزل *** ســـــالم هى سين السالم بقبضتى‬
‫‪------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪5‬ـ كلمات مــــا يتلى كحـــد الفيصل *** هى من عطاء المنعـم المتفضل‬
‫‪2‬ـ من ظن أنى قد أضن فإنــــــــــه *** يرمى بنقص فى العطاء األكمل‬
‫‪0‬ـ من قال أنى لست مالك أمرهــــا *** تبت يداه بكربــــــــة ال تنجلــى‬

‫‪81‬‬
‫ص ٌة *** يا آل عهدى لست أنهـــر سائلى‬‫أنــــوار الفرائد ُغ ً‬
‫ِ‬ ‫‪5‬ـ فى َح ْج ِ‬
‫ب‬
‫‪4‬ـ مــا ُغي َب ْت يوما ً ولكـــــن ُعميت *** شأن العطـايا فى الزمـــان األول‬
‫الشرح والتفصيل ‪:‬‬
‫‪5‬ـ كلمات مــــا يتلى كحـــد الفيصل *** هى من عطاء المنعـم المتفضل‬
‫الكلمات ‪ :‬هى كلمات القصائد المنظومة فى صورة أبيات والموسومة بسماتة رضى هللا عنه التى‬
‫أتى بها سيدى فخر الدين الواحدة تلو األخرى فهى التى يقول عنها فى القصيدة (‪:)24‬‬
‫كم لى بفضل هللا من آيـــــــات *** مأثورتى وقطوفها كلماتى‬
‫مصدوقة كم أخبرت ما أقفرت *** كلماتهــا موسومة بسماتى‬
‫والعبقرى الخضر من حباتهــا *** منظومة يا نعم منظوماتى‬
‫فكلماتها المنظومة على هيئة أبيات على غرار (الذكر) آيات القرآن الكريم ذو النظم العجيب‬
‫والغريب وجاء قوله رضى هللا عنه فى القصيدة (‪: )28‬‬
‫هى األبيــات آيات ولكــــــــن *** تبدل عندهــــــا ألف بباهـــــا‬
‫فتعطى ما يجود به كريــــــــم *** وقد نال الشفاعة من أتاهـــــا‬
‫ولكن هن مخصوصات علمى *** وذو اإلحسان يرجوهن جاها‬
‫ثم يقول أيضا ً ‪:‬‬
‫يصدق بالكلمات أهـــــــل محبتى *** فأنفخ فيهم من علـــــوم ذكية ‪5 /554‬‬
‫وأكشف لألحباب عن علمى الذى *** جواهره فى كل صدر كمينة ‪5 /554‬‬
‫وجعلت للكلمـــات مرأى ظاهــراً *** لما دنت وتنزلـــــت هائيتـى ‪5 /057‬‬
‫لوال يفندنى اللئيــــــــــم ألظهرت *** مأثورتى كل الغيوب وأفشت ‪5 /004‬‬
‫لكنها مبطونــــــة فى ذاتهــــــــــا *** كلماتهـــــــا تنفى وحينا ً تثبت ‪5 /007‬‬
‫أى يصدق بتلك الكلمات أهل محبتى وليس غيرهم ‪ ,‬ألنى أنا الذى أنفخ فيهم من العلوم الذكية ‪,‬‬
‫وأكشف لهم عن علمى الذى جواهره فى كل صدر كمينة ‪ ,‬حيث أجعل للكلمات مرأى ظاهراً عندما‬
‫اقتربت منهم تلك الكلمات وتنزل منها هوية من به فلق النوى والحب واإلصباح ‪ ,‬وحيث كلت‬
‫مبانى الكلمات بالمعنى المراد إثباته والتى توضحها القصيدة الهائية بقوله رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫إن الذى يلقى الهنـــــــاء بجيرتى *** ينجو وينجى أهلـــــه بنجاتـــــه‬
‫وعلوم أرباب المعارف إن سمت *** فى طى علمى خردل بفالتـــــه‬
‫‪82‬‬
‫ومراتب األحوال عندى سرهــــا *** هى مظهر المحمود فى رقواته‬
‫وحظائر االقداس ملء حياضهــا *** نور لغيب الليل ســــــــر لباسه‬
‫وأقول للكرام أكثر من ذلك ‪ ,‬لوال أن اللئيم قد ُيفند تلك الكلمات ألَ ْظ َهرت مأثورتى (آثرنى هللا بها)‬
‫التى أظه رت كل الغيوب وأفشت كل مخبأ خلف ظالم الليل الذى هو سر لباس الغيب ‪ ,‬لكن كلمات‬
‫مأثورتى مبطونة فى ذاتها مثل القرآن فأحيانا ً تنفى وأحيانا ً أخرى تثبت ‪.‬‬
‫فإن الذى يلقى الهنا والسرور بالقرب منى والعيش بجيرتى ينجو وينجى أهله جميعا ً بنجاته ‪,‬‬
‫ومهما سمت علوم أرباب المعارف فإنها فى طى علمى ‪ ,‬وكذلك عندى سر مراتب األحوال التى‬
‫فيها مظهر رقواته (الترقيات في المعرفة بالمحمود) ‪ ,‬وكذلك حظائر األقداس التى ملء حياضها‬
‫(حياض الجبروت) الممتلئة بنوره المغيب (غيب الليل) سر لباسه وهذا معنى اآليتين ‪ 53‬و‪ 55‬من‬
‫سورة النبأ لبيان نبأه {وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا} والبشارة بسورة النصر رقم‬
‫(‪ )553‬التى يقول فيها الحق تعالى {إذا جاء نصر هللا والفتح} ورقم السورة ‪ 553‬هو نتيجة‬
‫ضرب رقمى األيتين ‪55×53‬‬
‫لذا بدأ سيدى فخر الدين القصيدة بقوله ‪:‬‬
‫كلمات ما يتلى كحد الفيصل *** هى من عطاء المنعم المتفضل‬
‫أى كلمات ما يتلى من القصائد العصماء هى كلمات حق كحد الفيصل(السيف) فى رقة نظمها ودقته‬
‫‪ ,‬وهى تتلى ككلمات القرآن الذى يتلى آناء الليل وأطراف النهار ‪ ,‬ولها عجائبها وغرائبها كما‬
‫للقرآن عجائب وغرائب ‪ ,‬ثم يقول إنها عطية من عطايا المنعم المتفضل المتعددة التى أغدقنا بها ‪,‬‬
‫مثل قدرها فى العطاء كليلة القدر التى قال الحق فيه {إنا أنزلناه فى ليلة القدر وما أدراك ما ليلة‬
‫القدر ليلة القدر خير من ألف شهر سالم هى حتى مطلع الفجر} وجاءت إشارتها فى التائية بقوله‬
‫رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫وغيبة قدر المصطفى عن علومنا *** بها نزل القرآن إن شئت فاصمت‬
‫فأ ُ ْن ِزلًــــــ ُه فى َغ ْيبِ ِه َك َتــــــــــ َن ُزل *** ســـــالم هى سين السالم بقبضتى‬
‫‪2‬ـ من ظن أنى قد أضن فإنــــــــــه *** يرمى بنقص فى العطاء األكمل‬
‫العطاء ‪:‬‬
‫أراد سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أن يظهر ألهل األرض جميعا ً من هو السيد محمد عثمان عبده‬
‫البرهانى حيث قال ‪:‬‬
‫ليعلم أهل األرض أنى عبد من *** يجود عطاءاً فى سخاء ورأفة ‪5 /045‬‬
‫يجود كريما ً حيث عــم عطاؤه *** ولكنــــه يختص أهـل البقيـــة ‪5 /084‬‬
‫‪83‬‬
‫ثم أراد أن يبين أن هذا العطاء هو عطاء من ؟ فقال أنه عطاء هللا تعالى والمصطفى رضى هللا عنه‬
‫مشيراً لهذا بقوله ‪:‬‬
‫هذا عطـــــــــاء هللا من عليائـــــــه *** هذا اصطفــــاء السيد البرهانـى ‪2 /5‬‬
‫مـــــا كل من كتـــم الشهــــــادة آثم *** أو كل من وأد البريئــــــة جانى ‪2 /2‬‬
‫الجان ‪2 /0‬‬
‫ِ‬ ‫حارت جميع اإلنس فى كنهى كــذا *** فى مشربى حارت ملوك‬
‫من آهـــــة األواه آهـــا ً قلتهـــــــــا *** من أوبــة األواب فى الوجــــدان ‪2 /5‬‬
‫دانت مراقى الصالحين لسروتـــى *** وازدانت العليــــــاء باإلحســــان ‪2 /4‬‬
‫عصفت رياح القرب لما قارب الـ *** ـميقات عانق لُؤلُؤى مرجــــــانى ‪2 /4‬‬
‫ثوبا ً من النــــور العــلــى لبستـــه *** نعـــم اللباس وجــــل من أعطانى ‪2 /7‬‬
‫من شاهد الوجه الكريم فهل لــــه *** أن يستسيغ الراح بالقيعـــــــــان ؟ ‪2 /9‬‬
‫أو هل تراه لو إستقــــــام مشاهداً *** أال يهيـــــم بنشوة النشــــــــوان ؟ ‪2 /8‬‬
‫نفس لعبــــد الران أعمت قلبـــــه *** نفس العبيد بصيرة اإلنســــــــان ‪2 /53‬‬
‫هـــــــو ذا عطـــــاء المحسنيـ *** ن وذا العطـــــاء األقــــــرب ‪5 /7‬‬
‫أى أنه عطاء هللا واصطفاء السيد البرهانى (موالى ابراهيم) المشار اليه فى القصيدة (‪ )04‬بقوله‬
‫‪:‬‬
‫وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا ‪04 /29‬‬
‫ولدى الذى شاء القدر أن يكون حظى ورزقى وهو المقصود بقولى ‪ :‬السيد البرهانى ‪.‬‬
‫(ملحوظة)‪ :‬اذا نظرنا الى الحرف االول من االبيات من رقم ‪ 2‬حتى رقم ‪ 53‬نجد الحرف االول منها‬
‫يكون اسم موالنا الشيخ {م ح م د ع ث م ان} وعليه يكون السيد البرهانى هو ابراهيم محمد‬
‫عثمان ‪.‬‬
‫وهو الذى من أجله وبعد رجائه جاء (هذا الحديث ومنحتى وكالمى) وعليه قلت ‪:‬‬
‫ومن عطاياه بعضا ً سقيتكـــــــم *** فأغرق الكل والقرآن وجهتنـــا ‪04 /28‬‬
‫وعلمه هو الحلة النورانية التى لبستها فأنعم به من لباس وجل وعظم معطيه ‪ ,‬وهو عطاء‬
‫المحسنين من مرتبة القاب والقوس من التدانى ‪ ,‬لذا هو العطاء األقرب واألكمل ‪.‬‬
‫وهذا العطاء األكمل الذى يقول عنه سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫‪84‬‬
‫من كمال العطاء من فيض وهب *** أيهـــــــا الناس جاءكم ابراهيم ‪52 /5‬‬
‫فطاعة ابراهيم ان رمتم الهـــدى *** كمال عطائى بل نجاح المقصد ‪55 /25‬‬
‫بعد قوله إنها بعض عطاء المنعم المتفضل قال رضى هللا عنه ‪ ,‬من ظن أنى قد أضن ببعض فضلى‬
‫عن حقيقة علمى الذى جئتكم به من أجل ابراهيم بعد رجائه ‪ ,‬والذى يحمل فى طيه البشارة‬
‫للمؤمنين به ‪ ,‬وتلك حقيقة قولى فى القصيدة التائية ‪:‬‬
‫وإنى حق والحقيقـــــــة أودعـــــت *** غيابـــــــة ُجب يوسفى بفطنـــة ‪5 /44‬‬
‫وكان أبو العينين وارد مائهـــــــــا *** فأدلـــــــى بدلو قال تلك بشارتى ‪5 /47‬‬
‫وجىء بها مصراً وبيعت رخيصة *** وذا عجب أن يذهدوا فى البشارة ‪5 /49‬‬
‫(من ظن أنى قد أضن فإنه)‬
‫وهنا يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫ما كنت الضنين ببعض فضلى *** وال عن مقبل يومـــــــا ً أشحت ‪55 /05‬‬
‫لفخر الدين يامن قد أضاعـــوا *** سخــــى الكف يأبـــى أن يضن ‪94 /23‬‬
‫إن حقيقة علومى ماغيبت يوما ً وما عميت وما كنت الضنين ببعض فضلى وال يوما ً أشحت وجهى‬
‫عن مقبل على علمى ‪ ,‬فكيف يكون ذلك وأنا الذى يؤيدنى األقطاب ومنهم سيدى أبو الحسن‬
‫الشاذلى القائل عنى لفخر الدين يا من قد أضاعوا أعمارهم وأضاعوا دينهم ولم يدركوا معانى ما‬
‫أقول عن الذى أرمى الى معناه أو إثباته ‪ ,‬أن السيد فخر الدين سخى الكف يأبى أن يضن ‪.‬‬
‫وحول (يرمى بنقص فى العطاء األكمل)‬
‫ما ثــــم نقص فى هــــــــدى أمليتــــه *** فى نظمه حاروا بدعواهم ظموا ‪77 /24‬‬
‫الشك فى أنى أتـــــــم عطيتـــــــــــى *** ما ثم نقص فوقهـــــا أو تحتهـــا ‪79 /58‬‬
‫ما كان لى أن يكون النقص فى هبتى *** والحواه ـ معاذ هللا ـ تلقينــــــــى ‪83 /2‬‬
‫عن الوثيقة يقول رضى هللا عنه علنا ً يقال أنى أمليتها ؟ بعضهم يبغى ثناءاً والسرائر يعلمها الحق‬
‫الى زورهم وترنموا فأقول لهم ما ثم نقص فى هدى أمليته ‪ ,‬والشك أن‬ ‫تعالى وبعضهم نسب ً‬
‫عطيتى تامة ال فوقها نقص وال تحتها ‪ ,‬ما كان لى أن يكون النقص فى هبتى وهى هبة هللا حيث‬
‫هب النسيم بها نحوى ومعاذ هللا أن يحوى تلقينى نقص أو عيب ‪.‬‬
‫‪0‬ـ من قال أنى لست مالك أمرهــــا *** تبت يداه بكربــــــــة ال تنجلــى‬
‫مالك أمرها ‪:‬‬
‫على بخلعة المالكية ‪5 /225‬‬
‫ومالك يوم الدين من دام ملكـــه *** أفاض ً‬
‫‪85‬‬
‫ويا جدد التوحيــد هل تعرفيننى *** أنا بيمين هللا للمـــلك مالك ‪53 /23‬‬
‫فاصدع بأمر جاء عنى مخلصا ً *** وإعلم بأنى مالك األحــوال ‪43 /53‬‬
‫بعد قول سيدى فخر الدين فى البيت السابق (من ظن أنى) قال هنا (من قال أنى) أى من إدعى‬
‫ً‬
‫حقيقة أمر هذه الطريقة فهو المنكر والسفيه ومثله مثل أبو لهب الذى كذب‬ ‫بالقول بأنى لست مالك‬
‫حضرة النبى صلى هللا عليه وسلم فنزل فى حقه قرآنا ً يتلى ويتعبد به {تبت يدى أبى لهب وتب}‬
‫وعلى غرار ذلك القول نقول (تبت يداه بكربة ال تنجلى) وكأن سيدى فخر الدين رضى هللا عنه‬
‫يبشرنا بمن هو مالك يوم الدين الذى أفاض عليه بخلعة المالكية حيث قال ‪:‬‬
‫ومالك يوم الدين من دام ملكـــه *** أفاض عل ًى بخلعة المالكية ‪5 /225‬‬
‫ومالك يوم الدين المشار اليه فى فاتحة الكتاب بحرف (الميم) من إسمه ‪ ,‬وبقية إسمه مندرجة بها‬
‫حروفه السبعة وهم ( ب ا ا م ى هـ ر ) وتم استخراجهم كالتالى‪:‬‬
‫بالنظر الى الحروف األولى من اآليات األربعة نجد حروف اسم االنسان الكامل المقصود غير مرتبة‬
‫‪:‬‬
‫ِيم (اآلية ‪)5‬‬
‫الرح ِ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬ ‫هللا َّ‬ ‫(ب) من ‪ - - - - - - - - - - - - -‬بِ ْس ِم َّ ِ‬
‫( ا ) من ‪ - - - - - - - - - - - - -‬ا ْل َح ْم ُد ِ َّ ِ‬
‫هلل َر ِّب ال َعالَمِين (اآلية ‪)2‬‬
‫(اآلية ‪)0‬‬ ‫ِيم‬
‫الرح ِ‬ ‫الر ْحمـَ ِن َّ‬ ‫( ا ) من ‪َّ - - - - - - - - - - - - -‬‬
‫(اآلية ‪)5‬‬ ‫( م ) من ‪َ - - - - - - - - - - - - -‬مالِكِ َي ْو ِم الدِّ ين‬
‫والحرف الثانى من اآليات الثالثة التالية‪:‬‬
‫( ى ) من ‪ - - - - - - - - - - - - -‬إِ َّيا َك َن ْع ُب ُد َوإِ َّيا َك َن ْس َتعِين(اآلية ‪)4‬‬
‫ص َرا َط ال ُم ْس َتقِيم (اآلية ‪)4‬‬ ‫( هـ ) من ‪ - - - - - - - - - - - - -‬اهْ ِد َنا ال ِّ‬
‫ضالِّينَ (اآلية ‪)7‬‬‫ب َعلَ ْي ِه ْم َوالَ ال َّ‬ ‫( ر ) من ‪ -‬صِ َرا َط الَّذِينَ أَ ْن َع ْم َت َعلَ ْي ِه ْم َغ ْي ِر ال َم ْغ ُ‬
‫ضو ِ‬
‫وإذا تعرفت عليها ورتبتها تجدها في اإلسم الشريف ( إبراهيم ) ‪ .‬وبعد فهم الصالحين لهذه الحقيقة‬
‫التي شاهدها موالنا سيدي فخر الدين وأشهدها لهم ومنهم سيدي إبراهيم القرشي الدسوقي‬
‫والمثانى الذين قال عنهم سيدي فخر الدين ( والمثانى أشهدت نعمى ) وبذلك يتضح أن هذه‬
‫الحقيقة من نعم موالنا السيد محمد عثمان عبده البرهانى ( فخر الدين )‪.‬‬
‫على بخلعة المالكية ‪,‬‬
‫فهو مالك الطريقة الذى أفاض ً‬
‫ثم يخاطب جبال التوحيد (األولياء الذين شربوا التوحيد) قائالً ‪ :‬يا ُجدد هل تعرفيننى ؟‬
‫أنا بيمين هللا للملك مالك أى أن ملكها بيمينى (قبضتى) التى على هيئة حرف الميم ‪ ,‬يعنى أن الحق‬
‫ملكنى ملك تلك الحقيقة التى أشارت اليها القصيدة التائية بقوله رضى هللا عنه‪:‬‬
‫وغيبة قدر المصطفى عن علومنا *** بها نزل القرآن إن شئت فإصمت‬
‫فأ ُ ْن ِز َله فى َغ ْي ِب ِه كتــــــــــــــــنزل *** سالم (هى) سين السالم بقبضتى‬

‫‪86‬‬
‫فالمصطفى صاحب القدر الجليل هو المشار اليه بطلسم غيب الغيب سر الهوية المتحدث عنها لما‬
‫غيبة هذا القدر ‪ ,‬تنزلت فى ليلة ‪ ,‬وهى الليلة السابعة والعشرون من الشهر ‪ ,‬والشهر ثالثون ليلة‬
‫‪ ,‬وليلة القدر خير من ألف شهر ‪ ,‬وأجرها خير من أجر ألف مقاتل ‪ ,‬وهذه الغيبة هى لباس يحمل‬
‫معنى نور لغيب الليل وسر لباسه ‪ ,‬و َت َن ُزل قدر هذا النور َك َت َن ُزل القرآن فى ليلة القدر (سالم هى) ‪,‬‬
‫فالسين فيها سر النور لصاحب الحقيقة (أ ل م) والميم التى تشبه قبضة اليد تشير إلى الحقيقة‬
‫المحمدية وهى قدره فى التنزل ‪ ,‬كتنزل القرآن إن شئت فاصمت ‪ ,‬وان لم تشأ تحدث ‪...‬‬
‫(ملحوظة) ‪ :‬هى من عطاء المنعم المتفضل أى الحقيقة ‪.‬‬
‫ثم جاء فى القصيدة (‪ )43‬بقوله ‪:‬‬
‫فاصدع بأمر جاء عنى مخلصا ً *** واعلم بأنى مالك األحوال‬
‫أى إلتزم بقولى حقا ً وصدقا ً ويقينا ً وإعلم بأن مراتب األحوال التى فيها مظهر رقوات المحمود‬
‫المشار اليه بنور لغيب الليل سر لباسه‪.‬‬
‫وهو المشار اليه فى القصيدة (‪ )25‬بقوله رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫هو السين وهو الهو كذا الهاء واألنا *** هو القدم المشهود والغيب سائر ‪25 /52‬‬
‫‪5‬ـ فى َح ْج ِ‬
‫ب أنوار الفرائد غصة *** يا آل عهدى لست أنهـــر سائلى‬
‫الفرائد ‪ :‬القصائد ومفردها فريدة‬
‫ثم يقول أن األنوار تكمن داخل الكلمات ‪ ,‬وفى َح ْجب أنوارها ال ترى أنوار معانيها المراد بيانها ‪,‬‬
‫لذلك فحجب المعانى غصة تشكل صعوبة فى فهم المعنى ‪ ,‬وعليكم يا آل عهدى (الذين حصلوا على‬
‫عهد الطريقة) لست أنهر سائلى ‪ ,‬وفى هذا عتاب يثبت عدم طرق الكلمات والبحث والتنقيب عن‬
‫المعانى ‪.‬‬
‫فكيف أنهر سائلى وأنا مظهر ماكان فى الكتمان والقائل ‪:‬‬
‫وشأنى تأليف القلوب وجمعهـــا *** وسائل غيرى فى الحقيقة ما فتى ‪5 /202‬‬
‫ان كان يجهل غيركم ال تجهلوا *** كــــــم قلت هل من سائل فيجاب ‪54 /52‬‬
‫من يطرق الكلمات يسأل مدنــا *** ال يلقى اال الرفــــــد وهو سخاء ‪57 /7‬‬
‫فيا أبنـــــــــاء عهدى إن سألتم *** سلونى ليتكم لــــو تسألـــــــــون ‪78 /53‬‬
‫‪4‬ـ مــا ُغي َب ْت يوما ً ولكـــــن ُعميت *** شأن العطـايا فى الزمـــان األول‬
‫غيبت > < عميت‬
‫ثم يختم المقطع األول من القصيدة بقوله رضى هللا عنه ‪:‬‬

‫‪87‬‬
‫إن كلمات ما يتلى قديمه بقدم القرآن الكريم وهى ليست غيبية وال ُغي َب ْت يوما ً ‪ ,‬ولكن ُع ِم َيت أى تم‬
‫فصح عنها فى حينها وفى وقتها وزمانها المحدد لها وذلك بظهور رجالها القائمين عليها‬ ‫تغطيتها ل ُي َ‬
‫‪ ,‬وعند ظهور خلفائها حملة أسرارها وهم موالنا فخر الدين وموالنا الشيخ محمد ابراهيم وورثتهم‬
‫إذا بسيدى فخر الدين الشيخ محمد عثمان يقول ‪ :‬أنا مظهر ما كان فى الكتمان ‪ ,‬حيث كانت وديعة‬
‫بحانها‬
‫شأنها شأن العطايا فى الزمان األول (السابق) حيث كانت شأن العطايا فى السابق الخفاء ‪ .‬فهى‬
‫الحقيقة ومن عرفها كان شأنه الخفاء حيث أخذ على أهل الزمان األول بالكتم ‪.‬‬
‫فلو شئنا لما جئنا بكشف *** عن المكنون من سر خفى ‪03 /9‬‬

‫‪ 54‬فبراير ‪5894‬م‬ ‫السبت ‪ 24‬جمادى األولى ‪5534‬هـ‬


‫‪-------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪4‬ـ من يقترف ُح ْسنى بها فى حانهـــا *** نعـــــــــم الثواب ويالعذب المنهل‬
‫س َنة ‪ :‬هى من عطاء العبد ‪ ,‬ودائما ً عطاء العبد على قدره‬ ‫الح َ‬
‫َ‬
‫ال ُح ْس َنا ‪ :‬الزيادة من عطاء الرب‬
‫ومن يقترف حسنة نزد له فيها ُح ْس َنا ‪ :‬بمعنى الزيادة فى الدنيا بالهداية والتوفيق وفى األخرة‬
‫بتضعيف الثواب وحسن التوفيق ‪ ,‬ويقول االمام القشيرى ‪ :‬اذا اتانا بالمجاهدة زدناه بفضلنا تحقيق‬
‫المشاهدة ويقال من يقترف حسنة الوظائف نزد له حسن اللطائف ‪ ,‬ويقال‪ :‬الزيادة هى ما ال يصل‬
‫اليه العبد بوسيلة ‪ ,‬مما ال يدخل تحت نطاق البشر ‪.‬‬
‫ويقول الحق تعالى ‪:‬‬
‫{ ذلك الذى يبشر هللا عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل ال أسألكم عليه أجراً إال المودة فى‬
‫القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها ُح ْس َنا إن هللا غفور رحيم} اآلية (‪ )20‬سورة الشورى‬
‫وعد سيدى فخر الدين أبناءه المجتهدون فى األوراد (األعمال الصالحات) بإجابة طلباتهم‬
‫وإحتياجاتهم فى الحياة الدنيا واآلخرة كما بشرهم بالوصول الى غاية القصد بتحقيق المشاهدة حيث‬
‫قالوا أن الطريقة تبدء بالذكر وتنتهى بالالذكر (المشاهدة) وذلك معنى قول ربهم سبحانه وتعالى‬
‫(وذلك هو الفضل الكبير) وذكرهم بقوله تعالى قل ال أسألكم عليه أجراً إال المودة فى القربى ثم أتبع‬
‫ذلك بقوله رضى هللا عنه لمريديه الذين ينفذون ما أمرهم به من البحث ودراسة علومه وتدارس‬
‫ديوان شراب الوصل ‪ ,‬قائالً (من يقترف ُح ْسنى بها) أى يقوم على رعاية شئونها بالبحث والتنقيب‬
‫عن ُح ْسن معانيها ‪ ,‬فى حانها أى فى وقتها وزمانها المحدد لها وهو زمن سيدى أبو العينين ‪ ,‬فقد‬
‫ينال ثوابها مضاعفا ً فى نفس الوقت جزاء وعطاءاً غير مجزوز (نعم الثواب) وأنعم به من الثواب‬
‫والجزاء وذلك بالكشف ورفع النقاب لألحباب عن المعانى المخبأة داخل األوانى ‪( ,‬ويالعذب المنهل)‬
‫أى أن المنهل العذب كثير الورود ألنه آت من نبع الهداية ومن شرب منه يكرع من فيض الهبات‬
‫العلية ‪ ,‬وقد نصح سيدى فخر الدين أبناءه بقوله‪:‬‬

‫‪88‬‬
‫وكل فؤاد للمهيمن ساجداً *** يرتل آيتى وينهل خمرتى ‪5 /590‬‬
‫أى أن العبد يكون أقرب الى هللا فى حالة سجود قلبه للمهيمن عليه ‪ ,‬فالعبد الذى يرتل القصائد‬
‫ويشرب من خمرها ُح ْسنُ المعانى هو من سجد قلبه للحق تعالى ‪ ,‬وعليه ينصح موالنا الشيخ‬
‫رضى هللا عنه مريده قائالً ‪:‬‬
‫لذاك مريدى كن الى هللا قاصداً *** نصحتك فانهل شاكراً بنصيحتى ‪5 /098‬‬
‫والمنهل الرائق الذى يشرب منه المريد هو منهل أبو العينين الذى يناجيه سيدى فخر الدين قائالً‪:‬‬
‫ســـــــــالم أبا العينين حب محمد *** فمنهلكم فيه احتــواء الطرائق ‪54 /2‬‬
‫فلتنهلوا من صرف رائق خمرها *** عل العنــا من سرهــــا ينزاح ‪24 /57‬‬
‫هموا بمغترف العناية ينهلـــــــوا *** وجدوا لديـــــه تحية وسالمــا ً ‪49 /52‬‬
‫أنا العصارة لكن الوفــــــا سمتى *** لتنهلوا من معينى حيث وفيت ‪48 /0‬‬
‫قلوبنـــــا من بقايـــا بعض منهله *** هى السخاء وما باتت بكيئات ‪75 /54‬‬
‫وذلك حتى تنهلـــــوا وتقلبــــــوا *** قلوبكـــم فى السابقات محيطة ‪70 /2‬‬
‫لقد رسم سيدى فخر الدين ألبنائه كيفية البحث والتنقيب للكشف عن معانى الكلمات التى أتى بها‬
‫الديوان حيث قال يا ليت أرباب الفهوم على هدى ويا ليت مستمع الحديث يجيبنى ‪ ,‬ووجه نداءه‬
‫خاصة بأبنائه المصريين الخيرين قائالً لهم لقد تم إصطفاؤكم باإلرفاد وتلقين قصائد الديوان وغاية‬
‫القصد من ذلك يتم بحسن القصد وليس باإلعوجاج عن الطريق السليم الذى فيه سالمتكم من كل‬
‫شر ‪ ,‬ووحدة صفكم عندى يساوى رفعة عماد الدين التى ال تتوفر سوى فى الصالة الركن الثانى‬
‫منه ‪ ,‬ورفعة هذا الدين هو فى اِلتحا ِم ُكم صفا ً واحداً خلف االمام صاحب الوقت ‪ ,‬ويتم ذلك بتصفى‬
‫القلوب من األغيار وتهيئة األرواح إلستقبال الواردات من المعانى العالية ذات المنهل العذب ‪ ,‬وأن‬
‫ماجئته من علوم هى وهب وموهبة ‪ ,‬وهى من عطاء المنعم المتفضل ‪ ,‬فمن وصلها هو الموصول‬
‫‪ ,‬والمقطوع هو من قطعها ‪ ,‬ومن قطعها قطعناه ال قوس وال وتر له علينا ‪ ,‬ثم يوجه نصحه قائالً ‪:‬‬
‫أجمعوا أمركم وخذوا مواقعكم فى الصف ‪ ,‬فاذا اجتمعتم على حب ومرحمة أيقنوا الوصل ‪ ,‬وتأكدوا‬
‫أن هللا هو معطينى ‪ ,‬واذا اردتم نوال القصد يكون باعقال العقل واطالق الروح كما يقول ‪ :‬أطلقوا‬
‫الكلمات وال تقيدوها وان ال تبثوا خبيثا ً ال يوفينى معانى ما اقول ‪ ,‬كما انصحكم اال تحدوا لها حداً‬
‫فيعجزها ‪ ,‬وأهال ومرحبا ً بالروح التى تناجينى ‪ ,‬كما ال تحبسوا معانيها وال تقصروها على لجج فقد‬
‫أحصلها من غير تخمين ‪ ,‬وأقصروا معانيها على المقصود والذى من أجله قد أمليتها ‪ ,‬فهو يمينى‬
‫وآَلِ ِه الغر الميامين ‪ ,‬واحذركم من أى إضافة ولو بحسن القصد ‪ ,‬وأيم هللا ما خفت موازينى ‪,‬‬
‫فعلمنا فى خدور ال نفتقها (مرة واحدة) وقد حبيناه قبل الماء والطين أى من أزل اآلزال ‪ ,‬ولكى‬
‫تنهلوا منها تقلبوا قلوبكم فيها ‪ ,‬بالكيفية التالية ‪:‬‬
‫تعكف منكم أمة لعلومنا إلستخراج منها معلومة تكون للجميع مخيطة ‪ ,‬وتلتفوا حولها ويؤمها بنى‬
‫(جمع) من بينكم ‪ ,‬وهذا الجمع يسعى بأن يجعل المخيطة محيطة ‪ ,‬ثم تكون بعدها بالغا ً تنشرونه‬
‫ألهل طريق ينشدون طريقة (أناس كل ما يهمهم خدمة الطريقة) ‪ ,‬وبذلك يحق عليكم معرفة‬
‫الحقيقة ‪ ,‬كما أنه يلزمكم فقه القصائد فيكون هو الوسيلة التى تفيض عليكم من كمال العطاء ‪,‬‬
‫‪89‬‬
‫وكما يمنع من التدارس المتكبرون عليها ‪ ,‬ومن يتعامى لم ولن يذوق لها طعم والمتعالى يكون‬
‫علمى فوقه ويظل وضيعا ً ممعنا ً فى الوضاعة ال يفارق طينة ‪ ,‬وينهى قوله بأن علومه التدركها‬
‫العقول وال القلوب ‪.‬‬
‫‪7‬ـ البعض أم السلسبيل وذاقـــــــــــه *** والبعض عطشى فى سحاب مثقل‬
‫ثم قسم قومه الى عدة أقسام حيث قال رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫البعض منهم سار على هدى شيخه وأم السبيل وذاق حالوة المعانى ‪ ,‬والبعض منهم عطشى فى‬
‫سحاب كثيف ممتلء بالماء فهو يشاهد الماء الكثيف أمام عينيه وال يصل اليه ‪.‬‬
‫‪9‬ـ والبعض أحيا هللا فيهــــــم عرشه *** والبعض يرضى بالدنـــى األسفل‬
‫والبعض أحيا هللا فيهم عرشه وهم من زرع وحصد وأكل فعاش عيشة هنية ‪ ,‬وحيا حياة طيبة حين‬
‫إمتأل قلبه بالنور الذى أضاء الصدور فأدرك قلبه المعانى التى اتسعت لها األوانى ‪ ,‬والبعض منهم‬
‫يرضى بالمعانى المتدنية التى ال يسعها سوى العقول ذات الفهم المحدود التى ال ترضى اال بالدنى‬
‫االسفل من المعانى وهؤالء يقول فيهم سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫فمقارف المعنى الدنى جهالة *** محجوبة علــــم البقين تردت ‪5 /037‬‬
‫بكهف جهالة عكفــــوا بوهم *** وقالوا مثل خوض الخائضين ‪74 /4‬‬
‫‪8‬ـ والبعض لما لم يجـــــد قلبـــــا ً له *** أضحى يحاكى مدبـــــراً فى مقبل‬
‫والبعض لما لم يجد قلبا ً له ‪ ,‬أخذ يصول ويجول ذهابا ً وإيابا ً للحصول على بعض المعانى منها‬
‫محاوال الحصول على المعانى معتمد على الفصاحة التى تسببت فى رداءة فهمه وقلة عقله الذى‬
‫صمت اآلذان وصاروا كالبهائم صم بكم عمى‬ ‫تغشته الظلمة وعشيت عينه واعتلتها القرائح حيث ُ‬
‫فهم ال يعقلون وهؤالء يقول عنهم سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫كم من غفــــول بالفصاحة قد أتى *** يكتال منهـــــا فالبضائع ردت ‪5 /032‬‬
‫ولكم عقول مس طائف غرهـــــا *** ما أمعنت بل أعرضت وتولت ‪5 /030‬‬
‫ما الخير فى طلب الزيادة بعدما *** عشيت عيون والمسامع صمت ‪5 /035‬‬
‫‪53‬ـ من لم يجد قلبــــــا ً له أو وجهة *** يخشى عليـــــه ومنبـــراً اليعتلــى‬
‫فالبعض الذى لم يجد قلبا ً أو وجهة فهو من أهل الغفلة الذين يعتمدون على الفصاحة ‪ ,‬وهم َمنْ‬
‫مس الشيطان عقولهم فاغلقها وحال بينها وبين الصحيح من الفهم والتركيز ثم تولت وأعرضت‬
‫ونأت بجانبها وأصبحت عروش خاوية على أرجائها كما فقدت الوجهة ‪ ,‬ومثل هؤالء يخشى عليهم‬
‫من عدم الفهم وادراك المعانى ‪ ,‬فمن لم يدرك المعانى كيف يؤخذ منه المواعظ ‪.‬‬
‫‪55‬ـ من كان اليدرى بأنى عالــــــم *** قلبــــا ً خليـــــــا ً مزوداً اليمتلـــــى‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه للجميع من كان ال يدرى (بأنى عالم) أى أن القلب الذى ال‬
‫يعرف طريقى مسلكا ً فهو قلبا ً خاويا ً وهو معون أو مزوداً كلما وضع فيه شىء ال يمتلئ وذلك ألن‬
‫صاحبه من الغافلين عن الذكر ‪ ,‬ويلفت نظرنا بقوله ‪:‬‬

‫‪90‬‬
‫ليعلم عنى من يعظم علمنـــا *** فعلمكـــم عنى بغير احاطة ‪5 /079‬‬
‫علمت ولى علم بعلم معلمى *** أُمـــد وتلقينــى بغير اماطة ‪5 /078‬‬
‫العلم شأنى والمعلم قدوتــى *** والغيب عندى أكمل االعالم ‪54 /29‬‬
‫فالعلم شأنى ‪ ,‬وكذلك شأنى تأليف القلوب وجمعها حول هذا العلم ‪ ,‬والمعلم رضى هللا عنه قدوتى‬
‫فى كل شىء هو من علمنى وصرت به وبعلمه (ظاهراً وباطنا ً وحداً ومطلعا ً) عالما ً ومعلما ً حتى‬
‫أصبح الغيب عندى أكمل االعالم ‪,‬‬
‫وما رشد ابراهيـــم اال تتمـــة *** بها أكمل المولى جزيل العطية ‪5 /553‬‬
‫ولـــم يك نقصـــــــان لدى أتمــــ‪/‬ه *** ولكن بى النقصان يكمل للفتى ‪5 /555‬‬
‫أقول أجبت ومـــــــا أجبت لطالـ‪/‬ب *** أقول منــــاى وال أقـــــول منيتى ‪5 /552‬‬
‫وما خدمة االمالك للروض دونكـ‪/‬م *** فكل مقـــــام أذكـــر فيه روضتى ‪5 /550‬‬
‫أال إن أقـــــــدار الرجـــال منـاز‪/‬ل *** بها نزلـــــــــوا ختما ً وتلك بدايتى ‪5 /555‬‬
‫وحدى حد هللا والحــــد مطلـــــــ‪/‬ع *** لدى ومـــــــا ضلت بذاك سفينتى ‪5 /554‬‬
‫وأعتصر القرآن حـــداً ومطلعــــــا ً *** وكنية فخر الدين ما لها من سمية ‪5 /288‬‬
‫وأقول لكم انتبهوا الى االبيات ‪555 :‬و‪552‬و‪550‬و‪555‬و‪554‬‬
‫تجد آخر الشطر األول منها خمسة حروف وهى (ع ل م ب ه) علــــــــــــم به ‪:‬‬
‫تقرأ من أسفل الى أعلى ‪ :‬من البيت ‪ 554‬الى ‪ 555‬فموالى كمال الدين العلم به هو عطية‬
‫المولى التى أتمها هللا وهى من عطاء المنعم المتفضل ‪.‬‬
‫كما أقول ‪:‬‬
‫فكم من سيد سدنا عليه *** وكم من عالم قد حار فينا ‪47 /5‬‬
‫ولقد سدنا بهذا العلم على علماء الدنيا كلها الى حد أن ملوك الجن واإلنس قد حاروا فى علمنا ‪,‬‬
‫وأشرت الى ذلك فى القصيدة الثانية بقولى ‪:‬‬
‫حارت جميع اإلنس فى كنهى كذا *** فى مشربى حارت ملوك الجان ‪2 /0‬‬
‫فعملى كله حقائق لذلك قلت ‪:‬‬
‫وأنى حق والحقيقة أودعت *** غيابة جب يوسفى بفطنــــة ‪5 /44‬‬
‫أال فلتعلمــــــــوا أنى أمين *** وإنى فى الحقائق مذ ولدت ‪55 /54‬‬
‫وعلمنا فاق كل العلوم حيث زلزل أرض العقول وأشارت الى ذلك القصيدة التائية بقولنا‪:‬‬
‫وتزلزلت أرض العقـول بيا أنا *** ماذا أفدتــــم بعد من تائيتى ‪5 /038‬‬
‫واالرض لما أخرجت أثقالهـــا *** ماذا جنيتم من جنى نونيتى ‪5 /053‬‬
‫(قلبا ً خليا ً مزوداً ال يمتلى)‬

‫‪91‬‬
‫القلب الخلى هو القلب الذى مزوده خال وكل ما تضع فيه شيئا ً ال يثبت فيه وهو قلب الغافل عن‬
‫ذكر هللا فهو مسكن للشيطان أما القلب العامر فهو محل نظر الرحمن وهو عرش المؤمن الذى‬
‫يستوى عليه الرحمن مصداقا ً لقول الحق تعالى (الرحمن على العرش استوى)‬
‫‪52‬ـ فليستعذ من نفسه فى ظلمـــــه *** والحكـــــم ختما ً للنبى المرســــــل‬
‫فالقلب الخلى هو قلب مظلم سادت عليه غشاوة وعلى صاحبه أن يستعيذ باهلل لينجلى سواد قلبه‬
‫ويمحى الران الذى غطاه ولي س أمامه سوى أن يستمع لما يوحى اليه من علمنا وينهج نهجنا حتى‬
‫تنقشع الظلمة ويستضىء قلبه ويكشف له عن أسرار علمنا الذى جواهره فى كل صدر كمينة ‪,‬‬
‫(والحكم ختما ً للنبى المرسل) ‪:‬‬
‫الحكم ‪ :‬القضاء‬
‫الحكم عندى للرواسخ أصلهـا *** قولى عظيم روافـــد االفتـــــاء ‪4 /24‬‬
‫وكم حكم لها وهــى الرواسى *** وكم قاض تعلــــــم من قضاها ‪28 /57‬‬
‫الى ‪03 /00‬‬
‫ومن حكم العليم يكــون عدلى *** اذا ردوا تنازعهـــــــــــــم ً‬
‫فاغطاش المعانى محض حكم *** ألعطى ما أشــــــا ولى الخيار ‪05 /24‬‬
‫ولكن الت حكم غير حكمـــى *** فخلـــــوا ساحتى لإلحتكـــــــام ‪58 /55‬‬
‫فمطلق حكم العــــارفين ارادة *** وغايـــــة سؤل الواصلين بإذنه ‪44 /59‬‬
‫فال وربك ال إيمان إن جنحـوا *** ولم يكن غير حكم هللا يرضينى ‪83 /54‬‬
‫وهنا يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه الحكم عندى للراسخون فى علمى المؤمنون به ‪,‬‬
‫(الرواسى) وهم الثوابت الذين ال يميلون عنه ‪ ,‬وكثيراً من القضاة تعلموا من علومى أحكامها‬
‫وعلما ً ‪ ,‬حيث أن جميع أحكامها قائمة على العدل ‪ ,‬لذا يجب على المتنازعون أن يردوا تنازعهم‬
‫الينا لينالوا عدلها ‪ ,‬كما يقول رضى هللا عنه واغطاش معانى علومنا محض حكم يقوم على اختيار‬
‫من يصلح لإلطالع عليها ومعرفة أسرارها ‪ ,‬وعلى الذين يرتضون حكمنا ان يردوا تنازعهم إلينا‬
‫ألن ساحة الحكم تخلوا من سوانا ‪ ,‬فمطلق حكم العارفين يحتاج الى ارادة واالرادة ارادتنا وغاية‬
‫سؤل الواصلين بأذننا ‪ ,‬ثم يختم الشيخ رضى هللا عنه قوله فال وربك ال إيمان لمن يجنح عن‬
‫السوى عن المعصوم والبارى ‪ ,‬فال حكم يرضينى سوى حكم النبى المرسل ‪ ,‬صاحب الرسالة‬
‫البرهانية وأصلها ‪ ,‬برهان الملة والدين رضى هللا عنه ‪.‬‬
‫الر ْح َما ُء يامن يعلموا *** أن الخبايــــــــــا هُنً لى أو هِنً لى‬ ‫ُ‬
‫فالرحمة ً‬ ‫‪50‬ـ‬
‫الرحمة الرحماء ‪ :‬الرحمة الصرفة التى تخص حضرة النبى صلى هللا عليه وسلم مصداقا ً لقول‬
‫الحق تعالى {وما أرسلناك اال رحمة للعالمين} والعالمين كل ما سوى هللا يقع تحت لفظة العالمين‪.‬‬
‫والرحمة الرحماء ميراث خلفائه رضى هللا عنهم القائلون ‪:‬‬
‫نطوف بالرحمة األكوان أجمعها *** نلقن الوالدات بعض رحمتنا ‪04 /55‬‬

‫‪92‬‬
‫فيا آل عهدى من باب الرحمة أرحموا انفسكم واعلموا ان كل الخبايا أى أسرار معانى كلمات ديوان‬
‫شراب الوصل من شأنى وحدى ‪ ,‬وكشف مكنوناتها شأنى وحاشا الوصف بالنسيان ‪,‬‬
‫فاغطاش المعانى محض حكم *** ألعطى ما أشا ولى الخيار ‪05 /24‬‬
‫وهذا ســـــر اغطاش المعانى *** فان الغيب ملبوس الخفـــاة ‪08 /29‬‬
‫وجعلت فيه أمانكم وسالمكــم *** وعن المعانى كان لى امناء ‪57 /50‬‬
‫ـــــــل‬
‫ِ‬ ‫عذب صف ٌى من شراب ال ُك ًم‬
‫ٌ‬ ‫‪55‬ـ أين التراحــــــــم يا َبن ًِى فإ ًنــ ُه ***‬
‫ثم طالبنا بالتراحم فيما بيننا وذلك من خالل قوله (أين التراحم) وذلك لما طفا على السطح كثير من‬
‫المخالفات الشرعية والمرعية التى ارتكبها البعض حيث استنكر ذلك وقال فانه عذب أى التراحم‬
‫الذى شبهه بالماء الصافى النقى من الشوائب ‪ ,‬فهو من شراب الكمل أى ال يشربه سوى الذى‬
‫كملهم صاحب الدين القويم الذى ال يدريه سواه لذا قال رضى هللا عنه (‪:)43‬‬
‫سلنى أمدك يا بنى بعلمنــــــــــــــــا *** إن شئت فاسألنى عن االيمان‬
‫سلنى عن الدين القويـــــــــم فاننى *** أدريه أو سلنى عن البرهــان‬
‫واسأل مرادك من صنوف علومنا *** وا ُرج البيان الحق بااليقــــان‬
‫وابيض وجــ ُه المقبــــــل المستقبل‬
‫ً‬ ‫‪54‬ـ أولى بذاك القيمون بأمرهـــــا ***‬
‫وأولى بالنصيحة الصريحة القائمون على خدمة الطريقة والموكل اليهم أمرها ‪ ,‬ومن صفة‬
‫الرحماء انهم من قال فيهم الحق تعالى (يوم تبيض وجوه) (وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة‬
‫مستبشرة) انهم اصحاب تلك الوجوه البيضاء المقبلون على هللا تعالى والمستقبلون لهذا العلم ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫ض َها َف ْو َق َب ْعض إِ َذا‬ ‫اب ۚ ُظل ُ َم ٌ‬
‫ات َب ْع ُ‬ ‫ج ِّمن َف ْوقِ ِه َ‬
‫س َح ٌ‬ ‫ج ِّمن َف ْوقِ ِه َم ْو ٌ‬ ‫أَ ْو َك ُظل ُ َمات فِي َب ْحر لُّ ِّج ٍّي َي ْغ َ‬
‫شاهُ َم ْو ٌ‬
‫ورا َف َما لَ ُه مِن ُّنور‬ ‫هللا ُ َل ُه ُن ً‬‫َّ‬ ‫أَ ْخ َر َج َي َدهُ لَ ْم َي َكدْ َي َراهَا ۗ َو َمن لَّ ْم َي ْج َع ِل‬
‫سورة النور ‪53‬‬

‫‪5‬ـ نزلنـــا بحـــــره كالسابحات *** وأيقـــنا بأن الوصـــــــــل آت‬


‫‪2‬ـ سبحنا والغياهب تحتوينـــــا *** وكنا كالجــــــــوارى المنشآت‬
‫من أقوال االمام فخر الدين‬
‫‪94‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫القصيدة التاسعة والثالثون‬
‫‪ 05‬يناير ‪5894‬م‬ ‫الخميس‪53‬جماد أول ‪5534‬هـ عدد األبيات (‪)47‬‬
‫‪------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫تنزلت هذه القصيدة على ثالثة أجزاء ‪:‬‬
‫عدد األبيات ‪52 :‬‬ ‫األول يوم ‪ 05‬ينـاير ‪5894‬‬
‫عدد االبيات ‪55 :‬‬ ‫الثانى يوم ‪ 9‬فبراير ‪5894‬‬
‫الثالث يوم ‪ 57‬فبراير ‪ 5894‬عدد االبيات ‪55 :‬‬
‫ـ مناسبتها لما قبلها ‪ :‬فى معنى البيت األول من القصيدة (‪: )09‬‬
‫كلمات ما يتلى كحد الفيصل *** هى من عطاء المنعم المتفضل‬
‫كلمات ما يتلى من القصائد العصماء كلمات حق كحد الفيصل (السيف) فى رقة نظمها ودقته ‪ ,‬وهى‬
‫تتلى ككلمات القرآن الذى يتلى آناء الليل وأطراف النهار ‪ ,‬ولها عجائبها وغرائبها كما للقرآن‬
‫عجائب وغرائب ‪ ,‬ثم يقول إنها عطية من عطايا المنعم المتفضل المتعددة التى أغدقنا بها ‪ ,‬مثل‬
‫قدرها فى العطاء كليل ة القدر التى قال الحق فيه {إنا أنزلناه فى ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر‬
‫ليلة القدر خير من ألف شهر سالم هى حتى مطلع الفجر} وجاءت إشارتها فى التائية بقوله رضى‬
‫هللا عنه ‪:‬‬
‫وغيبة قدر المصطفى عن علومنا *** بها نزل القرآن إن شئت فاصمت‬
‫فأ ُ ْن ِزلًــــــ ُه فى َغ ْي ِب ِه َك َتــــــــــ َن ُزل *** ســـــالم هى سين السالم بقبضتى‬
‫ـ الفكرة التى تدور حولها القصيدة ‪ :‬فى معنى البيت األول ‪:‬‬
‫نزلنـــا بحـــــره كالسابحات *** وأيقنا بأن الوصـــــــــل آت‬
‫نزلنا بحره كالسابحات ‪,‬السابحات وهى األرواح ومفردها روح تسبح كسفينة على درجة عالية من‬
‫األمان معدة خصيصا ً للسير فى البحار ذات األمواج العالية التى يصعب على غيرها السير فيها ‪,‬‬
‫وأرواح ذلك الجمع كانت على يقين تام بالوصول إلى الشاطىء اآلخر الذى فيه الغاية التى ال تنال‬
‫إال بحسن القصد العوج ‪ ,‬ووحدة الصف التى فيها إقامة أعمدة الدين ‪ ,‬وهو موطن الوصول ومحل‬
‫القاب والقوس من التدانى ‪.‬‬
‫‪------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫يبدأ سيدى فخر الدين القصيدة بقوله ‪:‬‬
‫‪95‬‬
‫‪5‬ـ نزلنـــا بحـــــره كالسابحات *** وأيقنا بأن الوصـــــــــل آت‬
‫‪2‬ـ سبحنا والغياهب تحتوينـــــا *** وكنا كالجـــــوارى المنشآت‬
‫‪0‬ـ فغيبنا به حتى غرقنـــــــــــا *** يقينا فى العطـــــايا والهبات‬
‫‪5‬ـ وما زلنا به حتى عرفنـــــــا *** على التحقيـق أسرار النبات‬
‫‪4‬ـ وحزنا من عطاياه جزيــــالً *** ولى من سرها جمع الشتات‬
‫الشرح والتفصيل ‪:‬‬
‫‪5‬ـ نزلنـــا بحـــــره كالسابحات *** وأيقنا بأن الوصـــــــــل آت‬
‫السابحات جمع سابحة والسابحة ‪ :‬الروح ‪ ,‬فالسبح ‪ :‬سبح أرواح للوصول للغاية مروراً بالمنازل ‪,‬‬
‫ومنازل السير ‪ :‬جمعها منزلة ‪.‬‬
‫نزلنا ‪ :‬جمع من األرواح ‪ ,‬كالجوارى المنشآت ‪ ,‬المعدة ومنشأة من أجل السير فى البحر والبحر‬
‫هو الذى منه إنشقت األسراروانفلقت األنوار وأشارت اليه صالة بن بشيش ‪.‬‬
‫بحره ‪ :‬بحر صاحب الهوية ‪ ,‬هوية غيب األحدية ‪.‬‬
‫ـ نزلنا بحره كالسابحات ‪ :‬يتحدث سيدى فخر الدين رضى هللا عنه بلسان الجمع الذى نزل معه أى‬
‫نزل بصحبته ‪ ,‬بحرهُ ‪ ,‬بحر من منه إنشقت األسرار وإنفلقت األنوار وفيه إرتقت الحقائق ‪ ,‬وهو‬
‫المشار اليه فى القصيدة (‪:)25‬‬
‫هو البحر تأويالً له المتن واصالً *** عليه سفين الصالحين مواخر ‪25 /50‬‬
‫وفى حديثه رضى هللا عنه يبين أن ذلك البحر بحر عميق مليىء باألسرار واألنوار فهو بحر لج ٌى‬
‫يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض ‪ ,‬أشارت اليه اآلية (‪)53‬‬
‫من سورة النور ‪ ,‬وهذا البحر يحتاج الى من هو على دراية كاملة بالسبح فيه ‪ ,‬وال يوجد على‬
‫ظهر البسيطة من هو على دراية كبيرة بالسبح والعوم فى هذا البحر مثل سيدى فخر الدين القائل ‪:‬‬
‫وأضرب آكباد العزائم سابحا ً *** وفى لجج األنوار تكمن سبحتى ‪5 /538‬‬
‫ويقول عن أهل المنازل‪:‬‬
‫ولو نزلوا كان القرى بمعيننا *** ولو سبحوا فليسبحـــوا بسقايتى ‪5 /099‬‬
‫ويقول لمريديه الراغبين فى اللحوق به ‪:‬‬
‫فإن إستطعتم فانفذوا لحقيقتى *** وإلن عجزتـــم سبحوا سبحانى ‪2 /44‬‬

‫‪96‬‬
‫والقائل نزلنا بحره كالسابحات ‪ ,‬وهى األرواح ومفردها روح تسبح كسفينة على درجة عالية من‬
‫األمان معدة خصيصا ً للسير فى البحار ذات األمواج العالية التى يصعب على غيرها السير فيها ‪,‬‬
‫وأرواح ذلك الجمع كانت على يقين تام بالوصول إلى الشاطىء اآلخر الذى فيه الغاية التى ال تنال‬
‫إال بحسن القصد العوج ‪ ,‬ووحدة الصف التى فيها إقامة أعمدة الدين ‪ ,‬وهو موطن الوصول ومحل‬
‫القاب والقوس من التدانى‬
‫‪2‬ـ سبحنا والغياهب تحتوينـــــا *** وكنا كالجــــــــوارى المنشآت‬
‫يوضح سيدى االمام فخر الدين طريق السير فى بحر (اللحوق األحمدى) بقوله رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫سبحنا والغياهب تحتوينا أى ‪ :‬سبحنا باألرواح نحو من له القصد ال عوج ‪ ,‬كما تسبح النجوم‬
‫والكواكب فى مجارى األفالك التى تحتويها الحجب المترادفات للوصول الى غاية الغايات ثم الى‬
‫موطن(من دنى فتدلى)‪ ,‬وحال سبح أرواحنا الى غاية الغايات وهو بلوغ القصد الذى فيه فض‬
‫س ْب ُح فى‬
‫التشارك ‪ ,‬والغياهب تحتوينا أى كانت الغياهب والظلمات تحيط بنا من كل جانب ‪ ,‬وكان ال َ‬
‫صفوف متناسقة كسبح الطيور فى السماء وكالجوارى المنشآت فى البحر كاألعالم المشار اليها‬
‫بسورة الرحمن التى يقول فيها الحق سبحانه وتعالى {ول ُه الجوارى المنشئات فى البحر كاألعالم}‬
‫‪.‬‬
‫‪0‬ـ فغيبنا به حتى غرقنـــــــــــا *** يقينا فى العطـــــايا والهبات‬
‫فأثناء سيرنا بحراً ُغيبنا به حيث تغشتنا ظلمة األمواج وظلمة البحر وظلمة السحاب حتى غرقنا‬
‫فى نيل العطايا والهبات التى ال تعد وال تحصى ‪ ,‬فهو الجواد الذى يعطى بسخاء ‪ ,‬الكريم الذى ال‬
‫يعطى قليال ومن عطاياه إنا كاشفوا النقم ‪.‬‬
‫عرفنـــــــا *** على التحقيـق أسرار النبات‬
‫‪5‬ـ وما زلنا به حتى َ‬
‫ومازلنا مستمرين فى السير به أى بالبحر الذى منه إنشقت األسرار حتى نلنا وتحققنا باألسرار‬
‫واألنوار ومن بين هذه األسرار أسرار النبات التى منها َعلِمنا كيفية إنبات (شجرة النخيل) التى تبدأ‬
‫بالنواة ويكون تكوينها دائرى ‪ ,‬بأحد أجنابها شق يشبه األلف واآلخر خلفه ويتوسطه نقطة اإلنبات‬
‫‪ ,‬ويتم وضع النواة على شقها منبسطة فى األرض من جانب األلف ونقطة اإلنبات ألعلى ويتم‬
‫دفنها بالتراب وريها بالماء فتخرج الشجرة من نقطة اإلنبات ثم تأتى بالثمار المختلف ألوانه ‪ ,‬ومن‬
‫ذلك سر العالقة بين النقطة واأللف ‪ ,‬والدواة والقلم ‪.‬‬
‫‪4‬ـ وحزنا من عطاياه جزيــــالً *** ولى من سرها جمع الشتات‬
‫كما يقول رضى هللا عنه وحزنا من عطاياه جزيالً أى حصلنا وأخذنا الكثير والكثير من عطاياه التى‬
‫ال تنفذ ‪,‬وهى علوم ديوان شراب الوصل القائمة على ميراث حضرة النبى صلى هللا عليه وسلم‬
‫المكونه من جوامع الكلم التى لم يؤتاها نبى قبله ‪ ,‬والتى لم يصل اليها أيا ً من كان وهى سر جمعكم‬
‫على الحب والمرحمة وعدم تشتتكم وتشرذمكم هنا وهناك ‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫‪4‬ـ تنزهنا عن الدعوى وصرنا *** بعيداً عن فهــــــــوم عابثات‬
‫وبحصولنا على النظم الفريد والجوهر المكنون من قصائد ديوان شراب الوصل الذى هو‬
‫مخصوصات علمنا عن حقيقة حضرة المعصوم التى بها تنزهنا عن كل جهل بل وعن كل علم‬
‫ودعوى يشوبها الخيال فمعرفتنا به لم تدانيها علوم ‪ ,‬حيث صرنا بها بعيداً عن الفهوم العابثات ‪,‬‬
‫فهذه المعرفة لم يدركها سابق وال الحق ‪ ,‬وقد فاقت العقول بل والقلوب ‪ ,‬وهى مخصوصات علمى‬
‫التى ال ُت ِ‬
‫درك كنهها غيراألرواح وال يصل اليها أرباب الفهوم العابثات ‪.‬‬
‫سفُنَ النجـــــاة‬
‫‪7‬ـ ونلنـــا كل نيــــل من سخاء *** وصرنا بعده ُ‬
‫ويقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أنها عطاء المصطفى وغراسه الذى نلنا منه كل نيل وكل‬
‫عطاء فى سخاء ورأفة ‪ ,‬وهذا العلم ال يؤخذ سوى من موطن حضرة األحدية التى يأتى منها علوم‬
‫الـ (أنا) والـ (هو) وهى علومنا عن حقيقة المعصوم التى بها صرنا سفن النجاة ‪ ,‬لذا جاء قولنا ‪:‬‬
‫ومن إعتلى أمواج بحر محبتى *** فأنا السفينة والغــــــرام شــراع ‪20 /4‬‬
‫هذا كالمى قديـــم يسبق الزمن *** فال تخوضوا بحاراً أهلكت سفنا ً ‪04 /5‬‬
‫‪9‬ـ قرأنا فى سطور الغيب سراً *** كسر الباقيات الصالحــــات‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أن عطيته من حضرة المعصوم مخصوصات علمه التى‬
‫تتحدث عن بداية منزلة العبد ا لذى يجهل الجمع بدأها والتى سطر لوحها كتاب هللا المسمى (جمعنا)‬
‫والمسمى (حضرة) فهى علوم غيبية ما عندها نور ولكن (ظلمة) حوالكها مضاءة ونورها هو‬
‫أشعة من عاينوها ‪ ,‬وقلت عن هذه العلوم ‪:‬‬
‫العلــم شأنى والمعلم قدوتى *** والغيب عندى أكمل اإلعالم ‪54 /29‬‬
‫وغراس علمى فى القلوب *** كأنه لعلوه النخل ذو األكمام ‪54 /28‬‬
‫وأنا النجم الثاقب الذى إطلعت على خوارقها بعد الحجاب وقرأت ما بها من سطور ‪ ,‬فحقا ما أقول‬
‫عنه ‪:‬‬
‫ســـــــئلتم ما الكتاب فإنه *** مما رواه أمــــــــاجد األعالم ‪54 /57‬‬
‫وإلن ُ‬
‫نعم الهـــــداة حقائقا ً قد سطروا *** فه ُم أولو القدر الجليل السامى ‪54 /59‬‬
‫فيه الهدى والنور طى سطوره *** بل فيه نفـــع الفرس واألروام ‪54 /58‬‬
‫لو قالت األعــــــراب آمنا فقل *** أنتم عن اإليمـــان فى إستفهام ‪54 /43‬‬
‫وتجنبـــــوا إنكار حرف واحد *** عزل الكرام مزلــــــــة األقدام ‪54 /45‬‬
‫وإلن فقهتــــــم ما أقول فإننى *** أتتمت فضلى غاية اإلتمـــــــام ‪54 /45‬‬
‫‪98‬‬
‫فذلك السر الذى قرآناه فى سطور الغيب كان َع ًمنْ َمنْ أجله وبعد رجائه هذا الحديث ومنحتى‬
‫وكالمى ‪ ,‬فهو الحبيب الذى ال يخيب رجاؤه أورثته سراً عليه لثامى ‪ ,‬وهو السر الذى معرفته عند‬
‫ربك ثوابا ً وخيراً أمالً كسر الباقيات الصالحات ‪ ,‬ومعرفته من األعمال التى ترضى هللا ورسوله ‪,‬‬
‫{والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا ً وخير أمالً} من اآلية (‪ )54‬سورة الكهف ‪.‬‬
‫‪8‬ـ وأدركنـــا مدارك كل مرقى *** وفقــــه المانعات المانحـات‬
‫وعند قراءة سطور الغيب أدركنا مدارك كل مرقى من مدارك ومنازل الحقيقة التى توضحها‬
‫القصيدة العاشرة وهى الكافية للمعرفة بحقيقة الحقائق التى ال تتسع لها الكتب‬
‫ومعرفتها تحتاج الى زوال الحس الذى تؤثر فيه الجروح حيث أن الجرح عنده فرحة وهذه رتب‬
‫فيها إتساع المدارك ‪ ,‬وغايتها بلوغ القصد باهلل الذى يأتى بأحكامى وفيها إتمام مناسكى ‪ ,‬وفى‬
‫بلوغ القصد فض التشارك ‪ ,‬وبلوغ القصد يحتاج الى بذل قصارى الجهد ‪ ,‬وكل من لبس المخيط‬
‫على يدى فقد أفيض عليه من علومى الذكية التى يجل عن الحذاق مكنون سرها ورسم سيدى فخر‬
‫الدين طريق السير لبلوغ القصد بقوله ‪:‬‬
‫أال إنما يسرى المريـد على يدى *** وكل فتى ينأَى فليس بســــــالك ‪53 /22‬‬
‫ومن قبس النور المبين بقبضتى *** يضاء سبيل السير من كل حالك ‪53 /20‬‬
‫وفقه المانعات المانحات ‪:‬‬
‫يقول سيدى فخر الدين وفقهت من أسراره ما لويشا سبعين راحلة بذاك ألوقر كما يقول أن الذين‬
‫جعلت لديهم فقه المانعات المانحات هم من باتوا الليل فى شوق وأصبحوا يجنوا سرها من بطونها‬
‫‪ ,‬فهم من وضحتهم القصيدة (‪ )02‬بقوله رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫يقلب فيهـــا طرفــه ثم قلبـــــــه *** لينسج منها حلــة ترتدونهـــــا‬
‫يغوص ويرجوا وجهنا ولها ً بنا *** فيخرج منها حليـــة تلبسونهــا‬
‫ومحض عطائى نعمة بعد نعمة *** وقمت عليها علكــم تشكرونها‬
‫وحيث علمتم فقهها فهى حجـــة *** وحيث جهلتم عورة تسترونها‬
‫وهؤالء المانعات المانحات هم خزائن لحفظ عطيتى بطى خدورهم ‪ ,‬حتى يعاود أبناء الطريقة‬
‫فتحها فينهلوا منها العطايا بالبحث والدراسة وتقليب قلوبهم فى السابقات منها ‪ ,‬وكيفية ذلك تتم‬
‫عن طريق تقسيم المتدارسين الى مجموعتين األولى تعكف لتخرج من تلك العلوم مخيطة (معلومة‬
‫كاملة شاملة على المعنى المراد) تقدم للمجموعة األخرى تستقى شرابها من العلم الذى ينفى‬
‫جهلها ويؤمها األبناء التى تكون لديهم تلك المعلومة محيطة بالمعنى المراد معرفته ‪.‬‬
‫‪53‬ـ وأعطينا من اآليات علما ً *** بآيات الكتاب الناسخـــــات‬
‫‪99‬‬
‫ويقول سيدى فخر الدين بعد إطالعنا على السر المراد الذى يشبه سر الباقيات الصالحات وبه‬
‫أدركنا مدارك كل مرقى (مراتب السير) ثم عطف قوله رضى هللا عنه وأُعطينا من األبيات التى هى‬
‫اآليات علم الناسخ والمنسوخ من الكتاب الكريم الذى هو جدها من أب لها ‪( ,‬ما ننسخ من آية أو‬
‫ننسها نأت بخير منها أو مثلها ‪ ,‬ألم تعلم أن هللا على كل شىء قدير) اآلية (‪ )534‬البقرة ‪.‬‬
‫من المعلوم أن النسخ بالمعنى المعروف عند الفقهاء وهو اإلبانة عن انتهاء أمد الحكم وانقضاء‬
‫أجله‪.‬‬
‫‪55‬ـ تجمعنــا بذات الفرق حداً *** وألفينـــــــا وليد الساجدات‬
‫أي عندما تجمعنا فى حضرة الجمع ونحن عند موطن الفرق األول والثانى شاهدنا (حد) الجمال‬
‫الطالع المشار اليه فى القصيدة (‪:)04‬‬
‫وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا‬
‫اس ُت ْخ ِر َج ْت‬
‫ألفينا سر الحقيقة التى أتي ذكرها في نون والتين‪ ,‬وهى حقيقة روحية إلنسان غائب ْ‬
‫روحه من حقيقة المحمود فى رقواته ( الروح األعظم ) طالعة من بين الحاء والدال في كلمة ( أحد‬
‫) حيث ظهرت في صورة ( حمد ) فكانت هذه الحقيقة مظهر المحمود في رقواته ( أحمد من عنده‬
‫أصل البريات ) فهو جدي محمود المقام (إنسان عين شاهدت نوره فى حضرة البر الصمد ) فهو‬
‫صاحب المقام المحمود وشافعي ‪ ,‬و(الشفع) جمع الحقيقتين فى حالة اإلثنينية ( الحقيقة األحمدية‬
‫في الحقيقة المحمدية ) وهو الذى صلى عليه سيدي عبدالسالم بن بشيش بمدد من سيدى ابراهيم‬
‫القرشى الدسوقى فى صالته ( اللهم صلي علي من منه انشقت األسرار وانفلقت األنوار) فقلت‪:‬‬
‫هو ذا النور يامريـــد تجلى *** هو ذا الغيث يا أهيل ودادى ‪22 /55‬‬
‫ولد الغيب ال يجـــاوز غيبا ً *** وله الدر من فريــــد مدادى ‪22 /52‬‬
‫غلب الحسن فالبواطن أنت *** وعلى أنتى يئن حــــــوادى ‪22 /50‬‬
‫وعلت زفرة بهــــــا أتغنى *** فبها صرت بين أهلى شادى ‪22 /55‬‬
‫وتقلبت في هواه وفخــرى *** نسب في تقلــــب السجـــــــاد ‪22/54‬‬
‫فالساجدات هى ( األمهات الطاهرات ) أرواح الكبار من األولياء ‪ ,‬التي سجدت إلمامهم الذى أمهم‬
‫فى حضرة جمع الجمع ‪ ,‬وذات الفرق هى الميم ( ُم ْطلَع الحد) أى الطالعة من بين الحاء والدال ‪,‬‬
‫والنسب الذى تقلبت فى هواه هم أهل السلسلة الصغيرة والكبيرة التى تقرأ لها الفواتح صباحا ً‬
‫ومساءاً ‪ ,‬ووليد الساجدات الذى ألفيناه لدى باب هذه الحضرة ‪ ,‬هو صاحب ختم الوالية ‪ ,‬هو‬
‫سيدى كمال الدين الشيخ ابراهيم وهذه الحقيقة هى عطية هللا التي حبيناها قبل الماء والطين ‪,‬‬
‫وعنها يقول سيدى فخر الدين‪:‬‬
‫فعلمنا فى خـــــــدور ال نفتقها *** وقد حبيناه قبل الماء والطين ‪07/04‬‬
‫لقد كفينا من التقطير وإكتملت *** عطيــة هللا قبل الماء والطين ‪83/4‬‬

‫‪52‬ـ فقدنا كل علم كل جهــــــل *** عجبنا عند إدراك الغــــداة‬


‫عندما وجدنا وليد الساجدات المشار اليه فقدنا كل معلوم لدينا عن حقيقته وانتفى بمعرفته عنا كل‬
‫جهل ‪ ,‬وعجبنا عندما أشرق علينا نهاره وسطع نوره وادركنا غداته‬
‫‪100‬‬
‫‪50‬ـ ومما نلته منهـــــا علوما ً *** وأحكاما ً ألقنهــــــــــا بذاتى‬
‫ومما نلته من المعرفة بحقيقة الذى نزلنا بحره كالسابحات علوما ً فاقت كل العلوم وعلت فوق‬
‫الفهوم كما نلت مقتضيات تلك الحقيقة وأحكاما ً أقوم بتلقينها لألحباب المنشغلين بالدراسة والبحث‬
‫للكشف عن السر المكنون فى باطن علومها ‪.‬‬
‫‪55‬ـ يميز هللا باآليــات فضالً *** اجاج الملح والعذب الفرات‬
‫يميز هللا أهل المعرفة باألبيات التى تحتوى على معانى الحقيقة المدونة فى قصائد الديوان‬
‫وأصبحوا مهرة فى الحصول على المراد إثباته منها مثلما يميز هللا أهل آيات القرآن الكريم الحفاظ‬
‫ومعنى ‪ ,‬وهم من ينطبق عليهم بالقول المهرة بالقرآن مع المالئكة الكرام ‪.‬‬
‫ً‬ ‫لكالم هللا لفظا ً‬
‫‪54‬ـ كذا بين الضاللة والتجافى *** بسر فى القلـوب الموقرات‬
‫كما يتميز أهل الدارسة والبحث فى علوم ديوان شراب الوصل طلبا ً للتحقق والمعرفة بمعانى‬
‫األبيات والمفردات والكلمات التى تبين وتوضح السر الذى به يهتدى اصحاب القلوب الخالية من‬
‫األوهام فتميز بين الضاللة والهدى الذى يأتى بالحب وال يأت بالتجافى وهذا السر هو الذى يسرى‬
‫فى القلوب الموقرات ‪.‬‬
‫‪54‬ـ فغرسى من سحاب الغيب ُيروى *** وال ُيسقى بمـــاء المعصرات‬
‫فغرسى من علوم تلك الحقيقة يروى بالماء الصافى العذب الذى يأتى به سحاب الغيب فيخضب‬
‫القلوب الموقرات بذلك السر ‪ ,‬وال يسقى بماء الرياح المعصرات الذى ينزل ثجاجا على هيئة‬
‫قطرات الماء‪.‬‬
‫‪57‬ـ ف ُي ْعطِ ى سرهـــــــــا نوراً وزلفى *** ضياءاً ُ‬
‫للو ُجــو ِه الناضـــرات‬
‫فالعلم الذى يروى بماء سحاب الغيب هو الذى ُيعطى سرها أى سر الحقيقة نوراً وزلفى يبعث‬
‫ضياءاً للوجوه الناضرات فتكسبها حسنا ً وجماالً تجعلها ضاحكة مستبشرة بالنعيم التى أصبحت فيه‬
‫‪.‬‬
‫‪59‬ـ ويغــزو ُحبــــــًها قلبــــا ً صفـــيا ً *** فإن من العطـــايــــا كال ُغـزاة‬
‫وحب المعرفة بتلك الحقيقة يغزو قلبا ً صفيا ً خاليا ً من الشوب واألوهام ويستقر فيه ‪ ,‬حيث أن‬
‫عطاياها فيها الكثير حال دخولها الى القلب فإنها تدخله كالغزاة مما يجعلها تحتله وتستقر فيه ‪,‬‬
‫وتشعل بداخله نار المحبة التى ترتاح لها القلوب ‪.‬‬
‫‪58‬ـ فكيف الحال يوم الكشف عنهـــا *** وأصبحت الضواحك مبلسات‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه لمنكرى تلك الحقيقة والغير مؤمنون بها ‪ ,‬بعد قوله ‪ :‬نزلنا‬
‫فى بحر الهو وكنا على يقين من الوصول الى معرفة الحقيقة ‪ ,‬سبحا ً باالرواح فى ظلمات البحر ‪,‬‬
‫‪101‬‬
‫فغيبنا به حتى غرقنا فى العطايا والهبات ‪ ,‬وما زلنا به حتى عرفنا على التحقيق أسرار النبات ‪,‬‬
‫وهى حقيقة الهو التى منه إنشقت األسرار التى إمتألت بها البحار‪ ,‬وتفجرت منها األنهار وإرتوت‬
‫بها األراضين القفار ‪ ,‬ثم أخرجت أزهارها ونباتها وحان يوم حصادها وقطف ثمارها ‪ ,‬فإذا به‬
‫رضى هللا عنه يقول متسائالً كيف يكون حالكم يوم الكشف عنها ‪ ,‬ساعتها قد تنقطع حجتكم ويخيم‬
‫عليكم السكون (السكوت) ويصبح حالكم أشد ذالً وإنكساراً و ُحزنا ً ‪ ,‬وقت الكشف عن معرفته ‪,‬‬
‫وهذا معنى وأصبحت الضواحك مبلسات ‪.‬‬
‫هذا وأعتقد أن موالنا الشيخ محمد ابراهيم رضى هللا عنه قد أوضح فى خطابه السنوى يوم‬
‫األربعاء ‪ 5‬ابريل ‪2359‬م من هو صاحب تلك الحقيقة بقوله {فهال شمرتم عن سواعدكم وتزاحمتم‬
‫ووقفتم على أعتاب أبواب الفضل لتكونوا مرآة ُح ْسن للناظرين ليرفع هللا قدركم ويحط عنكم أثقالكم‬
‫حال أن تكونوا سفراء للطريق ‪ ..‬وكثيراً ما الح موالى كمال الدين الشيخ ابراهيم رضى هللا عنه أن‬
‫نكون سفراء خير} فيكون ذلك يوم الكشف عن من هو صاحب الحقيقة التى قال عنها سيدى فخر‬
‫الدين (فكيف الحال يوم الكشف عنها) وخاصة أنه رضى هللا عنه جاء قوله بصيغة الماضى ‪:‬‬
‫وأصبحت الضواحك مبلسات ‪ ,‬ولم يجىء قوله فى المستقبل ‪ :‬وتصبح الضواحك مبلسات ‪.‬‬
‫‪23‬ـ يصير الحـــق والتنزيـــل زوراً *** وبهتـــــانا ً بأفـــــــواه الوشـاة‬
‫وفى هذا اليوم يصير الحق والتنزيل بأفواه الوشاه زوراً وبهتانا ً ‪ ,‬حيث أضلهم هللا الذى هو قد‬
‫هدانا لمعرفة تلك الحقيقة التى غابت عن هؤالء الوشاة المنكرين ‪.‬‬
‫‪25‬ـ وال نبغى بهــــا تطفيف كيـــــل *** وال نرجــــوا كمال الناقصات‬
‫كما يقول رضى هللا عنه وبتوضيح هذه الحقيقة وإظهارها فى حينها ليس بغيتنا من ذلك تطفيف‬
‫كيل ‪ ,‬أى زيادة فى علومنا الكاملة التى ال ينقصها المزيد ‪ ,‬كما يقول‪:‬‬
‫وال زعـم بأنى زيد قدرى *** فقدرى ليس ينقصه المزيــد ‪52 /23‬‬
‫كالمى ال تحيط به عقول *** وما عرف الشقى َمنْ السعيد ‪52 /22‬‬
‫وهو القائل (هللا من بع د الزيادة زادنى) فليست الزيادة هنا زيادة تتمة النقص ولكنها زيادة المعارف‬
‫اإللهية والمعانى الربانية من باب قول الحق تعالى {وال اآلخرة خير لك من األولى} فكشف عن‬
‫الفهم الراقى لترقى الخلفاء ‪ ,‬فحقا ً قوله ‪:‬‬
‫وأعرف أقدار الرجال جميعهم *** ولكنهم ضلوا ابتداء مكانتى ‪5 /4‬‬
‫‪22‬ـ فهذى عند عاشقهــــــــا بصدق *** تجلى الباسطـــــات القابضـات‬
‫فهذه العلوم التى تتحدث عن الحقيقة عند عاشقها بصدق ‪ ,‬أى محبها الذى يبيت لوصلها فيترحل‬
‫من مراتب الحب الى أن يستقل ً بقلبه ‪ ,‬فإنها تتجلى عليه بأنوارها بسطا ً وقبضا ً فتنير له طريق‬

‫‪102‬‬
‫السير لل وصول الى معرفة ما بها من أسرار ‪ ,‬فيصله الحق الى منتهى األمر ‪ ,‬ويجعله يصل الى‬
‫الفهم الراقى المتوج بحسن الختام ‪.‬‬
‫‪20‬ـ و ُج ْب َنــــــا بالعناية كل غيـــــب *** و ُك ًنــــــــا عنده كالناشطـــــات‬
‫وإجتزنا برعاية وعناية صاحب الحقيقة سبحا ً باألرواح كل مغيب فى بحره ‪ ,‬وقامت رياح قربه‬
‫بتنشيطنا حتى كنا كالناشطات التى مكنتنا من الوصول عنده ونلنا معيته التى هى (معية البدر)‬
‫إقتفاءاً به ‪.‬‬
‫‪25‬ـ فال أبغـــــى بآياتــــــى وصاالً *** وال أبغى بها بث العظــــات‬
‫عندما جئتكم بهذه القصائد العصماء فلم تكن بغيتى من ورائها وصاالً ‪ ,‬فعلمى موصول بعلم معلمى‬
‫‪ ,‬وحق القول ‪:‬‬
‫ولوشئنا هدينـــــــــــــــا كل نفس *** الى حيث الوصال السرمدى ‪03 /8‬‬
‫فوصلى أو خالف الوصل شأنى *** وملء كنانتـــــى غين وعين ‪42 /8‬‬
‫وعلمى ال كدعواكم بظلــــــــــم *** فان عطيتــــــــى كيف وأين ‪42 /53‬‬
‫وال أبغى بها بث العظات ‪ ,‬ولكن بغيتى االرتقاء بكم وهدايتكم الى حيث الوصال السرمدى ‪ ,‬فعلمى‬
‫ليس كعلمكم إدعاءاً بظلم فعندى الكثيرمن العلوم التى تأتى من أعلى المراتب والتى تفوق ما لديكم‬
‫من علوم عن المراتب ومواطن التنزيل ‪.‬‬
‫‪24‬ـ فإنا حيث ال ندرى جميعـــــــا ً *** ولكن كالبـــدور الطالعــــات‬
‫فإننا سرنا الى حيث (ال) فمن وصل الى هذا الموطن فانه يكون على دراية كافيه بما يحويه فيه من‬
‫غيوبات ‪ ,‬وبذلك أصبحنا جميعا ً (انا ومن بصحبتى) على دراية بكل مافيه ولكن من هم بصحبتى‬
‫كانوا كالبدور الطالعات (األقمار المكتملة حديثاً) ‪.‬‬
‫‪24‬ـ أرحنا من عنـــــاء السير لكن *** جهدنـــا فى إبتغاء المبتغـــاة‬
‫الطريق نحو الوصول الى المعرفة يحتاج عناء ومشقة ‪ ,‬فصحبتى خففت من عناء السير لكن‬
‫جهدنا فى طلب الوصول الى هذا الموطن حتى تعرفنا على صاحب الحقيقة و ُملقِنها لنا ‪.‬‬
‫‪27‬ـ وأعطينـــــا الخالئع فانتبهنـــا *** وجدناهــــا كبيت السلحفـــاة‬
‫وعند وصولنا الى ذلك الموطن أعطينا الخالئع التى تؤهلنا للبقاء فى هذا الموطن بعد الفناء‬
‫فإنتبهنا حيث وجدنا (هاء الهو) عبارة عن الهاء المكتوبة على هيئة بيت السلحفاة (القفص التى‬
‫تحتمى فيه) ‪.‬‬
‫‪29‬ـ وهذا سر إغطاش المعانـــــى *** فإن الغيب ملبوس الخفــــــاة‬
‫‪103‬‬
‫وعند وصولنا الى ذلك المحل الذى يشبه بيت السلحفاة التى تحتمى بداخله ‪ ,‬أدركنا سر تغطية‬
‫المعانى داخل األوانى (الكلمات) وفهمنا معنى أن الغيب يخفى ما بداخله‬
‫ويكون كل من يخرج من الغيب فهو غيب وحقا ً ‪:‬‬
‫ولد الغيب ال يجاوز غيب *** وله الدر من فريد مدادى ‪22 /52‬‬
‫ويقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫العلم شأنى والمعلم قدوتى *** والغيب عندى أكمل األعالم ‪54 /29‬‬
‫‪28‬ـ ولكـــــن ليس منـــا غير خير *** وال نرضى بفعـــل الموبقات‬
‫ويقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه كلنا خير وكل من يأتى الينا يصير خيراً مثلنا ولكن ال يأتى‬
‫منا سوى الخير الذى ال نرضى فيه بفعل الموبقات ‪.‬‬
‫‪03‬ـ منحنا كل حِلــــــم كل ُحكــــم *** وعدالً فوق عــــدل الفارقات‬
‫ونحن فى هذا الموطن وعلى هذا الحال تعطف علينا من نحن فى معيته بكل حلم وكل حكمة وهى‬
‫العلم ببواطن األمور ورزقنا منه عدالً فوق عدل الفارقات التى تفرق بين الحق والباطل ‪.‬‬
‫‪05‬ـ فعيشوا فى رحاب الرفد شكراً *** لتنجوا من فتون مهلكات‬
‫فقال لنا من نحن فى رحابه بعد أن منحنا الحلم والحكم والعدل فعيشوا فى رحاب الرفد واالمداد‬
‫باألنوار من خالل كالمى الذى هو مشرب لألرواح واشكروا لى وال تكفرون بالحقيقة لتنجوا من‬
‫الومضات التى ال تأتى بالعلوم المفيدة والتى فيها الهالك مثل الفتون المهلكات ‪.‬‬
‫‪02‬ـ فهذى ال يجوز الخوض فيها *** كآيات الكتاب المنزالت‬
‫فهذه العلوم التى تبث اليكم من خالل ديوان شراب الوصل فهى كلمات حق منزالت من موطن‬
‫األحدية وال يجوز الخوض فيها كما ال يجوز الخوض فى آيات القرآن المنزالت من غيب األحدية ‪.‬‬
‫‪00‬ـ فأطلقها فال قيد عليها *** وحكمها وراجع مرسالتى‬
‫ويقول رضى هللا عنه لمن يقوم على شئونها ورعايتها بالبحث والتنقيب عن معانيها يجب عليك‬
‫إطالقها وعدم تقيدها بمعنى واحد فهى لها بطن مثل ظهرها كما أن لها حد و ُمطلع مثل آيات الكتاب‬
‫ويمكنك االستعانة بمرسالتى وهم من سبقوك الصدور األوائل فى استخراج المعانى ‪.‬‬
‫‪05‬ـ فمن يرضيه حكم هللا عبد *** يصير الحى من بعد الممات‬
‫فمن يرضيه حكم هللا ويرضى بقضائى فهو عبد يصير الحى من بعد قتل نفسه‬
‫وحقا ً ‪:‬‬

‫‪104‬‬
‫نزل الصحابة عند حكم مليكهم *** غنموا وكان الرفد واالرفاد ‪54 /55‬‬
‫من لم يحكمنى وعاث ضاللــة *** ال خير فيه وما لديه وهــاد ‪54 /57‬‬
‫فالصحابة هم أبناء الطريقة ومليكهم شيخهم فاذا استمعوا له وساروا خلفه واتبعوا أوامره‬
‫وأحكامه فقد غنموا ورزقوا منه ارفاداً ومداً بكل ما يحتاجون اليه من علوم معرفية وخالفه ‪,‬‬
‫فاالمر ال يقتصر على العلم فقط فالطريق محفوظ من الغير واالغيار ‪ ,‬واالرشاد فى الوصول الى‬
‫الفهم الراقى للعلوم والسير فى خطى ثابتة نحو عالم الغيوب فى حضرة المحبوب ‪.‬‬
‫‪04‬ـ جهلنا كل معلوم لدينا *** و ُعل ْم َنا حروف ال ُم ْح َكمات‬
‫وعند الوصول ا لى غاية المبتغى جهلنا كل ما هو معلوم لدينا حيث علمنا علوم ثمينة ومنها‬
‫الحروف المحكمات مثل معانى الحروف النورانية التى منها أل م ـ حم ـ يس‬
‫محيى *** وال ُيعييه فعل الممكنات‬
‫‪04‬ـ فإن هللا حى وهو ِ‬
‫فان هللا هو حى قيوم وال تأخذه سنة وال نوم والذكر باالسم هللا يحيى القلوب واالرواح ‪ ,‬وهو‬
‫القادر على فعل كل شىء وال يعجزه فعل الممكنات ‪.‬‬
‫‪07‬ـ وهذا ممكن والغيب رتق *** وفتقنا ُر ُم َ‬
‫وز الكائنات‬
‫وفعل األشياء الظاهرة ممكن ‪ ,‬واالشياء الباطنية غيب والغيب مغلق ومثلنا يستطيع فك رموز‬
‫الكائنات التى يعجز عن فتقها غير األولياء ‪.‬‬
‫‪09‬ـ نبى هللا عيسى من بتول *** وسيدة النساء المؤمنات‬
‫ومن األفعال الغيبية والدة سيدنا عيسى الذى أتى بنفخه من(روحنا) عن طريق سيدنا جبريل عليه‬
‫السالم الى البتول السيدة مريم العذراء (التى ليس لها مثيل) وهى سيدة النساء المؤمنات (فى‬
‫زمانها)‪.‬‬
‫‪08‬ـ وإن المصطفى جدى وحدى *** رحيم فوق كل األمهــــات‬
‫ويؤكد أن المصطفى للجمع هو جدى الذى سره مضمر فى طى سروتنا ‪ ,‬وهو حدى (دائرة الميم)‬
‫الطالعة من بين (حـ ـد) الحاء والدال ‪ ,‬وهو الرحيم وارث الرحمة الرحيمية الذى رحمته فاقت‬
‫رحمة االمهات ‪ ,‬مشايخ الطرق ‪ .‬وحقا ً ‪:‬‬
‫هو رحمة واالمهات بـــه اقتــدت *** رب رحيـــــــم ربه سمـــاه ‪58 /52‬‬
‫نطوف بالرحمة األكوان أجمعها *** نلقن الوالدات بعض رحمتنا ‪04 /55‬‬
‫ردوا الى الرب الرحيـــم وعبـده *** ان العطـــــا من كفـه ينساب ‪54 /59‬‬
‫‪53‬ـ ف ُي ْعطِ ى بالخصاصة كل فضل *** و َي ْم َن ُح سر إدراك الفــوات‬
‫‪105‬‬
‫ف ُيعطى كل ف ضل بالخصاصة حيث إختصنى بفضله ورضوانه بعلومه التى جاءت من أجله فصارت‬
‫مخصوصات علمى ‪ ,‬وهو الذى نقلت عنه (هذا الحديث) كما أنه يمنح بالخصاصة أيضا ً سراً به‬
‫ُيدْ َر ْك من العلم كل ما فات ‪ ,‬وهو (منحتى وكالمى) الذى توضحه القصيدة (‪ )54‬الرجية ‪:‬‬
‫من أجل ابراهيم بعد رجائه *** هذا الحديث ومنحتى وكالمى‬
‫وحقا ً ما وضحته القصيدة (‪ )02‬وخاصة البيت (‪ )20‬من قولى ‪:‬‬
‫وسوف يكون اإلنفــــــراج بفضلهـا *** فإن قلوبا ً ُكب َل ْت فى سجونهـا‬
‫وأهل زمــــــان سوف يأتون بعدكم *** تكون لديهم كعبة يقصدونهـا‬
‫وأهل سقـام َمنْ لهــم من عطائنــــــا *** تكون لديهـم شافيا ً ينشدونهـا‬
‫وأهل كالم ما لهـــم فى الهوى هوى *** تكون لديهم مرجعا ً يرقمونها‬
‫وأهل شقـــــاء ما لهم طاقـة بهـــــــا *** تكون عليهــــم ت ًِرة يمقتونهـا‬
‫وأهل غـــــرام بالوصال وعزنــــــا *** تكون اليهم سلما ً يرتقونهـــــا‬
‫وأهل إياب أدركــــوا من فواتهـــــم *** تكون لديهم مغنما ً َي ْرب ُحونهــا‬
‫وأهل إياب أدركوا من فواتهم *** تكون لديهم مغنما ً يربحونها ‪02 /20‬‬
‫ومن الناس من تأخر فى معرفة قدرها سواء بالشك واالنكار أو بعدم ادراك معانيها التى تجل على‬
‫الحذاق ‪ ,‬فإذا عادوا نادمين وأدركوا من فواتهم وصاروا أهل إياب ‪ ,‬فإنها تكون لديهم المغنم الذى‬
‫يربحونه ‪.‬‬
‫‪55‬ـ لديه الفضل فى دنيا وأخرى *** عطاء فاق كل ال ُم ْع َطيات‬
‫فهو صاحب الفضل المنعم المتفضل علينا فى الدنيا واآلخرة بالعطاء الذى فاق كل عطاء ‪ ,‬وحقا ً ‪:‬‬
‫هو ذا عطاء المحسنيـ *** ن وذا العطاء األقـــــرب ‪5 /7‬‬
‫هو ذا يقين الموقنيـــــ *** ن وذا الصواب االصوب ‪5 /9‬‬
‫‪52‬ـ فرتلها مريدى فهى حصن *** وذكر فوق ذكـــر ال ُم ْلقِيات‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه عن القصائد أنها آيته (العجيبة) واحصوا دقائها لتفقهوا ما‬
‫قصدنا (إن هو غير وحى) لذا أقول للجميع ‪:‬‬
‫رتلوا آيتى واحصوا دقائها *** وراقبوا هجرتى فالغار يؤوينى ‪07 /54‬‬
‫فرتلها مريدى فهى حصن أمان من جميع البوائق بل إن ترديدها ذكر فوق ذكر الملقيات ‪,‬‬
‫فالملقيات ذكرا )يعني المالئكة تلقي الذكر إلى األنبياء) ‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫‪-------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ 9‬فبراير ‪5894‬م‬ ‫الجمعة ‪59‬جماد أول ‪5534‬هـ‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------‬‬
‫بعد ثمانية أيام من بداية تنزيل القصيدة أتى سيدى فخر الدين رضى هللا عنه بأربعة عشر بيتا ً من‬
‫‪ 44 – 50‬يشرح ويوضح فيها كنه الـ " هـــــــو " بقوله ‪:‬‬
‫‪50‬ـ فليس ال ُهو هواءاً ال ولكن *** هوا ٌء كالبيوت الخاويات‬
‫بمعنى ‪ :‬أن موطن الهو ثابت ومعلوم لدينا ‪ ,‬وشأنه الغيبوبة واإلستتار فهو يشير الى هوية‬
‫اإلنسان الذى أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا ً مذكوراً ‪.‬‬
‫جاء قوله رضي هللا عنه فى القصيدة األحدية ‪:‬‬
‫إنه إنسان عين شــــــــــــــاهدت *** نوره في حضرة البر الصمد ‪9/2‬‬
‫عجب *** إنسان عين ولألرواح قد ربي ‪73/0‬‬ ‫ٌ‬ ‫والتفت الساق بالساقي وال‬
‫ال ‪ :‬مكونه من حرفين (الم) و(ألف) فالالم إلتوت نحو األلف أى إلتفت حول األلف إلتفاف (الساق‬
‫بالساقي) فموطن المشاهدة هو الذى يجمع الشاهد بالمشهود ‪ ,‬الشاهد إنسان والمشهود إنسان ‪,‬‬
‫وحضرة البر الصمد (حضرة أنوار) فعند اللقاء فى حضرة البر الصمد يكون إلتفاف نورالشاهد‬
‫كون صورة (ال) ‪ ,‬وهذه عالقة إرتباط األلف بالالم (الساق بالساقى) وهذا‬ ‫حول نورالمشهود ُي ِ‬
‫موطن (األصل) الذى اشار اليه سيدى فخر الدين رضى هللا عنه بقول (وإني وإبراهيم في األصل‬
‫واحد) وهذا هو موطن ( َد ْه َد ْه) ‪ ,‬ومما يؤيد عالقة تلك الحقيقة قوله رضى هللا عنه فى بداية‬
‫الديوان ( أنـــا وإنــــى ) فى (ألف ـ أنا) و(ألف ـ إنى) وياء ‪ :‬إنى (إشارة لغيب األحدية) التى‬
‫يأتى منها علوم الـ (أنا) وهى الحقيقة (حقيقة نور النبى) التى أودعت غيابة جب يوسفى ‪ ,‬حيث‬
‫يقول رضى هللا عنه فى البيت األول من القصيدة التائية { أنا فى أنا إنى } أى إنى فخر الدين الشيخ‬
‫محمد عثمان الذى سعيت الى موطن األحدية حيث (علوم حضرة الـ أنا) التى هى موطن موالى‬
‫كمال الدين الشيخ إبراهيم محمد عثمان عبده البرهانى رضى هللا عنه (األصل) الذى أتانى يهرول‬
‫وجهتى ‪ ,‬وفى البيت الثالث والرابع من القصيدة التائية قلت ‪:‬‬
‫سعيت الى موالى مرفوع هامة *** وما زلت للدنيا شعاع الهداية‬
‫وآتيت ابرهيم من قبـــــل رشده *** فما هــــو اال فلذتى وعطيتى‬
‫وكان ذلك من قبل القبل ومازلت حتى اآلن شعاع الهداية ‪ ,‬والهداية من حضرة تسمى (أنا) وأنا‬
‫واحد من أشعة نورها ‪ ,‬وهى حضرة القرب المشار اليها بالقصيدة (‪: )29‬‬
‫من أول ال بدء أرواحا ً الى ختـــــم *** فى حضرة القرب ما أبهى تالقينا ‪29 /53‬‬
‫جمعا ً الى فرده المجموع فى حجب *** والكل حشداً يقربنـــا ويدنينــــــــا ‪29 /55‬‬
‫وهذه هى الحضرة التى قاب قوسيها الهدى الينتهى ‪ ,‬وأشرت اليها فى ختام توسل السادة‬
‫البرهانية بقولى ‪:‬‬
‫وهب لى جوار المصطفى وشهوده ‪ ,‬وصنى من التلوين يا ذا العناية ‪ ,‬وأوفى صالة والسالم مؤبد‬
‫‪ ,‬على خاتم الرسل الكرام وعترة ‪ ,‬وكل نبى والصحابة كلهم ‪ ,‬من اآلل ما الح الهدى بأشعة ‪.‬‬
‫وبذلك يكون قد تم فهم معنى سعيت الى موالى مرفوع هامة وما زلت حتى اآلن شعاع الهداية ‪,‬‬
‫كما اتضح أن موالى هنا هو من جاءت األشارة اليه فى خطاب حولية ‪2359‬م {حال أن تكونوا‬

‫‪107‬‬
‫سفراء للطريق ‪ ..‬وكثيراً ما الح موالى كمال الدين الشيخ ابراهيم رضى هللا عنه}كما أشارت اليه‬
‫القصيدة القمرية ‪:‬‬
‫قلت يا موالى هل من كاظـم *** كأمينى قال كال والقمـــــــر‬
‫قلت يا موالى هل من عازل *** ألمينى قال ذى إحدى الكبر‬
‫كما يفهم من القمرية بأن أمينى هو (موالى الشيخ محمد ابراهيم رضى هللا عنه) ‪.‬‬
‫‪55‬ـ وال كالهو سحاب الغيث لكن *** سرى من سره محى الموات‬
‫بعد قوله رضى هللا عنه فليس ال ُهو هواءاً ال ‪ ,‬أى أن الهو = ال ‪ ,‬فهو ليس هواءاً ولكنه شكل‬
‫الـ(هـ) مكان يشبه بيت السلحفاة ‪.‬‬
‫ثم قال و(ال) كال ُهو أى موطن ال ُهو كموطن (ال) الذى ماؤه عذب فرات نقى وغزير كالماء الذى‬
‫ينزل من السحاب فيغيث الناس ويسقى أرض القلوب ويثبت األقدام ‪ ,‬ولكنه سر الحياة فى الدنيا ‪,‬‬
‫سره حياة الذاكرين وموات الغافلين ‪.‬‬ ‫وهو الذى من ِ‬
‫وأشارت اليه اآلية (‪ )522‬سورة األنعام ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في‬
‫الناس) ‪.‬‬
‫‪54‬ـ وليس الهو بمعلوم لدينا *** ولكنى لديه من الثقات‬
‫فليس الهو هواءاً ‪ ,‬وال كسحاب الغيث ‪ ,‬وليس بمعلوم لدينا أى أن الهو مجهول وغير معلوم‬
‫للجمع من أهل الحضرة ‪ ,‬ولكنى لديه من الثقات أى من المتون ‪ ,‬ألنى أنا الذى سريت الى حيث ال‬
‫رد وال منع حتى تساوى عندى األصل والفصل (إنى وابراهيم فى االصل واحد) وحال وصولنا الى‬
‫موطن هو اتخذناه وقاءاً نتقيه لذا قلت ‪:‬‬
‫إذا هي أوثقتنا في حماها *** بمحض عطائها نحن الثقات ‪80/54‬‬
‫‪54‬ـ وليس ال ُهو بمضنون عليه *** وال يرميه طرف القاصرات‬
‫فليس الهو هواءاً ‪ ,‬وال كسحاب الغيث ‪ ,‬وليس بمعلوم لدينا ‪ ,‬وليس الهو بمضنون عليه أى أن‬
‫الهو شأنه الغيبوبة واالستتار ‪ ,‬فعطاء الغيب يتم فى خفاء وصاحبه خفى مقام والخفاء وقاية وبه‬
‫صرت خفيا ً والخفاء مزيتى ‪.‬‬
‫وال يرميه طرف القاصرات أى مقامه ال ينال منه طرف القاصرات ‪ ,‬وهو مقام الحيرة ومنه يكون‬
‫الخيار لمن يقع عليه اإلختيار كما أن فيه الكمال ورشد القاصرين‪:‬‬
‫فيه التحير والخيار *** وفيه رشد القاصر ‪40/4‬‬
‫على العاديات‬
‫‪57‬ـ فكم فى السير من رجل يرمنى *** ويستعدى ً‬
‫ويقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه فكم فى السير رجل من بين السائرون يرمنى فى الظاهر‬
‫على العاديات أى مبغضا ً ‪ ,‬وبغيض المؤمن بغيض هلل ورسوله صلى هللا‬ ‫ولكنه فى الباطن يستعدى ً‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪59‬ـ فيلقى ربه حى كميت *** وأبقى عند هو حى الرفات‬
‫فال يبغضنا اال منافق وغافل فيلقى ربه فى ميتا ً ‪ ,‬ولم ينله سوى الرفات الهيكل ‪.‬‬
‫‪58‬ـ فأينُ ال ُهو بعيد الت أينا ً *** ورب ال ُهو بريء من سنات‬
‫وعن السؤال عن مكان الهو يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه فمكان الهو بعيد وصعب المنال‬
‫‪ ,‬الت أ ْين يكاد يكون غير معروف ‪ ,‬وصاحب مقام الهو ال تأخذه سنة ال نوم ‪ .‬وقد أتت إشارته من‬
‫اآلية (‪ )244‬سورة البقرة {هللا ال إله إال هو الحى القيوم ال تأخذه سنة وال نوم له ما فى السماوات‬
‫‪108‬‬
‫وما فى األرض من ذا الذى يشفع عنده إال بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وال يحيطون بشىء‬
‫من علمه إال بما شاء وسع كرسيه السماوت واألرض وال يؤوده حفظهما وهو العلى العظيم ‪.‬‬
‫‪43‬ـ فخل الهو ومايز بالمرائى *** وحاذر فالقرائن ال تواتى‬
‫يقول رضى هللا عنه إترك الهو جانبا ً ألن سره ال يمكن ادراكه ‪ ,‬ويا مريدى إذا أردت تمييزه فمايز‬
‫بالمرائي التى هى( عينا البصر – وهى أعلي الوجه ‪ ,‬عينا العقل – في الرأس ‪ ,‬عينا القلب –‬
‫للتنوير والكشف ‪ ,‬عينا الروح ـ إلدراك التجليات ‪ ,‬فهو الذى ال تدركه األبصار وهو يدرك األبصار‬
‫‪ ,‬وهو اللطيفة األحدية التى أشار اليها سيدى ابو العينين بقوله واكشف لى عن كل سر مكتوم ‪,‬‬
‫وهو الذى يقول عنه سيدى عبد السالم ابن بشيش ( فلم يدركه منا سابق وال الحق ) وتم االشارة‬
‫اليه فى توسل السادة البرهانية وإكشف لى عن السر ذى الكتمان من غير مرية ‪ ,‬فحاذر من‬
‫الوصف ألنه مقام غير معلوم ووصفه غير مستطاع ‪ ,‬ولم نملك من القرائن ما يدلنا عليه ‪.‬‬
‫‪45‬ـ فإن الهو يغيب كل مرئى *** ومسموع العظائم والهنات‬
‫ثم يقول مؤكداً أن ال ُهو من شأنه الغيبوبة واالستتار ‪ ,‬لذا هو غيب خفى وفى استطاعته أن يغيب‬
‫كل شىء مرئى بالعيون وكل شىء مسموع سواء أكان عظيما ً من العظائم أو هينا ً من الهينات ‪.‬‬
‫‪42‬ـ فلوال الهو لما كنا خفايا *** ظالم ال ُهو كنور البينات‬
‫أى فلوال الهو الذى أخفانا حال السير لما كنا خفايا لذا قلت ‪:‬‬
‫وباإلخفاء صرنا فى استواء *** على بيت ونحسبه هواءاً ‪44 /2‬‬
‫فأظهرنــا وأخفينــا ثالثــــا ً *** واخفينا صفاءاً واصطفاءاً ‪44 /0‬‬
‫فظالم الهو ليس ظلمة ولكنه نور ذاتيا ً كنور البينات ‪:‬‬
‫لومضة من ضياه فى مراتبنــــا *** تصير الكل أقمــــاراً منيرات‬
‫ورشفة من رحيق ملء حانتـــه *** بها غدا الفرد ميذاب العطيات‬
‫شرابه العذب لألقطاب أسكرهم *** بنقطة منه إدهاق السقايـــــات‬
‫تولد النور من ظلمـــــاء غيهبه *** فأُغطشت دونه كل المكانــات‬
‫فهو النبأ العظيم الذى جعل ليله لباسا ً ونهاره معاشا ً وإشارته فى سورة النبأ في اآليتين (‪53‬ـ ‪)55‬‬
‫(وجعلنا الليل لباسا‪ ,‬وجعلنا النهار معاشا) ‪ ,‬واآليتين ( ‪5‬ـ ‪ ) 2‬من سورة الليل (والليل إذا يغشى *‬
‫والنهار إذا تجلى) واآليتين (‪47‬ـ ‪ )49‬من سورة ص ‪:‬‬
‫(قل هو نبأ عظيم ‪ ,‬أنتم عنه معرضون) ‪.‬‬
‫‪40‬ـ هو ال ُهو هُو بأستار التجلي *** هوال ُهو ليس هُو فالغيب ذاتى‬
‫يقول موالنا الشيخ رضى هللا عنه أن (الهو) هوية غيب ذات ‪ ,‬محاطة بأستار التجلى وهى تشير‬
‫الى إناء الغيب ذو األحدية ‪ ,‬الذى أقول عنها ‪:‬‬
‫أنانيتى حيث األنا بإنائها *** وإن إناء الغيب ذو األحدية‬
‫ومن أجل ذلك جاء حديثى عن (هو) رضى هللا عنه فى القصيدة (‪:)58‬‬
‫يا نعم ماطلع الجمــــــال من العمى *** نعم الظهور وجل من يغشــاه‬
‫سر على كل العظـــــــام وانــــــــه *** بظهور غيب الذات مــا أفشاه‬
‫ال يعلم الثقالن عنه قدر ما جهلـــوا *** وضلـــــــــوا فى جلى ضحاه‬
‫ال يبلغ الطالب منه بدايـــــــــــــــة *** أو تفقه األمالك ما نجـــــــواه‬
‫هو صاحب الذكر الرحيم وإنـــــــه *** سر التناجى ربــــــه ربــــــاه‬
‫‪109‬‬
‫يخشى مجانبة الصواب ويتقـــــــى *** عثرات خوض لو أميط غشاه‬
‫هو رحمة واالمهات بـــــــه إقتدت *** رب رحيــــم ربـــــه سمـــــاه‬
‫هو من أضاء الغيب فانكشف الخبا *** حتى غدوت مغيبــــا ً بضيــــاه‬
‫واألستار موضوعة ‪:‬‬
‫وقاية خلف ستر الكبريا كرما ً *** كانت لنا فيه أستاراً توارينا ‪29/52‬‬
‫ومقام عبد قد جهلـــــــــــــــــ *** ـتم ير تجيه الغرقـــــــــــــد ‪55 /4‬‬
‫والـ (هو) الثانية هى الهوية المتدلية على العرش ‪.‬‬
‫‪45‬ـ وال كالهو مقام ألف حاشا *** وال هو كالجياد الصافنات‬
‫ثم يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أن مقام هوية من منه انشقت االسرار وانفلقت االنوار ال‬
‫يعدله ألف مقام حاشا هلل ‪ ,‬ألنه سر على كل العظام ‪ ,‬فهو مقام الخالفة الذى ورثناه ‪ ,‬حيث عنه‬
‫وفِي َنا يكون االختالف تعاقب ‪ ,‬والخالفة ان أردت الحق فينا ‪ ,‬كما ال يعدله مقام خالفة سيدنا سليمان‬
‫الذى انشغل بالخيل الصافنات ذو االجنحة عن صالة العصر ‪.‬‬
‫ح ُكل ٌ عبد *** َتلَ ًظى بين أسماء الصفات‬ ‫‪44‬ـ بفضل هللا َي ْف َر ُ‬
‫ثم يقول رضى هللا عنه بفضل هللا يفرح كل عبد تلظى فى السير بين األسماء والصفات حبا ً وشوقا ً‬
‫للوصول مقدما ً كل عزم وقوى وهمة عالية ومجاهدة النفس والدنيا والشيطان والهوى الى أن‬
‫يستقل بقلبه ليصل به الى نهاية األمر بين الخلق فيصله الحق بحبه وارادته ‪.‬‬
‫‪44‬ـ فعند هللا َغ ُ‬
‫اية ُكل باغ *** وختم السير فى مسعى السعاة‬
‫ويختم هذا الجزء من القصيدة بقوله سيدى فخر الدين فعند هللا أى ختم السير فى موطن هللا وهو‬
‫غاية كل باغ للوصول الى غاية القصد ‪ ,‬وختم السير فى مسعى السعاة وهو الحضرة األلهية موطن‬
‫هيمنة اإلسم هللا ‪.‬‬
‫‪------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ 57‬فبراير ‪5894‬م‬ ‫االحد ‪ 27‬جماد أول ‪5534‬هـ‬
‫وبعد تسعة أيام من تنزيل الجزء الثانى جاء رضى هللا عنه باحدى عشر بيتا ً يقول فيهم ‪:‬‬
‫‪47‬ـ ظننا أن مـــــاء الغيب ملح *** وجدنا الغيب طيب الطيبــات‬
‫ونحن فى طريق السير وصوال الى حضرة كتاب هللا (حضرة المعصوم) التى األحباب آياتها وفيها‬
‫الهدى ال ينتهى ‪ ,‬راغبين فى الحصول على ماء الغيب من إناء الغيب ذو األحدية المشار اليه فى‬
‫القصيدة التائية ‪:‬‬
‫أنا نيتى حيث األنا بإنائها *** وإن إناء الغيب ذو األحدية‬
‫وقد ظننا وإعتقدنا أن ماء الغيب ماءاً مالحا ً وليس عذبا ً صافيا ً قليل الفائدة ‪ ,‬فوجدناه طيب الطيبات‬
‫أى شراب حلو المذاق ‪ ,‬وال يوجد أطيب منه فهو شراب عذب سلسبيل مذاقه ‪ ,‬وعلمنا يقينا ً أنه‬
‫الرحيق المختوم بمسك الحقيقة وهو المسمى شراب الوصل ‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫‪49‬ـ سالما ً يا أبا الزهرا أمانــــا ً *** طرقنا باب خير الشافعـــات‬
‫فما أن وصلنا الى موطن قاب قوسين حيث (حضرة المعصوم) التى لم يكن أحد على دراية بها قلت‬
‫‪:‬‬
‫توسلت بالمعصوم علمــا ً بحضرة *** فصرت عليما ً علمها عندها بها‬
‫توسلت باالحباب من أهل وصلها *** وال سيما الزهراء أمى وآلهــــا‬
‫ولما شاهدنا االحباب من أهل وصلها وخاصة أمى الزهراء (النبوية) ‪.‬‬
‫وجدنا الحفاوة والترحيب بنا عند دخول (حضرة الزهراء) موطن ظهور وتأللؤ النور فقلنا ‪ :‬سالما ً‬
‫يا أبا الزهرا ‪ ,‬يا أبا الوجه المشرق والمضيئ ‪ ,‬أمانا من شدة سبحات وجهك الكريم المهلكات‬
‫ووقاية من فرط بأس التجلى ‪ ,‬طرقنا باب خير الشافعات (الحضرة الزهراء)‪ ,‬موطن شهود النور‬
‫الذاتى وهو أعلى موطن للشفاعة التى سميت بإسمه السيدة البتول فاطمة الزهراء ‪.‬‬
‫تعريف بالحضرة الزهراء ‪:‬‬
‫هى جوهرة حضرة النبى صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬الزبرجدة الخضراء ‪:‬‬
‫قيل أن أصل هذه القبضة من محل الكعبة الشريفة موجها الماء الذي كان عليه العرش قبل خلق‬
‫األشياء ‪ ,‬كما جاء في كتاب [ عوارف المعارف ] لسيدي اإلمام السهروردى رضي هللا عنه ؛ فقيل‬
‫أن الماء ‪-‬أى الذى كان عليه العرش‪ -‬لما تموج رمى الزبد إلى النواحى فوقعت جوهرة حضرة‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم إلى ما يحاذى تربته بالمدينة المنورة‪..‬‬
‫هذا وقال كعب األحبار رضي هللا عنه ‪ ( :‬لما أراد هللا أن يخلق سيدنا محمداً صلى هللا عليه وسلم‬
‫أمر جبريل أن يأتيه بالطينة التى هى قلب األرض وبهاؤها ونورها‪.‬‬
‫فهبط جبريل في مالئكة الفردوس ومالئكة الرفيق األعلى فقبض قبضة رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم من موضع قبره الشريف وهى بيضاء منيرة فعجنت بماء التسنيم وغمست فى معين أنهار‬
‫الجنة حتى صارت كالدرة البيضاء لها شعاع عظيم ثم طافت بها المالئكة حول العرش والكرسى‬
‫والسموات واألرض والجبال والبحار ‪ ,‬فعرفت‬
‫المالئكة وجميع الخالئق سيدنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وفضله قبل أن تعرف آدم أبا البشر‬
‫عليه السالم ‪.‬‬
‫هذا ومن المعلوم أن لحضرة النبى صلى هللا عليه وسلم ثالثة حقائق وهم ‪:‬‬
‫الحقيقة األحمدية ـ الذات األحمدى ـ الحقيقة المحمدية‬
‫الحضرة اإللهية ـ الزهراء جوهرة حضرة النبى ـ الحضرة النبوية‬
‫ومن مسمياتهم ‪:‬‬

‫‪111‬‬
‫ـ الياقوته الحمراء ‪ :‬القبضة النورانية األولى الحقيقة االحدية المشار اليها باأللف أول شىء خلقه‬
‫الحق قبل االشياء فى أزل اآلزال ‪.‬‬
‫ـ الزبرجدة الخضراء ‪ :‬قبضة من محل الكعبة الشريفة موجها الماء الذى كان عليه عرش الرحمن‬
‫قبل خلق األشياء ‪.‬‬
‫ـ الدرة البيضاء ‪ :‬القبضة الطينية التى أتى منها سيد البشر آدم علية السالم ‪.‬‬
‫قال الحق تعالى بسورة الرحمن {مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ ال يبغيان}‪:‬‬
‫فالنبى صلى هللا عليه وسلم بحر النور األول ‪ ,‬واالمام على كرم هللا وجهه بحر النور الثانى ‪,‬‬
‫والبرزخ ‪ :‬السيدة فاطمة الزهراء رضى هللا عنها‪.‬‬
‫وهذه الحقائق الثالثة (حضرات ثالثة) لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫الحقيقة األحمدية هى (الحضرة األحمدية)‬
‫والحقيقة المحمدية هى (الحضرة المحمدية)‬
‫والذات المحمدى ‪ :‬هى (الحضرة النبوية ـ الزهراء) وهذا معنى فاطمة بضعة منى يرضيها الذى‬
‫يرضينى ويغضبها الذى يغضبنى ‪ ,‬لذا فالبضعة هى قطعة من أبيها صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫وتجلى معنى اآلية (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ ال يبغيان)‬
‫فلحضرة النبى عليه الصالة والسالم ثالث حقائق مستخرجة من معنى اآلية‪.‬‬
‫ـ مرج البحرين يلتقيان ‪ ( :‬البحر األول ‪ :‬حضرة النبى صلى هللا عليه وسلم )‬
‫و(البحر اآلخر ‪ :‬سيدنا على ابن أبى طالب كرم هللا وجهه)‬
‫ـ بينهما برزخ ال يبغيان (البرزخ ‪ :‬سيدتنا فاطمة الزهراء البتول رضى هللا عنها)‬
‫يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان (اللؤلؤ‪ :‬سيدنا وموالنا االمام الحسن رضى هللا عنه ) و(المرجان ‪:‬‬
‫سيدنا وموالنا االمام الحسين رضى هللا عنه) ‪.‬‬
‫ولهذه الحقائق نظرة باطنية خاصة بالطريقة البرهانية‪:‬‬
‫ـ مرج البحرين يلتقيان ‪:‬‬
‫بحران قد مزجا بكف المصطفى *** عند البتـــول عقيلة العدنـــان‬
‫واللؤلؤ المكنون والمرجــان من *** بنت الرسول كالهما الحسنان‬
‫فهما عطـاء المصطفى وغراسه *** فلتعقلـــــــوا أيهـــــــا الثقالن‬
‫(البحر األول ‪ :‬خاتم األنبياء حضرة النبى صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫و(البحر اآلخر ‪ :‬خاتم األولياء موالى كمال الدين الشيخ ابراهيم رضى هللا عنه‪.‬‬
‫ـ بينهما برزخ ال يبغيان (البرزخ ‪ :‬سيدى فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضى هللا‬
‫عنه) ‪.‬‬
‫ـ يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان (اللؤلؤ ‪ :‬سيدى إمام الدين الشيخ محمد الشيخ ابراهيم)‬
‫و(المرجان ‪ :‬موالنا الشيخ ابراهيم الشيخ محمد رضى هللا عنه) ‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫‪48‬ـ وخير الشافعين لديك يا منْ *** لديه السؤل يا ســــر الصالة‬
‫وقلنا (لألحدى) الشيخ الواصل الذى يأبى رقيا ً ‪ ,‬والمشار اليه بالقصيدة األحدية ‪:‬‬
‫من حبا شيخك شيخا ً واصال ُ *** يا مريدى قل هو هللا أحد‬
‫صاحب إناء الغيب ذو األحدية رضى هللا عنه طرقنا باب خير الشافعات (الحضرة الزهرا) التى‬
‫سميت باسمها خير الشافعين لديك ‪ ,‬يا من لديه السؤل يا سر الصالة ‪ ,‬المتوفرعنده كل ما يحتاجه‬
‫الطالب ‪ ,‬وهو المشار اليه فى توسل السادة البرهانية (من لديه سر التدانى والتدلى وأنسه وقدس‬
‫شهود والوصال ووصلة) أى الذى ال ُيسأل غيره موالى كمال الدين سر المجيء بالبشارة به فى‬
‫القصيدة (‪: )52‬‬
‫من كمال العطاء من فيض وهب *** أيها الناس جاءكم ابراهيــــم‬
‫إسألوه النجـــــــــاة من يوم حشر *** يوم ال يسأل الحميم حميــــم‬
‫فحق قولنا ‪:‬‬
‫فإنما الوصل من كفيك مأملنا *** وما لغيرك يا نبع الصفيات ‪75 /55‬‬
‫‪43‬ـ طرقنا كل باب لــــم نجدها *** فجئنا باب غيب الحافظـــات‬
‫ويتحدث سيدى فخر الدين بلسان ذلك الجمع طرقنا كل باب من أبواب المراتب لم نجد المعرفة‬
‫بحقيقة المعصوم ‪ ,‬فجئنا باب غيب الحافظات (سماوات الغيوب) بحثا ً عنها حيث ان لى فى‬
‫سماوات الغيوب مناقب ‪ ,‬وعن مواطن الحفظ مثل اللوح المحفوظ والقرآن الكريم وذلك فى معنى‬
‫اآلية {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} والحافظات وهم (خدور المانعات) من قلت عنهم ‪:‬‬
‫حفظت علومى فيكم ومهابتى *** وجهرى فيكم بل وفيكم سريرتى ‪5 /24‬‬
‫‪45‬ـ ولم نستفتح األبـــواب حتى *** رأيناهـــــــــا َتؤُ ٌم القانتـــات‬
‫ثم يقول رضى هللا عنه ولم نستفتح ابواب سماوات الغيوب حتى قوبلنا بالترحاب أنا ومن معى من‬
‫ذلك الجمع حيث فتحت لنا االبواب فشاهدنا موطن األرواح الطائعة بالذكر ‪ ,‬النور المتأللئ من‬
‫داخل الحضرة الزهراء حقيقة المعصوم وهى تؤم أرواح أهل الطاعات ‪.‬‬
‫سائالت‬
‫والزهراء مـالِى *** لديكم غير عجـــــز ال ً‬
‫ِ‬ ‫‪42‬ـ رسول هللا‬
‫وينادى سيدى فخر الدين رضى هللا عنه من موطن التوحيد (رسول هللا والزهراء) وهو الموطن‬
‫الذى يجمع أهل الحضرة النبوية والحضرة الزهراء جوهرة حضرة النبى التى يزهو ويتألأل نورها‬
‫كما يتألأل نور النجوم ألهل السماوات ونور آل البيت ألهل األرض ‪ ,‬قائالً ‪ :‬مالى لديكم غير عجز‬
‫السائالت أى ال يملك السائلين سوى العجز التام واالفتقار الى الغنى الذى لديه كل أسباب الغنى ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫‪40‬ـ وما عجزى لديكـــم غير ِعز *** كما ُي ْع َطى الفقي ُر ال ُم ْغ َن َيات‬
‫ويقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه وما عجزى لديكم غير عز ‪ ,‬أى فقرى وضعفى فى‬
‫حضرتكم يا رسول هللا ليس إال عز ‪ُ ,‬يعطى الفقير المغنيات ويجعله يعيش فى غنى وعز دائم ‪,‬‬
‫وحقا ً قولى ‪:‬‬
‫كلنـــا عاجز ومـا أنت اال *** غايـــــة المنتهى وعبد يسود‬
‫يا عظيم الجناب انى فقير *** طامع فى القرى وأنتم تجود‬
‫يا ولى إذا الجميع تولـــوا *** إن فى هذه يتـــــــــم الشهود‬
‫‪45‬ـ رسول هللا إنا قد برئنــــــــــا *** إليكم من رجـــاء الخيرات‬
‫لقد برئنا يا رسول هللا من كل شىء يستوجب العقاب ولجئنا اليك راغبين فى فعل الخير لنكون من‬
‫َ‬
‫الخيرات ‪ ,‬أى من أصحاب األعمال الخيرة لننال عفوك ورضاك ‪.‬‬
‫‪44‬ـ كأنا لم نجاهــــــــد فى سبيل *** ولم نفعـل من المستحسنات‬
‫كأننا لم نقوم بمهام الجهاد فى سبيل هللا والطريقة ‪ ,‬والجهاد فى هللا هو الذى توضحة اآلية (‪)48‬‬
‫العنكبوت {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} ‪ ,‬ولم نفعل من المستحسنات أى من األفعال‬
‫الحسنة التى توصل الى حضرة المحبوب ‪ ,‬مثل القيام بواجب الذكر وحب آل البيت الكرام ‪.‬‬
‫‪44‬ـ رسول هللا هم أ ُ ِ‬
‫والء قومـــى *** أحبائى فأنعــــــم بالصالت‬
‫وأسألك أيها المولود شيخا ً واصال يأبى رقيا ً أسألك ما سأل به حبيبك ونبيك صلى هللا عليه وسلم‬
‫أمتى أمتى ‪ ,‬فهوالء قومى أحبائى أن تنعم عليهم بالوصول الى حضرة المحبوب ‪.‬‬
‫‪47‬ـ تعطف يا رحيما ً بى وقومى *** بأَم السيدات الطاهــــــرات‬
‫ينهى سيدى فخر الدين رضى هللا عنه القصيدة بقوله لصاحب الهوية الشيخ المعصوم الواصل الذى‬
‫يأبى رقيا ً رضىى هللا عنه ‪ ,‬المقصود بصاحب الذكر الرحيم وسر التناجى (األب الرحيم) الذى ربه‬
‫رباه وحقا ً ‪:‬‬
‫هو رحمة واالمهات به إقتدت *** رب رحيم ربه سماه ‪58 /52‬‬
‫يا من سماك ربك بالرب الرحيم فصرت الرحمة التى بها األمهات إقتدت ‪ ,‬تعطف يا رحيما ً بى‬
‫وقومى (الجمع الذى نزل معى البحر) بالوصول الى موطن إمامة جدى للجمع متقدم الجماعة‬
‫(السادة أهل الطرق) حتى قيام الساعة الذى سره مضمر فى طى سروتنا ‪.‬‬
‫مالحظة هامة ‪:‬‬

‫‪114‬‬
‫رسول هللا هنا ‪ :‬هو رسول هداية وليس رسول تشريع ‪ ,‬حيث أن الرسالة التشريعية انتهت بسيدنا‬
‫رسول هللا وخاتم النبيين (صلى هللا عليه وسلم) ورسالة الهداية مستمرة حتى خاتم األولياء فى‬
‫الحضرة التى قاب قوسيها الهدى ال ينتهى ‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫صالِ ُح َي ْر َف ُع ُه ۚ َوا َّلذِينَ‬ ‫ص َع ُد ا ْل َكلِ ُم ال َّط ِّي ُ‬
‫ب َوا ْل َع َمل ُ ال َّ‬ ‫َمن َكانَ ُي ِري ُد ا ْلع َِّز َة َفلِ َّل ِه ا ْلع َِّزةُ َجمِي ًعا ۚ إِ َل ْي ِه َي ْ‬
‫شدِي ٌد ۖ َو َم ْك ُر أُو ٰلَئِ َك ه َُو َي ُبو ُر‬
‫ب َ‬ ‫ت َل ُه ْم َع َذا ٌ‬ ‫س ِّي َئا ِ‬
‫َي ْم ُك ُرونَ ال َّ‬
‫األية ‪ 53‬سورة فاطر‬

‫‪5‬ـ من آيتى يستقى أربـــــاب حظوتنــــــــا *** عذب الحديث ومنها طيب الكلـم‬
‫‪2‬ـ عطية من كريــــــــم عندمــــــا ظفرت *** به السمــــــاء بفرد األربع الحرم‬
‫من أقوال سيدى فخر الدين‬

‫‪116‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫القصيدة األربعون‬
‫‪ 03‬مارس ‪5894‬م‬ ‫عدد أبياتها (‪)25‬‬ ‫السبت ‪ 8‬رجب ‪5534‬هـ‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪--‬‬
‫ـ مناسبتها لما قبلها ‪ :‬فى معنى البيت رقم (‪ )9‬من القصيدة السابقة ‪:‬‬
‫قرأنا فى ستور الغيب ســـــــراً *** كسر الباقيـــــات الصالحـــــــات‬
‫ـ الفكرة التى تدور حولها القصيدة ‪ :‬فى معنى البيتين (‪5‬و‪ )4‬منها ‪:‬‬
‫بســـاطها سندســـــى أخضـــــــر ُكتِ َب ْت *** عليه بسطا ً بال كف لذى قلـــــــم‬
‫وصية كالتـــــى عاينتهــــــــا ٌك ِتــــــ َب ْت *** على الرقاع وآثـــــار من ال ُبهــم‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أن إظهار معنى (الحقيقة أوالً نور النبى معلم القرآن ) وهى‬
‫التى أودعها الحق غيابة جب يوسفى بفطنة هى رسالة منوطة بطريقة سيدى أبو العينين صاحب‬
‫الطريقة البرهانية وهى العطية التى تكرم بها المنعم المتفضل عليه رضى هللا عنه ‪ ,‬أودعها فى‬
‫أجداده وأوصاه بالعمل على نشرها على أهل زمانها حين وقتها ‪ ,‬وبعث رجالها القائمون على‬
‫خدمتها طوال زمن أبى العينين وهو آخر األزمان وهى التى جاءت بها بشارة أبى العينين الذى‬
‫أدلى بدلوه إلخراجها من غيابة جبها معلنا خروجها بقوله رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫وإنى حق والحقيقـــة أودعت *** غيابـــــــــة جب يوسفى بفطنة ‪5 /44‬‬
‫وكان أبو العينين وارد مائهـا *** فأدلى بدلـــــو قال تلك بشارتى ‪5 /47‬‬
‫وإنى حق شأن كل مؤيـــــــد *** وإنى رب البيت وهى بعصمتــى ‪5 /549‬‬
‫غيابة جب كى تصان لوقتهـــا *** وما قلت أُلقـوها ولكن وديعتـى ‪5 /548‬‬
‫ولما تغاشينا حملنـــا آمانــــــة *** فصسسسسسرنا مزاجا ً واحداً فى الحقيقة ‪5 /543‬‬
‫وأيدنى األقطاب جمعا ً وقدموا *** مزاجى لألكـــوان تلك بشارتى ‪5 /545‬‬
‫فهى عطية من الكريم األكرم ذو الرداء األفخم خاتم الوالية األعظم ‪ ,‬ومنة من سخى طاب مانحها‬
‫األعظم ‪ ,‬دليلها وبرهانها إمام فى كتاب هللا‬ ‫األجل ْ‬ ‫ْ‬ ‫فكان فيها العطاء األعم األكمل ‪َ ,‬و ُجو ِد َ‬
‫الج ًوادْ‬
‫ضر التى ُكتِ َب ْت عليه بسطا ً بال كف‬ ‫س ْندُسِ ى ْ‬
‫األخ َ‬ ‫َر ْم ٌز {البرهانية الدسوقية الشاذلية} ذات البساط ال ُ‬
‫لذى قلم ‪ :‬أى لم يكتبها كاتب ‪ ,‬فقد إشتهرت بعلومها التى تنزلت من سنى األحدية كتنزل أول آيات‬
‫القرآن وهى التى خلفاؤها وورثتها ذرية اإلمام األكبر سيدى فخر الدين الشيخ محمد عثمان مظهر‬
‫‪117‬‬
‫ما كان فى الكتمان وهو القائل بعد أن عادت عاريته الى رب البرية فى إحدى قصائده العصماء‬
‫المسماة بالنونية ‪:‬‬
‫فلتسمعوا قولى صحيحا ً مسنداً *** إن البيــــان بسورة الرحمن ‪2 /54‬‬
‫سبحان من خلق الحقيقــة أوالً *** نــــور النبى معلم القــــرآن ‪2 /54‬‬
‫فالشمس ذات والمنير محمـــد *** والنجم آل البيت فى الفرقان ‪2 /57‬‬
‫وسمت سمــــاء محمد فوق السما *** هو فى العال والوضع للميزان ‪2 /59‬‬
‫رفــــع السما ألحمد ليجوزهــــــا *** فاجتازهـــــا طيــــا ً بغير توان ‪2 /58‬‬
‫واألرض فى ضعة الخالئق دونه *** من أجلـــــه جادت بال نقصان ‪2 /43‬‬
‫وهذه حقيقة مخصوصات علمه التى لها السماء إنفطرت ولها األرض مدت وألقت ما فيها وتخلت‬
‫و ُبسِ َط ْت علومها بحقيقة إسمها التى ُكتِ َب بال كف لذى قلم ‪ ,‬فهو من تجليات أنوار القلم األعلى‬
‫المستخرج من الروح األعظم صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫يبدأ سيدى فخر الدين رضى هللا عنه بقوله ‪:‬‬
‫‪5‬ـ من آيتى يستقى أربـــــاب حظوتنــــــــا *** عذب الحديث ومنها طيب الكلـم‬
‫‪2‬ـ عطية من كريــــــــم عندمــــــا ظفرت *** به السمــــــاء بفرد األربع الحرم‬
‫ٌ‬
‫ومنـــــــة من سخى طــــــاب مانحهـــا *** تطيب لى والمثانى أشهدت نعمى‬ ‫‪0‬ـ‬
‫‪5‬ـ بســـاطها سندســـــى أخضـــــــر ُكتِ َب ْت *** عليه بسطا ً بال كف لذى قلـــــــم‬
‫‪4‬ـ وصية كالتـــــى عاينتهــــــــا ٌك ِتــــــ َب ْت *** على الرقاع وآثـــــار من ال ُبهــم‬
‫‪4‬ـ بهــــا تكلمـــت ال فصحى وقد َر َم َ‬
‫ــز ْت *** ولو تفصحت إفشــــا ًءا فكالظلــــم‬
‫‪7‬ـ لهـــا جــــالل وقد صفت أرائكهــــــــــا *** وزينت فى خدور السر والكتـــم‬
‫‪9‬ـ وأودعت فى صدور لـــــــى خزائنهــــا *** مكامن أهلها ســاروا على قدمى‬
‫‪8‬ـ ُي َرى عليهــــــا جمال من ظواهرهـــــــا *** َو ُكل ً دون المعانى ذاكـــر بفــــم‬
‫الشرح والتفصيل ‪:‬‬
‫‪5‬ـ من آيتى يستقى أربـــــاب حظوتنــــــــا *** عذب الحديث ومنها طيب الكلـم‬
‫حوار حول من آيتى ‪:‬‬
‫‪118‬‬
‫اآلية ‪ :‬هى الشىء العجيب ‪ ,‬والعالمة الدالة على صاحبها ‪ ,‬وآيات هللا كثيرة ال تعد وال تحصى ‪,‬‬
‫وأن هلل فى آياته عجب ‪ ,‬ولى بفضل هللا آيات كثيرة ‪ ,‬وآياتى محكمة تبارك هللا فى إحكامها ‪ ,‬منها‬
‫مأثورتى التى قطوفها عبارة عن كلمات ‪ ,‬ومن عجائب وغرائب كلماتى أنه لو إفترضنا أن جبال‬
‫األرض نسفت عن بكرة أبيها وتطايرت أتربتها وغبارها حتى ُطمس ضوء النجم الالمع فى السماء‬
‫‪ ,‬لنشرت آيتى كلماتها المضيئة ككواكب السماء التى إنتشار ضيائها ينير األرض ‪ ,‬وفى هذا المعنى‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫كم لـــــى بفضل هللا من آيات *** مأثورتى وقطوفها كلماتى ‪24 /5‬‬
‫فإن هلل فى آياتـــــه عجـــــب *** تبـارك هللا فى إحكام آياتى ‪75 /50‬‬
‫فطمس النجم لو نسفت جبال *** كواكب آيتى فيهــــا إنتشار ‪05 /4‬‬
‫أى أن آيتى التى تحمل العلم اإللهى الذى فيه القرار ‪ ,‬والتى منها الذاريات تهب برياح وصلى ‪,‬‬
‫التى لى فيها الفخار ‪ ,‬فهى آيتى التى الحِب يعشقها وينال منها بترديد وتكرار ‪ ,‬ونظمت كلماتها‬
‫بالقوافى ‪ ,‬ونظمها بالقوافى لم يكن بدعا ً ولكنها من بديع صنع المنعم المتفضل فتبارك هللا ما أبهى‬
‫بديعتنا ‪ ,‬فيا أبناء عهدى إعلموا أن ماجئتكم به من أيتى فانه وهب وموهبة فرتلوها واحصوا‬
‫دقائها وتدارسوها وراقبوا هجرتى فالغار يؤوينى وهو قلبكم ‪ ,‬فهى التى فيها مرادى الذى اريد‬
‫معرفته وفيها حصنكم الذى فيه أمنكم وسالمتكم ومن يرتلها يسير محاطا ً محفوفا ً أى ُمأمن بسيف‬
‫حمانا ‪ ,‬فى هذا المعنى يقول رضى هللا عنه أيضا ً ‪:‬‬
‫وإنى قاســـــــم وهللا معطــــــى *** وهذه آيتى ولــــــى الفخـــــار ‪05 /55‬‬
‫وهذه آيتى والحب يعشقهــــــــا *** ينال منهـــــا بترديد وتكــــرار ‪00 /54‬‬
‫وآيتى بالقوافى لم تكـــــن بدعا ً *** تبارك هللا ما أبهـــــى بديعتنـــا ‪04 /23‬‬
‫فرتلوا آيتى وإحصوا دقائهـــــا *** وراقبوا هجرتى فالغار يؤوينى ‪07 /54‬‬
‫هذه آيتى وفيهــــــــا مــــرادى *** ولمن أمهـــا يكــــــون الهنـــاء ‪50 /23‬‬
‫فى حصن أمنى من يرتل آيتى *** ليسير محفوفا ً بسيف حمانــــــا ‪48 /50‬‬
‫بعد أن أفهمنا سيدى فخر الدين معنى من أيتى فيما سبق يقول رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫من أيتى ‪ :‬مخصوصات علمى التى هى مأثورتى وقطوفها كلماتى التى تحمل فى طيها معانى ما‬
‫أقول عن الذى أرمى الى معناه أو إثباته يستقى منها أرباب حظوتنا المحظيين فقط ‪ ,‬وهم أصحاب‬
‫الحظوة والمكانة لدينا ‪ ,‬الراغبين فى طلب السقاية من شرابها (شراب الوصل) الذى يحمل فى‬
‫طياته علوم الحقائق ‪.‬‬
‫وعن الحظى يقول رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫‪119‬‬
‫أن الحظى الذى يبيت فى شوق لوصلها فيصبح حاظيا ً بجمع سرها من بطونها ‪ ,‬وبذلك من يحظى‬
‫بسرها يكون هو المحظوظ ‪ ,‬فرب حظى قد يجنى بعض طيبها ورب ولى يقضى عمره وهو راغب‬
‫فى أن ينال طيبها ‪ ,‬وآية أهل الحظوتين فى الدنيا وفى اآلخرة هو (محبتى) ‪ ,‬وأصحاب القلوب‬
‫الحظية هم الذين يمنحون قدراً ال بجهد وال همة ‪ ,‬وكل من يرضيه قولى كان محبوبا ً حظيا ً ‪,‬‬
‫لذا أرباب حظوتنا يستقون منها عذب الحديث ‪ ,‬عذب فرات ‪ ,‬متنزالً سهال وسائغا ً للروح ‪ ,‬ومنها‬
‫يستقون طيب الكلم أى الكلم الزكى ذو المذاق اللذيذ‪.‬‬
‫وقيل الكلم الطيب ‪ :‬ذكر هللا ‪ .‬وعن قتادة ‪ :‬اليه يصعد الكلم الطيب أى ‪ :‬يقبل هللا الكلم الطيب ‪ ,‬قوله‬
‫عز وجل ‪ :‬والعمل الصالح يرفعه أى ‪ :‬يرفع العمل الصالح الكلم الطيب ‪ ,‬فالهاء فى قوله يرفعه‬
‫راجعة الى الكلم الطيب ‪ ,‬وهو قول ابن عباس وسعيد ابن جبير والحسن وعكرمة وأكثر المفسرين‬
‫‪.‬‬
‫وقال قتادة ‪ :‬الكلم الطيب ذكر هللا والعمل الصالح أداء فرائضه ‪ ,‬فمن ذكر هللا ولم يؤد فرائضه رد‬
‫كالمه على عمله ‪ ,‬وليس اإليمان بالتمنى وال بالتحلى ولكن ما وقر فى القلوب وصدقته األعمال ‪,‬‬
‫فمن قال حسنا ً وعمل غير صالح رد هللا عليه قوله ‪ ,‬ومن قال حسنا ً وعمل صالحا ً يرفعه العمل ‪,‬‬
‫ذلك بأن هللا يقول ‪ :‬اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ‪ ,‬وجاء فى الحديث ‪ :‬ال يقبل هللا‬
‫قوالً إال بعمل وال قوالً وال عمالً إال بنية ‪.‬‬
‫وقال قوم ‪ :‬الهاء فى قوله " يرفعه " راجعة الى العمل الصالح أى الكلم الطيب يرفع العمل الصالح‬
‫‪ ,‬فال يقبل عمل إال أن يكون صادر عن التوحيد ‪ ,‬وهذا معنى قول الكلبى ومقاتل ‪.‬‬
‫وقيل الرفع من صفة هللا عز وجل معناه ‪ :‬العمل الصالح يرفعه هللا عز وجل ‪.‬‬
‫‪2‬ـ عطية من كريــــــــم عندمــــــا ظفرت *** به السمــــــاء بفرد األربع الحرم‬
‫معانى بعض المفردات‪:‬‬
‫عطية من كريم ‪:‬‬
‫كلمات ما يتلى كحد الفيصل *** هى من عطاء المنعم المتفضل ‪09 /5‬‬
‫هى كلمات قاطعة فى رقتها ودقتها كحد السيف حيث أنها عطية من عطاء المنعم المتفضل التى‬
‫تفضل بها علينا ‪ ,‬وأصل هذه العطية نلتها هبة وموهبة من قبل تكوينى ‪ ,‬حيث قلت ‪:‬‬
‫أعوذ باهلل وهـــــــو المستعاذ به *** وملجئى واحتمائى فيه تمكينى ‪83 /5‬‬
‫ألوذ بالسيد المأمول من بسطت *** به العنايــــــة بدءاً قبل تكوينى ‪83 /4‬‬
‫لقد كفينا من التقتيــــر وإكتملت *** عطية هللا قبــــل الماء والطين ‪83 /4‬‬
‫من كريم ‪:‬‬
‫‪120‬‬
‫الكريم الذى يأتى عطاؤه من موطن الكرم ف ُيعطى من غير استحقاق ‪ ,‬وموطن الكرم (حضرة غيب‬
‫األحدية) موطن تنزل علوم القرآن الكريم الذى تنزلت منه قصائد شراب الوصل التى قال عنها‬
‫سيدى فخر الدين فى التائية ‪:‬‬
‫وإن ضياها مابه األرض أشرقت *** وإن سناها من سنا األحدية ‪5 /295‬‬
‫ٌ‬
‫ومنـــــــة من سخى طــــــاب مانحهـــا *** تطيب لى والمثانى أشهدت نعمى‬ ‫‪0‬ـ‬
‫معنى بعض المفردات ‪:‬‬
‫ومنة من سخى ‪:‬‬
‫المنة هنا معطوفة على العطية فى البيت السابق ‪ :‬وهى الصنيع الجميل من السخى الذى ينساب‬
‫عطاءه ‪ ,‬وهو الجواد الذى يجود بالخير ‪ ,‬ومن أمثلة هذا الجود ‪ :‬حديث سيدنا عبد هللا بن عباس‬
‫رضى هللا عنهما إذ قال (كان النبى صلى هللا عليه وسلم أجود الناس بالخير ‪ ,‬وأجود ما يكون فى‬
‫شهر رمضان ألن سيدنا جبريل عليه السالم كان يلقاه فى كل ليلة فى رمضان حتى ينسلخ يعرض‬
‫عليه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم القرآن فاذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة)‬
‫‪.‬‬
‫هى منة من منن المعصوم التى بفضل أبى العينين صرت ديار دارها ‪ ,‬فهو سيدى وقدوتى وإمامى‬
‫العظيم الذى ناجيته فى القصيدة (‪ )59‬بقولى ‪:‬‬
‫سيداً لم تزل وغيرك زالوا *** وجميعا ً الى جنابـك آلـــوا ‪59 /5‬‬
‫وكريما ً ورحمة وإمامـــــا ً *** وعظيما ً وليس فيـك يقـــال ‪59 /2‬‬
‫وأمان بغير حصنك وهــم *** وهدى غير ما تقول ضالل ‪59 /0‬‬
‫فإذا لم يكن بحصنك أمنى *** فالى من ُتـــرى يبث سـؤال ‪59 /5‬‬
‫وجزيــل عطاؤكم وسخى *** وبلـوغ الكمال فيك محــــال ‪59 /4‬‬
‫طاب منحها ‪َ :‬ل ًذ َو َز كا ‪ ,‬مانحها هو المصطفى المعصوم من هو قدوة لإلقتداء وموطن المنح هو‬
‫موطن الكرم (الحضرة األحدية) ‪.‬‬
‫تطيب لى ‪ :‬تهنأ وتلذ لى وليس لغيرى ‪.‬‬
‫والمثانى أشهدت نعمى ‪:‬‬
‫والمثانى هم سبعة أربعات ‪ :‬منهم المالئكة الكروبيين ‪ ,‬والمالئكة الفلكيين ‪ ,‬وألوالعزم من الرسل ‪,‬‬
‫وال خلفاء الراشدين ‪ ,‬وعبادلة القرآن ‪ ,‬واألئمة األربعة ‪ ,‬واالقطاب األربعة ويسبع كل مجموعة‬
‫الرؤساء الثالثة سيدنا االمام الحسن وسيدنا االمام الحسين وسيدنا المهدى المنتظر ‪.‬‬
‫أشهدت نعمى ‪ :‬أى رأت نعمى رأى العين تنزيل القصائد ‪.‬‬
‫نعمى ‪ :‬كثيرة منها القصائد ‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫على نعمه الظاهرة والباطنة ‪ ,‬لذاك جاء قولى فى التائية ‪:‬‬
‫فالمنعم المتفضل هو الذى أسبغ ً‬
‫وإنى فى أحيا الحياتين منعم *** على بتكريم وإسباغ نعمة ‪5 /575‬‬
‫ومن هذه النعم (آيتى) التى تحمل الخفايا عن اإلدراك والتى تعجز من رآها وتوضحها القصيدة‬
‫(‪ )28‬بقولى ‪:‬‬
‫هى األبيــــات آيــــات ولكــــن *** تبدل عندهــــــا ألف بباهــا ‪28 /0‬‬
‫فتعطى مــــا يجود به كريـــــم *** وقد نال الشفاعة من أتاهـــا ‪28 /5‬‬
‫فالهى عاقـــــر ال خير فيهـــا *** والهى ميتة يرجى رثاهـــــا ‪28 /4‬‬
‫ولكن هن مخصوصات علمى *** وذو االحسان يرجوهن جاها ً ‪28 /4‬‬
‫حتى قولى ‪:‬‬
‫وتمت نعمــــة كبرى علينـــــا *** فقــد آتيت أنفسنــــا هداهــــــا ‪28 /55‬‬
‫وكنــــا ذاكــــرين وقد ذكرنــا *** وهذى نعمة أخـــرى نراهــــا ‪28 /52‬‬
‫ومحض عطائى نعمة بعد نعمة *** وقمت عليها علكم تشكرونها ‪02 /4‬‬
‫فهذه ال يجوز الخوض فيهــــــا *** كآيات الكتاب المنـــــــزالت ‪08 /02‬‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أن منحة القصائد عطية من كريم عندما ظفرت به السماء‬
‫أى فرحت به السماء حيث التالقى فى موطن القاب والقوس من التدانى وهى منح رحلة االسراء‬
‫والمعراج مثل فريضة الصالة التى منحت لرسول هللا علية الصالة والسالم فى شهر رجب الفرد‬
‫(فرد االربع الحرم) فهو الشهر الرابع فى األشهر الحرم والذى أتى منفرداً والثالثة األخر جاءت‬
‫متتالية وهم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم‬
‫‪5‬ـ بســـاطها سندســـــى أخضـــــــر كتبت *** عليه بسطا ً بال كف لذى قلـــــــم‬
‫معانى بعض المفردات ‪:‬‬
‫ض‬ ‫(و َّ‬
‫هللا ُ َج َعل َ لَ ُك ُم ْاألَ ْر َ‬ ‫بسطاها ‪ :‬البساط هو ما بسط على االرض ‪ ,‬من اآلية (‪ )58‬سورة نوح َ‬
‫س ُط ب ُجوده‪,‬‬ ‫انبساط الشي ُء على األَرض‪ ,‬والبِسا ُط ما ُبسِ ط‪ ,‬ومنه الباس ُط‪ ,‬هو الذي َي ْب ُ‬
‫َ‬ ‫سا ًطا) وهو‬
‫بِ َ‬
‫إشارة إلي التأييد ‪ ,‬سندسى أخضر ‪ :‬وهو الحرير الناعم ‪ :‬إشارة الى سر الحقيقة المحمدية‬
‫واالخضر‪ :‬إشارة الى الباطن ‪ .‬وهو التى تشيراليه اآلية (‪ )25‬من سورة االنسان { َعالِ َي ُه ْم ِث َي ُ‬
‫اب‬
‫ش َرا ًبا َط ُه ً‬
‫ورا}‬ ‫س َقا ُه ْم َر ُّب ُه ْم َ‬ ‫او َر مِن فِ َّ‬
‫ضة َو َ‬ ‫س ِ‬‫ض ٌر َوإِ ْس َت ْب َر ٌق َو ُحلُّوا أَ َ‬
‫سندُس ُخ ْ‬
‫ُ‬

‫‪122‬‬
‫ُك ِت َب ْت عليه بسطا ً ‪ :‬أى (البرهانية) نسبة الى السيد المأمول من ُبسِ َط ْت به العناية من قبل تكوينى‬
‫إسم السيد البرهانى سيدى أبو العينين (برهان الملة والدين) الذى باء إسمه هى باء البداية المشار‬
‫اليها فى القصيدة (‪: )85‬‬
‫إن البداية فى رموز أ ُ ْجمِلت *** باء البداية خصهم تعظيما ً ‪85 /5‬‬
‫حيث انبساط نقطة الباء من اإلسم الشريف (برهان) حتى جاءت باسم الطريقة كامالً برهانية ‪+‬‬
‫دسوقية ‪ +‬شاذلية {البرهانية الدسوقية الشاذلية} ‪ ,‬على غرار إنبساط نقطة باء البداية فى قول‬
‫الحق تبارك وتعالى ‪:‬‬
‫{بسم هللا الرحمن الرحيم } المندرجة فيها فاتحة الكتاب والمندرج فيها القرآن الكريم ‪.‬‬
‫لذلك قال رضي هللا عنه‪:‬‬
‫ض َوان إِ ِذ ال ُّنو ُر ُحلَّتِي ‪5 /593‬‬ ‫أيي ٌد َو َب ْسطِ َي ِم َّن ٌة *** َوأَ ْك َب ُر ِر ْ‬
‫ساطِ ي َت ِ‬ ‫ِب َ‬
‫سط؛‬ ‫س َطه فت َب َّ‬‫سط و َب َّ‬ ‫سطه َب ْسطا ً فانب َ‬ ‫والبسط نقيض القبض ‪ ,‬يب ُ‬
‫وبسط الشي َء‪ :‬نشره‪ُ ,‬كتِ َبت (أي‪:‬‬
‫َ‬ ‫س َط َك َّف ْي ِه َمعا ً و َبالًّ‬
‫صحي ُح َغل َّ َك ًّفا ً َغالًّ‪َ ,‬ب َّ‬ ‫قال بعض األَغفال‪ :‬إِذا ال َّ‬
‫وص ًّي ٌة)‪َ ,‬علَ ْي ِه َب ْسطاً‪ :‬العطاء‬
‫كف‪ ,‬راحة اليدًّ‪ ,‬بال منع‬ ‫ف‪ :‬بال‪ ,‬الباء للوسيلة و ال النافية‪ ,‬أي بدون ًّ‬ ‫ِبالَ َك ٍّ‬
‫لِذِي َقلَم‪ :‬الالم للتخصيص و الملكية‪ ,‬ذي‪ :‬صاحب أو مالك‪َ ,‬قلَم‪ :‬لم يكتبها كاتب‪ ,‬أي‪ :‬أمر إلهي‪ ,‬ما‬
‫جاء في أول آيات القرآن الكريم نزوالً في سورة إقرأ والنبي صلي هللا عليه و سلم يتع ًّبد في غار‬
‫حراء‪ ,‬قال جبريل عليه السالم للنبي صلي هللا عليه وسلم – وهو في غار حراء – اقرأ وقال له‬
‫النبي صلي هللا عليه وسلم ما أنا بقارئ ‪.‬‬

‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أن إظهار معنى (الحقيقة أوالً نور النبى معلم القرآن ) وهى‬
‫التى أودعها الحق غيابة جب يوسفى بفطنة هى رسالة منوطة بطريقة سيدى أبو العينين صاحب‬
‫الطريقة البرهانية ‪ ,‬وهى العطية التى تكرم بها المنعم المتفضل عليه رضى هللا عنه ‪ ,‬أودعها فى‬
‫أجداده وأوصاه بالعمل على نشرها على أهل زمانها حين وقتها ‪ ,‬وبعث رجالها القائمون على‬
‫خدمتها طوال زمن أبى العينين وهو آخر األزمان وهى التى جاءت بها بشارة أبى العينين الذى‬
‫أدلى بدلوه إلخراجها من غيابة جبها معلنا خروجها بقوله رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫وإنى حق والحقيقـــة أودعت *** غيابـــــــــة جب يوسفى بفطنة ‪5 /44‬‬
‫وكان أبو العينين وارد مائهـا *** فأدلى بدلـــــو قال تلك بشارتى ‪5 /47‬‬
‫وإنى حق شأن كل مؤيـــــــد *** وإنى رب البيت وهى بعصمتــى ‪5 /549‬‬

‫غيابة جب كى تصان لوقتهـــا *** وما قلت أُلقـوها ولكن وديعتـى ‪5 /548‬‬

‫‪123‬‬
‫ولما تغاشينا حملنـــا آمانــــــة *** فصرنا مزاجا ً واحداً فى الحقيقة ‪5 /543‬‬
‫وأيدنى األقطاب جمعا ً وقدموا *** مزاجى لألكـــوان تلك بشارتى ‪5 /545‬‬
‫فهى عطية من الكريم األكرم ذو الرداء األفخم خاتم الوالية األعظم ‪ ,‬ومنة من سخى طاب مانحها‬
‫األعظم ‪ ,‬دليلها وبرهانها إمام فى كتاب هللا‬ ‫فكان فيها العطاء األعم األكمل ‪َ ,‬و ُجو ِد َ‬
‫الج ًوادْ األ ْجل ْ‬
‫ضر التى ُكتِ َب ْت عليه بسطا ً بال كف‬ ‫س ْندُسِ ى ْ‬
‫األخ َ‬ ‫َر ْم ٌز {البرهانية الدسوقية الشاذلية} ذات البساط ال ُ‬
‫لذى قلم ‪ :‬أى لم يكتبها كاتب ‪ ,‬فقد إشتهرت بعلومها التى تنزلت من سنى األحدية كتنزل أول آيات‬
‫القرآن وهى التى خلفاؤها وورثتها ذرية اإلمام األكبر سيدى فخر الدين الشيخ محمد عثمان مظهر‬
‫ما كان فى الكتمان وهو القائل بعد أن عادت عاريته الى رب البرية فى إحدى قصائده العصماء‬
‫المسماة بالنونية ‪:‬‬
‫فلتسمعوا قولى صحيحا ً مسنداً *** إن البيــــان بسورة الرحمن ‪2 /54‬‬
‫سبحان من خلق الحقيقــة أوالً *** نــــور النبى معلم القــــرآن ‪2 /54‬‬
‫فالشمس ذات والمنير محمـــد *** والنجم آل البيت فى الفرقان ‪2 /57‬‬
‫وسمت سمــــاء محمد فوق السما *** هو فى العال والوضع للميزان ‪2 /59‬‬
‫رفــــع السما ألحمد ليجوزهــــــا *** فاجتازهـــــا طيــــا ً بغير توان ‪2 /58‬‬
‫واألرض فى ضعة الخالئق دونه *** من أجلـــــه جادت بال نقصان ‪2 /43‬‬
‫وهذه حقيقة مخصوصات علمه التى لها السماء إنفطرت ولها األرض مدت وألقت ما فيها وتخلت‬
‫و ُبسِ َط ْت علومها بحقيقة إسمها التى ُكتِ َب بال كف لذى قلم ‪ ,‬فهو من تجليات أنوار القلم األعلى‬
‫المستخرج من الروح األعظم صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪4‬ـ وصية كالتـــــى عاينتهــــــــا كتــــــبت *** على الرقاع وآثـــــار من ال ُبهــم‬
‫معنى المفردات ‪:‬‬
‫َوصِ َّي ٌة‪ :‬أي‪ :‬كتبت علي بساطها َوصِ َّية‪ :‬أي أنًّ أصلها في حضرة غيب األحدية‪ ,‬أن هذه الوصية‬
‫ٌ‬
‫رزخي) مخصوصات علم اإلمام فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده‬ ‫ًّ‬ ‫ضمن (القصائد من العلم الب‬
‫البرهاني‪ ,‬ناشر طريقة سيدي إبراهيم الدسوقي رضي هللا عنهم أجمعين‬
‫وهو من جاء بالقصيدة السابعة المسماة بالوصية قائالً فى البيت رقم (‪ )53‬منها‪:‬‬
‫أوصيك برهانية فاسمع لها *** مسك الختام وبغية للواصلين‬
‫وفى الرقم (‪ )53‬إشارة الى موالنا الشيخ ابراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى الخليفة‬
‫العاشر ضمن سلسلة الفواتح الصغيرة ‪ ,‬كما أنه يشير الى بطون الهوية وهو من هو رضى هللا‬
‫عنه ‪.‬‬
‫َكالَّتِي َعاي ْن ُت َها‪ :‬أي‪ :‬لما وجد وص ًّية أجداده رضي هللا عنه وهي عبارة عن ُكتب أوراد الطريقة‬
‫مخبأة ‪ ,‬لحين ظهوره ليكشف عنها ‪ ,‬فلم تذهب آثار أجداده فيما ذهب من آثار العلماء بل كانت‬
‫‪124‬‬
‫محفوظة يتوارثها أهله كابرا عن كابر جداً فجد ‪ ,‬وقد كانت جدته ألبيه خازنة الكتب التي أوصى‬
‫بها جده السيد الشيخ عبد الرحمن بالل ‪ ,‬فما كاد يتعلم الكتابة حتى أبلغته وصية جده وسلمت إليه‬
‫كتب الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية ‪.‬‬
‫ُكتِ َب ْت‪ :‬ال ُك ُتب الحاوية ألذكار الطريقة وآدابها وأحوال السائرين بها إلى هللا ‪ ,‬وأسرار التصوف‬
‫الر ْقعة‪ :‬الخ ِْرقة التي تكتب ‪َ ,‬وآ َثار مِنْ ا ْل ُب ُه ِم‪ :‬جلود البهائم‬
‫اع‪ :‬من ُّ‬ ‫الر َق ِ‬
‫اع َوآ َثار مِنْ ا ْل ُب ُه ِم‪ِّ :‬‬
‫الر َق ِ‬
‫َعلَى ِّ‬
‫َ‬ ‫التى جاء قول الحق عنها {أ ُ ِ‬
‫عام}من اآلية (‪ )5‬سورة المائدة ؛ وإنما قيل لها‬ ‫حلَّ ْت لكم َب ِهيمة األ ْن ِ‬
‫عام ألَنَّ كل َّ َح ٍّي ال َيم ِّيز‪ ,‬فهو َب ِهيمة ألَنه أ ُ ْب ِهم عن أَن يم ِّيز‪ .‬ويقال‪ :‬أ ُ ْب ِهم عن الكالم‪.‬‬ ‫ُ َ‬
‫َب ِهيمة األ ْن ِ‬
‫وطريق ُم ْب َه ٌم إذا كان َخفِ ًّيا ال َي ْس َتبين ‪ ,‬وذلك أن طريقة سيدي إبراهيم الدسوقي رضي هللا عنه‬ ‫ٌ‬
‫كانت ُمبهمة وكان موعد إبرازها إلي الوجود ‪ ,‬ظهور موالنا الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى‬
‫حيث قال رضي هللا عنه‪ ,‬مخاطبا ً سيدي أبى العينين رضي هللا عنه‪:‬‬
‫أَ ُّي َها ا ْل َم ْسلُو ُك َد ْربا ً *** َكانَ َعنْ َغ ْي ِري َخ ِب َّيا ‪57 /58‬‬
‫وفى هذا البيت يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫وصية كالتـى عاينتهـــــــا كتبت *** على الرقاع وآثـــــار من ال ُبهــم‬
‫يوضح سيدى فخر الدين كالمه قائالً أنه عاين حقيقة الطريقة البرهانية التى تحمل شرف آل البيت‬
‫مكتو بة على بساط سندسى أخضر ‪ ,‬مكتوبة بال كف لذى قلم أى لم يكتبها كاتب ‪ ,‬شاهدها حال‬
‫تنزلها من (غيب األحدية) كتنزل آيات الكتاب المحكمات ‪ ,‬فصارت وصية أجداده رضى هللا عنهم ‪,‬‬
‫وهى عبارة عن ُكتب أوراد الطريقة مخبأة ‪ ,‬لحين ظهوره ليكشف عنها ‪ ,‬فلم تذهب آثار أجداده‬
‫فيما ذهب من آثار العلماء بل كانت محفوظة يتوارثها أهله كابراً عن كابر جداً فجد ‪ ,‬وقد كانت‬
‫جدته ألبيه خازنة الكتب التي أوصى بها جده السيد الشيخ عبد الرحمن بالل ‪ ,‬فما كاد يتعلم الكتابة‬
‫حتى أبلغته وصية جده وسلمت إليه تلك ال ُك ُتب الحاوية ألذكار الطريقة وآدابها وأحوال السائرين‬
‫الر َق ِ‬
‫اع َوجلود البهائم ‪.‬‬ ‫بها إلى هللا ‪ ,‬وأسرار التصوف مكتوبة َعلَى ِّ‬
‫فكان لزاما ً عليه رضى هللا عنه أن يوصى أبناءه حيث قال ‪:‬‬
‫أوصيك برهانية فاسمع لها *** مسك الختام وبغية للواصلين ‪7 /53‬‬
‫‪4‬ـ بهــــا تكلمـــت ال فصحى وقد َر َم َ‬
‫ــز ْت *** ولو تفصحت إفشــــاءاً فكالظلــــم‬
‫معانى المفردات ‪:‬‬
‫بها تكلمت ‪ :‬االشارة الى القصائد‬
‫تكلمت ال ‪ ,‬فصحى ‪ :‬وهذا ما يؤكد أن (ال) فى حد ذاتها فصحى (لغة عربية فصحى)‬
‫وقد رمزت ‪ :‬عالمة أو إشارة الى علم القصائد المأخوذ من بطن القرآن‬
‫ولو تفصحت إفشاءاً ‪ :‬التفصح جعلت الحديث واضحا ً وبليغا ً‬
‫واالفشاء ‪ :‬هو النشر واالذاعة‬
‫فكالظلم ‪ :‬الظلم والظلمات جمع ظلمة‬
‫يقول سيدى فخرالدين رضى هللا عنه أنه أتى بكلمات القصائد منظومة ومنثورة على درجة عالية‬
‫من اللغة العربية الفصحى على غرار آيات القرآن الكريم وأشار الى أنها مأخوذة من باطنه ‪ ,‬ولو‬

‫‪125‬‬
‫تفصحت أى جعلت الكالم فصيحا ً وبليغا ً ومبينا ً ‪ ,‬ففى إبانته يكون كالظلم أى أشد غموضا ً ‪ ,‬ويؤكد‬
‫ذلك اآلية (‪ )53‬سورة النور حيث يقول الحق تعالى ‪:‬‬
‫ض َها َف ْو َق َب ْعض إِ َذا‬ ‫اب ُظل ُ َم ٌ‬
‫ات َب ْع ُ‬ ‫ج ِّمن َف ْوقِ ِه َ‬
‫س َح ٌ‬ ‫ج ِّمن َف ْوقِ ِه َم ْو ٌ‬ ‫شاهُ َم ْو ٌ‬ ‫(أَ ْو َك ُظل ُ َمات فِي َب ْحر لُّ ِّج ٍّي َي ْغ َ‬
‫ورا َف َما لَ ُه مِن ُّنور)‬ ‫أَ ْخ َر َج َي َدهُ لَ ْم َي َكدْ َي َراهَا َو َمن لَّ ْم َي ْج َع ِل َّ‬
‫هللا ُ لَ ُه ُن ً‬
‫تفسير الجاللين‬

‫لجي» عميق «يغشاه موج من فوقه» أي‬ ‫<أو> الذين كفروا أعمالهم السيئة «كظلمات في بحر َّ‬
‫الموج «موج من فوقه» أي الموج الثاني «سحاب» أي غيم‪ ,‬هذه «ظلمات بعضها فوق بعض»‬
‫ظلمة البحر وظلمة الموج األول‪ ,‬وظلمة الثاني وظلمة السحاب «إذا أخرج» الناظر «يده» في هذه‬
‫الظلمات «لم يكد يراها» أي لم يقرب من رؤيتها «ومن لم يجعل هللا له نورا فما له من نور» أي‬
‫من لم يهده هللا لم يهتد‪.‬‬
‫وذلك ألنى خفى مقام والخفاء وقايتى ومما يؤيد ذلك قولى ‪:‬‬
‫ولو شئنا لمــا جئنا بكشف *** عن المكنون من سر خفى ‪03 /9‬‬
‫خفى إشاراتى يغيب ما به *** جلى عبارات اليه المنتهى ‪93 /9‬‬

‫‪7‬ـ لهـــا جــــالل وقد صفت أرائكهــــــــــا *** وزينت فى خدور السر وال َك َت ِ‬
‫ـــم‬
‫معانى المفردات ‪:‬‬
‫لَ َها‪ :‬الالم للتخصيص و التمييز‪ ,‬ها‪ :‬ضمير متصل‪ ,‬يعود إلي العط ًّية و هي القصايد‬
‫َجالَلٌ‪ :‬الجالل ‪ :‬هو نعوت الهيبة والرهبة والسطوة الباعثة في النفس الخوف والشفقة‬
‫ص َّف ْت أَ َرائِ ُك َها‪ُ :‬‬
‫ص َّف ْت‪:‬‬ ‫ص َّف ْت أَ َرائِ ُك َها‪ :‬الواو الحال‪ ,‬قد‪ :‬للتوكيد لدخولها علي فعل ماض‪ُ ,‬‬ ‫َو َقدْ ُ‬
‫فاص َط ُّفوا إذا أَقمتهم‬ ‫ت القوم ْ‬ ‫ص َف ْف ُ‬ ‫صفُ ٌ‬
‫وف و َ‬ ‫معروف‪ ,‬وجمعه ُ‬ ‫ٌ‬ ‫س ْط ُر ال ُم ْس َتوي من كل شيء‬ ‫ف‪ :‬ال َّ‬‫ص ُّ‬‫ال َّ‬
‫صفاً‪ ,‬أي‪ :‬أقمتهم علي نسق منتظم – كما في االستعراضات العسكرية – اآلية‪:‬‬ ‫ًّ‬ ‫في الحرب َ‬
‫والح َجلة مثل القُ َّبة‪,‬‬ ‫َ‬ ‫الح َجلة من دونه سِ ْتر‬ ‫صفُو َف ٌة) ‪ 54‬الغاشية‪ ,‬األَ ِريكة‪ :‬السرير في َ‬ ‫(و َن َم ِ‬
‫ار ُق َم ْ‬ ‫َ‬
‫ًّ‬
‫كل ًّ قصيدة في (أريكة) قبة من ال ًّنور عبارة عن حجاب‬
‫َو ُز ِّي َن ْت‪ :‬أُلبست ُحلل الزينة‪ ,‬المعاني العالية في بديع النظم (الكلمات)‬
‫ُور‪ :‬الخِدْ ُر‪ :‬سِ ْت ٌر ُي َم ُّد للجارية – الفتاة‬ ‫السر وباطن األمر‪ُ ,‬خد ِ‬ ‫ًّ‬ ‫س ِّر َوا ْل َك َت ِم‪ :‬في‪ :‬كناية عن‬ ‫فِي ُخد ِ‬
‫ُور ال ِّ‬
‫ت ونحوه خِدْ راً‪ ,‬والجمع ُخدُو ٌر‪ ,‬و هي‪:‬‬ ‫الحسناء – في ناحية البيت ثم صار كل ُّ ما واراك من َب ْي ِ‬
‫تتنزل القصائد من حضرة غيب األحد ًّية) والمانحات (حضرة الواحدية ـ‬ ‫ًّ‬ ‫خدور المانعات (حيث‬
‫س ِّر َوا ْل َك َت ِم‪ ,‬أي‪ :‬ال ُتذاع و ال ُيكشف عنها –‬ ‫س ِّر َوا ْل َك َت ِم‪ :‬تبقي هناك – في ال ِّ‬ ‫موطن اإلنشاء)‪ ,‬ال ِّ‬
‫تنزلها لألرض فتنزل إلي (المانحات)‪ ,‬قال رضي هللا عنه‪:‬‬ ‫حتى يأتي أوان ًّ‬
‫ت َحفِي َظ ًة ‪5 /70‬‬ ‫إِلَى أَ َجل ِع ْندِي َت ُكونُ َعطِ َّيتِي *** بِ َط ِّي ُخد ِ‬
‫ُور ا ْل َمانِ َعا ِ‬

‫‪126‬‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أن كلمات قصائده منعوتة بالهيبة والرهبة التى تبعث الخوف‬
‫والشفقة على متلقيها ‪ ,‬مؤكداً أن الصدور المتلقين لعلومها ُتجلسهم فى صفوف مستوية ومنتظمة‬
‫األول ثم الذى يليه ثم الذى يليه وهيأت لهم أسرة ذات ستائر موضوعة على قباب من النور عبارة‬
‫عن حجاب‬
‫وألبست المعانى العالية ح لل الزينة ذات النظم البديع وأودعت أسرارالمعانى داخل األوانى كى ال‬
‫تذاع وتكشف معانيها قبل أوان تنزلها لألرض ويقول فى ذلك ‪:‬‬
‫ألقن ما فى المانعات جعلته *** فما ألولى النجوى خالف المظنة ‪5 /084‬‬

‫‪9‬ـ وأودعت فى صدور لـــــــى خزائنهــــا *** مكامن أهلها ســاروا على قدمى‬
‫معانى المفردات ‪:‬‬
‫التودِي ُع و هو أَن تترك شيئا ً بمكان ما لحفظه‬ ‫َوأُو ِد َع ْت‪ :‬أي‪ :‬القصائد‪ ,‬من ْ‬
‫ُور ا َّلذِينَ‬
‫صد ِ‬ ‫ات َب ِّي َن ٌ‬
‫ات فِي ُ‬ ‫صدُور‪ :‬يعني في قلوب البعض من أبناء الطريقة‪ ,‬اآلية‪َ ( :‬بلْ ه َُو آ َي ٌ‬ ‫فِي ُ‬
‫أُو ُتوا ا ْل ِع ْل َم ‪ 58 )..‬العنكبوت‪ ,‬قال رضي هللا عنه‪:‬‬
‫ارا (‪ 5‬ق ‪)45‬‬ ‫صدُو ُر قِ َف َ‬ ‫ازل ٌ *** َو ِب َغ ْي ِره َت ْبدَو ال ُّ‬ ‫ا ْل ِع ْل ُم َك ْن ٌز َوال ُّ‬
‫صدُو ُر َم َن ِ‬
‫شي َء‪ :‬أَ ْح َرزه وجعله في خِزانة واختزنه لنفسه‪,‬‬ ‫لِى َخ َزائِ ُن َها‪ :‬لِى‪ :‬ملكي‪َ ,‬خ َزائِ ُن َها‪َ :‬خ َزنَ ال َّ‬
‫ِزانة‪ :‬اسم الموضع الذي ُي ْخ َزن فيه الشيء‬ ‫والخ ُ‬
‫َم َكامِنُ ‪ :‬مكان إخفاء الشئ‬
‫أَهْ ل ُ َها‪ :‬أي‪ :‬أهل تلك الصدور‬
‫سا ُروا َعلى َق َدمِي‪ :‬السير علي قدم النبي أو الولي هو اقتفاء األثر للتحقق بمماثلة صفاتية‪ ,‬أي‬ ‫َ‬
‫يذوق ذوق ذلك النبي أو الولي‪ ,‬أي‪ :‬من أبناء الطريقة من اقتفي أثر سيدي فخر الدين و تلقي عنه‬
‫بأحسن صورة ‪.‬‬

‫بعد قوله رضى هللا عنه ‪ :‬لها جالل وقد صفت أرائكها يقول وأودعت فى صدور لى خزائنها أى أنه‬
‫لما أراد اإلحتفاظ بها وضعت فى بعض أبناءه ‪ ,‬وهم األوائل الذين تصدروا لتلقيها وتدارسوها بحثا ً‬
‫وتحقيقا ً بالمراد من معانيها فصاروا لها خزائن ومكامن ‪ ,‬وهم أهلها من القدم السائرون على‬
‫قدمى حذو النعل بالنعل وهم من إقتفى أثرى ‪ ,‬وهم من حق قولى فيهم ‪:‬‬
‫والشاربون أولو المقامات العال *** والمصطفى منهم حميل األمانة ‪5 /040‬‬
‫السائرون الهائمــون بشربتـــى *** يستنفرون عزائــــــــم الركبان ‪2 /00‬‬
‫ت أَ ِ‬
‫ح َّبتِي *** َوا ْل َج ْو َه ُر ا ْل َم ْك ُنونُ فِي إِ ْل َها ِمــى ‪54 /20‬‬ ‫ُح ْسنُ ال َّتلَ ِّقي مِنْ سِ َمــا ِ‬

‫‪8‬ـ ُي َرى عليهــــــا جمال من ظواهرهـــــــا *** َو ُكل ً دون المعانى ذاكـــر بفــــم‬
‫معانى المفردات ‪:‬‬
‫ُي َرى َعلَ ْي َها َج َمالٌ‪ :‬الجمال ‪ :‬هو نعوت الرحمة واأللطاف مما تسكن له النفس و تستل ًّذ به‬

‫‪127‬‬
‫مِنْ َظ َواهِرهَا‪ :‬مِنْ ‪َ :‬ظ َواهِرهَا‪ :‬كلماتها‪ ,‬جمال كلمات القصائد‪ ,‬اللفظ و التركيب و اإلبداع اللغوي و‬
‫درسها الشيخ … كلها تنضح‬ ‫المصطلح و اإلشارة و احتواء السياق القرآني و علوم الحقيقة كما ًّ‬
‫بالجمال‪,‬‬
‫َو ُكل َّ دُونَ ا ْل َم َعانِي‪ُ :‬كلَّ‪ :‬أصابه اإلعياء‪ ,‬دُونَ ‪ :‬أمام‪ ,‬نحو ‪ :‬وقفت دونه‪ ,‬ا ْل َم َعانِي‪ :‬ما ترمي إليه‬
‫الكلمات‬
‫َذا ِك ٌر ِب َف ِم‪ :‬ذكر لسان و الذكر هنا هو القصائد أيضا ً فيه ذكر لسان (قراءة من غير تد ًّبر) – ذكر قلب‬
‫الروح في المعاني) – إصطالم (السير بالقصائد)‪ ,‬أي‪:‬‬ ‫(قراءة مع التد ًّبر) – ذكر روح (إطالق ًّ‬
‫بمجرد قراءتها من غير إمعان القلب‬
‫ًّ‬ ‫يتعب من يحاول فهم معانيها‬

‫ويقول رضى هللا عنه فى هذا البيت ُيرى على الكلمات واأللفاظ جمال من ظواهرها يتصف‬
‫بالرحمة واأللطاف التى بها تسكن النفس وتلذ لشرابه حيث وضعت المعانى فى عظيم بنائها كل‬
‫يرى قولى على مرآته وتطمئن له األرواح وتدرك معانيها حيث فيها المشرب الذى ال يدانيه‬
‫مشرب لذا قال رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫ت ا ْل َم َعانِي فِي َعظِ يِم ِب َنائِ َهـــا *** ُكل ٌّ َي َرى َق ْولِي َعلَى م ِْرآتِ ِه ‪8 /2‬‬
‫قُ ْل ُ‬
‫كالمى مشرب األرواح وصالً *** إذا لم تشربوا منــــــه فأى ‪03 /57‬‬
‫‪53‬ـ تخيروا من كالمـــــــى يوم جمعكـــــم *** وأوجزوا إن بين الجمـــع متهــمى‬
‫معانى المفردات ‪:‬‬
‫َت َخ َّي ُروا‪ :‬ال َّت َخ ُّير‪ :‬تنقية األنسب و األكثر موافقة لما تطلُب‪( ,‬مثالً‪ :‬ال يستساغ أن يقرأ أحدهم من‬
‫القرآن في بيت عزاء من آيات العذاب)‬
‫مِنْ َكالَمِي‪ :‬مِنْ شراب الوصل‬
‫الج ْم ِع‪ :‬اليوم الذي ُيجمع فيه ال ًّناس لمناسبة (كاحتفال)‪ ,‬المقصود‪ :‬الحولية‬ ‫َي ْو َم َج ْم ِع ُك ُم‪َ :‬ي ْو َم َّ‬
‫(االحتفال بالذكري السنوية) … في الخرطوم و قِس علي ذلك …‪ .‬و مثله في وسائل اإلعالم و‬
‫الوسائط المختلفة … فائدة‪( :‬ال تكتب علي صفحتك ما ال يفهمه ال ًّناس و تتح ًّمله عقولهم)‬
‫ج ُزوا‪ :‬أوجز الكالم‪ :‬اختصره (ال ُمختصر المفيد)‬ ‫َوأَ ْو ِ‬
‫إِنَّ ‪ :‬حرف توكيد‬
‫َب ْينَ ا ْل َج ْم ِع‪ :‬في وسط الحاضرين‬
‫ُم َّت ِهمِي‪ :‬من ي ُظن السوء‪ ,‬تحضر ناس في الحولية بدون دعوة حتى‪ ,‬ألن األمر مفتوح (الدعوة‬
‫عامة)‬

‫كما يقول تخيروا فى تجمعاتكم الكالم المناسب الذى يتفق والمناسبة التى تجمعتم من أجلها مثل‬
‫الحولية السنوية التى تقام من أجل احياء ذكرى اإلمامان الجليالن بالخرطوم وكذا الذكرى السنوية‬
‫لموالنا سيدنا الحسين وسيدى أبو العينين ابراهيم الدسوقى واذا كانت هناك كلمات تنشر أو تذاع‬
‫فيجب االيجاذ والمختصر المفيد فقد يكون بين وسط الحاضرين من يظن السوء فمثل هذه يكون‬
‫فيها الدعوة عامة ‪.‬‬
‫‪128‬‬
‫‪55‬ـ تستروا ال على خوف وال َو َجــــــــــل *** وإنما رحمة بالناس يا رحــــــــمى‬
‫معنى المفردات ‪:‬‬
‫الج ْم ِع‪ :‬اليوم الذي ُيجمع فيه ال ًّناس لمناسبة (كاحتفال)‪ ,‬المقصود‪:‬‬ ‫س َّت ُروا‪َ :‬ي ْو َم َج ْم ِع ُك ُم‪َ :‬ي ْو َم َّ‬ ‫َت َ‬
‫الحولية (االحتفال بالذكري السنوية) … في الخرطوم و قِس علي ذلك‪ ,‬أي‪ :‬ال ُتظهروا من مفاتن‬
‫الطريقة (مظاهرها)‪ ,‬ما ُيفتن اآلخرين‪ ,‬الستر لوقاية اآلخرين من الفتنة‬
‫الَ َعلَى‪ :‬الَ‪ :‬النافية‪َ ,‬ع َلى‪ :‬بمعنى المصاحبة‪ ,‬كقوله تعالى ( وآتى المال على حبه )‪ ,‬أي‪ :‬ال يصاحب‬
‫تس ًّتركم…‬
‫ون) ‪52‬‬ ‫اف أَن ُي َك ِّذ ُب ِ‬ ‫الخ ْوف‪ :‬عدم وجود األمان‪ ,‬قال تعالي‪َ ( :‬قال َ َر ِّب إِ ِّني أَ َخ ُ‬ ‫َخ ْوف َوالَ َو َجل‪َ :‬‬
‫سال ًما َقال َ إِ َّنا مِن ُك ْم َو ِ‬
‫جلُونَ )‬ ‫الشعراء‪ ,‬الوجل من مقدمات الخوف‪ ,‬قال تعالى‪( :‬إِ ْذ َد َخلُو ْا َعلَ ْي ِه َف َقالُو ْا َ‬
‫‪ 42‬الحِجر‬
‫َوإِ َّن َما‪ :‬الواو واو الحال‪ ,‬إ ًّنما‪ :‬لفظ مركب من ( إن ) المشبهة بالفعل و ( ما ) الزائدة و تفيد الحصر‬
‫الرحيم‪ ,‬أي الرحمة االمتنانية الصرفة غير‬ ‫الرحمة العطف و هي من االسم ًّ‬ ‫اس‪ًّ :‬‬ ‫َر ْح َم ٌة ِبال َّن ِ‬
‫اس‪ :‬العامة (فيهم أهل‬ ‫جر الصق‪ ,‬كقول أمسكت بالحبل‪ ,‬ال َّن ِ‬ ‫اس‪ :‬الباء حرف ًّ‬ ‫الممزوجة بعذاب‪ِ ,‬بال َّن ِ‬
‫الذوق و فيهم غير ذلك)‪ ,‬فتأتيهم بالكالم الذي يطيقه العوام و غيرهم‬
‫َ‬
‫ح ُم ال َقرابة َتج َمع َبني أب‪ ,‬عبارة دقيقة و‬ ‫الر ِ‬‫حمِي‪ :‬يا حرف نداء للقريب و البعيد‪َ ,‬ر ِحمِي‪َّ :‬‬ ‫َيا َر ِ‬
‫عظيمة من شيخ عظيم يريد أن يقول أنتم أبناء سيدي إبراهيم و هو أبي أنا‪ ,‬أي يا إخواني من أبي‬
‫األب الشيخ و األم الطريقة‬ ‫و أ ًّمي‪ ,‬إذا ًّ‬
‫بعد قوله رضى هللا عنه تخيروا قال تستروا على بعض المعنى واأللفاظ التى تفند وضع الطريقة‬
‫الخاص وشخصها رضى هللا عنه ليس من باب الوجل والخوف من الناس المجتمعون بدعوة او‬
‫بغير دعوة وانما شىء من قبيل الرحمة الرحيمية االمتنانية الصرفة المأخوذة من االسم الرحيم ‪,‬‬
‫الر ْح َما ُء يا من أصبحتم منتسبون الى طريقة سيدى ابراهيم الدسوقى التى بها صرتم من‬ ‫فالرحمة ً‬
‫أُولى االرحام وحيث أصبحتم ابنائى الذين أرضعتهم هوى آل أحمد الذين أشارت اليهم القصيدة‬
‫التائية بقولى ‪:‬‬
‫وارضعت أبنائى هوى آل أحمد *** فأورثهم طه الصفاء ورحمتى ‪5 /24‬‬

‫‪52‬ـ ترفقــــــــوا بالذين هللا ألفهــــــــــــــــم *** ويممونى من األعــراب والعجـم‬


‫معانى المفردات ‪:‬‬
‫َت َر َّفقُوا‪ :‬جاء في معجم “مقاييس اللغة”‪( :‬الراء والفاء والقاف أصل ٌ واح ٌد يدل ُّ على موافقة‬
‫يحب‬
‫ُّ‬ ‫ت ْأ ْرفُق‪ .‬وفي الحديث‪“ :‬إنًّ هللا جل ًّ ثناؤه‬ ‫فالرفق‪ :‬خالف ال ُع ْنف؛ يقال ر َف ْق ُ‬ ‫ومقاربة بال ُع ْنف‪ِّ .‬‬
‫الترفق‬ ‫يشتق منه كل ُّ شيء يدعو إلى راحة وموا َفقة)‪ .‬و ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫الر ْفق في األمر كله”‪.‬هذا هو األصل ثم‬ ‫ِّ‬
‫تحري الرفق‪ ,‬أي‪ :‬تع ًّمده و الحرص عليه‬ ‫هو ًّ‬
‫ِبالَّذِينَ ‪ :‬الباء حرف جر الصق‪ ,‬كقولك أمسكت بالحبل‪ِ ,‬الَّذِينَ ‪ :‬اسم موصول لجمع المذكر العاقل‪ ,‬و‬
‫القصد كل من جاء (رجل أو إمرأة)‪ ,‬قال تعالي‪:‬‬
‫وب ِه ْم‪ ,‬لَ ْو أَن َف ْق َت‬ ‫(وأَلَّ َ‬
‫ف َب ْينَ قُل ُ ِ‬ ‫هللا ُ ألَّ َف ُه ْم‪ :‬الذكر باالسم “هللا”‪ ,‬االئتالف‪ :‬االنسجام و المح ًّبة‪ ,‬اآلية‪َ :‬‬ ‫َّ‬
‫ٰ‬
‫ف َب ْي َن ُه ْم‪ ,‬إِ َّن ُه َع ِزي ٌز َحكِي ٌم) ‪ 40‬األنفال‪ ,‬و‬ ‫ض َجمِي ًعا َّما أَلَّ ْف َت َب ْينَ قُلُوبِ ِه ْم َولَكِنَّ َّ َ‬
‫هللا أَلَّ َ‬ ‫َما فِي ْاألَ ْر ِ‬
‫‪129‬‬
‫َت َر َّفقوا‪ :‬فعل أمر‪ ,‬المفعول به ضمير مستتر تقديره أنتم‪ ,‬ي ُعود إلي‪ :‬األخوان في السودان و مصر‬
‫(فهما من باقي سياق البيت)‬
‫صده وا ًّتجه نحوه و األ ُّم‪ ,‬بالفتح‪:‬‬
‫َو َي َّم ُمونِي‪ :‬الواو حرف عطف‪َ ,‬ي َّم ُمونِي‪ :‬ي َّمم فالنٌ ال َمكانَ ‪ :‬ق َ‬
‫ص َده‪ ,‬و َي َّم ُمونِي‪ :‬مرفوعة فعل ماضي مبني علي الض ًّم باتصاله بواو‬ ‫صد‪ .‬أَ َّم ُه َيؤُ ُّمه أَ ًّما ً إِذا َق َ‬‫ال َق ْ‬
‫الجماعة‪ ,‬و الياء ضمير في محل نصب مفعول و أدخلت نون الوقاية لوجود حرف العلًّة‪ ,‬و هذا‬
‫إشارة إلي أن سيدي فخر الدين جعل تجل ًّيه بالجمال وقاية لقاصديه‪ ,‬و الحولية مظهر من مظاهر‬
‫جمال الطريقة أي‪ :‬الشيخ‬
‫جر لبيان الجنس‬ ‫مِنَ ‪ :‬حرف ًّ‬
‫األَ ْع َرابِ‪ :‬واألعرابي ‪ :‬البدوي ؛ وهم األعراب ؛ واألعاريب ‪ :‬جمع األعراب‪ ,‬و المعني هنا اإلخوان‬
‫الخليجيين عموما ً و سكان شمال‪ ,‬ألصالة البداوة و ارتباطها بهذه المنطقة‪ ,‬هذا مما يؤكد أن‬
‫سواء‪ ,‬لما لهم من‬ ‫المخاطب باألمر‪َ “ :‬ت َر َّفقوا” معني به األخوان في السودان و مصر علي قدم َ‬
‫سابق عهد بالطريقة والخدمة و اختيار النتشار الطريقة من بلديهم‬
‫َوا ْل َع َج ِم‪ :‬كل ًّ من ليس عربي و هم األورب ًّيون عموما ً و األمريكان و غيرهم من دول الغرب و‬
‫الشرق‬
‫ثم يقول رضى هللا عنه للحاضرين اإلحتفاالت وخاصة المصريين والسودانيين ترفقوا بالذين هللا‬
‫ألفهم من األعراب والعجم (العرب واألوربيون واألمريكان ومن دول المشرق والمغرب) أى جمعهم‬
‫على الذكر باالسم هللا فصاروا من أهل هللا المنشغلين بالذكر الذى يشفى الصدور فتصطلى بغرامى‬
‫فى معامالتكم وتبليغ رسالة الطريقة بل وفى كل أمر من أمورها بالمؤلفة قلوبهم وهم حديثى العهد‬
‫بالطريقة الذين أتوا الى الطريقة ولم يكتمل إيمانهم برسالتها ومعرفة قدر شيخها وارث المصطفى‬
‫حقا ً ال جداالً‬
‫ويوجد معنى آخر هام جداً ‪:‬‬
‫{أى ترفقوا إرحموا الخواص من أبنائى األحباب الذين ُكشِ َف ْت لهم معانى ما أقول عن الذى أرمى‬
‫الى معناه أو إثباته فهم من باتوا يرعون شئون حقيقة قولى حتى أدركوا المعانى المستخرجة‬
‫ونسجوا منها مخيطة ‪ ,‬وقاموا بتبليغها إلخوانهم لمساعدتهم فى تحصيل مراد شيخهم من معرفة‬
‫َمنْ مِنْ أجله أُمليت القصائد حتى يؤمنوا بها ويحذروا إنكار حرف منها فال يكونوا من المنكرون‬
‫والسفهاء من الناس المشار اليهم فى اآلية ‪( :‬سيقول السفهاء من الناس ما والهم عن قبلتهم التى‬
‫كانوا عليها قل هلل المشرق والمغرب)‬
‫وقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه‪:‬‬
‫ولو قال السفيه لما التولى *** فمغرب طلعة اإلشراق طه‬
‫وال ترموهم بما ليس فيهم ‪ ,‬فهم من يممونى وجعلونى إمامهم فى العطايا وليس منهم األعراب وال‬
‫العجم} ‪.‬‬

‫‪50‬ـ وأنزلــــــــوهم على رحب ومرحمــــة *** فإن من ذاق فضلى جـــد محتشم‬
‫معانى المفردات ‪:‬‬

‫‪130‬‬
‫َوأَ ْن ِزلُو ُه ْم َعلَى َر ْحب‪َ :‬وأَ ْن ِزلُو ُه ْم‪ :‬أي‪ :‬القادمين إلي الحولية من األعراب و ال َعجم ‪َ ,‬علَى َر ْحب‪:‬‬
‫رض َر ْح ٌ‬
‫بة‬ ‫ب‪ ,‬وأَ ٌ‬ ‫ِـيب‪ :‬الشيء الواسِ ُع‪ ,‬تقول منه‪ :‬بلد َر ْح ٌ‬ ‫والرح ُ‬‫ب‪ ,‬بالفتح‪َّ ,‬‬ ‫والر ْح ُ‬
‫َّ‬
‫سعةِ‪ ,‬وأَقِ ْم‪ ,‬فلَ َك عِ ندنا‬ ‫الر ْحب وال َّ‬‫َو َم ْر َح َبة‪ :‬موضع ال َّت ْرحِـيب‪ ,‬و منها قولك مرحبا‪ :‬أي انزل في َّ‬
‫ذلك‪ُ ,‬حسن اللقاء و بشاشة االستقبال و مبادأة الضيف بالكرم و الترحاب‬
‫َفإِنَّ ‪ :‬الفاء تفسيرية‪ ,‬إنَّ للتوكيد‬
‫ضلِي‪ :‬القصائد‪ ,‬قمة العطاء‬ ‫اق َف ْ‬‫َمنْ َذ َ‬
‫الحيا ُء واال ْنق ُ‬
‫ِباض‪ ,‬وقد‬ ‫ش َم ُة‪َ :‬‬ ‫ش َم ُة‪ُ ,‬م ْح َتشِ ِم‪ :‬ال ِ‬
‫ح ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫الجدُّ‪ :‬الحظ‪ ,‬أي ذو ح ًّظ وافر من ال ِ‬ ‫َج ُّد ُم ْح َتشِ ِم‪َ :‬‬
‫ح َّيةِ‪ ,‬ولكل طاعم‬ ‫ش َم عنه ومنه‪ ,‬وروي عن ابن عباس أَنه قال‪ :‬لكل داخل د ٌ‬
‫َهشة فا ْبدَؤُ وه بال َّت ِ‬ ‫اح َت َ‬‫ْ‬
‫شم فهو ُم ْح َتشِ ٌم‬
‫ش َمة فابدؤوه باليمين‪ ,‬و الفعل احت َ‬ ‫ٌ‬ ‫ح ْ‬
‫ويتبع كالمه رضى هللا عنه بقوله وأنزلوهم أى إستحيوا واستقبلوهم على الرحب والسعة وبشاشة‬
‫الوجه وحسن االستقبال ومبادأتهم بالترحاب والكرم الذى اشتهرت به مشايخ الطريقة وخدامها ‪,‬‬
‫فان من ذاق حالوة مشربى الصفى العذب الفرات فيكون حظه وافر من الحشمة (الحياء‬
‫واالنقباض) ‪.‬‬
‫‪55‬ـ وال تحيدوا فمـا األقطـــــاب غير هدى *** وبورك الجمع من ســاع ومستلم‬
‫معانى المفردات ‪:‬‬
‫ًّ‬
‫َوالَ َتحِيدُوا‪ :‬ال تميلوا‪ ,‬و هذا أيضا وصف لما يجب أن يكون عليه الحال يوم الجمع (المتمثل في‬
‫الحولية)‪ ,‬ال تميلوا عن ال ُهدي و االستقامة‬
‫فتاب عليه)‪ ,‬ما النافية‬ ‫َ‬ ‫َف َما‪ :‬الفاء السببية‪ ,‬كما في قوله تعالي‪( :‬فتل ًّقي آد ُم من ر ِّب ِه كلِمات‬
‫اب‪ :‬األقطاب األربعة أصحاب ُط ُرق األصول من الطرق الصوفية‬ ‫األَ ْق َط ُ‬
‫َي‪ :‬ضد الضالل‪ ,‬أي في الفاتحة‪:‬‬ ‫َي‪َ :‬غ ْي ُر‪ :‬استثناء يفيد الحصر لوردوه بعد ما النافية‪ُ ,‬هد ً‬ ‫َغ ْي ُر ُهد ً‬
‫ضالِّينَ )‪ ,‬أي‪:‬‬ ‫ب َعلَ ْي ِه ْم َو َال ال َّ‬
‫ضو ِ‬‫ص َرا َط ا ْل ُم ْس َتقِي َم * صِ َرا َط الَّذِينَ أَ ْن َع ْم َت َعلَ ْي ِه ْم َغ ْي ِر ا ْل َم ْغ ُ‬
‫(اهْ ِد َنا ال ِّ‬
‫االستقامة شأن األقطاب و هم قدوة أهل الطريق‪ ,‬فاقتدوا بهم‬
‫ور َك‪ :‬نزلت فيه البركة من األمر اإللهي‪ ,‬قال تعالي‪:‬‬ ‫ور َك ا ْل َج ْم ُع‪ :‬البركة الزيادة و ال ًّنماء‪َ ,‬و ُب ِ‬ ‫َو ُب ِ‬
‫س ْب َحانَ َّ ِ‬
‫هللا َر ِّب ا ْل َعالَمِينَ ) ‪ 8‬النمل‪ ,‬ا ْل َج ْم ُع‪:‬‬ ‫ار َو َمنْ َح ْولَ َها َو ُ‬ ‫ور َك َمن فِي ال َّن ِ‬‫ِي أَن ُب ِ‬ ‫( َفلَ َّما َجا َءهَا ُنود َ‬
‫الحضور في الحولية‪ ,‬و هذه ميزة الحضور‪ ,‬مدد عالي لمن يحضر‬
‫ساع َو ُم ْس َتل ِِم‪ :‬مِنْ ‪ :‬لتوكيد االستغراق‪ ,‬وتدخل على األسماء النكرة الموضوعة للعموم ‪ ,‬نحو‪:‬‬ ‫مِنْ َ‬
‫ساع‪ :‬قاصد‪ ,‬أي‪:‬‬ ‫ما جاءني من أحد‪ ,‬ومنه قوله تعالى‪( :‬ما جاءنا من بشير وال نذير) ‪ 58‬المائدة‪َ ,‬‬
‫صاحب عقيدة‪ ,‬السعي دون الجري و فوق المشي‪َ ,‬و ُم ْس َتل ِِم‪ُ :‬منقاد و م ًّتبع‪ ,‬أي‪ :‬الذي يعمل بأركان‬
‫الطريقة كلًّها‪ :‬عقيدة و أوراد و خدمة و قصائد‪ ,‬قال رضي هللا عنه‪:‬‬
‫ار َك ْع َبتِي ‪5 /54‬‬ ‫ِي َم ْوث ٌِق *** َو َي ْس َتلِ ُم األَ ْر َكانَ َمنْ َز َ‬ ‫ل َِوائ َِي َم ْعقُو ٌد َو َع ْهد َ‬
‫و إشارة كذلك لزيارة المقام في الظاهر‪ ,‬قيل في زيارة سيدي إبراهيم رضي هللا عنه‬
‫ح ِه *** ُزر تلقي ما ترجوه فوق المقصد‬ ‫األقدار حول َ ضري ِ‬ ‫ِ‬ ‫كتبت ي ُد‬
‫وكذلك فى مثل هذا اليوم الذى فيه يجتمع الناس يقول رضى هللا عنه ال تميلوا عن الهدى‬
‫واالستقامة على الترحاب وحسن االستقبال ‪ ,‬فما األقطاب األربعة غير هدى فجدهم جميعا ً هادى‬

‫‪131‬‬
‫الهداة الكاملين ‪ ,‬وفى مثل هذا اليوم تزداد البركة والنماء يبارك هللا فى جمع الحاضرين فيناولوا‬
‫المدد العالى من العوالى أصحاب الذكرى العطرة رضى هللا عنهم وأرضاهم وأرضانا بهم أجمعين ‪.‬‬
‫‪54‬ـ هــــم سادتى وأمين الســــــر عندهـــم *** وهـــــم كرام وإنى قاسم الكـــرم‬
‫معانى المفردات ‪:‬‬
‫ُه ْم‪ :‬أي األقطاب ‪ِ.‬‬
‫س ِّيدُهم‪ ,‬وهُم سا َدةٌ‪ ,‬من يملكون زمام‬‫وس ْيدو َد ًة‪ ,‬فهو َ‬
‫سا َدتِي‪ :‬سا َد قو َمه َيسو ُد ُه ْم سِ يا َد ًة وسو َدداً َ‬ ‫َ‬
‫األمور‬
‫سرهم‪ ,‬أقوم بأمرهم‪ ,‬أي‪ :‬موكل ُ له‬ ‫س ِر‪ :‬أحفظ ًّ‬ ‫س ِر‪ :‬أمين‪ :‬الحافظ لألمانة‪ ,‬أمين ال ِّ‬ ‫وأمِينُ ال ِّ‬
‫التصريف بأمر السادة األقطاب رضي هللا عنهم‬
‫ِع ْند ُه ُم‪ :‬لديهم‪ ,‬في حضرتهم‬
‫َو ُه ْم ك َِرا ٌم‪َ :‬و ُه ْم‪ :‬األقطاب‪ ,‬ك َِرا ٌم‪ :‬من الكرم و هو العطاء من غير استحقاق‪ ,‬و معني هذا‪ :‬أن‬
‫السادة األقطاب كلهم يغدقون بالكرم في الحولية (احتفاالت الذكري السنوية بالخرطوم)‬
‫َوإِ ِّنى‪ :‬إنًّ للتوكيد‪ ,‬و الياء للنسبة‪ ,‬و هي إشارة للخليفة‪ ,‬أي الذى يأتى بالعلم من األحدية‬
‫َقاسِ ُم ا ْل َك َر ِم‪ :‬في الحديث‪( :‬وهللا المعطي وأنا القاسم)‪ ,‬له التفويض بقسمة الكرم كيفما شاء‬

‫ويقول رضى هللا عنه فى هذا البيت ‪ :‬هم سادتى أى هؤالء األقطاب هم سادة القوم وهم من يملكون‬
‫زمام األمور ‪ ,‬وأمين السر عندهم من يحفظ سرهم ويقوم بأمرهم أى الموكل له التصريف عندهم‬
‫فى زمنه (وإنى) الذى لديه التفويض بقسمة الكرم الذى ُي ْؤتى به من (غيب األحدية) موطن الكرم ‪.‬‬
‫‪54‬ـ أحبتــــــــى ورســـــول هللا جدهـــــــم *** وقدوتى ومليك الفضل فى القِــ َدم‬
‫معانى المفردات ‪:‬‬
‫ح َّبتِي‪ :‬جمع حبيب‪ ,‬أي‪ :‬أهل مح ًّبتي الذين أحبب ُتهم‪ ,‬يعني األقطاب‬ ‫أَ ِ‬
‫هللا َج ُّد ُه ُم‪ :‬أهل الوراثة المح ًّمدية الكاملة‬ ‫سول ُ َّ ِ‬ ‫َو َر ُ‬
‫َوقُدْ َوتِي‪ :‬قدوتي رسول هللا صلي هللا عليه و سلم ‪ ,‬واألسوة الحسنة ذكرت مرتين فى القرآن األولى‬
‫س َن ٌة فِي إِ ْب َراهِي َم َوالَّذِينَ َم َع ُه)‬‫فى اآلية (‪ )5‬إبراهيم ( َقدْ َكا َن ْت لَ ُك ْم أ ُ ْس َوةٌ َح َ‬
‫س َن ٌة لِّ َمن َكانَ َي ْر ُجو َّ َ‬
‫هللا َوا ْل َي ْو َم‬ ‫ول َّ ِ‬
‫هللا أ ُ ْس َوةٌ َح َ‬ ‫س ِ‬ ‫والثانية فى اآلية (‪ )25‬األحزاب (لَّ َقدْ َكانَ لَ ُك ْم فِي َر ُ‬
‫خ َر َو َذ َك َر َّ َ‬
‫هللا َكث ً‬
‫ِيرا)‬ ‫ْاآل ِ‬
‫ض ِل‪ :‬الزيادة‬ ‫لي ُك‪َ :‬ملِك‪ ,‬أي صاحب ا ْل َف ْ‬ ‫ض ِل‪َ :‬و َم ِ‬‫لي ُك ا ْل َف ْ‬ ‫َو َم ِ‬
‫فِي الَقِدَم‪ :‬في‪ :‬إشارة لباطن األمر‪ ,‬الَقِدَم‪ :‬حضرة التعيين األول‪ ,‬غيب األحد ًّية‪.‬‬
‫فهؤالء األقطاب هم من أحببتهم وأحبونى وهم الذى جمعنى بهم حب الرسول جدى وجدهم قدوتى‬
‫ابراهيم وهم الذين معه وهو مليك الفضل فى القدم وهو جدى المصطفى للجمع المشار اليه ‪:‬‬
‫هو السين وهو الهو كذا الهاء واألنا *** هو القدم المشهود والغيب سائر ‪25 /52‬‬
‫وجدى المصطفى للجمــــع يقدمهــم *** وســره مضمر فى طى سروتنا ‪04 /29‬‬
‫‪57‬ـ شمائلى ُكملـــَ ْت من فيـــــــض حكمته *** ومن عطاياه إنا كاشفــــوا النقـــم‬
‫‪132‬‬
‫مفردات المعانى‪:‬‬
‫شمائل‪ ,‬األخالقإبراهيم و‬ ‫شمال‪ :‬ال َّط ْبع‪ ,‬والجمع َ‬ ‫ش َمائلِي‪ :‬ال ِّ‬ ‫َ‬
‫ار َم األَ ْخ ِ‬
‫الق)‬ ‫ت أل ُ َت ِّم َم َم َك ِ‬ ‫ُك َّملَ ْت‪ :‬في الحديث الشريف‪( :‬إِ َّن َما ُب ِع ْث ُ‬
‫مِنْ ‪ :‬حرف ابتداء لغاية مكانية أو زمانية‬
‫سول ُ‬ ‫خاصة للنبي أو الولي‪َ ,‬قال َ َر ُ‬ ‫ً‬ ‫ح ْك َمتِهِ‪ :‬الحكمة ما أُعطي‬ ‫ض‪ :‬ال َف ْيض‪ :‬الزيادة‪ِ ,‬‬ ‫ح ْك َم ِتهِ‪َ :‬ف ْي ِ‬
‫ض ِ‬ ‫َف ْي ِ‬
‫اب َو ِم ْثلَ ُه َم َع ُه ‪ ,‬أَال إِ ِّني أُوت ُ‬
‫ِيت ا ْلقُ ْرآنَ َو ِم ْث َل ُه َم َع ُه“‬ ‫ِيت ا ْل ِك َت َ‬‫سلَّ َم ‪ ” :‬أَال إِ ِّني أُوت ُ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َ‬ ‫هللا َ‬ ‫َّ ِ‬
‫َومِنْ ِع َطا َياهُ‪َ :‬ومِنْ ‪ :‬الواو حرف عطف‪ ,‬مِنْ ‪ :‬حرف جر البتداء غاية مكانية أو زمانية‬
‫إِ َّنا‪ :‬جمع‪ ,‬سيدي فخر الدين و أهل جمعه‪ ,‬ورثته‬
‫شف‪ :‬أزاح‪ ,‬ال َّن َقم‪ :‬ال َّنق ُ‬
‫ِمة‬ ‫َكاشِ فُو ال َّن َق ِم‪َ :‬كاشِ فُو‪ :‬اسم إنًّ منصوب و عالمة نصبه حذف النون‪ ,‬ك َ‬
‫ِ‬
‫اهلل َما َقالُوا َولَ َقدْ َقالُوا‬ ‫مة‪ :‬المكافأَة بالعقوبة‪ ,‬أثار الفِتنة‪ ,‬مسح أثآر الفتنة‪ ,‬اآلية‪َ ( :‬ي ْحلِفُونَ ِب َّ ِ‬ ‫وال َّن ْق ُ‬
‫سول ُ ُه مِن‬ ‫هللا ُ َو َر ُ‬‫َكلِ َم َة ا ْل ُك ْفر َو َك َف ُروا َب ْع َد إِ ْس َال ِم ِه ْم َو َه ُّموا ِب َما َل ْم َي َنالُوا َو َما َن َق ُموا إِ َّال أَنْ أَ ْغ َنا ُه ُم َّ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ضلِ ِه َفإِن َي ُتو ُبوا َي ُك َخ ْي ًرا ل ُه ْم َوإِن َي َت َول ْوا ُي َعذ ْب ُه ُم هللا ُ َعذا ًبا ألِي ًما فِي ال ُّد ْن َيا َواآلخ َِر ِة َو َما ل ُه ْم فِي‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َف ْ‬
‫ض مِن َول ٍِّي َو َال َنصِ ير ) ‪ 57‬التوبة‬ ‫ْاألَ ْر ِ‬
‫يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أن شمائلى (أخالقى) ُك ِم َل ْت بكمال من فيض حكمة جدى‬
‫المصطفى للجمع فهو من كمله جدنا صلى هللا عليه وسلم القائل {أال إنى أوتيت الكتاب ومثله معه ‪,‬‬
‫أال إنى أوتيت القرآن ومثله معه} ومن عطاياه (إ ًنا) حضرة الجمع ومن أسمائها كتاب هللا وكل آى‬
‫فيه نبى أو ولى وهذا الكتاب أشارت اليه القصيدة (‪:)97‬‬
‫ما كتاب هللا اال جمعنــا *** إنما األحباب آيـــــــــات به‬
‫ما كتاب هللا اال حضرة *** قاب قوسيها الهدى ال ينتهى‬
‫وأهل هذا ومعهم سيدى فخر الدين الذى يقول إنا نحن الموكلون بازاحة النقم ومسح آثار الفتن‬
‫وذلك فضل هللا يؤتيه من يشاء ‪.‬‬
‫‪59‬ـ أئمة قدمونى والفخـــــــــــار لهــــــــم *** وســـــادةٌ والتآخى غير منعــــدم‬
‫معانى المفردات ‪:‬‬
‫أَئِ َّم ٌة‪ :‬من أ ًّم القوم إذا صار لهم قدوة ُي ًّت َبع‪ ,‬يعني األقطاب ال ُمشار إليهم في البيت السابق‪:‬‬
‫ور َك ا ْل َج ْم ُع مِنْ َ‬
‫ساع َو ُم ْس َتل ِِم‬ ‫َي *** َو ُب ِ‬ ‫اب َغ ْي ُر ُهد ً‬‫َوالَ َتحِيدُوا َف َما األَ ْق َط ُ‬
‫ب الع َِّزة فيها َق َد َم ُه” أي الذين‬
‫ض َع َر ُّ‬ ‫اب َق ُة في األ ْم ِر‪ ,‬وفي الحديثِ‪“ :‬حتى َي َ‬ ‫س ِ‬ ‫َق َّد ُمونِي‪ :‬من ال َق َد َم‪ :,‬ال َّ‬
‫ُيقدًّمهم‪ ,‬أي‪ :‬أعطوني الرئاسة‬
‫َوا ْل َف َخا ُر لَ ُه ْم‪ :‬الفخار‪ :‬ع ًّد القديم و ذكر المآثر و األمجاد و الشمائل‪ ,‬لَ ُه ْم‪ :‬خاصية خصصت لهم‬
‫سا َدةٌ‪ :‬رؤساء أهل الجمع (و أنا منهم‪ :‬أي أهل الجمع)‬ ‫َو َ‬
‫َوال ًّتآخِي َغ ْي ُر ُم ْن َعد ِِم‪ :‬ال ًّتآخِي‪ :‬أي كونهم صاروا إخوة‪ ,‬وفي الحديث‪ :‬أَن النبي‪ ,‬صلى هللا عليه‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫يمان)‪ ,‬ال ًّتآخِي يكون في‬‫سالم واإلِ ِ‬ ‫آخى بين ال ُمهاجرين واألنصار (أي ألَّف بينهم بأ ُخ َّو ِة اإلِ ِ‬ ‫وسلم‪َ ,‬‬
‫حضرة النبي صلي هللا عليه و سلم‪َ ,‬غ ْي ُر ُم ْن َعد ِِم‪ :‬موجود‪ ,‬قال رضي هللا عنه‪:‬‬
‫ش ِه َد ا ْل َك ْونُ آيا ً مِنْ َتآخِي َنا ‪29 /25‬‬ ‫َعا َد اإلِ َخا ُء َكأَنْ لَ ْم ُي ْفنِ ِه َز َمنٌ *** َوأ ُ ْ‬

‫‪133‬‬
‫ويقول أيضا ً ‪ :‬أئمة قدمونى والفخار لهم أى أن هؤالء األقطاب كل إمام منهم يؤم قومه فيصير‬
‫قدوتهم فهم من قدمونى وإختارونى لرئاسة على أقوامهم بأمر المشار اليه بهو القِدَم المشهود‬
‫ولهم الفخار فى هذا وأشارت القصائد ‪:‬‬
‫فخراً تنادينى فأفخـــر شاكــراً *** فى الحضرتين وما الفخار مشاع ‪20 /57‬‬
‫وإنى قاســـــــــم وهللا معطــى *** وهذه آيتـــــى ولــى الفخـــــــــار ‪05 /55‬‬
‫وما نال الرجــال قرى وفخراً *** جميعا ً حول معصمى الســــــوار ‪05 /25‬‬
‫إنى رأيت وقلت يا قومى ارى *** ولى الفخــــار ومكتى أم القـــرى ‪05 /5‬‬
‫سلَ َك ْت *** بك الســــــبيل بفضل هللا فاستقــم‬
‫‪58‬ـ فيا مريـــــــدى لك البشرى إذا َ‬
‫معانى المفردات ‪:‬‬
‫َف َيا ُم ِريدِي‪ :‬الفاء االستئنافية‪ ,‬يا حرف نداء للقريب و البعيد‪ُ ,‬م ِريدِي‪ :‬من اإلرادة‪ ,‬قال رضي هللا‬
‫عنه‪:‬‬
‫ِي لَ ْح َظ ًة *** َوإِنَّ ُمريدِي َمنْ أَ َرا َد إِ َرا َدتِي ‪5 /244‬‬ ‫ت ِب َناء َعنْ ُم ِريد َ‬ ‫َولَ ْس ُ‬
‫ري‪ :‬لتحقق إرادتك‬ ‫ش َ‬‫ري‪ :‬اإلخبار بمجئ ما ُيفرح‪َ ,‬ل َك ا ْل ُب ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ري‪ :‬لَ َك‪ :‬ملك و خاصية‪ ,‬ا ْل ُب ْ‬ ‫ش َ‬ ‫لَ َك ا ْل ُب ْ‬
‫بإرادة الشيخ‬
‫إِ َذا‪ :‬شرطية‬
‫سلَ َك ْت‪ :‬السلوك هو السير في مراتب السير بدءاً من السير هلل (جهاد النفس) ث ًّم‬ ‫س ِبيلُ‪َ :‬‬ ‫سلَ َك ْت ِب َك ال َّ‬ ‫َ‬
‫السير في هللا أي في مراتب األسماء‪ ,‬ثم السير بالجذبات إلي الرفرف‪ِ ,‬ب َك‪ :‬الباء لإللصاق‪ ,‬الكاف‪:‬‬
‫س ِبيلُ‪ :‬الطريقة‬ ‫العتبار الذات ال ُمخاطب‪ ,‬أي أنت يا مريدي‪ ,‬ال َّ‬
‫هللاِ‪ :‬حضرة المصطفي صلي هللا عليه و سلم‬ ‫ض ِل َّ‬
‫هللاِ‪ :‬الباء للوسيلة و الواسطة‪َ ,‬ف ْ‬ ‫ض ِل َّ‬ ‫ِب َف ْ‬
‫اس َتق ِِم‪ :‬االستقامة لزوم األمر‪,‬‬ ‫اس َتق ِِم‪ :‬الفاء‪ :‬السببية‪ ,‬أي بسبب توفر شرط السلوك في الطريقة‪َ ,‬ف ْ‬ ‫َف ْ‬
‫اس َت َقا ُموا َع َلى ال َّط ِري َق ِة َألَ ْس َق ْي َناهُم َّما ًء َغدقا ً }‬
‫اآلية (‪ )54‬سورة الجن { َوأَن لَّ ِو ْ‬
‫ويستأنف موالنا الشيخ رضى هللا عنه الحديث قائالً فيامريدى (مريد معين) مضاف اليه إضافة‬
‫تكريم وهو المريد السائر فى معية الشيخ ‪ ,‬على درب موالنا حذو النعل بالنعل (فهو من اراد‬
‫ارادته) فيقول له أبشر أيها المريد بمجىء مايفرحك ويحقق ارادتك وهو قوله اذا سلكت بك السبيل‬
‫(الطريقة) يعنى ارتضتك واحداً من أبنائها فعليك االستقامة والمداومة فى اتباع نهجها والسير على‬
‫خطى شيخك الشيخ الواصل الذى ال يدانيه أحد فهو المشار اليه فى القصيدة األحدية ‪:‬‬
‫أنه إنسان عين شاهــــدت *** نوره فى حضرة البر الصمد‬
‫كل عين بالجمال إكتحلت *** طاب كحالً ليجـــافيها الرمـد‬
‫يا مريدى والد أنعـــــم به *** من ودود مــــا له أم الولــــد‬
‫فهو الذى حبه قائم على االستقامة ومن تيم بحبه رفع قدره ‪ ,‬قال رضى هللا عنه ‪:‬‬
‫ب َو َطا َع ٌة *** َو ُكل ُّ َم َقام َقا َم بِاالِ ْس ِت َقا َم ِة ‪5 /074‬‬
‫يق ا ْل َق ْو ِم ُح ٌّ‬
‫َق َوا ُم َط ِر ِ‬
‫‪23‬ـ وكن عزوفا ً عن الدعوى وإن جمحت *** بك الهواجس خل السير فى العتم‬
‫‪134‬‬
‫معانى المفردات‪:‬‬
‫َو ُكنْ ‪ :‬الواو حرف عطف‪ُ ,‬كنْ ‪ :‬فعل أمر لت ًّنزل الفعل في حيز األفعال الظاهرة‬
‫إعجابها َ‬
‫وزهِدَ ْت فيه‬ ‫ف و َت ْع ُزف َع ْزفا ً و ُع ُزوفاً‪ :‬تر َك ْته بعد ْ‬ ‫َع ُزوفا ً َع ِن‪َ :‬ع َز َفت نفسي عن الشيء َت ْع ِز ُ‬
‫ف عن الشئ‪ ,‬أي‪ :‬التأكد من تركه تماما ً‬ ‫وا ْنصرفت عنه‪َ ,‬ع ُزوفاً‪ :‬علي وزن فعوالً‪ ,‬أي‪ :‬شديد ال َع ْز ِ‬
‫الشيء‪َ :‬ز َع ْم ُت ِه لي َح ًّقا ً كان أَو باطالً‪ ,‬إدًّعاء الفهم و المكانة‬ ‫َ‬ ‫الزعم‪ ,‬وادَّعيت‬ ‫َّع َوى‪ًّ :‬‬ ‫الد ْ‬
‫َ‬
‫وإِنْ َج َم َح ْت ِب َك‪ :‬وإِنْ ‪ :‬إِنْ ‪ :‬شرطية‪َ ,‬ج َم َح ْت‪َ :‬ج َم َح إِذا أسرع ولم َي ُر َّد وج َهه شي ٌء‪ ,‬من َج َم َح ِ‬
‫ت‬
‫سه‪.‬‬ ‫وفرس َج ُموح إِذا لم َي ْث ِن ْ‬
‫رأ َ‬ ‫ٌ‬ ‫المرأَةُ من زوجها‪ :‬خرجت من بيته إِلى أَهلها قبل أَن يطلقها‪,‬‬
‫جماحاً‪ ,‬بِ َك‪ :‬الباء الصقة‪ ,‬الكاف إشارة إلي ذات ال ُمخاطب‪ ,‬أي‪:‬‬ ‫الفرس بصاحبه َج ْمحا ً و ِ‬ ‫ُ‬ ‫وج َم َح‬
‫َ‬
‫أخذتك بعيداً من اإليمان‬
‫جس الخاطر‬ ‫س‪ :‬ما وقع في َخلَدِك‪ .‬تقول‪ :‬ه ََجس في قلبي َه ٌّم وأَ ْم ٌر‪ ,‬والها ِ‬ ‫س‪ :‬ال َه ْج ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ا ْل َهوا ِ‬
‫س ْير في مراتب السير‪ ,‬فِي ا ْل َع َت ِم‪ :‬فِي‪ :‬إشارة‬ ‫س ْي َر فِي ا ْل َع َت ِم‪َ :‬خلِّ‪ :‬بمعني إجعل‪ ,‬ال َّ‬
‫س ْي َر‪ :‬ال َّ‬ ‫َخل ِّ ال َّ‬
‫ش َفق‪ ,‬و من ع ًّتم األنوار‪:‬‬ ‫لباطن األمر‪ ,‬ا ْل َع َت ِم‪ :‬من ال َع َت َم ُة‪ :‬و ع َت َم ُة الليل ظال ُم َّأولِ ِه بعد زوال نور ال َّ‬
‫أطفأها ‪ ,‬أخفاها بش َّدة‪ ,‬أي‪ :‬اجعل السير في الخفاء‪ ,‬ال ُترائي‪ ,‬ال تطلب أن ُيقال عنك كذا و كذا من‬
‫لمجرد اإلدِّعاء‬‫ًّ‬ ‫المدح‬
‫يأمر مريده قائالً كن عزوفا ً عن الدعوى أى أنصرف تماما ً عن الزعم الباطل وادعاء الفهم‬
‫والمكانة وان جمحت بك الهواجس والخواطر الشيطانية وابتعدت بك عن االيمان بالحقيقة التى‬
‫جاءت من أجلها قصائد الديوان ‪ ,‬واجعل سيرك سراً بعيداً عن الترائى وكذلك المدح لمجرد االدعاء‬
‫واجعل كل أعمالك فى الخفاء ‪.‬‬

‫‪25‬ـ وال تكــــــن كعزيف الجــن فى أمــم *** خلت من الذاكــــرين هللا واحتكــــم‬
‫معانى المفردات ‪:‬‬
‫َوالَ َت ُكن‪ :‬الواو حرف عطف‪ ,‬ال النافية‪َ ,‬ت ُكن‪ :‬يصدر الفعل منك في ح ًّيز األفعال (موطن ُكن)‬
‫ت الجنُّ‬ ‫ُّف‪ :‬صو ُته‪ .‬و َع َزف ِ‬ ‫ف الد ِّ‬ ‫ف‪ :‬ال َمالهي‪ ,‬و َع ْز ُ‬ ‫زف َع ْزفاً‪ :‬لها‪ .‬وال َم ِ‬
‫عاز ُ‬ ‫ف َي ْع ُ‬ ‫جنِّ ‪َ :‬ع َز َ‬ ‫ف ا ْل ِ‬
‫َك َع ِزي ِ‬
‫ًّ‬
‫عزف‬ ‫صوتت ولَ ِع َبت‪ ,‬وفي حديث ابن عباس‪ ,‬رضي هللا عنهما‪ :‬كانت الجنُّ َت ِ‬ ‫ف َع ْزفا ً و َعزيفاً‪َ :‬‬ ‫عز ُ‬ ‫َت ِ‬
‫س أَصواتها‪ ,‬وقيل‪ :‬هو صوت يسمع بالليل كالطبل‪,‬‬ ‫زيف الجنًّ ‪َ :‬ج ْر ُ‬ ‫صفا والمروة؛ َع ُ‬ ‫الليل َ ك ًّله بين ال َّ‬
‫المصوت من ال ِجنًّ‬ ‫ًّ‬ ‫يف‪:‬‬ ‫الع ِز ُ‬ ‫صوت الجنًّ ‪ .‬و َ‬ ‫َ‬ ‫الجو ف َتو َّه َمه أَهل البادية‬ ‫الرياح في ِّ‬ ‫وقيل‪ :‬هو صوت ِّ‬
‫جنِّ فِي أ ُ َمم‪ :‬الكاف‬ ‫ف ا ْل ِ‬ ‫فِي أ ُ َمم‪ :‬جمع أ ُ َّم ُة واأل ُ َّم ُة‪ :‬الدَّينُ و األ ُ َّم ُة ال ُم ْلك‪ ,‬واألُمة أَ ْتبا ُع األنبياء‪َ ,‬ك َع ِزي ِ‬
‫للتشبيه‪ ,‬أي‪ :‬الحديث فيما يوقع في الضالل و الوهم‪ ,‬الكالم من غير بصيرة (نور القلب)‬
‫هللا‪ :‬أهل مرتبتي اإليمان و اإلحسان (ذكر‬ ‫اكرينَ َّ َ‬
‫هللا‪َ :‬خلَت‪ :‬أي‪ :‬أهل الغفلة‪ ,‬ال َّذ ِ‬ ‫اكرينَ َّ َ‬ ‫َخلَت مِنَ ال َّذ ِ‬
‫ت‬‫ت َوا ْل َقانِتِينَ َوا ْل َقا ِن َتا ِ‬ ‫ت َوا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ َوا ْل ُم ْؤ ِم َنا ِ‬
‫الروح)‪ ,‬اآلية‪( :‬إِنَّ ا ْل ُم ْسلِمِينَ َوا ْل ُم ْسلِ َما ِ‬ ‫القلب و ذكر ًّ‬
‫ص ِّد َقا ِ‬
‫ت‬ ‫ص ِّدقِينَ َوا ْل ُم َت َ‬
‫ت َوا ْل ُم َت َ‬ ‫ت َوا ْل َخاشِ عِينَ َوا ْل َخاشِ َعا ِ‬ ‫اب َرا ِ‬
‫ص ِ‬ ‫اب ِرينَ َوال َّ‬ ‫ص ِ‬
‫ت َوال َّ‬‫صا ِد َقا ِ‬ ‫صا ِدقِينَ َوال َّ‬ ‫َوال َّ‬
‫هللاُ لَ ُهم‬‫ت أَ َع َّد َّ‬ ‫ِيرا َوال َّذاك َِرا ِ‬ ‫ت َوال َّذاك ِِرينَ َّ َ‬
‫هللا َكث ً‬ ‫وج ُه ْم َوا ْل َحافِ َظا ِ‬‫ت َوا ْل َحافِظِ ينَ فُ ُر َ‬‫صا ِئ َما ِ‬ ‫صائِمِينَ َوال َّ‬ ‫َوال َّ‬
‫َّم ْغف َِر ًة َوأَ ْج ًرا َعظِ ي ًما) ‪ 04‬األحزاب‬
‫اح َتكِم‪ :‬أقبل ال ُحكم‪ ,‬أي‪ :‬ال ُحكم بما أتي في القصائد‬ ‫َو ْ‬

‫‪135‬‬
‫كما يأمر مريده قائالً وال تكن كعزيف الجن فى أمم بارسال أصواتها ليالً بالوهم والضالل وابتعد‬
‫عن الغفلة عن ذكر هللا حتى تصير من أهل مراتب االيمان واالحسان والزم الذكر سراً كان أم علنا‬
‫واحتكم الى ماجاءت به قصائد الديوان ‪.‬‬
‫ملحوظة ‪ :‬تحتاج الى تدقيق فى البيتين األخيرين ‪ :‬وهما ( كن عزوفا ً عن الدعوى ـ والتكن كعزيف‬
‫الجن فى أمم) يعنى أترك الدعوى الباطلة وابتعد عن الغفلة وكن ذاكراً هلل ‪.‬‬

‫‪136‬‬

You might also like