You are on page 1of 76

‫اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العايل و البحث العلمي‬


‫جامعة غرداية‬

‫كلية العلوم االجتماعية‪ ،‬واإلنسانية‬

‫قسم العلوم اإلنسانية‬

‫شعبة التاريخ‬

‫األزمات السياسية و العسكرية يف اجلزائر‬


‫‪1965 - 1962‬‬

‫‪1965 - 1962‬‬
‫مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة ماسرت‬
‫ختصص اتريخ حديث‪ ،‬و معاصر‬
‫حتت إشراف‬ ‫إعداد الطلبة‪:‬‬
‫د‪ .‬جلول بن قومار‬ ‫سلمى بن أوذينة‬ ‫‪-‬‬
‫زينب خن‬ ‫‪-‬‬

‫املوسم اجلامعي‬
‫‪1438/1439‬ه – ‪2018/2017‬م‬
‫اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية‬
‫وزارة التعليم العايل و البحث العلمي‬
‫جامعة غرداية‬

‫كلية العلوم االجتماعية‪ ،‬واإلنسانية‬

‫قسم العلوم اإلنسانية‬

‫شعبة التاريخ‬

‫األزمات السياسية و العسكرية يف اجلزائر‬


‫‪1965 - 1962‬‬
‫مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة ماسرت‬
‫ختصص اتريخ حديث‪ ،‬و معاصر‬
‫حتت إشراف‬ ‫إعداد الطلبة‪:‬‬
‫د‪ .‬جلول بن قومار‬ ‫سلمى بن أوذينة‬ ‫‪-‬‬
‫زينب خن‬ ‫‪-‬‬

‫املوسم اجلامعي‬
‫‪1438/1439‬ه – ‪2018/2017‬م‬
‫اإلهداء‬

‫احلمد هلل الذي بنعمته تتم الصاحلات و مبشيئته تنجز األعمال‬


‫أهدي مثرة جهدي و فرحة خترجي إىل أحق الناس بصحبيت إىل سندي ظهري و‬
‫عزويت الذي منحين إمسه‬
‫ألرسم به طريق النجاح‬
‫إىل من وجهه غايل و شأنه علي أيب العزيز‬
‫إىل من محلتين وهن على وهن إىل من صربت على أخطائي حىت حتملت هفوايت حىت رشدت إىل من‬
‫وضعن اجلنة حتت أقدامها أمي الغالية‬
‫إىل ذخر يف املستقبل إخويت إبراهيم و نور الدين حممد عبد اجلليل و أخوايت نعيمة وهيبة‬
‫مرمي و خاليت كلثوم ‪ ،‬شيماء‬
‫إىل صديقايت‬
‫إىل كل هاؤالء مجيعا‬
‫أهدي هذا العمل املتواضع‬
‫سلمى‬

‫إهداء‬
‫إىل الوالدين العزيزين‬
‫اللذان سعيا يف تربييت و كاان سندا يل يف الوصول إىل حتقيق أهدايف‬
‫إىل زوجي الكرمي‬
‫إىل إخويت و أخوايت‬
‫و إىل كل العائلة الكرمية‬
‫زينب‬
‫شكر و عرفان‬
‫احلمد هلل و الصالة و السالم على أشرف املرسلني سيدان حممد‬
‫و على آله و صحبه أمجعني‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فإن احلمد هلل تعاىل أوال الذي من علينا إبمتام هذا البحث هذا‬
‫البحث فله احلمد من قبل و من بعد مث إننا نتقدم جبزيل الشكر و‬
‫خالص التقدير ألستاذان الفاضل األستاذ الدكتور بن قومار جلول‬
‫على ما قدمه من توجيه و إرشاد و متابعة طول مدة إعدادان للبحث‬
‫لقد كان مثال الشرف و املوجه و مل يسأم من توجيهنا و إرشادان و مل يتوان‬
‫عن متابعتنا يف كتابة هذا البحث أشكره على سعة صربه و حتمل املشاق‬
‫جعل هللا ذلك يف ميزان حسناته و جازاه عنا خري اجلزاء كما أشكر اللجنة‬
‫املناقشة كما نتقدم ابلشكر اخلالص إىل كل أساتذتنا بكلية العلوم اإلنسانية‬
‫خاصة قسم التاريخ‬
‫و الشكر موصول إىل كل من ساهم يف إجناز هذا البحث من قريب‬
‫أو من بعيد‪.‬‬
‫ملخص البحث‬

‫األزمات السياسية و العسكرية يف اجلزائر‪1965-1962 :‬‬


‫تندرج هذه الدراسة يف سياق حماولة البحث عن األزمات السياسية و العسكرية اليت واجهت‬
‫اجلزائر بعد احلصول على االستقالل و اسرتجاع السيادة الوطنية يف الفرتة املمتدة ما بني ‪ 1962‬إىل‬
‫غاية ‪ .1965‬وترتكز على أسباب و جذور الصراعات اليت أدت إىل ظهور أزمات سياسية و‬
‫عسكرية يف اجلزائر و أدت إىل نشوب نزاعات مع املغرب األقصى مما َّأدى تدهور العالقات بني‬
‫الدولتني‪.‬‬
‫قائمة املختصرات‬

‫املعىن‬ ‫الرمز‬
‫صفحة‬ ‫ص‬
‫عدة صفحات‬ ‫صص‬
‫طبعة‬ ‫ط‬
‫جزء‬ ‫ج‬
‫ترمجة‬ ‫تر‬

‫املختصرات ابللغة األجنبية‬


‫املعىن‬ ‫الرمز‬
‫‪Page‬‬ ‫‪p‬‬
‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫‪ )1‬تعريف ابملوضوع‪:‬‬
‫تعترب مرحلة ‪ 1962‬يف اجلزائر من أهم و أخطر املراحل اليت مرت هبا اجلزائر يف اترخيها‬
‫السياسي و العسكري إذ خرجت اجلزائر من الثورة التحريرية لتبين اجلزائر املستقلة و متيزت هذه‬
‫املرحلة احلساسة من اتريخ اجلزائر بظهور صراعات و أزمات سياسية و عسكرية طبعت املرحلة‬
‫املستقلة و نظرا ألمهية املرحلة ارأتينا أن ندرس هذه األزمات و الصراعات اليت ظهرت بعيد االستقالل‬
‫و اليت يرجع أغلب أسباهبا و جذورها إىل مرحلة الثورة اجلزائرية و املؤمترات اليت عقدت و مؤمتر‬
‫الصومام ‪ 20‬أوت ‪ 1956‬و مؤمتر طرابلس و األزمة اليت تفجرت بني اجلزائر و املغرب األقصى‪.‬‬
‫‪ )2‬االطار الزماين و املكاين للدراسة‪:‬‬
‫يرجع االطار الزماين و املكاين هلذه الدراسة إىل الفرتة اليت تضمنت هذه األحداث و الوقائع‬
‫اليت فرضت نفسها بقوة لبناء الدولة اجلزائرية احلديثة و اسرتجاع مكانتها على الصعيد املغريب و العامل‬
‫قد بدأت مباشرة بعد تنفيذ إتفاقيات إيفيان يف ‪ 19‬مارس ‪ 1962‬إىل غاية االنقالب أو التصحيح‬
‫الثوري كما مسي سنة ‪ 1965‬يف اجلزائر‪.‬‬
‫‪ )3‬دوافع إختيار املوضوع‪:‬‬
‫‪ -‬األسباب الذاتية‪ :‬كان اهتمامنا بدراسة موضوع األزمات السياسية و العسكرية يف اجلزائر‬
‫من ‪ 1962‬إىل ‪ 1965‬يعود إىل دوافع ذاتية منها‪:‬‬
‫‪ -‬الرغبة يف البحث يف اجلانبني السياسي و العسكري للجزائر أثناء االستقالل و بعده‪.‬‬
‫‪ -‬و كذا التعرف على الشخصيات اليت سامهت يف هذه األزمات السياسية و العسكرية ‪.‬‬
‫‪ -‬إبراز التأثريات اليت طبعتها هذه الصراعات على احلياة السياسية و العسكرية يف اجلزائر‬
‫املستقلة‪.‬‬
‫‪ -‬تناولت معظم الدراسات اتريخ اجلزائر املعاصر يف قسم التاريخ جبامعة غارداية لفرتة‬
‫االستعمار الفرنسي دون التطرق إىل األزمات اليت واجهتها أثناء و بعد االستقالل ‪.‬‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫‪ )4‬األسباب املوضوعية‪ :‬وهي‪:‬‬


‫‪ -‬تقدمي عمل أكادميي يربز األزمات اليت واجهتها اجلزائر ‪.‬‬
‫‪ -‬إبراز األخطار اليت واجهتها اجلزائر بعد بعد ثالثة سنوات من استقالهلا‪.‬‬
‫‪ -‬قلة األحباث و الدراسات اليت تعاجل اجلانبني بصفة عامة‪ ،‬خاصة بعد االستقالل‪.‬‬
‫‪ )5‬أهداف الدراسة ‪:‬‬
‫تكمن أهداف دراستنا هلذا املوضوع فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إبراز العوامل الفاعلة يف تشكيل النزاع بني القادة السياسيني و العسكريني‪.‬‬
‫‪ -‬تسليط الضوء على املشاكل اليت واجهت اجلزائر ‪.‬‬
‫‪ -‬التعرف على جذور األزمات السياسية و العسكرية ‪.‬‬
‫‪ )6‬اإلشكالية‪:‬‬
‫كانت إشكالية هذه الدراسة تتمثل يف التساؤالت اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -‬ماهي األزمات السياسية و العسكرية اليت عرفتها اجلزائر خالل الفرتة ‪1965-1962‬؟‬
‫و لتبسيط و تسهيل مسار الدراسة قسمنا هذه الدراسة إىل أسئلة فرعية و هي ‪:‬‬
‫‪ -‬ماهي جذور األزمات السياسية و العسكرية يف اجلزائر؟‬
‫‪ -‬كيف أثرت هذه األزمات على بناء اجلزائر املستقلة؟‬
‫‪ -‬كيف واجهت اجلزائر األزمات اخلارجية؟‬
‫‪ )7‬املصادر و املراجع املعتمدة‬
‫أمام العدد الكبري الذي يتناول األزمات اليت واجهت اجلزائر قبيل االستقالل و بعده يف املصادر و‬
‫املراجع‪ ،‬إال أن ما يهمنا يف دراستنا كان متناثرا يف الكتاابت‪ ،‬فعملنا جاهدين إىل مجع املعلومات و‬
‫احلقائق التارخيية فاعتمدان على جمموعة من املصادر و املراجع ملتزمني ابحلياد املطلوب ‪.‬‬
‫و من املصادر أمهها ‪" :‬مذكرات القادة العسكريني و السياسيني الذين وصنعوا األحداث" وهي‪:‬‬
‫‪ -‬مذكرات الرئيس على كايف‪.‬‬
‫ب‬
‫مقدمة‬

‫‪ -‬مذكرات سي خلضر بورقعة‪.‬‬


‫‪ -‬مذكرة الطاهر الزبريي‪.‬‬
‫أما املراجع فكانت كثرية أمهها‪:‬‬
‫‪ -‬الصراع السياسي يف اجلزائر خالل عهد أمحد بن بلة لـ‪ :‬إبراهيم لونيسي ‪.‬‬
‫‪ -‬اجلزائر يف دوامة الصراع بني العسكريني و السياسيني لـ ‪ :‬رابح لونيسي‪.‬‬
‫‪ -‬حرب الرمال ‪ 1963‬بني اجلزائر و املغرب األقصى "أسباب و انعكاسات" لـ ‪ :‬شريف راضية‬
‫جهينة مذكرة شهادة املاسرت جبامعة بسكرة‪.‬‬
‫‪ )8‬املنهج املعتمد‪:‬‬
‫إعتمدان من خالل دراستنا للموضوع على ثالثة مناهج هي ‪:‬‬
‫‪ -‬املنهج التارخيي الوصفي ‪ :‬و هذا من أجل البحث على العوامل املسؤولة عن الصراع بني العسكريني‬
‫و السياسيني ‪ ،‬و املشاكل اليت واجهت اجلزائر بعد إسرتجاع السيادة الوطنية و تتمثل أمهية هذا‬
‫املنهج يف كونه األنسب يف الدراسة من خالل سرد الوقائع التارخيية و تقرير الوقائع اليت ميزت الفرتة‬
‫املدروسة ‪.‬‬
‫‪ -‬املنهج التحليلي‪ :‬الذي يعتمد على رصد أو تتبع األحداث مث حتليلها حتليال موضوعيا قصد‬
‫الوصول إىل معرفة أسباهبا و فهم التيارات اليت أثرت فيها ‪.‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫‪ -‬الصراعات السياسية يف اجلزائر ‪ 1965-1962‬لـ ‪ :‬زربييب نسرين‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاسرت‬
‫يف جامعة بسكرة ‪.‬‬
‫‪ -‬صراع احلكومة املؤقتة اجلزائرية و قيادة األركان العامة للجيش و آاثره على الثورة ‪،1962-1958‬‬
‫مذكرة لنيل شهادة املاسرت يف جامعة بسكرة ‪.‬‬
‫‪ -‬أزمة الصائفة ‪ 1962‬ابجلزائر لـ ‪ :‬نوال بن عيسى ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاسرت يف جامعة بسكرة‪.‬‬

‫ج‬
‫مقدمة‬

‫‪ -‬العالقات بني الوالايت التارخيية للثورة التحريرية اجلزائرية ‪ 1962-1954‬لـ ‪ :‬بوعزيز عبد املالك‬
‫مذكرة لنيل شهادة املاجستري ‪.‬‬
‫‪ )9‬الصعوابت‪:‬‬
‫أكرب صعوبة واجهتنا هي متحيص املادة ‪ ،‬خاصة فيما يتعلق ابملذكرات و مقارنتها ببقية املصادر‬
‫حيث تطلب منا ذلك الكثري من الرتيث و احلذر لالهتداء إىل املادة التارخيية الصحيحة ‪.‬‬
‫‪ -‬صعوبة تناول هذا املوضوع حبياد و التجرد من الذاتية ‪.‬‬
‫‪ -‬إنعدام املصادر و املراجع اليت تناولت املوضوع بشكل مباشر‪ ،‬و هذا ما جعلنا جنمع شتاته من‬
‫خمتلف الشهادات اليت وردت يف املذكرات الشخصية و يف بعض املراجع‪.‬‬
‫‪ )10‬اخلطة املعتمدة ‪:‬‬
‫لقد قسمنا دراستنا إىل مقدمة و ثالثة فصول و خامتة‪.‬‬
‫‪ -‬مقدمة وفيها عرض للموضوع من جوانبه املختلقة ‪.‬‬
‫‪ -‬حيث تناولنا يف الفصل األول جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية‬
‫‪ 1962-1956‬مقسم إىل عنصرين مت التطرق فيه إىل مؤمتر الصومام و الصراع بني السياسيني و‬
‫العسكريني‪ ،‬و كذلك صراع احلكومة املؤقتة اجلزائرية و هيئة األركان العامة ‪.‬‬
‫‪ -‬أما الفصل الثاين فركزان فيه على األزمات السياسية يف اجلزائر من ‪ 1965-1962‬مت التطرق‬
‫فيه إىل عنصرين أوال‪ /‬إنعقاد مؤمتر طرابلس و أزمة صائفة ‪ ،1962‬اثنيا‪ /‬إنقالب ‪ 19‬جوان‬
‫‪(1965‬تصحيح ثوري)‪.‬‬
‫‪ -‬أما الفصل الثالث فقد سلطنا الضوء على األزمات العسكرية يف اجلزائر من ‪ 1965-1962‬و‬
‫مت التطرق فيه إىل عنصرين ‪ :‬أوال‪ /‬املواجهة العسكرية بني والايت الداخل‪ ،‬اثنيا‪ /‬صراع احلدود بني‬
‫اجلزائر و املغرب (حرب الرمال)‪.‬‬
‫‪ -‬و أهنينا دراستنا خبامتة تتضمن مجلة نتائج اليت توصلنا إليها من خالل معاجلتنا للموضوع‪.‬‬

‫د‬
‫الفصل األول‬

‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة‬

‫التحريرية ‪1962-1956‬‬

‫أوال‪ :‬مؤمتر الصومام و الصراع بني السياسيني و العسكريني‬

‫اثنيا‪ :‬صراع احلكومة املؤقتة اجلزائرية و هيئة األركان العامة‬


‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية ‪1962-1956‬‬ ‫الفصل األول‬
‫عرفت الثورة اجلزائرية كباقي الثورات اليت قامت يف العامل أزمات على مجيع األصعدة‪ ،‬وال ميكن‬
‫تصور حرب التحرير جرت ب بدون أن تعرتضها أزمات لذلك سعى بعض القادة لتنظيم عقد مؤمتر‬
‫جيمع مسؤويل الثورة لدراسة املرحلة اليت قطعتها الثورة من الكفاح‪ ،‬وحل املشاكل العالقة بوضع‬
‫اسرتاتيجية أكثر تنظيم ومشولية للثورة‪.‬‬
‫إن الثورة التحريرية حافلة ابألحداث و إذا كان يوجد حدث حمل خالف إىل اليوم فهو مؤمتر‬
‫الصومام فبالرغم من أنه نظم الثورة و أوجد هياكل جديدة و أعطى نفس جديدة النطالقتها ‪ ،‬إال‬
‫أنه تعض قراراته يف املقابل كانت حمل خالف و صراع بني القادة ليتطور هذا الصراع و أيخذ شكال‬
‫مغايرا و هو صراع بني مؤسسات الثورة و هذا ما نشب بني احلكومة اجلزائرية املؤقتة و هيئة األركان‬
‫العامة ‪ ،‬بل حىت أن هذا الصراع استمر و زاد حدتة بعد اسرتجاع االستقالل الوطين و سوف نتطرق‬
‫هلذا اخلالف و الصراع الذي عرفته الثورة ضمن هذا الفصل‪ ،‬فكيف سامهت بعض قرارات مؤمتر‬
‫الصومام يف زرع الصراع بني القادة العسكريني و السياسيني؟ و كيف تطور الصراع بني مؤسسات‬
‫الثورة؟‬

‫‪6‬‬
‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية ‪1962-1956‬‬ ‫الفصل األول‬
‫أوال‪ :‬مؤمتر الصومام و الصراع بني السياسيني و العسكريني‬

‫‪ -‬التحضري لعقد مؤمتر الصومام‪:‬‬

‫كان من املقرر أن يعقد إجتماع يضم مفجري الثورة من جديد يف شهر جانفي ‪1955‬م لدراسة‬
‫الوضع و رسم خطط جديدة ملواصلة سري الكفاح‪ ،1‬إال أن الثورة شهدت منذ بدايتها عراقيل وقفت‬
‫حاجزا أمام مسريهتا‪ ،‬متثلت يف ضعف التنسيق و اإلتصال ابإلضافة أنه منذ األشهر األوىل للثورة‬
‫تعرض بعض قادهتا لالعتقال أو اإلستشهاد لذلك فإن فكرة اإلجتماع بقيت مؤجلة‪.2‬‬
‫و يف هذه الفرتة و رغم الصعوابت و التحدايت اليت واجهت الثورة‪ ،‬إال أهنا استطاعت قطع أشواط‬
‫كبرية و حققت إنتصارات‪ ،‬و توسعت على املستوى السياسي و العسكري خاصة بعد هجومات‬
‫الشمال القسنطيين ‪20‬أوت ‪1955‬م اليت تعترب حتدي للمستعمر من جهة و أتكيد للشعب اجلزائري‬
‫أبن الثورة متواصلة و مل تتوقف و مل ختنق من جهة أخرى‪.3‬‬
‫إن فكرة اإلجتماع كانت مطروحة منذ التحضريات النهائية للثورة يف اإلجتماع األخري بتاريخ ‪23‬‬
‫أكتوبر ‪1954‬م‪ ،‬و أعاد زيغود يوسف* بعث هذه الفكرة يف ديسمرب ‪1955‬م و سعى يف للتنسيق‬
‫بني القادة لعقد إجتماع وطين‪ ،4‬و مت إرسال رسالة من طرف عيان للوفد اخلارجي بتاريخ ‪ 1‬ديسمرب‬

‫‪ 1‬مربوك بلحسن‪ :‬مراسالت الثورة اجلزائرية بني اجلزائر و القاهرة ‪1956-1954‬م‪ ،‬تر‪ :‬الصادق عماري‪ ،‬دار القصبة ‪،‬‬
‫اجلزائر ‪ ،2004‬ص ‪.51‬‬
‫‪ 2‬عبد هللا مقالين‪ :‬املرجع يف اتريخ الثورة اجلزائرية و نصوصها األساسية ‪1962-1954‬م‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‬
‫‪ ،2012‬ص ‪.61‬‬
‫‪ 3‬مربوك بلحسني‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫* ولد يوسف زيغود املدعو أمحد يوم ‪ 18‬فيفري عام ‪ 1921‬يف دوار الصوادق ابلسمندو (يوسف زيغود حاليا) قرب مدينة‬
‫سكيكدة‪ ،‬يف سنة ‪1937‬م‪ ،‬منخرط يف حزب الشعب اجلزائري الذي ظهر كخلف حلزب جنم مشال إفريقيا االستقاليل ‪ ،‬وتدرج‬
‫فيه حىت عني مسؤوال على مستوى بلدية السمندو‪ .‬ينطر‪ :‬حيىي بوعزيز‪ :‬ثورات اجلزائر يف القرنني التاسع عشر و العشرين من‬
‫شهداء ثورة أول نوفمرب‪ ،‬دار اهلدى‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص ص ‪.275-274‬‬
‫‪ 4‬إبراهيم الونيسي‪ :‬الصراع السياسي داخل جبهة التحرير الوطين خالل الثورة التحريرية ‪1962-1954‬م‪ ،‬دار هومة ‪،‬‬
‫اجلزائر‪ ،2007 ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪7‬‬
‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية ‪1962-1956‬‬ ‫الفصل األول‬
‫‪1955‬م يعلمهم أبن إجتماع هام سيعقد يف مكان ما ابجلزائر و سوف يستدعي ممثل أو إثنني‬
‫للمشاركة ‪.1‬‬
‫مت حتديد مكان اإلجتماع ليعقد يف وادي الصومام ابملنطقة الثالثة يف قرية إفري أوزالقن قرب مدينة‬
‫أقبو غرب جباية‪.2‬‬
‫‪ -‬جمرايت عقد مؤمتر الصومام ‪ 20‬أوت ‪1956‬م و أهم قراراته‪:‬‬

‫افتتح اإلجتماع أشغاله يوم الثالاثء ‪ 14‬أوت ‪1956‬م‪ ،3‬و حضر مناقشاته كل من زيغود يوسف‬
‫و انئبه خلضر بن طوابل ممثلني للمنطقة الثانية الشمال القسنطيين‪ ،‬و كرمي بلقاسم عن املنطقة الثالثة‬
‫القبائل‪ ،‬و أوعمران عمار عن املنطقة الرابعة اجلزائر‪ ،‬و العريب بن مهيدي عن املنطقة اخلامسة و‬
‫هران ابإلضافة إىل أنه ترأس اإلجتماع ‪ ،‬أما عبان رمضان فقد كان ممثال جلبهة التحرير الوطين ملدينة‬
‫اجلزائر ابإلضافة إىل أنه كان مقررا و حمررا للوائح‪ .‬مل حبضر اإلجتماع ممثلي وهران و األوراس و منطقة‬
‫سوق أهراس و كذا الوفد اخلارجي و هذه من بني اإلنتقادات اليت وجهت للمؤمتر‪.4‬‬
‫قام اجملتمعون بتقييم مسرية الكفاح الثوري و اخلوض يف دراسة كل ما يتعلق ابلثورة لرسم خطة‬
‫مستقبلية ها تكون أكثر تنظيم‪ .‬و بعد عدة إجتماعات استمرت إىل يوم ‪ 23‬أوت و بعد القيام‬
‫بتحليل للوضعية على املستوايت السياسية و العسكرية و الدبلوماسية‪ 5‬صادف املؤمترون على عدة‬
‫قرارات هامة و هي‪:‬‬
‫‪ -1‬أقر املؤمتر رسم حدود كل والية و تقسيم هذه األخرية على النحو التايل‪ :‬الوالية مث املنطقة‪ ،‬مث‬
‫الناحية‪ ،‬مث القسمة‪ ،‬و مراكز القيادة ختضع لإلدارة اجلماعية و للقائد صفتان عسكرية و سياسية‬
‫وميثل السلطة املركزية للجبهة و يساعدونه ثالث نواب يف الفروع التالية‪ :‬الفرع العسكري و الفرع‬

‫‪ 1‬مبورك بلحسني‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬


‫‪ 2‬عبد هللا مقالين‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ 3‬نفسه ‪ ،‬ص ‪63‬‬
‫‪ 4‬مربوك بلحسني‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.57-54‬‬
‫‪ 5‬مربوك بلحسني‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.54‬‬
‫‪8‬‬
‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية ‪1962-1956‬‬ ‫الفصل األول‬
‫السياسي و فرع االستعالمات و اإلتصاالت و مراكز قيادة لكل من الوالية و املنطقة و الناحية‬
‫‪1‬‬
‫والقسم‪.‬‬
‫‪ -2‬فيما خيص القرارات العسكرية أقر املؤمتر التوحيد العسكري و الرتب و اللباس و املصاحل‬
‫واملخصصات‪ ،‬و تقرر التوسع يف اهلجومات‪.‬‬
‫‪ -3‬يف اجلانب السياسي أقر املؤمتر تنظيم النشاط السياسي على الشكل التايل‪:‬‬
‫أ‪ .‬املؤسسات القيادية و تشمل‪:‬‬
‫اجمللس الوطين للثورة اجلزائرية ‪ :CNRA‬و يتكون من ‪ 34‬عضو منهم ‪ 17‬دائمون و ‪17‬‬ ‫‪-‬‬

‫مساعدون‪ ،2‬و يعترب أعلى جهاز تشريعي للثورة يوجه سياسة جبهة التحرير الوطين الداخلية‬
‫واخلارجية‪ ،‬و جيتمع اجمللس مرة يف السنة و هو الوحيد املخول ابلبث يف القرارات املصريية‪.3‬‬
‫جلنة التنسيق و التنفيذ ‪" :CCE‬و تتكون من مخسة أعضاء* و هلم السلطة ملراقبة املنظمات‬ ‫‪-‬‬

‫السياسية و اإلقتصادية و اإلجتماعية و العسكرية و اللجنة املكلفة إبنشاء و مراقبة اللجان‬


‫املختلفة ‪ ،‬كما هلا احلق يف تشكيل احلكومة املؤقتة ابلتنسيق مع املندوبني يف اخلارج"‪.4‬‬
‫احملافظون السياسيون‪ :‬تتمثل مهامهم السياسية يف تنظيم و تثقيف الشعب‪ ،‬و ما يتصل الدعاية‬ ‫‪-‬‬

‫و نقل األخبار‪ ،‬و يقدمون املشورة‪ ،‬و يواجهون احلرب النفسية‪.‬‬


‫اجملالس الشعبية‪ :‬تتشكل عن طريق االنتخاابت يف مجيع ا لقرى و املدن الوطن‪ ،‬للنظر يف‬ ‫‪-‬‬

‫القضااي القضائية و املالية و اإلقتصادية‪.‬‬


‫ب‪ .‬العالقة بني اجلبهة و اجليش‪ :‬أقر املؤمتر أبن تعطى األولوية للسياسي على العسكري‪.‬‬
‫ج‪ .‬العالقة بني الداخل و اخلارج‪ :‬أقر املؤمتر أبن تعطى األولوية للداخل على اخلارج‪.‬‬

‫‪ 1‬حممد حلسن زغيدي‪ :‬مؤمتر الصومام و تطور ثورة التحرير الوطين اجلزائرية ‪1962-1956‬م‪ ،‬دار هومة ‪ ،‬اجلزائر‪،2009 ،‬‬
‫ص ‪.138‬‬
‫‪ 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪ 3‬عبد هللا مقالين‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫* ينظر‪ :‬ملحق رقم (‪.)01‬‬
‫‪ 4‬حممد حلسن زغيدي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪9‬‬
‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية ‪1962-1956‬‬ ‫الفصل األول‬
‫د‪ .‬كما أهر املؤمتر تشكيل حماكم حملاكمة املدينيني و العسكريني وفقا لقوانني املسنة‪.1‬‬
‫‪ -‬االنتقادات اليت أاثرهتا قرارات املؤمتر‪:‬‬

‫من انحية التمثيل و املشاركة يف املؤمتر‪ :‬حيث وجهت إنتقادات للمؤمتر من انحية التمثيل‬ ‫▪‬

‫اجلغرايف ‪ ،‬إذ شهد املؤمتر غياب بعض املمثلني فبالنسبة للمنطقة األوىل األوراس فقد إنقطعت أخبارها‬
‫تلك الفرتة عن ابقي املتاطق‪ ،‬و رغم حماولة عبان اإلتصال ابملسؤولني‪ ،‬إال أن حماولته ابءت ابلفشل‬
‫بسبب إعتقال مصطفى بن لولعيد يف فيفري ‪ 1955‬و موت انئبه شحاين بشري و حىت بعد موت‬
‫مصطفى بن بولعيد يف مارس ‪ 1956‬مت إخفاء هذا األمر مدة طويلة‪ ،‬و هلذا فإن املنطقة بقيت‬
‫معزولة عن التطورات اليت حدثت‪.‬‬
‫أما ابلنسبة لوهران كما أشران مسبقا فإن بن مهيدي ترأس املؤمتر‪ ،‬أما بوصوف فبقي انئب عنه‬
‫ابلوالية‪.‬‬
‫و فيما خيص منطقة سوق أهراس فهي كانت اتبعة للشمال القسنطيين‪ ،‬ومل تتأسس رمسيا كقاعدة‬
‫شرقية إال فيما بعد ذلك مل يكن هلا حق املشاركة يف املؤمتر‪.‬‬
‫أما خبصوص عدم حضور الوفد اخلارجي فإن هذا األخري تلقى رسالة خبط عبان رمضان جاء يف‬
‫مضموهنا أن هناك حتضري إلعداد أرضية سياسية و سوف تنشر ‪ ،‬و لكن قبل نشرها سوف ترسل‬
‫إىل الوفد اخلارجي إلبداء رأيه‪ ،‬و بقي تداول هذا األمر يف الرسائل فقط ألن الظروف مل تسمح‬
‫حلضور الوفد للمؤمتر‪.2‬‬
‫من انحية املصادقة على بعض القرارات‪ :‬لقد أاثرت بعض قرارات مؤمتر الصومام إنتقادات‬ ‫▪‬

‫بعض املسؤولني منهم أمحد بن بلة أحد أعضاء الوفد اخلارجي‪ ،‬حيث طلب بن بلة من القيادة‬
‫التنفيذية جلبهة التحرير الوطين أتجيل نشر هذه القرارات إىل غاية إعادة دراستها حبضور مجيع‬
‫القيادات إال أن السلطات الفرنسية أنقذت املوقف دون أن تدري ابختطافها للطائرة اليت كانت تقل‬

‫‪ 1‬عبد هللا مقالين‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬


‫‪ 2‬مربوك بلحسني‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.58-57‬‬
‫‪10‬‬
‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية ‪1962-1956‬‬ ‫الفصل األول‬
‫الوفد اخلارجي يف ‪ 2‬أكتوبر ‪ 1.1956‬و بذلك أنقذت وحدة الثورة اجلزائرية من اخلالفات و‬
‫الصراعات لو حدثت لكانت غريت مسار الثورة و خطفت هبا ‪.‬‬
‫‪ -‬مؤمتر الصومام و فتح أبواب الصراع داخل اجلبهة‪:‬‬

‫يرى أمحد بن بلة أن مرمتر الصومام كان بداية إلحنراف الثورة‪ ،‬و كان من املعارضني بشدة للمؤمتر و‬
‫قراراته‪ ،‬و عارض فكرة أن يعطى القرار املصريي للثورة يف يد أعضاء األحزاب القدمية‪ ،‬و إمنا يبقى‬
‫القرار يف يد مفجرها‪ ،‬لكن الذي حدث هو أن أعضاء األحزاب القدمية بدأت تشغل مناصب‬
‫مهمة يف مؤسسات الثورة و تتخذ القرارات املصريية و كان قد صرح قائال‪":‬أان أعتقد أبن مؤمتر‬
‫الصومام كان هدفه سحب البساط من حتت أقدامنا"‪ .‬و يضيف أن مؤمتر الصومام كان خيانة للثورة‬
‫و لإلنتماء العرويب اإلسالمي و املشكلة بدأت من ‪ 1956‬و ال زالت ابقية‪ ،‬فهو يرى أن الثورة‬
‫كانت منذ إنطالقتها و أهدافها و روابطها مع املشرق كانت جذورها عربية إال أن املؤمتر ضرب‬
‫ذلك التوجه و دفع ابلثورة يف مسار الدميقراطية ‪.‬لقد كان بن بلة و أمحد حمساس و بوضياف من‬
‫الرافضني ملقررات املؤمتر‪.2‬‬
‫‪-‬أما مربوك بلحسني يف كتابه‪ ،‬املراسالت بني الداخل و اخلارج ‪( ،‬اجلزائر ‪ -‬القاهرة) فريى أن الفهم‬
‫اخلاطئ للقرار بني أولوية السياسي على العسكري و أولوية الداخل على اخلارج هو الذي كرس‬
‫الصراع بني السياسيني و العسكريني‪ ،‬حيث مت ترمجة كلمة األولوية ابلتفوق أي تفوق الرجال‬
‫السياسيني على العسكريني‪ ،‬بينما قصد هبا املؤمتر يف الصومام أن هدفهم من الكفاح التحرري‬
‫التوصل إىل حل مشكل سياسي‪ ،‬و إن إقامة السيادة اجلزائرية تستوجب تظافر اجلهود العسكرية و‬
‫السياسية و ليس فقط العسكرية‪ ،‬و مل يكن قصد املؤمترون إنتقاص رجال جيش التحرير الوطين و‬
‫كيف يكون ذلك؟ أليس العريب بن مهيدي و أوعمران و كرمي بلقاسم و بقية األعضاء املؤمترون هم‬
‫الرجال السياسيون و العسكريون يف نفس الوقت‪.‬‬

‫‪ 1‬أمحد منصور‪ :‬الرئيس أمحد بن بلة يكشف عن أسرار ثورة اجلزائر‪ ،‬دار ابن حزم ‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪ 2‬نفسه‪ ،‬ص ص ‪.132-130-129-127‬‬
‫‪11‬‬
‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية ‪1962-1956‬‬ ‫الفصل األول‬
‫أما ابلنسية لقرار أولوية الداخل على اخلارج فاملؤمتر أنشأ جهازين قياديني و مها اجمللس الوطنيي للثورة‬
‫و جلنة التنسيق و التنفيذ‪ ،‬و ضمن هذين اجلهازين ذات السيادة عوامل أعضاء الداخل و أعضاء‬
‫اخلارج على أساس املساواة ابإلضافة إىل ضم كافة احلساسيات‪ .‬ورمبا تشكيلة األوىل للجنة التنسيق‬
‫و التنفيذ هي اليت أاثرت إنتقاد بعض أعضاء اخلارج ألهنا ضمت مخسة أعضاء من بني أعضاء‬
‫اجمللس الوطين للثورة املوجودين يف اجلزائر‪ ،‬و هذا هو الصواب ألهنا هيئة خمولة إلختاذ القرارات كل‬
‫أسبوع و التشكيلة املختلطة ال تناسب هذه اهليئة‪ ،‬على عكس اجمللس الوطين للثورة الذي جيتمع‬
‫مرة يف السنة و تركيبة املختلطة تناسبه‪.1‬‬
‫يف حني يرى صاحل بلحاج يف كتابه ‪ ،‬جذور السلطة يف اجلزائر‪ ،‬أن مؤمتر الصومام ينتدرج يف سياق‬
‫الصراع على القيادة أو سلطة داخل اجلبهة و أن عبان كان يسعى لذلك ابلرغم من العوائق اليت‬
‫كانت تعرتض طريقه و يف مقدمتها أنه ليس من القادة التارخيني الذين فجرو الثورة‪ ،‬لذلك مل تكن‬
‫املهمة سهلة‪ ،‬لكن ظروف احلرب ساعدته يف مرير مشروعه الذي خيلو من املصلحة الشخصية و‬
‫تعلقه ابلسلطة السياسية‪ ،‬خصوصا بعدما استفاد من دعم القائدين العريب بن مهيدي و كرمي بلقاسم‬
‫و بقي زيغود يوسف الذي كان متحفظ من بعض القرارات‪.‬‬
‫و كمحاولة من عبان رمضان للتفوق و ضع أولوية السياسي على العسكري و أولوية الداخل عل‬
‫اخلارج و كال مبدأين يندرجان يف سيا الصراع على السلطة و عبان كان يسعى لإلنفراد ابلسلطة‬
‫العليا يف اجلبهة‪ ،‬ولتعزيز نفوذه داخل اجلبهة طرح قضية ضم القيادات احلزبية اليت كانت اتبعو‬
‫للتشكيالت السياسية السابقة إىل اجلبهة و كانت حجته يف ذلك الوحدة الوطنية‪ ،‬و هذا األمر كان‬
‫قد عارضه أمحد بن بلة خصوصا عندما بدأت تلط القيادات تشغل مناصب هامة داخل اجلبهة و‬
‫تتخذ القرارات املصريية أما عبان فقد عزز موقعه من خالل إنضمام السياسيني‪ 2‬للجنة ألنه ال جيد‬
‫فيهم منافسا له و من جهة أخرى ألنه ينتهي مثلهم أمحد بن بلة قائال‪" :‬و جاء زحف خارجي كبري‬

‫‪ 1‬مربوك بلحسن‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.61 60 59‬‬


‫‪ 2‬صاحل بلحاج ‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.18 17‬‬
‫‪12‬‬
‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية ‪1962-1956‬‬ ‫الفصل األول‬
‫من األحزاب األخرى فأصبحنا حنن الذين فجران الثورة قلة وسط لآلخرين"‪ .‬لقد تكتلت جهود‬
‫عبان ابلنجاح يف مؤمتر الصومام و بلغ ما كان يصبو إليه خصوصا أن الظروف هتيأت له بغياب‬
‫القادة التارخييني عن العاصمة و انقطاع اإلتصال بني االولوايت و هذا ما مسح له بتنصيب نفسه‬
‫قائد على أرس القيادة لثورة التحرير‪ ،‬لكن مدة إنتصاره كانت قصرية ففي سنة ‪ 1957‬عقدت‬
‫الدورة الثانية للمجلس الوطني يف أوت ‪1957‬و أسفر عن قرارات قلبت املوازين و أعادت القيادة‬
‫بيد العسكريني حيث مت إلغاء أولوييت املؤمتر‪ .‬و إنه ليس هناك أولوية للسياسي على العسكري وال‬
‫فرق بني الداخل و اخلارج و كان هذا تربيرا الستقرار القيادة يف اخلارج (مغادرة جلنة التنسيق و‬
‫التنفيذ اجلزائرية ‪ )1957‬ومت توسيع تشكيلة اجمللس الوطين من ‪ 34‬عضوا إىل ‪ 54‬عضوا‪ .‬و مت‬
‫تعديل جلنة التنسيق و أصبحت تتشكل من ‪ 14‬عضوا مخسة شرقيون و هم السجناء اخلمس‪،‬‬
‫وأربعة سياسيون عسكريون وهبذه التشكيلة تفوق العسكريني وبدأ دور عبان رمضان يرتاجع خصوصا‬
‫بعد بروز نفوذ عهد الثالثي* القوي الذي ظل مصيطرا يف هذه الفرتة (‪ )1959-1957‬كانت‬
‫السلطة يف اللجنة قيادة مجاعية يف الظاهر حسب أقوال األعضاء األساسيني فيها‪ ،‬لكن الواقع كان‬
‫عكس ذلك فقد كانت السلطة بيد العسكريني وضمن العسكريني الباءات الثالث‪ ،‬و أقصى دور‬
‫عبان متاما من املهام املهمة وهذا مام يتقبله عبان رمضان ودخل يف صراع مع العسكريني و شكل‬
‫هذا األخري عقبة يف طريق العسكريني فبدؤوا يف التفكري للتخلص منه ألنه جتاوز كل احلدود يف نظر‬
‫العسكريني فقاموا ابستدراجه إىل املغرب و قتلوه يف ‪ 27‬ديسمرب ‪.1957‬‬
‫إن إغتيال عبان رمضان أزال العقبة اليت كانت تعرتض طريق العسكريني ‪ ،‬لكن مل ينهي اخلالفات‬
‫ضمن القيادة‪.1‬‬

‫* الثالثي‪ :‬أو ما مسوه ابلباءات الثالث وهم كرمي بلقاسم‪ ،‬خلضر بن طوابل‪ ،‬عبد احلفيظ يوصوف‪.‬‬
‫‪ 1‬صاحل بلحاج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.27-21‬‬
‫‪13‬‬
‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية ‪1962-1956‬‬ ‫الفصل األول‬
‫اثنيا‪ :‬صراع هيئة األركان مع احلكومة املؤقتة‬

‫‪ -‬أتسيس احلكومة املؤقتة‪:‬‬

‫كانت فكرة أتسيس احلكومة املؤقتة اجلزائرية تدور يف أذهان قادة جبهة التحرير الوطين منذ‬
‫عام ‪1956‬م‪ ،‬كما دعم مؤمتر الصومام اجمللس الوطين للثورة مهمة إنشاء حكومة وطنية‪ .‬وتقول‬
‫بعض الشهادات أن فكرة يف أتسيس احلكومة املؤقتة جاءت بعد اختطاف قادة جبهة التحرير‬
‫اخلميس ‪ 22‬أكتوبر ‪1956‬م كردة فعل لفرنسا اليت رأت ابختطاف القادة للقضاء على الثورة‬
‫اجلزائرية وابعتقال زعماء الثورة‪.1‬‬
‫ويف يوم ‪ 19‬سبتمرب ‪1958‬م أعلن عن تشكيل احلكومة املؤقتة للجمهورية اجلزائرية*‪ ،2‬فقد‬
‫كان فرحات عباس** رئيسا وعدة وزراء وقد كانت هتدف احلكومة املؤقتة اجلزائرية إىل‪:‬‬
‫‪ -‬ظهور الدولة اجلزائرية بوجه جديد وإخراج العالقات الدولية الفرنسية اخلارجية‪.‬‬
‫‪ -‬إجراء مفاوضات وإقناع الرأي العام العاملي أبن املفاوض اجلزائري موجود‪.‬‬
‫‪ -‬أما اهلدف األساسي للحكومة اجلزائرية املؤقتة هو حتقيق اإلستقالل وتدويل القضية اجلزائرية‬
‫يف احملافل الدولية‪.3‬‬

‫‪ 1‬عبد هللا مقالين‪ :‬التاريخ السياسي للثورة اجلزائرية‪ ،‬دار مشس الزيبان اجلزائر‪ ،2013 ،‬ص ‪.333‬‬
‫* ينظر‪ :‬ملحق رقم (‪.)03‬‬

‫‪ 2‬بسام العسيلي‪ :‬جبهة التحرير الوطين اجلزائرية‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار النفائس‪ ،1990 ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص ‪.155‬‬
‫** فرحات عباس‪ :‬ولد يف مدينة الطاهري بوالية جيجل ‪1899‬م واصل دراسته حىت حتصل على الدكتوراه يف الصيدلة أسس‬
‫االحتاد الشعويب اجلزائري يف جويلية ‪ 1938‬وعني أول رئيس للحكومة املؤقتة اجلزائرية سنة‪1958‬م‪ .‬أنظر‪ :‬محيد عبد القادر‪:‬‬
‫فرحات عباس رجل اجلمهورية ‪ ،‬دار املعرفة ‪ ،‬ابب الواد ‪-‬اجلزائر‪ ،2007 ،‬ص ‪.295‬‬
‫‪ 3‬عبد هللا مقالين‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.339 ،338‬‬
‫‪14‬‬
‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية ‪1962-1956‬‬ ‫الفصل األول‬
‫أتسيس هيئة األركان‪:‬‬

‫بعد أن فشلت القيادة اجلماعية على مستوى اجليش عني العقد هواري بومدين* يف جانفي‬
‫‪1960‬م قائدا هليئة األركان العامة التابعة جليش التحرير الوطين‪ .‬ومن كان معه يف مهمته عز الدين‬
‫زراري**‪ ،‬أمحد قايد***‪ ،‬على منجلي‪ ،‬ومكتب تقين مؤلف من عسكريني حمرتفني‪ .‬وقد أدى أتسيس‬
‫هيئة األركان إىل بروز أوضاع وظروف خاصة منها االسرتاتيجية الفرنسية املتخذة يف تطبيق خمطط‬
‫الشمال ‪.1‬‬
‫بدأت هيئة األركان عملها يف فيفري ‪1960‬م وكانت مهمتها توحيد قوات جيش التحرير يف‬
‫احلدود الشرقية‪ ،‬وجنحت يف عملها‪ ،‬وبعد ستة أشهر بدأت هيئة األركان تعرب عن رغبتها يف القيام‬
‫‪2‬‬
‫أبعمال سياسية‪.‬‬
‫صراع هيئة األركان مع احلكومة املؤقتة‪:‬‬
‫نشب خالفات معقدة على مستوى القمة حول صالحيات سري احلرب بني هيئة األركان‪،‬‬
‫العامة مكونة من هواري بومدين‪ ،‬على منجلي‪ ،‬والرائد عز الدين وبني اللجنة الوزارية للحرب مكونة‬
‫من كرمي بلقاسم*‪ ،‬بوضياف‪ ،‬بن طويل‪.3‬‬

‫* هواري بومدين‪ :‬امسه احلقيقي حممد خروبة ولد سنة ‪ ،1932‬ابلقرب من قاملة درس يف جامعة زيتونة يف ‪ 1975‬ترأس والية‬
‫خامسة مث عني قائد األركان للجيش‪.‬‬
‫** عز الدين زروال ولد يف ‪ 08‬أوت ‪ 1923‬ببجاية انضم إىل جبهة التحرير الوطين سنة ‪ 1955‬عني يف هيئة األركان‬
‫*** أمحد قايد‪ :‬ولد يف ‪ 17‬ماي ‪ 1921‬مبدينة تيارت التحق بـ ‪ FLN‬سنة ‪1955‬م وعني انئب هلواري بومدين‪ ،‬عضو يف‬
‫هيئة األركان‪.‬‬
‫‪ 1‬نزار خالد‪ :‬اجلزائر (‪ )1962 ،1954‬يوميات احلرب‪ ،‬تر‪ ،‬سعيد اللحام‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفرايب‪ ،‬بريوت ‪-‬لبنان‪ ،2004 ،‬ص‬
‫‪.242‬‬
‫‪ 2‬بلحاج صاحل‪ :‬جذور السلطة يف اجلزائر األزمات الداخلية جلبهة التحرير الوطين‪ ،‬من ‪1956‬إىل ‪ ،1965‬دار بني مرابط‪،‬‬
‫‪ ،2014‬ص ‪.73‬‬
‫* كرمي بلقاسم ولد عام ‪ 1922‬مبنطقة دراع امليزان‪ ،‬و اخنرط يف صفوف حزب الشعب ‪ ، 1945‬حيث قاد متردا مسلحا يف‬
‫جبال القبائل حىت عام ‪ ، 1947‬و حكم عليه ابالعدام مرتني‪ .‬كان أحد مؤسسي جبهة التحرير الوطين و عضو يف قيادهتا‪،‬‬
‫قائد منطقة القبائل‪ .‬أنظر محيد عبد القادر‪ :‬فرحات عباس رجل اجلمهورية‬
‫‪ 3‬محيد عبد القايد‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.235‬‬
‫‪15‬‬
‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية ‪1962-1956‬‬ ‫الفصل األول‬
‫وقد متكن‪ ،‬العقيد هواري بومدين من توحيد وتنظيم اجليوش يف احلدود ويف قت قصري‪ ،‬وعندئذ‬
‫أصبحت الظروف الذاتية واملوضوعية متوفرة لكي يطمح هواري بومدين من مسؤول عسكري إىل‬
‫‪1‬‬
‫قائد عام جليش التحرير‪.‬‬
‫فإن إعداد جيش احلدود و الرتويج أليديولوجية الدولة املستقلة‪ ،‬و التحالف بني قادة الوالايت‬
‫يف الداخل مع الزعماء املعتقلني اخلمسة كلها خمططات و ضعتها اهليئة األركان من أجل الوصول‬
‫إىل السلطة حتت اسم "محاية الثورة" حيث بدأت تظهر خالفاهتا حنو سياسية احلكومة املؤقتة و‬
‫خاصة مع اللجنة الوزارية للحرب‪ ،‬الذين جتاوزت سلطتهم الوزارية‪ ،‬فإن جوهرة الصراع هو السلطة‬
‫لكن الصراع نشأ و تطور يف ظل اخلالفات حول‪ :‬السلطة على الوالايت و مضاعفة قوات جيش‬
‫احلدود و جتنيد الطلبة و األطباء و املفاوضات مع احلكومة الفرنسية‪ 2‬ابلدخول إىل أراض من أجل‬
‫اإلشراف على سري املعركة قبل بداية مارس ‪1961‬م وهنا أصبحت هيئة األركان واقع بني أمرين إما‬
‫أن تنقذ قرار احلكومة املؤقتة و تنحصر كل سلطتها عن اجليش احلدود‪ ،‬أو تتمرد و تفقد حظوهتا‬
‫‪3‬‬
‫املعنوية ‪.‬‬
‫إال أن اهليئة ألركان قد رفضت دخوهلا إىل أراض الوطن خوفا من خط شال ومن رد فعل‬
‫بعض الوالايت اليت مل تكن مستعدة للدخول حتت قيادة موحدة وهكذا شقت هيئة األركان عصا‬
‫‪4‬‬
‫الطاعة وحتولت تدرجييا إىل معارض سياسي ميتلك قوة رادعة‪.‬‬
‫و قد جاء حادث الطائرة الفرنسية يوم ‪ 21‬جوان ‪ 1961‬حيث قام الطريان الفرنسي‬
‫إبستطالعات يف األجواء احلدودية بني اجلزائري و تونس‪ ،‬و كانت الطائرة حتلق فوق مركز للتدريب‬
‫التابع جليش التحرير حيث أطلقت عليها مدفعية و أسقطتها ‪ ،‬و هنا تفجرت األزمة بني هيئة‬

‫‪ 1‬صاحل بلحاج‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬


‫‪ 2‬عبد هللا مقالين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.409‬‬
‫‪ 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪410‬‬
‫‪ 4‬شيبوب حممد‪ :‬اجتماع العقد العشرين من ‪ 11‬أوت إىل ‪ 16‬ديسمرب ‪1959‬م‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاجستري يف التاريخ‬
‫احلديث واملعاصر‪ ،‬إشراف بوعالم بلقاسم‪ ،‬قسم التاريخ وعلم اآلاثر‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬سنة ‪ ،2010 ،2009‬ص ‪.73‬‬
‫‪16‬‬
‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية ‪1962-1956‬‬ ‫الفصل األول‬
‫األركان و احلكومة املؤقتة حيث طالبت هذه األخرية تسليم الطيار إىل السلطات التونسية عندما‬
‫طلب الرئيس بورقيبة أن يسلموه الطيار الفرنسي لكون احلادثة وقعت داخل األرض التونسية‪ ،‬إال‬
‫أن هيئة األركان رفضت و لكن إحلاح احلكومة املؤقتة على تسليم الطيار أدى ذلك إىل إستقالة هيئة‬
‫‪1‬‬
‫األركان و على رأسها هواري بومدين يف منتصف جويلية ‪1961‬م‪.‬‬
‫و توجها القادة اهليئة األركان إىل أملانيا الغربية و تركوا اجليش بدون قيادة لكن رئيس احلكومة املؤقتة‬
‫فرحات عباس رفض تلك اإلستقالة ألن الوضع العسكري ال يسمح بذلك بنظره ‪.2‬و تواصلت‬
‫األزمة بني هيئة األركان و احلكومة املؤقتة و كانت من بني األسباب اليت أدت إىل عقد دورة اجمللس‬
‫الوطين للثورة بطرابلس من ‪ 9‬إىل ‪ 17‬أوت و درا خالهلا نقاش حاد بني الطرفني‪ ،‬حيث اهتم القادة‬
‫العسكريني الرئيس فرحات عباس بعدم تشبعه إبيديولوجية الثورة‪ ،‬و قد انتهى اجمللس الوطين للثورة‬
‫انتصر األخري لقيادة األركان إذا قرر إعادة تعديل احلكومة املؤقتة حيث مت استبعاد فرحات عباس‬
‫من رائسة و تعيني يوسف بن خدة* أما كرمي بلقاسم أبقاه انئبا للرئيس و كذلك أمر اجمللس الوطين‬
‫قيادة األركان مضاعفة جهودها من أجل تزويد الوالايت بكل ما حتتاجه من دعم‪ ،‬و على احلكومة‬
‫استعداد للشروع يف املفاوضات من أجل حتقيق هدفها و هو السيادة الوطنية ‪3‬بداية نوفمرب ‪1961‬م‬
‫رجعت قيادة األركان إىل مقرها و هي أقوى من قبل و رغم خطورات اخلالف بني هيئة األركان و‬
‫احلكومة املؤقتة فإنه تبقى على مستوى القيادة على مستوى القيادة و مل يكن له أتثري على اجملاهدين‬
‫و ال على العامليني يف امليدان السياسي و قد كانت اجلزائر يف املفاوضات مع فرنسا يف ذلك الوقت‬
‫برغم من تدهور أوضاع الفرنسية اإلجتماعية و تزايد نفقات احلرب و رغم استمرار األزمة دخلت‬

‫‪ 1‬صاحل بلحاح‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬


‫‪ 2‬بوحوش عمار‪ :‬التاريخ السياسي اجلزائري من بداية إىل النهاية ‪ ،1962‬ط‪ ،3‬دار البصائر‪ ،‬اجلزائر‪ ،2008 ،‬ص ‪.500‬‬
‫* ينظر‪ :‬ملحق رقم (‪.)04‬‬
‫‪ 3‬عبد هللا املقالين‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.412‬‬
‫‪17‬‬
‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية ‪1962-1956‬‬ ‫الفصل األول‬
‫املفاوضات مرحلة حامسة حيث رأت هيئة األركان أن املفاوضات هي حل لتجاوز األزمة اليت طلبت‬
‫‪1‬‬
‫هيئة األركان تسويتها من قبل‪.‬‬

‫و مما سبق خنلص إىل القول أن األزمات السياسية يف اجلزائر كانت جذورها من مؤمتر الصومام بداية‬
‫من صراع األشخاص وصوال إىل صراع بني مؤسسات الثورة‪.‬‬

‫‪ 1‬شبوب حممد‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.76 ،75‬‬


‫‪18‬‬
‫الفصل الثاين‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬

‫أوال‪ :‬انعقاد مؤمتر طرابلس و أزمة الصائفة ‪1962‬‬


‫اثنيا‪ :‬إنقالب ‪ 19‬جوان ‪( 1965‬التصحيح الثوري)‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫يعترب الصراع الذي انفجر مباشرة بعد اسرتجاع السيادة الوطنية يعود أسبابه إىل حدوث األزمات‬
‫السياسية و غالبا يف حدوث هذه األزمات هو إختالف يف األفكار و املبادئ إال أن األزمات‬
‫السياسية اليت عاشتها اجلزائر كان سببها هو الصراع على السلطة و منه نطرح اإلشكالية التالية ‪:‬‬
‫كيف عقد مؤمتر طرابلس؟ و كيف ساهم يف خلق أزمة الصائفة ‪1962‬؟ و ما هي أسباب اليت‬
‫أدت ابلعقيد هواري بومدين ابنقالب على أمحد بن بلة رغم أنه كان مساهم يف وصوله إىل السلطة؟‬
‫أوال‪ :‬انعقاد مؤمتر طرابلس و أزمة الصائفة ‪:1962‬‬

‫‪ -‬إنعقاد مؤمتر طرابلس‪:‬‬

‫اجتمع اجمللس الوطين للثورة من ‪ 22‬إىل ‪ 27‬فيفري يف العاصمة الليبية طرابلس ملناقشة مسودة‬
‫اتفاقية دي روس‪ ،‬فوافق أعضاء اجمللس الوطين ابألغلبية على مشروع وقف إطالق النار‪ .‬أما هيئة‬
‫األركان جليش التحرير املكونة من العقيد هواري بومدين والرائدين على منجلي وقايد أمحد والرائد‬
‫خمتار بو عزام رفضوا التصويت على مسودة االتفاق ‪.1‬‬
‫‪2‬‬
‫وذلك لرفض طلب فرنسا وهو حل جيش التحرير الوطين ودخول أفراده كالجئني من تونس‪.‬‬
‫و بدأت املفاوضات إيفيان من ‪ 07‬إىل ‪ 18‬مارس بني الطرفني اجلزائري و الفرنسي و ترأسه‬
‫الوفد اجلزائرية كرمي بلقاسم‪ ،‬أما الوفد الفرنسي ترأسه لوي جوكس ‪ ،3‬و بعد إلغاء طلب حل اجليش‬
‫الوطين الشعيب حتقق وقف إطالق النار بني القوات اجلزائرية و الفرنسية يوم ‪ 19‬مارس ‪1962‬م‬
‫ويف نفس اليوم أطلق سراح القادة اخلمسة أمحد بن بلة و حسني آيت أمحد و حممد بوضياف و‬
‫حممد خيضري و رابح بيطاط من السجن قامت هيئة األركان بدعوهتم إىل مقر القيادة العسكرية‬
‫جليش التحرير مبنطقة مالق التونسية الذي سيقام على شرفهم احتفاال بوقف إطالق النار ‪ ،‬فلىب‬

‫‪ 1‬رابح عدالة‪ :‬اتريخ اجلزائر تضحيات وانتصارات‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اجملتهد‪ ،2017 ،‬ص ‪.300‬‬
‫‪ 2‬منهل سعدي ‪ :‬األوضاع السياسية واالقتصادية للجزائر يف عهد الرئيس هواري بومدين ‪ ،1978 ،1965‬مذكرة لنيل‬
‫شهادة ماسرت يف التاريخ املعاصر‪ ،‬قسم العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬سنة ‪ ،2014/2013‬ص ‪.20‬‬
‫‪ 3‬رابح عدالة‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.301‬‬
‫‪20‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫القادة الدعوة و قام حديث بني أمحد بن بلة* وبني قيادة األركان حول األزمة اليت بني قيادة األركان‬
‫و احلكومة املؤقتة حيث كسب العقيد اهلواري ثقة أمحد بن بلة‪ ،‬فتحالف بن بلة مع القادة هيئة‬
‫األركان‪.1‬‬
‫حيث قام أمحد بن بلة وقادة اهليئة األركان بعث طلب إىل مكتب اجمللس الوطين‪ ،‬إال أن هذا‬
‫األخري رفض طلبهم لألسباب التالية‪:‬‬
‫أنه بعد املصادقة على اتفاقيات إيفيان مل بعد هناك مربرا لعقد إجتماع طارئ للمجلس‬ ‫‪-1‬‬

‫الوطين بسورة خارج الوطن‪.‬‬


‫أن القانون األساسي للمجلس بنص على أن عقد إجتماع يكون بطلب من احلكومة‬ ‫‪-2‬‬

‫املؤقتة اجلزائرية أو من ثلث أعضاء اجمللس‪.2‬‬


‫ويف هذا السياق يقول عمر بودواد‪" :‬إنه بعد شهر من وقف إطالق النار بعث كل من بن‬
‫بلة و خيضر وقيادة األركان إىل مكتب اجمللس الوطين للثورة طلبا بعقد إجتماع استثنائي جمللس الثورة‬
‫و رفض الطلب ألنه بعد املصادقة على اتفاقيات إيفيان مل يعد هناك مربر بعقد إجتماع طارئ‬
‫للمجلس الوطين للثورة اجلزائرية خارج الرتاب الوطين‪ ...‬كما أن القانون األساسي ينص على عقد‬
‫إجتماع إستثنائي إال بطلب من ثلثي أعضاء اجمللس الوطين للثورة اجلزائرية أو بطلب من احلكومة‬
‫املؤقتة و كانت هذه األخرية منقسمة يف شأن طلب إجتماع اجمللس ‪ ،‬و بعد احملاداثت اليت جرت‬
‫بني أعضاء احلكومة مت املوافقة على طلب بن بلة و أصدقائه"‪.3‬‬

‫* أمحد بن بلة‪ :‬ولد يوم ‪ 25‬ديسمرب يف بلدة معنية‪ ،‬الواقع يف تلمسان انضم إىل حزب الشعب بعد احلرب العاملية الثانية وأصبح‬
‫عام ‪ 1949‬مسؤوال عن التنظيم وعن املنظمة اخلاصة اعتقل عام ‪ 1950‬يف قسنطينة وحكم عليه ابلسجن املؤبد لكنه متكن‬
‫من الفرار من سجن البليدة يف ‪ 16‬مارس ‪ 1952‬رغم معارضته احلزب لذلك ‪ ،‬التجأ إىل القاهرة وأصبح منذ نوفمرب ‪1954‬‬
‫أحد زعماء جبهة التحرير تعرض إىل عدة حماوالت اغتيال‪.‬‬
‫‪ 1‬رابح عدالة‪ :‬هواري بومدين رجل كفاح ومواقف‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اجملتهد‪ ،2018 ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ 2‬مسهل سعدي‪ :‬مرجع سبق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ 3‬رابح عدالة‪ :‬اتريخ اجلزائر‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.328 ،327‬‬
‫‪21‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫ومع بداية شهر أفريل ‪1962‬م‪ ،‬بدأت التحضريات لإلجتماع حيث مت إرسال استدعاءات‬
‫إىل مجيع قادة الوالايت مع مجيع أعضاء جمالسهم‪ . 1‬حيث توفرت هلذه الدورة شروط انجحة مل‬
‫تتوفر لسابقتها من الدوارت اجمللس الوطين حيث كانت ظروف األمنية جيدة وصار يف مقدور‬
‫الوالايت أن ترسل أعضاء إىل طرابلس وحضور مجيع القادة‪.2‬‬
‫جرى مؤمتر طرابلس على سرية اتمة ألشغاله‪ ،‬حيث مت إغالق مطار مدينة طرابلس ومنعت‬
‫السلطات الليبية الصحفيني من دخول املنطقة‪.‬‬
‫ومتحور جدول األعمال يف دراسة نقطتني ومها‪:‬‬
‫أوال‪ :‬دراسة برانمج جبهة التحرير الوطين ومتثل يف الوثيقة اليت حررت ابحلمامات بتونس واليت‬
‫حددت طبيعة الثورة اجلزائرية من الناحية السياسية‪ ،‬اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬للجزائر بعد اسرتجاع‬
‫السيادة الوطنية‪.‬‬
‫وكذلك تعرضت على عملية بناء احلزب وهي الوثيقة اليت مسيت مبيثاق طرابلس ‪ 3‬ومن أهم‬
‫بنودها جند‪:‬‬
‫النظام السياسي لبناء الدولة اجلزائري هو اإلشرتاكي‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪4‬‬
‫تغري اسم جيش التحرير الوطين إىل اجليش الوطين الشعيب‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫اثنيا‪ :‬تشكيل املكتب السياسي قيادة عليا للثورة لتحل حمل احلكومة املؤقتة والذي يشرف‬
‫‪5‬‬
‫على هذه املرحلة اإلنتقالية حىت ينظم مؤمتر تقييمي‪.‬‬

‫‪ 1‬علي كايف‪ :‬مذكرات الرئيس علي كايف من املناضل السياسي إىل القائد العسكري ‪1962 ،1946‬م‪ ،‬ط‪ ،2‬دار القصبة‪،‬‬
‫اجلزائر‪ ،2011 ،‬ص ‪.285‬‬
‫‪ 2‬رابح عدالة‪ :‬اتريخ اجلزائر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫‪ 3‬إبراهيم لونيسي ‪ :‬الصراع السياسي يف اجلزائر خالل عهد أمحد بن بلة‪ ،‬دار هومة‪ ،‬حي البرو اير‪ ،‬بوزريعة‪ ،‬اجلزائر‪،2011 ،‬‬
‫ص ‪.14‬‬
‫‪ 4‬منهل سعدي ‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ 5‬على كايف‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.285‬‬
‫‪22‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫وكذلك حدد الربانمج املبادئ اليت ينبغي أن تقوم عليها السياسية اإلقتصادية بعد االستقالل‬
‫من أجل حترير السياسة االقتصادية من السيطرة األجنبية‪ ،‬وأكد الربانمج أن الثورة الزراعية جيب أن‬
‫تكون هلا األولوية وتتمثل هذه الثورة يف عناصر رئيسية وهي‪:‬‬
‫اإلصالح الزراعي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫استخدام األساليب احلديثة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫احملافظة على تراث األرض اجلزائرية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وكذلك إنشاء مزارع حكومية ويشرتك العمال يف إدارهتا وأرابحها‪ ،‬وطالب الربانمج بتأميم‬
‫وسائل النقل واملواصالت‪ ،‬والتجارة اخلارجية‪ ،‬والبنوك‪ ،‬وشركات التأمني‪.1‬‬
‫وقد جاء يف امللحق الثاين للوثيقة ما يلي‪" :‬على املكتب السياسي أن يعود إىل اجلزائر أبخذ‬
‫على عاتقه تنظيم احلزب‪ ،‬وإرساء قواعده‪ ،‬مبجرد أن تنتهي أشغال اجمللس الوطين للثورة اجلزائرية‪".‬‬
‫انعقدت دورة اجمللس الوطين للثورة اجلزائرية يف قاعة جملس الشيوخ بطرابلس الليبية وجلس‬
‫أعضاء اجمللس الوطين للثورة حول الطاولة من احلديد الضخمة‪ ،‬أما املكتب مهمته إدارة النقاش‬
‫الذي تكون من السادة‪ :‬على كايف* وحممد بن حيىي** رئيسا‪ ،‬ومساعدا عمر بوداود حيث جلس‬
‫*** ‪2‬‬
‫أعضاء احلكومة املؤقتة على يسار املكتب أما علي يسار الرئيس جلس أعضاء املؤمتر ‪.‬‬
‫انطلقت األشغال يوم ‪ 27‬ماي بتقرير حول مشروع الربانمج الذي تاله أمحد بن بلة حيث‬
‫متت املصادقة على مشروع ميثاق طرابلس بعد مناقشات خفيفة وخالية من االشتباكات الكالمية‬

‫‪ 1‬جوان جلسيت‪ :‬ثورة اجلزائر‪ ،‬تر‪ :‬عبد احلمان صدقي أبو طالب‪ ،‬دار املصرية للتأليف والرتمجة‪ ،‬واشنطن‪ ،‬الوالايت املتحدة‬
‫األمريكية‪ ،1959 ،‬ص ‪.236‬‬
‫* على كايف‪ :‬ولد الرئيس علي كايف سنة ‪ 1928‬ابحلروش قسنطينة ن شارك يف مؤمتر الصومام قائد عسكري للوالية الثانية‪،‬‬
‫عضو مكتب‪ ،‬اجمللس الوطين للثورة تويف يف سنة ‪1992‬م‪.‬‬
‫** حممد بن حيىي‪ :‬مواليد ‪ 1932‬مناضل ابحلركة الوطنية عضو مسؤول يف االحتاد العام للطلبة املسلمني اجلزائريني‪ ،‬عضو يف‬
‫جملس الوطين للثورة منذ ‪ ،1956‬تويف سنة ‪1982‬م‪.‬‬
‫*** ينظر‪ :‬امللحق رقم (‪. )05‬‬
‫‪ 2‬علي هارون‪ :‬خيبة االنطالق أو فتنة الصيف ‪ ،1962‬تر‪ .‬الصادق عماري‪ ،‬وأمال فالح‪ ،‬دار القصبة‪ ،‬اجلزائر‪،2002 ،‬‬
‫ص ‪.14‬‬
‫‪23‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫وبدون أي مناقشة تذكر حيث يعلق امحد بن بلة على عملية املصادقة على الربانمج يف اإلجتماع‬
‫يقول‪" :‬املؤمترين كانوا مجيعا اشرتاكيني بل ألن كان الذين مل يكونوا اشرتاكيني كانوا بدون شك‬
‫يفكرون ابلبون الشاسع بني املصادقة على منهج وبني تطبيقه"‪ .‬ومعىن هذا أن مشروع امليثاق مل تثر‬
‫أي نقاش فيما خيص النقطة األوىل من الربانمج‪ ،‬وعند مناقشة النقطة الثانية من جدول األعمال‬
‫حيث أاثرت النقطة الثانية من الربانمج خالفا حادا مرفوق بسب وشتم واستعراض العضالت مما‬
‫أدى على انقسام أعضاء جملس‪ ،‬وتوقف أشغاله يف ‪ 7‬جوان ‪ 1962‬وابلتايل انفجار أزمة صيف‬
‫‪1962‬م‪.‬‬
‫وأهنت كل الدورات السابقة للمجلس الوطين أشغاهلا وختمت بنتائج ما عدا مؤمتر طرابلس‬
‫هو الوحيد الذي مل ينهي أشغاله وانتهى يف فوضى عارمة‪.1‬‬
‫ويقول على علي كايف يف مذكراته‪" :‬اتفقوا على الربانمج واختلفوا حول األشخاص"‪.2‬‬
‫‪ -‬أزمة صائفة ‪1962‬‬

‫بعد إسرتجاع السيادة الوطنية المست اجلزائر حرب أهلية حيث شهدت جبهة التحرير الوطين بعد‬
‫خروج بن بلة و أصدقائه من السجن أخطر أزمة داخلية قصرية املدة‪.3‬‬
‫‪ -1‬طبيعتها‪:‬‬

‫املالحظ يف أزمة صيف ‪ 1962‬مل يكن أسباهبا إختالف يف األفكار و املبادئ فمجموعة اليت‬
‫إنقسمت و دخلت يف صراع حاد مل يكن قد مر على مصادقتها على برانمج عمل سياسي و‬
‫اقتصادي و إجتماعي ابإلمجاع سوى بضع ساعات‪.4‬‬

‫‪ 1‬صاحل بلحاج‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬


‫‪ 2‬علي كايف‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.288‬‬
‫‪ 3‬شال روبري اجريون‪ :‬اتريخ اجلزائر املعاصر‪ ،‬تر‪ :‬عيسى عصفور‪ ،‬ط‪ ،1‬دار منشورات عويدات‪ ،‬بريوتـ ابريس‪ ،1982 ،‬ص‬
‫‪.189‬‬
‫‪ 4‬إبراهيم لونيسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪24‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫حيث يؤكد يوسف بن خدة هذا الشيء يقوله‪" :‬مل تكن أزمة صيف ‪ 1962‬انتصار ‪ ،‬االديولوجية‬
‫عن أخرى أو سياسية على أخرى‪ ،‬مل من جمموعة تلمسان أكثر ثورية و ال اكثر إشرتاكية‪ ،‬و األكثر‬
‫راديكالية من جمموعة اجلزائر‪ .‬برانمج طرابلس الذي اشتمل على االشرتاكية و احلزب الواحد مث قبوله‬
‫من قبل مجيع أعضاء الـ‪ CNRA‬بدون استثناء ‪...‬لقد كان االستقالل نصرا و مكسب‪ ،‬لكن‬
‫مكسب هش حيتاج إىل تعزيز و تقوية و اإلدارة بذكاء كان و صدق من أجل السماح للبالد‬
‫ابلنهوض يف أفضل الظروف املتاحة لألسف الصفات األخالقية اليت ال يستطيع اإلنسان من خالهلا‬
‫التصرف ابإلجيابية يف اجملتمع قد حتطمت بسبب املسؤولية املغامرة و الدمياغوجية والفردية سادت‬
‫‪1‬‬
‫على حساب املصلحة العامة"‬
‫‪ -2‬جذورها و خلفياهتا‪:‬‬

‫إنفجرت األزمة يوم ‪ 4‬جوان ‪ 1962‬بعد فشل مؤمتر طرابلس يف تصويته على قائمة أعضاء ‪،‬‬
‫املكتب السياسي‪ ،‬حيث انسحب رئيس احلكومة املؤقتة يوسف بن خدة و مغادرته لطرابلس رفقة‬
‫أعضاء احلكومة ‪ ،‬و كذلك بعض من أعضاء اجمللس الوطين للثورة ‪ ،‬غري أن األزمة مل تكن وليدة‬
‫ذلك اليوم ألن جذوها و خلفياهتا أبعد و أعمق‪.2‬‬
‫حيث يقول يوسف بن خدة‪" :‬أزمة ‪ 1962‬تعود إىل أسباب بعيدة‪ ،‬دعوان نقتصر األسباب املباشرة‪،‬‬
‫اليت ميكن أن تنحصر يف أربعة‪:‬‬
‫‪ -‬مقر اإلدارة ابخلارج‪.‬‬
‫‪ -‬أولوية اجليش على السياسة‪.‬‬
‫‪ -‬غياب الصفات األخالقية األساسية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Benyoucef Ben khedda: l’Algérie a l'indépendance la crise de 1962 ,‬‬
‫‪(Dahlab, alger) 1997, P 85.‬‬
‫‪ 2‬إبراهيم لونيسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪25‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬الفراغ اإليدويولوجي و الثقايف"‪.‬‬
‫و من اخلطأ قول أن أسباب أزمة الصائفة ‪ 1962‬هو خالف حاد بني أمحد بن بلة و هيئة قيادة‬
‫األركان من جهة و بن خدة و مجاعته من جهة أخرى‪ ،‬بل تعود على القرار الذي اختذ يف إجتماع‬
‫اجمللس الوطين للثورة يف ديسمرب و جانفي ‪1960‬و هو إنشاء هيئة القيادة العامة لألركان و إلغاء‬
‫وزارة القوات املسلحة و تعويضها بلجنة وزارية للحرب (‪ .)CIG‬و كان هدفه هو توحيد جيش‬
‫التحرير الوطين‪.‬‬
‫وكان من املفروض أن تكون هيئة قيادة األركان حتت سلطة اللجنة الوزارية للحرب لكن حدث‬
‫العكس بسبب إنشغال أعضاء اللجنة الوزارية مبشاكل أخرى و مرور الزمن من حدث اخلالفات بني‬
‫اللجنة الوزارية و هيئة األركان‪ ،‬و كانت هذه اخلالفات بسبب يف أزمة سلطة عسكريني قدامى (كرمي‬
‫‪2‬‬
‫بلقاسم‪ ،‬و بن طوابل و بوصوف)‪ ،‬و عسكريني جدد و هم أعضاء هيئة قيادة األركان‪.‬‬
‫و برزت هيئة األركان بقيادة هواري بومدين و رفاقه كقوة صاعدة جديدة يف جسد الثورة رافضة‬
‫لسلطة احلكومة املؤقتة‪.‬‬
‫حيث طلبت هيئة قيادة األركان من رئيس احلكومة املؤقتة يوسف بن خدة بتصفية الباءات الثالث‪،‬‬
‫وهذا دليل على تصميم وصول قيادة األركان إىل السلطة‪ ،‬و كذلك دليل آخر وهو وضعها لربانمج‬
‫سياسي إقتصادي وهو برانمج طرابلس‪.‬‬
‫و أثناء مفاوضات إيفيان كانت هيئة قيادة األركان ختطط لكيفية الوصول إىل السلطة ألن الثورة‬
‫اجلزائرية دخلت مرحلتها األخرية أن فرنسا ستعرتف ابالستقالل للجزائر‪ .‬و قامت هيئة قيادة األركان‬
‫إبرسال عدة رسائل من أجل كسب بوضياف إىل صفها‪ ،‬حيث يقول هواري بومدين يف رسالة‪:‬‬
‫"قد قرران حتمل مسؤليتنا و بودان أن نعمل معا" و كان هدف الرسالة هو حتالف على احلكومة‬
‫املؤقتة‪ .‬و كذلك إطلع بن بلة على الرسالة‪ ،‬و جنح بن بلة يف إقناع كل من رابح بيطاط و حممد‬

‫‪1‬‬
‫‪Benyoucef Ben khedda:la cris 1962, P 88‬‬
‫‪ 2‬إبراهيم لونيسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪26‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫خيضر ابلتحالف مع هيئة القيادة األركان ضد احلكومة املؤقتة إال أن بوضياف قرر الوقوف إىل‬
‫جانب الشرعية و هي احلكومة املؤقتة و اجمللس الوطين للثورة عكس بن بلة الذي قبل عرض هيئة‬
‫‪1‬‬
‫األركان‪.‬‬
‫وعندما تغري الوضع قرر إستعمال أمحد بن بلة على أنه الرجل القوي الذي ال يتنازل عن قناعاته‬
‫بسهولة و يتخلص منه بعد إنتهاء دوره‪.‬‬
‫‪ -3‬إنفجار األزمة‪:‬‬

‫ظهر اخلالف مباشرة بعد إنتقال أعضاء اجمللس الوطين للثورة يف مؤمتر طرابلس ملناقشة البند الثاين‬
‫من جدول األعمال‪ ،2‬و هو قضية تعيني قيادة جديدة فعند إثرائها امتد ‪ ،‬النقاش بني خمتلف‬
‫االجتاهات حيث برز رأاين متناقضان تكتلت يف جمموعتني رئيسيتني‪:‬‬
‫‪" -‬جمموعة تلمسان" و تسمة كذلك "جبماعة وجدة" وكانت تضم أغلب الزعامات السياسية و‬
‫العسكرية يف البالد و على رأسهم أمحد بن بلة انئب رئيس احلكومة املؤقتة ‪ ،‬و آخر قائد املنظمة‬
‫اخلاصة‪ ،‬القيد هواري بومدين "قائد القوات املسلحة جليش التحرير"‪ ،‬و كذلك العقيد الطاهر زبريي‬
‫"قائد الوالية األوىل" و العقيد سي عثمان بو حجر "قائد الوالية اخلامسة" والعقيد حممد شعباين‬
‫"قائد الوالية السادسة"‪.‬‬
‫‪ -‬أما "جمموعة تيزي وزو"‪ ،‬حيث ضمت كل من حممد بوضياف املنسق العام التارخيي للثورة و‬
‫انئب رئيس احلكومة املؤقتة كرمي بلقاسم قائد الثورات املسلحة جليش التحرير‪ ،‬حمند أو احلاج قائد‬
‫الوالية الثالثة يرأسها يوسف بن خدة‪ ،‬أما الوالية الثانية فوقفت إىل جانب احلكومة املؤقتة‪ ،‬أما‬
‫‪3‬‬
‫الوالية الرابعة بقيت يف احلياد يف هذا الصراع‪.‬‬

‫‪ 1‬إبراهيم لونيسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.24-23‬‬


‫‪ 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ 3‬الطاهر الزبريي‪ :‬نصف قرن من الكفاح‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الصحافة فريد زويوش‪ ،‬القبة ‪ -‬اجلزائر‪ ،2011 ،‬ص ص ‪.14-13‬‬
‫‪27‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫حيث إقرتح جمموعة تيزي وزو مكتب سياسي يضم الباءات الثالثة "بوصوف و بلقاسم و بن طوابل"‬
‫و السجناء اخلمسة ابإلضافة إىل سعد دحلب‪.‬‬
‫لكن جمموعة تلمسان رفضت بشدة و اقرتحت مكتب سياسي يضم كل من رابح بيطاط و حممد‬
‫‪1‬‬
‫بوضياف و حممد خيضر و أمحد بن بلة و حممدي السعيد و احلاج بن علة‪.‬‬
‫و عند التصويت على قرار فازت قائمة بن بلة حيث حصلت على ‪ 33‬صوات أما قائمة كرمي بلقاسم‬
‫فكان هلا ‪ 31‬صوت حيث أاثرت عملية تصويت الفوضى يف مؤمتر جملس الوطين و ساد يف عملية‬
‫تصويت غموض سبب االختالفات حول صحة بعض وكاالت التصويت حيث عمت الفوضى‪.2‬‬
‫و حدثت اختالفات بسبب التصويت و تسبب هذا التصويت يف إنفجار األزمة‪ ،‬حيث أتزم الوضع‬
‫بشكل خطري مما دفع رئيس اجمللس حممد الصديق إىل رفع اجللسة حىت ال تتطور األوضاع أكثر‪ ،‬إال‬
‫أن هذا مل حيدث إطالقا بسبب مغادرة رئيس احلكومة و بعض أعضاء املؤمتر طرابلس إىل تونس يوم‬
‫‪ 8‬جوان ‪.1962‬‬
‫وازدادت األزمة حدة فاجمللس الوطين مل ينه أشغاله و مل ينبثق عنه أي هيئة سياسية جديدة‪ ،‬حيث‬
‫استعان أمحد بن بلة هبيئة قيادة األركان‪ ،‬و يف احلقيقة فهي منذ البداية واقفة إىل جانبه ابإلضافة إل‬
‫الوالية األوىل و السادسة‪ .‬أما يوسف بن خدة فقد متكن من إستمالة الوالية الرابعة و اخلامسة و‬
‫الثانية و الثالثة ابإلضافة إىل املنطقة العاصمة و فيدرالية جبهة التحرير يف أورواب‪.‬‬
‫و كان الطرف اقوي يف هذا الصراع هو طرف أمحد بن بلة بسبب وجود اجليش إىل جانبه‪.‬‬
‫ويف يوم ‪ 7‬جوان بعد مغادرة أغلبية أعضاء اجمللس الوطين للثورة ‪ ،‬حيث قام هواري بومدين و أمحد‬
‫بن بلة جبمع املتبقني و صوتوا على حمضر يتحدث عن عجز احلكومة املؤقتة و كان مقصود يف ذلك‬
‫هو بن خدة‪.3‬‬

‫‪ 1‬رابح عدالة‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.329‬‬


‫‪ 2‬رابح لونيسي‪ :‬اجلزائر يف دوامة ‪ ،‬الصراع بني العسكريني و السياسيني ‪ ،‬دار املعرفة ‪ ،‬ابب الزوار ‪ ،‬اجلزائر‪ ،1999 ،‬ص‬
‫‪.59‬‬
‫‪ 3‬إبراهيم لونيسيس‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪28‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫وكذلك قاموا ابنتخاب مكتب سياسي* جديد للجبهة يضم كل من أمحد بن بلة وحممد بوضياف‬
‫و حممد خيضر ورابح بيطاط و حسني أيت أمحد و أمحد حممدي السعيد‪ ،‬واحلاج بن علة ‪ ،‬أما‬
‫السبب يف إنضمام حممد بوضياف إىل مكتب السياسي بعد ما أكد له حممد خيضر أن املكتب‬
‫احلايل مؤقتا ريثما جيتمع أعضاء جملس الثورة لتكوين مكتب السياسي‪.‬‬
‫واستطاع أمحد بن بلة إقناع كل من فرحات عباس و السيد أمحد بومنجل إىل االنضمام إىل املكتب‬
‫السياسي مؤقت‪.‬‬
‫و بعد اإلعالن عن نتائج اإلستفتاء يوم ‪ 3‬جويلية ‪ ،1962‬دخل يوسف بن خدة إىل اجلزائر يوم‬
‫‪ 9‬جويلية أما بن بلة فدخل يوم ‪ 11‬جويلية و استقر بتلمسان‪.‬‬
‫و يف يوم ‪ 22‬جويلية أعلن الناطق الرمسي "للجماعة بتلمسان" أمحد بو منجل عن أمساء املكتب‬
‫السياسي حث رفضت الوالية الثانية و الثالية و الرابعة‪ 1.‬هذا القرار السبب يف وقوع املواجهات‬
‫العسكرية بني الوالايت و هذا ما نتطرق إليه يف الفصل الثالث "صراع الوالايت"‪.‬‬

‫* ينظر‪ :‬ملحق رقم (‪)06‬‬


‫‪ 1‬رابح عدالة‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.330-329‬‬
‫‪29‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫اثنيا‪ :‬إنقالب ‪ 19‬جوان ‪( 1965‬التصحيح الثوري)‬

‫ابلرغم من جناح احلكومة اجلزائرية يف القضاء على التمردات اليت هددت الوحدة الوطنية‪ ،‬إال أنه‬
‫واضحا كان هناك خالفات بدأت تظهر بني بن بلة و أنصاره من جبهة التحرير الوطين‪ ،‬و بني فريق‬
‫‪1‬‬
‫من رجال احلزب و هوراي بومدين و اجليش من جهة أخرى‪.‬‬
‫و لقد بدأ الصراع بني هواري بومدين و أمحد بن بلة منذ االستقالل ‪ ،‬ركز هواري بومدين على‬
‫وحدات اجليش و استغل خمتلف التمردات املسلحة إلضعاف الوضع و تقوية نفوذه من أجل إضعاف‬
‫بن بلة و إبقائه يف قبضته‪.‬‬
‫أما بن بلة فقد وضع خطته من أجل التخلص من هواري بومدين حيث ركز على أربع حماور‪:‬‬
‫‪ -‬ربط عالقات وطيدة مع اخلارج‪.‬‬
‫‪ -‬كسب الشعب‪.‬‬
‫‪ -‬تقوية حزب جبهة التحرير الوطين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬إضعاف اجليش الوطين الشعيب‪.‬‬
‫فوجئ العامل يوم ‪ 19‬جوان ‪ 1965‬حبركة قام هبا قادة اجليش و على رأس هواري بومدين حيث‬
‫انتهت بتنحي بن بلة‪ ،‬و مما زاد املفاجأة ان احلركة جاءت قبيل انعقاد مؤمتر األفرو األسيوي الذي‬
‫‪3‬‬
‫مت حتديده يوم ‪ 29‬من نفس الشهر (جوان)‬
‫أما األسباب احلقيقية اليت أدت إىل اإلنقالب اجليش على أمحد بن بلة الذي أوصله إىل السلطة يف‬
‫‪ 1962‬وهي‪:‬‬

‫‪ 1‬جوان جيليس‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.249‬‬


‫‪ 2‬رابح لونيسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ 3‬جوان جيليس‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.249‬‬
‫‪30‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫‪ -‬األسباب احلقيقية‪:‬‬

‫‪ -‬هتميش أمحد بن بلة هواري بومدين يف الكثري من املسائل‪ ،‬حىت املسائل العسكرية حيث دهب‬
‫أمحد بن بلة للعاصمة عندما كان يف وهران‪ ،‬يف هناية ‪ 1962‬دعا يف العاصمة إىل عقد إجتماع مع‬
‫قادة الوالايت الستة‪ ،‬الطاهر زبريي (الوالية األوىل)‪ ،‬العريب امليلي (الوالية الثانية) ‪ ،‬حممد أوحلاج‬
‫(الوالية الثالثة) ‪ ،‬يوسف اخلطيب (الوالية الرابعة) ‪ ،‬العقيد عثمان( الوالية اخلامسة) ‪ ،‬العقيد شعبان‬
‫(الوالية السادسة)‪ ،‬دون دعوة وزير الدفاع هواري بومدين حلضور هذا اإلجتماع و تكررت هذه‬
‫اإلجتماعات مع قادة الوالايت‪ .‬و عندما يغيب أمحد بن بلة ينوب عنه احلاج بن عال بدال من وزير‬
‫الدفاع هواري بومدين‪ ،‬و هنا شعر بومدين أبن امحد بن بلة يسعى لتهميشه مما خلق أزمة ثقة صامتة‬
‫‪1‬‬
‫بني الرجلني‪.‬‬
‫‪ -‬انعقد مؤمتر احلزب يف ‪ 14‬أفريل ‪ 1964‬بقاعة سينما إفريقيا ابلعاصمة حتت شعار "ال ثورة‬
‫ابلتفويض الكل ابلشعب من أجل الشعب" و شارك يف املؤمتر حوايل ‪ 1900‬مندوب ‪.2‬‬
‫حيث قام أمحد بن بلة بتحضري املؤمتر األول جلبهة التحرير الوطين دون إشراك هواري بومدين و كبار‬
‫الضباط يف إختيار أعضاء اللجنة املركزية للحزب و مندويب املؤمتر ‪ ،‬وهذا ما دفع وزير الدفاع هواري‬
‫بومدين و قايد امحد املدعو سي سليمان و وزير الشباب و الرايضة عبد العزيز بوتفليقة و شريف‬
‫بلقاسم و وزير الداخلية أمحد مدغري إىل تقدمي إستقالتهم اجلماعية‪ .‬إال أن أمحد بن بلة رفض‬
‫إستقالتهم قبيل إنعقاد املؤمتر الوطين للحزب و ذلك خوفا من أن هذه االستقاالت اجلماعية تفجر‬
‫خالفات بني املندوبني فتصعب السيطرة على الوضع‪.3‬‬
‫و من أجل تقوية حزب جبهة التحرير الوطين مقابل إضعاف اجليش الوالئي للشعب جاءت الفرصة‬
‫ألمحد بن بلة أثناء مؤمتر احلزب حيث دفع شعباين عضو املكتب السياسي بطريقة غري مباشرة طرح‬

‫‪ 1‬الطاهر الرزبري‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬


‫‪ 2‬رابح عدالة ‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ 3‬الطاهر الزبريي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪31‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫مسألة الضباط الفارين من اجليش الفرنسي لزرع الفتنة و بلبلة داخل اجليش‪ ،‬حيث قام رئيس‬
‫اجلمهورية أنداك أمحد بن بلة بطرح فكرة إنشاء ميليشيا شعبية ‪ .1‬اتبعة حلزب جبهة التحرير الوطين‬
‫و منفصلة عن اجليش مهمتها مواجهة األعمال التخريبية والقبض على املتآمرين من اجليش ضد‬
‫‪2‬‬
‫السياسة اليت تقف عليها حزب جبهة التحرير الوطين‪.‬‬
‫و كان هدفه من هذه املليشيات هو إجياد توازن بينه و بني قيادة اجليش و إنشاء قوة عسكرية بديلة‬
‫‪3‬‬
‫للجيش الوطين الشعيب الذي فقد سيطرته عليه‪.‬‬
‫إال أن هواري بومدين عارض فكرة أمحد بن بلة حبكم أنه قد استخلص من جتارب أمم العامل أن‬
‫تعدد اجليوش يؤدي إىل الفوضى و االصطدامات و حدوث احلرب األهلية ‪ ،‬وأن وحدة اجليش‬
‫حتافظ على احلماية الدولة من الفوضى‪.‬‬
‫حيث صوت املشاركون يف املؤمتر لصاحل أمحد بن بلة إال أن بو مدين تفطن ألهداف بن بلة البعيدة‬
‫و سارع بوضع رجاله خفية على رأس هذه امليليشيات‪.4‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬قام أمحد بن بلة إبنشاء خمابرات اتبعة له مبساعدة املخابرات املصرية فتحي الديب‪.‬‬
‫عمل بن بلة على تقليص نفوذ هواري بومدين يف اجليش من خالل تشجيع النقيب بوعنان قائد‬
‫احلرس اجلمهوري على عدم اخلضوع لسلطة وزير الدفاع هواري بومدين ‪ ،‬وإخضاع قوات األمن و‬
‫الشرطة و الوالة السلطته ‪ ،‬املباشرة بل و تشكيل ميلشيات بقيادة حممود قندوز انئبه قنان من أد‬
‫جل الوقوف إىل صفه يف حالة وقوع أية مواجهة بينه و بني بومدين‪.‬‬

‫‪ 1‬رابح لونيسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬


‫‪ 2‬رابح عدالة‪ :‬هواري بومدين املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ 3‬إبراهيم لونيسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪ 4‬رابح لونيسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ 5‬نفسه‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫‪32‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫إال أن بومدين ظل الرقم الصعب يف معادلة اجليش‪ ،‬بل أن نفوذه إزدادت كلما اضطر بن بلة إىل‬
‫اعتماد عليه يف أزمات مثل حرب الرمال و كذلك يف القضاء على مترد حممد شعبان قائد املنطقة‬
‫‪1‬‬
‫السادسة يف ‪ 1‬جويلية ‪1964‬م‪.‬‬
‫‪ -‬قام بن بله بتعيني الطاهر الزبريي قائد االركان العامه للجيش دون علم هواري بومدين الذي كان‬
‫يف زايرة إىل االختاد السوفيايت يف موسكو‪ ،‬و كان هدف بن بلة من ذلك هو أن بومدين سريفض‬
‫‪ ،‬تعيني الزبريي و بذلك خلق صراع بني بومدين و الزبريي داخل اجليش من أجل إضعاف املؤسسات‬
‫‪2‬‬
‫العسكرية ‪ ،‬إال أن بومدين تفطن حليل بن بلة فعمل على إكتساب الزبريي إىل جانته‪.‬‬
‫حيث يقول طاهر الزبريي‪" :‬بن بلة يطلب مين الوقوف إىل جانبه و اإلطاحة ببومدين"‬
‫و يقول الزبريي كذلك‪" :‬كان بن بلة بعتقد أبنين إىل صفه يف صراعه اخلفي ضد بومدين على أساس‬
‫أنه هو من وضع ثقته يف شخصييت و عينين قائدا لألركان ‪ ،‬و لكنين كنت أعلم جيدا كيف مت‬
‫‪3‬‬
‫تعييين‪ ،‬فبومدين حكى يل تفاصيل ما حدث و دوره يف ذلك"‬
‫‪ -‬كان أمحد بن بلة خيشى مهامجة هواري بومدين مباشرة لكونه وزير الدفاع و انئب جملس الوزراء‪،‬‬
‫الذي ميلك بزمام اجليش‪ .‬حيث يسعى أمحد بن بلة إىل تقليص نفوذ ما مسي بـ "فريق وجدة" ختليد‬
‫‪4‬‬
‫الذكرى الفرتة اليت كان بومدين يقود فيها ذلك اإلقليم‪.‬‬
‫حيث خطط أمحد بن بلة للتخلص من قائد اجليش فقام بن بلة بدعوة خصوم هواري بومدين إىل‬
‫مؤمتر جبهة التحرير الوطين عام ‪ 1964‬كبداية للتفاهم ضد بومدين‪ .‬حيث شرع أمحد بن بلة يف‬
‫إبعاد رجال بومدين عن مناصبهم منهم قايد أمحد الذي إهتمه مسح أبخالق و السلوكات الغريبة يف‬

‫‪ 1‬الطاهر زبريي‪ :‬املصدر السابق‪ :‬ص ‪.103‬‬


‫‪ 2‬رابح لونيسي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫‪ 3‬الطاهر الزبريي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬
‫‪ 4‬بنجامني ستورا‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪33‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫قطاع السياحة منها اخلمر‪ .‬و كذلك وزير الداخلية و هم األشخاص األوفياء لوزير الدفاع العقيد‬
‫‪1‬‬
‫هواري بومدين ‪.‬‬
‫‪ -‬إستغل أمحد بن بلة ذهاب هواري مبدين إىل القاهرة يف ‪ 28‬ماي ‪ ،1965‬لإلعداد إلنشاء‬
‫اجمللس العريب للدفاع املشرتك طبقا ملقررات القمة العربية ‪ 2‬حيث استدعى وزير اخلارجية عبد العزيز‬
‫بوتفليقة و طلب منه عشية املؤمتر األفروآسيوي التخلي له عن الوزارة اخلارجية من أجل حتضري للمؤمتر‬
‫بنفسه و بذلك فهم بوتفليقة خطط بن بلة و انتظر عودة بومدين من القاهرة ليخربه مبا حصل و‬
‫اعترب هواري بومدين تنحي وزير اخلارجية عبد العزيز النقطة الذي أفاضت الكأس و قرر هواري‬
‫بومدين إجتماع يف وزارة الدفاع من أجل دراسة الوضع‪.3‬‬
‫و يقول حممد حريب‪":‬إن رغبة التغري لفظ و الكامل و رفض العمل السياسي الصبور‪ ،‬و تفضيل بن‬
‫بلة لطرف غري نظامية يف قيادة الشؤون العامة‪ ،‬مجيع هذه العوامل قادت مباشرة إىل االنقالب‬
‫‪4‬‬
‫بومدين‪".‬‬
‫‪ -‬األسباب الظاهرية‪:‬‬

‫األسباب اليت أوردها زعماء احلركة سواء يف بياانت جملس الثورة أو يف تصرحياهتم الفردية‪:‬‬
‫‪ -‬إهتام أمحد بن بلة أبنه حاكم دكتاتوري و كذلك ممارسة بن بلة احلكم الفردي و إقصاء اجملاهدين‬
‫‪5‬‬
‫القدامى الذين كان هلم دور كبري يف الكفاح يف سبيل االستقالل ‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تكوين بن بلة حزب ثوري طالئعي يضم كل املناضلني من أجل بناء اجلزائر املستقلة اجلديد‬
‫على أسس إشرتاكية حقيقية‪.‬‬
‫‪ -‬إنتهاك حرايت املواطينني و القبض عليهم بدون مربرات و تعذيبهم ‪.‬‬

‫‪ 1‬رابح لونيسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬


‫‪ 2‬الطاهر الزبريي‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪ 3‬رابح لونيسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.97‬‬
‫‪ 4‬بنجاكني ستورا‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ 5‬جون جيلسي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.249‬‬
‫‪34‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫‪ -‬القيام بعمليات ختريب عمدية ضد وحدة القوى الثورية‪ ،‬للمناضلني‬
‫‪ -‬إبتعاد أمحد بن بلة عن اخلط الثورة األساسي من القيادة اجلماعية إىل التسلط و سياسية النفوذ‬
‫املفرط و حب إبراز الشخصية الفردية على حساب الشرعية الثورية و الذي أسقطته الثورة عندما‬
‫حطمت الزعامة املصلحية‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تكوين أمحد بن بلة الدولة اجلزائرية الثورية‪ ،‬و قام أمحد بن بلة جتميد أي حماولة إصالح‬
‫جذرية يف األجهزة االدارية‪.1‬‬
‫‪ -‬إهتمام بن بلة على أنه قائد للشعب دون وضع احللول الصحيحة ملعاجلة املشاكل اليت كانت‬
‫تعىن هبا البالد بعد االستتقالل‪.‬‬
‫‪ -‬إهتمام بن بلة إىل املغامرات اخلارجية و ابتعاد عن الشؤون الداخلية للبالد‪.‬‬
‫‪ -‬فشل احلكومة يف ا ملعاجلة السياسية اإلقتصادية املتدهورة و خاصة من انحية تفشي البطالة‪ ،‬و‬
‫كذلك عدم تنفيذ السليم لإلصالح الزراعي‪.‬‬
‫اإلسراف على التصرفات املظهرية و الزايرات اخلارجية يف الفرتة اليت عانت منها البالد من الضائقة‬
‫‪2‬‬
‫و ذلك من أجل إبراز إمسه يف الساحة العاملية‪.‬‬
‫‪ -‬التالعب أبموال البالد و ارتكز يف ذلك على الغموض‪.‬‬
‫‪ -‬قيام أمحد بن بلة اببعاد املكتب السياسي يف إختاذ القرارات‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬واختاذ قرارات غري مدروسة يف قضااي مهمة للبالد‪.‬‬
‫حيث يعرتف أمحد بن بلة أبخطائه أثناء احلكم يقول‪" :‬أان أقول لك أان لست معصوما و قد ارتكب‬
‫‪4‬‬
‫أخطاءا ألن العصمة هلل وحده"‬

‫‪ 1‬رابح عدالة‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬


‫‪ 2‬جوان جيليس‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.250‬‬
‫‪ 3‬إبراهيم لونيسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪ 4‬أمحد منصور‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.286‬‬
‫‪35‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫‪ -‬أحداث االنقالب‪:‬‬

‫و ملا رأى هواري بومدين وزير الدفاع سقوط أصدقاءه‪ ،‬الواحد تلو آلخر و تدهور البالد تزداد ‪،‬‬
‫حيث عقد بومدين إجتماع يف وزارة الدفاع يوم ‪ 2‬جوان ‪ ،1965‬و حضر اإلجتماع كل من عبد‬
‫العزيز بوتفليقة و مدغري و شريف بلقاسم من جمموعة وجدة و الكومندان و كذلك عبد القادر‬
‫شابو و سليمان هوفمان وهم الضباط الفارين من اجليش الفرنسي من أجل دراسة الوضع ‪ ،‬مث‬
‫إستدعى هواري بومدين قادة النواحي العسكرية سعيد عبيد و الشاذيل بن جديد و عمار مالح و‬
‫عبد احلمان بن سامل و حممد الصاحل حيياوي و الكولونيات عباس و عثمان من أجل وضع اخلطة‬
‫‪1‬‬
‫النهائية للعملية االنقالبية اليت حدثت يوم ‪ 19‬جوان ‪.1965‬‬
‫‪2‬‬
‫و يقول طاهر الزبريي‪" :‬قادة اجليش جيمعون على إهناء احلكم الفردي"‬
‫و يف هناية إتفق القادة على اإلطاحة ابلرئيس أمحد بن بلة من احلكم‪ .‬وبعد منتصف الليل من يوم‬
‫‪ 19‬جوان‪ ،‬و عندما ذهب بن بلة للخلود للنوم طرق الباب عليه جمموعة من الضباط و هم العقيد‬
‫عباس و سعد عبيد و الطاهر الزبريي و أخربه أن جملس ثوري أقاله من منصبه و ذهب معهم إىل‬
‫‪3‬‬
‫أحد ثكنات العاصمة حتت حراسة مشددة‬
‫و كانت الدابابت قد متوقعت يف عدد من أماكن االسرتاتيجية اليت يسمح ابلتحكم يف عدد من‬
‫منافذ يف العاصمة و يف أهم املؤسسات االعالمية‪ 4‬حيصر اإلذاعة و التلفزيون و مقر حزب جبهة‬
‫التحرير الوطين و ألقى القبض على مساعده و هم احلاج عالل و حممد الغري‪ ،‬النقاش و احلاج‬
‫إمساعيل عبد الرمحان شريف‪.5‬‬

‫‪ 1‬رابح لونيسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.97‬‬


‫‪ 2‬الطاهري الزبريي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ 3‬رابح لونيسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪ 4‬حممد العريب الزبريي ‪ :‬اتريخ اجلزائر املعاصر‪ ،‬ج‪ ،3‬وزارة الثقافة‪ ،‬العاصمة‪ ،‬اجلزائر‪ 2007 ،‬ص ‪.232‬‬
‫‪ 5‬رابح لونيسي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪36‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫و يذكر بومدين مربرا العمل العسكري‪..." :‬نعم نزلت الدابابت إىل بعض الشوارع و لكن ملدة ‪24‬‬
‫ساعة فقذ ضماان لصد أي حماولة للتخريب و انسحبت على الفور بعد أن الذ املخربون ابجلحور‬
‫‪1‬‬
‫خوفا من الشعب و إرادته الكاسحة‪.‬‬
‫‪ -‬أهداف االنقالب‬

‫و لقد أعلن أصحاب احلركة على جمموعة من األهداف من أجل إعادة الثورة إىل طريقها الصحيح‪:‬‬
‫‪ -‬اخلروج من الفوضى و العمل على إعادة بناء احلزب الثوري يضم كل املناضلني و ال حيل حمل‬
‫الدولة و ال يكون اتبع هلا‪.‬‬
‫‪ -‬إحرتام اجمللس الوطين و الدستور و احلزب‪.‬‬
‫‪ -‬إقرار مبدأ القيادة اجلماعية حسب القوانني الذي أتكيد عليها جبهة التحرير الوطين‪.‬‬
‫‪ -‬عزل مجيع السياسني الذين يدعوا الزعامة التارخيية و قوف ضد أي زعامة فردية‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على وحدة القوى الثورية و وحدة مجيع املناضلني دون متيز‪ ،‬و هلم احلق يف بناء الدولة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬العمل على بناء اجلزائر بناءا إشرتاكيا حقيقيا‪ ،‬و تطوير اقتصاد البالد‪.‬‬
‫و ميكن القول أن حركة اليت عرفتها اجلزائر يف ‪ 19‬جوان ‪ 1965‬جاءت كنتيجة طبيعية للتطورات‬
‫اليت عرفتها اجلزائر منذ ‪ ،1962‬و كان مؤمتر أفريل ‪ 1964‬يكاد يكون طبق األصل ملؤمتر طرابلس‬
‫سنة ‪ 1962‬غري أن قرارات مؤمتر طرابلس محلت يف مضامينها بذور األزمات و انتهت ابالنقالب‬
‫على احلكومة املؤقتة للجمهورية اجلزائرية و كذلك قرارات املؤمتر أفريل محل كثري من األحداث و‬
‫‪3‬‬
‫انتهت ابنقالب العسكري على بن بلة ي ‪ 19‬جوان ‪.1965‬‬
‫و من خالل ماسبق جند أن األزمات اليت عرفتها اجلزائري منذ بداية ‪1962‬و خاصة أزمة ضائفة‬
‫سنة ‪ 1962‬مل تقلع حضورها بل أسباهبا ظلت قائمة و مل تنتهي هذه االزمات إال بعد التقاء يف‬

‫‪ 1‬إبراهيم لونيسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬


‫‪ 2‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.131-130‬‬
‫‪ 3‬حممد العريب الزبريي‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.239‬‬
‫‪37‬‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫املومترات من أجل معاجلة شاملة على أساس تصفية احلساابت الشخصية خاصة‪ .‬و أن كل األزمات‬
‫السياسية مصدرها رغبة يف االستيالء على السلطة‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬

‫أوال‪ :‬املواجهة العسكرية بني والايت الداخل‬


‫اثنيا‪ :‬صراع احلدود بني اجلزائر و املغرب (حرب الرمال)‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثالث‬

‫كان الوضع عشية إستقالل اجلزائر مشحون جبو من التوتر و اخلالف فقد كانت احلكومة‬
‫املؤقتة ضعيفة بسبب إنقسام أعضائها ‪ ،‬أما هيئة األركان العامة فقد بقيت مصممة على الدخول‬
‫يف صراع من أجل السلطة لتشهد اجلزائر أزمات عسكرية داخلية و خارجية و يف كلتا احلالتني‬
‫وصلت إىل االقتتال ابلسالح بني األشقاء‪ ،‬فكيف متكنت اجلزائر من اخلورج من أزمتها الداخلية و‬
‫تنصيب حكومة جزائرية مستقلة؟ و كيف واجهت التحدايت اخلارجية بعد االستقالل؟‬
‫أوال‪ :‬املواجهة العسكرية بني والايت الداخل‪:‬‬

‫انعقد مؤمتر طرابلس يوم ‪ 27‬ماي ‪ 1962‬و كانت قضية تشكيل قيادة جديدة أو ما يسمى‬
‫ابملكتب السياسي لتحل حمل احلكومة املؤقتة و تتوىل تسيري األمور الداخلية للبالد فيما خيص تنفيذ‬
‫قرارات اجمللس بعد إهناء االجتماع و تتكفل بتشكيل احلزب و حتضريه لالستفتاء ‪ ،‬و من مث تنظيم‬
‫االنتخاابت للمجلس الوطين التأسيسي الشغل الشاغل للمؤمترين ‪ ،‬إال أن جلسات املؤمتر كانت‬
‫حمل خالف و صراع بني القيادات و تدخلت االعتبارات الشخصية يف القضية فكانت كل جهة‬
‫ترى نفسها هي األحق يف الوصول للسلطة ‪ ،‬إذن كان الصراع صراع على السلطة و ليس صراع‬
‫إيديولوجي و هذا ما أكده بن يوسف بن خدة يف قوله‪" :‬ال ميكن أبي حال من األحوال اعتبار‬
‫أزمة صيف ‪ 1962‬أزمة اختالف إيديولوجي أو عقائدي ‪ ...‬فربانمج طرابلس الذي أقر النظام‬
‫‪1‬‬
‫االسرتاتيجي و احلزب الواحد صادق عليه اجلميع يف اجمللس الوطين دون استثناء"‬

‫وهبذا سينتقل الصراع الذي بدأ يف اخلارج إىل الداخل يف شكل مغاير وغري متوقع فكيف‬
‫تطورت األحداث ووصلت إىل حد املواجهة املسلحة بني الوالايت‪.‬‬

‫‪ 1‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.17 ،15 ،14‬‬


‫‪40‬‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫‪ -‬تشكيل التحالفات‪:‬‬

‫بعد التطورات اليت شهدها مؤمتر طرابلس وحتاشيا لوقوع حرب أهلية قدمت احلكومة املؤقتة‬
‫استقالتها إىل اجمللس الوطين للثورة إال أهنا رفضت‪ 1‬وازدادت األزمة حدة وبدأت التحالفات وفتح‬
‫اجملال أمام األطراف املتصارعة لضم أنصار أقوايء لالستعانة هبم لالستيالء على السلطة ليتبلور الصراع‬
‫بني جبهتني‪:‬‬

‫اجلبهة األوىل‪ :‬تضم أعضاء احلكومة املؤقتة ابستثناء (بن بلة وخيضر وبيطاط وحممدي‬
‫السعيد)‪ ،‬والواليتني الثانية والثالثة واملنطقة املستقلة للجزائر وفيدراليات فرنسا وتونس واملغرب‬
‫والقيادات النقابية يف التنظيم العمايل والطاليب‪.‬‬

‫اجلبهة الثانية‪ :‬تضم كل من بن بلة و خيضر و بيطاط و حممدي السعيد من احلكومة و‬


‫قيادة األركان العامة و الوالايت األوىل و اخلامسة و السادسة ن ابلنسبة للواليتني األوىل و اخلامسة‬
‫كانت قيادهتما يف اخلارج يف تونس األوىل و اخلامسة يف املغرب أما السادسة فكانت يف خصومات‬
‫مع الثالثة و الرابعة فتحالفها مع هذه اجلبهة كان فرصة لتصفية حسابتها"‪ 2‬كما ضمت هذه اجلبهة‬
‫عدد من املسؤولني إذ أن بن بلة أحاط نفسه بقوة سياسية حيث مجع عدد كبري من املسؤولني من‬
‫خمتلف التوجهات و من أبرزهم بعض الذين شاركوا يف اجتماع الـ ‪ 22‬و الذين شعروا أبن احلكومة‬
‫مهشتهم منهم الزبري بوعجاج و أمحد بوشعيب و حممد مرزوقي و عثمان بلوزداد ابإلضافة إىل‬
‫القيادات االحتاد الدميقراطي للبيان اجلزائري مثل ‪ :‬أمحد فرانسيس و أمحد بومنجل و قايد أمحد و‬
‫فرحات عباس‪ ،‬كان انضمام هذا األخري لصف بن بلة لدوافع شخصية و هو االنتقام من بن يوسف‬
‫بن خدة و الباءات ا لثالثة ألهنم كانوا سبب يف إبعاده من السلطة سنة ‪.1961‬‬

‫‪ 1‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.28‬‬


‫‪ 2‬صاحل بلحاج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.144 ،143‬‬

‫‪41‬‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫وهبذا أصبح امحد بن بلة ميثل مركز قوة على الصعيدين السياسي والعسكري‪ ،‬السياسي يتمثل‬
‫يف حتالف رئيس حكومة سابق فرحات عباس ووزيري الدولة خيضر وبيطاط والوزيرين السابقني أمحد‬
‫فرانسيس وأمحد بومنجل‪.‬‬

‫أما العسكراي فهيئة األركان كانت تقف إىل جانبه وقادة الوالايت العقيد عثمان قائد الوالية‬
‫اخلامسة والعقيد حممد شعباين قائد الوالية السادسة والعقداء الطاهر الزبريي واحلاج خلضر كممثلني‬
‫عن الوالية األوىل‪.1‬‬

‫مما يالحظ يف تشكيل هذين اجلبهتني أهنما مل يصنفا على أساس أو معيار سياسي أو‬
‫إيديولوجي وإمنا تدخلت الدوافع واملصاحل الشخصية املتصلة مبسألة الزعامة والسعي وراء السلطة يف‬
‫تصنيف التحالفات‪.‬‬

‫عن ذلك جند أن احلكومة متثل الشرعية القانونية مقارنة هبيئة األركان ألن األوىل مل تكن ختطط‬
‫للوصول للسلطة ابستخدام القوة‪ ،‬بينما الثانية كانت يف صف الشرعية الثورية وتريد فرض سلطتها‬
‫ابلقوة‪ ،‬خاصة وأن هذه األخرية كانت هلا القوة العسكرية وإلضفاء الشرعية على عملها عمدت إىل‬
‫استمالة أمحد بن بلة إىل صفها هذا األخري كان وسيلة فقط مستعملة للوصول للغاية‪.‬‬

‫فبومدين كان بدون ثقل سياسي وليس من القادة التارخييني الذين فجروا الثورة وحيتاج للشرعية‬
‫التارخيية‪.2‬‬

‫أما خبصوص الوالية الرابعة فكانت يف حياد ومل أتييد أي طرف على اآلخر وهذا ما أكده‬
‫خلضر بورقعة يف قوله‪" :‬اختذان من جانبنا موقفا حياداي تفاداي لوقوع أية مأساة أخرى بعد مأساة‬
‫حرب التحرير"‪.3‬‬

‫‪ 1‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.41-39‬‬


‫‪ 2‬صاحل بلحاج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.148-146‬‬
‫‪ 3‬خلضر بورقعة‪ ،‬شاهد على اغتيال الثورة‪ ،‬ط‪ ،2‬دار األمة‪ ،‬اجلزائر‪ ،2000 ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪42‬‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫‪ -‬عقد اجتماع زمورة‪:‬‬

‫سعت الوالايت املناهضة هليئة األركان لعقد اجتماع‪ ،‬كانت هذه املبادرة لتقريب وجهات‬
‫النظر واحلد من الصراع بني اإلخوة حيث مت عقد اجتماع ضم ممثلي الوالايت الثانية والثالثة والرابعة‬
‫ومنطقة اجلزائر الوسطى واحتادية فرنسا يف مدينة زمورة* ابلوالية الثالثة القبائل يوم ‪ 24‬و‪ 25‬جوان‬
‫‪ ،1962‬أما الوالايت األخرى مل حتضر‪ ،‬طلب اجملتمعون من احلكومة املؤقتة أال تتسرع يف الدخول‬
‫إىل اجلزائر وعلى مجيع املسؤولني يف اخلارج أن يوحدوا صفوفهم قبل الدخول إىل اجلزائر‪.1‬‬

‫متت مناقشة خمتلف القضااي وتوصل اجملتمعون إىل أن اجمللس الوطين للثورة قد فشل يف اجتماعه‬
‫األخري وأن احلكومة املؤقتة فقدت مكانتها وهذا ما أوجد فراغ سياسي جعل قيادة األركان العامة‬
‫تتمرد‪ ،2‬توصل اجملتمعون إىل مجلة من القرارات أبرزها‪:‬‬

‫‪ -‬قررت الوالايت املشاركة يف االجتماع عدم التصرف بصورة انفرادية‪.‬‬

‫‪ -‬شكلت جلنة تنسيق بني الوالايت أسندت إىل نفسها مهمة إعداد القوائم اخلاصة ابملرشحني‬
‫للمجلس الوطين التأسيسي‪.‬‬

‫‪ -‬حتديد الشروط الالزمة للمشاركة يف املؤمتر الوطين املقبل للجبهة‪.‬‬

‫‪ -‬تنظيم عملية إدماج وحدات جيش التحرير الوطين املرابطة على احلدود يف الوالايت و‬
‫إدخال أسلحة املكدسة يف اخلارج‪.‬‬

‫* زمورة‪ :‬مدينة صغرية تقع بناحية سطيف يف بقعة حدودية بني الوالايت األوىل والثانية والثالثة‪ ،‬ينظر‪ :‬اهلامش صاحل بلحاج‪،‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬
‫‪ 1‬خلضر بورقعة‪ ،‬نفسه‪ ،‬ص ص ‪.103-102‬‬
‫‪ 2‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪33‬‬

‫‪43‬‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫‪ -‬و من أجل مقاومة األعمال اليت تقوم هبا قيادة األركان ‪ ،‬أعلنت اللجنة حالة الطوارئ يف‬
‫أقاليم الوالايت املشاركة‪.‬‬

‫‪ -‬دعوة الوالايت األوىل واخلامسة والسادسة لاللتحاق ابللجنة حىت يشكلوا سدا منيعا أمام‬
‫انتقال اخلصومات والنزاعات إىل الداخل‪.‬‬

‫اختذت اللجنة موقفا حياداي جتاه أعضاء احلكومة ورفضت تعزيز جهة على جهة أخرى كما‬
‫حاولت اللجنة إقامة توازن بني الطرفني املتصارعني لكن حمولتها كانت ايئسة لسد الطريق يف وجه‬
‫‪1‬‬
‫قيادة األركان العامة‪.‬‬

‫يف حني يرى صاحل بلحاج أن هذه اللجنة اختذت القرارات ليس من صالحياهتا وأهنا ليست‬
‫ابلقوة الكافية لتنفيذ تلك القرارات‪.‬‬

‫‪-‬كانت قرارات هذا االجتماع سبب آخر لتصعيد األزمة من طرف هيئة األركان العامة وأكد‬
‫الناطق ابمسها علي منجلي أن ذلك اللقاء قد مت بتواطؤ مع الفرنسيني‪ ،‬أما موقف احلكومة من‬
‫قرارات هذا االجتماع فقد وافق بعض أعضائها ورفض البعض اآلخر‪ ،‬كان ممن وافق على القرارات‬
‫بوضياف وآيت أمحد وعارض بن بلة وخيضر‪.‬‬

‫كان بن يوسف بن خدة يريد عزل قيادة األركان وكانت األغلبية مؤيدة له إال أن املعارضة‬
‫جاءت من بن بلة وخيضر‪ ،‬وأعلنا انفصاهلما عن احلكومة املؤقتة ليوجه رئيسها نداء بتاريخ ‪30‬جوان‬
‫إىل جيش التحرير أعلن فيه عزل قيادة األركان‪ ،‬إال أن هذه األخرية احتجت بقوهلا إن القرار غري‬
‫‪2‬‬
‫شرعي وأن اجمللس الوطين للثورة له احلق يف أخذ مثل هذا القرار‪.‬‬

‫‪-‬دخلت أطراف الصراع اجلزائري ففي اتريخ ‪ 3‬جويلية دخلت احلكومة املؤقتة لتتوىل السلطة‬
‫وتتجاوز كل التناقضات وكانت أتمل أن يساندها الشعب يف الوقوف يف وجه الدكتاتورية العسكرية‪،‬‬

‫‪ 1‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.34-33‬‬


‫‪ 2‬صاخل بلحاج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.169-167‬‬
‫‪44‬‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫وبعدها دخل أمحد بن بلة ومناصريه حيث التحق بن بلة ابملغرب يف ‪ 9‬جويلية ‪ 1962‬ومنها دخل‬
‫‪1‬‬
‫مدينة تلمسان واختذها كمقر حلركته االنقالبية على احلكومة واستقبل يوم ‪ 11‬جويلية‪.‬‬

‫وابنضمام عدد من املتحالفني له تكونت مجاعة تلمسان املستندة إىل جيش احلدود‪ ،‬ويف اجلهة‬
‫املقابلة مجاعة تيزي وزو جند ضمها بوضياف وكرمي وآيت أمحد وبن خدة بصورة متقطعة والوالية‬
‫الثالثة واملنطقة املستقلة للجزائر‪.‬‬

‫وابستقرار بن بلة بتلمسان وجه دعوة لقادة الوالايت على إثرها انعقد اجتماع سري ابألصنام‬
‫حضرته كل الوالايت ابتداء من ‪ 15‬جويلية‪ ،‬أاثر االجتماع نقطتني رئيسيتني يف جدول أعماله‬
‫قيادة اجليش وتشكيل املكتب السياسي‪ ،‬إذ متسك ممثلوا الوالايت املؤيدة لـ بن بلة على اقرتاحاته‪،‬‬
‫وقبلتها الوالية الثالثة بشرط أن حيل كرمي بلقاسم حمل حممدي السعيد‪ ،‬أما الوالية الرابعة اقرتحت‬
‫‪2‬‬
‫مكتب سياسي يضم قادة الوالايت‪.‬‬

‫‪-‬أعلن بن بلة عن تنصيب املكتب السياسي يف ‪ 22‬جويلية رمسيا وأبرز ما جاء يف بيان‬
‫املكتب السياسي املؤرخ يف ‪ 22‬جويلية ‪ 1962‬استعداده لقيادة البالد وإعادة تنظيم جبهة التحرير‬
‫الوطين وجيش التحرير الوطين وبناء احلزب وحتضريه مؤمتره يف أواخر ‪ ،1962‬ودعا املواطنني لاللتفاف‬
‫حول القيادة السياسية اجلديدة لبناء دولة عصرية ودميقراطية‪.‬‬

‫وللحد من تطورات األزمة وأال حتدث مواجهات دموية بني اإلخوة‪ .‬وافق رئيس احلكومة بن‬
‫يوسف بن خدة على املكتب السياسي بشرط استدعاء اجمللس الوطين فيما بعد للمصادقة عليه‪،‬‬
‫ورغم كل هذا فإن اجلزائر مل خترج من أزمتها‪.3‬‬

‫‪ 1‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.38-35‬‬


‫‪ 2‬صاحل بلحاج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.179‬‬
‫‪ 3‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.42-41‬‬
‫‪45‬‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫‪-‬أما فيما خيص موقف الوالايت بعد إعالن تشكيلة املكتب السياسي فقد عارضت الوالية‬
‫الثالثة اإلعالن بشدة أما الرابعة فكان موقفها غامضا أما ابلنسبة للثانية فقد تفاوض صاحل بو بنيدر‬
‫مع بن بلة حول رفع حالة الطوارئ يف واليته مقابل وعد بعقد اجمللس‪ ،‬مث عاد يوم ‪ 24‬جويلية إىل‬
‫‪1‬‬
‫قسنطينة إلعالن االتفاق لكن الذي حدث عقَّد األزمة أكثر وجعل انفراجها أمر صعب‪.‬‬

‫املواجهة املسلحة يف الواليتني الثانية و الرابعة‬

‫وقعت إشتباكات يف الواليتني الثانية و الرابعة ففي الوالية الثقانية قام الفريب براجم ليلة ‪-24‬‬
‫‪ 25‬جويلية املؤيج هليئة األركان العامة ابهلجوم على وحدات الوالبة الثانية فاحتل دار العمالة‬
‫بقسنطينة مث حاصر املدينة وقطع مواصالهتا مع اخلالج‪ ،‬ووقهن إشتباكات خلفت قتلى و جرحى‬
‫و اعتقال بن طوابن و بوبندير ‪ 2‬نفذ براجم عملية اهلجوم من مركز قياته يف عني مليلة ابلوالية‬
‫األوىل‪.‬‬

‫‪ -‬أما ابلنسبة للوالية الرابعة فشكلت عقبات أمام مجاعة تلمسان و هذا ما جعل هذه األخرية‬
‫تستعل القوة من أجل الدخول إىل العاصمة و ابتداءا من منتصف أوت اشتد النزاع بني املكتب‬
‫السياسي و الوالية الرابعة حول قائمة املكتب السياسي اليت رفضتها الوالية الرابعة‪ ،‬و بعد نشر قواءئم‬
‫املرشحني لإلنتخاابت يوم ‪ 19‬أوت املقررة إجراءها يوم ‪ 02‬سبتمرب أعلنت الوالية حالة طوائ‬
‫معلنة إستعدادها لصد هجوم حمتمل ‪.‬‬

‫ويف ‪ 20‬أوت أي بعد نشر القوائم اإلتنتخابية بيوم وقعت مواجهات دامية يف أعلي القصبة‬
‫بني مجاعات ايسف السعدي املنضم للمكتب السياسي و جمموعات الوالية الرابعة ‪.‬‬

‫يوم ‪ 29‬أوت و قع إشتباك مسلح يف القصبة بني وحدة اتبعة للوالية الرابعة و رجال ايسف‬
‫السعدي و كان عدد القتلى هذه املرة أكثر ‪ ،‬و هذا ما دفع ابلسكان للخروج و ترديد "سبع سنني‬

‫‪ 1‬صاحل بلحاج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬


‫‪ 2‬علي هارون‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬

‫‪46‬‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫بركات" يف ذلك الوقت بدأت قيادة األركان مبناطق وهران يف التحرك حنو العاصمة‪ 1‬و يوم ‪ 30‬أوت‬
‫طلب من جنوب جيش التحرير املوجودين يف احلدود الشرقية و الغربية و يف اجلنوب و يف مجيع‬
‫الوالايت املؤيدة جملموعة تلمسان الزحف حنو العاصمة‪ ،‬و تكونت التشكيلة العسكري حملاصرة‬
‫العاصمة من ‪:‬‬

‫‪ -‬قوات الوالية األوىل بقيادة الطاهر الزبريي‪.‬‬

‫‪ -‬قوات الوالية الثانية بقيادة العريب و رابح ابلوصيف‪.‬‬

‫‪ -‬قوات الوالية اخلامسة بقيادة عثمان ‪.‬‬

‫قوات الوالية السادسة بقيادة العقيد شعبان‪.‬‬

‫أما الوضع ابلوالية الرابعة فيقول بورقعة‪" :‬إضطرران ألن خنتار احلل الصعب دفاعا عن شرعية الثورة‬
‫فرفعنا السالح مكرهني ضد قيادة ركبت رأسها و نسيت كل شيئ ماعدا االستالء على السلطة‬
‫أبي مثن"‪.‬‬

‫و هكذا أتزم الوضع و حتول إىل صدام دموي بني األشقاء و صمتت كاف األصوات وتعالت‬
‫أصوات الرصاص‪ ،2‬فقد وقعت يوم ‪ 02‬سبتمرب مواجهات كربى بني وحدات جيش الوالية الرابعة‬
‫و قوات جيش اخلدود و الوالايت املؤيدة هلا كانت أعنف املعارك يف نواحي ‪ Massina‬أوالد بن‬
‫عبد القادر و يف مشال قصر البخاري و يف جبل ديرا بني سيدي عيسى و سور الغزالن يف ذلك‬
‫اجلبل بنوع خاص كانت املواجهات عنيفة للغية يومي ‪ 2‬و ‪ 3‬سبتمرب بني قوات الزبريي و قيادة‬
‫األركان ضد وحدات الواليتني الثالثة و الرابعة‪.‬‬

‫بعد شن اهلجوم النهائي على الوالية الرابعة كان ضباط الوالية يف موقف صعب جعلهم يف حرية بني‬
‫أمرين إما االستسالم و السماح جليش احلدود مبواصلة السري حنو العاصمة و اإلقرار ابهلزمية‪ ،‬و إما‬

‫‪ 1‬صالح بلحاج المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.196-194‬‬


‫‪ 2‬لخضر بورقعة ‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.106-105‬‬

‫‪47‬‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫املقومة و من عواقبها الوخيمة توسع رقعة احلرب األهلية‪ ،‬فقد كان واضحا ملن الغلبة يف النهاية ألن‬
‫ميزان القوى كان لصاحل جمموعة تلمسان‪.‬‬

‫‪ -‬يوم ‪ 4‬سبتمرب‬

‫اثنيا‪ :‬صراع احلدود بني اجلزائر و املغرب (حرب الرمال)‬

‫‪ -‬كثريا ما كانت احلدود السياسية اليت كرسها االستعمار دون أن يراعي العوامل الطبيعية أو‬
‫خصائص اجملتمعات املغربية املتجاورة ‪ ،‬سبب يف خلق بؤر التوتر و النزاع ‪ 1.‬و قد وصلت إىل احلرب‬
‫مثلما وقع بني اجلزائر و املغرب فبمجرد استقالل الدولتني بدأ صراع احلدود بينهما‪.‬‬

‫لقد كان للمغرب أطماع توسعية يف األراضي اجلزائرية بشار و تندوف و أقصى اجلنوب‬
‫اجلزائري‪ ،‬يذكر الطاهر الزبريي يف مذكرته‪ :‬مت عرض خريطة عليهم متثل احلدود التارخيية للمغرب قبل‬
‫إحتالله من طرف فرنسا و إسبانيا و أدعى أن القبائل اليت كانت يف تلك املناطق قدمت الوالء‬
‫للسطان املغريب‪ ،‬وردت اجلزائر على إدعاءات مغربية "أبن كل الألراضي اليت كانت خاضعة‬
‫لإلستعمار الفرنسي و قام جيش التحرير الوطين بتحريرها هي أرض جزائرية"‪.‬‬

‫و حىت ملا كانت اجلزائر ختوض حرب التحرير ضد املستعمر طالب املغرب ابألراضي املقتطعة‬
‫له فرد عليه فرحات عباس رئيس احلكومة املؤقتة ‪" :‬حنن اآلن يف حرب و بعد االستقالل سيكون‬
‫هناك جمال للحديث يف هذه املسألة و التفاوض بشأهنا"‪.2‬‬

‫وهبذا ضل املغرب ينتظر استقالل اجلزائر لفتح قضية احلدود و تسوية املشاكل العلقة‪ ،‬و هذا‬
‫ما حدث إذ أن املغرب مل تنتظر طويال فبمجرد إستقالل اجلزائر بدأت تثري قضية احلدود‪ ،‬و اندلع‬
‫صراع بني البلدين بتاريخ ‪ 19‬أكتوبر ‪ 1963‬و امتر إىل غاية ‪ 02‬نوفمرب من نفس السنة‪.‬‬

‫‪ 1‬شريفة راضية جهينة ‪ :‬حرب الرمال ‪ 1963‬بني اجلزائر و املغرب األقصى األسباب و االنعكاسات‪ ،‬شهادة مكملة لنيل‬
‫املاسرت يف التاريخ املعاصر ‪ ،‬جامعة حممد خيضر ‪ ،‬بسكرة‪ ،2015-2014 ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ 2‬الطاهر الزبريي املصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪.41-40‬‬
‫‪48‬‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫‪ -‬السبب املباشر للحرب‬

‫مت إرسال عدد من املسلحني من اجليش املغريب إىل منطقة حاسي البيضاء الواقعة بتندوف‬
‫حبجة جلب املاء من هذه املنطقة‪ ،‬هذا التصرف أاثر حفيظة السلطات اجلزائرية فوجهت عدة‬
‫حتذيرات إىل اجليش املغريب‪ ،‬إال أنه تكرر دخول الوحدات العسكرية املغربية إىل صحراء اجلزائر‪ ،‬مما‬
‫جعل قيادة الناحية العسكرية الثالثة اليت تضم بشار و تندوف متنع دخول اجلنود املغاربة‪ ،‬و وقعت‬
‫إشتباكات بني الطرفني سقط على إثرها قتلى و جرحى‪ ،‬معلنة بذاك بداية حرب احلدود بني البلدين‪.‬‬

‫‪ -‬جمرايت احلرب‬

‫كانت حرب دامية استمرت أسبوعني من ‪ 19‬أكتوبر إىل ‪ 02‬نوفمرب ‪ 1963‬مسيت حبرب‬
‫الرمال لوقوعها يف الصحراء ‪ ،‬و جرت عدة معارك بني اجليشني اجلزائري و املغريب يف حاسي البيضاء‬
‫و عني تينفوشي و بوعرفة و بين ونيف و تينجدوب و غريها من املناطق ‪ ،‬و استطاع اجليش املغريب‬
‫أن يستويل على بعض الألراضي اجلزائرية لكن اجليش اجلزائري أجربهم عن الرتاجع ‪ ،1‬فقد قاد‬
‫الشعباين اهلجوم و ابغت القوات املغربية املغربية إىل الرتاجع إىل موقعها األصليةعلى الشريط احلدودي‬
‫بعدما زرع اجلنود اجلزائريني األلغام على طول الشريط ملنع توغل القوات املغربية مرة أخرى حيث مت‬
‫زرع ‪ 170‬لغم تفصلها عن بعضها البعض ‪ 3‬أمتار ‪.‬‬

‫‪ -‬معركة بين ونيف و فقيق‬

‫هذه إحدى املعارك اليت جرت بني اجليش اجلزائري و اجليش املغريب ‪ ،‬حيث وصل أفراد اجليش‬
‫اجلزائري ملنطقة بين ونيف و هي مقابلة للجانب األخر مدينة فقيق املغربية و قاد الفيلق رقم ‪ 71‬و‬
‫الذي تعداده ‪ 400‬ضابط من الشرق يدعى سعيد ‪ ،‬و قد متكن الفيلق من ردع اجليش املغريب و‬
‫صد حماوالته ‪ ،‬و كرد فعل من اجليش املغريب أراد السيطرة على الوادي الذي يفصل بني بين ونيف‬

‫‪ 1‬الطاهر الزبريي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪42‬‬


‫‪49‬‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫و فقيق حىت مينع اجلزائريني من إستعماله و مبا أن املنطقة صحراوية فمن الضروري إستعماهلم للماء‪،‬‬
‫إال أن اجليش اجلزائري متكن من السيطرة عليه ألن منطقة بين ونيف مرتفعة مقارنة مبنطقة فقيق هذه‬
‫األخرية إذ أن كانت حتت مراقبة اجليش اجلزائري الذي كان أبعلى جبل بين ونيف‪ ،‬و ابقي الفيالق‬
‫موزعة عرب الشريط احلدودي بكل من بشار و تندوف ‪ .‬دامت احلرب ‪ 4‬أايم بني بين ونيف و‬
‫فقيق‪ ،‬صادف اليوم األول من املواجهة الفاتح نوفمرب ‪ ،‬متكن اجليش اجلزائري من إحتالل فقيق‪ .‬و‬
‫قد كانت الشرارة األوىل من اجليش املغريب الذي أطلق النار على القطار القادم من فقيق ابجتاه‬
‫بشار‪ ،‬و قد كان املقاتلون اجلزائريون متوموقعني إستعدادا للهجوم‪.1‬‬

‫‪ -‬كان العقيد بومدين وزير الدفاع و هو الذي أشرف على قيادة العمليات احلربية يف مركز‬
‫عسكري بتلمسان و من هنالك يوجه تعليماته العسكرية إىل القوات املسلحة ‪ ،‬مع هذا فإن مهمة‬
‫اجليش اجلزائري كانت صعبة ألنه مل ميض عليه سوال عام واحد من حتوله من جيش حترير إىل جيش‬
‫نضامي و كان حباجة للتسليح و التدريب على احلروب التقليدية خاصة يف الصحراء على عكس‬
‫حرب العصاابت اليت كان اجليش جييدها أثناء الثورة يف اجلبال و الغاابت ‪ ،‬ابإلضافة إىل أن اجلزائر‬
‫خرجت من حرب ‪ 7‬سنوات منهكة ‪ ،‬على عكس اجليش املغريب الذي كان أكثر تنظيما و دراية‬
‫ابحلروب التقليدية و هلذا كانت مهمة اجليش اجلزائري صعبة ألن موازين القوى بني الطرفني غري‬
‫متكافئة‪.2‬‬

‫‪ -‬معركة يف منطقة بوعرفة‪:‬‬

‫هذه املنطقة واقعة يف الشمال الغريب لبشار و هي حماطة ابألراضي املغربية من ثالثة جهات ‪،‬‬
‫مما سهل للجيش املغريب حماصرة املنطقة و مهامجة القوات اجلزائرية من اخللف و أسر عدد من‬
‫الرجال‪ ،‬و قد استعمل املغرب سالح الطريان‪ .‬كان عدم التكافؤ يف املعركة إذ أن اجلزائر مل تكن‬

‫‪ 1‬الشريفة راضية جهينة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.57-56‬‬


‫‪ 2‬الطاهر الزبريي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.43-42‬‬
‫‪50‬‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫متلك قوات جوية ابستثناء طائرات هيليكوبرت و طائرات تدريب و يضيف الطاهر الزبريي أن مصر‬
‫أرسلت طائرات حربية خالل احلرب لكن مل يتم إستخدامها ضد األشقاء يف املغرب جتنبا لزايدة‬
‫األضرار يف املعارك‪.‬‬

‫‪ -‬خاضت اجلزائر حرب غري متكافئة مع املغرب خاصة و أهنا كانت تواجه مترد يف الداخل‬
‫من طرف قوات العقيد شعبان يف الصحراء و قوات حمند أوحلاج و حسني آيت أمحد ابلقبائل‪ ،‬و‬
‫هذا ما جعل الرئيس أمحد بن بلة يوجه نداء لتحريك خنوة اجلزائريني فقال كلمة مؤثرة خلدها التاريخ‬
‫"حقروان" كانت كافية لزعزت اجلزائريني للدفاع عن حرمة أراضيهم‪ ،‬و كف أوحلاج و شعباين عن‬
‫التمرد و االحتاق ابجليش فالعقيد حمند أوحلاج نزل من جبال القبائل و ضم مخس فيالق إىل اجليش‬
‫الوطين الشعيب و قال كلمته‪" :‬اجلزائر قبل كل شيئ"‪ .‬أما العقيد شعباين فكما أشران سابقا يف معركة‬
‫بين ونيف و فقيق كان قد أوقف عصياهنم و أرسل ثالثة فيالق ملواجهة اجليش املغريب‪.1‬‬

‫وفاق امللك احلسن الثاين على وقف القتال بعد الضغط الدويل و رجع إىل اخلطوط األوىل قبل‬
‫بداية احلرب‪ ،‬و بشأن ترسيم احلدود قام الرئيس أمحد بن بلة و الطاهر الزبريي ابلتوجه إىل مايل‬
‫ملقابلة رئيسها مود يبوكايتا الذي توسط حلل األزمة بني اجلزائر و املغرب‪.‬‬

‫و يف نفس العام ‪ 1963‬أتسست منظمة الوحدة اإلفريقية اليت أقرت مبدأ احلفاظ على احلدود‬
‫املوروثة عن االستعمار من أجل تفادي مزيد من احلروب بني الدول االفريقية احلديثة االستقالل‪.2‬‬

‫‪ -‬إنعكاسات حرب الرمال ‪:1963‬‬

‫‪ -‬إنتهت حرب الرمال خملفة ورائها خسائر فقد سقط الكثري من شهداء اجلزائر ‪ ،‬و كان‬
‫الرأي العام الدويل إىل جانب اجلزائري حيث أدان بشدة الغزو املغريب و وصفه جبرمية ‪ ،‬ليقف القتال‬

‫‪ 1‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪.46-44‬‬


‫‪ 2‬الطاهر الزبريي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.49-48‬‬
‫‪51‬‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪1965-1962‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫بعد أن وافق امللك على قرار وقف القتال بعد ضغط الرأي العام الدويل ‪ ،‬و عادت قوات البلدين‬
‫إىل احلدود املعرتف هبا دوليا ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬لقد أساءت هذه احلرب إىل العالقات التضامنية اليت كانت تربط البلدين خالل الثورة‪.‬‬

‫‪ -‬زادت هذه احلرب يف تالحم اجلزائريني فيما بينهم و إدراكهم لألخطار اخلارجية اليت هتدد‬
‫بالدهم و وحدهتم‪ ،‬فقد رأينا كيف أن احلرب أوقفت متردات داخلية مترد حمند أوحلاج مبنطقة القبائل‬
‫و حىت ا لعقيد شعباين يف الصحراء ‪.‬‬

‫‪ -‬من جراء هذه احلرب متت عملية حتوير اجليش و تطويره من جيش مدرب على حرب‬
‫العصاابت إىل جيش نظامي حديث ‪.‬‬

‫أما من جهة أخرى فقد اقتنع املغرب أنه يستحيل عليه أن يقتطع أي جزء من األراضي‬
‫اجلزائرية ابلقوة املسلحة ‪.2‬‬

‫‪ -‬كانت هناك مبادرات لتسوية سلمية حلل النزاع بني اجلزائر و املغرب بدءا من اللقاءات‬
‫الثنائية بني ممثلي البلدين إىل تدخل بعض الدول منفردة من خالل قاداهتا و كذا حماولة اجلامعة‬
‫العربية و منظمة الوحدة اإلفريقية‪.3‬‬

‫خالصة القول أن اجلزائر ما أن أخذت إستقالهلا حىت إهنالت عليها مشاكل كانت البداية يف‬
‫الداخل و هي األزمة الصعبة اليت واجهتها الدولة ‪ ،‬و بعد إستقرارها أبشهر و تشكيل حكومتها‬
‫األوىل بعد االستقالل إنفجرت حرب أخرى مع املغرب إضطرت اجلزائر خلوضها ‪.‬‬

‫‪ 1‬الشريفة راضية جهينة‪ .‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.66-64‬‬


‫‪ 2‬الطاهر الزبريي‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.50-49‬‬
‫‪ 3‬شريفة راضية جهينة‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬
‫‪52‬‬
‫خـ ـ ــامتة‬
‫خ ـ ـ ـ ـ ــامتة‬

‫خ ـ ـ ـ ـ ــامتة‬
‫من خالل دراستنا ملوضوع األزمات السياسية و العسكرية يف اجلزائر ‪ 1965- 1962‬توصلنا‬
‫إىل النتائج التالية‪:‬‬
‫إن جذور األزمات السياسية و العسكرية يف اجلزائر تعود إىل اتريخ إنعقاد مؤمتر الصومام و‬ ‫▪‬

‫ابألخص إىل القرارين املثريين للجدل ‪.‬‬


‫يعترب مؤمتر الصومام حداث مهما و حامسا يف اتريخ الثورة اجلزائرية فقد فعلت قراراته النشاط‬ ‫▪‬

‫السياسي و العسكري للثورة ‪ ،‬و ال ميكن إنكار ما أضافه هذا احلدث التارخيي للثورة و إن كانت‬
‫بعض مقرراته مل ختض ابالمجاع و تعرضت لالنتقاد بل أكثر من هذا أهنا كانت حمل خالف بني‬
‫القادة و هذا ما شكل أزمات داخل اجلبهة‪.‬‬
‫لقد كرست بعض قرارات مؤمتر الصومام الصراع داخل اجلبهة وتدخلت املصاحل الشخصية يف‬ ‫▪‬

‫الصراع و بدأت الصراعات السلطوية فكل طرف يرى لنفسه الشرعية و األحقية يف القيادة ‪ ،‬و رغم‬
‫أن الثورة اجلزائرية حتض مبيزة خاصة عن ابقي ثورات العامل و هي أهنا إندلعت حتت مبدأ القيادة‬
‫اجلماعية ‪ ،‬إال أن هذه األخرية سببت أزمة واكبت مراحل تطور الثورة و امتدت إىل ما بعد إنتهائها‬
‫و اسرتجاع السيادة الوطنية و برزت داخل جبهة التحرير عدة كتل تشكلت على أنقاض التشكيالت‬
‫السياسية القدمية ابإلضافة إىل التكتالت الداخلية و اخلارجية املرتتبة عن مرحلة الثورة ‪ ،‬لذى ظهرت‬
‫اجلبهة يف هناية األمر كقوة متعددة اجلبهات تتسابق من أجل الوصول إىل السلطة‪ ،‬و هذا األمر كان‬
‫قد أكده حممد بوضياف بقوله ‪" :‬أن مؤمتر طرابلس كان منرب لعدد من التيارات املتطلعة إىل االستيالء‬
‫على السلطة"‪ .‬و أبرز هذه املنابر قوات احلدود‪.‬‬
‫كان تشكيل هيئات األركان العامة للجيش أهم حدث عسكري يف اتريخ الثورة نظرا للدور‬ ‫▪‬

‫احملكم الذي قامت به يف توحيد اجليش ‪ ،‬أما ابلنسبة للحكومة املؤقتة فرغم جناحها يف دفع مسري‬
‫املفاوضات حنو إطالق النار إال أنه كان لتشكيل كال الطرفني دور كبري يف زايدة الصراعات الداخلية‬
‫للثورة‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫خ ـ ـ ـ ـ ــامتة‬

‫بعد مؤمتر طرابلس أصبح القادة منقسمني إىل قسمني هناك من إنضم إىل هيئة األركان يف رأيها‬ ‫▪‬

‫و تصورها ‪ ،‬و هناك من إحناز مع السياسيني (احلكومة املؤقتة) و هكذا أصبح الكل يسارع إىل‬
‫الوصول إىل سلطة ‪.‬‬
‫إن األزمة اليت إنفجرت بعد االستقالل كانت متوقعة نتيجة األحداث اليت شهدهتا اجلزائر قبل‬ ‫▪‬

‫أزمة صائفة ‪ 1962‬من الصراعات بني القادة و بذلك توسعت هوة الصراع و تطورت من صراع‬
‫سياسي إىل صراع عسكري‪.‬‬
‫إن احلركة اليت عرفتها اجلزائر يف ‪ 19‬جوان ‪ 1965‬و اليت تسمى ابلتصحيح الثوري جاءت‬ ‫▪‬

‫كنتيجة للتطورات اليت عرفتها منذ ‪ ، 1962‬و كان مؤمتر أفريل ‪ 1964‬يكاد يكون طبق األصل‬
‫ملؤمتر طرابلس غري أن قرارات مؤمتر طرابلس محلت يف مضامينها بذور األزمات و انتهت ابنقالب‬
‫على احلكومة اجلزائرية املؤقتة كما محلت قرارات مؤمتر أفريل الكثري من األحداث إنتهت ابنقالب‬
‫عسكري على أمحد بن بلة ‪ 19‬جوان ‪. 1965‬‬
‫كان من أزمات الداخلية األثر البارز على مستقبل اجلزائر املستقلة فبعدما جرت انتخاابت‬ ‫▪‬

‫اجمللس التاسيسي يوم ‪ 20‬سبتمرب إنتهت األزمة ابنتصار مجاعة تلمسان وبذلك انتهت أزمة صيف‬
‫‪ ،1962‬أما الواقع فلم يكن يوحي ابنتهاء األزمات السياسية يف اجلزائر يف الفرتة الالحقة إستمر‬
‫الصراع بني أطراف متعددة يف مقدمتها من كانوا حلفاء ابألمس فهو الصراع الذي برز يف عهد‬
‫الرئيس أمحد بن بلة و انتهى ابنقالب بومدين على حكومة بن بلة ‪.‬‬
‫و اجهت اجلزائر بعد االستقالل أزمات خارجية متثلت يف صراع احلدود مع املغرب لتدخل يف‬ ‫▪‬

‫حرب معها و كانت دماءها مل جتف بعد‪ ،‬و يف بداية الطريق لبناء دولتها املستقلة إذ أن كل هذه‬
‫األزمات سواء الداخلية و اخلارجية وقفت عائقا أمام بناء مستقبل مزدهر للدولة املستقلة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫املصادر و املراجع‬
‫املصادر و املراجع‬

‫املصادر‬
‫منصور أمحد‪ :‬الرئيس أمحد بن بلة يكشف عن أسرار ثورة اجلزائر‪ ،‬دار ابن حزم ‪.‬‬ ‫‪)1‬‬

‫جلسيت جوان‪ :‬ثورة اجلزائر‪ ،‬تر‪ :‬عبد احلمان صدقي أبو طالب‪ ،‬دار املصرية للتأليف والرتمجة‪ ،‬واشنطن‪ ،‬الوالايت‬ ‫‪)2‬‬

‫املتحدة األمريكية‪.1959 ،‬‬


‫الزبريي الطاهر‪ :‬نصف قرن من الكفاح‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الصحافة فريد زويوش‪ ،‬القبة ‪ -‬اجلزائر‪.2011 ،‬‬ ‫‪)3‬‬

‫كايف علي‪ :‬مذكرات‪ :‬الرئيس علي كايف من املناضل السياسي إىل القائد العسكري ‪1962 ،1946‬م‪ ،‬ط‪ ،2‬دار‬ ‫‪)4‬‬

‫القصبة‪ ،‬اجلزائر‪.2011 ،‬‬


‫هارون علي‪ :‬خيبة االنطالق أو فتنة الصيف ‪ ،1962‬تر‪ .‬الصادق عماري‪ ،‬وأمال فالح‪ ،‬دار القصبة‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬ ‫‪)5‬‬

‫‪.2002‬‬
‫بورقعة خلضر ‪ ،‬شاهد على اغتيال الثورة‪ ،‬ط‪ ،2‬دار األمة‪ ،‬اجلزائر‪.2000 ،‬‬ ‫‪)6‬‬

‫مربوك بلحسن‪ :‬مراسالت الثورة اجلزائرية بني اجلزائر و القاهرة ‪1956-1954‬م‪ ،‬تر‪ :‬الصادق عماري‪ ،‬دار القصبة‬ ‫‪)7‬‬

‫‪ ،‬اجلزائر ‪.2004‬‬
‫نزار خالد‪ :‬اجلزائر (‪ )1962 ،1954‬يوميات‪ ،‬احلرب‪ ،‬تر‪ ،‬سعيد اللحام‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفرايب‪ ،‬بريوت ‪-‬لبنان‪،‬‬ ‫‪)8‬‬

‫‪.2004‬‬
‫املراجع‬
‫الونيسي إبراهيم‪ :‬الصراع السياسي داخل جبهة التحرير الوطين خالل الثورة التحريرية ‪1962-1954‬م‪ ،‬دار هومة‬ ‫‪)1‬‬

‫‪ ،‬اجلزائر‪.2007 ،‬‬
‫لونيسي إبراهيم‪ :‬الصراع السياسي يف اجلزائر خالل عهد أمحد بن بلة‪ ،‬دار هومة‪ ،‬حي البرو اير‪ ،‬بوزريعة‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪.2011‬‬
‫العسيلي بسام‪ :‬جبهة التحرير الوطين اجلزائرية‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار النفائس‪ ،1990 ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬ ‫‪)3‬‬

‫بلحاج صاحل‪ :‬جذور السلطة يف اجلزائر‪ ،‬األزمات الداخلية جلبهة التحرير الوطين‪ ،‬من ‪1956‬إىل ‪ ،1965‬دار بني‬ ‫‪)4‬‬

‫مرابط‪.2014 ،‬‬
‫بوحوش عمار‪ :‬التاريخ السياسي اجلزائري من بداية إىل النهية ‪ ،1962‬ط‪ ،3‬دار البصائر‪ ،‬اجلزائر‪.2008 ،‬‬ ‫‪)5‬‬

‫عدالة رابح‪ :‬اتريخ اجلزائر تضحيات وانتصارات‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اجملتهد‪.2017 ،‬‬ ‫‪)6‬‬

‫عدالة رابح‪ :‬هواري بومدين رجل كفاح ومواقف‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اجملتهد‪.2018 ،‬‬ ‫‪)7‬‬

‫لونيسي رابح‪ :‬اجلزائر يف دوامة ‪ ،‬الصراع بني العسكريني و السياسيني ‪ ،‬دار املعرفة ‪ ،‬ابب الزوار ‪ ،‬اجلزائر‪.1999 ،‬‬ ‫‪)8‬‬

‫شال روبري اجريون‪ :‬اتريخ اجلزائر املعاصر‪ ،‬تر‪ :‬عيسى عصفور‪ ،‬ط‪ ،1‬دار منشورات عويدات‪ ،‬بريوتـ ابريس‪.1982 ،‬‬ ‫‪)9‬‬

‫مقالين عبد هللا‪ :‬التاريخ السياسي للثورة اجلزائرية‪ ،‬دار مشس الزيبان اجلزائر‪.2013 ،‬‬ ‫‪)10‬‬

‫مقالين عبد هللا‪ ،‬املرجع يف اتريخ الثورة اجلزائرية و نصوصها األساسية ‪1962-1954‬م‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‬ ‫‪)11‬‬

‫‪2012‬‬
‫الزبريي حممد العريب‪ :‬اتريخ اجلزائر املعاصر‪ ،‬ج‪ ،3‬وزارة الثقافة‪ ،‬العاصمة‪ ،‬اجلزائر‪ 2007 ،‬ص ‪.232‬‬ ‫‪)12‬‬

‫‪57‬‬
‫املصادر و املراجع‬

‫زغيدي حممد حلسن‪ :‬مؤمتر الصومام و تطور ثورة التحرير الوطين اجلزائرية ‪1962-1956‬م‪ ،‬دار هومة ‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬ ‫‪)13‬‬

‫‪.2009‬‬
‫الرسائل اجلامعية‬
‫شريفة راضية جهينة ‪ :‬حرب الرمال ‪ 1963‬بني اجلزائر و املغرب األقصى األسباب و االنعكاسات‪ ،‬شهادة مكملة‬ ‫‪)1‬‬

‫لنيل املاسرت يف التاريخ املعاصر ‪ ،‬جامعة حممد خيضر ‪ ،‬بسكرة‪.2015-2014 ،‬‬


‫شيبوب حممد‪ :‬اجتماع العقد العشرين من ‪ 11‬أوت إىل ‪ 16‬ديسمرب ‪1959‬م‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاجستري يف‬ ‫‪)2‬‬

‫التاريخ احلديث واملعاصر‪ ،‬إشراف بوعالم بلقاسم‪ ،‬قسم التاريخ وعلم اآلاثر‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬سنة ‪.2010 ،2009‬‬
‫سعدي منهل‪ :‬األوضاع السياسية واالقتصادية للجزائر يف عهد الرئيس هواري بومدين ‪ ،1978 ،1965‬مذكرة لنيل‬ ‫‪)3‬‬

‫شهادة ماسرت يف التاريخ املعاصر‪ ،‬قسم العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬سنة ‪.2014/2013‬‬
‫املصادر ابللغة األجنبية‬
‫‪Ben khedda Benyoucef:l'algerie a l'independance la crise de 1962 , (Dahlab,‬‬
‫‪alger) 1997.‬‬

‫‪58‬‬
‫املالحق‬
‫‪1‬‬
‫ملحق رقم ‪ :1‬جلنة التنسيق و التنفيذ األوىل أوت ‪.1956‬‬

‫عبان رمضان‪ ..........................‬املسؤول السياسي و العسكري‬ ‫▪‬

‫حممد العريب بن مهيدي‪ ................‬مسؤول العمل العسكري ابلعاصمة‬ ‫▪‬

‫كرمي بلقاسم‪ ..........................‬منسق عام بني الوالايت‬ ‫▪‬

‫ين يوسف بن خدة‪ ....................‬قيادة املنطقة املستقلة ملدينة اجلزائر‬ ‫▪‬

‫سعد دحلب‪ ..........................‬مكلف ابلدعاية و صحيفة اجملاهد‬ ‫▪‬

‫‪ 1‬صالح بلحاج المرجع السابق ص ‪.234‬‬


‫‪1‬‬
‫ملحق رقم ‪ :2‬جلنة التنسيق و التنفيذ الثانية ‪ ،‬أوت ‪.1957‬‬
‫‪ 14‬عضوا ‪ ،‬مخسة شرفيون‪ :‬بوضياف‪ ،‬آيت أمحد ‪ ،‬بن بلة ‪ ،‬خيضر‪ ،‬و بيطاط‪ ،‬و التسعة‬
‫اآلخرون هم‪:‬‬
‫كرمي بلقاسم‪ ...................‬القوات املسلحة و قاعدة تونس‬ ‫▪‬

‫عبد احلفيظ بوصوف‪............‬االتصاالت العامة و االستخبارات‬ ‫▪‬

‫خلضر بن طوابل‪ ...............‬الداخلية و فدرالية فرنسا‬ ‫▪‬

‫حممود الشريف‪ .................‬املالية‬ ‫▪‬

‫عمار أو عمران‪ ................‬التموين العام و التسليح‬ ‫▪‬

‫عبان رمصان‪...................‬تنظيم اجلبهة و الصحافة و اإلعالم‬ ‫▪‬

‫فرحات عباس‪..................‬الدعاية الدولية‬ ‫▪‬

‫حممد المني دابغني‪ .............‬تنسيق الشؤون اخلارجية‬ ‫▪‬

‫عبد احلميد مهري‪ ..............‬الشؤون االجتماعية‬ ‫▪‬

‫‪ 1‬صالح بلحاج المرجع السابق ص ‪.234‬‬


‫‪1‬‬
‫ملحق رقم ‪ :3‬احلكومة املؤقتة للجمهورية اجلزائرية‪.‬‬

‫السيد‪ :‬فرحات عباس‪ .........................‬رئيس حكومة‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬كرمي بلقاسم‪ ...........................‬انئب الرئيس و وزير القوات املسلحة‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬أمحد بن بلة‪ ...........................‬انئب الرئيس‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬حسني آيت أمحد‪ ......................‬انئب الرئيس‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬رابح بيطاط‪ ...........................‬انئب الرئيس‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬حممد بوضياف‪ ........................‬وزير الدولة‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬حممد خيضر‪ ..........................‬وزير الدولة‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬حممد المني دابغني‪ ....................‬وزير الشؤون اخلاجية‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬حممود الشريف‪ ........................‬وزير التسليح و التموين‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬بن طوابل‪ .............................‬وزير الداخلية‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬عبد احلفيظ بوصوف‪ ...................‬وزير االتصاالت العامة واملواصرالت‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬عبد احلميد‪ ...........................‬وزير شؤون مشال إفريقيا‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬أمحد فنسيس‪ ..........................‬وزير االقتصاد و املالية‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬أحممد يزيد‪ ............................‬وزير االعالم‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬ين يوسف بن خدة‪ ....................‬وزير الشؤون االجتماعية‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬أمحد توفيق املدين‪ ......................‬وزير الثقافة‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬األمني خان‪ ...........................‬كاتب الدولة‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬عمر أوصديق‪ .........................‬كاتب الدولة‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬مصطفي إسطمبويل‪ ..................‬كاتب الدولة‬ ‫▪‬

‫‪ 1‬صالح بلحاج المرجع السابق ص ص ‪.237-236‬‬


‫‪1‬‬
‫ملحق رقم ‪ :4‬التشكيلة الثالثة ‪.1962-1961‬‬

‫السيد‪ :‬بن يوسف بن خدة‪...................‬رئيس احلكومة وزير املالية و الشؤون‬


‫االقتصادية‬
‫السيد‪ :‬كرمي بلقاسم‪ ..........................‬انئب الرئيس و وزير الداخلية‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬أمحد بن بلة‪ ...........................‬انئب رئيس‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬حممد بوضياف‪........................‬انئب رئيس‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬حسني آيت أمحد‪ ......................‬وزير دولة‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬رابح بيطاط‪...........................‬وزير دولة‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬حممد خيضر‪...........................‬وزير دولة‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬خلضر بن طوابل‪ ......................‬وزير دولة‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬سعيد حممدي‪ .........................‬وزير دولة‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬سعد دحلب‪ ..........................‬وزير الشؤون اخلارجية‬ ‫▪‬

‫السيد‪ :‬عبد احلفيظ بوصوف‪ ...................‬وزير التسليح و االتصاالت العامة‬ ‫▪‬

‫وزير اإلعالم‬ ‫السيد‪ :‬أمحد يزيد‪...................‬‬ ‫▪‬

‫‪ 1‬صالح بلحاج‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.235‬‬


‫‪1‬‬
‫ملحق رقم ‪ :5‬ترتيب املؤمترون يف قاعة جملس الشيوخ ‪ ،‬بطرابلس‬

‫علي هارون ‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬ ‫‪1‬‬


‫ملحق رقم ‪ :6‬المكتب السياسي الذي أعلن في تلمسان يوم ‪22‬‬
‫‪1‬‬
‫جويلية ‪.1962‬‬

‫أمحد بن بلة ‪ ..........................‬مع اهليئة التنفيذية املؤقتة‬ ‫▪‬

‫حممد بوضياف‪.........................‬التوجيه و العالقات اخلارجية‬ ‫▪‬

‫حسني آيت أمحد‪......................‬رفض العضوية يف املكتب السياسي‬ ‫▪‬

‫حممد خيضر‪ ..........................‬رفض العضوية يف املكتب السياسي‬ ‫▪‬

‫رابح بيطاط‪ ...........................‬مسؤول جهاز احلزب‬ ‫▪‬

‫حممدي السعيد‪........................‬الرتبية و الثقافة‬ ‫▪‬

‫حاج بن علة‪ ..........................‬اجليش و الشؤون العسكرية‬ ‫▪‬

‫‪ 1‬صالح بلحاج ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.237‬‬


‫الفهرس‬
‫الفهرس‬
‫املوضوع‪ ...................................................................................‬الصفحة‬
‫اإلهداء ‪..........................................................................................‬‬
‫شكر و عرفان ‪....................................................................................‬‬
‫ملخص البحث ‪...................................................................................‬‬
‫قائمة املختصرات ‪.................................................................................‬‬
‫املختصرات ابللغة األجنبية ‪........................................................................‬‬
‫مقدمة ‪ ............................................................................................‬أ‬
‫الفصل األول‬
‫جذور الصراع بني السياسيني و العسكريني أثناء الثورة التحريرية ‪5 ................... 1962-1956‬‬
‫أوال‪ :‬مؤمتر الصومام و الصراع بني السياسيني و العسكريني ‪7 .........................................‬‬
‫‪ -‬التحضري لعقد مؤمتر الصومام‪7 ................................................................. :‬‬
‫‪ -‬جمرايت عقد مؤمتر الصومام ‪ 20‬أوت ‪1956‬م و أهم قراراته‪8 ................................... :‬‬
‫‪ -‬االنتقادات اليت أاثرهتا قرارات املؤمتر‪10 ........................................................ :‬‬
‫‪ -‬مؤمتر الصومام و فتح أبواب الصراع داخل اجلبهة‪11 ............................................ :‬‬
‫اثنيا‪ :‬صراع هيئة األركان مع احلكومة املؤقتة ‪14 .....................................................‬‬
‫‪ -‬أتسيس احلكومة املؤقتة‪14 ..................................................................... :‬‬
‫أتسيس هيئة األركان‪15 .......................................................................... :‬‬
‫صراع هيئة األركان مع احلكومة املؤقتة‪15 ..........................................................:‬‬
‫الفصل الثاين‬
‫األزمات السياسية يف اجلزائر ‪19 ................................................... 1965-1962‬‬
‫أوال‪ :‬انعقاد مؤمتر طرابلس و أزمة الصائفة ‪20 .............................................. :1962‬‬
‫‪ -‬إنعقاد مؤمتر طرابلس‪20 ....................................................................... :‬‬
‫‪ -‬أزمة صائفة ‪24 ......................................................................... 1962‬‬
‫‪ -1‬طبيعتها‪24 .................................................................................. :‬‬
‫‪ -2‬جذورها و خلفياهتا‪25 ....................................................................... :‬‬
‫‪ -3‬إنفجار األزمة‪27 ............................................................................ :‬‬
‫اثنيا‪ :‬إنقالب ‪ 19‬جوان ‪( 1965‬التصحيح الثوري) ‪30 .............................................‬‬
‫‪ -‬األسباب احلقيقية‪31 .......................................................................... :‬‬
‫‪ -‬األسباب الظاهرية‪34 .......................................................................... :‬‬
‫‪ -‬أحداث االنقالب‪36 .......................................................................... :‬‬
‫‪ -‬أهداف االنقالب ‪37 ...........................................................................‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫األزمات العسكرية يف اجلزائر ‪39 .................................................. 1965-1962‬‬
‫أوال‪ :‬املواجهة العسكرية بني والايت الداخل‪40 .................................................... :‬‬
‫‪ -‬تشكيل التحالفات‪41 ......................................................................... :‬‬
‫‪ -‬عقد اجتماع زمورة‪43 ......................................................................... :‬‬
‫اثنيا‪ :‬صراع احلدود بني اجلزائر و املغرب (حرب الرمال) ‪48 ..........................................‬‬
‫‪ -‬السبب املباشر للحرب ‪49 ......................................................................‬‬
‫‪ -‬جمرايت احلرب ‪49 ..............................................................................‬‬
‫‪ -‬معركة بين ونيف و فقيق ‪49 .....................................................................‬‬
‫‪ -‬معركة يف منطقة بوعرفة‪50 ..................................................................... :‬‬
‫‪ -‬إنعكاسات حرب الرمال ‪51 ............................................................ :1963‬‬
‫خـ ـ ــامتة ‪53 ........................................................................................‬‬
‫املصادر و املراجع ‪................................................................................‬‬
‫املالحق ‪..........................................................................................‬‬
‫الفهرس ‪..........................................................................................‬‬

You might also like